كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«النكبة» في السينما الفلسطينية:

ذاكرة المكان والإنسان والزمان

رام الله- من سعيد أبو معلا:

 

منذ أن حلّت «النكبة» عام 1948، لم تكن الأعمال السينمائية الفلسطينية التي تتحدث عن تلك المأساة بالقدر الكافي الذي تنافس غيرها من الأعمال، غير أنها كانت موجودة، ولها بصمتها في المهرجانات والمحافل، مجسدة الحنين للبلاد العتيقة، وإنتظار أليم لعودة مأمولة للديار.
الناقد السينمائي الفلسطيني، بشار إبراهيم، يمايز بدوره بين سبعة أجيال أو موجات مرت بها السينما الفلسطينية في تعاطيها مع النكبة، وفي كل موجة تحمل في طياتها إيقاعاً مختلفاً وتحولاً في الخطاب البصري الفلسطيني نحو «النكبة» والقضية برمتها.

ويرى الناقد إبراهيم، وهو المهموم بالسينما الفلسطينية كتابة وتأريخاً وأرشفة، أن المرحلة السينمائية الأولى وُصفت بالثورية (1968 – 1974)، وتركزت الأعمال الفنية فيها بالحديث عن الثورة، ورفض حلول التسوية، ولم يكن خلالها ثمة مجال للحديث عن «النكبة»، بل عن مخيمات اللاجئين باعتبارها قاعدة تلك الثورة.

فيما بدأت المرحلة الثانية بعد عام 1974، أي خلال فترة القبول بالحلّ السلمي، وخلالها بدأ الحديث عن «النكبة»، وفق مقتضيات الشرعية الدولية، كما بدأ الحديث عن الأرض المحتلة، وكان «يوم الأرض» (1976) العنوان الأبرز لحضور الداخل الفلسطيني في «سينما الثورة الفلسطينية» التي كانت بيروت مقرّها شبه التام، بحسب إبراهيم الذي يقول إن «الإستعانة بالسينمائيين الأجانب كانت سبيل هذه السينما للحصول على مواد سينمائية مُصوّرة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة».

ويضيف إبراهيم: «عام 1980 ولدت السينما الفلسطينية الجديدة داخل فلسطين وشكلت المرحلة الثالثة، وفيها أخذ الحديث عن النكبة شكل الحنين والذاكرة، حيث ركزت الأفلام على ذاكرة المكان والإنسان».

ومع أحداث «الإنتفاضة» الأولى عام 1987، يلفت الناقد إبراهيم إلى أن السينما الفلسطينية ركزت في حضورها على نقل فاعليات ووقائع هذا الحدث، وأصبحت موضوعات أطفال الحجارة، ودور المرأة، ومساهمات المخيمات والمعتقلين والأسرى، والشهداء تفاصيل لازمة في كثير من الأفلام.

أما في العام 1997، ومع الذكرى الخمسين لـ»النكبة» فيرى أن تيار «الذاكرة الشفهية» نهض بقوة في السينما الفلسطينية، وهو ما يعتبره بتيار تركز حول «النكبة» أولاً، وبالتالي جرى الإهتمام بحكاياتها وتفاصيلها وآثارها وتداعياتها، فاشتغلت السينما بالكيفية التي يمكن لها أن تبدع في تسجيل «الذاكرة الشفهية»، وتحويلها إلى معطى وسرد سينمائي بصري.

ويرى الناقد الفلسطيني أنه «مع إنتفاضة الأقصى عام 2000 بدأت مرحلة أخرى، كان من أبرز سماتها الاستشهاديين، وأسئلة جدوى هذا النوع من العمليات، والسؤال عن السلطة الفلسطينية ذاتها ودورها، ومآسي الحواجز والمعابر، والقصف والإجتياح والمجازر، والجدار العازل… وهو ما جعل السينما تنشغل بهذا النزف الدامي، ريثما تنعطف».

فلسطين ليست جنة!

وفي هذا الإطار تبرز لنا مجموعة من الأفلام الحديثة، التي تصدت لموضوع النكبة، وأبرزها فيلم المخرج إيليا سليمان «الزمن الباقي»، الذي طاف به في كبرى مهرجانات العالم، وهو ذو الإنتاج العربي الفرنسي المشترك، ونال تقديراً وإعجاباً نقدياً وحصد العديد من الجوائز.

والفيلم يحيلنا إلى الزمن الباقي لفلسطيني مشرد، لاجىء، منفي وغريب لكنه عائد إلى وطنه ليعيش فيه ما تبقي من عمر بدأ يأفل ويغيب.. هو حالة بصرية ترصد تفاصيل إنسانية دقيقة من خلال سيرة عائلة فلسطينية عبر مراحل ثلاث (النكبة/ السبعينيات/ اللحظة الراهنة)، ورحلة تأمل عقلانية لمشهدية الوطن التي لم تستقر أو تتبلور بعد، فبدا الوطن هشاً لا يليق بحلم تارة، ووطناً يعيش مأزقاً وجودياً يشترك فيه المُحتل والمِحتل تارة أخرى.

فالوطن الذي حمله الشريط الروائي جاء مليئاً بالتناقضات والمشاكل والإنكسارات التي تشي بتعب البشر وتشرذمهم، فظهروا بإنسانيتهم العادية، ليسوا ملائكة، وكذلك ليسوا مناضلين بالصورة التي نرسمها لهم، إنهم بشر بكل مميزاتهم وعيوبهم، لكن مأزقهم المضاعف هو أنهم يعيشون في دولة إحتلال «تستخدم قوتها وبطشها وعنصريتها لتحقيق أهدافها وهو ما ترك بصماته وجروحه في روح الإنسان الفلسطيني كما جسده».

والصورة السابقة عن الوطن تخالف صوراً متبلورة تقبع بالذاكرة عن الوطن والإنسان الفلسطيني، لكننا نكتشف أن تلك الصورة لا ترتبط باللحظة الراهنة وإنما تغور عميقاً منذ اللحظة التي سقطت فيها فلسطين تحت الاحتلال. والفيلم وفق تلك الرؤية يقدم تأملات ذلك العائد من غربته المُجبر عليها، تأملات باردة وبلا مشاعر تقليدية احتفائية بهذه العودة، لا حنين ولا سخونة في الأحاسيس لحظة الارتماء في حضن الوطن وحتى الأم في مجاز بصري مواز… كل ذلك جاء بلغة بصرية وشاعرية شفيفة تارة، وبأساليب سينمائية متنوعة تارة أخرى.

فلسطين.. البحر

ويعبر فيلم المخرجة الفلسطينية المقيمة في الأردن ميس دروزة «حبيبي بيستناني عند البحر» من أفلام الموجة الأخيرة في السينما الفلسطينية، وهو يخلط بين الشاعري والواقعي في مقاربته فلسطين الحلم البحر. وكانت المخرجة قد أصرت على عرض فيلمها الذي طاف مهرجانات عربية وعالمية كثيرة في فلسطين المحتلة، حيث حضرت قبل أشهر للضفة الغربية وطافت بفيلمها في جولة عروض سينمائية داخل المدن، وفلسطين المحتلة عام 1948.

في فيلم المخرجة دروزة نرى المخرجة (هي ذاتها المصورة) تعود وتعاين أماكن تواجد الفلسطيني الذي يعتبر البحر الذي سرق منه حلماً بعيد المنال، تتجول الكاميرا وتعاين فلسطين الحالية من مخيم اليرموك في سوريا إلى الضفة الغربية فالقدس، ويافا، وعكا، وهي في تجوالها هذا تستنطق الفلسطيني وتحولات أحلامه.

حيث ينتقل الفيلم من مخيم اليرموك إلى داخل فلسطين، كنوع من فعل بصري معادل لرحلة العودة التي تبدو حلماً رومانسياً ما زال الفلسطينيون يحلمون به مثل مجموعة من الشبان الذي يحاولون على أسوار عكا (شمالي إسرائيل) وشواطئها حمل الشمس وإمتلاكها باستخدام تقنيات التصوير الحديث.

أحجار القدس باقية

أما فيلم «الحجر الأحمر» فمن خلاله يوثق المخرج أحمد الضامن للتاريخ الخاص بمدينة القدس من خلال التوثيق لعائلات مقدسية وعلاقتها مع بيوتها وأحلامها التي ارتبطت ببناء بيوت خاصة بها وذات نمط معماري خاص، وكيف سرقت البيوت من «دائرة أملاك الغائبين» الإسرائيلية.

الفيلم الذي بُني على أساس الإنتقال من العام في القضية الفلسطينية إلى الخاص عبر سرد قصص أربعة منازل مقدسية نرى أحلام العودة وممارسات الفلسطينيين في التمسك بذكرياتهم في منازلهم القديمة التي بنوها لبنة لبنة بالتعب والأحلام.

الضامن الذي عرض فيلمه في الجامعة العربية الأمريكية في مدينة جنين (شمالي الضفة) الأسبوع الماضي بمناسبة ذكرى النكبة تحدث أمام مجموعة من الطلبة عن المشاكل التي واجهته في إنتاج فيلمه ومنها: «غياب أرشيف فلسطيني خاص يمكن اللجوء إليه للحصول على مواد بصرية، وهو أمر اضطره للاستعانة بالأرشيف الصهيوني مثل: «البالماخ» «الهاغاناه»، وهو الأمر الذي يعد مكلفاً مادياً.

وقال إن كل المواد البصرية والوثائقية التي حصل عليها ووثقها فيلمه الحائز على مجموعة من الجوائز عن القدس والحياة فيها قبل النكبة حصل عليها من الأرشيف الفردي لبعض العائلات التي وثق قصصها مع منازلها التي تعتبر أوطان صغيرة سرقها المحتلون وحاول استعادتها بصريا بالعودة إليها وتصويرها وربطها بأصحابها.

وفي فيلم المخرج الضامن الذي صُور عام 2011 وعُرض داخلياً وخارجياً، نجد أن أحد أبطال فيلمه الدكتور جابي برامكي، رئيس جامعة بيرزيت السابق، قد توفي قبل عرض الفيلم، وعن ذلك يقول المخرج: «يجب الإسراع برواية ما جرى في النكبة وتوثيق حيوات الفلسطينيين من الجيل الأول للنكبة، الذين عاشوا ما قبلها وما بعدها، قبل أن يذهبوا إلى رحمة خالقهم».

روايات متعددة

وتنتمي الأفلام الثلاثة السابقة على إختلاف أنوعها بين الروائي والوثائقي إلى السينما الفلسطينية الجديدة التي بدأت منذ العام 1980 مع مجموعة من المخرجين الفلسطينيين مثل: ميشيل خليفي، ومن ثم مي المصري، وصولاً إلى هاني أبو أسعد، ورشيد مشهراوي، وإيليا سليمان، وآن ماري جاسر، ونجوى النجار.

ويرى بشار إبراهيم أن هؤلاء وغيرهم أعادوا صياغة السينما الفلسطينية، ونقلوها من التحريضية والثورية التي كانت سمتها الأساسية في سبعينات القرن العشرين، إلى منحى يمزج ما بين الجمالي السينمائي والنضالي الوطني، بعيداً عن الشعارات الصاخبة والخطابية الرنانة، و»النكبة» لم تختف من جوهر هذه السينما في عموم أفلامها، وظهرت في أشكال وروايات متعددة.

و«النكبة» هي مصطلح يطلقه الفلسطينيون على استيلاء ما يسمونها «عصابات صهيونية مسلحة» على أراض فلسطينية، أقاموا عليها يوم 14 مايو/ أيار 1948 دولة إسرائيل، وهجروا 957 ألف فلسطيني من أراضيهم إلى بقاع مختلفة من أنحاء العالم، بحسب تقدير للأمم المتحدة صدر عام 1950.

وسنويا، يحيي الفلسطينيون ذكرى هذه النكبة في 15 من مايو/أيار من كل عام بمسيرات احتجاجية وإقامة معارض تراثية تؤكد على حق العودة، وارتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948.

كرم الكينج… سيرة البطل الشعبي الذي شوهته أفلام الدرجة الثانية

رانيا يوسف - القاهرة ـ «القدس العربي» :

البطل الشعبي أو صورة ابن البلد الذي تناولته العديد من الأعمال السينمائية المصرية على امتداد تاريخها، نموذج اختلفت ملامحه من جيل إلى جيل، في فترة الستينات كانت الصورة الكلاسيكية لهذا البطل هو الفتوة الذي أفرزته الحارة الشعبية، وهو الذي يحمي الضعفاء ويصارع الشر من أجل نصرة الخير.

الفتوة من أبرز النماذج التي عبرت عن البطل الشعبي في المدينة، على عكس مواصفاته يقف نموذج البطل الشعبي في الريف، الذي يقاوم رغم ضعفه قوي التسلط والظلم، من أشهر هذه النماذج شخصية محمد أبو سويلم الذي جسدها الفنان محمود المليجي في فيلم «الأرض»، ارتبطت مواصفات ابن البلد بصفات الجدعنة والشجاعة والطيبة المغلفة بالقوة في مواجهة الأشرار، لكن مع تغير التركيبة الإنسانية للمجتمع المصري تغيرت بدورها ملامح هذه النموذج من جيل الستينيات إلى السبعينيات إلى التسعينيات حتى الألفية الجديدة، ليتحول ابن الحارة الشعبية من وجهة نظر منتجي السينما إلى تاجر مخدرات أو بلطجي أو رد سجون، الشخصية التي قدمها الفنان أحمد السقا في فيلم «إبراهيم الأبيض» التي قدمها محمد رمضان في عبده موته والألماني وعمرو سعد في أكثر من عمل، وأخيراً محمود عبد المغني في فيلمه الجديد «كرم الكينج»، هي في الواقع نماذج فازت بتعاطف الجمهور رغم أن ممارساتها إجرامية خارجة عن القانون، وأصبح تحول البطل الشعبي إلى مجرم يستخدم الشر في مواجهة الأشرار، تحولا تلقائيا ورد فعل مقبول يرحب به الجمهور بل ويتعاطف معه.

فيلم «كرم الكينج» الذي عرض ضمن الموسم السينمائي الجاري وحصد القليل من الإيرادات ينتمي إلى هذه النوعية من الأفلام، العمل لا يطرح أي مضمون مختلف عن الأفلام التي سبقته، فقط استخدم ثيمة البطل الشعبي، أو ابن الحارة الذي يتعرض للظلم على يد أحد تجار المخدرات بسبب تنافسهم على حب فتاة، ثم يخرج «كرم» من الحارة بعد أن يعتدي على تاجر المخدرات الذي يقوم بدوره الفنان الأردني منذر رياحنة، ويحاول كرم الحصول على المال للزواج من حبيبته، ويعمل مع صاحب ملهى ليلي في تجارة المخدرات، لكنه يعود إلى الحارة بعد أن يقتل رياحنة صديقه ويختطف حبيبته، فيعود كرم لمواجهته وينتهي الفيلم.

المخرج حازم فودة في ثاني تجربة إخراجية له بعد فيلم «بوشكاش» عام 2008، حاول معالجة ضعف الحوار الذي كتبه ياسر عبد الباسط في أولى تجاربه السينمائية، من خلال الصورة، أفرط في تصوير مشاهد العنف وإلصاق اسكتشات راقصة بين الحين والآخر، الصراع القائم بين كرم وتاجر المخدرات قد يكون منفصلا عن المجتمع، فما يمارس من قتل وتعذيب وترويج للمخدرات، وأخيرا اختطاف فتاة من منزلها وتعذيبها في منتصف الشارع وإلقاء جثة صديق كرم أيضا في الشارع في وجود القاتل، مع غياب تام لقوات الأمن، وتجمهر سكان الحارة للمشاهدة، من دون إبداء أي رد فعل يذكر، هو تحد فج لسلطة القانون، وترهيب لوعي الجمهور وتحريضه على مقاومة القوة بالقوة، خاصة في مشهد الختام الذي يدخل فيه كرم إلى الحارة فيجد جثة صديقه وسط الشارع وحبيبته بين يدي تاجر المخدرات، فيدعو سكان الشارع للتكاتف معه لمقاومة الطرف الآخر، وبالفعل تنقسم الحارة إلى فريقين متناحرين، لكن كلاهما مذنب.

أخفق المخرج في اختيار أبطال العمل، خاصة اختيار الفنان الأردني منذر رياحنة الذي حاول تدارك اللهجة الأردنية، لكنه أخفق في التخلي عنها وضاع تركيزه في الإلمام بالشخصية في محاولته المستميتة للتحدث بلهجة الصعيد، فأهدر طاقته التمثيلية في البحث عن اللغة، فأخفق في النهاية في الاثنين، الكثير من الفنانين العرب تستهويهم فكرة تحدي اللهجة المصرية، لكن بعضهم لا يتوقف عند حدود اختراق لهجة سكان القاهرة، فيتطرق إلى اللهجة الأصعب، التي قد لا يفهمها أهل شمال مصر، هي اللهجة الصعيدية التي أطاحت بأعمال سابقة لفنانين عرب لم يستطيعوا الوصول إلى قالب هذه اللهجة الشديدة الصعوبة، مثل الفنان جمال سليمان والفنان أيمن زيدان وغيرهما، أما الفنانة ريهام حجاج التي لعبت دور حبيبة كرم، فلم تتخلص هي الأخرى من تفاصيل الشخصيات التي قدمتها في أعمالها السابقة، وظهرت كأنها تحملها على عاتقها، رغم أنها قدمت في شهر رمضان الماضي دور البنت الفقيرة في مسلسل «سجن النسا»، إلا أنها لم تستطع أن تتحكم في انفعالتها أو تطوع نبرة صوتها المندفعة دائماً، أو تغير من مظهرها الخارجي.

الفنان محمود عبد المغني بعد إخفاق تجربتيه السابقتين في البطولة المطلقة، في مسلسل تلفزيوني «الركين» وفيلم سينمائي «النبطشي»، إلا أنه لازال يسعى لإثبات حقه في أن يتحول إلى نجم شباك، بالفعل عبد المغني يمتلك موهبة كبيرة في التمثيل لم يتم استغلالها على الوجه الأمثل حتى الآن، ولن يكتشفها أحد إلا بعد أن ينزع عبد المغني من رأسه ترتيبه بين قائمة نجوم السينما، أمامه اختياران، إما أن يظل بطلا لأفلام الدرجة الثانية في السينما، أو ممثلا ثانيا في عمل من الدرجة الأولى، أحياناً الطموح غير المبني على إدارك جيد لمقومات الشخصية ينهي حياة الممثل الفنية.

مهرجان تاصميت السينمائي…

النقد في دائرة الاهتمام

سليمان الحقيوي*

في الدورة الثانية لمهرجان تاصميت للسينما والنقد (المغرب 7- 10 مايو / أيار)، تم الاحتفاء بالنقد السينمائي، المجال الذي ظل ذا قيمة ثانوية في مناسبات مشابهة، فالمهرجان استطاع الجمع بين المخرجين والنقاد في الزمان والمكان نفسيهما لمحاولة ردم الهوة بين النقد والسينما وتبديد التنافر بين صناع السينما وناقديها. 

وفي كلمتها التي ركزت على دواعي التفكير في النقد كثيمة للمهرجان تقول مديرة المهرجان أمينة الصيباري لـ«القدس العربي»: «لقد تم التفكير في طابع خاص للدورة يضمن الاستمرارية، ويفتح أفقا جديدا للاشتغال في السينما، ونظرا لما للنقد من لغة تبرز وتفكك الإبداع ومكامن الجمال فيه، تم التفكير في الاحتفاء بالسينما مناصفة مع النقد وخلق تقليد جديد في التظاهرات السينمائية».

وقد حضر النقد من خلال تنظيم ورشة في كتابة المقال النقدي، أطّرها الناقد والأكاديمي بوشتى فرق زايد، لقن فيها المشاركين مبادئ كتابة المقال النقدي، من حيث البناء، والآليات، ونوعية المقاربة ومنهجها، هذه المقالات شاركت في مسابقة النقد التي حكمتها لجنة مكوّنة من منير وسيكوم، والكاتب أحمد حفضي، والصحافية فاطمة بهدي، والناقد السينمائي عبد الكريم واكريم. وفازت بها كل من عتيقة البرناطشي، وبشرى حنفي.

أما ندوة المهرجان التي حملت اسم السينما والنقد أي علاقة، فقد أطرها الأكاديمي عبد السلام الفيزازي وشارك فيها النقاد بوشتى فرق زايد، وعبد الكريم واكريم و وناقشت مداخل عديدة لعلاقة النقد بالسينما والصورة، وتميزت بحضور لمخرجين ونقاد تبادلوا وجهات نظرهم بخصوص النقد والسينما.

وعرفت مسابقة الفيلم القصير التي ترأسها المخرج المغربي داوود أولاد السيد وحكمها كل من الفنانة جيهان كمال والمخرج إدريس الإدريسي، والجامعي عز الدين نزهي والناقد ضمير الياقوتي، فوز فيلم «دمى» للمخرج محمد ودغيري «الذي يعالج قضية زواج القاصرات في المغرب، كما فاز فيلم «دوار السوليما» للمخرجة أسماء المدير بجائزة السيناريو مناصفة مع فيلم «وسيط» للمخرج «الطيب بوحنانة»، وتوج فيلم «رحلة في صندوق» لمخرجه أمين صابر بجائزة أحسن إخراج. 

وبالإضافة إلى النقد والسينما، فقد قدم المخرج المغربي لحسن زينون في لقائه بالجمهور ضمن فقرات ماستر كلاس تجربته مع الرقص، بداية ببلد المهجر بلجيكا، ثم انخراطه في عالم السينما. وضمن الفقرة نفسها، تحدث المخرج المغربي داوود أولاد السيد عن تجربته السينمائية، وولعه بالصورة ثم تحوله إلى السينما. وكان الجمهور في الحفل الختامي على موعد مع تكريم المخرج حسن بنجلون، أحد أهم المخرجين في تاريخ السينما المغربية، بمسيرة تمتد لأكثر من ثلاثين عاما.

*كاتب مغربي

القدس العربي اللندنية في

14.05.2015

 
 

الزمن الباقي..

عن النكبة واحتفال الفلسطيني "باستقلال إسرائيل"!

طارق أوشن

يأخذ تلاميذ المدرسة أماكنهم في المنصة المعدة للاحتفال، وينطلقون بالغناء:

في عيد استقلال بلادي غرد الطير الشادي،

وعمّت الفرحة البلدان حتى السهل والوادي،

في عيد بلادي في عيد بلادي،

الشعب يغني فرحان متهني،

يحلى لو الترتيل في عيد إسرائيل،

ودمتي يا بلادي..

هم أطفال فلسطينيون من الناصرة، في مشهد من فيلم "الزمن الباقي" للمخرج إيليا سليمان، فرض عليهم وجودهم داخل ما يسمى بالخط الأخضر التغني باستقلال "بلادهم" في يوم نكبة بلادهم ذاته. لا ذنب لهم، فما هم إلا ضحايا عجز الآباء في الدفاع عن الوطن والعرض والمال.

تسير سيارة بسرعة كبيرة في اتجاه "القلعة" في أعلى التلة وهي تلوح بالراية البيضاء دليل استسلام وخنوع. ينزل سائقها ويدخل المكان. كرسي وحيد فارغ يظهر في إحدى الغرف وعليه جلس. في مواجهته عدد من ضباط جيش الاحتلال. نعتقد للوهلة الأولى أن الأمر بعلاقة مع مفاوضات ستنطلق، فالسائق لم يكن غير رئيس بلدية الناصرة. لكن الواقع أن وثيقة الاستسلام معدة ولا مجال إلا للتوقيع. 

يلتفت وراءه حيث يجلس ربع من أهل المدينة بلا حراك ليسأل عن التاريخ. يأتيه الجواب سريعا من أحد الضباط: 16 تموز 1948. وكان لا بد من صورة لتأريخ "النصر"، وخلاله تستبدل المواقع ليتوسط رئيس البلدية المستسلم واسطة الصورة في عملية نصب على التاريخ. الوفد الفلسطيني خارج الصورة . 

لكن المخرج، وفي حركة كاريكاتورية، أصر على أن يكونوا هم الصورة بعد أن انحنى المصور لتبرز مؤخرته في اتجاههم، فكانت ولادة الصورة التي يستحقون مؤرخة لحقيقة عجزهم واستكانتهم، وليس تلك التي أرادها المحتلون. 

في الصورة رجل دين مسيحي وإمام مسلم، ومعهما عدد من أعيان الناصرة. هؤلاء هم شهود الزور المذنبون الحقيقيون وليس الموقعون. حدث الموقف ذاته في باحة البيت الأبيض في شهر سبتمبر 1993 إيذانا بمسلسل مفاوضات انتهى إلى العدم وكرس توقيعات وتراجعات ومصافحات وثقتها صور. وفي مصر الثالث من يوليو 2013 شاهدنا الكليشيهات ذاتها، والنتيجة بادية أمام العيان.

في فيلم "الزمن الباقي" يستعيد إيليا سليمان جزءا من ذاكرة النكبة متنقلا عبر أكثر من ستين سنة من التيه والشتات الفلسطيني والعربي. لم يكن الأمر، كما صرح المخرج، رغبة في التقوقع في الهوية بل في التجربة الإنسانية. فالتاريخ، في نظره، برهن على أن العمل الفني الذي يستهلك الحدث التاريخي يضمحل تدريجيا ويموت. في الفيلم ظهر إيليا وكأنه حنظلة السينما الفلسطينية صامتا يراقب الأحداث والأشخاص بعينين جاحظتين وُفّق كثيرا في نقلها إلى شاشة السينما بكثير من الكاريكاتورية والعمق على حد سواء.

في مقهى بالناصرة يجلس إيليا شابا مع رفيقيه. يمر بائع جرائد من أمامهم وهو يصيح : جرايد، جرايد.. الوطن بشيكل وكل العرب ببلاش.

يطلب الشباب الوطن، لكنهم يفاجؤون بنفاذه مقابل كل العرب بلا مقابل.

يواصل البائع سيره وهو يصيح : جرايد، جرايد. كل العرب ببلاش....

على قارعة المقهى ذاته، كان فؤاد سليمان (والد إيليا) جالسا عام 1948 ومعه عدد من أصدقائه. يمر جندي عربي من أمامهم بحماس.

فؤاد: على فين يا معلم؟

الجندي: أنا من جيش الإنقاذ ورايح على طبرية.

فؤاد: طبرية من الاتجاه المعاكس.

يسير الجندي بالحماسة ذاتها في الاتجاه المعاكس.

فؤاد: على فين يا معلم؟

الجندي: طبرية

فؤاد: لا تتعب نفسك. طبرية تحررت.

الجندي: وماذا في هذا الاتجاه؟

فؤاد: حيفا.

يسير الجندي الحماسة ذاتها في اتجاه حيفا.

شاب: يا أخ، إلى أين؟

يقف الجندي حائرا.

الشاب: مين وين انت؟

الجندي: من العراق

يضيفه الشباب على فنجان قهوة، لينضم إليهم في الانتظار على رصيف المقهى في الوقت الذي ترمي فيه طائرات العدو بالمنشورات من أعلى، دليل تفوق وانتصار على الأرض.

لم يكفِ العرب أن زجوا بجنودهم في المعركة بأسلحة فاسدة، بل دخلوا المعركة دون ترتيب أو قيادة أو حسن تدبير. صحيح أن كل العرب ببلاش..

لكن جار العائلة السكير، وبعد أن انتهى كل شيء، وصارت الناصرة من محظيات عصابات الهاجانا، أبدع في نظريات المقاومة والتبشير بالنصر الموعود.

الجار السكير محييا فؤاد سليمان والكأس بيده: جارنا! عندي نظرية: لو العرب شريبة كاس مثلي كنا ربحنا الحرب من زمان. اسألني ليش؟ لأن الواحد بيقعد يمزمز على كاس كاسين عرق بيصير يشوف الطيارة بعيدة عنو مترين.. بيده يتناولها.. شو رأيك جارنا؟ القصة قصة منطق بدها الواحد يكون راسو صاحي مع شوية تفكير.

ولأن الكأس صارت ملازمة للجار السكير فقد عاد مرة أخرى للتنظير.

الجار السكير والكأس بيده (مع تخفيف وقع الكلمات النابية): جارنا! عندي نظرية: أنا أعرف كيف نتخلص من اسرائيل. أليس فرنسا حليفة لبنان؟ ندفع لبنان لدخول الحرب. ترد إسرائيل بقوة لتدمر لبنان. تتدخل فرنسا لحماية لبنان فتدمر إسرائيل... شو رأيك جارنا؟ القصة قصة منطق بدها الواحد يكون راسو صاحي مع شوية تفكير.

لا تختلف نظريات الجار عن كثير من التحليلات التي نسمعها من المفكرين الاستراتيجيين والمحللين العسكريين الذي ملأوا الشاشات والإذاعات. لكن العرب صاروا أمة سكيرة، ولم تطل أيديهم طائرات العدو يوما. كما جربنا أن تدخل لبنان الحرب، ولم نجن غير الخراب والدمار بعد أن استنكفت فرنسا وبقية دول الغرب عن تقديم الدعم و"تدمير إسرائيل" حماية للبنان. 

وكل ما استطعنا تقديمه طوال هذه العقود بجانب أنهار من الدماء الزكية التي أسلها الاحتلال، مبادرة سلام عربية غادرنا صاحبها إلى دار الحق وبقيت هي في رفوف وأدراج الزعماء يستنجدون بها لحظة كل مؤتمر "قمة" يوفقهم الله إلى عقده بين فينة وأخرى.

يستمع فؤاد سليمان إلى جهاز الراديو الذي يبث نشرة أخبار:

صرح رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر أن العرب يؤيدون المبادرات الدولية للحل السلمي. لكن ليس هناك من دليل مادي على رغبة حقيقية من جانب الإسرائيليين في السلام... وتصريحات قادتهم الأخيرة تعكس إصرارهم على عدم الانسحاب من كافة الأراضي العربية. كان هذا موجز الأنباء قدمناه لكم من القاهرة.

كان هذا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. أما اليوم فلم يعد العرب ينتظرون دلائل لا حقيقية ولا وهمية من العدو، فقد رهنوا حاضرهم ومستقبلهم، بعد أن أنكروا ماضيهم، بمبادرات دولية وإقليمية على أمل أن تستسلم إسرائيل أمام ضعفنا وهواننا وسلمية مبادراتنا. 

لم تعد القاهرة تحتكر الخبر وصار الفضاء مملكة عربية بامتياز أخبارا وترفيها وأغاني وأفلام. لكن الأرض تشهد أن كثيرا منا غيروا السلاح بالسبحة والسيجار وطوابع وأقلام للتوقيع على التنازلات خنوعا وخضوعا.

بعد استسلام المقاومين بمدينة الناصرة، يدخل شاب بلا سلاح إلى باحة المعتقل منشدا قصيدة "الشهيد " التي نظمها الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود في العام 1939، مخاطبا ضابط الاحتلال القابع أعلى البناية :

ونفسُ الشريف لها غايتان، ورود المنايا ونيلُ المنى

وما العيشُ؟ لا عشتُ إن لم أكن، مخوف الجناب حرام الحمى

إذا قلتُ أصغى لي العالمون ، ودوّى مقالي بين الورى

سأحمل روحي على راحتي، وألقي بها في مهاوي الردى

فإمّا حياة تسرّ الصديق، وإمّا مماتٌ يغيظ العدى..

وأطلق النار على رأسه من مسدسه.

قبله شاهدنا كيف أن أفراد الجيش العربي سارعوا إلى التجرد من ملابسهم العسكرية وانطلقوا 
هاربين، ليستلمها المحتلون ويتخفون من خلالها للدخول إلى الناصرة دون مقاومة. ابتهجت سيدة بمقدم الجيش العربي لباسا والصهيوني أجسادا، وأقبلت عليهم تزغرد وترش الملح قبل أن تواجه بطلقة غادرة أردتها شهيدة.

ما أشبه اليوم بالبارحة، فشاشات التلفزيون تناقلت يوم دخول القوات الأمريكية مدينة بغداد مشهد أفراد الجيش العربي الأقوى وقتها وهم يفرون بملابسهم الداخلية على ضفاف دجلة أو الفرات هربا من القصف الأمريكي. والنتيجة "نكبة" إضافية كرست فقدان فلسطين وفتحت اللائحة على العراق وسوريا وأقطار عربية أخرى.

وفي الطريق إلى رام الله، تزدحم سيارة الأجرة بالركاب. ووحدها امرأة شابة ظلت محتفظة بكوفيتها الفلسطينية بعد أن خلعها الرجال. أما السائق فقد غابت عن سيارته رموز الثورة وخريطة فلسطين من النهر إلى البحر، وحضرت صورة امرأة عارية تظهر على وقع كل مطب صناعي في الطريق. 

هذه هي الحياة الجديدة في رام الله الصاخبة، فالشباب صاروا مهتمين بالديسكو والأغاني الهابطة دون أن تغفلهم عيون الاحتلال ودباباته التي تراقب السكنات في مشاهد عبثية، ليس أقل منها مشهد المصادمات بين الجنود وبعض من الشباب يضطرون لإيقافها في انتظار مرور امرأة تدفع عربة طفلها الصغير، قبل استئناف المواجهات من جديد. 

يبدو الأمر كأنه مجرد مشهد تمثيلي لإرضاء الصور النمطية التي ألفتها العين الخارجية عن المنطقة. قد يقول المتنطعون أنه شكل من أشكال المقاومة الجديدة أن تستمر الحياة في مواجهة حظر التجوال الإسرائيلي. 

لكن واقع الحال يقول إنه انكفاء على المصالح النفعية وانتفاء لروح المقاومة تسربت إلى قطاعات كثيرة من الشعب أصابها الوهن وطول انتظار الآتي المجهول. ولعل في الهروب إلى الأحلام والفنتازيا لتحقيق أحلام لا مجال لتحققها في الواقع دليلا.

يحمل إيليا سليمان عصا الزانة، ويجري بقوة في اتجاه جدار الفصل العنصري ليتخطاه في حركة رياضية تذكر بسيرجي بوبكا وبطولاته في القفز بالزانة. ليس الأمر غريبا لدى إيليا، فقد سبق له في فيلم أن فجر دبابة بحبة مشمش، بل حقق للراحل عرفات حلم الوصول إلى داخل فلسطين عبر بالون أحمر رسم عليه صورة الزعيم ليجتاز الحواجز الإسرائيلية وسط حيرة الجنود في فيلمه (يد إلهية). لكن مشهدا سابقا في الفيلم لوالده وهو راقد في المستشفى بمحاذاة جندي إسرائيلي أنقذه من الموت تثبت أن الواقع أمر. 

سريران بغرفة بمستشفي يفصل بينها حاجز. يزيح الجندي الإسرائيلي الحاجز، وكأنه يعبر عن امتنانه لهذا الفلسطيني الذي أنقذه. لم تمر سوى لحظات صمت حتى أعادت الممرضة الحاجز إلى مكانه، معلنة أن الحواجز قائمة وصامدة أمام أي شعور إنساني بين صاحب أرض ومغتصبها. وهو ما ظهر واضحا بعدها بسنوات حين وصلت سيارة إسعاف حاملة مصابا فلسطينيا تبعتها سيارة عسكرية وجنود. في الممر يتنازع الطاقم الطبي والفريق العسكري جر النقالة التي تحمل المصاب الفلسطيني، في مشهد سوريالي، قبل أن يحسم العسكر الأمر بقوة السلاح، وينتصر منطق الاعتقال على العلاج.

في فيلم (الزمن الباقي) كثير من الغرابة. لكن الثابت أن الواقع أكثر غرابة من الخيال، ولا شيء مستبعد الحدوث على أرض فلسطين التي بدت في الفيلم مستكينة، وبدت الحياة في الناصرة رتيبة رتابة القضية. 

لقد سبق الفلسطينيون شعوب المنطقة في الخروج في انتفاضات، والنتيجة مجرد سجون أكبر تحرسها سلطة لا حول ولا قوة لها كل عمادها مناصب ووظائف وهمية ورواتب تدفع من دون إنتاج.

داخل البلكونة، تجلس والدة (إيليا سليمان) الطاعنة في السن، وفي الأفق نرى ألعابا نارية في السماء. إيليا يراقب المشهد في وقت تجري فيه العاملة الفلبينية لتطلب من الوالدة الاستمتاع بالمشهد في فرحة طفولية. لم تعرف المسكينة أن الاحتفال هناك يعني للأم نكبة وفقدان وطن. تشيح الأم بنظرها في اتجاه غرف البيت/ الوطن. يتحول المشهد إلى صورة كارت بوسكال جميلة للأم ترتشف قهوتها، وعلى خلفيتها ألعاب نارية رائعة، دون أن يحرك فيها الأمر ساكنا.

هي الصورة التي يريد الاحتلال ترويجها. لكن يا ترى كم باق من الزمن لنرى تلاميذ مدارس الناصرة 
يأخذون أماكنهم في المنصة المعدة للاحتفال، وينطلقون بالغناء:

فدائي فدائي فدائي 

يا أرضي يا أرض الجدود 

بعصف الرياح ونار السلاح 

وإصرار شعبي لخوض الكفاح 

فلسطين داري فلسطين ناري 

فلسطين ثاري وأرض الصمود 

فدائي فدائي فدائي .........

عربي 21 في

14.05.2015

 
 

«يوتيوب» إلى الإنتاج في «عالم الأبطال الخارقين»

علي وجيه

لم تعد مشاركة الفيديوهات واستضافة مليارات الساعات من مختلف أنحاء الكوكب سقفاً يلبّي طموحات «يوتيوب». منذ عام 2005، بات الغول الرقمي منصّة بديهية وأرشيفاً كونياً، ابتلعته «غوغل» عام 2006 بصفقة فلكية آنذاك، بلغت 1.65 مليار دولار أميركي.

اليوم، يتجّه الموقع العملاق إلى إنتاج بعض محتواه بدلاً من عرضه، من خلال مشروعYoutube Spaces (مساحات يوتيوب). استوديوهات ضخمة تمّ انشاؤها في خمس مدن، هي: لوس أنجليس، ونيويورك، ولندن، وطوكيو وساو باولو. البداية ستكون مع إنتاج مضمون الترويج والانتشار. مشروع «عالم الأبطال الخارقين» الذي وقّعه أسطورة الكومكس الأميركي ستان لي (1922 - الرئيس السابق لـ«مارفل كوميكس»، والشريك في ابتكار شخصيات شهيرة مثل «سبايدر مان» و«آيرون مان» و«إكس مين» و«هالك») مع إدارة «يوتيوب».

شركة لي الحالية Pow! Entertainment ستعمل مع الشركاء على تطوير شخصيات جديدة، على يد مبدعين من مختلف جهات العالم. ستستغلّ المساحات المجهّزة بتكنولوجيا فائقة السريّة ومختبر علمي وخزنة أسلحة. «نحتفل بجنر الأبطال الخارقين، وأنا متحمّس للشراكة مع Youtube Spaces للعمل على تطوير الأفكار وخلق أبطال جدد، بالتعاون مع ألمع العقول في عالم الترفيه». يقول ستان لي لمجلة «فاريتي» الأميركية.

أكثر من ذلك، أبدت الإستوديوهات الكبرى حماساً للانخراط في المشروع الكبير. دروس واستشارات سيناريو سيقدّمها ستان لي للمتقدّمين إلى المشروع، من خلال 18 قناة متخصصة على الموقع.

الأسماء المنتقاة ستعرض نتاجها في معرض لي المتخصص الذي يحمل عنوان Lee’s 2015 Comikaze Expo الخريف المقبل. «شخصيات ستان لي قامت بالترفيه على مدى أجيال» يقول كريستوفر دي أنجيلو رئيس Youtube Spaces في الأميركيتين، مضيفاً: «شرف لنا أن نعمل معاً، ومع المبدعين، لنلهم الجيل القادم من صنّاع قصص السوبر هيرو». الفيديوهات الأولى سترى النور ابتداءً من منتصف حزيران (يونيو) المقبل، على القناة الرسمية لـ«عالم الأبطال الخارقين»، إضافةً إلى قناةYoutube Spaces.

الأخبار اللبنانية في

14.05.2015

 
 

ضمن فعاليات مشروع «تكوين» للكتابة الإبداعية برعاية وزارة الشباب

طارق الخواجي: الفيلم الذي لا يشبه روايته إساءة كبيرة

برعاية استراتيجية من وزارة الدولة لشؤون الشباب، نظّم مشروع تكوين للكتابة الإبداعية ورشة عمل بعنوان "السينما والرواية"، قدمها الأستاذ طارق الخواجي، الكاتب والناقد السينمائي في جريدة الرياض.

وقد استمرت الورشة ليومين، تضمن اليوم الأول حديثا نظريا عن العلاقة بين الرواية والسينما تاريخيا، والتطرق بالحديث عن السينمائيين الذين اهتموا بالاستفادة من الرواية، وعن أشهر الروائيين الذين حُولت أعمالهم إلى السينما.

كما فصل الخواجي في هوية كل من المجالين وما يحتويان من نقاط التقاء أو اختلاف، وما قد يحفز تحويل العمل أو يصعب ذلك.

وشرح العلاقة الملتبسة بين عالمي السينما والرواية، ففي حين يتعامل أمبرتو إيكو بأريحية كاملة مع الأفلام المحولة من رواياته بصفتها "عملا شخصا آخر"، يعتقد ستيفن كينغ بأن الفيلم الذي لا يشبه روايته هو إساءة لنصه.

والمفارقة التي ذكرها الخواجي أن "كثيرا من الكتب السيئة تصنع أفلاما رائعة، كما أن كثيرا من الكتب الرائعة يصنع أفلاما سيئة"، وتم التطرق لنماذج ناجحة لأفلام مقتبسة من نصوص رواية، مثل "العطر" و"حياة باي" و"موبي ديك" وغيرها.

وفي جانب آخر، تمت مناقشة حضور السينما داخل النص الروائي، وكان أهم النماذج المطروحة التي تمت مناقشتها رواية "راوية الأفلام" لـ إيرنان لتيلير.

أما اليوم الثاني فقد كان تطبيقا عمليا لكل المشتركين في الورشة لتحويل مقطع من نص روائي إلى مشهد سينمائي، وتم ذلك من خلال تحويل قصة قصيرة لأنطوان تشيخوف بعنوان "موت موظف حكومي" إلى عدة مشاهد سينمائية درامية وكوميدية، كما تم عرض وتحليل فيلم "العطسة" للمخرج الكويتي مقداد الكوت المستوحى من القصة نفسها.

وبعد الورشة، أقيمت مع الخواجي جلسة حوارية عن القراءة بعنوان "بين السطور، وبعد الصفحة الأخيرة"، تحدث فيها عن رحلته مع القراءة، وأهمية دور القارئ، مؤكدا أن "كل الطرق تؤدي إلى المكتبة"، وأن "المكتبة هي أفضل تجسيد للسيرة الذاتية للإنسان".

وفي الكلمة التي قرأها الخواجي قال: "لقد سألت نفسي كثيراً؛ ما الذي يدفع الراحل بورخيس، أو المعاصر علي بدر، أو ما الذي يدفع فرناندو بيسوا، ومن بعده ساراماغو، إلى كسر الحاجز بين الواقع والمتخيل، الجرأة على توثيق الخرافة، أو صبغ الحكاية المخترعة بالحقيقة المطلقة، الإحالة إلى مراجع وهمية، بل والرواية في هامش عن مُقا القديمة، من خلال معلومة منحولة عن الإمام القزويني أو ياقوت الحموي؟ سألت نفسي كثيراً. وكان الجواب أن ما يدفع كل أولئك لفعل ذلك هو: أنا. أنا القارئ مجرداً من كل ما يتعلق بي حتى اسمي، وأنتم من دون أي تصنيف. وهكذا ارتكبت كقارئ أولى الحماقات التي لم أتوقف عن فعلها حتى هذه اللحظة، في اعتباري مصدر السلطة الأول للكاتب، الذي يجد نفسه دوماً، مجبراً على الاعتناء بي".

{ذي سيركل} لديف إيغرز إلى الشاشة الذهبية

كيف يغتال الإنترنت خصوصيتنا؟

أعلنت {إيمج نيشن} أبوظبي عن اتفاق جديد تقدم من خلاله تمويلاً كاملاً للعمل السينمائي المقبل الذي يتولى إخراجه جميس بونسولت، والمأخوذ عن رواية الدائرة {ذي سيركل} للمؤلف والكاتب ديف إيغرز. وتتولى الشركة تنفيذ العمل بالتعاون مع شركة {باركس ماكدونالد برودكشنز».

تحكي رواية {ذي سيركل}The Circle  للمؤلف ديف إيغرز قصة امرأة شابة تُختار لوظيفة مهمة في لعبة مونوبولي على الإنترنت يطلق عليها اسم {الدائرة} تعمل على الربط بين المستخدمين، وعناوين البريد الإلكتروني الشخصية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والحسابات المصرفية، وعمليات الشراء مع نظام تشغيل عالمي، ما يؤدي إلى تقديم هوية الكترونية واحدة وعصر جديد من الشفافية.

وتعد الرواية من نمط التشويق المعاصر، فهي تحكي عن مخاطر الانتشار الكبير للإنترنت والمعلومات الرقمية، والتي قد تعمل على جمع البيانات الشخصية والخاصة وتستخدمها في الرقابة من دون أي احترام للخصوصية.

في إطار تحويل الراوية إلى فيلم، كتب المخرج جيمس بونسولت النص وسيعمل على إخراجه أيضاً، فيما سينتجه كل من توم هانكس وغاري غوتزمان من شركة بلايتون، وأنتوني بريغمان من شركة لايكلي ستوري، وبونسولت.

ويقوم بأدوار البطولة في الفيلم الممثلة أليشيا فيكاندر (إكس ماشينا)، إلى جانب الممثل العالمي توم هانكس. كما يتم حالياً اختيار ممثلين لثلاثة أدوار مهمة في الفيلم، وسيعلن عن أسماء الممثلين لاحقاً، على أن يبدأ التصوير في أغسطس 2015 في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة.

وتتولى شركة {آي إم غلوبال} مهمة بيع الفيلم حول العالم، وستعمل على الترويج له خلال مهرجان كان لهذا العام. أما حقوق الولايات المتحدة، فستشترك فيها كل من مجموعة يو تي إيه إنديبندنت للأفلام، وشركة سي إيه إيه.

ويعد الفيلم ثاني عمل سينمائي يشهد تعاوناً ما بين توم هانكس والمؤلف ديف إيغرز، حيث سبق لهما أن عملا معاً في فيلم {إي هولوغرام فور ذي كينغ}، والذي تولى إخراجه توم تيكوير.
وبهذه المناسبة قال الرئيس التنفيذي في إيمج نيشن مايكل غارين: {يحكي فيلم {ذي سيركل} عن الحياة العصرية والبراقة مع تسليط الضوء على الدور الهائل الذي يؤديه الإنترنت، وعلى معلوماتنا الخاصة في الوقت الذي نشهد فيه كثيراً من الاهتمام بمسائل الخصوصية والشفافية. ونحن في إيمج نيشن سعداء للعمل مع فريق شركة بلايتون، وشركة لايكلي ستوري، والمخرج جيمس بونسولت في هذا الإنتاج السينمائي العالمي». وأضاف: {نسعى من خلال المشاريع التي تنفذها الشركة إلى المساهمة في تطوير صناعة السينما المحلية في أبوظبي وعلى مستوى المنطقة، وذلك من خلال توفير الفرص لأصحاب المواهب على المستوى المحلي للعمل في مشاريع عالمية، وبالتأكيد فإن الفيلم السينمائي سيتابع هذه المهمة».
مشاريع سينمائية

بدوره صرح والتر باركس من شركة باركس ماكدونالد بقوله: {سبق لنا أن تعاونا مع شركة بلايتون وتوم هانكس في تنفيذ كثير من المشاريع السينمائية، ونحن فخورون للعمل مع هانس في أعمال مهمة وكبيرة مثل {كاتش مي إف يو كان}، و}سيفينغ برايفت رايان}، و«ذا تيرمينال}، و«رود تو بيرديشين}. وعندما عرفنا أن المخرج جيمس بونسولت يبحث عن شركاء تمويل لفيلم {ذي سيركل}، كنا على ثقة من أن علاقتنا مع إيمج نيشن ستضعنا في موقع مميز للمساهمة في تحويل المشروع الاستثنائي إلى واقع ملموس».

فيلم {ذي سيركل} هو التعاون الأحدث ضمن العلاقة طويلة المدى بين إيمج ينشن وباركس ماكدونالد. وسبق للشركتين أن تعاونتا معاً في صناعة الفيلم الوثائقي المنتظر {سماني ملالا} للمخرج ديفيس جوجنهايم الحائز جائزة الأوسكار، والذي تتولى شركة فوكس سيرتشلايت إطلاقه حول العالم في 2015. ويستعرض الفيلم قصة الناشطة ملالا يوسف زي، والتي تعرضت للإصابة خلال هجوم نفذه مسلحون من طالبان أطلقوا فيه الرصاص على الحافلة المدرسية التي كانت ملالا موجودة فيها مع أصدقائها في منطقة وادي سوات في باكستان.

الجريدة الكويتية في

14.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)