لم يكف مايكل مور عن التصريحات: يوم السبت
اشترك في ندوة (فارايتي) مع المخرجين الاميركيين، والتي قمنا بتغطيتها في
رسالة
سابقة، ويوم الأحد نظمت (فارايتي) ندوة خاصة معه أدارها رئيس
التحرير بيتر بارت،
ولم ينتظر أن يقول ما لديه في المؤتمر الصحافي الذي يعقب عرض الفيلم يوم
الاثنين·
تضاربت تصريحات يوم الأحد مع تصريحات سابقة للمخرج
للتسجيلي
الأميركي العالمي ففي تصريحاته المنشورة قبل قرار شركة ديزني بالتراجع عن
توزيع
الفيلم في أميركا قال إنه لم يفكر في عرض الفيلم في عام الانتخابات الاميركية،
وانه
بدأ العمل فيه عام 2002 ولم يعرف حتى ينتهي، ويوم الأحد قال العكس تماما، إذ
قال:
بأي طريقة سوف اعرض الفيلم قبل الانتخابات وشكرا للـ''دي في دي'' إذا لم يعرض
في
دور العرض··· لابد أن يخرج جورج بوش من البيت الأبيض· قيل إن ديزني تراجعت
ولكنني
لن اقبل بموعد عرض بعد الانتخابات· تذكروا أن 50% من الناخبين
في أميركا لا يذهبون
إلى صناديق الاقتراع، وأتمنى أن اكسب 10% منهم فقط قبل 2 نوفمبر·
وعندما سأله
بارت: ألا تخشى الاتهام بعدم (الوطنية) قال: إنني أكثر اميركي
وطني مؤمن بمبادئ
اميركا· وقد أعلن في ختام الندوة إن من بين مشروعاته القادمة فيلما تسجيليا
عن
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أو على حد تعبيره ''العلاقات'' الإسرائيلية
الفلسطينية·
وأخيرا عرض الفيلم لأول مرة في العالم في مسابقة
مهرجان كان للأفلام
الطويلة، وكان قد عرض مرات قليلة في بعض المدن الاميركية للجمهور فقط، ومن
دون
إعلانات وهو ما يسمى في أميركا (العروض الاختبارية)·
يتميز الفيلم من الناحية
الفنية، وفيه الكثير من المشاهد المؤثرة والمدروسة بعناية
فائقة، ولكن هناك نصف
ساعة زائدة -على الأقل- تتكرر فيها نفس المعاني بل ونفس المعلومات، غير أن
المشكلة
الأساسية في مضمون الفيلم ورسالته، فهو لا يعدو منشوراً انتخابياً غوغائياً
ضد
الرئيس الأميركي الحالي، وليس تحليلا سياسيا عميقا لأحداث
سبتمبر والحروب والتغيرات
السياسية التي أعقبتها·
تبسيط مخل
ما أن خرجت من صالة العرض حتى
وجدت أمامي الناقد السويسري المعروف مورتيز دي هادلن، الذي كان مديرا لمهرجان
برلين
عشرين سنة ومديرا لمهرجان فينسيا العامين السابقين· وكمندوب للتلفزيون
الإيطالي
يغطي المهرجان، سألني دي هادلن عن رأيي في الفيلم فقلت لقد عبر مايكل مور في
فيلمه
السابق (لعبة كولومباين) بعمق عن مختلف أبعاد الحادثة الشهيرة
في مدرسة كولومباين
الثانوية في أميركا حيث قام طالبين بقتل مجموعة من الطلبة والأساتذة، فقد حلل
الحادث وربطه بحرية تداول الأسلحة في أميركا والعلاقات بين الآباء والأبناء
إلى
آخره، ولكنه في (فهرنهايت 911) تناول موضوع أحداث سبتمبر
والحرب في أفغانستان
والعراق بكثير من السطحية الناتجة عن تفكير أحادي الجانب·
مايكل مور كما يقول
اميركي وطني، وان كان ليس له الحق بأن يصف نفسه بالأكثر وطنية
من غيره وهو صادق
تماما في وجهة نظرة التي يطرحها في الفيلم، ولكن المشكلة في وجهة نظرة هذه،
وليست
في مدى صدقه، وبالطبع ترتبط وجهة النظر بأسلوب التعبير عنها·· لقد تمخض الجبل
وولد
فأرا!
يرى مايكل مور في فيلمه إن الرئيس الاميركي جورج
دبليو بوش شخصيا وأسرته
السبب في التقصير الذي أدى إلى عدم تجنب وقوع أحداث سبتمبر لأنه وأباه الرئيس
الأسبق جورج بوش يرتبطان بمصالح كبيرة وكذلك ديك تشيني نائب الرئيس وغيره من
معاونيه مع السعودية الحاكمة وأسرة بن لادن· والدليل على ذلك
ان الرئيس لم يهتم
بالتحذيرات التي سبقت الأحداث ولم يعتبر السعودية هي العدو رغم إن اغلب
المتهمين
منها، وفي الوقت الذي كانت فيه النيران لا تزال مشتعلة في مبنى وزارة الدفاع
كان
يتناول طعام العشاء مع سفير السعودية، وكان يرتب معه جمع أفراد
أسرة بن لادن
الموجودين في مختلف الولايات الاميركية لإعادتهم إلى بلادهم بالطائرات، ولم
يكن
هناك من يستطيع السفر في ذلك الوقت غيرهم· ويشير إلى أن الـ 28 صفحة التي
حذفها
الرئيس من تقرير الكونجرس عن أحداث سبتمبر كانت لإخفاء مسؤولية
السعودية، والى أن
الرئيس ووالده تعاملا معها منذ زمن طويل رغم أنها من الدول التي تهدر حقوق
الإنسان·
وهذا تبسيط شديد ومخل يذكرنا بمن يصدقون إن فرنسا
احتلت الجزائر لأن
واليها أهان سفير فرنسا والحكايات المماثلة لهذه الحكاية·· صحيح إن المثل
الأعلى
للرئيس السابق كلينتون كان جون كنيدي، وربما يكون المثل الأعلى للرئيس الحالي
بوش
هو جون واين، بطل أفلام رعاة البقر الشهير، وصحيح إن المصالح
الشخصية مؤثرة، ولكن
السيناريو الذي أعقب أحداث سبتمبر كان هو ذاته الذي سينفذه أي رئيس آخر ولو
بأسلوب
مختلف والمصالح الشخصية مؤثرة، ولكن ليس في دولة مؤسسات مثل الولايات المتحدة
الاميركية، والتي يتحدث عنها مايكل مور وكأنها تحكم حكما فرديا
ديكتاتوريا· وكان
الأولى بصاحب الفيلم أن يحلل أسباب الأحداث، ولماذا وقعت، فهناك ما يفسرها
وان كان
ملحا لا يوجد ما يبررها، ولا يوجد ما يبرر قتل الأبرياء، وخاصة عن المسلمين
حيث ينص
القرآن الكريم على أن من قتل نفسا (واحدة) بغير حق فكأنما قتل
الناس جميعا والله
سبحانه وتعالى في كتابه يذكر النفس، أي مجرد أن يكون إنسانا من دون تحديد
هويته أو
ديانته، فمن أين يأتي (الحق) في قتل أي نفس من آلاف البشر الذين قتلوا في
أحداث
سبتمبر·
والمملكة العربية السعودية ليست هي العدو الذي يقف
وراء أحداث سبتمبر
حتى لو كان كل المتهمين فيها وإنما هو التطرف الديني الذي تمثله منظمة أسامة
بن
لادن الذي حرمته السعودية من جنسيتها منذ سنوات طويلة، بل إن السعودية تعاني
من
التطرف الديني وغيرها من الدول العربية والإسلامية· ولماذا يتجاهل الفيلم
انفجارات
الرياض والدار البيضاء العام الماضي، وحوادث مدريد الشهر قبل
الماضي من هذا العام،
وفي فيلمه مشاهد من شهادات المسؤولين الاميركيين أمام الكونجرس في ابريل، أي
بعد
أحداث مدريد· مايكل مور لا يرى إلا أن شخص جورج بوش الابن هو المشكلة، وينسى
أو لا
يعرف كل ماعدا ذلك·
رجل طيب·· ولكن
مايكل مور رجل طيب من أسرة
عمالية مكافحة، ولكنه لا يدرك انه لا توجد في السياسة عداوات
دائمة أو صداقات
دائمة، وإنما تناقضات دائمة حسب مصالح الأمم كما تتصورها الطبقات التي تحكم
في هذا
الزمن أو ذاك· لا يدرك مايكل مور انه لا أخلاق في السياسة، كما انه لا أخلاق
في
الحرب· لم يعرف التاريخ سياسة تقوم على الحق والخير والجمال،
ولم يعرف حربا من دون
قتل الأسرى ولا اغتصاب النساء والرجال، ولذلك يندهش مايكل مور من زيارة وزير
من
طالبان للولايات المتحدة قبل شهور من أحداث سبتمبر التي قادها أسامة بن لادن
من
أفغانستان في ظل حكم طالبان، ويندهش من العلاقات الوثيقة بين
نظام صدام حسين
والولايات المتحدة وخاصة أثناء ذلك النظام ضد إيران، ويأتي بصورة صدام مع
رامسفيلد
وزير الدفاع الأميركي الحالي في ذلك الزمان، وكأنه عثر على اكتشاف مثير ويرى
كل ذلك
يتناقض مع الحرب التي قادتها بلاده ضد نظام طالبان في أفغانستان ونظام صدام
حسين في
العراق·
وقد كنت أنوي سؤال مايكل مور في المؤتمر الصحافي
بعد العرض عن رأيه في
نظام صدام حسين إذ لم يوضحه في الفيلم، لكنه أوضح رأيه في مشهد طويل من لقطات
متنوعة تصور الحياة السعيدة الآمنة في العراق، أو الجنة قبل أن تحولها القوات
الأميركية إلى جحيم، والواقع أن الشعب العراقي عاش في الجحيم،
في ظل نظام صدام حسين
أكثر من ثلاثة عقود، وانتقل من جحيم إلى جحيم من نوع آخر، لكنه مثل المخاض
إلى
مستقبل أفضل من الماضي، وقد ظل العرب يتفرجون على الشعب العراقي في جحيم
الاستبداد
الوطني، ولا يزالون يتفرجون عليه في جحيم الاستبداد الأجنبي،
والتقت مصالح الشعب
العراقي في التخلص من نظام صدام حسين مع مصالح الولايات المتحدة التي قامت
بحماية
ذلك النظام من غضب الشعب عام 1991 ثم قررت التخلص منه عام 2003 بعد أن
استنفدت
أغراضها منه·
فيلم مايكل مور يسطح وعي المتفرجين بالدنيا وما
فيها، ويحول قضية
التطرف الديني، والذي لا يقتصر على المسلمين، وإنما يمتد إلى المسيحيين
واليهود
أيضاً ويهدد بدخول العالم إلى عصور وسطى جديدة إلى قضية جورج بوش وأسرته
والأسرة
السعودية وأسرة بن لادن، بل وتصل الأمور في الفيلم إلى حد السذاجة عندما
يقارن بين
وجود ستة حراس أمام السفارة السعودية في واشنطن، وحارس واحد
أمام إحدى الشواطئ
الأميركية على الحدود البحرية! وعندما يقول إن أعضاء الكونجرس وافقوا على
الحرب في
العراق لأن واحداً منهم فقط له ابن يحارب هناك·· إنه أسلوب قناة الجزيرة
وغيرها من
وسائل الإعلام العربية التي تستهدف أن يخرج الناس في مظاهرة
وليس صناعة وعي سياسي
عميق يدفعهم إلى المشاركة في تقرير مصير بلادهم·
ويتساءل مايكل مور على شريط
التصويت والفيلم كله يروي بصوته كمعلق: هل كان يعقل تصور علاقة
ما بين أسرة كلينتون
وأسرة ماكفرت الذي فجر المبنى الاتحادي في أوكلاهوما عام 1994 لكنه لا يشير
إلى أول
تعليق للرئيس كلينتون على الحادث، وهو (هذا هو ثمن الديمقراطية) بمعنى أن
الولايات
المتحدة لو كانت مثل الاتحاد السوفييتي السابق لما تجرأ أحد
على أن يفكر في مجرد
امتلاك سلاح ما، وهذا هو الفرق الحقيقي بين رد فعل الديمقراطي كلينتون إزاء
أوكلاهوما والجمهوري بوش إزاء سبتمبر·· وهذه هي النقطة الوحيدة التي نتفق
فيها مع
مايكل مور في فيلمه عندما يقول إن الحزب الجمهوري اليميني بعد
أحداث سبتمبر قال:
وجدتها! أي وجد السبب لفرض إجراءات تحد من حرية المواطنين وتكاد تحول أميركا
إلى
دولة بوليسية، وهو ما يعني عملياً أن بن لادن حقق ما يريده·
لكن أحداث سبتمبر لم
يجدها اليمين الأميركي فرصة للحرب ضد الأميركيين فقط على حد
تعبير مايكل مور وإنما
أيضاً لإثبات أن النظام العالمي الجديد متعدد القوى: (أوروبا، الصين،
اليابان،
وروسيا) لكن هناك قوة كبرى وقوى أصغر منها في إطار ذلك التعدد، ولم يكن من
الممكن
إثبات ذلك إلا بالحرب في مناطق رخوة سياسياً، وضد نظم لا
يستطيع أحد الدفاع عنها
ولا حتى جيوشها، وتتمنى شعوبها أن تسقط بأي شكل وبأي ثمن مثل نظام طالبان
ونظام
صدام حسين، واستناداً إلى درس التاريخ، وهو أن الفاشية يمكن أن تهزم بالحوار
كما
حدث في فرنسا منذ عامين، وفي الهند الأسبوع الماضي، لكنها لا
تهزم إلا بالحرب عندما
تكون مسلحة، كما حدث في الحرب العالمية الثانية· ونتذكر هنا قول تشرشل عن
معاهدة
ميونيخ عام 1937 بين هتلر ورئيس مجلس الوزراء البريطاني تشمبرلين عندما قال
لقد
تحمل تشمبرلين العار من أجل تجنب الحرب، لكنه عاد إلى لندن
بالحرب والعار
معاً·
ويسخر مايكل مور من وجود العديد من الدول التي لا
تملك جيوشاً من التحالف
الدولي الذي تقوده أميركا في العراق، ولكن سخريته تصل إلى حد العنصرية تجاه
الدول
الصغيرة ويبدو ذلك واضحاً فيما يتعلق بالمغرب عندما يذكر أنها شاركت في
التحالف
بألفي قرد لاستكشاف الألغام!·· والدول لا تقاس بمساحتها فقط،
ولا بعدد سكانها فقط،
ولا بقواتها المسلحة فقط، وإنما تقاس الدول بما توفره من حياة حرة وكريمة
لمواطنيها·
|
"باب الشمس" ليسري نصر الله
كل ما كنت تحب أن تعرفه وقيل لك دائماً عن فلسطين!
رسالة "كان" من
إبراهيم العريس
قبل عامين, حينما صفقت القاعة الرئيسة في قصر
مهرجان "كان" بالاجماع لفيلم "العناية الالهية" للفلسطيني ايليا سليمان, كان
من الواضح ان التصفيق يعني, في ما يعنيه ان السينما الفلسطينية, كما بات
يصفها فنانون من طراز ايليا سليمان وميشال خليفي ومي مصري ورشيد مشهراوي,
تجاوزت اخيراً وبالفعل مسارها القديم الذي كان همه الدائم ان يتوغل في الماضي
ليحاكمه بادئاً دائماً من الصفر في حركة كانت باتت روتينية وتبدو بلا نهاية.
مع أفلام هؤلاء المخرجين وعلى رأسهم, في ذلك الحين, ايليا سليمان, كان لا بد
من ان يقول احد ما: ها هم السينمائيون الفلسطينيون يبنون مستقبل سينماهم,
وبالتالي مستقبلهم, فيما لا نزال نحاول نحن العرب الآخرين, ان ننسى ماضينا...
بلا جدوى. ونسيان الماضي يقوم في هذا المجال على التوقف عن لعبة البدء دائماً
من الصفر.
في فيلم "باب الشمس" وهو جديد المخرج المصري يسري
نصرالله ومأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب اللبناني الياس الخوري, يحاكم
"البطل" الرئيس فيها, وهو واقع ضحية غيبوبة طويلة, من جانب الآخرين ومنهم
صديقه وربيبه خليل وزوجته نهيلة, لأنه كان يدعو دائماً الى البدء من الصفر
بعد كل هزيمة او مذبحة. المحاكمة حادة وهي تطاول من خلال تلك الشخصية, يونس,
اجيالاً بأكملها: حادة وصائبة في جوهرها, ولكنها غير عادلة على الاطلاق من
صانعي الفيلم, لأنهم, هم بدورهم أيضاً يقترفون الخطأ نفسه: يبدأون ايضاً من
الصفر... وكأن هذا الفيلم وهذه الرواية يتطلعان الى قول "كل شيء" لأن "احداً"
لم يقله من قبل.
والمشكلة الأساس هنا هي ان من يريد ان يقول كل
شيء, ينتهي به الأمر الى ألا يقول شيئاً. اما المشكلة الأخرى فهي ان كل ما في
"باب الشمس" كان قيل من قبل وفي سينما عربية لم تتوقف عن اجترار تاريخها
ومحاكمته في لعبة انعكست حتى على المسلسلات التلفزيونية. وذكر المسلسلات
التلفزيونية - ولا سيما السورية التاريخية التي تطاول القرن العشرين تحديداً
- ليس صدفة هنا. ذلك ان التطويل والحشو في الفيلم يذكِّر حقاً بتلك المسلسلات
التي تبدأ... من دون ان تنتهي.
نصف قرن من التاريخ
"باب الشمس" اذاً, يريد ان يحكي خمسين عاماً من
تاريخ فلسطين: نصف قرن تبدأ بزواج يونس - الفتى المجاهد ابن السادسة عشرة,
بالطفلة نهيلة - إبنة الثانية عشرة - لتنتهي بموت يونس على سرير غيبوبته,
مروراً بضياع فلسطين ومشاهد المنفى واللجوء (أجمل ما في الفيلم)... قفزاً الى
وصول اللاجئين والمقاومين الى لبنان, ومن بينهم يونس, الذي ينفصل بذلك عن
زوجته نهيلة وعن طفله الأول منها. لكن يونس ونهيلة - التي تبقى في الداخل -
يدبران, طوال فترة من الزمن طويلة أمر لقائهما داخل فلسطين في مغارة يطلقان
عليها اسم "باب الشمس", وعليها سينتهي الفيلم - في شكل لا يخلو من افتعال -.
والفيلم ضمن هذا الاطار, يتكوّن على طول ساعاته الأربع والنصف والطويلة - بأي
معنى تشاءون - على امتداد قرون من الزمن, يتكوّن من رحلات مكوكية عدة: بين
خاص يونس/ نهيلة, وعامّ فلسطين, بين حاضر غيبوبة يونس وماضي حبه لنهيلة: بين
أرض الوطن المسلوب, وأرض المنفى التي يقول لنا الفيلم انها لم تكن ودودة كما
ينبغي. وهذه الرحلات المكوكية كلها تتم عبر سلسلة من المشاهد الارتجاعية -
فلاش باك - التي تروى لنا من خلال مونولوغ طويل يوجهه الطبيب الشاب خليل الى
أبيه بالتبني يونس, فيما هذا صريع الكوما (وهي لعبة تبدو في فيلم "تكلم معها"
لبيدرو ألمودوفار, أكثر فاعلية واقناعاً على أية حال). إذاً, معظم الحكاية
يُروى لنا هنا من طريق خليل, الذي تشغل حكايته هو الآخر معظم الجزء الثاني من
الفيلم. وإذا كان من الصعب, حقاً, على خيط يربط بين حكاية يونس وحكاية خليل,
فإن من المنطقي ان نفكر بأن الخيط لن يكون سوى فلسطين, فهل هذا يكفي كمبرر
درامي؟
أين سينما المؤلف
سؤال لا يتوقف المتفرج عن طرحه على نفسه, ولا سيما
حينما يغيب في تشعبات حكاية يبدو التفاوت فيها واضحاً بقوة بين عمل سينمائي
حقيقي - يصل احياناً الى اعلى ذرى الشاعرية, وأحياناً الى مستويات تقنية
عالية ندر ان بلغها أي فيلم عربي من قبل -, وبين سيناريو مفكك من الصعب عليه
ان يكون مقنعاً. ومن الواضح ان المشكل الأساس هنا يكمن في الثقل الأدبي للعمل
ككل. هذا الثقل الذي تجلى في لحظات السرد الطويلة والمملة - من خليل دائماً,
ومن نهيلة في مشهد أخير من الفيلم تحاكم فيه زوجها وغيابه في نضاله, غير
المجدي, هو المنفي, فيما آثرت هي البقاء في الداخل وعملت مع "اليهود" وتمكنت
من ان تربي وتعيل جماعة الاطفال الذين كانت تنجب واحداً منهم, إذ تحمل من
زوجها في كل مرة يلتقيان فيها في المغارة -, هذا الثقل كان واضحاً طوال مجرى
الفيلم, وضوح ثقل التاريخ الذي أراد النص ان يرويه. وفي يقيننا ان التفاوت
الذي نذكره هنا انما يؤكد, من جديد, ان يسري نصرالله هو من طينة السينمائيين
المؤلفين - أي الذين لا يحققون افلامهم الا انطلاقاً من نصوص وسيناريوات
يكتبونها بأنفسهم ("مرسيدس" و"سرقات صيفية" وحتى "صبيان وبنات", أفلامه
القديمة تأتي لتؤكد هذا). لذا كان من غير المنطقي له ان يغوص في ادغال موضوع
ليس له... موضوع من الواضح ان ما حمّسه الى الخوض فيه, هو تلك الرغبة التي
تخامر عادة, عدداً كبيراً من المبدعين العرب, بتحقيق "ملحمة فلسطين
الكبرى"... تماماً كما خامرت دائماً كل الكتّاب العرب رغبة كتابة "تغريبة
فلسطين". غير ان هؤلاء, وأولئك فاتهم - للأسف - ان تصوير فلسطين, كتابةً او
سينمائياً, لا يمكن ان يكون على شكل عمل اجمالي: فلسطين هي تفاصيل. ما في
فلسطين - الذي يفترض ان يشكل مسار العمل, نظرياً - لا تمكن رؤيته - وإبداعه
بالتالي - الا من خلال تصورنا لمستقبلها. وأي تصور للمستقبل لا يمكن ان ينبني
الا على التفاصيل. وإدراك جوهر هذه التفاصيل وضرورتها, ثم فاعليتها الابداعية
لا يتعين عليه, أبداً, ان ينسى استحالة كتابة الملحمة الفلسطينية او
تصويرها... وذلك لسبب بسيط هو انها موجودة بالفعل: في عشرات الأعمال التي
كتبت من قبل, منذ غسان كنفاني ونبيل خوري الى يحيى يخلف ورشاد أبو شاور, قبل
ان تأتي كتابات إميل حبيبي وأشعار محمود درويش لتقول الشيء الآخر: تفاصيل
فلسطين ويومياتها الراهنة بصفتها كتابة. وأمام حماقة هذه الأعمال, كماً
ونوعاً, كان من الواضح ان كتابة "الملحمة الفلسطينية" لا يمكن ان تكون إلا
تجميعاً لمقتطفات من كل تلك الاعمال. والكاتب الياس الخوري صاحب "باب الشمس"
فعل هذا - ومهما كان رأي الآخرين وانبهارهم بـ"باب الشمس" -: كتب عملاً هو
اشبه بأنطولوجيا لكل الادب الروائي - والشعري والسياسي حتى - الذي كتب عن
فلسطين من قبل, محققاً مزيجاً موفقاً لكنه يخلو من اصالة ابداعية حقيقية -
كانت ميزت اعمالاً اخرى له مثل "الوجوه البيضاء" -. بكلمات اخرى ركب الكاتب
"تاريخه" لفلسطين, انطلاقاً من احداث ومشاهد وشخصيات مرت على القارئ اللبيب
من قبل - في "حارة النصارى" لنبيل خوري مثلاً, وفي "ما تبقى لكم" لغسان
كنفاني وفي اعمال لتوفيق بركات وغيرهم -. وكانت التوليفة ذكية في نصها الادبي...
ومريحة لقارئ الرواية الذي كان يمكنه - بحسب رأي ناقد مغربي صديق - ان يقفز
عشر صفحات مقابل كل صفحة يقرأها وتستوقفه.
تحدٍ مدهش
يسري نصرالله, في السيناريو كما في الفيلم, لم
يبدُ موفقاً الى هذا الحد: لقد خاض تحدياً مدهشاً. اراد ان يحقق فيلماً
ملحمياً طويلاً, انطلاقاً من نص فيه الكثير من البلادة السردية, مقابل لحظات
اخرى في منتهى الجمال... والحال ان الحجة "الملحمية" الدائمة التي يلجأ اليها
هذا النوع من المشاريع هي "1900" لبرناردو برتولوتشي: تاريخ في خمس ساعات.
ولكن اذا كان في امكان يسري نصرالله, كسينمائي, ان يقارن نفسه بمعلم السينما
التاريخية الايطالي الكبير, فإن المشكلة هي انه كان في حاجة الى نص سينمائي
يضاهي موهبته. ومن هنا كان عليه ان يخضع لواحد من اختيارين: فإما ان يكتب
نصاً خاصاً عن فلسطينه الخاصة, كما يفعل عادة كبار المبدعين, وهو بالتأكيد
كان قادراً
على هذا, وإما ان يأخذ من "باب الشمس" جوهرها فيختصر ويختصر. وهو كان في
امكانه ان يختصر بالتأكيد نصف احداث الرواية ونصف ساعات فيلمه, ولا سيما منها
تلك التي تعطينا معلومات أولية - ألم يحن الوقت لولادة تاريخ جديد يعيد النظر
فيها؟ -, او تلك التي تصور "خيانات" الانظمة مقابل "رغبات الناس البطولية"
(وهو ما سبق ان شاهدناه وبالتبسيط نفسه في كل الافلام السورية التي حملت
تواقيع محمد ملص واسامة محمد وغيرهما)... ثم بخاصة تلك الاحداث المقحمة
اقحاماً على السرد (حكاية شمس التي لا تحمل اي معنى ضمن سياق الفيلم, ثم
حكاية زيارة الفنانة الفرنسية الى لبنان...) ان كل هذا الزحام ألقى بظله
الثقيل على نص كان شديد الازدحام بدوره.
غير ان هذا كله كان يمكن ان يمر بسهولة لو كان في
خدمته سيناريو مقنع يربط الاحداث حقاً ببعضها بعضاً موفراً لمخرج متميز من
طينة يسري نصرالله خامة اولية يمكنه استخدامها بسعادة وهدوء. وفي يقيننا ان
هذا كله كان من شأنه ان يجعل لهذا الفيلم مكانة جيدة وكبيرة, ليس فقط في مسار
السينما العربية, بل ايضاً في مسار السينما التاريخية.
اما بالنسبة الى الشكل الذي اتى عليه, وعلى رغم
لحظات سينمائية في غاية الروعة تكشف عن تطور كبير في لغة صاحب "مرسيدس", فإن
"باب الشمس", بدا وكأنه يجهل التطور الكبير الذي طرأ, ليس فقط على مواضيع
السينما الفلسطينية, بل ايضاً على لغتها منذ "عرس الجليل" وصولاً الى
"العناية الالهية" مروراً بـ"حيفا" و"أطفال جبل النار" و"عرس رنا" وغيرها.
فهل نخلص من هذا الى ان الفيلم كما جاء في شكله
النهائي اضاع جهوداً كبيرة كان يمكن ان تحقق فيلماً كبيراً؟ الى حد ما اجل.
فمن ادارة الممثلين - وبخاصة في تحريك ريم تركي وحلا عمران (شمس) وخليل - الى
تصوير سمير بهزان الذي يضاهي أي تصوير اوروبي مبدع, الى اختيارات يسري
نصرالله اللغوية, امامنا هنا عمل فني كبير... لكنه يعجز في جوهره عن ان
يتجاوز ما كانت قالته قبله بعقود افلام "فلسطينية" اخرى, طاولت هي بدورها
التاريخ لتحاكمه (وعلى رأسها "كفرقاسم" لبرهان علوية و"المخدوعون" لتوفيق
صالح). وفي يقيننا اننا حاكمنا هذا التاريخ في السينما والأدب حتى حدود جلْد
الذات المقيتة... وبات علينا ان نحاكم نظرتنا الى التاريخ ومحاكمتنا له. وهو
امر كان يمكن نصرالله ان يتنطح اليه, ملحمياً حتى, لو انه قدم لنا فلسطينه
الخاصة, اي فلسطين كل واحد منا... وفهم الدرس الاول الذي اتى يعلمنا اياه: لم
يعد من الضروري لنا ان نبدأ دائماً من الصفر.
|
"الاسكندرية- نيويورك" ليوسف شاهين:
"ماما" اميركا تقتل كل
حنين
رسالة "كان" من
صلاح هاشم
عرض مهرجان"كان" أمس الخميس 20 مايو فيلم "الاسكندرية-
نيويورك" للمخرج المصري العربي الكبير يوسف شاهين في اطار تظاهرة "نظرة خاصة
"، كما يعرض الفيلم غدا السبت في اختتام فعاليات هذه التظاهرة الموازية
للمسابقة الرسمية، وحضر العرض الفنانة المصرية لكبيرة لبلبة( التي تلعب دور"جين"
زوجة المخرج بطل فيلم شاهين الجديد، ولم يكن "جو" حضر الي "كان" بعد)، وكان
الفيلم، كما صرح شاهين من قبل في عدة لقاءات معه، يناقش علاقته الحميمية جدا
بالعالم الجديد اميركا، التي احبها شاهين بجنون في شبابه، ودرس كما هو معروف
في احد معاهدها الدرامية الخاصة، معهد "باسيدنا" الشهيرللفنون الدرامية في
كاليفورنيا، لكي يعود في مابعد الي بلده الحبيب مصر، ويصنع مجموعة كبيرة من
الافلام الرائعة، مثل "باب الحديد" 1958 و"جميلة بوحريد" و"الارض" 69 و"صلاح
الدين" 63 و"العصفور"73 وغيرها من افلام كبيرة متميزة صنعت وجداننا، ودخلت
حياتنا من أوسع باب، واصبحت من كلاسيكيات السينما العربية والعالمية ولكل
العصور..
امريكا الحبيب الاول
غير أن شاهين الذي عشق اميركا، وظل كما في جل
افلامه ومواقفه الفكرية والسياسية منحازا الي امريكا حبيبته، اكتشف لأسف
انها خانته وخذلته، ويعود لشاهين، كما نعلم، فضل وضع السينماالمصرية و
العربية علي خارطة السينمافي العالم، وهو الامر الذي لايمكن ان يختلف عليه
اثنان، كما صار تلاميذ شاهين، ومن ضمنهم المخرج المصري يسري نصر الله، صاروا
من المخرجين المعروفين في بلادنا، وتخطي بعضم سن الاربعين، اي صار لشاهين لا
يكف عن الترديد بان اولاده هم تلاميذه، صار له أحفاده الآن، فهل سوف ياتري
يفهمون- أحفاد شاهين- لماذا أحب امريكا، حتي بعد ان خذلته، ولماذا يعود في
فيلمه الجديد الي الحبيب الاول؟
فيلم " الاسكندرية- نيويورك " الجديد، الذي
شاهدناه في " كان "، هو امتداد لافلام السيرة الذاتية التي صنعها شاهين،
ويأتي مكملا لثلاثيته التي تضم " الاسكندرية ليه"1978 و" الذاكرة " 1982و"
الاسكندرية كمان وكمان " 1989، ولم يكن شاهين في " ثلاثيته" المذكورة هذه، قد
حكي بعد عن تلك الفترة التي يتناولها في فيلمه الجديد، فترة شبابه ودراسته
في امريكا، لكن هاهو ينتهز الفرصة، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لكي
يقول لنا شاهين رأيه في امريكا، وأحد لايعلم لماذا يعتبرشاهين هذا الامر
ضروريا وملحا، وهناك أولويات أخري أكثراهمية والحاحا، ثم من يضمن لشاهين
ياتري ان يجعلنا فيلمه نغير موقفنا من امريكا، او ان امريكا تنتظران يحدث
ذلك، وتتحسن اوضاعنا معها؟. أسألوا شاهين..
يحكي لنا شاهين في "الاسكندرية- نيويورك" الذي
شاهدناه امس، يحكي عن مخرج مصري معروف يدعي يحيي، وهو في عمر شاهين(78 سنة
)، ومتزوج، وأمراته عاقر،و يسافريحيي في الفيلم الي امريكا علي مضض، فقد كان
دوما، كما كشف عن ذلك شاهين في المشاهد الاولي من فيلمه،كان متحمسا لمثل وقيم
الحرية والديمقراطية التي تمثلها امريكا العالم الجديد، الا انه يأبي الآن
بعد ان تغيرت امريكا، وصار" العالم الجديد" قديما.. و"كهنة".. وشاخ، وتبدلت
سياسات امريكا ومعاملتها للعرب، يأبي المخرج يحيي ان يسافر لحضوراحتفال
سينمائي لتكريمه وتكريم فنه، باعتباره اهم واكبر مخرج في مصر، غير ان
العاملين معه يدفعونه الي مراجعة قراره، ويحمسونه للذهاب الي امريكا،
ومواجهة الامريكيين ومناقشتهم في عقر دارهم، فهي فرصة من ذهب، لكي يشاهد
افلامه اكبر عدد ممكن من الناس في البلاد، وسوف تتيح له هذه الفرصة من جهة
اخري امكانية فتح ابواب الحوار مع الاميركيين انفسهم، لكي يفسر لهم لماذا لم
يعد يحب بلادهم..
وكان المشهد الافتتاحي للفيلم اظهر انا المخرج
يحيي في فترة الخمسينيات، بعد العدوان الثلاثي علي مصر، ليذكر بالموقف
الامريكي المشرف من تلك الحرب التي شنتها فرنسا وبريطانيا واسرائيل علي مصر
في اعقاب تأميم قناة السويس، ومطالبتها بوقفها في الحال، ويتحدث يحيي في مشهد
أخر عن علاقته بالسلطة من خلال فيلم " الناس والنيل " الذي يحكي عن السد
العالي الذي تسبب في غرق اكثر من 5 الآف قرية نوبية ومحوها من علي الخريطة،
ويمهد شاهين من خلال هذه المشاهدالممتدة علي عدة حقب تاريخية، يمهد لرحلة
المخرج يخيي الي امريكا، والتي سوف تكون كما سيتضح لنا في مابعد حافلة
بالمفاجأت ومحشوة، ومن دون ضرورة درامية تمليها مواقف الفيلم وتطورها الطبيعي
العضوي، محشوة بالاستعراضات..
يحضر مخرج الفيلم الاستاذ المخرج المصري الكبير
يحيي- ويقوم بدوره في الفيلم الممثل الفنان محمود حميدة- يحضرمؤتمرا صحافيا
بمناسبة تكريمه السينمائي في نيويورك، فيتحدث فيه عن مدينته الاسكندرية وقيم
التسامح التي كانت سائدة في مصرفي فترة الخمسينيات بين اكثر من 16 جالية
مهاجرة تعيش في المدينة من ايطاليا واليونان وسوريا الشام ولبنان، ولم يكن
الفتي حينذاك يسأل الفتاة ماهي ديانتك، بل كان يسألها كيف تصلين، او بالاحري
كيف تحبين فالحب، لايعرف ديانات او جنسيات، ولم يكن هناك اي تمييز في
التعامل مع الجنسيات والديانات المتعددةالتي كانت تشكل أنذاك " الموزاييك "
الثقافي الحضاري للمدينة..
ترسانة "استعراضية" ثرثارة.. يارب ارحم
ويلتقي يحيي في نيويورك بحبيبته القديمة "جنجر" من
ايام الدراسة في امريكا، وكان يحيي وقتها شابا لايتجاوز عمره ال19 سنة، وتحضر
الامريكية جنجرالمؤتمر الصحفي مع ابنهااسكندرالراقص الاول في اوبرا نيويورك،
وتصر الام بقوة علي حضوره ولقائه مع المخرج المصري العجوز، ويكتشف يحيي ان
اسكندر ابنه، وان الام اخفت عنهما سرها، ويبدأ يحيي او بالاحري يحيي شاهين
يحكي عن قصة حب منذ اربعين عاما، حين حضر للدراسة في امريكا، ووقع في غرام
جنجر الامريكية..
يحكي شاهين عن تفاصيل علاقتهما وظروف ميلاد الطفل
اسكندر، ونكتشف ان يحيي درس الرقص لفترة عامين قبل حضوره للدراسة في امريكا،
وانه كان صار اثناء الدراسة راقصا من الطراز الاول، وهاهو يحيي حفلا يرقص فيه
مع جنجر ويحصلان علي الجائزة الاولي في مسابقة الرقص، ويبدأ الفيلم ينفتح
هكذا رويدا علي فيلم فترة الدراسة في امريكا، وعلاقة يحيي بزملائه، وعلاقته
باستاذته في المعهد،، وصاحبة البيت التي يسكن عندها، ويبدأ شاهين ينتقل بنا
من موقف في الحاضر الي مواقف في الماضي، ويتنقل بين شخصيات الفيلم المتعددة،
بين يحيي في شبابه ويحيي في شيخوخته، وجنجر في الماضي الي جنجر في الحاضر،
ونكتشف انها عملت بعد ان حبلت منه وانجبت اسكندر، وكان يحيي عاد الي مصر،
عملت كفتاة مرافقة بالساعة، وهو نوع من العهر والدعارةالمقنعة، وتزوجت من
صديق لها، ثم طلقت منه في مابعد، وندخل مع فيلم شاهين من حكاية الي رواية،
ومن رواية الي ملحمة من الروايات والحكايات، ولايمكن تلخيصها صاحبي، وانت
تكاديامؤمن تموت من الضجر والملل، اذ ان شاهين وهو يقص علينا قصة حياته (من
تاني)، والله وحده يعلم الي متي ويصبرنا، وتأثيرات امريكا عليه، من خلال قصة
المخرج المصري الكبير يحيي، "يصور" شاهين اناسا يتكلمون ويتحدثون، و"لا يصنع"
فنا، وهناك فرق بين التصريح والتلميح، خطاب الصورة والخطاب الاذاعي..
يحكي شاهين من خلال "تصريحات" ابطاله وكلامهم
وثرثرتهم، وليس من خلال الـ"تلميح"، ولغة الصورة التي هي عماد الفن، والمثير
للشفقة والرثاء حقا، انه حتي هذه "التصريحات" لشخصيات فيلمه، التي هبطت ثقيلة
علي ادمغتنا، بترسانة "استعراضية" من الاغنيات والرقصات المحشورة حشرا في
الفيلم وسيناريو الفيلم المهلهل (هات ياكلام واستعراض وغنا يارب ارحم) جاءت
وكانت تافهة وساذجة، مثل " معجزة" عدم عودة يحيي الي مصر واستمراريته في
الدراسة في المعهد حتي التخرج،التي تحكيها لنا جنجر في الفيلم( وتقوم بدورها
الفنانة الكبيرة يسري) بسبب ان الحكومة المصرية ارسلت شيكا لطالب مصري في
امريكا بنفس الاسم، وصرف يحيي الشيك في محل الطالب، ودفع هكذا مصروفات
الدراسة ولم يجبر علي العودة الي مصر..
والنتيجة ان فيلم " الاسكندرية – نيويورك " بدا
لنامملا وكئيبا وتافها، ولولا ان القاعة كانت تحت المراقبة لكنت تسللت خارجا
من فيلم شاهين الجديد، بعد ربع ساعة من بداية الفيلم، حيث لم يجعلني شاهين
بفنه بعد ربع ساعة من بداية عرض الفيلم، اشعر بانني احتاجه- فيلم شاهين- او
انه ضروري، وبدا لي التمثيل فيه مصطنعا في اغلب مشاهده، وغير قابل للتصديق،
ولا يملك قوة الاقناع اللازمة..
كما بدت لنا عملية اخراج هذا الفيلم- الذي سوف
نعود اليه لاحقا بالتفصيل- بدت لنا ترفا كبيرا، وخسارة ان تضيع الاموال التي
صرفت علي انتاج مثل هذا فيلم، لارضاء حاجة، لا اظن انها ضرورية.. حاجة شاهين
لان يقول لنا لماذا خذلته ماما امريكا، ولماذا تحول حلمه الامريكي الوردي الي
كابوس، وصار يكره امريكا وبوش، ونيويورك البشعة هذه التي تقتل كل حنين والتي
يطالب في الفيلم شاهين، يطالب بالخروج منها، بعد ان كشف في الفيلم كيف ان
ابنه الاجنبي الذي انجبه من جنجر الامريكية رفضه، رفض "ابوته" في نهاية
الفيلم لانه عربي، وامريكا ليست بحاجة الي شاهين ولايهمها افلامه، ولاندري
ماهي الفائدة الجمة التي سوف تعم وتعود علينا من افلام علي شاكلة هذا الفيلم،
ونحن، كما يعلم شاهين، مشغولون حاليا بمسائل اكثر اهمية ضرورية، اكثر اهمية
من ولع شاهين بهاملت او رغبته في ان يكون ممثلا عظيما مثل "كين" او"جيلجود"
في تمثيل دور هاملت، او اعجابه بفريد استير وكوميديا هوليوود الموسيقية،
وكرهه لغلاظة ستالون (رامبو الامريكي) ونعيه للحلم الامريكي الذي تحول الي
كابوس، وهي جميعها اشياء ليست جديدة علينا كما انها لاتضيف جديدا الي
معلوماتنا، ولاتقربنا اكثر من حاجتناالي أشياء جد أصيلة في حياتنا، حاجتنا
الي ان ينتهي مثلا الظلم في العالم، ويزول احتلال الارض، ونتحرر فكريا
واقتصاديا، حاجتنا الي المزيد من السينما الفن، التي نتصالح بها مع انفسنا،
ونعانق كل الكائنات والموجودات، ونحلق في السماء مع الطيور السابحات في الافق،
لكن اين كل هذه الاشياء، في فيلم شاهين التقريري الاستعراضي الممل
الثرثارالذي لم يعجبنا ولم يجعلنا نتحمس له. ياخسارة؟
|
مهرجان
كان يضيف ويلغي ويتبدل...
طروادة الأكبر.. هل هو الأفـضل
أيـضا؟
رسالة "كان" من
محمد رضا
فيلمان تسجيليان في المسابقة؟ فيلم كرتوني؟ منذ
متي؟
و آخر يضاف في اللحظة الأخيره ؟ يلغي من عروضه
خارج المسابقة وينضم إليها؟
كيف ولماذا؟
أسئلة من هذا النوع تتردد في أروقة المهرجان
كتأكيد إضافي علي أن
حالة تخبط ملموسة تضرب في أوصال المهرجان وتؤيد ما ذهبنا إليه في الرسالة
السابقة
من أن كان وصل أخيرا إلي مفترق طرق...
في اليوم الثاني من أيام المهرجان دعينا
إلي حضور فيلم تسجيلي يدخل المسابقة في آخر لحظة. لا بأس. لا أحد منا ضد
السينما التسجيلية ولو أن بعضنا يري أن فيلما واحدا في
المسابقة, ألا وهو(
فهرنهايت911) يكفي خصوصا أن صاحبه يكيل للسياسة في بلاده ما يريد ما يجعله
موقع
ترحاب هنا بين المثقفين الغربيين.
الفيلم الذي تم إدراجه هو مونوفينو,
والترجمة الأقرب هو عالم من الخمر... وموضوعه هو... العنب والكروم
والمزارع
و... الخمر. ساعتان تقريبا نقضيهما بين مزارع العنب في
إيطاليا وفرنسا وأسبانيا
وسواها. يتحدث فيها المزارعون الصغار عن سعادتهم في زرع الكروم وترينا
الكاميرا, في أول لقطة تفصيلية لها للعنب, عنقود يحمل عنبا صغيرا غير مسر
للعين.
واللقطة الأولي علي جوز الهند... رجال يصعدون
الشجر العالي ويقطعون
جوز الهند الذي يسقط علي الأرض ويحمله رجال آخرون. تقترب الكاميرا من أحدهم
وتسأله: هل يمكن صنع خمر من جوز الهند؟ وجواب الرجل ببساطة: لا.
وجواب
المشاهد علي الفيلم أيضا لا. ذلك أنه شيء الإدعاء بأنه فيلم
جيد, وشيء آخر أن
يتم تقديم فيلم تسجيلي ثان في المسابقة لا ضرورة حتمية له والإدارة هنا تعلم
قبل
غيرها أن الفيلم لن يستحوذ حتي علي كأس تكريم.
ارتياب
لكن الغريب لا ينتهي هنا.
في اللحظة
الأخيرة تم سحب فيلم من العروض العادية إلي عروض المسابقة.
وإذا ما وضعنا في عين
الاعتبار ادعاء إدارة لجنة الإختيار أنها شاهدت نحو1300 فيلم لكي تختار
الأفلام
الثمانية عشرة التي وجدتها مناسبة وجيدة للمسابقة, بات علينا أن نشك في
قوانينها
التقييمية. كيف نثق بها وهي تختار من كل هذا الزخم ثمانية عشر فيلما ثم
تضيف
واحدا كانت تجاهلته؟
والواحد الذي تجاهلته هو مبعث الريب بأسره, ذلك
لأنه فيلم
جيد يليق بالمسابقة فعلا. كيف استبعد ولماذا أساسا؟
إنه فتي كبير من كوريا
الجنوبية للمخرج بارك تشان ووك الذي سبق أن قدم من قبل فيلما
ناجحا( من بين أربعة
أعمال إلي اليوم) بعنوان مركز حماية مشترك يتحدث فيه عن الحدود بين
الكوريتين.
ونجاح ذلك الفيلم الذي عرض في مهرجان برلين قبل ثلاثة أعوام عاد إلي طرحه
موضوع
الإنسان الكوري الممزق بين دولتين بحدود مصطنعة. الفيلم
الجديد هو بدوره واحد من
أكثر الأفلام الكورية نجاحا في الآونة الأخيرة. ومثل فيلمه الأسبق عطف
للسيد
انتقام(2002) يدور أيضا حول فعل الانتقام مزروعا بقوة داخل شخصيتين كل منها
تريد
النيل من الآخر.
القصة, بكثير من الاختصار لما فيها من خطوط
جانبية
وأحداث, تدور حول رجل نجده في غرفة محصنة. إنه سجين تلك الغرفة منذ أن
خطف.
ولا نعلم ولا يعلم هو من الذي سجنه ولماذا؟ في داخل تلك الغرفة يمضي14 سنة
قبل أن
يهرب لتقوده خطواته, حسب علمه لكنها خطوات مدبرة من قبل
الذين سجنوه, إلي مطعم
ليأكل فيه بعدما استلم من شخص غامض ملابس ونقودا وهاتفا جوالا. هذا الهاتف
الجوال
هو وسيلة اتصال الخاطف به طوال الوقت. فهروب بطل الفيلم أيضا مدبر وثمة
جهاز لاقط
لحركاته وتوجهاته مزروع في حذائه لا يعلم شيئا عنه إلا صوب
النهاية. في ذلك
المطعم يتعرف إلي فتاة تنقله إلي بيتها. وفي خلال رحلة هذا الشخص لمعرفة
كنه
الخاطف ولماذا سجنه14 سنة وعبر مشاعره التي تحدو به إلي الانتقام منه,
يشعر
بعاطفة تجاه تلك الفتاة التي تصغره سنا فيمارس معها الحب. في
الساعة الأخيرة لا
يصل فقط إلي تحديد هوية الخاطف وعصابته والسبب الذي من أجله انتقم الخاطف من
الرجل
ولا يزال, بل يكتشف أن الخاطف خطط للجمع بينه وبين تلك الفتاة التي يكتشف
أنها
ابنته التي تركها صغيرة. والسبب الذي حدا بالخاطف إلي ذلك هو
أن المخطوف كان خلال
أيام المدرسة الثانوية قد فضح علاقة الخاطف بشقيقته.
حسنا, هنا علاقات محرمة
تجعل المرء غير مرتاح من هذا الفيلم خصوصا مع غياب الإدانة
الأخلاقية, لكن هناك
أيضا العنف الجانح الذي يجعل المشاهد يغطي عينيه حتي لا يري. مشاهد من نوع
قلع
أسنان عنوة وقص لسان وحالات شبيهة أخري. لكن الموضوع غريب, وتنفيذه فني
الأسلوب
من أوله إلي آخره. ليس مجرد عمل حول فعل الانتقام, ونصف أفلام الدنيا
باتت تدور
حول هذا الوضع, بل هو فيلم عن الشخصية المركبة ودوافعها
السايكولوجية حتي ولو أدي
ذلك بالمخرج إلي صنع فيلم مناويء للاختيارات السهلة. يمكن مقارنة هذا
الفيلم بـ
أقتل بل الأول والثاني حيث فعل الانتقام موجود بل هو محور الفيلم إنما ينطلق
في
طريق ذي إتجاه واحد: مسعي بطلته لقتل الجميع ونجاحها في
ذلك.
حصان جامح
أنت ما تري
ثلاثة أفلام في وقت
واحد جعلت هذا الناقد ساخطا علي برمجة لا تأخذ بعين الاعتبار
حاجته لمشاهدة الأفلام
الثلاثة. في الساعة الحادية عشر هناك عرض لفيلم تسجيلي حول سلفادور اللندي
وفيلم
رعب هوليوودي مثير للاهتمام هو فجر الموتي وفيلم هوليوودي آخر كبير الحجم هو
طروادة. صحيح أنني استطعت مشاهدة فيلمين منها في أوقات
أخري, لكن الاختيار
لتفضيل عمل واحد في البداية كان صعبا واستقر علي طروادة. الفيلم التاريخي
الأضخم
من جلادياتور والأعلي منه كلفة إذ وصلت ميزانيته إلي175 مليون دولار تحملها
ستديو
واحد هو وورنر.
في حين انصرف معظم النقاد الجادين عن هذا الفيلم
بحكم مسبق هو
أنه فيلم هوليوودي, إلا أن الحقيقة لا تكمن في إذا ما كان هوليووديا أم
ماليزيا, بل في أنه فيلم جيد التكوين والتنفيذ وحتي الآن أفضل من كل فيلم
عرض في
المسابقة علما بأنه عرض طبعا خارجها.
الـ175 مليون دولار هي أكثر مما تصرفه
كل الدول العربية علي الشئون الثقافية في العشرين سنة الأخيرة المخرج
وولفجانج
بيترسون( عاصفة تامة, في خط النار, القارب الخ...) رجل
يجيد الإمساك بأطراف
الأزمات التي يمر بها الأبطال ويجيد استخدام التقنيات المتوافرة بين يديه
ليصنع
الفيلم الجيد بصرف النظر عن موضوعه. هنا هو في وضع تاريخي: القصة
الإغريقية
التي وضعها هومر في الإلياذة حول كيف تمكن الإغريق من دخول
طروادة خدعة بعدما
استنفذوا كل وسائل القتال. لا يتبع الفيلم ما ورد في الإلياذة بل يتحرر صوب
إبداع
داخل إبداع ورواية طروادة نفسها كتبها هومر بعد500 سنة من وقوعها نقلا عن
حكايات
الأجيال( هذا إذا ما كانت صحيحة أساسا) ما يعني أنه أضاف إليها ملحا
وبهارات
لكي يجعلها مثيرة دراميا. والآن المخرج بيترسون يضيف ملحه
وبهاراته أيضا والنتيجة
فيلم جيد كان فردا, إنما في الخمسينيات أخرج قصته, لكن الفيلم الجديد
يتفوق
عليه أكثر من ناحية.
يتمحور الفيلم حول أخيليس( براد بت) المحارب
الذي لا
يشق له غبار الذي يستعين به الملك الإغريقي( برايان كوكس) لكي يحارب, وجنوده
الأشاوس, ملك طروادة( بيتر أوتول) بعدما خطف أحد ولديه( أورلاندو
بلوم)
من شقيق الملك زوجته. ولد ملك طروادة الآخر( إريك بانا- لديه نظرات
شبيهة
بنظرات محمود حميدة) اسمه هكتور وهو يخوض حربا شجاعة ضد
الجيش الإغريقي تساعده
أسوار المدينة المنيعة في حربه إذ يعجز الجيش الإغريقي عن الوصول إليها.
خلال
إثني عشر يوما من مراسيم الحزن علي هكتور الذي قتله أخيليس في حرب منفردة,
يبني
الإغريق حصانهم الكبير ويختبئون فيه ثم يدعون أنهم تركوا
السواحل ورحلوا. بسذاجة
تتحول إلي كارثة يقود الطرواديون الحصان إلي داخل القلعة وفي الليلة ذاتها
يخرج من
بطنه المحاربون الإغريق ويفتحون الأبواب لباقي الجيش الذي يدخل المدينة
ويحرقها.
في النهاية يجد كل حتفه الذي يستحق بمن فيهم أخيليس الذي يندفع
للتدخل إنقاذا لحياة
محبوبته الطروادية ويقتل الملك الإغريقي بنفسه.
في ساعتين ونصف الساعة يقول
الفيلم كل ما يمكن قوله في التاريخ وفي الحروب وفي فعل الحب في النفوس. أول
روميو
وجولييت إذا ما قبلنا أن مبدأ مسرحية شكسبير لا يبتعد كثيرا عن مبدأ حكاية
طروادة: حب يتصدي لموقف الطرفين وبشأنه تقع معركة( في
روميو وجولييت)
وحربا( في طروادة).
النقاد الأميريكيون بالغوا في اعتبار الفيلم هاشا
وعاديا. في الحقيقة ليست هناك لحظة ملل والدراما تتحرك والشخصيات مرسومة
جيدا
كذلك الممثلون( خصوصا أريك بانا) رائعون. براد بت يجد
الترجمة المناسبة لما
يريده هو من الفيلم ومن الدور ولما يجب أن تنصاع إليه الشخصية.
إلي أين يا كوستاريكا؟
المخرج اليوغوسلافي أمير
كوستاريكا عاد إلي كان بعد فيلمه السابق تحت الأرض مع فرقته من
الموسيقيين
والصداحين ليقدم فيلما آخر من النوع ذاته.
الحياة أعجوبة هو صحن المخرج
كوستاريكا المعهود: قصة فضفاضة. شخصيات عديدة. أجواء متناثرة. خروج
ودخول
شخصيات وأطراف خيوط وأشباح قصص أخري طوال الوقت ولا نصف دقيقة
للتأمل. في
البداية, أيام أعمال المخرج الأولي, أصاب كوستاريكا باختياراته. كانت
أكثر
أمانة ورغبة في الإتيان بجديد. هذه المرة, فإن هذا المعهود, مع موسيقاه
وحركات الممثلين والكاميرا المستعجلة دائما, أصبح فوضي
مطلقة. الساعة الأولي
والنصف ساعة من الحياة أعجوبة تكفي لتقديم الفيلم بكامله, لكن المخرج أفاض
في
جولاته غير الضرورية والطويلة لما هو ثانوي, وحين أم القصة ذاتها في الساعة
الأخيرة من الفيلم(134 دقيقة) كان قد تأخر في لملمة ما سبق
وتطوير شخصياته علي
نحو جيد.
قصة رجل صربي يعيش في بوسنيا ويعشق القطارات ولديه
زوجة تعتقد أنها
خامة فنية كبيرة وشاب يعشق الفوتبول والجميع يتحدث عن مستقبله. بعد إسهاب
في
تقديم هذا الخط ومعه خطوط وشخصيات أخري, يجعل المخرج زوجة الصربي تهرب مع
عشيق
مجري, وتقع الحرب ويتقدم البوسنيون إلي القرية ويقع البطل في
حب ممرضة مسلمة
ويقضي معها أجمل الأوقات. إنها تلك الأوقات الجميلة التي تجعل المرء يفيق
علي أن
الفيلم كان بإمكانه أن يقول أكثر لو أراد. فالفيلم لا يكترث لاتخاذ موقف ما
وهذا
من حق المخرج إنما لو أن هناك دعوي مناوئة تستحق الإشادة.
الحقيقة هي أنه أمير
من أب مسلم وأم صربية وصاغه ذلك علي نحو لا يستطيع معه تحبيذ
طرف ضد آخر وهذا ما
كبله وانعكس علي أفلامه كلها بما فيها هذا الفيلم*
|
فوز فيلم
فهرنهايت 11/9
بالسعفة الذهبية في مهرجان كان
كان (فرنسا) (رويترز) – فاز الفيلم الوثائقي 11-9
فهرنهايت (Fahrenheit 9/11)
للمخرج الامريكي مايكل مور والذي ينتقد سياسات الرئيس الامريكي
جورج بوش بجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي يوم
السبت في ليلة سيطرت
عليها أفلام من آسيا.
وقال مور في تأثر لدى قبوله الجائزة "ماذا فعلتم؟
أنا منبهر تماما بهذا."
وأضاف ضاحكا "اخر مرة صعدت فيها على المنصة لتسلم
جائزة في هوليود انفتحت أبواب
الجحيم."
ومنذ عامين حصل فيلم مور الوثائقي "بولينج فور
كولومباين" (Bowling For Columbine)
على جائزة في مهرجان كان ثم اوسكار. وتعرض مور لنقد بسبب كلمته
المطولة
التي هاجم فيها الرئيس الامريكي جورج بوش.
وحظي 11-9 فهرنهايت على دعاية كبيرة قبل المهرجان
عندما أعلنت والت ديزني الشركة
الام لاستوديوهات ميراماكس التي أنتجت الفيلم أنها لا تريد توزيع الفيلم في
عام
الانتخابات الامريكية.
وفاز الطفل الياباني ياجيرا يوويا بجائزة احسن
ممثل عن دوره في فيلم "لا أحد
يعرف" (Nobody Knows)
وهي قصة عن اربعة اطفال هجرتهم امهم واضطروا لتدبر امورهم
بانفسهم. وغاب الممثل الذي يبلغ من العمر 14 عاما عن حفل توزيع
الجوائز.
وفازت الصينية ماجي تشونج بجائزة احسن ممثلة عن
دورها في فيلم "نظيف"
(Clean)
الذي أدت فيه دور ارملة تحاول الاقلاع عن الادمان من اخراج زوجها
السابق اوليفييه
اساياس.
وفاز بالجائزة الكبرى الفيلم الكوري الجنوبي
الدموي "الولد العجوز"
(Old Boy)
وهي قصة ثأر أمتعت كوينتين تارانتينو رئيس هيئة تحكيم المهرجان.
مور يقول لبوش:.احترس من البسكويت المملح
كان (فرنسا) (رويترز) - قال مايكل مور الفائز
بجائزة السعفة الذهبية
لمهرجان كان السينمائي عن فيلمه الوثائقي (11-9 فهرنهايت)
Fahrenheit 9/11)
الذي
ينتقد فيه بشدة الرئيس جورج بوش انه يتمنى الا يكون بوش علم بفوزه بالجائزة
وهو
يتناول البسكويت المملح في اشارة الى تعرض بوش لاختناق بسبب قطعة من البسكويت
عام
2002.
ويشن مور في فيلمه هجوما شرسا على بوش بشأن تعامله
مع العراق والحرب على
الارهاب.
وقال مور في مؤتمر صحفي انه يندم على شئ واحد هو
انه نسي ان يشكر بوش لانه مصدر
اكثر السطور اثارة للضحك في الفيلم.
ويامل مور في عرض فيلمه هذا الصيف وان يثير جدلا
سياسيا بفيلمه الذي يسخر بشدة
من ادارة بوش قبل انتخابات الرئاسة الامريكية في نوفمبر تشرين الثاني.
وردا على سؤال بشأن رد فعل بوش على حصوله على الجائزة قال مور
"...أتمنى الا
يبلغه احد خبر فوزي بالجائزة بينما يأكل بسكويتا مملحا."
وكان بوش فقد الوعي في 2002 بعد تعرضه لاختناق
بسبب قطعة بسكويت مملحة بينما كان
يشاهد مباراة في كرة القدم في التلفزيون.
وسخر مور الذي سبق له الحصول على جائزة اوسكار من
كبار موظفي ادارة بوش وقال
"أعتقد انهم كلهم ممثلون...نسيت وانا اقف على خشبة المسرح ان أشكر
العاملين في
الفيلم ولذا اتمنى لو شكرتهم الان.
"أود
ان أشكر بوش وتشيني وبول ولفويتز ودونالد رامسفيلد. اعتقد ان المشهد
الغرامي بين تشيني ورامسفيلد جعل عيني تدمع."
وقال مور انه يتوقع ان تقول بعض وسائل الاعلام
اليمينية في الولايات المتحدة ان
فرنسا وهي واحدة من أشد معارضي الحرب الامريكية في العراق هي التي منحته
الجائزة.
وقال مور "كانت لجنة التحكيم دولية وليست فرنسية
وكان العدد الاكبر من اعضائها
من الامريكيين."
واضاف معربا عن غضبه ازاء رد فعل الامريكيين ازاء
الموقف الفرنسي بشأن العراق
"نحن مدينون لشعب هذا البلد باعتذار لان وسائل الاعلام عندنا حطت من
قدرهم."
وحصل مور على جائزة الاوسكار عن فيلمه المناهض
للاسلحة "بولينج فور كولومباين"
وقال انه فخور جدا بفوز فيلمه الوثائقي بالسعفة الذهبية.
واضاف "الافلام غير الروائية بدأت تخرج من عزلتها."
ثم ردد بفخر واعتزاز ما قاله له المخرج الامريكي
كوينتن تارانتينو رئيس لجنة
التحكيم "نريدك ان تعرف ان السياسة في فيلمك لا علاقة لها بالجائزة. حصلت على
الجائزة لانك صنعت فيلما عظيما."
الصينية
ماجي تشونج احسن ممثلة وطفل ياباني احسن ممثل
كان (فرنسا) (رويترز) - فازت الممثلة الصينية ماجي
تشونج بجائزة
احسن ممثلة في مهرجان كان السينمائي يوم السبت عن دورها في فيلم "نظيف"
للمخرج
اوليفيية اساياس.
كما فاز الطفل الياباني ياجيرا يوويا بجائزة احسن
ممثل عن دوره في فيلم "لا أحد
يعرف" وهي قصة عن اربعة اطفال هجرتهم امهم واضطروا لتدبر امورهم بانفسهم.
|