بشهادة نخبة من الفنانين والإعلاميين ومحبي الفن السابع
فيلم الافتتاح يبهر جمهور «أبوظبي السينمائي»
أشرف جمعة (أبوظبي)
بتقنيات فنية عالية وأداء تمثيلي على مستوى عال تدخل السينما
الإماراتية مرحلة جديدة على الصعد كافة بفيلم «من ألف إلى باء»
لمخرجه علي مصطفى الذي جمع خلطة من الممثلين العرب عبر نص أدهش
الجمهور الكثيف الذي ملأ قاعة السينما في قصر الإمارات لدى افتتاح
مهرجان أبوظبي السينمائي في نسخته الثامنة في قصر الإمارات في
العاصمة أبوظبي ليخرج الجمهور المتنوع والمكون من ممثلين عالميين
ومنتجين ومخرجين وعدد كبير من محبي السينما وهم في حالة من الرضا
التام، خصوصاً إن الفيلم استطاع أن ينتزع الضحكة من أعماق القلوب
نظراً لثراء القصة والقدرة على تجسيدها ببراعة فائقة.
الشعور بالفخر
فور خروج الممثل التلفزيوني والمسرحي خلف الأحبابي من قاعة العرض
ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة تؤكد أنه يشعر بالفخر لكون الأعمال
السينمائية الإماراتية تتصدر افتتاحية واحد من أهم المهرجانات
السينمائية في المنطقة، ويلفت إلى أن كل العوامل تكاملت لتصنع هذا
الفيلم الذي يعد خطوة مهمة للوصول بالسينما الإماراتية إلى
العالمية.
لهجات محكية
الفنانة وئام الدحماني حرصت على متابعة من ألف إلى باء كاملاً
وأعجبتها القصة الإنسانية في هذا العمل، وتقول أجمل ما في الفيلم
أن الممثلين تحدثوا بلهجاتهم المحكية الأصلية المصرية والسعودية
والسورية فضلاً عن أن القصة تحمل مضامين إنسانية لمجموعة من
الأصدقاء أرادوا إحياء ذكرى صديق فقدوه بفعل الموت فتتبعوا أثره
إلى أن وصلوا إلى قبره عبر المرور على عدة دول ويتخلل هذه الرحلة
الكثير من المواقف الطريفة والمؤلمة في الوقت نفسه.
دائرة المنافسة
من الكويت، جاءت دلال الحشاش خصيصاً لحضور حفل افتتاح مهرجان
أبوظبي السينمائي في نسخته الثامنة ومن ثم مشاهدة فيلم الافتتاح
ولا تخفي أنها تفاجأت بهذا العمل الجبار المتكامل على حد قولها،
فهي ترى أنها شاهدت فيلماً اجتمعت فيه كل عناصر النجاح وهو ما
يجعله يدخل دائرة المنافسة مع أفلام عالمية، مؤكدة أن «من ألف إلى
باء» تجربة مهمة في مسيرة السينما الإماراتية ومحطة مهمة لتغيير
خريطة الفن السابع في منطقة الخليج.
احتفاء عالمي
لم يختلف الأمر مع الممثل الإماراتي محمد الكتبي الذي يرى أن «من
ألف إلى باء» يشكل نقطة تحول في مسار السينما الإماراتية وأن هذا
الجهد لابد من أن يقابل باحتفاء عالمي خصوصاً وأن عناصر العمل كلها
كانت مكتملة وعلى الرغم من المشهد الصغير الذي ظهر فيه فنان بحجم
خالد أبو النجا إلا أنه كان مميزاً جداً ويدل على الألفة التي جمعت
فريق عمل الفيلم، ويرى الكتبي أن هناك خطوات كثيرة سيكون لها صدى
بعد هذا العمل الفني المبدع.
طرافة الممثلين
ورغم اهتمام هيا حاج مراد بالمحتوى الغربي في صناعة السينما إلا
أنها شعرت بالانبهار الشديد فور مشاهدتها لفيلم «من ألف إلى باء»
مع زميلتيها في الجامعة تالا عبد المعطي وآية الجرجاوي، لافتة إلى
أن الأحداث بتسلسلها الزمني وطرافة الممثلين في الأداء رغم درامية
القصة كان له الأثر الواضح في جذب الجمهور من أول مشهد في الفيلم
إلى آخر لقطة. وتشير هيا التي تشارك بفيلم قصير في المهرجان إلى أن
هذا الفيلم يؤسس إلى مرحلة جديدة في منطقة الخليج وأن السينما فيها
ستشهد تحولات كبيرة.
دعم كبيرمقدم البرامج في تلفزيون أبوظبي سعيد المعمري كان يفكر قبل
عرض الفيلم في مدى نجاح هذا العمل الإماراتي لكن بعد أن شاهده
واستمتع بتفاصيله شعر بأن «من ألف إلى باء» يسير على خطى السينما
العالمية، وأن الدعم غير المحدود لصناعة السينما في الإمارات أثمر
عن عمل يحمل كل مقومات التفوق والتميز والقدرة على المنافسة في
جميع المهرجانات الدولية ويتمنى المعمري أن يكون القادم أحلى
وأجمل.
يشيد بـ «أبوظبي السينمائي» بعد حضور فعالياته للمرة الأولى
وليد توفيق: «من ألف إلى باء» يحمل مواصفات عالمية
أبوظبي الاتحاد ـ تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أشاد الفنان اللبناني وليد توفيق بمهرجان «أبوظبي السينمائي» الذي
يحضره للمرة الأولى، وقال في حواره مع «الاتحاد»: سعدت كثيراً
بدعوة إدارة «أبوظبي السينمائي» لي لحضور الدورة الثامنة من
المهرجان، فعلى الرغم من أنني أسير على سجادته الحمراء للمرة
الأولى، إلا أنني شعرت بأني حضرت كل دورات هذا المهرجان،.
فكان التعامل منذ الوصول إلى المطار وحتى قصر الإمارات في غاية
الاهتمام والاحترام، إضافة إلى التنظيم العالي المستوى، سواء في
الاستضافة أو خلال حفل الافتتاح والفعاليات.
وتابع: أكثر ما لفت انتباهي في هذا المهرجان، خصوصاً وأنني حضرت
العديد من المهرجانات العربية والخليجية في السابق، هو الاهتمام
القوي بالأفلام السينمائية، فعندما قرأت الكتيب الخاص بعروض
الأفلام وجدت أن فريق عمل المهرجان قد بذل مجهوداً كبيراً جداً، في
استقطاب أبرز الأفلام العالمية والعربية والمحلية، وذلك لبرمجة
المحتوى السينمائي بشكل أقوى، الأمر الذي يحسب له بكل تأكيد.
فيلم عالمي
وعن افتتاح المهرجان للمرة الأولى بفيلم إماراتي هو «من ألف إلى
باء»، أوضح وليد أنه من الطبيعي جداً بعد التطور الثقافي والفني
الذي تعيش فيه العاصمة الإماراتية أبوظبي، أن يظهر فيلم عالمي من
إخراج إماراتي مبدع هو علي مصطفى، فـ «من ألف إلى باء» من وجهة
نظري فيلم عالمي بكل ما تحمله المعنى من كلمة، سواء في التقنيات
المستخدمة في الإخراج أو فكرة وموضوع الفيلم الشبابي المهم الذي
يناقش قضايا عدة، إضافة إلى أداء الممثلين العفوي الذي زاد من نجاح
العمل، فتحية لهم وهنيئاً «أبوظبي السينمائي» على هذا النجاح.
ابتعاد سينمائي
وعن مدى اهتمامه وحبه للسينما، قال: بداياتي كانت في السينما حيث
قدمت حوالي عشرة أفلام نالوا نجاحاً وانتشاراً كبيراً، وتعاونت
فيها مع أهم الممثلين والنجوم السينمائيين سواء المصريين أو
السوريين، لذلك فإن عشقي الأول والأخير هو السينما وأتمنى في
الفترة المقبلة أن أقدم أحد الأفلام التي تشكل عودة قوية لي في
مجال السينما. وعن أسباب اختفائه سنوات طويلة عن الشاشة الكبيرة،
أوضح وليد أن أفلام المقاولات والموضوعات التي تناولتها أغلب
الأفلام السينمائية في السنوات الماضية، هي السبب في ابتعادي عن
السينما، فأنا لا أستطع أن أشاهد نفسي في أحد الأفلام التي تبتعد
كل البعد عن الواقع الذي نعيش فيه.
وتابع: السينما التي أعرفها قدمت فيها عدداً من الأفلام الغنائية
الاستعراضية التي حققت نجاحاً من خلال القصص الاجتماعية
والرومانسية التي قدمت فيها خلال هذه الفترة، لكن حالياً أتساءل:
أين السينما وماذا يقدم فيها؟!.
دور مناسب
ولفت وليد إلي أنه كان من المفترض أن يعود للسينما منذ عامين
تقريباً، من خلال أحد الأفلام التي أعجبته فكرته كثيراً، وكان
سيكون بمثابة عودة قوية له سواء كمغن وملحن وممثل، لكن للأسف
الشديد تأجل المشروع بسبب الأزمة التي مرت بها مصر وأغلب البلدان
العربية الأخرى، مشيراً إلى أنه لا يزال يبحث عن الفيلم القوي الذي
يظهر به على الشاشة الكبيرة أمام الجمهور مجدداً، لاسيما وأنه يجب
أن يختار الدور الذي يناسب عمره ووجوده وشكله، خصوصاً أنه لا يفضل
فكرة «تصبين الممثل».
وصرح وليد بأنه يحلم بعمل فيلم غنائي استعراضي مع أحد المطربات،
لكي يعود من خلاله إلى أيام زمن الفن الجميل مثل أفلام
عبدالحليم حافظ في «أبي فوق الشجرة» وأفلام فريد الأطرش، لدرجة أنه
فكر أن ينتجه على نفقته الخاصة، لكن ومع الأسف عندما عرض الفكرة
على بعض المطربات، جاء الرد له بالاعتذار، لافتاً إلى أن سبب
اعتذارهن يرجع إلى النجاح الكبير الذي حققنه في الغناء والذي جعلهن
ينسين أهمية السينما، لكنه يقول لهن: ستختفون والسينما ستبقى.
ألبوم جديد
كشف وليد توفيق، أنه انتهى تقريباً من تسجيل أغلب أغنيات ألبومه
الغنائي الجديد الذي من المقرر أن يصدره تزامناً مع ليلة رأس
السنة، وسيكون بعنوان «وليد توفيق 2015»، ويضم 9 أغنيات متنوعة بين
اللبنانية والسورية والمصرية، من بينها: «محتاجلك جنبي» و«عشمني»
وفلكلور سوري «أسمر اللون»، إضافة إلى أغنية إهداء لشعب سوريا
بعنوان «شامي وسمر» من ألحانه وكلمات كاظم السعدي، مشيراً إلى أنه
أنتج الألبوم بنفسه، على أن يبحث عن شركة للتعاقد معه فيما بعد.
أهم عروض المهرجان
(أبوظبي - الاتحاد)
* تتواجد الليلة الحائزة جائزة الأوسكار المخرجة الدنماركية سوزان
بير في صالة فوكس، وذلك لحضور عرض فيلمها الجديد «فرصة ثانية»
والذي يحكي قصة درامية معقدة الأخلاقيات.
* بماذا تفكر الطيور الجالسة على الأشجار عنا نحن البشر؟ اكتشفوا
ذلك ضمن الدراما العبثية والكوميديا السوداء الحائزة جائزة الأسد
الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي «حمامة جلست على غصن تتأمل في
الوجود» للمخرج السويدي روي أندرسون والذي يعتبر أحد أبرز العروض
لهذا اليوم، وسيكون في صالة فوكس 1 الساعة 18:45.
* من أفلام مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي ستعرض «الوادي»
للمخرج اللبناني غسان سلهب، وذلك في فوكس 5 الساعة 18:00، بحضور
المخرج وطاقم الإنتاج والتمثيل.
* يعرض اليوم أيضاً ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الفيلم المكسيكي
«صدى الجبل»، بحضور المخرج نيكولاس إيتشيفارّيا وشخصية الفيلم
الأساسية سانتوس دو لا توري في فوكس 4 الساعة 19:00.
* ضمن برنامج عروض السينما العالمية، فسيعرض في فوكس 9 الساعة
20:45 فيلم «رجلان في المدينة» للمخرج الجزائري الفرنسي رشيد بو
شارب والذي فاز بجائزة الإنجاز المهني 2014 من المهرجان.
يدعم المواهب الشابة على المستوى العربي
«سند»..
الصندوق السحري لصناع الأفلام السينمائية
أبوظبي (الاتحاد)
في إطار دوره في إثراء الحراك السينمائي في المنطقة، ودعم صناع
المواهب السينمائية في كل أنحاء العالم العربي، أنشأ مهرجان «أبوظبي
السينمائي» صندوق تمويل «سند» الذي يعد أحد أهم مبادرات المهرجان،
حيث إنه يوفر لصانعي الأفلام في العالم العربي دعماً داخلياً
يعينهم على تطوير واستكمال أفلامهم الروائية والوثائقية الطويلة.
نقطة جذب
ويعتبر «سند» الذي تأسس عام 2010 بهدف دعم المشروعات السينمائية في
مرحلتي التطوير والإنتاج النهائية، بمثابة الصندوق السحري لصناع
الأفلام، خصوصاً الشباب الموهوبين منهم، والذين لم تسنح لهم الفرصة
لإظهار أعمالهم الفنية إلى النور، بسبب عدم توافر الدعم الفني
والإنتاجي، والفئة المستهدفة لصندوق «سند» من صناع الأفلام توجد في
أكثر من دولة، من بينها: الإمارات والأردن ومصر والبحرين وتونس
والجزائر والسودان وسوريا والصومال والعراق والسعودية وفلسطين
والكويت ولبنان واليمن وموريتانيا، الأمر الذي يصب في مصلحة «أبوظبي
السينمائي» الذي أصبح نقطة جذب للأوساط الإبداعية في المنطقة.
ويبحث «سند» عن المشروعات المميزة والجريئة للمخرجين الجدد أو
أصحاب التجارب السابقة، وذلك لتشجيع الحوار الفكري والابتكار
الفني، وفي الوقت نفسه بناء شبكة علاقات قوية مع صناع السينما في
المنطقة، وهو يوفر للمشروعات التي يتم اختيارها دعماً على امتداد
السنة، كما يؤمن لها الدعاية ويساعد على إقامة الجسور بين
السينمائيين والشركاء المحتملين والجهات التمويلية والجمهور، وتصل
ميزانيته إلى نصف مليون دولار أميركي سنوياً، ويمنح الصندوق منحاً
تمويلية بقيمة 20 ألف دولار للمشروعات في مراحل التطوير و60 ألف
دولار للمشروعات في مراحل الإنتاج النهائية.
ثلاثة مشروعات
ويوصف «سند» بأنه أحد أذرع مهرجان أبوظبي السينمائي الأساسية في
دعم الإنتاج السينمائي العربي، ويفخر المهرجان كونه الرائد في
المنطقة في استحداث أسلوب تدعيم المشروعات السينمائية العربية
والذي دفع بمبادرات أخرى في الخليج مثل «إنجاز» وهناك عدد غير قليل
من الأفلام التي حملت شعار «سند» في العديد من المهرجانات الدولية
وحازت جوائز قيِمة.
وكان بين هذه الأفلام من اشترك في مسابقات مهرجان «كان» مثل «بعد
الموقعة» ليسري نصر الله، و«بلادي الحلوة.. بلادي الحادَة» لهنر
سليم، و«على الحافة» لليلى كيلاني، واشترك في البندقية «الطيب
والشرس والسياسي» للثلاثي تامر عزَت، أيتن أمين وعمر سلامة، ولأكثر
من عام تحتل أفلام «سند» نصف قائمة الأفلام العربية المختارة
لمهرجان تورنتو.
9 أفلام
وكشف صندوق «سند» لتمويل المشروعات السينمائية في الدورة الثامنة
من المهرجان، عن قائمة المشروعات المستفيدة في المرحلة الثانية
للمِنح في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج، وشملت قائمة الفائزين 9
مشروعات لصناع السينما من الوطن العربي، حيث فازت ثلاثة مشروعات
بمنح ما بعد الإنتاج في المرحلة الثانية، وهي «كل واحد وخادمتو»
(لبنان، فرنسا، النرويج، الإمارات)، وهو من إخراج ماهر أبي سمرا
والحاصل على منحة التطوير في عام 2012، و«ملكات سورية» (لبنان،
الأردن، الإمارات) من إخراج ياسمين فضة، والفيلم الإماراتي «صوت
البحر» من إخراج نجوم الغانم. وحازت ستة مشروعات على منح التطوير
وهي، «تالة حبيبتي» من تونس، إخراج مهدي هميلي، و«يوم الدين» من
مصر، للمخرج أبوبكر شوقي، و«العلم» من فلسطين، إخراج فراس خوري،
و«شُيوعْ» إنتاج مشترك مغربي- فرنسي، من إخراج ليلى كيلاني، و«عنبر
رقم 3» من مصر، إخراج عايدة الكاشف، و«قصص حب من فلسطين» من إخراج
اللبنانية دانا أبو رحمة.
طفرة غير مسبوقة في «مسابقة أفلام الإمارات» بمشاركة 52 عرضاً
كرامة: لجنة المشاهدة احتارت أمام «شراسة» التنافس
جهاد هديب (أبوظبي)
عرضت في صالة سينما «فوكس3» (مارينا مول) في السادسة من مساء أمس
الجمعة مجموعة من الأفلام الروائية القصيرة الإماراتية والخليجية،
معلنة بذلك انطلاقة عروض «مسابقة أفلام الإمارات»، في إطار الدورة
الثامنة لمهرجان أبوظبي السينمائي، التي تتضمن أيضاً الأفلام
الروائية القصيرة ضمن ثلاثة برامج، والأفلام الروائية القصيرة
للطلبة والأفلام الوثائقية القصيرة والأفلام الوثائقية القصيرة
للطلبة.
لهذه المناسبة التقت «الاتحاد» المخرج السينمائي والمسرحي والكاتب
الإماراتي صالح كرامة مدير هذه المسابقة التي انطلقت عام 2001 بهدف
تشجيع صناعة الأفلام الإماراتية والتي اتسعت لتستقبل مشاركات من
دول مجلس التعاون الخليجي وتلك الأفلام التي تركز على ثقافة منطقة
الخليج العربي وتاريخها.
ورداً على سؤال لـ«الاتحاد» قال كرامة: «ربما لم يحدث من قبل طيلة
الدورات السبع السابقة من المهرجان أن بلغ عدد الأفلام المشاركة في
«مسابقة أفلام الإمارات» هذا الرقم. إنها ملاحظة تجدر بالانتباه».
وأضاف: «بالفعل هي كذلك. تتنافس على جوائز المسابقة لهذا العام
اثنان وخمسين فيلماً. إنها طفرة، وهذا أحد الأسباب المباشرة التي
دعتنا لفتح صالة سينمائية ثالثة للعروض، بهدف استيعاب هذا الزخم من
الأفلام. وتابع: «لقد وصل إلينا 200 فيلم، بل أكثر من هذا الرقم
بقليل. حتى أن لجنة الاختيار، المنوط بها مشاهدة الأفلام وفرزها،
قد احتارت بشأن تلك الشراسة في التنافس بينها. ثمة أفلام أزاحت
أخرى وأخرجتها من المنافسة».
وأكد كرامة: «هذه هي المرة الأولى التي يندهش فيها الجميع إلى هذا
الحدّ، وسوف تكشف هذه الدورة عن مواهب جديدة ومبشّرة، وأصحاب هذه
المواهب هم مجموعة من الشبان الذين بدأوا يتلمسون طريقهم الحقيقية
نحو السينما، فخرجوا علينا بأفلام أكثر قرباً إلى السينما الصامتة،
أي أكثر وعياً بصناعة السينما بوصفها فنا، سواء في استخدام التقنية
والأدوات وتحقيق هذه الصناعة على الأرض بشكل أجدى وأنفع للجمهور،
أم عبر طرح قضايا هي في أغلبها اجتماعية وملّحة.»
وكمدير للجائزة وكاتب ومخرج في المسرح والسينما، سئل كرامة حول
مشاغل السينما الخليجية في لحظتها الراهنة، فأجاب: «بالنسبة
للسينمائيين الخليجيين الشبان، فإن الهموم الحياتية اليومية هي
الأكثر حضوراً من سواها. أما الفتيات، وهذا ليس مفاجئاً بالنسبة لي
ولا غريباً عليّ، فاستلهمن نوعاً من القضايا «الوجودية» استنبطنها
من أسئلة مطروحة على واقعنا الاجتماعي الخليجي المتشابه في قضاياه
عموماً. يهجسن هنا في هذه الأفلام بتخطي حواجز اجتماعية ضمن سمات
معينة، قد تصبح هذه السمات هي أحد أهم ملامح السينما الخليجية في
المستقبل عندما يتم تجاوز هذه الإشكاليات الاجتماعية، الأمر الذي
يتطلب وقتاً. من قبيل ذلك النظرة الاجتماعية للمرأة العاملة
ومعاناتها على هذا الصعيد.أتمنى أن أكون أقرب إلى الصواب في صدد
هذا التشخيص».
وقال أيضاً: «أعتقد، أن أمر النضج السينمائي على المستوى الخليجي
وليس الإماراتي وحده هو أمر يحتاج إلى وقت وإلى نضج ثقافي اجتماعي
وإنساني عموماً، يسير جنباً إلى جنب مع نضج الشكل والمضمون على
صعيد صناعة السينما. لكن أعود وأقول، بأن هذه الأفلام التي تشارك
في دورة هذا العام من المهرجان هي أفلام مبشرة جداً بمواهب
سينمائية خليجية واعدة رغم وجود بعض الاشكاليات التي لا مجال
لتناولها الآن. دون أن يعني ذلك أنني لست متفائلاً، بل أنا متفائل
بسينما خليجية مقبلة بالتأكيد».
في هذا السياق ورداً على السؤال: هل يمكن القول إن وجودك مديراً
للمسابقة قد أثّر في تطوّر الجائزة، خاصة أنك ابن الوسط الفني
سينمائياً ومسرحياً فضلاً عن كونك كاتباً؟، قال صالح كرامة: «لا
أستطيع أن أزعم ذلك فهذا أمر متروك للآخرين. لكنني لست ابن هذا
الوسط فحسب بل ابن المسابقة ذاتها أيضاً، وتخرجت منها سنة 2003
تحديداً حين فزت بإحدى جوائزها. لكن الآن ومنذ خمسة أعوام أنا في
مكان عميق فيها يسمح لي بأن أكون متواصلاً معها، وشهدت بأم عيني
جميع المخرجين، أولئك الذين واصلوا الطريق مثلما أولئك الذين سقطوا
عنه، وما زلت أشاهد أفلام المهرجان كلها وأصبح لديّ الآن حصيلة من
المشاهدة والمواقف البصرية والرؤى الإخراجية وتركت أثرها فيّ
كاتباً ومخرجاً الأمر الذي جعلني أستفيد، شخصياً، من المهرجان عبر
الالتقاء بصنّاع الأفلام مثلما عبر الالتقاء بطلبة الجامعات فكسبت
احترام الجميع. وربما ارتفع عدد المشاركات بسبب هذه الثقة
المتبادلة التي صنعتها المسابقة كلها هؤلاء جميعاً الأمر الذي
جعلها قِبْلةً للمريدين من بينهم».
وأضاف: «دعني أقول أمراً هنا، هو أنني تعلمت أيضاً أنه ما منجز
يبدعه شخص ما يمكن أن يكون تافهاً بالمطلق، أن لا تستطيع، في هذا
الموقع أو خارجه أن تقلل من شأن الآخرين لأنهم يختلفون عنك، وربما
يكون هذا سبباً إضافياً ورئيسياً في امتداد الجائزة وشيوعها بين
الطلبة وصنّاع السينما من الشبّان تحديداً».
وفي ما يتصل بطبيعة عمل لجنة المشاهَدَة، وإلى أي حدّ تتدخّل إدارة
المهرجان في سَيْر عملها، أوضح صالح كرامة: «هي لجنة غير معلن عن
موعد عملها، وتتكون من خمسة أشخاص من الذين لهم علاقة صميمية
بصناعة السينما. تلتئم هذه اللجنة بعد ورود الأفلام وجمعها، وتتحدد
مهمتها في رصد هذه الأفلام فيلماً إثر آخر، أي مشاهدتها لتقرر ما
الذي يصلح من بينها، كسوية فنية وصناعة سينمائية، ليدخل في
المسابقة دون تحديد عملها بشروط مسبقة. بالتالي فإنه من وجهة نظر
هذه اللجنة فإن أفلاماً تقصي أخرى إلى خارج المسابقة وهذا أمر
بديهي».
وختم مدير مسابقة «أفلام الإمارات حديثه لـ«الاتحاد» بالقول:
«أثناء ذلك، لا تتدخل إدارة المهرجان في عمل اللجنة ولا تستطيع أن
تمارس عليها أي ضغط ولا تحاول توجيهها ولا تتدخل في النتائج التي
تخلص إليها. بعد ذلك تتقدم اللجنة بتقريرها لإدارة المهرجان
متضمناً لائحة بعناوين الأفلام، ويقتصر دور الإدارة هنا على تبّني
اللائحة كما هي دون إضافة أو حذف. وبالمناسبة فإن طبيعة تعامل
إدارة المهرجان سواء مع لجنة المُشاهدة أو لجنة التحكيم، وغالباً
ما تتكون اللجنتان من خمسة أعضاء، هي أيضاً أحد الأسباب الرئيسية
التي أكسبت المسابقة هذه السمعة الطيبة في أوساط السينمائيين
الإماراتيين والخليجيين معاً».
ترحيب نقدي بـ«من ألف إلى باء» باكورة «أبوظبي السينمائي»
علي مصطفى يأخذ أبطاله في رحلة على طريق غير مكتمل
إبراهيم الملا (أبوظبي)
لا يمكن الحكم على فيلم مثل «من ألف إلى باء»، أو «من أبوظبي إلى
بيروت» لمخرجه الإماراتي الشاب علي مصطفى، من خلال التفسير العاطفي
فقط، أو من خلال الحماس الكبير لعرض أول فيلم محلي طويل في افتتاح
مهرجان دولي طموح مثل مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الثامنة
الذي بدأ يثبت أقدامه بقوة وسط خريطة المهرجانات العربية الكبرى.
جاء اختيار فيلم «من ألف إلى باء» الذي تم إنتاجه بالتعاون بين (إيميج
نيشن أبوظبي) و(twofour54)
ليعزز رهان المهرجان على العنصر الإماراتي تحديداً، والعربي
عموماً.
من هنا أيضاً فإن الاحتفاء الملحوظ في فقرات افتتاح أبوظبي
السينمائي بهذا الفيلم الروائي الثاني لعلي مصطفى، بعد فيلمه الأول
«دار الحي» قبل خمس سنوات، هو احتفاء آخر بالنضج والحس الاحترافي
ومنافسة التجارب السينمائية العريقة من حولنا، فهذه المفردات
الإبداعية التي يختزنها السينمائي الإماراتي تحتاج لمن يحفزها
ويدعمها إنتاجياً.
يعود بنا فيلم «من أبوظبي إلى بيروت» زمنياً إلى شهر ديسمبر من عام
2011، وتتأسس مشاهده الأولى على الهواجس المتآلفة والمتضادة لثلاثة
شبان عرب (رامي من مصر) ـ الممثل شادي ألفونس ـ و(يوسف من
السعودية) ـ الممثل فهد البتيري ـ و(عمر من سوريا) ـ الممثل فادي
الرفاعي ـ والذين يعيشون ويعملون في أبوظبي، وتجمعهم ذكريات مشتركة
تعود إلى أيام الدراسة، ورغم تباعدهم وانشغالهم بوظائفهم وظروفهم
الأسرية المتباينة، إلا أن ذكرى رحيل صديقهم الرابع هادي الذي ذهب
ضحية للعدوان الإسرائيلي على بيروت في عام 2006، سوف تعيدهم مجدداً
إلى دائرة متوهجة ومؤلمة في ذات الوقت، وذلك من أجل تحقيق حلم قديم
لم يكتمل لصديقهم الراحل وهو القيام برحلة برية مشتركة من أبوظبي
إلى بيروت للاحتفال بليلة رأس السنة، ومن خلال شعار أطلقه صديقهم
الغائب يقول فيه: «الوجهة ليست مهمة، ولكن الوقت الذي نقضيه معاً
في الطريق هو المهم».
ومن خلال تحضير الأصدقاء الثلاثة لهذه الرحلة الطويلة من أجل
الوصول إلى بيروت في ليلة رأس السنة، يكشف لنا الفيلم مبكراً عن
بعض الجوانب الشخصية والحياتية الصعبة والمتأزمة لكل منهم، والتي
كان من الأفضل سردها والكشف عنها أثناء الرحلة، حتى يأخذ مسمّى
(فيلم الطريق) ما يستحقه من قيمة بصرية ومعرفية ترصد تحولات الشخوص
على مستوى الانطباعات الذاتية، وتطور العلاقات النفسية سلباً
وإيجاباً وسط هذه التحولات، وحتى يتخلص الفيلم كذلك من زخم المشاهد
والمواقف الكوميدية الكثيرة والفائضة أحياناً عن حدود القصة ذاتها.
رأينا الشاب المصري رامي الذي يحب تربية الحيوانات ويعشق وسائل
التواصل الاجتماعي، وهو يعيش علاقة متأزمة مع والدته (الفنانة مها
أبو عوف)، الحريصة عليه بشكل مبالغ ومرَضي، أما يوسف فهو يهوى
الموسيقا ويحلم أن يكون محترفاً في هذا المجال، ويعاني في ذات
الوقت من فصام على مستوى الهوية فوالدته المطلقة أيرلندية الأصل،
أما والده الثري ـ الفنان السعودي عبدالمحسن النمر ـ فيعيش في
الرياض، وعلاقته مع ابنه البعيد قائمة على التناقضات، فيوسف يريد
أن يكون حراً ومعتمداً على نفسه، وفي نفس الوقت لا يريد للمصاريف
الشهرية التي يرسلها والده أن تنقطع.
أما الشخصية الأكثر حزناً وخيبة فهو الشاب السوري عمر وخصوصاً فيما
يتعلق بالمسافة العاطفية المتوترة مع زوجته الموشكة على الإنجاب
والتي عاشت علاقة حب عابرة مع صديقه الراحل هادي أثناء الدراسة.
ويأتي قرار الأصدقاء الثلاثة بالسفر إلى بيروت، كي تزداد حدة هذه
المشاكل المستعصية وسط شبكة معقدة من أحاسيس الخوف والهجران والقلق
الوجودي.
ينظر الثلاثة للمغامرة التي تجمعهم وكأنها رحلة تطهرية من مشاعر
الذنب ومن قبضة العلاقات الأسرية والحرص الزائد، وكأنها أيضاً سفر
نحو الخلاص من عبودية الواقع نفسه، وبكل تناقضاته وعبثيته وجنونه،
وكان صديقهم المفتقد (هادي) هو بمثابة البوصلة التي تحدد لهم مسار
هذا الخلاص، فرغم العواقب الكثيرة التي تصادفهم في الطريق مثل
إيداعهم السجن بسبب سوء فهم وتقدير من رجال الأمن في السعودية،
واصطدامهم بجمل في صحراء السعودية أيضاً، وتعرضهم للاختطاف في درعا
بسوريا، مع بداية ظهور الجماعات المسلحة، إلا أنهم يصلون في
النهاية إلى بيروت ويزورون قبر صديقهم الراحل هادي، والذي يكشفون
له عن مشاعرهم الدفينة واعترافاتهم المؤجلة منذ خمس سنوات كاملة،
وفي النهاية نرى آثار هذه التجربة الروحية والانعطافة الداخلية
والتي تأخذ الجميع إلى منطقة التوازن والتصالح مع النفس، بعد كل
ذلك الركام الهائل من الغبش العاطفي والتوتر الذهني وجحيم العلاقات
الملتبسة، والتي كان ينقصها البوح والجرأة والصراحة مع الذات
والآخر.
تميز فيلم «من ألف إلى باء» بتماسكه على مستوى الإيقاع السردي
وتدرج الحبكة والصراع وصولا نحو الذروة أو الخاتمة، واحتشد الفيلم
بالكثير من اللقطات الجمالية للأمكنة المفتوحة.
وعاب الفيلم بعض المواقف المقحمة بغرض زيادة جرعة الكوميديا
والمفارقات الساخرة، وجاءت مشاهد العلاقة العابرة بين يوسف والفتاة
الإسرائيلية في مدينة البتراء السياحية في الأردن، مشوبة بالكثير
من التناقضات وردات الفعل غير المبررة، وكانت هناك مبالغة أيضاً في
بعض حيل الجرافيك التي لجأ إليها المخرج وخصوصاً عند نقل محادثات
رامي مع صديقته الافتراضية في بيروت، وعرض تفاصيل المحادثة على
الشاشة، فجاء تكرار هذا التوليف البصري مملًا أحياناً، ولكن
الاشتغال الواضح من المخرج والطاقم الأدائي والتقني على التفاصيل
الفنية الدقيقة كان واضحاً وطاغياً على هذه الهنّات والعيوب،
واستطاع الفيلم في النهاية إثبات قدرة المواهب السينمائية المحلية
على تقديم طاقات سينمائية واعدة ومبشرة ومبهجة، ستفرض حضورها بقوة
وثقة خلال السنوات القليلة القادمة.
في إطار البرنامج الخاص
«أبوظبي
السينمائي» يحتفي بـ«سينما العالم» على طريقة مارتن
سكورسيزي
أبوظبي (الاتحاد)
لا يقتصر حضور المخرج الأميركي ذائع الصيت مارتن سكورسيزي على
قائمة الأفلام التي تتضمنها تجربته الفنية. أيضاً، لا تتوقف
«الرؤية» لديه عند حدود الإخراج السينمائي فحسب، بل إن هذا الرجل
يجعل من متتبع أنشطته المختلفة يقتنع تماماً بأنه مثقف يمارس دوراً
في السينما العالمية والمجتمع الذي يعيش فيه باعتبار أن هذا النوع
من السلوك نابع من إحساسه الشخصي بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الفن
والمجتمع، بصرف النظر إنْ المرء يتفق مع هذا السلوك إلى هذا الحدّ
أم ذاك.
مؤخراً، أخرج وأنتج سكورسيزي مع صديقه ديفيد تديسشي، فيلماً
وثائقياً حمل العنوان: «خمسون عاماً من الجدل»، عن الدورية
الأسبوعية واسعة الانتشار في الأوساط الثقافية والأميركية:
«نيويورك ريفيو أوف بوكس» الخاصة بمراجعات الكتب والإصدارات
الحديثة وتأثير هذه الدورية التي رافقت الكثير من التقلبات الفكرية
والفلسفية والجمالية خاصة في فترة الحرب الباردة، حيث من المقرر
عرض هذا الفيلم قريباً في مهرجان نيويورك للأفلام الوثائقية بعد أن
عُرض في العديد من المهرجانات السينمائية منذ أن انتهى العمل فيه
أواخر الشتاء الماضي.
غير أن ما يجدر بالانتباه هنا، في سياق مهرجان أبوظبي السينمائي
الدولي، هو هذا الاتفاق الذي أنجزته إدارة المهرجان مع مؤسسة
سينمائية أميركية غير ربحية تحمل الاسم: «مؤسسة السينما»، التي
تعنى باستعادة تاريخ الفن السينمائي من غياهب النسيان وإعادة عرضه
للجمهور ثانية، أو - إذا جاز الاختزال- الحفاظ على الشريط
السينمائي كما هو في اللحظة ذاتها التي عُرض فيها لأول مرة.
قام مارتن سكورسيزي، الممثل وكاتب السيناريو والمؤرخ السينمائي
المشغول بمستقبل الفيلم ومصيره ومآلاته - لمَن لا يعلم - بإنشاء
هذه المؤسسة مطالع التسعينيات من القرن الماضي. تمكّنت المؤسسة من
خلال تعاونها مع مؤسسات أخرى رائدة في مجال الأرشيف كما مع متاحف
واستديوهات من إنقاذ أكثر من 620 فيلماً وعرض نسخها المرمّمة حول
العالم. أطلقت «مؤسسة السينما» مشروع «سينما العالم» بهدف حفظ
وترميم الأفلام المهملة من مختلف أنحاء العالم وبالأخص تلك الآتية
من بلدان تفتقر إلى البنى التحتية المالية والتقنية لحفظ تاريخها
السينمائي الأصلي.
وبموجب هذا الاتفاق التعاوني مع الإدارة، يشهد المهرجان عرضاً
واحداً من روائع السينما العالمية: الفيلم «لون الرمّان» للمخرج
سيرغي باراجانوف الذي عرض مساء أمس الجمعة في سينما فوكس1 في
المارينا مول، و»مانيلا في براثن الضّوء» للمخرج لينو بروكا الذي
يعرض في السادسة مساء غد في سينما فوكس6 في المكان نفسه، وذلك ضمن
سلسلة برامج خاصة يجري من خلالها عرض العديد من الكلاسيكيات
السينمائية العالمية. وقد تم ترميم هذين الفيلمين باستخدام تقنية 4K
عالية الجودة، بواسطة مكتبة الأفلام في مدينة بولونيا:
L’ImmagineRitrovata،
وبالتعاون مع مشروع سينما العالم لـ«مؤسسة السينما».
وينظم مشروع «سينما العالم» خلال المهرجان ورشة عمل وجلسة دراسية
في إطار «حوارات في السينما» في الثانية والنصف من ظهر الغد في قصر
الإمارات تحمل العنوان: «الحفاظ على المستقبل» تهدف إلى نشر
التوعية حول قضية حفظ الأفلام وتثقيف المخرجين حول أهمية حفظ
أفلامهم الخاصة. وسيساهم مهرجان أبوظبي السينمائي في تشجيع عرض
الأفلام التي عمل مشروع «سينما العالم» على حفظها وترميمها في
مهرجانات أخرى هامة على مستوى الوطن العربي والعالم أجمع.
وفي إطار مشروع «سكورسيزي» يعرض المهرجان العديد من الأفلام التي
تمّ ترميمها: «من أجل حفنة من الدولارات» للمخرج سيرجيو ليوني ومن
بطولة كلينت إيستوود، و»ماري بوبنز»، من بطولة جولي أندروس، وفيلم
الروك آند رول الموسيقي «ليلة نهار عسير» للمخرج ريتشارد ليستر،
الذي تمثل فيه فرقة البيتلز الشهيرة، وتعرض هذه الأفلام الثلاثة
على التوالي في سينما قصر الإمارات في الأول من نوفمبر في الثانية
والنصف ظهراً والسابعة والنصف مساء والتاسعة والنصف ليلًا، و»ثائر
من دون قضية» للمخرج نيكولاس راي، وعرض أيضاً مساء أمس، وفيلم
«حياة وموت الكولونيل بليمب» للمخرجين مايكل باول وإميريك
بريسبورغر الذي يعرض في الخامسة من مساء اليوم في سينما فوكس9
ويعاد عرضه غداً في الخامسة والنصف في سينما فوكس2.
«العودة إلى حمص» يعرض عربياً للمرة الأولى في المهرجان
المخرج طلال ديركي: هرّبنا مشاهد الفيلم عبر الحمام الزاجل
عبير زيتون (أبوظبي)
اختار المخرج السينمائي السوري طلال ديركي صاحب الفيلم الوثائقي
«العودة إلى حمص» مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الثامنة لإطلاق
فيلمه عربياً ضمن فئة مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بعد أن نجح
مع فريق العمل على تحقيق شروط المشاركة رغم الفترة الزمنية الفاصلة
بين عرضه الأول عالمياً وبين عرضه عربياً.
وعبر ديركي في تصريح لـ«الاتحاد» عن سعادته للمشاركة الأولى في
مهرجان أبوظبي السينمائي الذي يرى فيه حلم كل مخرج سينمائي يبحث عن
منصة سينمائية تتميز بصفات عالمية من حيث التنظيم، وقوة وطبيعة
الأفلام المشاركة، مع نوعية الجوائز المحفزة للمخرجين والمنتجين
لدعم مشاريعهم السينمائية والحياتية في ملتقى لكبار العاملين في
هذه الصناعة في عالمنا العربي.
وقال صاحب الفيلم الوثائقي «العودة إلى حمص» الذي نال أكثر من
اثنتين وعشرين جائزة عالمية: أنا فخور أن أكون سفيراً لبلدي عبر
هذا الفيلم الذي يحمل واقعاً دامياً كان لفريق العمل الإمكانية على
نقله في سياق سرد ملحمي تاريخي، آمل أن يضفي ماهو جديد على صناعة
الفيلم التسجيلي العربي، وأن يكسب قلوب الجمهور الراغب بحضور هذا
الفيلم الذي هو قصة ثورة شعب بعيون أبنائها بكل لحظاتها مع الموت
والقتل والاعتقال، هو قصة واقعية محكومة بالكثير من الألم والعنف.
وأوضح ديركي أن الفيلم هو تسجيل للحظات نادرة حية لحياة وموت لأناس
كنا بجوارهم ومعهم، لحياة شعب يتيم خُذل من أقرب الناس إليه، وبقي
وجهاً لوجه أمام أعتى آلة عسكرية لا ترحم حجراً ولا بشراً، قصة
شجاعة وكفاح شعبي في أول سنتين من عمر الثورة السورية، من خلال رصد
وتتبع حياة شابين من أبنائها تحت خطر الموت والاعتقال وهما (عبد
الباسط الساروت)، ابن حي البياضة حارس المرمى السابق لكرة القدم في
المنتخب السوري للشباب بكرة القدم الذي أصبح في العام الأول من
الثورة رمزاً لسلميتها قائداً شجاعاً للمظاهرات ومغنياً لهج
السوريون جميعاً بأغانيه في تظاهراتهم، حتى لحظة فقدانه للأمل من
النضال السلمي واختياره لحمل السلاح دفاعاً عن المدينة ومدنيتها،
في مواجهة ديكتاتورية القتل والموت المجاني في سورية بعيداً عن
التطرف ومملوءاً بحلم الوصول إلى دولة سورية جديدة متنوعة ومدنية
وحرة، والعودة الى مدينته حمص الذي هو حلم كل السوريين العودة الى
ديارهم.
والشاب الآخر (أسامة) ابن حي الخالدية الحمصي، طالب جامعي أصبح من
أبرز الناشطين الإعلاميين الذين يوثقون يوميات الأحداث المؤلمة
لمدينته حمص.
وعن الدوافع التي تشكلت لتصوير فيلم مدته 90 دقيقة تحت خطر القتل
والموت والاعتقال قال ديريكي: الفكرة أتت رغبة في تجسيد الثورة
السورية بشجاعة أبنائها وإصرارهم على الحياة من خلال متابعة شخصيات
من لحم ودم وعواطف وأحلام، وبعد بحث استمر لشهور تعرفت من خلالها
على أبطال فريق الفيلم من خلال شخصية الناشط أسامة، ومنه تعرفت على
الثائر ساروت مع جرأة وشجاعة نادرة من المصور الأول للفيلم قحطان
حسون الأب لأربعة أطفال الذي تحدى الموت ورافق البطل (ساروت) في كل
لحظاته من تحد مجنون للموت وتابعه خطوة خطوة في درب الحصار والموت
والثورة، فكانت مشاهد ناردة أضافت للعمل رونقاً خاصاً حقيقياً من
قلب وروح.
وعن الصعوبات التي واجهها مع فرق العمل الصغير في تتبع ورصد ونقل
حقائق من قلب الداخل السوري، وخاصة من مدينة حمص بأحيائها المحاصرة
بالموت من كل الجهات، أوضح ديركي أن العمل طوال فترة التصوير كان
مهدداً بالتوقف أو أن يكون شيئاً آخر، لكن الفكرة الأولى للفيلم لا
تشبه البتة النسخة النهائية من الشريط، فحياة الشخوص بالدرجة
الأولى كانت مهددة بالاعتقال أو الموت، حياة طاقم الفيلم مني ومن
المصور الشجاع (قحطان) الذي صور أخطر لقطات الفيلم على خط النار،
والذي اضطر أحياناً لاستعمال الحمام الزاجل لتهريب (الفلاش ميموري)
التي عليها الصور لخارج حدود سورية مع صعوبة وخطورة التصوير
بالجودة المطلوبة وتخزين المواد على (هاردات) أمر كان ينطوي على
صعوبة ومخاطرة شديدة لكثرة حواجز النظام وما قد يترتب عليه من
اعتقال للأشخاص في حال تم كشفهم، واعتقال المنتج عروة على خلفية
الفيلم، واختفاء بطل الفيلم لمدة 13 يوماً بعد حصار البياضة وغيرها
من الأحداث جعلت القلق والخوف دائماً يرافقني الى أن نجحنا بإصرار
الفريق وشجاعتهم على إخراج هذا الفيلم الى الحياة.
ماذا يقول السينمائيون الإماراتيون عن المصاعب التي تواجه تجاربهم
الأولى؟
التمويل والنصوص والتخصصات نواقص تبقي الأبواب مقفلة
رضاب نهار (أبوظبي)
تنفرد السينما الإماراتية، ومعها الخليجية، بمسابقة خاصة في مهرجان
أبوظبي السينمائي، هي مسابقة أفلام الإمارات، التي تسجل هذا العام
حضوراً لافتاً من حيث الكم والنوع.
ويجذب الانتباه في الحديث عن السينما الإماراتية، أن معظم صنّاعها
هم من الشباب الذين اختاروا دراستها أكاديمياً للوصول بها إلى
مستويات ونتائج متقدمة تعتمد على الخبرة والثقافة، إلى جانب كونها
هواية تجسّد إبداعاتهم. إلا أنهم يواجهون مشكلاتٍ عديدة تقف عائقاً
في سبيل تحقيق وترجمة أحلامهم إلى أفلام على أرض الواقع ليشاهدها
الجمهور داخل الإمارات وخارجها. وتراها تتلخص في مجموعة من النقاط،
أهمها: التمويل والدعم المادي، أزمة النص والسيناريو، عدم الخروج
من قوقعة المهرجانات، وندرة التخصصات.
في هذا الاستطلاع يتحدث سينمائيون إماراتيون، عما يواجهونه من
مصاعب وعن الأحلام والطموحات:
مرحلة ولادة
يشير الممثل والمخرج السينمائي عبدالله الحميري، إلى أن السينما
الإماراتية في مرحلة ولادة حالياً، فهي حديثة النشأة وقد تشبعت
بأفلام المهرجانات. ما يعني أنها بحاجة ضرورية إلى التخصص والدراسة
الأكاديمية بالإضافة إلى ضرورة الممارسة والاطلاع. ويقول:
«المتخصصون السينمائيون هنا نادرو الوجود». وبالمقابل إن أي فيلم
يحتاج إلى درجة عالية من الفكر والمنهجية التي تقضي بوجود متخصصين
في الإضاءة، في الديكور، في الصوت في المكياج وطبعاً في التمثيل.
أما نحن فأدواتنا بسيطة نوعاً ما، حيث إن معظم السينمائيين يمارسون
السينما كهواية ولا يقتربون منها باعتبارها دراسة شائكة ولها
قواعدها الأساسية، بالإضافة إلى الإبداع والفن فيها. كذلك يجب
تغيير الفكر السينمائي السائد في السينما الإماراتية. مثل اعتماد
تصورات وحبكات وسيناريوهات من واقع المجتمع لنصنع أفلاماً للجمهور
تختلف عن تلك المخصصة لتكون أفلام مهرجانات ليس إلا. وهنا نجد
أنفسنا مضطرين للبحث والاستطلاع وتكوين رؤية فنية تمزج بين الإبداع
والمعالجة الدرامية وبين معطيات البيئة التي نعيشها اليوم».
ويؤكد أن الإمارات ستصنع سينما عظيمة مستقبلاً، بناءً على جهود
أبنائها من الأكاديميين والمبدعين والمطلعين. فسابقاً كان الإنجاز
الكبير يتجسد في نزول فيلم إماراتي واحد كل 5 أو 6 سنوات، أما الآن
ففي العام الواحد يصدر أكثر من فيلم.
أين هم؟
ويسرد الكاتب والسيناريست محمد حسن أحمد، كيف بدأت السينما
الإماراتية في السنوات الماضية، كسينما مستقلة مزدهرة حققت نجاحات
كثيرة. فقد بدأوها الشباب ولا زالوا مستمرين حتى اللحظة. مبيناً أن
ازدهار الفيلم القصير في دولة الإمارات، ساعد على وجود عناصر
سينمائية تكمل المشهد عموماً، من كتاب ومخرجين وغيرهم. إلا أن
القيمة الفنية وتحديداً للفيلم القصير، كانت في الماضي أكبر وقد
نتجت عن عمق في التجربة وتعب على الموضوع والتقنية باحتراف. أما
اليوم فالأمر اختلف، مع زيادة هائلة في عدد الإنتاجات. بينما يعيش
الفيلم الروائي الطويل، مرحلة تطور حقيقية لا يستهان بها، خاصةً
هذه السنة 2014، الشيء الذي يؤكد الدخول في مرحلة جيدة وقوية.
لكنه يتوقف قائلاً: «أود الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية، فكثير
من السينمائيين الشباب في الساحة الفنية الإماراتية، هم ممن درسوا
في كلية التقنيات. إلا أنه وللأسف حوالي 98 % من الطلبة يختفون بعد
الدراسة، ويبقى منهم مستمر في صناعة السينما فقط 2 %. وهؤلاء من
شكلوا مسيرة الفيلم الروائي الطويل خلال 14 عاماً.
إشكاليات التمويل
أما الإعلامي والسينمائي رافد الحارثي، مخرج فيلم «إطعام خمسمائة»
الذي شارك في الدورة الماضية 2013 من مهرجان أبوظبي السينمائي،
فيجد أن المشكلة في السينما الإماراتية هو النص الذي لم يرتقِ إلى
السينما العالمية حتى الآن. قائلاً: «نحن متأخرون سينمائياً حوالي
10 إلى 15 عاماً. وإذا أردنا أن نكون أكثر تفصيلاً أقول إن
الإشكاليات تتجسد في التمويل، وعدم وجود كتاب سيناريو محترفين إلا
قلة قليلة منهم، يبنون قصصهم بالاعتماد على دراسة دقيقة وتحليلية
للظروف الراهنة بعلاقتها مع المعطيات الأخرى في الماضي والحاضر
والمستقبل. وأيضاً لا توجد ثقة بالشباب الإماراتي لنفتح أمامه
المجال للتجريب والابتكار».
ويرى أن الحلول تأتي عن طريق إيجاد أكاديميات متخصصة تدرّس إعداد
وكتابة النص لمن يملكون الموهبة وعندهم قدرات أولية في هذا الشأن.
ولو أن المنتجين يمنحون الشباب الإماراتي الثقة قليلاً، فإن
النتائج ستكون حتماً مبهرة.
خطوات جريئة
ويعلّق المخرج ناصر التميمي، المشارك بفيلمه «صرخة أنثى» في الدورة
الحالية من مهرجان أبوظبي السينمائي، على إشكاليات السينما
الإماراتية، موضحاً أن دولة الإمارات تخطو خطوات ممتازة وجريئة نحو
صناعة السينما، والتي لم تكن فعالة بصورة واضحة فيما مضى، لكنها
اليوم تركت بصمتها المتميزة من خلال المهرجانات.
وحسب التميمي فإنه لا يمكن نكران وجود بعض المعوقات التي تؤخر تطور
الحركة السينمائية في الإمارات، وأهمها أزمة النص حتى على صعيد
العمل التلفزيوني. ويشرح: «نحن هنا لا نشكك بوجود الموهوبين من
كتاب السيناريو، بل نقول إنهم لا يأخذون فرصتهم وربما نحن لا
نعرفهم أصلاً. فالمشكلة تكمن في عدم الثقة، وقليلون جداً هم الذين
يثقون بقدرة الشباب على العمل والإبداع. وهنا ندخل في مشكلة
التمويل، حيث إن الجهات الداعمة وبغض النظر عن طبيعتها، يهمها
المردود المادي بعد عرض الفيلم، كما أن بعض الجهات الداعمة الأخرى
شروطها صعبة للغاية بالنسبة لشباب يرغب بتقديم تجاربه الأولى، حتى
وإن كانت هذه التجارب ذات احترافية كبيرة. وربما يكمن الحل في
صناعة سينما تجارية مبدئياً تنشط الحركة بشكل عام، لتستطيع تحصيل
الدعم اللازم كون عائداتها بعد العرض مضمونة، ومنها ننتقل إلى
سينما أكثر عمقاً ونخبويةً».
تجربة خاصة
مخرجة الأفلام الوثائقية عائشة عبدالله المشاركة بفيلمها «الجانب
الأعمى» في أبوظبي السينمائي 2014، تنطلق في تقييمها للوضع
السينمائي الإماراتي العام بدءاً من تجربتها الخاصة، إذ تقول:
«تواجدت كمخرجة سينمائية إماراتية في 4 مهرجانات تقريباً حتى
اليوم، وهو عمر فني قصير نسبياً استطعت من خلاله أن أتعرف على وضع
ومصير السينما في الإمارات، عن قرب. وقد وجدته وعلى الرغم من أنه
يعاني بعض العوائق والمشكلات التي تقف في طريقه، إلا أنه جيد نوعاً
ما، يمشي نحو الأمام لمزيد من التواجد والتطور والشمولية أيضاً.
ويتصدر الدعم المادي قائمة مشكلاتنا كسينمائيين شباب.
أيضاً تقول: «كذلك نضيء على الضعف في كتابة السيناريوهات. وبين
قوسين أشير إلى أن الأفلام الوثائقية التي أقوم بها لا تعتمد على
ما يسمى بالسيناريو إنما كل اعتمادها على معالجة النص كعملية تأتي
بعد التصوير، مستفيدةً من خبرات الكثيرين. أما سيناريوهات الأفلام
الروائية فثمة إشكالية موجودة، غير أنها تفسر بطريقة غير منصفة». |