كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

سينما للدفاع عن الحرية والمظلومين

من «زورو» الأمس إلى «المنتقمون» اليوم

بالم سبرينغز (كاليفورنيا): محمد رُضا

 

سواء نظرت إلى أول فيلم «سوبرهيرو» (وهو بالمناسبة «علامة زورو» أنتج عام 1920) أو إلى أحدث فيلم من هذا النوع، وهو «المنتقمون: عصر الترون» الذي يشمّر عن ساقيه ليبدأ عروضه خلال أسبوع، فإن الأساس في شخصيات وأحداث كل الأفلام التي تم اقتباسها من روايات شعبية ومجلات كوميكس هو واحد: رجل (أو مجموعة) تحارب في سبيل الحق دفاعا عن مستضعفين.
في روايات زورو (الكلمة في الإسبانية تعني الثعلب) هناك ذلك الرجل ذو الرداء الأسود والقناع الذي يغطي العينين وبعض الوجه يحمل على الحكّام الإسبانيين أيام ما كانت ولاية كاليفورنيا الجميلة واقعة تحت الحكم الإسباني أسوة بالمكسيك. زورو، حسبما كتب المؤلّف جونستون ماكولي، هو الدون (السيد) دييغو دي لا فيغا الذي يتظاهر بأنه من الإقطاعيين وأصدقاء الحاكم الجائر، لكنه يعرف كيف يتسلل ليستبدل لا ملابسه فقط، بل شخصيّته فيتمشق السيف وينقذ الناس التي كانت تعيش تحت وابل الظلم الاجتماعي والضرائب المرتفعة.

لا حاجة للقتال في سبيل هذا الواجب اليوم، فالناس قبلت نظام الضرائب وإن شكت فإنها تشكو لجيبها فقط، لكن الحرب على أشكال أخرى من الشر موجودة، وفي «المنتقمون: عصر الترون» سنتعرّف عليه في شخص البارون وولغانغ الذي يستخدم بشرا لتجاربه الخطرة. صنع كائنات بشرية تتمتع بقدرات فائقة على التدمير ولا يزال يمني نفسه بالمزيد من ذلك. المنتقمون، وهم كناية عن عدّة شخصيات بطولية احتلت صفحات مجلات شركة مارفل للكوميكس تتصدّى له في معقله في بلد أوروبي شرقي اسمه سوكوفيا. طبعا المهمّة ليست سهلة لكن المخرج جوس سعيد، كما يقول، في أنه أنجز فيلما أقل في مدّة عرضه بدقيقة واحدة من مدّة عرض الجزء الأول قبل ثلاث سنوات.

لكن ذلك الفيلم كان أرخص بثلاثين مليون دولار إذ بلغت تكلفته 220 مليونا في حين أن الجزء الثاني الحالي شق طريقه بثبات صوب فاتورة قدرها 250 دولارا قامت «ديزني» بدفعها وهي راضية، فالجزء السابق سجّل مليارا ونصف المليار من الإيرادات حول العالم. وجوس ويدون يعرف قيمة البضاعة التي بين يديه والعصبة من «السوبر هيروز» التي تتحرك تبعا لأوامره.

العدو الجديد

كل واحد من تلك الشخصيات البطولية يتمتع بقوّة خارقة تختلف عن الأخرى: «آيرون مان» (روبرت داوني جونيور) يتمتع بتلك البذلة الفولاذية التي تمكنه من الطيران وإطلاق النار على أعدائه. «ذا هلْك» (أو «الضخم» ويقوم به مارك روفالو) هو ذلك الرجل الذي لا تريد أن تغضبه، إذا فعلت تبدّل كليا وأصبح شخصا بالغ الضخامة والقوّة وأخضر اللون. كابتن أميركا (كريس إيفانز) هو المحارب الذي يحمل درعا يستطيع رميها على أعدائه فيبيدهم بها وتعود الدرع إليه في كل مرّة. ثور (كريس همسوورث)، هو البطل الخارج من زمن ماض إلى الزمن الحالي. إنه، حسب الوصفة التي وُضعت له على صفحات مجلات مارفل، آلهة يحمل ملامح المحارب النورماندي أو الفايكنغ ولا يزال يتصرّف كواحد منهم.

هوكآي (جيريمي بَنر) على التضاد التام من ثور، ويختلف عن باقي هؤلاء الأبطال الخارقين في أنه إنسان لا يتميّز بقدرات غير عادية ولا يتحوّل من شخص إلى كائن. على ذلك فهو الإنسان «العادي» في مزاياه الأفضل: بالغ الذكاء ويجيد الألعاب البهلوانية التي تمدّه بالقدرة على المواجهة مهما كان الظرف.

أما «بلاك ويدو» (سكارلت جوهانسن) فهي حسب المواصفات المتّبعة امرأة تتميّز بالمهارة في فنون القتال المختلفة ومزوّدة بسوارين يستطيعان فعل المعجزات كونهما يطلقان نارا وإشعاعات.

في الأصل واجه «آيرون مان» و«كابتن أميركا» الأعداء الشيوعيين. خلال الخمسينات والستينات عندما كانت الحرب الباردة قائمة بين شرق قائم على التعسّف يمثله الاتحاد السوفياتي وغرب يؤمن بالحرية الاقتصادية، تمثله الولايات المتحدة، شارك الاثنان في درء الخطر الشيوعي عن أميركا ومحاربته. «بلاك ويدو» كانت بدورها عميلة روسية ولدت في ستالينغراد وترعرعت تحت سهر خبراء الجاسوسية في موسكو لكنها انضمت للمعسكر المعادي مشتركة في محاربة الخطر الشيوعي (آنذاك). الباقون كانوا من ذوي مهام مختلفة لكنهم اليوم جميعا يشتركون في محاربة شرور وآثام القوى المعادية للغرب والعالم الذين يسعون، من بعد انهيار المنظومة الشيوعية، لخراب العالم الحر تماما كما حاولت القوى السابقة.

جاء من الفضاء الخارجي

في الواقع، ما إن انتهت الحرب العالمية الثانية، أو الحرب الساخنة، حتى بدأت الحرب الباردة بعدما أدركت الولايات المتحدة أن الشيوعية قد تتسرّب إلى البلاد كأي أفكار أخرى إذا لم تعمد إلى مواجهتها. والسينما كانت خير سبيل لذلك. وفي حين أن الأشرار النازيين احتلوا في أفلام هوليوود وبريطانيا الجاسوسية موقع القلب، لم يعد هناك غاية من رصد النازيين بعد اندحار ألمانيا واستسلامها. فجأة جاء البديل في ثياب حليف الأمس.

لكن أفلام السوبرهيرو لم تكن الجبهة الأولى في ذلك التصدّي. معظمها الأول أنجز أيام الحرب العالمية الثانية حين كان العدو لا يزال النازيين واليابانيين المتحالفين. لاحقا هم الصينيون في بعض الأفلام، لكن العدو الروسي برز في أفلام الخيال العلمي والصورة، كما يمكن أن نلاحظها في الخمسينات معكوسة عن تلك التي تعرفها أفلام الكوميكس الحالية.

في «الصحون الطائرة» لفرد س. بانون و«الرجل من الكوكب لإدغار أولمن ثم «غزاة من المريخ» لويليام كاميرون منزيز و«جاء من الفضاء الخارجي» لجاك أرنولد و«غزو ناهشي الجسد» لدون سيغال والكثير سواها أوجدت الحياة على سطح الكواكب المحيطة لكنها رمزت إلى كائناتها الغريبة على نحو مجازي لا يتحمّل الالتباس. كل واحد من هذه الأفلام وسواها تحدّث عن خطر يهدد أميركا (والعالم الحر) ووحوش مختلفة تريد سلب الاختلاف والحرية الشخصية واستبدالها بكائنات بشرية ذات توجه فكري واحد يعملون حسب منهج لا يحيدون عنه.

المفارقة هي أن «القدرات الخارقة» ليست من ملك الإنسان الأميركي في هذه الأفلام بل تتبع القوى الخارجية المعتدية: الصحون الطائرة القادرة على التدمير الشامل، الكائنات ذات أسلحة اللايزر القاتلة. الكائنات التي تتقمّص أشكال الأشخاص العاديين وتديرهم بحيث يصبح من الصعب تفريقهم عن الأناس غير المتقمّصين بعد. أما الأبطال الحقيقيون فهم أميركيون عاديون حتى وإن كانوا عسكريين في بعض تلك الأفلام. قدراتهم الدفاعية لا تجدي لأنها تنتمي إلى أسلحة أقل تفوّقا من تلك المستخدمة من قِبل الفضائيين. ما ينقذهم في النهاية هو التحالف فيما بينهم («جاء من الفضاء الخارجي») أو الكنيسة («حرب العالمين» لبايرون هاسكين) أو اكتشاف سلاح تقني في آخر لحظة («الهدف هو الأرض» لشرمان روز). وفي بعض الأحيان، فإنه لا ملاذ سوى التوعية بالصوت الهستيري المرتفع كما الحال في «غزو ناهشو الجسد» لدون سيغال (1956) الذي يتحدّث عن انتشار شرانق تهبط مع المطر (لا حواجز تستطيع منع تسلل الفكر الشيوعي) وتنمو بسرعة ثم تستولي على الناس النائمين. بطل الفيلم هو شخص عادي (كَڤن مكارثي) يدرك ما يحدث ويقاوم النوم ويحاول النجاة بنفسه وتحذير المدينة الأخرى بعدما سقطت الأولى.

الفكرة ذاتها انتقلت إلى فيلمين آخرين مماثلين. ففي عام 1978 قام فيليب كوفمن بإخراج نسخة جديدة من هذا الفيلم بينما قام سنة 1993 بإخراج نسخة ثالثة مكتفيا بعنوان «ناهشو الجسد». لكن ما انتقل ليس الفكرة فحسب، ففي حين هاجم سيغال الشيوعية مرتدية ثياب الكائنات المخيفة، لازم كوفمن الفكرة الخيالية - العلمية من دون ميول خارجية، في حين أن العدو في النسخة الثالثة، وتبعا لاختلاف الأزمنة، أصبح القوّة العسكرية الأميركية ذاتها إذ هي التي تشهد محاولتها غزو الأبدان الأخرى. نسخة كوفمن قدّمت الممثل كيفن مكارثي من جديد مستعيرة حضوره من الفيلم السابق. ها هو لا يزال، في مطلع الفيلم، يحاول تحذير الأميركيين من غزو ناهشي الجسد ولا يزال الأميركيون يعتقدون أنه مجنون يهذي.

كل أنواع البطولة

لا يجدي مع أفلام «الكوميكس» طبعا أن تكون القدرات في يد الأعداء وحدهم. ربما أبطال هذه الأفلام يبدون رجالا عاديين في أزمنة السلم، لكن ما إن يكتشفوا موقع الخطر حتى تجدهم انقلبوا إلى أدوات مجابهة وقتل وتدمير. الممكن هو أن يكون هناك نوع من المساواة في القدرات لأن البطل القوي لا يمكن أن يستمد صورته الخارقة إلا من خلال شرير مماثل في قوّته. الشرير الضعيف يجعل المقارنة أقرب إلى نمر يتسلّى بفأر، عوض أن يكون العدو من حجمه وقوّته. على هذا الأساس فإن أعداء اليوم، ولو على نحو مكرر، هم كأعداء جيمس بوند يعدون بإنزال الهزيمة بكل محاولات تقويضهم. وعادة ما يبدأ الفيلم باكتشاف إمبراطورية الشر التي تضرب في مكان ما فيثير ذلك انتباه الأبطال. المجابهة الأولى بينهما ليست حاسمة. الأشرار يزدادون قدرة على الفتك وهذا يستدعي مواجهة أخرى صعبة لكنها تنتهي، والفيلم، بنصر الخير على الشر.

مخرج فيلمي «ذا أفنجرز» جوس ويدون أكد حتى من قبل بدء التصوير سنة 2013 أنه لا يرغب في تحقيق فيلم يعلو الأول، بل فيلم منفصل عنه ولو بالأبطال أنفسهم. وربما تم له ذلك. الواضح أن السعي لتجاوز المغامرة السابقة ليس مجرد نيّة بل يتطلب الكثير من الجهد لاحتواء ما سبق وتطويره.

كل ذلك يتماثل والرغبة الأم وراء هذه الأفلام بأسرها، تلك المقتبسة عن شخصيات «الكوميكس» («سوبرمان»: «باتمان»: «المنتقمون» الخ…) وتلك المتحوّلة من الروايات الشعبية («زورو»: «طرازان»: «الشبح»: «الظل» إلخ…) مشتركتان في توطيد الأمل بالحق يهزم الظلم والإنسان السوي ينتصر على الشرير بشرا كان أو من غير البشر.

لكن في السابق كان هناك مجال لكل أنواع البطولة، خيالية كاملة أو واقعية أو ما بينهما من درجات. فجأة لم يعد واردا تقديم أبطال فعليين من الحياة الواقعية. لا يهم الشخص الذي يشبه أيا منا بل الشخص الذي لا يستطيع أيا منا الاحتذاء به. هو في نهاية مطافه ليس فقط أقوى من عدوّه، ولو بالقدر الذي سيسمح له في النهاية بقهره، بل أقوى من قدراتنا المتواضعة. وفي حين كان الواحد منّا يخرج من الفيلم وفي باله صورة ماثلة لهمفري بوغارت أو ألان لا أو روبرت ميتشوم في وضع يمكن تطبيقه على الأرض، بات من العبث على المرء أن يتصوّر، ولو على نحو ولادي، أنه يستطيع أن يحتذي بأحد هؤلاء الأبطال أو أن يقارع ما شاهده من بطولاتهم بخياله المحدود.

الشرق الأوسط في

29.04.2015

 
 

ألف قاهرة وقاهرة..؟!

د. أمــل الجمل

"عُد فوراً إلى الجحيم.. فقد أصبحت البلدة تسبب لك الحيرة، ولم تعد تميز بين الخير والشر." هكذا أمر الرئيس الأعلى العفريت الذي أرسله إلى القاهرة ذات يوم لينشر الفتنة بين الناس فانقلبت حياة العفريت رأسا على عقب

من تلك البداية الساخرة، ذات المغزى العميق، ينطلق فيلم "ألف قاهرة وقاهرة" وهو شريط وثائقي طويل - مدته 83 دقيقة – من إخراج ومونتاج السويسري جاك سيرون، والفيلم إنتاج سويسري مصري مشترك، ويُمثِّل الجانب المصري فيه شركة سمات

جذبني إلى مشاهدة الفيلم عنوانه؛ "ألف قاهرة وقاهرة"، وهو الذي عُرض خارج المسابقة الرسمية بمهرجان جنيف للفيلم الشرقي في دورته العاشرة، كما استولت عليّ الرغبة في أن أتأمل كيف يرى الغريب القاهرة، خصوصاً لو كان الغريب قادم من أجمل بقاع الأرض جنيف "عاصمة السلام". هل ينجح هذا الغريب في أن يتواصل مع جغرافية وتاريخ وطبيعة القاهرة الحالية الموسومة بالعشوائية وربما الجنون؟ هل بمقدوره أن يتحملها طويلاً بعد أن يستمتع بها كسائح لعدة أيام؟ إذن لعب الفضول دورا أساسياً في إصراري على المشاهدة، خصوصاً أن عين الغريب في كثير من الأحيان تكون قادرة على أن تلتقط الأشياء التي اعتدنا على رؤيتها، أو فقدنا الإحساس بها، حتى وكأننا لم نعد نراها، أو بمعنى أدق وكأنه لم يعد لها وجود، أو تكيفنا معها كأن وجودها صار أمر عادي، وليس مرض عُضال.

أما القاهرة، كما يراها هذا الغريب، فلها ألف حكاية وحكاية، أو كما يشير العنوان أنها ليست قاهرة واحدة ولكنها ألف يُضاف إليها واحد. يراها الغريب أيضاً كأنها أبجدية من دون ألف أو ياء، متاهة من ألف كتاب وكتاب. يعتبرها مدينة ليست فقط للغواية ولكنها تغزو بوحشية، تلك المدينة جعلته يتساءل: كيف يبقى الناس على قيد الحياة رغم كل هذا السرطان المستفحل في كل مكان؟ وما السر وراء الاعتقاد بالقدرة على مقاومة الغرق؟ بينما يرى هو أن التيار شديد، وأن مقاومة هذا الكابوس مستحيلة. لن يجد الغريب إجابة حاسمة، واضحة، مباشرة، لكن ربما من ثنايا التفاصيل يدرك المصري وحده سر هذا البقاء وتلك المقاومة.

على الرغم أن كُثر من الأجانب والغرباء نجحوا في التكيف مع تلك المدينة القاهرة، لكن الغريب القادم من عاصمة السلم بعد أن ظل أربعة أشهر ليستكمل فيلمه، فعلى ما يبدو أن مقاومته لم تحتمل، وانخفض معدل المناعة وهاجمه الاكتئاب، فحبس نفسه أياما واعتزل الناس قبل أن يقرر الرحيل، عازماً على عدم العودة، مؤكداً أنه لن يقدر أبدا على ترويض تلك المدينة، كما أنه لن يعتاد أبداً على الفوضى.

عين الكاميرا متربِّصة

يتميز الفيلم برصد أدق التفاصيل كأنه يمسح القاهرة ضوئياً، يقوم بعمل "سكاننج" لمبانيها وشوارعها وبيوتها وبلكوناتها، ونوافذها، والغسيل المنشور على الأحبال بأشكاله وألوانه والأحاسيس التي يغرسها إما بالخوف أو الموت أو البهجة في حالات نادرة. يُسجِّل لقطات للمدينة آناء الليل والنهار، للمدينة وهى تستيقظ بعد نوم عميق، للحظات هدوئها في الصباح الباكر، ثم والجنون يدب فيها رويداً رويدا. يحتفظ بلقطات لنساء ممتلئات من أعمار مختلفة تستقرّ فوق رؤوسهن أكياس ضخمة، ورجال يجرّون بسواعدهم عربات ثقيلة مُحمّلة بالبضاعة، وشباب يرفعون فوق أكتافهم الأحمال والكراتين الضخمة فيملؤون الكادر بالمعاناة والكد والشقاء. هناك لقطات كثيرة أخرى للناس يعبرون بين السيارات أو فوق الكباري والمواسير، ولقطات لناس آخرون ينتظرون أي لحظة مواتية لإلقاء أنفسهم بين الفراغات الضيقة للسيارات والشاحنات والدراجات البخارية حتى يعبروا إلى الجانب الآخر حيث جدار أو سور أو مواسير ضخمة تقسم الطريق. ستتنوع اللقطات، للبشر باختلاف هوياتهم الجنسية والنوعية بشتى مشاربهم، لأحذيتهم القديمة والجديدة، الطويلة منها والعريضة، المرتفعة قليلاً أو الزاحفة، للشباشب، والجوارب تحت الصنادل، للأقدام تسير في استسلام، في وهن، أو في حماس وعجلة. تكشف اللقطات لأناس القاهرة وكأنهم في سيرك كبير يسيرون فيه على حبل رفيع.

يرصد سيرون كل ما سبق وعشرات، بل مئات التفاصيل الأخرى، بعين متربصة، متيقظة على الدوام، من زوايا مختلفة، متنوعة، مفاجئة وغير متوقعة، لكنه مع ذلك ظل يُحافظ على جماليات خاصة لتكوين الكوادر، وللإيقاع المشوب بالحس الفني خصوصاً على وقع آلات موسيقية أفريقية هادئة تمنح المكان طابعاً مميزاً.

التنوع في الثبات

رغم ثبات وضعية الكاميرا وعدم تحركها أثناء اللقطة الواحدة لكن مواقعها تختلف باستمرار. أحياناً علوية جداً كأنها تستقر في الطائرة لتأخذ لقطة عامة للمكان فتظهر الأهرامات وما يحيطها وحتى العمارات الشاهقة على الجانب المعاكس من الطرف الآخر، ليضع التاريخ في مواجهة الحداثة بكل قبحها. أحياناً تهبط الكاميرا إلى مستوى البشر، أو تنخفض لتصبح تحت أقدامهم، أو تنغرس بينهم كأنها فرد منهم، أو تقف في طريقهم فترغمهم على تغيير المسار قليلاً وتلفت نظرهم إليها فينظرون في عدستها، وأحياناً أخرى تختبئ وتتوارى من دون أن تغفو عينها أبداً. لا يعتمد الفيلم على السرد الصوتي أو الراوي المسموع، يكتفي بالخلفية الصوتية للمكان، لأصوات الشوارع وما بها من أبواق السيارات وصوت أقدام الناس على الأرصفة، بالطبع إلى جانب الموسيقى الموظفة بشكل متناسق وكاشف للحالة التي يبثها فينا الفيلم. يستعين المخرج فقط بالتعليق المكتوب، والذي يتسم بالسخرية في بعض الحالات، والكوميديا السوداء في أحيان أخرى

في شريط "ألف قاهرة وقاهرة" لن يجد المصري شيئاً جديداً لم يعرفه عن مدينته المربكة المحيرة للعالم، لن يرى جديداً لم يره من قبل. إنها القاهرة التي يعرفها كل مصري ومصرية بأوجهها العديدة. كل ما في الأمر، أن المخرج وكاتب السيناريو – الغريب المندهش المرتبك - حاول تجميع الوجوه المختلفة والمتباينة سواء القبيحة والفقيرة والجميلة والبهية والمثيرة للجنون أحياناً، وأعاد بنائها، لسرد نتف من حكاياتها في شريط واحد موسوم بالهارمونية، وكأنه عمل سيمفوني مغاير تغلب عليه السخرية والدهشة.

الجزيرة الوثائقية في

29.04.2015

 
 

أفلام "ناقوس العمر".. موجة جديدة؟

منال الشيخ

يبدو أن العام 20، سينمائياً، كان العام الذي دقّ ناقوس العمر للممثلين، سواء في هوليوود أو غيرها. فبعد فيلم "Birdman" الذي تناول جزءًا من حياة الممثل مايكل كيتون وخفوت نجوميته، بعدما كان نجم شباك في سلسلة أفلام "باتمان"، إضافة إلى فيلم آخر مرّ مرور الكرام ولم يلتفت إليه الكثيرون هو فيلم The Humbling من بطولة آل باتشينو، ويتناول قصة حياة ممثل مسرحي كبير في السن أصبح غير قادر على التمثيل ومحاولتهِ اليائسة للإنتحار عدة مرات. ثم تورطهِ بعلاقة غير سوية مع فتاة شابة مثلية مشوشة تجاه علاقتها الجنسية، لينتهي به المطاف إلى الانتحار على خشبة المسرح ويختلط على الجمهور إن كان هذا عرضاً مسرحياً أم حقيقة فيما ينتهي المشهد بالتصفيق. بعد هذين الفيلمين اللذين تناولا الثيمة ذاتها، مع التباين الكبير في درجة الإبداع ومتعة المشاهدة وشد المشاهد الذي نجح فيه فيلم Birdman بشكل مذهل، يأتي فيلم "Clouds of Sils Maria" من تأليف وإخراج الفرنسي أوليفر أسايس، والذي أُفتتح مؤخراً في صالات الولايات المتحدة وقوبل بنقد متباين بين لاذع وإيجابي.

يحكي الفيلم حياة ممثلة المسرح ماريا (جولييت بينوش) التي أفل نجمها بسبب تقدمها في السن. يصادف أن تكون في موقف يُعرض عليها إداء دور لشخصية المرأة الأكبر سناً في المسرحية نفسها حيث قامت بدور الفتاة الشابة فيها قبل ربع قرن. هنا يبدأ الصراع في داخل الممثلة وهي في مواجهة تقبّل وضعها الحالي من عدمهِ، وكانت هذه المواجهة لن تكتمل إلا بوجود معادل شاب يكون أمامها دائماً كالمرآة متمثلاً في شخصية مساعدتها الشخصية فالنتاين (كريستين ستيوارد).

يبدأ الفيلم بستيوارد في رحلة قطار من باريس إلى زيورخ حيث تستعد "ماريا" لحضور مراسيم تكريم كاتب المسرحية واستلام جائزة بالنيابة عنه. لكن في الطريق، يتغير برنامج زيارتها بعد أن يصلها خبر وفاة الكاتب المسرحي. يتغير برنامجها من الاحتفاء بأعماله إلى تأبينهِ وقبول الجائزة عوضاً عنه. أثناء التكريم تلتقي ماريا بمخرج شاب بناء على طلبهِ ويعرض عليها دور "هيلينا"، وهو دور المرأة الأكبر سناً في المسرحية ذاتها. تتردد كثيراً في قبول الدور، فقد تعودت "ماريا" على دور "سيغريد" واشتهرت به ولم تستطع استيعاب العودة إلى المسرحية ذاتها في دور مغاير. تعتذر في البدء عن الدور وتُرجع اعتذارها للمخرج إلى سبب آخر لم يقنعهُ وهو التطيّر، إذ أن من قامت بدور "هلينيا" ماتت بعد سنة من العمل في المسرحية في حادث سيارة.

تبدأ مساعدتها الشابة "فال" في اقناعها بأن تقبل الدور وأن تتقبل نفسها وأدوارها المقبلة كما هي، لأنها لم تعد شابة مثل السابق وعليها التنازل عن بعض مطامحها بالأدوار الشابة. تمسّك "ماريا" بدور "سيغريد" الصغيرة لم يكن تمسكاً بدور فني بقدر ما كان رفضاً لواقع لا تريد الاستسلام له. الفيلم كعادة غالبية الأفلام الفرنسية، اعتمد على الحوار ولغة الجسد وأداء الممثلين بعيداً من التأثيرات التكنولوجية، لكن الحوار جاء ضعيفاً بعض الشيء مقارنة بحجم الفيلم ووقتهِ

الفراغ الذي اتسمت به معظم مشاهد الفيلم كان مؤهلاً لأن يكون أفضل من ذلك بكثير. جولييت بينوش، على خبرتها الواسعة باحتواء مثل هذه الأدوار، إلا أنها في مشاهد كثيرة كانت تجاهد أن تُبقي هذا التواصل بينها وبين "كريستين"، التي برعت هنا في أداء شخصيتها الحقيقة، فالنتاين. في لحظات كثيرة سيحس المشاهد أنه لا يستطيع أن يفصل بين شخصية فالنتاين وشخصية ستيوارد في الواقع، فقد بدتا الشخص نفسه. ظهرت كريستين في دور فتاة ذكية عملية غير مهتمة بمظهرها ومشغولة على الدوام بهاتفها الذكي وبتنظيم برنامج وجدول أعمال السيدة "ماريا".  بينما دورها في الحقيقة كان أكثر من مجرد مساعدة، فقد كانت مرآة السيدة الأربعينية بعين الناقد المُخْلص

على طول الفيلم هناك حوار متباين بين جيلين، جيل "ماريا" التي ما زالت لا تتقبل انكسارها أمام جور الزمن عليها، وكانت عادة ما تواجه هذا الإنكسار في داخلها بضحكات متواصلة لا مناسبة لها سوى محاولة منها لتغطية إحساسها الواضح بأن هذا لم يعد زمنها بل زمن الممثلة الشابة ذات التسعة عشر ربيعاً التي ستقوم بدور "سيغريد"، الفتاة المندفعة وغير المبالية وقليلة الخبرة والثقافة وفضائحها تملأ الانترنت، ما دفع "ماريا" إلى البحث عنها وعن خلفيتها بكل جدية عبر الانترنت ومتابعة حواراتها وحضور أحد أفلامها المستوحى من الخيال العلمي، لتتفهم شخصية المرأة التي ستواجهها على المسرح يوماً. وكما قالت كريستين ستيوارد في أحد حواراتها أن الفيلم عن امرأتين تجلسان في غرفة، في بيت منعزل يطل على طبيعة جبال الألب الأوروبية الخلابة، بعدما تركتهُ أرملة الكاتب المسرحي ليقيما فيه بحرية. امرأتان تتحدثان طوال الوقت عن شؤون نسائية ومشاكل المرأة وصراعاتها الداخلية والتلذذ بين الحين والآخر بتبادل الشراب والسجائر وأطراف النميمة في الوسط الفني مما كان يشبع بعض الفضول عند ماريا.

بعدما استطاعت أن تقنع ماريا بقبول الدور كانت فالنتاين تهيئ نفسها لقبول وظيفة جديدة في طوكيو، الأمر الذي أثار غضب وعاطفة ماريا، إذ تعودت أن ترى نفسها من خلال عيني فالنتاين.

في الجزء الأخير من الفيلم الذي قسمهُ المخرج إلى جزئين وخاتمة، تختفي فالنتاين عن حياة ماريا تماماً لتقف بمواجهة نفسها من جديد متمثلة بشخصية الممثلة جو-آن إليس (كلوي غرايس مورتيز)، حيث تقف الأخيرة لتُعْلِمها أن الجمهور ينتظر هذه المرة شيئاً مختلفاً وجديداً، بعدما نبهتها ماريا بلهجة المُعلم أن عليها أن تقوم ببعض التوقفات الطويلة والنظر نحوها أثناء المشهد. لكن الممثلة الشابة ترى شيئاً آخر، وتختم حوارها معها بابتسامة جاءت مثل تنبيه لها أن دور "سيغريد" الآن هو دور جو-آن وليس ماريا.

لم يُفهم كثيراً سعي المخرج حقيقةً في اعادة واطالة كثير من مشاهد الطبيعة، حيثُ بدت بعضها وكأنها جزء من تقرير عن الطبيعة على قناة ناشيونال جيوغرافيك. أما الموسيقى التصويرية المصاحبة فتذكركَ بسلسلة الوثائقي القديمة عن حدائق فرساي. حركة السُحب التي اتخذها كرمز على العلو والتلاشي في آن هي حياة النجمة التي علت بأدوار كثيرة وعلا معها الجمهور في ادائها وكلما ارتفعت كان حظ تلاشي حياتها كبيراً.

فيلم طويل فيهِ زوائد واضحة كان بمقدور المخرج أن يشذبها لصالح الفكرة. اضافة إلى مشاهد مقحمة لا ضرورة لها مثل المشهد الطويل لفيلم الخيال العلمي للممثلة الشابة، أو افتعال حوادث غير مقنعة حولها لاعطاء حجم أكبر لدورها في الفيلم هي ورفيقها. يبقى المشهد الأخير والصور المتداخلة بين طبقات الزجاج على المسرح اللحظة المفصلية التي أعادت تاريخ بينوش في التمكن من القبض أخيراً على نبض الفيلم كعادتها مع أفلامها السابقة. 

المدن الإلكترونية في

29.04.2015

 
 

جولة جديدة لفريق قديم في Furious 7

محمد حمدي – التقرير

سلسلة أفلام السيارات والإثارة التي بدأت في 2001 بفيلم متوسط التكلفة والأداء، واستطاع بمعجزة هوليوودية ما أن يتصدر الإيرادات آنذاك، ويستمر في اعتلاء شباك التذاكر حتى لحظة هذه السطور.. إنه سحر السيارات وما يمكن أن يفعله بالمشاهدين.

من تأليف كريس مورغان، وإخراج جيمس وان، بطولة فين ديزل وبول والكر ودوين جونسون وميشيل رودريغز وجوردانا بروستر وتيريس جيبسونولوداكريس وكورت راسل وجيسون ستاثام، نتابع عبر شاشات العرض السينمائي الجزء الأحدث والأخير من سلسلة أفلام الأكشن والإثارة ومغامرات السيارات، والمشهورة بتكلفة إنتاجها العالية، والأسماء الهامة لأبطالها.

جيمس وان مخرج الجزء السابع، هو مخرج شهير فيما يتعلق بأفلام الرعب، وكانت الاستعانة به من قبيل الصدف السعيدة للقائمين على الفيلم بعد الوفاة المفاجئة للبطل بول والكر، الذي توفي في حادث تصادم نتيجة  السرعة؛ ما أجبر المخرج على إعادة ابتكار مشاهد مُخلقة بالجرافيكس لوجه (والكر) أو الاستعانة بالدوبلير، ومن ثم إعادة بناء سيناريو الفيلم بما يتناسب مع المستجدات التي شهدتها الأحداث على أرض الواقع.

يمكن مشاهدة (الأنفوجرافك) التالي الذي يوضح الشخصيات ودورها في الفيلم.

يعرف المخرج جيدًا ما الذي يحبه المشاهدون في هذه السلسلة، مشاهد أكشن منفذة باحترافية عالية، سيارات تقفز من الطائرات لتهبط على الأرض بـ (الباراشوت) فقط لتشتبك مع شاحنات عملاقة، وسيارات أخرى تقفز من الأرض لتطارد الطائرات في الهواء، إنها السيارات عندما تُكسبها هوليوود القدرة على الطيران!

أيضًا، يعشق المشاهد هنا مشاهد الصراع اليدوي والقتال على الأرض؛ لذلك يتم الاستعانة بالنجم جيسون ستاتهام، وهو واحد من أشهر أبطال أفلام الأكشن ذات العلاقة بالسيارات، نشاهده في العديد من مشاهد الصراع اليدوي أو حتى الصراع باستخدام السلاح الناري، مع مشاهد افتتاحية للفيلم في دور مجرم محترف وضابط قوات خاصة سابق، يتعهد بالانتقام من فريق السيارات لعقابهم على إصابة شقيقه بالشلل.

“عندما كنت صغيرًا كنت تفتعل المشكلات مع أقوى الأولاد في الفصل، وتترك لي مهمة تسوية الأمر، ويبدو أنني سأقوم بهذا الدور من جديد اليوم يا أخي ديكارد شو – جيسون ستاتهام”.

الراحل في حادث مُفجع بول والكر، وصاحب نصيب الأسد من دموع الجالسين في قاعة العرض، ومن تم عرض الخمس دقائق الأخيرة من زمن الفيلم لتكريم ذكراه، وإهداء الفيلم لروحه، كان له نصيب الأسد في الأحداث أيضًا، وحمل كل مشهد له ذكرى في نفوسنا كمشاهدين.

المصارع المحترف دواين جونسون، ظهر في بعض المشاهد المحدودة، وتحالف دوره مع العديد من المغالطات فيما يتعلق بالسيناريو، وأثارت مشاهد دخوله الأحداث في اللحظات الأخيرة كمنقذ للفريق، استياء المشاهدين لأن علاقتها بسيناريو الأحداث كان ضعيفًا ومقحمًا على الأحداث، لكنّ أداءه لمشاهد الحركة في بداية الفيلم كانت متميزة وتستحق الاهتمام، وتنصب في النهاية في إجمالي أعماله كمصارع متخصص في تنفيذ مشاهد الحركة.

المشاهد التي تم تصويرها في دبي لم تكن بالقوة التي كنا نتوقعها، ويجب هنا أن نعقد مقارنة بين فيلم آخر جرى تصوير قطاع كبير من أحداثه في دبي، وهو فيلم Mission Impossible 2011، والذي استطاع استغلال التصوير في الدولة العربية لإظهار الطبيعة واستغلال الديكورات للحد الأقصى للخروج بمشاهد حركة متميزة، وتغييرات جذرية في السيناريو.

أما Fast and Furious 7، فلم يستطع تقديم نفس التحول في السيناريو، فظهرت مشاهد دبي وكأنما تم تصويرها في ستوديوهات هوليوود! بداية من إظهار المساحات الصفراء الصحراوية، والمشاهد التقليدية للجمال والبدو، ومن ثم الراقصات والاستعراضات العربية التي جاءت ضعيفة، اللهم إلا مشهد الطيران بين الأبراج باستخدام السيارة، وهي المشاهد الأكثر شهرة وانتشارًا في السلسلة بالكامل، وجاء تنفيذ هذه المشاهد قويًا ومؤثرًا.

وللحديث عن الإثارة والحركة، يجب أن نتعرض لكمية السيارات الحديثة التي تم تدميرها بالكامل، وتعجبنا من تحول السلسلة من فيلم وحيد متوسط الميزانية إلى سلسلة كاملة يتم تحطيم أفخر السيارات بها، المشاهد التي كادت تنتزع المشاهدين انتزاعًا من مقاعدهم وهم يتحسرون على قيمة السيارات التي تتحطم إما انفجارًا أو سقوطًا من أعلى مبنى في دبي، أو حتى في تصادم مع سيارة أخرى.

ومع النجاح الذي حققه آخر أجزاء السلسلة، نتوقع إنتاج جزء جديد في القريب العاجل، لا نعلم كيف سيتم إحلال بول والكر على صعيد السيناريو، لكن كلنا ثقة في قدرة هوليوود بإمكاناتها الجبارة على التصرف لتجاوز الأزمة؛ ليستمتع محبو السيارات بجولة جديدة.. ومغامرة جديدة.

التقرير الإلكترونية في

29.04.2015

 
 

هل "الأصدقاء الطيبون" أفضل فيلم عن العصابات حتى الآن؟

توم بروك - كاتب سينمائي

عُرض فيلم الإثارة "الأصدقاء الطيبون" للمخرج مارتن سكورسيزي لأول مرة قبل 25 عاماً. وبالنسبة للكثيرين، يُعتبر الفيلم أعظم تصوير لحياة الأشقياء على الشاشة، كما يقول الناقد السينمائي توم بروك.

يكثر المديح عندما يتناقش الناس حول فيلم "الأصدقاء الطيبون" عام 1990 حول حياة العصابات لمخرجه مارتن سكورسيزي.

وكتب الناقد روجر إيبرتآخر عرض نقدي للفيلم، وجاء فيه: "لم يُنتج أدق منه على الإطلاق حول الجريمة المنظمة".

أما فنسنت كانبي فقد كتب في عرضه للفيلم في "صحيفة نيويورك تايمز" يقول: "إنه فيلم رائع يحبس الأنفاس".

لم يكن ذلك رد الفعل الأولي عند عرض الفيلم على مشاهدين في الاستوديو لاستطلاع آرائهم. كانت استجاباتهم تنذر بالسوء: فقد ذكرت تقارير أن البعض تركوا مقاعدهم، وأن المشاهدين انفعلوا كثيراً أثناء مشاهد أحداث مروّعة عن واقع حياة أشقياء يعيشون في نيويورك. بالرغم من هذه المخاوف المبكرة، تقدم فيلم "الأصدقاء الطيبون" في مسيرته نحو النجاح.

وحاز الفيلم على إشادة على نطاق واسع من قبل النقّاد، وحقق نجاحا كبيرا في شباك التذاكر. كما رُشِّح لست جوائز أوسكار. وبعد 25 سنة، فإن الاعتراف به كفيلم كلاسيكي يكاد يكون عالمياً.

في 25 من أبريل/نيسان، أقيم عرض خاص لفيلم "الأصدقاء الطيبون" في مهرجان "تريبيكا السينمائي" وجمع شمل طاقم الممثلين الأصليين ليختتم المهرجان 11 يوماً من الاحتفال بالسينما في نيويورك.

"الأصدقاء الطيبون" مقتبس من رواية بعنوان "الرجل الحكيم"، وهي الأكثر مبيعاً في عام 1986 للمؤلف وكاتب السيناريو نيكولاس بيلاجي. الأداء المذهل للممثل راي ليوتّا هو محور الفيلم، والذي يلعب دور الشاب الشقيّ "هنري هيلّ".

ويحكي الفيلم كيفية دخول هيل، الذي وافته المنيّة عام 2012، عالم الجريمة المنظّمة وهو صبي. ثم ازداد تورطه مع عصابات المافيا بمجموعة من الأنشطة التي شملت السلب والنهب، وبيع بضائع مسروقة، والإقراض بفوائد فاحشة، والاختطاف، وإحراق الممتلكات عمداً، وتجارة المخدرات.

انتهى المطاف بـ هيلّ ليعمل مخبراً لصالح "مكتب التحقيقات الفيدرالي" (إف بي آي) ودخل ضمن برنامج لحماية الشهود بالولايات المتحدة.

لكن جميع الممثلين الرئيسيين في الفيلم أدّوا أدوارهم بشكل رائع كأفراد عصابة، مثل الممثلة لورين براكو، التي مثلت دور زوجة هنري هيل، وروبرت دي نيرو، وجو بيسكي، و بول سورفينو.

الحقيقة المرّة

كان لفيلم "الأصدقاء الطيبون" وقع مؤثر لأنه صوّر قساوة حياة الأشقياء بشكل مختلف تماماً عن أفلام المافيا التي سبقته.

يكتب جيري كابيسي عموداً صحفيا كل أسبوع عن الأشقياء عنوانه "أخبار عالم العصابات".

ويقول كابيسي: "أظهر لنا فيلم (العرّاب) رجال العصابات وكأنهم ذوو خيال شاعري، يقتلون فقط لأسباب تتعلق بالسمعة والشرف. إلا أن فيلم (الأصدقاء الطيبون) أظهرهم على حقيقتهم: يتسمون بالعنف، وهم قتلة لا يبالون بالقضاء على أحد بدون تردد، ويطلقون النار على ساق أحد الأشخاص لمجرد أن يستمتعوا برؤيته يرقص مترنحاً".

إضافة إلى ذلك، أعطانا ذلك الفيلم صورة دقيقة عما كان يجري في عالم الجريمة في ثمانينيات القرن المنصرم.

يقول روبرت كاسيلّو،مؤلف كتاب "كاهن العصابات: السينما الإيطالية الأمريكية لمارتن سكورسيزي، إن الفيلم "يستجيب لسلسلة مخبرين عانت منهم عصابات المافيا في ثمانينيات القرن الماضي، مما أدى إلى القضاء على عدة عوائل منها. كما عكس الفيلم الاستعداد المتزايد لعوائل المافيا لتضغط على زناد بنادقها عند أقل استفزاز يواجههم دون الاهتمام بالعواقب".

إن أصالة الشخصيات والسرد القصصي تعكسان عاملين رائعين في ذلك الفيلم. وللفيلم أسلوب يشبه الأفلام الوثائقية، حيث كان صُناعه يتحققون من الأحداث الحقيقية أثناء تصوير الفيلم.

يتذكر روبرت دي نيرو كيف كان على اتصال مستمر بالشخصية الحقيقية التي كانت محور الفيلم (هنري هيلّ) أثناء التصوير ليتأكد من صحة ما يجري تمثيله.

وأضاف: "كنت اتصل بهنري هيلّ مرة كل يومين وأتأكد منه. كنت فقط أقول، (أريد التحدث مع هنري)، وكانوا يبحثون عنه أينما وجد. كان وقتئذ ضمن برنامجٍ لحماية الشهود".

لم يبدو فيلم "الأصدقاء الطيبون" أصيلاً فقط. بالنسبة لأولئك الذين عاشوا حياة عائلات المافيا، فقد كان فيه شعور واضح بالواقع.

كان لوركان أوتوَي، المؤسس المشارك لـ"متحف عالم الجريمة الأمريكية بمدينة نيويورك"، قد استضاف عرضاً لفيلم "الأصدقاء الطيبون" في الذكرى العشرين له عام 2010، حيث حضره "هنري هيلّ" بنفسه. ويستذكر لوركان ذلك قائلاً: "كان هنري يحب ذلك الفيلم".

ربما كان للفيلم وقع كبير وشخصي؛ إذ يتذكر لوركان كيف كان هيلّ متململاً وهو يشاهد الفليم. ويقول: "كان هنري شخصاً نشطاً بشكل غير طبيعي. وكان ذلك، نوعاً ما هو جوهر العلة فيه. فقد كان يخطو بسرعة جيئة وذهاباً طيلة مشاهدة الفيلم. كان يذهب إلى مقدمة قاعة العرض ليرى وجوه المشاهدين، ثم ينتقل إلى حجرات العرض الخاصة ليشاهد الفيلم بنفسه."

"عضو كامل في المافيا"

بالنسبة للعديد من المغرمين بالسينما، يمثل "الأصدقاء الطيبون" أروع أوقات "سكورسيزي" كمخرج سينمائي – وخاصة عبر أسلوبه بمزاوجة المشاهد مع موسيقى البوب والروك المميزة، لإثارة ردود فعل قوية في نفوس المشاهدين.

ويعود الفضل الأكبر في معاونة "سكورسيزي" لسنين طويلة لـ ثيلما سكوونميكر، التي قامت بتقطيع وتجميع مشاهد الفيلم.

شاهد غاري سوزمان، كاتب العمود الصحفي المعنون "موفي-فون"، الفيلم لما يقرب من 20 مرة، ثم كتب "يشدّ الفيلم جُلّ انتباهك إليه منذ اللحظات الأولى، ولا يدعك تنال قسطك من الراحة لساعتين ونصف تقريباً".

وقال سوزمان "من دواعي السرور أن تكون تحت يديّ صانع أفلام قدّم أجود ما لديه. القصة نفسها كانت مسلّية أيضاً، إلا أن مصاحبة هؤلاء المجانين كانت رائعة حقاً".

لم ينشر "سكورسيزي" بشكل مجرد تقنيات متباهية، بعيدة كل البعد عن السرد القصصي.

أحد الأمثلة على ذلك هي اللقطة الأسطورية للفيلم التي تتابع فيها الكاميرا "راي ليوتّا" وهو يصطحب معه "لورين براكو" عند دخولهما نادي "كوباكابانا" الليلي في نيويورك.

وقال سوزمان معلقا: "لعل تلك اللقطة، وهما يدخلان ’كوباكابانا‘، هي أشهر اللقطات المتابِعة في السينما المعاصرة. إنها تستمر لثلاث دقائق، تقريباً نفس المدة التي تستغرقها أغنية (ثم قبّلني) لفرقة (ذا كريستالز). خلال تلك الدقائق الثلاث، تبين لك المشاهد عالماً كاملاً من الامتيازات، والمكافآت، والعلاقات، والسطوة".

كان "الأصدقاء الطيبون" تصويراً صارخاً لامتيازات عصابات المافيا ونفوذها، ولكنه في نفس الوقت كان فيلماً يعكس القوى الاجتماعية والثقافية الطليقة على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأمريكية وقتذاك.

بالنسبة لـ كاسيلّو، استولت الروح الاستهلاكية والرغبة على شخصية هيلّ في ذلك الفيلم. يقول كاسيلّو: "ليس ذلك إلا مجرد تجسيد مضخّم ومنحرف عن ميزات مماثلة كانت سائدة في أمريكا، ولكن تم نقلها إلى مستوى البشاعة والوحشية".

جنة العصابات

نظراً لإمكانيات وقدرات فيلم "الأصدقاء الطيبون"، لم يكن مستغرباً أن نجده قد ترك إرثاً مستمرا. نجد ذلك واضحاً سواء كان في السينما أم التلفزيون.

ويقول سوزمان: "أستطيع القول إن فيلم (الأصدقاء الطيبون) أدخل للسينما فكرة شخصية الشقيّ الثرثار. اعتدنا على الظنّ بأن أفراد عصابات المافيا يعملون حسب دستور خاص بهم يدعى (أومِرتا)، بالتزام الصمت حيال ما يقومون به. هنا، نرى شقيّاً لا يسكت".

ونحصل من هذا، كما يقول: "على أشقياء يحملون مسدسات وهم يمزحون، ويتفلسفون" في أفلام لاحقة.

شوهدت هذه الظاهرة في أفلام "كوينتين ترانتينو" الأولى، كما في أفلام مثل "المشتبه بهم المعتادين". وفي مسلسل "السوبرانو" التلفزيوني على قناة "هوم بوكس أوفيس"، نجد رجال العصابات الذين لا يتوقفون عن الثرثرة مدينين بقوة لفيلم "الأصدقاء الطيبون".

في الحقيقة، انتهى الأمر بوجود بفرقة كاملة من ممثلي الفيلم للعب أدوار أخرى في مسلسل "السوبرانو".

في مهرجان "تريبيكا" الأخير، اجتمع المعجبون ليشاهدوا فيلم المخرج سكورسيزي – وبالنسبة للكثير منهم، يعتبر ذلك تقريباً أفضل فيلم يصور حياة أشقياء نيويورك.

وقال روبرت دي نيرو: "لن يمكنني أن أقول أبداً ’إنه فيلم كلاسيكي‘". قالها وهو يستذكر ما كان يراوده عند قيامه بدوره في فيلم "الأصدقاء الطيبون".

وأضاف: "عند نهايته، لا تعرف كيف سيقابل الفيلم. أعلم أنه سيكون شيئاً مميزا بالنسبة لـ مارتي (سكورسيزي)، لأنه بالطبع من أخرجه".

بعد انقضاء 25 سنة، يعد فيلم "الأصدقاء الطيبون" أكثر من مجرد فيلم مميز. إنه تحفة فنية حقيقية من بين أفضل أفلام تسعينيات القرن الماضي، وربما أفضل الأفلام التي أخرجها "مارتن سكورسيزي" على الإطلاق.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture.

الـ BBC العربية في

29.04.2015

 
 

فنانون يطلقون حملة لحماية صناعة السينما ويؤكدون:

لن نتركها لمصير «إيطاليا وفرنسا»

كتبت_ آية رفعت

نشبت خلافات كبيرة بين أعضاء غرفة صناعة السينما وبعض الموزعين وأصحاب دور العرض التى تقدم أعمالاً أجنبية حول زيادة عدد نسخ الفيلم المستورد بحيث يتم استيراد 10 نسخ للفيلم الواحد كحد أقصى، وهو ما يرفضه عدد من الموزعين وقدموا طلبا رسميا لمجلس إدارة الغرفة بضرورة تغيير القوانين نظرًا لرغبة المستثمرين الذين أتوا لمصر لبناء سينمات تحتوى على قاعات كبرى ويحتاجون لأفلام لعرضها بدلاً من قلة عدد الانتاج المصرى بالسينمات.. وقد قوبل طلبهم بالرفض فى اجتماع مجلس الإدارة الذى أقيم منذ أيام والذى قال عنه المنتج هشام عبد الخالق انه لن يكون الأول ولا الأخير فى هذه الحملة كما أسماها، فقال عبد الخالق إنه يترأس مع المنتجين المصريين حملة لرفض طمث وهدم صناعة السينما المصرية مؤكدًا أن فكرة زيادة استيراد الفيلم الأجنبى سوف تؤثر سلبا على الفيلم المصرى فيلجأ صاحب دور عرض إلى الأفلام الأمريكية التى يحصل منها على إيرادات تفوق نظيرتها المصرية مما يهدد الانتاج المصرى بشكل عام.

وعن كواليس القضية قال عبد الخالق: «تقدم إلينا كل من إسعاد يونس وجابى خورى بطلب لزيادة عدد النسخ الخاصة بالفيلم الأجنبى وقد حضرا للاجتماع وفوجئنا بتوافق عدد من المنتجين معهما ومنهما محمد حفظى وشريف مندور الذى فوجئت بتأييده لهما رغم انه من أكثر الناس رغبة فى الحفاظ على سوق الفيلم المصرى.

وقد حضر الاجتماع معهم عدد من أصحاب دور العرض الذين يعانون من قلة وجود الأفلام المصرية ويطالبون بزيادة عدد الأجنبي. وقد كان ردنا عليها بالرفض وحدث صراع كبير بيننا ففكرة زيادة العدد كانت مطروحة منذ افتتاح المولات الكبرى التى تعتمد على فتح قاعات عرض لجر الزبائن للمول وهى تعتبر فكرة تجارية ودعائية قديمة ومنذ عام 2005 وقد تم زيادة نسخ عرض الأفلام الأجنبية بسبب الموالات بعدما كانت 6 فقط حتى وصلت إلى 10 نسخ. ولا يمكننا تغيير القانون وفقا للسوق، فالمفروض أن المستثمر الأجنبى عندما يأتى لبناء دور عرض بمصر يعرف جيدًا قوانين الدولة والتوزيع العربى والأجنبى بها ويقوم بدراسة جدوى كبيرة قبل وضع نقودهم فى أى مشروع ضخم مما يجعل من غيرالمنطقى فكرة إغلاق السينمات لعدم وجود افلام للعرض بها».

وأضاف عبد الخالق أنه فوجئ بأحد أصحاب دور العرض فى الاجتماع يقول له إنه يحتاج لنسخ من فيلم أجنبى شهير لعرضه بدلاً من الأفلام المصرية القديمة حيث إنه يمتلك 4 قاعات عرض وبها فيلمان فقط مما تم طرحه بموسم شم النسيم الماضى، وعندما طالبه بعرض باقى الأفلام المصرية قال له إنها لا تأتى بإيرادات وأنه يريد فيلم «fast and furious» لانه ناجح ولكنه لم يجد له نسخة.

وقد أكد عبد الخالق أن استسهال الموزعين وأصحاب دور العرض جعلهم يقبلون على التوزيع بدلاً من الانتاج وهذا ما يحدث مع يونس وخورى مما يشكل خطرًا إذا تم السماح لزيادة عدد الأعمال الأجنبية بحيث يقتحم الفيلم الأمريكى السوق المصرية وتتوقف عجلة الصناعة مثلما حدث فى فرنسا وإيطاليا وأمريكا حيث يشكل الفيلم الأمريكى نسبة 87% من دور العرض فى كل عام، وأضاف عبد الخالق قائلاً: «سنستمر فى الحملة ضد زيادة عدد النسخ ورفضنا كل الحجج بحيث يقولون إن زيادة الفيلم الأجنبى يساعد عمل السينمات بالمحافظات، وفكرة تحديث دور العرض هناك قائمة ولكن لاستضافة الفيلم المصرى ليس الأجنبى، والقانون يمنحهم استيراد 300 فيلم فى السنة وهى نسبة كبيرة جدا ولأنهم يستوردون 150 فقط منها 30 فقط يحمل الـ10 نسخ والباقى 3 أو 5 وعندما تمت مواجهتهم قالوا إن الأفلام الأخرى غير مجدية ولا تحقق إيرادات.

وقد حددنا اجتماعا آخر يوم الاحد المقبل بحيث سنجتمع مع الموزعين الاجانب لنسمع ردهم ولو اننا نعلم جيدا رغبتهم فى تحقيق الإيرادات. وقد تلقينا خطابات من وزير الثقافة والنقابتين السينمائيين والممثلين تؤكدان رفضهما لزيادة النسخ».

ومن جانبه قال د.سمير فرج أحد اعضاء الغرفة إنه رفض هذا الاقتراح بشكل كامل خاصة أنه يعتبر حكما بالاعدام على السينما المصرية مؤكدًا ان من يطالبون بهذا القرار هم فى الأصل موزعون ويريدون أن يحققوا المكاسب الشخصية فقط دون النظر لمصلحة الفن بشكل عام، وأضاف أنه لن يقبل بانهيار الفيلم المصرى من أجل زيادة دور العرض ويجب على الموزعين والمنتجين دعم المصريين للعودة لمكانتهم الفنية مرة أخرى بدلاً من استبدالهم بأعمال أجنبية.

ومن جانبه أكد أنطوان زند رئيس شركة يونايتد بيكتشرز موشن وأحد الموزعين للأفلام الأجنبية أن زيادة عدد النسخ تساعد على انتشار السينما والفن بالمحافظات بدلاً من إغلاق عدد كبير من السينمات بسبب عدم حصولها على إيرادات من الأفلام المصرية مؤكدًا أنه كموزع يقوم بإرسال العشر نسخ الخاصة بالفيلم للسينمات الكبرى فقط التى تحقق له الربح بينما دور العرض الأخرى تظل مظلومة بسبب عدم وجود نسخ لها والفيلم المصرى لا يستطيع ان يغطى كل السينمات. وقال زند: «نحن بالفيلم الأجنبى نحمى الصناعة لان صناعة السينما ليست فقط انتاجا بل توزيع ودور عرض ومعدات وكل هذه الامور التى لا يتم النظر إليها وانهيار دور العرض يسبب أزمة فى الصناعة أكثر من الانتاج فيجب عليهم إعادة النظر فى القرار للتوصل لشكل نهائى لإعادة بناء الفن المصرى.

روز اليوسف اليومية في

29.04.2015

 
 

فوز «روبرت ريدفورد» بجائزة شابلن عن مجمل أعماله

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

ضم الممثل الأمريكي الكبير روبرت ريدفورد، جائزة شابلن المقدمة من جمعية الأفلام في مركز لينكولن إلى قائمة الجوائز التي فاز بها عن مجمل أعماله أمام الكاميرا وخلفها.

وقال نجم هوليوود البالغ من العمر 78 عاما، إنه ما زال يستمتع بالتمثيل بعد أكثر من 50 عاما من بدء مسيرته السينمائية الحافلة.

وقدم ريدفورد أدوارا في أفلام مثل (باتش كاسيدي اند ذا صندانس كيدButch Cassidy and the Sundance Kid ) و(اوت اوف افريكا Out of Africa ) و(أول ذا برزيدنتس مين  All the President’s Men) وبدأ العمل في السينما في أوائل الستينيات من القرن العشرين وقام بالتمثيل والإخراج والإنتاج.

وأسس معهد صندانس لمساعدة صناع السينما الشبان بعد ذلك بعشرين سنة. ويعتبر مهرجان صندانس السينمائي بولاية يوتا أكبر مهرجان مستقل للسينما في الولايات المتحدة.

وقال ريدفورد من على السجادة الحمراء قبل حفل تسليم الجائزة يوم الإثنين “إنه مجال مبدع، كالفن والرسم والموسيقى، إن الإبداع يمكن أن يتم بشتى الطرق، لذا فعندما تقدمه في شكل فيلم فهذا شكل آخر من التعبير وشيء رائع، لأنه يترجم ما تريد على نحو جيد جدا فالكثيرون يشاهدون العمل إذا كنت محظوظا”.

وتم تكريم ريدفورد من قبل في حفل الأوسكار بجائزة شرفية إلى جانب جوائز جولدن جلوب وبافتا.

وقدمت المغنية الأمريكية الشهيرة باربرا سترايسند الجائزة لريدفورد في الحفل الذي أقيم في نيويورك وحضرته النجمة جين فوندا.

وقال ريدفورد «كانت (الجائزة) غير متوقعة مما يكسبها خصوصية إضافية».

وأقامت جمعية الأفلام حفلها السنوي للمرة الأولى عام 1972 لتكريم الممثل شارلي شابلن المولود في بريطانيا والذي اشتهر في الولايات المتحدة لكنه كان يعيش في المنفى بأوربا بسبب خلافه مع السلطات الأمريكية لأسباب أهمها آراؤه السياسية.

وحملت الجائزة منذ ذلك الحين اسم شابلن ومنحت لأسماء كبيرة في هوليوود مثل النجمين سيدني بواتييه وتوم هانكس والمخرج مارتن سكورسيزي والمخرج والممثل كلينت ايستوود.

سينماتوغراف في

29.04.2015

 
 

رقيب أردوغان يطفئ شعلة للفن السابع

«إسطنبول السينمائى».. فى ظلال الاستبداد

رسالة إسطنبول من : سيد عبد المجيد

كان واضحا أن ثمة غيوما اطلت على مهرجان إسطنبول السينمائى هذا العام ، صحيح دخلت إحدى قاعات المركز الثقافى الفرنسى الكائن بشارع استقلال الشهير بميدان تقسيم ، ضمن دور العرض التى استضافت أفلام الدورة الرابعة والثلاثين للمهرجان .

لكن فى المقابل حجبت أكثر من شاشة لدواعى ضغط النفقات ، ولم يكن تفسير الأمر عسيرا ، فرغم الجهود التى يبذلها القائمون على «وقف الفنون» الذى يشرف على الحدث الفنى الأهم فى عموم الأناضول ، بإبتكار آليات وطرائق لإضافة موارد للفاعليات التى تمتد لأسبوعين وفى نفس الوقت تتجنب المساس بقدر الإمكان بقيمة تذاكر المشاهدة حتى لا يحد من إقبال عشاق الفن السابع وهم للإنصاف كثر ويزدادون عاما بعد آخر ، إلا أن تهاوى «الليرة» العملة الوطنية أمام الدولار لاشك أنه أضاف أعباءا جمة لم تكن متوقعة .

لكن يبدو أن هذا لم يكن سوى جانب واحد فقط أخفى جوانب اخرى شديدة التعقيد، فالمهيمنون على السلطة ، التى يحكمها حزب العدالة والتنمية منفردا منذ ثلاثة عشرة سنة، بدت نظرتهم لكل أشكال الفن والفكر، يشوبها غموض رغم إدعائهم  باحترامهم للإبداع والمبدعين كافة ، غير أن هذا لا يعدو كونه شكلا فقط أمام الكاميرات ، بيد أن الجوهر شديد الإنغلاق والسلطوية ، يتربص وبإصرار لكل من لهم رؤية مغايرة ، من بين هؤلاء نورى بلجى جيلان فرغم أن الأخير حصد لبلاده أربع جوائز من مهرجان كان ، آخرها  السعفة الكبرى لفيلمه «الشتاء النائم» العام الماضى إضافة إلى منافسته على جائزة أحسن أوسكار لعمل أجنبى ، إلا أنه نادرا ما يطل على شاشات  الفضائيات الرئيسية ، لأنه ببساطة مغضوب عليه عقابا له لانتقاداته المستمرة ووصفه للنظام بالديكتاتوري.

واردوغان نفسه دائما ما تفضحه آراؤه حينما يتصدى لاشكال التعبير والتى لا يطيقها طالما لا تمدحه وتغدق بالثناء عليه وبطبيعة الحال انتقل هذا الفيروس المعادى إلى بصاصينه واعلامه مرئى ومقروء الذين باتوا على قناعة أن مجمل النقاشات الفكرية بما فيها التى تحدث خلال ليالى المهرجان ما هى إلا تحريض على الدولة ورموزها  وتحريضات ضدهم ، وهذا قد لا يكون صحيحا، فالاحاديث التى تدور عقب العروض غالبا ما تنصب على مضمون الشرائط المشاركة ويصادف أنها قد تتصدى إلى قضايا الفساد وغياب  الديمقراطية، وهو ما يتم تأويله من قبل مداحى النظام الاردوغانى على أنه إنتقادات لاهل الحكم ، فتبا لهم إذن ولابد من وقفه حاسمة.

وهكذا اتخذ القرار فقط كان انتظار القشة التى من خلالها سيكون الانقضاض على المهرجان ، وفى سابقة شاذة ومع مستهل الاسبوع الثانى من أيامه، دخل الرقيب بمقصه ومنع فيلم »الشمال» لمخرجيه تشايان ديميريل وآرطغرول مافى أوغلو ، بحجة أنه لم يحصل على ترخيص، وكان هذا كفيلا بإحداث زلزال أفقد الإحتفالية رونقها ، خاصة وان الحجب جاء قبل ساعات ثلاث من التنويه بعرضه وهو ما أربك جدول الافلام ، إضافة إلى ذلك أن الفيلم كان واحدا من ثلاثة أعمال ستعرض خارج المسابقة الدولية ، وهو ما جعل عزيزة تان مديرة المهرجان أن تصف الحاصل بالتعسف وبالتوازى اعلن الاتحاد الدولى للنقاد  السينمائيين  إلغاء مشاركته فى لجنة التحكيم وانتهى المهرجان دون حفل ختامي.

وكان يفترض أن يكون إهتمام ميديا الخارج منصبا على الافكار والمضامين التى حملتها الشرائط السينمائية  إلا أن وقائع التدخل الحكومى الفج بات هو العنوان الرئيسى لها ، وإستشرافا للغد طرحت علامات إستفهام حول مستقبل المهرجان وهل يمكن أن يستمر فى ظل استبداد العدالة والتنمية؟

ذكرى تحرير سيناء.. وأفلام البطولات

محمد مختار أبو دياب

تحتفل مصر هذه الأيام بعيد تحرير سيناء الذى استردت خلاله أرض سيناء بالكامل بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها

،باستثناء مدينة طابا التى استردت لاحقا بالتحكيم الدولى فى عام 1989، ومع الاحتفال يعود التساؤل عن السبب الحقيقى فى قله عدد الأفلام التى تم إنتاجها بالرغم من أهمية الحدث الذى كشف عن بطولة الجيش المصرى الذى هزم إسرائيل فى 6 ساعات وحطم أسطورة الجيش الذى لا يقهر، ومتى يتم إنتاج أفلام تعبر عن هذا الحدث الكبير وتكشف عن بطولات الجيش المصرى التى أذهلت العالم ؟ وتعلم الأجيال الجديدة معنى الانتماء والوطنية الأهرام حرصت على مشاركة الشعب الاحتفال ومناقشة القضية مع عدد من صناع السينما.

تكاليف باهظة

فى البداية أكد المخرج محمد راضى أن انتاج الأفلام الحربية يحتاج لتكاليف باهظة جدا يفوق قدرات بعض المنتجين الذين يتمتعون بحس وطنى عال تجاه بلدهم ولديهم إصرار كبير على تقديم أعمال سينمائية تعبر عن بطولات الجيش المصرى خلال الحروب التى خاضها وأبرزها حرب أكتوبر المجيدة، مشيرا إلى أن قدرات هولاء المنتجين ضعيفة ولا تساعدهم على انتاج مثل هذه الأفلام ، أضف إلى ذلك أن العائد المادى لها يكون محدودا لذلك فالمطلوب من الدولة متمثلة فى وزارات الثقافة والشباب والتربية والتعليم والتعليم العالى .. إلخ المساهمة فى انتاج مثل هذه الافلام المهمة والتى تساهم بشكل كبير فى تشكيل وجدان الشعب المصرى، وأشاد راضى بقرار إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة بتقديم الدعم والمساعدة لأى منتج يتقدم لها بمشروع إنتاج فيلم وطنى عن حرب أكتوبر حيث تساهم بالمعدات والذخائر المطلوبة حتى يظهر الفيلم بصورة مشرفة كفن سينمائى معبر عن هذه الملاحم البطولية فى تاريخ الشعب المصرى وأوضح راضى قائلالقد تحملت مسئولية إنتاج عدد من الأفلام الهامة التى تكشف الملاحم البطولية للجندى المصرى ومنها فيلما«أبناء الصمت» و«العمر لحظة» بالإضافة لحائط البطولات والذى سوف يعرض قريبا بدور العرض، كما أنتجت فيلم «فتاة من إسرائيل» من اخراج ايهاب راضى وهو فيلم ضد التطبيع مع الكيان الصهيونى ويكشف خطايا اسرائيل والمجازر التى ارتكبتها فى حق الشعبين المصرى والفلسطينى وأردف قائلا أقوم حاليا بالتجهيز لفيلمين هما المحارب الاخير من اخراج ايهاب راضى حيث يتم حاليا الاعداد للتصوير واختيار الأبطال ، والفيلم الثانى هو أيام المجد من انتاج الدكتور عادل حسنى وسيناريو وحوار الكاتب الكبير مجيد طوبيا ومن اخراجى والجيش سيقوم بإمدادنا بجميع المعدات العسكرية حتى يخرج الفيلمان بصورة مشرفة تعبر عن البطولات المصرية

تراكم الخبرة والموهوبين

واكد الفنان الكبير محمود ياسين أن كل زمن له معايير وحسابات تصنعها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولا يوجد نشاط انسانى وسينمائى يلمع ويتطور مالم يوجد فى ذات الوقت مناخ يساهم فى تطوير نشاط صناعة كبيرة مثل صناعة السينما، وأضاف ياسين أن مثل هذه الأعمال تحتاج لتراكم خبراتى كبير وموهوبين ومتخصصين فى كافة مجالات العمل من تصوير وتمثيل وإخراج وديكور وعندما نتحدث عن مصر التى يوجد بها أكاديميات فريدة ومتميزة تقدم نشاطات مختلفة مثل المعهد العالى للمسرح والمعهد العالى للسينما والذين تخرج منهما مجموعة متميزة فى كل عناصر الابداع، فنحن نتحدث عن الدولة التى تمتلك كل المقدرات من استديوهات وامكانات تستطيع من خلالها دعم هذه الافلام بشكل جيد ، والحقيقة أنه كان هناك زمن الصناعة لها محدوديتها فكنا نتحدث عن عدد ما يمكن انجازه من أفلام وطنية وهذه الصناعة عانت كثيرا خاصة فى الزمن الحالى لأن الدولة أصبحت غير مسئولة عن هذه الصناعة وأصبح السوق هو الذى يتحكم فيها، وعلى سبيل المثال فى حرب الاستنزاف كان لدينا رصيد خبراتى قليل وبعد حرب أكتوبر تم عمل أفلام محدودة عكس الدول الاخرى التى خاضت حروبا كثيرة كما أن لديها أسواقا عالمية نحن لا نقارن بها ويعود ذلك لأن المسألة لها صعوبة اقتصادية للصناعة التى تأرجحت بين القطاعين العام والخاص وفى النهاية الأمر فى يد الدولة بحيث يتم تنشيط الركائز الأساسية لإنتاج مثل هذه النوعية من الأفلام الوطنية لأنه لا يمكن عزل الصناعة عن الحالة الاقتصادية للدولة لأن السينما صناعة صعبة وتحتاج لركائز رأسمالية ضخمة وعملاقة لذلك يجب فى مثل هذه الأمور أن يكون هناك مساعدة من الدولة وأكد محسن ويفى رئيس جمعية نقاد السينما أن ضعف الإمكانيات ليس العائق فى عمل أفلام تعبر عن نصر أكتوبر ولكن السينما تعاملت مع هذه الأفلام كما تتعامل مع الظواهر وقت حدوثها وبالرغم من أهمية حرب أكتوبر للشعب والجيش المصرى فإن السينما تعاملت معها على أنها جريمة بمعنى أن الأفلام يوجد بها الخير والشر وفى النهاية ينتصر الخير وقد يتخلل الفيلم بعض الأغانى التى تعبر عن الحدث وأضاف ويفى أن السينما لم تتعامل مع هذه الحرب بعظمتها وسياقها الاجتماعى والسياسى وما قبلها حيث كان هناك حركة طلابية نادت بخوض المعركة وتحرير الأرض ولم تتطرق إليه السينما بشكل قوى وتم تفريغها من مضمونها العظيم وأشار ويفى إلى أنه من الممكن أن يتم عمل أعمال جديدة وليس شرطا أن يتم العمل على طريقة هوليوود ولكن الأهم أن يتم التعامل معه فى سياق إجتماعى وسياسى خاص وأن تكون قادرة على كشف خصوصية هذه الحرب وكما قلت إذا كانت إمكانات السينما المصرية ضعيفة وغير قادرة على كشف خصوصية الحرب فيجب عدم التوقف والعمل على إنتاج الأفلام بما نمتلكه من قدرات مالية وفنية مثلما حدث مع فيلمى «أغنية على الممر» و«أبناء الصمت» واللذين نجحا فى القدرة على كشف خصوصية الحرب بالرغم من تكلفتهما الإنتاجية القليلة

الدولة ودعم الانتاج

وكشف المخرج على عبدالخالق أنه من أكثر المخرجين الذين أخرجوا أفلاما عن الحرب ومنها أغنية على الممر و «إعدام ميت» مؤكدا أن هناك بالفعل تقصيرا كبيرا فى تقديم أعمال تعبر عن نصر أكتوبر وأضاف عبد الخالق أنه يجب على الدولة أن تتولى بنفسها إنتاج ودعم مثل هذه الأفلام الوطنية التى تحتاج لإمكانيات عالية قد لا يتحملها منتج القطاع الخاص الذى يبحث عن الربح .

فى مهرجان بكين

القصة الإنسانية تحطم أسطورة الإنتاج الكبير

رسالة بكين- سـامى القمحـاوى:

وسط منافسة شديدة من أفلام الإنتاج الضخم، التى تكلفت ملايين الدولارات، والأعمال الملحمية التى استغرق إنجازها شهورا طويلة، أعاد مهرجان بكين السينمائى الدولى فى دورته الخامسة الاعتبار للقصة الإنسانية البسيطة، بحصول المخرج وكاتب السيناريو المكسيكى الشاب برناردو أليرانو على جائزة أفضل فيلم عن فيلمه «بداية الوقت».

الفيلم الذى كتبه وأخرجه أليرانو (34) عاما ويروى قصة الزوجين المسنين أنطونيو وبيرثا، اللذين يتعرضان لأوقات عصيبة بعد وقف معاش الضمان الاجتماعى عنهما، ويضطران للدخول إلى عالم الجريمة من باب الحاجة، نجح فى الفوز بجائزة أفضل فيلم من بين 930 فيلما تمثل 90 دولة تنافست على جوائز المهرجان المسماة»تيانتان« أو (المعبد السماوى)، والمقسمة إلى 10 فئات، منها 122 فيلما صينيا، و808 أفلام أجنبية، وهو ما يعيد التأكيد على أن القصة الإنسانية مازالت تحظى بمكانة خاصة فى عالم الإبداع السينمائى.

وإلى جانب الفيلم المكسيكى استطاع 14 فيلما آخر أن تحصد جوائز الدورة الخامسة لمهرجان بكين السينمائى الدولى، حيث فاز الفرنسى جان جاك أنووى بجائزة أفضل مخرج، عن الفيلم الملحمى (رمز الذئب)، وهو إنتاج صينى-فرنسى مشترك تكلف 40 مليون دولار أمريكى، والذى حصل أيضا على جائزة أفضل مؤثرات بصرية، ويتناول قصة طالب صينى يتم إرساله للعيش مع الرعاة الرحل فى منطقة منغوليا الداخلية.

كما فاز آرتيم تسيبين بجائزة أفضل ممثل عن دوره فى فيلم (ليلة بيضاء.. بيضاء)، وحصلت يوليا بيريسيلد على جائزة أحسن ممثلة عن دورها فى فيلم (المعركة من أجل سيفاستوبول).

الأفلام التى حصدت جوائز مهرجان بكين فى دورته الخامسة تنتمى إلى 13 دولة، فبالإضافة إلى المكسيك صاحبة أفضل فيلم، هناك فيلمان للصين، ومثلهما لروسيا، وفيلم واحد لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والهند وإيران وكولومبيا واليابان وإيطاليا وكوريا الجنوبية وجمهورية التشيك والنمسا وبريطانيا، وهو ما يعنى أن المهرجان قطع شوطا كبيرا فى تدشين اسمه بين المهرجانات العالمية الكبيرة.

وقد كان واضحا منذ حفل الافتتاح أن الدورة الخامسة لمهرجان بكين السينمائى الدولى ستحقق نجاحا كبيرا فى التحليق نحو العالمية، فالمهرجان الحديث نسبيا، حيث بدأ دورته الأولى عام 2010، استطاع أن يجذب هذا العام ألف نجم سينمائى ينتمون لـ50 دولة للمشاركة فى الافتتاح بمركز يانتشيهو الدولى للمؤتمرات والمعارض بإحدى ضواحى العاصمة الصينية بكين يوم 16 من ابريل، وكان على رأسهم النجم الأمريكى أرنولد شوارزنيجر، الذى لقى استقبالا أسطوريا من الجمهور الصينى ووسائل الإعلام العالمية، التى كانت تغطى الحدث، كما كان لحضور النجم جاكى شان، ومشاركته فى توزيع الجوائز دور فى تركيز وسائل الإعلام العالمية على المهرجان.

ومن بين أسباب الدفعة التى تلقاها مهرجان بكين السينمائى الدولى هذا العام اختيار المنظمين للمنتج الإيطالى ماركو مولر ليكون كبير مستشارى المهرجان، الذى يتمتع بخبرة كبيرة فى مجال تنظيم مهرجانات السينما، حيث سبق وترأس مهرجانى فينيسيا (البندقية) وروما السينمائيين.

كما أعطى ترأس المخرج الفرنسى لوك بيسون للجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان زخما كبيرا، خصوصا مع عضوية  المخرج الروسى فيدور بوندارتشوك، ومخرج هونج كونج بيتر تشان، وكاتب السيناريو الأمريكى روبرت مارك كامن.

الدورة الخامسة لمهرجان بكين السينمائى الدولى لم تقتصر على مسابقة الأفلام، حيث شهدت تنظيم المنتدى السينمائى، إلى جانب سوق الأفلام، الذى شهد مشاركة واسعة فى هذه الدورة، حيث شاركت 140 شركة أفلام أجنبية فى معرض ترويج الاستثمار تنتمى لـ25 دولة، بما فى ذلك شركات من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفرنسا وألمانيا وروسيا، وتم توقيع الكثير من اتفاقيات تصوير أفلام بين الصين ودول أخرى، فتم توقيع  36 مشروعا وصلت قيمتها إلى أكثر من 2.2 مليار دولار أمريكى، بزيادة 32% عن الدورة السابقة للمهرجان.

هذه العقود تعنى انتعاشا لصناعة السينما الصينية، التى ينقصها الانتشار عالميا، وكانت تحتاج بشدة إلى التفاعل مع السينما العالمية، وهى الآن تتخذ من الإنتاج المشترك طريقا لتحقيق هذا الهدف، وذلك فى وقت حققت فيه عائدات عرض الأفلام السينمائية فى الصين طفرة العام الماضى، حيث زادت بنسبة 34%، لتصل إلى 4.8 مليار دولار، حسب جمعية الفيلم الأمريكى، وهو ما يضعها فى المركز الثالث فى قائمة أكبر أسواق للأفلام بعد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

خالد صالح فى الأصل حلوانى

كتب: عصام سعد

مع مرور الزمن يكتشف انه كان يمهد لا شعوريا لتلك الموهبة لكى تتفجر وتعلن عن نفسها فى توقيت محدد لا يعلمه احد غير الله .

هكذا كان خالد صالح الذى كثيرا ما كان يترك مدرسته وهو فى سن مبكرة ليتأمل وجوه البشر فكان يقف امام محطة الباشا بشارع المنيل يتابع الناس وهى تمشى فى الشارع ليترقبهم جيدا ودون ان يدرى يجمع لنفسه مخزونا ابداعيا اصبح مع الزمن هو ذاكرته الابداعية ..

هكذا قال الناقد طارق الشناوى فى كتابه «خالد صالح فى الاصل حلواني» الذى ألفه وأصدره مهرجان الاقصر للسينما الافريقية فى دورته الرابعة ايمانا بالدور الذى قام به الفنان الراحل خالد صالح فى مؤسسة شباب الفنانين المستقلين ومهرجان الاقصر الافريقى الذى تقيمه المؤسسة ..

يتناول فيه طارق الشناوى قصة حياة الفنان الراحل بداية من عمله بمسرح الهواة فى مطلع حياته الفنية مرورا بالمشهد الذى قدمه بفيلم «محامى خلع» مع الفنان هانى رمزى حتى صعوده للقمة من خلال اخر ادواره بفيلم «الجزيرة2» .

يتضمن الكتاب عددا من المقالات تصل الى 18 مقالاً عن افلام خالد صالح تحت عنوان «خالد وكيف رأيته سينمائيا ؟» واشار فيها الشناوى كيف كان خالد يحاول دائما ان يثبت نفسه من خلال الادوار الصغيرة او المساحات الضيقة التى وجد فيها سينمائيا الى ان كبرت هذه المساحة وخالد يزداد معها حضورا ووهجا .

ويتضمن الكتاب ايضا جزءاً آخر يحمل عنوان «قالوا عن خالد» يحمل مجموعة من المقالات التى كتبها النقاد والصحفيون عن خالد صالح ، وكذلك جزءا يحمل عنوان«خالد صالح فى حالة فضفضة» يتضمن لقاءه مع الاعلامية منى الشاذلى فى حديث خاص , وايضا جزءا يحمل عنوان «خالد صالح مشوار وعلامات» والجزء الاخير عبارة عن ألبوم صور.

الأجنبى فى الأدب والسينما لص وجاسوس!

في الوقت الذي يغضب فيه العرب من صورتهم في أفلام عاصمة السينما الأمريكية "هوليوود"، ويتهمون اليهود بتعمد تشويه تلك الصورة من خلال سيطرتهم على الإنتاج والتوزيع السينمائي. تقدم الرواية والسينما العربية الرجل الغربي بصورة سلبية للغاية، تعمد فيها الى كثير من التعميم. هذا ما يناقشه الكاتب الصحفي والروائي محمد رفعت، في كتابه الصادر مؤخراً عن دار المعارف بعنوان "الآخر بين الرواية والشاشة"، لافتاً إلى أن معظم الأفلام المصرية التي تعرضت لصورة "الآخر" أو "الخواجة"، قدمته باعتباره إما جاسوساً أو عميلاً أو طابورا خامسا لإسرائيل وأذنابها، أو متآمرا على العرب، أما المرأة الأجنبية "الخواجاية"، فهي إما جاسوسة هي الأخرى أو ساقطة ومنحرفة.

ولم يخرج من تلك الدائرة سوى بعض الأفلام القليلة التي أنصفت المرأة الغربية، ومعظمها مأخوذ عن روايات أدبية لأدباء عظام تعلموا في أوروبا وتزوجوا أجنبيات، مثل طه حسين في رائعته "الأيام"، أو توفيق الحكيم في عصفور من الشرق، أو يحي حقي في "قنديل ام هاشم".

ويقول "رفعت" - في مقدمة كتابه - إن هذا الشعور المتبادل بالترصد والتربص من هنا وهناك، يختلط ويتقاطع أحيانا مع شعور آخر بالانبهار بالحضارة الغربية ومحاولة التمسح فيها والانضمام إليها، وهو بالتأكيد إحساس متناقض يؤدى إلى مزيد من اللبس والارتباك داخل العقلية العربية فى نظرتها للغرب، ويقابله من الناحية الأخرى جهل شديد بحقيقة ما وصلت إليه المجتمعات العربية من تقدم ونضوج فكرى وثقافى لا يقارن على الإطلاق بالصورة الظالمة التى يتصورنا عليها معظم الغربيين الذين يظنون أننا مازلنا بدواً نعيش فى الصحراء ونمتطى الجمال، وهى النظرة التى تكملها نظرة أخرى رسمية حكومية سائدة منذ انهيار الاستعمار التقليدى، ويتعامل فيها الغرب مع العرب بدرجة عالية من التعالى والسلطوية وازدواج المعايير والانحياز التام لإسرائيل، سواء بدافع المصلحة، أو بدافع الاعتقاد بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة وسط شرق أوسط متخلف ومستبد.

وبرغم أن الأدبيات العربية حفلت بمناقشات ودراسات حول رؤية الآخر لنا، أو بمعني أصح صورة الشرق في أدبيات الغرب، سواء من خلال الدراسات الاستشراقية، أو كتابات الرحالة، أو الأعمال الأدبية التي كان الشرق مسرحا لأحداثها، فإن رؤية الشرقي للغرب وعلاقته به والمتغيرات التي طرأت علي هذه الرؤي لم تحظ بنفس القدر من الدراسة والاهتمام سواء علي المستوي الثقافي أو الاعلامي.

والكاتب الصحافي محمد رفعت، يشغل موقع نائب رئيس تحرير مجلة أكتوبر، وصدر له من قبل روايتا "رقصة اللبلاب" و"امرأة غير قابلة للكسر"، وديوان شعر بعنوان "جرِّب أن تفقد ذاكرتك"، وكتابا "محاورات المصريين" و"من قتل إبراهيم الفقي"، وله تحت الطبع كتاب بعنوان "المصريون في الخليج. الحياة داخل الكرتونة".

- الكتاب: الآخر بين الرواية والشاشة

- المؤلف: محمد رفعت

- الناشر: دار المعارف 2015 

الأهرام اليومي في

29.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)