في العديد من اللقاءات التي تجمع بين صناع الأعمال الفنية والنقاد
يحدث نوع من إعادة قراءة العمل الفني..
الناقد لديه زاوية رؤية قد تتوافق أو تتناقض من المخرج والبعض يضيف من عنده
الكثير تبعاً أحياناً لما يريد أن يراه في الفيلم أو ربما تفرض قناعاته
السياسية والفكرية عليه تلك الرؤية.. ايضاً بعض المخرجين عندما يحللون
أعمالهم هم الذين يضعون من عندهم قراءات أخري
للعمل الفني اتذكر في مهرجان ابوظبي الذي انتهت فعالياته الجمعة الماضية أن بعض المخرجين
مثل »مورالي نايير« مخرج الفيلم الهندي
»عنزة عذراء« عندما سألوه عن فيلمه الساخر الذي يقدم في إطار رؤية فانتازيا
خيالية علاقة تجمع بين بطل الفيلم وعنزة عذراء لايقترب منها أي »جدي«،
أجاب بأن الفيلم يناقش فكرة التوحد التي يعيشها البعض حيث انه لايري
التواصل في معناه العميق إلا في هذه العنزة والحقيقة أن الفيلم ربما انطلق
من هذه النقطة التي أشار إليها المخرج إلا انه سبح إلي آفاق أخري جمع بين
البسمة وأيضاً الدمعة، في أكثر من لقطة كان لديه رؤية لم تصل إلي حدود
تناول قضية التوحد بل هذا المزج المغلف بخفة الظل كان له كل ذلك الحضور.. ايضاً
»سيرك كولومبيا« الفيلم البوسني للمخرج
»دانيس تانوفيتش« قدم هذا التقابل بين أب وابنه..
أب سافر إلي ألمانيا هروباً من سيطرة الشيوعيين إبان حكم
»تيتو« ولكنه يعود بعد ان تقطعت أواصر يوغوسلافيا وتفرقت بين عدة دول
دينياً وعرقياً.. بينما ابنه عند نهاية الفيلم يقرر الهرب إلي ألمانيا بعد
أن صارت يوغوسلافيا علي شفا حرب أهلية، الأب يتمسك بالأرض رغم انها مهددة بالدمار والأبن يفر منها..
في المؤتمر الصحفي الذي عقده المخرج بعد نهاية عرض الفيلم مباشرة قال له
أحد الحاضرين أن الابن قام بهجرة عكسية رداً علي هجرة أبيه أجابهم لم أحسبها هكذا ولكنه
استحسن الفكرة.. هذا المرة أضاف له الناقد معني ربما قدمه لاشعورياً..
اما فيلم »دعني أدخل« الذي عرض في مسابقة »عروض عالمية« وهو فيلم عن مصاصي الدماء وإعادة لفيلم
سويدي عنوانه »دع الشخص المناسب يمر«..
الفيلم في النهاية يقدم هذا الإطار الدموي الذي تتميز به هذه النوعيات من
الأفلام وغالباً ما نري علاقة حب بين فتي أو فتاة من عالم البشر وآخرين من
مصامي الدماء ولكن المخرج الامريكي »مات ريفز« عند تحليله لفيلمه في
المؤتمر الصحفي الذي اعقب العرض يضيف ابعاداً اخري عن المشهد السياسي وكيف
ان القرار العالمي الذي طرح بدوره رؤية اجتماعية كان هو الدافع الخفي
لتقديم هذا الفيلم وانه لم يسع لبناء فيلم عن مصاصي الدماء لمجرد اللعب
بورقة الرعب والعنف ولكن هناك هم فكري وعقائدي يحركه ولكن الشاشة لم تكن
تقدم أي شيء مما ذكره المخرج!!
عرض ايضاً فيلم »رسائل
بحر« في المسابقة الرسمية للمخرج »داود عبدالسيد« هذه المرة أضاف أكثر من ناقد زميل الكثير
من اللمحات.. احياناً يلعب عدد من النقاد دوراً
في تحلية البضاعة الأدبية والفنية ويضيفون تفسيرات خارج النص لم تخطر علي
بال مبدع العمل.. البعض يجد هذه الإضافات تعلي من شأن عمله الإبداعي
ولايكتفي بإظهار سعادته بهذا التفسير الذي لم يخطر له علي باله بل ويتعمد
التأكيد بانه كان عامداً متعمداً وأن علي النقاد أن يغوصوا اكثر ليحصلوا
علي دور أكثر.. قرأت مؤخراً سيرة حياة الكاتب »أرنست هيمنجواي«
صاحب الرواية الأشهر »العجوز والبحر« عندما بدأ النقاد في البحث عن تفسير لتلك الرواية التي اصبحت
واحدة من أشهر وأخلد الروايات في الأدب العالمي اعتبروها تقدم رؤية فلسفية
للحياة لان العجوز يبدأ رحلته في الصيد وعندما يعثر علي سمكة كبيرة يمسك بها بقوة وفي
نفس الوقت يتحرك قاربه الصغير في اتجاه الشاطئ وعندما وصل كانت أسماك القرش
قد التهمت سمكته الكبيرة ولم يبقي منها إلا هيكل عظمي..
قالوا ان الموقف يشبه رحلة الإنسان في الحياة عندما تبدأ وهو يعتقد انه
يمسك كل متع الحياة بيديه ثم ينتهي الأمر بنهايته كهيكل عظمي مثل بقايا
سمكة »هيمنجواي«.. التشبيه يضفي الكثير من الزخم الفكري والفني علي رائعة
الأديب العالمي ورغم ذلك فإن هذا الثناء لم يرضه ولم يجعله يشعر بأنه قد
صار طاووساً بين أقرانه الأدباء بل أزعجه كثيراً وقال انه لم يتعمد أي من هذه الرموز وأضاف ان هذه
التفسيرات تشبه وضع الزبيب علي الخبز من أجل تحسين الطعم وان كثيراً
من الكتاب يهزمون أنفسهم بأنفسهم عندما يستسلمون للزبيب!!
في فيلم »داود عبدالسيد«
مثلاً أثار قارب مكتوب عليه اسم »القدس« في نهاية فيلم
»رسائل البحر« الكثير من التفسيرات حيث رأينا في المشهد الأخير بطلي الفيلم
»بسمة« و»آسر ياسين« وسط البحر وحولهما الأسماك النافقة واسم »القدس«
يتصدر الرؤية لم يكن »داود« يقصد شيئاً
هو فقط استأجر قارباً وكل القوارب مكتوب عليها أسماء مثل
»ماتبصليش بعين رضية بص للي اندفع فيا« أو
»الحلوة دي من العتبة« و»بعيد عنك حياتي عذاب«
و»رمش عينه اللي جرحني«.. سيل منهمر من التفسيرات السياسية ذات الصلة بالطبع بمدينة
القدس بما تحمله من قيمة روحية لأصحاب الديانات الثلاث انهالت علي
»داود« سواء في القاهرة أو عند عرض الفيلم في ابوظبي اضافوا زبيباً وجوز
هند ومكسرات وكان »داود« منضبطاً
ومدركاً لتلك الخطورة حتي لاينساق وراء إضافات فارغة تحطم رؤيته للفيلم كان
أول المعترضين علي مكسبات الطعم واللون والمعاني التي اضافها بعض النقاد..
وظل »رسائل البحر« خبز ممتع بلا »زبيب« الفيلم السينمائي يملك ابعاداً متعددة عند قراءته ولكن البعض منها قد يضيف أو
يتمني أشياء لم تحدث فقط إلا في خياله
وبعض مبدعي الأعمال الفنية ايضاً يطيب لهم ذلك!!
أخبار النحوم المصرية في
28/10/2010
# # # #
ابو ظبي تطفي الشمعة الرابعة في عيدها السينمائي
إعداد: محمد كمال
اختتمت السبت الماضي فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان أبوظبي السينمائي
الدولي التي أقيمت علي مدار
0١ أيام شهدت عرض ما يقرب من ٠٧١ فيلماً في المسابقات المختلفة وتنافسات الأفلام من أجل
الحصول علي اللؤلؤة السوداء، وشهدت الدورة حضورا مصريا وعربيا ودوليا كبيرا.
بالرغم من أن حفل ختام المهرجان أقيم يوم الجمعة الموافق
٢٢ أكتوبر إلا أن فعاليات المهرجان كانت ممتدة لليوم التالي حيث أقيم ظهر
السبت لقاء حواري مع ضيفة المهرجان النجمة الأمريكية الشهيرة »أوما
ثورمان« التي تحدثت فيه مباشرة مع الجمهور في اللقاء الختامي لبرنامج
اللقاءات الحوارية المباشرة مع النجوم التي أقامها المهرجان للمرة الأولي
وضمت أسماء كبيرة ولامعة مثل النجمة الأمريكية »جوليان مور« والممثل الأمريكي
»ادريان برودي« والإنجليزي »كليف اوين« ومن مصر يحيي الفخراني ويسرا ولبلبة
وخالد أبوالنجا.
وبعد هذا اللقاء تم عرض الفيلم الأمريكي
»اللعبة العادلة« في أول عرض له في الشرق الأوسط والذي يشارك في بطولته الممثل
المصري خالد النبوي، ويجسد فيه دور عالم ذرة عراقي..
حضر النبوي عرض الفيلم في المهرجان واستقبل من الجمهور بحفاوة كبيرة، وبعد
الفيلم قام الحضور بتحيته والتصفيق له وكان معه المخرج دوج ليمان.. والفيلم
من بطولة شون بين الحاصل علي جائزة الأوسكار، وناعومي واتس.
وفي المساء تم عرض الفيلم الأمريكي الشهير
»ميرال« للمخرج جوليان شنابل وبطولة فريدا بنتيو والممثلتين الفلسطينتين
هيام عباس وياسمين المصري.
أما حفل الختام الذي حضره النجوم العالميون أوما ثورمان وجوناثان ريس
ميريس وخالد النبوي وبسمة وسولاف فواخرجي وبسام كوسا ورشيد عساف،
ومن فلسطين ياسمين المصري قد بدأ بالوقوف دقيقة حداد علي وفاة الفنان
الكويتي غانم الصالح، وتبعه توزيع جوائز المسابقات المختلفة، وقد بدأت بتوزيع جوائز المسابقة الرسمية لأفضل
فيلم روائي طويل التي حصل فيها علي اللؤلؤة السوداء..وهو
الفيلم الروسي »أرواح صامتة« إخراج اليكس فيدورتشنكو وقام الفنان المصري
خالد النبوي والنجمة العالمية أوما ثورمان بتقديم هذه الجائزة لمخرج
الفيلم، وكان معظم الفنانين الذين حضروا فعاليات المهرجان
توقعوا حصول هذا الفيلم علي اللؤلؤة السوداء..
أما أفضل فيلم روائي طويل من الوطن العربي فحصل عليها الفيلم اللبناني »شتي
يا دني« للمخرج اللبناني بهيج حجيج، وجائزة أفضل ممثل حصل عليها الممثل الأمريكي
»اندروا جارفيلد« عن دوره في فيلم »لا
تتخلي عني« إخراج مارك رومانك، وجائزة أفضل ممثلة حصلت عليها المغربية الأصل البلجيكية الجنسية
»لبني ازابال« عن دورهافي الفيلم الكندي الفرنسي »حرائق«
إخراج داني فيلنوف، وحصل الفيلم الأرجنتيني »كارلوس«
علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة فقد تقاسم جائزة أفضل فيلم
وثائقي طويل فيلمان هما الفيلم
الشيلي »حنين إلي الضوء« للمخرج باريشيو جوزمن،
والفيلم الهندي »ساري زهري« للمخرجة كيم لونجنوتو..
أما جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل من الوطن العربي
تقاسم فيها فيلمان أيضاً هما »شيوعيين كنا« للمخرج اللبناني ماهر ابي سمرا
وهو إنتاج لبناني فرنسي إماراتي مشترك، والفيلم الهولندي »وطن« للمخرج جورج سلاوزر وهو حصل علي هذه
الجائزة لأنه يتناول قضية الشتات الفلسطيني..
أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة ذهبت إلي فيلمين أيضاً هما النرويجي »دموع
غزة« للمخرجة النرويجية فيبكة لوكنيبرج، والفيلم اللبناني الإماراتي
»بحبك يا وحش« من إخراج محمد سويد.
وفي مسابقة »آفاق جديدة«
فقد حصل علي جائزة أفضل فيلم روائي لمخرج جديد الفيلم الإيراني »جيشير«
للمخرج الإيراني »وحيد وكيليفار«، وحصل علي جائزة أفضل فيلم روائي لمخرج جديد من
الوطن العربي الفيلم اللبناني »طيب خلاص يالا«
من إخراج اللبنانية »رانيا عطية« و»دانيال جارسيا«..
أما جائزة أفضل فيلم وثائقي لمخرج جديد فقد تقاسمها فيلمين الأول الأمريكي
»بيل كانينجهام نيويورك« للمخرج ريتشارد برس،
والفيلم الثاني هو الأرجنتيني »المتجول«
الذي شارك في إخراجه ثلاثة مخرجين هم إدواردو دي لاسيرنا ولوكاس مارفيانو
وادريانا يوركوفيتش، وجائزة أفضل فيلم وثائقي لمخرج جديد من الوطن العربي
حصل عليها الفيلم المصري »جلد حي« للمخرج فوزي صالح، وهذا الفيلم من إنتاج
محمود حميدة.. أما الجائزة الخاصة بالجمهور فقد حصل عليها فيلم
»الغرب غرباً« للمخرج الإنجليزي اندي دي ايموني الذي أثار إعلان منتجته
»لسيلي وودوين« علي أنها تحمل الجنسية الإسرائيلية ضجة كبيرة فقد قالت في
ندوة قبل ختام المهرجان عن فيلمها وتحدثت عن كيفية تعامل الفيلم مع
الاختلافات بين الشرق والغرب، وقبل انتهاء الندوة بقليل أعلنت عن جنسيتها
وقالت إنها تفتخر بأصلها الإسرائيلي وأنها أرادت أن تعلم جميع من بالمهرجان
بأصولها الإسرائيلية حتي يعلم الجميع أنها هي منتجة الفيلم بغض النظر عن
أين ولدت أو من أين جاءت..
بصرف النظر عما إذا كانت هذه الحقيقة تهمهم أولاً في شيء لكن لم يلتفت أحد إلي هذه المفاجأة في
البداية ربما لأن الندوة كانت باللغة الإنجليزية وحينما أعلنت المترجمة هذا
الأمر ساد القاعة صمت وسكون، وارتسمت الدهشة علي الجميع..
إلا أن هناك عدداً من الحضور تركوا الجلسة بينما شكرها آخرون في أعقاب المؤتمر علي
ذكرها هذه المعلومة المهمة وقالوا لها: »لا
يهم من أي بلد تكونين فكلنا أخوة نعيش في عالم واحد« وقالت إنها
غير مسئولة عن تصرفات الدولة التي جاءت منها، وأضافت أن مثل هذا التفكير الذي يحمل الأشخاص
أخطاء ويزيد من معاناة الشعب الإسرائيلي بسبب عزلته عن شعوب دول الجوار.
وفي مسابقة الأفلام القصيرة فقد فاز بجائزة أفضل فيلم روائي قصير
الفيلم التونسي »الألبوم« للمخرجة التونسية شيراز فرادي،
وجائزة لجنة التحكيم كانت للفيلم الايطالي »ريتا«
للمخرجين فابيو جراسادونيا وانطونيو بيازا.. أما جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير فقد كانت
مناصفة بين الفيلم الإنجليزي »المدينة ذات الوجه القذر«
للمخرج بيتر كينج، والفيلم الإيراني »سينما ازادي«
للمخرج الإيراني مهدي تورفي.. أما جائزة أفضل فيلم روائي عربي فقد حصل عليها
الفيلم الجزائري القصير »العابر الأخير«.
وفي مسابقة جوائز الطلبة فقد حصل علي الجائزة الأولي الفيلم اللبناني
الروائي القصير »العمود الخامس« للمخرجة فاتشيه بولفورجيان،
ونال الجائزة الثانية الفيلم الروماني »عيد الميلاد«
للمخرجة لويزا بارفواما، والجائزة الثالثة فكانت نصيب المخرج الروماني
كريستيان باسكاريو عن فيلمه القصير »روك ورول للصم«
وحصل الفيلم السويدي »تورد وتورد« علي جائزة أفضل فيلم تحريك قصير.
وفي مسابقة أفلام الإمارات لأفضل الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة
فقد حصل علي الجائزة الأولي الفيلم الروائي القصير
»غيمة شروق« للمخرج أحمد الزين، وحصل علي الجائزة الثانية الفيلم البحريني القصير
»يومك« للمخرج شاكر بن أحمد.. وذهبت جائزة الفيلم التسجيلي الأولي إلي الفيلم الإماراتي
»الملكة« للمخرج هادي شعيب.
وبعد توزيع الجوائز قدمت إدارة المهرجان التهنئة للفائزين والشكر
للحضور، وقامت بعرض فيلم الختام وهو الفيلم الصيني
»المحقق دي وسر الشعلة الوهمية« للمخرج الصيني تشووي هارك.
أخبار النحوم المصرية في
28/10/2010
# # # #
رسائل البحر يخسر بسبب السياسة
كتب
مها متبولى
تمر السينما المصرية بمرحلة هبوط اضطراري.. لأن مؤسسات الدولة
الرسمية قد نفضت يدها من محاولة إنقاذ الفن السابع أو حتي التحمس له، ما
أدي إلي
فقر الإنتاج السينمائي وتراجعه، بينما يشهد هذا الفن ازدهاراً
كبيراً في الشرق
الأوسط، ويكفي أن نعرف أن ميزانية مهرجان أبوظبي تصل إلي 40 مليون دولار،
بينما
ميزانية مهرجان عريق مثل «مهرجان القاهرة السينمائي»، تبلغ مليون دولار
فقط، لدرجة
أنه يخرج دائما بصورة هزيلة، تفتقر إلي النجوم العالميين
والعروض الأولي.
كل ذلك لأننا نرفع دائما شعار «ضعف الامكانات» وهو شعار واهٍ ليست له
أية
مصداقية، بدليل أن وزارة الثقافة أنفقت 3 ملايين دولار لإنتاج فيلم واحد،
هو فيلم
«المسافر»،
ولم يحقق أي صدي، كما أن وزارة الإعلام ممثلة في «قطاع الإنتاج» تنفق
ملايين الدولارات لتقديم ثلاثة مسلسلات أو أكثر، بل يدفعون باليورو لتذليل
عقبات
الإنتاج، وحشد أكبر عدد من العروض الحصرية، ما يؤكد أن شعار
«ضعف الامكانات» صار
سخيفا، وغير مقبول، فالإمكانات متاحة سواء في تبني الدولة للفن أو في حضور
رجال
الأعمال.
أما بالنسبة للمهرجانات السينمائية الخليجية، فإنها نجحت إداريا
في توظيف الأموال، وجعلها وسيلة لخدمة الثقافة، وزرع الفن السينمائي في أرض
الواقع
بشكل صحيح.
علي الدولة ومؤسساتها الثقافية والإعلامية أن تعي الدور الذي
تقوم به السينما في تشكيل الوعي العربي، فلابد من تدخل جدي لمؤسسات الدولة
لإنقاذ «مهرجان القاهرة السينمائي» من السقوط، ودعم
فعالياته، وتبني عملية الإنتاج بشكل
مكثف، بعد أن صارت الأفلام الجديدة كل عام محدودة العدد، بينما
السينما الهندية
تنتج أكثر من 1000 فيلم في العام الواحد، وتدعمها الدولة الهندية بنحو 500
ألف
دولار، أما نحن فلا نجيد إلا «لطم الخدود»، و«شق الجيوب»، «والبكاء علي
اللبن
المسكوب»، بعد كل مهرجان، بل ونعلن أننا نحاول حفظ ماء الوجه
بما لدينا من دعم
قليل، مع أننا في واقع الأمر نمتلك الامكانات ما يسهم في إنجاح أي مهرجان.
في «مهرجان أبوظبي» لم يفز من مصر في المسابقة إلا فيلم «جلد حي» وهو
فيلم
وثائقي للمخرج الواعد فوزي صالح، الذي لم تتحمس له إلا شركة إنتاج «محمود
حميدة».
وسافر محمود حميدة مع فريق العمل بالفيلم إلي المهرجان، ولم يبخل بأي
دعم
مادي ومعنوي ليخرج العمل بالصورة التي أبهرت الجميع، إذ يسرد الفيلم قصة
2000 طفل
يعملون خلف سور مجري العيون، في دباغة الجلود، وما يحيط بهم من
مخاطر ومآس وظروف
معيشية صعبة، هذا الفيلم نموذج لتجربة فنية ناجحة، تتوافر فيها جميع
المقومات
اللازمة للنجاح، إ
وعلي الرغم من هذه الأجواء القاتمة التي فرضت نفسها علي
مستقبل السينما المصرية، فإن هناك بوادر أمل، تشرق دائما ولا تغيب.
ففيلم «رسائل
البحر» حظي بنسبة مشاهدة كبيرة، ولقي نجومه بسمة وآسر ياسين ومحمد لطفي
حفاوة وتقديرا كبيرين، سواء من الجمهور أو النقاد، إضافة إلي المخرج داود
عبدالسيد،
ولولا توجهات المهرجان السياسية وحرصه علي دعم القضية
الفلسطينية لفاز «رسائل
البحر» بجائزة أفضل فيلم، لأنه يفوق الفيلم اللبناني «شتي يا دنيا» في
جماليات
الصورة، وروح وشاعرية الحوار، وكذلك الإيقاع السينمائي العميق.
لكن
الملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أن مهرجان أبوظبي، وإن كان ينطلق من دولة
عربية، إلا
أن لجان التحكيم الخاصة به، لا تدور في نفس السياق، بل تضع النموذج الغربي
للسينما
كإطار تقيس عليه باقي الأعمال، دون النظر إلي خصوصية السينما
العربية في التعبير عن
نفسها، من خلال أعمال جديرة بالاحترام، حيث تؤكد هويتها ورؤيتها عبر قناعات
مخرجها،
وهذا ما حاول داود عبدالسيد توصيله للجمهور والنقاد في فيلمه، وظهر بوضوح
خلال
الندوة التي أدارها «انتشال التميمي» حول الفيلم.
روز اليوسف اليومية في
28/10/2010
# # # #
«جعفر
بناهي» يعّري النظام الإيراني
كتب
مها متبولى
إذا كانت الأفلام التي تدور حول القضية الفلسطينية لا تأخذ
اهتماما يذكر في مهرجانات مثل «كان» و«الأوسكار» و«البندقية».. فإن «مهرجان
أبوظبي»
يتبني هذا التوجه، ويقدر كل الأعمال الفنية
التي ينتظرها العالم الحر، ويشجعها بلا
قيود.
لذلك فإن جوائز المهرجان قد ذهب معظمها في هذا الطريق، ليفوز الفيلم
الروسي «أرواح صامتة» بأفضل فيلم في المهرجان، حيث يؤكد أن كل شيء إلي زوال
ما عدا
الحب الذي لا يعرف الموت من خلال سرد حياة قبائل المريان الذين
لا يؤمنون بالموت
قبل الأوان، بل يصارعون من أجل البقاء رافضين تعرض ثقافتهم للانقراض.
وبنظرة سريعة علي الأفلام الحائزة علي جوائز المهرجان سنجد أنها تدور
في
نفس الإطار بدءًا من الفيلم الروائي «شتي يا دنيا» للمخرج بهيج حجيج الذي
يتناول
قضية المخطوفين منذ زمن الحرب في لبنان، وتأثير ذلك علي الفرد
والمجتمع وأبعاد هذه
المأساة، حتي أفضل ممثلة تم اختيارها من فيلم «حرائق» الذي تدور أحداثه عن
الحرب
الأهلية في لبنان وانعكاسات ذلك علي الواقع.
ووصلت درجة التأثير السياسي
إلي حد أن لجان التحكيم في المهرجان نوهت بأفلام مثل «دموع
غزة» لتؤكد دور الفن في
كشف فظائع الاحتلال الإسرائيلي، وقد أضاف هذا البعد إلي المهرجان روحا
جديدة لم تكن
متوافرة في دوراته السابقة، إذ جعل من دعم القضية الفلسطينية أطروحته
الأساسية
مساندا جميع الأعمال الفنية التي تنطلق من هذا التوجه أو تستند
إليه، ليشير إلي أن
العرب أولي بقضيتهم وأن حرية الفلسطينيين يجب أن تكون علي جدول الاهتمامات
والأولويات، بعد أن حاولت إيران أن تحقق حضورا سياسيا علي حساب القضية
الفلسطينية
كأنها تستأثر بهذا الأمر دون الجميع، ولكن مهرجان أبوظبي قد أعاد الأمور
إلي نصابها
ليؤكد أن العرب أولي بالدفاع عن هويتهم وأن السينما
ومهرجاناتها هي البوابة لهذا
الدفاع.
لقد تبني المهرجان قضية المخرج الإيراني جعفر بناهي الذي أدت به
معارضته للنظام في طهران إلي أن يقبع في السجن، لذلك تم عرض فيلمه الأخير
كجزء من
مشروع دولي لدعم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومساهمة من
المهرجان في تعرية
النظام الإيراني الذي يتشدق بالحرية بينما يعمل جاهدًا علي خنق الإبداع.
إن
التوتر السياسي بين إيران والإمارات يقفز علي السطح فلا يمكن أن تمر مشكلة
النزاع
علي الجزر في الخليج مرور الكرام، بل تنعكس حساسية الأمور علي المنعطف
الثقافي.
روز اليوسف اليومية في
28/10/2010
# # # #
العرب يواجهون الفرس في موقعة أبوظبي السينمائية
كتب
مها متبولى
استطاع مهرجان أبوظبي أن يخترق الخطوط الحمراء ويقتحم حدود
القضايا السياسية الشائكة التي يتهرب منها بعض المهرجانات العالمية، فقد
وضع مهرجان
أبوظبي العالم كله أمام القضية الفلسطينية وما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي
من
تجاوزات، بالإضافة إلي إحراج الإدارة الأمريكية ومطالبتها بوضع
حد لما يحدث في
العراق، ما جعل المهرجان يقدم رؤية بديلة لثقافة التسلية الهوليوودية ويفتح
الأعين
العربية علي حقائق الأشياء. فرضت السياسة نفسها علي أجواء الأفلام المشاركة
في
مهرجان أبوظبي السينمائي ومثلت حضورا طاغيا.. إذ قدم معظم
الأفلام أخطر القضايا
التي تمس مصائر الشعوب سواء في العالم الثالث الذي يضم فلسطين والعراق
ولبنان، أو
دول أخري تعرضت لتحولات وصدمات سياسية أثرت علي مسيرتها في جميع الأحوال.
ولا يمكن التعرض لأفلام المهرجان دون التطرق لتيمة «الحرب» التي سيطرت
بقوة
علي أفكار المخرجين، وجعلتهم يستخدمون السينما كورقة عمل وجدل وإثبات ضد
جميع
التجاوزات التي ارتكبت في حق البشرية، فمثلا فيلم «اللعبة العادلة» للمخرج
دوج
ليمان هو فيلم يكشف بوضوح أبعاد فضيحة «بلايم جيت» وأهم خيوط
الأكذوبة التي نسجتها
الإدارة الأمريكية لإقناع العالم بأن العراق يمتلك أسلحة نووية، لكن سفير
أمريكا في
النيجر «جوزف ولسون» يكشف زيف هذا الادعاء.
الفيلم صرخة سياسية تم إبداعها
بعناية من أجل إدراك أسرار اللعبة السياسية التي ينتهجها
السياسيون لخداع الشعوب
وتدبير المؤامرات، ومفاجأة الفيلم أنه صدي حقيقي لموقف صناعه من الإدارة
الأمريكية
بدءاً من المخرج «دوج ليمان»، والممثل «شون بين» المناهض لسياسية «جورج
بوش» الابن
منذ توليه مقاليد الحكم في أمريكا، وقد شارك «خالد النبوي» في
الفيلم وأدي دور «حامد»
وهو عالم نووي اضطرته الظروف إلي التعامل مع عملية «السي أي إيه» التي
حاولت
انتزاع اعترافات منه بتورط العراق في إنتاج أسلحة نووية مقابل تأمين خروجه
من
العراق قبل الهجوم علي بغداد.
وقد نال الفيلم قدرا كبيرا من الاهتمام،
لدرجة أن سفير مصر في الإمارات حضر العرض الخاص به وظل متواجدا
في القاعة ليتعرف عن
قرب علي ردود فعل المشاهدين وآراء النقاد، وأجمل ما في الفيلم هو جرأته غير
المعهودة، فهو محاكمة علنية لجريمة حرب تم ارتكابها في حق شعب العراق الذي
ذاق
مرارة القصف بآلاف الأطنان من اليورانيوم المشع، والفيلم لا
يقدم تقارير سياسية
صماء، أو سرداً وثائقياً وإنما يقدم ردود الفعل الإنسانية تجاه ما كان دون
استدراج
الأحداث إلي التحليلات السياسية الفجة، وإنما تتكشف خيوط اللعبة السياسية
شيئا
فشيئا لنصل في النهاية إلي حجم المأساة.
أما بالنسبة لدور خالد النبوي فقد
تم بتره، لأنك تظل تترقب ظهوره طوال الفيلم فلا تجده، وأغلب
الظن أن مشاهده قرب
النهاية تم استبعادها في المونتاج، وبغض النظر عن الجزء الأول من الفيلم
الذي تسيطر
عليه الايقاعات البطيئة فإن الفيلم سرعان ما يزودنا بحقائق متلاحقة ومواقف
صادمة
تثري الأحداث.
ولم يكن ذلك هو الفيلم الوحيد عن العراق بل هناك فيلم «كرنتينه» الذي يعكس بروحه الوثائقية آلية
صناعة الدمار والخراب علي أرض العراق
نتيجة الاحتلال الأمريكي الذي بدأ عام 2003، والظروف السيئة
التي تواجه أبناء
العراق، وهذا الفيلم الوثائقي للمخرج «عدي رشيد» يعد مكملا لفيلم «اللعبة
العادلة»
لأن رشيد نفسه عمل مصورا للفيلم الثاني مع
«دوج ليمان».
«شتي يا
دنيا».. عندما يتقاتل الأشقاء طائفيًا في لبنان
ومن العراق إلي
لبنان.. تقف الحرب حاضرة علي شاشة السينما في عدة أفلام، بدءا من فيلم
«مملكة
النساء» الذي يرصد معاناة اللبنانيين والفلسطينيين من الاجتياح الإسرائيلي
للبنان
واعتقال جميع الرجال في مخيم «عين الحلوة» لتعيد النساء بناء المخيم وزراعة
الأشجار، والفيلم يفيض بالمرارة التي حرصت علي تقديمها المخرجة
اللبنانية «دانا
أبورحمة»، فهو يقدم شهادات حية علي الروح الصلبة التي تمتلكها المرأة
العربية في
مواجهة الاحتلال، ومن هذا الفيلم إلي فيلم آخر هو «شتي يا دنيا»، الذي
يتعرض لفظائع
الحرب الأهلية في لبنان وجرائم البشر ضد بعضهم بعضا حسب الأهواء الطائفية،
وانعكاس
ذلك سينمائيا بمنتهي الاتقان.
النرويجية «فيبكة لوتبرج» تبكي
الفلسطينيين في «دموع غزة»
وعلي نفس الخط السياسي تقدم المخرجة
«سوزان
بيير» فيلم «في عالم أفضل»، بينما فيلم «دموع في غزة» للمخرجة النرويجية «فيبكة لوتبرج» هو إدانة صريحة بالصوت
والصورة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي في
قطاع غزة من خلال مجموعة من الأطفال يحكون آلامهم ومشاعرهم من
جراء القصف، وتسجل
المخرجة صرخة احتجاج قوية ضد جميع الانتهاكات، وتعتبر ما يحدث جنوناً
كاملاً.
محاكمة سينمائية لضمير
العالم السياسي
السياسة استطاعت أن تضفي علي المهرجان نوعا من الحراك والجدل الذي
يعيد
تقييم الأمور وينقل الفيلم السينمائي إلي حدود الثورة، بل وتسليط سهام
الانتقاد في
محاولة لإعادة وتصحيح مسار البشرية برؤي جديدة، تمتلك الكثير من الثراء،
ومن الواضح
أن هذا التوجه السياسي الرامي لخدمة القضايا القومية وتأييد الشعوب العربية
في
نضالها من أجل التحرر كان هدفاً واضحاً للجنة إعداد المهرجان،
ويرجع الفضل في
اختيار هذه الافلام للسينمائي انتشال التميمي.
الفن يؤدي دورًا سياسياً
فاعلاً في الحياة، إذ تواجه به الشعوب العربية موجات الاحتلال
وتسريبات القوي
الطامعة -ومنها إيران- في إثبات دورها السياسي في المنطقة علي حساب العرب.
روز اليوسف اليومية في
28/10/2010 |