كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«صور ممنوعة» في السينما المصرية:

حكايات سينمائية مُمَسْرَحة من المُباشرة إلى التجريب

محمد عبد الرحيم - القاهرة ـ «القدس العربي»:

 

من التجارب الفنية في السينما المصرية تناول عدة حكايات بممثلين ومخرجين مختلفين، من خلال فيلم واحد يحاول عنوانه أن يكون الرابط بين هذه الأفلام القصيرة نسبياً، وهو لم تعتده السينما المصرية ولا جمهورها. لكنها كانت تجارب لها السبق في مثل هذا الشكل الفيلمي.

على سبيل المثال لا الحصر فيلم «البنات والصيف» 1960 الذي كتب قصصه الثلاث إحسان عبد القدوس، وقدمه كل من عز الدين ذو الفقار، صلاح أبو سيف، وفطين عبد الوهاب. وفيلم «3 قصص» 1968، عن قصص لنجيب محفوظ، يوسف إدريس، ويحيى حقي، ومن إخراج إبراهيم الصحن، حسن رضا، ومحمد نبيه، على الترتيب. وفيلم «الكدابين الثلاثة» 1970 عن قصص لكتاب مختلفين، كتب لها السيناريو وقام بالإخراج منير التوني. ليأتي «صور ممنوعة» إنتاج المؤسسة المصرية العامة للسينما عام 1972، امتداداً لهذا الشكل الفيلمي، وليكون أكثر طموحاً من التجارب السابقة.

الهاجس الطبقي

العامل المشترك بين الفيلم الأول والثاني في الترتيب هو كاتب السيناريو رأفت الميهي، فالأول بعنوان «ممنوع» تأليف الميهي وإخراج محمد عبد العزيز. بطولة ماجدة الخطيب، توفيق الدقن، نور الشريف، زيزي مصطفى. والثاني بعنوان «كان» قصة محمد صدقي، وسينايو وحوار رأفت الميهي. المسألة في البداية تبدو في استعراض التفاوت الطبقي ــ لم يكن التفاوت الفئوي قد اتضح بعد للفنانين والمُنظرين. ــ خاصة بعد إشارة لوسيان جولدمان إلى أن الفئة هي التي تحاول الحفاظ على مصالحها، من دون الاقتصار على الطبقة ــ إلا أن المُلاحظ بداية هو التعامل المسرحي مع الحكايتين، من حيث المكان الواحد الذي يجمع معظم الأحداث، سواء الكازينو الشهير على النيل في الحكاية الأولى، أو حمّام السيدات الشعبي في إحدى الحارات في الحكاية الثانية.

ممنوع

حامد السُفرجي/نور الشريف من إمبابة يعمل في كازينو شهير على النيل، يرى عالما آخر غير الذي اعتاده طوال حياته، نساء ورجال وكأنهم كائنات فضائية، لا يستطيع الحلم بهم، يذهب إلى بيته وتحت إلحاح شقيقته/ماجدة الخطيب، نتيجة سماعها حكاياته عن هذا العالم، يأخذهم في رحلة إلى المكان أشبه بالحلم، مع محبوبته روحية/زيزي مصطفى، وزوج شقيقته/توفيق الدقن، الذي يعمل سائق عربة كارو. في وردية الحراسة الليلية والمكان أصبح ملكاً لهم، يعيشون هذا الحلم لفترة، من أكل وشرب ورقص، حتى لحظة دخول عسكري الدرك، الذي يبدو انه من طبقتهم الاجتماعية نفسها، ويحلم هو الآخر ويجلس كأحد الزبائن الذين طالما طالعهم مشدوهاً. حتى يأتي رجل وصديقته للمكان كزبائن فعليين، وينكشف الأمر، ويتشاجر معه سائق الكارو تحت تأثير الخمر، ويدفع حامد ثمن حلمه، بفقدانه وظيفته وغرامة عما حدث من خسائر تقدّر بـ 50 جنيها، خسر معها الجميع «الحمار» الذي يجُر العربة الكارو، ليحل محله سائقها، وهو يُكرر جُملته التحريضية في الفيلم … إحنا لوحدنا ما ينفعش، لازم إمبابة كلها تيجي المكان، ساعتها ما حدش هيعملنا حاجة. «إمبابة كلها يا بلاش» وهي جملة ثورية رومانتيكية، تأتي على لسان الواقعي الوحيد بين الحالمين.

كان

يعكس الميهي الأمر في الحكاية الثانية، فالمكان الشعبي تأتي إليه الممثلة الشهيرة ابنة الحارة في الماضي سنية/نبيلة عبيد، لتقوم بدور فتاة شعبية في الحمام الذي شهد قصة حب حسونة/حمدي أحمد لها، والذي مازال يراها فتاة أحلامه، والتي تنقلت بعد موت أمها للعمل مع أحد الحواة، ليبدو الأمر بعد ذلك وكأنه شغل حواة، خاصة في لقطات نصب أدوات التصوير في الحمّام الشعبي، من كاميرا وشاريوه وأدوات إضاءة ــ هالة النجومية الخائبة ــ وإشعار الآخرين أن هذا العمل لا يقوم به سوى السَحَرة وأصحاب الخوارق، ليشترك حسونة في العمل بصفته نجاراً، ويحضر التصوير، لتتعرف عليه سنية بالكاد، وتخرج له النقود فيرفضها، وترحل عن الحارة في ضيق وغضب شديدين.

هنا العنصر المتبرئ من ماضيه هو الذي يرحل، ويُطرد رغم شهرته الزائفة، وهو انتقام فني ــ عدالة شعرية ــ أكثر منه حلا واقعيا، بما أن حسونة الحالم دوماً كان لابد من الرد على حلمه بصفعة واقعية، لم يستطع كاتب السيناريو أن يتركه خائباً، بل انتقم له بطرد ممثلته ومحبوبة طفولته وصباه، حتى تستريح نفسية الجمهور قليلاً، ويلقى التعويض المناسب وهو يُكيل للمُمَثلة ــ لاحَظ مهنتها ــ أشد اللعنات!

«حكاية الأصل والصورة» … ما بين الرمزية والتجريب

عن قصة «صورة» لنجيب محفوظ يقدم المخرج وكاتب سيناريو الفيلم مدكور ثابت فيلمه «حكاية الأصل والصورة» محاولاً استخدام المنهج البريختي في الدراما، وذلك من خلال قصة رمزية كتبها نجيب محفوظ في فترة القصص الرمزية بعد عام 1967، تلك الفترة التي كانت عصيّة على التفسير، وكان الأسلوب الرمزي أكثر تعبيراً عنها، وقد فاقت نتائجها الواقع. إلا أن مدكور ثابت حاول تحويل الرمزية إلى تجريب، مما جعل من الفيلم تجربة متميزة في تاريخ السينما، رغم صعوبة الفيلم، وما أضافه المخرج إلى القصة الأصلية من تفاصيل وبنيات درامية، تحيل دوماً إلى إشارات ومواقف في التاريخ الإنساني ككل، بداية من يوحنا المعمدان ورقصة الغلائل السبع لسالومي، وحتى تمثال كاتمة الأسرار لمحمود مختار، الذي أصبحت له دلالة كبيرة في الفيلم … فبجوار التمثال يصرح البطل للبطلة بحبه، وأيضاً تحكي الطفلة عن القتيلة صاحبة الصورة!

الحكاية

جثة ملقاة عند سفح الهرم، وخبر في الجريدة لصورتها التي لم تظهر بوضوح، يقول إنها لسائحة أجنبية عند الهرم. صحافي/محمود ياسين، وصحافية/شهيرة، يبحثان الأمر، يريدان معرفة القتيلة وسرّها، بينما ضابط الشرطة يهمه معرفة القاتل. والسؤال يصبح لمن ستنسب البطولة للقاتل أم المقتول؟ ثم أشخاص خارج نطاق الجريمة يتعرفون الصورة وصاحبتها، فهي … «شلبية» الخادمة عند أحد الموظفين، وكان دائم التعرّض لها، وهي «سميرة»، العاملة بمصنع نسيج، يملكه أحد رجال الصناعة، الذي يتزوجها عُرفياً، ويسعى لإجهاضها، ويطردها بعد ذلك، وهي «فافي» إحدى صديقات رجل الأعمال، الذي يعمل في أعمال مشبوهة، ويُتاجر بالفتاة نفسها، ثم يتدخل المخرج ويكتفي بهؤلاء المتورطين، لأنه لا يقتنع بهم، ويذهب بعيداً، في خمارة وبيت هوى، لتصبح إحدى فتياته الشهيرات «درية»، وينتظرها عاشق وحيد، طالب في إحدى الجامعات، ربما يكون هو مَن فعلها، ليصل الأمر أخيراً إلى بيئتها الحقيقية/الريف المصري، فهي «فكيهة» المتمردة، التي تحلم بالهجرة للقاهرة، والتي دفنها أبوها رمزياً آتياً بها في نعشٍ خال، حتى يتقي شر الفضيحة. ويتحدث الأب العجوز بعبارة مباشرة أضعفت تماماً من البناء الفيلمي والأحداث المتشابكة، وكأنها نغمة تقريرية نشاز، إذ يقول «صورة المقتولة صورة بلدنا كلنا»!

البناء الفيلمي

حاول المخرج مدكور ثابت اختبار منهج التجريب حتى مداه، من خلال حكاية رمزية، وبتطبيق نظرية بريخت في المسرح الملحمي، التي حاولت الوقوف ضد نظرية أرسطو في الدراما، حيث التماهي والتطهير، بل هناك الحد الفاصل الدائم بين ما يحدث وبين الجمهور/كسر الإيهام، حتى يحاول الأخير استيعاب الأمر والتفكير فيه، بديلاً عن تنظيرات أرسطو التي تخدم السُلطة في المقام الأول. من هنا ورغم الطابع المسرحي في عدة مشاهد، وكان من الممكن أن يستسهله المخرج، إلا أنه كان أكثر سينمائية من الفيلمين السابقين، فاللغة السينمائية ومفرداتها من كادر وتكوينات، ومونتاج مختلف الإيقاع ما بين الحدث من الداخل والخارج، عمّقت الحالة التي يريد المخرج إيصالها، وكذلك.. الكادر ذو التكوين الأقرب إلى المدرسة الروسية، من تباين الإضاءة الواضح، والقطع السريع المتواتر على بعض أجزاء الجسد، أو الأشياء الصمّاء، تمثال/صورة وما شابه. 

الأمر نفسه ينطبق على الأداء التمثيلي، والحديث إلى الكاميرا فجأة أثناء المشهد، أو حتى في اللقطة الواحدة، وهو ما يفصل الخط التجريبي عن القصة الدرامية لنجيب محفوظ. إضافة إلى تنويع شريط الصوت… من مُعلق من الخارج، صوت يقرأ الجريدة/ أصوات الطائرات/ إلقاء مقطوعة من هاملت.

إضافة إلى إحالات إلى تاريخ ووعي الإنسان… المسيح/المعمدان/الرقص البدائي/ أقنعة الحيوانات «رجال الأعمال» لتجسيد حالة البدائية والتوحش وانعدام القيم.

لقد حاول «ثابت» أن يخلق نهجاً من الصعب أن يلقى المتابعة من جمهور دأب على رؤية السينما كأداة للتسلية، وكان الجانب النظري هو المسيطر عليه تماماً عند التطبيق، ولكن… هل نجح بريخت نفسه في تطبيق نظرياته المسرحية على أعماله، أي التطبيق المطلق لهدذ النظريات والأفكار؟!

فندق بودابست: أدوار جديدة للكوميديا

سليمان الحقيوي

في فيلمه "فندق بودابست الكبير"، لا يكاد يغيب شيء من الجمال المعتاد للمخرج ويس أندرسون؛ بداية بحرصه على ترصيع عمله بعدد كبير من النجوم، واعتماده سرداً قائماً على الإدهاش، ثم نهجه الأثير لكوميديا التفاصيل البسيطة. لمن يعود فندق بودابست الكبير، الموجود على قمة جبل زوبروفكا (مكان خيالي)، الذي فقد كثيراً من صيته وزبائنه؟

هذا السؤال شغل الكاتب ويلكنسون، الذي أقام في شبابه بالفندق في فترة كساده برفقة ضيوف قليلي العدد وغريبي الأطوار. دفعه هذا الفراغ الموحش وبرود العلاقات مع النزلاء إلى شغل نفسه باختلاق أحاديث مع عامل الاستقبال؛ بعضها عن تاريخ المكان وبعضها عن نزلائه المختلفين.

ومن حظ ويلكنسون سيتعرف على أكثرهم غرابة وانزواء وهو زيرو مصطفى (الممثل إف. موراي أبراهام) مالك الفندق، الذي سيدعو ويلكنسون إلى العشاء وسيروي له حكاية غريبة عن فتى الصالة الذي أصبح مالكاً لفندق بودابست.

قصة زيرو (الممثل طوني ريفولوري) الذي جاء شاباً إلى الفندق كعامل صالة، سيلتقي في أول يوم عمل له بالسيد غوستاف (رالف فينيس) مدير الفندق أثناء وداعه للعجوز دي (الممثلة تيلدا سوينتون). معاشرة المسنات كانت عادة لدى غوستاف يحرص عليها وله وجهة نظر خاصة يبرر بها ذوقه.

"تسير الأحداث في دوائر سرد متوازنة تشكل قصصاً جانبية للقصة الأم"

السيدة دي فاحشة الثراء وكانت تحب غوستاف كثيراً، ما دفعها إلى التفكير به أثناء كتابة وصيتها، إذ ستوصي له بلوحة الولد مع التفاحة الرائعة والثمينة، الأمر الذي أشعل نار غضب وريثها ديمتري (الممثل أدريان برودي) فيحاول التخلص من هذا الوريث المفاجئ، ثم سيسرق غوستاف وصديقه زيرو اللوحة، ويخفيانها بسرية في الفندق، وبعد موت السيدة دي سيُتّهم غوستاف بقتلها ويزج به في السجن.

تسير الأحداث في هذا العمل في شكل ترابطي، فهناك دوائر سرد متوازنة تشكل قصصاً جانبية للقصة الأم، أو ما يسمّيه تودوروف بالأدب الإسنادي الذي "يهتم بعلاقات الترابط والتضمين في السرد بين القصص المتوالدة عن الحكاية الإطار أو الحكاية الأم"، حيث إن حكاية غوستاف تؤطر حكاية زيرو، ويخضع السرد أيضاً لهذه الخاصية من حيث تغير دور الراوي بين زيرو وغوستاف والكاتب ويلكينسون، بما يشكّل طبقات من الفلاش باك مختلفة في الزمان والمكان والشخصيات، لكنها مترابطة ومنسجمة مع خطية القصة وسردها الممتع، الذي يحضر فيه الكثير من أسلوب أندرسون وطريقته الفريدة في بناء الصراع، إذ لا يعتمد الجدية المفرطة ولا الواقعية مثل ما فعل في أفلام سابقة.

كتب أندرسون سيناريو الفيلم بالتعاون مع هوغو غينيس، مقتبسين رواية النمساوي ستيفان زفايغ "احذر الشفقة"، ويعتبر الفيلم أحد أهم الأعمال المنتجة السنة الماضية، وقد فاز بأربع جوائز أوسكار أهمّها عن موسيقاه التصويرية. يثير فيلم "فندق بودابست الكبير" الفضول لمشاهدة أعمال أخرى لأندرسون صاحب الأساليب السينمائية المتجددة.

القدس العربي اللندنية في

17.05.2015

 
 

الزعيم عادل امام.. صانع البهجة في عيد ميلاده الـ75

«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير

أكثر من نصف قرن وهو يجلس متربعا على عرش الكوميديا على امتداد الوطن العربى، سبقه فنانون عظام، ولحقت به مواهب شابة، وبقى هو الأكثر تأثيرا وارتباطا بوجدان الناس، والأكثر اخلاصا لهذا العرش، يبتعد عنه بأدوار جادة ثم لايلبث ان يعود اليه، ليظل عادل امام نجم الكوميديا الأول بلا منازع، ومع كل عرض لفيلم جديد له تنسحب الأفلام الأخرى وتتوارى أمام نجوميته وجماهيريته، واليوم تحتفل «سينماتوغراف» بعيد ميلاده الـ75، وقد ملأ الدنيا وزادها بهجة، بأعماله الكوميدية الممتدة مع رحلة عطاءه المتواصلة.

من المعروف أن عمالقة فن الكوميديا لا يختارون الكوميديا عن سبق إصرار وترصد، بل الكوميديا هي التي تختار نجومها، وقديما أراد نجيب الريحاني أن يكون تراجيديا، فكان للناس رأي آخر وأجبروه علي أن يغير مساره، تماما مثل إسماعيل ياسين الذي جاء من مدينة السويس إلي القاهرة ليغني في الأفراح قصائد عبد الوهاب الحزينة «أيها الراقدون تحت الثري»  فرماه المعازيم بالطماطم والبيض، فقدم لهم «مونولوجات» ومن بعدها بدأ مشواره مع الكوميديا.

ومالا يعرفه كثيرون أن عادل إمام سار في نفس الاتجاه، طلب في بداية الستينات من المخرج حسين كمال أن يمثل احد الأدوار الجادة في مسرحية «ثورة القرية»، ولكن المخرج الكبير قال له أنت كوميديان، وأعطاه دورا هامشيا رجل في السوق يبيع العسلية، وفي كل يوم يصعد فيه عادل إمام إلي خشبة المسرح ليردد جملة «معايا عسلية بميلم الوقية» تنفجر ضحكات الجمهور، والتي زادت مع «دسوقى أفندى» وجملة حملت أسلوب أدائه الساخر، وظلت حتى الآن يتندر بها الناس «بلد بتاعة شهادات صحيح» والتى كان يرددها فى مسرحية «أنا وهو وهى»، ومرورا بـ «زعيم أونطه في مدرسة المشاغبين»،  وتوقفا عند الأفيه الشهير « لو كل واحد عزل من بيته عشان ساكنه تحت منه رقاصة البلد كلها هتبات في الشارع» في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة»، ووصولا إلي «الواد سيد الشغال»و«الزعيم»، ثم أخيرا مسرحية  «البودي جارد»، حيث ملك عادل إمام قلوب المشاهدين بالضحكة والدمعة وأخذ الكوميديا إلي الدراما الإنسانية الفاعلة، ولكن سرعان ما إختطفته السينما في بداياته ليصبح أحد فرسان الضحك ثم زعيما لعرش الكوميدية، ليقدم عشرات الأفلام التى حمل بعضها مضامينا سياسية، عبرت عن قضايا اجتماعية شائكة، ليستقر في القلوب سفيرا فوق العادة لإدخال السرور في نفوس الناس.

ولا يختلف احد حول عادل امام باعتباره الكوميديان الذي جمع بين الضحك والبكاء، والمشاغب الذي جلس علي عرش زعامة السينما، فهو رمز للفن المصري والعربي المعاصر، اسمه علي «أفيش» أي فيلم أو مسرحية يعني رصيد في شباك التذاكر، ودخول العمل إلي ذاكرة الخلود الفني، والأهم بقاءه في وجدان المتفرجين لسنوات، فهو نجم شامل غير محسوب علي المسرح فقط مثل محمد صبحي، ولا هو محسوب علي السينما مثل الراحل أحمد زكي، فعادل إمام خليط من النجاح في آن واحد عبر مجالات ودروب الفن المتعددة.

هو النجم الذى عبّر بخيال سينمائى خاص عن أحلام المهمشين فى المجتمع ورصد آمالهم وهمومهم وإنسانيتهم، من خلال روائعه «احنا بتوع الأتوبيس»، «حب فى الزنزانة»، «الهلفوت»، «المتسول»، «حتى لا يطير الدخان»و«رجب فوق صفيح ساخن» وغيرها، ووقف ضد الرأسمالية وتغول السلطة فى فيلمه «الغول»، وحارب الإرهاب والتشدد بـ«طيور الظلام» و«الإرهابى» و«الإرهاب والكباب»، وواجه نفوذ رجال الأعمال فى أفلام عديدة منها«المنسى» وغيرها، وعبر عن أحوال البلد في «عمارة يعقوبيان»، و«اللعب مع الكبار»، وتصدى لقضية التطرف الدينى فى فيلم «حسن ومرقص»، وشريط قطار عادل إمام السينمائي الذي يبلغ حوالي 120 محطة سينمائية، جعله يصعد إلي القمة، وصحيح من الصعب الوصول إلي القمة، لكن الأصعب هو الاحتفاظ بمكان عليها لوقت طويل، عبارة لابد أن نتذكرها عندما تتابع مجمل أفلام عادل إمام التي بدأت بمشهد لا يتعد الدقائق الخمس، وانتهت بحصوله علي لقب زعيم الكوميديا في العالم العربي.

ومنذ منتصف التسعينات .. عندما غزت أفلام محمد هنيدي ومن بعده محمد سعد شاشة السينما، توقع بعض النقاد انتهاء ظاهرة عادل إمام وخصوصا عندما حققت هذه الأعمال إيرادات تخطت الملايين وهو أمر لم تعتده السينما المصرية وقتها، إلا أنه أكد حينها أن لكل زمن أوانه ونجومه وانه لا يخشي هنيدي أو غيره لأنه مازال يمتلك إمكانيات لم يكشف عنها بعد رغم مرور سنوات عمره.

يرفض أن يطلق علية لقب «الديكتاتو » أو المغرور، يعيش حياته مع جمهوره ونجاحاته بشكل طبيعي، أسرته وعمله هما همه الوحيد، يري أن حال الأمة العربية أصبح مبكيا وحضارتها تقاس بمشاريعها الإنسانية.

عادل إمام بالفعل نجم لم تغب عنه شمس النجومية، بل هو مكتشف النجوم والكتاب والمخرجين، فأي وجه كان يطل من نافذته الفنية يركب قطار الشهرة سريعا، إنه زعيم السينما وصانع بهجة الجمهور بلا منازع.

«وهران» يكشف تفاصيل دورته الثامنة

الجزائر ـ «سينماتوغراف»: وردة ربيع

كشف إبراهيم صديقي محافظ مهرجان «وهران» للفيلم العربي، في تصريحات صحفية، عن أسماء نجوم الفن السابع الذين سيحلون بمدينة وهران «450 كلم غرب الجزائر»، لحضور فعاليات مهرجان وهران للفيلم العربي والتي تبدأ من 3 حتى 8 يونيو المقبل.

وفي إطار احتفاء المهرجان في دورته الثامنة بالسينما التركية، سيحضر نجوم المسلسل التركي الجماهيري «حريم السلطان»، بعد تأكيد موافقة ألمع أبطال المسلسل، الذي إمتلك قلوب ملايين المشاهدين في الوطن العربي، لحضور الطبعة الثامنة للمهرجان، التي يرأسها شرفيا المخرج الجزائري «لخضر حامينه»، الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.

وأشار إبراهيم صديقي إلى : «أن السينما التركية ستشارك بثلاثة أفلام من بينها فيلم «حلم الفراشة»، الحائز على جوائز في عدة مهرجانات عالمية».

وأكد محافظ مهرجان «وهران» للفيلم العربي: أن «نجوم الدراما المصرية سيحضرون بقوة أيضا في هذه التظاهرة السينمائية، بعد تأكيد حضور الفنان يحي الفخراني، محمود حميدة، نور الشريف وبوسي والاعلامي منير فوزي وأيضا الفنانة ليلى علوي، التي سيتم تكريمها من طرف إدارة التظاهرة».

وستحضر سوريا ممثلة في نخبة من نجومها، حسب محافظ المهرجان، الذي أكد في تصريحت صحفية، حضور الفنان جمال سليمان، سوزان نجم الدين وسلاف فواخرجي وباسل الخطيب ورغدة.

وأشار محافظ مهرجان «وهران» إلي أن الفيلم الجزائري حول الشهيد العقيد لطفي لمخرجه أحمد راشدي، تمت برمجته في حفل الافتتاح بينما سيختتم فيلم المخرج الجزائري لخضر حمينة «غروب الظلال» التظاهرة السينمائية.

وسيشارك الفيلم اليمني «اسمي خديجة وأنا مطلقة في العاشرة»، ضمن الأفلام المتنافسة في المهرجان وأيضا الفيلم الأردني «ذيب»، وسيكون الجمهور على موعد مع العرض الأول لفيلم «المتطرف» لصاحبه مساعد مخرج فيلم«تمبكتو»، إضافة إلى فيلم «عيون الحرامية» لخالد أبو النجا وسعاد ماسي والفيلم الإماراتي «من الألف إلى الياء»وأفلام أخرى تمثل عدة بلدان تتنافس على جائزة «الوهر الذهبي».

وستنشط الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة، فعاليات مهرجان «وهران» للفيلم العربي في دورته الثامنة، نجمة مسلسل «ذاكرة الجسد» سبق وأن شاركت في فعاليات الدورة السابعة للمهرجان، عضواً في لجنة تحكيم الافلام المتنافسة.

وتكرم إدارة مهرجان «وهران»، للفيلم العربي أسماء فنية لامعة قدمت الكثير للفن السابع، من بينها الفنانة المصرية الراحلة فاتن حمامة التي سيعرض لها فيلم تسجيلي بعنوان«الفاتنة» من إخراج ماجي أنور، وسيكرم المهرجان الروائية الجزائرية الراحلة آسيا جبار والفنانة الجزائرية القديرة فتيحة بربار وقصي صالح درويش.

وكشفت محافظة مهرجان «وهران» عن أعضاء لجنة تحكيم الأفلام الطويلة التي سيرأسها المخرج المصري، علي بدرخان، فيما ستكون الفنانة صبا مبارك، عضواً فيها مع الناقد التركي محمد بسوتسو وغيرهم.

وتحاول الدورة الثامنة لمهرجان «وهران» للفيلم العربي، إنشاء سوق تجارية للتوزيع والإنتاج المشترك في المنطقة العربية، ومدينة للإنتاج السينمائي والفني، وميثاق للمهرجان واحتفاء بالرواية العربية والسينما.

سينماتوغراف في

17.05.2015

 
 

الوهر الذهبي يداعب 'أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة'

الجزائر – ينافس الفيلم اليمني "أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة" بقوة على جائزة "الوهر الذهبي" في مهرجان وهران للفليم العربي في نسخته الثامنة التي تنطلق بداية من 03 جوان/يونيو إلى غاية 08 جوان/يونيو.

فاز فيلم "أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة" للمخرجة اليمنية خديجة السلامي في وقت سابق بجائزة أفضل فيلم روائي في المسابقة الرسمية لجوائز المهر العربي بمهرجان دبي السينمائي الدولي.

والفيلم يتناول قصة أصغر مطلقة في اليمن واسمها "نجود"، بعد أن رفض والدها اقتراح شقيقتها الكبرى بأن يسميها "نجوم"، لأنها حينها كانت تعد النجوم وأمها في المخاض، ومع ذلك ظلت أسرتها تناديها نجوم باستثناء والدها.

ومن هذا الاسم تستطيع الدخول الى حياة "نجوم" المتمردة منذ الصغر والقريبة الى قلب والدتها كثيراً، وعلاقتها المميزة مع شقيقها.

وكانت فتاة مدللة من الجميع، وتعيش حياة سعيدة في قريتها، تساعد شقيقتها على رعاية الغنم، وتختلس بعض الوقت للعب.

وتنقلب الامور راسا على عقب حين تتعرض شقيقتها الكبرى للاغتصاب من ابن رجل من اصحاب النفوذ في القبائل فتكبر مشاعر الخوف لديها من الرجال.

وتولد لدى الاب مشاعر متضاربة وينتابه الخوف من حالة اغتصاب أخرى تتعرض لها احدى بناته مما يضطره الى تزويح ابنته "نجوم" التي تبلغ من العمر 10 سنوات لرجل ثلاثيني وقبض مهرها.

ولم تعرف الطفلة اليمنية الصغيرة نجود ماذا تعني تلك الحمرة والكحل على عينيها في ليلة زفافها؟ اعتقدت أنها كغيرها من الفتيات في سنها ستلهو بلعبتها الصغيرة، وستقضي ليلة عادية وبريئة.

ولم تعرف أنها ستذهب إلى "الجحيم" في تلك الليلة السوداء، فصدمتها رائحة ذلك الرجل الغريب، الذي اعتبره القانون زوجها، فيما شعرت هي أنها تحاول الدفاع عن نفسها ضد ما اعتبرتها عملية اغتصاب موجعة من رجل يكبرها بعشرين عاماً.

ويضربها زوجها بقوة، بسبب رفضها اللإقتراب منه وهي تصرخ بصوت متهدج "لا تلمسني".

وهنا، ياتي صوت والدها "زوجتك ابنتي الحرة، العفيفة، نجود".

وتهرب نجود إلى أمها، تشكي زوجها لها، قائلة إن "زوجها يؤذيها ويجبرها على قول كلام بذيء" فترد الوالدة "هذا زوجك، ولديه الحق بذلك".

وتحاول الطفلة اليمنية أن تمضي نهارها في أعمال شاقة، قبل أن يفرغ صبرها تماماً، ولا تعد تحتمل رجل يحظى بمودة كل من حوله، إلا هي، وتبدأ رحلة التمرد على الواقع، فتلجأ الى المحاكم وتعبأ الرأي العام الذي ايد قضيتها.

وتهرب الزوجة القاصرة الى منزل والدها قاصدة المحكمة، تشكو قصتها الى القاضي الذي يتعاطف معها ويقرر اصطحابها الى منزله الذي تتعرف فيه إلى ابنته وتدرك أن ثمة حياة كاملة مختلفة لها علاقة بالعلم والدراسة لم تكن قريبة منها.

وقالت مخرجة فيلم "أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة"، والتي نالت العديد من الجوائز وفي رصيدها 25 فيلماً وثائقياً، والحائزة على جائزة "جوقة الشرف" الفرنسية، إن "هذه القصة الواقعية هزت اليمن والعالم العربي والعالم،" مضيفة أنها اختارت العمل على هذه الفكرة، بسبب زواج الفتيات بشكل مبكر في اليمن نتيجة التقاليد والجهل والفقر والعادات القديمة.

وأكدت السلامي أن نجود أعجبتها، لأنها البنت الوحيدة التي خرجت عن العادات والتقاليد، وذهبت إلى المحكمة بنفسها من أجل الحصول على الطلاق.

وأشارت المخرجة اليمنية إلى أن "قصة الفيلم مستوحاة من قصة فتيات كثيرات يعانين من حالة الزواج المبكر،" موضحة أن هدفه توعية الآباء والأمهات، وتحذيرهم من ارتكاب هذا الفعل الخاطئ".

واعتبرت المخرجة أن "الأهل لا يمكن وصفهم بالأشرار، بل بالجهلة، وخصوصاً أنهم لا يعرفون الأثر الجسدي والنفسي الذي يتركه الاغتصاب الشرعي تحت مسمى الزواج".

واستخلصت دراسة جديدة قامت بها اللجنة الوطنية للمرأة بالتعاون مع مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء حول الزواج المبكر بمحافظتي حضرموت والحديدة أن 52 بالمائة من النساء البالغ عددهن 6 الاف امرأة أجبن بأنهن تزوجن قبل بلوغهن السن القانوني.

وصنف تقرير صادر عن المركز الدولي للأبحاث عن المرأة اليمن في المرتبة 13 من بين 20 أسوء بلد من حيث انتشار زواج الأطفال. وأفاد التقرير أن 48.4 بالمائة من النساء يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاما.

وتشكل ظاهرة "زواج القاصرات" المنتشرة في بعض بلدان العالم العربي وفي مقدمتها اليمن، خطراً على صحة وحياة الأطفال وتحرمهم من حق التعليم.

ووفقا لتقارير رسمية توجد 8 حالات وفاة يوميا في اليمن بسبب زواج الصغيرات والحمل المبكر والولادة في ظل غياب المتطلبات الصحية اللازمة.

وستشارك السينما التركية في المهرجان الجزائري بثلاثة أفلام من بينها فيلم "حلم الفراشة"، الحائز على جوائز في عدة مهرجانات عالمية".

وسيحضر نجوم المسلسل التركي الجماهيري "حريم السلطان" المهرجان الذي يحتفي في دورته الجديدة بالسينما التركية.

وسيشارك الفيلم اليمني "اسمي خديجة أنا مطلقة في العاشرة" ضمن الأفلام المتنافسة في المهرجان وأيضا الفيلم الأردني "ذيب"، وسيكون الجمهور على موعد مع العرض الأول لفيلم "المتطرف" لصاحبه مساعد مخرج فيلم "تمبكتو"، إضافة إلى فيلم "عيون الحرامية" لخالد أبوالنجا وسعاد ماسي والفيلم الإماراتي "من الألف إلى الياء" وأفلام أخرى تمثل عدة بلدان تتنافس على جائزة "الوهر الذهبي".

ويترأس المخرج الجزائري "لخضر حامينا" الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.

وأكد أن "نجوم الدراما المصرية سيحضرون بقوة أيضا في هذه التظاهرة السينمائية، بعد تأكيد حضور الفنان يحي الفخراني، محمود حميدة، نور الشريف وبوسي والاعلامي منير فوزي وأيضا الفنانة ليلى علوي، التي سيتم تكريمها من طرف إدارة التظاهرة".

وستحضر سوريا ممثلة في نخبة من نجومها، حسب محافظ المهرجان، الذي أكد للعربية نت، حضور الفنان جمال سليمان، سوزان نجم الدين وسلاف فواخرجي وباسل الخطيب ورغدة.

وتمت برمجة الفيلم الجزائري حول الشهيد العقيد لطفي لمخرجه أحمد راشدي، في حفل الافتتاح بينما سيختتم فيلم المخرج الجزائري لخضر حمينة "غروب الظلال" التظاهرة السينمائية.

وفاز في الدورة السابقة الفيلم المصري "الخروج للنهار" للمخرجة هالة لطفي بجائزة "الوهر الذهبي" باعتبارها الجائزة الكبرى في المهرجان.

الرأي الأردنية في

17.05.2015

 
 

اليوم.. الذكرى الأولى على رحيل الفنان البشوش خفيف الدم حسين الإمام

كتبت دينا الأجهورى

فجأة وبدون مقدمات ورغم انشغاله بتصوير مشاهده فى مسلسل "كلام على ورق"، قرر الفنان الراحل حسين الإمام العودة إلى مصر فى مثل هذا اليوم 17 مايو 2014 وكأنه عاد ليودع أسرته قبل وفاته، حيث شعر بإرهاق شديد لم يتحمله، حتى وافته المنية قبل وصول سيارة الإسعاف ويبدو أنه كان يشعر أن هذا اللقاء الأخير معهم، كما أن أخر ظهور إعلامى له مع الفنانة إسعاد يونس فى برنامجها "صاحب السعادة" أكد فيه أنه يشعر بأن نهايته قد اقتربت، حيث قال "أنا مدرك أن العمر مش طويل أوى، وماينفعش الواحد يضيعه فى أزمات". عرف الفنان الراحل الذى تمر اليوم الأحد، الذكرى الأولى على رحيله بخفة ظله ووجه البشوش وموهبته التى تنوعت بين "الغناء وتقديم البرامج والتمثيل" وغيرها، وفى الثمانينيات أسس حسين وشقيقه مودى فرقة أطلقا عليها اسم "طيبة"، وقدما عددا من الأغنيات والألبومات. تزوج الإمام من الفنانة سحر رامى ولديه ولدان، هما يوسف وسالم، وهو نجل المخرج الكبير المخرج حسن الإمام وشقيق الموسيقى مودى الإمام، الذى كون معه "ثنائى غنائى وموسيقى" حتى وصلت أعمالهما إلى خمسة ألبومات غنائية، وكما لحن موسيقى أفلام "كابوريا وإستاكوزا" وغيرها من الأفلام، واقتصر نشاطه فى الفترة الأخيرة فى وضع ألحان لمسرحيات، ووضع ألحانا بلون جديد لبعض المسرحيات، مثل: باللو وألاباندا ولما بابا ينام وللكبار فقط على مسرح الدولة. ولد الإمام فى 8 فبراير 1951 وشارك فى العديد من الأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية، كذلك خاض تجربة تقديم البرنامج التليفزيونية، ومن أشهر أعماله السينمائية "كذلك فى الزمالك، أشيك واد فى روكسى، ربيع الأخضر، بيتزا بيتزا، كابوريا، الجنة تحت قدميها، فيلم بمبة كشر وسمير أبو النيل واحكى يا شهرزاد والسكرية". ومن المسلسلات التى شارك بها "للعدالة وجوه كثيرة، سعيد بائس تعيس، أحزان مريم، الشيطان لا يعرف الحب"، ومن المسرحيات "باللو، ألاباندا، لما بابا ينام، للكبار فقط" ومن البرامج "حسن على الهواء، حسين على الناصية، فاصل ونواصل". 

اليوم السابع المصرية في

17.05.2015

 
 

فجر يوم جديد: {عفريت عم عبده} !

كتب الخبرمجدي الطيب

أمر طبيعي، ومعتاد، أن تحتفي القنوات الفضائية بأفلام النجم إسماعيل يس (15 سبتمبر 1912 - 24 مايو 1972)، إذ ينظر له الجميع بوصفه  «الأيقونة» الساطعة التي لم تتكرر في سماء الكوميديا، وصاحب الرصيد الأكبر من الأدوار السينمائية (ما يزيد على مئتين وسبعة أفلام)، والنجم الذي حملت عناوين الأفلام اسمه، في واقعة نادرة في تاريخ السينما المصرية، مثلما رأينا في أفلام: «إسماعيل يس في متحف الشمع، عفريتة إسماعيل يس، إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة، إسماعيل يس في الجيش، إسماعيل يس في البوليس، إسماعيل يس للبيع، إسماعيل يس في جنينة الحيوان، إسماعيل يس في الأسطول، إسماعيل يس في دمشق، إسماعيل يس في مستشفى المجانين، إسماعيل يس طرزان، إسماعيل يس بوليس حربي، إسماعيل يس في الطيران، إسماعيل يس في السجن».

 لكن اللافت أن غالبية القنوات، والمتخصصة منها على وجه التحديد، استمرأت «اللعب على المضمون»، ولم تخرج مرة عن المألوف، وبدلاً من أن تبحث في رصيده الوافر عن أفلام طازجة لم تُستهلك راحت تكرر عرض أفلام بعينها، وكأنه لم يمثل غيرها، فالأفلام التي صورها في لبنان مثل: «لقاء الغرباء، كرم الهوى، طريق الخطايا، عصابة النساء» لا أثر لها كما أن أحداً لا يذكر أن قناة عرضت أفلاماً مثل: «كيلو 99»، الذي شارك في كتابته وإخراجه إبراهيم حلمي وعبد العزيز جاد، «حايجننوني»، الذي كتبه عبد المنعم مدبولي، «المفتش العام» المأخوذ عن مسرحية بالاسم نفسه للكاتب العالمي جوجول، «رحلة إلى القمر» سيناريو وإخراج حمادة عبد الوهاب، «الست نواعم» إخراج يوسف معلوف و{مملكة النساء»، الذي كتب قصته وأنتجه الريجيسير قاسم وجدي!

لهذا السبب كانت فرحتي كبيرة بإقدام إحدى الفضائيات على عرض فيلم نادر بعنوان «عفريت عم عبده» بطولة إسماعيل يس، الذي قدمته العناوين بوصفه «ملك الفكاهة في الشرق»، وشاركه البطولة الوجه الجديد حبايب، التي تم اكتشافها في مسابقة أصوات نظمتها مؤسسة دار الهلال، بالإضافة إلى شكري سرحان، هاجر حمدي، محمود المليجي، عبد السلام النابلسي والسيد بدير. تدور أحداثه حول «حبايب»، التي ترك لها والدها ثروة هائلة لكنه خبأها في مكان غير معلوم خشية أن يستولى عليها شقيقه الشرير، وبعد شد وجذب، وكر وفر، تنتهي المواجهة بهزيمة الأشرار (المليجي والنابلسي) على أيدي الأخيار (يسن وسرحان وحبايب).

لكن الفيلم الذي كتب قصته حسين فوزي وأنتجه وأخرجه، وصاغ حواره أبو السعود الإبياري، اتسم بطرافة وإثارة، ابتداء من الرسالة الغامضة الدالة على مكان اللغز (10 عريانين ووسطهم واحد بحزام ذهب) مروراً برحلة انتقال الخاتم الذي يحمل خارطة الكنز إلى أشخاص كثُر (اختار المخرج أن يكونوا ضيوف شرف من المشاهير وقتها: حسن فايق، فريد شوقي، زينات صدقي والمطرب الشعبي محمد عبد المطلب) وصولاً إلى حسم المعركة بدعم من «عفريت عم عبده» (السيد بدير) الذي أزعم أنه البطل الدرامي الحقيقي للفيلم، ومبعث الجدة على صعيد الفكرة، فهو حالم بتدشين جريدة تحمل اسم «أخبار بكره» تتنبأ بالمستقبل، ويسعى إلى توطيد علاقته بأرواح العالم الآخر ليسهلوا له مهمة الانفراد بأخبار الغد، وهي الأمنية التي تتحقق عقب مقتله على يد الشرير «شديد» (محمود المليجي) حيث يبشر بثورة 23 يوليو 1952، قبل اندلاعها، ويتوقع رحيل الملك فاروق، وموت «فسدق» (إسماعيل يس) في حارة «العيش والملح». وتتحقق النبوءة لكن إسماعيل يس لا يموت، لأن البطل لا يموت في السينما المصرية، بل يموت الشرير، الذي كان يرتدى بزة «فسدق»، وفي آخر نبوءات «أخبار بكره» يزف «عفريت عم عبده» للجميع خبر زواج «حبايب» وشكري سرحان!

المفارقة أن قراءة فيلم «عفريت عم عبده» تقودنا إلى شعور جازم أن أمراض السينما المصرية واحدة في كل العصور، فهناك المشهد الذي يضم الراقصة (هاجر حمدي) والمطرب الشعبي (محمد عبد المطلب) ويُقدم كاملاً من دون اعتبار للإيقاع أو التفات إلى الضرورة الدرامية، تماماً مثلما نرى في الأفلام التي تنطلق من «الخلطة السبكية»، والنجم الكوميدي – إسماعيل يس هنا – يعتمد المبالغة والتكرار في الأداء، ويبدو جلياً أن المخرج ترك له الحبل على الغارب ليفعل ما يحلو له خشية ٍٍٍٍٍٍسطوته، ووضعيته التي ينصاع لها كبار المنتجين، بمعنى أنه «بيمثل بشروطه»، لكن المخرج حسين فوزي نجح – في المقابل – في تقنين الجرعة، باستثناء الأغاني الثلاث المحشورة، وإضفاء الكثير من المصداقية على المواقف الدرامية، كذلك نجح في المواءمة بين الإمكانات التقنية الفقيرة المعمول بها في تلك الفترة (مطلع الخمسينيات من القرن الماضي) والرؤية الدرامية التي يطمح للوصول إليها، ومن ثم قدم فيلماً لا تغيب عنه المتعة.

زيادة الأفلام الأجنبية تثير مخاوف {السوق المصري}

كتب الخبرأحمد بركات

حالة من الجدل الواسع ما زال يعيشها السوق السينمائي في مصر سببها زيادة عدد نسخ الأفلام الأجنبية في السوق، خصوصاً بعدما تسببت في معارك حادة بين المنتجين الموافقين وبين المعارضين. تباينت الآراء بين مؤكدين على أن قرار الزيادة في حال الموافقة عليه سيضر بالسوق المحلي المصري والعاملين به، ليدافع آخرون بأن لكل فيلم رواده وجمهوره، وأن القرارات «تنعش» صناعة السينما.

يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي أن ثمة آليات عدة وطرقاً يمكن من خلالها جذب مختلف شرائح الجمهور إلى السينما، من دون التقيد بزيادة المساحة المخصصة لنسخ الأفلام الأجنبية، موضحاً لـ «الجريدة» أن المزيد من القاعات يُخصص للأعمال التي تحظى باتفاق الجمهور، فثمة أفلام جيدة التف حولها جمهور المشاهدين، وعانت أزمة عدم تخصيص دور عرض كافية لها، ما تسبب في حالة من العزوف، بالإضافة إلى تحديد معايير تفرز الأعمال الجيدة والتركيز عليها. وتابع: {لا أقصد حجب الأفلام الأخرى، ولكن لا بد من مزيد من المجهود لإبراز أعمالنا التي تستحق، ناهيك بضرورة تطعيمها بعناصر الجذب}.

أضاف الشناوي أن {خفض سعر التذاكر سيكون عاملاً مهماً جداً لملء القاعات بالجمهور من دون الاضطرار إلى إعطاء هذه المساحة الهائلة للأفلام الأجنبية، فغير مقبول تخطي الحد القانوني لمثل هذه الأفلام من تسع نسخ إلى 19 ودراسة وصولها إلى 30، في الوقت الذي يجتهد فيه كثير من القيمين على أمر السينما المصرية المحلية ويعززون محاولاتهم المشرفة لصناعة أفلام جيدة تبتعد عن سينما العصابات والكوميديا الهزلية، لذلك علينا تشجيعهم للحد من المساحة المخصصة لهم في مقابل زيادتها للأفلام الأجنبية}.

مستقبل السينما

اختتم الشناوي كلامه، مؤكداً أنه في حال حسم المعركة بين المنتجين الموافقين والمعارضين، لصالح زيادة الأفلام الأجنبية فإن ذلك سيكون تخلياً عن حماية مستقبل السينما المصرية، إلى جانب سلبيات أخرى كالتدخل العنيف أخيراً من الرقابة في الأعمال الإبداعية وحجب بعضها رغم تصدير خطاب رسمي يناقض ذلك. لذلك على الجميع عدم التسرع في أي قرارات أخرى غير مدروسة جيداً، من دون إدراك  أبعادها كافة، خصوصاً الضارة منها على مستقبل سوق الأفلام المصري.
 
كذلك أبدى المنتج والمؤلف محمد حفظي انزعاجه الشديد من دراسة زيادة الأفلام الأجنبية، قائلاً إن المحرك الوحيد لمثل هذه القرارات هو السعي وراء أهداف ربحية بحتة، فحينما يسمح مسؤولو الدولة بغزو السينمات الأجنبية وأفلامها السوق المحلي وما ينتجه، فإن ذلك هدفه  الحصول على ضريبة من الإيرادات قدرت بـ 20%، من دون النظر في الأخطار التي ستحيط جراء ذلك بالأعمال السينمائية المصرية.

وأوضح حفظي أنه لا يقف ضد عرض أفلام أجنبية في الداخل المصري، ولكنه يعترض على منح زيادات غير مطلوبة والإفراط في تخصيص مساحات لتلك الأفلام خارج النطاق الطبيعي لأهداف تجارية غير مسؤولة، مشيراً إلى أن ثمة مشكلات أخرى يجب التفرغ إليها بخلاف تلك القضايا التي تنتج منها حالة جدل غير مجدية، فأبرز مشاكلنا هي «ميزانيات الأعمال» التي تشكل عائقا أمام مزيد من الأعمال الجيدة وظهورها على الساحة، فالفنيون وليس الفنانون يبالغون في أجورهم بشكل غير طبيعي، وحسم موقف موحد ضد تلك القضية الشائكة يشجع على حالة تدفق للأعمال بدلا من اللجوء إلى حلول ضارة على المدى البعيد كزيادة عرض الأفلام الأجنبية.

مساحات نوعية

يرى المخرج أمير رمسيس أنه ليس سهلاً أن {تتخذ موقفاً مع زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبي أو ضدها، فثمة أعمال أجنبية يجب أن نحارب كي يشاهدها الجميع، وأخرى نرفض زيادة المساحات المخصصة لها، وأغلب الظن أنه ستتاح مساحات لنوعية بعينها تمتاز بكونها تجارية استهلاكية، في حين أضع ثقتي كاملة في أن شباب الجيل الحالي للسينما المصرية يستطيعون تقديم أفكار ومناهج جديدة تساعد على تطوير السينما وحماية مستقبلها}.

وأضاف رمسيس أن الموزعين وملاك دور العرض وعدداً من المنتجين لا ينظرون بعين {الفائدة} إلى مصالح العاملين في هذا المجال في مصر، وهدفهم الوحيد  جذب الجمهور لأفلام أجنبية تزاحم المصرية وتنافسها وقد تتفوق عليها حال تركيزها على مضامين جنسية أو كوميدية سطحية. بالتالي، فإن إعادة الرواج لقاعات العرض المصرية يكون بتهيئة الأجواء وحل الأزمات والمشكلات التي تعوق سينما الداخل، ثم ننظر في أمر مزيد من أفلام الخارج، وعدم تركيز الاهتمام على عرض الأفلام التي تحقق المكاسب المادية للمنتجين.

من ناحيته دافع الموزع السينمائي أنطون زند عن الأمر، قائلا لـ {الجريدة} إنه لا يجب الخلط بين سوق الأفلام المصري وبين الأجنبي، فلكل منهما قواعده ورواده، وليس صحيحاً أن أحدهما يؤثر على الأخر بالشكل المبالغ فيه الذي يتم به انتقاد المساعي الأخيرة لزيادة حصة الأفلام الأجنبية، مشدداً على أن المنتج السينمائي الجيد قادر على فرض نفسه على الساحة بغض النظر عن جنسيته والمساحة المتاحة له في دور العرض.

واستطرد زند أن زيادة النسخ الأجنبية من الأفلام ستشجع السينمات على توسيع دور العرض، وتجهيز قاعات وشاشات إضافية بما يعود بالنفع على المجال الفني وصناعة السينما في أحد أوجهها، ويعمل على تحريك المياه الراكدة وتحفيز صانعي الأفلام العربية على تجويد منتجاتها لتجاري آخر التطورات في السينما العالمية.

الجريدة الكويتية في

18.05.2015

 
 

كوينتن تارانتينو... دماء وعنف وويسترن

علي وجيه

يبدو كوينتن تارانتينو اليوم أكثر استغراقاً وهدوءاً في ما يصنع. هذا يعني طريقة التفكير في السينما، وما يمكن أن يؤفلم في المستقبل. يعني تقديراً أكبر لمراحل الكتابة، والاستمتاع بها حتى الأقصى. السينمائي الأميركي (1963) ما زال مشاغباً، حاداً، صاعقاً، ثائراً على الكليشيهات السائدة. هو «فيلسوف العنف» و«طالب السينما» الذي اقتحمها من دون تعليم أكاديمي، لينضمّ إلى كبار هذا النادي. في جديده The Hateful Eight «البغيضون الثمانية» الذي يصوّره حالياً، يبقى في عوالم الويسترن التي خبرها في «دجانغو الطليق» (2012).

بعد سنوات من الحرب الأهليّة، يضطرّ ثمانية أشخاص إلى اللجوء إلى مأوى جبلي في «وايومنغ» هرباً من عاصفة ثلجية مريعة. بالتأكيد، هم «تارانتينيون»: يبطنون أكثر ممّا يظهرون، ولا يمانعون الذهاب إلى العنف المطلق، مع رائحة البارود المحترق، وليترات دماء كثيرة على الأرض والجدران. إلى حدّ ما، هم «سفلة مجهولون» (2009)، مجتمعون في «مستودع الكلاب» (1992). نعم، يرجع كوينتن إلى الجذور الأولى، مصطحباً تيم روث ومايكل مادسن إلى بيتهما القديم. «لم يكن أمراً متعمّداً، عندما شرعتُ في كتابة السيناريو، لكنّني أدركت سريعاً أنّ هذا اكتمال لطيف للدائرة»، يقول لمجلة Entertainment Weekly الأميركية في عددها الأخير. لا بدّ من حضور صامويل ل. جاكسون في سادس تعاون بينهما. المفرح أنّ النجم الأميركي يردّد مونولوجاً مرعباً جديداً بعد رائعته الافتراضية من الكتاب المقدّس في Pulp Fiction (سعفة «كان» 1994). أيضاً، لدينا نجم شاب هو تشانينغ تاتوم، وأوسكاري عجوز (بروس ديرن)، وأميركية على الطريق الصاعد (جنيفر جاسون لي)، مع والتون غوغينز ودميان بشير. سيتحدّثون كثيراً عن الذات والخلفية، ليقذفوا بنا إلى راهن أمّة تلعق جراحها. الاجتماع الدموي لعدد من صائدي الجوائز والمطلوبين للعدالة والمحتالين والأفّاكين ورجال القانون المشوّهين، يرسم طاولة عشاء أخير من نوع مغاير. إذاً، هو تشريح عنيف لأميركا على امتداد الفيلموغرافيا. مسير متكرّر نحو الهاوية السعيدة والإعدامات الجماعية.

تشريح عنيف لأميركا على امتداد الفيلموغرافيا

تارانتينو بات غولاً في السيناريو والحوار (أوسكاران عن أفضل سيناريو)، بعد محاولات فاشلة في التمثيل. افتتاح «سفلة مجهولون» سيبقى طويلاً في الذاكرة. الأنكى أنّه يهوى المراجعات النقدية قراءةً وكتابةً، وإن كان يبقي مقالاته لنفسه. هذا منحه قدرةً ساحرة على التلاعب بـ«الجنر» السينمائي، وتجيير بنيته لعكس المتوقع والمألوف. في «سفلة مجهولون»، لم يتردّد في «تزوير» تاريخ الحرب العالمية الثانية، مستنداً إلى تفاصيل واقعية. كذلك الحال في «دجانغو» الذي هشّم أكبر قواعد الويسترن سباغيتي. بطل أسطوري أسود البشرة يخرج من بين العبيد، ليمتطي حصانه ويقاتل الأعداء من أجل حبيبته. في جعبة الأميركي من أصل إيطالي مشاهدات كثيرة وقراءات متنوّعة، لمساعدته في المضي نحو المشاريع التالية. في «البغيضون الثمانية»، يستند إلى حقبة الويسترن الذهبية في السينما والتلفزيون، كما فعل في «دجانغو الطليق». عناوين مثل The Iceman Cometh لجون فرانكنهايمر وThe Virginian وThe High Chaparral، أسهمت في رسم الرؤية والمناخ. تسرّب المسودة الأولى من السيناريو العام الفائت، دفعه إلى إلغاء المشروع، والتفكير بإصداره كرواية مستقلّة. بعد قراءة حيّة للسيناريو المسرّب مع صامويل ل. جاكسون وكيرت راسل وآخرين في «مسرح الفنّانين المتحدّين» في لوس أنجليس، قرّر المضيّ فيه بعد تعديله. تارانتينو يدرك تماماً ما سيصوّره. يقف إلى جانب الكاميرا من دون «مونيتور»، ليتفاعل مع كلّ عبارة وتفصيل. يصير هو الفيلم، إذ تحوم روحه في كل لقطة وجملة. هنا، ينتشل كاميرا «بانافيجن 70» تعمل على فيلم 65 ملم من الذاكرة السينيفيلية، من أجل لعب أكثر على القواعد والأعراف. دماء «البغيضون الثمانية» ستسيل أمام إعدادات صورة، لم تستخدم منذ نصف قرن. من اللاشيء جاء ابن مدينة نوكسفيل، تينيسي إلى جنّة السينما المستقلة، عابراً إلى ميزانيات الاستوديوات الضخمة. بكلّ جموحه وجنونه واحترامه للكبار وشراكته مع روبرت رودريغز، يثبت المراهق النزق أنّه ينضج على طريقته كلّ يوم.

ريمون بطرس المشاعر الوطنيّة لا تصنع فيلماً

علي وجيه

الصدمة التي أحدثها جديد ريمون بطرس «أطويل طريقنا أم يطول؟» (2014، 40 د، المؤسسة العامة للسينما) في سينما «الكندي» في دمشق، تحيل على عدد من الأسئلة والحيثيات. السينمائي السوري (1950) الذي تخرّج من «معهد كييف للسينما» عام 1976، يبقى مخلصاً لتيمته الأثيرة: العائلة والمكان. المكان الأوّل في مدينته حماه ونهرها وحجارتها، حضر في روائيَّين: «الطحالب» (1991) و«الترحال» (1996)، وتسجيليَّين: «نشيد البقاء» (فيلم التخرّج) و«الشاهد» (1986). هنا، يعود إلى دمشق التي وجّه إليها تحيّة في الروائي الثالث «حسيبة» (2008)، وتسجيلي «ملامح دمشقية» (2008).

يمزج بين الروائي والتسجيلي (يظهر فيه بنفسه)، مقتبساً بيت المتنبّي «نحن أدرى وقد سألنا بنجدٍ أطويل طريقنا أم يطولُ». هكذا، يرى أنّ خلاص البلاد يمرّ بتعرّج طويل ومرهق. في الحكاية، نتعرّف إلى عازف الكمان فادي (عمر بطرس) وأخته الشاعرة هنادي (هيا مرعشلي). يعودان إلى دمشق بعد غياب عام ونصف في بيروت، لينضمّا إلى الأب (تيسير إدريس) والأم (ناهد الحلبي).

تلقين شعري مستهلك، وحوارات مباشرة

يجتمعان مع الأصدقاء، في عيد ميلاد يشهد توفيقاً بين آراء سياسية متباينة. اختفاء صديقة لهما، يدفع الأب إلى الطلب منهما المغادرة مجدداً، قبل أن يعدل عن رأيه. في أوتوستراد المزّة، تترجّل هنادي من السيارة لتصلّب وتسجد على منصّف الطريق. كذلك، تحلم بالتعمّد بمياه ساحة الأمويين. بهذه المباشرة، تتجلّى رسالة الفيلم التي أعلنها بطرس أثناء التقديم له: «ستحيا (سوريا) بأبنائها المخلصين. هي فوق الجميع، وهي الأبدية السرمدية الخالدة». لكن كل هذه النيات الحسنة، لا تصنع شيئاً في وجه ما أظهره الشريط من سطحية في المعالجة، وعيوب في السويّة. خطّ رتيب تتهاوى تحته الحكاية، مع الرضوخ للمستوى الأوّل من التفكير. تلقين شعري مستهلك، وحوارات مباشرة طوال الوقت. المستوى التسجيلي لا يضيف سوى مزيد من الشرح والثرثرة. الصورة صاعقة في الفقر، ومغرقة في أسلوبيات تلفزيونية قديمة. حقاً، لا نكاد نصدّق ما نشاهد من اختصار لدمشق في أوتوستراد ونافورة ومطعم ذائع الصيت بين المثقفين. أسئلة الصدمة محيّرة بالفعل. هل هذا هو الطالب نفسه الذي حقق شريطه التسجيلي «صهيونية عادية» الجائزة الكبرى في مهرجان «مولديست» للمعاهد السينمائية في الاتحاد السوفياتي عام 1974؟ هل هو ذات الصانع الذي نبش خفايا مدينته في «الطحالب»، ونكأ الجرح الفلسطيني في «الترحال»؟ كيف لمتأثّر بالواقعية الإيطالية أن يقوقع دمشق إلى هذا الحد؟ أين جهد الخبير في التشكيل البصري، والأكاديمي في إدارة الممثّل؟ تذكير مهم تقوم به هذه التجربة بخصوص الدراما. المشاعر الوطنيّة لا تنتشل بنيةً ولا تشيّد عمارةً، لها أن تحدث أثراً تعبوياً في أمكنة أخرى.

«حيوات» سعاد حسني مرآة السينما المصرية

بانة بيضون

في «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» (2011 ـ 70 د) الذي يعرض مساء اليوم في المكتبة العامة لبلدية بيروت (الباشورة) بدعوة من «نادي لكل الناس»، تستعيد المخرجة رانيا اسطفان مسيرة سعاد حسني السينمائية لترسم «بورتريه» تفصيلياً وحميمياً عن الممثلة، مازجةً في أسلوب سردها بين الشخصيات المختلفة التي أدّتها حسني لتشكل شخصاً ثالثاً يتماهى في ذات الوقت مع التاريخ الشخصي للفنانة وللسينما المصرية.

يبدأ الفيلم بمشهد من فيلم «بئر الحرمان» (١٩٦٩) للمخرج كمال الشيخ حيث تؤدي حسني دور فتاة مصابة بالفصام ذات شخصيتين متناقضتين: ناهد المحافظة نهاراً وميرفيت اللعوب والحرة في علاقاتها الجنسية ليلاً. تجلس سعاد حسني في عيادة الطبيب النفسي الذي يطلب منها أن تعود بالذاكرة إلى الوراء.

عن هذا المشهد، تقول اسطفان إنّها اعتمدته في مستهلّ شريطها كوسيلة للعودة بالذاكرة واستخدام أدوات اللاوعي في سردها السينمائي. فهي سعاد حسني التي تروي قصتها، حيث لا نص روائياً يواكب الفيلم. عبر المشاهد المنتقاة من ٦١ فيلماً، تعيد اسطفان تشكيل الذاكرة السينمائية للممثلة التي تتماهى ـــ بطابعها المركب والانتقائي في السرد ــ مع ديناميكية عمل الذاكرة نفسها. ذاكرة ليست أفقية، بل مليئة بالثُّغَر والمشاهد التي تعيد نفسها كما في حال الجملة التي تتكرر عبر الشريط «الخيال أجمل من الحقيقة».

عرض مكتبة الباشورة «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» لرانيا اسطفان

سرد المخرجة السينمائي يشبه بناء الحلم أو يتحول كابوساً كما في النهاية، حيث تتداخل المشاهد. وفي بعض اللقطات، تتحاور الممثلة أو تتواجه مع نفسها من خلال الأسلوب الذي تعتمده المخرجة في المونتاج. كأنما هي الشخصيات المختلفة التي أدتها حسني تتصارع في ما بينها، معبّرةً في تناقضاتها عن أوجه الشخوص المختلفة الكامنة في الممثلة. تلك الشخوص بدلالاتها النفسية أو الاجتماعية تشكل أيضاً صورة المرأة في السينما العربية والمصرية.

تعزو أسطفان اهتمامها بحسني دون غيرها، إلى السمات المتناقضة والخاصة التي تمتاز بها «سندريلا الشاشة العربية» ولا نرى لها أي شبيه في السينما العالمية، فهي جمعت بين المرأة الرقيقة والمثيرة والشقية والمغنية في آن واحد، من دون أن تسجن ضمن صورة نمطية واحدة. وإذا كنا ندخل في الحلم ونعود إلى بداية رحلة حسني في السينما في الفصل الأول، فإننا نواجه شخوصها المختلفة في الثاني. نراقبها تخرج من جلد شخصية لتتقمص أخرى. الفصل الأخير هو فصل الانهيار. عبر المشاهد القاسية التي اختارتها المخرجة من أفلامها، نرى سعاد المعنفة أو المغتصبة أو المهجورة من قبل الرجال، بخلاف الفتاة المحبوبة التي ترى الحياة بلون «البمبي» كما في أغنيتها الشهيرة. إنّه أيضاً سقوطها ضمن النظام الذكوري من المعبودة إلى المنفية. نظام تندرج علاقته مع المرأة إما في إطار التقديس، تماهياً مع صورة الأم أو العذراء، أو التعنيف وعقاب المرأة لشعورها بالرغبة، فتتحول عاهرةً بنظره، أو مثلاً الهوس المرضي بصورة المرأة الطفلة الذي يتجسد في فيلم كـ«صغيرة على الحب» (١٩٦٦). تقول المخرجة إنّها أرادت في الفصل الثالث أن تعبّر عن تراكم التجارب على جسد الممثل، سواء كان هذا الجسد يُعبد، يُقدَّس أو يهان أو يعنف، كما أرادت أن تظهر كيف أنّ تراكم هذه التجارب أو الحيوات التي يعيشها الممثل قد يكون مرهقاً نفسياً. لعلّ ذلك هو أحد الأسباب التي تودي بالممثل إلى محاولة التخلص من جسده والانتحار كما في حالة سعاد حسني. إلى جانب كونه وثيقة عن الممثلة حسني والسينما المصرية في آن واحد، اللافت في الفيلم هو الرسم التفصيلي الذي يقدمه عن صورة المرأة العربية في السينما. صورة ليست سوى مرآة لنظرة المجتمع والتحولات التي مرت بها ولو أن كلمة «تحوّل» مبالغ بها، فهي للأسف أقرب إلى الثبات، فكل حرية مكتسبة يقابلها ردّ فعل أشد رجعية. بالتالي، قد تمثّل سيرة سعاد حسني السينمائية الأوجه المختلفة للمرأة العربية والصراعات التي تواجهها وحتى تناقضاتها الداخلية.

ذلك لا يعود فقط إلى تنوع الأدوار التي لعبتها، بل إلى شيء غامض فيها يمنحها القدرة على تجسيد شخوص مختلفة ضمن شخص الممثل الواحد، ويجعلنا نتساءل أيها فعلاً أقرب إلى شخصها الفعلي، ويبقى السؤال ملتبساً مثل حادثة انتحارها.

الأخبار اللبنانية في

18.05.2015

 
 

المهرجان في دورته الأولى «مُحاصر» بين شعب «مُحاصر»

«كرامة غزة» السينمائي .. سجـــادة حمراء للناس

المصدر: عُلا الشيخ ـــ دبي

كانت الصور التي انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي كفيلة بأن تجعل أي شخص يهرع إلى فتحها والتأكد من مضمونها، سجادة حمراء طولها طول مساحة مليئة بالدمار والركام، تفرد بشكل لا يقل عن فردها في كبرى المهرجانات العالمية، تعتقد لوهلة أنها جزء من فعالية في مهرجان «كان» في دورته الـ68، خصوصاً مع تزامن الفعاليتين، لكن السجادة لم تكن في فرنسا بل في حي الشجاعية في مدينة غزة الفلسطينية، لإعلان الدورة الأولى لمهرجان كرامة غزة لأفلام حقوق الإنسان، الذي حمل عنوان (السجادة الحمراء).

السجادة الحمراء، التي عادة يمشي عليها كبار النجوم من حول العالم، في غزة لم تكن كذلك، بل مشى عليها سكان غزة أنفسهم، خصوصاً أصحاب المنازل المهدمة، وأصحاب القلوب المنفطرة على من فقدوا من فلذات أكباد وأزواج وآباء، مشى عليها كل من يحب الحياة، وهذه هي رسالة المهرجان، حتى أن شاشات العرض السينمائية التي كانت في الهواء الطلق نصبت على مبان مهدمة إثر العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.

كالعنقاء تماماً، استطاع هذا المهرجان أن يحيي الإنسان والحجر من رماد، فبث الحياة في مدينة تكاد تصبح في طي النسيان، تعاني حصاراً من شتى الاتجاهات.

وقد استطاعت «الإمارات اليوم» الوصول إلى المدير الفني للمهرجان، المخرج محمود أبوغلوة، الذي قال عن فكرة إحياء الرماد قصة حدثت فعلاً: «إنه مع ضغط العمل نسينا أن نحضر شريط افتتاح السجادة الحمراء، فذهبت ومجموعة من الأصدقاء وجمعنا ملابس سكان من بين الركام.. وصنعنا منها شريط الافتتاح».

وحول مرور مثل هذا المهرجان مع سجادة حمراء في حضرة (حماس) قال: «أكدنا أن رمزية الأحمر بعيدة عن ألوان الانقسام الفلسطيني.. الأحمر مر لأنه لون وذاكرة المكان المدمر منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة، مر لأن في هذا المكان قتل 100 شخص خلال ساعات عدة، والسينما وعلاقتها مع القضية الفلسطينية خلقت وعياً حتى للحركات التي نعتقد أنها ضدها».

وعن مواكبة افتتاح المهرجان في يوم افتتاح الدورة

الـ68 من مهرجان كان السينمائي، الذي تتجه أنظار العالم إليه، أضاف أبوغلوة: «كان الأمر مقصوداً لوضع المقارنة، وبالمقارنات تظهر القيمة، فالسجادة الحمراء أصبحت ممشى البسطاء وليس النجوم».

المتابع لتطوّر السينما الفلسطينية يدرك أنها أثبتت حضورها في 10 سنوات فائتة، واستطاعت أن تنافس على جوائز عالمية، وكمدير فني ومتابع للحركة السينمائية، تحدث أبوغلوة عن الأمل في خلق لغة جديدة اسمها لغة السينما في التغيير المبتغى «السينما لغة ثقافية من عوامل نشر ثقافة وقضية شعوب العالم، وبالسينما شاعت ملايين الأسئلة والأجوبة، نحن نأمل أن تكون القضية الفلسطينية محط أنظار العالم، وباعتقادي عبر السينما المستقلة سيكون التغيير الذي هدفه غزة وفلسطين موجوداً على الخارطة».

وعن ولادة فكرة السجادة الحمراء، وبدلاً من أن يمشي عليها النجوم مشى عليها السكان، قال: «عندما جاء مدير المهرجان المخرج الفلسطيني خليل المزين بالفكرة، كنت أول المؤمنين بنوايا خليل العميقة، وبداخلي كنت أتمنى أن أمشي على السجادة بصفتي مخرجاً سينمائياً، وعندما مشينا على السجادة كان فخراً عظيماً، هذه سجادة البسطاء أصحاب الطموحات البسيطة، وعندما مشي السكان سقطت فكرة السجادة العلوية، وأصبحت ممشى سكان عانوا من الجيش الإسرائيلي، فقمة الأمور تظهر ببساطتها، مثل مشهد الأطفال الحفاة الذين مشوا على السجادة»

وعما إذا ما واجه فريق عمل المهرجان أي معوقات لتنفيذ الفكرة، قال أبوغلوة: «لم يكن هكذا مهرجان دون ملايين المعوقات، كنا مؤمنين بالفكرة لذلك نجحنا، هناك معوقات الجغرافيا وطبيعة المكان المدمر.. ومعوقات الشكل الفني للمهرجان وغيرها».

وعن غزة التي لا يعرفها الجميع سوى بصور دمار وبكاء وعويل، أكد أبوغلوة: «غزة جميلة بناسها وشعبها البسيط والجميل، وغزة عظيمة بعقول شبابها، وأجمل ما في أهل غزة حبهم للبقاء».

وتطرق أبوغلوة للحديث عن نوعية الأفلام التي تم دول عدة من الوطن العربي والعالم، من روسيا وبريطانيا والتشيك والمغرب وتونس، ومن سورية عرضنا ثلاثة أفلام، كما عرضنا أفلاماً من فلسطين، مثل (روشيما) و(المطلوبين 18) و(أوتار مقطوعة) و(بيت ترقيع)»، مشيراً الى أن الرسائل التي بثها مخرج فيلم «روشميا» سليم أبوجبل عبر (سكايب) وهو ابن الجولان المحتل المقيم في رام الله، «كانت مؤثرة والتفاعل معها كان عاطفياً وعميقاً»، وعن الجهات الداعمة للمهرجان، حسب أبوغلوة: «المهرجان توأمة مع مهرجان الكرامة في الأردن، وبدعم من مؤسسة موف ذه ماتر».

وحول إذا ما كانت مثل هذه النوعية من الفعاليات تعدّ من ضمن التحديات التي تحوم حول غزة المحاصرة من أطراف عدة، أكد أبوغلوة: «هي من نوع المقاومة الفكرية التي ليست أقل أهمية من المقاومة المسلحة».

وعن حال غزة، حيث يعلم الجميع أن سكان فلسطين من أاي منطقة لا يستطيعون دخولها، والكثير لا يفهم هذه الصيغة، وإذا ما حاولوا دعوة فنانين وسينمائيين إلى المهرجان وتعرّضوا لمعوقات ورفض من المسؤولين، قال أبوغلوة: «غزة تعاني حصاراً وأغلاق المعابر منذ سبع سنوات، حتى ان مدير المهرجان خليل المزين كان له دعوة للمشاركة في مهرجان دبي السينمائي عن فيلم (سارة 2014) قبل شهور، ولم يستطع السفر بسبب أغلاق المعابر، وقد دعونا الكثير من الفنانين والسينمائين إلى مهرجان كرامة غزة، ولم يستطع أحد الدخول إلى ، بسبب المعابر».

السينما هي الجواب فهل استطاع مهرجان كرامة غزة أن يجيب عن الأسئلة العالقة؟ فكان جواب بوغلوة: «نوعاً ما استطاع الإجابة عن أسئلة العالم، خصوصاً في ما حدث بالشجاعية خلال الحرب، وأجاب عن سؤال عالق في عقل الناس، ما هي السينما ولما وجدت؟ لنقول لهم إنها الحياة ونوع من أنواع الترفيه.. ومرتبطة مع الوجود الإنساني على الأرض».

وفي نهاية الحوار أكد أبوغلوة أن «المهرجان سيستمر في دورات مقبلة، على أمل أن يكون ضيوفه من شتى أنحاء العالم، ويكون الحصار على غزة قد انتهى».

جدير بالذكر أن مهرجان كرامة غزة لأفلام حقوق الإنسان (السجادة الحمراء)، هو مهرجان للأفلام الروائية والوثائقية القصيرة والطويلة، وهو الأول من نوعه في ما يخص عرض أفلام تسلط الضوء على قضايا حقوق الإنسان في فلسطين، وفي كل العالم.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

18.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)