كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

ومن تمام الغباء أن تمنع فيلما ينصف قضيتك!

بلال فضل – التقرير

 

حدثني عن أهمية الصبر فقط عندما تجد نفسك مطرحي.

هل أنفجرُ الآن هاتفًا، وأجري نحو أقرب علم إسرائيلي يرفرف في وجهي فأنتزعه من حامله وأمزقه أو أحاول حرقه على طريقة فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية)، فأسقط على الأرض وأنا أتعرض لضربات مئات المحتشدين المدافعين عن علم دولتهم والذين سيتفرق دمي بينهم، فأنضم إلى قافلة الشهداء الصناديد، ولكن ليس عن بطولة حقيقية ولكن بسبب معركة مجانية تدور رحاها على أرض “الفيفث أفينيو” في قلب مدينة نيويورك، ستتخذها الصحف ومحطات التليفزيون كلها على الفور دليلًا على همجية العرب وعدم قدرتهم على الحوار وقبول الآخر.

كنت قد خرجت من فندقي يومها في الصباح الباكر لكي أتجه إلى المتحف اليهودي القريب مني، والذي يعتبره الكثيرون أهم متحف للتراث اليهودي في العالم، كنت مهتمًا بزيارة جناح يوثق للوجود اليهودي في مصر مطلع القرن العشرين، قرأت عنه قبل أيام، كان دور زيارتي للمتحف ضمن قائمة زياراتي النيويوركية قد جاء بالصدفة في ذلك الأحد الذي وافق الثالث من يونيو والذي لم أكن أعلم أنه نفس اليوم الذي سيحتفل فيه أنصار دولة إسرائيل في نيويورك بما يسمونه (عيد استقلال إسرائيل)، كنت قد وصلت إلى المدينة قبلها بأيام، وشاهدت أعلام إسرائيل معلقة على الكثير من أعمدة الإنارة في شوارع نيويورك مصحوبة بجملة (مسيرة إسرائيل) التي تعقد كل عام تأييدًا من كل أنصار إسرائيل لها واحتفالًا بها، وكنت أظن أن المسيرة ستنعقد في يوم الخامس من يونيو المشؤوم للاحتفال بانتصار إسرائيل على الجيوش العربية، ثم عرفت يومها أن المسيرة تقام في الأحد الأول من كل شهر يونيو أيًا كان التاريخ الذي يوافقه؛ لكي لا يتم تعطيل الطرق التي تكون خالية في يوم الإجازة، ولكي يسهل حشد الكثير من الأنصار من أجل المسيرة التي لا يفوقها في ضخامة عدد المشاركين إلا المشاركون في يوم بوتروريكو الوطني الذي صادف أنني حضرته بعد أسبوعين، وشهدت كيف تحولت أغلب شوارع حي مانهاتن، قلب مدينة نيويورك النابض، إلى نسخة لاتينية في الملابس والأعلام والمؤخرات وروائح الشواء وألوان الطعام وصيحات اللغة الإسبانية المتصاعدة من آلاف المبتهجين في الشوارع والنواصي.

كان المتحف مزدحمًا للغاية، ولم تكن بي طاقة للانتظار في طابور طويل؛ ففضلت التسكع في الطرقات حتى يأتي موعدي التالي، وقفت أرقب المشاركين في مسيرة إسرائيل وهم يلوحون بأعلامهم بفرحة وابتهاج، حاولت أن أقرأ في اللافتات التي يحملونها مصدرًا جديدًا لهم فلم أجد. كانت السفريات المتتالية إلى الخارج قد علمتني كيف أتمكن من كبح جماح اندفاعي عندما ألتقي صدفة بمواطنين إسرائيليين وكيف أحاول ألا يبدو أنني متوتر عندما أكتشف هويتهم، بل أبدو واثقًا من نفسي وأستغل الفرصة لتوجيه رسائل سياسية مباشرة لهم وللمحيطين بنا في ذلك اللقاء، لا زلت أذكر المرة الأولى التي التقيت فيها بإسرائيليين خلال زيارة لأحد شلالات مدينة أنطاليا التركية، كنت أسير مع زوجتي ضمن مجموعة سياحية قادمة من القاهرة، عندما فوجئنا بمرشد سياحي تركي يقترب منا ليسألنا مُرحبًا: “من أين أنتم؟”، وعندما أجبناه أننا من مصر، أشار إلى مرافقيه بفخر شديد وقال لنا “هؤلاء أولاد عمكم من إسرائيل”، أقبل علينا من معه مرحبين بحفاوة شديدة ومادين أيديهم بالسلام ليُفاجؤوا بنا ونحن نقف في حالة من الارتباك الشديد انتهت بأن غادرنا المكان مسرعين دون أن نمد أيدينا للسلام عليهم، مكتفين بأن نصوب نحوهم نظرات نارية حادة.

كنت قد تعودت في سفرياتي المختلفة على أن أخوض مناقشات جادة وحامية مع أصدقاء أو معارف أمريكيين وبريطانيين، بل وأتراك وهنود أحيانًا، حول إسرائيل وموقفنا منها وما الذي نريده كعرب لكي يحل السلام في ربوع الشرق الأوسط، وتعلمت من التجارب المتتالية أن النبرة الحادة واللغة الصاخبة التي تريحنا داخل أوطاننا لا تجدي شروى نقير في الخارج، وأن أكثر ما يمكن أن تفيد به القضية الفلسطينية حقًا وصدقًا هو استخدامك للغة المنطق التي تعرض بهدوء حقائق حول عنصرية إسرائيل وعدم قبولها للفلسطينيين أصلًا كبشر يتمتعون بأبسط الحقوق المشروعة، أقر هنا أنني استفدت كثيرًا من لغة ومنطق وأفكار المفكر الفلسطيني العظيم إدوارد سعيد، خصوصًا في محاوراته مع الصحف العالمية، وهي المحاورات التي جمعها بنفسه في سلسلة كتب صدر أغلبها عن دار الآداب اللبنانية، صحيح أن بعضها كان يبدو منفرًا لشخص مثلي تربى على فكرة استرداد كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، وعلى أن التفريط في شبر من أرض فلسطين خيانة ولو كان ذلك بطرح فكرة الدولة الواحدة التي اكتشفت بعد ذلك أن طرحها كان أكثر ما يربك المؤيدين لإسرائيل في كل مناقشة خضتها معهم؛ لأن مجرد رفضها من الباب للطاق دون منطق كان يكشف للمحايدين أو غير المتابعين عنصرية الفكرة التي بنيت عليها دولة إسرائيل، برغم ذلك؛ ربما أتفهم، ولكني لا أتقبل حتى الآن، تعاملات إدوارد سعيد مع الإسرائيليين الذين يوصفون بأنهم محبون للسلام مثل الموسيقار دانييل برونبايم الذي شاركت في شن حملة عليه عندما جاء إلى القاهرة قبل ثلاث سنوات، ولا زلت وسأظل أعتبر أن كون الإنسان إسرائيليًا يحمل جنسية بلد غاصب محتل ولكن هذا الإنسان يعتبر نفسه محبًا للسلام في ذات الوقت هو إشكال يخصه هو دون غيره، وعليه أن يعلن عن حبه للسلام ولكن بعد أن يثبته أولًا بأن يتخلى عن جنسية دولة تغتصب حقوقًا ليست لها وترتكب فظائع لا يقبلها أي ضمير إنساني.

كل هذا جال في خاطري خلال الدقائق التي ظللت أراقب فيها المسيرة الحافلة بآلاف من المبتهجين الذين يرفعون أعلام إسرائيل عالية خفاقة وهم يسيرون في شوارع نيويورك المحددة سلفًا لمسيرتهم، ظللت أبحث بعينيّ في الشوارع المحيطة عن مسيرة عربية مناهضة يتم تنظيمها بشكل رمزي للعكننة على المشاركين في المسيرة أو حتى وقفة احتجاجية تذكر بالفظائع التي ارتكبتها إسرائيل من باب عرض الرأي والرأي الآخر؛ إلا أنني لم أجد أثرًا لأي من ذلك، سألت كل من أعرف من أصدقائي المقيمين في المدينة عما إذا كان ذلك مسموحًا به قانونًا من الأصل، فلم أجد إجابة شافية، قال لي البعض إنهم سمعوا عن دعوات لعقد وقفات احتجاجية مثل هذه لكنها عادة تكون أمام مقر الأمم المتحدة، سألت عما إذا كانت هناك مسيرة تعقد باسم (مسيرة فلسطين) يتم تنظيمها في يوم ذكرى النكبة ويتم فيها حشد العرب والمسلمين والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية من كل الجنسيات، وأزعم أن أعدادهم ستكون أكبر إذا صدقت النوايا، فنفى لي كل من أعرف وجود مسيرة حاشدة كهذه، ربما كانت هناك وقفات احتجاجية أو مظاهرات عند وقوع جرائم إسرائيلية مروعة مثل العدوان على غزة أو قتل محمد الدرة، لكنه لا توجد للأسف مسيرة منتظمة من أجل فلسطين يتم الحشد لها بشكل إعلامي من قبل كل الجاليات العربية والإسلامية التي لا تعاني أبدًا من قلة العدد في نيويورك، قلت لأكثر من صديق إن أصحاب عربات الهوت دوج والفلافل الذين يحتلون كل نواصي نيويورك المهمة والفرعية، وحدهم كفيلون بأن يثيروا اهتمام الرأي العام النيويوركي والأمريكي في آن واحد، لو شاركوا في هذه المسيرة خلال يوم عقدها، كما يفعل البورتريكيون في يوم عيدهم، أو كما يفعل مناصرو إسرائيل في يوم مناصرتهم لها، خاصة أن القانون لا يمكن أن يمنعهم من حرية التعبير عن رأيهم، لكن المشكلة أنهم لا يريدون التعبير عن رأيهم أصلًا.

الصدفة وحدها جعلتني أشهد ردًا قويًا ومزلزلًا على مسيرة إسرائيل في نفس اليوم وفي قلب نيويورك، لكنه رد لم يأت من عرب ولا من مسلمين على الإطلاق، بل جاء من خلال واحد من أشهر المراكز الثقافية في نيويورك (منتدى الفيلم). كانت صحفية أمريكية صديقة قد دعتني في مساء نفس اليوم لحضور عرض فيلم تسجيلي فلسطيني بعنوان (خمس كاميرات مكسورة)، كنت قد قرأت عنه أكثر من عرض نقدي يحتفي به بشدة، عندما اتصلت بي الصحفية صباح ذلك اليوم لكي تؤكد على موعدنا وجدتها تنبه عليّ أن آتي مبكرًا؛ تجنبًا للوقوف في طابور مزدحم قبل الدخول إلى العرض، قلت لها ساخرًا: من سيهتم في نيويورك بحضور فيلم تسجيلي وكمان فيلم فلسطيني؟ فقالت لي إن ذلك ليس صحيحًا وإنها عثرت لنا بصعوبة بالغة على تذكرتين؛ لأن التذاكر كلها نفدت قبل أيام واضطرت للاستعانة بصديق تنازل لها عن تذكرتيه مؤجلًا الفرجة إلى يوم آخر.

قلت لنفسي: إذن فقد ظلمت عرب نيويورك عندما ظننتهم غافلين عن ضرورة مساندة القضية الفلسطينية في يوم كهذا، فهاهم يساندونها بالالتفاف حول فيلم مهم كهذا يحكي عن معاناة المصور الفلسطيني عماد برنات الذي تحطمت خمس كاميرات له على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية، ويحكي في الفيلم، الذي اشترك في إخراجه قصة كل كاميرا عارضًا نماذج من اللقطات التي صورتها قبل تحطمها، أثناء توثيقه على مدى سنوات لكفاح قرية (بلعين) الفلسطينية ضد الجدار العازل الذي بنته السلطات الإسرائيلية وخربت من أجله حقولًا ومزارع لأهل البلاد الذين قرروا أن يناضلوا ضد الجدار سلميًا، ليس فقط في المحاكم الإسرائيلية المتحيزة ضدهم؛ بل ومن خلال مظاهرات سلمية بدأت تتحول إلى ظاهرة دولية بانضمام نشطاء دوليين لمشاركتهم والتضامن معهم.

في المساء، اكتشفت أن نصيحة صديقتي كانت مهمة؛ فلولا أننا جئنا مبكرين لظللنا واقفين في طابور طويل مكتظ بأكثر من 500 شخص حرصوا على مشاهدة الفيلم، وكان هناك 500 قد حضروا الحفلة التي سبقتنا، ومثلهم وجدناهم يقفون في طابور طويل لحضور الحفلة التالية لنا، وأزعم باستقراء سريع لوجوه من رأيت أن نسبة العرب أو الشرق أوسطيين الحاضرين لم تكن تتعدى الخمسة في المئة على أقصى تقدير، بل كان هناك حضور يهودي لافت بعضه ليهوديين متدينين تصورت لوهلة أن بعضهم جاء لإحداث شغب مثلًا، بعضهم كان يجلس في نفس الصف إلى جواري، وأقسم بالله أنه كان يشاركني في التصفيق الحاد للفيلم عقب انتهائه؛ كان الفيلم تحفة فنية بكل المقاييس، في أجزاء كثيرة منه كانت تتعالى أصوات البكاء من مواضع متفرقة من الصالة تعاطفًا مع أحزان الفلسطينيين ومآسيهم، لن أنسى أبدًا كيف توحدت الصالة في شهقة واحدة علت بعدها كلمات مثل “يا إلهي.. أوه لا.. لماذا” عقب لقطة تصور مقتل مواطن فلسطيني كان حضوره شديد المرح والحيوية والإبهاج منذ بدأت أحداث الفيلم، ثم أصيب فجأة برصاصة إسرائيلية في رقبته جاءته من بندقية قناص إسرائيلي يقف خلف الحاجز الذي كان المواطن الفلسطيني “عبد” يتظاهر من أجل هدمه مع مجموعة من نشطاء السلام الدوليين، وأخذت الكاميرا تصور في لقطات صادمة صادقة كيف فارق الحياة أمام أعين الجميع.

لا أمتلك براعة الناقد العظيم رؤوف توفيق لكي أتمكن من حكاية الفيلم لكم بالتفصيل، وإلى أن تتسنى لكم مشاهدته دعوني أقول لكم إنني على كثرة ما شاهدت من أعمال سينمائية فلسطينية روائية وتسجيلية، لم أشاهد فيلمًا صادقًا وبارعًا مثله في عرضه للمأساة الفلسطينية بمزيج سحري من الضحك والدموع والمرارة والعبث. بعد أن أضيئت الأنوار، وجدنا أحد العاملين في منتدى الفيلم يمسك بالميكروفون ويقول لنا بسعادة بالغة إننا نحن الذين حضرنا هذه الحفلة والذين سيحضرون الحفلة التالية محظوظون؛ لأن مخرج الفيلم الفلسطيني عماد بورنات وشريكه في صنع الفيلم قد وصلا قبل ساعات إلى نيويورك لحضور عروض الفيلم الذي خاض منافسات مسابقة الأوسكار على فئة أحسن فيلم تسجيلي، صفقت القاعة لدقائق احتفاءً بصانعي الفيلم الذين بكيا من فرط تأثرهما برد فعل الناس الحماسي. مع الكلمات الأولى التي تم بها تقديمهما للحاضرين، فوجئت بمعلومة لم أكن أعرفها، وهي أن مخرج الفيلم المشارك (جاي ديفيدي) ليس يهوديًا فقط كما كنت أعتقد؛ بل هو أيضًا إسرائيلي الجنسية، كنت قد قرأت في تيترات افتتاح الفيلم أن هناك جهات إسرائيلية مستقلة شاركت في إنتاجه، قالت لي الصديقة الأمريكية إنها جهات تعتبر ملعونة من قبل اليمين الإسرائيلي بل ويصنف بعضها في حكم مرتكبي الخيانة العظمة لإسرائيل. متحديًا، رددت على صديقتي الأمريكية المحايدة بشكل كان يثير غيظي دائمًا: “يبدو أن اللعبة الإسرائيلية لإظهار ديمقراطية المجتمع قد انقلبت على أصحابها هذه المرة؛ فما يصنعونه عادة من أفلام إسرائيلية فلسطينية مشتركة يكون معتمدًا في الأساس على المساواة بين الجلاد والضحية وإظهار أن الجميع مخطئ ومتورط في العنف، ولم أجد فيه على الأقل من وجهة نظري فيلمًا صادقًا مع النفس بشكل حقيقي، هذه المرة باظت الطبخة ربما لأن هذا المخرج الإسرائيلي يبدو لي من ملامحه رجلًا صادقًا مع نفسه ولديه ضمير يقظ”، قالت لي ضاحكة: “جميل، طالما تراه هكذا لماذا لا أجمعك به وتتحاوران سويًا وأنشر حواركما في صحيفتي؟”، قلت لها وأنا أرد لها الكرة: “جميل، دعيه يعلن أنه سيتنازل عن جنسية دولة ترتكب كل هذه الفظائع التي قام بتوثيقها بنفسه وأنا موافق على عرضك”، قالت لي جادة هذه المرة: “سيكون عليّ في هذه الحالة أن أُحضِّر له ردًا إذا سألني ولماذا لا تتنازلين عن جنسيتك الأمريكية بعد كل ما تم ارتكابه من فظائع في فيتنام والعراق؟”. من الخلف، جاءنا صوت يطلب منا أن نتوقف عن الهمس وننصت إلى النقاش الذي كان قد بدأ بين صانعي الفيلم والحاضرين.

كان من أوائل السائلين صحفي أمريكي متخصص في الشرق الأوسط وجه سؤاله للمخرج الإسرائيلي قائلًا له إنه عاش لفترة في إسرائيل ويعرف المجتمع الإسرائيلي جيدًا، وإنه يريد منه أن يجيب بصراحة على سؤاله: كيف يمكن أن تعرض فيلمًا كهذا في إسرائيل؟ ألا تعلم أنه سيثير غضب المعتدلين قبل المتشددين؟ كيف ستصمد في وجه الهجوم الشرس الذي ستتعرض له؟ سكنت ابتسامة مريرة وجه المخرج الإسرائيلي وقال له: لا أدري، المفروض أن الفيلم سيعرض في مهرجان إسرائيلي بعد أشهر، هذا ما وعدت به، ولا أدري إذا كان سيتم سحب ذلك الوعد أم لا، لكن ما أدريه أنني لم أفعل شيئًا به تحيز أو مبالغة، ولم أنقل سوى الحقيقة كما روتها كاميرات عماد التي تم تحطيمها، ولا أريد أن أنقل النقاش إلى السياسة الآن؛ فالفيلم يقول كل شيء أريد أن أقوله، وأفضل أن توجهوا أسئلتكم لصديقي عماد فهو البطل الحقيقي للفيلم.

عقب الندوة القصيرة ذهبت صديقتي الصحفية الأمريكية إلى المخرج الإسرائيلي لكي ترتب معه موعدًا لمقابلة لصحيفتها، بينما اتجهت إلى المصور الفلسطيني بطل الفيلم والذي كان يحاول التواصل مع المعجبين به متعثرًا في إنجليزيته الرديئة حتى بالنسبة لإنجليزيتي، انتظرته حتى فرغ من الحديث مع سيدتين عرفتا نفسيهما له بأنهما يهوديتان مقيمتان في نيويورك منذ سنين، وكانتا تقولان له بحماس إنهما تمنيا أن يشاهد كل يهودي في نيويورك الفيلم في يوم كهذا، لكي يعلموا كم الإساءة التي تقدمها إسرائيل لليهودية واليهود، لم تكن إنجليزيتي ولا الزحام المحيط بي قابلين لكي أقوم بتوسيع المناقشة بما قرأته من كتب الدكتور عبد الوهاب المسيري أو إدوارد سعيد، لذلك؛ اضطررت لأن أكون قليل الذوق وأقطع حواره معهما، فأحدثه باللهجة المصرية التي أشرق وجهه عندما سمعها، سألته كيف رأى فيلمه ابنه الصغير جبريل ذو الستة أعوام والذي يحكي الفيلم قصته منذ ولد ويربطها بعبقرية برحلة الكاميرات الخمس مع البطش الإسرائيلي، ثم سألته بحماس شديد هل يمانع أن يتم عرض فيلمه في مصر لأن كل عربي بحاجة لمشاهدة هذا الفيلم على الفور، نظر إليّ بحزن شديد وقال لي: يبدو أنك تعيش بعيدًا عن مصر، قلت له بتلقائية: لا، أنا هنا في إجازة قصيرة، وأنا كاتب سيناريو ويمكنني أن أساعدك لعرض الفيلم في أسرع وقت ممكن، نظر إليّ بابتسامة تجمع بين السخرية والمرارة وقال لي: وهل ستتحمل اتهامك بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ثم قال لي إنه عندما تم عرض الفيلم في باريس شاهده ناقد مصري، لم يقل لي اسمه، وإنه أعجب بالفيلم بشدة وقال له إنه يريد عرض الفيلم في مهرجان الإسماعيلية للأفلام الوثائقية، وتبادلا التليفونات، ثم فوجئ بعدها باتصال من الناقد يعتذر له؛ لأن المهرجان اعتبر عرض الفيلم تطبيعًا مع إسرائيل. باغتني عماد برنات سائلًا: طيب ياعزيزي، أنت كاتب سيناريو بذمتك هل تعتقد أنني قدمت في فيلمي عملًا يخدم إسرائيل بأي شكل من الأشكال؟ ارتبكت وبدأت أشرح له أن الأمر معقد وأن هناك ميثاق شرف يمنع أي تواصل مع الإسرائيليين حرصًا على…، فقاطعني بحدة قبل أن يقول لي: وهل كنت تعتقد أن هناك جهة عربية يمكن أن تتعاون معي لإنتاج عمل كهذا، وهل تعاونت مع غيري لكي تتعاون معي؟ ثم تركني ومشى مبتعدًا عني.

بعدها، ونحن نخرج مع السينما، قالت لي الصديقة الأمريكية: طبعًا ستكتب في الصحف عندكم لكي تطالب بعرض هذا الفيلم الذي يخدم قضيتكم الفلسطينية كما لا يفعل أحد آخر، وبالتأكيد ستقود حملة لكي تطالب الحكومات العربية بدعمه لكي يتم عرضه في كل دول العالم، قلت لها: “طبعًا لن أفعل؛ لأنني سأتهم بالتطبيع… انظري، الأمر معقد جدًا ويحتاج إلى شرح طويل”، نظرت إليّ مستغربة وقالت: هل تريد إقناعي أنك يمكن أن تتجاهل الكتابة عن فيلم كهذا تمامًا؟ قلت لها: لا أدري، عندما أحسم حيرتي سأخبرك.

ـ فصل من كتابي (التغريبة البلالية).

النقاش

يحيى يوسف· 3 يوم مضت

لم أشاهد الفلم لكن أعرف بلعين من خلال بعض المقاطع التي صورها عماد وغيره ومن خلال ما ينشره أبناؤها والمتضامنون من أنحاء العالم، مع ذلك لم أسمع عن شهيد اسمه “عبد”، فالشهيد المعروف الذي صُور استشهاده بعد أن طالب الصهاينة بوقف إطلاق النار للسماح لبعض الخراف بالمرور قرب السياج، كان باسم أبو رحمة المعروف بالفيل. أيضا عماد برناط بالطاء.

قرر كثير من الفلسطينيين منذ فترة طويلة مخاطبة العالم الغربي بلغاته وثقافته الحقوقية والإنسانية، وقل اهتمامهم بمخاطبة العرب إما ظنا أن العرب أصحاب القضية مثلهم ويعلمون ما يحصل في فلسطين على الأقل من خلال متابعتهم للأخبار، أو ظنا أن العرب غير قادرين على دعمهم بسبب وجود الحكومات المستبدة. وللأسف تشوهت صورة فلسطين عند كثير من العرب حتى وجدنا من يردد المزاعم والأفكار الصهيونية كأنه المتحدث باسم جيش الاحتلال بينما يبذل نشطاء أجانب أوقاتهم وصحتهم ودماءهم لأجل فلسطين، ووجدنا عربا يبادرون للتطبيع وقنوات عربية تستضيف صهاينة بحجة تقديم الرأي الآخر وشركات داعمة للاستيطان والتعذيب تنشط في البلاد العربية في الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة المقاطعة في الغرب. ولذلك فإن عودة العرب لقضيتهم الأولى صارت أكثر إلحاحا، وإذا كان عرض فلم واحد عن بلدة بلعين ممنوعا لسبب ما، فإن هناك أفلاما أخرى يمكن عرضها مثل فلم بلدة بدرس لجوليا باشا، وفلم الحمد لله اليوم جمعة “Thank God It’s Friday” للمخرج (Jan Beddegenoodts) عن قرية النبي صالح، كما يمكن دعم إنتاج أفلام عن بلدات أخرى مثل الولجة أو كفر قدوم أو العراقيب، وكذلك يمكن إنتاج أفلام تهتم اهتماما حقيقيا بقضايا اللاجئين والمهددين بالإبعاد والأسرى والجرحى والمحاصرين والممنوعين من دخول المسجد الأقصى والممنوعين من زيارة أقاربهم.

 Reply

يحيى يوسف· 3 يوم مضت

إضافة: هناك أيضا فلم “The Wanted 18″ الذي شارك في إخراجه عامر الشوملي، وأفلام تسجيلية كثيرة يعرّف بها موقع http://www.palestinedocs.net

“good kill”.. القتل على المبادئ الدستورية الأمريكية!

بلال فضل – التقرير

منذ أول لحظة في هذا الفيلم، يحرص كاتبه ومخرجه أندرو نيكول على تذكير المشاهد بأن ما سيراه مأخوذ عن أحداث حقيقية، وقعت بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، حين بدأ الجيش الأمريكي في استخدام تكنيك الضربات الجوية الموجهة عن بعد للحرب على الإرهاب، وأن قصة الفيلم وقعت بالتحديد خلال عام 2010، في ظل أكبر تصاعد لعمليات القتل التي تستخدم الدروع الجوية الموجهة عن بعد، لتتيقظ حواسك وأنت تشاهد لقطات مصورة من ارتفاع ساحق، لشوارع قرية في أحد ربوع أفغانستان، مصحوبة بصوت يقول: “البحث عن أهداف معادية”، تبدأ الكاميرا التي نفهم أنها مثبتة في طائرة في الاقتراب أكثر وأكثر من شوارع الرجل، ونرى لقطة مقربة لعين الرجل الذي يقوم بتوجيه الطائرة التي تبحث عن الأهداف المعادية، فيرى في شوارع القرية أمًّا تحتضن طفلها، وأطفالًا يلعبون الكرة، وحافلة مدنية تسير في شوارع القرية، ثم يصل أخيرًا إلى الهدف المعادي الذي يرغب في توجيه الضربة إليه، وهو ليس سوى رجال يقفون في شوارع القرية سويًا، نسمع صوتًا على خط اتصال مفتوح، يؤكد له أن هذا هو الهدف المعادي طبقًا للمعلومات الاستخباراتية، ويأمر بسرعة التنفيذ قبل أن تقترب الحافلة من الرجال فيزيد عدد الضحايا، ينفذ الرجل الجالس خلف الشاشة، ينطلق الصاروخ في خلال عشر ثوان، فيصيب الهدف مباشرة.

حين ينجلي الغبار عن حصاد الضربة الصاروخية التي هبطت من السماء، نسمع صوته ينطق بعبارة “good kill” التي اختيرت عنوانًا لهذا الفيلم الجريء والمهم، ليقول قائده معلقًا على النيران التي يراها مشتعلة أمامه: “لا يسمونها نيران الجحيم دون سبب”، ثم يعلق زميله بفخر شديد: “هذا أفضل استخدام رأيته اليوم لمبلغ 68 ألف دولار من أموال دافعي الضرائب”، في إشارة إلى قيمة الصاروخ الذي تم إطلاقه على الأعداء المفترضين، في حين يبدأ زميل آخر في عدّ الضحايا الذين أسفر عنهم التفجير، ينهض منفذ الضربة ليغادر الشاشة، ويخرج من المكان الذي نكتشف أنه ليس سوى مقطورة في قاعدة جوية في صحراء نيفادا، على مقربة من مدينة لاس فيجاس الشهيرة، يركب سيارته متجهًا إلى منزله ليستأنف حياته العادية.

في السوبر ماركت الذي يتوقف فيه في طريقه إلى البيت لإحضار بعض الطلبات، يقول له العامل مشيرًا إلى زيه الرسمي: “هل هذا حقيقي؟”، فيرد بلهجة لا تخلو من السخرية: “فجرت ستة من رجال طالبان اليوم وها أنا عائد إلى البيت لعمل حفلة شواء”، يظن العامل أنه يمزح، يهز منفذ الضربات الجوية رأسه دون اكتراث، ويتحرك عائدًا نحو بيته، ليشهد فور دخوله أزمة بين زوجته وابنه بسبب مشكلة يواجهها الولد في المدرسة، يطمئن على ابنته، يبدأ في الشواء، وفي المساء تحاول زوجته الجميلة إغراءه، فلا تجد منه تجاوبًا، فتقول له: “تبدو على بعد أميال من هنا، ربما سبعة آلاف ميل”، يتجاهل الدعابة ويغادر الفراش ليوجه لها رسالة بأنه غير مهتم، لنعرف فيما بعد أنها لمست وترًا حساسًا لديه، ونفهم من هذه المشهد أن السعادة التي نتوقعها في بيت مريح وفخم كالذي يسكنه البطل، ليست موجودة على الإطلاق.

مع توالي أحداث الفيلم، ندرك أن مشكلة بطل الفيلم الميجور توماس إيجان، والذي لعب دوره بجدارة الممثل إيثان هوك، ليست في أنه يمارس القتل، كما نتخيل في البدء، بل في أنه لا يجد متعة في القتال عن بعد، فقد كان طيارًا حربيًا مشهودًا له بالكفاءة على طائرة إف 16، وخاض أكثر من مئتي طلعة جوية في العراق وأفغانستان، قبل أن يستقر به المقام في قاعدة كهذه، لكي يضرب الأهداف المعادية عن بعد، وبشكل يعتبره إهدارًا لطاقته ومهاراته القتالية، في مشهد مبكر في الفيلم، نراه يناشد قائده أن يعيده ثانية إلى الطيران الحربي، فيقول له قائده ساخرًا: “أعرف كيف تشعر، الأمر أشبه بالانتقال من سيارة فيراري إلى سيارة فورد فييستا، لكن عليك أن تتقبله”، لكنه يعده بأنه سيحاول، وبعد قليل نعرف أنه كان يكذب عليه؛ لأنه لا يستطيع التفريط فيه، فهو الوحيد من منفذي الضربات الجوية، الذي لا يحتاج لأن يشعر بأنه موجود بالفعل في سماء أفغانستان، وهو يقوم بتنفيذ الضربات الجوية عليها؛ لأنه كان بالفعل في سماء أفغانستان يومًا ما؛ ولذلك فهو يؤدي بكفاءة منقطعة النظير، ولكي يرينا ندرو نيكول مدى قوة مشاعر الحنين التي يحس بها بطله إلى مقعد الطيار المقاتل، يجعلنا نراه يحلم بتلك العودة إلى مقعد الطيار المقاتل، مؤديًا طلعات شديدة المهارة، وحين يستيقظ من نومه، نراه يقف بسيارته أمام طائرات مقاتلة مركونة على أرض القاعدة الجوية، ناظرًا إليها بأسى، كأنه يرى فيها مستقبله الشخصي، إذا قرر أن يواصل التمرد على قدره، وظني أن اختيار أندرو نيكول لتنفيذ هذا المشهد، لم يكن بسبب رغبته في إحداث إبهار فني يزيد من تميز الفيلم؛ بل لكي يساعده أكثر على تقديم شخصيته للمشاهد بوصفه شخصًا ليس ضد الحرب، بل هو ضد القتال عن بعد، وأنه ينتمي إلى المدرسة القديمة من المقاتلين، لكي نصدق أزمة الضمير التي سيعاني منها فيما بعد أكثر.

في مشهد محوري نرى القائد الذي يلعب دوره الممثل المخضرم بروس جرينوود، وهو يلقي كلمة حماسية على الدفعة الجديدة التي تم تجنيدها، للبدء في التدريب على تنفيذ الضربات الجوية عن بعد، وقد أحاطت بهم الدروع الجوية التي تطير بدون طيار، قائلًا لهم بصرامة وجدية: “الطائرات التي تحيط بكم ليست مستقبل الحرب، هي الواقع اللعين الموجود الآن بالفعل، في أي وقت في النهار أو في الليل، توجد دستة منها تحلق في السماء، وأغلبها يطير فوق جنة عدن التي يسمونها أفغانستان، ومن شدة نشاطها بدأ البعض يعتبرها طائرنا الوطني الجديد -في إشارة منه إلى النسر الأمريكي الشهير-، أعلم أننا نواجه بخراء كثير من قبل الرأي العام بخصوص هذا البرنامج، وقد سمعت كل تلك الجدالات العقيمة والهجمات السخيفة التي تتهمنا في القوات الجوية بأننا نخوض حربًا كألعاب الفيديو، كل ذلك الكلام لا طائل من ورائه؛ لأن القوات الجوية تأمر بتصنيع طائرات كهذه الآن، أكثر بكثير من الطائرات القتالية التقليدية، هذه الطائرات أو الدروع الجوية أو سموها كما تشاؤون، لن يتم إيقافها؛ بل ستكون موجودة في كل مكان، لا أريد أن أنمق كلامي بعبارات من نوعية ملاحقة الهدف أو القضاء على التهديد، أو ما إلى ذلك، من الآخر نحن نقتل أناسًا بهذه الطائرات؛ ولذلك يجب أن أذكركم كل يوم بأن هذا ليس بلاي ستيشن لعين، بغض النظر عن أننا لم نعترف في الصحافة بأننا قمنا بتجارب المحاكاة على ألعاب إكس بوكس، وأن نصفكم تم تجنيده من المولات؛ لأنكم بارعون في الألعاب، لكن تبقى الحقيقة أن من يطلق الزناد أولًا سيفوز في الحرب، لكن سيكون عليكم وأنتم تضغطون على الزناد هنا، أن تتذكروا أن ما تفعلونه حقيقي، وأن ما ستفجرونه لن يكون مجرد صور رقمية، بل سيكون لحمًا ودمًا لعينًا”.

مع تطور أحداث الفيلم، يظل الفيلم مقسمًا بين مكانين رئيسين: المقطورة التي يتم توجيه الضربات منها في القاعدة الجوية، والأرض المستهدفة في ربوع أفغانستان، لتتطور مع الوقت علاقة بين الميجور توماس إيجان، وبين الشخصيات التي يراها على الأرض من خلال كاميرات الدرع الجوي الموجّه، لتصل العلاقة إلى تعاطف مع بعض تلك الشخصيات، تعاطف لا يشعر به مع زوجته التي تعيش إلى جواره، لكنه يشعر بغربة شديدة عنها، تزداد كل يوم، بسبب عدم سيطرته على مشاعره الغاضبة من نقله إلى هذه الوظيفة التي فقد معها روحه وقدرته على السعادة؛ لأنه أصبح ببساطة “طيارًا لا يطير”؛ ولذلك فهو لا يشعر بأي تقدير لمهنته، كالذي يشعر به ضابط المرور الذي يرفض تحرير مخالفة له، حين يقود سيارته وهو سكران، تقديرًا منه لاشتراكه في الحرب على الإرهاب.

ينجح الفيلم في تصعيد التوتر الشخصي الذي يشعر به الميجور، وربطه بعدم رضاه عن تفاصيل المهمات التي يقوم بها، وعدم ثقته في المعلومات الاستخباراتية التي يتم القصف بناءً عليها، والتي تؤدي أحيانًا إلى ارتكاب كوارث مثل قتل أطفال يمرون بالمكان الذي تم تفجيره بالصدفة، ومع الوقت يتضافر التوتر الشخصي الذي يعيشه في حياته، بإدراكه أن القتل الذي يقوم به قد يكون قتلًا جيدًا من الناحية التقنية، لكنه ليس قتلًا جيدًا من الناحية الأخلاقية أبدًا؛ حيث يجد نفسه مضطرًا لقصف الجرحى، لمجرد تنفيذ أوامر استخباراتية جاءته، برغم إدراكه خطأ ذلك القرار، لكنه يظل مجبرًا على تنفيذه، يحاول مغالبة تأنيب الضمير الذي يشعر به دون جدوى، حتى إنه يذهب في مشهد عابر إلى المركز الإسلامي الموجود في مدينة قريبة، لكي يرى مواطنين مسلمين أمامه، كأنه يذكر نفسه بأن من قام بقصفهم بشر مسالمون مثل هؤلاء، ومع تصاعد أزمته الداخلية بسبب مطاردة وقائع القتل التي ارتكبها له، والتي كان من بينها قيامه بتفجير منزل تعيش به عائلة أحد قادة طالبان، ثم تفجير جنازة العائلة دون أدنى رحمة؛ ولذلك يتخذ في نهاية المطاف، قرارًا خطيرًا على المستوى الشخصي، قد لا يغير به الكثير مما يجري، لكنه يحقق له انتصارًا شخصيًا بسيطًا؛ إذ يصنع لنفسه “قتلًا جيدًا” حقيقيًا، ويحقق رغبته المتزايدة في التمرد على النظام الذي يعمل في خدمته، حتى لو كان ذلك سيفضي به إلى خسارة كل شيء.

في (قتل جيد) ينجح الكاتب والمخرج النيوزيلندي الأصل أندرو نيكول في تطوير رسالته الفنية المناهضة للحرب، والتي كان قد عبر عنها بشكل أقل تميزًا، في فيلم سابق هو “سيد الحرب” من بطولة نيكولاس كيج وإيثان هوك، والذي قدم من خلاله صورة مقبضة لتجارة السلاح في العالم، ينجح أندرو نيكول هنا أيضًا في التعبير بشكل مختلف عن هَمّ أثير لديه، هو هَمّ علاقة التكنولوجيا بحياة البشر، والذي ستعرف أنه هم يشغله كثيرًا، لو كنت قد شاهدت أفلامه السابقة، وعلى رأسها الفيلم العبقري (ترومان شو) الذي كتبه وأخرجه المخرج الكبير بيتر وير، بعد أن رفض المنتج سكوت رودين إسناد مهمة الإخراج إليه، وكذلك أفلام (جاتاكا ـ سيمون ـ إن تايم ـ ذي هوست) التي كتبها أندرو وأخرجها، والتي تتنوع في موضوعاتها وطريقة معالجتها، لكن هَمّ التفكير في علاقة التكنولوجيا بالإنسان والتفكير في علاقة الإنسان بالزمن، يظل جامعًا بين كل هذه الأفلام الممتعة والمثيرة للاهتمام؛ ولذلك لن تستطيع وأنت تشاهد قيام بطل الفيلم بتوجيه الضربات المميتة من خلف شاشته، أن تطرد من ذهنك، صورة الممثل القدير إيد هاريس في فيلم (ترومان شو)، وهو يقوم بالتحكم  من خلال الشاشة أيضًا، في حياة بطله المصنوع ترومان بوربانك (جيم كاري)، لكن ما يقوم به الميجور توماس إيجان هنا، ليس توجيهًا للحياة، بل سعيًا لإنهائها، كما أنه هذه المرة هو الذي يتمرد، وليس الذي يكافح التمرد، ولأن مساحة الحركة هنا أضيق بكثير من المساحة التي كانت متاحة مثلًا في فيلم (سيد الحرب)؛ فإن أندرو نيكول يبرع في هذا التحدي، من خلال تصعيد الحدث الدرامي بشكل محسوب وذكي، مستعينًا بقدرات ممثليه البارعين، وعلى رأسهم ممثله المفضل إيثان هوك، والممثلتان جانيوري جونز التي لعبت دور الزوجة التي تعاني من تقلبات زوجها، وزوي كرافيتز التي لعبت دور الشريكة التي تشاركه هموم العمل التي لا تشعر بها زوجته أقرب الناس إليه، والتي كان يفترض أن يكون أسعد الناس بجمالها ومحبتها، لولا معاناته من خوائه الداخلي الذي يزداد كلما زاد القتل الدامي الأهوج الذي يمارسه ببراعة، من أجل حماية المبادئ الدستورية الأمريكية السامية.

إذا وجدت نفسك عقب مشاهدة فيلم (قتل جيد) تسأل: لماذا يسمح الأمريكان أصلًا بإنتاج فيلم يحكي عن الجرائم التي ترتكبها الضربات الجوية الموجهة عن بعد في مناطق متفرقة من العالم، ويقدمها في سياق يدينها ويكشف خطورتها وأخطاءها؟، هل هناك تنسيق لإنتاج فيلم مثل هذا لتجميل وجه أمريكا أو للتنفيس عن المشاعر الغاضبة؟، فأنت بالتأكيد لم تشاهد عددًا كبيرًا من الأفلام والبرامج التسجيلية التي ناقشت نفس الموضوع وبتفاصيل أشد خطورة؛ بل وقام بعضها مثل فيلم (حروب قذرة) الذي تحدثت عنه من قبل، بإظهار صور أحد كبار الجنرالات الأمريكيين بوصفه مطلوبًا للعدالة، بسبب تورطه في واقعة قتل جماعي في أفغانستان، ومع ذلك لم يتم منع الفيلم من العرض ولا تقديم صنّاعه للمحاكمة العسكرية بتهمة السعي لإسقاط أمريكا وتحريض الإرهابيين عليها؛ بل وتم بدلًا من ذلك ترشيح الفيلم للقائمة القصيرة في جائزة أوسكار أحسن فيلم تسجيلي، بدلًا من تجاهله والتعتيم عليه، مع العلم أن مجرد وصول الفيلم إلى تلك القائمة يلفت الانتباه إليه ويزيد فرصه في الرواج والانتشار.

وإذا اخترت ألا تغرق في نظرية المؤامرة، وقررت ألا تنكر شجاعة فنانين قرروا اقتحام هذه المناطق الشائكة، بدلًا من أن يسبحوا في نعيم “المين ستريم”، ويغازلوا رغبة الجمهور المتعطش للبحث عن البطولات كما فعل صناع فيلم “قناص أمريكي”، فربما كان ينبغي أن تسأل أسئلة أخرى أكثر تركيبًا: طيب إذا سلمنا بشجاعة هؤلاء الفنانين واستقلاليتهم، وأقررنا بوجود مساحة واسعة لحرية التعبير انتزعها نضال الفنانين والمثقفين الأمريكان عبر السنين، فما الذي يغيره عرض أفلام من هذا النوع في حقيقة الأمر؟، هل سيتوقف “القتل الجيد” الذي تمارسه أمريكا كل يوم دون حسيب ولا رقيب؟، هل ستتم محاكمة الذين تورطوا في جرائم عبر الضربات الجوية المحمولة وغيرها من الجرائم التي تتحدث عنها الأفلام الروائية والوثائقية والتحقيقات الاستقصائية؟، ومع أن الإجابة المثلى على سؤالك هو أن هذا ليس دور الفن أو الصحافة؛ إلا أن واقع الأمر يكشف أن مثل هذه المجهودات سواءً كانت من خلال أعمال سينمائية أو تليفزيونية أو صحفية أو أدبية، تلعب دورًا شديد الأهمية في دفع الرأي العام لتحجيم هذه الجرائم، ولا أقول إنهاءها؛ لأنها لن تنتهي بسهولة، فالتنوير الذي تقدمه هذه الأعمال والذي يكشف الكثير من الحقائق للرأي العام، وبحكم أننا نتحدث عن بلاد بها مجال سياسي مفتوح، وبها آليات للضغط على صناع القرار، يمكن أن تحدث الكثير من الأثر، أيًا كانت أوجه قصورها، فإن هذه الأعمال تتخطى دور التنوير إلى دور تحريض ضمير المواطن ألا يكتفي بالفرجة والأسى، وأن يتحرك للضغط على ممثليه النيابيين لكي يحاسبوا ويراقبوا ويتخذوا تحركًا سريعًا؛ ولذلك لا أستطيع أن أتجاهل دور الأعمال الفنية والصحفية والأدبية في السعي من أجل إصدار تقرير الكونجرس الأمريكي الشهير، عن وسائل التعذيب غير القانونية التي استخدمتها المخابرات المركزية الأمريكية، والذي لو لم تكن قد مهدت له تلك الأعمال الطريق لما حظي بكل هذا الاهتمام الشعبي حين صدوره، وهو ما أتوقع أن تحدثه في المستقبل الأعمال المتزايدة التي تتحدث عن خطورة الضربات الجوية الموجهة عن بعد، ودورها في صناعة المزيد من الأعداء لأمريكا عبر العالم.

لكن، هل لاحظت أنني احترمت العشرة التي بيننا، ولم أذكرك بأنك لو سألت كل هذه الأسئلة لمواطن أمريكي، لأحرجك وسألك: طيب، دعك من التساؤل والتشكيك الذي ترغب في طرحه حول دور الفن في بلادي، وقل لي ماذا عن بلادك أنت؟

التقرر الإلكترونية في

01.05.2015

 
 

وحيد حامد تحاوره انتصار دردير ويرد على أسئلة «سينماتوغراف» الصعبة:

هل يتعاون مع السبكى؟، وهل يلتقى ومروان حامد بعد «عمارة يعقوبيان»؟،

وهل يحصل على ضمانات رقابية فى أفلامه؟، ومتى يفرج عن فيلم الثورة؟

السينما هى معشوقته التى منحها أجمل وأجرأ أفكاره، فكشفت لنا كثير من المواقف الملتبسة وأضاءت لنا دروب العتمة، وأضافت لحياتنا أبعادا جديدة، وحيد حامد هو أحد عشاق السينما الكبار، بدأها كاتبا وخاضها منتجا فقدم لها عشرات الأفلام الجريئة التى فجرت قضايا عديدة، وكانت بمثابة صرخة مدوية ضد الفساد والارهاب وتغول السلطة، كثيرا ما اصطدمت  أفكاره بالرقابة، لكنها انتصرت فى النهاية، فهو لايقبل أى تنازل فيما يكتب ويؤمن به، وقد منح السينما عمره، ومنحها إبنه الوحيد المخرج الشاب مروان حامد الذى تفتحت مداركه على حب السينما.

وحيد حامد تجربة استثنائية فى السينما المصرية، اذ تبقى أفلامه تعبر بشكل صادق عن هموم وأوجاع المجتمع، وتضعنا فى مواجهة عاشق فريد للكتابة والسينما منذ أول أفلامه «طائر الليل الحزين» وحتى أحدثها «قط وفار».

على طاولة بأحد فنادق الخمس نجوم تتدفق دوما أفكاره، يمنحه النيل المتدفقة مياهه أمامه احساسا باستمرارية الحياة، يحب الكتابة وسط الناس لأنه يكتب عنهم ولهم، يجلس وحيد حامد وأمامه عشرات الأوراق والأقلام وحقيبة جلدية و«آى باد» لايستخدمه فى الكتابة فهو يكتب بخط يده وبطريقة منمقة، قليلا مايشطب، تبدو أفكاره طيعة وهى تعانق الأوراق، كجنين اكتمل نموه وصار يتعجل مصافحة النور، ورغم أنه يعكف على كتابة الجزء الثانى من مسلسل «الجماعة»، لكن السينما هى الحاضرة فى حوار «سينماتوغراف» معه.

·        هل خرجت السينما ولم تعد؟ هل باتت تائهة بين تجارب مستقلة تحاول الوصول للجمهور وبين صيغة تجارية يقبل عليها الجمهور؟ وأين اختفت السينماالمصرية الجميلة الهادفة؟ أسألك عن السينما التى عرفتها وأحببتها وتأثرت بها مع أجيال عديدة فى مصر وسائر الأقطار العربية؟.

السينما تحتاج لمن يخرجها من عثرتها، هكذا يبادر مستطردا: اذا كانت السينما سلعة، فإن الحالة العامة فى المجتمع تجعل الناس عازفة عنها، فالرواج السينمائى مفقود حاليا، وحين يستعيد المجتمع عافيته، سوف تزدهر السينما ويعود الناس اليها، السينما انعكاس لحالة المجتمع، وقد عرض لى منذ شهور فيلم «قط وفار» فى وقت ملتبس، كانت هناك تهديدات طالت دور العرض السينمائى، وقد تابعت ردود فعل جيدة للفيلم من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماع ، ومن نقاد السينما أيضا، وعندى تجربة مختلفة فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة » الذى لم يحقق نجاحا تجاريا عند عرضه السينمائى لكنه حين عرض تليفزيونيا حقق نجاحا غير عادى وأصبح أيقونة سينمائية.

·        لكن تراجع السينما المصرية يقابلها فى ذات الوقت تجارب عربية ناجحة؟

السينما العربية سينما ناهضة لكن بعض النقاد عندنا يعطونها أكثر من حقها لأسباب غير مفهومة بالنسبة لى، فيبالغون فى رؤيتهم، والمبالغة تضر لكن الموضوعية قد تفيدها أكثر، والسينما فى النهاية للناس، الفيلم الناجح هو الذى يستطيع أن يصل برسالته الى الناس.

·        هل تعنى النجاح الجماهيرى؟

بالطبع لا، فهناك أفلام تجارية تحقق رواجا جماهيريا، لكن لاينطبق عليها ما أقوله، أقصد وصول رسالة العمل الفنى للجمهور.

·        هناك من يرى فى استمرارية الأفلام التجارية الهابطة التى أنتجها السبكى وغيره بقاء لصناعة السينما.. فكيف تراها أنت؟

يعمل بصناعة السينما آلاف من الفنيين والعمال والمساعدين بل وحتى الممثلين، هؤلاء جميعا حين تتوقف الصناعة كيف سيعيشون، أما مسألة جودة الأفلام والذوق العام، فأن فى امكان السبكى أن ينتج أفلاما جيدة، وأنا شخصيا حين كنت رئيسا للجنة تحكيم المهرجان القومى قبل عامين منحنا كلجنة تحكيم جائزتين لأحد أفلام السبكى احداهما للمخرج هادى الباجورى والأخرى للانتاج، وأرى أن الذى ينتج فيلما ضعيفا يستطيع أن ينتج فيلما جيدا، وكان المنتج رمسيس نجيب هو أفضل من يفعل ذلك، فكان ينتج أفلاما لاسماعيل يس وينتج أفلاما لفاتن حمامة، المشكلة أن الغالب فى انتاج السبكى أفلام قليلة التكلفة تعتمد على الموضوعات الشعبية، وأظن أن هذا المخزون  قد انتهى.

·        من هذا المنطلق هل تقبل تعاونا سينمائيا مع السبكى؟

أظنه من الصعب أن يحدث ذلك لسبب بسيط، أننى أتعامل مع سيناريوهات أفلامى معاملة الأب لأبنائه، لاأحب أن يربيه غيرى، لكن السبكية يهيمنون على الفيلم بشروطهم، وأنا أحب أن أضمن لفيلمى ظروف انتاجية جيدة لا أتنازل عنها، وقد دخلت مجال الانتاج لرفضى محاولة عبث بمشهد أكتبه، فقد كتبت مشهدا لفيلم «اللعب مع الكبار» يتضمن ركوب عادل إمام وحسين فهمى «التروماى» وجاءنى المنتج وقال: ما رأيك أن نجعل البطلين يلتقيان على المحطة بدلا من أن يستقلا الترماى توفيرا للنفقات، فقررت انتاج الفيلم لأن عينى ظلت دوما على الصورة السينمائية، فما بالك الآن، فأول شرط لى مع أى منتج هو أن ينفذ رؤيتى كاملة، فلو كتبت أن المشهد يحتاج 100 كومبارس، فلا أقبل تنفيذه بأقل من ذلك.

·        لكن تجربة الانتاج استهوتك بعد ذلك فأنتجت أفلاما أخرى؟

اطلاقا لم تستهونى، لكن هناك أفلاما وجدتنى مدفوعا لانتاجها وهى تحديدا: طيور الظلام، النوم فى العسل،  المنسى، سوق المتعة، اضحك .. الصورة تطلع حلوة، الى جانب اللعب مع الكبار، وكان كل همى أن يظهر كل فيلم كعمل فنى متكامل وأن أنفق ميزانية الفيلم على الفيلم وأكتفى بأجرى كمؤلف، لذلك لم  أكسب ماديا من أفلامى.

·        ولماذا أوقفت نشاطك تماما كمنتج؟

هذا وجه آخر للانتاج، فقد عطلنى عن الكتابة، ثم الضرائب التى تتعامل مع الناس من منطلق أنهم متهربون بطبيعتهم، ومهما سعيت لاثبات العكس لن يصدقوا ، لذلك أوقفت نشاط شركة الانتاج.

·        أفلامك إصطدمت دوما بالرقابة لكنها خرجت منتصرة عليها ، مما جعل البعض يؤكد أنك تحصل على ضمانات من جهات تفوق الرقابة؟

حقيقة الأمر أنه ظلت لأفلامى حماية، وهى متاحة لكل الناس وأعنى بها قانون الرقابة نفسه فهو منصف جدا للمبدعين، ومن يدرس قانون حق المؤلف يعرف يأخذ حقه، فالرقابة وفقا للقانون ليس من سلطتها تعديل السينارية والمادة 7 من قانون حق المؤلف تقول أن المؤلف هو صاحب الحق الوحيد فى مصنفه الفنى ولايجوز لغيره التدخل بالحذف أو الاضافة، واذا رفضت الرقابة العمل فهناك لجنة تظلمات وهناك محاكم، لكن المشكلة أن بعض المؤلفين لديهم استعداد دوما للتنازل و«نفسهم قصير» فى الدفاع عن أعمالهم وربما كان جهلهم بالقانون سبب ذلك.

·        لكن فيلما الغول والبرئ، وهما من أهم أفلامك تعرضوا لأزمات رقابية عصفت بهما؟

فى «الغول» كتبت الرقابة تقريرا كاد يحيلنى الى حبل المشنقة، ولم أتاجر فى أى يوم بموقف الرقابة كما يفعل البعض، أما «البرئ» فهو من أكثر الأفلام التى تعرضت لمجزرة، ولم يكن ذلك بفعل الرقابة فقد أجازته كاملا السيدة نعيمة حمدى مدير الرقابة فى ذلك الوقت، لكن الفيلم تعرض لوشاية من أحدهم قدم شكوى للأجهزة الامنية وتحدد يوما لكى يشاهده وزير الداخلية اللواء أحمد رشدى والمشير أبو غزالة وزيرالدفاع وفاروق حسنى وزير الثقافة، وخشى المنتج صفوت غطاس من رفض الفيلم، فقام بنفسه بحذف لقطات ومشاهد، وكان لديه مايبرر ذلك وهو رغبته فى عرض الفيلم خوفا على فلوسه، وطبعا كان معه حق لأن المنتج حين يدفع تمويلا لعمل يريد أن يسترده بسرعة، وهذا الفيلم كان من الأفلام شديدة الجرأة، وأفلامى لايمكن أن تساندها حكومة.. فهل هناك حكومة توافق على فيلم يكشف عوراتها ويهاجمها.

·        فى معارك أفلامك وقف أغلب النقاد فى صفك؟ فهل كان ذلك يمنحها قوة أخرى فى مواجهة أى تعنت؟

طوال عمرى أستفيد برأى النقاد، سواء كان معى أم ضدى، والناقد يكتب وجهة نظره وقد تكون صحيحة أولا، وقد يعجب الفيلم أحد النقاد ولا يعجب الآخر، ولم يحدث طوال عمرى أن عاتبت ناقد لهجومه أوشكرت آخر لمدحه فيلمى، فقد تعلمت الاستفادة من الأراء التى مع أو ضد الفيلم لكن يبقى العنصر الأهم عندى فى  مدى استقبال الجمهور الواعى للفيلم.

·        لماذا اكتفيت بفيلم واحد فقط مع ابنك المخرج الشاب مروان حامد بعد تعاونكما فى تجربة ناجحة للغاية من خلال فيلم «عمارة يعقوبيان»؟

لست أنا من إختار مروان ليخرج «عمارة يعقوبيان» بل إختاره عماد أديب منتج الفيلم، وانا أفضل أن يغرد ابنى فى أى سرب يلائمه، وأتعامل معه مثل تعاملى مع أى مخرج، فاذا وجدت نصا يناسبه فقد أعرضه عليه وهو من حقه أن يقبل أو يرفض، وهناك مشروعات اتفقنا عليها وحال إنشغالى دون إتمامها فنفذها مع آخرين.

·        وكيف ترى النجاح الكبير الذى حققه فيلمه «الفيل الأزرق»؟

كلما سأنى أحدهم عن رأيي فى الفيلم أقول شهادتى مجروحة فكيف أقيم إبنى، لكننى فى الحقيقة كنت سعيدا للغاية بنجاحه، وسعيدا أكثر لكونه محل احترام وتقدير من العاملين فى الوسط الفنى الذين يشيدون بأخلاقه وموهبته.

·        ومتى تفرج عن أفكارك المؤجلة ؟

ليس عندى أفكار أغلق عليها أدراج مكتبى، بالعكس ففى هذه الأيام المرتبكة التى نعيشها يجب اذا كان لدى أى أحد شئ طيب ان يدفع به الى الساحة، ليستفيد منه الناس.

·        هل نتوقع قريبا أن تفاجئنا بفيلم عن ثورة المصريين من يناير 2011 الى يونية 2013؟

حينما تتضح الأمور كلها سأكتب عن هذا الحدث الكبير، فمع كل يوم يمضى تتكشف وقائع كنا نجهلها، لذا فالتمهل ضرورة لتكوين رؤية ثاقبة، أما التسرع فى تناولها عبر أفلام فهى مثل «رغوة الصابون» سرعان ما تنقشع ولايبقى شيئا منها فى الذاكرة.

فاروق صبري: 74 قناة تسطو على الفيلم المصرى

القاهرة  ـ «سينماتوغراف»: محمد البحيرى

أكد المنتج فاروق صبري رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة السينما، أن الغرفة قررت تشكيل لجنة مشتركة مع نقابتي الممثلين والمهن السينمائية للعمل على دعم صناعة السينما في مصر، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن اللجنة ليس لها علاقة بأزمة قرصنة الأفلام المصرية، قائلا : «النقابات ليس لها علاقة بالدعوى المقدمة ضد قرصنة الأفلام، ولكن الغرفة وحدها هي التي تحارب لإنهاء هذه الأزمة».

وأشار صبرى فى تصريحات خاصة لـ«سينماتوغراف» إلى أنه أجرى اتصالات مع المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بشأن أزمة القرصنة، حيث حاول محلب حلها وأتصل بالسلطات الأردنية والبحرينية لإغلاق المكاتب التي تقوم بسرقة الأفلام، وبالفعل أغلقت مكاتب معينة ولكن تم فتحها في دول أخرى ولم تنتهي الأزمة بعد.

وأضاف رئيس غرفة صناعة السينما أن القنوات التي تسرق الأفلام لم تكن تزيد عن 20 قناة، أما اليوم فوصل عددها إلى 74 قناة تسطو على الأفلام المصرية وتسبب خسائر بالملايين، متسائلا هل هذه الممارسات تجرى باتفاق مع النايل سات أم ماذا؟ّ مشيرا إلى أن القمر الفرنسي يساعد هذه القنوات في بث الأفلام المسروقة.

وأكد صبري أن الأزمات والصراعات التي تمر بها سوريا والعراق وليبيا، أثرت سلبا على إيرادات الأفلام المصرية من السوق الخارجى، وذلك بجانب سرقة الأفلام وعرضها على الفضائيات، مشيرا إلى أن اتصالات مكثفة تقوم بها الغرفة مع رئيس الوزراء المصري خلال الفترة المقبلة للعمل على إنهاء هذه الأزمة.

هوليوود تغازل النساء لضمان تأثيرهن في إيرادات شباك التذاكر

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

يبحث مخرجو الأفلام السينمائية الكبرى – بما فيها فيلم «حرب النجوم» و سلسلة أفلام «مارفل» – عن وسيلة لجذب جماهير الجنس اللطيف ليشاهدوا أفلامهم أكثر من أي وقت مضى، كما يقول الناقد الفني توم برووك.

هل نظرت حولك وأنت تشتري بطاقة لدخول قاعة سينما مؤخراً؟ إذا كنت فعلت ذلك فلعلك لاحظت أن الهوّة التي تفصل بين الجنسين تتقلص. فقد أصبح للنساء تأثير فاعل أكثر مما مضى على مبيعات تذاكر دخول السينما.

في عطلة نهاية الأسبوع الأخير من شهر إبريل، حقق فيلم «المنتقمون: عصر ألترون» في أمريكا الشمالية 191 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ كبير جدا. وبهذا يكون الفيلم هو ثاني أكبر افتتاح لأفلام هوليوود في شباك التذاكر الأمريكية على الإطلاق.

ومما لا شك فيه، يعود معظم هذا النجاح إلى أفواج رواد السينما من المراهقين الذكور الذين اختاروا ذلك الفيلم. لكن ثمة ثورة مصغرة تقودها النساء تحدث في طبيعة جمهور شباك التذاكر.

كانت الظاهرة تلفت الانتباه بشكل خاص في الربع الأول من هذه السنة في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما شكلت النساء ما لا يقل عن 60 في المئة من مشاهدي ثلاثة أفلام، هي «50 ظلا من الرمادي»، و«سندريلا»، و«المتمردة»، وهو الجزء الثاني لفيلم «دايفرجنت»، وقد تجاوز مجموع دخل الأفلام الثلاثة مبلغ 480 مليون دولار في أمريكا الشمالية حتى الآن، وهذا له دلالات مهمة.

«لقد أثبتت تلك الأفلام أن للنساء أهميتهن الكبرى في شباك التذاكر»، حسبما يقول بول ديرغارابيديان، محلل إعلامي لدى شركة «رينتراك» المختصة بدراسة وتحليل شباك تذاكر السينما.

يمكن حاليا إدراك القوة المتنامية لجمهور النساء عبر مجمل مجالات الإعلام – إضافة إلى قدرتهن على جعل الأفلام تلبي متطلبات النسوة وجوانب أخرى أبعد من ذلك.

يقول الممثل البريطاني مايكل شين: «تركز ريس ويذرسبون حقاً على خلق مزيد من الأدوار لنفسها ولغيرها من النساء». ويعتقد شين أن النساء يحرزن تقدماً في هذا الإطار. ويضيف قائلاً: «أظن أن تركيبة الجمهور تتغير (وبالتالي) فأي شيء لا يتعلق برجال بيض البشرة في منتصف العمر يمكنه أن يحقق نجاحاً كبيراً أيضاً».

إن قدرة النساء على توجيه دفة شباك التذاكر ليست أمراً مدهشاً بالنسبة للممثلة القديرة كاري موليغان، فهي تعتقد أن الاستديوهات تباطأت في إستثمار نفوذ النساء ومقدرتهن. وتقول: «أعتقد أن هوليوود تعمل بطريقة أو بأخرى للحاق بالركب قليلاً. فقد تأكد ذلك مراراً وتكراراً خلال العامين الماضيين، وخاصة مع جينيفر لورنس في فيلم«مباريات الجوع» (أي يمكن للأفلام التي تلعب فيها النساء دورا رئيسياً أن تلاقي نجاحاً كبيراً) ».

وتضيف: «إنه واحد من أكبر أفلام العقد الماضي. إنها نجمة، وهي التي تستقدم حشود المشاهدين. لذا، يمكننا بالتأكيد أن نجذب جماهير غفيرة من رواد السينما. ويعود القرار لهوليوود إذا كانت قد استوعبت ذلك لتلحق بالمسيرة، وأن توفر المواد للمهتمين بالأمر».

سيشهد الصيف القادم سيلاً من الأفلام التي تستهدف النساء: فهناك أفلام كوميدية مثل فيلم «المطاردة» و«طبقة الصوت المثالية 2»، و «الجاسوسة»، إضافة إلى الفيلم الرومانسي «مدن الورق».

ما السبب في بطء صناعة الأفلام الأمريكية في تلبية رغبات الإناث من جمهور المشاهدين؟، وهل يكمن السبب في التمييز بين الجنسين؟ يقول ديرغارابيديان: «أعتقد أن ذلك يعود جزئياً إلى أن (التفكير التقليدي) قد عمد دوماً (للميل في هذا الاتجاه)… أي نحو الاعتقاد بأن الذكور من المشاهدين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاماً، يشكلون الغالبية من رواد السينما وخاصة خلال فصل الصيف».

إلا أن هذه الفكرة صارت تُهمل. ويضيف قائلاً: «الأرقام لا تكذب. في نهاية المطاف، يلجأ أصحاب الاستديوهات إلى ذرائع، بينما الأرقام واقعية – فهم يدركون إنهم إذا أرادوا دفع أعداد كبيرة من الزبائن إلى قاعات السينما، فيتوجب عليهم خلق مادة سينمائية تخص شريحة سكانية ذات نفوذ قوي، ألا وهي جمهور المشاهدات».

في أوائل هذا العام، ساور القلق أصحاب الاستديوهات بسبب تعثر العديد من الأفلام التي إستهدفت الشبان – من بينها «تشابي» و «صعود جوبيتر» و «المسلّح». لكن التحدي الكبير حالياً هو البدائل التي تفرض نفسها بوجودها في بيوتنا والتي تنافس من أجل جذب انتباه هذه التركيبة من الجمهور.

يقرّ ماثيو بَير بأنه «ما من شك في أن ألعاب الفيديو وخدمات الفيديو عند الطلب قد استهوت الكثيرين من الشبان واهتماماتهم بدلاً من الذهاب إلى قاعات السينما». وبَير هو مخرج فيلم «آرنولد شوارزنجر» المقبل الذي يحمل اسم«ماغي».

لا زال جمهور المشاهدين الشباب يحضرون أفلاماً نالت شعبية لديهم مثل «حرب النجوم» و «المنتقمون»، ولكنهم يمثلون مجموعة يصعب إرضاؤها. يقول بَير : «المعضلة هي، كيف يمكنك أن تدفع الشبان إلى قاعات السينما ليحضروا أفلاماً غير أفلام الرعب، أو أفلاما ذات مشاهد تبهر البصر، وأن يغيروا أذواقهم؟».

أما الممثلة كاري موليغان فتعتقد أن للمشاهدين من الشباب ذوق أرحب مما يتصوره الكثيرون – على الأقل، كان ذلك ما لاقته في أول عرض لفيلم «بعيداً عن الحشد الصاخب» في لندن، والذي تلعب فيه دوراً رئيسياً.

تقول موليغان: «التقيت بأناسٍ محبوبين حقاً في العرض الأول بلندن كانت أعمارهم 14 أو 15 سنة، ممن حضروا لمشاهدة الفيلم. لم يتوسل إليهم أحد، أو يصرخ في وجههم ليحضروا الفيلم. أظنّ أنه بمقدورك التمتع بحضور الأفلام الكلاسيكية دون أن تكون من الجنس اللطيف. لذا، أعتقد أنه غالباً ما يتم التقليل من شأن جمهور المشاهدين».

نستطيع أن نجد البرهان القاطع على إمكانية جذب جمهور متنوع من المشاهدين من خلال فيلم «ملكة الثلج»(فروزن). فقد صدر عام 2013، وهو فيلم رسوم متحركة موسيقي يدور حول أختين أميرتين.

كان يُنظر إلى الفيلم باعتباره ترفيهياً للإناث، وربما أعتُبر كذلك لصغار الفتيات وأمهاتهن عند عرضه لأول مرة. لكن انتهى الأمر بالفيلم ليصل إلى جمهور واسع من المشاهدين، ووصلت إيراداته على مستوى العالم 1.27 مليار دولار أمريكي، ليصبح بذلك خامس أضخم فيلم في التاريخ من حيث إجمالي الإيرادات.

وتبين آخر الأرقام أن نسبة النساء بين رواد السينما في الولايات المتحدة الأمريكية بلغت 51 في المئة في عام 2014. لا تكمن أهمية الأمر في عددهن فقط، فبحسب قول ديرغارابيديان: «أصبح رواد السينما من الإناث جمهوراً موثوقاً به»

ويرى ديرغارابيديان أن النساء لا ينجذبن فقط إلى أفلام «نسوية» تقليدية، بل يتعدى الأمر إلى مدى واسع من الأفلام.

تبعاً لذلك، عدلت بعض الشركات الكبيرة أوضاعها عن طريق إضافة شخصيات نسائية إلى أعمالها– كجزء من إستراتيجية مدروسة لتلبية حاجات جمهرة كامنة من المشاهدين بالكامل، وليس الرجال فقط.

فقد ظهرت في فيلم «المنتقمون: عصر ألترون» بطلة نسائية جديدة، وهي إليزابيث أولسن، لتقوم بدور «الساحرة القرمزية». كما تخطط شركة «دي. سي. كوميكس» لإنتاج فيلم «المرأة المعجزة» ليعرض أمام المشاهدين في عام 2017.

أما شركة «مارفل كوميكس» فقد أعدت لنفسها بطلة في الصدارة ضمن أبطال فيلم «الكابتن المعجزة» الذي يجري العمل على إنجازه ليعرض عام 2018.

ربما يبدو للبعض أن أدوار هذه الممثلات مثيرة للإعجاب، ولكن الكثيرين يعتقدون أن التقدم الحقيقي سيحدده فقط أصحاب القرار في عالم صناعة الأفلام.

ففي الأساس، ليس المخرجون أو المنتجون وحدهم، بل أصحاب النفوذ من المديرين التنفيذيين في الاستديوهات الذين يقررون ما إذا كان الضوء الأخضر سيعطى للأفلام التي تلبي طلبات جمهرة النساء من رواد السينما.

كانت الممثلة الكوميدية «ريتشيل هاريس» عضوة في لجنة التحكيم لمنح الجوائز للنساء من صانعات الأفلام في«مهرجان تريبيكا السينمائي» الذي أقيم مؤخراً. وتقرّ هاريس بأن كبار المنتجين المنفذين في استوديوهات هوليوود، ومعظمهم من الرجال، ما زالوا يقاومون إنتاج أفلام أكثر للنساء.

تقول هاريس: «إنها تبدأ منّا نحن، فعلينا أن ندع نساءً أكثر يتبوأن مراكز بارزة في عالم صناعة الأفلام. علينا أن نضعهن في تلك المراكز لكي يقال إن النساء قادرات على العمل بنجاح».

ليس من المعلوم إن كان تقلد النساء لمراكز قيادية بارزة سيؤدي تلقائياً إلى صناعة أفلام تلبي حاجات المرأة وتخدمها. لكن يبدو أن كاثلين كينّي، رئيسة شركة «لوكاس-فيلم» التي تشرف على صناعة أفلام «حرب النجوم»، لها تاثير ملموس.

ففي الإحتفالية الخاصة بفيلم حرب النجوم التي أقيمت مؤخراً في ولاية كاليفورنيا، قالت كاثلين في حلقة نقاشية إن الأفلام الجديدة ستتميز بـ «عدد كبير من شخصيات (نسائية) جديدة ورائعة».

هناك بالفعل علامات على وجود تغيير. فنحن نرى أن فيلم «حرب النجوم –الجزء السابع: القوة تنهض» مليء بسطوة النساء – فقد أعطيت الممثلات ديزي ريدلي، و غويندولين كريستي، ولوبيتا نايونغو الحائزة على جائزة الأوسكار، أدواراً مهمة في ذلك الفيلم. كما ستلعب الفنانة فيليسيتي جونز الدور الرئيسي في أول جزء لاحق لـ«حرب النجوم»، وعنوانه «المارقة».

عندما نأخذ في الاعتبار هذه التطورات وأفضل السجلات الحديثة لأفلام لاقت نجاحاً منقطع النظير على شباك التذاكر بفضل النساء، فان ما هو آتٍ سيكون عظيماً.

«إنها حدود جديدة،» كما يصرّ «ديرغارابيديان»، مضيفاً: «أخيراً صارت هوليوود تستفيد من الجماهير الغفيرة لرواد السينما من النساء».

التغييرات الطفيفة تجري على قدم وساق، وقد وصلت الآن إلى نقطة تحول مهمة. إذا تجاهل أي مسؤول كبير في استديوهات السينما النفوذ التجاري المتزايد للنساء في صالات السينما فذلك يعني أنه لا يجاري الزمن.

إن المصلحة المالية والتجارية هي التي تدفع نحو هذا التقدم، وليست المثل العليا نحو المساواة بين الجنسين. ولكنه تقدم على أية حال – وهو تغيير كبير مقارنة بسنوات قليلة مضت عندما لم تكن هوليوود تضع جمهور النساء في حساباتها بتاتا.

«ملتقى الفيلم القصير هواة بشفشاون» يكرم المخرج كمال كمال والسينما الفلسطينية ضيف شرف

المغرب ـ «سينماتوغراف»

رفع أمس ستار الدورة السابعة للملتقى الوطني للفيلم القصير هواة بشفشاون، وذلك من خلال تكريم للمخرج والمبدع الموسيقي المغربي كمال كمال واحتفاء خاص بالسينما الفلسطينية ضيفة الشرف.

وشكلت اللحظة مناسبة لتسليط الضوء على إبداعات كمال كمال (كمال بنعبيد) في المجال السينمائي والموسيقي وكتابة السيناريو،وعشقه للأدب والفنون وكتابة الشعر بالإضافة الى إسهاماته الوفيرة في المجال الأكاديمي.

وأكد المحتفى به بهذه المناسبة أن هذا التكريم هو حافز له لمزيد من العطاء في مختلف المجالات الابداعية والبحث عن الجديد لإغناء الحقل الابداعي المغربي بكل أشكاله وأنماطه الفكرية، مبرزا أن عشقه للسينما والأدب والفنون الجميلة بكل روافدها هو دافع إنساني لإبراز القيم الجميلة التي يجب أن يتحلى بها المجتمع.

وللمخرج كمال كمال العديد من الافلام منها «طيف نزار» (2002)، الحاصل على جائزة أول عمل بمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، والفيلمان «السمفونية المغربية» (2005) و «الصوت الخفي» (2013)، الذي حصل سنة 2014 على الجائزة الكبرى لمهرجان طنجة الوطني للفيلم وجائزة الموسيقى و جائزة الصوت ، كما حصل على الجائزة الكبرى لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة سنة 2014 (جائزة عثمان صامبين) وجائزة «سعد الدين وهبة» في الدورة 36 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

ومن جهة أخرى، تم خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى، الذي تنظمه جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية، الاحتفاء بدولة فلسطين كضيفة شرف، وتم في هذا الاطار تسليم درع الملتقى، وتكريم السينما الفلسطينية الهاوية والمحترفة من خلال عرض الفيلم الفلسطيني «عمر» (2013) من إخراج هاني أبو أسعد، وهو الفيلم الذي تم اختياره في قائمة الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار الأمريكية لعام 2014 في فئة الأفلام الأجنبية .

وبالإضافة إلى هذا الفيلم الروائي الطويل، الذي تم عرضه خلال حفل الافتتاح، سيتم لاحقا تنظيم لقاء ثقافي وفني مع وفد فلسطين حول السينما الفلسطينية الهاوية والمحترفة وحول الحركة الثقافية عموما في ظل الإحتلال الاسرائيلي، وعرض مجموعة من الأفلام القصيرة الهاوية في فقرة «بانوراما»، كما ستوقع اتفاقية شراكة وتعاون بين الملتقى السينمائي الفلسطيني (بال سينما) والملتقى الوطني للفيلم القصير هواة بشفشاون.

ويترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للملتقى، الذي سيختتم يوم السبت القادم، المخرج المغربي المحتفى به كمال كمال وتضم اللجنة في عضويتها كلا من المخرجة والمنتجة فاطمة بنسالم والقاص والناقد السينمائي فؤاد زويرق والمصور السينمائي ياسين الزاوي، والتي ستحدد الفائزين بخمس جوائز، جائزة شفشاون الكبرى وجائزة وطاء الحمام الثانية وجائزة رأس الماء الثالثة بالإضافة إلى جائزتي التشخيص ذكورا وإناثا .

أما المسابقة الثانية المخصصة للأفلام البيئية فستمنح لجنة تحكيمها جائزة واحدة هي جائزة تلاسمطان لأحسن فيلم بيئي .

ويتضمن البرنامج خلال اليوم الثاني والثالث من الملتقى عرض الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية لأفلام الهواة والأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية لأفلام البيئة تليها نقاشات بين متتبعي الملتقى من نقاد وباحثين ومهتمين بالشأن السينمائي، وكذلك تنظيم ندوة حول «دور ومكانة المهرجانات السينمائية الخاصة بأفلام الهواة»،بمشاركة أسماء فنية مغربية ونقاد ومخرجين .

ويحتوي برنامج الملتقى أيضا على لقاء مفتوح مع رئيس لجنة التحكيم مع تلاميذ الثانوية التأهيلية الإمام الشاذلي في إطار فقرة «في مؤسستنا سينمائي»، وتوقيع كتاب «محمد مزيان، سينمائي وحيد ومتمرد» من إعداد وتنسيق أحمد سيجلماسي، وتنظيم عروض سينمائية لفائدة النوادي السينمائية والفنية بالثانويات الإعدادية والتأهيلية، وأخرى بالمركب السجني بتعاون مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، بالإضافة إلى معرضين أحدهما للوحات تشكيلية من توقيع الفنانة مريم جميل والثاني للكتب السينمائية تحت إشراف الكتبي حسن بنعدادة .

وستتخلل برنامج الملتقى أيضا ورشات تكوينية في السيناريو وتقنيات إنجاز الأفلام الوثائقية، على أن يتم خلال الحفل الإختتامي تكريم نور الدين العمراني كأول طفل شفشاوني شخص دور البطولة سنة 1986 في الفيلم المغربي «الكرموسة السابعة» من إخراج محمد الحسيني، والإعلان عن الأفلام الفائزة بجوائز المسابقتين، وتقديم عرض مسرحي ميمي، قبل إعادة عرض الفيلم الفائز بجائزة شفشاون الكبرى لمسابقة أفلام الهواة.

سينماتوغراف في

28.05.2015

 
 

بيتر واتكنز.. أو الفيلم كتجربة ثورية

رائد الرافعي

في أحد الأفلام النضالية خلال فترة الثورة الطالبية الباريسية في أيار/مايو 1968، لا تكتفي الكاميرا بنقل مشاهد التظاهرات المطالبة بتغيير المناهج التعليمية والمواجهات الدامية مع الشرطة والشعارات الثورية التي تملأ جدران المدينة، بل هي أيضاً تحفّز على خوض نقاشات فكرية حول مفاهيم وسبل التغيير

"إنها البداية فقط، فلنكمل النضال"... يرينا مشاهد بعيدة عن فورة "لحظة" الثورة، فيغوص الفيلم في خضم نقاشات طلاب إحدى كليات السينما حول دور الكاميرا كأداة سياسية، رافضين برنامج الكلية الذي يقتصر على تعليم أكاديمي، ويركّز الفيلم على تاريخ السينما وجوانبها التقنية والجمالية البحتة، فنراهم يطالبون مديرة الكلية باستعمال الكاميرات لنقل الصورة الحقيقية للثورة. وفي مشهد آخر، يناقش عمّال شركة "سيتروين" بعد تنفيذهم اضراباً، حول إمكانية أن يقوم العمّال باستخدام الكاميرا بأنفسهم لنقل مطالبهم بتحسين ظروف عملهم والحديث عن معاناتهم بشكل مباشر، بدلاً من أن يكونوا مجرد متلقّين لأفلام "بورجوازية" تهدف إلى جعلهم يحلمون بعيداً من واقعهم.

التجارب في السينما التسجيلية، التي واكبت تلك الحقبة الثورية في تاريخ فرنسا، أثمرت أفلاماً "جماعية" عديدة، شارك في صنعها تقنيون وسينمائيون مع عمّال ونشطاء. وكسرت تلك الأفلام السياسية والمطلبية، قليلة الكلفة، طرق إنتاج الأفلام وتوزيعها آنذاك، فكانت تُصنع بأدوات تقنية بسيطة وتوزع في الجامعات والمعامل لتكون محركاً لعملية التغيير.

مُنطلقاً من روح الأفلام التسجيلية الثورية في الستينات والسبعينات، قام البريطاني بيتر واتكنز، وهو من أكثر المخرجين السينمائيين فرادةً، بصنع أفلامه الوثائقية "الهجينة"، حيث المزج بين الخيال والواقع. كان واتكنز يؤمن بأن الفيلم أداة للتغيير السياسي والإجتماعي. وحورب واتكنز وهمّش من قبل الشركات السينمائية الكبرى ومحطات التلفزة، لأنه رفض، كما يقول، صنع أفلام معلّبة في قوالب جاهزة ومحدودة، تهزأ من المشاهد وتعامله كمتلق غبي فتقرر عنه ما يجب أن يحس أو يفكر.

"لعبة الحرب" الذي صُوّر العام 1966، كان ردّ فعل سياسياً عنيفاً ضد عملية التسلح النووي في أوج الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي حينها. واتكنز اعتبر أن السلطات السياسية ووسائل الإعلام المتواطئة معها تقصي الناس عن الحوار الجاد حول مخاطر التسلح النووي. فأراد، عبر فيلم "خيالي" (من حيث الشكر) أن يدفع الناس العاديين في بريطانيا إلى التفكير في ما تقوم به حكومتهم. وقد رفضت "بي بي سي" وقتها عرض الفيلم على شاشتها، متذرعة أنه قد يخلق حالة غير مبرّرة من الهستيريا بين البريطانيين. في هذا الفيلم بدأت تتجلى ملامح الأسلوب السينمائي الخاص بواتكنز، اذ طلب من المئات من سكان أحد أحياء لندن تجسيد شخصيات الفيلم. ويقول واتكنز أنه بدأ بخطاب أمام سكان الحي، شرح خلاله فكرة الفيلم وأهمية الموضوع بالنسبة لهم ولحياتهم ومستقبل أولادهم، وطلب منهم المشاركة بشكل فاعل ،لا كممثلين. ثم تحدث مع بعضهم لكي يجسدوا شخصيات معينة كشخصية شرطي أو ممرضة. لم يكتب واتكنز حوار الفيلم بل طلب من الناس التعبير عن مشاعرهم الشخصية وأفكارهم.

واللافت أن أداء الناس كان حقيقاً بشكل مدهش بالنسبة إلى أشخاص لا يحترفون التمثيل ويقفون أمام الكاميرا للمرة الأولى. ما نجح واتكنز في صنعه هو خلق إطار متخيّل لفيلمه، مستعيناً بعناصر الفيلم الروائي من ديكورات وأصوات ومشاهد، ثم قام باستنباط ردود أفعال الشخصيات الحيّة الناتجة عن تفاعل طبيعي، بين بعضها البعض ومع عناصر هذا الإطار.

في فيلم آخر، هو "حديقة العقاب" من إنتاج 1971، استطاع واتكنز تطوير أسلوبه الهجين لخلق مواجهة في صحراء كاليفورنيا بين مجموعة من الشباب المناهض لحرب فيتنام، ومجموعة من الأميركيين المحافظين. وفي هذا الفيلم أيضاً، خلق واتكنز إطاراً خيالياً عن مستقبل قريب، يشبه عوالم الروائي جورج أورويل الديستوبية (من ديستوبيا). فتخيّل محاكمات الشباب الذي كان ينادي حينها بالعدالة الإجتماعية وإنهاء الحرب وتعديل النظم الإقتصادية على أيدي لجنة مؤلفة من شخصيات تدافع عن النظام الرأسمالي وعن الحرب، وتنادي بالتشدد مع الناشطين اليساريين. واستعان واتكنز بأشخاص عاديين لا يحترفون التمثيل، للقيام بأدوار تشبههم في حيواتهم الخاصة. وطلب منهم ارتجال الحوارات بناء على آرائهم الخاصة. هكذا، تتولد في الفيلم طاقة حقيقية، تزيد من حدتها العناصر التمثيلية، ووجود رجال شرطة يعنفون الشباب ويقتادونهم مكبّلين إلى داخل خيمة المحاكمات. وهذه الأجواء سمحت بخلق جو من التوتر تتصاعد وتيرته مع احتدام المواجهة بين التقدميين والمحافظين. ويطرح الفيلم، بالطريقة هذه، أهم القضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية في الولايات المتحدة وقتها.

وُوجِه الفيلم آنذاك انتقادات لاذعة، لأنه صوّر الولايات المتحدة وكأنها بلد فاشي، وهو لم يوزّع/يعرض إلّا في عدد قليل من الصالات هناك. وربما أكثر أفلام واتكنز الهجينة نضوجاً هو فيلم "لا كوميون" حول "الكومونة" أو ما يسمى الثورة الفرنسية الرابعة في 1871 بين شهري مارس/آذار ومايو/أيار، حين عاشت مجموعة من الباريسيين حقبة قصيرة اختبرت خلالها بدايات الديموقراطية التمثيلية الحقيقية، بالإضافة إلى التفكير في المساواة بين المرأة والرجل والتعاونيات الإقتصادية والإتحادات العمالية. 

وفي إعادة إحيائه لتجربة كومونة الفرنسية، لم يرد واتكنز صنع فيلم وثائقي تاريخي بالمعنى الكلاسيكي إذ أنه رفض إعطاء قراءة واحدة للتاريخ لا تقبل الجدل. فقرر العمل مع مجموعة من مئتي فرنسي طلب منهم أن يقوموا ببحوث شخصية حول تلك الفترة بهدف تجسيد شخصيات وهمية لكنها تشبههم ويعبّرون من خلالها عن آرائهم الشخصية. وهنا أيضاً، خلق واتكنز إطاراً وديكوراً بسيطاً داخل مصنع مهجور في ضواحي باريس وألبس الشخصيات ملابس من تلك حقبة القرن التاسع عشر. وصوّر واتكنز الفيلم بحسب تسلسل أحداث الكومونة، لكي يحس المشاركون في الفيلم وكأنهم يعيشون فعلاً مراحل تلك الثورة الفرنسية.

من الواضح أن الناس الذين يؤدون أدواراً مختلفة، يصلون إلى مرحلة من التعاطي مع الأحداث وكأنها تعنيهم فعلاً. وربما السبب هو طريقة واتكنز في التصوير إذ يطلب دائماً من الشخصيات النظر في الكاميرا والتعبير عن آرائهم بشكل طبيعي ومباشر. وهو يقول أن أفلامه تؤثر في الناس لأنها أفلام "جماعية"، تعطي الكلمة للشخص العادي الذي هو مهمّش عادة من قبل الأنظمة السياسية ووسائل الإعلام.

واللافت في الفيلم الذي أنتج العام 1999، ومدته خمس ساعات و45 دقيقة، أنه ينتقل من سرد وقائع الكومونة الباريسية والأفكار التي كانت تناقش حينها، ليتحدث عن قضايا حالية منها البطالة وعدم المساواة بين المرأة والرجل في مجالات العمل والمهاجرين الجزائريين وغيرهم من المهاجرين غير الشرعيين. فرغم أن الفيلم يعالج حدثاً تاريخياً، فهو يتعاطى مع التاريخ من منطلق فهم الماضي بهدف التفكير في الحاضر والمستقبل. ويصوّر واتكنز في الفيلم نقاشات الشخصيات حول النظام الإقتصادي الحالي وكيفية تغييره ليكون أكثر عدالة. 

وهنا العنصر الأساس في أفلام واتكنز، إذ أنه يخلق مساحة للنقاش السياسي والإجتماعي في غياب لتلك المساحة في المجتمعات الغربية حيث الأفراد، كما يقول واتكنز، يعيشون في عزلة فكرية لا تسمح بطرح جدّي لأسئلة وجودية ضرورية حول ظروف عملهم والهدف من الأنظمة الإجتماعية والإقتصادية التي تقيّدهم. فالفيلم هنا يسمح للأفراد بالتفاعل مع بعضهم البعض لانتاج أفكار جديدة وثورية في ظل عصر الإستهلاك وغياب الأيديولوجيات.

فكما يقول الفيلم في مشهد من مشاهده: "خوف النظام من حلول أصواتر متعددة مكان الصوت الواحد داخل الشاشة الصغيرة".

(*) هذا النص هو خلاصة ورقة قدمها الكاتب، ضمن "مهرجان الأفلام مزج" (الفيلم  التسجيلي من زاوية أخرى)، والذي أقيم في صالة "زاوية" في القاهرة خلال الشهر الجاري بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق).

المدن الإلكترونية في

28.05.2015

 
 

عمر الشريف يعالج في الغردقة.. واشتباه بإصابته بتسمم

القاهرة - أشرف عبد الحميد

أصيب الفنان العالمي المصري عمر الشريف بوعكة صحية أدت لارتفاع درجة حرارته بصورة كبيرة ومفاجئة أثناء وجوده في منتجع الجونة السياحي على ساحل البحر الأحمر بمدينة الغردقة في مصر.

وقال مصدر مسؤول في مستشفى الجونة لـ"العربية.نت" إن الفنان غادر المستشفى مساء أمس الأربعاء بعد نقله إليها إثر إصابته بوعكة صحية وارتفاع درجة حرارته، حيث اشتبه الأطباء بإصابته بالتسمم عقب تناوله وجبة غذائية فاسدة. وكشف أنه تم عمل الإسعافات اللازمة للفنان حتى استقرت حالته وغادر المستشفى، وعاد للفندق الذي يقيم فيه.

من جانب آخر، كشف الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق والصديق المقرب من عمر الشريف، أن الأطباء في لندن أكدوا أن ذاكرة الفنان لن تعود مرة أخرى، وأن مرض الزهايمر الذي أصيب به أصبح في مرحلة متقدمة ويصعب علاجه.

وقال حواس في تصريحات صحافية لوسائل الإعلام المصرية، اليوم الخميس، إن الشريف لم يعد أمامه بديل إلا أن يعيش في مصحة، مؤكدا أنه اتفق مع الفنان الكبير على أن يقوم بعلاجه صديقهما المشترك ناصر لوزة، أستاذ الطب النفسي. وسيسافر لوزة للغردقة لإجراء فحوص على عمر الشريف وتحديد حالته والطريقة التي سيعالج بها.

وأضاف حواس أنه نجح في إقناع طارق، نجل عمر الشريف، بالعمل على إعادة والده إلى القاهرة والإقامة في شقة بدلا من الفندق، لأن الفنان لم يعد مؤهلا للجلوس في الفندق وحيدا كما اعتاد أن يعيش، وذلك بسبب وصوله لمرحلة لم يعد يعرف فيها حتى أقرب الناس إليه، وهو ما يدفعه في بعض الأحيان لافتعال المشكلات مع المحيطين به.

وعمّا تردد مؤخراً عن أن طارق لا يهتم بوالده، أكد حواس أن "طارق ابن بار جدا بوالده عكس ما يتردد، ويرعاه رعاية كاملة، لكن بسبب العمل لا يستطيع الجلوس بجانبه 24 ساعة في اليوم".

الأحد 6 شعبان 1436هـ - 24 مايو 2015م

عمر الشريف مصاب بـ"ألزهايمر".. ويسأل عن فاتن حمامة

العربية.نت

يعاني الفنان المصري العالمي عمر الشريف من مرض "ألزهايمر" حالياً حتى إنه يعاني من تذكر أفلامه المشهورة التي جسد فيها مجموعة من أدواره الرائعة.

وكشف طارق الشريف، نجل الفنان العالمي عمر الشريف، أن والده أصيب بمرض "ألزهايمر" منذ 3 سنوات، وأن حالته لا تتحسن بل تسوء، وذلك بحسب ما نقلت عنه صحيفتي "تيليغراف" البريطانية و"إل موندو" الإسبانية السبت.

وقال إن والده (83 عاماً)، يعي أنه ممثل مشهور، إلا أنه لا يتذكر أسماء أشهر أعماله الفنية التي شارك بها وكذلك تواريخ تصوير تلك الأعمال، مضيفاً أنه لا يعي لماذا يحييه المعجبون، ويتخيل أنهم أصدقاء قدامى لكنه نسي أسماءهم، في حين أنهم مجرد معجبين لا تربطهم به أي علاقة.

وأضاف الابن أن والده، الذي اعتزل التمثيل الآن نظراً لمرضه، ينسى التفاصيل الصغيرة، وعلى سبيل المثال، هو يعي أنه قام بدور "الدكتور زيفاغو Dr Zhivago"، لكنه أحياناً ما يخطئ في اسم الفيلم فيقول إنه كان في "لورانس العرب Lawrance of Arabia".

وقال طارق، الابن الوحيد للفنان العالمي عمر الشريف من زوجته السابقة الراحلة فاتن حمامة، الملقبة بسيدة الشاشة العربية، إن والده "لا يدرك حقيقة مرضه ولا يريد القيام بالتمارين من أجل تحسين حالته".

وأضاف طارق أن والده يسأل عن والدته، حيث إنه نسي أنها توفيت في شهر يناير الماضي.

يذكر أن الفنان عمر الشريف عرف بغرامه للفنانة الراحلة فاتن حمامة، التي كانت سبباً في دخوله الإسلام لكي يتزوجها في عام 1955، إلا أن الطلاق تم بين النجمين عام 1974. ولم يتزوج عمر الشريف بعدها، حيث كان دائماً يؤكد أن فاتن حمامة كانت "حب حياته". وقد جمعهما الفن في عدة أفلام منها "سيدة القصر" و"صراع في الوادي" و"صراع في المينا".

وأضاف الابن أنه من الصعب تحديد مرحلة المرض لدى والده، "لكن المؤكد أن حالته تزداد سوءاً، ولن تتحسن"، بحسب ما نقلت عنه الصحيفة.

وانطلق عمر الشريف للعالمية في عام 1962 عندما قام ببطولة فيلم "لورانس العرب Lawrance of Arabia" بجانب الممثل الكبير بيتر أوتول، وترشح عن الفيلم لجائزة "أوسكار أفضل ممثل مساعد"، وتلاه بطولة مطلقة في عام 1965 مع جولي كريستي والمخرج العالمي ديفيد لين في فيلم "دكتور زيفاغو Dr Zhivago"، ذلك الدور الذي نال عنه جائزة "غولدن غلوب" لأفضل ممثل عام 1966.

وفى العام 2004 تم منحه جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقديراً لعطائه السينمائي خلال السنوات الماضية، كما حاز أيضا في نفس العام جائزة "سيزار" لأفضل ممثل عن دوره في فيلم "السيد إبراهيم وازهار القرآن"، لفرانسوا ديبرو.

وقد جسد عمر الشريف شخصية رجل مصاب بمرض ألزهايمر عام 2009، في فيلم "نسيت أن أخبرك I forgot to tell you".

وبحسب ما ورد في الصحيفة، فإن عمر الشريف يقضي وقته حالياً في التنقل بين الفنادق في مصر، ودائماً ما يقضي وقته وهو يستمتع بسماع الموسيقى.

العربية نت في

28.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)