كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

عصام زكريا يكتب عن " جاي الزمان " :

حمزة وبليغ وعبد الحليم وأحزان الزمن الجميل

 

في لعبة قدرية مثيرة للخيال، استطاع عبد الحليم حافظ أن يجمع حوله، في حياته، ومماته، عددا من الأسماء التي لا يمكن أن يتذكرها المرء دون أن يذكر عبد الحليم، ولا أن يتذكر عبد الحليم دون أن يذكرهم.

في مارس 1977 مات عبد الحليم حافظ، وفي مارس 2005، منذ عشر سنوات، مات أحمد زكي، الذي لعب دور عبد الحليم في آخر أفلامه، وفي 21 يونيو، اليوم الذي ولد فيه عبد الحليم، ماتت سعاد حسني، التي ارتبطت عاطفيا بعبد الحليم، وفنيا بأحمد زكي.

أسماء أخرى ارتبطت باسم عبد الحليم، على رأسها الملحن بليغ حمدي وكاتب الأغاني محمد حمزة، وعندما نتكلم عن بليغ وحمزة تقفز إلى الصورة بالضرورة أسماء أخرى عديدة: وردة، شادية، محمد رشدي وغيرهم.

عصر كامل يمتد من بداية الستينيات وحتى نهاية السبعينيات وما بعدها يتوالد أمامنا حين يذكر أي اسم من الأسماء السابقة.

هذا بالضبط ما يحدث في فيلم "جاي الزمان"، الذي كتبته وأخرجته السينمائية الشابة دينا حمزة، والذي شهد عرضه العالمي الأول خلال مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الأخير، في مارس الماضي.

دينا هي ابنة الشاعر والصحفي محمد حمزة، الذي رحل عن عالمنا في يونيو 2010، ورغم أن الهدف الأساسي من صنع الفيلم هو سعي صانعته لتجاوز محنة فقدان أبيها، إلا أن التوالد الطبيعي للأفكار والأسماء والأغنيات واللقطات السينمائية جعل الفيلم يتجاوز فكرة رثاء وتجسيد اسم محمد حمزة، ليصبح تجسيدا ورثاء لعصر بأكمله...وهو عصر يمكن اختزاله في كلمة واحدة: الشجن.

تسيطر على الفيلم رغبة واحدة مشبوبة، وغير متحققة، هي استعادة الماضي، أو بمعنى آخر عدم الرغبة في الخروج من هذا الماضي، حتى لو كان حضوره الكثيف، العذب، والمعذب، يحاصر الحاضر والمستقبل.

يبدأ الفيلم الوثائقي في معظمه بمشهد روائي تقوم فيه فتاة جميلة ترتدى فستانا مبهجا مزينا بالورود بالصعود إلى سور إحدى الشرفات والقاء نفسها، مع تعليق يشير إلى أنها الفتاة التي انتحرت حزنا على وفاة عبد الحليم حافظ.

بعد حوالي مئة دقيقة من زمن الفيلم، وبالقرب من نهايته، يتكرر مشهد الانتحار بتفاصيل أخرى، وبين المشهدين يغرق الفيلم وصانعته، ومشاهدوه بالتبعية، في عشرات الذكريات والأغنيات واللقطات المفعمة بالحنين والحب لعصر عبد الحليم ومحمد حمزة وبليغ حمدي وبقية فنانيه وأحداثه السياسية والاجتماعية البارزة، من تأميم قناة السويس، وحتى ثورة 25 يناير، مرورا بنكسة يونيو، وانتصار أكتوبر، ووفاة عبد الحليم، وبليغ، ومحمد حمزة.

تخبرنا المخرجة منذ اللحظات الأولى أنها فكرت في الانتحار عقب وفاة والدها، والذي أعقب وفاة والدتها بسنوات قليلة، وننتقل مع المخرجة إلى بيتها لنتعرف على أختها التوأم، دعاء، المعدة بالتليفزيون المصري، وأخيهما الأكبر، ومن خلال الصور الفوتوغرافية والشرائط المصورة القديمة للأسرة نتعرف على طبيعة الحياة في هذا البيت الذي كان يتردد عليه عدد من كبار نجوم العصر في الغناء والتمثيل والصحافة والأدب والرياضة

هذا البيت الخاوي الآن، إلا من صوت الراديو القديم، الذي أصبح كل ما بقى من علاقة المخرجة بأبيها وبيتها، وأيضا وسيلتها للخروج عبر الأغاني التي يبثها إلى العصر الذي عاش فيه الأب والأسماء التي عمل معهم، وعلى رأسهم حليم وبليغ.

من الراديو والأغاني التي تتدفق عبره عبر غرف المنزل وأروقة الذاكرة والاسطوانات والشرائط المصورة، يتوالى الفيلم مازجا بين الماضي والحاضر، متنقلا من شخصية لأخرى، وفكرة لأخرى، مع العودة من حين إلى آخر إلى الفكرة الأساسية، وهي عدم القدرة على الخروج من أسر هذا العصر "الجميل".

في أحد المشاهد يضحك محمد حمزة، صاحب "موعود" و"الوداع" و"جاي الزمان"، وهو يشير إلى عشق المصريين للحزن والأغاني الحزينة. في الحقيقة ما يشير إليه هو "الشجن"، تلك السمة المميزة للروح المصرية والموسيقى الشرقية المصرية. هذا الشجن هو مزيج من النوستالجيا- الحنين للماضي- والميلانخوليا – أي الميل للاكتئاب والحزن

إجمالا، يحمل الفيلم جرعة شعورية كثيفة وشديدة التأثير، خاصة عندما تتوافق كلمات وألحان الأغاني وأصوات المطربين الذين يؤدونها مع ذكريات عصرها، وذكريات المخرجة، وذكريات جمهور الفيلم...وهي لحظات لن تستطيع فيها أن تتوقف عن البكاء.

ربما يوجد بعض الإفراط الانفعالي في الفيلم وبعض المشاهد التي يمكن اختزالها أو الغائها دون أن يتأثر بناء الفيلم ومعناه، ولكن ذلك لا يمنع أنه عمل نادر وشجاع وبالغ التأثير.

البوابة الوثائقية المصرية في

27.05.2015

 
 

«الجمهور» لكنغ فيدور:

الحلم الأميركي على وشك الإنهيار

ابراهيم العريس

في معرض تحليله للمناخ الاجتماعي الاميركي الذي يكمن خلف فيلم «الجمهور»، كتب الناقد السينمائي الفرنسي كلود بيلي بعد عقود طويلة من العروض الأولى للفيلم: «كانت الولايات المتحدة عرفت خلال سنوات العشرين، نهوضاً اقتصادياً مدهشاً وفريداً من نوعه في العالم الرأسمالي ولا سيما في الغرب حيث كانت الأزمات الاقتصادية تغلي في كل مكان. غير أن هذا كله كان لا بد له أن يتغير، إذ سوف يأتي انهيار البورصة الأميركية في وول ستريت في العام 1929 ليضع حداً للسعادة الأميركية وحلمها. ولكن قبل الانهيار بفترة وجيزة، كان الزمن لا يزال زمن التفاؤل، وإن كانت معالم قسوة الحياة ظاهرة للعيان»، ومن هنا، كانت هناك أفلام عدة انتجت في هوليوود، وجعلت من نفسها صدى لذلك الازدهار المهدَّد: «متسولو الحياة» لويليام ويلمان، «في ظل بروكلين» لآلان دوان، «الصاعقة» لكلارينس بادجر وخصوصاً الفيلم الذي نتحدث عنه هنا: «الجمهور» لكينغ فيدور.

> وعلى هذا يكون «الجمهور» لكينغ فيدور واحداً من أول وأهم الافلام التي غاصت في الواقع الاجتماعي الأميركي مباشرة، ووقفت تتساءل عن الحلم الأميركي الذي كان لا يزال في ذلك الحين مزدهراً، ولم يكن التوجه بالجديد في ذلك الحين على مخرج الفيلم وكاتبه كينغ فيدور، الذي حقق خلال سنوات سابقة فيلماً ضد الحرب بعنوان «العرض الكبير» لقي نجاحاً هائلاً، واعتبرته شركة «مترو غولدوين ماير» المنتجة واحداً من أكبر أفلامها وأكثرها اجتذاباً للجماهير. وهكذا، مسلحاً بالنجاح الذي حققه، قرر فيدور ان يدلي بدلوه في الموضوع الاجتماعي وان يقول رأيه، بصرياً، هو الذي كان واحداً من أول الذين آمنوا بقوة الصورة، وخصوصاً بأهمية ان تكون للسينما خصوصيتها البصرية ولغتها المفصولة عن لغة الأدب. في ذلك الحين، كان العهد لا يزال عهد السينما الصامتة، حيث يفترض بالعنصر البصري ان يقول كل شيء. وأتيح لكينغ فيدور عبر هذا الفيلم ان يطبق نظرياته، وحتى حدود التجريب، ذلك ان الشركة المنتجة وفرت له ما يريد، فكان ان حقق «الجمهور» عبر وسائل لم تكن، في ذلك الحين، تقليدية على الاطلاق، بل كانت تعتبر من «سمات السينما الاوروبية الفقيرة»: تصوير في الديكورات الطبيعية، كاميرا خفية تغطى لئلا تحدق فيها عيون السابلة، ممثلون لم يكونوا بعد محترفين، وموضوع مستقى من الحياة الحقيقية مع اصرار على تقليل البعد الدرامي حتى الحدود الدنيا. ونعرف طبعاً ان هذه الوسائل ستكون هي نفسها التي يلجأ اليها لاحقاً رواد المدارس الطبيعية والواقعية، في «الواقعية الجديدة» الايطالية، كما في «السينما الحرة» البريطانية، و «الموجة الجديدة» الفرنسية، وصولاً الى كامل التلمساني وكمال سليم وصلاح ابو سيف في مصر. ومن هنا يعتبر كينغ فيدور من قبل المنصفين، احد أبرز رواد الواقعية - الطبيعية في تاريخ السينما، وان كان حقق في مسيرته المتعرجة أعمالاً تنفي عنه هذه الصفة، وأتت تقليدية تماماً.

> ما يهمنا هنا، طبعاً، هو «الجمهور»، ذلك الفيلم الرائد والبسيط، والسيء الحظ كذلك. اذ أنه كان، في زمنه، من آخر الأفلام الصامتة، ما جعله يُنسى لفترة طويلة من الزمن، قبل ان يعاد اكتشافه منذ أواسط سنوات السبعين من القرن العشرين، ويعاد اليه اعتباره، ويبدأ حسبانه في لائحة الافلام العشرين الأهم في تاريخ الفن السابع.

> في اختصار شديد يمكن ان تقول عن «الجمهور» انه فيلم همّه ان يقدم حياة مواطن أميركي بسيط، وحياة زوجته. أما كينغ فيدور فإنه يصف فيلمه على النحو التالي: «ترينا الصورة الأولى في الفيلم مجموعة من اناس يخرجون من، أو يدخلون الى، بناية نيويوركية ضخمة. ثم تنتقل الكاميرا لترينا مجموعة كبيرة من النوافذ، لتظهر بعد ذلك ناطحة سحاب نستعرضها طولاً وعرضاً قبل ان تتوقف عند نافذة معينة، يمكننا ان نشاهد من خلالها مئات المكاتب والموظفين المنكبين على عملهم. ثم تجمد الكاميرا أمام واحد من هؤلاء: إنه بطلنا الذي يقوم هنا بعمل رتيب. والحال ان حركة الكاميرا هذه انما تصور ما أردت التعبير عنه، هذا «البطل» انما هو فرد من بين المجموع».

> وهذا «الفرد من بين المجموع» هو جون الذي سيفيدنا الفيلم انه ولد لعائلة فقيرة في ديترويت، ثم تيتم وهو في الثانية عشرة من عمره، ليقرر ان يشق طريقه بقوة وسط هذا العالم العدائي. وهكذا ينتقل لاحقاً الى نيويورك حيث يعثر على عمل كمستخدم بسيط في مكتب... وتمر عليه السنون، حتى يلتقي ذات يوم في كوني آيلند بالحسناء - العادية مثله - ماري، ويقع الاثنان في الغرام ويتزوجان، ليمضيا شهر العسل - مثل معظم الاميركيين المنتمين الى طبقتهما - عند شلالات نياغارا. بعد ذلك يرزق الزوجان، السعيدان أول الأمر، بطفلين، في وقت كان فيه وضعهما الاجتماعي والمادي قد بدأ يتدهور. فجون، اذ يبدأ سأمه من حياته الرتيبة المنتظمة، يصاحب رفقة سوء، وتلي ذلك سلسلة من الكوارث الاجتماعية والشخصية: اذ انه يفقد عمله في شكل مباغت، ثم تموت ابنته الصغيرة في حادث سير اذ تصدمها شاحنة... وتسوء العلاقة أكثر فأكثر مع زوجته. وهو حين يفقد كل أمل يتأبط طفله الصغير الذي تبقى له ويحاول الإنتحار، لكنه يفشل في انتحاره، كما كان فشل في كل ما أقدم عليه من قبل. ويقرر، اثر هذا الفشل الجديد، ان يعود الى البيت. وفي طريقه الى هناك تحدث «المعجزة الصغيرة»: يجد عملاً. انه عمل تافه طبعاً، لكنه عمل والسلام: صار «رجلاً سندويتشاً» اي من أولئك الذين يحملون لوحات دعاية يسيرون بها وهم يقرعون الأجراس. انه، في المقاييس الاجتماعية، أحقر عمل يمكن ان يمارسه انسان ولكن لا بأس طالما انه يسمح لجون بأن يربح بعض الدولارات ويكتسب حب زوجته من جديد. ويتحقق له هذا لنراهما في النهاية يذهبان لحضور حفلة، ويضحكان للمرة الأولى بينما تبتعد الكاميرا لتجعل منهما «فردين عاديين وسط الجموع».

> رسالة هذا الفيلم واضحة. ولكن هل كان حقاً يحمل تلك الشحنة من التفاؤل التي الصقت به؟ من ناحية مبدئية أجل. ولكن الصورة تبدو مغايرة ان نحن تمعّنا فيها. فالعمل الذي يجده جون يبدو تافهاً - كما أشرنا - وموقتاً ايضاً. ومن هنا فإن السعادة التي يستعيدها موقتة ايضاً. وما حدث له سيحدث من جديد، وللجمهور كله، فأين هو الحلم الاميركي المنشود، في ذلك كله؟ الحال ان بعض الذين تنبهوا الى ذلك الالتباس، بين التفاؤل الظاهر والتشاؤم الحقيقي في الفيلم وآخذوا كينغ فيدور عليه، سوف تأتي الاحداث والانهيارات الاقتصادية التالية لتجعلهم يعيدون النظر في موقفهم واكتشاف كم كان المخرج محقاً في وضعه شخصياته على الحبل المشدود.

> حين حقق كينغ فيدور (1894-1982) «الجمهور» كان في الرابعة والثلاثين من عمره، وكان حقق شهرة ومكانة في عالم الفن السابع الذي انتمى اليه باكراً، ومنذ كان شاباً في مسقط رأسه بلدة غالفستون بولاية تكساس. فهو بدأ كعامل عرض وقاطع تذاكر في دور السينما قبل ان يتحول الى مصور يهتم بالأخبار السينمائية المصورة. وفي عام 1915 نراه يتوجه الى هوليوود حيث يحاول فرض نفسه ككاتب سيناريو، لكن كل السيناريوات التي يعرضها، أول الأمر، على الشركات ترفض، حتى أتيحت له بداية، بالصدفة، في عام 1919، حيث حقق فيلمه الاول «منعطف الطريق» ولم يتوقف بعد ذلك، اذ ظل داخل المهنة، مخرجاً وكاتباً ومنتجاً حتى عام 1959 حين دفعه فشل فيلمه «ملكة سبأ» الى الاعتزال، وهو خلال مسيرته الطويلة حقق عشرات الافلام، بعضها ناجح لا أكثر، وبعضها سيئ السمعة، لكن البعض الآخر يعتبر علامة في الفن السابع مثل «الجمهور» و «العرض الكبير» و «هللويا» (1929، وكان أول فيلم يمثله الزنوج) و «البطل» و «القلعة» و «خبزنا كفاف يومنا» (1934)، وبخاصة «صراع تحت الشمس»... والنسخة الأميركية من «الحرب والسلام» (1956).

 alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

27.05.2015

 
 

نقد الفيلم الرديء

العرب/ أمير العمري

أن يمتلك الناقد الجرأة على توجيه النقد إلى منتج سينمائي ما، لكونه يصنع أفلاما متدنية في قيمتها من وجهة نظر الناقد، ليس معناه أن يتغاضى عن توجيه النقد إلى المنظومة الثقافية.

يرى البعض أنه يتعين على الناقد السينمائي أن يتصدّى إلى نقد كل الأفلام “المحلية” التي تنتج في بلده، بكل أنواعها، بما فيها الأفلام التجارية السائدة مهما بلغت سطحيتها وسوقيتها وابتذالها.

ولا شك أن دور الناقد هو أن يعثر على صلة للوصل، بين الفيلم والجمهور، وأن يلعب دورا في تقريب الفيلم من الجمهور، بغض النظر عما إذا كان تعامله بالنقد مع الفيلم سيكون بالسالب أو بالموجب. وهو أمر صحيح، ولكن نقد الأفلام وحده لا يكفي، بل يجب تناول الظواهر والاتجاهات والقضايا السينمائية التي تعج بها الساحة، سواء محليا أو عالميا.

أن يمتلك الناقد الجرأة على توجيه النقد إلى منتج سينمائي ما، لكونه يصنع أفلاما متدنية في قيمتها من وجهة نظر الناقد، ليس معناه أن يتغاضى عن توجيه النقد إلى المنظومة الثقافية التي تشجع وتدعم وتفرز مثل هذا المنتج، في وقت تتقاعس عن تشجيع التجارب الشبابية الجديدة التي يمكنها أن تساهم في تقدم الوعي بدور الفيلم في المجتمع.

والنقد السينمائي لا يوجد فقط في الصحف المطبوعة اليومية أو الأسبوعية أو حتى الصحافة السينمائية المتخصصة، بل وأيضا، في التلفزيون والإذاعة وعلى شبكة الإنترنت من خلال المواقع المتخصصة، والتي تخصص نافذة للنقد السينمائي والاهتمام بقضايا السينما باعتبارها فنا شعبيا يتطوّر يوما بعد يوم. وربما يكون ظهور الناقد على شاشة التلفزيون أكثر تأثيرا من عشرات المقالات، إذا عرف كيف يطرح مادته.

يظهر سنويا عدد كبير من الأفلام الاستهلاكية، التي تتكرر موضوعاتها، وتتشابه حبكاتها وشخصياتها ونهاياتها، ومنها الكثير من الأفلام المقتبسة بطريقة ساذجة عن أفلام أجنبية، ولكن بعد أن يتمّ تمييعها وإخضاعها لمقتضيات السوق والذوق السائد.

وإذا تفرغ الناقد أسبوعا وراء أسبوع، مخصصا مقالا مستقلا لكل فيلم من هذه الأفلام، فسوف يتدنى الجوهر من فكرة النقد نفسها، لأنه بلا شك سيكرر نفس الأفكار والآراء والخلاصات، ويعجز عن تطبيق المناهج النقدية المتقدمة على هذه الأفلام الهزيلة، بل سيكتفي دائما بالتعامل معها في إطار “الظاهرة الاجتماعية”، لا باعتبارها جزءا من ظاهرة الإبداع الفني فحسب، بما في ذلك ضياع الجهد والوقت، بل أيضا تمييع قيمة النقد ذاتها.

والأجدى أن يكتفي الناقد بتناول نموذج أو أكثر من هذه الأفلام، في إطار رصد الظاهرة الاجتماعية وتأثيرها على المنتجات الفنية التي يتم تعليبها لجمهور السينما السائدة.

إن دور النقد ليس فقط دورا ذيليا، أي اللهاث وراء كل ما يظهر من أفلام يوما بعد يوم، فإذا تأخر ظهور فيلم أو أكثر، تعطل النقد وغاب دوره وتوقف، بل على النقد أن يتعامل أيضا مع القضايا الفكرية للسينما، استنادا إلى تاريخها الثري في العالم، وأن يبحث أيضا في ما يمكن أن ينقل الفن السينمائي إلى الأمام، ويدرس وينظر إلى علاقة الفيلم بغيره من الفنون، ويعتبر الفيلم نتاجا إبداعيا يعبر عن رؤية المبدع الفلسفية وتأمله في ما يحدث من حوله في العالم، وليس مجرّد أداة لنقل رسالة مباشرة ساذجة معينة للجمهور: سواء أخلاقية أو أيديولوجية.

إن لم يلعب النقد السينمائي دوره الحقيقي المفترض، فسينكمش ويتراجع ويصبح نتاجا ذيليا، يقتفي أثر المنتج السينمائي أيا كان مستواه، يعلو معه إذا ارتفع، ويهبط مع هبوطه.

ولأن السينما عالم متجدد فالنقد أيضا يتجدد، وإذا عجز عن متابعة الجديد، في السينما وفي تطور الأنواع الفنية وتطور النقد أيضا، يتلاشى، أو يصبح بوقا دعائيا فاقدا للقيمة والدور والتأثير.

*كاتب وناقد سينمائي من مصر

العرب اللندنية في

27.05.2015

 
 

في فيلم "انسرجنت"..

التمرد إكسير الشعوب.. والأمل في امرأة

ماجد فا يز

في أجواء تشويقية لاهثة. يناقش فيلم الخيال العلمي "إنسرجنت" أو "المتمردون" للمخرج الألماني الأصل روبرت شونكة مفاهيم سياسية وإنسانية متعددة مثل الديكتاتورية وعلاقة الحاكم بالمحكوم والتعايش بين طوائف المجتمع المختلفة. 

الفيلم الذي عرض في دور السينما المصر ية مؤخراً يستخدم تقنية المشاهدة ثلاثية الأبعاد ببساطة وإبداع جديرين بالملاحظة. 

اللقطة الافتتاحية من الفيلم الأمريكي تلخص نظرة "الد يكتاتور" لنفسه في لوحة سينمائية مبهرة. حيث تبدأ بمجموعة لانهائية من الرموز والأشكال غير المفهومة علي خلفية صوت يقول "قبل 200 عام كانت مدينتا هكذا" ثم تتجمع هذه الطلاسم لتتحول إلي صورة امرأة متسلطة كأنها تقول "أنا المدينة والمدينة أنا". 

وشأنها شأن جميع الطغاة. تحاصر هذه المرأة- وتجسد شخصيتها بطلة "تايتانيك" المخضرمة كيت وينسلت- شعبها برسالة تبثها جميع وسائل الإعلام تحذره فيها من أعداء يريدون تدمير النظام المثالي الذي تقوم عليه مدينتهم المحاصرة بسور يفصلهم عن عالم خارجي مخيف. 

وتطبق هذه المدينة الفاضلة - ظاهر يا- نظاما للفصائل. تحكم بموجبه طبقة "المثقفين". بينما يضطلع فصيل "الصادقين" بمهام السلطة القضائية. أما فصيل "الشجعان" فهم طبقة "حفظة الأمن" وتسيطر علي أذهانهم الديكتاتورة "جنين". أما "الوئام يون" وتقودهم امرأة سوداء فهم يعيشون في عزلة و ينبذون العنف. 

لكن مجموعة من المتمردين تتزعمهم "تر يس" التي تلعب دورها الممثلة الموهوبة "شايلين ودلي" يخرجون علي هذا النظام و يرفضون المحاصصة وديكتاتور ية "جنين" التي تعلن عن اكتشاف صندوق لدي فصيل "المتفانين". الذي تبيده. تزعم أنه يضم معلومات من الآباء المؤسسين ستساعد علي القضاء علي "المتمردين." 

ولسخرية القدر. لا يستطيع فتح هذا الصندوق إلا متمرد. لتصدر الأوامر بتعقب هؤلاء الخارجين عن القانون والقبض عليهم. لتبدأ مطاردة مثيرة يتكشف خلالها تهافت نظام الفصائل. الذي يفرز أجيالاً جديدة من المواطنين لا يشعرون بالانتماء إلي أي منها. وشخصيات تتطلع لاقتناص السلطة مستغلة ضعف المجتمع. 

وتلعب الموسيقي التصوير ية للمؤلف جوز يف ترابانيس دوراً محورياً في إضفاء أجواء شبه ملحمية علي الصراع بين الديكتاتورة والمخلصة. لتذكرنا بإبداعات صاحب الأوسكار هانز زيمرمان في أفلام "إنسبشن" و"الساموراي الأخير". كما تقدم لوحات صوتية حزينة تعكس مشاعر البطلة بالذنب إزاء والدتها وحبيبها الشجاع. وعلاقتها المتشابكة بشقيقها المضطرب الذي تشعر بالمسئولية نحوه ولكنه يخونها في نهاية المطاف! 

مشاهد الحركة والمواجهات الهوليودية الأسطورية تنتهي بأكبر انتصار للمتمردة "تر يس" وهو الانتصار علي ذاتها - لتفتح صندوق الأسرار لنفاجئ برسالة من المؤسسين تتلوها امرأة أيضا تكشف فيها أنهم أنشأوا هذه المدينة ونظام الفصائل ليضعوا الجنس البشري في امتحان يمثل المتمردون الإجابة الصحيحة عليه. لتتحول سيدة هذه الطبقة المنبوذة إلي بطلة تفتح الأسوار لينضم أخوتها إلي بقية الإنسانية. 

الفيلم يترك مشاهد مع مجموعة من الأسئلة الحائرة تبدأ بمحاولة اكتشاف الفصيل الذي ينتمي إليه داخل مجتمعه. ولا تنتهي عند إمكانية صلاح هذا المجتمع بالتمرد عليه. 

"عمر" الفلسطيني في مصر والكويت وعمان والإمارات والعراق

كتب نادر أحمد:

انظلق في دور العرض المصرية الفيلم الفلسطيني "عمر" وبالتزامن مع العرض في 4 دول عربية ليصبح فيلم المخرج الكبير هاني أبو أسعد متاحاً للجمهور العربي في السينما بعد جولة كبيرة في المهرجانات السينمائية العالمية.. حيث يعرض فيلم عمر في دور العرض بالإمارات والكويت وعمان والعراق. 

ويقول المخرج هاني أبو أسعد "أنا سعيد للغاية لحصول فيلم عمر علي فرصته للانطلاق في العالم العربي. فهذا يعني الكثير بالنسبة لي. كما أنني أعتبر هذا الفيلم بمثابة تحية واجلال لأفلام الاثارة المصرية. إنه فيلم عن الحب والصداقة والثقة ضد خلفية القمع السياسي. الموضوعات التي نتعامل معها بشكل يومي في حياتنا. وخاصة في هذا الوقت". 

ويحكي الفيلم فرصة عمر الذي اعتاد تجنب رصاصات المراقبين أثناء عبور الجدار العازل من أجل زيارة حبيبته نادية. لكن فلسطين المحتلة لا تعرف الحب البسيط. ولا الحرب واضحة المعالم. علي الجانب الآخر من الجدار. يصبح الخباز الشاب سريع التقلب مناضلاً من أجل الحرية. عليه مواجهة خيارات مؤلمة في الحياة والشجاعة. 

فيلم عمر من تأليف واخراج هاني أبو أسعد ويشارك في بطولته النجوم الشباب آدم بكري. ليم لوباني. إياد حوراني. سامر بشارات والممثل والمنتج الفلسطيني الأمريكي وليد زعيتر الذي يشارك بانتاج الفيلم أيضاً من خلال شركته الانتاجية.. وهو مشهور بأدواره في التمثيل بعدد من الأفلام الهوليوودية مع النجوم أمثال جورج كلوني وإيوان ماكغريغور. 

سيد خاطر: مهرجان الإسماعيلية في أكتوبر

كتب محمد فتحي عبدالمقصود:

أكد د.سيد خاطر رئيس قطاع شئون الانتاج الثقافي أنه من المقرر اقامة مهرجان الإسماعيلية السينمائي للأفلام التسجيلية والقصيرة في شهر أكتوبر وبمدينة الإسماعيلية وأنه يتابع مع محمد عزيز رئيس المركز القومي للسينما ترتيبات اقامة المهرجان. 

أضاف أنه رفض بشدة فكرة إلغاء اقامة المهرجان أو نقله إلي مدينة بورسعيد فلا يوجد منطق لأن يقام مهرجان يحمل اسم الإسماعيلية في مدينة أخري. 

وعن عودة الدولة للانتاج السينمائي يقول إنه من المفترض أن تعود الدولة للانتاج السينمائي فالسينما الآن في أحوج ما يكون لذلك وتاريخ السينما في مصر يشهد بالدور الهام الذي لعبته الدولة في انتاج أهم أفلام السينما المصرية.. ويضيف أنه لو كان يمتلك دعماً للمركز القومي للسينما يتيح له انتاج أفلام سينمائية لفعلها ولكن الانتاج السينمائي الآن يحتاج إلي مبالغ كبيرة. 

رؤية حرة

محمد فتحي عبدالمقصود

"البحث عن فضيحة" كانت فكرة غريبة عندما نصح بها سمير صبري صديقه عادل إمام في أحداث الفيلم الذي يحمل نفس الاسم ليستطيع أن يتزوج من حبيبته والآن للأسف تتحول الأفكار الغريبة للأفلام إلي واقع بسبب إعلام قائم علي الفضائح والاثارة وأصبح "الشذوذ" الفكري هو الطريق الوحيد للتواجد علي الساحة الإعلامية. 

توزيع جوائز مهرجان "سينما الشباب"

"المرايا البعيدة" و"أرشيف" و"أصدقاء حتي الموت".. أحسن الأفلام

حسام حافظ

14 مخرجاً ومخرجة من الجيل الجديد قدمهم "مهرجان سينما الشباب" دورة عمر عبدالعزيز التي انتهت هذا الأسبوع. وقام وزير الثقافة د.عبدالواحد النبوي بتسليم الفائزين شهادات التقدير والجوائز المالية ووعد اعتباراً من العام القادم بمساهمة الوزارة في انتاج أفلام الشباب. بتقديم منح انتاجية للانتهاء من الأفلام والمشاركة بها في مسابقة العام القادم. 

أقيم حفل الختام بمركز الابداع بالأوبرا باشراف د.عبدالناصر الجميل رئيس المهرجان وفاتن التهامي مديرة المهرجان أعقبه حفل خاص مع الفائزين حضره المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق ورئيس المحكمة الدستورية العليا الحالي والسيدة حرمه بالإضافة الي وزيري الثقافة والشباب. وبلغت قيمة الجوائز المالية للفائزين 35 ألف جنيه. 

وكانت النتائج كالآتي: في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة فاز بالمركز الأول فيلم "المرايا البعيدة" اخراج محمد بسام وبالمركز الثاني فيلم "الحياة" اخراج سارة بطرس وبالمركز الثالث فيلم "ملامح" اخراج مصطفي هشام. 

وفي مسابقة الأفلام التسجيلية فاز فيلم "أرشيف" اخراج أحمد حمدي بالجائزة الأولي وفيلم "وجوه تحكي" للمخرجتين مريم محمد وكريستين نبيل بالمركز الثاني وفيلم "سيركو" اخراج محمد الموجي بالمركز الثالث. 

وفي مسابقة أفلام التحريك فاز فيلم "أصدقاء حتي الموت" اخراج سارة نبيل بالمركز الأول وفيلم "ذات الرداء الأحمر" اخراج يمني علام بالمركز الثاني وفيلم "الأرض الطيبة" اخراج أماني محمد بالمركز الثالث. 

كما منحت لجنة التحكيم 4 أفلام جوائز خاصة وهي: فيلم "أبواب القاهرة" اخراج محمود حمدي وفيلم "حياة طاهرة" اخراج مهند دياب وفيلم "مولد جبل الطير" اخراج أمين صفوت وفيلم "ذكري الموت المرتقب" اخراج وليد السباعي. 

بلغت قيمة الجائزة الأولي 4000 جنيه والثانية 3000 جنيه والثالثة 2000 جنيه وهي نفس قيمة جائزة لجنة التحكيم للأفلام الفائزة. 

نادى السينما

عن فيلم "العذراء والأقباط وأنا"

يكتبه هذا الاسبوع: أحمد زكريا بدوى..

يحاول صانع الفيلم التسجيلي في بعض الأعمال وضع قدر من "الدراما" المكتوبة إلي العمل لكسر نمطية السرد وإضفاء بعض الجو السينمائي ويكون ذلك بقدر معين. حرصًا علي ألا يتحول العمل إلي روائي صرف.

المخرج الفرنسي من أصل مصري "نمير عبد المسيح" تلاعب بالمعهود حيث صنع الدراما من مادته التسجيلية وخلق منها طبقات متعددة بالنسبة للشخصيات وقام بإخراج الفيلم التسجيلي الطويل "العذراء والأقباط وأنا".

جعل رحلة صنعه لفيلمه قصة للفيلم فوجد المنتج الذي يموله للذهاب من فرنسا إلي مصر وملاحقة الحقيقة التي يسعي إليها.. صحة حدث "ظهور السيدة العذراء". 

بعد عدة أيام في القاهرة وتحديدا في "حي الزيتون" فشل نمير في إيجاد المادة التي يبحث عنها لفيلمه. وحتي بعد أن ذهب لأسيوط بالصعيد.. كانت النتيجة ذاتها. 

تخلي عنه المنتج . فلجأ إلي أمه لتأتي من فرنسا لتمويل الفيلم ومساعدته في الخروج بمادة لفيلمه من قلب مولدها بأسيوط حيث استقر أمير في نهاية رحلته غير المجديه جوار أقارب أمه.

الطبقات هي أهم ما يميز هذا الفيلم خاصة انها طبقات بالنسبة لشخصيات الفيلم وعلاقتها ببعض. فبالنسبة للمنتج لا يوجد فيلم وبالنسبة لأمه "المنتج اللاحق للفيلم" الفيلم يبدأ في الصعيد من حيث بدأت هي الإشراف علي الإنتاج وانه حسب طلبها لن تظهر عائلتها في الفيلم الا بالشكل التي تريده هي وتشرف عليه.

أما بالنسبة لأبطال الفيلم "أهل الصعيد" هو مشهد تمثيلهم لظهور العذراء الذي أراده المخرج منهم. وبالنسبة لنمير الفيلم هو رحلته نحو اكتشاف العقيدة ومدي صدق المعجزات التي يصدق عليها الجميع وبشكل آخر الفيلم بالنسبة لنمير هو مجموع كل القصص التي خرج بها من رحلته فهو قد حصل بذكاء يحسد عليه علي كل ما يريده كمخرج من الجميع وبذل جهداً مضنياً في عملية ما بعد الإنتاج لخلق القصة بتلك الطريقة بالإيقاع المشابه للمغامرة بالعقد المتكررة التي يبدو حلها صعباً وربما لم يكن في الحقيقة.

الفيلم جاء كوميدياً بامتياز رغم ان المخرج عاش عمره في فرنسا ولا يعرف عن مصر الكثير إلا أنه عرف عن طريق المصاعب التي واجهها ما يعاني منه المصريون واستخدم ذلك بذكاء داخل فيلمه حيث إنه لجأ في نهاية الأمر إلي تمثيل مشهد مزيف لظهور العذراء وخلق فرحة مزيفة لذلك الشعب البائس.

من أجمل المشاهد هو مشهد مشاهدة أهالي القرية لشريط الفيلم والمشهد الذي أدوه بتوجيه المخرج ورغم معرفتهم اليقينية بأنه مشهد مصنوع لكن بمجرد عرض لقطة ظهور العذراء المصنوعة بالجرافيكس سكن الضحك و تمعن الجميع بتقديس لتجلي العذراء في سماء قريتهم وكأن التاريخ يعيد نفسه من وجهة نظر المخرج وأن العامل الديني ينجح دائماً في اللعب علي أوتار الجموع .

الجمهورية المصرية في

27.05.2015

 
 

«الموسيقار» فيلم في احتفال لمناسبة مئوية فريد الأطرش

بيته في السويداء وقبره في القاهرة

سامر محمد اسماعيل

بعد أربعين سنة ونيّف على غيابه عاد الفنان فريد الأطرش (1915 1974) إلى دار الأوبرا السورية التي احتفت به، تزامناً مع إعلان «اليونيسكو» الاحتفال بمئوية ميلاد الموسيقار السوري الراحل كشخصية العام 2015. المناسبة التي شهدت العديد من الفعاليات الموسيقية والسينمائية التي تجدد ذكرى صاحب «لحن الخلود» كان أبرزها افتتاح عروض فيلم «الموسيقار ـ 30 دقيقة ـ المؤسسة العامة للسينما» لمخرج ه عوض القدرو.

الشريط الوثائقي الذي افتتح هذه التظاهرة خلال أيار الحالي قدم وثائقية لافتة؛ سارداً حكاية هربه ووالدته الأميرة «علياء المنذر» وشقيقه «فؤاد» وشقيقته «آمال» المعروفة بـ «أسمهان» وذلك بعد التهديد الذي تلقته العائلة بالاعتقال من قبل سلطات الانتداب الفرنسي؛ انتقاماً من وطنية والده الأمير «فهد فرحان الأطرش» الذي قاتل ضد الاستعمار الأجنبي.

مخرج «الموسيقار» عوض القدرو قال «للسفير» عن هذه التجربة: «شكّلت لي حالة العشق والحب لخلود فريد الأطرش عبئاً ثقيلاً جميلاً؛ مُحملاً بقداسة سحر الروح الباقية لفريد في وجدانيات كل من أحبه وعشقه؛ فرأيت فيه طائراً يحمل في جناحه الأول أصالته الشرقية؛ وفي جناحه الثاني رسالته الفنية الممزوجة بحزن الغربة عن وطنه سوريا التي غادرها مرغماً تحت بطش الاستعمار الفرنسي؛ ليحلق هذا الطائر الساحر الغريب بعد ذلك ما بين النيل والفرات؛ فبوجدان الطائر رآه الناس في سماء طربه وريشة عوده المجنون الجريح».

عندما ينزوي لعشّه ـ يتابع القدرو: «تراه متخبطاً حائراً بين ذلك المنزل الموجود في السويداء مهجوراً بائساً وبين ولعه بالفن؛ لكنني شعرتُ من الوهلة الأولى أن في هذا المنزل كان يتردد صراخ الطفل فريد؛ فبيته في السويداء وقبره في القاهرة؛ ربما هذا القدر الاستثنائي في كل شيء.. القدر الذي جعل من هذا الرجل واقعاً استثنائياً ورقماً صعباً في تاريخ الموسيقى والفن العربيين... فكل هذا حب.. وغزارة الحب لهذا العملاق كانت لي الحافز والاستفزاز الوجداني لاستحضار روحه الباقية بقاء رسالة فنه الأصيل الذي لن يموت».

حكاية مؤثرة يتلوها فيلم «الموسيقار» عن قصة الهروب إلى بيروت ومنها إلى القدس؛ وصولاً إلى القاهرة بتسهيل من الزعيم سعد زغلول الذي أدخل عائلة «الأطرش» برغم عدم حيازتهم جوازات سفر؛ وذلك للدور الوطني المشهود للعائلة في مقارعتها الاستعمار، لتبدأ بعدها حياة «فريد» الطفل الذي تعرف باكراً على نوادي الغناء المصرية بسبب عمل والدته «علياء» كمغنية في «روض الفرج». المكان الذي سيتعرف فيه الفتى اليافع على أبرز المشتغلين في الوسط الفني المصري؛ ملتحقاً بالمعهد الموسيقي؛ حيث كان يكسب رزقه من بيع القماش وتوزيع الإعلانات.
«الموسيقار» يطوح بمشاهديه على مراحل عدة من حياة «الأطرش» لا سيما عمله مع فرقة «بديعة مصابني» التي ألحقته بمجموعة من المغنين؛ إلى أن نجح في إقناعها بالغناء بمفرده؛ وبعدها ليسجل صاحب «عش أنت» ألحانه الأولى لمصلحة إذاعة القاهرة، والتي كان يغني عبر أثيرها مرتين أسبوعياً برفقة أشهر موسيقيي مصر من أمثال.. أحمد الحفناوي ويعقوب طاطيوس.
الوثائقي استعان عبر سرد حياة «الموسيقار» بتعليق صوتي لأقارب الأطرش، وللموسيقار الفرنسي «فرانك بورسيل» واكبته مشاهد من أبرز أفلامه؛ إذ كان لتوظيف مشاهد بعينها من فيلم «قصة حبي 1955» لمخرجه هنري بركات اقتباس موفق لإعادة ما يشبه محاكاة لحياة عاصفة عاشها «الأطرش» في حنين لوطنه الأم، خصوصاً بعد موت رفيقة دربه «أسمهان» في ظروف غامضة بعد غرق سيارتها في الترعة عام 1944.

العودة

العام الذي سيشهد بعده عودة قوية لهذا الفنان، لا سيما بسطوع نجمه في السينما الغنائية العربية، وقدرته على تقديم أكثر من ثلاثمئة لحن وأغنية رفد بها «الموسيقار» المكتبة الموسيقية العربية لتنتهي حياته في بيروت؛ بعد تعرضه لذبحة قلبية أنهت رحلة طويلة مع المرض؛ حيث سجل الفيلم هذه الحادثة بذكاء عبر مشاهد من أفلام «الأطرش»، إضافةً لقبره في القاهرة وبيته المهجور في مدينة السويداء.

المؤسسة العامة للسينما احتفت على طريقتها بمناسبة مئوية ميلاد الموسيقار الراحل؛ وذلك عبر تظاهرة سينمائية عرضت فيها أهم أفلام الأطرش؛ إذ قدمت بين 15، و19 أيار الجاري، وبمعدل حفلتين يومياً أسبوعاً خاصاً لسينما «الموسيقار»؛ مفتتحةً ذلك بفيلم «عفريتة هانم ـ 1949»؛ معيدةً إلى الذاكرة مجد الزمن الجميل عبر روائع السينما العربية: «زمان يا حب؛ الحب الكبير؛ ما تقولش لحد؛ أنت حبيبي؛ أحبك أنت؛ ودعت حبك؛ نغم في حياتي؛ حكاية العمر كله؛ لحن حبي». الأشرطة التي تعاون عبرها «الأطرش» مع كبار مخرجي مصر من مثل.. هنري بركات، يوسف شاهين، أحمد بدرخان، يوسف معلوف، حلمي حليم.

احتفالية الأوبرا السورية لم تقتصر على فيلم «الموسيقار» بل قدمت «الفرقة الوطنية للموسيقى العربية» أمسية خاصة بهذه المناسبة بقيادة الفنان عدنان فتح الله. مقطوعات وأغنيات «الأطرش» أدتها الفرقة الوطنية على «مسرح الدراما» بأداء لافت لكل من الفنانين محمد الحجار ومحمد قباني وهمسة منيف وبلال الجندي؛ حيث أدى هؤلاء على التوالي جنباً إلى جنب مع المايسترو «فتح الله» باقة من أغنيات الفنان السوري الراحل كان أبرزها أغنياته: «أجل بهواك؛ توتة؛ علشان ما ليش غيرك، أحبابنا يا عيني، ختم الصبر، حبيب العمر» وبتوزيع لافت للفنان كمال سكيكر.

هذه التظاهرة اللافتة شهدت أيضاً معرضاً في بهو دار الأوبرا؛ ضمت بدورها خمسة وعشرين صورة نادرة للفنان الراحل؛ أعدها الفنان والكاتب أديب مخزوم الذي اختارها من بين مئة صورة مكبّرة ومؤطرة، كان قد عرضها نهاية العام الماضي في «ثقافي أبي رمانة بدمشق»، لتشكل نواة معرضه الدائم الذي يقول عنه مخزوم: «هذا المعرض جاء كثمرة تعاون بيني وبين الموسيقي جوان قره جولي مدير دار الأوبرا السورية، وبالنسبة إلي (فريد) هو شخصية كل عام، وكل وقت، ولا يمكن التعبير عن سحر وعظمة وروعة إبداعه بكلمات أو سطور أو حتى بكتب ومجلدات؛ فهنيئاً لعشاق قيثارة السماء فريد الأطرش، الغائب عن العيون، والباقي في القلوب».
نحن كــسوريين ـ وبعيداً عن نزعات التعــــصب الإقليمي ـ يتابع المخزوم: «لنا الحق أن نفتخر ونعتز بهذا الفنان الفذ (إبن سوريا البار بحكم الولادة) الذي مثّل الوطن في أبهى صورة، بعد أن أوصــــل اللحن إلى منتهاه، والسيمفونية الخالدة إلى قمتها، فكان العربي الوحيد الــــذي دخل الموســـوعة الفرنسية للفنانين الخــــالدين عام 1975 إلى جانب كــــبار الموسيقيين العـــالميين الأفــــذاذ، من أمـــثال باخ وموزارت وبيتــهوفن وشـــوبان وشوبرت وسواهم».

فريد الأطرش في سطور

ملحن ومطرب سوري، ولد في جبل العرب بمدينة السويداء جنب سوريا في 12 نيسان 1915؛ وهو أكبر أبناء المناضل «فهد فرحان إسماعيل الأطرش» الذي وقف في وجه المستعمر الفرنسي، ويعد «فريد» واحداً من أعلام الفن العربي؛ لما كان له من أثر في إغناء المكتبة العربية بما يزيد على ثلاثمئة لحن وأغنية؛ إلى جانب الموسيقى التصويرية والمقطوعات الموسيقية التي وضعها لآلة العود والأفلام الغنائية التي لعب دور البطولة فيها وبلغت واحداً وثلاثين فيلماً اشتهر عبرها بشخصية «وحيد» عبر تعاونه مع أبرز مخرجي السينما العربية مثل «هنري بركات، ويوسف معلوف».

تكرّست ظاهرة «الأطرش» في الطرب العربي مع شقيقته المطربة الراحلة «أسمهان» منذ ظهورهما سوية في فيلم «انتصار الشباب» عام 1941؛ الشريط الذي وضع «الأطرش» ألحان الأوبريت الشهير له، متابعاً مسيرته الحافلة في عالم الغناء والتلحين حتى رحيله في بيروت في الثاني عشر من أيلول عام 1975 بعد تعرضه لذبحة قلبية.

السفير اللبنانية في

27.05.2015

 
 

(قديسون وأبرياء) في أسبوع الفيلم الإسباني بعمان

عمان - بترا - مجدي التل

واصل أسبوع الفيلم الأسباني الذي تنظم فعالياته السفارة الاسبانية ومعهد ثيربانتس بالتعاون مع الهيئة الملكية الاردنية للأفلام عروضه في صالة سينما الرينبو بجبل عمان.

وأشار السفير الاسباني سانتياغو كاباناس انسورينا في حفل الافتتاح إن إقامة هذا المهرجان سيكون دوريا كل عام، مبينا ان السينما الاسبانية باتت تستحوذ على مكانة مرموقة في صناعة الفن السابع وتحتفي بانجازاتها مهرجانات وملتقيات السينما فضلا عما تحققه من اقبال وجوائز شهيرة في ارجاء العالم.

وبين أنه جرى ترجمة افلام الاسبوع الى اللغة العربية ليتمكن اكبر عدد ممكن من المهتمين وعشاق السينما في الاردن من متابعتها والاستمتاع بما تزخر به من قصص وحكايات في اكثر من بيئة اجتماعية وسياسية وثقافية سواء في اسبانيا او البلدان الناطقة باللغة الاسبانية.

استهلت عروض الاسبوع بفيلم «ايام الاثنين تحت الشمس» من انتاج عام 2002 والتي تدور احداثه حول اربعة شخصيات من العاطلين على العمل جراء اغلاق المصنع الذي كانوا بعملون فيه فهم يقومون كل صباح بركوب عبارة بحرية تنقلهم الى الضفة الاخرى في سعيهم لايجاد عمل يعتاشون منه دون جدوى، حيث تشكل تلك العبارة لهم المكان الذي يحلم كل منهم في تحقيق شيء مما تبقى لديه من آمال وما يواجهونه من احباطات وصعوبات اجتماعية. شكل الفيلم ايقونة بصرية وظف المخرج فيها أدواته لتصوير المشاهد والتفاصيل الحياتية المفعمة في تلك المدينة المزدحمة بناسها وما تحمله من رسائل عمد المخرج الى تمريرها بذكاء، طارحا من خلالها الكثير من الرؤى والافكار المتباينة تجاه الواقع.

وأعاد الفيلم الأرجنتيني «سر عيونها» الحاصل على جائزة اوسكار لافضل فيلم اجنبي عام2010، ماضي شخوصه وإحيائها، وهو مستوحى من رواية تتمحور وقائعها حول جريمة قتل وقعت قبل 25 عاما، وحكاية حبه بصمت لامرأة دخلت حياته العملية انذاك التقاها بعد تقاعده.

والفيلم الذي راعى فيه المخرج أدق التفاصيل في الحركة والارتكاز إلى الأحاسيس والمشاعر المتباينة بين شخصية وأخرى، وجماليات التصوير، والموسيقا العذبة يختتم باعادة إحياء العواطف بين شخوصه بعد تلك المدة ، في مقاربة ذكية من المخرج بين تحقيق العدالة الغائبة على يد الزوج الذي بقي وفيا لزوجته ولم يرتبط بغيرها، واستكمال مسيرة الحياة وما فات من افصاح عن عواطف ومشاعر بين بطلي الفيلم الرئيسين.

يشار الى ان الاسبوع يضم خمسة افلام روائية طويلة من بينها: فيلم (سر عيونها) للمخرج خوان خوسيه كامبانيلا وفيلم (قديسون أبرياء) للمخرج ماريو كاموس الذي نال جائزتي أفضل ممثل وجائزة لجنة النقّاد في مهرجان كان السينمائي، وتطرح الافلام مجتمعة موضوعات انسانية وجماليات سينمائية عن تحولات لمصائر افراد وجماعات في اكثر من بيئة وحقبة زمنية.

الرأي الأردنية في

27.05.2015

 
 

"الوهراني".. فيلم جزائري يشارك في مهرجان بإسرائيل

الجزائر - عبد الجبار بن يحي

كشف مهرجان السينما بأشدود في إسرائيل عن مشاركة الفيلم الجزائري "الوهراني" لمخرجه إلياس سالم، في 10 يونيو 2015.

وقال مهرجان السينما في إسرائيل أن الجزائر الدولة العربية الوحيدة الحاضرة إلى جانب كل من فرنسا، اليونان، أوكرانيا، جورجيا، الأرجنتين وإسرائيل.

فيلم "الوهراني" الذي أنتجته الجزائر، ورصدت له وزارة الثقافة ميزانية ضخمة مُنحت للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، أحدث جدلا إعلاميا وسياسيا وحتى من قبل الأسرة الثورية في الجزائر في أول عرض افتتاحي له في العاصمة الجزائرية، وأجمع هؤلاء على أن هذا العمل يزيف التاريخ ويسيء للثورة، بيد أن "الوهراني" لا يزال يراهن لحد الآن على إثارة المزيد من الجدل.

مخرج الفيلم صاحب المبادرة

"العربية.نت" اتصلت برئيس الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي المنتجة للعمل، وقال نزيه بن رمضان إن " الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ليس لها أي دخل في المشاركة بالفيلم في هذا المهرجان.. مخرج الفيلم إلياس سالم هو من قام بالمبادرة وقدم الفيلم ليشارك في مهرجان إسرائيل".

وأضاف نزيه بن رمضان أن "الوكالة لا تستطيع التدخل لمنع مشاركة الفيلم في المهرجان الإسرائيلي لأنها لا تملك الصلاحيات ولا حقوق التوزيع".

مسؤولية أمام القضية الفلسطينية

أحمد راشدي مخرج أفلام ثورية جزائرية منها "الشهيد مصطفى بن بولعيد"، و"العقيد لطفي" يقول لـ"العربية.نت" "على إلياس سالم مخرج الفليم أن يتحمل مسؤولياته أمام التاريخ والقضايا القومية العادلة، هو حر إن أراد المشاركة في مهرجان إسرائيلي لأني اعتقد أن إلياس الذي يحمل الجنسية الفرنسية لا يعير أهمية للقضية الفلسطينية مثلما يهتم لها العرب والمسلمون".

وردت وزيرة الثقافة السابقة نادية شيرابي لعبيدي على من طالبوا بوقف عرضه من قبل "لن نوقف عرض الفيلم فالفيلم في حد ذاته موجه لخلق نقاش للجمهور". ولم يقم وزير الثقافة الحالي عز الدين ميهوبي بأي تصريح حول القضية.

وقال إلياس سالم مخرج الفيلم في حديث لـ"العربية.نت" إن الفيلم مبني على قصص من الخيال ولا يوثق التاريخ، ولا تاريخ الثورة الجزائرية، لكنه يبحث عن الهوية الجزائرية"، لربما الهوية التي يبحث عنها إلياس سالم ذي الأب الجزائري والأم الفرنسية ويترجمها في أعماله السينمائية.

وتبدأ أحداث فيلم "الوهراني" في الفترة الزمنية للثورة الجزائرية وتستمر إلى ما بعد الاستقلال ويرصد قصة ثلاثة أصدقاء مجاهدين، تجمعهم الأطماع وتنتهي أحلامهم بالغدر وخيبات الأمل.

العربية نت في

27.05.2015

 
 

العثور على سيرة ذاتية غير كاملة لأورسون ويلز

يوسف يلدا

سيدنيعُثر على سيرة ذاتية لم تكتمل لأورسون ويلز في الصناديق الخاصة بشريكة حياة المخرج الراحل الأخيرة، والتي كانت حصلت عليها جامعة مشيغان.

عَثرَت مجموعة من المختصين والخبراء من جامعة مشيغان على مقتطفات من المذكرات التي كان بدأ المخرج الأمريكي أورسون ويلز، الذي توفي قبل 30 عاماً بكتابتها، والتي تحتوي على فقراتٍ كرّسها لوالديه، وزوجته الثانية ريتا هيوارث، وللكاتب آرنست همنغواي.  وكما ذكرت الجامعة قبل أيام، أنه تمّ العثور على هذه الوثائق بين ثمانية صناديق تعود لممتلكات ويلز، حصلت عليها هذه المؤسسة، والتي كانت حتى الآن في كرواتيا بحوزة الممثلة أوجا كودار، شريكة مخرج "المواطن كين"، على مدى 24 عاماً.

وتشمل محتويات ويلز أيضاً على صورٍ فوتوغرافية غير منشورة من قبل، ورسائل شخصية وخطابات، بالإضافة إلى نصوصٍ سينمائية ستزيد من رصيد أورسون ويلز الفني. ويوضح فيليب هولمان، أمين الدائرة الجامعة للفنون، والتابعة للمؤسسة التعليمية "أن من بين أكثر الوثائق المهمة التي تم العثور عليها ضمن هذه المحتويات الجديدة، مذكرات غير منشورة سابقاً كان أورسون ويلز قد بدأ بكتابتها. وتوجد هناك نماذج يمكننا من خلالها وضع سيرته الذاتية". وكان ويلز قد إختار عنواناً مؤقتاً لمذكراته هو "إعترافات فرقة مؤلفة من رجل واحد". وتمّ كتابة الوثائق على آلة طابعة، وإحتوت على هوامش توضيحية مكتوبة بخط اليد. ويستطرد هولمان قائلاً "أن فرصة مشاهدة ويلز في صورة أب، وزوج، وصديق، تتيح لنا معرفة ما كان يدور خلف الكاميرات، بما في ذلك المشادات والفرص الضائعة والعذاب الذي كان يعاني منه ويلز". وكانت صناديق كودار قد وصلت هذا الشهر إلى جامعة مشيغان، ووفقاً للدراسات التي أجريت على المذكرات حتى الآن، فقد بدت في مرحلة مبكرة من الكتابة.

ويؤكد هولمان الذي أشار إلى وجود أدلة حول الأسباب التي حالت دون أن يكمل ويلز بعض المشاريع الخاصة به "لا يبدو أننا على مقربة من مسوّدة مشروع في نهاية مرحلته، ولكن هذا لا يعني أنه لن تكون له أهمية بالنسبة للدارسين والباحثين". وتتوقع أمينة المكتبة الخاصة بأرشيف الجامعة أن الأمر سيستغرق ما يقرب من خمسة أشهر لدراسة الوثائق حتى تصبح في متناول يد الجمهور. ويصادف العام الحالي الذكرى المئوية لميلاد ويلز (6 مايس/ آيار 1915)، ومن المتوقع أن يتم، ولأول مرة، عرض فيلم "الجانب الآخر من الريح"، الذي صوره المخرج السينمائي ما بين 1970 و1976، ولكن لم يستطع إنجازه أبداً بسبب مشاكل مادية.

هذه الوثائق التي تعد كنزاً سينمائياً  ظلّت خفية منذ وفاة ويلز، في عهدة إبنته ووريثته الوحيدة بياتريس، الغيورة جداً على تركة والدها، والتي تتقاسم حقوق التصرف بها مع الممثلة أوجا كودار، وشركة "لاستروفوري" الفرانكو- إيرانية. وعلى الرغم من المحاولات العديدة للكشف عن هذه الوثائق، استحال التوصل إلى إتفاقٍ بين الأطراف المسؤولة لإكمال "الجانب الآخر من الريح"، حتى جاءت مبادرة كل من المنتجين فرانك مارشال وفيليب جان ريمزا، وشركة "رويال رود إنترتينمينت"، التي تمكنت من فك القيود عنه في عام 2014. ويحق لهذه الشركة وضع اللمسات الأخيرة على الفيلم الذي لا يزال العمل لإكماله جارياً، ولكن بصورة تكتنفها بعض السرية، رغم أن بعض المصادر المقربة من المشروع الفيلمي أكدت لوكالة أنباء "إيفي" الإسبانية أن العملية تسير على قدم وساق وقد بلغت مراحل متقدمة.

إيلاف في

27.05.2015

 
 

البرنامج تجربة جديدة لاكتشاف عالم الإخراج السينمائي السعودي وشبابه الموهوبين

«بعيون سعودية» .. فاقد السينما حين يبدع فيها

نداء أبو علي من الرياض

في خطوة نحو احتضان المواهب والإبداعات السعودية في مجال الإخراج السينمائي، يبرز على الساحة برنامج "بعيون سعودية"، من فكرة وإعداد الممثل ناصر القصبي، بهدف دعم مخرجين شباب يفتقدون المعاهد التدريبية والتوجيه من قبل ذوي الخبرة من المخرجين لقلة عددهم على الساحة وفقدان المؤسسات الداعمة، ولا سيما أن المملكة تفتقد وجود قاعات السينما للاحتفاء بالأعمال المحلية.

لجنة التحكيم في أول حلقة من البرنامج يستهل ناصر القصبي تقديمه للبرنامج بكون السعوديين يعيشون في بيئة شديدة التحفظ تجاه الفنون، وبالتالي لا توجد منصة لتقديم ورعاية الموهوبين ومن هنا يطمح البرنامج إلى إيجاد وصناعة مخرج سعودي. إذ يتم استعراض أفلام قصيرة لـ 15 مخرجا سعوديا من فئة الشباب اللامعين، حيث لا يتجاوز كل فيلم 35 دقيقة، ومن ثم تتم محاكمة المخرج أمام لجنة التحكيم المكونة من القصبي والمخرج السوري حاتم علي والصحافي والناقد السينمائي العماني عبدالله حبيب. أضف إلى ذلك تعليق مختصر عن الفيلم للناقد السعودي فهد الأسطى لمدة لا تتجاوز دقيقة إلا أنها تظهر تمكنا من التحليل. تم اختيار الأفلام القصيرة بانتقاء واضح، وبموضوعات متنوعة تبحث عن قضايا تغلب عليها اهتمامات المجتمع المحلي كدور الهيئة في حياة المواطن من خلال فيلم "شقة 6"، وقيادة المرأة كفيلم "العنود تقود"، وتطور ثقافة التلفاز في فيلم "غصب 1 وغصب2". وموضوعات أخرى تبتعد عن تلك الهموم لتحتفي بتقنيات المخرج كفيلم الإثارة "خش خاش".

20 دقيقة بغض النظر عن مدى جودة الأفلام وتفاوتها حسب خبرة ومدى إبداع المخرج الناشئ، فإن تلك الأفلام القصيرة نجحت في جذب الانتباه، بتقنيات جميلة وقدرة على السرد بعيدا عن إصابة المشاهد بالملل. كما وصف المبدع حاتم علي ما لحظه من خلال مشاهدة تلك الأفلام، بأن هناك تنوعا في الأساليب والطريقة التي يناقش بها السعوديون مشكلاتهم، بنظرة متوازنة، وقدرة على مناقشة موضوعات شديدة الحساسية بهدوء واتزان. لا يتجاوز النقد الذي يواجه به كل مخرج عن 20 دقيقة مركزة، لتتأمل ردود الفعل ما بين مبتسم متقبل لتلك الآراء، أو مضطرب غير واثق من عمله، وآخر رافض لكل ما يستمع إليه مدافع عن العمل وأفكاره بثقة مفرطة. تألق المخرج حاتم علي بآراء تنم عن خبرة من واقع تجربته، واهتمام باكتشاف المجتمع السعودي. كما أظهرت عبارات الناقد عبدالله حبيب المقتضبة قدرة عميقة على الوصف والتحليل، قد يكون اختصرها الوقت المتاح للتحليل. فيما ظهر تخبط الفنان ناصر القصبي، على الرغم من اختياره المميز لفكرة البرنامج وقدرته على إدارة دفته، إلا أن تحليله للأفلام يظهر قصورا إذ يأتي بتلقائية مشاهد عادي انطباعي لا خبرة له، مع ابتعاد عن تحليل عمق الحبكة ومتانة النص. لذلك قد يكون من الأجدى للفنان القصبي النزول من على منصة التحكيم والاكتفاء بإدارة الحوار والبرنامج، مع إعطاء تعليق بسيط يلطف الجو العام.

ليمون أخضر تميز فيلم "ليمون أخضر"، للمخرج مجتبى سعيد، بطبقاته المتعددة. يغوص فيلم "ليمون أخضر" في ثنايا طبقة المسحوقين، أو كما يقول مجتبى سعيد إن عمله يعد "تحية بسيطة لهؤلاء الباعة المعدمين." ما يظهر تأثرا بالطراز الأوروبي الذي يعيش مجتبى تجربته كونه يدرس السينما في ألمانيا. لتنهال ثقافة المكان فتتناثر في العمل بسوداوية طاغية، تعكسها الإضاءة الخافتة، والألوان القاتمة، والكآبة التي تعتلي سحنات الممثلين، حتى النهاية. بأدوات سينمائية بديعة، أغاني تراثية، ومشاهد سرمدية رمزية كالحمام الطائر المتخيل، كتناثر السمك المحتضر.

مغادرة ذلك الفيلم السوداوي يقابله فيلم آخر لافت للمخرج عبدالله آل عياف "مغادرة"، أظهر إبداعه وقدرته على اللعب بالرمزية ومزجها بمواقف ساخرة. فما بين سوداوية الفكرة الطاغية برغبة شخص بالانتحار، يظهر أسلوب يزخر بالتهكم من سلطة المجتمع، إذ تعوق محاولات انتحاره تلك العقد الاجتماعية وخوفه من محاكمة الآخرين له من بعد مماته. وتظهر رمزية بديعة حين يكتشف رضيعا في الموقع الذي يخطط للانتحار فيه، لتلتقي فيه الرغبة بالموت مع بداية الحياة.

شقة 6 يبرز بعد ذلك الفيلم الذي اختير لأول حلقة، "شقة 6" للمخرج حسام الحلوة الذي تفرغ للإخراج وتخلى عن مهنته كمعلم للغة الإنجليزية. وإن كان يفقد الفيلم تألقه ذلك الحوار الطويل ما بين شاب ترتعد فرائصه يطلب منه الهيئة استخدام شقته لمراقبة جاره، ليضيع الفيلم في غمار مناقشة أعمال وحياة رجال الهيئة بأسلوب شديد المباشرة بعيدا عن التقنيات. ليظهر دور التنظير وإقحام نقاشات تصلح كتابتها في الصحف، وتعمد إلى إفساد العمل الفني وفكرته اللافتة، لرجل الهيئة مع إقحام محاولة إظهار مسحة ناعمة وجانب إنساني من رجل الهيئة. تفنن المخرج في ختمه للفيلم القصير بأسلوب جميل يظهر إمكانات وقدرة على تطوير ذاته. وإن كان الناقد عبدالله حبيب قد تفرد في نقد الفيلم الذي يمعن في التنظير، مع إحساس بـ"الكلاستروفوبيا" بمعنى الخوف من الأماكن الضيقة، لأحداث الفيلم المحتشدة داخل شقة، وإن كان ذلك لا يقلل من شأن الفيلم. العنود تقود فيلم المخرج محمد سندي "العنود تقود"، واجهته لجنة التحكيم بلهجة قاسية، وإن نجح في إظهار ذلك الحس التهكمي، بظروف افتراضية، اختار لها التقليل من أهمية إشكالية قيادة المرأة وإظهاره كشأن شخصي بسيط لامرأة تشعر بالتضجر، والتعزيز من تصور خيالي للمحيط لم يتمكن أعضاء اللجنة من استيعابه لغموض بداياته.

أما فيلم غصب 1 وغصب 2، للمخرج سعود عبدالعزيز، فلا يزيد عن استعراض للقنوات والبرامج التلفازية المحدودة فترة التسعينيات، وثقافة تلك الحقبة التي تحاكم كل ما يخالف ذلك. وقد أظهر الفيلم ركاكة في التمثيل، وضعف في البناء السردي. كما تفرد فيلم "خش خاش"، للمخرج ماجد الربيعان، بميله إلى الإثارة وحس المغامرة، بفكرة تجارة المخدرات، التي انتقدها حاتم علي كونها محاكاة للأفلام الشهيرة، باستخدام مطلق مفردات السينما الأمريكية الجديدة، ولا سيما من خلال اختيار الأغاني الأمريكية. وقد برع المخرج السوري في إعطاء نصائح للربيعان لجعل الفيلم يحمل هوية محلية تعبر عن طبيعة المجتمع السعودي. وإن أشادت به لجنة التحكيم لقدرته التقنية واستخدامه الإيقاع السريع.

يعد برنامج "بعيون سعودية" تجربة جيدة لاكتشاف عالم الإخراج السينمائي السعودي، الذي لم يأخذ ما يستحقه من تقدير ومتابعة. إذ يحكي كل فيلم قصة إخراج جميل، وتمكن من أدوات السينما، وقدرة على جذب المشاهدين. قد يكون ذلك لكون أغلبية المخرجين قد درسوا تقنيات السينما في الخارج، أو اشتركوا في أنشطة ومؤسسات ومواقع إلكترونية داعمة للإخراج السينمائي، أضف إلى ذلك لمسة إبداعية تظهرها الميول منذ الطفولة بغض النظر عن تعدد الثقافات والرؤى.

الإقتصادية السعودية في

27.05.2015

 
 

MAGGIE زومبي ولا كل الزومبيات

المصدر: "دليل النهار" - جوزفين حبشي

لا شك في ان الممثلة ابيغايل بريسلن تحب افلام الزومبي بدليل انها تشارك للمرة الثانية بعد فيلم Zombieland في شريط من هذه النوعية من خلال الثريلر الدرامي الجديد Maggie. لكنها المرة الاولى على ما اظن، التي تقدم فيها "الزومبيات" بعيداً عن المبالغات والدموية المشهدية، من خلال سيناريو يرتكز اكثر على الواقعية، مقدماً جرثومة الزومبي كأي جرثومة مرض آخر، تحتاج الى وقت كي تتفشى وتبدأ أعراضها بالظهور والتطوّر، وهذا ما لم نعهده في الافلام الاخرى من هذه النوعية، حيث يتحول الانسان سريعا الى زومبي. كما انه، اي السيناريو، يركز على جوانب اخرى، مثل الدراما والمأساة العائلية والوضع النفسي للمصابين ولذويهم، لحالات الحزن والتشاؤم التي تصيبهم فينعزلون ويغرقون في الحزن، لمرحلة الرفض والانكار التي تنتهي بالاذعان والرضوخ، للرعب الحقيقي الذي لا يتمثل فقط بمظهر الزومبيات التي تفترس البشر محولة الميادين حمامات دم، بل يظهر في عيون العائلات الخائفة على اولادها. اي بمعنى آخر، Maggie هو فيلم عن الزومبي لكنه لا يشبه فيلماً تقليدياً كليشيه عنهم، لأنه معالج بشكل مبتكر، وبايقاع بطيء وبحميمية تشدد على الانفعالات القوية وتبتعد عن الاستعراض المرعب السابق، مركزاً اكثر على عوامل انسانية مؤثرة وعلى علاقة اب بابنته، من خلال تسليطه الضوء على قصة المراهقة ماغي (ابيغايل بريسلن) التي تصاب مثل معظم سكان الولايات المتحدة بجرثومة غامضة وتقرر الهرب من البيت، بعدما تفرض الحكومة وضع كل المصابين في الحجر الطبي قبل ان يتحولوا "زومبي". لكن والدها وايد فوغل (ارنولد شوارزينغر) يحاول حمايتها، حتى لو كلفه الامر مواجهة الشرطة. Maggie، الشريط الروائي الطويل الاول للمخرج هنري هبسون، ليس فقط شريطاً يغرد منفرداً خارج سرب افلام الزمبي، بل قد يكون أيضاً اجمل واكثر ادوار الممثل ومنتج الفيلم ارنولد شوارزينغر انسانية وملامسة للمشاعر. بدورها الممثلة الموهوبة ابيغايل بريسلن ابنة ميل غيبسون في شريط نايت شايملان المرعب Signes وابنة طوني كوليت في الدراما الكوميدية المنعشة والمستقلة Little Miss Sunshine التي رشحت عنه للاوسكار، بارعة فعلاً في تجسيدها تطور المرض عليها من الناحية النفسية والجسدية. انفعالاتها، خوفها، انكارها، يأسها، وحدتها، حزنها، احاسيس تترافق وتتزاوج مع انهيار تدريجي بالشكل الخارجي تمكنت من اجادته بفضل شعر مستعار وماكياج خاص وعدسات لاصقة لعدة مراحل من تطور المرض حيث تتغير نظرات العين فتصبح كأنها ضائعة ثم تكثر الهالات السوداء، ثم تصبح العدسات بيضاء مع اختفاء البؤبؤ قبل ان تتحوّل سوداء بالكامل.

النهار اللبنانية في

27.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)