كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

سعيد مرزوق

الفنان الذي صوّر خيبة الحلم وآلام المرأة المصرية

إبراهيم العريس

عن رحيل فيلسوف الصورة سعيد مرزوق

   
 
 
 
 

لم يحقق سعيد مرزوق خلال مسار إبداعي بدأ تلفزيونياً لينتهي صامتاً وسط الآلام، ودام خمسين عاماً، سوى أربعة عشر فيلماً طويلاً وبعض الأفلام القصيرة. صحيح أنه في هذا الإنتاج الضئيل نسبياً يظل متفوقاً، من الناحية الكمية على توفيق صالح، أحد كبار السينما المصرية الذي رحل قبل فترة، لكنه يقلّ إنتاجاً عن مجايليه من رفاقه أبناء ذلك الجيل الذي بدا في حقيقة الأمر مطحوناً بين جيل الكبار الذين أسسوا السينما المصرية الجادة – شاهين وأبو سيف والشيخ وبركات - وجيل الثمانينات الذي عرف كيف يعطي مصر بتواقيع محمد خان وعاطف الطيب ورأفت الميهي وخيري بشارة وداود عبد السيد وصولاً إلى يسري نصرالله ورضوان الكاشف، واحداً من ألمع تياراتها السينمائية في تاريخها.

غروب عبدالناصر

سعيد مرزوق ومجايلوه من أمثال حسين كمال وأشرف فهمي وممدوح شكري وشادي عبدالسلام – وهذان الأخيران بفيلم طويل واحد لكل منهما – وحتى علي عبدالخالق ومحمد راضي وصولاً إلى نادر جلال، يبدون كأبناء جيل واحد، كان أشبه بضحية ابتلعت مما قبلها كما مما بعدها، بخاصة أن الهرج السياسي وأحوال النكسات والهزائم كانت قد باغتتهم، وهم في عز «حلم الصعود القومي والتقدمي» فكان لا بد لأفلامهم من أن تتحمل تبعات تلك المباغتة. وفي هذا الإطار بالتحديد قد يكون في إمكاننا، مع استعراض أفلام سعيد مرزوق على ضوء رحيله المفجع قبل أيام، أن ندرك أنه ربما كان الأكثر تأثراً بانهيار الحلم، هو الذي كان قبل ولُوجه السينما الروائية الطويلة، يضخ السينما القصيرة التسجيلية وربما التلفزة المصرية أيضاً بشرائط تحاول التباهي بالسلام ومسيرة عبدالناصر وكشف «أعداء الحرية» على النمط الذي كان مزدهراً في ذلك الحين. وربما يمكننا الإشارة هنا إلى أن مرزوق وصل إلى ذروة ذلك التعبير الحماسي عن الحلم قبل غروبه، في عز غروب الحلم حين حقق شريطه «دموع السلام» (1970) الذي اعتبر «أفضل فيلم» عبّر عن رحيل الرئيس عبدالناصر الذي ارتبط الحلم باسمه. وكان سعيد مرزوق في ذلك الحين واحداً من الذين يعتبرون رحيل عبدالناصر أشد وطأة ومدعاة للخوف من هزيمة حزيران (يونيو) 1967 التي انصرف مجايلوه إلى تحليلها.

من هنا، إذا كان مرزوق، وقد شارف على الثلاثين من عمره وراح يغرق أكثر وأكثر في التفكير حول الهزيمة وعلاقتها بالفرد، قد أحس بأن الوقت قد حان كي يقول ما عنده مما يعتبره ما - وراء - الحلم، فإنه اختار أن تكون باكورته في عام 1971 فيلماً شديد السوداوية يكاد عنوانه وحده أن يشكل برنامج رفض وألم متكاملين «زوجتي والكلب» – راجع مكاناً آخر في هذه الصفحة. والحقيقة أن هذا الفيلم حاز مكانته كواحد من أبرز نتاجات ذلك العام فور عرضه ليجعل من مخرجه واحداً من أبرز السينمائيين الغاضبين في تلك المرحلة. واللافت هنا هو أن مرزوق الذي بدا عالي الحرفية كتابة وإخراجاً وإدارة للممثلين منذ عمله الأول ذاك، كان واحداً من قلة من مبدعي السينما المصرية لم يدرسوا السينما في معهد داخل مصر ولا في أكاديمية خارجها. وهو حتى لو شاء ذلك، ما كان في وسعه أن يفعل بسبب فقره وتيتمه المبكر الذي جعله منذ مراهقته مسؤولاً عن أم وأربة إخوة.

فكيف قيّض لذلك اليتيم البائس أن يصــــبح سينمائياً، ثم واحداً من أفضل أبناء جيله، بفيلم أول واحد؟ الجواب هو: المراس والنهم إلى القراءة ومشاهدة الأفلام ورصد المجتمع من حوله وإحساسه بأن على كل مواطن أن يختار درباً يمكّنه من التغيير. وكان ذلك منذ تفرج ذات يوم وهو بعد مراهق على المخرج الأميركي سيسيل ب.دي ميللي يصـور في صحراء قرب القاهرة بعض مشاهد فيلمه التوراتي الشهير «الوصايا العشر». يومها افتتن الفتى بما يرى وراح يتردد على استـــديو مصــــر المجاور لبيته وقد قرر أن يكون جزءاً من ذلك العالم الساحر، ما افتتح واحدة من أجمل حكايات العصامية في السينما المصرية.

لغة البصر المميّزة

مع هذا، فإن لغـــة سعيد مرزوق السينمائية التي أتت نادرة في بصريّتها في السينما المصرية تدفعنـــا إلى الدهشة، إذ مكنت صاحبها من أن يبدو ومـــنذ فيلـــمه الأول مخرجاً/ مؤلفاً بالمعنى الذي كان سائداً في ذلك الحين. لغة تقوم على الإيجاز وشـــبه الغياب للثرثرة واختيار الممثلين على الضدّ مما كان معهوداً منهــم. وهذا ما سنـجده يتكرر بعد عام من «زوجتي والكلب» في فيلم مرزوق التالي «الخوف» (1972). صحيح أن هذا الفيلم هوجم بعض الشيء من جانب النقاد فيما لم يحقق لدى الجمهور ما كان متوقــعاً منه أن يحقق، لكنه لم يأت أدنى من الفيلم الأول في مجال عناصره السينمائية واختزالية عدد شخصياته – شاب وفتاة وحارس بناية – وأبعاده التقنية. ما أُخذ على المخرج يومها كان ضعف تركيبة السيناريو – وربما فقط مقارنة بقوة سيناريو «زوجتي والكلب» - الذي كُتب من حول حبكة شديدة القوة عن مصور يتعرف إلى صبية حسناء لاجئة من السويس بعد دمار هذه خلال هزيمة يونيو، ويبدأ معها رحلة حب وحياة تقودهما إلى البحث عن شقة في بناية قيد العمار حيث يفاجئهما حارس البناية كالوحش مطارداً إياهما خلال الجزء الأكبر من الفيلم.

في شكل عام، اعتبر «الخوف» أضأل شأناً من الفيلم الأول، وكان على مرزوق أن ينتظر العام التالي وتحقيقه فيلمه الثالث، وواحداً من تحف السينما المصرية «أريد حلاً»، كي يستعيد مكانته بسرعة كواحد من كبار مخرجي المرحلة. وكان الفيلم كما نعرف من تمثيل فاتن حمامة التي تألقت في عمل سيعتبر من أقوى أفلام السينما المصرية مناصرة لحقوق المرأة من خلال تلك السيدة التي تسعى إلى الطلاق من زوجها بعد عشرين عاماً من زواج أليم، والعقبات القانونية والاجتماعية التي تقف في وجهها. والحقيقة أن مرزوق، مع «أريد حلاً» كان قد بات مرتبطاً كلياً بالسينما الراصدة للواقع الاجتماعي والساعية إلى تغييره. صحيح أنه خلال سنواته التالية لم يتمكن أبداً من مضاهاة فيلميه الأول والثالث، لكنه في أعمال سينمائية وأحياناً تلفزيونية – في اقتباس عن توفيق الحكيم - حملت عناوين مثل «المذنبون» (1976)، عن قصة لنجيب محفوظ، و «حكاية وراء كل باب» (1979) «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» و «أيام الرعب» (1988) و «هدى ومعالي الوزير»، ثم خصوصاً فيلمه التجريبي الكبير «ألآي آي»، عرف على الأقل كيف يثبت مواقعه، لا سيما خلال حقبة كانت فيها السينما المصرية تطورت كثيراً في أشكالها ومضامينها على يد جيل الواقعية الجديدة، بخاصة أن السنوات التي راحت تفصل بين فيلم وآخر لمرزوق باتت أطول. هكذا حين حقق خلال التسعينات، ثم أخيراً في عام 2003، أفلامه الأربعة الأخيرة «السلاحف» و «المرأة والساطور» و «جنون الحياة» و «قصاقيص العشاق»، كان يبدو كأن سينماه لا تزال تحاول أن تقاوم وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة... والحقيقة أن تلك الفترة تزامنت على أية حال مع بدء استسلامه أمام ذلك المرض الذي سيقضي عليه بالتدريج خلال السنوات الأخيرة من حياته. سنوات أمضاها وهو يتساءل، من دون أدنى ريب، عما إذا كانت سينماه، أو حتى السينما المصرية في شكل عام، قد تمكنت من أن تساهم في التغيّرات التي طرأت على بلده الذي أحبه كثيراً، وكان دائماً قليل الافتراق عنه. والحقيقة أن فيلماً واحداً من أفلامه على الأقل كان يمكنه أن يعطيه نصف جواب على صعيد الموضوع والرصد الاجتماعي، وهو طبعاً «أريد حلاً» الذي اشتغل على صعيد الذهنيات والأحوال الشخصية بأكثر مما اشتغل أي فيلم مصري آخر في تاريخ هذه السينما. أما النصف الثاني من الجواب فيوفره بالتأكيد فيلمه الأول «زوجتي والكلب» الذي كان في زمنه، وربما لا يزال إلى اليوم، انتفاضة سينمائية حقيقية على مستوى اللغة وسبر سيكولوجية الشخصيات والبعد الأخلاقي في الفن السابع.

وفي يقيننا أن هذين الفيلمين وحدهما يمكنهما أن يشكلا مجداً سينمائياً لعمر بأسره.

يوم قال مرزوق أشياء كثيرة من خلال «زوجتي والكلب»

إ. ع.

قد يبدو للوهلة الأولى غريباً أن يقدم مخرج مثل سعيد مرزوق، وكان في حينه معروفاً كمثقف ينحو الى الالتزام السياسي، في تلك السنوات التي كان فيها التزام الفنانين سياسياً، أمراً أقرب الى البديهية، ومشارك في حفلة الغضب العامة التي تلت هزيمة حزيران، على اخراج فيلم يبتعد كل البعد من الأجواء السياسية في مصر. والأغرب من هذا أن من المعروف عادة أن أي مخرج شاب يدنو من فنه للمرة الأولى إذا أتيحت له الفرصة، لا يمكنه أن يقاوم إغراء أن يضع كل أفكاره وبما في ذلك، طبعاً، أفكاره السياسية وذاتيته في العلاقة مع تلك الأفكار في فيلمه الأول، ليهدأ - سياسياً بين أمور أخرى - بعد ذلك متحولاً بالتدريج الى أعمال أكثر بعداً عنه وعن رغبته في التعبير عن ماضيه الخاص، أو الجماعي. لكن سعيد مرزوق أقدم على ذلك، من دون تردد، ما إن حقق في عام 1981، فيلمه «زوجتي والكلب»، ليتبين ان هذا الفيلم واحد من أهم ما حققته السينما المصرية في ذلك الحين. بل إن ثمة من بين المؤرخين والنقاد من يعتبر أن «زوجتي والكلب» يشكل البداية الحقيقية لما يسمى «سينما المؤلف» في مصر، طالما ان سعيد مرزوق كتب له القصة والسيناريو والحوار قبل أن يقدم على اخراجه... بل إن علاقة هذا الفيلم بمفهوم سينما المؤلف تتعدى هذا، الى مسألة اختيار الممثلين، حيث نعرف اليوم أن سعيد مرزوق حتى وإن كان قد اختار لبطولة الفيلم نجمين راسخين ونجماً صاعداً بقوة، فإنه في فيلمه استخدمهم على عكس ما هو متوقع منهم على الشاشة... إذ تحولوا لديه الى أبطال - مضادين: محمود مرسي الذي كان اشتهر بأدائه الرائع وأدواره الهادئة كرجل محترم، صار في «زوجتي والكلب» نوعاً من عطيل معاصر يعيش هواجسه وأفكاره القاتلة. وسعاد حسني التي كانت اعتادت البطولات المطلقة، معيدة الى النجمة في السينما المصرية دورها المحوري في الفيلم، تحولت هنا – في «زوجتي والكلب» - الى موضوع، ومحور صراع مفترض، انما داخلي، بين محمود مرسي زوجها في الفيلم، ونور الشريف «عشيقها المفترض» في رأي الزوج. أما نور الشريف نفسه، فإنه - في نهاية الأمر - لم يعدُ في الفيلم ان يكون فكرة في رأس محمود مرسي، ومحركاً هواجسه وأفكاره.

من حول الريّس

طبعاً هناك في «زوجتي والكلب» شخصيات أخرى قام بها ممثلون معروفون، غير انهم جميعاً، وكما سعاد حسني ونور الشريف، لم يكونوا هنا إلا لتأكيد شخصية الريس مرسي محمود مرسي، هذا الرجل العطيلي، الذي يدور معظم الفيلم داخل رأسه. ومن هنا كان في الإمكان القول، أمام هذا الفيلم، إنه «فيلم بطل وحيد»، وهذه بدورها سمة من سمات سينما المؤلف، خاضها سعيد مرزوق من دون وجل، مع أنه كان يعرف تماماً، في ذلك الحين، أن في الأمر مغامرة انتاجية غير مؤكدة النتائج، وكذلك مغامرة فنية لم تعتد عليها السينما المصرية. فإن اعتادت على ما يقاربها، اتسم العمل بنخبوية... بل ببعد مضجر لا قِبل للمتفرجين بالدنو منه. لكنه أقدم، وكان المدهش أن الفيلم لم يفشل تجارياً ولا فنياً، كما كان مقدّراً له، بل حقق نجاحاً على الصعيدين، ولا يزال الى اليوم حين يعرض على شاشة التلفزيون يلقى إقبالاً كبيراً من المتفرجين، كما أنه يعتبر دائماً واحداً من أفضل 100 فيلم حققتها السينما المصرية في تاريخها. كما أنه فتح الأبواب واسعة أمام هذا النوع السينمائي الصعب، الذي يجمع بين قوة الأداء وتركّز الموضوع، وما هو قريب من وحدة المكان والزمان. فعمّ يتحدث هذا الفيلم؟

كما قلنا: عن رجل. عن رجل يكاد يكون وحيداً، تدمره أفكاره وغيرته، كما يدمره في شكل خاص عجزه عن أن يتعامل مع الأمور والناس، بل مع أقرب المقربين اليه، تعاملاً انسانياً عادياً. والأغرب من هذا، أن الرجل الذي نتحدث عنه لديه كل ما هو في حاجة اليه كي يكون سعيداً، حتى وإن كان كل عنصر من العناصر المكونة لسعادته المفترضة، ينقصه شيء ما. هذا الرجل هو الريس مرسي الذي يعمل مسؤولاً في فنار موجود في منطقة جرداء معزولة. انه يعمل ويعيش هناك وحيداً معزولاً، مع مساعده الشاب نور، ومع زميلين عاملين آخرين. ذات يوم يأخذ الريس مرسي اجازة يقترن فيها بخطيبته ثم يمضي فترة شهر عسل يعود بعدها الى عمله في الفنار، تاركاً الزوجة سعاد في منزلهما البعيد. وإذ يعود الريس الى عمله ورفاقه في العمل يقابله هؤلاء بفرحة كبيرة، مثنين على ما فعل إذ خرج من حياة العزوبية، وصار هناك - بعيداً - من ينتظره بعيداً من العمل الروتيني الممل في الفنار. ففي الفنار الوجوه والحكايات اليومية نفسها والإحساس بالملل نفسه. ولكن بالنسبة الى الريس مرسي، صار اليوم في امكانه تحمّل هذا كله، طالما انه سيستطيع بين الحين والآخر أن يسافر لرؤية زوجته والاستمتاع بوجودها ولو أياماً يعود بعدها الى عمله.

أما الريس مرسي، فإن سعادته الآن لا توصف. انه يعرف أن ثمة امرأة حبيبة تفكر فيه وتنتظره بشوق ولهفة في مكان ما. وهذا الإحساس يحرك لديه كرماً في الحكي لم يكن له به عهد من قبل، وبخاصة مع زميله الشاب نور، الذي من الواضح أن ليس له أية تجارب نسائية ويكتفي من المغامرات بجمع صور النساء ولصقها في مكان نومه، ويفتح عينيه وأذنيه بكل دهشة حين يروي له الريس مرسي مغامراته النسائية، قبل زواجه. في هذا المجال نلاحظ أن مرسي يستطرد ويستطرد وهو يتحدث الى الشاب المصغي بكل انتباه، لا سيما عن حكايات يكون هو - مرسي - فيها على علاقة بنساء متزوجات. انه وهو يحكي لا يدرك طبعاً خطورة هذه الحكايات وقدرتها على أن تنعكس على حاله الخاصة. لاحقاً سيدرك هذا. ولا سيما منذ اللحظة التي يطلب نور منه فيها - على غير توقع - أن يريه صورة زوجته. طبعاً يرفض الريس مرسي هذا. وكان يمكن الرفض أن ينهي الموضوع، غير أن نور يزداد - كما سيخيل الى الريس مرسي - رغبة في الحصول على الصورة... ومع هذا - وربما تكمن هنا نقطة ضعف أساسية في السيناريو -، حين يتوجه نور لقضاء اجازة ما في المدينة، يكلفه الريس مرسي بإيصال رسالة الى زوجته.

الخطأ

غير أن الريس مرسي، وحتى من قبل توجه نور الى الإجازة، والى توصيل الرسالة، يدرك فجأة خطأ ما فعله إذ أرسل الشاب ليقابل زوجته. ومن هنا يتحول الفيلم الى فيلم يحدث داخل أفكار الريّس مرسي... ويتحول مرسي نفسه الى ذلك العطيل الشكسبيري المعاصر، إذ تستبد به الصور والهواجس والأفكار، من حول ما يمكن أن يحدث بين نور وسعاد إذ يتقابلان. ولعل حرمان نور وتوقه الجنسي الدائم الذي لا يتوانى عن التعبير عنه، ووحدة الزوجة بعيداً من زوجها، عاملان فاعلان في تلك الهواجس. وهما يبرران بالفعل - ومن ناحية منطقية - موقف الريس مرسي ورعبه وغرقه في أفكار تكاد تحطمه، ولا سيما بعد أن يبدأ نور اجازته... بل إن الريس مرسي يتذكر هنا بخاصة كل تلك الحكايات التي كان يرويها لنور عن علاقته بنساء متزوجات. فماذا الآن إن انقلب السحر على الساحر؟ كيف سيعرف حقيقة ما سيحدث بين زوجته وزميله الشابين؟ طبعاً سنعرف في النهاية، بل حتى مرسي نفسه سيعرف، أن لا شيء سيحدث، وأن سعاد وفية لزوجها وحياتها العائلية وأن نور نفسه لن يقدم على اية مغامرة لا أخلاقية. ان مرسي سيتأكد من هذا، ومع ذلك لن تهدأ أفكاره بعد الآن. لن تهدأ غيرته أبداً ولن تستكين ظنونه. فهكذا هو الإنسان.

لقد كان من الصعب أن نتصور في تلك الأزمان «السياسية» الصعبة أن فيلماً من هذا النوع «الجواني» سيكون قادراً على فرض نفسه وعلى تشكيل بداية قوية لمخرجه. ومع هذا حدثت تلك «المعجزة» الصغيرة ونجح الفيلم. وقد فتح نجاحه الباب واسعاً أمام مخرجه ليثبّت لنفسه، بسرعة، مكاناً أساسياً في خريطة السينما المصرية الجديدة، وبالتحديد، بعيداً من التصنيفات الجاهزة، فظلّ متفرداً في موقع خاص له في السينما المصرية.

الحياة اللندنية في

19.09.2014

 
 

نبيلة عبيد باكية على سعيد مرزوق: مات بسبب الإهمال

كتب: هبة الحنفي

قالت الفنانة نبيلة عبيد، إنها شاركت في عدة أعمال مع المخرج الراحل، سعيد مرزوق، منها «هدي ومعالى الوزير» و«قصاقيص العشاق».

وأضافتفي مداخلة هاتفية ببرنامج «انت حر»، الذي يقدمه الكاتب مدحت العدل على قناة cbc: «تجربتي مع هذا المخرج جميلة وأعتز بها، وهو فنان بشكل لا يصدق، وكله إحساس، ويفهم في الموسيقى أيضا ورأسه كلها فن».

وتابعت: «تجاربي معه من أفضل التجارب التي قمت بها، وكان التفاهم بيننا عاليا، وكان مخرجا صامتا لا يعلي صوته، وكل ما حدث له نتيجة الإهمال والكتمان الداخلي، لأنه مخرج من أهم المخرجين في مصر».

وقالت باكية: «يجب الاهتمام بكل فنان مريض ولا يتم تركه هكذا، وأرجو الاهتمام بعائلتهم، وخاصة من عملوا ولهم تاريخ وبصمة، وهؤلاء أخذوا جوائز عالمية، لأن المخرج حدث له إهمال، ولم يكن حوله سوى قلة من أصدقائه، وكانت كل أمنيته أن يستكمل علاجه في دار المنى، ولكن الظروف لم تسمح له، وذهب للبيت واكتئب ومرض، ولو كان حدث له مساعدة لاستكمال حياته لما حدث له هذا».

المصري اليوم في

18.09.2014

 
 

مقعد بين الشاشتين

من "أعداء الحرية" إلي.."أريد حلاً" رحيل مبدع كبير

بقلم : ماجدة موريس

* في مثل هذه الأيام من العام الماضي أو قبلها بقليل فاجأ المهرجان القومي للسينما المصرية جمهور افتتاحه بتكريم سعيد مرزوق وحضوره رغم مرضه الطويل. وصعوده علي المسرح بكرسيه المتحرك ليلهب مشاعرنا جميعاً بالمحبة والتقدير والحماس فوقفنا نصفق طويلاً لهذا المبدع الكبير المبتسم مع معاناته الصعبة وكانت الابتسامة تعني أملاً في الشفاء. وفي العودة للعمل.. لكن سعيد مرزوق توفي السبت الماضي بعد عام من أطلالته الأخيرة تاركاً لنا ميراثه المهم من الأفلام السينمائية التي لم يمر عمل منها بسهولة أغلبها. وقبله أعماله القصيرة التي انتجها التليفزيون المصري حين كان يعمل به في بداياته من خلال "مراقبة الأفلام السينمائية" التي لم يعد لها وجود الآن.. في هذا الميراث أيضا المجموعة الوحيدة من الأفلام الروائية القصيرة التي أنتجتها فاتن حمامة وقامت ببطولتها بعد فيلم أول قصير أيضا من اخراجه بعنوان "أغنية الموت" لتكون هذه المجموعة تجربة فريدة في مسار السينما المصرية ولتضيف إلي سعيد مرزوق أو "فيلسوف الصورة" كما أطلق عليه الناقد مجدي الطيب في كتابه المهم عنه المزيد من التفاصيل لشخصية مؤ ثرة من تلك الشخصيات التي صنعت نفسها بنفسها من خلال الرؤية والثقافة والتجريب والثقة بالنفس والاجتهاد إلي أقصي الحدود ثم تلك المحبة العامرة للوطن والغضب علي ما يحدث له من أعداء الخارج والداخل.. وهؤلاء تحديداً ما وجه المخرج الراحل أغلب اعماله لفضحهم

دموع السلام 

* في بدايات عملي الصحفي كان التليفزيون المصري أكبر منتج للأفلام التسجيلية والقصيرة بعد المركز القومي للسينما وبينما أصبحت أسماء مخرجي هذه الأفلام ومبدعيها رائجة في السبعينيات من خلال انتاج وفير ومتميز تتبع كل خطوات ثورة 23 يوليو سينمائياً. فإن التليفزيون كان المعمل الثاني لتفريغ مبدعي هذه السينما ومن بينهم سعيد مرزوق الذي طالب بفرصة للإخراج من أمين حماد رئيس التليفزيون وقتها فحصل عليها بعد اختبار قصير في "برومو" موسيقي يعرض بين الفقرات. وبعدها قدم أول أفلامه التسجيلية و"أنشودة السلام" عن الحرب والموت ثم "اعداء الحرية" وكان يربط بين العدوان الأمريكي علي فيتنام والعدوان الاسرائيلي علي فلسطين. بعدها قدم مرزوق فيلمه الرائع عن رحيل عبدالناصر "دموع السلام في عام 1970" وبعد عامين قدم دراسة عن جندي مصري يقف علي خط القناة حاملاً سلاحه شاعراً بالمرارة وهو يري الرأية الإسرائيلية علي الجانب الآخر من القناة وكان "الطريق إلي النصر" بمثابة الصدمة التي اصابت الكثيرين مما شاهدوه وقتها وعبرت عنها مظاهرات طلبة الجامعات في مصر مطالبين بالحسم.. وبعدها جاءت حرب أكتوبر المجيدة.. وتوقف سعيد مرزوق عن صناعة الافلام التسجيلية.. وأن لم يتوقف عن تقديم الأفلام الروائية القصيرة التي كان أولها بعنوان "طبول" عام 1969 عن رؤية شاب للقاهرة وفنونها ثم "أغنية الموت" عن قصة توفيق الحكيم وحوار الأبنودي وتصوير عبدالعزيز فهمي وأول أفلام فاتن حمامة القصيرة "45 دقيقة" وأول تعامل ايضاً مع الانتاج التليفزيوني كله. وكان السبب في قبولها الفنان والتجربة هو الفيلمان الطويلان الروائيان لسعيد مرزوق اللذان خرج ومن خلالهما من أحضان التليفزيون إلي عالم السينما الكبير وهما "زوجتي والكلب" عام 1971 و"الخوف" عام 1972 والاثنان عن قصة وسيناريو وحوار سعيد مرزوق وشاركه في الثاني الكاتب مصطفي كامل وكانت البطولة في الفيلمين ايضا لسعاد حسني ونور الشريف مع فريق من أهم ممثلي السينما المصرية في السبعينات علي رأسه محمود مرسي البطل الثالث "زوجتي والكلب" الذي كان يطرح هواجس وتخاريف رجل عاش حياته بالطول والعرض تجاه زوجته الجديدة صغيرة السن
أريد حلاً.. 

* لا ينسي أحد منا فيلم "أريد حلاً" عن قصة الكاتبة حسن شاه وحوار الكاتب سعدالدين وهبة التي كتب لها السيناريو سعيد مرزوق وأخرجها وأبدع في ادارة أبطالها فاتن حمامة ورشدي أباظة وليلي طاهر ومحمد السبع وكمال ياسين وغيرهم ومنهم الفنانة الكبيرة أمينة رزق ليكون رسالة فنية مدوية تجاه أوضاع النساء في مصر وقهرهن من خلال زواج فاشل وزوج متآمر وفيه يبتعد سعيد مرزوق عن استخدام الرمز والتجريب في الكادر واستخدام الحيل الدرامية ليغرق في الواقع ودهاليزه مقترباً أكثر من المشاهد العامة ومن هموم الحياة اليومية المادية ثم يقفز من "أريد حلاً" إلي مقترباً أكثر إيجابية وعنفاً وبلاغة في الهجوم علي الفساد في كل صوره في فيلمه "المذنبون" عام .1976 

المذنبون.. والرقابة الضحية 

* في ذلك الوقت لم تكن الشكاوي ضد الأفلام تذهب إلي رئيس الوزراء فوراً "أو الوزير" ولكن خطاباً كيديا من مصري يعمل في الخليج نشر في صحيفة وضع الرقابة كلها في قفص الاتهام بسبب "المذنبون" فأوقف 14 رقيباً ورقيبة عن العمل برئاسة رئيستهم اعتدال ممتاز. وأوقف الفيلم الذي كان قد حصل علي عدد كبير من الجوائز والمأخوذ عن قصة لنجيب محفوظ والذي كان يتحدث عن مراكز القوي الجديدة التي صعدت في المجتمع المصري في السبعينات وهي واقعة تستحق استعادتها والتحقيق فيها الآن ففيها كل عناصر قضية مفتوحة لم يتم الفصل فيها منذ عشرات السنين بل علي العكس يزداد الأمر سوءاً بفعل جماعات ترغب في الوصاية علي العقل والإبداع المصري وكتائب إلكترونية تبحث عن أية واقعة لتصنع منها مسلسلات علي صفحات الإنترنت لقد قبض علي مرزوق مرتين بسبب فيلمه لكنه رفض منذ هذه اللحظة تهمة "الاساءة إلي سمعة مصر" المعلقة حتي الآن في انتظار غيره. وبعد عامان من "المذنبون" عاد للعمل بمجموعة الأفلام القصيرة "حكاية وراء كل باب" والتي مثلتها فاتن حمامة قبل أن يقدم فيلمه الصادم "انقاذ ما يمكن انقاذه" بعد عشر سنوات "1985" والذي تنبأ فيه بصعود التيارات المتطرفة وهجومها علي المجتمع وبعده قدم "أيام الرعب" عن قصة جمال الغيطاني وسيناريو يسري الجندي والذي طور فيه رؤيته للمتطرفين والخوارج بتقديم صورة قريبة لما تفعله داعش الآن من هدم لمقامات الأولياء.. بعدها كانت صرخته ضد الانهيار الاخلاقي من خلال فيلم "المغتصبون" عام 1989 وصرخته الثانية ضد العنف الزوجي وانهيار الرحمة والود في "المرأة والساطور" عام 1997 وصولاً إلي "جنون الحياة" عام 1999 و"قصاقيص العشاق" عام 2003. 13 فيلماً روائياً طويلا وستة أفلام روائية قصيرة وخمسة افلام تسجيلية تركها هذا المبدع الكبير.. وعلينا فقط أن نستعيدها وأن نقدمها للأجيال الجديدة.. خاصة تلك المجموعة التي انتجها التليفزيون والتي تتلامس مع الظروف التي تعيشها مصر الآن سياسياً

magdamauric1@yahoo.com

الجمهورية أونلاين المصرية في

18.09.2014

 
 

روائع سعيد مرزوق وموسيقى بليغ وتجارب أحمد رجب

محمود موسى :

فى يومين متتاليين فقدت مصر واحدا من رموز الكتابة وصاحب أجمل وأعمق كلمات السخرية والنقد الكاتب الكبير أحمد رجب، والمخرج سعيد مرزوق صاحب الروائع السينمائية المهمة.

وإذا كان الجميع يعرف «نص كلمة» احمد رجب التى توازى بعض ما يكتب من مقالات يومية فى كل الصحف فإنه ايضا كان صاحب عدد من التجارب السينمائية فى بداية مشوارة الصحفى ومنها افلام «شنبو فى المصيدة» و «فوزية البرجوازية»و «شئ من العذاب» و «نص ساعه جواز» و رغم ما فى هذه الافلام من بهجة فانه قرر الابتعاد عن السينما لانه رأى أن ما يكتبه لايظهر على الشاشة كما يشاء ولهذا آثر الابتعاد ولكنه قبل عام تقريبا اهدى فكرة فيلم الى المخرجة ساندرا نشات عن حرب اكتوبر وطلب منها الا يكتب اسمه وانما كان يريد أن يرى عملا راقيا وانسانيا عن انتصار جيش مصر على العدو الاسرائيلي.

وتصادف ان يوم رحيل فقيد صحافة مصر وكبيرها يتوافق مع ذكرى رحيل ملك الموسيقى بليغ حمدى الذى جمعهما فيلم «نص ساعة جواز» بطولة شادية و رشدى اباظة وعادل امام وسمير صبرى نجلاء فتحي.

واذا كانت شهرة بليغ حمدى نبعت من موهبته فى التلحين الرشيق والعذب للاغانى والالبومات فانة أيضا له اسهامات كبيرة فى السينما فهو صاحب موسيقى أحد الأفلام المهمة والخالدة «شئ من الخوف» ولحن الاغنية الشهيرة التى ابدعها الشاعر الكبيرعبد الرحمن الابنودى «يا عينى عالوله» والحان وموسيقى فيلم «فرقة المرح»وما به من اغانى قدمها محمد رشدى ومنها طاير يا هوى وع الرملة ومغرم صبابة وايضا فيلم صوت الحب بطولة حسن يوسف والمطربة وردة والتى شدت فيه اغنيه العيون السود واشترونى وايضا موسيقى افلام ابناء الصمت و«آه يا ليل يا زمن»و«العمر لحظة».

ويبدو أن شهر سبتمبر اختار ان يرحل فيه الكبار ففقدت السينما المصرية قبل ايام مخرج الروائع الكبير سعيد مرزوق.

الذى قدم عددا من أجرا الأفلام السياسية والانسانية ومنها «أريد حلًا» للنجمة فاتن حمامة، والذى طرح قضية متعلقة بقانون الأحوال الشخصية وبعدها تم تغييره لصالح المرأة المطلقة.وايضا افلامه الجريئة زوجتى والكلب و«المذنبون» و«المغتصبون»و«المراة والساطور» وكلها اعمال سعى فيها فقيد السينما الى كشف المستور عن كثير من القضايا المكسوت عنها.

الأهرام اليومي في

17.09.2014

 
 

حافظت أفلام المخرج على الزاوية النقدية الاجتماعية

رحيل سعيد مرزوق صاحب «أريد حلا» و«المذنبون»

هوليوود: محمد رُضــا

في العام 1971 حقق مخرج شاب اسمه سعيد مرزوق أول فيلم روائي طويل له وكان عنوانه «زوجتي والكلب» من بطولة سعاد حسني ومحمود مرسي ونور الشريف. هنا سجل ابن الواحدة والثلاثين حينها والذي رحل يوم أول من أمس عن 74 سنة، إطلالته على عالم أحبّـه وأخلص له وبرع فيه.

نستطيع أن نتخيل فتى فقيرا أثاره الفن منذ صغره. فرح عندما رسم وفرح عندما أخذ يعرض رسوماته في جمعيات أهلية. أحب الموسيقى وأقدم على السينما، ذلك الفن الذي يجمع بين كل الفنون الأخرى والذي استهواه كون منزل أسرته كان قريبا من استوديو مصر.

لم يدرس المهنة بل مارسها. سنة 1967 قام بإخراج أغنية تلفزيونية مصوّرة بعنوان «أنشودة» وبعدها أخرج فيلما قصيرا بعنوان «أعداء الحريّـة» في العام التالي. وفي العام 1970 حقق فيلما قصيرا آخر هو «دموع السلام». «الثيمة» التي بنى عليها المخرج مرزوق فيلمه الأول تتعلّـق بالغيرة: في الفيلم محمود مرسي عريس جديد يعود إلى عمله بعد العرس ويستقبل التحيات ويبتسم للتهاني. نور الشريف هو الشاب الصغير الذي لا يزال طري العود لا يعرف الكثير عن الحب لكنه مستعد لأن يكشف دوما عن رغبته في نساء الجميع. هذا يولّـد لدى العريس ظنونا لا يدرك وجودها في داخله إلا من بعد أن يطلب من الشاب، الذي سيغادر المكان عائدا إلى القاهرة، نقل رسالة لزوجته. تنتاب الزوج الشكوك خلال غياب الشاب ولا تهدأ بعد عودته. الظن الماثل في داخله يتحوّل إلى يقين مبني على أفكار مجنونة.

استعان المخرج بأحد أفضل مديري التصوير حينها عبد العزيز فهمي، ولأن المكان الذي تقع فيه الكثير من الأحداث داخلية (منارة) تتطلّـب الأمر علاجا خاصّـا للضوء والظل خصوصا أن مرزوق كان قرر أن يحقق فيلمه بالأبيض والأسود.

فيلم سعيد مرزوق الثاني كان بالألوان ولو أنه بدا كما لو كان بالأبيض والأسود. الاستحسان النقدي والجماهيري للفيلم الأول دفعه على الفور لكتابة قصّـة ثانية (هذه المرّة بالاشتراك مع مصطفى كامل) ولتقديم سعاد حسني ونور الشريف معا للمرّة الثانية تحت إدارته وذلك في فيلم «الخوف» (1972).

إذا كان الفيلم السابق تناول الوحشة العاطفية والشك المؤدي للانهيار، فإن الفيلم الثاني هذا كان عن الانهيار ذاته. بعد انتهاء حرب، 1967 بدأ التصدّي. مصر مهزومة لكنها تحاول الوقوف على قدميها كحال الفتاة النازحة من إحدى مدن السويس إلى القاهرة التي تتعرّف على الصحافي (نور الشريف) صدفة. في وله رائع بالمكان وتصوير آسر (أنجزه هذه المرّة عبد الحليم نصر) حقق المخرج أحد أفضل أفلامه إلى اليوم. إذ يدلف الشابّـان إلى أحد المباني المهجورة ويتبادلان البوح بالمكتوم حول الحياة والمستقبل (مستقبل البلاد ومستقبل أبنائه أيضا) يقصد المخرج تجسيد حالة الخوف التي يشعر بها الجميع في ذلك الحين. عدم الاستقرار والارتهان إلى آمال موعودة بالحياة الأفضل. كذلك: «الخوف» هو عن العيون الراصدة. حارس العمارة (الراحل أحمد أباظة) يكتشف وجود هذين الشخصين في المبنى فيبدأ بملاحقتهما. الفكرة المنجزة هنا هي أنهما كانا سيتمتّـعان بالخلوة (البريئة) لو طلبا إذنه، كونهما لم يفعلا فإن ذلك انتقاص من «سيادته».

* نقد الحكومة

«أريد حلا» بعد ثلاث سنوات كان الوهج التجاري الأكبر لهذا المخرج الفذ. كتبت الصحافية حسن شاه حكاية الزوجة درية التي تتعرّض للإهانة والتعنيف من قِـبل زوجها، والتي لا تملك حقوقا كافية حتى في أبسط حقول الحياة المشتركة. تحمل شكواها إلى المحكمة طالبة الطلاق. هذا الطلب ليس سوى بداية رحلة عويصة تسدل عليها القوانين المرعية الكثير من الحواجز. لكن دريّـة لا تكل ولا تستسلم في الوقت الذي تبدأ فيه ممارسة حياة مستقلّـة إذ تجد عملا يساعدها على الاكتفاء. ما تواجهه بعد ذلك هو شهود زور يأتي بهم الزوج واضعا المحكمة في مأزق القرار.

أدار مرزوق هنا الممثلة فاتن حمامة وحولها لمع رشدي أباظة وليلى طاهر وأمينة رزق. الغاية والمعالجة كانتا مختلفتين عن فيلمي مرزوق السابقين فالموضوع لم يعد رمزيا فقط، بل انفصل عن سرد حكاية شخصيات تعيش في معزل عن الناس: «منارة» بحرية في الفيلم الأول والعمارة المهجورة في الفيلم الثاني. ما بقي هو أن «زوجتي والكلب» كان عن الرجل الذي لن يعرف، على الأرجح، تقدير حبّ زوجته له، والثاني عن اثنين لم يبلغا بعد مرحلة متقدّمة من العلاقة، أما هذا الثالث فكان عما يمكن أن يحدث بعد سنوات من الزواج يكتشف الزوجان فيها أن حياتهما لم تكن أرض العسل والورود التي حلما بها.

من هذا الفيلم الذي حقق له حضورا جماهيريا ونقديا لم ينله من قبل، انتقل إلى عمل آخر لا يقل عنه أهمية في تاريخ السينما المصرية وهو «المذنبون» عن قصّـة الأديب نجيب محفوظ كتب لها السيناريو ممدوح الليثي.

الفيلم، كالرواية، يدور حول جريمة قتل وشركاء. رواية نجيب محفوظ قصدت أن تسرد، في السبعينات، حكاية تتوزّع فيها الاتهامات بتوزّع المشتركين في ذنوب لن يطالها القانون بالضرورة. نعم القاتل واحد، لكن الجميع قتلة على نحو أو آخر. تلك الرواية هي فرصة المؤلـف (ثم المخرج) لتقديم بانوراما من الشخصيات التي ارتكبت في حق المجتمع جرائم تساوي جريمة القتل تلك. هناك رجل السلطة الفاسد، والناظر الذي يغش لينجح بعض تلامذته لقاء المال، والتاجر الذي يحرم الناس من البضائع المدعومة ويبيعها بسعر أعلى للأثرياء ورئيس شركة مقاولات حكومية يرتكب المخالفات، وكل هؤلاء كانوا في حفلة ليليّـة لجانب خطيب الممثلة المقتولة وأحدهم فقط هو الذي أزهق روحها.

لم يعد مهما هنا من (ولو أن ذلك سيُـكتشف بالضرورة) ولا حتى لماذا (خيانة عاطفية)، بل كيف أن هؤلاء جميعا مذنبون وعلى نحو ليس بعيدا عن رواية نجيب محفوظ الأخرى «ثرثرة فوق النيل» التي أخرجها للسينما سنة 1971 المخرج حسين كمال أو عن روايته الأخرى «الكرنك» التي نقلها علي بدرخان إلى الشاشة سنة 1975 أي قبل عام واحد من «المذنبون».

* مباشرة

حافظت أفلام سعيد مرزوق التالية على الزاوية النقدية الاجتماعية، وإن لم تستطع الاحتفاظ دوما بالنوعية الفنية التي مارسها المخرج فيما سبق من أفلام. قدم على التوالي «حكاية وراء كل باب» (عن رواية لتوفيق الحكيم، 1979) و«إنقاذ ما يمكن إنقاذه» (عن سيناريو لمرزوق نفسه، 1985) ثم «أيام الرعب» (قصّـة جمال الغيطاني، 1988) و«المغتصبون» (1991). الحكايات كانت فردية وميلودرامية الوقع هذه المرّة. ليس على نحو خال من الإبداع، لكن على نحو يفتقر إلى دلالات مرزوق المشبعة بالفن. حكاية «أيام الرعب»، مثلا، كانت تدور حول فكرة الخوف من الانتقام حسب تقاليد أهل الصعيد، و«إنقاذ ما يمكن إنقاذه» عن علاقات انتهازية تبقى ضمن نطاق الشخصيات وبالكاد تستطيع أن ترمز لمؤسسات أو مرجعيات. لا شيء عن قانون آن وقت إصلاحه، ولا شيء عن الخوف من العيون الراصدة ولا عن الفساد الإداري المستشري.

لكن هذا الوضع يتغيّـر عندما أخرج مرزوق قصّـة سينمائية كتبها بنفسه وتولى فيصل ندا كتابة السيناريو لها. هناك نداءات من ماضي المخرج الحافل بالنقد في حكاية شاب وخطيبته يخرجان في نزهة فيعترض طريقهما خمسة شبّـان يخطفونهما ويعتدون على الفتاة. كل المستقبل الحافل بالوعود ينهار. وعلى عكس ميزة المخرج في أفضل أعماله السابقة نجد أن الطرح مباشر هنا والمشاعر مطبوخة سلفا ومتوقّـعة.

لم ينقذ الوضع فيلمه التالي «المرأة والساطور» (1997) بطولة نبيلة عبيد، لكن لا ريب أن هذه الأفلام على ما انتابها من تخلي المخرج عن سينما التأمل والترميز، إلى سينما أكثر مباشرة، وبالتالي أكثر اقترابا مما يود الجمهور استنشاقه من معالجات واضحة، تبقى أفضل من الكثير جدا من أفلام تلك الفترة التي حققها آخرون.

في تكوينه الخاص، سجّـل مرزوق حضوره بإلمامه الشامل بشروط الصورة المطلوبة وبالموضوع الذي يثير اهتمامه ومن خلال هذين العنصرين أنجز عددا قليلا نسبيا من الأفلام (14 فيلما) آخرها سنة 2002 (هو «قصاقيص العشاق»). من ذلك التاريخ وإلى وفاته وجد نفسه يعيش في عزلة بعيدا عن ساحاته الفنية. كان اضطر لعملية قطع ساقه بعدما أفسد خلاياها السكّـري، ثم عانى من المرض ورحل وهو على هذا النحو، لكن الرحيل الحقيقي بدأ، كما حال مبدعين آخرين كثيرين، قبل أن يقطف الموت أنفاسه.

الشرق الأوسط في

15.09.2014

 
 

سعيد مرزوق «عصامي» السينما المصرية

محب جميل, محمد عبد الرحمن

ارتاح المخرج المصري الكبير سعيد مرزوق (1940 ـ 2014) من المرض العضال. غادر الحياة أول من أمس السبت بعد صراع مرير مع المرض دفع رفاقه إلى ضغط على الدولة للتكفل بعلاجه بعد عجز نقابة السينمائيين عن تحمّل التكاليف بمفردها. المخرج الراحل تواجد ثلاث مرات في قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية التي أعدتها نخبة من النقاد والسينمائيين عام 1996.

أما الأفلام الثلاثة فهي: «زوجتي والكلب» (1971) من بطولة سعاد حسني ونور الشريف، ويعدّ أول أفلامه الروائية، و»أريد حلاً» (1975) أحد أشهر أفلام «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة، و»المذنبون» (1976) الذي تسبب في أزمة رقابية. بعد التصريح بعرضه، اعترض مصريون في الخليج على «المذنبون» بدعوى أنّه يشوه صورة مصر في الخارج، فسُحب من الصالات وعوقب الرقباء الذين سمحوا بعرضه. وفق كتاب «فيلسوف الصورة» لمجدي الطيب، قدم سعيد مرزوق 14 فيلماً روائياً فقط طوال مشواره السينمائي الذي استمر أكثر من 50 عاماً، من بينها أفلام « المغتصبون» الذي أعاد تجسيد قضية اغتصاب فتاة المعادي الشهيرة في الثمانينيات وأدت بطولته ليلى علوي، و»آي آي» لمحمد عوض وليلى علوي وكمال الشناوي، و»المرأة والساطور» لنبيلة عبيد وأبو بكر عزت وهو أول فيلم عن قتل الأزواج على يد الزوجات وتقطيعهم بالساطور. آخر أفلامه كان «قصاقيص العشاق» (2003) لنبيلة عبيد وحسين فهمي. بعدها، غاب مرزوق عن البلاتوهات، وأطل فقط عام 2013 في مناسبة تكريمه ضمن «المهرجان القومي السابع عشر للسينما المصرية».

لم يدرس مرزوق السينما، بل جعلها مدرسته الخاصة. تعلّمها منذ كان في السابعة عشرة في «استوديو مصر» في القاهرة. منذ عام 1964، عمل مخرجاً للتلفزيون المصري واهتم في تلك الفترة بالأفلام الروائية والتسجيلية، فأخرج فيلمه التسجيلي «أعداء الحرية» عام 1967 الذي نال جائزة في «مهرجان لايبزيغ» في ألمانيا.

لم يكن مرزوق أحد هؤلاء الذين يزاحمون الصورة بالتفاصيل المملة. كان يحب المغامرة والتجريب ويترك اكتمال المشهد للمتلقّي الحر. لا يجبره على شيء. فقط يترك له بعض التفاصيل الصغيرة التي توحي بكثافة المشهد. كان مرزوق يشاهد أفلامه على نار هادئة. يحاول الاقتراب من حالة الكمال البصري، فأفلام كـ «زوجتي والكلب»، و»المذنبون» و»قصاقيص العشاق» صنعها بحساسية شديدة كمن يلمع تماثيل من الخزف. لم تكن تهمه الصورة النهائية، بقدر ما كان يستمتع بلحظات اختمار الفيلم أثناء المونتاج والترتيب. وقد حاول أكثر من مرة أن يدخل إلى نسيج المجتمع من خلال مجموعة أفلام أشبه بالمشرط منها «أغنية الموت»، و»أريد حلاً» الذي تسبب في تغيير مواد قانون الأحوال الشخصية.

لعب مرزوق دور التنويري في السينما المصرية. كان من كبار المجددين على مستوى الصورة البصرية: الوجوه منحوتة بكتل من الظل والضوء. الكاميرا تقترب ببطء من حافة المشهد لتدخل في صمت إلى عمق التفاصيل. لا ثرثرة أو كلمات فضفاضة، فقط ما قل ودلّ من الصورة البصرية التي تكتنز بالدلالات والإشارات الموحية. بهذه الكلمات البسيطة يُمكننا أن نلتقط خيطاً من الكرة الصوفية لمسيرة سعيد مرزوق الذي سيظل اسمه خالداً في الذاكرة الجمعية كواحد من «معلمي» السينما.

الأخبار اللبنانية في

15.09.2014

 
 

"الاكتئاب" يهزم سعيد مرزوق بعد صراع طويل

كتبت - دينا دياب:

احيانا ما يكون «الموت» احن كثيراً على الانسان من الحياة الكئيبة التى فقدت معناها وهدفها، هذه الحالة مر بها المخرج الكبير سعيد مرزوق عندما اراحه الموت من فترة عصيبة كان من المستحيل ان يتخيل انه سيمر بها.

رحل سعيد مرزوق عن عمر يناهز 74 عاماً بعد صراع مع الاكتئاب نتيجة مرضه المزمن الذى استمر معه لخمس سنوات متتالية أثرت على صحته البدنية ودمرت حالته النفسية لتصبح حياته دموع لا تتوقف.

رحل مرزوق وفى رصيده 14 فيلما سينمائيا هى مجمل أعماله وهى ايضا بصمته التى دخل بها التاريخ من اوسع ابوابه لتوضع اغلبها فى قائمه أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية.
مرزوق لاخلاف على ابداعه لكن موهبته الفنية لانسان تخرج فى الثانوية العامة ليصبح من اهم مخرجى السينما كانت محط اثاره واهتمام الكثيرين.

ريموندا: زوجى قتله الاكتئاب

قالت السيدة ريموندا زوجة الراحل سعيد مرزوق ان الاكتئاب هو السبب الأوحد الذى قتل زوجى بعدما اصيب بحالة رفض للحياة فى الفترة الاخيرة وابتعد عن كل شئ حتى الطعام ليطلب الموت راضياً عن حياته.

المخرج على عبد الخالق: مرزوق أعظم مخرجى السينما المصرية

المخرج على عبد الخالق وصف الراحل سعيد مرزوق بأنه أعظم مخرج فى تاريخ السينما المصرية لانه الوحيد من وجهة نظره الذى استطاع أن يجمع بين عناصر الابداع مكتملة، فهو المخرج الكامل الذى يجيد اختيار الموضوع ويتقن توجيه الممثل ولديه القدرة على اظهار صورة سينمائية مميزة بتكوينات واضحة فهو يجيد التعامل مع الكاميرا والإضاءة وهذا لا يجتمع بدرجة واحدة فى مخرج واحد، ولذلك كانت اعماله متميزة وأصبحت من اهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية، فهو فنان كان يخاف من الفشل لذلك عندما قدم «زوجتى والكلب» و«المذنبون» و«اريد حلا» كان من الصعب ان يقدم بعدها افلاما اخرى بسهولة، وللأسف فهو مخرج لم يحصل على حقه النقدى، واضاف عبد الخالق أن «زوجتى والكلب» هو اول أفلامه وأفضلها، قدم فيه صورة  سينمائية متميزة ولمدة  ثلث ساعه يشاهد الجمهور مباراة تمثيلية دون حوار ودون الشعور بالملل ولذلك فهو مخرج لم ولن يتكرر، واضاف عبد الخالق كنت سأخرج فيلما لسعيد مرزوق كممثل وتشاركه البطولة مديحة كامل لكنه اختفى بسبب خوفه من الفشل لان نجاحه كان مخيفاً.

إلهام شاهين: بصمة كبيرة فى السينما المصرية

بأسى شديد نعت الفنانة إلهام شاهين للمخرج سعيد مرزوق وقالت ان السينما فقدت مخرجاً من اهم مخرجيها وهو سعيد مرزوق وواحدا من أطيب القلوب التى عرفها الوسط الفنى وقالت قدمت معه فيلم «جنون الحياة» وكان من أبرز الافلام التى قدمتها حيث عرض فى توقيت الامتحانات وكان من انتاج مدينة الانتاج الاعلامى وكان لمرزوق رؤية فى موعد طرحه فحقق نجاحا وايرادات كبيرة غير متوقعة، واضافت ان مرزوق فى موقع التصوير كان عصبياً لانه يريد ان يخرج بالعمل كما يجب ان يكون بشكل متميز لكنه لم يكن ديكتاتورا وكان يحاول التجويد دائما وهذا ما كان يميزه، فلديه قدرة التحكم فى «اللوكيشن» جيدا ويحب عمله ومجنون به ويحب التجديد حتى فى أداء الممثل فهو مدرسة إخراجية وبصمة ممن عاصروا السينما المصرية بداية من افلامه «زوجتى والكلب» و«المذنبوب» و«المغتصبون»، وأيضا كان كاتباً مميزاً فهو يضيف كثيراً للسيناريو ولديه طريقة فى الإخراج والتأليف لايجيدها غيره.

بطرس دانيال: حالته يجب أن تكون درسا لغيره

نعى الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما الراحل وكان هو آخر من زار سعيد مرزوق بالمستشفى وقال ان وفاة مرزوق بهذه الحالة من الكآبة والحزن تجعلنا نوجه نظر الفنانين الى زملائهم الموجودين بالمستشفيات وممن اختفت عنهم الأضواء بان ينظروا اليهم ويزوروهم لان الحالة التى وصل لها مرزوق كانت مماثلة لعدد كبير من الفنانين الذين اصيبوا بحالة اكتئاب بسبب طبيعة مهنتهم جعلتهم يبعدون عن العمل ويبحثون عن ملاذ اخر لحياتهم.

عاطف بشاى: حزن على نفسه فمات

الكاتب عاطف بشاى تابع حالة الراحل قبل وفاته وعاش معه حالة الاكتئاب التى اصابته، قال بشاى هذه الحالة كانت نابعة من حزنه على نفسه من الحياة العصيبة التى مر بها بسبب مرضه، واضاف بشاى ان  مرزوق من اهم الشخصيات الفنية التى اتت بها مصر ليس فقط إخراجيا لكنه كان نبغة فيكفى انه لم يدرس سوى الثانوية العامة ورغم ذلك قدم فى أولي تجاربه فيلم «زوجتى والكلب» الذى كان علامة فارقة فى تاريخ السينما المصرية، واضاف ان لغته السينمائية رائعة تمزج بين السلاسة فى الموضوع والتراكيب فى الاداء والصورة ولذلك كان مخرجا بارعا قدم افلاما من واقع المجتمع المصرى بأسلوب تكنيكى اخراجى عالى جدا صنع اسمه وتاريخه بهذه القوة.

عمر عبد العزيز: خسارة كبيرة

المخرج عمر عبد العزيز وصف رحيل سعيد مرزوق بأنه خسارة كبيرة للسينما وقال ان بصمته السينمائية والانسانية فى الواقع السينمائى كانت بارزة فهو يعتبر ممن صاغوا اسم مصر امام العالم سينمائيا بالإضافة إلى ان مرضه منذ 4 سنوات تسبب له فى اكتئاب وهو ما أثر عليه نفسيا ومعنويا وهذا سر سقوط المبدع عندما يخرج من اطار الفن والعمل الى إطار المرض يصاب بهذه الحالة، واشار ان تكريمه فى ختام مهرجان الاسكندريه السينمائى مهم لانه اعتراف بحق هذا الرجل فى صناعة السينما المصرية وتأسيسها.

السينمائيون: القدر آخر تكريم مرزوق من النقابة

المخرج مسعد فوده قرر تقديم درع نقابة السينمائيين لاسم الراحل سعيد مرزوق وقال ان الدرع كانت معدة لنسلمه له فى المستشفى بعد ختام مهرجان الاسكندرية السينمائى ولكن للأسف القدر كان اسرع منا ولذلك قررنا تقديم الدرع تقديرا له ولمشواره الفنى الطويل فى تاريخ السينما المصرية .

مرزوق قدم للسينما عدداً قليلاً من الافلام لكنها بمثابة تاريخ طويل فهو المخرج الوحيد الذى قدم مدرسة حسده عليها يوسف شاهين.

بدأ حياته بالعمل فى البرنامج الاوروبى بالإذاعة المصرية، وفى برامج السينما فى التليفزيون المصرى، ثم تفرغ لتحقيق حلمه من موظف لمبدع يخرج الافلام التى يؤمن بها بدايته بفيلم زوجتى والكلب اوضح خلالها رؤيته عن باطن علاقات إنسانية مؤلمة

بعدها رافقته التهمة الجاهزة عند عرض اعماله وهى «تشويه سمعة مصر» بعد عرضه فيلم «المذنبون»، وواجهته الرقابة رغم فوز عماد حمدى بطله بجائزة احسن ممثل عن دوره بالفيلم بدورة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عام 1976.

المراحل الفنية لمرزوق تحولت عاما بعد عام لعبقرية ابداع فقدم «اريد حلا» والذى احدث ثورة فى القوانين التمس فى موضوعاته للواقع الحقيقى فحلل المجتمع بكاميرا جريئة وعقلية سينمائية مبدعة  فقدم «المغتصبون» عن قضية فتاة العتبة التى تم اغتصابها ظهرا دون ان يتحرك احد وناقش قضية قتل السيدات لأزواجهن وقطعهم بالساطور فى فيلم «المرأة والساطور» واضطرت الرقابة لمنعه .

مرزوق فى اخر ايامه حالته المرضية سيطرت عليه، واصابته بجلطات متعددة جعلته ييأس من حالته، ويفقد الأمل فى العودة لحياته خلف  كاميرا السينما من جديد، اقعده خطأ طبى على كرسى متحرك منذ 5 سنوات عندما تركه الاطباء لتتمكن الغرغرينة من جسده ووصل الامر به الى بتر فى ساقه.

الوفد المصرية في

15.09.2014

 
 

فيلمه «أريد حلاً» أدى إلى إلغاء أحكام «بيت الطاعة»

عاشق السينما سعيد مرزوق يرحل عن 74 عاماً

سعيد ياسين (القاهرة)

ودعت الساحة الفنية المخرج سعيد مرزوق الذي توفي مساء السبت في مستشفى المعادي للقوات المسلحة عن عمر يناهز 74 عاماً بعد صراع طويل مع المرض استمر لسنوات طويلة، كان أبرزه إصابته بأكثر من جلطة ألزمته التحرك على كرسي متحرك.

ويعد الراحل الذي ووري الثرى أمس، رغم قلة أعماله التي قدمها للسينما، وهي 14 فيلماً، واحداً من أفضل مخرجي السينما المصرية، خصوصاً وأن أعماله تميزت بالجرأة في موضوعاتها وبنائها الفني من الحوار إلى التصوير إلى المونتاج والموسيقى وغيرها.

النشأة ورغم نشأته في أسرة فقيرة، وتحمله مسؤولية والدته وأخوته الأربعة وهو صغير عقب وفاة والده، إلا أن سكنه المجاور لاستديو مصر، وصداقته للمخرج الراحل حسام الدين مصطفى، كانا سبباً في عشقه للسينما، وزاد هذا العشق حين حضر المخرج العالمي سيسيل دي ميل ليصور فيلمه «الوصايا العشر» في صحراء الهرم، حيث شعر مرزوق أثناء حضوره التصوير بعظمة دور المخرج وأهميته بالنسبة للسينما.

وجمعت سينما مرزوق المولود في 1940 بين سينما القضية والجماهيرية، وركز على هموم الشارع المصري ومشاكله من خلال شخصيات ونماذج حقيقية كان يقابلها في الشارع، وهو ما جعله يتميز عن باقي مخرجي السينما الذين تمر أفلام غالبيتهم مرور الكرام، خصوصاً وأنهم يعملون غالباً من دون هدف أو مشروع يسعون إلى تحقيقه.

واللافت أنه لم يدرس السينما على أيدي أحد، ولكنه صقل موهبته بالقراءة عنها، ومن خلال عمله مساعداً لزميله وقتها إبراهيم الشقنقيري، ثم سرعان ما أخرج فيلمين قصيرين مدة كل منهما خمس دقائق، ثم أخرج أغنية «أنشودة السلام» ومدتها 10 دقائق، وأختيرت كأحسن عمل تلفزيوني عام 1965.

تقدير وفي عام 1967 قدم فيلمه التسجيلي «أعداء الحرية» وشارك به في مهرجان «ليبزج» الألماني، وحصل على الجائزة الثانية في هذا المهرجان، وفي العام التالي قدم فيلم «طبول» ونال عنه جائزة الدولة في الإخراج والتصوير والمونتاج، وفي عام 1970 قدم فيلم «دموع السلام» الذي اختير كأفضل فيلم عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وفي عام 1971 قدم فيلمه الروائي الأول «زوجتي والكلب» لمحمود مرسي وسعاد حسني ونور الشريف، والذي يعد واحداً من أهم الأفلام العربية، حيث أبهر به الجميع وأصاب الدارسين لفن السينما بالذهول من طريقة إخراجه، واستخدامه كادرات رائعة، واستخدامه مفردات في التصوير والإضاءة والظلال والموسيقى والمونتاج وغيرها، وأحدث الفيلم انقلاباً كبيراً وقتها واعتبر نقطة تحول في السينما.

وبعدما أخرج فيلم «الخوف» عام 1972، قدم رائعة جديدة عام 1975 من خلال فيلم «أريد حلاً» لفاتن حمامة ورشدي أباظة وعلي الشريف ومحمد السبع عن قصة للكاتبة حُسن شاه، وهو الفيلم الذي نجح على المستويين النقدي والجماهيري، واستمر عرضه أكثر من 20 أسبوعاً، ونبه المجتمع إلى أن هناك ثغرات في القوانين المصرية ضد المرأة، وتم بالفعل تغيير قانون المرأة بعد هذا الفيلم، وألغي بند بيت الطاعة المهين للمرأة.

رقابة وفاجأ الجميع عام 1976 بواحد من أجرأ الأفلام وهو «المذنبون» لسهير رمزي وزبيدة ثروت وكمال الشناوي وصلاح ذوالفقار وعماد حمدي وحسين فهمي وعادل أدهم عن قصة لنجيب محفوظ، وأحدث الفيلم ضجة كبيرة، وتشكلت لجنة حذفت بعض المشاهد منه، ثم منعته من العرض، ودخل في صدام كبير مع الرقابة على المصنفات الفنية، لدرجة أن الرقباء أطلقوا عليه لقب «مخرج الشغب السياسي».

ولم يستسلم طوال مشواره لرغبات المنتجين والموزعين، ولم تزل قدماه يوماً ما للانزلاق تحت قائمة شباك التذاكر، رغم تحقيق أفلامه لإيرادات عالية، وهو ما جعل غالبية المنتجين يحجمون عن التعامل معه خوفاً من الدخول في مشاكل سياسية ورقابية.

وقدم بعد ذلك أفلاماً مهمة من بينها «المغتصبون» بطولة ليلى علوي، وكتبه عن قصة واقعية هزت المجتمع والرأي العام وقتها وعرفت باسم «فتاة المعادي» و»هدى ومعالي الوزير» عن قصة حقيقية لامرأة تعمل كسيدة أعمال، ونصبت على الناس، وقام أحد الوزراء بتهريبها للخارج، و»المرأة والساطور» عن مشاكل المرأة التي تضطر إلى قتل زوجها، إلى جانب «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» و»أيام الرعب» و»السلاحف» و»جنون الحياة» و»الدكتورة منال ترقص» و»قصاقيص العشاق» والذي قدمه عام 2003 من تأليف وحيد حامد وبطولة نبيلة عبيد وحسين فهمي.

الإتحاد الإماراتية في

15.09.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)