بعيدا عن كل الأشكال والنوعيات المعتادة في السينما الإيرانية جاء
فيلم "فتاة تمضي إلى البيت وحيدة في الليل"، الفيلم الروائي الطويل
الأول للمخرجة آن ليلي أميربور، والذي عرض في برنامج عروض السينما
العالمية بمهرجان أبو ظبي السينمائي الثامن.
حكاية الفيلم لا تقل غرابة عن عنوانه الطويل: علاقة حب تنشأ في
مدينة إيرانية خيالية تدعى "المديئة السيئة"، بين مصاصة دماء شابة
تتحرك في المدينة فوق لوح تزلج مرتدية الشادور، وبين شاب يعاني من
والده المدمن الذي يحيل حياته جحيما. في مزيج غريب وصفته المواد
الدعائية للفيلم الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان صن دانس المهتم
دوما بالأفلام المغايرة، بأنه أول فيلم ويسترن إيراني عن مصاصي
الدماء.
المخرجة خلقت عالميا بصريا وصوتيا فريدة، فالصورة بالأبيض والأسود،
والمدينة صناعية سوداوية قاتمة، تبدو أشبه بمدينة أوروبية منها
للشرق، وتمتلك جواً عاماً آتياً من عوالم الكوميكس، الوصف الأمثل
له أنه مزيج بين سوداوية جوثام سيتي مدينة الرجل الوطواط والأرواح
المعذبة في مدينة الخطايا التي رسمها فنان الكوميكس الأشهر فرانك
ميللر. والمشاهد جريئة يستحيل أن تكون قد صُوّرت في إيران، بما
فيها من عُري ومشاهد عنف ومخدرات.
أما شريط الصوت، فهو أيضا مزيج مثير للدهشة، بين أغاني الروك
الفارسية المعاصرة والموسيقى الغربية، مع بعض التأثيرات الشرقية
سواء في الموسيقى أو المؤثرات الصوتية. شريط صوت مشغول عليه بعناية
فائقة يصعب أن تشاهد الفيلم دون أن تشعر باختلافه، ربما ككل عناصر
الفيلم.
خلفيات توضح الكثير
معظم الاختيارات غير المعتادة في الفيلم يمكن معرفة خلفياتها
بالرجوع إلى السيرة الذاتية للمخرجة التي نكتشفها للمرة الأولى،
فهي تعيش في لوس أنجلوس من عدة أعوام، وقد صنعت أول أفلامها
القصيرة عندما كان عمرها 12 عاما، وكان فيلم رعب عن حفلة يجمع ضيوف
مخيفين، كما كانت لاعبة جيتار ومغنية في فريق روك غنائي إيراني قبل
هجرتها للولايات المتحدة، وتقوم بتأليف ورسم روايات الكوميكس، ومن
ضمنها سلسلة تحمل نفس عنوان الفيلم كانت المرجعية الأولى لحكايته.
السيرة توضح إذن كيف اختمرت كل هذه العناصر المتنافرة داخل المخرجة
حتى تصنع فيلمها الغريب، بين نشأة إيرانية محافظة مختلطة بثقافة
غربية واهتمام واضح بأفلام الرعب وموسيقى الروك وروايات الكوميكس،
ليسفر الأمر عن الفيلم الذي يعد فعلا تجربة تستحق المشاهدة.
شخصيات وجو عام
بعيدا عن عوامل الجذب الآتية من الغرابة، يمكن اعتبار "فتاة تمضي
إلى البيت وحيدة في الليل" فيلما تحركه الشخصيات أكثر من الأحداث،
فالمخرجة أجادت الرسم البطيء والدؤوب للشخصيات نفسيا، معتمدة على
الجو العام المثير الذي رسمته في عدم الشعور بالملل، فإذا كانت بعض
المشاهدة لا يحدث فيها شيء بمعايير الدراما الحدثية، فإن ما
يصاحبها من صور وصوت يجعل المشاهد لا ينتبه لغياب عنصر الحدث،
لتتراكم المشاهد من هذه النوعية تباعا، كأن كل منها صورة من صور
كتاب للكوميكس، لترسم في النهاية شخصيات الفيلم ودلالاتها بإحكام.
وعندما أقول دلالاتها هنا لا أقصد أيضا الشكل الكلاسيكي للرموز
والإحالات، ولكن الفكرة العامة لوحشية العالم، لا سيما العالم الذي
يمكن أن تعيش فيه شابة إيرانية وحيدة، بما فيه من نفوس خربة
ومخلوقات مشوهة، يبدو معها أن الشر الإنساني لا يحتاج أن تكون وحشا
أو مصاص دماء ليخرج منك، بل أن في مواجهة عالم بهذه القسوة، يكاد
يكون القانون غائبا عنه، تبدو مصاصة الدماء الجميلة هي الأكثر
براءة ورومانسية وجمالا، وهو الجانب الذي اعتنت المخرجة به بوضوح،
فلا يمكن ألا تلاحظ الجمال الملائكي الذي ظهرت به مصاصة الدماء
التي تحمل اسما عاما "الفتاة"، والتي جسدتها الممثلة شايلا فاند
(شاهدناها من قبل في فيلم أرجو).
بصورة عامة هذا فيلم يختلف تماما عن أي تصور مسبق، ليس فقط عن
السينما الإيرانية، بل حتى عن أفلام النوعيات التي يفترض أن ينتمي
لها، فهو ليس فيلم إيراني ولا فيلم ويسترن ولا فيلم مصاصي دماء، بل
هو مثل صانعته: مزيج ذو مذاق خاص من كل هذه التناقضات.
اليوم الخامس من مهرجان أبوظبي السينمائي:
العرض العالمي الأول لفيلم "القط" للمخرج ابراهيم البطوط الليلة
حفل جائزة "فاراييتي" لأفضل مخرج عربي يقام عصرا
في قصر الإمارات
أبوظبي ـ "سينماتوغراف"
يعرض فيلم "القط" لمخرجه المصري المخضرم إبراهيم البطوط الليلة في
عرض عالمي أول ضمن مهرجان أبوظبي السينمائي (قصر الإمارات٬ الساعة
21:15). ويحكي الفيلم قصة رجل عصابة يعرف بـ"القط" يكتشف الأعمال
القذرة لإحدى العصابات سيئة الصيت وخطفها للأطفال لبيع أعضائهم.
يلعب دور القط الممثل عمرو واكد الذي سيتواجد مع المخرج البطوط
والممثلين سارة شاهين وفاروق الفيشاوي وطاقم الإنتاج أثناء العرض.
وينافس الفيلم المدعوم في مرحلة ما بعد الإنتاج من قبل من صندوق
"سند" في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لمهرجان أبوظبي
السينمائي 2014.
وسيقام اليوم في قصر الإمارات حفل جائزة "فاراييتي" لأفضل مخرج من
العالم العربي لهذا العام والتي ستقدم للمخرج الأردني ناجي أبو
نوار عن فيلمه "ذيب" الذي حاز الاعجاب النقدي والجماهيري في العديد
من المهرجانات السينمائي هذا العام.
وتقام اليوم كجزء من برنامج "حوارات في السينما" جلسة نقاش بعنوان
" الروح تتوق إلى وطن- صناعة الأفلام العربية في المهجر" في صالة
قصر الإمارات 3 (من الساعة 11:00- 13:00) بمشاركة المخرجين هشام
زمان وكريم طريدية وعبد الرحمن سيساكو وادارة انتشال التميمي.
تناقش الجلسة التحديات التي يواجهونها وأساليب رواية القصص التي
يتبعونها. وسيعرض فيلم "أهلا ابن العم" (فوكس 3 الساعة 18:00) ضمن
برنامج السينما العربية في المهجر٬ ويحكي قصة الهجرة العربية
بأسلوب صادق وعفوي وفكاهي.
كما يتسنى للجمهور اليوم مشاهدة العرض الأول للفيلم الممول من سند
"الأوديسا العراقية" والذي يشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية
الطويلة. وسيكون مخرج الفيلم السويسري العراقي سمير والمنتج جويل
جينت متواجدين للإجابة على أسئلة الجمهور بعد العرض. ويوثق الفيلم
قصة أسرة المخرج التي هاجرت من العراق وسافرت حول العالم لمدة نصف
قرن من الزمن.
كم تصمد المشاعر العاطفية الرقيقة أمام قوة رهيبة كالقنبلة
النووية؟ اكتشفوا ذلك من خلال الفيلم الروسي الصامت الحائز الاعجاب
النقدي "تجربة"، وهو من اخراج ألكسندر كوت (فوكس 5 الساعة 18:45)
ويشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. ويحكي الفيلم قصة حب
يافع بمكان غير بعيد عن سيميبالاتينسك٬ الموقع الذي اختاره
السوفيات لإجراء تجاربهم النويية من 1949 وحتى 1989.
أما في قسم مسابقة آفاق جديدة٬ فسيعرض اليوم الإنتاجان الأمريكيان
"السقطة" من إخراج مايكل آر. روكسام (فوكس 5 الساعة 21:15) و"معسكر
أشعة إكس" من إخراج بيتر ساتلر(فوكس 6 الساعة 21:00) بالإضافة الي
الفيلم التايواني "مخرج" للمخرج تشين هسيانغ (فوكس 6 الساعة
18:150). ويعرض فيلم "معسكر أشعة إكس" لمرة واحدة فقط٬ وتدور
أحداثه في البيئة المشحونة لسجن غوانتنامو.
وفي فيلم " 20,000 يوما على الأرض"٬ يتم دمج الواقع بالخيال في
فيلم وثائقي وخيالي في آن واحد. وهو من إخراج جاين بولارد وإيان
فورسيث٬ ويوثق يوما في حياة الموسيقار والرمز الثقافي "نيك كايف".
(فوكس 4 الساعة 21:00)
وفي عروض السينما العالمية٬ يقدم مهرجان أبوظبي السينمائي فيلم
"71'" للمخرج يان دومانج٬ والذي يصور عهد التوتر السياسي في شمالي
ايرلندا قبل الأحد الدموي بعام. وسيكون المخرج موجودا أثناء العرض
(فوكس 1 الساعة 20:45). وسيعرض أيضا الفيلم الأمريكي "مباع" للمخرج
جيفري دي براون (قصر الإمارات الساعة 18:15) و"فن وحرفة" للمخرجين
سام كلمن وجنيفر غراوسمان (فوكس 1 الساعة 18:30).
حوارات في السينما
يقام في الصالة 3 في قصر الإمارات من الساعة 14:30 وحتى 16:00 جلسة
حوارية بعنوان "صناعة الأفلام الخليجية الناشئة" بمشاركة بول بيكر
(إنتاج) وجمال الشريف (مدينة دبي للاستديوهات ولجنة الأفلام) وسامر
المرزوقي (مهرجان دبي السينمائي الدولي) وعادل الجابري (مهرجان
أبوظبي السينمائي) والمخرج نواف الجناحي.
ويقام في نفس الصالة من الساعة 16:30 وحتى 18:00 جلسة نقاشية
بعنوان "وجهة نظر: الحقيقة الموضوعية أم الآراء الشخصية في صناعة
الأفلام الوثائقية".
تزامناً مع انعقاد الدورة الثامنة من مهرجان أبوظبي السينمائي
دراسة أجرتها مجلة عالمية متخصصة بالانتاج
أبوظبي بين أهم عشرة مواقع للانتاج السينمائي العالمي
أبوظبي ـ "سينماتوغراف"
أظهرت دراسة متخصصة قامت بها مجلة P3
Update الإلكترونية
في عددها الأخير أن أبوظبي باتت من أهم مواقع الانتاج السينمائي
على المستوى العالمي، وحسب الدراسة فإن العاصمة الإماراتية أبوظبي
هي المدينة الوحيدة في الشرق الأوسط التي جاءت بين أكثر المواقع
العالمية لإنتاج الأفلام إلى جانب قائمة من البلدان مثل استراليا،
وكندا، وألمانيا.
واستشهدت المجلة الإلكترونية التي تصدر من هوليوود، بالمواقع
الحيوية التي تزخر بها العاصمة أبوظبي والمستوحاة من التراث
العربي، بالإضافة إلى تمتعها بتنوع جغرافي فريد وشمس مشرقة على
طوال العام معتبرة أن هذه الميزات من أبرز نقاط الجذب للإمارة.
وحسب تعبير المجلة فإن أبوظبي "ليس لها مثيل على وجه الأرض". علاوة
على ذلك، فإن برنامج الحوافز الذي تقدمه لجنة أبوظبي للأفلام والذي
يضمن استرداداً نقدياً بقيمة 30 في المائة على المصاريف دون تحديد
لسقف التمويل، من العوامل التي أغرت المنتجين للتوجه إلى العاصمة
كموقع مفضل للتصوير، خاصة بفضل المساعدة المجانية التي تُقدم لهم
لاكتشاف المواقع وإعفائهم من ضريبة.
وتأتي هذه الدراسة لتوكد على السمعة العالمية المتنامية لإمارة
أبوظبي، حيث سبق وأن ذكر موقع "هوليوود ريبورتر" الإلكتروني
المعروف بتغطيته لأخبار السينما والمنوعات، في مقال تناول تصوير
الفيلم الهوليودي حرب النجوم في أبوظبي، وتحدث فيه كاتب المقال عن
"أن أبوظبي في طريقها لتصبح مكاناً بديلاً لتصوير الأفلام
الهوليودية في الشرق الأوسط، حيث ارتبط اسمها بتصوير الجزء السابع
من سلسلة ديزني "حرب النجوم"، وفيلم "السرعة والغضب" في موسمه
السابع أيضاً، وكلاهما استفادا من مواقع التصوير المميزة في
الإمارة والخدمات الإنتاجية رفيعة المستوى التي تقدمها twofour54."
وقالت نورة الكعبي، الرئيس التنفيذي لـ twofour54:
"إن اختيار أبوظبي من بين المواقع العالمية الكبرى لإنتاج الأفلام،
من قبل واحدة من المنشورات الرائدة في مجال الترفيه على شبكة
الإنترنت، يعني أن مهمتنا في تقديم خدمات إنتاج استثنائية لصناع
السينما المحلية والعالمية تلقى الترحيب والاستحسان. خاصة أن
أبوظبي هي المدينة الوحيدة التي تم اختيارها بين عشرة دول، وهو ما
يؤكد على المكانة الفريدة التي تحظى بها عاصمة الإمارات على مستوى
الدولة والمنطقة بأسرها ".
وأضافت الكعبي: "فضلاً عن الأماكن والمواقع الطبيعية المتعددة التي
تتمتع بها أبوظبي، توفر twofour54بنية
تحتية شاملة تجمع ما بين الخدمات الراقية والمرافق من الدرجة
الأولى. وتقدم twofour54 إنتاج،
أجود استوديوهات التصوير عالية الدقة HD،
وخدمات الإنتاج وما بعد الإنتاج، وكذلك مراكز بث فريدة من نوعها.
كما تعمل twofour54 تواصل،
وحدة دعم الأعمال لدينا، على تسهيل ممارسة الأعمال التجارية في
أبوظبي مثل التنسيق مع الجهات الحكومية والوزارات، بحيث يستطيع
المنتجون التركيز على أفلامهم دون الالتفات إلى الإجراءات الإدارية
الأخرى." وختمت الكعبي بالقول: "نحن نعمل بجد من أجل جذب المزيد من
الإنتاجات العالمية، ونتطلع إلى الترحيب بالمنتجين من الإمارات
والمنطقة والعالم في مدينتنا."
وسبق أن قدمت twofour54 إنتاج
خدمات وحلول إنتاجية متكاملة لعدد من أضخم الإنتاجات، من بينها
الجزء السابع من فيلم الخيال العلمي "حرب النجوم"، وفيلم "السرعة
والغضب 7"، والمسلسل السوري "الإخوة" والفيلمان البوليووديان "بانغ
بانغ" و"بيبي".
الجدير بالذكر أن تصنيف مجلة P3
Update والمقال
الذي نشره موقع "هوليوود ريبورتر"، يأتيان تزامناً مع انعقاد
الدورة الثامنة من مهرجان أبوظبي السينمائي بين 23 أكتوبر الجاري
و1 نوفمبر المقبل، حيث تستقبل العاصمة رواد صناعة السينما من جميع
أنحاء العالم.
يشار إلى أن مجلة P3
Update،
تعتبر من المنشورات الرقمية التي تتناول كل شيء في عالم الإنتاج
السينمائي والتلفزيوني بمراحله المختلفة، وتحتوي على موضوعات
متنوعة حول أقطاب هذه الصناعة من حول العالم.
ضمن عروض السينما العالمية بمهرجان أبوظبي السينمائي
«حمامة تجلس على غصن تتأمل في الوجود».. تنويعات
كوميدية شاعرية عن الموت
"سينماتوغراف" ـ أمل الجمل
من متحف للطيور والحيوانات يبدأ روي أندرسون فيلمه «حمامة تجلس على
غصن تتأمل في الوجود»، الذي عرض بالأمس ضمن برنامج عروض السينما
العالمية في مهرجان أبوظبي السينمائي، وهو الفيلم الفائز بالأسد
الذهبي في مهرجان فينيسيا خلال دورته الحادية والسبعين لهذا العام،
حيث نرى رجلاً كهلاً يتأمل محتوياته، ومن بينها حمامة تقف على غصن
شجرة، بينما الزوجة في أحد الأركان لا تحرك ساكناً. في نهاية
اللقطة تُكتب كلمات: «الجزء الثالث من ثلاثية أن تكون إنساناً»،
وهي الثلاثية التي بدأها المخرج السويدي بفيلم «أغنيات من الطابق
الثاني» عام 2000، ثم تلاها بـ «أنت... الذي تعيش» عام 2007.
في المشهد التالي نقرأ: «ثلاثة لقاءات مع الموت». في الأول نرى
الرجل نفسه يتأمل الجليد المتساقط من النافذة قبل أن يبدأ فتح
قنينة النبيذ للعشاء المعدّ على مقربة منه، لكنه أثناء محاولاته –
التي تبدو أقرب إلى الكوميديا السوداء - يصاب بأزمة قلبية ويسقط
ميتاً بينما الزوجة في المطبخ تواصل أعمالها وتستمع إلى أغنية من
دون أن تشعر به. في اللقاء الثاني نرى هيكل امرأة مسنة تبدو كأنها
قد تجاوزت المئة عام ترقد على سرير في المستشفى وتقبض على حقيبة
يدها والمحتوية مجوهراتها وأموالها وهي تعتقد أنها ستصطحبها معها
إلى الجنة، لكن اثنين من أولادها يحاولان خطف الحقيبة منها دون
جدوى في مشهد عبثي مثير للضحك أيضاً. أما اللقاء الثالث فنرى فيه
جثة رجل ضخم تتوسد الأرض على متن باخرة بينما موظفة الخزينة تسأل
قائد الباخرة: ماذا ستفعل بهذه الوجبة التي دفع الرجل ثمنها قبل
موته مباشرة لكنه لم يمسسها؟ وعندما تسأل الركاب إن كانوا يرغبون
في تناولها مجاناً يتقدم أحدهم بكل برود ويأخذ البيرة ويتجرعها في
حضرة الموت الفجائي.
الحب الميت
المشاهد الثلاثة السابقة، والتي تم تصوير كل منها في لقطة واحدة
واسعة، بكاميرا ثابتة ومن دون أن يُسمح للمتلقي بالتورط معها ولكن
فقط تأملها من بعد، كانت لقاءات مباشرة مع الموت لكنها لن تكون
الأخيرة. فالفيلم بأكمله هو تنويعات على الموت الذي يعيشه
الأوروبيون، خصوصاً أهل السويد. هناك أيضاً الحب الذي وُلد ميتاً
نراه مجسداً عبر مدربة الرقص الإسباني التي أغرمت بأحد طلابها
فتتحرش به أثناء التمارين – في لقطات أثارت ضحك الجمهور أكثر من
مرة - إلى أن ينسحب الشاب من التمرين، وعندما يلتقيان في المطعم
يرفض توسلاتها وشغفها به في مشهد نراه من خلف الزجاج ومن دون أن
نسمع منه كلمة واحدة، وذلك باستثناء صوت صندوق البريد على هاتفها
الجوال «ليس لديك رسائل» في لقطة لاحقة.
قد يبدو للوهلة الأولى أن المشاهد واللقطات والشخصيات لا رابط
بينها، لكن تأملها يكشف العكس تماماً، فكل شخصية تسلم للأخرى أو
تمهد لظهورها ومعرفة حكايتها لاحقاً، فالرجل في زيه العسكري
المهيب، والذي يتأمل المطعم من الخارج - أثناء لقاء مدرسة الرقص
بمعشوقها – وكأنه يبحث عن شخص ما، يسرد علينا – بأسلوب لا يخلو من
الكوميديا - كيف اكتشف أن محاضرته تم إلغاؤها بعد المعاناة الكبيرة
الذي عاشها في الطريق وتحت المطر.
ثم نرى قائد الباخرة - الذي تعرّفنا إليه في لقاء الموت الثالث –
وقد أصبح عاملاً في محل لتصفيف شعر الرجال، فبعد 15 عاماً في مهنته
أصبح يشعر بالدوار ولم يعد قادراً على الاستمرار، لذلك بدأ في
مساعدة زوج أخته في عمله، وهو قد بدأ بالتدريب على قص الشعر
قليلاً، لكن اعترافه هذا يجعل الزبون يفر هارباً إلى الحانة حيث
يلتقي بزميله – الذي يبكي كالأطفال - ولنعرف أنهما بائعان جائلان
يحاولان إمتاع الناس وإثارة البهجة لديهم ببيع أشياء مثل طقم أنياب
دراكولا ووجه عجوز مشوه ولعبة تصدر صوت طفل يضحك، لكن المفارقة أن
هذين الرجلين غير قادرين على إبهاج نفسيهما أو حتى الانعتاق من
دائرة الكآبة والفشل والوحدة التي تحاصرهما.
فهما طوال الفيلم لم ينجحا في بيع قطعة واحدة من بضاعتهما وقد أصبح
وضعهما المادي والمعنوي والصحي مزرياً، وهو ما يفسر الحالة التي
تصيب أحدهما عندما يستمع إلى أغنية رقيقة وجميلة اللحن تقول
كلماتها: «أنا سعيد جداً لأني في طريقي للقاء والديَّ في الجنة».
البائع الذي أصبح غير قادر على إيقاف الأغنية أو التوقف عن سماعها
– كأنها قدره – يعترف بأنه يحبها لكنه يصفها بأنها تنتهي نهاية
مرعبة، لأنه لا يريد أن يلتقي بوالديه مرة ثانية، على رغم أنهما
كانا عطوفين جداً. هو لا يصرح لماذا لا يريد؟ لكن ربما يرجع السبب
إلى عدم قدرته على مواجهتهما بفشله الحالي وحياته المأسوية.
بين الماضي والحاضر
على رغم كون أندرسون يتناول الحاضر في فيلمه، فإنه أيضاً يعود إلى
الماضي وإلى التاريخ ليشي بأن الحاضر كان ثمناً فادحاً لأخطاء
الماضي، فهو مثلاً يلجأ إلى الفلاش باك ليعود صراحة إلى عام 1943،
حيث نرى أحد الرجال المشاركين في الحرب العالمية الثانية، قد أصبح
عجوزاً لا يسمع ولا يدري بشيء مما يدور حوله، لكنه في مشهد آخر
رمزي يمزج فيه بين التاريخي والحداثي، نرى ملك السويد في القرن
الثامن عشر يدخل إلى الحانة في العصر الحاضر كاشفاً عن ميوله
المثلية بعد أن يطرد حراسه النساء ويضربهن بقسوة، ثم نراه في مشهد
آخر بعد أن خسر نصف أراضي المملكة على أيدي الروس وهو يدلف ثانية
إلى الحانة لأنه يريد أن يدخل الحمام فيجده مشغولاً بينما يظل صاحب
الحانة يكرر جملته: إنهم يتحملون المسؤولية في كون النساء أصبحن
أرامل.
كذلك يستدعي أندرسون التاريخ في مشهد استثنائي وفريد في إبداعه
بتجسيده للمحرقة، حيث يتم دفع الجميع رجالاً ونساءً بأطفالهم إلى
فرن على شكل فنطاس ضخم تبرز منه زوائد على شكل آلة نفخ موسيقية، ثم
يشعلون النيران تحته، كأن المحرقة التي تمت أمام أعين الطبقة
البرجوازية الأوروبية وأفرادها يحتسون النبيذ، كانت أنشودة الموت.
ثم يوحي المؤلف بأن مشهد المحرقة هذا كان حلماً شاهده أحد بطلي
فيلمه – البائع الجوال - الذي يشعر بأنه متورط في ذلك الفعل
المرعب، خائفاً ألا ينال الغفران كأنه يدفع الثمن الآن بحياته
الميتة.
روي أندرسون البالغ من العمر 71 عاماً، العائد بعد غياب سبع سنوات،
أخرج فقط خمسة أفلام طوال حياته منذ سبعينات القرن الماضي، بينما
أخرج ما يقرب من 400 إعلان تجاري للإنفاق على إنتاج أفلامه. وهو في
شريطه المُتوج بالأسد الذهبي يرسم أجواءً كابوسية في العمق وبين
طبقات ومستويات الضحك والسخرية، فالكوميديا عنده تمتزج بالمرارة،
وتكشف عن مأساة الوجود الإنساني.
في ظل هذا كله يتميز شريطه السينمائي بالإيقاع الشاعري وكذلك
الكوادر بتكويناتها التشكيلية وبأثاثها البسيط المتناثر في الفراغ
الذي يشعرنا بالبرودة العاطفية والوحدة الجليدية القاتلة حتى في
أكثر الأماكن ثراءً، بإضاءتها الكابية والصفراء الموحية، ليس فقط
بالجو الخريفي، ولكن أيضاً بالاحتضار وسيطرة شبح الموت على
الأجواء، والذي يؤكدها المشهد الافتتاحي فكأنه يعتبر حيوات هؤلاء
البشر أشبه بحيوانات وطيور تم تحنيطها فصارت بلا طعم ولا رائحة
وخالية من نبض الحياة، ربما باستثناء نموذج وحيد تمثله امرأة كانت
تجلس في ظل شجرة أمام طفلها في العربة تلاعبه وتقبل قدميه في حب
وشغف، بينما يأتينا صوت الطفل الضاحك المثير للبهجة وربما الأمل
الذي أراد المخرج ألا يتخلى عنه.
أما عنوان الفيلم فلا يقصد به فقط الحمامة التي نراها في المتحف،
ولكن هناك أيضاً مشهدٌ لطفلة كتبت قصيدة عن «حمامة تجلس على الغصن
تفكر في الوجود»، كما أن المتلقي يستشعر بوجود الحمامة في عدد من
المشاهد الخارجية من خلال صوتها الذي يأتينا من خارج الكادر وكأنها
تتأمل حال أبطال أندرسون ومآسيهم، لا سيما في المشهد الختامي الذي
نرى فيه رجلاً فقد إحساسه بالأيام، في حين يقول المخرج في أحد
حواراته إن العنوان مستوحى من لوحة بيتر برويغيل الأكبر «الصيادون
في الثلج» حيث تظهر طيور تقف على الأغصان في مشهد شتوي، وقد تخيلها
أندرسون، كأنها تراقب البشر تحتها وتتعجب لما يفعلون.
تحدي اللغة والشروط الصارمة والأفكار المطروحة
والتوزيع ونسب الدعم الضئيلة أهم العقبات
ندوة على هامش "أبوظبي السينمائي" ناقشت الإنتاج
الدولي المشترك
أبوظبي ـ "سينماتوغراف"
على هامش مهرجان أبوظبي السينمائي ناقشت ندوة "دعونا نعمل معاً"
التركيز على الإنتاج العربي الدولي المشترك وما يرتبط بها من
تحديات، حيث أدارت الندوة المنتجة سابين صيدواي، وحاضر فيها مجموعة
من المنتجين هم رومان بول، وإينا فيشمان، وريتا داغر، وهشام زمان
والمنتج سمير جمال الدين .
وكان أول التحديات التي تعرض لها المشاركون هو تحدي اللغة حيث طرح
المنتج جمال الدين قضية اللغة كإحدى العقبات التي تقف في طريق
الانتاج المشترك، حيث أشار إلى أن وجود أكثر من مشاركين في العمل
من دول مختلفة يضع عبئا كبيراً على ميزانية تمويل الفيلم نظراً
لاحتياجه إلى العديد من المترجمين، فضلاً عن قدرة فريق العمل على
تحقيق التواصل الجيد بينهم، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن ذلك
أمر يمكن التغلب عليه ولن يكون بأي شكل مانعاً من الإنتاج المشترك
.
وأشار إلى أن من التحديات الأخرى التي تفرض نفسها في الإنتاج
المشترك الاتفاقيات المفروضة في بعض الدول الأوربية التي تحد
كثيراً من سعي المنتجين في العالم العربي إلى الإنتاج المشترك،
موضحاً أن كثيراً من هذه الاتفاقيات تفرض بنوداً صارمة خاصة عندما
يتعلق الأمر بطرح قضايا سياسية تنتمي إلى دول الشرق الأوسط، مثل
القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه ما إن يطرح موضوع الفيلم حتى
تفاجأ بسيل من الأسئلة من الجهات الممولة عن القضية وما فيها، ومع
أن هذا أمر عادي نظراً لأن الممولين يبحثون في نهاية الأمر عن
الربح، إلا أن مسألة الأفكار المطروحة أمر قد يكون عائقاً في أحيان
عن مضي العمل في طريق الإنتاج المشترك.
وتحدث هشام زمان المنتج النرويجي من أصل كردي عن حبه لفكرة الانتاج
المشترك الذي رأى أنه يمنح الفيلم التسهيلات الكاملة، وكذلك الدعم
الذي يحتاج إليه لكنه علق على أن بعض المنتجين لا يرغبون في اقتسام
الكعكة بمفردهم، وهو ما يجعل من مهمة الإنتاج المشترك أحياناً مهمة
صعبة .
وأكدت ريتا داغر أنها لم تعان من خلال تجربتها من قضايا مثل
التدخلات أو التقييد، فمن وجهة نظرها أن هناك أهمية بالغة لأن تكون
المساهمة الإبداعية موازية ومتساوية مع المساهمة المادية في عملية
الانتاج لأن ذلك يحد من التسلط أو فرض أمور ما في العمل نتيجة
زيادة مساهمة طرف على آخر مادياً.
وتعلق أينا فيشمان على مسألة المعايير الملزمة في أي مشروع إنتاج
مشترك وأهمها قواعد التكاليف والاتفاقيات المشتركة، مشيرة إلى أن
كندا لديها من 40 إلى 45 اتفاقية انتاج مشترك مع دول العالم، ومن
بنود بعض الاتقاقيات أن تكون الكوادر الفنية التي تشارك في العمل
هي كوادر كندية، حتى إنها رفضت مرة أن يكون المخرج من دولة أخرى.
وعن علاقة الإنتاج بالتوزيع وهل يؤثر الأول في الثاني قالت فيشمان
في الأغلب نعم، لأن كل انتاج مشترك غالباً ما يعكس رؤية مشتركة في
البلدين، فعندما يبدأ العمل في الإنتاج وينتقل الأمر إلى المراحل
التالية حتى الانتاج الكلي ومشاركة الفيلم في مهرجانات فسيكون
علينا أن نفكر مرتين في ماذا سنجني من وراء هذا العمل.
«العودة إلى حمص» يعرض عربياً للمرة الأولى في «أبوظبي السينمائي»
المخرج طلال ديركي: فيلمي قصة واقعية مليئة بالألم والعنف
أبوظبي ـ «سينماتوغراف»
اختار المخرج السينمائي السوري طلال ديركي صاحب الفيلم الوثائقي
«العودة إلى حمص» مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الثامنة لإطلاق
فيلمه عربياً ضمن فئة مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بعد أن نجح
مع فريق العمل على تحقيق شروط المشاركة رغم الفترة الزمنية الفاصلة
بين عرضه الأول عالمياً وبين عرضه عربياً.
وعبر ديركي عن سعادته للمشاركة الأولى في مهرجان أبوظبي السينمائي
الذي يرى فيه حلم كل مخرج سينمائي يبحث عن منصة سينمائية تتميز
بصفات عالمية من حيث التنظيم، وقوة وطبيعة الأفلام المشاركة، مع
نوعية الجوائز المحفزة للمخرجين والمنتجين لدعم مشاريعهم
السينمائية والحياتية في ملتقى لكبار العاملين في هذه الصناعة في
عالمنا العربي.
وقال صاحب الفيلم الوثائقي «العودة إلى حمص» الذي نال أكثر من
اثنتين وعشرين جائزة عالمية: أنا فخور أن أكون سفيراً لبلدي عبر
هذا الفيلم الذي يحمل واقعاً دامياً كان لفريق العمل الإمكانية على
نقله في سياق سرد ملحمي تاريخي، آمل أن يضفي ماهو جديد على صناعة
الفيلم التسجيلي العربي، وأن يكسب قلوب الجمهور الراغب بحضور هذا
الفيلم الذي هو قصة ثورة شعب بعيون أبنائها بكل لحظاتها مع الموت
والقتل والاعتقال، هو قصة واقعية محكومة بالكثير من الألم والعنف.
وأوضح ديركي أن الفيلم هو تسجيل للحظات نادرة حية لحياة وموت لأناس
كنا بجوارهم ومعهم، لحياة شعب يتيم خُذل من أقرب الناس إليه، وبقي
وجهاً لوجه أمام أعتى آلة عسكرية لا ترحم حجراً ولا بشراً، قصة
شجاعة وكفاح شعبي في أول سنتين من عمر الثورة السورية، من خلال رصد
وتتبع حياة شابين من أبنائها تحت خطر الموت والاعتقال وهما (عبد
الباسط الساروت)، ابن حي البياضة حارس المرمى السابق لكرة القدم في
المنتخب السوري للشباب بكرة القدم الذي أصبح في العام الأول من
الثورة رمزاً لسلميتها قائداً شجاعاً للمظاهرات ومغنياً لهج
السوريون جميعاً بأغانيه في تظاهراتهم، حتى لحظة فقدانه للأمل من
النضال السلمي واختياره لحمل السلاح دفاعاً عن المدينة ومدنيتها،
في مواجهة ديكتاتورية القتل والموت المجاني في سورية بعيداً عن
التطرف ومملوءاً بحلم الوصول إلى دولة سورية جديدة متنوعة ومدنية
وحرة، والعودة الى مدينته حمص الذي هو حلم كل السوريين العودة الى
ديارهم.
والشاب الآخر (أسامة) ابن حي الخالدية الحمصي، طالب جامعي أصبح من
أبرز الناشطين الإعلاميين الذين يوثقون يوميات الأحداث المؤلمة
لمدينته حمص.
وعن الدوافع التي تشكلت لتصوير فيلم مدته 90 دقيقة تحت خطر القتل
والموت والاعتقال قال ديريكي: الفكرة أتت رغبة في تجسيد الثورة
السورية بشجاعة أبنائها وإصرارهم على الحياة من خلال متابعة شخصيات
من لحم ودم وعواطف وأحلام، وبعد بحث استمر لشهور تعرفت من خلالها
على أبطال فريق الفيلم من خلال شخصية الناشط أسامة، ومنه تعرفت على
الثائر ساروت مع جرأة وشجاعة نادرة من المصور الأول للفيلم قحطان
حسون الأب لأربعة أطفال الذي تحدى الموت ورافق البطل (ساروت) في كل
لحظاته من تحد مجنون للموت وتابعه خطوة خطوة في درب الحصار والموت
والثورة، فكانت مشاهد ناردة أضافت للعمل رونقاً خاصاً حقيقياً من
قلب وروح.
وعن الصعوبات التي واجهها مع فرق العمل الصغير في تتبع ورصد ونقل
حقائق من قلب الداخل السوري، وخاصة من مدينة حمص بأحيائها المحاصرة
بالموت من كل الجهات، أوضح ديركي أن العمل طوال فترة التصوير كان
مهدداً بالتوقف أو أن يكون شيئاً آخر، لكن الفكرة الأولى للفيلم لا
تشبه البتة النسخة النهائية من الشريط، فحياة الشخوص بالدرجة
الأولى كانت مهددة بالاعتقال أو الموت، حياة طاقم الفيلم مني ومن
المصور الشجاع (قحطان) الذي صور أخطر لقطات الفيلم على خط النار،
والذي اضطر أحياناً لاستعمال الحمام الزاجل لتهريب (الفلاش ميموري)
التي عليها الصور لخارج حدود سورية مع صعوبة وخطورة التصوير
بالجودة المطلوبة وتخزين المواد على (هاردات) أمر كان ينطوي على
صعوبة ومخاطرة شديدة لكثرة حواجز النظام وما قد يترتب عليه من
اعتقال للأشخاص في حال تم كشفهم، واعتقال المنتج عروة على خلفية
الفيلم، واختفاء بطل الفيلم لمدة 13 يوماً بعد حصار البياضة وغيرها
من الأحداث جعلت القلق والخوف دائماً يرافقني الى أن نجحنا بإصرار
الفريق وشجاعتهم على إخراج هذا الفيلم الى الحياة.
في إطار البرامج الخاصة وعلى طريقة مارتن سكورسيزي
«أبوظبي السينمائي» يحتفي بـ«سينما العالم»
أبوظبي ـ «سينماتوغراف»
لا يقتصر حضور المخرج الأميركي ذائع الصيت مارتن سكورسيزي على
قائمة الأفلام التي تتضمنها تجربته الفنية. أيضاً، لا تتوقف الرؤية
لديه عند حدود الإخراج السينمائي فحسب، بل إن هذا الرجل يجعل من
متتبع أنشطته المختلفة يقتنع تماماً بأنه مثقف يمارس دوراً في
السينما العالمية والمجتمع الذي يعيش فيه باعتبار أن هذا النوع من
السلوك نابع من إحساسه الشخصي بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الفن
والمجتمع، بصرف النظر إنْ المرء يتفق مع هذا السلوك إلى هذا الحدّ
أم ذاك.
مؤخراً، أخرج وأنتج سكورسيزي مع صديقه ديفيد تديسشي، فيلماً
وثائقياً حمل العنوان: «خمسون عاماً من الجدل»، عن الدورية
الأسبوعية واسعة الانتشار في الأوساط الثقافية والأميركية:
«نيويورك ريفيو أوف بوكس» الخاصة بمراجعات الكتب والإصدارات
الحديثة وتأثير هذه الدورية التي رافقت الكثير من التقلبات الفكرية
والفلسفية والجمالية خاصة في فترة الحرب الباردة، حيث من المقرر
عرض هذا الفيلم قريباً في مهرجان نيويورك للأفلام الوثائقية بعد أن
عُرض في العديد من المهرجانات السينمائية منذ أن انتهى العمل فيه
أواخر الشتاء الماضي.
غير أن ما يجدر بالانتباه هنا، في سياق مهرجان أبوظبي السينمائي
الدولي، هو هذا الاتفاق الذي أنجزته إدارة المهرجان مع مؤسسة
سينمائية أميركية غير ربحية تحمل اسم «مؤسسة السينما»، التي تعنى
باستعادة تاريخ الفن السينمائي من غياهب النسيان وإعادة عرضه
للجمهور ثانية، أو - إذا جاز الاختزال- الحفاظ على الشريط
السينمائي كما هو في اللحظة ذاتها التي عُرض فيها لأول مرة.
قام مارتن سكورسيزي، الممثل وكاتب السيناريو والمؤرخ السينمائي
المشغول بمستقبل الفيلم ومصيره ومآلاته - لمَن لا يعلم - بإنشاء
هذه المؤسسة مطالع التسعينيات من القرن الماضي. تمكّنت المؤسسة من
خلال تعاونها مع مؤسسات أخرى رائدة في مجال الأرشيف كما مع متاحف
واستديوهات من إنقاذ أكثر من 620 فيلماً وعرض نسخها المرمّمة حول
العالم. أطلقت «مؤسسة السينما» مشروع «سينما العالم» بهدف حفظ
وترميم الأفلام المهملة من مختلف أنحاء العالم وبالأخص تلك الآتية
من بلدان تفتقر إلى البنى التحتية المالية والتقنية لحفظ تاريخها
السينمائي الأصلي.
وبموجب هذا الاتفاق التعاوني مع الإدارة، يشهد المهرجان عرضاً
واحداً من روائع السينما العالمية: الفيلم «لون الرمّان» للمخرج
سيرغي باراجانوف الذي عرض مساء أول أمس الجمعة في سينما فوكس1 في
المارينا مول، و«مانيلا في براثن الضّوء» للمخرج لينو بروكا الذي
يعرض في السادسة مساء غد في سينما فوكس6 في المكان نفسه، وذلك ضمن
سلسلة برامج خاصة يجري من خلالها عرض العديد من الكلاسيكيات
السينمائية العالمية. وقد تم ترميم هذين الفيلمين باستخدام تقنية 4K عالية
الجودة، بواسطة مكتبة الأفلام في مدينة بولونيا، وبالتعاون مع
مشروع سينما العالم لـ«مؤسسة السينما».
وينظم مشروع «سينما العالم» خلال المهرجان ورشة عمل وجلسة دراسية
في إطار «حوارات في السينما» في الثانية والنصف من ظهر الغد في قصر
الإمارات تحمل العنوان: «الحفاظ على المستقبل» تهدف إلى نشر
التوعية حول قضية حفظ الأفلام وتثقيف المخرجين حول أهمية حفظ
أفلامهم الخاصة. وسيساهم مهرجان أبوظبي السينمائي في تشجيع عرض
الأفلام التي عمل مشروع «سينما العالم» على حفظها وترميمها في
مهرجانات أخرى هامة على مستوى الوطن العربي والعالم أجمع.
وفي إطار مشروع «سكورسيزي» يعرض المهرجان العديد من الأفلام التي
تمّ ترميمها: «من أجل حفنة من الدولارات» للمخرج سيرجيو ليوني ومن
بطولة كلينت إيستوود، و«ماري بوبنز»، من بطولة جولي أندروس، وفيلم
الروك آند رول الموسيقي «ليلة نهار عسير» للمخرج ريتشارد ليستر،
الذي تمثل فيه فرقة البيتلز الشهيرة، وتعرض هذه الأفلام الثلاثة
على التوالي في سينما قصر الإمارات في الأول من نوفمبر في الثانية
والنصف ظهراً والسابعة والنصف مساء والتاسعة والنصف ليلًا، و«ثائر
من دون قضية» للمخرج نيكولاس راي، وعرض أيضاً مساء أمس، وفيلم
«حياة وموت الكولونيل بليمب» للمخرجين مايكل باول وإميريك
بريسبورغر الذي يعرض في الخامسة من مساء اليوم في سينما فوكس9
ويعاد عرضه غداً في الخامسة والنصف في سينما فوكس2.
اليوم الرابع لمهرجان أبوظبي السينمائي:
العرض الأول والمنتظر لفيلم "ذيب" للمخرج ناجي أبو نوار
الليلة في قصر الإمارات
عرض دولي أول لفيلم "تمبوكتو" للمخرج المورتاني عبد الرحمن سيساكو
جلسة نقاش بعنوان "مشروع سينما العالم" عن الحفاظ على
الأفلام من أجل المستقبل
أبوظبي ـ "سينماتوغراف"
يعرض اليوم الفيلم الذي طال انتظاره للمخرج حائز الجوائز ناجي أبو
نوار "ذيب" والذي يحكي قصة الكفاح من أجل البقاء التي يعيشها صبي
بدوي صغير في الصحراء العربية أثناء الحرب العالمية الأولى. وقد
صور الفيلم باشتراك بدو حقيقيين ويخلق إنتاجه نوعا جديدا من
الأفلام يدمج بين أفلام الغرب الأمريكي و رعاة البقر وقصص البدو.
وفاز هذا الفيلم بجائزة "أوريزونتي" لأفضل مخرج ضمن مهرجان فينيسيا
السينمائي لهذا العام٬ وسيعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط اليوم
بحضور المخرج وطاقم الإنتاج والتمثيل. وينافس "ذيب" في مهرجان
أبوظبي السينمائي 2014 ضمن مسابقة آفاق جديدة (قصر الإمارات٬
الساعة 18:15)
كما سيعرض اليوم الفيلم "تمبوكتو" للمخرج الموريتاني الشهير عبد
الرحمن سيساكو٬ وذلك ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. ويحكي
الفيلم قصة البطل كيداني الذي يواجه حياة صعبة تحت الحكم الإرهابي
للمتطرفيين. ومن الجدير بالذكر أن قصة الفيلم استوحيت من واقعة
جلد حتى الموت لثنائي غير متزوج في 2012 على يد المتطرفيين في
مدينة مالي الشمالية.
ومن ضمن البرامج الخاصة لمهرجان أبوظبي السينمائي 2014 برنامج
الأفلام الكلاسيكية المرممة وأحد أبرز عروضها الفيلم الفليبيني
الكلاسيكي الذي سيعرض اليوم "مانيلا في براثن الضوء" الذي أنتج
عام 1975 للمخرج لينو بروكا. ويحكي هذا الفيلم قصة ملحمة رومنسية
واقعية لعاشقين محكومين بالفشل في عهد ماركوس، حيث تتحطم آمال
جوليو في لقاء حبيبته الضائعة بسبب الظروف القاهرة التي يعيشها.
ويعرض الفيلم أيضا من خلال قصته أحداث الاحتجاجات الشعبية
والمظاهرات ضد حكم ماركوس لمانيللا. وقد رمم الفيلم من قبل مشروع
سينما العالم (WCP)
الخاص بمارتن سكورسيزي وبدعم من مهرجان أبوظبي
السينمائي٫وبهذا يقدم للجمهور فرصة لإعادة اكتشافه من خلال النسخة
المرممة. (فوكس 6 ٬ 18:00)
كما سُيعرض اليوم أيضا ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة فيلم
"الحكمة" (فوكس 5 الساعة 18:15) من إخراج السينمائي المخضرم يوجين
غرين. ويقدم الفيلم قصة مهندس معماري يشعر بالانهزام والخيبة أثناء
عمله على المشاريع المعمارية الحديثة العملاقة و التجارية٬ ولهذا
يبحث عن متنفس عبر سفره لرؤية الأبنية الرائعة التي صممها مهندسه
المعماري المفضل فرانشيسكو بوروميني في القرن السادس عشر٬ ليعيش
رحلة اكشاف وشفاء رائعة.
ويعرض اليوم أيضا ضمن مسابقة آفاق جديدة لمهرجان أبوظبي السينمائي
2014 الفيلم الحائز جائزة كارلوفي فاري "جزيرة الذرة" للمخرج
غيورغي أوفاشفيلي والذي يقدم تجربة فريدة للجمهور لكونه فيلما
صامتا يحكي قصة فلاح عجوز وحفيدته المطيعة اللذين يحافظان على
أسلوب حياة أجيال عديدة سبقتهما في الفلاحة على جزيرة تقع اليوم
قرب حدود جورجيا وأبخازيا. (فوكس 6 الساعة 21:00)
أما في مسابقة الأفلام الوثائقية لليوم٬ فسيعرض فيلم "أولاد قابيل"
للمخرج مارسيل جيرو والذي يُجري فيه مقابلات مع ثلاثة هنغاريين
سجنوا بسبب قيامهم بجرائم قتل أثناء طفولتهم. يعتبر الفيلم تجربة
لفهم الأطفال الذين يرتكبون الجرائم وأثر نظام السجن عليهم وهم
بهذه المرحلة اليافعة.
سيكون بإمكانكم متابعة مجموعة من المراهقين في المدرسة الثانوية
يقوم أهلهم بمحاولة اكتشاف تفاصيل حياتهم العاطفية عبر متابعتهم
على الإنترنت وذلك في فيلم المخرج جايسن رايتمان "رجال، نساء،
وأطفال" الذي سيعرض اليوم ضمن قسم عروض السينما العالمية (قصر
الإمارات الساعة 21:30). وسيعرض ضمن القسم عينه فيلم "السلاسل
الغذائية" للمخرج والناشط سنجاي راوال وفيه يحكي عن أوضاع الفلاحين
في الولايات المتحدة الذين يتعرضون باستمرار للاضطهاد والأذى
والتجريد من الحقوق في صراع يعود بنا إلى أيام الاستعباد الذي من
المفترض أنه ذهب إلى غير رجعة٬ كما ويوضح تواطؤ محلات السوبرماكت
والجشع التجاري. (فوكس 1 الساعة 19:15)
وتتضمن البرامج الخاصة لليوم أيضا فيلم "يوم جديد في صنعاء
القديمة" ضمن برنامج السينما العربية في المهجر" (فوكس 2 الساعة
19:00) والفيلم الفرنسي الكلاسيكي المرمم "جول وجيم" الذي سيعرض
تكريما للمخرج الفرنسي الشهير فرنسوا تروفو. (فوكس 2 الساعة
21:30).
حوارات في السينما:
وستجري في الصالة 3 في قصر الإمارات من الساعة 14:30 وحتى 16:00
جلسة حوارية بعنوان "الخروج بالفيلم العربي إلى العالمية : أساليب
التمثيل المختلفة في السينما العربية" وسيشارك في الحوار عدد من
خبراء الصناعة الإقليميين والعالميين لدراسة أساليب التمثيل
المتبعة في الأفلام العربية ومقارنتها بالأساليب المفضلة عالميا.
ستقوم الجلسة بمشاركة بشَار عطيات وغولوم دي سيل وخالد أبو النجا
ومحمد حفظي وتدير الحوار تيريزا كافينا (مدير البرمجة في
المهرجان).
وفي الصالة 3 في قصر الإمارات من الساعة 16:30 وحتى 18:00 ستقام
جلسة حوارية بعنوان "مشروع سينما العالم: الحفاظ على المستقبل"
بمشاركة كبار شخصيات من مشروع سينما العالم (WCP)
هم المدير التنفيذي مارغريت بود والعضو المنتدب جينيفر آن ومدير
الأرشفة سيسيليا سينشياريلي بالإضافة لنائب رئيس المكتبة والخدمات
الفنية في شركة Twentieth
Century Fox شون
بيلستون ٬ والذين سيقومون بتعليم صانعي الأفلام كيفية حفظ أفلامهم
من أجل أجيال المستقبل.
اثر انعقاد الدورة الثامنة من مهرجان أبوظبي السينمائي، تعقد لجنة
أبوظبي للأفلام حفل استقبال للتعرف على فرص الإنتاج المتوفرة في
إمارة أبوظبي والعروض التحفيزية التي تقدمها اللجنة ليلة الأحد
تمام الساعة 6.30 مساء في قصر الامارات وسيضم الحفل فريق عمل لجنة
أبوظبي للأفلام الذين سيكشفون عن الأسباب التي جعلت من أبوظبي
وجهةً يقصدها المنتجون من مختلف أنحاء العالم، وتستقطب المزيد من
المشاريع الإنتاجية الجديدة. |