كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

دليل الشيطان إلى هوليوود:

نصائح من أسطى في فن السيناريو (1)

بلال فضل – التقرير

 

على عكس الكثير من الكتب التي تقوم بإرشاد هواة السينما ومنحهم النصائح والتوجيهات النظرية، يأتي كتاب (دليل الشيطان إلى هوليوود) لكاتب السيناريو الشهير جو إيزسترهاس مختلفًا تمامًا، فهو لا يقدم بشكل أكاديمي خطوات  يمكن اتباعها بالترتيب، ليتمكن هاوي كتابة السيناريو من اتباعها لتحسين كتابته؛ بل يأخذه بدلًا من ذلك في رحلة ممتعة داخل عالم هوليوود، يستعرض فيها خبرته الشخصية في كتابة السيناريو، مازجًا ذلك بخبرات بعض من أكبر كتاب هوليوود ومن كبار الأدباء أيضًا، دون أن يفوت الفرصة في السخرية بشكل لاذع وجارح، من الكتب الأكاديمية التي تعلم السيناريو، وعلى رأسها كتب معلم السيناريو الأشهر في العالم روبرت ماكاي، والذي تمت ترجمة كتابه الأهم (القصة) من المركز القومي للترجمة قبل سنوات، حيث يسخر جو إيزسترهاس في مواضع عديدة، من قيام ماكاي بتعليم السيناريو للناس، برغم كونه فاشلًا في كتابة السيناريو، مختارًا بعض المقاطع الإنشائية من كتبه ليسخر منها، فيحقق بذلك عدة أهداف؛ أولها: فش غله من ماكاي وأمثاله من معلمي السيناريو، ثانيها: زيادة إقناع القارئ بأهمية كتابه بدلًا من تلك الكتب، ثالثها: تأمل تجربته في كتابة السيناريو بعد أن وصل فيها إلى الذروة، واختبر بعد ذلك الكثير من التجارب الفاشلة التي أراد أن يشاطرها مع الآخرين بنبرة ساخرة جارحة ومريرة أيضًا.

جو مع بطل ومخرج فيلمه حكي الأكاذيب في أمريكا

لا يتحدث جو إيزسترهاس في كتابه فقط عن فن كتابة السيناريو؛ بل يمر على كافة مراحل صنع الفيلم السينمائي، ليلقي عليها نظرة من خلال عيون كاتب السيناريو، وبرغم أنه يعتبر السيناريست كـ “إله” للعملية السينمائية؛ إلا أنه حرص على تسمية كتابه (دليل الشيطان إلى هوليوود)؛ لأنه فيما يبدو لم يجد وصفًا أنسب لكل ما يحفل به كتابه، من مشاعر سلبية تجاه كل شركاء العملية السينمائية من مخرجين ومنتجين وممثلين وفنيين ونقاد، ولولا أنه كتب ذلك بخفة ظل غير عادية، وطعّمه بالكثير من التجارب المهمة والاقتباسات الذكية والخبرات الشخصية، لأحدث الكتاب عكس أثره تمامًا، لكنه بفضل الخلطة التي قدمها، نجح في تقديم كتاب ممتع ومهم؛ ولذلك سعيت لأترجمه مع الزميلة شيماء خليل، التي ترجمت العديد من فصوله، وأقوم بتكملة البقية تباعًا، على أمل أن نقدم هذا الكتاب قريبًا للقارئ العربي المهتم بالسينما، والذي آمل أن يجد في المقتطفات التي سأنشرها في هذا الموقع ما يفيده ويمتعه، إلى أن يقرأ الكتاب كاملًا بإذن الله.

مشهد من فيلم غريزة أساسية أكثر أفلامه نجاحًا

ما يجعل جو إيزسترهاس يتحدث في كتابه بتلك النبرة التي تتعالى فوق الجميع، هو أنه يتحدث بوصفه واحدًا من أكثر كتاب السيناريو تحقيقًا للنجاح التجاري في هوليوود، منذ عام 1978 الذي شهد ظهور فيلمه الأول “F.I.S.T”، الذي أخرجه المخرج الكبير نورمان جايسون ولعب بطولته سيلفستر ستالوني ورود ستايجر،  ثم أعقب ذلك ظهور فيلمه الثاني “فلاش دانس” عام 1983، والذي أخرجه المخرج الكبير أدريان لين ولعبت بطولته جنيفر بيلز، وحقق أكثر من 200 مليون دولار وقتها برغم أن تكلفته لم تتجاوز السبعة ملايين دولار، لتكون الثالثة ثابتة بعد ذلك بعامين، حين حقق فيلمه الثالث (حافة مدببة) من بطولة جلين كلوز وجيف بريدجز إيرادات كبيرة قياسًا بتكلفته وكونه فيلم تشويق بعكس فيلمه السابق الأكثر تسلية؛ ليمكنه ذلك النجاح من تنويع أفلامه التي حقق الكثير منها نجاحات مادية وفنية، حيث تعاون مع المخرج كوستا جافراس لتقديم فيلم (صندوق الموسيقى) من بطولة جيسكا لانج، حيث عاد إلى جذوره في المجر التي قدم منها مهاجرًا إلى أمريكا، وحكى قصة مستمدة من بعض التفاصيل الشخصية لعائلته، لكن نجاحه الجماهيري الأكبر كان في عام 1992، مع فيلم (غريزة أساسية) الذي لعب بطولته مايكل دوجلاس وشارون ستون وأخرجه المخرج الهولندي بول فيرهوفن، والذي حقق إيرادات قدرها 350 مليون دولار، برغم أن تكلفته لم تتجاوز التسعة وأربعين مليونًا.

لكن، جو إيزسترهاس عاش بعد نجاح ذلك الفيلم الكثير من التجارب المتعثرة، ودخل في العديد من المعارك مع النقاد ووسائل الإعلام، التي أرجعت نجاح فيلمه إلى المشاهد الجنسية التي أدتها شارون ستون، دون أن يكون لذلك علاقة بحبكة الفيلم، وهو ما قام جو بالرد عليه بحماس شديد، ستجده في مواضع متعددة من ثنايا كتابه؛ حيث لم يستطع أن يخفي شعوره بالجرح من تهمة ارتباط نجاحه بالمشاهد الجنسية، وهي التهمة التي تأكدت بعد نجاح مادي ضخم في سوق الفيديو، حققه فيلمه (فتيات الاستعراض) مع بول فيرهوفن أيضًا، برغم أنه حصد الكثير من الجوائز التي تقدم للأفلام السيئة هجاءً لها وسخرية منها، لكن جو لم يكتف بالرد على مهاجميه؛ بل قام بتقديم فيلمين متميزين في نوع التشويق والإثارة الذي برع فيه، وهما فيلما “سيلفر” و”جيد”، مع المخرجين الكبيرين فيليب نويس وويليام فريدكين، كما قام بتقديم جزء من سيرته الذاتية في فيلم “حكي الأكاذيب في أمريكا” الذي يحكي عن قصة طالب في مدرسة ثانوية هاجر من المجر إلى أمريكا وهو في العاشرة من عمره، وكان ذلك الفيلم آخر عهده بالنجاح الجماهيري والفني، فحين قام بعدها بعام بكتابة فيلم بعنوان “آلان سميث فيلم: احترقي هوليوود احترقي”، والذي شارك في إنتاجه دون وضع اسمه عليه، وأخرجه المخرج آرثر هيلر، محاولًا تقديم قصة بها قدر كبير من التجريب والعبث، انقلب عليه الأمر، وفشل الفيلم فشلًا ذريعًا على كل المستويات، وظل بعدها لسنوات لا يقوم بعمل أي أفلام، حتى عاد في عام 2006 إلى موطن صباه المجر، ليقدم فيلمًا بعنوان (أطفال المجد) يحكي فيه بعض وقائع الثورة الشعبية على الاتحاد السوفيتي في عام 1956، وبعدها بعامين تحولت تجربة كان بدأ في خوضها مع النجم ميل جيبسون، إلى أزمة عاصفة بين الاثنين، أنتج عنها جو كتابًا يهاجم ميل ويتهمه بمعاداة السامية، ويشكك في سلامته النفسية، ويتهمه بأنه مملوء بالكراهية والضغينة لليهود، وكان ذلك الكتاب وما أثاره من جدل آخر عهد الكثيرين بجو إيزسترهاس الذي لم يكن كتاب (دليل الشيطان إلى هوليوود) كتابه الوحيد، فقد سبقته كتب أخرى تتنوع بين السيرة الذاتية والرواية والكتب السينمائية التي تحكي عن كواليس هوليوود بشكل انتقادي ساخر.

أترككم اليوم وغدًا مع مقتطفات من فصل كتابة السيناريو في كتاب جو إيزسترهاس الذي يقدم فيه نصائح الشيطان إلى هواة كتابة السيناريو، وأتمنى أن تجدوا فيها ما يفيدكم ويمتعكم:

ـ أولًا: اقطع شريانك ودع أول قطرة دم تسقط على الصفحة!

ـ اتبع قلبك، أو أي عضو من أعضاء جسدك: اكتب القصة التي تنبع من قلبك أو من أحشائك أو من أي جزء من أجزاء جسدك يمكن أن تكتب من خلاله!

ـ اشترِ مقعدًا جيدًا؛ فكلما كان المقعد أكثر راحة، كلما كان تركيزك في الكتابة أشد؛ وبالتالي فسيكون النص أفضل.

ـ لا تجلس لعدة ساعات متواصلة؛ انهض كل ساعة وسر لمدة خمس أو عشر دقائق وإلا ستدمر ظهرك والبروستاتا، وهناك احتمال بأن تتدمر علاقتك بزوجتك وأطفالك، فقل مرحبًا لهم وضمهم إليك، وتناول بعض الماء ثم واصل عملك مرة أخرى.

، انس أمر الأرباح؛ يقول الكاتب والمنتج وليام جروج: “إذا كنت تفكر عند الكتابة في المبلغ الذي من الممكن أن تبيع مقابله السيناريو؛ فاعلم أنك ستخسر”.

ـ حاول أن تتحلى بروح الفكاهة عند كتابة النص؛ يقول ألبرت آينشتين: “أعلى مستوى في الإبداع ينكشف من خلال التسلية”.

ـ حافظ على أن يكون بجانبك شيء مقدس أثناء الكتابة، ولكن يجب أن يكون هذا الشيء المقدس يمت للنص الذي تكتبه بصلة. فمثلًا عند كتابتي لسيناريو Otis Reading  كنت أضع أمامي على المكتب صورة لأوتيس وهو طفل، كانت قد أعطتها لي أرملته زيلما. وأثناء كتابتي لـفيلم (غريزة أساسية)، كنت أضع أمامي ريشة عازف ثلجية اللون لها بريق الفضة اللامع، كنت قد اشتريتها من محل يبيع الأشياء المستعملة، في حين كنت أضع أمامي صورة لمجموعة سيدات يهوديات من المجر يقودهن شرطي مجري إلى أحد القطارات أثناء كتابتي لفيلم (صندوق الموسيقى).

ـ السيناريوهات أشبه بالساقطات؛ كتب شخص واحد رواية “الحرب والسلام”، ولكن كتب 35 كاتبًا فيلم “فلنتستون”.

ـ ليس من الضروري أن تحب الكتابة؛ يقول الكاتب العظيم وليام فولكنر: “إذا لم أجد عملًا آخر أعمله، إلى أن ينحني ظهري ويشتعل رأسي شيبًا، فإني سأنحني وأشيب قريبًا جدًا”.

ـ مرة أخرى، كل ما عليك فعله هو أن تقطع شريانك وتدع قطرات الدم تتساقط على الصفحة. يقول رون شيلتون: “أصعب شيء في الكتابة، هو خروج الفكرة من رأسك إلى أول صفحات السيناريو، وقد أفكر فيه لعدة سنوات، ولا أبدأ في كتابة الصفحة الأولى؛ إلا بعد اختمار الفكرة جيدًا حتى تنفجر الأفكار على الصفحة وتتدفق بسرعة”.

ـ فقط اكتب الجملة الأولى؛ يقول صديقي ويل فروج عن كتابة الجملة الأولى: “إن كتابة الجملة الأولى هي أصعب مراحل الكتابة”. (هنا يقدم جو سخرية من فكرة النصائح البديهية التي تقارب البلاهة والتي توجد في كتب تعليم السيناريو).

ـ لماذا تخشى الاستعانة بالله؟ يقول رون شيلتون: “طيلة 35 عامًا من عمري أهرب من الذهاب إلى الكنيسة، ولكن في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمري تصالحت مع الكنيسة؛ بل واحتضنتها وكأنها جزء مني. وأدركت بعدها أنني أستطيع أن آخذ منها ما يجعلني أشعر بالراحة والسلام ويساعدني على مواكبة الحياة والتقدم فيها، وترك ما دون ذلك”.

ـ يقول روبرت ماكي: “اهزم خوفك”،  يقول ماكي: “يجب أن تفكر بعقلية الفنان، إذا عرفت أنه من الصعب عليك أن تكتب، فافعلها فقط واهزم خوفك، فأصعب شيء هو إحضار المقعد والكتابة. إن التجهيز للكتابة هو ما يعطيك رغبة وإرادة قوية للكتابة والمواظبة عليها. إن الطريقة الوحيدة للتغلب على الخوف هي الثقة بالنفس التي تأتي من معرفة بأنك محنك في هذا النوع من الفنون”. طيب، كتب إيان بركر في صحيفة “نيويورك تايمز” حث ماكي الكتّاب على الكسب من أجل المعيشة، ولكنه لم يكن قادرًا على إنهاء هذا الكتاب وعندما سألته لماذا؟ قال لي “سؤال جيد، إنه الخوف يا عزيزي”.

ـ إذا كتبت الصفحة الأولى؛ فالباقي سهل. الآن تعلم انك تستطيع كتابة الصفحة الأولى؛ لأنك فعلتها من قبل. والآن فكل ما عليك فعله أن تكتب صفحات أخرى أكثر من 110 مرة، وبما أنك فعلتها من قبل، فما هي المعضلة في ذلك؟

– لا تندفع في إنهاء كتابة النص؛ كتب بن هيتش سيناريو فيلم The Unholy Garden في يومين، وهنأه سام جولدوين على هذا العمل الرائع وتم تصوير النص بدون تغيير كلمة فيه. ولكن، قال بن فيما بعد: “إنه أسوأ نص تم تحويله إلى فيلم”.

ـ خذ وقتك عند كتابة النص؛ كتبتُ فيلم (غريزة أساسية) في حالة جنون عمياء، وكنت أستمع طول الوقت وأنا أكتب إلى فريق “رولينج ستونز”. لم أكن أعرف النهاية، حتى أوشكت على إنهاء ثلثي السيناريو. وأخذت الأفكار تتدفق من رأسي، وبدأت أسمع كلمات الحوار، وأخذت أحاول إدراك سرعة الأصوات التي أسمعها، ثم استيقظت في الرابعة فجرًا لأكتب ذلك الحوار. كنت أكتب يوميًا ولكن كنت أقسم وقت الكتابة على جلستين؛ جلسة تبدأ في التاسعة صباحًا وتنتهي الواحدة ظهرًا، والأخرى تبدأ من الثالثة بعد الظهر حتى الثامنة مساءً. كنت أكتب 13 ساعة يوميًا؛ في الفترة من اليوم الأول لكتابة النص حتى اليوم الذي بيع فيه.

ـ لا علاقة له بالنتائج؛  من عبارات الكاتبة أنا هاميلتون فيلان: “عندما أتوقف أقول إن هذا ليس له صلة بالنتيجة”. لا تفكر فيما يمكن أن يحققه السيناريو الذي تكتبه سواء من نجاح أو فشل، فقط فكر فيما تكتبه من كلمات ومشاهد.

ـ انعزل عن العالم؛ اكتشفت أن أفضل الأوقات للكتابة بالنسبة لي يكون في الفترة من الساعة السابعة صباحًا إلى الساعة الواحدة ظهرًا، فأقوم بالاستيقاظ في  السادسة صباحًا وآخذ حمامًا ثم أشرب عصير الجزر وأحتسي الشاي ثم أجلس للكتابة عند السابعة، كما إن زوجتي لا تزعجني؛ إلا في الحالات الطارئة. وأتوقف عن الكتابة عند الواحدة ثم أتناول الغداء مع زوجتي. وبعض الأحيان أنام القيلولة بعد الغداء، ثم أعود إلى مكتبي عند الثالثة وأقوم ببعض التعديلات على ما كنت قد كتبته، ولكني في بعض الأحيان أعيد كتابته كليًا. ثم أضع بعض الملاحظات على المشاهد التي أعتزم كتابتها في المرة القادمة، وعادة ما أنهي عمل اليوم عند الخامسة، ثم أذهب للسير لمسافة خمسة أميال ثم أقضي باقي الليل مع عائلتي.

ـ ضع “اللاب توب” بعيدًا عنك؛ اكتب مسودات أولية بخط اليد، فعلًا بخط اليد وبقلم رصاص؛ لأن ذلك يجعلني ملامسًا أكثر للشخصيات التي أكتب عنها. ثم أذهب إلى الكمبيوتر  المحمول “اللاب توب” الخاص بي  لكتابة مسوداتي القادمة. لا تصدقني فأنا لا أعرف كيف أستخدم الكمبيوتر المحمول؛ لذلك اتجه إلى الآلة الكاتبة من طراز “أوليفيتي ليترا”، في حين يمكنك أن تستخدم اللاب توب وأنت تحتسي القهوة باللبن في “ستاربكس”، أما في الأيام التي أشرب فيها، فإنني أتناول زجاجة جاك دانيال عند كتابتي، ولكن الشيء الخطير في هذا أنني أحيانًا لا أستطيع قراءة خط يدي في اليوم الثاني.

ـ اذهب واجلس في حوض الاستحمام؛ كتب الكاتب السينمائي دالتون ترومبو باعتباره أحد الكتاب الأساطير في تاريخ هوليوود القديمة معظم سيناريوهاته في حوض الاستحمام. لقد كتبت الكثير من النصوص في حوض الاستحمام أيضًا، على الرغم من أنني مولود في المجر حيث تكثر فيها الحمامات العامة عن غيرها من دول العالم. ولكن، هناك مشكلة قد تواجهها في حوض الاستحمام؛ و هي أن حوض الاستحمام به أعلى معدلات الانتحارفي العالم؛ بمعنى إذا لم تكن الكتابة تمشي بشكل جيد، فقد تنزلق داخل الحوض و….

ـ إذا كنت تستمني وأنت تكتب النص فتوقف وواصل الكتابة؛ يقول كاتب السيناريو دالتون ترومبو: “عندما أقوم بهذا ويصعب علي ابتلاع ريقي، أهمس في نفسي لماذا أفعل هذا؟، لماذا لا أتوقف عن فعله؟، و آخذ في لوم نفسي. ولكن، الضرر حدث بالفعل ولا فائدة من اللوم وجلد الذات”.

ـ اكتب ست صفحات من النص يوميًا؛ التزم بهذا الجدول بغض النظر عن النص الذي تكتبه ونوعيته. وإذا قمت بهذا، فإنك ستنتهي من أول مسودة في حوالي 20 يومًا. ثم عاود وأعد تحرير ما كتبته في فترة أقل من خمسة أيام. وأعد كتابة نصك بدءًا من الصفحة الأولى مع ما قد حررته، ولا تستغرق أكثر من أسبوع في إعادة الكتابة، مما يعني أنك تكتب عشرين صفحة في اليوم. ثم احفظ النص بعيدًا لمدة أسبوع، ولا تنظر إليه وبعدها حرره مرة أخرى، ولا يستغرق تحريرك للنص على أكثر من أربعة أيام. أعد الكتابة مرة أخرى  بحيث تستغرق هذه المرة أسبوعًا آخر، لتكون هذه المسودة هي المسودة الثالثة من نوعها. والآن ابدأ محاولة بيع السيناريو وستكون هذه هي أول مسودة رسمية لك.

ـ على الأقل اكتب شيئًا يوميًا؛ قال جون لنيون: “لم أمسك جيتارًا لمدة ست سنوات، فنسيت كم كان الجيتار ثقيلًا جدًا”.

ـ تقول إنك لا تشعر بعدم الرغبة في الكتابة اليوم، إذن اسمع ما تقوله الكوميدية ريتا راندر: “لا يرغب الناس في الاستيقاظ وقيادة الشاحنات، ولكنهم يقومون بفعل مثل هذه الأمر لأنه عملهم، وهذا عملي أيضًا”.

ـ لا تشاهد التلفاز عند الكتابة؛ يقول هانتر تومسون: “سماع الموسيقى ومشاهدة برامج التلفاز السيئة تعني بالضرورة مزاجًا سيئًا، وعدم كتابة أي صفحة في السيناريو”.

ـ لا تشاهد أي فيلم أثناء الكتابة؛ أنت لست في حاجة لتنهي العمل باستعارة مما تشاهده، كما أن الكاتب دائمًا ما يشعر باليأس والتخبط أثناء الكتابة ويردد: “يا إلهي! أعلم أن هذا الأمر سيكون فاشلًا”، ولكن كل ما تحتاجه هو مشاهدة بعض الأفلام الغبية التي تعطي فكرة سيئة عن كتابة السيناريو، وتكسبك المزيد من الثقة بالنفس.

ـ عندما تكتب، اجعل ذهنك بقدر الإمكان في معزل عن أي شيء يقوم بتشتيته.

ـ الموسيقى تساعدك؛ كما قلت من قبل عندما كنت أسمع فريق رولينج ستونزو وأنا أكتب  سيناريو فيلم (غريزة أساسية) خاصة “sympathy for the devil”. وكنت أرى أن الموسيقى التصويرية للفيلم لابد وأن تكون لرولينج ستونز وتكون أغنية sympathy for the devil بالذات تيترًا للنهاية. وكادت شركة الإنتاج تشتري حقوق  موسيقى “sympathy for the devil” من الفريق مقابل 750 ألف دولار، ولكن المخرج بول فيرهوفن عدل عن هذا القرار في النهاية، كما أن 750 ألف دولار يعد مبلغًا كبيرًا.

ـ ممنوع التدخين أثناء الكتابة وإذا كنت مدخنًا توقف؛ يقول الكاتب السينمائي ألبرت ماليتز عن صديقه الكاتب دالتون ترمبو: “إنه شخصية مشاكسة، فأنت تعرف أنه مثل الديك الشركسي ومن المؤسف أنه يدخن بشكل رهيب؛ مما جعله يصل إلى الحالة التي هو عليها الآن، فلا يمكنه التوقف واعتاد أن يدخن سجارة تلو الأخرى”، وأنا كذلك، أدخن أربع علب سجائر يوميًا ودائمًا أواصل التدخين دون انقطاع أثناء الكتابة، كما أنني بدأت التدخين منذ الثانية عشرة من عمري. وفي 2001 عندما كنت في السابعة والخمسين من عمري، أُصبت بمرض سرطان الحلق وتم استئصال حوالي 80% من الحنجرة، ووضعت أنبوبة هوائية للتنفس لعدة أشهر ووجدت صعوبة في التنفس والبلع. وأخيرًا أقلعت عن التدخين، ولم أستطع الكتابة لمدة عام ونصف العام، ويمكنني الآن أن أكتب أخيرًا دون الاشتياق إلى السجائر. فلا تفعل ما فعلته أنا ودالتون ترامبو بأنفسنا وتوقف قبل فوات الأوان.

ـ اهتم بكل كلمة؛ يقول الكوميديان جون بوليستر: “غالبًا يكمن الاختلاف بين الضحكة وغيرها في كلمة واحدة”.

ـ اجعل المصباح والورق بجوار السرير؛ فإنك لا تعرف أبدًا متى يأتيك الوحي، ومتى يمكنك الاستيقاظ وتدوين ما جال بذهنك. هذه نصيحة عن خبرتي أثناء كتابة فيلم غريزة أساسية:  حلمت بالفعل بالمشهد النهائي؛ حلمت بأنني أضع مجرفة الثلج تحت السرير، فاستيقظت وكتبتها بسرعة.

ـ كافئ نفسك جيدًا بعد يوم حافل؛ ذكر الكاتب الروائي اتش جي ويلز لمحاوريه أنه بعد يوم شاق من الكتابة، دائمًا ما يحتفل عن طريق ممارسة الجنس.

الآخر: الذات أو الجانب ذاته من المرآة

زهراء إبراهيم – التقرير

هناك الكثير من الأفلام التي تناولت الشخصية البشرية من الجانب ذاته من المرآة، وربما بنكهة الخيال العلمي. تلك الأفلام تعرض رغبة بشرية دفينة في الالتقاء بالذات مجسدة ماديًا مع تخيل احتمالات هذا اللقاء؛ إذ تطرح الكثير من الأسئلة حول ما ستكون عليه أفعالنا وردود أفعالنا عليها.

Looper – 2012

الالتقاء بالذات في عُمر آخر. هذه هي تيمة الفيلم الذي يعتمد على الفكرة النظرية للسفر في الزمن. لكنه لا يولي الكثير من الاهتمام لها أو للتفاصيل المحيطة بها، لا نعلم متى يصبح البطل في الماضي، وكيف يعود للمستقبل. لكنه يوحي بذلك عن طريق الفكرة الرئيسة. الحديث عن سيناريو فيلم خيال علمي يستخدم فكرة السفر في الزمن أمر مربك قليلًا، وربما من الأفضل تركه للتفسيرات الشخصية؛ لذا لنركز أكثر مع الجانب الفلسفي للفيلم.

هناك عصابات في المستقبل استخدمت السفر في الزمن لتتخلص ممن تريد قتله عن طريق إرساله للماضي ثلاثين عامًا، مستخدمة قتلة يدورون في حلقة زمنية محددة للقيام بالمهمة. وحين تقرر العصابة إغلاق حلقة أحد هؤلاء القتلة، فإنها ترسل له ذاته الأكبر سنًا منه بثلاثين سنة للماضي، فيقوم بقتله -بوجه مغطى بالطبع-. من يكسر الحلقة بترك ذاته الأكبر سنًا تهرب؛ فإن العصابة تجده وتقتله.

يقوم جوزيف جوردون-ليفيت بدور (جو) الشاب الذي يعمل مع المنظمة العصابية. يبدأ الفيلم في نصفه الأول برسم شخصية “جو” المحبة للمال مع أنانية وذاتية وانعدام مشاعر التعاطف، مما يجعله يضحي بصديقه الذي كسر حلقته. هكذا يمر الوقت عليه حتى يجد جو الأكبر سنًا أمامه بزي الإعدام.. (بروس ويلز) الخطير. بالطبع يهرب (جو) الأكبر، لكنه تغير كثيرًا في السنوات الأخيرة، حيث إنه وجد ذلك الحب الذي يعيد خلق الإنسان، وهذا ما يجعله متمسكًا بالحياة؛ بل وتصحيح التاريخ. هنا يبدأ النصف الآخر للفيلم، ليس حول (جو) الأصغر والذي يريد القضاء على (جو) الأكبر، وإنما في قصة فرعية أخرى ذات ثقل، وهي البحث عن (صانع المطر) زعيم العصابة الذي يحكم المستقبل بأكمله.

في أحد المشاهد الهامة حين يجلس الرجلان (الرجل ذاته!) متواجهين، يدور حوار طويل بينهما. الرجلان الآن في الماضي، حيث كان رجل المستقبل (صانع المطر) طفلًا. يحاول جو الأكبر إقناع جو الأصغر بأن قتل الطفل هو الحل لكل ذلك، إنهاء الفوضى، والأهم بالنسبة له هو الحفاظ على حياة زوجته. لكن، جو الأصغر يفكر في نطاق ضيق، لا يهمه ما سيحدث له في المستقبل، ولا زوجته المستقبلية، إنه يتعامل مع ذاته على أنها شخص آخر، وأن عصفورًا في اليد خير من كل ما لا يدركه، برغم رؤيته مجسدًا أمامه؛ بالتالي يقوم (جو) الأكبر بدور المُعلم، الذي يصرخ في وجهه بأنه مجرد طفل أناني. لكن، هذا الحوار متكافئ برغم ما يبدو عليه بأنه يميل إلى كفة (جو) الأكبر. الإنسان يمر بالكثير في ثلاثين عامًا، (جو) الأصغر لديه وجهة نظر قوية أن بإمكانه إعادة كتابة مصيره إذا ما اطلع عليه.

هناك ثلاثة أطفال ولدوا في نفس التاريخ وفي نفس المحيط الجغرافي؛ مما يقسم احتمالية أن يكون (صانع المطر) أحدهم إلى ثلاثة احتمالات متساوية. المفارقة هي أن رغبة (جو) الأكبر في حماية حياته وزوجته تجعله يقتل طفلين، لكن حين يجد (جو) الأصغر الطفل الثالث وأمه يتحول جانبه الأناني الزاهد في المستقبل إلى نقطة مشرقة. بعد الكثير من التفاصيل الإنسانية بين ثلاثتهم تأتي النهاية المذهلة حين يصل (جو) للحظة الإدارك التنويرية الخاصة، ويرى أن الزمن حلقة مفرغة لا مفر من أن تؤدي إلى ذات النتائج إلا بكسر هذه الحلقة؛ وبالتالي يأخذ القرار الأغرب وغير المنتظر من شخصية مثله.

في نهاية المطاف، نحن لا نبغض الأنانية في الآخرين سوى لأنها قد تضرنا، وإذا كانت الأنانية نابعة منا؛ لا يمكننا أن نرى مدى الضرر الحاصل علينا إلا إذا نظرنا للمستقبل بعين اليقين؛ إذ ليس من الضروري أن التقدم في العمر يعني الحكمة، وإنما للحكمة طرق أخرى، هنا تكمن عبقرية هذه الحكاية.

Triangle – 2009

فيلم مخادع. في البدء يأخذ الفيلم هيئة وقالب أفلام الرعب النمطية، البطلة محور الحكاية تقنعنا أنها في بلاء عظيم بلا سبب واضح، هناك مشكلة حقيقية ننتظر أن تنكشف لأن في نيتنا أننا سنلم بكنه الفيلم وسنضع النهاية لنشعر بالملل سريعًا. لحسن الحظ فإن ذلك لا يحدث.

ميليسا جورج التي يدور الفيلم في فلكها ويزدهر بأدائها كليًا، تؤدي دور أم وحيدة (جيس) لابن ذي احتياجات خاصة. المشاهد الأولى تصور طفلًا يرسم وحديقة تغمرها الشمس وظلالًا يانعة من المؤانسة، لينتهي كل ذلك حين تذهب جيس إلى الميناء وحدها لنزهة بحرية على قارب خاص بصديق لها مع أصدقاء آخرين. هكذا تبدأ الدائرة الأفعوانية من الأحداث حين تتوقف الرياح فجأة وهم في وسط اللامكان وتهب عاصفة لتحطم القارب، ثم تمر سفينة تغيثهم ليجدوا أنفسهم في حصار من الرصاص والدماء يطبقه عليهم قاتل مقنع، لكن هذا القاتل ليس شبحًا ولا سايكوباتي بذاكرة طفل معقد يلعب لعبة نفسية عليهم؛ إذ ذاك تدرك جيس أنها وقعت في حلقة مغلقة من الأنا والأنا الأخرى.

برغم ذلك لا يبدو الأمر بسيطًا، هناك الكثير من الثغرات في الطريقة السردية، هناك حلقات سردية مفقودة وربما لا يوجد حل لها، ربما لأن الكاتب أراد الأمر معقدًا أكثر من اللازم فلم يجد حلًا سوى تركه هكذا بلا تفسيرات واضحة. لنترك هذا أيضًا للتفسيرات الشخصية.

حين تصعد المجموعة على السفينة يجدون صورة قديمة لنفس السفينة والتي تسمى (إيوليس)، يدور حوار حول الحكاية الميثولوجية للاسم، إيوليس هو إله الرياح ووالد سيزيف. حسنًا، هنا تظهر النقطة المحورية للحكاية، الرياح التي تتوقف فجأة ترسل بالسفينة. سيزيف الذي خدع الموت بطريقة ما فحُكم عليه بالمعاناة الأبدية المتكررة. المقارنة بين سيزيف وجيس غير دقيقة تمامًا، جيس تدخل في حالة Groundhog Day بدون أن تعلم ذلك، مما يدخل بها في حالة من الذعر والفزع بدلًا من الحنكة والإدراك الممل.

تدور جيس في حلقة مغلقة لإنقاذ طفلها من الموت في حادث سيارة، هذا التكرار يحدث على السفينة، لكنها في لحظة ما -غير معلومة- تنسى تمامًا كل ما حدث قبل وجودها على هذه السفينة في عرض البحر، وتبدأ تراودها رؤى ديجافو بأنها كانت هنا قبل ذلك، لكننا نرى الكثيرات من جيس يحاولن اتخاذ استراتيجيات مختلفة للخروج من هذا المأزق، والعديدات منهن حاولن قتلها كذلك. لكن، بغض النظر عن حقيقة أنها تنسى وأننا لا نعلم متى يحدث ذلك، ومن أين تأتي مثيلاتها الأخريات إذًا، فذلك يأخذنا للحديث عن “الالتقاء بالذات”.

جيس أم، تتشوق لابنها وتدرك في لحظة ما أنها قد وقعت في دائرة لا تنتهي، يجعلها هذا على استعداد لفعل أي شيء للخروج من السفينة والعودة لطفلها. الشخصية الرئيسة (جيس) فضلت الحياة على الموت، لن تقتل أحدًا، مهما حدث فإن من الصعب على المشاهد تقبل جنون الشخصية التي بدأ معها بهذه السهولة وقتلها لأصدقائها بهذه السرعة. تعد هذه نقطة قوة في الفيلم برغم كثرة الثغرات المنطقية، نحن مطلعون على الظروف التي مرت بها البطلة منذ البداية؛ لذا لا توجد الكثير من المبررات بعد ولم يمر الوقت الكافي ليبرر تحولها للجنون، لكنه يضع أمامنا احتمالات أخرى حين يوظّف تكرار الشخصية الرئيسة، ما الذي مرت به جيس هذه أو تلك ليخرج جانبها الوحشي أو القاتل أو المجبر على القتل؟ في نهاية الأمر، هناك جانب آخر من هذه الشخصية قد اختار القتل، وهذا هو الطرح الأجمل للنفس الإنسانية المحيرة.

Coherence – 2013

ماذا لو كانت الشخصية التي تعيش بها هي أسوأ صورة ممكنة للوجود؟ تيمة فريدة من قصص الخيال العملي، تحاول استخدام التجربة العقلية الشهيرة في ميكانيكا الكم (قطة شرودنجر) في حبكة درامية تخلو من سمات أفلام الخيال العلمي المعتادة. البطلة (إيم) تجتمع وزوجها لعشاء عند زوجين من أصدقائها في ليلة يمر فيها نيزك فوق الأرض.

يقوم النيزك في هذه الحكاية محل المراقب الخارجي في تجربة قطة شرودنجر، حيث سيقفل الصندوق على مجموعة من العوالم المتوازية الذي يتكرر فيها هذا المنزل بمن فيه، مع نقطة التقاء بين احتمالات لا نهائية لعوالم مختلفة، تجعل من يمر بها يُقذف بعيدًا في عالم مختلف تمامًا؛ مما يجعل من احتمالية عودته لعالمه الأصلي متناهية الصغر. حينما يبدأ اكتشافهم لحقيقة أنهم ليسوا الوحيدين، وأن نفس البيت بمن فيه يوجد على بعد بضعة أمتار، تبدأ المخاوف تحيط بهم. تلك المخاوف هي شك أصيل في النفس في المقام الأول، حيث سيكون تصورهم عن هذه الظاهرة الغريبة أنها صراع على الوجود؛ لذا تتحول حرب العوالم تلك إلى صراع نفسي داخلي وعدم اطمئنان لما قد يبادر به الآخر/الذات. هذا التشخيص للذات في الآخر مخيف أكثر من كونه مثيرًا للفضول.

السؤال الذي يطرحه هذا الفيلم، هو ما إذا كان أحدنا هو الجانب المظلم من نفسه بالفعل، وماذا سيفعل إذا واجه ذاته مقابلة مادية، هل سيصطاد الجزء الأضعف من ذاته لينجو؟ هل نريد حقًا أن نلتقي بأنفسنا؟ وهل نضمن أننا سنستطيع التعايش مع اختيار لم ننتظره من ذاتنا؟

الفيلم يدور في مكان واحد ويقوم على كاست من ثمانية أشخاص مع حوار مستمر. التصوير بكاميرات محمولة وصورة مهتزة يكثفان حالة التوتر والترقب القائمة طوال الفيلم، فيما تُستخدم الإضاءة الزاهية في البداية، ومع تطور القصة تبدأ الأضواء في الخفوت حتى تكون حمراء على الأغلب مع ظلال كثيرة. فيلم جيد للغاية، مع تويست مذهلة تم توظيفها جيدًا وأداء تمثيلي قوي.

بشكل عام، يبدو أن الكل مُجمع على أن الالتقاء بالذات فكرة مخيفة وغير مضمونة، الأفكار المتشابهة لا يمكنها أن تتقاتل، وإذا حدث هذا فإن الأمر سيكون في أعلى درجات الإثارة والرعب، طارحًا احتمالات لنتائج كارثية، وليست وردية كما تصورها أحلام اليقظة البشرية في الالتقاء بالذات مجسدة. الأنانية قد تتعدى الذات أيضًا فتتحول إلى تدميرها. إحدى حلقات سلسلة ما وراء الطبيعة لأحمد خالد توفيق جعلت بطلها الأشهر رفعت إسماعيل يلتقي بذاته، رفعت القادم من عالم آخر، فكانت النتيجة المنطقية صراع كليهما على البقاء، رفعت القادم من عالم آخر يريد مكانًا ليس له على الأرض. من يعلم، ربما يأتي الوقت الذي نشاهد فيه فيلمًا يصور الجانب المشرق من الالتقاء بالذات! لكن طالما لا يوجد خطر ما يهدد الذات ببقاء مثيلتها، فإننا لن نعلم حقيقتها الفعلية.

التقرير الإلكترونية في

06.05.2015

 
 

في ميلاد ماجدة..

لم تتزوج بعد نافع وهذه حقيقة ديانتها وعلاقتها بمبارك!

شيماء مصطفى

ولدت الفنانة عفاف علي كامل الصباحي أو كما اشتهرت "ماجدة الصباحي 6 مايو بمدينة طنطا بمحافظة الغربية لأب عمل موظفًا في وزارة المواصلات، حصلت على شهادة البكالوريا في اللغة الفرنسية، وبدأت حياتها الفنية وعمرها 15 عامًا دون علم أهلها وغيرت اسمها  إلى ماجدة حتى لا يكتشف أمرها.

تزوجت ماجدة عام 1963 من الفنان إيهاب نافع الذي أنجبت منه ابنتهما الفنانة غادة نافع ولم تتزوج بعده مرة ثانية، تعرفت ماجدة على نافع مصادفةً في حفل نظمته السفارة الروسية بالقاهرة، حيث كان إيهاب نافع الطيار الخاص بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ثم أصر نافع على توصيلها إلى المنزل، واستغرقت التوصيلة نحو ثلاث ساعات تقريبًا تبادلا خلالها أطراف الحديث وطافا شوارع القاهرة كلها، وحكى قصة حياته وإعجابه الشديد بها.

أدركت ماجدة وقتها كم هو إنسان حنون مرهف الأحاسيس والمشاعر، وكانت المرة الأولى التي يرتجف جسدها فيه وتتعالى دقات قلبها بشدة، فعرفت أنه فارس الأحلام الذي انتظرته طويلًا، وبعد أيام تقدم إلى والدها وتم الزفاف بعد خطوبة استمرت 20 يومًا فقط.

وبرغم تلك القصة نادرة الحدوث، إلا أن زواج ماجدة ونافع لم يستمر طويلًا، فقد كانا مختلفين عقليًّا وفكريًّا، ولكن حتى الطلاق كان نادر الحدوث، حيث تم في هدوء شديد وبدون أي مشكلات أثناء حضورهما حفل ببيروت خلال رقصة «تانجو» جمعتهما سويًّا، ولكن بقيت بينهما بعد ذلك صداقة قوية.

تعد ماجدة من أبرز ممثلات جيلها في السينما العربية، واتسم أداؤها بتقمص الشخصية، فلا يمكن أن ننسى دورها في كلاسيكيات السينما "أين عمري" و"المراهقات" و"بنات اليوم" الذي تعاونت فيها مع أشهر النجوم المصريين رشدي أباظة وعبد الحليم حافظ وزكي رستم.

دخلت ماجدة مجال الإنتاج وكونت شركة أفلام ماجدة للإنتاج، جاء على رأسها فيلم "جميلة بوحريد" "هجرة الرسول" التي مثلت من خلالها مصر في معظم المهرجانات العالمية وأسابيع الأفلام الدولية، واختيرت كعضو لجنة السينما بالمجالس القومية المتخصصة، وحصلت على العديد من الجوائز من مهرجانات دمشق الدولي وبرلين وفينيسيا الدولي، كما حصلت على جائزة وزارة الثقافة والإرشاد وقامت بدور بارز في جمعية السينمائيات.

ترددت شائعات كثيرة بشأن ديانة ماجدة الصباحي، حيث ذكرت صحف مصرية في أعوام سابقة أنها يهودية الديانة، وأنها تحرص على عدم معرفة أحد بأمر ديانتها خاصة أنها تنحدر من أسرة مسلمة الأصل.

ونفى السيد الحراني، الكاتب الصحفي الذي كتب السيرة الذاتية لماجدة، هذه الشائعة، قائلًا "طبعًا هذا الكلام خاطئ، ماجدة كانت تسكن في عمارة حيث يسكن الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكانت الشقة مؤجرة للمركز الثقافي التابع للسفارة الإسرائيلية، ولمجرد إقامتها في هذه الشقة قيل إنها يهودية".

وتابع أنه من ضمن أسباب هذه الشائعة أيضًا، أن ماجدة درست في مدرسة يهودية لأنّ معظم المدارس في تلك الفترة كانت إما يهودية أو للراهبات، فاختارت وأسرتها الدراسة في مدرسة يهودية، وكانت مديرة المدرسة تجبر كل الطلاب على إقامة الصلاة اليهودية، صباح كل يوم، وكانت تدرس اللغة العبرية.

وعن علاقتها بمبارك وعائلته، ربطتها علاقة قوية مع سوزان مبارك وأبنائهما، ويرجع السبب في ذلك لأن مبارك كان قائدًا لزوجها إيهاب نافع في سلاح الطيران مما ساعد على توطيد العلاقات بينهما.

 

التحرير المصرية في

06.05.2015

 
 

منع من العرض في أيام قرطاج السينمائية…

«حرة» للتونسي معز كمون: يناقش العنف المنزلي المرتبط بالبرود الجنسي

آية الخوالدة - عمان ـ «القدس العربي»:

يعود كريم إلى بيته وحيدا مباشرة بعد تشييع والده. البيت واسع وفارغ إلا من الأم «جميلة» التي تجلس في الصالة المظلمة تحتسي النبيذ، وتراقب فيلما وثائقيا قديما عن الزعيم السوفييتي ستالين، وهو يلقي خطابا تعبويا ضد العدوان النازي على روسيا بما يؤشر إلى ماضيها السياسي الشيوعي.

ترفض الأم استقبال النساء اللواتي جئن لتعزيتها، أما الابن كريم فيتركها لوحدتها ليلتقي عشيقته الشابة». هكذا يبدأ الفيلم التونسي الحديث «حرة» للمخرج معز كمون، الذي عُرض في العاصمة الأردنية عمان خلال أسبوع الفيلم التونسي، الذي أقيم بالتعاون مع مؤسسة عبد الحميد شومان ووزارة الثقافة التونسية. 

في فيلمه الأخير الذي امتد لخمسة وتسعين دقيقة، يعرض المخرج كمون واحدة من القضايا الاجتماعية المسكوت عنها في المجتمع التونسي «العنف المنزلي المرتبط بالبرود الجنسي»، بعد عدة أفلام تناولت قضايا حساسة مثل، الزواج العرفي في فيلمه الأول «كلمة رجال» عام 2006 وهو شريط مقتبس من رواية «بروموسبور» للروائي التونسي حسن بن عثمان، الذي شارك به في افتتاح المهرجان العالمي في الدنمارك. وقضية العذرية ونظرة المجتمعات الذكورية لها في فيلمه الثاني «آخر ديسمبر»، الذي تميز في العديد من المسابقات الرسمية، وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل ممثلة في المهرجان العالمي في القاهرة، والجائزة الثانية في المهرجان العالمي في جنيف للأفلام المشرقية، والجائزة الفضية في مهرجان مسقط. 

في «حرة» جمع كمون بين العديد من الشخصيات المتداخلة في علاقاتها، وعرض لواقع الخيانة من أقرب الناس، في سيناريو طغى عليه الحوار المقتضب، والكلام القليل والانفعالات المتشابهة.
كما قدم عنصر الهدوء على وجوه الأبطال بطريقة جمالية ساحرة، مستندا في ذلك إلى مهارة عالية في التأطير والتقطيع والتركيب، فأتت الصورة والحركة متناسقتان مع الزمان والمكان والألوان والصوت، هذا علاوة على التوزيع المحكم بين اللقطات القريبة واللقطات المكبرة، التي تركز على الوجه وأدق تفاصيل الحركة، لإبراز أهمية وعمق الحدث الدرامي الذي يريد إيصاله للمشاهد.
الفيلم الذي تم اختياره سنة 2014 في مهرجان البحر الأبيض المتوسط «سينيلاما» في فرنسا، من بطولة فاطمة ناصر، أحمد القاسمي، سامية رحيم وجمال ساسي، يروي قصة حياة الشخصية الرئيسية في الفيلم «علياء» التي تعيش مع طفلها وزوجها الذي يعوّض عن عجزه معها بمعاملتها بقسوة تصل حد الضرب المبرح.

لذلك تحرص علياء على أن تمارس أختها الصغرى إحدى الرياضات الدفاعية (الكونغ فو)، وأن تكون فيها غالبة لا مغلوبة، وفي ذلك إحالة لحالها المعنفة دائما من زوجها، التي تريد الثأر لكرامتها المهدورة، من خلال شقيقتها القادرة على الدفاع عن نفسها.

وهناك أيضا مالك محطة البنزين والمقهى الملحق به وابنته الشابة عشيقة كريم قبل أن يتخلى عنها ليرتبط بعليا التي أحبها. بعد ان تكتشف علياء ان الجميع اصبح يعلم عن خيانتها لزوجها مع كريم، تقرر أن تترك بيت الزوجية وتهرب بابنتها، معلنة أنها لن تعود إليه ثانية، لتكون هذه اللقطة الأخيرة من «حرة».

يمتاز فيلم كمون الجديد بحرفيته العالية في اختيار المشاهد والزوايا، سواء في اللقطات أو المشاهد، علاوة على المؤثرات الصوتية والإضاءة التي أتت في غالبيتها خافتة باردة، تعكس برودة العلاقات بين الشخصيات مجتمعة.

كما يمكن اعتبار الصورة عملا تشكيليا متقنا، حيث مثلت حركة الكاميرا وزواياها ومسافاتها وطريقة تقطيعها ثم تركيبها نصا لغويا محكم البناء.

وكان كمون قد عبر في مؤتمر صحافي عن استيائه الشديد حيال عدم عرض الفيلم في أيام قرطاج السينمائية، الذي أقيم في آذار/مارس الماضي، موضحا أن لجنة اختيار الأفلام كان لها توجه معين، مقرا بأن المشاهد التونسي بصدد البحث عن المواضيع غير المثيرة وأنه ما يزال يواجه مشكلة مع الصورة.

يذكر أن معز كمون درس السينما في فرنسا، ليتوجه إثرها للعمل في الحقل السينمائي كمساعد مخرج مع العديد من المخرجين التونسيين، أمثال النوري بوزيد وسلمى بكار وفريد بوغدير.
كما اشتغل مع العديد من المخرجين الأجانب كعبد الرحمن سيساكو، وفلورا غوماز، وأنطوني منغلا في «الجريح الأنكليزي»، وجورج لوكاس في «حرب النجوم» الرابع والخامس.

نجوى فؤاد: أرفض أداء شخصية صاحبة الكباريه

محمد عاطف - القاهرة – «القدس العربي»:

نفت الفنانة نجوى فؤاد ما يتردد عن تعرضها لمكروه في قدمها وتقول إنها سافرت للخارج لعلاج قدمها وأصبحت جيدة الآن وتتحرك بها طبيعيا ولا توجد أي مشكلة كما ردد البعض على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت: يدهشني تحدث أي شخص في أمور الآخرين حينما يجعل من نفسه طبيبا أو مسؤولا عن الناس، وهذا لم يكن موجودا زمان.

وأكدت أنها تقوم بالتدريب كثيرا في الخارج، أما في مصر فهي لا تريد تحمل مسؤولية إقامة أحد المعاهد لتعليم الرقص الشرقي.

وتقول: تلك مسؤولية الدولة أن تقيم مثل هذا المعهد، خاصة أن الرقص الشرقي الآن يعتمد أكثر على الرقص المصري وحركاته واستعراضاته مثل الحجالة والنوبي والجيبسي الخ، ولا بد من تعليمه على أصوله.

وأضافت: أستطيع التدريس ومعي فريدة فهمي ولوسي ودينا وكثيرات. وعن التمثيل قالت: أرفض شخصية صاحبة كباريه الذي عرض علي كثيرا فهو لا يتوافق مع مشواري الفني أريد ما يتناسب مع عمري وخبراتي.

وحول التمثيل في السينما أو المسلسلات قالت: هذا دراما وذاك دراما ومطلوب عمل إستعراض، وسبق أن أنتجت فيلم «ألف بوسة وبوسة»، وأنفقت عليه ما أمتلكه ويجب أن يتولى ذلك آخرون.

وتطالب الفنانة نجوى فؤاد بتخفيض عدد المسلسلات المنتجة من عشرين عملا الى خمسة فقط يتم الإنفاق عليها جيدا بحيث نكسب دراما مميزة جدا ذات قيمة وما يحظى في الواقع بمصداقية تامة.

وقالت: مستعدة أن أعمل دورا ولو صغيرا مجانا، المهم أن يفيد الجمهور برسالة مباشرة تحقق هدف الفن الحقيقي.

وأضافت: نحتاج الى سيناريوهات جيدة هذه الفترة وهذا دور المؤلفين وأن يدخل الأدباء مجال السيناريو أيضا.

وترى أن زمان التخصص كان مهما، أما الآن فالفن «سمك لبن تمر هندي»، لا تخصص ولا تصنيف يوضح الألوان الكوميدية والتراجيدية والإستعراضية.

تكريم الممثلة ثريا العلوي في «مهرجان مكناس الدولي لسينما الشباب»

مكناس – من أحمد سيجلماسي:

يتضمن برنامج حفل إفتتاح الدورة الخامسة لـ»مهرجان مكناس الدولي لسينما الشباب»، الذي سيحتضنه المعهد الفرنسي ابتداء من الخميس، تكريما لمجموعة من الفنانين من بينهم الممثلة المحبوبة ثريا العلوي. وفيما يلي إطلالة مركزة على مسارها الفني وتجربتها في التشخيص التي تجاوزت العقدين بقليل: 

ثريا العلوي ممثلة بمواصفات خاصة، نجحت في تشخيصها للعديد من الأدوار في السينما والتلفزيون، ونالت عن بعضها جوائز محترمة داخل المغرب وخارجه. 

هي من مواليد الدار البيضاء في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، قدمت إلى الرباط للدراسة الجامعية في شعبة الفلسفة وعلم الإجتماع وعلم النفس، لكن لقاءها لأول مرة بنوفل البراوي داخل الحي الجامعي خلال مظاهرة طلابية جعل أحدهما ينجدب إلى الآخر، حيث ربطت بينهما أواصر صداقة متينة، توجت فيما بعد بالزواج، الشيء الذي مكن نوفل من إقناعها بالإلتحاق بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي لما لمسه فيها من موهبة وقدرات في التشخيص.

وبالفعل أصبحت ثريا زميلة لنوفل في المعهد المذكور وانطلقت مسيرتها الفنية باختيارها سنة 1993، وهي لا تزال طالبة في المعهد، للقيام بدور البطولة في مسلسل فريدة بورقية التلفزيوني «حوت البر». وتلت هذا المسلسل أعمال سينمائية وتلفزيونية أخرى كرستها فيما بعد كممثلة موهوبة وناجحة.

من بين هذه الأعمال نذكر على سبيل المثال الأفلام السينمائية الطويلة «الطفولة المغتصبة « (1993) لحكيم نوري و»نساء ونساء» (1998) لسعد الشرايبي و»طرفاية» (2004) لداوود أولاد السيد و»يوم وليلة» (2013) لنوفل البراوي، والأفلام القصيرة «نداء الحوريات» (2005) و«رحيل» (2006) و«سراح مؤقت» (2008) لنوفل البراوي و«فوهة» (2012) لعمر مول الدويرة، والمسلسلات والسيتكومات التلفزيونية «أنا وخويا ومراتو» (2000) لناصر لهوير و«شجرة الزاوية» (2002) لمحمد منخار و«الأخطبوط « (2006) لمحمد اقصايب و«دار أمي هنية » لعلي الطاهري… والأفلام التلفزيونية «نهاية أسبوع في العرائش» (2001) و«طريق مراكش» (2004) لداوود أولاد السيد و«الطريق الصحيح»(2005) لعبد الكريم الدرقاوي و«الفرح الصغير» (2005) و«النور في قلبي» (2006) لحميد بناني و»الكبش» (2007) و«رجل فوق الشبهات» (2009) لزوجها نوفل البراوي … والفيلم الناطف بالريفية «إمزورن» من إخراج جمال السويسي.

والملاحظ أن هذه الممثلة الأمازيغية الجذور لها حضور بارز في كل الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي أخرجها زوجها نوفل البراوي لحد الآن (أربعة أفلام سينمائية أحدها طويل، وفيلمان تلفزيونيان)، وقد شاركا معا، كممثلين، منذ سنة 1993 في مجموعة من الأعمال الفنية.

القدس العربي اللندنية في

06.05.2015

 
 

خيال الظل: قصة الأب المشترك للمسرح والسينما

تونس - شوقي بن حسن

حضرت فكرة التلاعب بالظلال وتوظيفها في بدايات كل من المسرح والسينما، رغم التفاوت الزمني الكبير بين ظهور هذين الفنين تاريخياً. حاولت ورشة "من مسرح خيال الظل إلى سينما التحريك"، التي اختتمت في تونس قبل أيام، تعريف وتدريب المشاركين على تقنيات خيال الظل، ومختلف مراحل إنتاج مسرحيات أو أفلام تعتمد هذه التقنية.

يقول منظّم الورشة، المخرج ومحرّك الدمى عامر المثلوثي لـ "العربي الجديد": "أردنا توضيح مختلف توظيفات هذا الفن، وهي كثيرة. كما بيّنا الانتقال من مسرح خيال الظل إلى السينما". يعتبر المثلوثي مسرح خيال الظل أنه "لعبة إنارة وإظلام، وهو يتفرّع لعدة أشكال مثل ظل جسد الممثل، ظل اليدين، ظل الأشياء أو ظلال الدمى المسطحة أو عرائس خيال الظل وهذا النمط الأخير هو ما تركز عليه هذه الورشة".

يتطلّب هذا الشكل المسرحي عدة مهارات متكاملة؛ فعلاوة على القدرة على التحريك، يحتاج دقة على مستوى التصوّر وتصميم الشخصيات وتجسيدها وكتابة سيناريو خاضع لإمكانيات الظل. يشير المثلوثي إلى أن "صعوبة هذا الفن تتمثل في كون المؤدي يشتغل على حركات تختلف عما يظهر على الشاشة".

"كراكوز" أشهر شخصيات خيال الظل في العالم العربي تركية الأصل"

ظهر مسرح خيال الظل في حضارات قديمة كالحضارة المصرية أو اليونانية. ولعل أمثولة الكهف الشهيرة التي وضعها أفلاطون تشير إلى تشبّع اليونانيين بهذا النوع من المسرح. غير أن الأثر الموثّق لهذا الفن تطوّر في الصين ثم انتقل إلى البلدان المجاورة، قبل أن يصل الشرق الأدنى عبر غزوات المغول.

ومن المرجّح أن دخوله إلى العالم العربي (وكذلك أوروبا) حدث عن طريق الأتراك. يشهد على ذلك أن هذا المسرح تركز في البلاد العربية زمن الخلافة العثمانية وتلاشى عند تحرّر العرب من سلطتها، كما أن أشهر شخصيات خيال الظل في العالم العربي "كراكوز" هي شخصية تركية.

تبيّن الورشة مختلف عناصر مسرح خيال الظل، وهي أساساً: مصدر الضوء، الظل الأصلي للأشياء والظل المحمول على الشاشة والذي يتراوح بين الظل العادي والظل الملوّن. كما أتاحت الورشة للمشاركين فيها فرصة معرفة كيفية توظيف خيال الظل في السينما.

لقد أَسعفت الظلال السينما في بداياتها، وقد عُرض خلال الورشة فيلم "مغامرات الأمير أحمد" (1926) لرائدة سينما التحريك الألمانية لوته راينغر والتي استخدمت فيه هذه التقنية، علاوة على عرض فيلم للمثلوثي بعنوان "الطفل الملك" المستوحى من التراث الأفريقي.

عن واقع مسرح خيال الظل، يضيف المثلوثي: "يحتاج هذا الفن لظروف عرض مواتية مثل درجة عالية من العتمة، كما لا يمكن إنجازه إلا إذا توفرت قدرات تنفيذ عالية لدى منجزيه".

 ويجد المخرج التونسي أنه "فن مهمّش بعض الشيء، كما أنه فن يساء به الظنّ حين يعتبر بأنه يُلغي جسد الممثل" إذ يرى عكس ذلك: "يوجد عقد وتزاوج بين جسد الفنان ورؤيته من جهة والدمية المسطحة من جهة ثانية". وهو يؤكد بأنه "مسرح قائم بذاته، وليس مسرح أطفال بالضرورة".

العربي الجديد اللندنية في

06.05.2015

 
 

جاء ثالثاً على شباك التذاكر الأميركي

«عصر أدالين».. انتصار على الشيخوخة

دبي ـ غسان خروب

هل يمكن للعلم أن يتمكن من الانتصار على الشيخوخة عبر عثوره على «أكسير الحياة»، ليبقى الانسان شاباً طوال سنوات عمره، قد يكون ذلك صعباً على الأقل في المستقبل المنظور، فحتى الآن لم يحقق العلم نجاحاً في كافة التجارب التي أجراها في هذا الجانب، ولكن الأمر جاء مختلفاً في فيلم «عصر أدالين» للمخرج لي تولاند كريغر، حيث تمكنت أدالين (الممثلة بلايك لايفلي) من مقاومة الشيخوخة بلا رغبة منها، محتفظة بكامل طاقتها الرومانسية رغم كبر سنها، ليأتي الفيلم مازجاً بين الرومانسية والواقعية السحرية.

أسماء مستعارة

أحداث الفيلم الذي حل ثالثاً على شباك التذاكر الأميركي بإيرادات تجاوزت 23 مليون دولار، تدور حول «أدالين باومن» وهي امرأة شابة، ولدت في مطلع القرن العشرين، لتعيش حياتها طبيعية حتى تتعرض لحادث سير في 1933، لتمنحها صعقة «برق» أصابت سيارتها «الخلود» وتجعلها دائمة الشباب، لا تتأثر بمرور الزمن لتتوقف عند سن الـ29، ما يجبرها على اختيار العزلة وعدم مواجهة الناس حفاظاً على سرها، ولأجل ذلك تقضي معظم سنواتها هاربة متنقلة بين المدن الأميركية، حاملة أسماء مستعارة، لتظل كذلك حتى تقابل «اليس» (الممثل ميشيل هيوزمان) الذي يعيد إشعال شغفها بالحياة والرومانسية، ما يدعوها لإعادة التفكير في التنازل عن حياتها الخالدة، بعد أن تعيش عطلة نهاية الاسبوع مع والديه، لتكتشف أن والده «وليام» (الممثل هاريسون فورد) يعرف سرها، فقد كان أحد أولئك الذين قابلتهم في حياتها، ما يضطرها إلى كشف سرها لحبيبها «أليس».

إشادة النقاد

الفيلم حاز على إشادة النقاد في العالم، الذين منحوه 7.7 علامات، بحسب موقع «IMDB» الالكتروني، فيما منحه موقع «روتن تميتوز» نسبة 71%، ما يعزز من حضور المخرج لي تولاند كريغر على الساحة، حيث يعد هذا الفيلم الثالث له بعد فيلمي «سيسلت وجيسي للابد» (2012) و«ذا فيكيوس كايند» (2009). المخرج كريغر أثبت في هذا الفيلم امتلاكه لأدوات الإخراج، حيث تمكن باستغلال «الفلاش باك» من تقديم كافة عناصر القصة التي جاءت اتسمت بالتشويق، والتي بدت واضحة في طريقة تخفي «أدالين» وتنقلاتها، وفي علاقتها مع الاخرين، ليقدم لنا مشاهد تعود الى الستينات وما قبلها، والتي مزجها مع أحداث تقع حالياً.

رومانسية وموهبة

الجمهور المحلي أبدى إعجابه برومانسية الممثلة بلايك لايفلي، وبموهبة هاريسون فورد، ليمنح الفيلم 8 درجات، حيث قالت نارمين اسماعيل: «جذبتني رومانسية ادالين وأعجبتني فكرة الفيلم التي تناقش فكرة الخلود والشيخوخة، لا سيما وأن العلم يسعى جاهداً في بحثه عن اكسير الحياة، وهو ما يمكن أن يعيد التفكير في ما يقدمه العلم بهذا المجال». وأضافت: «أداء أدالين كان جميلاً خاصة مع ابنتها التي كانت تشبه جدتها، ومن الصعب عندما تجتمعان ان تصدق بأن أدالين هي ام فليمنغ». أما دنيا عبد الرحمن التي منحت الفيلم 7.5 درجات، فقالت: «فكرة الفيلم جميلة، وتعد خروجاً عن المألوف، كما تحمل بين طياتها إيحاء بأنه يمكن أن يتمكن العلم مستقبلاً من إيجاد طريقة للمحافظة على الشباب، وفي الحقيقة لقد تمكن الفيلم من إشغال خيالي في تصور الاوضاع التي سيكون عليها الانسان اذا تمكن من الانتصار على الشيخوخة».

وعلى حد سواء جاء رأي ايمان عبد الله، التي منحت الفيلم 8 درجات، حيث قالت: «أعجبني كثيراً أداء أدالين فقد كان ملفتاً للغاية، فتارة تشعر بأنها تلعب دور الأم، وفي مشهد تلعب دور الحبيبة، ومرة تلعب دور الموظفة الجادة، فمن خلال هذه التقلبات تشعر بمدى التحول الذي يعتري شخصية الانسان، ولكن برغم ذلك، لم أكن قادرة على استيعاب محافظة أدالين على شبابها، وتوقفها عند سن 28، وقد يكون مرد ذلك، هو عدم وقوع حادثة مماثلة على أرض الواقع، ولكن قد يتمكن العلم من ترجمة ذلك في المستقبل».

مفاوضات

قبل أن ترسو الشركة المنتجة للفيلم على الممثلة بلايك لايفلي لتلعب بطولته، كانت قد رشحت له ناتالي بورتمان التي رفضته، لتدخل الشركة في مفاوضات مع الممثلة كاثرين هيغل التي آثرت الانسحاب منه طلباً للراحة، علماً بأن ميزانية الفيلم بلغت نحو 25 مليون دولار.

«توفور 54» تدشن مركز خدمات ما بعد الإنتاج

أبوظبي ـ البيان

بعد فوزه بجائزة «أفضل مونتاج» عن فيلم «من ألف إلى باء» للمخرج علي مصطفى، أعلنت توفور 54 أمس، عن تدشينها رسمياً مركزها المتخصص في خدمات ما بعد الإنتاج، وذلك بعد قيامها أخيراً بتجديده، بهدف تعزيز مكانة أبوظبي كمركز إعلامي رائد في المنطقة، حيث يوفر المركز خدمات أفضل لصنّاع الأفلام والمنتجين، بفضل ما يتضمنه من وحدات متعددة الأغراض، للتحرير والمونتاج والصوت وأجهزة تصحيح درجات الألوان المتطورة، بالإضافة إلى تطوير قاعة عرض الأفلام التي تضم 18 مقعداً وتعمل بآلة عرض تستخدم تقنيتي الـ 4k السينمائية والصوت المحيطي. وكان هذا المركز قد فاز بجائزة «أفضل مركز لعمليات ما بعد الإنتاج» في عامي 2011 و2012، وجائزة «أفضل استوديو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» لعام 2010 ضمن جوائز مجلة «ديجتال استوديو».

وبهذه المناسبة، قال بول بيكر المدير التنفيذي لخدمات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي في توفور 54: يوفر مركز عمليات ما بعد الإنتاج الجديدـ بيئة مثالية لصنّاع الأفلام والمشرفين على المونتاج، بما يحتويه من تقنيات متطورة لإجراء المراحل الأخيرة لعمليات الإنتاج. وقد حرصنا على أن يقدم المركز الجديد أفضل وأحدث المعدات والمعايير المتخصصة. وأضاف: يساهم افتتاح المركز في تعزيز بيئة العمل التي نعمل على بنائها وتطويرها في أبوظبي، خاصة وأننا نسعى إلى تحويل أبوظبي إلى مركز تجاري لإنتاج المحتوى في المنطقة.

المركز يتضمن 15 وحدة متعددة الاستخدام لعمليات ما بعد الإنتاج مزودة بمرافق تصحيح الألوان الوحيدة من نوعها في منطقة الخليج والتي تتميز بالسرعة والفعالية وخصائص إبداعية مميزة، الأمر الذي يسمح لمصححي الألوان بتحقيق أفضل النتائج، في حين تم استلهام تصميم ديكورات المركز من التراث الإماراتي، ليعكس المركز بذلك روح الثقافة الإماراتية، ويشكّل بيئة مثالية للمنتجين من مختلف أنحاء المنطقة لتحقيق مشاريعهم الإبداعية بأقصى قدر من الحرفية.

البيان الإماراتية في

06.05.2015

 
 

يعرض بدور العرض الأوروبية والعربية

الهجرة الشرعية تعود إلى السينما مع فيلم "سامبا"

24 - محمد هاشم عبد السلام

بعد عرضه بعدة مهرجانات أوروبية وعربية، بدأت العديد من دور العرض الأوروبية والعربية أولى العروض التجارية للفيلم الفرنسي "سامبا" من إخراج أوليفر ناكاتشي وإيريك توليدانو.

ينتمي فيلم "سامبا" لنوعية أفلام الكوميديا والدراما، ويمتد زمن عرضه إلى ساعتين تقريباً، وهو من بطولة النجوم عمر ساي في دور (سامبا سيسيه)، وشارلوت جينسبورج في دور (أليس) وطاهر رحيم في دور (وليد ديت ويلسون).

والفيلم مقتبس عن رواية تحمل نفس العنوان كتبتها المخرجة والكاتبة الفرنسية الشابة "دلفين كولين"، واشتركت دلفين كولين في صياغة السيناريو مع شقيقتها "موريل كورين"، أما الصياغة النهائية للسيناريو والحوار فقام بها مخرجي الفيلم أوليفر ناكاتشي وإيريك توليدانو.

ويناقش الفيلم عدة قضايا محورية، تتمركز بالأساس حول قضية الهجرة غير الشرعية والبحث عن حياة كريمة من جانب السنغالي سامبا في إطار عمل قانوني وإقامة شرعية، وذلك على الرغم من مرور ما يقرب من عشر سنوات على تواجده فوق الأراضي الفرنسية وعمله في العديد من المهن الدنيا.

ويتطرق الفيلم أيضاً إلى قضية الوحدة وضغوط العمل التي لا ترحم في ظل المجتمعات الرأسمالية القاسية والتي تتجسد لدى أليس في حالة مزمنة من الإرهاق الشديد، نتاج كونها مديرة تنفيذية بإحدى دوائر الهجرة غير الشرعية، والتي تصادف فيها العديد من المشاكل والتعقيدات على مختلف المستويات.

وفي ظل تلك الظروف، يحاول كل من، سامبا وأليس، أن يجدا حلولاً لمشاكلهما الحياتية المزمنة، فيبحث سامبا عن طريقة لتقنين إقامته وجعلها شرعية بعدما بات مهدداً بالطرد والترحيل، في حين تحاول أليس إصلاح طريقتها في العيش والعودة بحياتها إلى مسارها الإنساني السليم، ومساعدة سامبا الذي تتعلق به على نحو إنساني.

24 الإماراتي في

06.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)