كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

جولييت بينوش: أعشق الرسم والعزلة لا التمثيل

باريس - نبيل مسعد

 

إنها جولييت بينوش (50 سنة)، النجمة السينمائية الفرنسية اللامعة عالمياً، والتي تختبئ وراء ملامحها الهادئة الخجولة، امرأة ذات عزيمة قوية تعرف ماذا تريد وكيف تحقّق طموحاتها. باكراً جداً، بدأت بينوش مسيرتها السينمائية، وهي لم تكد تبلغ الثانية والعشرين حتى كانت في رصيدها 10 أفلام، قبل أن تمنحها هوليوود الأوسكار عن دورها في فيلم «المريض الإنكليزي»، من إخراج البريطاني الراحل ألان أنطوني ميغيلا، وموسيقى اللبناني غابريال يارد. وآخر أفلام بينوش عنوانه «المحنة» للسينمائي إيريك بوب، وفيه تؤدي الفنانة شخصية صحافية امتهنت تغطية الأحداث الساخنة في العالم على حساب استقرارها العائلي.

وتقف بينوش حالياً على خشبة أحد أكبر مسارح باريس «تياتر دو لا فيل»، مؤدية كل ليلة بطولة مسرحية «أنتيغون» لسوفوكليس وذلك باللغة الإنكليزية، في إطار جولة عالمية لهذا العمل.

في باريس التقت «الحياة» بينوش وحادثتها.

·        تؤدين بطولة إحدى أهم المسرحيات الكلاسيكية العالمية، «أنتيغون»، فما شعورك تجاه هذا التحدّي؟

- أنا فخورة وخائفة في آن واحد. فخورة بكوني حصلت على الدور الرئيس في عمل من تأليف سوفوكليس، وخائفة لأنني عاجزة عن تصديق حكاية وقوفي فوق خشبة أحد أهم مسارح باريس. كما أنني سأقدّم العمل ذاته فوق أهم مسارح إنكلترا والولايات المتحدة وأستراليا. لكنني أستعدّ في كل ليلة للتحدّي إياه، وكل ما أتمناه هو أن يسعفني الحظ بمتفرّجين يفهمونني ويرحمون لكنتي الفرنسية عندما أتكلّم بالإنكليزية. وأنا شبه مطمئنة من هذه الناحية، لأنني مثّلت في الماضي في نيويورك ولندن بنجاح.

·        ألا تتكلمين الإنكليزية جيداً؟

- نعم وبطلاقة، لكنني لم أتخلّص طبعاً من لكنتي الفرنسية المميزة، على رغم محاولاتي المستمرة للتخفيف من حدّتها.

·        كيف حصلت على هذا الدور؟

- كان مخرج المسرحية إيفو فان هوف، قد شاهدني سابقاً في لندن حيث أدّيت بطولة عمل مسرحي صعب، وأبدى إعجابه بشخصيتي وموهبتي الفنية. وهو احتفظ باسمي في ذاكرته، منتظراً حلول أول فرصة ليعرض عليّ بطولة مسرحية من إخراجه.

تتحدى الموت

·        كيف واجهت دورك المأسوي في فيلمك الجديد «المحنة»؟

- انغمست في الدور بطريقة تدريجية، مستندة إلى كل ما قرأته وسمعته عن الصحافيين الذين يطوفون العالم لتغطية الحروب والأحداث الساخنة، أينما دارت. شخصيّتي في الفيلم، تعير الأهمية الأولى في حياتها لعملها، وتعجز عن مقاومة رغبتها في الوجود حيث تجري الأمور، على رغم وعودها الكثيرة لزوجها وابنتها المراهقة بعدم التكرار، وبتغيير نمط سيرها المهني. إنها تعد لكنها لا تنفّذ، واضعةً عائلتها في كل مرة في موقف حساس ودرامي إلى أقصى حدّ، بما أنها شخصياً تتحدى الموت في كل مهمة جديدة تنجزها. أنا وضعت نفسي في موقف امرأة مدمنة، فهناك الذين يدمنون المخدرات أو التدخين، وهناك الذين يدمنون على عملهم. أعترف بمدى الصعوبة التي وجدتها في أداء كل صفات هذه الشخصية، خصوصاً أنني لا أشبهها بالمرة، وإن كنت مولعة بعملي وفني.

·        هل صحيح أن علاقتك بالمخرج إيريك بوب لم تكن جيدة في أثناء تصوير فيلم «المحنة»؟

- هناك مبالغة في هذا القول، فكل ما صرّحت به هو أننا اختلفنا حول طريقة مواجهتي شخصيتي في بعض المواقف، لكننا عثرنا على أرض للوفاق في كل مرة. وأعتقد أن النتيجة جيدة فوق الشاشة. وهذه الأشياء تحدث في كل فيلم أو عمل مسرحي، فنحن بشر ولكل منا مزاجه ووجهة نظره، والمهم هو أن تنتهي الحكاية بخير من دون أن يتأثر العمل الفني سلباً بالمشاكل الصغيرة التي تتخلل تنفيذه.

·        مثّلتِ في فيلمين للسينمائي الإيراني عباس كياروستامي، فكيف تم اللقاء بينكما أصلاً؟

- أعرف كياروستامي منذ سنوات من خلال مهرجان «كان» السينمائي، ونحن صرنا أصدقاء قبل أن نعمل معاً، ما لا يعني أننا نلتقي دائماً، فكل واحد منا منشغل في حياته المهنية بمئات المشاريع، لكننا نبقى على اتصال بواسطة الهاتف أو الرسائل الإلكترونية، والعلاقة موجودة وهي قوية، الأمر الذي جعل عملنا الأول معاً في فيلمه «شيرين» يدور بأسلوب سلس جداً وبلا تعقيدات، لأننا كنا نعرف بعضنا البعض، وبالتالي نفهم بعضنا البعض، بالإشارة أو بالنظرة أو باللمحة، على عكس ما يحدث عندما تعمل أي ممثلة مع مخرج للمرة الأولى. وقد ازدادت هذه المعرفة المتبادلة في أثناء تصوير الفيلم الثاني، وأنا أظل مخلصة له في شكل يفوق العادة، فهو منحني في فيلمه «طبق الأصل» أحد أجمل أدواري فوق الشاشة حتى الآن.

مصير أهل الفن

·        وهل تعرفين جعفر بناهي غير المسموح له مغادرة بلاده، والذي يعرض فيلمه الجديد «تاكسي طهران» حالياً في فرنسا؟

- لا، ليس شخصياً، لكنني أعتبر نفسي أنتمي إلى عائلة السينما العالمية، وبالتالي يهمّني مصير أهل الفن أينما كانوا، وأشاركهم رغبتهم في الحرية الفنية، كما أن فيلم «تاكسي طهران» عمل رائع على كل الصعد.

·        ألا تتأثر سمعتك المهنية أبداً بتدخلك هكذا في مواضيع سياسية نوعاً ما؟

- إنها مواضيع إنسانية بحتة قبل أن تكون سياسية، وإذا تأثر أهل المهنة بذلك إلى درجة امتناع البعض منهم عن التعامل معي، فصدّقني إذا قلت لك إنني من جانبي أيضاً لا أريد التعامل معهم، لأنهم أشخاص ينقصهم التفتّح الذهني الضروري من أجل التقدم في الحياة. وعموماً، أنا لم أواجه مثل هذا الموقف حتى الآن.

·        أنت الفرنسية الثانية فقط في تاريخ السينما، التي حصلت على جائزة الأوسكار الأميركية، فما شعورك تجاه هذا الأمر؟

- أنا الثالثة، إذ هناك ممثلة من زمن الأربعينات فازت بها أيضاً، والعالم يميل إلى تجاهل هذه النقطة أو إلى نسيانها بكل بساطة. وشعوري هو الفخر لا أكثر ولا أقل.

·        أنت من أكبر نجمات السينما في العالم، إلى درجة أن زعماء الدول يتمنون تمضية بعض الوقت في صحبتك، حال ما فعله الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران عندما دعاك رسمياً إلى حضور حفل عشاء، أو يسافرون من أجل مشاهدتك فوق المسرح، مثلما حدث مع بيل كلينتون وزوجته هيلاري في نيويورك، فكيف تفسرين جاذبيتك؟

- أنا لا أفسرها، أنا أعيشها وأترك الأمور تحدث مثلما يشاء القدر، وهذا كل ما في الأمر.

·        ولكن، هل يسعدك مثل هذا التقدير النابع من ألمع الشخصيات العالمية؟

- نعم طبعاً، فمن الصعب ألا يتأثر المرء بالتكريم الذي يتلقاه من شخصيات بمثل هذا المستوى من الأهمية. لكنني أظلّ أولي عملي الأهمية الأولى في حياتي، مع عائلتي بطبيعة الحال، ولكل ما يحدث خارج هذا الإطار، بالنسبة إلي، أهمية ثانوية.

السينما الفرنسية

·        ما رأيك في السينما الفرنسية الحالية؟

-أنا مسرورة جداً لما أراه يحدث في السينما الفرنسية الآن، إذ إن عدد الأفلام الجيدة فنياً والتي تتّجه في الوقت نفسه إلى الجمهور العريض، بدأ يزداد بطريقة ملموسة، بالمقارنة مع الروتين التقليدي الذي يرغب في أن الفيلم التجاري الذي يحقق الإيرادات في شباك التذاكر، لا يتميز بصفات فنية حسنة، وأن العمل الجيد فنياً يتجه خصوصاً إلى جمهور محدّد وضيّق يعشق الأفلام الصعبة. أنا كثيراً ما أعمل خارج فرنسا، وبالتالي أستطيع أن أشهد بأن الجمع بين العنصرين، الجودة وملامسة الجمهور العريض، هو في إطار الممكن. وحينما أرى أفلاماً فرنسية حديثة من نوع «ماذا فعلنا كي نستحق مثل هذه المعاملة» الفكاهي، الذي جلب ما يقرب من 20 مليون متفرج إلى الصالات الفرنسية، و«عائلة بيلييه» و «لماذا لم آكل أبي»، وكلّها من الأفلام الممتازة على كل صعيد، أستعيد ثقتي في السينما الفرنسية وأتوقع لها مستقبلاً قوياً، على غرار ما عاشته في فترات زمنية مضت، مثل الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن العشرين.

·        ما هي نشاطاتك الحالية غير المسرح؟

- غير نشاطي المسرحي الحالي مساءً، أقرأ السيناريوات التي تصلني حتى أختار الأفضل بينها، وأكرّس وقتي في شكل أساس لعائلتي ثم لممارسة الرسم في شقتي الباريسية الهادئة. وأعثر في هذا النشاط، على ما يريح بالي ويجلب لي صفاء النفس، لأن التمثيل، مهما كان يعجبني ويتسبّب في معايشتي بعض التجارب الفنية الهائلة، لا يريحني مثلما يفعله الرسم، ربما لأن الرسام يعمل في عزلة تامة، بينما يشتغل الممثل في إطار جماعي، وأنا من ناحيتي امرأة أعشق العزلة، على الأقل بين حين وآخر.

وثيقة سينمائيّة ضد المجتمع الذكوري

أوستند (بلجيكا) -  هوشنك أوسي

الفوز بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد – FIPRESCI، وبشهادة التقدير ضمن مسابقة المهر العربي للأفلام الوثائقيّة في الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي (6 - 14 كانون الأوّل (ديسمبر) 2013)، إلى جانب الحصول على سبع جوائز أخرى، كانت حصيلة مشاركة الفيلم الوثائقي «يوميّات شهرزاد» (80 دقيقة) للمخرجة والممثلة اللبنانيّة زينة دكّاش، في ما يزيد عن 40 مهرجاناً سينمائياً دولياً وعربياً، ومنها أخيراً مهرجان الكاميرا العربيّة في مدينة روتردام الهولنديّة، حيث لاقى إعجاباً لافتاً من الجمهور، بحيث تمّ اعتباره إحدى مفاجآت المهرجان.

هذا الحصاد المهم، ليس فقط الدليل على أهميّة هذا الفيلم وفرادته، بل على أمور عديدة أخرى، جعلت منه سبقاً في السينما الوثائقيّة العربيّة، إن جاز التعبير. فصحيح أن قصص النساء السجينات أو أحداث سجن النساء، سبق أن تطرّقت إليها السينما العربيّة، سواء في شكل خاص أو هامشي، إلاّ أن هذا الشريط الوثائقي متميّز من حيث استثنائيّة المعالجة وطريقة التناول، عبر الاستفادة من فنّ المسرح ودمجه ضمن العمل السينمائي الوثائقي. فقد حاولت مخرجة الفيلم زينة دكاش تركيز الضوء على التفاصيل الإنسانيّة المؤلمة لهذه المجموعة من «المجرمات» الخطرات على المجتمع، بحيث جعلت الضحايا السجينات في مواجهة الجلاّد (المجتمع)، وأصبح الأخير في قفص الاتهام، وتتم محاكمته سينمائيّاً، عبر سرد قصص أعضاء هذا التجمّع النسائي المغلق. وعليه، استطاعت دكاش فضح ما يجري خارج تلك الأسوار العالية للسجن، من داخل الأسوار، ومن خلف الأبواب الموصدة، مشيرةً إلى أن هذه السجينات هنّ ضحايا المجتمع والقانون في الآن عينه، والمرايا التي تعكس الواقع اللبناني والعربي والشرق أوسطي، لدرجة أن إحدى السجينات، فضّلت البقاء في السجن على الحريّة، واجدة فيه راحتها، أكثر مما تجده في العالم الموجود خارجه!.

كواليس مسرح

تقوم فكرة الفيلم، على استثمار كواليس عمل مسرحي لدكّاش، قدّمته سجينات في سجن بعبدا اللبناني، سنة 2012، بعنوان «شهرزاد ببعبدا»، وإعادة إنتاج هذه الكــــواليس وما دار فيها من حوارات ومقابلات وتحضيرات، بالإضافة الى مجريات يوم العرض، مع دمج مقتطفات من العــــرض نفسه في الفيلم، لتخرج بشريط وثائقي مركّب وفريد ومميّز، قوامه التجريب والدمج بين فنّي المسرح والسينما الوثائقيّة، كما ذكرنا آنفاً. وتناول الفيلم، قصـــص نماذج من سجينات لبنانيات، يمضين عميقاً في الفضفضة والبوح أثناء سرد تجاربهن الذاتية، والخوض في تفاصيل الماضي المؤلم، والحديث عن المستقبل وما تبقّى من العمر والأمـــل، معبّرات عن صعوبة حياة المرأة في مجتمع تحكمه العقلية الذكوريّة. كما تظهر في العمل، تفاصيل يوميات السجينات، من مراح وهرج ومرج، وخلاف وخصام وود، وحركات وعبارات عفويّة - ارتجاليّة، إلى جانب إظهار لحظات العجز والضعف والانكسار الداخلي، مع الإشارة إلى الأمل والرغبة في المواجهة والاستمرار في المضي نحو حياة جديدة. وعليه، فإنه على رغم حجم الألــــم والمعاناة التي يظهرها الفيلم، إلاّ أنه ليس سوداويّاً، باعــثاً على الكآبة والسأم. من دون أن ننسى أن دكّاش، إلى جانب كونها ممثلة مسرحيّة، فإنها ترأس المركز اللبناني للمعالجة بالدراما. وبالتالي، عملها المسرحي المذكور، وشريطها الوثائقي، يمكن تصنيفهما ضمن مشروعها الفنّي، الإبداعي، النفسي، الهادف إلى معالجة الحالات النفسيّة والاجتماعيّة للسجينات، عبر الفنّ والدراما.

نكهة روائيّة

كثرة المشاهد التعبيريّة الصامتة، أو الناطقة (مشهد الأيدي التي تظهر وتتحرك معاً من وراء قضبان شبّاك السجن، وانسجامها مع العبارات التي تنطق بها السجينات، ومشهد وقـــوف السجينة أمام النافذة وحديثها مع البحر بحسرة وحرقة وتوق وألم شديد، نموذجاً)، وتنوّع القصص وتداخلها، بالإضافة إلى مدّة الفيلم (80 دقيقة)، والخط البياني المتعرّج للزمن في الفيلم، والعفوية والتلقائية في شهادات السجينات حول تجاربهنّ، داخل السجن وخارجه، واللحظات الدرامية المؤثرة في الفيلم، كل ذلك يجعل هذا الشريط يكتســـب بعض ملامح أو نكهة الفيلم الروائي الطويل إلى جانب كونه شريطاً وثائقياً. بالتالي، تغلب على هذا الفيلم نزعة التجريب أو التجديد أو محاولة الخروج من السياقات التقليدية للأفلام الوثائقيّة، إن جاز التعبير. وهذه أبزر وأهم نقطة لافتة، تسجّل لصالح مخرجة الفيلم. وإذا كان هنالك ما يمكن تسجيله على «يوميات شهـرزاد» فهو مدخله التقليدي، عبر استـــخدام السيارة في تصوير المشهد الأول، أثناء عودة إحدى السجينات السابقات إلى السجن للمشاركة في العمل المسرحي الذي سيتمّ عرضه. ذلك أن السمة الغالبة للكثير من الأفلام الوثائقية العربية، هي استخدام السيارة والتصوير من داخلها.

بالتوازي مع مآسي السجينات، وسرد سيرهنّ وتجاربهنّ المؤلمة، والظروف التي أفضت بهنّ إلى ما هنّ عليه، خلف جدران السجن، كانت هنالك أيضاً لحظات من الكوميديا والمرح رافقت العمل، عبر حركات بعض السجينات أو أقوالهن، وتعاملهنّ العفوي مع بعضهنّ البعض، من دون الاكتراث بالكاميرا وما قد تشكّله من رهبة. والحقّ أن حياة كل سجينة، يمكن أن تكون مشروع فيلم روائي طويل. كما يمكن تحويل هذا الشريط، بما فيه من قصص وروايات مؤلمة، إلى فيلم سينمائي روائي طويل.

الشهـــرزادات الموجودات داخل السجن، إذ تروين قصصهنّ مع الجــــريمة، فإنهن يختلفـــن عـــن شهرزاد التـــي تروي القصص للملك شهريار، كما فـــي قصص ألف ليلة وليلة. بل هنّ راويات لمآسيهن الشخـــصيّة على يد شهريار (المجتمع الذكوري) بعـــاداته وتقاليده وقوانينه وذهنيّته. وعـــلى أن هذا الفيلم، هو فيلم الاعـــترافات أو المواجهة الصادمة مع الذات والمجتمع، فإنه دليل إدانة لمـــا تعاني المرأة في الشـــرق والعالم العربي، تمثلاً وليس حــصراً، في الواقع اللبناني. وإن المـــرأة في هذه المجتمعات الشرقيّة، ســواء كانت خلف القضبان أو خارجها، فهي في كلتا الحالتين، سجينة.

وبقدر ما نجحت دكّاش في تحرير قصص هؤلاء السجينات «المجرمات» وحكاياتهن وإيصالها إلى خارج السجن، في قالب فنّي وإبداعي مؤثّر، فإنها نجحت في تحريرهنّ من سجنهنّ الداخلي أيضاً.

نبيهة لطفي... إبداع مصري من أصل لبناني

القاهرة - أمل الجمل

«صلاة من وحي مصر العتيقة»، «تل الزعتر... لأن الجذور لا تموت»، «ألفية القاهرة»، «عشش الترجمان»، «دير القديسة كاترين»، «الكــونسرفتــوار»، «عـــروســتي»، «حسن والعصفور»، «لعب عيال»... عناوين هي مجرد عينة سريعة لبعض من أفلام المخرجة اللبنانية الكبيرة نبيهة لطفي المُقيمة في مصر منذ سنوات دراستها بالجامعة المصرية، أي منذ عقود طويلة، والتي قامت جمعية نقاد السينما المصريين بتكريمها يوم الأحد الماضي ومنحتها درع الجمعية عن إنجازها مدى الحياة في السينما التسجيلية المصرية، ولدورها الكبير والفعال كعضو نشط بالجمعية، ومساهمتها في المحافظة على دورها منذ نشأتها عام 1972 وحتى الآن. حضر التكريم عدد من النقاد والسينمائيين بينهم يسري نصرالله وعلي الغزولي وهاشم النحاس وصفاء الليثي وهالة لطفي وكمال رمزي وعرب لطفي ومصممة الملابس ناهد نصر الله وآخرون من أصدقائها تعبيراً عن حبهم وتقديرهم لها، في مشهد استعادي دافئ لذكرياتهم معها، ثم عُرض فيلمها «لعب عيال» ومدته 20 دقيقة من انتاج المركز القومي للسينما عام 1983.

من بعيد

كانت ميول وتوجهات نبيهة بعيدة كل البعد عن السينما، لكن انخراطها في النشاط السياسي ربما كان السبب غير المباشر في علاقتها القدرية بالفن السابع. درســت لطفي العلوم السياسية على مدار عامين قبل أن يتم فصلها من الجامعة الأميركية في بيروت بسبب اشتراكها في التظاهرات الطلابية ضد حلف بغداد. وقتها أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عن استعداد مصر لاستقبال جميع الطلاب المفصولين في بيروت لاستكمال دراستهم في الجامعات المصرية، فجاءت نبيهة ودرست في كلية الآداب، جامعة القاهرة.

لم تكن تلك الفتاة المليئة بالحماسة والأحلام تعتزم البقاء الى الأبد في أرض النيل، وعادت بعـد تخرجها إلى جذورها اللبنانية لتجمع بين ممارسة الصحافة وتدريس الآداب، لكن الأقـدار شاءت لها أن تعود إلى مـصر مجدداً بعد أن تـــزوجت من طبيب مصري، وأن تظل فيها حتى تشتهر بأنها «مصرية من لبنان». وقتها أقنعها الناقد الأدبي دكتور سامي خشبة بالدراسة في المعهد العالي للسينما الذي تم افتتاحه في العام نفسه، فتقدمت لامتحانات القبول بالمعهد ونجحت بتفوق، ونشرت مجلة الكواكب صورة جماعية للمقبولين فهاتفتها والدتها من بيروت منزعجة مستفسرة عن صحـــة الخبر الذي كان يعد بالنسبة إليها في ذلك الوقت «فضيحة»، لكن نبيهة نجحت في إقناعها بأهمية وقيمة العمل كمخرجة سينمائية.

وبسبب تحولها لعشق السينما لم تستكمل نبيهة لطفي دراسة الماجستير في الآداب، بعد أن استحوذ عليها سحر السينما، فتتلمذت على أيدي المخرجين الرواد أحمد بدرخان، ومحمد كريم، وتأثرت بآخرين مثل توفيق صالح، ويوســـف شاهين، وحلمي حليم الذي علمـــها أبجدية كتابة السيناريو ودرّبها مع آخرين على قراءة العمـــل الأدبي من زاوية سينمائية. وخاضت لطفي تجربة الكتابة السينمائية مع رفيق الصبان ومحمود دياب في «الإخوة الأعداء» لحسام الدين مصطفى، لكنها واصـــلت عملها كمخرجة وكاتبة سيناريو للأفلام الوثائقية، إلى أن قدمهــا إبراهيم البطوط كممثلة بأحد مشاهد فيلمه «عين شمس» ثم منحها داوود عبد السيد مساحة أكبر في «رسائل البحر» فكشف لنا عن ممثلة فيها كثير من التلقائية والعفوية المحببة للمشاهد.

قضايا المرأة

اهتمت نبيهة لطفي في شكل لافت في أعمالها بقضايا المرأة وبكفاحها وبتسليط الضوء على مشاكلها بدءاً من فيلم «إلى أين»؟ عن قضية تسرب الفتيات من المدارس في المجتمعات الريفية وارتفاع نسبة الأمية نتيجة للتفرقة في التعامل بين الرجل والمرأة، مروراً بأفلام تحمل عنوان: «إنها تزرع الأرض وتسقيها» عن دور المرأة الفلاحة إلى جوار زوجها وحتى في غيابه.

أما في «المرأة العربية تتحدث» فــكانت فـــي كل شريط فيلمي تختار نموذجاً للمرأة العاملة سواء كانت فلاحة أو في المدينة، ثم خصت المرأة الريفية أيضاً بعدد آخر من الأفلام مثل «نساء على مفترق الطريق» وفيه أبرزت جهود النساء المتطوعات في القرية اللائي يساعدهن غيرهن من بنات جنسهن على البدء في أعمال صغيرة وبسيطة من طريق توفير القروض المالية، وورش العمل، ودروس محو الأمية، أو من خلال اجتماعات تناقش ما قد يواجهن من معضلات.

ثم كتبت السيناريو وأخرجت مجموعة أخرى من الأفلام الوثائقية ضمن سلسلة بعنوان «نساء» حيث خرج للنور منها خمسة أفلام ولم تستكمل سبع شخصيات أخرى ربما بسبب جهة الإنتاج، بالإضافة إلى فيلمها «طريق التنمية ... أضواء على مفهوم الجندر».

هذا الوعي المبكر بقضايا المرأة لم ينبثق من فراغ، فقد ظهرت أولى أعمال نبيهة مع نهاية الستينات وبداية السبعينات، أي أنها عاصرت حركات التحرر في العالم، والحركة الطلابية بكل عنفوانها، في مصر والعالم. عاشت معها زخم الأحلام والرغبة في تغيير العالم، وهو ما حاولت أن تحققه من خلال السينما، فشاركت بنشاطها في الجمعيات والنوادي السينمائية، ومنها جماعة السينما الجديدة، وجمعية نقاد السينما المصريين. وإلى جانب الإخراج أثرت نبيهة لطفي بكتاباتها الحركة النقدية السينمائية، وشاركت في العديد من لجان التحكيم بالمهرجانات.

كانت لطفي ولا تزال - بشهادة الكثيرين - حالة إنسانية، شعلة من النشاط، متوهجة في الجدل والنقاش، عُرفت بسرعة غضبها، وبسرعة صفحها وعفوها، بالحنان والدفء، ومساعدة الآخرين، بابتسامتها المشرقة التي تسبقها، وبحماستها في النقاش، مثلما كانت تتحمس لصناعة الأفلام فتبدأ بعضها أحياناً من دون أن تنهيها. كان ولا تزال تمتلك قدرة هائلة على الحكي طويلاً من دون أن تتوقف، تأخذك في تلافيف الحكايات، وتفاصيلها، وتعرج على حكايات أخرى فرعية أو رئيسية كأنها تختبر قدرتها على محاكاة ألف ليلة وليلة في أسلوبها السردي.

إنها نبيهة لطفي، تلك السيدة التي بلغت السابعة والسبعين دون أن تغادرها الطفلة، وظلت تحمل معها دوماً روح الشباب، ومرحهم، وحماستهم، واندفاعهم. وسواء اتقفنا أو اختلفنا حول تقييم تجربتها السينمائية فهذا لا ينفي أنها تركت بصمتها في مجال الفيلم الوثائقي، وهي تجربة من دون شك تحتاج لإعادة قراءة خصوصاً ما يتعلق بقضايا المرأة.

الحياة اللندنية في

01.05.2015

 
 

حبر وملح (سلمى حايك: سحرُ النُّجومية)

زاهي وهبي

شَغلت الممثلة العالمية المكسيكية اللبنانية الأصل مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان طوال أيام زيارتها وطن أجداد احتفى بها كما يليق بنجمة تعشقها الكاميرا وتهواها العيون، ولو تجاوزنا بعضَ فولكورية لبنانية مُعتادة مشوبة بفوضى حفلة إطلاق فيلم «النبي» (للمخرج روجر آلرز)، لوقعنا على كثير من أسباب فرح أشاعته زيارةٌ أولى كانت الحفاوة خلالها مُتبادَلة بين النجمة وأبناء بلدها الأمّ. ما خلا انتقادات قليلة، رحب «مواطنو» تويتر وفايسبوك بـ «مواطنتهم»، وراحوا يعقدون مقارنةً غير جائزة، لاختلاف الظروف والإمكانات، بينها وبين نجمات أخريات من «أهل البيت»، أما فرحتها بالزيارة فتَجلّت في تصريحات أطلقتها ودموع حرّى ذرفتها فرحاً بلقاء طالما تمنته، وكم كانت مؤثرة لقطاتٌ أخذتها الكاميرا لجولتها اللبنانية، أَكان في بيت أجدادها في بلدة بعبدات المسترخية على كتف جبل لبنان، أو خلال لقائها «نبيّها» جبران خليل جبران في مسقط رأسه وأحلامه مدينة بشرّي المشغولة بعناق الغيم.

إلى حفاوة بنجمة تستحق، أكثر ما كان لافتاً تلك الحرارة والتلقائية والبساطة التي تحلّت بها، وتجلّت في تصرفاتها وكلامها الذي بدا صادقاً شفّافاً، وبوحها الحميم بحُبّ لوطن أجدادها تشكَّل من خلال مروّيات الأهل وبقراءتها «نبيّ» جبران، إلى أن توجته بلقاء مُفعم جمعها بأرض أسلافها، ولعلها في سيرتها هذه مصداق قول جبران: «مهما أقصتني الأيام عن بلادي أظلُّ سوريَّ الهوى، لبنانيَّ العواطف (...)، ومهما أُعجَبُ برُقيّ الغربيين ومعارفهم يبقى الشرق موطناً لأحلامي ومسرحاً لأمانيَّ وآمالي»، وما عودة حايك بحثاً عن جذورها سوى برهان آخر على علاقة سرية غامضة، ذات أبعاد روحية ونفسية، يُقيمها الإنسان مع أرضه ومَسقط جيناته، حتى يكاد المرء يظن أن ثمة حبلَ سرّة سرياً لا ينقطع، بين المولود من رحم هذه الجينات وأحشاء تراب يحتضن رفات الأسلاف وحكايات صبرهم وسلوانهم وعشقهم وغناءهم وبكاءهم في حلّهم وترحالهم بحثاً عن ملاذ آمن، أو عن «نجومية» لا تتأتى إلّا لمَنْ وُهبَ سرَّ القبول الذي تلخصه مقولة «إذا أَحَبَّ الله إنساناً حَبَّبَ الناس به». هذه العطية تتجلى في وجه نجمة تضحك وتبكي كأنها تحمل روحها في بريق عينيها.

لا يستكثرنَّ أحدٌ على لبنانيين فرحَ استقبالهم ابنتهم - النجمة، ولا حفاوتهم العارمة بها، ففي غمرة شجون وهموم وأزمات متناسلة يعيشونها منذ أربعة عقود على الأقل معطوفةً على زلازل الإقليم وكوارثه، يحقُّ لهم الابتهاج بنجمة أطلَّت مُشعّة ساحرة، والأهم أنها كشفت، في تصريحاتها وفي حوارها مع الإعلامي الأستاذ مرسيل غانم، عن ثقافة عالية وفهم عميق لما تقوم به، ولمهنة الشهرة والأضواء الضارية. أضواءٌ متى تكثّفت على أحد صارت جداراً يحجب جوهره عن ناسه ومحبيه لمصلحة صورة نمطية تترسخ في الأذهان من خلال وسائط تواصل مهما تقدّمت وتطورت وشاعت وانتشرت تظلُّ قاصرة عن تقديم الكائن البشري على حقيقته. تبقى الصورةُ صورةً مهما كانت شفافة وصادقة، وأحياناً كثيرة لا تكون مُطابقةً بتاتاً لأصلها.

بعفوية وأريحية تحدثت حايك، فاستطاعت مُلامَسة قلوب كثيرين ممن تابعوا زيارتها وحفل إطلاق فيلمها الجديد «النبي» المستوحى من كتاب جبران الأشهر (فاقت مبيعاته حول العالم على مَرّ السنين المئة مليون نسخة بمعظم لغات أهل الأرض)، وهو فيلم يُصنَّف ضمن فئة رسوم متحركة تخاطب كباراً وصغاراً على السواء، وبَان من حديثها أنه كان حلماً من أحلامها، وأن إنتاجه «كان مغامرة في هذه الظروف، وهو رسالة لأجل الوحدة» وفق تعبيرها. فـ «قنبلة هوليوود» التي يظل فيلم «فريدا» واحداً من أجمل ما قدّمت واستحقت على دورها فيه جائزة أفضل ممثلة لعام 2003، لم تنسَ، على رغم هالة النجومية والشهرة والأضواء، جذورها فجاءت بحثاً عنها، كأننا بالإنسان مهما شرّق وغرّب، ومهما «تعولم» (وإنسان اليوم مُعوَلم بامتياز) يظل مهجوساً بحنين خَفيّ إلى منابته الأولى، ووفق الطاهر بن جلّون - وإن كانت جملته قيلت في مقام آخر - «كلّما اقتربتَ من مسقط رأسك أكثر اقتربتَ من العالمية أكثر»، ولعلنا هنا إزاء حالة معكوسة لمقولة بن جلّون، مفادها: العالمية والنجومية لا تُغنيانك أبداً عن ترابك ومسقط جيناتك، فمهما بلغت من العالمية تبقى مسكوناً بالحنين إلى «محليّتك».

قليلٌ من فرح ينعشُ قلب الإنسان. ليفرحَ اللبنانيون، ولو قليلاً في غمرة مآس محيطة وأخطار مُحدقة، فـ «الوطن الصغير» المنكوب بالسياسة والساسة، أعطى العالم نخبة من نجومه أمثال جبران خليل جبران، جورج شحادة، صلاح ستيتية، أمين معلوف، فيليب سالم، مايكل دبغي، عبدالرحمن الباشا، سلمى حايك، شاكيرا، إيلي صعب وكثيرين تلزمنا مجلدات لتعدادهم. فلا بأس ولا ضير في أن نباهي العالم بمبدعينا، فهم على الأقل لا يخذلوننا كما يفعل ساسة يفتقدون موهبة ابتداع خلاص هذا البلد من مآسيه، وليس جديداً أبداً أن تُعوّض الأوطان القليلة المساحة جغرافياً صغرَ حجمها بالانتشار الإبداعي. نعم، العصبياتُ تُضيّق والإبداع يُوسّع مساحة الأوطان.

الحياة اللندنية في

01.05.2015

 
 

فجر يوم جديد: {صناعة الفوضى}!

كتب الخبرمجدي الطيب

في عام 2009 أعلن منيب شافعي وقت أن كان رئيساً لغرفة صناعة السينما توصله إلى اتفاق مع رئيس مصلحة الضرائب العقارية، ورئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية، الذي تتبعه مأموريات ضرائب الملاهي في مصر، يتم بمقتضاه تزويد غرفة صناعة السينما بالإيرادات الحقيقية الخاصة بضرائب الملاهي، لإيقاف العبث المتمثل في قيام شركات الإنتاج والتوزيع بإعلان بيانات وهمية لإيرادات الأفلام «كلٌ حسب هواه، وبما يخدم مصالحه»!

يومها أقيمت الأفراح والليالي الملاح، واحتفت الغرفة بما سُمي «الاتفاق العظيم»، الذي يعني في حال تفعيله، وضع قاعدة بيانات دقيقة لإيرادات السينما المصرية، تُسهم في تصويب مسار الصناعة، وتوقف كل أشكال التلاعب والتحايل، مثلما تضع حداً للتضارب، وعدم الشفافية، والجهل الذي يدفع شركات الإنتاج والتوزيع إلى التباهي بأرقام مزيفة ترفع من أسهمها في السوق من دون التبصر بالعواقب الوخيمة التي تجنيها صناعة السينما، جراء الإيرادات الوهمية المُعلنة، متمثلة في ارتفاع أجور الممثلين وتكريس الكثير من الأوضاع الخاطئة، وغياب الإحصاءات الدقيقة، ومن ثم افتقاد النقاد والباحثين قاعدة البيانات والمعلومات التي تساعدهم في البحث والتحليل ورصد الظواهر!

اليوم، وبعد ست سنوات من الحديث عن الاتفاق سالف الذكر تبين أنه لم يكن سوى «إعلان نوايا»، بدليل أن تلك السنوات شهدت تعاقب ثلاثة أشخاص على رئاسة الغرفة هم: منيب شافعي، محمد حسن رمزي وفاروق صبري، ورغم هذا ما زالت الحقائق غائبة، والعلاقة بين الغرفة ووزارة المالية متوترة، والتضارب في إيرادات الأفلام قائم، والبحث مستمر عن الجهة المنوط بها إصدار البيانات الصائبة المعتمدة، فالغرفة تُلقي بالكرة في ملعب الضرائب، ووزارة المالية لا ترد على طلبات القيمين على الغرفة، وتمتنع عن موافاتهم بالأرقام الصحيحة، التي تملكها بالفعل من واقع سجلاتها الرسمية، وشركات الإنتاج والتوزيع  سادرة في غيها تتلاعب بالأرقام، وتسوق للرأي العام إيرادات منافية للحقيقة التي ينطق بها الواقع. ومن ثم تروج لأكاذيب لا تنتهي عن وضع مستقر لا وجود له إلا في خيال أصحابها!

ينص قانون «غرفة صناعة السينما» الصادر تحت رقم 203 لسنة 1972 على أن «الغرض الأساسي من إنشائها هو رعاية مصالح أعضائها، والنهوض بالصناعة ورقيها وتقدمها، وحماية تداول الأفلام المصرية بالداخل والخارج وإصدار الشهادات اللازمة، وتنظيم العروض السينمائية بما في ذلك الفيديو والأقمار الصناعية، وفض المنازعات التي تنشأ بين الأعضاء، والتدخل لدى السلطات لتذليل العقبات التي تعوق الصناعة». لكن الغرفة التي تضطلع بكل هذه المهام، على الورق، فشلت فشلاً ذريعاً في احتواء أزمة الإيرادات المحتدمة منذ زمن طويل لأسباب تبدو غامضة بشكل كبير، وعندما أرادت أن تنفض عن كاهلها غبار العجز، وركام السلبية، تورطت في أزمة بسبب ما قيل عن بيانات مغلوطة، أصدرتها في توقيت سابق، وصبت في صالح شركات إنتاج وتوزيع على حساب أخرى، وانتهى الأمر بتأكيد عدد من مسؤوليها أن الغرفة لن تُقدم على إصدار بيانات جديدة بشأن الإيرادات التي تحققها الأفلام في صالات العرض، بمعنى أنها تنفي عن نفسها مسؤولية هي من صميم عملها!

المثير أن جدار الثقة الذي شيده النقاد والمراقبون، في أعقاب الإيرادات الكبيرة التي حققتها السينما المصرية في موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى، انهار وتصدع بعد تسريبات صحافية تقول إن الغرفة ترتاب في الأرقام التي تم الترويج لها حينذاك، وتراها كاذبة وغير دقيقة، وليس لها أساس على أرض الواقع، وهو الأمر الذي ينسحب على ما يجري الآن في موسم الربيع، حيث استمر مسلسل التلاعب من المنتجين، ودس المعلومات المغلوطة من جانب الموزعين، وانبرى كل صاحب مصلحة للتأكيد أن فيلمه حقق الإيرادات الأعلى، عبر الإعلان عن أرقام تبدو وهمية، ولا تخلو من مبالغة، حول الفيلم الذي تصدر والآخر الذي تذيل. وضاعت الحقيقة في ظل إصرار الغرفة على الصمت، وكأنها تؤجج الفتنة، وتشيع الفوضى، ووزارة المالية التي تُصر على حجب المعلومات، وتجاهل مبدأ الشفافية، بينما انتهز عدد من الممثلين فرصة الأجواء الملبدة بالغيوم، والمليئة بالأخطاء، وأدلوا بتصريحات صحافية زعموا من خلالها، أو توهموا، أنهم «نجوم الشباك» الجدد، ومن حقهم تقاضي أجور أكبر!

إنه العبث الذي ليس له مثيل في العالم، ففي مقدور أي شخص هناك، وبكبسة زرّ بسيطة، أن يحصل على أدق المعلومات، والوثائق، من دون أن تُمارس عليه ضغوطات من أية جهة أو يخضع لابتزاز من أي نوع. بل إن دساتير الدول تكفل للمواطن توفير الضمانات التي تتيح له، بفضل إعمال مبدأ الشفافية، ومنع الاحتكار، الدخول في مغامرات محسوبة تخدم مصالحه من دون الإضرار بالمصلحة العامة للمواطن وللدولة، ومن دون التورط في «صناعة الفوضى»!

توزيع الأفلام في الصالات المصرية... أين المؤامرة؟

كتب الخبرجمال عبد القادر

مع كل موسم سينمائي في مصر، يتحدَّث كثيرون عن أن ثمة أفلاماً تُمنح صالات عرض أكثر من غيرها من الأفلام. حتى إن البعض يعرض هذه القضية وكأن ثمة مؤامرة ضد أفلامه أو أساليب غير مشروعة تتحكم بالإيرادات عن طريق تحديد دور العرض.

{الجريدة} تفتح ملف توزيع دور العرض بين الأفلام.

لا يرى المنتج محمد العدل أي تلاعب في توزيع الأفلام في دور العرض لأن الموزع وصاحب الدار يريدا تحقيق أعلى إيرادات، والتوزيع يتم بالاتفاق والتعاقد بين المنتج والموزع. يضيف أنه يحدث أحياناً أن يكون صاحب الصالة في انتظار عرض فيلم لنجم شباك كبير، ولكن لديه وقت قصير قبل موعد الطرح المعروف مسبقاً للجميع. في هذه الحالة، يعرض على أحد المنتجين استضافة فيلمه في هذا الوقت ريثما ينطلق العمل المنتظر.

يتايع: «بعد انتهاء المدة يُرفع الفيلم ويظن الجميع وقتها أن ذلك جاء لصالح الفيلم الجديد، ولكن هذا غير حقيقي. عموماً، ثمة أفلام يتوقع أصحابها أن تحقق إيردات كبيرة ولكنها قد تخيب الآمال عند عرضها. أما الفيلم الذي يأتي بإيرادات كبيرة فيما الصالات مليئة بأفلام أخرى، فالبطبع سيحث الموزع وصاحب الدار على رفع الفيلم «الضعيف» لصالحه، وهو أمر منطقي وطبيعي».

في السياق نفسه، يوضح المتحدث الإعلامي للشركة العربية عبد الجليل حسن أن من يحدد عدد دور العرض للفيلم هو المنتج ذاته الذي يقرر إنتاج نسخ كثيرة أو قليلة، الأمر الذي يحدد عدد الصالات المطلوبة.

بدوره يرى الناقد طارق الشناوي أن ما يحدد عدد دور العرض لأي فيلم هو حجم النجم وما يحققه من إيرادات، إذ تفرض الأخيرة على السوق والموزعبن احترام النجم ومنحه ما يستحقه من دور. مثلا، عندما كان محمد سعد في قمة نجاحه، كان الموسم السينمائي يُحدد بفيلمه، بمعنى أن المنتجين كانوا يبتعدون عن وقت عرض فيلم سعد، فكانوا يعرضون قبله بوقت كاف أو بعده بمدة كبيرة.

ويضيف الشناوي أن ثمة مشاهير لا يحققون أي إيرادات تُذكر. بالتالي، عند عرض فيلم لهم لا يمنحهم الموزع ولا صاحب دار العرض عدداً كبيراً من الشاشات لأنه لا يحقق إيرادات كبيرة من خلالهم.

وتابع: «يُستخدم عدد الشاشات أحياناً كمبرر لفشل فيلم أو نجم في تحقيق إيرادات كبيرة، فيزعم أن فيلمه تعرض للظلم ولم يُعرض إلا في عدد محدود من الدور. ولكن بالنظر إلى ما حققه النجم في أعماله السابقة تجد ألا علاقة لذلك بالإيرادات الكبيرة، وأن عدم منحه عدداً كبيراً من الشاشات أمر طبيعي».

كثافة جمهور

يؤكد المنتج هاني جرجس فوزي أن ثمة تلاعباً في عرض الفيلم في السينمات، ما يؤثر على إيراداته. ويضيف أنه تعرض لمثل هذه الأمور عند عرض «ظاظا رئيس جمهورية} لهاني رمزي و{جرسونيرة» لغادة عبد الرازق، إذ منح الفيلمان أقل عدد ممكن من دور العرض لصالح فيلم آخر. كذلك يشير إلى اختيار دور عرض مميزة وذات كثافة جمهور لفيلم بعينه، ومنح سينمات لا تحظى بالكثافة لفيلم آخر، موضحاً أنه عندما يكون المنتج هو الموزع وصاحب الدار في آن سيزيح الأفلام المنافسة لفيلمه كي يحصد أعلى نسبة إيرادات ممكنة. وضرب جرجس مثلاً بأزمة حدثت بين السبكي وبين محمد حسن رمزي وكانت بسبب رفع «واحد صعيدي» من إنتاج السبكي من بعض دور العرض لصالح «الجزيرة 2» من إنتاج رمزي، وبعدما سيطر الأول على دور العرض بأفلامه لسنوات وبمساعدة الثاني «الموزع وصاحب دور العرض» تعارضت مصالح السبكي مع رمزي «المنتج» وحدثت الأزمة.

كذلك يعتقد الناقد نادر عدلي أن الأمر في البداية يُحدده سوق الإيرادات وحجم النجم، وسطوته التي تجبر الموزعين وأصحاب الدور على احترام وجوده ومنحه ما يريد من صالات، كما حدث مع محمد هنيدي في فيلمه الأخير «يوم مالوش لازمة»، فقد حصل على عدد دور يوازي صالات الأفلام الموسم مجتمعة. ولكن بعد أيام من العرض وظهور الإيرادات بدأ أصحاب الدور في التصدي للأفلام كيفما يشاؤون من دون رجوع إلى أحد وبالمخالفة للقاون، فتسحب أفلام بدلا من أفلام أخرى. ويضيف عدلي أن سوق توزيع الأفلام في مصر يعاني فوضى تسمح لكل من يريد التلاعب بالسوق أن يفعل ذلك، وما يفاقم هذه الحالة والتلاعب والتحكم في عرض الأفلام في السينمات، هو الاحتكار، كأن يكون المنتج هو الموزع وهو صاحب دور العرض. ويقول: «حاول أحد المنتجين من سنوات تقديم حسن رمزي وإسعاد يونس إلى المحكمة بتهمة الاحتكار وإفساد صناعة السينما، لكن المحكمة لم تستطع البت في الأمر ولجأت إلى غرفة صناعة السينما التي يُسيطر عليها كل من رمزي وإسعاد يونس وأفشلت القضية. ويضيف أن ليس سوق توزيع الفيلم المصري فقط يعاني الفوضى، بل أيضاً يحمل توزيع الفيلم الأجنبي في مصر كثيراً من التلاعب، وقد تبدو في الأفق أزمة بسبب تقديم شركات توزيعه طلباً لوزير الثقافة بزيادة عدد النسخ من 12 إلى 30 نسخة. وإلى الآن لم يبت الوزير في الطلب، وإن وافق لأصيبت السينما المصرية في مقتل».

عمر خورشيد: الغرور وراء خطواتي الفنية البطيئة

كتب الخبرهند موسى

نشأة عمر خورشيد في أسرة فنية غرست في داخله عشق التمثيل والفن عموماً، فهو ابن الفنانة علا رامي، وحقق نجاحاً في أولى بطولاته السينمائية، ما أصابه بغرور جعله لا يقبل المشاركة في أي أعمال سوى التي تتفق مع المكانة التي ظن أنه وصل إليها.

حول النشاط الفني الذي يعيشه راهناً، وتغلبه على الغرور الفني كانت الدردشة التالية معه.

·        حدثنا عن مشاركتك في مسلسل «وجع البنات».

أجسد شخصية فاروق، صاحب المنتجع السياحي الذي تدور فيه أحداث المسلسل، وينتمي إلى عائلة غنية لديها منتجعات سياحية، يرفض الزواج من الفتاة التي يختارها له أهله، لرغبته في عيش قصة حب، لذا  يقيم علاقتين الأولى مع ناهد (هبة أبو سريع)، والثانية مع شادية (وفاء قمر)، من دون أن يعلما بذلك.

·        كيف تتطور الشخصية؟

من خلال مقارنة فاروق بين الفتاتين، إذ يرتبط بكل منهما منذ الحلقة الأولى وتتصاعد الأحداث، فيضع معايير تساعده في الاختيار بينهما،  إلى جانب أحداث ومشكلات أخرى تؤثر في هذا الخط الدرامي، وقد صوّرت أكثر من 100 مشهد من دوري.

·        تشارك في مسلسل تتمحور  قصته الرئيسة حول مجموعة من البنات.

لا أغضب من فكرة المشاركة في  عمل بطولة نسائية، ثم يشارك فيه ممثلون شباب أنا الأصغر بينهم سناً، إذ تتطلب دراما العمل مشاركة نجوم كبار في السن، لأن الفتيات يرتبطن بهم للخروج من الأزمات التي يواجهنها، أما في مشاهد البنات فأنا الشاب الوحيد فيها.

·        هل يستمر دورك في أجزاء العمل الأربعة؟

بالطبع لأن 90% من الأحداث تدور في المنتجع الذي أملكه، وأيضاً بفعل علاقتي باثنتين من الفتيات الخمس الرئيسيات في المسلسل الذي يكتبه المخرج الكبير أحمد النحاس ويخرجه، ومن المقرر عرض الجزء الأول منه  في شهر رمضان.

·        لماذا اتسمت خطواتك الفنية بالبطء رغم الدفعة القوية في البداية؟

بصراحة خطواتي ليست بطيئة، ولكن يرجع الأمر إلى نوبة غرور أصابتني بعد مشاركتي في فيلم «كايروكي»، الذي حقق نجاحاً في دور العرض، ونجاحاً جماهيرياً لدى عرضه على الفضائيات، فشعرت بذاتي وبأنني نجم، ويمكنني تحمل مسؤولية فيلم بمفردي، لا سيما أن المشاهدين أشادوا بدوري فيه وأدائي له.

·        كيف برزت معالم هذا الغرور؟

رفضت عروضاً تمثيلية تلقيتها بعد  الفيلم، لعدم ملاءمة الأجر أو لأن الدور لم يعجبني. ولكنني أحمد الله أنني مررت بهذه الحالة مبكراً، وتخلصت منها مبكراً أيضاً.

·        متى شعرت بضرورة التراجع عن هذا الغرور؟

عندما أخبرني أصدقائي بأن المنتجين يرفضون الاستعانة بي  عندما يطرح اسمي لأنني أضع شروطاً على الأدوار، ولن أوافق عليها.

·        كيف تغلبت على هذه الحالة؟

حدثني كثر بشأن هذا الموضوع لكنني لم ألتفت إليهم، إلى أن تحدثت معي زوجتي الممثلة ياسمين الجيلاني، وعاتبتني لتكبري بالتالي لا يجوز اتباع هذا الأسلوب، بل عليّ التواضع والتفكير قليلاً لأنني في بداية مشواري. ولفتت انتباهي  إلى أن نجاح أول أفلامي لا يعني أنني أصبحت نجماً، فثمة ينجوم يقدمون نحو 10 أفلام، لكنهم يواجهون النسيان  بسبب غرورهم وبقائهم في منزلهم من دون عمل، اقتنعت بحديثها، من ثم شاركت في فيلم «ريكلام»، وفي السهرة التلفزيونية «ليالي الحب» مع أمير كرارة وراندا البحيري.

·        كيف تقيّم مشاركتك في المسلسل التاريخي «الإمام الغزالي»؟

سعدت بها لا سيما أن  فريق العمل اجتهد ليخرج المسلسل على أكمل وجه، نظراً إلى  إنتاجه الضخم، وأجسد فيه شخصية السلطان بركيا روق، كذلك يتضمن معارك، وكنّا نصور معركة واحدة يومياً.

·        وأصداءه؟

للأسف لم تكن ردود الفعل حوله كبيرة لأنه عرض في شهر رمضان الماضي على ثلاث قنوات هي الأولى والثانية في التلفزيون المصري وقناة الشارقة، ما أحزنني كثيراً.

·        هل واجهتك المشكلات التي تعاني منها  الوجوه الجديدة؟

على الإطلاق، فمنذ عامي الأول في معهد الفنون المسرحية، رشحني المخرج الكبير جلال الشرقاوي لبطولة مسلسل من إنتاجه مع محمد رياض وداليا مصطفى، وتنبأ لي  بمستقبل باهر، حتى أن كثيراً من أساتذتي حاولوا إفشالي في المعهد، لكنه دعمني ونجحني، ولعل هذا أحد أسباب غروري أيضاً.

·        ماذا عن مشاركاتك السينمائية؟

أتابع تصوير دوري في «مش وش نعمة» مع أحمد عزمي وإيناس النجار، يتناول الصراع الطبقي بين الأغنياء والفقراء، وأجسد شخصية شاب غني وفقاً لملامحي،  كذلك أصور «المسخ»، مع المخرج محمد الشوادي وإنتاج إبراهيم الشوادي، تشاركني البطولة زوجتي ياسمين الجيلاني، والدتي علا رامي والفنان طارق الدسوقي.

·        يعني ذلك أنكم تشاركون كأسرة معا في عمل فني.

صحيح، لكن والدتي تظهر كضيف شرف في ثلاثة مشاهد، إذ طلبت منها مساندتي في عودتي إلى السينما. سبق أن  تعاونت معها في أكثر من فيلم من بينها  «ريكلام»، وتعاونت مع ياسمين في «أشرار وطيبين»، فكان فأل خير لي إذ بفضل المسلسل تعرفت عليها، ونشأت بيننا قصة حب.

·        هل تغضب من اختيارك في أدوار الشاب الغني المدلل؟

ما زلت في بدايتي، ولا يحق لي الغضب لأن كثراً لا يعرفونني ولم يصل الجمهور إلى درجة الملل لتجسيدي هذه النوعية من الأدوار.

·        من تستشير في اختيارك لأدوارك؟

والدتي تتعامل معي كأية زميلة عادية، وإن احتجت مساعدة منها أتحدث إليها، أو أسألها عن الفنانين والمخرجين الذين سأتعاون معهم، لكنني لا أستشيرها في الأدوار، قد يحدث ذلك بعد قراءتي للعمل، فأخبرها بالقصة، حالياً زوجتي هي التي تقرأ معي الأعمال.

·        هل تملك مواهب أخرى غير التمثيل؟

أحب كتابة القصص، فقد كتبت فيلمين لغاية الآن هما «أجزاء خاصة»، و{اللهو الخفي»، واتفقت مع جهات إنتاجية على تقديمهما، لكنني لن أصرح حول تفاصيلهما حتى نبدأ الخطوات التنفيذية.

ياسر عبد الباسط: «كرم الكينغ» مميَّز بواقعيته

كتب الخبرهيثم عسران

في أولى تجاربه السينمائية، حجز المؤلف ياسر عبد الباسط لنفسه مكاناً وسط مؤلفي السينما من خلال فيلم «كرم الكينغ» الذي ينافس به أعمال الموسم الراهن.

أكد ياسر أن اهتمامه بتقديم فكرة واقعية تلمس مشاعر المشاهد وتقنعه بالأحداث كان ضمن دوافعه لكتابة الفيلم، مشدداً على أنه لم يبذل مجهوداً كبيراً في التواصل مع المخرج حازم فودة لتخرج قصته كما كتبها على الشاشة. عن الفيلم التقيناه في الحوار التالي.

·        كيف جاءتك فكرة «كرم الكينغ»؟

من خلال متابعتي مختلف الشخصيات في مجتمعنا، وجدت أن شخصية البطل موجودة بوفرة ضمن الشباب المصري. هو شاب يعمل في بار، ويملك معلومات عمن يرتادونه، من رجال أعمال وشخصيات عامة، وهو كما ملايين الشباب لديه مشكلات كثيرة يحاول الهروب منها. ولكن في النهاية يقرر مواجهتها.

·        كيف تعرض الفيلم لقضية تجارة المخدرات؟

المخدرات ليست العنصر الرئيس أو الأساسي في العمل، ولكنها جزء من خط درامي مهم في الفيلم، إذ لجأ إليها البطل نتيجة لما تعرض له من ضغوط. وتختلف هذه الحالة من شخص إلى آخر، فقد يتحمَّل فرد الضغوط عليه في حين يخفق آخر في ذلك، مثلما حدث مع «كرم» الذي خرج من الخط المنضبط الذي كان يعيش فيه طوال حياته.

·        كيف حدث هذا الخروج؟

كان «كرم» يملك محلًا للأدوات الكهربائية في منطقة شعبية يعيش فيها، يُعرف فيها بشهامته ومساعدته لأهل منطقته. ولكن بعدما يضعف، ويرغب في أن يملك أموالاً ليتمكن من الزواج من حبيبته ريهام حجاج يضطر إلى العمل كتاجر مخدرات. ولكن في النهاية ثمة رسالة في العمل أتمنى أن يركز عليها المشاهدون، وتصل إليهم بشكل واضح من دون التباس.

·        ما هي هذه الرسالة؟

لا أودّ تحديدها بعينها، لأن كل فرد يمكنه قراءة أحداث الفيلم وترجمة المقصود منها بحسب وجهة نظره. ولكن يمكن القول إنها تكمن في ضرورة مواجهة المشكلات لأن الهروب منها لن يفيد لعلاجها.

·        ماذا عن نهاية الفيلم؟

أفضل عدم التصريح بها، ولكن ما فعله «كرم» بمواجهته مشكلته مع «مجدي المنّاعي» أو منذر رياحنة كان عليه فعله من البداية، وتأجيله تسبب في الأحداث المترتبة التي عرضها الفيلم. ويمكن للجمهور الحكم على طريقة «كرم» في مواجهته المشكلة سواء كانت صحيحة أو خاطئة، عنيفة أو سلمية.

·        لماذا اخترتها كمؤلف لتأتي على هذا النحو؟

عموماً، طريقة مواجهة المشكلات تعتمد على الشخص نفسه، ولكن كان على «كرم» القيام بهذه المواجهة، وإلا لن يتمكن من الوصول إلى أي شيء، لذا طلب مساندة من أهل منطقته.

·        هل يمكننا تصنيف الفيلم على أنه شعبياً؟

لا أرغب في وضع تصنيفات له بأنه شعبي أو غيره، فهو فيلم عن شخصية موجودة بنسبة عالية وسط عدد السكان في مصر، لذا فهو نموذج لا يستهان به، ويجب تسليط الضوء على المشكلات التي تواجهه لمحاولة حلها، لا سيما أن لدينا أكثر من 40% تحت حد الفقر.

·        كم استغرق الفيلم وقتاً في كتابته وتصويره؟

تم تصويره في 18 يوماً خلال شهر، والكتابة لم تستغرق كثيراً لأننا كنّا قد اتفقنا على محاور القصة الرئيسة، وعقدنا جلسات تحضيرية عدة، لذا فإن الأمر لم يأخذ وقتاً طويلاً.

·        ما الذي يميز «كرم الكينغ» عن أفلام الموسم؟

واقعيته وعرضه مشكلات حقيقية في مجتمعنا المصري، وأكاد أجزم بأن من سيشاهد الفيلم لن يشعر بأننا استخففنا بعقله، وإنما احترمناه، وهذا هو المهم. ربما يحقق الفيلم إيرادات كبيرة أو قليلة، فهي متعلقة بالأذواق. كمؤلف، يهمني أن يشاهد الجمهور في شريط سينمائي ما ينال احترامه، وهذا ما سيسعدني للغاية.

·        هل هذا يعني عدم اهتمامك بما يحققه من الإيرادات؟

أتمنى بالطبع أن يحقق مركزاً متقدماً في شباك التذاكر، خصوصاً أن الإيرادات ضمن علامات نجاح الفيلم. كذلك أتمنى أن يجد فيلم «كابتن مصر» لصديقي عمر طاهر النجاح. المنافسة بيننا شريفة، ولكن المسألة بالنسبة إلي منتهية، وأتركها لتقدير ربنا، فالجميع اجتهد والجمهور هو الحكم.

·        هل هذه تجربتك السينمائية الأولى؟

الفيلم أول عمل أكتبه ويخرج إلى النور. املك مشروعات سينمائية أخرى منها كتبتها ومنها ما أواصل كتابته، ولكن لم تدخل قيد التنفيذ.

·        هل أسهمت في اختيار أبطال الفيلم؟

منذ كنت أعالج القصة اتفقت مع المشرف العام على الإنتاج أحمد بجة واستقرينا على أن يكون محمود عبد المغني بطل الفيلم، ولم نستغرق وقتاً طويلاً في ترشيح منذر لمشاركته البطولة لأنه الأقدر على تجسيد جزء الشر أمام عبد المغني، فيما كانت ريهام حجاج اختيار أحمد بجة والشركة المنتجة. ولكن للحقيقة، اتفق القيمون على الأبطال الثلاثة، ولم يأتِ أي اعتراض عليهم.

·        كيف وجدت التعاون مع المخرج حازم فودة؟

سعدت كثيراً بذلك، إذ تتقارب وجهات النظر بيننا، ولم تحدث أي مشكلات أثناء تنفيذ ما كتبته في مشاهد الفيلم، وربما يرجع ذلك إلى اقترابنا من ناحية المراحل العمرية. كذلك الحال بالنسبة إلى الأبطال.

الجريدة الكويتية في

01.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)