المشاركون يبحثون أسباب غياب الأعمال الروائية
نقص الخبرة والتمويل أهم عوائق الإنتاج المحلي
تحقيق - عادل رمزي:
صناعة ومقومات، كلمتان تختزلان ماهية العمل السينمائي، حيث لا يمكن
لأي صناعة أن تزدهر وتؤتي ثمارها ما لم تتوافر لها كافة المقومات
التي تسهم في نهضتها، وخاصة الفن السابع، تبقى جودة الأعمال
السينمائية رهينة ما يمكن أن يقدم لها من دعم يفي بالحد الأدنى
للقول إن عملاً سينمائياً بناء ومحترماً تم إنتاجه
.
ولأن صناعة السينما بوجه عام تحتاج إلى مقومات على رأسها توافر
الدعم الكامل خاصة للأعمال الروائية الطويلة، كان ثمة ضرورة أن
نلقي الضوء على هذه القضية بما تطرحه من تساؤلات عن الدعم الذي
تتلقاه صناعة السينما في الدولة، وهل توافره أو غيابه هو السر في
قلة الأعمال السينمائية، خاصة الأفلام الروائية الطويلة أم أن هناك
أسباباً أخرى تبقى مرتبطة بتأخر ركب هذه الصناعة السينما في اللحاق
بمثيلاتها في العالم؟
أجرت "الخليج" لقاءات مع مخرجين مشاركين في مسابقة أفلام الإمارات
لمعرفة آرائهم . قالت المخرجة الإماراتية نايلة الخاجه التي تشارك
بفيلم "الجارة" ضمن فئة الأفلام الروائية القصيرة: صناعة السينما
أو "الفن السابع" في المقام الأول اقتصاد يجب أن تتوافر له مقومات
وعناصر النجاح وأهمها من وجهة نظري توافر الدعم الكافي، مع توافر
الخبرة الكافية لإنتاج الأعمال السينمائية وخاصة الأفلام الروائية
الطويلة، إذا لا يمكن لأي هاو أن يتقدم ويكتب له النجاح في تقديم
عمل مميز إلا من خلال دراسة وخبره واسعة ومتعمقة في هذا المجال،
يلي ذلك توافر الميزانية الكافية لإنتاج العمل وإخراجه بالشكل
اللائق، لأن العمل السينمائي مبني على التخصص ومن الأهمية بمكان أن
يتوافر له المتخصصون، ثم يأتي بعد ذلك توافر البنية التحتية التي
تساهم في نجاح العمل وخروجه بشكل يرتقي للعالمية، أضف إلى ذلك
معايشة المخرج للنص والتمكن من أدواته بما يسهم في تقديم إخراج راق
ومحترف
.
وتتابع: السينما منظومة عمل متكاملة الأركان فهي تتطلب نوعاً من
التخصص وهذا يفرض وجود كتاب جيدين لتقديم سيناريو ناجح، ومخرجين
على أعلى مستوى، ومنتجين ومصورين وفنيين في كل جوانب مراحل الإنتاج
التي يمر بها العمل، وهذا الكم الكبير ليس متوفراً ولن يكون إلا من
خلال بيئة مشجعة وداعمة للتوجه نحو صناعة الفن السابع
.
وتوضح أسباب غياب الدعم بأن صناعة السينما في الإمارات تعد جديدة
نوعاً ما، وتحتاج للمزيد من الوقت حتى تنافس، بعكس هوليود التي يصل
عمرها إلى أكثر من 120 عاماً، أو مصر التي بدأت دخول عالم السينما
في عشرينات القرن الماضي، مشيرة إلى أنه لعبور هذه الفجوة لا بدّ
من وجود دعم حكومي سريع لتستطيع السينما المحلية اللحاق بركب
العالمية وإيجاد موضع قدم لها بين مثيلاتها في دول العالم
.
وتشير إلى أنه حتى في الدول الغربية هناك صناديق لدعم السينما، لذا
من الضروري توفير مبادرة حكومية لوضع الدرهم الأول في هذا الصندوق،
لأنه سيسهم في لفت النظر إلى أهمية هذه الصناعة ودورها الكبير في
التعريف بتراث وثقافة الشعوب باعتبارها قوة ناعمة
.
ولفتت الخاجة إلى نقطة مهمة في هذا الموضوع وهي غياب المنتجين
للفيلم الطويل، وقالت إنها مرتبطة إلى حد كبير بتوافر الأموال
اللازمة لإنتاج عمل سينمائي وهذا يعود مرة أخرى إلى قضية غياب
الدعم، فضلاً عن أهمية وجود سيناريو جيد يقنع المنتجين، مشيرة إلى
أنه برغم مساهمة بعض الجهات في تقديم الدعم لبعض الأعمال فإن ذلك
لا يزال توجهاً فردياً ولا يمكن أن يكون بديلاً للتوجه العام في
دعم صناعة السينما
.
ويقول المخرج خالد المحمود الذي يشارك في مسابقة أفلام الإمارات
بفيلمه الروائي القصير "لا تتركني" أو كما يقول حسب تسميته "لا
تخليني": ما يتحكم في عملية الدعم هو أن الإمكانات التي يتطلبها
تقديم فيلم روائي طويل كبيرة، في وقت لا تزال فيه الحركة
السينمائية في الإمارات في مرحلة البدايات، ورغم ذلك هناك بعض
الأعمال الجيدة التي قدمت وهي في ازدياد نظراً لتوافر هذه
الامكانات نتيجة دعم بعض الجهات الحكومية المختصة مثل المنطقة
الإعلامية الحرة في أبوظبي
(Towfour54) .
وقال إن مهرجان أبوظبي رسالة قوية لدعم التوجه نحو صناعة السينما،
إذ يمثل نافذة ووجهة يتلاقى فيها كل صناع السينما من جميع دول
العالم، وبالامكان استغلال الفرص التي يقدمها من خلال عرض الأعمال
والسيناريوهات التي من الممكن أن تجد فرصاً لإنتاجها إذا توفرت
فيها الفكرة الجيدة
.
وأوضح أن مسالة الدعم لا يمكن أن تتم في فراغ ما لم تشاهد ملامح
تنبئ عن استعداد لتلقي أوجه الدعم واستغلالها على الوجه الصحيح،
وهو ما يتطلب طرح رؤى نقدية سينمائية قائمة على الوعي بأدوات العمل
السينمائي ومقوماته ومتطلباته، وذلك لكسب المزيد من الثقة، ولدفع
الجهات المسؤولة إلى وضع هذه التوجه في الحسبان
.
وقال إن موضوع الرعاية أو الدعم ليس بالسهولة التي يتصورها البعض،
ففيلم مثل "وجدة" استغرق أربع سنوات من الإعداد وورش العمل مروراً
بالإمارات ووصولاً إلى عرضه في دول أمريكا الشمالية وترشيحه
للأوسكار، مؤكداً أن الدعم مطلوب لكن الاهتمام والعمل الجيد المبني
على أسس سينمائية صحيحة مطلوبان، حتى يمكن أن يتلاقى الدعم مع
الإبداع السينمائي ليحقق النتائج المرجوة
.
وأضاف أن صناعة السينما بالإمارات تعاني ضعفاً واضحاً في الكفاءات
البشرية العاملة في المجال، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من العاملين
إما متخصصون في الإعلانات أو التليفزيون بينما السينما قطاع آخر له
مؤهلات غير التي يمتلكها العاملون في هذه المجالات، وهي كذلك من
أسباب ضعف هذه الصناعة حتى الآن
.
ويقول ناصر اليعقوبي مخرج فيلم "حنين" المشارك ضمن الأفلام
الوثائقية القصيرة إن مسألة الدعم لا يمكن فصلها عن موضوع توافر
الخبرة الكافية لإنتاج العمل السينمائي الروائي الطويل، لأنه لا
يمكن تقديم الدعم من دون توافر الأدوات الضرورية لإنتاج عمل جيد
ربما يتكلف في بعض الأحيان ملايين الدولارات، متسائلاً عن إمكانية
دعم عمل سينمائي من دون توافر مقوماته الأساسية
.
وقال إن قضية الدعم يجب ألا تكون عائقاً أمام الإنتاج السينمائي،
بل يجب أن يطور المخرج فكره حتى يتمكن من توفير وسيلة لإبراز عمله
أو تقديمه إلى الجمهور بشكل أو بآخر، مشيراً إلى أن المشكلة أن بعض
المخرجين في الإمارات يرغبون في القيام بكل شي، في وقت أن ذلك أمر
يستحيل إذا أردنا تقديم عمل جيد، إذ من المهم أن يسند كل مجال إلى
المتخصصين فيه
.
ولأن ما بين إنتاج فيلم قصير وآخر روائي طويل فروق شاسعة حاولنا
معرفة حدود الدعم للفيلم القصير، خاصة ضمن مسابقة أفلام الإمارات
للأفلام الروائية والوثائقية القصيرة لنعرف إذا كانت الأفلام
القصيرة هي الأخرى تعاني غياب الدعم أم أن الأمر أبسط
.
تقول هنا المري التي تشارك بفيلم "ما بعد الخوف" في فئة الأفلام
الوثائقية القصيرة للطلبة إنها تلقت خلال إنتاجها لفيلمها القصير
دعماً من شركة
media mena production
من خلال توفير 50% من أدوات الإنتاج من معدات ومصورين وخدمات ما
بعد الإنتاج، مشيرة إلى أنها طالبة في إحدى الكليات إلا أنها لم
تحظ بأي دعم من الجهة التعليمية الخاصة التي تدرس بها
.
وتقول تالا عبد المعطي مخرجة فيلم "ختام" المشارك ضمن فئة الأفلام
الروائية القصيرة للطلبة إنها تلقت الدعم من أسرتها ومن أصدقائها
المقربين لإنتاج عملها السينمائي، وهو ما كان له أبلغ الأثر في
نفسها، خاصة أن قصة الفيلم مرتبطة بجزء مهم من حياتها أرادت أن
تعكسه من خلال تقديم عمل فني يرسخ رسالتها ويبعث برسالة حب ووفاء
إلى من ساندها طيلة حياتها، مشيرة إلى أنها لم تتلق أي دعم من جهة
أخرى
.
وتوضح شهد الشحي مخرجة فيلم "كلاليس" المشارك ضمن فئة الأفلام
الروائية القصيرة بأن فكرة الفيلم سهلت لها الاستعانة ببرنامج
أنيمشن فقط، لكن الدعم جاء من خلال دورة قدمتها
"Towfour54"
تدربت خلالها على كتابة النصوص والإنتاج والإخراج، كما تم منحنا
مبلغاً مالياً للمساعدة في عملية الإنتاج
.
وتلفت شيخة العامري مخرجة فيلم "حكاية لؤلؤة" المشارك ضمن الأفلام
الوثائقية القصيرة للطلبة إلى أن الفيلم من إنتاج هيئة البيئة في
أبوظبي، لذا حظي بدعمها الكبير، ووثقت عملية زراعة اللؤلؤ بتقنية
جديدة لزراعة اللؤلؤ الصناعي، وهو عمل قامت به بنات من جامعة زايد
التي دعمت مشاركتنا بالتعاون مع هيئة البيئة، لإخراج عمل يرتقي إلى
مكانة اللؤلؤ في تاريخ الإمارات
.
وتلفت خوله المعمري مخرجة فيلم "اتركني . . احمني" المشارك ضمن فئة
الأفلام الوثائقية القصيرة للطلبة إلى أن أول دعم كان في فكرة
الفيلم التي وردت عن طريق مدرسة الفيديو عليا يونس في جامعة زايد،
ثم قامت الجامعة بدعمهم من خلال توطيد العلاقة مع صندوق محمد بن
زايد للمحافظة على الكائنات الحية
.
وتقول فاطمة عبيد مخرجة فيلم "من خلال عيون إماراتية" المشارك ضمن
فئة الأفلام الوثائقية القصيرة للطلبة: بشكل عام هناك دعم كبير
للمرأة الإماراتية في كل المجالات حيث كان الوالد الشيخ زايد بن
سلطان آل نهيان طيب الله ثراه يؤمن بأن المرآة هي نصف المجتمع، ولن
يحقق أحلامه المشروعة وتطلعاته نحو التقدم والتنمية إذا كان نصفه
معطلاً ولا يسهم في عملية البناء، وبالتالي ليس من الغريب أن تدعم
الإمارات المرأة في جميع المجالات وليس في الأعمال السينمائية فقط
.
ويؤكد دانيل ملاك أنه تلقى دعماً كبيراً من الهيئة العامة للشؤون
الإسلامية والأوقاف، ومن سماحة السيد علي الهاشمي مستشار الشؤون
الدينية والقضائية في وزارة شؤون الرئاسة، والدكتور أحمد الموسى،
خبير البحوث والدراسات في الشؤون الإسلامية بالهيئة العامة للشؤون
الإسلامية والأوقاف، في موضوع فيلمه الذي يدور حول التسامح الديني
في الإمارات التي تمثل نموذجاً يحتذى في التعايش السلمي والحضاري
بين أتباع الديانات المختلفة، يجمعهم في ذلك القواسم المشتركة بين
الأديان السماوية التي تدعو جميعها إلى التآخي والتوافق وتحذر من
الفرقة ونبذ الاختلاف
.
دراما فرنسية مفتوحة على كل الاحتمالات
“ضربة المطرقة الأخيرة” صراع بين الواقع والعواطف
أبوظبي - عادل رمزي:
حياة فكتور الحائرة بين التغلب على صعوبات الحياة وتلمس طريق
النجاة له ولوالدته التي تعاني مرض السرطان على المحك، بينما أبوه
لم يقدر الحب الذي منحته إياه "ناديا" التي ظلت وفية لحبه في تحمل
المسؤولية تجاه ابنها فيكتور لثلاثة عشر عاماً هي عمر الفتى، في
وقت تعاني فيه مرضاً عضالاً يفتك كل لحظة بقوتها وينال من عزيمتها
مع قلة حيلتها في تدبر المال الذي يفي بمتطلبات العلاج
.
ومع ذلك تبدي الأم كل الحرص على فيكتور الذي اختاره مدربه ليكون
قائداً لفريق كرة القدم ويرشحه لاختبارات أمام المكتشفين حيث ينجح
في التجربة لكنه يحتار بين التفكير في ترك والدته والذهاب بعيداً
عنها أو المكوث بجانبها لرعايتها، وتنتصر لدى فيكتور عاطفة الحب
ويبقى بجوار والدته
.
وفي هذه الأثناء يأتي أبوه إلى المدينة ليقيم حفلاً فنياً كبيراً،
ويعلم فيكتور بذلك ويسعى إلى رؤيته بينما يقابله والده ببرودة
عاطفية أنكرتها عليه "ناديا" بعد أن منح ابنه ألف دولار يصلح بها
المنزل المصدع من دون كلمة عطف
.
وتأبى عزة نفس "ناديا" قبول ذلك المبلغ من دون وجود عاطفة الأبوة
من صمويل تجاه ابنه، فتطلب منه رد المال إلى أبيه
.
وخلال ذلك يتردد فيكتور على أبيه مرات حتى بدأت العلاقة بينهما في
التطور، وكان صمويل يعمل على المعزوفة السادسة ل"غوستاف ماهلر"
التي كانت تحتوي على ضربتين بالمطرقة، حيث أخبر صامويل ابنه أن
السيمفونية كانت تحتوي على ثلاث ضربات ولفقدان ماهلر أثناء العمل
عليها عمله وابنته تجنب ضربة المطرقة الأخيرة ليهرب من مشيئة القدر
ويغير مسار حياته
.
كان هذا المغزى ما حاول صامويل إيصاله إلى ابنه "فيكتور" أنه يملك
القدرة على صنع مستقبله وتحويل مسار حياته، وبالتوازي مع ذلك حاول
"فيكتور" إيصال نفس الرسالة إلى والدته التي كانت تتدهور حالتها
بسبب الصراع مع المرض وينجح في أن يقود والدته إلى بر الأمان في
الوقت الذي كان يخشى فقدها وهي أعز وأغلى ما يملك في حياته
.
الفيلم يعتمد في تفاصيله على قوة الصورة من خلال تجسيد الملامح
والمشاعر الإنسانية العميقة، إذ تغلب على جريان النص، ترسم
الانفعالات الداخلية وما يتبعها من ردود أفعال تعكس حرية لدى جميع
الممثلين في تحديد مسار حياتهم كما يشاءون . فتعبيرات الوجه في
الفيلم تقول أكثر من الكلمات، وهو ما ظهر من خلال مشهد جميل إذ
عندما كان الأب يحاول تطوير قدرة فريقه على العزف كان يرى أن لديهم
قصوراً واضحاً في الإحساس بما يعزفون، ما اضطره إلى وقف جلسة
التدريب أكثر من مرة وشعوره بأن هذه الفقرة لا تصلح للعزف، وأثناء
ذلك وبينما كان "فيكتور" يقف بعيداً يستمع إلى المعزوفة بملابس رثة
وعيون حزينة دعاه والده إلى الوقوف إلى جانبه مواجها لفريق الأداء
في الاوركسترا وبدأ الجميع يعزفون وهم ينظرون إلى الفتى بملامحه
الحزينة حتى جاء عزفهم كأنه تعبير واستشعار لما يعانيه الفتى من
قسوة الحياة
.
المشهد الآخر الذي يعبر عن المشاركة في الألم هو قيام الفتى
"فيكتور" بإزالة شعر رأسه تعاطفاً مع والدته التي فقدت شعرها بسبب
السرطان وأراد فيكتور من خلال قص شعره بيد الفتاة لونا أن يشارك
والدته شعورها بالألم، وبرغم غضب والدته إلا أنه يأبى إلا أن
يعايشها ما تشعر به من الألم ويتعرف على معاناتها عملياً
.
لكن أهم ما تميزت به أدوات الفيلم توافق البيئة مع المضمون
والرسالة التي يعكسها، فالأم وابنها يعيشان في مقطورة على شاطئ
البحر بين مجموعة من البيوت المتهالكة، في وقت تقع على بعد
كيلومترات منهما مدينة "مونبلييه"، التي تحفل بالحركة والنشاط وما
بين انتقال الصورة من المدنية إلى البيت تشعر بحجم الفقر الذي
تحياه "ناديا" وابنها وفي نفس الوقت بمدى حرصها على أن تصنع من
ابنها رجلاً للمستقبل . ولعل أصعب المواقف التي عكسها المخرج لحظات
ما بعد زيارة الطبيب التي شعرت بعدها أنها على وشك الرحيل وأخذت
تجهز بعض الأوراق والصور والملابس والملفات الطبية الخاصة بابنها
ليكون على معرفة بمكانها في المنزل إذا ما حدث طارئ وما أقسى
اللحظات حين يشعر الإنسان آنه حان وقت الرحيل
.
وتعود قوة الفيلم إلى أنه لم يفرض أي شيء على الممثلين حيث ترك
جريان الأحداث على طبيعتها حسب الشخصيات وأدوارها في الفيلم،
فالشخصيات أحرار في تحديد المسارات الخاصة، كما لو أرادت المخرجة
أليكس دولابورت السماح لهم بصياغة مسارات خاصة بهم، فهو يمنح
المشاهد فرصة كبيرة للغوص في عمق مشاعرهم المعقدة والمختلطة، ما
بين الأم التي تميل إلى الاستسلام لمرضها وتشعر بالقلق بشأن ما
سيحدث لطفلها إن هي ذهبت، في وقت لا تبدي أي رغبة في أن تغوص معه
في تفاصيل ما يجب عليه فعله بعد موتها، وما بين أب عابس يحاول
التخلص من فيكتور بإعطائه شيكاً ليصلح به منزله من دون كلمة عطف أو
حنان لولده الذي يقابله بعد ثلاثة عشر عاماً، وأخيراً الجار
الإسباني وزوجته اللذان يريدان المساعدة ولكنهما يدركان عجزهما عن
فعل أي شيء، ولعل أبرز ما دعما به "فيكتور" ووالدته منحهما الطفل
الجميل "ميغيل" الذي لا يكف عن مناكفة فيكتور ومداعبته طوال
الفيلم، وابنتهم الجميلة "لونا" التي كانت تستهوي فيكتور هي الأخرى
بمشاغباتها، وتحميله إنجاز فروضها المدرسية مقابل منحه كاميرا
التصوير الخاصة بها
.
ويظهر الفيلم الحالات المتعددة للفتى فيكتور وما يمكن أن يكون عليه
في المستقبل بناء على اختياراته فهو مراهق تلفت ابنة الجيران
اهتمامه، وتلميذ نجيب في رياضة كرة القدم إذا ما استمر، وفتى عليه
أن يجد عملاً يساعد به والدته التي تقف على حافة الإفلاس
.
وكان أكثر ما حاولت المخرجة تجسيده من خلال حياة "فكتور" التي تبدو
مفككة بما فيه الكفاية الانطلاق من ذلك التفكك الشخصي والعائلي
والاجتماعي، إلى محيط أوسع، لترى إذا ما كان بإمكان بطلها وضع نفسه
على طريق حياة جديدة ومثمرة، خصوصاً أنه ضحية الظروف لا أكثر ولا
أقل، فالفتى ابن الثالثة عشرة لم يعرف أباه جيداً، بل لم يعرفه
مطلقاً، ذلك الأب قائد الفرقة الموسيقية المشهور الذي عرف كيف
يغادر حياة الأم في الوقت المناسب غير مكترث لمرضها، ومن دون أدنى
شعور عن تحمل مسؤولياته عن ابنه
.
"ضربة
المطرقة الأخيرة" دراما فرنسية حانية مليئة بالنواحي الإنسانية من
دون خُطب أو محاولات لفت الاهتمام، حيث تترك المخرجة للصورة
والمعالجة التحدّث عما تريد قوله، مستندة إلى مديرة التصوير "كلير
ماتون" في تحريك الكاميرا بقدر من الحرية والرشاقة ملتقطة الأجواء
المفتوحة على كل الاحتمالات
.
لأول مرة في الشرق الأوسط
“ذيب” الليلة في قصر الإمارات
يعرض اليوم الفيلم الذي طال انتظاره للمخرج حائز الجوائز ناجي أبو
نوار "ذيب" والذي يحكي قصة الكفاح من أجل البقاء التي يعيشها صبي
بدوي صغير في الصحراء العربية أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث
صور الفيلم بمشاركة بدو حقيقيين ويحقق إنتاجه نوعاً جديداً من
الأفلام يدمج بين الغرب الأمريكي ورعاة البقر وقصص البدو
.
فاز هذا الفيلم الأردني بجائزة "أوريزونتي" لأفضل مخرج ضمن مهرجان
فينيسيا السينمائي لهذا العام، وسيعرض للمرة الأولى في الشرق
الأوسط اليوم بحضور المخرج وطاقم الإنتاج والتمثيل، وينافس "ذيب"
في مهرجان أبوظبي السينمائي 2014 ضمن مسابقة آفاق جديدة في قصر
الإمارات الساعة 15 .6 مساء
.
كما يعرض اليوم "تمبوكتو" للمخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو، ضمن
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ويحكي الفيلم قصة البطل كيداني
الذي يواجه حياة صعبة تحت الحكم الإرهابي للمتطرفين، وقصة الفيلم
استوحيت من واقعة جلد حتى الموت لثنائي غير متزوج في 2012 على يد
المتطرفين في مدينة مالي الشمالية
.
ومن ضمن البرامج الخاصة لمهرجان أبوظبي السينمائي 2014 برنامج
الأفلام الكلاسيكية المرممة وأحد أبرز عروضها الفيلم الفلبيني
الكلاسيكي الذي سيعرض اليوم "مانيلا في براثن الضوء" الذي أنتج عام
1975 للمخرج لينو بروكا، ويحكي قصة ملحمة رومانسية واقعية لعاشقين
محكومين بالفشل في عهد ماركوس، حيث تتحطم آمال جوليو في لقاء
حبيبته الضائعة بسبب الظروف القاهرة التي يعيشها، ويعرض أيضاً من
خلال قصته أحداث الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات ضد حكم ماركوس
لمانيللا، رمم الفيلم من قبل مشروع سينما العالم الخاص بمارتن
سكورسيزي وبدعم من مهرجان أبوظبي السينمائي، وبهذا يقدم للجمهور
فرصة لإعادة اكتشافه من خلال النسخة المرممة . ويعرض في فوكس 6
الساعة 6 مساء
.
كما يعرض اليوم أيضاً ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة فيلم
"الحكمة" (فوكس 5 الساعة 15 .6) من إخراج السينمائي المخضرم يوجين
غرين، ويقدم قصة مهندس معماري يشعر بالانهزام والخيبة أثناء عمله
على المشاريع المعمارية الحديثة العملاقة والتجارية، ولهذا يبحث عن
متنفس عبر سفره لرؤية الأبنية الرائعة التي صممها مهندسه المعماري
المفضل فرانشيسكو بوروميني في القرن السادس عشرة ليعيش رحلة اكتشاف
وشفاء رائعة
.
ويعرض اليوم أيضاً ضمن مسابقة آفاق جديدة لمهرجان أبوظبي السينمائي
2014 الفيلم الحائز جائزة كارلوفي فاري "جزيرة الذرة" للمخرج
غيورغي أوفاشفيلي والذي يقدم تجربة فريدة للجمهور لكونه صامتاً
يحكي قصة فلاح عجوز وحفيدته المطيعة اللذين يحافظان على أسلوب حياة
أجيال عديدة سبقتهما في الفلاحة على جزيرة تقع اليوم قرب حدود
جورجيا وأبخازيا، ويعرض في فوكس 6 الساعة 9 مساء
.
أما في مسابقة الأفلام الوثائقية لليوم، فسيعرض "أولاد قابيل"
للمخرج مارسيل جيرو والذي يُجري فيه مقابلات مع ثلاثة هنغاريين
سجنوا بسبب قيامهم بجرائم قتل أثناء طفولتهم، ويعتبر تجربة لفهم
الأطفال الذين يرتكبون الجرائم وأثر نظام السجن فيهم وهم بهذه
المرحلة اليافعة
.
ويمكن متابعة مجموعة من المراهقين في المدرسة الثانوية يقوم أهلهم
بمحاولة اكتشاف تفاصيل حياتهم العاطفية عبر متابعتهم على الإنترنت
وذلك في فيلم المخرج جايسن رايتمان "رجال، نساء، وأطفال" الذي
سيعرض اليوم ضمن قسم عروض السينما العالمية (قصر الإمارات) الساعة
30 .9مساء، وسيعرض ضمن القسم عينه فيلم "السلاسل الغذائية" للمخرج
والناشط سنجاي راوال وفيه يحكي عن أوضاع الفلاحين في الولايات
المتحدة الذين يتعرضون باستمرار للاضطهاد والأذى والتجريد من
الحقوق في صراع يعود بنا إلى أيام الاستعباد الذي من المفترض أنه
ذهب إلى غير رجعة، كما يوضح تواطؤ محال السوبرماكت والجشع التجاري
ويعرض في فوكس 1 الساعة 15 .7 مساء . وتتضمن البرامج الخاصة لليوم
أيضا فيلم "يوم جديد في صنعاء القديمة" ضمن برنامج السينما العربية
في المهجر (فوكس 2 الساعة 00 .7) والفيلم الفرنسي الكلاسيكي المرمم
"جول وجيم" الذي سيعرض تكريما للمخرج الفرنسي الشهير فرنسوا تروفو
. (فوكس 2 الساعة 30 .9)
.
وستجري في الصالة 3 في قصر الإمارات من الساعة 30 .2 عصراً حتى
الرابعة جلسة حوارية بعنوان "الخروج بالفيلم العربي إلى العالمية :
أساليب التمثيل المختلفة في السينما العربية" وسيشارك عدد من خبراء
الصناعة الإقليميين والعالميين لدراسة أساليب التمثيل المتبعة في
الأفلام العربية ومقارنتها بالأساليب المفضلة عالمياً، تعقد الجلسة
بمشاركة بشَار عطيات وغولوم دي سيل وخالد أبو النجا ومحمد حفظي
وتدير الحوار تيريزا كافينا (مدير البرمجة في المهرجان)
.
وفي الصالة 3 في قصر الإمارات 30 .4 عصراً - 00 .6 مساء ستقام جلسة
حوارية بعنوان "مشروع سينما العالم: الحفاظ على المستقبل" بمشاركة
كبار شخصيات من مشروع سينما العالم هم المدير التنفيذي مارغريت بود
والعضو المنتدب جينيفر آن ومدير الأرشفة سيسيليا سينشياريلي
بالإضافة لنائب رئيس المكتبة والخدمات الفنية في شركة
Twentieth Century Fox
شون بيلستون، والذين سيقومون بتعليم صانعي الأفلام كيفية حفظ
أفلامهم من أجل أجيال المستقبل
.
تعقد لجنة أبوظبي للأفلام حفل استقبال للتعرف إلى فرص الإنتاج
المتوفرة في إمارة أبوظبي والعروض التحفيزية التي تقدمها اللجنة
اليوم في تمام الساعة 30 .6 مساء في قصر الامارات وسيضم الحفل فريق
عمل لجنة أبوظبي للأفلام الذين سيكشفون عن الأسباب التي جعلت من
أبوظبي وجهةً يقصدها المنتجون من مختلف أنحاء العالم، وتستقطب
المزيد من المشاريع الإنتاجية الجديدة
. |