كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"عزازيل ابن الشيطان" ..

سينما 2015 تقدمها: خيرية البشلاوى

 

فيلم "الرعب" المصري "عزازيل ابن الشيطان" "2015" للمخرج رضا الأحمدي عن سيناريو لـ"عمرو علي" لا ينتمي من حيث الشكل والمضمون إلي نوعية "أفلام الرعب" الأمريكية. ولا إلي دراما التشويق والإثارة.. إنه لا يُولّد رعباً ولا تحول أحداثه دون تسرب الملل إلي المتفرج.. عمل ماسخ وبلا قوام.

إنه نوع من الأفلام المصرية التي أطلق عليها أفلام "جنس ثالث" لا أرعبت "من رعب". ولا أثارت. ولا قدمت لدافع ثمن التذكرة مقابل الوقت المهدر في الفرجة. ولا المال المدفوع بهدف المتعة الفنية أو التسلية.

العمل يشارك فيه مجموعة من الهواة المبتدئون. لم يفلح أي منهم في شـد الانتباه إلي موهبة فنية ما علي مستوي التمثيل. والتأليف والإخراج..

باختصار عمل سينمائي لا بارد ولا ساخن. وإنما يدخل إلي منطقة وعرة بدائية وهابطة يعكس شكلاً من الثقافة المتدنية. الكفيلة بشد المجتمعات إلي الوراء.. فهو لا يناقش حكايات العفاريت والجن والخرافات والأرواح الهائمة بهدف التصدي للخرافة. وإنما من أجل تكريسها حتي لو إدّعي صُناع العمل بغير ذلك.

وأتصور أن "المصادفة" بريئة من وجود أكثر من عمل يحمل اسم "عزازيل" الأول "2012" من تأليف أحمد أبوهيبة. وإخراج أمير شاكر وبطولة كمال أبورية وآخرون.. والثاني الذي شاهدته هذا الأسبوع في صالة شبه خالية بعنوان "عزازيل ابن الشيطان" والعنوان "عزازيل" في العملية مأخوذ من رواية الدكتور يوسف زيدان المنشورة عام 2008 وحققت رواجا ونجاحا نقديا وعالميا كبيرا.

أنا لا أتحدث -قطعا- عن أي تأثير للرواية علي المستوي الموضوعي والفكري ولكني أشير فقط إلي "العنوان" الجذاب الذي لم يُستخدم في أي فيلم عربي قبل ظهور الرواية. فما بمالك باستخدامه في فيلمين؟

لا أحد بمقدوره أن يزعم أن عنواني هذين العملين جاء بالصدفة. ولا أحد يتجاسر من صُناع الفيلمين بالاقتراب من الرواية ذاتها لأنها تتجاوز مقدرتهم علي إعادة إنتاج أدب رفيع.

وما يثير الانتباه فعلاً هو هذا الرواج الثقيل والمدمر لسيادة التفكير اللاعقلاني. وحضور الخرافات التي انتشرت وطغت علي أعمال اللهو الفنية ولا أقول الترفيه السينمائي الذي يكتسب مشروعيته من أثره الحميد الذي يسلي دون أن يشوه. ويحقق الهروب الآمن. وليس إلي عوالم الضياع والتخريف والهبوط إلي هوة الإنحراف حضاريا وفكريا.

فيلم "عزازيل ابن الشيطان" مجرد إطار لظواهر تصيب صحة المجتمع وتجعله عليلاً فاقدا للأهلية عاجزا عن أن يتحرر من أثقاله الوراثية الشائعة وفي مقدمتها الإيمان بالخرافة و"تديينها" "من الدين". أي جعلها "سماوية".

متكئين علي اجتزاء آيات من الكتاب المقدس.. ومثل هذا الرواج لأفكار من شأنها أن تشد أي مجتمع للوراء وتقف عثرة في طريق تقدمه لا يمكن أن تكون مجرد مصادفة.. ومثل هذه الأعمال التي أراها من "النوع الثالث" ضعيفة وشائهة وتقليد غير جاذب لنوع جاذب من الإنتاج الأمريكي وصل إلي ذروة التأثير الجماهيري.. منذ أن بدأ اختراع الغرب للصور المتحركة.

وقد ساعد التطور التكنولوجي والتقدم الهائل في مستويات التعبير المرئي عن الخيال الإنساني مهما بلغ من الجموح. وكذلك شكلت الشياطين والقوي الشريرة القادمة من المجهول. والقوي المتحولة للحيوانات والأشباح. والموميات الفرعونية التي شكلت لوحدها فرعاً من نوعية أفلام الرعب باعتبار أن "الفراعنة" تعتبر في الذهنية المنتجة للرعب مصدرًا من مصادر الشرور الملعونة.

ولكن لم تفلح السينما المصرية حتي الآن في صنع أفلام "رعب" تثير الرعب. ولم يفلح صُناعها علي اختلاف أجيالهم في انتاج نسخة مصرية من هذه النوعية.. وظل فيلم الرعب الأمريكي "نموذجا" دون القدرة علي محاكاته لأن هذا يقتضي مستوي من التطور الفني والتقني بأسلوب استخدام المؤثرات الخاصة. وقبل ذلك في القدرة علي صناعة الخوف. وتوظيف هذا العنصر الغريزي لطرح قضايا الواقع وهموم الإنسان وصراعاته الوجودية من أجل البقاء والتفوق وسيادة الكوكب.. ثقافة الخوف تختلف أصولها هنا عن أصولها في الغرب.

وفيلم "عزازيل ابن الشيطان" يتكيء علي نفس عناصر الفيلم التجاري الاستهلاكي ولكن بأدوات هزيلة وفريق عمل تنقصه مقومات الإبداع وشروط صناعة الرعب المرئي.

نساء الفيلم قبيحات. ليس علي مستوي الإبداع وشروط صناعة الرعب المرئي "خِلقة ربنا" وإنما علي أسلوب إخراجهن لأنفسهن واستعراضهن لمقومات لا تغري أحدًا ولا تقنع صاحب ذوق سليم وكذلك علي مستوي الأداء التمثيلي واللغة.. أو علي مستوي التقليد للأفلام الأمريكية.

أما علي مستوي الخدع والإيحاء بالخوف ومشاهد خروج الشيطان أو مظاهر تلبسه لإحدي شخصيات الفيلم فكلها محاولات ساذجة وخدع مضروبة تجاوزها ذكاء المتفرج وخبرته في متابعة الأفلام.

هنا تتكرر مشاهد الطرب ويظهر المطرب الرِخم والمشاهد المطولة للفرح الشعبي النمطي في الشارع وكذلك المشاهد المصوّرة لمشاهد حفل "الهالوين" الأمريكية ثم قصة الحب التي جمعت بين المهاجرة المصرية "ربي" التي عادت والشاب العاشق المصري ولقائهما بعد طول فراق. حكاية رومانسية تدخل ضمن إعادة انتاج ماسخ وضعيف التأثير جداً من حيث دفعه علي المشاهد..

أضف مشاهد تدخين الحشيش والحوار المبتذل عن "المزز" وراذحتهن وزجاجات البيرة المتراصة في البيت المسكون.. إلي جانب شخصيات الرجال "المسكونة" أيضا بالتخلف والخرافة والفن السوقي والأداء الباهت.

وخطورة "أفلام الرعب" رغم ضعفها الشديد جدًا وبرغم شُـح الإنتاج وعدم جماهيريته. خطورتها تعود إلي خلطها بالدين وإصرار صناعها علي إقامة هذا الجسر الخرافي إلي غياهب التخلف والمعتقدات الخاطئة. وتأصيل هذه المعتقدات في ذهنية جمهور يعاني من الأمية. ويقدس ما لايصح تقديسه من أشكال الخرافة.

حاولت بعض الأفلام المصرية الفاشلة جماهيريًا وفنيًا أن تتصدي للعلم واتهزم إنجازاته بالخرافة وباللعب الهزلي مع الشيطان. وبعضها حاول أن يستعين بالخيال العلمي ولكنه في نهاية المطاف ينتصر للثوابت من الأفكار الشائعة حتي لا تصاب البضاعة بالبوار.. ويفشل الفيلم. ومع ذلك فشل.

السينما المصرية لم تنتج طوال تاريخها إلا عددًا محدودًا جدًا من هذه النوعية "الرعب" ولم يتبق من هذه الأفلام في الوجدان الجمعي لجماهير السينما إلا أفلام من نوعية "التعويذة" 1987 للمخرج محمد شبل الذي فشل فيلمه "أنياب" من نفس النوعية. ولكن مع توظيفها لظروف وظواهر الواقع الاجتماعي في مرحلة الانفتاح.

وفيلم "الإنس والجن" لمحمد راضي "1984" ومن عنوانه يمكن تصور المادة الموضوعية التي اعتمد عليها والتي عالجها بالسطحية المتوقعة وأيضا فيلم "استغاثة من العالم الآخر".

ما يميز الأفلام المسخ أو أفلام "النوع الثالث" : القُبح وإنتفاء سمة الرُقي. والخلط الجاهل بين الأمور بدون تمييز. إنه فن "مخنث" أو بالأحري مشوّه.. فالفيلم لم يفزعنا ولم يحقق لنا البهجة ولم يترك لنا مساحة من التفاؤل بخصوص كل هذه الوجوه الجديدة التي شاركت في صنعه. وأعادت نفس الشكل القديم بأسلوب أكثر تخلفاً وجمالياً وموضوعياً وفنياً.

الأغنية الدرامية.. في الفيلم السينمائي**

"عل صوتك بالغنا".. كتاب صغير الحجم .. كبير الفائدة

سينما 2015 تقدمها: خيرية البشلاوى

"علي صوتك بالغنا" كتاب للدكتورة رانيا يحيي الأستاذة بأكاديمية الفنون وعازفة الفلوت بدار الأوبرا المصرية.. والعنوان اسم لأغنية مشهورة للفنان محمد منير.

الكتاب الذي يقع في 72 صفحة يقدم تحليلاً لدور الاغنية الدرامية في الأعمال السينمائية التي شارك فيها المطرب النوبي الملقب "بالملك".. ويتضمن كذلك توصيفا علميا أكاديمياً لعلاقة الفن السابع بالطرب والمطربين الذين لعبوا أدوار البطولة في السينما المصرية منذ بداية ظهور أولي الافلام السينمائية المصرية!

الكتاب برغم صفحاته المحدودة يقدم فائدة ومتعة غير محدودة بالنسبة لعشاق السينما وللنقاد علي حد سواء.. بصورة أخص بالنسبة لعشاق المطرب محمد منير الذي شارك في بطولة 12 فيلماً سينمائياً وتلفزيونيا منها أفلام تدخل ضمن أفضل الانتاج السينمائِي المصري مثل فيلم "حدوته مصرية" "1982" ليوسف شاهين و"الطوق والأسورة" لخيري بشارة..

لعبت الاغنية الدرامية دورا مهما في تشكيل وعي الجمهور" بهذا السطر تبدأ المؤلفة "مقدمة" الكتاب إذا تضع خطا واثقا تحت عنصر أساس من عناصر الترفيه السينمائي مثلما يلعب الفيلم دورا في توطيد العلاقة بين المطرب ومريديه حيث اقترن الغناء بالسينما مع باكورة دخول الصوت إلي السينما وحتي وقتنا هذا فلا يخلو فيلم من الأفلام المصرية من مطرب واغنية حتي صار الفيلم هو الوسيط الذي يتكئ عليه المطرب في الوصول إلي الناس..

وهناك فارق كبير بين الاغنية الدرامية التي تدخل في بناء الفيلم الدرامي. وتصبح خيطا رئيسيا في نسيجه الفني كما يوضح الكتاب وبين الاغنية المحشورة حشرا لزيادة جرعة الترفيه الاستهلاكي.

محمد منير واحد من أهم الأصوات علي الساحة الفنية بلونه الغنائي المنفرد الذي ينتمي لاهالينا الكرام بأرض النوبة.. وتعتبر القومية النوبية التي يتحلي بها منير من أجمل خصائص صوته المميز الذي يحمل عبق التراث بامتداد جذور نهر النيل.. بالإضافة إلي أن هذا الصوت يتمتع بحالة من الدرامية في ادائه لكل ما يشدو به دون شريطة وجود الأغنية داخل السياق الدرامي. بمعني أن اسلوب ادائه للاغنيات يتسم بالدرامية الشديدة التي تخاطب عقل ووجدان المتلقين بصدق احساسه وروعة تعبيراته ليخرج لنا لوحة غنائية تضاف لمعرض لوحاته الغنائية شديدة الثراء..

وفي نهاية "المقدمة" تطرح المؤلفة سؤالا مهما: هل كانت الأغنية الدرامية في عمر محمد منير الفني الذي يقارب الأربعة عقود مجرد ظهور عابر يمر دون أثر أم أنه سيظل هو نفسه علامة من علامات الغناء الدرامي؟؟

وفي إجابتها المطولة علي هذا السؤال تستعين الدكتورة الاكاديمية بخبرتها ودراستها العلمية للموسيقي في الكشف عن خصائص الغناء النوبي بملامحه واستخدامات ايقاعاته المركبة. التي تعتمد عليها الاغنيات والرقصات الفردية والجماعية. وفي القاء الضوء علي المقومات التي ينفرد بها اللون الغنائي الذي يقدمه ابن اسوان محمد منير الذي ولد عام 1951. والذي منحه الله موهبة غنائية متميزة استطاع أن ينفذ من خلالها إلي جمهور عريض من أقصي جنوب مصر إلي شمالها.

وتتناول الكاتبة دور الصدفة في حياة منير وكانت عنصرا مهما في بداية مشواره الفني عندما التقي مع مؤلف الاغاني الجنوبي مثله عبد الرحيم منصور الذي أعجب بصوته وقدمه إلي الملحن النوبي الشهير أحمد منيب الذي فتح له طاقات الابداع وتعاونا معا في مجموعة كبيرة من الاعمال شكلت رحلة نجاح بدأت ولم ولن تنتهي.

وتؤكد الدكتورة الاكاديمية عازفة الفلوت أن محمد منير يعتبر قائد ثورة التغيير في الأغنية المصرية من حيث هي مصدر الهام لكل جديد. كما حمل صوته من التناقضات التي تجمع بين الأصالة الممتدة لحضارة الماضي ومعاصرة المستقبل وأيضا المزج بين سحر الشرق وحرفية الغرب.. وتقول:

"إن محمد منير ليس مجرد مطرب. ولكنه فنان مبدع فرضت اختياراته اللحنية نفسها علي الوسط الفني . وكذلك عبرت أغنياته التي كان ينتقي كلماتها من المخزون العقلي الحقيقي لكل سامع مع اختلاف بيئته وظروفه وثقافته. بجانب ما يتمتع به صوته من جمال. فكان هو أكثر مطرب علي الساحة إلماما ببواطن السياسة التي تناولها في أغنياته بشكل غير مباشر. وكذلك القضايا الفلسفية التي إحتوتها جنبا إلي جنب مع الأغنيات العاطفية والاجتماعية كاحتياج فني حقيقي لدي العامة لذلك وصل إلي قاعدة عريضة من الجمهور العربي في وقت قصير حتي أصبح هو "الملك" في نظر معجبيه.

ومنذ أن طرح محمد منير نفسه علي الجمهور في اواخر السبعينات وحتي الآن وهو مستمر بلون مميز وفريد ولم يستطع مغن آخر السير علي نهجه بهذا الاحتراف والابداع والتجديد من حيث التوفيق في اختيار الكلمات واللحن بجانب موهبته الربانية.

ومن أهم مميزات مؤلفة هذا الكتاب أنها تعين القارئ علي استيعاب التحليل العلمي الاكاديمي للموضوع الذي اختارته. فتجعل متعه القراءة مركبة فنحن أمام ظاهرة جماهيرية كاسحة تتمثل في مطرب نستمتع باغانيه ولكننا لا نتوقف أمام تصنيف طبقة صوته وطبيعته وسط الأصوات الرجالية حيث تنقسم اصوات الرجال إلي ثلاث طبقات متدرجة من الحدة إلي الغليظة وهذه الطبقات هي "التينور" التي ينتمي اليها صوت محمد منير. ثم الباريتون واخيراً الباص.."

وعن سمات الغناء النوبي المتأصل في صوت منير يقول: أثرت البيئة النوبية التي نشأ فيها منير وامتدت جذوره اليها علي اختياراته الغنائية واسلوب غنائه الذي يمثل حالة ابداعية فريدة لم يستطع مغن آخر مضاهاتها في منطقة النوبة التي تمتد حدودها الجغرافية من السودان جنوبا وحتي اسوان شمالا.

ويعتبر الغناء والرقص النوبي أحد اهم مميزات الثقافة الشعبية النوبية التي تتسم بالمحافظة علي تقاليدها التي تميزها عن غيرها من ثقافات المنطقة ككل.

ومحمد منير حسب معطيات الكتاب ومادته الموضوعية الفنية ابن شرعي طبيعي للثقافة الشعبية النوبية التي تعتبر الموسيقي والغناء النوبي أهم مقوماتها والتي تمتلك خصائص فريدة منها جدية الموضوعات التي تساير جميع المناسبات الدينية والاجتماعية والسياسية والتي تعتمد بشكل أساسي علي الصوت البشري بدلا من الآلات والتي تقتصر عندهم علي آلة الطنبورة الوترية ذات الخمسة أوتار وآلة الطار الايقاعي وآلتي النفخ الخشبيتين الشرقيتين الطابع "الكوله والسلامية".

وبسبب الخصائص الدرامية المميزة لصوت محمد منير أصبح ضمن أكثر المطربين الذين حققوا نجاحا من خلال الدراما. وأكثرهم جدية في اختياراته للأفلام وموضوعاتها وفي اختيار كلمات الاغنيات التي تنطوي علي قيمة فكرية ومضمون ومستوي تعبيري ولفظي حاد يبتعد كل البعد عن الابتذال الذي عهدناه في العقدين الأخيرين تحديداً وتتناول المؤلفة بالتحليل رصيد محمد منير كممثل ومطرب في 12 فيلما سينمائيا حيث عمل مع يوسف شاهين الذي قدمه في أول فيلم سينمائي في مشواره كممثل وهو فيلم "حدوته مصرية" 1982 وبعده "اليوم السادس" 1986 ثم "المصير" "1997"..

يوسف شاهين بحاسته الدرامية المرهفة وجد في محمد منير المطرب حالة ابداعية قد لا تتوفر في مطربين آخرين وأغنية الفيلم تمثل - المفروض.. البناء الوجداني والفكري والفلسفي والشحنات العاطفية التي يمكن أن يستخلصها المشاهد من الفيلم وتعتبر ضمير كل المصريين 
وإلي جانب الدور الذي لعبته الاغنية الدرامية في افلام يوسف شاهين ساهم منير بأغنياته في اثراء افلام لمخرجين مجددين مثل خيري بشارة في "الطوق والاسورة" "1986" ويوم حلو ويوم مر "1988" ومع انعام محمد علي في "حكايات الغريب" "1992" ويوسف فرانسيس في فيلم "البحث عن توت عنخ أمون" وجوسيلن صعب في فيلم "دنيا" 2006 وخاله الحجر في فيلم "مفيش غير كده" 2007 ومع محسن محيي الدين في "شباب علي كف عفريت" "1990" وعلاء كريم في فيلم "اشتباه"

قراءة التحليل القيم لدور الاغنية في هذه الاعمال والكلمات المختارة وانواع الآلات الموسيقية المستخدمة للتعبير عن المواقف الدرامية والحالة الدرامية التي عبر عنها محمد منير بصوته .. هذه القراءة التي قدمتها الدكتورة رانيا يحيي تجعلك متشوقاً لمشاهدة ثانية أو ثالثة لهذه الاعمال حتي يزداد وعيك بأثر الاغنية ودور المطرب في تعميق الحدث الدرامي وابراز معانيه مثلما تزداد قدرتك علي التمييز بين مطرب لا غني عنه وآخر يتم اقحامه في سياق العمل دون ضرورة درامية..

** الكتاب يعتبر ضمن أفضل ما قدمته الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما في مهرجان الاسكندرية الاخير .2014 

رنات
الحضور الإسرائيلي لفلسطين!!

بقلم: خيرية البشلاوى

سبعة وستون عاما مرت علي نكبة فلسطين والسينما العربية في حالة موات.. فلا حس ولا خبر

انتفاضات عربية عقيمة تقمعها الدولة الصهيونية وفنانون عرب في الشتات يصنعون أفلاما عن الوطن السليب بأموال الغرب الذي لعب الدور الرئيسي الوحيد في إقامة الكيان السرطاني الذي يسري في العلن وفي الخفاء بأسلحة فتاكة يقاتل ويحتل ويسحق البشر والزرع ويقيم المستوطنات علي الأرض بينما جماعات من أهل البلاد تنفذ بوعي أحلامه في التوسع

الصورة في 2015 أكثر تعقيداً وأشد إثارة لمشاعر الإحباط والمرارة

ان الإشارة الوحيدة لفلسطين جاءت في فيلم أمريكي منذ يومين ومن خلال عمل شارك في مهرجان كان المنعقد حاليا بعنوان "حكاية حب وظلام" أول أفلام الممثلة اليهودية الاسرائيلية ـ الأمريكية ناتالي بورتمان "مواليد اسرائيل عام 1981" وهي حائزة علي عدة جوائز كممثلة عن دورها في أفلام "قريب" و"البجعة السوداء" وفيلمها المشارك الآن في معمعة "كان" يعتبر الأول لها كمخرجة

والفيلم حسب "القطفة" الأولي من كتابات النقاد الذين شاهدوه في المهرجان الفرنسي الأشهر تري الفيلم بمثابة رسالة حب لإسرائيل موطن المخرجة ومسقط رأسها التي عاشت فيها حتي سن الثالثة قبل أن تنتقل مع أسرتها إلي أمريكا.. والفيلم عن رواية لأشهر روائي اسرائيل "أموس أوز" عاش في اسرائيل وارتبط وجدانيا بالحلم الصهيوني وكروائي مبدع تابع مسار ذلك الحلم وراقب اسلوب تحققه علي الأرض الفلسطينية وكان من أوائل اليهود الصهاينة الذين رأوا امكانية ان الأرض الفلسطينية تتسع لدولتين ولكن الواقع شديد التعقيد والنظرة الصهيونية لحكام الأرض المغتصبة ترفض أي حلول تحيد عن حدود الحلم الصهيوني اضافة إلي أن القوي الاستعمارية التي زرعت اسرائيل لم تحقق بعد أحلام التوسع والسيطرة الكاملة علي هذه المنطقة من كوكب الأرض حسب مخططاتها

ناتالي بورتمان "34 سنة" تصور حياة المؤلف الذي يرسم سنوات طفولته وشبابه مع أسرته التي تعاني من علاقة مضطربة ووسط العرب ومع التوتر المتزايد في العلاقة بينهم وبين اليهود الصهاينة حتي قامت حرب يونية وجري ما جري

المؤلف خدم في الكبوتس الاسرائيلي وفي المؤسسة العسكرية التي خاضت الحرب ضد العرب وتمارس أنواع الإذلال للأهالي أصحاب الأرض الحقيقيين ولديه منظوره لهذا الصراع المحتدم والذي لا يبدو له نهاية وشيكة. منظوره الذي ينطلق من موقف يساري انساني

والممثلة التي خاضت تجربة الإخراج لأول مرة قدمت صورة لفلسطين باعتبارها الوطن الأم وللصراع داخلها بانحياز حتمي للجانب الصهيوني وللحلم الذي لم يتحقق بعد

كثيرون رأوا ان الممثلة اليهودية في فيلمها الأول تشبه الممثلة الأمريكية انجلينا جولي في أول أفلامها كمخرجة "أرض الدم والعسل" الذي عالجت فيه جانبا من مأساة الحرب البوسنية وانعكاساتها علي المرأة هناك وصورت الوحشية المفرطة للممارسات التي تمت فوق هذه الأرض

والفارق الذي لا يمكن أن يغيب ان "بورتمان" في أول فيلم لها تعود إلي "الوطن" الذي ولدت فيه وتقدم من خلال منظورها الشخصي رواية اسرائيلية لكاتب معاصر يعيش في اسرائيل ويتابع ما يدور علي أرضها. بينما الممثلة الأمريكية ذهبت إلي البوسنة وزارت مواقع الحرب من منظور انساني خالص ومن أجل إدانة الحرب وتداعياتها وكذلك العنف الوحشي الذي ألقي بظلاله الكئيبة علي المنطقة بأسرها

القضية الفلسطينية حاضرة في "كان" ولكن من المنظور الاسرائيلي وفي أكثر المحافل الفنية الإعلامية والدعائية والتجارية صخبا وإثارة وانتشارا عبر آلاف الحضور من الإعلاميين ومن الوسائل التكنولوجية الحديثة وعبر المنابر المرشوقة في كل ركن من أركان المدينة الصغيرة وتتوجه إلي كل ركن من أركان المعمورة!! 

** عندما تتحرك الصورة الثابتة للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ومعها تتحرك ضمائر صناع الرأي حينئذ يمكن أن نأمل بتحرير الأرض وإزاحة آثار "النكبة". 

المساء المصرية في

17.05.2015

 
 

قِرن على الفيلم العنصري "مولد أُمّة"

محمد موسى

هو الفيلم الأمريكي الأول في تاريخ السينما في الولايات المتحدة الذي جذب ملايين المشاهدين الى الصالات السينمائية، ليشكل ببنائه والإيرادات التي حققها مفهوم "الفيلم الجماهيري"، بل وعَرَّفَ السينما الشعبية التجارية  بملامحها وتركيباتها المتداولة اليوم. هو أيضاً الفيلم الأكثر جدليّة واشكاليّة في السينما الأمريكية، والذي لم تُنَقَّص السنوات المائة التي مرت على عرضه الأول في عام 1915 من حَمِيَّة النقاش عنه.

في مقابل الجدال الأخلاقي الذي يُثيره الفيلم، يُعَّد هذا الأخير تُحفة بصرية لم تفقد توهجها، صَمد قرناً كاملاً بوجه الزمن والتطورات الهائلة التي مَرت على صناعة السينما. ريادتة في تصوير الجموع في المشاهد العريضة، والإنتقالات بين اللقطات المُتوسطة والواسعة في المشهد الواحد، وإستعمال اللون كإنعاكس للحالات النفسية الدرامية، أثرت على أجيال عديدة من المُخرجين حول العالم. كثيرون مُدينون للفيلم، وتأثيراته يمكن الإستدلال عليها في أفلام شهيرة من: "القيامّة الآن" لفرانسيس فورد كوبولا الى سلسلة "سيد الخواتم" للمخرج بيتر جاكسون. عن فيلم "مولد أُمّة" للمُخرج ديفيد وورك جريفيث نتحدث، والذي تمر هذه الأيام الذكرى المئوية لعرضه الأول.

لا يُوجد فيلم بتاريخ السينما الأمريكية أثار من النقاش ما فعله "مولد أُمّة"، فالنجاح المُدوي له عند عرضه الأول والذي إستمر الى عام 1922، قابله إنتقادات وغضب واسعين لم يتوقفا حتى هذه الساعة، تركزا على الصور النمطية والعدائية للأمريكيين من الأُصول الأفريقية التي حفل بها هذا الفيلم المؤسس، وعنصريتة البغيضة، ورومانسيته التي وصلت الى التمجيد لظروف ولادة منظمة "KKK" الأمريكية العنصرية المُتطرفة، التي عادت للحياة بسبب نجاح هذا الفيلم، بعد أن كانت في طريقها  لأن تتحول لذكرى مقيته يُغطيها النسيان في الوجدان الأمريكي، بل أن هذه المنظمة ظلت تستعين بمشاهد شهيرة من "مولد أُمّة" لجذب أعضاء جُدد لها وحتى بداية عقد السبعينات من القرن الماضي.

مع بداية عقد الثلاثينات من القرن العشرين، بدأت عروض الفيلم الإستعادية في الصالات الأمريكية تُثير غضباً غير مسبوق، حتى أن بعضها سَبَّبَ في تظاهرات شوارع عنيفة، الأمر الذي دعى ثمان ولايات أمريكية الى إصدار قانون لمنع عرض الفيلم، في حين لم يرغب أصحاب صالات سينمائية في ولايات اخرى إثارة غضب الجمهور، فتجنبوا عرض الفيلم، ليغيب هذا عن الواجهة الإعلامية والجماهيرية الأمريكية، حتى في مدن عملاقة مثل نيويورك، والتي لا تملك تاريخياً علاقة مُعقدة ومؤلمة مع العنصرية ضد السود كحال مُدن الجنوب الامريكي، فغاب الفيلم عن العروض السينمائية الإستعادية فيها لأكثر من ثلاثين عاماً، قبل أن يعود أخيرأ في عروض محدودة بمناسبة مرور قرن على عرض الفيلم الأول.

والواقع أن أجيال عديدة تعرفت على الفيلم منذ سنوات قليلة فقط، في زمن الإنترنت الذي نعيشه، فمواقع إلكترونية عديدة بدأت بنقل أجزاءً من الفيلم على صفحاتها (يُوجد نسخة كاملة منه على موقع "يوتيوب")، كما أن النقاش الذي يثيره الفيلم دائماً، والذي يُذيل صفحات تلك المواقع، دفع بالكثيرين الى معرفة المزيد عن الفيلم وتاريخه. ومؤخراً صدرت إسطوانات رقمية مُختلفة الأنواع من الفيلم، ليتوفر للمرة الاولى الى جمهور واسع في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.

وبسبب  تاريخ الفيلم وما يتضمنه من تفاصيل وصور كريهة وأحياناً مُقززة، وما يحيطه من لغط متواصل، والمشاعر الحادة التي يطلقها بين جمهور واسع في كل مرة يصل فيها الى الإهتمام الإعلامي، يصبح من العسير كثيراً الإستمتاع بسلام بمنجز الفيلم التقني والشكليّ ورياديته الفنيّة التي ليس عليها جدال، فهناك دائماً الخوف من الوقوع في فخاخ الفيلم العديدة، ونظرته المُلغَّمة للسود الأمريكيين، وعلاقته بما يجري خارج فضاء السينما، بخاصة أن مرور الذكرى المئوية يُصادف مع إحتجاجات عنيفة تشهدها مدن أمريكية، على خلفية المُعاملة غير العادلة والعنيفة التي يلقاها السود من السلطات الأمنية في بلدهم.

يستند الفيلم على رواية مُثيرة للجدل هي الاخرى للكاتب الأمريكي توماس ديكسون بعنوان " كلانسمان"، لكن وعوض أن يحاول المخرج ديفيد وورك جريفيث أن يصحح بعضاً من المفاهيم والأفكار المُسبقة والوقائع التاريخية التي خالفت الحقيقية التي جاءت بها الرواية، تراه يقدم تلك التفاصيل كما هي ولا يخضعها لمُعالجة درامية وتاريخية مناسبتين. فعلى رغم إن المخرج  يورد في بداية فيلمه أن الصور والأحداث التي يقدمها الفيلم لا تعكس العلاقة بين الأعراق في الولايات المتحدة اليوم، الا أن هذه التوطئة لا معنى لها عندما يأتي الفيلم بعدها وكأنه تصفية حساب مع الماضي والحاضر في آن، لتكون طاقة الفيلم مستمدة بشكل رئيسي من نيران العلاقة العنيفة بين السود والبيض. او عندما يسلب المخرج السود حقهم في طلب المغفرة درامياً، إضافة الى تجنيّ الفيلم على حقائق تاريخية، وهذه الأخيرة تم إشباعها تنقيباً وبحثاً في مقالات  وبحوث على مدى عقود طويلة.

تطل الصور العنصرية للسود الأمريكيين في ثنايا القصص العديدة المتفرقة التي تشكل بناء الفيلم الذي يتجاوز طوله الثلاث ساعات. وأحياناً يكون الامريكيون من الأصول الأفريقية أبطال بعضاً من القصص الصغيرة المُتفرعة من القصة الأُمّ. أما الحكاية الأساسية فهي عن تشابك مصائر عائلتين من الجنوب والشمال الأمريكيين في زمن الحرب الأهلية الأمريكية التي تشكل خلفية ومسرح لأحداث الفيلم، الذي يمتد في زمنه الى ما بعد الحرب تلك، الى ما يُعرف بسنوات إعادة تشكيل الدولة الأمريكية. ينقسم الفيلم لجزئين، أولهما عن تلك الحرب، ويتضمن مشهديات رائعة عن المعارك، وجموع الجنود المتنقلين بين المدن، او تلك التي تظهرهم متمرسين خلف الخنادق. في حين يتجه الجزء الثاني الأكثر عنصرية، الى التركيز على العلاقات التي بدأت متوترة بين الأمريكيين السود والبيض في ولايات الجنوب الأمريكي قبل أن تتحول الى العنف، ونشوء منظمة "KKK " العنصرية، والتي ولدت للرد على تنامي سلطة السود في الجنوب.

لعب معظم شخصيات الامريكيين من الأصول الأفريقية في الفيلم ممثلين بيض غطوا وجوهم بأصباغ سوداء، نفذ على نحو بدائي أحياناً. واذا كان هذا الأمر بذاته لم يكن غريباً على حقبة السينما الصامتة في هوليوود وقتها، الا انه يزيد من لَبْسٌ مشاهدة الفيلم اليوم. فاللون الاسود للامريكيين الأفارقة هو ليس طبقة خفيفة فقط توضع بعجالة على الجلد، وإنما تاريخ إنساني كامل لعب فيه اللون دوراً أساسياً، ويغلب عليه العذاب والآلآم، كما يبدو من الظلم بمكان سلب السود حقهم في تجسيد شخصياتهم على الشاشة. هذه التفصيلة على جسامتها تُعد أقل مشاكل الفيلم، فهذا الأخير ينتهز أي مناسبة مُمكنة لإظهار السود كمتوحشين ليس لهم شاغل الا مطاردة النساء والإعتداء عليهن جنسياً، عديموا الوفاء لجيرانهم البيض، قساة على الآخريين، ولا يتورعون عن القيام بأشد الأفعال همجية.

وعلى رغم أن السينما الأمريكية تُقدم أحياناً صوراً عنيفة للأمريكي الأسود في أفلام عديدة ("جانجو طليقاً" لكونتين تارانتينو و"12 عام عبداً" للمخرج البريطاني ستيف ماكوين من السنوات الأخيرة على سبيل المثال)، الا أن الأفلام تلك سعت للموازنة بين الحقيقية والظرف التاريخي العام، فالرجل الأسود الذي يقوم بتعذيب أبناء جلدته من السود والذي ظهر في فيلم "جانجو طليقاً"، هو نتيجة او مُحصلة للظروف التي خلقها السيد الأبيض من حوله وحاصره بها، وضيق الطرق عليه ليقوده لهذا المسّار الشاذ. علاوة الى ذلك، إجتهدت الأفلام تلك لتقديم صور إنسانية مُؤثرة للأمريكيين الأفارقة، وتدعيمها بشخصيات فعالة ومُتوازنة، وتفاعلت، أي الأفلام، مع الإجماع العام الراهن على موضوعة التفرقة العنصرية في مُعالجتها للقصص التاريخية التي قدمتها، الأمر الذي كان غائباً بشكل يكاد يكون كامل عن فيلم "مولد أُمّة".

هيج النقاش المُتواصل على الفيلم، الحديث عن موضوعة العنصرية العرقية تجاه الأمريكيين من الأصول الأفريقية، والتي لم تطل برأسها سينمائياً مجدداً وعلى النحو العدائي الفاقع منذ فيلم " مولد أُمّة "، فسرعان من دخلت الموضوعة في خانة المُحرمات السينمائية الأمريكية، وغدا التطرق لها يمر بسلسلة طويلة ومُعقدة من الرقابات، بعضها ذاتي. في المُقابل ظهرت عنصرية اخرى مُبطنة لعبت دوراً في تحديد حضور شخصيات الأمريكيين من الأصول الأفريقية في أفلام هوليوود على وجه التحديد، وماعناه هذا من تقليل الفرص المتوفرة للنجوم والممثلين السود في السينما الشعبية، وقاد لتهميش فئة مُهمة من المجتمع الأمريكي في سينما بلدهم، او عندما تدير الجوائز السينمائية ظهرها لمواهبهم الكبيرة عندما يلعبون أدوراً مُتميزة وكما يحدث أحياناً.

عاش المُخرج ديفيد وورك جريفيث حياة طويلة (توفي في عام 1948 عن 73 عاماً)، وصنع أفلاماً عديدة (وصلت الى 500 فيلماً)، لكن لعنة فيلم "مولد أُمّة" لم تفارقه الى آخر يوم في حياته. قضى المُخرج سنوات طويلة يدافع عن نفسه، ضد تُهم العنصرية التي وجهت إليه. كان يُمكن ل "جريفيث" أن ينال مرتبة رفيعة بين مجاليه في حياته، او أن يتم تكريمه على نطاق واسع بعد مماته، لما قدمه للفن السينمائي من إضافات ودوره في تطوير الصناعة السينمائية بشكل عام، لكن الجرح الذي فتحه في فيلمه الشهير هذا مازال ينزف لليوم، ليطال المُخرج النسيان في حياته ولتلاحقه اللعنات بعد موته، اذ رحل وحيداً في الفندق الذي كان يعيش فيه في لوس أنجلس، ولم يحضر جنازته الا حفنة من المُشتغلين في السينما.

الجزيرة الوثائقية في

17.05.2015

 
 

5 أسباب تجعل من منير مراد فتى أحلامي

يعرفه الجميع بألحانه وأغنياته، وأعرفه أنا بأنه كان فتى أحلامي الأول.

في العادة إذا سألت عنه أحداً سيجيب الإجابة الأشهر: أنه الولد الذي يجيد التقليد، شقيق المطربة ليلى مراد، وربما ذكر بالطبع أنه تحول للإسلام.

أما إذا كان المجيب ملماً بالفنون فسيعرفه بأنه كان ملحناً ناجحاً، اشتهر بتقديم الأغنيات الخفيفة.

لكن حياة منير مراد الصاخبة أوسع من كل تلك الإجابات المعلبة والمحفوظة.

المصدر: موقع السينما

هو من مواليد يناير 1922، توفي في أكتوبر 1981.

تزوج منير مراد ثلاث مرات، الأولى من رينيه وهي فتاة إيطالية يهودية وأنجب منها ابنه الوحيد زكي، والذي سافر إلى المغرب ومنها إلى سويسرا وبعدها إلى الولايات المتحدة لزيارة والدته التي عاشت هناك بعد انفصالها عن والده، ثم استقر هناك وتزوج وأنجب ابنا أسماه منير.

بعدها تزوج من الفنانة سهير البابلي منذ عام 1958 حتى عام 1967، والتي قالت عنه: “إنه إنسان بالمعنى الصحيح الذي تحمله الكلمة، وقد تزوجته وعمري 17 عاماً، فكان زوجاً وأباً وأستاذاً، إذ كان يوجهني ويرشدني في كل مراحل حياتي الفنية”.

أما الزيجة الثالثة والأخيرة فكانت من السيدة مرفت جودة، ولم تستمر هذه الزيجة إلا لأشهر معدودة لوفاته.

ولأسباب عديدة ظل منير مراد هو فتى أحلام طفولتي ومراهقتي من مجرد مشاهدته يغني ويرقص على الشاشة وتحديداً في استعراض محدش شاف، الذي حفظته عن ظهر قلب قبل أن أكبر وأدرك حياة هذا الفتى الشغوف بكل أنواع الفنون، فكانت هناك عدة أسباب يمكن تلخيصها في هذه الخمسة:

1- متعدد المواهب

يجيد التمثيل، والتقليد، والغناء، والتلحين، والرقص، وكتابة السيناريو، والعمل كمساعد مخرج.

بدأ العمل في السينما عاملاً للكلاكيت، لكنه تنقل بين أكثر من مهنة وكلها تتعلق بالسينما مثل العمل بالتحميض، والديكور، والمكياج، ثم مساعد مصور، وملاحظ سيناريو، فمساعد إخراج في أكثر من 150 فيلماً، وكومبارس، إلى أن حصل على بطولة فيلمين: أنا وحبيبي عام 1953، ونهارك سعيد عام 1955، وفي العام نفسه شارك بدور صغير في فيلم موعد مع إبليس.

كما عمل ملحناً للأغاني والدويتو ومؤلفاً لموسيقى الاستعراضات الراقصة، وكان راقصاً بارعاً استعان به كثير من المخرجين لتقديم رقصة الكلاكيت (صوتا) والتي كان يجيدها أداءها بشدة.

بالإضافة إلى أنه وضع عدة مقطوعات موسيقية رقصت عليها نجمات الرقص الشرقي مثل: تحية كاريوكا، سامية جمال، نعيمة عاكف، إلى جانب تلحينه لأشهر الدويتوهات التي قدمتها السينما المصرية، مثل: الدنيا حلوة لشادية وكمال الشناوي من فيلم الدنيا حلوة، سوق على مهلك لشادية وكمال الشناوي أيضاً من فيلم بشرة خير، ألو ألو لشادية أيضاً لكن مع فاتن حمامة من فيلم موعد مع الحياة، تعال أقولك لعبد الحليم حافظ وشادية من فيلم لحن الوفاء، إلى جانب دويتو الخفة واللطافة، قلبي يا غاوي خمس قارات لفؤاد المهندس وشويكار من فيلم مطاردة غرامية.

2- بخته قليل

عانى منير مراد طويلاً من قولبته لدى المنتجين أو المطربين والمؤلفين كملحن ناجح للأغاني الخفيفة فحسب، فبسبب تميزه الشديد في إجادة هذا اللون تحديداً لم تسند إليه -إلا نادراً- أغنيات من ألوان أخرى، لعل أشهرها: بأمر الحب، والتي أداها عبد الحليم حافظ في فيلم يوم من عمري عام 1961.

حيث جمعته صداقة مع عبد الحليم لما يزيد عن عشرين عاماً، وتوثقت في آخر 12 سنة في حياة حليم، رافقه فيها منير في معظم رحلاته العلاجية.

ولازمه سوء حظه حتى نهاية حياته عندما توفي في 17 أكتوبر 1981 بعد أيام قليلة من مقتل الرئيس السادات، فلم يلحظ رحيله إلا قليلون.

3- مكافح

ولد منير مراد لأب مطرب هو زكي مراد، من مواليد الإسكندرية، لأسرة تعود جذورها إلى المغرب، وكان والده من المتشددين، وعمل زكي مراد كمنشد ديني في المعبد بجانب عمله في الغناء.

أنجب زكي مراد من زوجته جميلة إبراهيم زكي: مراد، ليلى، إبراهيم، ملك، موريس الذي تحول فيما بعد لمنير، عزيزة، أسعد، وسميحة، بعد أن انتقلا للعيش في حي الضاهر بالقاهرة حيث سكنت الطبقة الوسطى، بينما سكن الأغنياء منهم في جاردن سيتي، أو الزمالك، في حين عاش فقراؤهم في حارة اليهود بالموسكي.

كان منير في تلك الفترة طالباً فاشلاً، بدأ تعليمه في مدرسة الليسية الفرنسية ثم في الكلية الفرنسية.

بينما كان منير طفلاً سافر زكي مراد في رحلة فنية طويلة إلى تونس والمغرب وكان من المفترض أن تستمر لمدة أربعة شهور، لكنها استمرت لأربع سنوات ونصف، حيث قرر السفر إلى الولايات المتحدة تاركاً وراءه زوجته وأطفاله، وحملت خطاباته لأسرته مالاً وفيراً في البداية ثم انقطعت أخباره تماماً عن زوجته التي اضطرت إلى بيع أثاث بيتها لتطعم أطفالها الصغار، وتراوحت حالة الأسرة دائما ما بين الثراء الشديد والفقر الشديد، لكن  الموقف المالي للأسرة تعدل تماما بعد نجاح ليلى كمطربة، وقيامها ببطولة أول أفلامها عام 1942.

بدأ منير مراد حياته العملية كعامل بسيط في محل لبيع الأدوات الكهربية، لكنه لم يكن ملتزماً فتركه للعمل كعامل كلاكيت في استوديوهات السينما، ثم مساعد مخرج، وبالتحديد للمخرج والممثل أنور وجدي زوج أخته ليلى فيما بعد.

بينما بدأ رحلته مع التلحين بمرافقته للموسيقار محمد عبدالوهاب أثناء رحلاته إلى أوروبا ليقوم بالترجمة له عن الإنجليزية والفرنسية، وساعده ذلك على معرفة أوليات هذا الفن، حتى إنتاج فيلم ليلة الحنة للمخرج أنور وجدي الذي طلب منه مراد أن يقوم بتلحين إحدى أغنياته فكانت غنوة واحد اتنين لشادية.

ولم يكن منير مراد ملحناً موهوباً فحسب بل كان ملحناً طليعياً، قادراً على توقع شكل الموسيقى بعد عقود، ومد الخطوط على استقامتها.

بلغ مجموع ألحان منير مراد أكثر من 3000 أغنية لمعظم الأصوات المعروفة في الغناء في عصره باستثناء السيدة أم كلثوم التي كثيراً ما عبرت عن إعجابها بألحانه، لكنه ورغم كل النجاحات التي حققها  لم يكن يملك في منزله عندما توفي إلا 250 جنيهاً فقط.

4- ابن بيئة كوزموبوليتية

كان منير مراد ابن عصر احتمل الجميع، كان والده مطرباً ناجحاً كثيراً، ما جمع موهوبي عصره في بيته، غنى في بيته كل ليلة (داوود حسني، زكريا أحمد، محمد القصبجي، رياض السنباطي… وغيرهم.

وكانت الفترة التي تلت ثورة 1919، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في اعتزاز المصريين بجنسيتهم بغض النظر عن أديانهم المختلفة.

كل تلك الأجواء ساعدت الصبي على تقبل الآخر بكل اختلافه.

5- دمه خفيف

يكفي أن تشاهده على الشاشة كي تحكم بنفسك.

كسرة في

17.05.2015

 
 

«حياتي الشخصية تخصّني وحدي»... شعار النجوم الدائم

كتب الخبرربيع عواد

تبقى الحياة الشخصية للفنان الموضوع الأهم، بالنسبة إلى الصحافة والناس، ورغم أن نجوماً كثراً يعتبرونها خطاً أحمر لا يحق لأحد أن يتعدّاه من دون موافقتهم، فإن الفضول يدفع كثيرين إلى البحث والاستقصاء حول الوجه الآخر للفنان بعيداً عن الأضواء، ونسج أخبار من مخيلتهم لا تمت إلى الحقيقة بصلة بل قد تؤثر سلباً على الفنان وأسرته.

مايا دياب

«حياتي الشخصية خط أحمر ولا أسمح لأحد بأن يتدخل فيها»، عبارة ترددها مايا دياب التي اعترت حياتها الخاصة إشاعات وأقاويل رفضت الرد عليها مراراً، فإشاعة الطلاق لم تفارقها يوماً، كذلك حكي عن علاقة عاطفية تربطها بوائل كفوري وفارس كرم وغيرهما...

ترفض دياب التطرق إلى قضية انفصالها عن زوجها وتقول في حديث لها: {لم أصرّح  حول هذا الأمر، وكل ما نشر عن لساني ليس صحيحاً، وهو يخصني وحدي ولا دخل للإعلام به}.

تضيف: {منذ بداياتي لا أقدم إلا ما أنا مقتنعة به، فكل ما يظهر على الشاشة أمام الجمهور يقنعني أنا أولاً، ولا أحاول أن أقنع أحداً آخر به، ولا أقحم حياتي الشخصية في العمل}.

أمل بو شوشة

{كثر يحبون الاصطياد بالماء العكر} تؤكد أمل بوشوشة التي طاولتها إشاعات حول علاقات حب وارتباطات، إلا أنها نفتها موضحة أن كل من يعمل تحت الأضواء يتعرض لهكذا أخبار غير صحيحة، إلا أن القاىء بات يميّز بين الخبر الصحيح والإشاعة، لذلك لا تضطر لأن ترد خصوصاً أنها تفضّل التركيز على عملها أكثر من أي أمر آخر.

تضيف: {لا أحب أن أتكلم عن حياتي الشخصية التي اعتبرها خطاً أحمر، فهي تتعلق بي وحدي وليس لأحد دخل فيها، خصوصاً أن كثراً يحاولون الاصطياد في الماء العكر ويطلقون إشاعات حولي حين يشاهدونني برفقة صديق أو صحافي أو أي شخص آخر}.

تتابع أنها تحاول قدر الإمكان درس خطواتها لتبقى بعيدة عن الإشاعات، مع ذلك يودّ البعض اقتحام حياتها الشخصية بأي طريقة، وبما أنها متكتمة، تُلفّق الأخبار حولها لكنها لا تستمر طويلا، تقول: {حين أرغب في الحديث عن أمور تخصني يكون ذلك بإرادتي، وأنا على يقين بأن الناس يودون معرفة أخباري الشخصية، عندما يكون ثمة أمر جدّي سأعلنه على الملأ لأنني لست من النوع الذي يعيش حياته في الخفاء».

ملحم زين

«أنا أختار ما أريد كشفه للناس»، يؤكد ملحم زين لافتاً إلى أن البعض حاول زعزعة حياته الشخصية من خلال نشر أخبار عن طلاقه من زوجته، إلا أنه أوضح حينها أنه وزوجته وأولاده بألف خير وكل ما يقال عن خلافات وانفصال، هو تعدٍّ على حياته الشخصية ولا أساس له من الصحّة».

وعمّا إذا كان يفضّل أن يتشارك الفنانون تفاصيل حياتهم الخاصة مع جمهورهم، يشير في حديث له: «أنا غامض عن قصد، ولا أحد يعرف عني شيئاً إلّا ما اختار أنا أن أكشف عنه، فحياتي الشخصية خطّ أحمر، أنا إنسان يعيش حياته بشكل طبيعي جداً، أمارس هواياتي كالصيد ولعب البليار والورق وكرة القدم، في المقابل لا أسهر كثيراً ولا أقصد النوادي الليلية إلّا في استثناءات نادرة جداً، وهذا هو جَوّي».

سبق زين أن صرّح بأنه لا يحب كثرة الكلام، كونه لا يجد في  ذلك فائدة، واصفاً حياته الزوجية بأنها ناجحة ومبنية على الاستقرار، وموضحاً أن زواج الفنان يدفعه الى التركيز أكثر على عمله ويوفر له استقراراً ذهنياً، عكس ما يتردد.

باسكال مشعلاني

{الحياة الشخصية ملك للفنان وهو وحده يفصح عما يريد أن يعرف الجمهور عنه}، تقول باسكال مشعلاني التي طاولتها الإشاعات حول حياتها الخاصة خلال مسيرتها الفنية، إلا أنها كانت دائماً توضح حقيقة الأمور لتكوّن صورة صحيحة للناس.

باسكال التي تعيش اليوم حياة زوجية هادئة وأمومة جميلة تؤكّد ألا مانع لديها، في هذه المرحلة، من الحديث عن ابنها وعلاقتها بزوجها، كونها أموراً جميلة تسعدها، إلا أن  ثمة نواحي شخصية لا تعني الغير تفضل الاحتفاظ بها لنفسها،  تضيف: {أحرص دائماً على التواصل مع المحبين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأكون أكثر من سعيدة حين أتشارك وإيّاهم أموراً كثيرة. لكني لا أفصح عن نواحٍ شخصية لا تهمهم، بل أفضّل أن أنشر أخباراً ممتعة أو متعلّقة أكثر بعملي}.

تتابع أن الحياة الشخصية للفنان تكون محطّ الأنظار ليس في لبنان أو الدول العربية فحسب، إنما في العالم أجمع، ومن الطبيعي أن يتعرض من هو تحت الأضواء لإشاعات أو تدخلات من الخارج، لكن مع الوقت يصبح لدى الفنان ما يشبه المناعة الذاتية ضدّ هذه الأمور ولا يعود يتأثر بها، فحسب رأيها لا أحد يقبل، سواء كان نجماً  أو إنسانا عادياً، أن يتعدّى أحد من الخارج على حياته الشخصية من دون إرادته ويلفق أخباراً غير صحيحة بحقّه.

Saint Laurent... إخفاقات ومبالغات

كتب الخبرروجر مور

{سان لوران} (Saint Laurent) فيلم يمتحن صبرك يمر مرور الكرام على سنوات مجد مصمم الملابس الفرنسي، يركز على السنوات الباهتة الأخيرة من عمره، ويخفق في نقل التفاصيل عن صدمته الكبرى.

يحظى مصمم الملابس الفرنسي إيف سان لوران بفيلم عن حياته يضاهي فيلم {غاندي} طولاً، فضلاً عن أنه غير مترابط وتكثر فيه اللمحات الفنية.

مع أن فيلم Saint Laurent يدوم ساعتين ونصف الساعة، إلا أنه المخرج بيرتران بونيلو يخفق في نقل كثير من المسائل المهمة، يتفادى منافسي لوران، بمن فيهم أندي ورهول (باستثناء بعض الرسالة المقروءة)، ويصب اهتمامه كله على مبالغات عملاق الموضة المبدع وإنما العاثر الحظ أحياناً، فضلاً عن حياته الجنسية.

ولكن مع أداء غاسبار يوليال الدور الرئيس، تجتمع لقطات الفيلم الكثيرة والفاشلة ومشاهده الانطباعية في صورة رمزية واحدة. بتجسيد شخصية سان لوران في ذروة الستينيات والسبعينيات، يبدو يوليال (Hannibal Rising) بالتميز والجمال عينهما كما الملابس التي ترتديها هذه الشخصية، حتى بزات السبعينيات البشعة. فيوليال، بطوله، نحوله، وبروز وجهه، يجسد تصاميم إيف سان لوران.

تختلط الأقمشة، التي تنسدل على الكتفين وتعانق الوركين وتطول برقة، بالألوان والأشكال في {جمال وأناقة} تمثلان سعي سان لوران طوال حياته. ويعرض لنا بونيلو على الأقل الملابس التي صنعت الأسطورة، معتمداً عادة على إعادة تصوير لعروض الموضة التي صنعت اسمه.

فقبل أن تبرز الأحرف YSL على عدد كبير من المنتجات إلى درجة أنها فقدت معناها، وقبل أن يضنيه نمط الحياة الصعب المليء بالمخدرات والمشروب، وقبل أن تتخطاه الموضة بحد ذاتها، كان إيف سان لوران سيد الموضة، وهذا ما يذكرنا به فيلم {سان لوران}. فيُظهر عمله على توسيع ماركته، وانتقاله من ملابس باهظة الثمن تملأ عروض الأزياء إلى الملابس العادية، العطور، وبيعه ماركته إلى شركة أميركية. اعتاد سان لوران، بتوجيه من شريكه في الحياة والعمل بيار بيرج (جيريمي رينيه) يبع منتجاته كافة بسرعة وسهولة، حتى إنه ضاهى كوكو شانيل ثراء.

ملهمات
نلتقي في الفيلم بـ{ملهمتيه}، العارضة الشقراء الممشوقة القامة بيتي كاترو (أيميلين فالاد)، التي دعاها توأمه، والمصممة الملهمة لولو دو لا فاليز (ليا سيدو).

لكننا نمضي وقتاً طويلاً في الاستماع إلى المحادثات في ملاهي تلك الأيام، ومشاهد الإسراف في الشرب، تناول الحبوب، والتدخين، التدخين، ثم التدخين. ولا بد من وضع تحذير بهذا الشأن على فيلم {سان لوران}.

نراقب بعد ذلك سان لوران وهو يهيم في الحياة ويدخل في علاقة حب مليئة بالمخدرات والحبوب مع عشيق كارل لاغيرفيلج، جاك دو باشر (لوي غاريل).

تبدو إخفاقات الفيلم في البداية ممتعة، حين ينزل سان لوران المتوتر في أحد فنادق باريس ويبيح بأسراره كافة لمراسل، أو هذا ما قيل لنا. لكن هذه {القصة} لم تُنشر مطلقاً أو تُروى، فضلاً عن أننا نحصل على لمحة عابرة فحسب عن أسابيع المأساوية عندما تحول المصمم الشاب إلى مجند في الجيش، وتعرض لاحقاً لعلاج بالأدوية والصدمات الكهربائية إثر ما أصابه من كآبة حادة.

لا يتناول الفيلم فترة تدربه تحت إشراف ديور، وهوسه بالكاتب مارسيل بروست، كما ذُكر مرات عدة من دون أي توضيحات.

يشبه {سان لوران} أحد الأفلام عن كرة السلة، إنما مع ملابس أنيقة. تكثر فيه اللقطات السريعة وتندر اللحظات الملهمة.

ولعل اختيار ترجمة باللون الأبيض لفيلم فرنسي عن مصمم اعتاد خياطوه، عارضاته، وشققه الاكتساء بالأبيض أكبر إخفاقات الفيلم في مجال التصميم والموضة.

Hunting Elephants... فيلم المفاجآت

يؤدي فيه باتريك ستيوارت دور سارق

يؤدي باتريك ستيوارت دوراً مختلفاً في فيلم Hunting Elephants ويضفي طابعاً حيوياً على فيلم الجريمة الكوميدي المبهم والمتوقع نسبياً.

يؤدي باتريك ستيوارت دور اللورد مايكل سيمبسون، ممثل مغمور بالكاد تسمح له مسرحيته (Hamlet: Revenge of the Sith) بدفع المال لدائنيه.

سرعان ما يعلم أن شقيقته التي كانت قد تزوجت رجلاً إسرائيلياً دخلت في غيبوبة وأنها تحتضر في دار مسنين حيث يحميها زوجها إلياهو (ساسون غاباي)، الذي كان سابقاً في فوج المغاوير، من الموظفين.

يقول إلياهو غاضباً: {الشخص الوحيد الذي يحق له قتل زوجتي هو أنا!}. وبما أنه لا يزال يحمل مسدساً ويلوّح به أحياناً، يأخذ الناس كلامه على محمل الجد.

يسافر سيمبسون إلى القدس للمطالبة بالمنزل الذي كانت تملكه عائلته هناك وكانت شقيقته وزوجها يعيشان فيه منذ عقود.

لكنّ الوضع الذي يواجهه هناك هو محور فيلم Hunting  Elephants. يهتم إلياهو (يتلاعب سيمبسون باسمه بشتى الطرق المضحكة طوال مدة الفيلم) بحفيده المعزول الذي يتعرض للتنمر (جيل بلانك). مثل سيمبسون والحفيد جوناثان ورفيق السلاح المتقاعد (موني موشونوف)، يبدو إلياهو بأمسّ الحاجة إلى المال.

أمام هذا الوضع، ما الذي يمنع السطو على البنك الذي كان والد جوناثان يعمل فيه في قسم الأمن قبل أن يموت في سن مبكرة بسبب الجهد الذي بذله في العمل؟ إنه انتقام لابن الضحية ووالد الضحية إلياهو، تزامناً مع توفير الأموال النقدية الجاهزة للآخرين.

يتمتم سيمبسون: {لم يسبق أن أديت دور سارق بنك. هل سيكون دوري كبيراً؟}.

تظهر تفاصيل الخطة بعد مقدمة طويلة تكشف عن حزن جوناثان وشعوره بالذنب (لأنه لم يتمكن من إنقاذ والده) وتعرّضه للتنمر، وهي تبدو مبهمة من حيث الأسلوب والتوجيهات. لكن حين يبدأ دور إلياهو وسيمبسون، يكشف فيلم ريشيف ليفي الذي يُعرَض باللغة الإنكليزية أو العبرية مع ترجمة إنكليزية، عن مغزاه الحقيقي.

إنها محاولة لمواكبة أعمال الكوميديا التراجيدية الأميركية التي تتمحور حول لصوص بنوك متقدمين في السن كتلك التي شارك فيها الممثلون الراحلون جورج بيرنز وآرت كارني ولي ستراسبيرغ منذ عقود.

لكن من خلال طرح مقدمة طويلة قبل الوصول إلى عقدة القصة، يعطي ليفي الممثل غاباي فرصة تقديم أفضل ما لديه. لا شيء يضاهي رجلاً مسناً عصبياً يصر على {النضال من أجل الحرية} ولا يتخلى عن سلاحه. لا يكون سيمبسون الذي يؤدي دوره ستيوارت معادياً للسامية بمعنى الكلمة، ولكنه ينتقد بطريقة كوميدية بلد {الإرهابيين} ويسخر من العنف والنزعة القبليّة وعقدة الاضطهاد السائدة في الثقافة الإسرائيلية.

يبالغ ليفي في طرح التفاصيل قبل الوصول إلى عقدة بسيطة جداً، مع شخصيات بسيطة ودوافع بسيطة. لكن يبقى فيلم Hunting Elephants عملاً يستحق المشاهدة نظراً إلى المفاجآت التي تظهر من وقت إلى آخر وأداء الممثلين المتقن.

Madding Crowd... يحافظ على أمانته

كتب الخبركولين كوفرت

على غرار جاين أوستن المتفائلة، كتب توماس هاردي المتشائم عن محاور القرن التاسع عشر الأساسية الثلاثة: الرومانسية، والمال، والأملاك. تطرح Far From the Madding Crowd، رواية هاردي عن توق لا يُشبع، الأسئلة التالية: ما يجعل الزواج سعيداً غير الحظ المتقلب؟ وهل تعد الحياة في طبقة الاقطاعيين بالاكتفاء والرضا؟ وكيف تستطيع بيثشابا إيفردين العثور على السعادة؟ بإدارة مزرعة مزدهرة أم بالزواج والاستقرار؟

يتناول الفيلم الأول المقتبس عن قصة Far From the Madding Crowd للمخرج الدنماركي توماس فنتربيرغ المحاور المذكورة سلفاً وأكثر. يبدو هو وفريقه الدولي المذهل مرتاحين جداً في تحويل قصة هاردي الكلاسيكية إلى رواية صادقة مع البقاء آمنين للنص الأصلي. هكذا يأتي الفيلم قاتماً وشاعرياً بقدر الرواية، إلا أنه ينجح أكثر في جذب اهتمام المشاهد. نتيجة لذلك، نستمتع بمشاهدة فيلم قديم وحافل، من دون أن نشعر أنه بالٍ.

في هذه النسخة النسائية، بيثشابا إحدى الناشطات الرائدات المدافعات عن حقوق المرأة تسير في درب مليء بالعواطف والتحديات. يدفع كاتب السيناريو ديفيد نيكولز بيثشابا، إحدى الشخصيات الأساسية في كتاب هاردي، إلى ذروة الفيلم. ولا شك في أنه دور غني يدفع كاري موليغان إلى طليعة سباق جوائز الأوسكار هذه السنة. صحيح أن موليغان لطالما أدت أدواراً مثيرة للاهتمام، إلا أنها لم تكن يوماً بهذا القدر من الإبداع كما في دور هذه المرأة البريئة، القوية، والمميزة: أداء قوي ومفاجئ يتخطى بأشواط جولي كريستي الرقيقة والهشة في نسخة جون شليسنغر لعام 1967.

تُعتبر بيثشابا مميزة في بلدتها الريفية، حتى في البداية حين تكون فقيرة. فيلمس جارها المزارع غابريال أوك (النجم البلجيكي ماتياس شوينارتس بلهجة إنكليزية متقنة) روحها، مقدماً لها حملاً حديث الولادة لتربيه. بعد ذلك، يعرض عليها أوك، الذي يبدو برجولته البارزة وصدقه وأخلاقه المهنية العالمية عريساً جيداً، الزواج بهدوء، إلا أنها ترفض في الحال. توضح أنها لا تخطط راهناً للاقتران بزوج ناضج وذكي، بل تفضل بيثشابا السعي وراء أهدافها الجميلة الخاصة، لا متعة الجسد.

لكن الوضع سرعان ما يتبدل. فيما تحقق بيثشابا النجاح تلو الآخر في العالم، تزداد موليغان جمالاً بأثواب ضيقة كاشفة باللونين الأحمر والأزرق القويين. نتيجة لذلك، تبرز بوضوح بين ألوان البني والأخضر المحيطة بها في المشاهد التي تصورها بإتقان شارلوت بروس كريستنسن. وعندما تقفل كارثة عند الجروف البحرية المجاورة مزرعة أوك، تستخدمه بيثشابا للاعتناء بمواشيها. كذلك تدعوه للانضمام إليها خلال مأدبات عشاء الحصاد للخدم، محافظة في الوقت عينه على بعدها عنه. لكن هذه الأعمال الخيرة والمترفعة في آن تسبب الألم لأوك فيما يراقب رجلين يحاولان التقرب منها.

دعابة عيد الحب

يبدو وليام بولدوود (مايكل شين)، اقطاعي ثري، مهووساً بدعابة عيد الحب التي أرسلتها له. يقدم شين أحد تلك العروض المليئة بالتحذيرات من القرون الوسطى، التي سبقه إليها أنتوني هوبكنز قبل عقود. ولكن عندما تواجَه عروض بولدوود الرومانسية بالرفض اللبق، يشعر بألم قاتل ووحدة قوية تجعل في وضع مماثل لأوك.

لكن كلاً منهما يتعرض للصدمة حين تنجذب بيثشابا إلى الرقيب فرانسيس تروي (توم ستوريدج)، الذي تعتبر سحره الزائف لا يُقاوم. يغري تروي بيثشابا باستعراض مهاراته في القتال، محركاً سيفه بقوة قرب بشرتها كما لو أنه عصا تودد سحرية. لكن هذا النوع من عزل يقود إلى نتائج كارثية. ولا شك في أن المشهد كان سيبدو مضحكاً لو أن موليغان لم تبدُ متحمسة جداً ولو أن ستوريدج لم يبدُ أقل تهوراً.

يُعتبر فيلم فينتربيرغ حالة تشذ عن المعايير التقليدية لقصص الحب. يركز الفيلم على الدراما في خطوات البطلة الأنانية المتهورة، مبتعداً بعض الشيء عن لعبة الحب العشوائية المطولة.

كاري موليغان

تنجح كاري موليغان في أداء دورها كمقاتلة أنيقة ترسم قدرها بيدها، سواء كانت ترتدي سترة جلدية جوزية ضيقة وتركب حصانها أو تتحكم في حواراتها مع رجال نبلاء يشاركونها لعبة الإرادة هذه. هكذا يحولها الفيلم إلى بطلة ساحرة، مع أنها تخسر عدداً محزناً من المعارك والحلفاء، قبل أن تنجح في بلوغ السلام.

الجريدة الكويتية في

17.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)