كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

أبوظبي السينمائي

يجمع نجوم العالم في دورته الثامنة

العرب/ أمير العمري

مهرجان أبوظبي السينمائي السابع

   
 
 
 
 

'من ألف إلى باء' يجمع ثلة من الممثلين العرب في افتتاح المهرجان، وهو فيلم إماراتي بأفق عربي يعكس التنوع الثقافي للبلد.

أبوظبي - انطلقت الدورة الثامنة لمهرجان أبوظبي السينمائي في أجواء احتفالية وحضور عدد كبير من النجوم ومن أهل السينما، مساء أول أمس الخميس 23 أكتوبر الجاري داخل قاعة قصر الإمارات الكبرى.

ومضت عدسات المصورين لامعة وتسابق الصحفيون لمقابلة نجوم وسينمائيين على السجادة الحمراء، من أمثال المنتج الأميركي إدوارد بريسمان والفرنسي-الجزائري رشيد بوشارب، اللذين يكرّمهما المهرجان بجائزة اللؤلؤة السوداء للمنجز الإبداعي.

للمرة الأولى في تاريخ مهرجان أبوظبي السينمائي تفتتح الدورة الثامنة من هذا المهرجان الذي يطمح إلى القيام بدور فاعل في الثقافة السينمائية العربية، بفيلم من إنتاج الإمارات ومن إخراج مخرج إماراتي هو علي مصطفى، ويحمل عنوان “من ألف إلى باء” في إشارة تحمل معنى “من أبوظبي إلى بيروت “.

حضر حفل افتتاح الدورة التي تستمر من 23 أكتوبر الجاري إلى 1 نوفمبر القادم، عدد كبير من النجوم وأعضاء لجان التحكيم من السينمائيين العرب والأجانب.

وتم تقديم جائزة اللؤلؤة السوداء (الشرفية) -أرفع جوائز المهرجان- إلى المخرج الفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب، وإلى المنتج السينمائي الأميركي الكبير إدوارد برسمان. وحضر أيضا مخرج وأبطال فيلم الافتتاح الذي حظي بتغطية إعلامية مكثفة.

رحلة ثلاثية

يستند الفيلم إلى سيناريو كتبه المصري محمد حفظي، ويشارك في بطولته عدد من الممثلين المبتدئين من كل من مصر والسعودية وفلسطين وسوريا. ويظهر في الفيلم في دور صغير الممثل المصري خالد أبو النجا والممثلة مها أبو عوف.

وينتمي الفيلم إلى نوعية أفلام الطريق التي تدور حول رحلة يقطعها ثلاثة من الشبان يرتبطون منذ الطفولة بعلاقة صداقة متينة تنقطع لسنوات، بعد مصرع صديقهم الــرابع “هــادي” في انفجارات لبنان عام 2006.

وكان يفترض أن يكونوا جميعا معه في لبنان -هل لمواجهة الحرب التي شنتها إسرائيل على حزب الله ولبنان في تلك السنة -، الفيلم لا يوضح هذا الجانب، بل يمر عليه سريعا.

ويستغرق السيناريو في محاولته نسج وشائج كوميديا هزلية تعتمد على تجسيد عدد من المواقف الحرجة التي يواجهها أبطال الفيلم الثلاثة.

وقد تتولد عن هذه المواقف كوميديا تخلط بين الإيحاءات الجنسية المباشرة، والتعليقات اللفظية التي ربما تقصد تقديم صورة نقدية لاهتمامات الشباب العربي في الوقت الحالي، وإن كانت تفتقد للأسف، إلى تلك السخرية الساتيرية التي تعكس نظرة فلسفية للعالم، في حين تبرز الأرضية السياسية للفيلم.

يجعل السيناريو أبطاله الثلاثة -يوسف ورامي وجاي- ينتقلون طول الوقت بين اللغتين العربية والأنكليزية دون مبرر واضح، صحيح أن أحد الثلاثة ويدعى “جاي” وهو نصف سعودي نصف أيرلندي (يقوم بالدور الممثل السعودي فهد البتيري).

يقال لنا إن أمه أيرلندية رغم ملامحه السعودية الواضحة، وبالتالي يمكن أن يكون مبررا أن ينتقل للأنكليزية أحيانا، في حين أن الاثنين الآخرين يلوكان الكلمات الأنكليزية فقط في محاولة لكي يبدو الفيلم، وكأنه يعبر عن حيرة الشباب واغترابه.

هكذا يبدو خصوصا وأن أحدهم وهو الشاب المصري “رامي”، يعيش في عالم الميديا الجديدة، أي شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر، فلا يكف عن التقاط الصور، ويقول إن لديه مدونة، وإن كنا لا نعرف ماذا ينشر فيها بالضبط باستثناء ما يلتقطه من صور .

ينفق السيناريو زمنا طويلا في تأسيس علاقته بوالدته (تقوم بالدور مها أبو عوف) التي تبدو كأم مهيمنة ترتبط بولدها ارتباطا أقرب إلى المرض، ويحاول هو بشتى الطرق الإفلات من هيمنتها، فيكذب كثيرا عليها، ويقنعها بأنه يجب أن يسافر إلى البحرين لإجراء اختبار للحصول على وظيفة ما.

لكنه في الحقيقة يلتحق بصديقيه القديمين ويتجه ثلاثتهم إلى بيروت عبر السعودية والأردن وسوريا. وفي الوقت نفسه يتطلع رامي إلى مقابلة صديقة يتودد إليها عبر الفيسبوك، هي “جوانا” الموجودة في بيروت.

أما يوسف السوري، فوالده سفير مازال يمثل النظام القائم في سوريا زمن الثورة المشتعلة، بينما يبدو موقف يوسف الشخصي رافضا لموقف والده، وهو متزوج من مصرية تدعى أروى (يسرا اللوزي)، والاثنان على خلافات معا، وأروى حامل وتقيم حاليا في القاهرة وسط أسرتها وترفض العودة بعد الولادة.

شارك في بطولة الفيلم عدد من الممثلين المبتدئين من كل من مصر والسعودية وفلسطين وسوريا

الشاب الثالث وهو السعودي “جاي”، يبدو هائما وراء الفتيات يريد أن يخوض غمار المغامرات، ويراهن حتى على فتاة إسرائيلية يتصادف أن تكون موجودة في فندق ينزل به الثلاثة في مدينة العقبة الأردنية، بينما يبدو رامي متأففا من تلك العلاقة التي تبدأ وسرعان ما تنتهي.

وبالطبع، يقع الثلاثة خلال الطريق في بعض المشاكل ويتعرضون مثلا لاستجواب خشن داخل الحدود السورية، من جانب قوات النظام لولا أن ضابطا سوريا (يقوم بدوره خالد أبو النجا بإقناع) يتعاطف معهم، فهو نفسه يبدو راغبا في الفرار من ذلك الجحيم القائم هناك.

في الأردن، يكون الثلاثة قد التقوا بفتاة (شادية) يتضح أنها كانت صديقة لصديقهم الراحل هادي، تلتحق بهم في الرحلة لكي تصل إلى أهلها في سوريا، وبعد الإفلات بمعجزة من قبضة قوات النظام، يقعون في قبضة المقاومة.

دراما وجمهور

يتحول الفيلم من الكوميديا المليئة بالتعليقات الجنسية والمبالغات، إلى تراجيديا العنف والدمار ومسلسل القتل الذي وصلت إليه الأحوال في العالم العربي اليوم، بعد ما يسمى بـ“ثورات الربيع العربي” دون تحديد واضح لموقف الفيلم منها.

الفيلم من نوع أفلام الطريق قصته حول رحلة يقطعها ثلاثة من الشبان يرتبطون بعلاقة صداقة متينة تنقطع لسنوات

لعل من الجوانب الإيجابية الجيدة في هذا الفيلم أنه يريد أن يحدث نوعا من “التطبيع” بين الدراما السينمائية وبين الجمهور العريض، أي أنه يخرج من دائرة النخبوية ويتوجه إلى الجمهور العريض، من خلال فيلم ينتمي إلى السينما السائدة التي توصف عادة ب “التجارية” أي البعيدة عن سينما الفن.

وهذا حسب رأي المختصين يفيد في تنوع الأساليب والاتجاهات ودفع المشاهدين، أولا إلى الإقبال على مشاهدة فيلم “إماراتي” ذي أفق عربي، يعكس فكرة التنوع الثقافي التي يتميز بها مجتمع أبوظبي، فالأبطال الثلاثة ينتمون إلى هذه المدينة، فيها نشأوا وعاشوا وكبروا دون أن يفقدوا بالطبع ، صلاتهم بأوطانهم الأصلية.

مشاهد صعبة

ينجح المخرج علي مصطفى في أول أفلامه الروائية الطويلة (بعد فيلمه الروائي القصير “مدينة الليل” – 2009)، في إخراج الكثير من المشاهد الصعبة في الفيلم منها على سبيل المثال، مشهد انقلاب سيارة الفتاتين الإسرائيليتين في الصحراء.

ومشهد اصطدام سيارة الأبطال الثلاثة بجمل، وما يقع بعد ذلك من مشاجرة بين الثلاثة، ثم تعرض الشاب السعودي للسعة عقرب، في حين يتطلع أحد رجال الشرطة السعودية من خلال منظار مكبر داخل سيارة الدورية في الصحراء على ما يحدث.

ويتصور أن الشبان الثلاثة من الشواذ جنسيا ويقبض عليهم ويقودهم إلى قسم الشرطة، وهو مشهد يقوم على “سوء الفهم” المعروف في الكوميديا.

قد تكون هناك في الفيلم بعض الاستطرادات، وأيضا نوع من الدوران حول الشخصيات دون التقدم في الحبكة، خصوصا في الجزء الأول من الفيلم، وقد يعاني الفيلم قليلا في نصفه الثاني من بعض المباشرة والشعارات، خصوصا في مشاهد المواجهة بين رجال المقاومة السورية المسلحة والشبان الثلاثة.

وهي مشاهد نمطية بالطبع، إلا أن الفيلم بشكل عام يبدو مقبولا ويمكن للجمهور في الإمارات وغيرها، أن يتفاعل معه.

وربما يصبح مقدمة لأعمال أخرى يخرجها علي مصطفى، تكون أكثر تأصيلا وأصالة، تتعلق بمجتمع الإمارات نفسه، وما يواجهه من مشكلات اجتماعية لا بد من التعبير عنها سينمائيا، ولو من خلال الكوميديا أيضا.. ولم لا؟!

العرب اللندنية في

25.10.2014

 
 

اكتشاف سينمائي فلسطيني بديع في «أبوظبي السينمائي»

عامر الشوملي... يتألّق مبدعاً في «المطلوبون الـ18»

"سينماتوغراف" ـ أبوظبي: بشار إبراهيم

حمل اليوم الثاني من الدورة الثامنة لـ«مهرجان أبوظبي السينمائي» اكتشافاً سينمائياً فلسطينياً بديعاً، من خلال فيلم «المطلوبون الـ18»، الذي يصعب تصنيفه على مستوى النوع، ما بين الفيلم الوثائقي، وفيلم الـ«دوكيودراما»، وفيلم التحريك، وفيلم الدمى، ليمكن الانتهاء إلى أنه من النوع الإبداعي، الذي يمزج ما بين الأنواع جميعها، دون أن يأبه بالحدود الفاصلة بين هذا وذاك، بما يخدم فكرته وهدفه ومقولته.

في الندوة التي أعقبت العرض الدولي الأول للفيلم، في «مهرجان أبوظبي السينمائي» (مساء 24 أوكتوبر 2014، في قاعة سينما فوكس4، بمارينا مول أبوظبي)، بعد عرضه العالمي الأول في تورنتو (6 أيلول/ سبتمبر)، لم يكن سؤالنا للمخرج عامر الشوملي عابراً، إذ كان هاجسنا التساؤل عن الضرورة الفنية والتقنية التي دفعت هذا المخرج الفلسطيني الشاب، ابن بلدة «بيت ساحور»، وخريج جامعة «بير زيت»، لاعتماد هذا الأسلوب الفني والتقني، الذي قال إنه استغرق منه قرابة 5 سنوات من الجهد والعمل، لينتهي الفيلم إلى الصورة التي شاهدناها خلال 75 دقيقة.

وفي حين أكّد انتشال التميمي، مدير البرامج العربية في «أبوظبي السينمائي»، ومدير منحة «سند»، خلال تقديمه للعرض أن هذا الفيلم نال الدعم خلال مرحلتي التطوير والإنتاج أو ما بعده، يبقى السؤال قائماً عن الاختيار الفني والتقني الذي شاءه المخرج، ووافقه المنتجون والداعمون، خاصة وقد علمنا من مصادر متعددة أن ميزانية الفيلم تجاوزت المليون ومئتي ألف دولار، تكاتف جهات إنتاجية متعددة عربية أجنبية على توفيرها لتحقيق هذه الفيلم.

لابد من الاعتراف هنا، أنها كانت المرة الأولى التي نسمع بها باسم هذا الفنان الشاب؛ عامر الشوملي، وكنا بحاجة لمشاهدة متأنية لفيلمه الأول، لإدراك مدى قدرات وإمكانيات هذا المبدع الفلسطيني، بما يضعنا أمام حقيقة أن المعرفة المستقرة إنما هي شكل من أشكال الجهل، إذ سنجد أنفسنا أمام جيل جديد يخرج من بيننا الآن، له رأيه وصوته واقتراحاته التي ينبغي الانتباه إليها، والانحناء احتراماً أمامها.

يشير موقع جامعة بيرزيت (http://alumni.birzeit.edu/ar/node/28156)، إلى أن عامر الشوملي قد تخرج في جامعة بيرزيت عام 2003، بتخصص الهندسة المعمارية، وحصل على شهادة ماجستير في الفنون الجميلة، تخصص رسوم متحركة من بريطانيا. وأن له العديد من الأعمال الفنية، ويستخدم الرسوم المتحركة والكاريكاتير، بالإضافة إلى الملصقات، للتفاعل مع المحيط السياسي والاجتماعي الفلسطيني اليومي. وله كتاب «كومكس»، ومنشورات وقصص أطفال. وقد أسس لبرنامج دبلوم الرسوم المتحركة في جامعة بيرزيت، وهو أحد مؤسسي «زان ستوديو» في رام الله.

ولكن سنبقى بحاجة لمشاهدة «المطلوبون الـ18»، لندرك أن هذه المعلومات المصمتة تخفي خلفها وبين أسطرها فناناً شاباً مبدعاً من الناحية الفنية والتقنية، منتمياً في شكل جوهري من الناحية المضمونية والموضوعية، إلى درجة أن يؤكد في تقديمه لفيلمه أنه يسعى لكي تتعرّف الأجيال الراهنة والمقبلة على مراحل وفترات عاشتها أجيال سابقة، وسطرت من خلالها ما ينبغي أن يستعاد، للاستذكار، والفهم، والاتعاظ، والاقتداء.

سرعان ما سيتبدى لنا أن الغاية والهدف من فيلم «المطلوبون الـ18»، تقديم تحية إكبار وإجلال، وإبداء وقفة احترام، واستعادة لجوانب مضيئة من نضالات أهالي بلدة «بيت ساحور» خلال الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الكبرى (1987 – 1993)، تلك الانتفاضة التي كان لها، وبما يتناقض من عظمة أدائها، ورقيّ أفعالها، أن ترسو على شواطئ اتفاقيات أوسلو (سبتمبر 1993)، التي وجد فلسطينيون كثيرون فيها خيبة لا تضاهى.

من عايش تلك المرحلة الباهية من نضالات الشعب الفلسطيني، يدرك ما معنى «الانتفاضة»، وما الذي حققته على الصعيد الذاتي الفلسطيني، والمحيط العربي، والمستوى العالمي، إلى درجة أن أدخلت كلمة «انتفاضة» في قواميس اللغات العالمية. ومن عايش تلك المرحلة الزاهية من أشكال النضال الشعبي، يعرف أي نموذج قدمته بلدة «بيت ساحور»، والإبداعات التي سطّرتها، في إثراء للُّحمة الوطنية الفلسطينية، وإغناء لمعنى الثورة والمقاومة، خاصة بمعناها السلمي.

يرصد عامر الشوملي فيلمه «المطلوبون الـ18» وقفة وفاء لأبناء بلدته «بيت ساحور»، ويمنحهم الفرصة لقول جوانب من تجاربهم التي حققوها، خلال الانتفاضة الكبرى، متخذاً من حكاية فريدة متكئاً وذريعة لقول الكثير. لن يتردد الشوملي في القول إنه اختار الحديث على لسان البقر للدفاع عن حقوق البشر، فربما ثمة من هناك، في الغرب، من يتضامن مع البقر أكثر من البشر.

حادثة حقيقية حصلت إبّان الانتفاضة يستعيدها الشوملي، دون أن يكتفي بها، ففي حين عمد من خلال التحريك والدمى إلى «أنسنة البقر»، لم ينس أبداً التوقف أمام إنسانية الإنسان الفلسطيني الحقيقي؛ الشهيد أنطون الشوملي (ابن عمه الذي لم يعرفه إلا من خلال ملصقاته كشهيد)، ونضالات رجال ونساء من أبناء البلدة، لا يفرّق بينهم دين أو مذهب، أو شهادة علمية، أو مستوى خبرة، إذ باندماجهم جميعاً في سياق نضال وطني سلمي لا عنفي، يغدون على قدر من التعاون والمساواة، لا يرتقي فوقهم إلا الشهيد الذي يثبت أن للحرية ثمن غال، لابدّ من دفعه.

«المطلوبون الـ18»، رهان سينمائي للعام المقبل، سيحظى بالكثير من الحضور، والقبول، والاحتفاء، ففيه من الجهد الفني والتقني ما هو جدير بالاعتبار والتقدير، وفيه من الفكرة والموضوع قدر من توازن ذكي سوف يمرره إلى شاشات وعقول وأفئدة، لم تتخرّب بعد.

يقدم  اليوم ضمن برنامج "عروض السينما العالمية"

"رجلان في المدينة".. يبحر في صحراء نيو مكسيكو

"سينماتوغراف" ـ الجزائر: وردة ربيع

قدم المخرج الجزائري صاحب "الخارجون عن القانون"، "رشيد بوشارب" فيلمه الجديد والذي غير عنوانه من "طريق العدو" إلى "رجلان في المدينة" من خلال السيناريو المأخوذ عن الفيلم الفرنسي المعروف بنفس العنوان "رجلان في المدينة" والذي تم إنتاجه عام 1973. العمل  الجديد لأبوشارب شارك مؤخرا في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الفائتة. ولاقى الكثير من النقد وخلق جدلا سينمائيا كبيرا، ويعرض اليوم ضمن برنامج عروض السينما العالمية في "أبوظبي السينمائي".

يحكي الفيلم حياة السجين الأسود "وليام جاريث"-يجسد دوره فورست وايتكر- الذي إعتنق الإسلام، وبعد مرور 18 عاما في سجن بـ"نيو مكسيكو" بتهمة قتل شرطي، يحصل على الإفراج المشروط ليعود إلى مدينته من جديد، وهو يأمل أن يمحو تلك المرحلة من حياته الإجرامية، فيعمل المستحيل للعودة إلى حياته الطبيعية والاندماج بعدها في المجتمع واستكمال حياته العائلية إلى جانب زوجته وأطفاله. لكنه سيحاصر أولا بالمراقب القضائي الذي وضعه المأمور الذي قتل "جاريث" نائبه ويعتبر أن العقوبة التي قضاها "جاريث" في السجن ليست كافية ما يدفعه إلى وضع المجرم السابق تحت المراقبة وإلى محاولة إعادته إلى السجن. وثانيا مجرم لا يتركه في حاله، ويحاول دائما إستمالته من جديد إلى الجريمة.

وسيطفو ماضيه ثانية على الأحداث وتفتح الملفات القديمة فيعيش كابوسا حقيقيا بسبب ملاحقات وضغوطات عرقية وعنصرية مليئة بالضغينة من طرف العمدة، -"هارفي كيتيل"- ب"نيو مكسيكو". ومع الوقت تبدأ شرطية- تؤدي دورها"بريندا بليثن"- سابقة ومشرفة على سجناء سابقين بالتعاطف مع "جاريث" وبالوقوف في وجه المأمور الذي لا يترك السجين السابق في حاله ولا يتوقف عن تنغيص حياته.وتتسبب أخيرا في إقالته من عمله، وفشل حياته الخاصة مع "تيريزا" وهي فتاة مكسيكية تجمعه معها قصة حب.

ويعد العمل الجديد لبوشارب فيلما دراميا اجتماعيا بامتياز يحرك مشاعر المشاهد بطريقة غير عادية.

تعرض الفيلم لهجوم كبير من النقاد، حيث وجدوا أنه لم يطرح جديدا في القضية نفسها ولم يكن هناك أي إضافة من ظهور البطل معتنقا للإسلام، حتى أن إختيار الأبطال لم يكن موفقا، حيث ظهرت الممثلة "برندا بليتين" زائدة في الوزن عن الدور الذي قدمته كمحققة. فضلا على أن ملابس "وايتكر" لم تكن مناسبة للمرحلة ولا لطبيعة شخصيته في الفيلم ،كما أن قصة حبه مع دولوريس لم تكن منطقية ولم تتطور بشكل درامي محكم. كما أنهم وجدوه يفتقد بشكل كبير لعنصري التشويق والمفاجأة، إذ يمكن للمتفرج أن يتنبأ بما ستؤول إليه الأحداث بعد وقت قصير من المشاهدة.كما أن تكرار الأحداث:كإستمرار مطاردة المأمور للسجين السابق وإصراره على عدم تركه في حاله.

كما ركز النقاد على إشكالية إعتناق البطل الإسلام ودور الفيلم في الوقوف على العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي –العلاقة شرق غرب- فإن الأمر في الفيلم يبدو جانبيا وذلك بعكس ما ذهب إليه المخرج صاحب "نهر لندن" في أنه سيضع الغرب أمام العالم الإسلامي، خاصة بعد هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 وتبعاتها التي مازالت تؤثر على العلاقة بين الجانبين. وبدا موضوع إعتناق البطل للإسلام هامشيا، بل ودخيلا على الموضوع تماما عوضا عن أن يخدمه ويضيف إليه، فبطلنا لا يلقى الإضطهاد والتعقب من جانب المأمور الأمريكي الشرس بسبب ديانته، بل لكونه قتل نائبه قبل عشرين عاما، ولكون فكرة العقاب لدى المأمور، تختلف تماما عما يقول به القانون.كما أنه لم ينجح في تصوير مشهد للبطل المسلم في  الوضوء أو الصلاة أو تلاوة القرأن على نحو صحيح فأحيانا نرى بطلنا يصلي وهو واقف في مكانه دون أن يخلع حذاءه، وأحيانا يردد كلمات في صميم الصلاة في غير موضعها، فضلا عن أنه لا يردد أي كلمة واضحة من القرآن.

وحسب النقاد، فإن فيلم "رجلان في المدينة" بدأ قويا مما أوحى بأن العمل سيطرق جوانب جديدة في مشاكل "العنصرية"، "التعسف باسم القانون"، "وقوف المجتمع في وجه مجرم سابق يريد التكفير عن خطيئته"، "الدين واللون وإختلاف الأعراق".. لكن سرعان ما تجد نفسك أمام عمل غير مركّز. لكنك رغم ذلك تبقى مشدودا متأثرا خاصة أمام بعض المشاهد في الصحراء، وليلا تحت ضوء النجوم.

يعرض اليوم في "أبوظبي السينمائي"..

مأخوذ عن قصة حقيقية ويحمل بصمة المخرج الصربي فيك رسوموفيتش

ابن لا أحد.. وحشية الإنسان وقسوة الحياة في زمن الحرب

أبوظبي ـ "سينماتوغراف" ـ هاني مصطفى

كثيرٌ من الأساطير في الثقافة الإنسانية على وجه العموم تناولت قصّة طفل تربّى في الغابة بين الحيوانات. لعلّ أكثرها شهرة على المستوى العالمي "كتاب الأدغال"، الذي ألّفه البريطاني روديارد كيبلينغ في نهاية القرن التاسع عشر. فيلم "ابن لا أحد" الذي يشارك في (مسابقة آفاق جديدة) بمهرجان أبوظبي السينمائي، ويعرض اليوم، يذكر، في مقدمته، أن الفيلم مأخوذ عن حادثة واقعية، الأمر الذي تبعد معه فكرة استعارة الدراما من الأساطير الثقافية. غير أن المخرج الصربي فيك رسوموفيتش لا يهتمّ إلاّ بالتفاصيل التي تجعله يبدأ من تلك الفكرة، ويقوم بقياسها إنسانياً في فترة شديدة القسوة من تاريخ وطنه، عندما كان دولة موحدة باسم يوغوسلافيا.

أحداث الفيلم تبدأ مع العام 1988، عندما يكتشف عددٌ من الصيادين في منطقة نائية في البوسنة الهرسك طفلاً في العاشرة أو الحادية عشرة من عمره، عارٍ تماماً، يقترب سلوكه من تصرّفات الحيوانات البرية. تقترب تلك البنية في بدايتها من فيلم "الصبي المتوحّش" (1969) للمخرج الفرنسي فرنسوا تروفو. مهارة المخرج، وهو كاتب السيناريو أيضاً، تأتي من أن كل تفصيلة مهما كانت صغيرة لها أهميتها في السيناريو. فجملة الحوار، أو اللقطة التي قد تبدو عابرة فى الفيلم، لها قيمتها الكبرى في بنية الدراما، وربما تترتّب عليها حادثة محورية فيما بعد. 

مثال على ذلك: كيف تمّت تسمية الطفل بورتشيكا من قبل موظفة السجل المدني في البوسنة، قبل انتقاله للعيش في ملجأ الأيتام في بلغراد؟ هذه التفصيلة يترتّب عليها شيء قدري بعد أعوام عديدة، وأثناء بداية الحرب الأهلية في يوغوسلافيا. الفيلم ينتقل لرصد كل ما يتصل بعلاقة بورتشيكا داخل الملجأ، وكيف يواجه تنمّر أقرانه وشعورهم بمدى غرابة هذا الصبي. ربما يشعر المُشَاهد بحالة من الملل في المَشَاهد الإفتتاحية داخل الملجأ، التي ترصد الحالة النفسية للصبي وعدم حدوث أي تقدّم في مسألة تأقلمه مع الحياة الإنسانية. المخرج يريد أن يجعل المُشاهد يتعايش ليس فقط مع بروتشيكا، لكن أيضاً مع معلّمه الذي يعانى أشدّ المعاناة دونما تقدّم.

يستطيع المُشَاهد أن يستمتع بالتمثيل في مَشَاهد عديدة طوال الفيلم، خاصة دور المعلم الذي أدّاه الممثل ميلوس تمتويڤتش. كذلك دور زيكا، صديق بورتشيكا، الذي بدا على الرغم من حداثة عمره، أنه ممثلٌ ذو خبرة طويلة في الاندماج في الشخصية. من المؤكّد أن لا أحد يستطيع إدراك مدى الصعوبة التي واجهت المخرج، ومعه بطل الفيلم دنيس موريتش، لبناء التعبيرات الشخصية، الجسدية والتصرّفات، نظراً إلى أن الشخصية تقريباً لا تتحدّث إلاّ بعض كلمات قليلة طوال الفيلم، وأيضاً بسبب أن تفاصيل التمثيل في تلك المَشَاهد ليست لديها أية مرجعية للتعبير، والخيال فيها مفتوح.

أدوات المخرج الجمالية ليست فقط في تفاصيل الصورة، بل في استخدامه بدقّة شديدة شريط الصوت، الذي يبني عليه الكثير من الجوّ التكميلي للمشهد. فعندما نسمع صوت طلقة الرصاص في المشهد الأول، نشعر أننا أمام شريط صوت قوي ومتميّز في الفيلم ككل. أيضاَ، في مَشَاهد الحرب الأهلية، وبعد إطلاق الرصاص العنيف، يصبح شريط الصوت مكتوماً كأن المخرج ومصمم شريط الصوت أرادا أن يشعر المُشَاهد بحالة الصمم الجزئي التي قد يكون يعاني منها المقاتلون فى المشهد.

ويمكننا القول أن فيلم "ابن لا أحد" حكاية تتساءل عن قسوة الحياة ووحشية البشر؟

يعرض بـ"أبوظبي السينمائي" ضمن مسابقة "آفاق جديدة"

"الوهراني".. هل أساء إلياس سالم إلي تاريخ الجزائر؟!

"سينماتوغراف" ـ الجزائر: وردة ربيع

عندما يتماهي العمل السينمائي في العلاقات الإنسانية المتشابكة يضمن رصيدا لا بأس يه من التأثير في نفسية المشاهد، بل أكثر من هذا يدفعه قدما للتفكير، خاصة إذا تعلق الأمر بمقومات كالهوية والتاريخ والذاكرة.هو بعض الشيء مما صور بثاني أفلام المخرج "إلياس بن سالم" الموسوم "الوهراني".

"إلياس بن سالم" الكاتب والمخرج والممثل لم يشأ أن ٌيضم فيلمه لقالب معين بأن يكون تاريخيا مثلا أو توثيقيا أنه الفيلم الدرامي الإجتماعي ولكن بصبغة تاريخية لم تحمل تحديدا لشخوص بذاتهم أو تواريخ معينة. جعفر الوهراني ظهر في صورة البطل الثوري الذي يحتفل به الجميع ويبجله الصغير قبل الكبير. أنه رمز الإستقلال الذي ننعم به. لكن فرحة الاستقلال ضاعت حين يعلم أن حبيبته وزوجته "ياسمين" تم إغتصابها إنتقاما من صعوده الجبل. ولا تتوقف المعاناة هنا بل سيكون "جعفر" مظطرا لأن يرّبي ثمرة هذا الإغتصاب "الطفل بشير"الذي يكبر ناقما من والد لا يعترف به ومجتمع لا يمت له بصلة. وفي خضم كل هذه المعاناة النفسية ينكب الأصدقاء على "طورطة الإستقلال"  ليتقاسموها !!.فـ"السعيد" المتزوج من أمريكية والذي يعيش حياة غربية، لا يعترف بأحد سوى من صنعوا ثورة الجزائر وإن كانوا فاسدين !! .بينما يسايرهم بقية الأصدقاء دون أن يستفيدوا مثلهم. 

الفيلم في مضمونه المثير للجدل، إختزل قضية التعريب في مشهد كوميدي تهكمي يظهر فيه الممثل "مراد خان" وهو يحاول تعريب بعض الكلمات التي تستعمل في الإدارة بالفرنسية. وإختزل الحديث عن الهوية في مشهد آخر يجمع عددا من أـبطال الفيلم في رحلة عائلية للغابة وهو يتناقشون حول الأصول الأمازيغية والعربية والفرنسية في الجزائر.كما إختزل مشهد النفع والإنتفاع بإسم الثورة وتنمية الأرصدة وتقسيم "الكوطات" في مشهد تتضارب فيه المصالح وتعلو فيه المصلحة الفردية حين يتناقش "السعيد" مع أحد الأصدقاء ويحاول أن يذكره أنه على قاربه فيختار الصديق أن يسبح حتى يصل للشاطىء رافضا منّ "السعيد". وأيضا إختزل مشهد البطش الأمني في مشهد ملاحقة أحد الصحفيين وتعذيبه بتهمة البحث عن الحقيقة والتحرش بماضي إبن "جعفر" بالتبني. وكذلك إختزل حالة السفور التي كان يعيشها المنتشون من الإستقلال الغارقون في ريع الشعب ومال "البايلك"، سهرات الكابريهات وكؤوس الخمر هي لياليهم التي لا تنتهي. لتتصاعد موسيقى الفنان "أمازيغ كاتب". علما أن الفيلم اخذنا مع تواتر الأحداث بموسيقى متنوعة تعكس الثراء الثقافي الجزائري.

الفيلم جاء جريئا بكل ما حمله من تفاصيل عكست حقيقة ما تمر به الجزائر من نتائج وخيمة أفرزتها حقبة "الحزب الواحد".ليذهب المخرج بذكاء ويدفعنا لتساؤلات كثيرة في سيرورة متصاعدة ربما هو ما ختم به في المشهد ما قبل الأخير حين يطلب "السعيد" من رفيقه "جعفر" قليلا من الماء وحين لم  يجد يرد بسخرية: هل جاهدنا حتى لا نجد ماء نشربه بعد الإستقلال؟

جدير بالذكر أن فيلم "الوهراني" من بطولة "إلياس بن سالم"، "خالد بن عيسى"، "جمال مبارك".. وقد توج مؤخرا بأحسن آداء رجالي في الدورة السابعة لمهرجان الفيلم الفرانكوفوني لأنغوليم بفرنسا، وينافس بقوة ضمن مسابقة "آفاق جديدة" في الدورة الثامنة لمهرجان أبوظبي السينمائي.

تعتمد خلاله المخرجة سوزان بير على تحليل الشخصيات المضطربة

"فرصة ثانية".. دراما نفسية غاية في التعقيد والتركيب

"سينماتوغراف" ـ أبوظبي: مصطفى المسناوي

في خامس تعامل لها مع الكاتب أندرس توماس يانسن، تعود المخرجة الدانماركية سوزان بير بفيلم يغوص مجدّداً في دواخل النفس البشرية، انطلاقاً من تقليد تمّ ترسيخه في سينما البلدان الاسكندنافية، خاصة مع كارل تيودور دراير (1889 ـ 1968) وإنغمار بيرغمان (1918 ـ 2007)، يقوم على الذهاب بعيداً في تحليل تلك النفس في حالاتها القصوى، المرتبطة بوجود الشخصية (أو الشخصيات) المحورية في حالة أزمة داخلية عميقة، لا يمكنها إلاّ أن تنعكس على محيطها المباشر، وتؤدّي إلى نتائج غير منتظرة.

تبدأ حكاية "فرصة ثانية" (مسابقة الأفلام الروائية الطويلة) بالصديقين الشرطيين أندرياس (أدّى دوره نيكولاي كوستر ـ والدو، الذي اشتهر بدور جيمي لانيستر في سلسلة "لعبة العروش") وسايمون (أدّى دوره أولريش توماس، الذي سبق أن مثّل دور كلاوس في فيلم "في عالم أفضل")، وهما يدخلان شقّة يصدر منها ضجيج يمنع الجيران من النوم، يقطن فيها رجل وامرأة من مدمني المخدرات. فيها، يعثر الشرطيان على رضيع مهمَل تماماً، إلى درجة أنه مُحاط بقاذوراته، لا يكفّ عن الصراخ من ألم الجوع.

هذا الرضيع المهمَل سوف يكون منطلقاً لمسار الحكاية، التي نتعرّف فيها بنوع من التفصيل على حياة آنّا زوجة أندرياس، المضطربة نفسياً، وعلى ابنهما ألكزاندر، وخصوصاً على حياة سايمون، المطلّق حديثاً. بالإضافة إلى حياة كل من الزوجين المدمنين، تريستان وصاني. سنجد أنفسنا، بشكل مباشر، في قلب عالم يعيش كل فرد فيه، بمن في ذلك الأزواج، وحدته الخاصة التي تقوده نحو أفق مسدود لا خلاص منه إلاّ بالشرب، أو تعاطي المخدرات، أو الانتحار.

سايمون، الذي تخلّت زوجته عنه من أجل مدرِّب سباحة، يحاول دفن وحدته في الشرب الذي لا يحول بينه وبين التحوّل إلى شخص عدواني أحياناً، من دون أي مبرر. في حين يلجأ تريستان وصاني إلى الهيرويين لكي يخفي كل منهما، عن نفسه قبل الآخرين، تلك الوحدة المرعبة التي يجد نفسه فيها حين يخلو إلى نفسه. وهي وحدة تزداد حدّة حين ندرك أن العلاقة بين هذين الزوجين لا تقوم على الندية أو التكافؤ، بل على هيمنة الرجل فيها على المرأة هيمنة مطلقة، بما يجعلها أقرب إلى العلاقة السادو ـ مازوشية. بل إن صاني (أدّت دورها ماي أندرسون، في أول دور سينمائي مهمّ بالنسبة إليها) تعترف أن تريستان هو من يرغمها على تعاطي الهيرويين. كأن هروبه من وحدته بهذا المخدّر لا يكتمل إلا بهروبها هي معه، وترك رضيعها لوحدته الخاصة يواجه مصيره بنفسه.

أما أندرياس وزوجته آنّا، فيعيشان في بيت كبير رحب، يُطلّ على شاطىء البحر. ابتداءً من المَشَاهد الأولى لهما معاً، نكتشف تعقّد العلاقة التي تربط بينهما (وفي القلب منها رضيعهما ألكزاندر)، إلى درجة لا ندري معها الحدود الفاصلة بين المحبة والنفور فيها، وإن كان يتولّد لدينا الشعور بأن حرص ألكزاندر، المبالغ فيه، على عدم إغضاب آنّا نذيرٌ أكيد بعاصفة مدمِّرة، قد لا تبقي ولا تذر. وهو ما سيحصل فعلاً: فحين يقع حادث طارىء، يتّخذ هذا الأخير قراراً بتجاوزه بطريقته الخاصة، من دون أن يدري أنه سيفتح بذلك أبواب الجحيم.

المخرجة، الفائزة بجائزة "أوسكار" في فئة أفضل فيلم أجنبي عن فيلمها "في عالم أفضل" (2010)، تبني، إنطلاقاً من هذه الشخصيات الستة، دراما نفسية في غاية التعقيد والتركيب، تقوم على اللقطات القريبة، أو القريبة جداً، للشخصيات، المأخوذة بكاميرا مضطربة غير ثابتة، وعلى المَشَاهد الداخلية أو الليلية التي تضخِّم حالة الوحدة لدى الشخصيات، بقدر ما تجعلها تعيش حالة حصار وقلق وتوتر تتواصل حتى نهاية الفيلم، وربما انتقلت عدواها إلى المُشَاهد لتستمر معه حتى بعد انتهائه.

سينماتوغراف في

25.10.2014

 
 

فيلم مشوق راهن على الوجوه الشابة

“من ألف إلى باء” رحلة مصاعب تنتهي بالنجاح

أبوظبي - فدوى إبراهيم:

في عرضه العالمي الأول، ولأول مرة، افتتح المهرجان فعالياته بالفيلم الإماراتي "من ألف إلى باء"، للمخرج الإماراتي علي مصطفى والذي ينافس في مسابقة آفاق جديدة . ويحكي الفيلم قصة رحلة شباب ثلاثة من أبوظبي إلى بيروت في العام ،2011 ليستذكروا من خلالها صديقهم هادي في ذكرى ميلاده، وهو الذي توفي في أحداث بيروت في 2006 .

بعد عرضه الأول مساء أمس الأول، نستطيع القول إن مخرج الفيلم نجح في رسم الابتسامة على وجوه جمهور مسرح قصر الإمارات، وإمتاعهم بصرياً، وعلى الرغم من قلة الوجوه الإماراتية على الشاشة، وهذا ربما مما يؤخذ على الفيلم، إلا أنه نجح في تصوير إمارة أبوظبي والتعبير عن مجتمعها متعدد الثقافات والجنسيات مثلما جسّد في فيلمه الأول "دار الحي" حيوية المجتمع في دبي .
استطاع مصطفى بكل مهارة أن يقدم المتعة والتشويق عبر فيلمه الجديد الذي حمل الكثير من القضايا المتشابكة التي استعرضها بأسلوب غير مطول وسهل الفهم والمشاهدة، وهو فيلم ذو طابع شبابي بالدرجة الأولى، وفق مخرجه في اعتماده على 3 شباب في تجارب سينمائية هي الأولى بالنسبة لهم، ليقول للمشاهد "هذه قصة حقيقية" وغير معتمدة على وجوه مستهلكة، وهذا ما اختتم به الفيلم.

حين اطلع الجمهور على حياة كل من الشباب الثلاثة بأسطر بسيطة بعد نهاية رحلتهم

تميز فيلم مصطفى ببريق الصورة وخلوها من الأخطاء الإخراجية، ذلك أن الفيلم يحمل الكثير من التفاصيل في كل من أبوظبي، والرياض، ودرعا، وبيروت . ولعل بساطة الفيلم كانت أبرز مميزاته، فهو قريب من المتلقي برسائله الواضحة غير المباشرة، وفكرته القائمة على رصد طبيعة حياة جيل من الشباب العربي في عمر الزهور، يمتلكون طموحات وأهدافاً تعبّر عن أعمارهم وهواياتهم لكنّ تحقيقها يصطدم بواقع مرير انطلاقاً من الأسرة، ثم نظرة المجتمع، لكن إصرار الشباب على تحقيق أحلامهم تلك يجعلهم يغضون الطرف عما يعوق ذلك ماضين في سبيل تحقيق طموحاتهم .

شباب جدد يظهرون على الشاشة، ولعل المشاهد للوهلة الأولى يشك في مدى قدرتهم على تجسيد الأدوار أو حتى جذب المشاهد للفيلم، إلا أن مصطفى نجح في خياراته، ويبدو أن توجيهاته الدقيقة وروح الفريق المتعاون أثمرت اكتشاف تلك المواهب من جديد، برغم أن لكل منهم خلفيته الفنية غير السينمائية . وتقاسم دور البطولة كل من فهد البتيري "يوسف" الذي مثل دور شاب سعودي، كل طموحه أن يصبح موسيقي "دي جي" مشهوراً، لكن عدم استيعاب والده له "عبدالمحسن النمر" الذي يقتصر دوره على إرسال المال له إلى مقر إقامته في أبوظبي، يجعله غير مسؤول، فكل همه أمران، العلاقات النسائية وموسيقاه، والأولى أدخلته في مشكلات خلال رحلته مع صديقيه عمر "فادي رفاعي"، ورامي "شادي ألفونس"، حينما التقوا في طريقهم فتاتين لم تستجيبا له، فأفرغ هواء إطار سيارتهما في محطة البنزين، مما عرضهما لحادث اضطر الشباب الثلاثة أن يصطحباهما معهما . واستطاع البتيري خلال الفيلم أن يرسم الابتسامة على وجوه الجمهور من خلال تعابير وجهه أكثر من الحوار، ولعل انطلاقته عبر "يوتيوب" و"ستاند آب كوميدي" أسهمت في أدائه السينمائي ودوره تحديداً .

أما شادي ألفونس الذي يرتبط في أذهان المشاهدين ببرنامج "البرنامج" فقد كان الشخصية الكوميدية التي أمتعت الجمهور، ناهيك عن النص الذي كتب بطريقة سلسلة غير مملة، وتحمل الكثير من الكوميديا . فهو الشخصية الثائرة لكن عبر "تويتر"، يعمل على تسجيل مشاهد له من داخل غرفته ليقول كلمته في الثورات العربية، إلا أن اصطدامه بالواقع خارج جدران غرفته، خلال الرحلة التي وضعته على المحك مع خبرات الحياة، وبالأخص حين عاشوا أحداثاً مختلفة في طريقهم وبالأخص في درعا، جعلته يدرك تماماً أن أسلوبه خطأ لكن هدفه صحيح .

أما الشخصية التي أداها فادي رفاعي فكانت الأكثر اتزاناً، لكن وراء ذلك الاتزان والهدوء مجموعة من المشكلات الأسرية، منها علاقته بوالده المنقطعة منذ سنوات، وزوجته التي تركها في أيام حملها الأخيرة ليخوض رحلته، ومشكلات أخرى تجعله على غير ارتباط بأرضه سوريا التي يزورها للمرة الأولى خلال الرحلة .

ثقة وتكاتف

شارك في تمثيل الفيلم عدد من الممثلين المعروفين على الساحة الفنية لكنهم ظهروا في أدوار ثانوية، ولعل هذا يشير إلى مدى ثقتهم بطاقم الفيلم ومخرجه ومنتجه، ومساهمتهم في السينما الإماراتية والعربية على حد سواء . مثّل خالد أبو النجا، دور رجل ينتمي للنظام السوري، وسامر المصري في دور قائد من الثوار، ومها أبو عوف دور أم رامي، وعبد المحسن النمر دور أبو يوسف، وبعضهم ظهر في مشهد واحد . كما شهد الفيلم ظهوراً خاطفاً للمخرجين الإماراتيين نواف الجناحي في دور مسؤول أمني سعودي، وخالد المحمود في دور مسجون، وهذا ما يدل على مدى تكاتف المخرجين الإماراتيين وسعيهم للنجاح المشترك .

الرسالة

يؤكد الفيلم أهمية الصداقة في حياتنا بكل ما تعنيه من قيم أخلاقية وإنسانية، أولاها الصدق والوفاء للعهد والتفاني والإخلاص، وهذا ما يقود الشباب الثلاثة إلى القيام برحلة أشبه ما تكون بالمغامرة وخوض المجهول، تمر عبر أربع محطات ملأى بالمخاطر، من أبوظبي إلى الرياض فوادي رم في الأردن، ثم درعا، فبيروت لكنها تنتهي في نهاية المطاف على عتبات أحلامهم التي طالما تاقوا إلى تحقيقها .

مآخذ

يؤخذ على المخرج بعض المشاهد التي حملت بعض الإيحاءات والألفاظ التي كان بالإمكان أن يمر الفيلم من دونها، إضافة إلى بعض المشاهد التي يكاد يكون الموت فيها محققاً، كمشهد ارتطام السيارة بالجمل في الصحراء بعد أن أضاع الأطفال طريقهم، وغيرها والتي كانت تمر بسهولة أكثر من المتوقع مما قد يدفع المشاهد إلى القول إنها غير منطقية، وخصوصاً في درعا والرياض حين دخلوا في مشكلات مع الجهات الأمنية في المدينتين . في المقابل نجح المخرج في نسج فيلم يمر أبطاله بمصاعب شتى ويعرج فيه على أحداث المنطقة العربية المضطربة، إلا انه يختتمه بنهاية تدعو إلى التفاؤل من خلال تحقيق حلم كل من الشباب الثلاثة .

نخبة من أبرز الأفلام العالمية بحضور صناعها

الجمهور يرى “صوت البحر” الإماراتي لأول مرة

تتواجد الليلة الحائزة جائزة الأوسكار المخرجة الدنماركية سوزان بير في صالة فوكس 5 الساعة 15 .9 وذلك لحضور عرض فيلمها الجديد "فرصة ثانية" الذي يحكي قصة درامية معقدة . وفاز فيلم بير السابق "في عالم أفضل" الذي عرض في مهرجان أبوظبي السينمائي عام 2009 بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في العام 2010 .

بماذا تفكر الطيور الجالسة على الأشجار عنا نحن البشر؟ اكتشفوا ذلك ضمن الدراما العبثية والكوميديا السوداء الحائزة جائزة الأسد الذهب في مهرجان فينيسيا السينمائي "حمامة جلست على غصن تتأمل في الوجود" للمخرج السويدي روي أندرسون والذي يعتبر أحد أبرز العروض لهذا اليوم، وذلك في صالة "فوكس 1" الساعة 45 .6

من أفلام مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي تعرض لهذا اليوم الفيلم الحائز تمويلاً من صندوق سند "الوادي" للمخرج اللبناني غسان سلهب، وهو يحكي قصة رجل فاقد الذاكرة ينجو من حادث سير في وادي البقاع اللبناني المعزول ويجد نفسه محتجزاً كرهينة في مزرعة محلية تستخدم أيضاً كمركز لإنتاج المخدرات . يعرض الفيلم في "فوكس 5" الساعة 6 بحضور المخرج وطاقم الإنتاج والتمثيل في الصالة للتفاعل مع الجمهور والإجابة عن أسئلتهم بعد العرض .

بدأت السينما الكردية بالبروز منذ عام 2000 ولذا يعتبر فيلم "ذكريات منقوشة على حجر" فرصة حقيقية للتعرّف إلى هذه السينما وخصوصيتها . ويتواجد المخرج الكردي الألماني شوكت أمين كوركي، مع المنتج مهمت أكتاش لتقديم الفيلم الذي يحكي عن عمليات الإبادة التي حصلت ضد الأكراد في ظل عملية "الأنفال" العسكرية خلال الثمانينات . ويعرض الفيلم في "فوكس 5" الساعة 3 .

وتعرض أيضاً ثلاثة أفلام ضمن مسابقة "آفاق جديدة" في "فوكس 6" اليوم، أولها الفيلم الهندي المؤثر والصامت "شغيل الحب" للمخرج أديتيافيكرام سينغوبتا والمنتجين جاناكي باتاتشاريا وفيكرام موهانتي، وذلك عند الساعة 15 .9 . وتجري أحداث الفيلم في كالكوتا وتروي قصة زوجين يواجهان صعوبة التواصل في ظل المتطلبات الاقتصادية . ويعرض أيضاً الفيلم الصربي "ابن لا أحد" للكاتب والمخرج فيك رسوموفيتش والحائز جائزة أفضل فيلم ضمن أسبوع النقاد في مهرجان فينيسيا السينمائي، وذلك في الساعة 45 .3 وفيلم "في مكانها" للمخرج ألبرت شين، ويتواجد مخرجا الفيلمين في الصالة للتحدث مع الجمهور بعد انتهاء العرض .

وينافس على جائزة الأفلام الوثائقية الفيلم الإماراتي "صوت البحر" للمخرجة نجوم الغانم، وذلك في عرضه العالمي الأول اليوم في "فوكس 1" الساعة 15 .9 . ويجسد هذا الفيلم قصة إحدى الرحلات الأخيرة لبحار مغن وكبير في السن، وبإمكان الجمهور الحديث مع طاقم الفيلم بعد عرضه .

ويعرض اليوم أيضاً ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الفيلم المكسيكي "صدى الجبل" الذي يحكي قصة سانتوس دو لا توري الذي يعيش منسياً في وطنه رغم إنجازه رسما جدارياً شهيراً لمترو باريس . ويتواجد المخرج نيكولاس إيتشيفارّيا ويظل الفيلم سانتوس دو لا توري للإجابة عن الأسئلة بعد عرضه في "فوكس 4" الساعة 7 .

ويعرض اليوم أيضاً الفيلم الوثائقي "مارماتو" الذي يكتشف حقبة التنجيم عن الذهب في مدينة تحتوي مناجم في كولومبيا . ويعرض الفيلم في "فوكس 4" اليوم الساعة 4 وذلك بحضور كل من المخرج مارك غريكو والمنتج ستوارت رايد .

أما ضمن برنامج عروض السينما العالمية فيعرض في "فوكس 9" الساعة 45 .8 فيلم "رجلان في المدينة" للمخرج الجزائري الفرنسي رشيد بو شارب والذي فاز بجائزة الإنجاز المهني 2014 من المهرجان . وعرض الفيلم هذا العام في مهرجان برلين السينمائي .

ويعرض أيضاً الفيلم البريطاني الجديد "القمامة" لمخرجه الحائز الجوائز ستيفن دالدري، وذلك في قصر الإمارات الساعة 15 .9 . ويحكي الفيلم الأحداث الحاصلة لدى اكتشاف صبيين يعملان في جمع القمامة في أحد أحياء ريو الفقيرة محفظة نقود ضمن أكوام القمامة .

وضمن برنامج عروض السينما العالمية أيضاً العرض العالمي الأول للفيلم الإمارتي "كلنا معاً" في قصر الإمارات الساعة 11 بوجود المنتجة حنة مكي للإجابة عن تساؤلات الجمهور بعد العرض .

وأيضاً ضمن برنامج عروض السينما العالمية 2014 لليوم فيلم "ماكوندو" النمساوي الذي يعرض في "فوكس 4" الساعة 30 .9 . ويرصد الفيلم كيفية دفع الصراعات الأطفال إلى تحمل أعباء تفوق قدراتهم وسنهم .

ويمكن محبي أفلام الرعب والإثارة في أبوظبي الاستمتاع بمشاهدة قصة عن مصاصي الدماء بأسلوب "الوسترن" من خلال مشاهدة الفيلم الإيراني "فتاة تمضي إلى البيت وحيدة في الليل" من إخراج أّنا ليلي أميربور في "فوكس 1" الساعة 45 .3 .

ويعرض ضمن البرامج الخاصة لمهرجان أبوظبي السينمائي أيضا فيلمان للمخرج الفرنسي الشهير فرنسوا، أولهما "مصروف جيب" الذي أنتج في 1976 ويناسب جميع أفراد العائلة . ويحكي الفيلم قصة بأسلوب كوميدي الأحداث اليومية في حياة أطفال صغار زملاء في المدرسة، وذلك في "فوكس 2" الساعة 30 .3 بينما يعرض في الساعة 45 .8 في الصالة عينها فيلم "الليل الأمريكي" الكلاسيكي الذي أنتج في 1973 .

حوارات في السينما

يقام في الصالة 3 في قصر الإمارات بين 30 .2 و4 جلسة حوارية بعنوان "دعونا نعمل معاً - التركيز على الإنتاج العربي- الدولي المشترك" . ويشارك في الحوار عدد من المخرجين والمنتجين من أوروبا وكندا والعالم العربي، ويناقشون إذا ما كان يتوجب على صانعي الأفلام العرب التوجه نحو العمل في إنتاجات مشتركة عالمية للتأكد من نجاح أعمالهم بشكل عالمي .

وبين 6 و30 .8 مساء تقام أيضاً في الصالة 3 في قصر الإمارات أمسية خاصة من تنظيم المختبر الإبداعي في twofour54 مع الموسيقار والممثل العراقي الكندي ياسين السلمان المعروف باسم "نارسيسيست" والذي يشارك في مهرجان أبوظبي السينمائي لحضور العرض الأول لفيلمه الأخير "رايز" من إخراج علي مصطفى .

الخليج الإماراتية في

25.10.2014

 
 

مسابقة أفلام الإمارات ميدان تنافس 52 عملاً

صالح كرامة: راعينا توفر المقومات الفنية

أبوظبي - عادل رمزي:

أكد صالح كرامة مدير مسابقة أفلام الإمارات أن اختيارات لجنة المشاهدة والفرز للأفلام السينمائية القصيرة التي تتنافس هذا العام في المسابقة ضمن مهرجان أبوظبي جاءت بناء على ما تحمله من سمات ومقومات العمل السينمائي من حيث جودة الإخراج والحبكة واستخدام المؤثرات البصرية بما يناسب طبيعة الأحداث بجانب معايير أخرى تميز العمل السينمائي الجيد .

وأوضح كرامة ل "الخليج": زيادة عدد الأفلام المشاركة في مسابقة العام الحالي عنها في الماضي الذي نافس فيه 40 فيلماً، زادت هذا العام إلى 52 فيلماً مختارة بعناية من بين 200 فيلم عرضت على اللجنة تحظى بشرف المنافسة في المهرجان مع الوضع في الاعتبار أن جميع الأفلام المشاركة من إنتاج مخرجين من دول الخليج العربي .

وقال كرامة: نظراً لزيادة الأفلام هذا العام افتتحت صالة ثالثة لاستيعاب هذا العدد من الأعمال التي تعرض جميعاً في يوم وتعاد في اليوم الذي يليه، لافتاً إلى الإقبال الكبير من الجمهور على شراء تذاكر المهرجان ما يوضح المكانة الكبيرة التي يتمتع بها الحدث الذي يواصل تألقه منذ بدايته عام 2007 .

وأشار كرامة إلى أن أفلام مسابقة هذا العام تتميز بطرح جريء خاصة من الفتيات اللاتي يمثلن النسبة الأكبر من المشاركين، حيث تنوعت الموضوعات المطروحة ما بين مشاكل تخص المرأة وأخرى اجتماعية عامة وكان أبرز قضايا المرأة التي عالجتها بعض الأفلام الإلحاح على قضية الخصوصية، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية التي عولج كثير منها بمسحة إنسانية عاطفية، لكن أبرز ما تميزت به كل الأفلام لهذا العام بعدها عن الطرح المدرسي وتميزها من حيث العمق والحبكة وطريقة المعالجة.

وشدد كرامة على أن لجنة المشاهدة والفرز تمتعت بالحرية الكاملة في اختيار الأفلام المشاركة بناء على رؤيتها من دون أي تدخل من إدارة المهرجان، لافتاً إلى تعاونها البناء الذي لمسه عبر توفير كافة سبل الدعم لنجاح المسابقة في الظهور بالشكل الذي يليق بمهرجان أصبح له شعبية كبيرة .

ولفت كرامة إلى أن الأفلام القصيرة المشاركة تنوعت بين أكثر من لون فكان منها ما هو تجريبي ووثائقي وشاعري واجتماعي وغيره، موضحاً أن اختيارات اللجنة لم تأخذ في الحسبان نوعية الأفلام بقدر ما راعت أن يحمل الفيلم سمات العمل السينمائي الجيد، إضافة إلى أن التنوع في ألوان الأفلام المنافسة أضفى نوعاً من التغيير على موضوعات الأفلام . وعن المشاركة الطلابية قال كرامة إن من أهم الأهداف الرئيسية في مهرجان أبوظبي السينمائي تشجيع الطلاب على الاهتمام بالعمل السينمائي من خلال مشاركتهم الفاعلة فيه بأعمالهم السينمائية ووضعها في إطار التقييم الذي يساعدهم في معرفة مكامن القوة في أعمالهم وتطويرها في المستقبل، والتعرف إلى تجارب وخبرات أخرى تسهم في إثراء حسهم السينمائي، مع بناء جسر للتواصل بين الطلاب وصناع السينما في العالم بما يعزز من خبراتهم مستقبلاً ويدعم حماسهم للوصول بأعمالهم نحو العالمية .

وقال كرامة إن الجوائز المرصودة للمسابقة هذا العام تصل إلى 250 ألف درهم موزعة بين الأفلام الروائية والوثائقية القصيرة من إخراج الطلاب وغيرهم، مع إمكانية تقديم جوائز أخرى لأفضل فيلم إماراتي وأفضل تصوير وأفضل نص، على أن تمنح كل جائزة لفيلم واحد فقط .

وأوضح أن هناك فيلمين للرسوم المتحركة من ضمن الأفلام المتنافسة لهذا العام وهما فيلم "سوبر لوتشل" وهو من إخراج سارة العقروبي ومجموعة أخرى من الفتيات، والفيلم الآخر يحمل عنوان "البنت والوحش" وهو من إخراج محمد فكري وكلا الفيلمين من إخراج إماراتي وهو ما يبشر بنقلة نوعية في آلية إنتاج الأفلام الإماراتية .

وأضاف: من ضمن الأفلام التي تركز على التناقضات في الحياة الاجتماعية هو فيلم "فشلة" من إخراج منيرة الشامي وهو يحكي قصة فتاة لديها فارس أحلام تحلم بأن تقضي معه بقية عمرها إلا أن الظروف تشاء أن يتقدم لخطبتها شاب آخر يسعى إلى الزواج منها وبين رغبتها في فتى أحلامها وتقدم الشاب الأخر لخطبتها تصير مفارقات تظهر مدى التناقض التي يفرضه الواقع الاجتماعي . ويعرض فيلم آخر لبعض الأمراض الاجتماعية مثل التسلط، وهو "أبو محمد" للمخرجة هبة أبو موساعد الذي يحكي قصة أب يحاول أن يتكابر على آلامه الذاتية داخله ليفرض سيطرته على أبنائه، فيشعروا بمدى مرض والدهم الداخلي بوهم السيطرة وتعاليه على إظهار ضعفه الداخلي، ولجوئه إلى أفعال يستوضح بها مدى ما يكنه أبناؤه له من حب أو كراهية، إلى أن يتبين من خلال ذلك الحب الكبير الذي يكنه أبناؤه له رغم تعاليه وحبه للسيطرة، ويقوم بالتمثيل في الفيلم الممثل عبد المنعم عمايري والممثلة جوليت عواد .

ويحكي فيلم "تليفون" عن تجربة عاشها الكثير من الناس في وقت كانت فيه أجهزة الهاتف تقليدية ونادرة جداً في المنازل، حتى أن بطل الفيلم وبطلته كانوا ينتظرون الساعات في انتظار مكالمة من الحبيب، وما بين لحظات الانتظار تجري الكثير من المواقف والمفارقات .

ويتعرض فيلم الرسوم المتحركة "سوبر لوتشل" الذي أنجز بطريقة راقية لموضوع عن رغبة المرأة في التحرر من بعض القيود الاجتماعية مقابل أطماع الرجل الذي يضع الكثير من القيود أمام حريتها، وهو ما يتناوله أيضا فيلم "صرخة أنثى" من إخراج ناصر التميمي الذي يبحث عن مخرج تتمتع من خلاله المرأة بحقوقها الأساسية وأقلها الحق في الحركة والتنقل بحرية دون الحاجة إلى تقديم إيضاحات في كل مرة ترغب بالخروج فيها .

ويحكي فيلم "حورية وعين" من إخراج شهد أمين من السعودية قصة فتاة تحلم بالحصول على لؤلؤة من البحر في وقت يعمل فيه أبوها صياداً، ويتمكن الأب من اصطياد حورية من البحر ويهدي لابنته اللؤلؤة التي لطالما حلمت بها .

ويظهر فيلم "يوسف" من إخراج حامد الحارثي الصراع بين المرض والطموح مجسداً من خلال شاب معاق يسعى للتغلب على محنة الإعاقة للوصول إلى هدفه المنشود وهو العمل في إحدى الإذاعات المشهورة، إذ بعد صراع طويل مع المستحيلات يتغلب الشاب على كل التحديات ويحقق طموحه في أن يصبح إذاعيا مشهوراً .

ويجسد فيلم "كشك" للمخرج عبدالله الكعبي أبرز ظواهر الفيلم القصير الذي دائما ما يترك المشاهد أمام تساؤلات للبحث عن أجوبه محتملة، وهو يحكي قصة عجوز تعيش وسط الصحراء تتقوت من خلال جمع الحطب وخلال عملها يغمى عليها وأثناء ذلك يمر بها شاب ويحملها حتى بيتها وعندها تريد العجوز أن تكافئه على جميله إلا أنه يأبى أن يأخذ مالاً مقابل ذلك، لكن المفارقة اكتشاف العجوز أن هذا الشاب قد سرق مالها .

الخليج الإماراتية في

25.10.2014

 
 

مخرجون يتقنونها منذ 15 عاماً ولا يتخلون عنها

الأفلام السينمائية القصيرة . . قصة عشق لا تنتهي

تحقيق: عادل رمزي

15 عشر عاماً من العمل السينمائي في إنتاج الأفلام القصيرة، لم تكن كافية لتخلي بعض المنتجين والمخرجين عن الاستمرار في متابعة تقديم أفلام سينمائية قصيرة، فهم يرونها حقلاً للتجارب الإبداعية، ووسيلة لنقل أفكار الناس لا تسعفهم الإمكانات أحياناً في إيصالها من خلال الأفلام الروائية الطويلة التي تتطلب ميزانيات ضخمة . ومع الوقت أصبحت هذه الأفلام جزءاً من منتجيها، وغدت وسيلة لاستمرار إبداعهم السينمائي والتعبير عن أفكارهم وقضاياهم، دون البكاء على الميزانيات الضخمة، في وقت آمنوا فيه بأن "دقيقتين من العرض" ربما تكفيان لنيل رضا واستحسان المتفرجين أكثر من فيلم يتجاوز عرضه الساعتين، ولا يقدم أي مضمون يستحق المشاهدة .

"الخليج" التقت بعض المخرجين المشاركين بأعمالهم ضمن مسابقة "أفلام الإمارات" ممن لهم عدد من المساهمات والتجارب في إنتاج الأفلام القصيرة على مدى أكثر من 15 عاماً، في السطور التالية .

خالد المحمود تحدث بداية عن أسباب ارتباطه بالأفلام القصيرة قائلاً: الفيلم القصير يمتاز بالعديد من الخصائص التي تخلق رابطاً مهماً بينه وبين المخرج، خاصة في ظل عدم وفرة الإمكانات التي تدعم إنتاج الأفلام الروائية الطويلة، ومن هذه المميزات أنه مختصر وملخص ومركز، فكلما كان الفيلم قصيراً، كان أفضل نظراً إلى أن نوعية هذه الأفلام غالباً ما تعرض في مهرجانات تضم عدداً كبيراً من الأعمال، وكلما كانت مدته قصيرة ورسالته واضحة كان أفضل، وذلك يناسب إمكانات المخرجين في ذات الوقت .

وأضاف المحمود: الفيلم القصير يمثل حقل تجارب للمخرجين خاصة المبتدئين، فهو يساعدهم على إبراز الجوانب الإبداعية التي يريدون التعبير عنها، وأي عمل لابد من أن يمر في البداية بمرحلة أولى ومرحلة وسطية وثالثة نهائية، ومن ثم فإن الفيلم القصير كمرحلة أولى لأي مخرج من الأهمية بمكان لأنها تكسبه الخبرات اللازمة للتعامل مع كل مرحلة فنية في حياته بالشكل المناسب، وبما لا يخلق لديه فجوة في المهارات التي عليه اكتسابها ليصبح مخرجاً متميزاً .

وعن أدوات الفيلم القصير قال: هي ليست بالكم الهائل المطلوب للفيلم الروائي الطويل، ما يسهل كثيراً من عملية إنتاج وإخراج هذه الأفلام، وفي نهاية الأمر يكون لدى المنتج مشروع عمل سينمائي مكتمل الأركان، وقد يمثل بداية حقيقية للوصول إلى عالم الأضواء والشهرة واكتشاف قدراته في إنتاج الأفلام الطويلة، علماً أن الدعم الذي تلقاه الأفلام القصيرة قد يتوفر للطويلة، لأنها لا تحتاج إلى كم من المنتجين والمصورين والفنيين وأماكن تصوير وحتى صالات عرض، إذ أصبح من الممكن عرض الفيلم القصير عبر الوسائط الإعلامية أو شبكة الانترنت ليصل إلى عدد كبير من الجمهور .

أما فكرة الفيلم القصير فشرح المحمود أنها قد تكون مفتاحاً لفيلم أطول يتناولها بتوسع، لكن سيظل السبق لطرح الفكرة منوطاً بمن أخرجها من العدم، وجعل منها عملاً فنياً بأقل الإمكانات، ولفت أنظار الناس إليها، لأن إنتاج الفكرة أفضل من وأدها وانتظار فرصة ربما لن تأتي لإخراجها إلى العلن، ومن المتعارف عليه أن الصعود لا يأتي فجأة من دون مقدمات أو مؤشرات وقد يكون الفيلم القصير أحد مؤشرات هذا الصعود مستقبلاً .

عبد الرحمن المدني مخرج فيلم "نقافة" الذي يشارك فيه ضمن فئة الأفلام الروائية القصيرة رأى أن الفيلم القصير يمثل أهم البدايات لأي مخرج لأنه يكسبه مزيداً من الخبرة، نظراً إلى أن كتابة سيناريو الفيلم القصير تتطلب الحرفية والفنيات نفسيهما اللتين تتطلبهما كتابة الفيلم الطويل، مشيراً إلى أن تقديم فيلمه إلى مسابقة أفلام الإمارات لهذا العام تطلب منه العمل لمدة ستة أشهر كاملة، نظراً لأهمية كتابة السيناريو الذي يعد أهم مراحل الإنتاج في العمل السينمائي .

ولفت المدني إلى أن استمراره في إنتاج الأفلام القصيرة يأتي بهدف اكتساب المزيد من الخبرة التي تؤهله في المستقبل لتقديم الأعمال الروائية الطويلة، مشيراً إلى أن التجارب تكسب المرء الخبرة وتعزز الطموح، خاصة في العمل السينمائي الذي يتطلب حرفية ومهنية عاليتين، لما يتكلفه من ميزانيات ضخمة .

المدني أوضح أن مزاولته إنتاج هذه النوعية تأتي من قبيل أن الفيلم القصير يمنحك الفرصة للتعبير عن كل ما يدور بداخلك من أفكار، من دون حساب للتكاليف، ما يجعل حرية الإبداع أكبر عما هي عليه في الأفلام الطويلة التي تتطلب عملاً لوجستياً كبيراً وارتباطها بمتغيرات أخرى مثل رغبات وميول الجمهور التي تتحكم في كافة مراحل الإنتاج، بينما لا يحتاج الفيلم القصير إلى الاهتمام بكل هذه التفاصيل أو مراعاة هذه المتغيرات، خاصة إذا لم يكن يسعى إلى الربح وإنما إلى إيصال رسالة ما .

وتابع المدني: من مميزات العمل في إنتاج الأفلام القصيرة أن نوعية هذه الأفلام مهمة لمعالجة الأحداث السريعة أو التي وقعت في إطار زمني قريب، ومن أبرزها تلك الوثائقية، في حين أن هذه القضية تستغرق شهوراً وسنين لتنفيذها في الأعمال الطويلة لما تتطلبه من وقت وجهد ومال . أضف إلى ذلك أن "القصير" غالباً ما يبتعد عن "الأكليشهات" الجاهزة بعكس بعض الأفلام الطويلة التي لا تقدم مضموناً جديداً، حيث إن أغلبية الأفلام القصيرة تهتم بمعالجة جزئية ما وتضعها موضع التحليل والعرض ومن ثم يعمل المخرج على تقديمها بالشكل الملائم، من خلال وسائل التشويق والإثارة .

رونق خاص

ناصر اليعقوبي رأى أن الأفلام القصيرة لها رونقها الخاص وهي مجال إبداع له خصوصيته وتفرده، وقد يظن البعض أن إنتاج مثل هذه الأفلام أمر يسير في حين أن الفيلم القصير يحتاج إلى جهد كبير وتركيز أكبر، ويتطلب تحقيق كافة عناصر ومقومات العمل السينمائي الجيدة وفي مدة قصيرة فتصل إلى غايتها وأهدافها بما يتوافق مع احتياجات وعقل المشاهد واستيعابه مضمون الفكرة .

اليعقوبي أوضح أن الفيلم القصير غالباً ما يتناول ظواهر محيطة به وهو ما يقربه إلى الواقعية ويكسبه المزيد من الاهتمام، إذا ما أحسن المخرج استخدام أدواته، وإذا ما استطاع السيناريو أن يعبر عن القضية وما فيها بشكل إبداعي، ومن ثم فإن الفيلم القصير في أحيان كثيرة يكون أفضل تعبيراً عن الواقع، بينما العديد من الأفلام الطويلة يركز على مضامين أخرى لا تقع في إطار اهتمامات المشاهد وإن كانت لها أهداف أخرى بذات الأهمية على المستوى الإنساني أو الاجتماعي في موضوع المعالجة والطرح .

وأضاف أن الأفلام القصيرة هي أفضل بوابة لاكتساب الخبرة، ومن المهم لمن يريد التفوق في مجال السينما أن يمر بها لاستخلاص ما فيها من دروس تدعم توجهه في المستقبل وتزيد من ثقته بقدراته، وتثقل مواهبه، وتحسن أدواته .

ولفت اليعقوبي إلى أن علاقته بالفيلم القصير لم تنقطع منذ 15 عاماً، لأنها إبداع قائم بذاته، ونافذة مهمة للتعايش مع مشكلات الحياة وطرح حلول عملية لها، ولأن رسالة أي فنان لا يمكن أن تنفصل عن واقع مجتمعه، فإن استثمار نوعية الأفلام القصيرة في المعالجة أفضل من الانتظار، حتى لو استمر العمل من خلالها طويلاً .

الخليج الإماراتية في

25.10.2014

 
 

أفلام تناولت أوضاع المنطقة العربية بعين إنسانية

«أبوظبي السينمائي».. غــاب «الربيع» وحضرت أوجاعه

المصدر: إيناس محيسن ـــ أبوظبي

«ليس للسياسة مكان في المهرجان»، هكذا أكد مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الحالية، التي تستمر من 23 أكتوبر الجاري إلى الأول من نوفمبر، لكن البحث في برنامج عروض المهرجان، الذي لابد أن يصيب المشاهد بحيرة شديدة، لما يتضمنه من أفلام تشكل مادة مغرية لمحبي السينما، وإن اختلفت أذواقهم واهتماماتهم، يكشف أن هذا التصريح لم يعن غياب السياسة عن مضمون الأفلام المعروضة، بقدر ما يرتبط باعتماد إدارة المهرجان معايير صارمة في اختيار الأفلام، دون النظر إلى الطابع السياسي، لذا فكثير من الأفلام ليس لها مكان في «أبوظبي السينمائي»، بحسب ما ذكر مدير البرامج العربية وبرنامج سند، انتشال التميمي، عند الإعلان عن برنامج الدورة الحالية. فالسياسة حاضرة بقوة في عدد غير قليل من الأفلام المهمة التي يعرضها المهرجان هذا العام، وإن تدثرت برداء اجتماعي حيناً أو رومانسي وإنساني في أحيان أخرى.

يمكن القول إن «الربيع العربي» توارى عن الشاشة في أفلام «أبوظبي السينمائي»، لكن حضرت أوجاعه وآلامه وجروحه بقوة في نفوس أبطال الأفلام، وأحياناً صناعها أيضاً، بداية من فيلم الافتتاح «من ألف إلى باء»، للمخرج علي مصطفى، فالمحرك الأول لأحداث الفيلم هو موت صديق الأبطال الثلاثة في أحداث لبنان 2006، ورغبتهم في تحيته بالذهاب في رحلة برية إلى بيروت، وفي الطريق توقف الأصدقاء في درعا السورية، ليكشف الفيلم حجم الدمار الذي تعرضت ومازالت تتعرض له، المدن السورية، ومعاناة السكان وهم يدفنون كل يوم أحباءهم وأبناءهم. من واقع سورية، كذلك يأتي فيلم «العودة إلى حمص»، للمخرج السوري طلال ديركي، الذي حصل على جائزة في مهرجان ساندانس الأميركي للسينما المستقلة، ويروي الفيلم قصة واقعية عن شابين في المدينة القديمة التي شهدت الكثير من القتل والتدمير، الأول هو عبدالباسط الساروت، حارس المرمى السابق للمنتخب السوري للشباب لكرة القدم ونادي الكرامة، الذي أضحى مع بداية الاحتجاجات أحد أبرز الأصوات التي تقود التظاهرات بالأناشيد، قبل أن يتخلى عن الحراك السلمي ويحمل السلاح، والثاني أسامة، طالب جامعي ساخر، أصبح من أبرز الناشطين الإعلاميين الذين يوثقون يوميات النزاع، إلى حين اعتقاله وانقطاع أخباره. ومن سورية أيضاً يعرض الفيلم الوثائقي «ملكات سورية»، إخراج ياسمين فضة، التي توثق في الفيلم الذي حظي بدعم «صندوق سند»، ويشهد المهرجان أول عرض عالمي له، قصص مجموعة من النساء السوريات اللاجئات في الأردن، عبر نسخة عربية مأخوذة عن «نساء طروادة»، أقدم نصوص الروائي المسرحي اليوناني يوربيديس480 ـ 406 ق.م. وتحكي المسرحية الأصلية معاناة النساء زمن الحرب، لكن يتغير السلاح والحرب تبدو أبدية. من هذا المنطلق، يبحث الفيلم في التشابه الكبير بين مصير النساء في سورية، ومصير نساء طروادة، عبر صور بصريّة متشابهة، مربكة، ويائسة. وكالعادة، تحتفظ القضية الفلسطينية بحضور شبه دائم في عروض مهرجان أبوظبي السينمائي، ويعرض هذا العام فيلم «المطلوبون 18»، من إخراج عامر شوملي وبول كاون، وهو من الأفلام التي حازت منحة «سند»، ويعرض الفيلم قصة حقيقية من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، إذ تبدأ مجموعة من الفلسطينيين بعمل تعاونية لإنتاج «حليب الانتفاضة»، لكن الجيش الإسرائيلي يأمر بإغلاق المزرعة، بعد إعلان أن الأبقار «تهديد للأمن القومي». ورغم الفارق الزمني والقالب الاجتماعي والنفسي الغالب، لا يبتعد فيلم «ذيب»، للأردني ناجي أبونوار، عن السياسة والصراعات في المنطقة، لكن تدور أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى، وما شهدته من مواجهات خطرة بين المرتزقة العثمانيين والثوار العرب والمغيرين من البدو في الصحراء العربية، من خلال قصة الفتى البدوي «ذيب» وشقيقه الأكبر حسين. وحصل الفيلم الذي حاز دعماً من «سند» أيضاً، جائزة أفضل مخرج في مسابقة «آفاق جديدة»، ضمن الدورة الـ71 من مهرجان فينيسيا السينمائي. بينما يتناول الفيلم العراقي «صمت الراعي»، للمخرج رعد مشتت، في أول عرض عالمي له، فترة حكم صدام حسين، وصمت العراقيين على ما شهدته تلك الفترة، بسبب البطش والقتل، حيث تكتشف طفلة صغيرة مع أحد الرعاة بالمصادفة مقبرة جماعية بالقرب من قريتها. بينما يناقش فيلم «ذكريات منقوشة على حجر»، لشوكت أمين كوركي، معاناة أكراد العراق خلال حكم صدام، عبر قصة صديقين يقرران تقديم فيلم عن الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأكراد في 1988. ومن الجزائر؛ يعرض الفيلم المثير للجدل «الوهراني»، للمخرج إلياس سالم، ويتناول تاريخ الجزائر، وفترة استقلال الجزائر من خلال قصة إنسانية تتحدث عن التضحية والصداقة والحب، بنيت على خلفية علاقة صداقة ونضال بين بطل الفيلم جعفر الملقب بـ«الوهراني» وحميد، وتطرقت لقضايا تمس المجتمع وإمكانية المصالحة عقب الحرب. وكان الفيلم لاقى بعض الهجوم من أصوات رأت فيه خروجاً على آداب الحوار المتعارف عليها. هناك أيضاً فيلم «الوادي»، للمخرج اللبناني غسان سلهب، الذي يقدم لانعكاسات الحروب على حياة البشر. الثورات والحروب وما تجره على البشر من أهوال ومعاناة حضرت في أفلام أجنبية كذلك، مثل فيلم «71» للمخرج يان دومانج، وتدور أحداثه في بلفاست خلال الاضطرابات التي شهدتها أيرلندا الشمالية، وما تجره على المدنيين والجنود. ويتناول فيلم «معسكر أشعة أكس»، للمخرج الأميركي بيتر ستيللر، وتقوم ببطولته الفنانة كريستين ستيوارت بطلة سلسلة أفلام «تويلايت»، وتؤدي دور مجندة تنتقل للعمل في معسكر «غوانتانامو»، وهناك تربطها علاقة إنسانية وعاطفية مع أحد السجناء المسلمين. ويتناول فيلم «صوب وإطلق النار»، لمارشال كوري، الحائز جائز ترايبيكا لأفضل وثائقي الأوضاع في ليبيا، قبيل وأثناء قيام الثورة بها على 2011، من خلال رجل يسجن لأنه عضو في مجموعة ثورية.

«المطلوبون 18»

يعرض فيلم «المطلوبون 18»، من إخراج عامر شوملي وبول كاون، وهو من الأفلام التي حازت منحة «سند»، قصة حقيقية من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث تبدأ مجموعة من الفلسطينيين بعمل تعاونية لإنتاج «حليب الانتفاضة»، لكن الجيش الإسرائيلي يأمر بإغلاق المزرعة، بعد الإعلان أن الأبقار «تهديد للأمن القومي».

الإمارات اليوم في

25.10.2014

 
 

فيلم إماراتي يفتتح الدورة الثامنة من المهرجان

«من ألف إلى باء».. في كل محطة حكاية

المصدر: عُلا الشيخ ـــ أبوظبي

التساؤل كان واضحاً على وجوه مشاهدي الفيلم الإماراتي «من ألف إلى باء»، الذي افتتحت به الدورة الثامنة من مهرجان أبوظبي السينمائي «أين الإماراتي في الفيلم؟».

والجواب سيكون مخرجاً له علاقة باللغة السينمائية، التي قد تغيب عن بال مشاهدين يريدون المباشرة، وهو أن الإماراتي في الفيلم لم يكن بطلاً من لحم ودم، بل هو فكرة لها علاقة بأن الإمارات التي يعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية، هي بلد الأمن والأمان، حتى لهؤلاء المقموعين والمضطهدين وغير القادرين على العودة إلى أوطانهم، لأسباب سياسية واجتماعية.

وبما أن هذه المرة تعد الأولى التي يُفتَتَح فيها المهرجان بفيلم إماراتي، الذي يقوم ببطولته الفنانون فهد أبوطريري وشادي ألفونس وفادي الرفاعي، وضيوف الشرف، بطل «الجنة الآن» الفلسطيني، علي سليمان، وعبدالمحسن النمر، وخالد أبوالنجا، وسامر المصري، ومن إخراج الإماراتي علي مصطفى، فقد كان الاحتفاء به في ليلة كهذه له علاقة بالفخر.

وللحديث عن الفيلم من المنصف التطرق قليلاً لطبيعة الأبطال الثلاثة الذين ظهروا على أنهم من طبقة اجتماعية غنية، سعودي نصفه ايرلندي، ومصري من عائلة مرموقة، وسوري ابن سفير، تجمعهم حكاية مرت عليها خمس سنوات، بعد فقدان صديقهم اللبناني في أحداث الضاحية ببيروت عام 2006، وتدور القصة حول الشاب السوري الذي يحمل ذنب أن صديقه اللبناني استشهد وهو على خلاف معه بعد أن استولى على حبيبته.

يلتقي الشباب الثلاثة، يوسف السعودي، وعمر السوري، ورامي المصري، بعد انقطاع دام خمس سنوات، بطلب من صديقهم السوري، الذي يقترح عليهم القيام برحلة من العاصمة أبوظبي إلى بيروت، كما كان متفقاً عليه قبل خمس سنوات، وهي الرحلة التي ألغيت آنذاك بسبب خيانة عمر صديقه الشهيد هادي. الفيلم يدور زمانه بعد ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، وبدايتها في سورية، والطريق إلى لبنان سيكون من أبوظبي إلى السعودية، ثم إلى الأردن ، وانتهاء بسورية، قبيل الوصول إلى لبنان.

في كل محطة حكاية ترويها أحداث الفيلم، ففي السعودية بلد يوسف المقيم في الإمارات، تظهر علاقة يوسف مع الحالة العامة، فشخصية يوسف في الفيلم هي الأساسية من ناحية اجتماعية وسياسية، أما الشاب السوري عمر فالتقى في الأردن فتاة من درعا، كانت على علاقة عابرة مع هادي قبيل ذهابه إلى بيروت، حتى هذا الاكتشاف لم يكن مؤثراً في العمل، لأن القصة انتقلت إلى درعا بعد مجازر ارتكبت بحق الأطفال، فتقرر الفتاة الذهاب معهم إلى سورية للاطمئنان على عائلتها هناك.

سورية في الفيلم كانت قضيتها منصفة إلى حد ما، فالشباب يدخلون الحدود السورية متجهين إلى درعا بسيارة تحمل أرقاماً إماراتية، تلحقهم شاحنة مكتظة بجنود النظام، يضربوهم ويشتمونهم، خصوصاً عندما يعلمون جنسياتهم، فيزيد حنقهم بشكل مضاعف، وينقذهم جواز سفر الشاب السوري الدبلوماسي.

في حوار بين الضابط وعمر ابن السفير رسالة، ومثل دور الضابط الفنان خالد أبوالنجا.

أبوك انشق؟

لا.

بيقدر يطلعني من هون؟

ما بوعدك، لأني ما بحكي معه.

هذا المشهد كان يحمل في طياته الكثير، خصوصاً أن عنصراً صغيراً في الجيش، مقارنة مع الضابط الكبير، كان يراقبه عن بعد.

أفرج جيش النظام عن الشباب الثلاثة، واستطاعوا إيصال الفتاة إلى عائلتها، وفي طريقهم وجدوا مئات العائلات تنتحب، ليعلموا أنهم في حالة التعرف إلى جثث ذويهم، هنا يقفز رامي المصري الذي يظهر كمدمن على شبكات التواصل الاجتماعية، ويقوم بتصوير كل شيء، إلى أن تقع كاميرته في يد ثوار درعا. يقتاد ثوار درعا الشباب إلى مقرهم، يستجوبونهم، ويطلبون في النهاية طلباً واحداً فقط بلسان قائدهم، الذي أدى دوره الفنان السوري سامر المصري «وصلوا اللي شفتوه، بكل تفاصيله للعالم، بلكي تحرك».

ويفرج عنهم، ويصلون أخيراً إلى بيروت في يوم عيد ميلاد صديقهم الشهيد هادي، يقفون أمام قبره، يعبرون عن اشتياقهم له، ويرحلون، ومع أن الحكاية بنيت على أساس الوصول إلى القبر، إلا أنها لم توصل الرسالة المطلوبة، وباتت رمادية، خصوصاً عندما وقف عمر أمام قبر هادي ولم يقل شيئاً مهماً.

الفيلم الذي أنتج بالتعاون ما بين «تو فور 54» و«إيمج نيشن أبوظبي» مع المنتجين محمد حفظي وبول بابودجيان، وجرى تصوير آخر مشاهده في العاصمة الأردنية عمّان خلال شهر مايو الفائت، واستمر تصويره 26 يوماً من العمل، لم يكن خلاباً بمشاهد الرحلة التي قررها الأصدقاء، والأحداث السياسية فيه كانت أقوى من السيناريو الذي كان بين الأصدقاء، والتعاطف لم يكن على حال صداقتهم المبتورة بقدر التعاطف مع تلك القضايا السياسية.

الإمارات اليوم في

25.10.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)