دأب صناع السينما في العراق بعد عام 2003 على مواكبة الفعاليات
السينمائية كافة للحاجة الماسة لإثبات ذواتهم في منافسة العديد من
رواد وشباب السينما في العالم، وأمام مثل هذه الطموحات لا يسعنا
إلا أن نشير بإحترام شديد إلى التجارب السينمائية التي عززت من
مكانة السينما العراقية في هذه المحافل للدرجة التي اصبحت فيها
محترمة ومرموقة، ومع افتتاح مهرجان ابو ظبي السينمائي في دورته
الثامنة تبرز المشاركة العراقية بمجموعة من الأفلام الروائية
الطويلة والقصيرة والوثائقية والتي نستعرضها بشكل سريع.
في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة يشارك فيلم (ذكريات
منقوشة على حجر) للمخرج شوكت أمين كوركي وهو من إنتاج عراقي ألماني
قطري مشترك، ويتطرق إلى قضية الإبادة الجماعية التي تعرض لها
الأكراد في عهد نظام صدام حسين، حيث يقرر صديقا الطفولة حسين وآلان
تقديم فيلما يوثق ما حصل للكرد في عهد نظام صدام من إبادة جماعية
عام 1988 لتبيان الحقائق والتصالح مع ذاتيهما، حيث يضعان كل شيء
على المحك بما في ذلك حياتيهما. وعن الفيلم يقول الناقد اللبناني
نديم جرجورة أنه "عبارة عن مجموعة من الذكريات المقيمة في تلك
المجزرة الرهيبة، من دون أن يُحوّل الإنسانيّ والأخلاقيّ إلى صُور
بصرية أكثر تماسكاً وإبداعاً وجمالاً فنياً، على الرغم من قسوة
الجريمة (182 ألف قتيل كوردي)، لكن الجريمة بحدّ ذاتها لا تظهر في
الفيلم (93 د.) أبداً، بل تنبعث أصواتها الخافتة وروائح بشاعتها
بهدوء في طيات المسار الحكائي.
المخرج السينمائي حسين يعيش كابوس مقتل والده (عارض الأفلام) على
أيدي جنود صدام حسين قبل سنين عديدة، السينما، بالنسبة إليه، علاج،
واستعادة الجريمة محاولة للتحرّر من وطأتها، يُعاني كثيراً على
مستويين: عدم جرأة أي فتاة كوردية لتأدية الشخصية النسائية الأولى،
وغياب التمويل. سينور (شيما مولايي) تخترق المحرّم، وتواجه المنع،
وتقبل بما لا تريده (الزواج من قريب لها) كي تؤدّي الدور المنشود.
السبب؟ قُتل والدها هي أيضاً على أيدي الصدّاميين. كما أن بلاتوهات
التصوير موجودة في المدرسة ـ السجن الذي أُسِر والدها فيه قبل
قتله. مفارقات، بعضها مُضحك، تؤدّي إلى خاتمة لا تقلّ ألماً عن
الفعل الجُرمي. حبّ وغيرة وتقاليد ومحاولة قتل ونجومية وأموال
«أثرياء حروب» وغيرها من العناوين حوّلت تلك الذكريات المرمية على
الحجارة إلى تحية وفاء للضحايا الكورد".
أما المشاركة الثانية فهي العرض السينمائي العالمي الأول لفيلم
(صمت الراعي) للمخرج رعد مشتت، والذي سيعرض ضمن مسابقة "آفاق
جديدة" وهو من إنتاج دائرة السينما والمسرح لحساب وزارة الثقافة
العراقية ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، وتدور قصته
حول الفتاة (زهرة) البالغة من العمر ثلاثة عشر عاماً القروية التي
تعيش في جنوبي العراق في عهد صدام وتختفي ذات يوم في ظروف غامضة
عندما تذهب لجلب الماء. يتعهد والدها بتحقيق العدالة لابنته، ولكن
الشخص الوحيد الذي يعرف ما حدث يبقى صامتاً.
وفي هذا الصدد قال المخرج مشتت "إن أحداث الفيلم تدور في محيط
منطقة الرميثة في محافظة السماوة جنوب العراق، وأنه يتحدث عن موضوع
الصمت عن الجرائم الذي أدى إلى تراجع العالم العربي، من خلال أحد
الرعاة الذي يشاهد جريمة بشعة ولم يفصح عنها، وهو الشاهد الوحيد
بسبب الخوف من السلطة في عهد النظام السابق. ويضيف: "صمت هذا
الراعي أدى إلى نتائج عكسية للناس المحيطين به والمرتبطين بالقصة
بشكل أساسي، لأنهم أصبحوا في موت مؤجل ومستمر بسبب الصمت، حيث إن
الخروج إلى الحرية يحتاج إلى إزالة الخوف والصمت"، مؤكدا أن عدم
وجود بنى تحتية للسينما العراقية يمثل مشكلة معقدة أمام
السينمائيين لاسيما وأن السينما هي مرآة الشعوب.
ويشارك الفيلم الوثائقي (الأوديسة العراقية) للمخرج سمير جمال
الدين في المهرجان في فئة الأفلام الوثائقية الطويلة وهو من إنتاج
العراق وسويسرا والإمارات والمانيا ويعرض الفيلم الثلاثي الأبعاد
قصة عائلة المخرج المهاجرة التي سافرت على مدى نصف قرن، حيث يستعيد
الجميع الأحلام التي سحقتها ويلات الديكتاتورية.
وفي برنامج السينما العربية في المهجر سيعرض فيلمان الأول (الأب)
للمخرج هشام زمان وهو فيلم قصير من إنتاج مشترك بين العراق
والنرويج عام 2005 عن أب وابنه يتجاوزان الحدود العراقية التركية
بطريقة غير شرعية ويلقى القبض على الأب الذي يتجاهل صراخ الإبن من
أجل أن ينعم بحياة سعيدة. ويعرض أيضا فيلم (الحرب) للمخرجين محمد
الدراجي وتوم فان در فلبين وهو من إنتاج العراق والمملكة المتحدة
عام 2003 ويبحث الفيلم في تأثيرات الحرب على الحياة بشكلها الاعم
وعلى الطفولة بشكلها الخاص، ففضلا عن الخراب الداخلي فانها تخلف
اقتصادا متدمرا للبلدان المتحاربة وهي ايضا تولد خرابا في المجتمع
لا سيما في بنية الطفل الذي ينشأ في ظل الحروب التي هي بكل أشكالها
وصورها أداة لتخريب الذات البشرية وتستهدف الانسان بداخله وبنائه
الاجتماعي.
ويبدو أن التواجد العراقي في المهرجان ضعيف نسبيا من ناحية الكم إذ
سيعرض في فعاليات المهرجان المختلفة قرابة 197 فيلماً من 61 دولة،
إلا أنها مشاركة نوعية ففضلا عن الفيلمين القصيرين فان الثلاثة
أفلام الأخرى تشارك في مسابقات رسمية مهمة.
"من ألف إلى باء" فتح صفحة جديدة في عمر المهرجان
كوكبه من
نجوم وأهل الفن السابع على السجادة الحمراء لـ "أبوظبي
السينمائي"
أبوظبي ـ "سينماتوغراف"
انطلقت ليلة أمس الدورة الثامنة لمهرجان أبوظبي السينمائي في أجواء
احتفالية وحضور عدد كبير من النجوم وأهل السينما على السجادة
الحمراء، ومضت عدسات المصورين وتسابق الصحافيون لمقابلة نجوم
وسينمائيين من أمثال المنتج الأميركي إدوارد بريسمان والفرنسي-
الجزائري رشيد بوشارب اللذين كرّمهما المهرجان بجائزة اللؤلؤة
السوداء للمنجز الإبداعي. وداخل قاعة قصر الإمارات الكبرى، التف
الحضور حول الكلمة الإفتتاحية لمدير المهرجان علي الجابري التي
أشار فيها إلى تطور المهرجان، مضيئاً الجوانب والمنجزات التي جعلت
منه حدثاً سينمائياُ منتظراً و"سنداً" للسينمائيين العرب من خلال
صندوقه. كذلك أشاد الجابري بما اعتبره الإنجاز الأهم للمهرجان وهو
قدرته "أن يصبح جزءاً من مدينة أبوظبي، وحاجة حيوية ، تتنفسه
ويتنفسها".
بعدها، اعتلت المسرح ممثلة لجيجر- لوكولتر، شريك المهرجان الرئيسي،
من خلال تقديمها جوائز التمثيل والإنجاز المهني لتقدم الجائزة إلى
المنتج الأميركي بريسمان الذي استطاع خلال 30 عاماً انتاج ما يفوق
الثمانين فيلماً واكتشاف عدد كبير من المخرجين الذي أصبحوا اليوم
في مصاف السينمائيين البارزين. الجائزة الثانية قدمتها حفيدة
تشارلي تشابلن كارمن إلى المخرج والمنتج رشيد بوشارب عن مجمل
مسيرته الإبداعية التي تخللتها أفلام ذات أهمية تاريخية واجتماعية
وسياسية وترشح ثلاثة منها لأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية.
وسيعرض بوشارب أحدث أفلامه، "رجلان في المدينة"، في المهرجان ضمن
فئة "عروض السينما العالمية".
كذلك، دعا مقدم الحفل رؤساء أعضاء لجان التحكيم إلى المسرح: عرفان
خان، كاثرين دوسارت وكريستينا فوروس رفقة أعضاء اللجان.
ولتقديم فيلم الإفتتاح الذي فتح صفحة جديدة في عمر المهرجان لكونه
أول افتتاح بفيلم إماراتي، استقبل الجابري على المسرح مخرج الفيلم
علي مصطفى، المنتجين محمد حفظي وبول بابودجيان والمدير التنفيذي لـ
"إيمج نيشن" مايكل غارين، المشاركة في إنتاج الفيلم.
"من الف إلى باء" هو الفيلم الروائي الطويل الثاني لمصطفى بعد "دار
الحي" ويمثل تجربة فريدة لجهة تضافر جهات إنتاجية مختلفة. يحكي
فيلم الطريق هذا قصة ثلاثة أصدقاء طفولة فرّقتهم السنين، يقررون
استعادة علاقتهم والسفر من أبوظبي إلى بيروت، للإحتفال بذكرى
صديقهم "هادي" الذي ذهب قبل خمس سنوات إلى بيروت وفارق الحياة
هناك. شكّل اعتماد المخرج على ثلاثة شبّان لم تكن لهم تجارب سابقة
في التمثيل قوة دفع كبيرة للفيلم، رسّخها مصطفى باختيار عدد كبير
من النجوم والمخرجين من معارفه وأصدقائه للعب أدوار ثانوية بدت
كأنها تحيّة منهم لهذا الفيلم. ومن هؤلاء: النجوم علي سليمان وخالد
أبو النجا وعبد المحسن نمر وسامر المصري، والمخرجون نواف الجناحي
وخالد المحمود وعهد كامل وغيرهم. عناصر عديدة شكّلت أساسات هذا
الفيلم، في مقدمها قرب المخرج سنّاً وهموماً من شخصياته، في مدينة
متنوعة الأجناس، إضافة إلى الخيارات الصوتية من موسيقى وأغانِ،
وجرعة الكوميديا الموزونة التي ستُمهّد الطريق للفيلم كي يخاطب
الجمهور الواسع عن طريق العروض التجارية التي ستنطلق مطلع السنة
المقبلة.
وبواقع 197 فيلماً طويلاً وقصيراً من 61 دولة، تنطلق فعاليات
الدورة الثامنة من المهرجان اليوم الجمعه، حيث يتضمن في مسابقاته
الرئيسية مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، التي ينافس فيها 17
فيلماً على 6 جوائز بقيمة 225 ألف دولار . وفي مسابقة "آفاق جديدة"
المخصصة للأعمال الروائية لمخرجين في تجاربهم الإخراجية الأولى
والثانية، تنافس الأفلام 19 على 6 جوائز بقيمة 225 ألف دولار،
وتنافس على 4 جوائز بقيمة 195 ألف دولار في مسابقة الأفلام
الوثائقية الطويلة التي يحظى المشاهدون فيها بمشاهدة 17 فيلماً
يستعرض أهم وأبرز القضايا الواقعية من مختلف أرجاء العالم.
ومن عروض السينما العالمية المختارة من بين أبرز الأفلام الحديثة
من إنتاج العام 2014 من أنحاء العالم، سيصوت الجمهور للفيلم الأفضل
من بين 32 فيلماً ليحصل الفيلم الفائز على جائزة قدرها 40 ألف
دولار، وفي مسابقة الأفلام القصيرة يتنافس 28 فيلماً على 6 جوائز
قيمتها 105 آلاف دولار.
للكوري الجنوبي هونغ سانغ ـ سو
"تلة الحرية".. كسر السرد التقليدي لقصّة حبّ
"سينماتوغراف" ـ أبوظبي: مصطفى المسناوي
لا يخرج هونغ سانغ ـ سو، في فيلمه الجديد "تلة الحرية" (مسابقة
الأفلام الروائية الطويلة) في الدورة الثامنة لمهرجان ابوظبي
السينمائي، عن الموضوعات والانشغالات التي سبق أن تناولها في
أفلامه السابقة. كما أنه لا يبتعد عن مقاربته الجمالية الفنية
وأسلوبه السينمائي الخاص، اللذين يجعلان منه واحداً من أبرز وجوه
سينما المؤلّف في السينما الكورية المعاصرة. غير أن هذا الوفاء لم
يحل بينه وبين تقديم شكل من "التنويع" على أفلامه الأخيرة، يبتعد
فيه عن عالم السينما وفضاء معهدها بالعاصمة، وعن قصص الحب التعيسة
بين أستاذ السينما وطالبته، ليروي حكاية الشاب الياباني موري، الذي
يأتي إلى سيؤول لفترة لا تتعدّى أسبوعين، بحثا عن فتاة كورية (كوون)
تعرّف عليها قبل سنتين عندما كان يدرّس بمعهد للّغات، واكتشف، حين
عاد إلى بلده، أنه يحبّها فعلاً، فيُقرّر العوة إليها لتمتين
علاقته بها، وتطويرها نحو الزواج.
في "تلة الحرية" (الفيلم الروائي الطويل السادس عشر للمخرج، في
عشرين عاماً تقريباً)، لا يهتم سانغ ـ سو كثيراً بالصورة، بل يركّز
أكثر على الشخصيات والمواقف التي يخلقها اللقاء بين بعضها البعض،
وعلى الحوار بالدرجة الأولى. لذلك، يمتلىء الفيلم باللقطات الطويلة
الثابتة التي تجلس شخصيتان فيها وجهاً لوجه، وتتحدثان فترة طويلة،
من دون قطع، ومن دون أي حركة للكاميرا، باستثناء حركة "زووم"
تقليدية، تقرّبنا من الشخصيتين أو من إحداهما، أو تبعدنا عنهما.
إذا كان المخرج، وهو نفسه كاتب سيناريو أفلامه كلّها أيضاً، قد لجأ
في أفلامه السابقة إلى رواية حكايات متوازية تجري في وقت واحد،
وتعيشها مختلف الشخصيات، أو إلى تقديم الحكاية نفسها من وجهات نظر
مختلفة، مع فتح أعين المُشاهدين على إمكانية اتخاذ السرد مسارات
متعدّدة، مبنية على الاحتمال وحده، فإنه يلجأ هنا إلى "بعثرة" زمن
السرد، بشكل تتكسّر معه خَطِّيَة الحكاية التي تتحوّل إلى نوع من
"المربكة"، يتعيّن على المُشاهد إعادة تركيب أجزائها كي تكتمل
الصورة لديه في نهاية المطاف.
يبدأ الفيلم بكوون وهي تتسلّم مجموعة من الرسائل التي كتبها موري
بصورة يومية، وتركها لها في إدارة معهد اللغات، ثم تشرع في
قراءتها. حين تدرك أن الفتى الياباني جاء العاصمة الكورية خصّيصا
كي يلتقيها، تُصاب بدوار، فتقع الرسائل منها في سلّم المعهد. تقوم
بجمعها كيفما اتفق، ثم تجلس لقراءتها بهدوء. وبما أن الرسائل اضطرب
ترتيبها أثناء جمعها، يضطرب سرد الفيلم بدوره، فنتابع المَشَاهد
(أثناء قراءة كوون لها، بصوت موري خارج إطار الصورة) بعيداً عن كل
ترتيب زمني، فيأتي التالي منها قبل السابق، ولا نفهم المشهد إلا
برؤية لاحقة للمشهد المؤسِّس له (مثلاً، نرى موري في جملة من
المَشَاهد رفقة صديقه، ولا نعرف من هو ولا كيف تعرّف عليه، إلاّ في
مشهد لاحق).
هذا الكسر القصدي لخَطِّيَة السرد وللتتابع الزمني هو "التمرين"
الجديد الذي يقوم به هونغ سانغ ـ سو لدفع المُشَاهد إلى مُساءلة
البناء التقليدي للسرد الفيلمي، بل للذهاب أبعد من ذلك، أي إلى طرح
السؤال حول الزمن نفسه: إن بطل الفيلم، موري، يقرأ باستمرار كتاب
جيب اسمه "الزمن"، وحين تسأله الصديقة الجديدة التي تعرّف عليها
أثناء انتظاره كوون عن مضمون الكتاب، نفهم من حديثه أن الأمر
يتعلّق، في النهاية، بمجرّد وهم، يتداخل فيه الماضي بالحاضر
والمستقبل.
إن كوون، وهي تقرأ رسائل ـ يوميات موري إليها وبحثه عنها وانتظاره
لها، تقرأ عن أشياء حصلت في الماضي، في وقت كانت توجد هي فيه خارج
المدينة، بينما نتابعها نحن بالصورة وكأنها تحصل الآن. لكنها،
كلّما تقدَّمت في قراءتها، صارت تقترب من اللحظة الحاضرة المفتوحة
على الأزمنة كلّها والاحتمالات كلّها.
افتتاحه لمهرجان أبوظبي السينمائي منطقي ومستحق
"من
ألف إلى باء"..
فيلم ميزاته واضحة مثل عيوبه
"سينماتوغراف" ـ أبوظبي: أحمد شوقي
افتتحت بالأمس فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان أبو ظبي السينمائي
الدولي، بعرض الفيلم الإماراتي "من ألف إلى باء" للمخرج على مصطفى،
وهي المرة الأولى التي يفتتح فيها المهرجان بعرض فيلم إماراتي
(يشارك في إنتاجه محمد حفظي من مصر وبول بابوجيان من لبنان).
من الواضح تماما أسباب اختيار الفيلم في هذه اللحظة لافتتاح
المهرجان، بداية من معادلة إنتاجه التي تضم عدة جهات فاعلة في
الوطن العربي، مرورا بحسه الجماهيري الكوميدي المناسب لحفل افتتاح
لا يحضره بالضرورة غالبية من السينيفيل، وصولا ـ وهو الأهم ـ لقيمة
الخطوة عند هذه اللحظة، بما تثبته من تمكن المهرجانات السينمائية
الخليجية من تحريك للمياة الراكدة، وخلق صناعة سينمائية في دول كان
البعض يسخر قبل أعوام معدودة من أنها تنظم مهرجانات سينما في بلاد
لا تعرف السينما، ليتطور الوضع في زمن قياسي فيمتلك مهرجان أبو ظبي
53 فيلما خليجيا قصيرا يعرضها هذا العام، من ضمنها 37 فيلما
لمخرجات نساء.
اختيار الفيلم للافتتاح إذن لا غبار عليه، بل يمكن اعتباره منطقيا
ومتوقعا ومستحقا، فاختيار أفلام الافتتاح أمر له حسابات كثيرة ليست
فقط فنية، وفيلم "من ألف إلى باء" يبدو صالحا لكل هذه الحسابات.
وإذا كانت أسباب الاختيار واضحة، فإن أسباب الإعجاب وعدم الإعجاب
بالفيلم أيضا واضحة، فهذا فيلم لا تحتاج لتفكير طويل كي تتمكن من
تحديد ما أعجبك ومالم يعجبك فيه.
أول ميزات الفيلم هي طموح التجربة وطزاجة بعض عناصرها، فإذا كانت
أفلام الطريق تيمة قليلة التواجد في السينما العربية، فإن صناعة
فيلم طريق أبطاله ثلاثة أصدقاء: سوري ومصري وسعودي، هي بالأساس
فكرة ذكية تعد بالكثير من المفارقات القائمة على اختلاف الثقافات،
فحتى وإن كان الأصدقاء الثلاثة قد نشأوا في دولة الإمارات بما
يعنيه هذا من امتلاكهم لثقافة متقاربة، فإن خوضهم الرحلة عبر
السعودية والأردن وسوريا ولبنان، هو أيضا صراع يقوم جزء كبير منه
على اختلاف الثقافات، لتأتي أفضل لحظات الفيلم عندما تتولد الدراما
من هذا الخلاف.
بل دعنا نقفز لأول عيوب الفيلم، ونقول أنها الأجزاء التي يمكن
وصفها بالحياد أو العالمية، بمعنى إمكانية وقوعها في أي فيلم طريق
تدور أحداثه بأي مكان في العالم، هي أضعف لحظات الفيلم وأكثرها
اتباعا للكليشيه، بينما يأتي على النقيض مثلا التتابع الذي يدور في
السعودية، بما يحمله من مفارقة بين نشأة الأبطال وتصرفاتهم
المتحررة، وبين البلد المحافظ الذي يدخلونه، فالأحداث هنا ـ
والكوميديا أيضا ـ أصيلة مرتبطة بزمان الشخصيات ومكانها وتكوينها
النفسي، بينما تفتقد لهذه الأصالة في تتابعات أخرى مثل الجزء الخاص
بالأردن والشد والجذب مع الفتاتين اللتين قابلهما الأبطال.
من مميزات الفيلم أيضا التمايز بين شخصيات الأبطال الثلاث، ليس فقط
على صعيد الجنسية واللهجة، ولكن من امتلاك كل منهم لبناءه النفسي
وهدفه الخاص، بما يجعل الرحلة الواحدة ثلاث رحلات يخوض كل منهم ما
يخصه منها. وهذا يقودنا مجددا إلي الإشارة للعيوب، وثانيها هو ضعف
بناء شخصية المدون المصري رامي (شادي ألفونس) مقارنة بالشخصيتين
الأخرتين. فبينما تبدو شخصية السعودي يوسف (التي يتفوق في أداءها
فهد البتيري أفضل ممثلي الفيلم) واضحة المعالم والأهداف ونقاط
الضعف، وكذلك السوري عمر (فادي رفاعي) بنسبة كبيرة، فإن أشياء مثل
وظيفة رامي وهدفه من الحياة ليست واضحة على الإطلاق، لدرجة أن
اللحظة التي يقرر فيها تصوير الأحداث في سوريا (أي قرب نهاية
الفيلم) هي أول لحظة تنوير يُفهم منها ما الذي تريده هذه الشخصية
وما الذي تحتاجه، وهو بالطبع خطأ في توضيح الشخصية التي يبدو أنها
كانت مغرية بالكوميديا فتمت التضحية بما هو أهم.
عيب آخر في البناء الدرامي هي القفزة الكبيرة في علاقة الشخصيات
ببعضها في نهاية الفصل الأول، فالمشاجرة في السعودية تبدأ بشكل
مفاجئ جدا، بعد رحلة كانت حتى هذه اللحظة شبه مثالية، لتقرر إحدى
الشخصيات فجأة أن تقلب الطاولة وتصرح برأيها، دون أن يكون هناك سبب
فعلي لهذا التصعيد (وتأثير الخمر هنا ليس سببا كافيا وإلا كانوا قد
شربوا الخمر في بيتهم بالإمارات)، وهي قفزة غير متماشية مع إيقاع
باقي الفيلم ولا منطقه الدرامي.
أما آخر المميزات وأهمها في رأيي، فهو تمكن مخرج الفيلم على مصطفى
من تحقيق أهدافه، هذا فيلم لا يدعي إطلاقا ما ليس فيه، بل يؤكد كل
ما فيه على أن هدف مخرجه كان صناعة عمل جيد الصنع وممتع، وكلاهما
هدف تحقق على شريط الفيلم، فالجودة واضحة، حتى اللقطات الجمالية
ذات الطابع السياحي هي في الحقيقة لقطات متماشية مع طبيعة الفيلم
ومع نظرة الشخصيات التي تخوض العالم الحقيقي لأول مرة. والإمتاع
موجود في عمل مسل ومضحك، بل وأعتقد أنه صالح للتوزيع في قاعات
العرض المصرية أيضا.
في النهاية "من ألف إلى باء" تجربة سينمائية جادة، لديها الكثير من
نقاط القوة وبعض نقاط الضعف، لكنه يبقى فيلما يستحق المشاهدة،
والتواجد في افتتاح مهرجان أبو ظبي كذلك.
علي مصطفى.. تحت شمس السينما
"سينماتوغراف" - أبو ظبي: بشار إبراهيم
منذ فيلمه الروائي القصير الأول «تحت الشمس» (2005)، الذي كان في
الوقت نفسه فيلم تخرّجه، بدا واضحاً أن لدى المخرج الإماراتي الشاب
علي مصطفى ما يحكيه سينمائياً، مؤشّراً إلى عزمه المغايرة عما كان
بدا منتشراً في كثير من التجارب الفيلمية التي كان يخوضها مجايلوه
من مخرجين سينمائيين إماراتيين، وجدوا الفرصة للولادة والانطلاق
عبر «مسابقة أفلام من الإمارات» (2001)، خاصة لناحية الاقتراب ما
هو يومي وحياتي راهن، في بلد لم تكن قد تبلورت صورته سينمائياً،
بعد.
لا يعود «تحت الشمس» إلى الماضي العتيد، ولا تشغله موضوعات
الاحتفاء بالتراث والأصالة، ولا ينصت إلى حكايا الجدّات، ما بين
الواقع والأسطورة، أو تناول القضايا الكبرى والمصائر الوجودية
وهاجس، تلك التي بدت أبرز عناوين أفلام مجايليه، بل يكتفي في وقت
مبكّر من عمر الأفلام الإماراتية برصد وقائع يومية من حياة فتيان
ويافعين إماراتيين، وهمومهم الصغيرة، التي تبدو من بعيد شأناً
عابراً، ولكنه جدير بأن يُقصّ سينمائياً، في إعلان عن ولادة
سينمائي إماراتي آخر.
حينها كانت معالم الدرب تترسّم، وكان جيل من شباب الإمارات بدأ
الرحيل صوب الغرب (أوروبا وأميركا)، أو الشرق (أستراليا والهند)،
في مسعى لدراسة السينما؛ إخراجاً وإنتاجاً، فاختار علي مصطفى
(1981)، الذهاب لدراسة السينما في بريطانيا (مدرسة لندن للفيلم)،
عام 2003، مستفيداً أو متكئاً على واقعه الاجتماعي العائلي،
ووضعيته الاقتصادية، التي ستدفعه سريعاً إلى انتهاج سبيل المزج ما
بين صناعة الفيلم وإنتاجه، وإدراك أن السينما كما هي فن وإبداع،
فهي كذلك صناعة وتجارة، ولابد لها من هاتين القائمتين.
عزّز من ذلك الاعتبار الفني الذي لاقاه وفيلمه، حيث فاز «تحت
الشمس» بجائزة من «مسابقة أفلام الإمارات» (2006)، ونال هو شخصياً
جائزة أفضل مخرج إماراتي شاب، من «مهرجان دبي السينمائي الدولي»
(2007)، ما جعله على مفتتح الدرب نحو صناعة فيلمه الروائي الطويل
الأول، الذي لن يتأخّر كثيراً، ليكون فيلم «دار الحي» (2009).
ليس من السهل على مخرج سينمائي شاب، في بلد لا تقاليد سينمائية
فيه، أن يتمكّن من صناعة فيلم روائي طويل، خاصة إذا كان من طراز
فيلم «دار الحي» (City
of Life)،
الذي وضع لنفسه عتبة عالية الطموح، سواء على المستوى الإنتاجي،
والفني، والتقني، أم الحكائي، إلى درجة أنه يبدو اليوم تجربة غير
قابلة للاستعادة، ولا للتكرار، لما فيه من إرهاق إنتاجي لا يتحمّله
السوق السينمائي الإماراتي، وكذلك الخليجي، وخاصة مع ضيق الخيارات
العربية والعالمية، لفيلم إماراتي وليد.
ينتمي فيلم «دار الحي» إلى طراز الإنتاجات الضخمة، عزّزتها الحكاية
المتشابكة التي تدور وقائعها في إمارة دبي، الآن وهنا، في احتفالية
بصرية باذخة، تجدل الخيوط البشرية التي تكوّن نسيج المواطنين
والمقيمين، في تقاطعات درامية نبيهة، يقصّ علينا مصطفى من خلالها
تفاصيل من «دار الحي» اليوم، منطلقاً مع بطليه الإماراتيين
الشابين، مروراً بالهندي، والأوروبي، منتقلاً من الأبراج العالية،
والقصور الفارهة، والبيوت الفاخرة، إلى العشش الواطئة، وأسقف
الصفيح، والحارات الضيقة... ومن الغنى الفاحش، إلى الفقر المدقع،
وضيق ذات اليد، وضنك العيش... تتجاور وتتقاطع في بقعة واحدة، إلى
درجة تكاد تجعل من الفيلم نقداً لنموذج دبي، أكثر مما هو احتفاء به.
وفي وقت أمكن لفيلم «دار الحي»، بعد عرضيه في مهرجاني «دبي
السينمائي»، و«الخليج السينمائي»، أن يمرّ سريعاً إلى صالات العرض
السينمائي المحلية، الإماراتية والخليجية، محفوفاً ومدعوماً بحملة
إعلانية ودعائية، يُمضي المخرج علي مصطفى فترة أطول، ريثما يظهر
توقيعه على فيلم روائي طويل ثانٍ، بعنوان «من ألف إلى باء» (2014)،
تشاغل خلالها بسلسلة تلفزيونية (Classified)،
لصالح قناة «إم.بي.سي» (2011)، وفيلم روائي قصير بعنوان «لا تحكم
على موضوع من خلال صورة» (2013)، عُرض في «دبي السينمائي»، في
دورته الأخيرة.
بفليمين روائيين طويلين، ومثلهما قصيرين، ومع اشتغال في صناعة
الأفلام والبرامج والإعلانات، وحضور في غير ندوة وحوار وملتقى
وورشة عمل، وبانفتاح على التعاون مع منتجين وكتّاب سينمائيين عرب
(المصري محمد حفظي، اللبناني بول بابوجيان)، ومع منتجين وكتّاب
سينمائيين أجانب (كما في «دار الحي»)، يبني المخرج علي مصطفى صورته
الخاصة التي يريدها لنفسه في سياق السينما الإماراتية، أو بمحاذاها،
لعل من أهمّ ميزاتها حرفيته الفنية والتقنية البادية، وقدرته
ومغامرته الإنتاجية، وانتمائه إلى نسق صناعة الأفلام السينمائية
التي تبحث عن طريقها إلى صالات العرض الجماهيري، وعدم الاكتفاء
بالعروض المهرجاناتية، هذا الذي يؤكده فيلم «من ألف إلى باء»، الذي
عُرض في افتتاح الدورة الثامنة من «مهرجان أبوظبي السينمائي» (مساء
23 أكتوبر 2014)، ونعتقد أن إطلالته على شاشات صالات العرض
الجماهيري، لن تتأخّر.
"أبوظبى السينمائى" يكرم "الإبن البار للجزائر"
من فرنسا الى أمريكا وبريطانيا يطرح قضايا بلاده وعروبته
رشيد بو شارب: أفلامى تحمل مشاعرى الشخصية
"سينماتوغراف" ـ الجزائر: وردة ربيع
كرم مهرجان أبوظبى فى دورته الثامنة المخرج الجزائرى الكبير رشيد
بو شارب الذى يعد الأكثر حضورا في مهرجانات السينما العالمية، وقد
تنقل بين فرنسا وبريطانيا وأمريكا ليطرح قضايا العرب من خلال
أفلامه التى إرتبطت بالقيم الإنسانية وكان ولا يزال حريصا كل الحرص
أن يكون تمثيلها العالمي مرتبطا بوطنه، فهو الإبن البار للجزائر
(من مواليد ولاية مغنية بأقصى غرب الجزائر العاصمة) التي طالما
حضرت في أعماله سواء من خلال حصر حقبة معينة من تاريخ الجزائر، أو
من خلال العلاقات الفرنسية - الجزائرية التى شغلت حيزا فى رؤيته
وأفلامه.
(3) رقم الحظ !
بوشارب هو المخرج الذي يعمل غالبا وفق مخططات مسبقة فبمجرد أن ينهي
عملا، حتى يهيئ الجو للتركيز على مشروع قادم، ويعد الرقم ثلاثة من
عناصر نجاحه إذ عادة ما يفتح موضوعا ويقدمه في ثلاثة أجزاء يربطها
خيط واحد . بادئا بالتعرض لموضوعات الهجرة، والعلاقات الفرنسية -
الجزائرية، في فيلمي "الأهالي" أو "الأنديجان" سنة 2006، ثم
"الخارجون عن القانون" سنة 2010 والفيلمان يندرجان ضمن سياق مقاربة
حقبة معاصرة من تاريخ الجزائرولن تكتمل هذه المقاربة إلا من خلال
استكمال الثلاثية بمشروع فيلم ثالث والذي قال عنه أنه سيتناول
أيضا موضوع "الهجرة". وسيتطرق فيه لتاريخ المهاجرين في فرنسا، بصفة
عامة، مع تخصيص حيز لطرح الإشكاليات التي تمس المهاجرين ذوي الأصول
المغاربية ،لكن يبدو أن الرياح تأتى بما لا تشتهي السفن، ورياح
فرنسا التي هبت على بوشارب ستؤجل إستكمال الثلاثية الأولى إلى أجل
غير معلوم. فالضجة التي أحدثها فيلم "الخارجون عن القانون" وتعرضه
لهجوم حاد من قبل اليمين الفرنسى الذى اتهمه بالنبش في تاريخ
فرنسا.
بوشارب خارجا عن القانون!
وقد لاقى فيلم " الخارجون عن القانون " جملة من الاعتراضات
والهجوم قبل وبعد عرضه بمهرجان كان السينمائى، دفعت بوشارب لتوجيه
رسالة إلى مهرجان "كان" جاء فيها :
على مدى الأسابيع الثلاثة المنصرمة، برز جدل بشأن فيلم " خارجون
عن القانون" الذي سأقدّمه في المهرجان، غير أن الأشخاص الذين
يشاركون في إثارة هذا الجدل لم يشاهدوا الفيلم بعد. وعليه، وسعيا
مني إلى تهدئة الأوضاع، يجب أن أذكر أمرين هامين أولهما أنه فيلما
خياليا يروي قصّة ثلاثة إخوة جزائريين وأمّهم على مدى أكثر من
ثلاثين سنة، من منتصف ثلاثينيات القرن الماضى وحتى استقلال
الجزائر في 1962." وثانيا فانه "يجب أن تتناول السينما المواضيع
كلها.و أنا أضطلع بدوري كمخرج سينمائي وأضفي على عملي الفني مشاعري
الشخصية ولا ألزم أحدا على مشاطرتها ويجب إرساء حوار عام بشأن
الموضوع المثار، ومن الطبيعي ألاّ يشاطرني الجميع الرأي، ولكنني
أتمنى أن يتم التعبير عن الآراء المختلفة في الجو السلمي والهادئ
الذي يميّز كل حوار خاصة فى فرنسا التى تعد في العالم بأسره
أرضا لحرية التعبير وأنا فخور بتقديم فيلمي في أكثر المهرجانات
شهرة، مهرجان "كان". أتمنى أن يُجرى عرض الفيلم في جو هادئ يميّزه
الاحترام المتبادل.
وفى هذا الفيلم يذهب بوشارب إلى معادلة أخرى تخلق كثيرا من
المواجهة بين ما هو مقاومة وما هو إرهاب وتطرف، بل أن الفيلم يدين
قيام البوليس الفرنسي بتشكيل وحدات إرهابية لمواجهة تحرك عناصر
جبهة التحرير الوطنية الجزائرية، والذين كانوا يعملون من داخل
فرنسا لدعم الثوار في الجزائر بالمال والسلاح. عبر حكاية درامية
محبوكة بإتقان، تصور علاقات المهاجرين الأوائل، وإنتماءات كل منهم،
والرغبة في فهم العلاقة مع الأرض والوطن. وهنا تتفجر الكثير من
الأسئلة التى تحيل المشاهد الى ممارسات الجيش والداخلية الفرنسية،
ثم التفجيرات والإغتيالات ومن قبلها التهجير من الأراضي.
"أنديجينا" أو "الأهالي" يعيد حقوق الجزائريين
أما "الأهالي" فهو فيلم حربي تاريخي على خلفية العلاقات العربية -
الافريقية - الفرنسية، وهو وثيقة تاريخية حية عن الدور الذي قام به
العرب والأفارقة في حرب تحرير فرنسا،إبان الحرب العالمية الثانية،
ضد الاحتلال والغزو الالماني النازي وقد جمع الفيلم عددا بارزا من
نجوم السينما الجزائرية والمغربية والفرنسية ومنهم "جمال دبوز"،
و"سامي ناصري" و"رشدي زام" و"سامي عجيبة" و"برنارد بلانسان" و"ماثيو
سيمونيه"،، ويأخذنا الفيلم بحرفية عالية إلى عوالم الحرب الثانية.
مركزا على التضحيات التي قام بها الجنود القادمون من شمال إفريقيا
لتحرير فرنسا من الإحتلال وهى زاوية ظلت مغيبة، لأن الكثير من صناع
الإعلام في فرنسا كانوا يروجون على أن تلك التضحيات، هي جزء من
الإنتماء إلى الفرانكفونية، وأسطورة فرنسا العظمى بينما أشاد كثير
من النقاد الفرنسيين المحسوبين على اليسار بمستوى العمل واعتبروه
وثيقة جاءت لتنير فترة تاريخية حاسمة لطالما تناستها فرنسا.ولعل
ابرز نتائج العمل صدور الكثير من التشريعات والقوانين، فقد إصدر
الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك قراره برفع قيمة التعويضات
الشهرية التي يتقاضاها المحاربون العرب والأفارقة القدماء كي
تتساوى مع غيرهم من الفرنسيين.ناهيك عن الجوائز التي حصدها العمل
سينمائيا، كدعوة لجنة التحكيم الدولية لمهرجان كان السينمائي
الدولي، إلى منح عناصر التمثيل في الفيلم جائزة أفضل تمثيل رجالي ،
كما منح الفيلم دفعة قوية للترشيح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.
لندن ريفر أو السينما الإنسانية
وفى فيلمه "لندن ريفر" أو "نهر لندن"، حرص بو شارب على تقديم نسق
سينمائي مختلف يوضح طبيعة العربي كمخلوق انساني متسامح ففي خضم
أعمال الإرهاب والتطرف التي إجتاحت العاصمة البريطانية منذ أربعة
أعوام، ترصد كاميرا المخرج معاناة وألم كثير من الشخصيات البريئة.
ويأخذنا لحكاية إمرأة بريطانية تظهر في حالة قلق عن إبنتها،
لتسوقها الأقدار للإلتقاء برجل إفريقي يتقاطع معها في كثير النقاط
أهمها أنهما يشتركان في حالة القلق على مصير إبنيهما. ويدور الحوار
بين البريطانية البيضاء، والإفريقي الأسود المسلم في بناء سردي
عميق فيه من الإنسانية الشيء الكثير.
Just like a woman الأول
في أمريكا
شدّ بوشارب الرحال لأمريكا وكشف أنه سيتطرق إلى موضوع أخريكشف فيه
عن نظرة الأمريكين للمسلمين قائلا: "أهدف إلى فتح النقاش حول نظرة
الغرب للإسلام". وبذا سيقدم جزءا ثانيا وثلاثية أخرى عن العلاقة
بين الإسلام وأمريكا. وكانت البداية بفيلمه " مثل امرأة أو just
like a woman"
الذي ساهمت دولة قطر في تمويله وشاركت فيه الممثلة الأميركية
البريطانية المعروفة سيينا ميلر (بطلة فيلم كازانوفا 2005)
والممثلة الإيرانية كلشيفته فرهاني، التي لعبت مؤخرا دور البطولة
في فيلم "حجر الصبر" للأفغاني عتيق رحيمي. يركز "مثل امرأة "، على
شخصيتي الممثلتين "سيينا ميلر"، و"كلشيفته فرهاني". ويتناول قصة
راقصة شرقية تعيش في الولايات المتحدة الأميركية، متعلقة جدا
بثقافتها العربية وبموروث أجدادها، وتحاول جاهدة التعبير والدفاع
عن هويتها وعن اختلافها وتسافر مع راقصة أمريكية من شيكاغو إلى "سونتا
في" للمشاركة في مسابقة للرقص، يضع بوشارب المرأتين على الطريق
الأسطوري لـ"سونتا في" ويقربهما من قبائل هنود "بويبلوس" و"الأباشي"،
مستنكرا في الوقت نفسه معاداة الإسلام وعدم التسامح تجاه النساء في
الطبقة المتوسطة الأمريكية.
"قانون
بيل" ثم "طريق العدو" وأخيرا "رجلان في المدينة"
الجزء الثاني من ثلاثيته الأمريكية جاء من خلال فيلم "إينمي وي""طريق
العدو" الذى حمل عنوان "قانون بيل" فى البداية ثم حمل أخيرا عنوان
"رجلان في المدينة". وقد جمع فيه بين موضوعي معاداة الإسلام،
وإضطهاد المهاجرين، وإعتمد في كتابة السيناريو المقتبس من فيلم
"رجلان في المدينة"، الذي أخرجه جوزي جيوفاني سنة 1973، على كل من"باوليفييه
لوريل"، والكاتب "ياسمينة خضرة". ويعتبر الجزء الثاني من ثلاثيته
الخاصة برؤية العالم الإسلامي والعربي من قبل الولايات المتحدة،
فقد تم تصويره في ضواحي نيو مكسيكو الأمريكية، وتدور أحداث الفيلم
المصنّف ضمن الأفلام البوليسية حول حكاية سجين أمريكي أسود يدعى
غارنيت يطلق سراحه من السجن بعد 18 سنة، فيقرر إعتناق الإسلام،
ويؤدي دور البطولة الممثل الأمريكي الكبير فوريست وايتكر، ويعالج
الفيلم فكرة إندماج المسلمين في الولايات المتحدة.
بوشارب وياسمينة خضرا الإبداع المتواصل
ويبدو أن قناعة بوشارب بأعمال صاحب "فضل الليل على النهار"
-ياسمينة خضراء- كبيرة ، خاصة إذا علمنا أنه أسند إليه كتابة نص
مشروع سينمائي جديد تحفظ بوشارب عن ذكر عنوانه لكنه قال: "هو فيلم
بوليسي سيتم تصويره في كوبا".وفي إنتظار أن يستكمل بوشارب ثلاثتيه
بأعمال سينمائية، تضيف لرصيده الفني وتضاف كمرجع سينمائي جزائري
وعربي وعالمي.
ما يعيشه الوطن العربي اليوم سيمنح السينما الكثير
بوشارب الذي يؤمن بالقدرات الشبابية يدعو في كل مرة المبدعين
السينمائيين الشباب الى ضرورة العمل على إبراز خصوصيتهم، والوثوق
في خياراتهم، والدفاع عن هويتهم كما كما يؤمن بأن ما يجري اليوم في
الوطن العربي من حراك،سوف يساهم في إمكانية تحرير العقول
والإبداع. وإخراج المجتمعات من حالة الانغلاق التي عانت منها
طويلا. وأن هذا سوف ينعكس ايجابيا على فن السينما وكما يقول أن
"الخروج من حقبة لأخرى سيمنح السينمائي مادة مهمة من الأفكار و
الحكايات التي يمكن سردها سينمائيا."
"أبوظبي السينمائي" خلال يومه الثاني:
"حوارات في السينما" تنطلق بلقاء مع المخرج رشيد بوشارب
وعروض أولى على مستوى الشرق الأوسط لأفلام "99 منزلاً"
و"حكايات" و"الهدف المقبل من أجل الفوز"
أبوظبي ـ "سينماتوغراف"
بعد حفل افتتاح مبهر ضم العديد من نجوم وصناع السينما، يبدأ مهرجان
أبوظبي السينمائي اليوم (الجمعة) الفعاليات والبرامج وعروض
الأفلام٬ حيث يعرض في ثاني أيامه 20 فيلماً مختاراً من جميع أنحاء
العالم.
وتنطلق كذلك أولى الجلسات النقاشية من برنامج "حوارات في السينما"
التي تستضيف المخرج والمنتج الفرنسي الجزائري الأصل رشيد بوشارب،
ليجيب على الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بحياته ومسيرته الفنية.
كما سيتحدث عن موضوع الهجرة والذي يكتشف من خلاله العديد من جوانب
المواجهة العربية-الغربية. وتقدم هذه الجلسة التي تقام في قصر
الإمارات من الساعة 14:30 - 16:00، فرصة فريدة للجمهور للقاء أحد
كبار صناعة الأفلام ورمزاً من رموز السينما.
أما الجلسة الثانية من برنامج "حوارات في السينما" فستكون عبارة عن
جلسة حوارية تجمع طاقم فيلم افتتاح المهرجان "من ألف إلى باء"
للمخرج الإماراتي علي مصطفى. وسيناقش فريق عمل الفيلم المراحل
المختلفة في إنتاجه ويشارك الحضور خططه لما بعد العرض الأول في
المهرجان. ونظراً للإقبال الكبير٬ قرر المهرجان إدراج عرض ثالث
للفيلم يقام يوم 1 نوفمبر في سينما فوكس، صالة رقم 5ـ، الساعة
21:15.
أما بالنسبة لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة٬ فسيعرض الفيلم
الإيراني" قصص" في سينما فوكس 5 الساعة 18:30. وستجيب المخرجة
رخشان بني اعتماد والمنتج جهانجير كوساري على أسئلة الجمهور بعد
عرض الفيلم. ويجسد الفيلم قصص من واقع مجتمع الطبقة العاملة في
إيران٬ وقد فاز العمل بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان البندقية
السينمائي هذا العام.
ويعرض المهرجان للمرة الأولى في الشرق الأوسط الفيلم الأمريكي
المشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة "99 منزلاً" للمخرج
المميز رامين بحراني. ويقدم الفيلم زاوية ناقدة لأعمال المقاولات
والعقارات في الولايات المتحدة. وسيتواجد المنتجان محمد التركي
وأركادي جولوبوفيتش أثناء عرض الفيلم في قصر الإمارات الساعة
21:15. أما الفيلم الكوري" تلة الحرية" للمخرج الكوري المتميز هونغ
سانغ سو ومدته 66 دقيقة٬ فسيشارك أيضاً في مسابقة الأفلام الطويلة٬
ويحكي قصة حب لم تكتمل. يعرض في سينما فوكس 5 ٬ الساعة 16:30.
وستعرض في ثاني أيام المهرجان في سينما فوكس 6، ثلاثة أفلام جديدة
مشاركة في مسابقة "آفاق جديدة"٬ أولها الإنتاج الألماني-الفرنسي"
دروب الصليب" للمخرج ديتريتش بروغمان٬ وهو الفيلم الفائز بجائزة
أفضل سيناريو ضمن مهرجان برلين السينمائي. وسيتواجد المخرج أليكس
دولابورت مخرج فيلم "ضربة المطرقة الأخيرة" والمخرج كارلوس فيرمت
والمنتج بيدرو هيرنانديز سانتوس صنّاع فيلم "فتاة سحرية" لتقديم
عملهم للجمهور بشكل شخصي.
وفي قسم الأفلام الوثائقية٬ سيقدم المخرج عامر شوملي والمنتجان
إينا فيتشمان وسائد أندوني فيلمهم"المطلبون الـ 18" أمام جمهور
المهرجان (فوكس 4 ٬ 19:15). ويتحدث الفيلم بأسلوب ساخر عن إقفال
الإسرائيليين لمزرعة فلسطينية أثناء الإنتفاضة الأولى٬ بسبب أن
أبقارها تشكل خطراً على الأمن القومي! كما يعرض في اليوم نفسه
الفيلم الوثائقي "الهدف المقبل من أجل الفوز" من إخراج مايك بريت
وستيف جاميسن٬ ويحكي عن محاولات مدرّب جديد إعادة تأهيل فريق ساموا
الأمريكي لكرة القدم الموصوف بالأسوأ ضمن تصنيف الفرق٬ وذلك في
سينما فوكس 4 الساعة 16:45.
وضمن قسم الأفلام الوثائقية أيضاً، يعرض المهرجان فيلم " فيرونغا"
من إخراج أورلاندو فون آينزيدل٬ حيث صور هذا الفيلم في محمية
فيرونغا الواقعة شمال شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية٬ وهو يحكي
قصة معاناة آخر ما تبقى من حيوانات الغوريللا الجبلية القاطنة في
الأرض المحاصرة.
ويتضمن قسم عروض السينما العالمية الفيلم الكوبي "السلوك" الحائز
جوائز عدة والذي أخرجه إرنيستو داراناس٬ وسيعرض الفيلم في سينما
فوكس 3 الساعة 15:30. وستكون ممثلة الفيلم ألينا رودريغيس حاضرة
أيضاً أثناء العرض. يحكي الفيلم قصة شالا٬ الصبي ذي الـ 11 عاماً
والذي يعيش مع والدته المدمنة على المخدرات.
أما العرض العالمي الأول للفيلم الفرنسي "نمر صغير" للمخرج سيبريان
فيال فسيكون في فوكس 2 الساعة 18:30 ٬ ويحكي الفيلم قصة شاب مراهق
من البنجاب تعتني به الحكومة الفرنسية، وبالرغم من المستقبل
المشرق الذي ينتظره٬ يعاني من الضغوط من عائلته في الوطن لإرسال
المال إليهم.
ويعتبر الإنتاج الكندي "شمس منتصف الليل" لمخرجه روجر سبوتيسوود
فيلماً مناسباً لجميع أفراد العائلة٬ وهو يحكي عن طفل صغير يصارع
بشجاعة عوائق الطبيعة ليعيد لم شمل شبل دب قطبي صغير مع أمه.
وسيجيب المنتج روب هايدن على أسئلة الجمهور بعد عرض الفيلم.
وتنطلق يوم الجمعة أولى عروض برنامج "السينما العربية في المهجر"٬
حيث سيكون المخرج الموريتاني الشهير عبد الرحمن سيساكو حاضراً
لتقديم فيلمه "هيرماكونو (في انتظار السعادة)" الذي أنتج في العام
2002. كما سيعرض سيساكو أحدث أفلامه "تمبوكتو" أيضاً ضمن مسابقة
الأفلام الروائية الطويلة، وذلك يوم الأحد٬ 26 أكتوبر في سينما
فوكس 5 الساعة 20:45.
أما أفلام برنامج "الكلاسيكيات المرممة" فستنطلق بعرض فيلم تم
ترميمه حديثاُ هو الأرميني "لون الرمان" للمخرج الأسطوري سيرغي
باراجانوف. وقد تعاون مهرجان أبوظبي للأفلام مع "مشروع سينما
العالم" لمارتن سكورسيزي لتقديم هذا الفيلم.
وتتضمن عروض اليوم الثاني أيضاً فيلم "ثائر من دون قضية" للمخرج
نيكولاس راي٬ والذي قام ببطولته الممثل الأمريكي جيمس دين في واحد
من أهم أدواره.
وستعرض الأفلام المشاركة في مسابقتي الأفلام الروائية القصيرة 1 و
2 في مارينا مول فوكس 3 في الساعة 18:00 20:45 ٬ وسيتواجد الطاقم
للإجابة على أسئلة الجمهور. وستكون جلسات برنامج "حوارات في
السينما" مفتوحة أمام الجمهور بشكل مجاني. |