كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

لماذا فشل 'فتاة المصنع' في الوصول إلى تصفيات الأوسكار

العرب/ أمير العمري

 

غياب التناول الشفاف أضرّ بوصول الفيلم إلى العالمية رغم براعة مخرجه في الانتقال من مشهد إلى آخر وفي رصد التفاصيل من خلال لقطات شديدة الذكاء.

منذ أن عرض فيلم "فتاة المصنع" والضجة حوله لم تتوقف، فقد قوبل الفيلم باهتمام صحفي ونقدي كبيرين، وكأنه عمل من أعمال السحر الخارق، وكأن مخرجه المخضرم محمد خان قد أتى بما عجز غيره من سائر “السحرة” في أرض السينما المصرية، عن الإتيان به.

حصل فيلم “فتاة المصنع” لمحمد خان على عدد كبير من الجوائز التي تمنح في المسابقات المحلية المصرية للأفلام المصرية، كما احتفي به في عدد من المهرجانات الدولية التي تقام في مصر، وعندما عرض في مهرجان دبي لم يتمكن من الحصول سوى على جائزة التمثيل لبطلته الممثلة الناشئة الوافدة حديثا إلى السينما، ياسمين رئيس، الأمر الذي من المؤكد أنه يثير إحباط الكثيرين من محبي المخرج محمد خان، خصوصا بعد أن رفض الفيلم في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية الكبرى في العالم.

هذا الإحباط بلغ ذروته عندما أجمعت المؤسسات السينمائية المصرية على ترشيح الفيلم لدخول منافسة الأوسكار ممثلا لمصر، لكن الفيلم كالعادة، فشل في دخول القائمة التمهيدية للأوسكار، ولا شك أن الأمر لا يعود إلى “مؤامرة” ما، بل لا بد أن تكون الأسباب كامنة في الفيلم نفسه: موضوعه وبناؤه وتوجهه الإنساني العام.

من المعروف أن الفيلم الذي يصل إلى الجمهور في العالم الخارجي يجب أن يتمتع بمستوى أبعد من مستواه الأولي (الواقعي)، أي بنوع من الشفافية في التناول تجعله يصل إلى الجمهور في العالم. وهذا هو ما يسمى بالبعد الكوني، بحيث يشعر به الياباني مثل البلجيكي مثل النيجيري مثل الأميركي.

وفي المقابل يبدو فيلم “فتاة المصنع” -للأسف- خاليا من هذا المستوى الأعمق الذي يجعل له أصداء لدى المشاهدين في العالم، ويبقى عملا تقليديا يعيد سرد حكاية قديمة سبق أن قدمتها السينما المصرية من قبل، ولكن هذه المرة في ديكورات الأحياء العشوائية والبيئة الهامشية التي نشأت في مصر خلال السنوات الثلاثين الأخيرة.

“فتاة المصنع” فيلم مهم، أساسا، لأن مخرجه هو محمد خان، أحد أهم المخرجين في السينما المصرية. وهو المخرج الذي قدم الكثير من الأفلام التي تعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية التي لا تنسى مثل “موعد على العشاء” و”طائر على الطريق” و”الحريف” و”أحلام هند وكاميليا” و”زوجة رجل مهم” و”كليفتي”.

الفيلم الذي يصل إلى الجمهور في العالم الخارجي يجب أن يتمتع بمستوى أبعد من مستواه الأولي الواقعي

ومع ذلك اتجه محمد خان خلال السنوات القليلة الأخيرة إلى الاعتماد على سيناريوهات تكتبها زوجته، كاتبة السيناريو الشابة وسام سليمان، وهي سيناريوهات قد تبدو من ناحية، متسقة مع فكر محمد خان السينمائي الذي يهتم كثيرا بالمرأة ومشاكل المرأة في مجتمع ذكوري بطريركي مثل المجتمع المصري والمجتمع العربي عموما.

وهي من ناحية أخرى، تبدو مناسبة أكثر لصنع تمثيليات التلفزيون الاجتماعية، أكثر منها سيناريوهات لأفلام سينمائية مركبة متعددة المستويات، فهي تميل إلى الحبكة التقليدية البسيطة التي كان خان قد تخلص منها تماما في فيلمه الطليعي “كليفتي” (2004).

وعلى العكس من بطلة فيلمه السابق “في شقة في مصر الجديدة” (2007) التي كانت تنتمي بشكل ما، إلى الطبقة المتوسطة، تنتمي بطلة “فتاة المصنع” -هيام- إلى الطبقة الأدنى، العاملة، وتقيم في أحد أحياء القاهرة العشوائية التي تتصف بالفقر والقذارة والتكدس السكاني، ويبدو أن كل آمال سكانها الحصول على الخبز والستر. وهيام تعمل في مصنع للنسيج، مع مجموعة من الفتيات يرتدين جميعا الحجاب المنتشر خصوصا في الأحياء الشعبية بين الفتيات.

هيام كما نراها في الفيلم فتاة تتطلع إلى الحب، تحلم بفارس الأحلام، مثل غيرها من الفتيات. وعندما يأتي شاب للعمل كرئيس للعاملات يطلقون عليه “الباش مهندس صلاح”، سرعان ما تتنافس الفتيات على لفت انتباهه، لكن هيام تقع في حبه، إلاّ أنه من طرف واحد، ومع ذلك، تفرض نفسها على أسرته وتدخل بيته لرعايته وهو مريض، وتلح إلحاحا من أجل الحصول على تعاطفه وعاطفته إلى أن تنال منه قبلة عابرة، تترتب عليها بعض المفارقات.

فهيام تتصور أن القبلة تعبير عن الحب، وعندما تسري إشاعة في المصنع أن هناك إحدى العاملات حامل، سرعان ما تلصق الفتيات التهمة بهيام التي لا تنكرها تماما، فهي تقول لأمها أن الدورة الشهرية منقطعة منذ شهرين.

"فتاة المصنع" يعتبر نموذجا لولع مخرجي السينما المصرية بصنع أفلام عن المهمشين

هنا تنقلب الدنيا فوق رأسها، ويتعين عليها أن تدفع ثمن تلك الغلطة الشهيرة في السينما المصرية، أي فقدان بكارتها. ويكاد صلاح نفسه أن يدفع ثمن الكذبة التي يتضح أنها كانت مجرد محاولة للفت نظر صلاح الذي لا يبالي ويتنكر للقبلة العابرة، ويفلت من دفع الثمن.

النساء في الفيلم أقوى من الرجال، وهنّ اللاتي يعملن ويمسكن بزمام الأمور، بينما الرجال في معظمهم عاطلون، يجلسون في المقاهي، يثرثرون أو يشكون قلة الحيلة.

فيلم “فتاة المصنع” نموذج لولع خاص أصبح مستقرا، منذ فترة، لدى مخرجي السينما المصرية، بصنع أفلام عن طبقة المهمشين، يحاولون من خلالها رصد قيم مثل التساند الاجتماعي والمفاهيم القديمة عن الشرف، وشهامة أهل الحارة وغيرها من الأنماط المألوفة في السينما التقليدية.

وهو نموذج مثالي لسينما الميلودراما المصرية التقليدية، ولا ينقذه من المبالغات الميلودرامية المصطنعة إخراج محمد خان المتمكن، الذي يتمثل في براعته في التقطيع، والانتقال من مشهد إلى آخر ومن لقطة إلى أخرى، وفي رصد التفاصيل من خلال لقطات شديدة الذكاء، مع قدرته على التحكم في الإيقاع داخل كل مشهد على حدة وداخل الفيلم كله، وتحريكه المجاميع، واختياره الموفق لمواقع التصوير، واستخدامه زوايا التصوير من زوايا مرتفعة.

فالكاميرا تبدو وكأنها تراقب وترصد وتتلصص، كما تصور حالة الحياة الجافة المتعبة التي تعيشها فتيات المصنع، بين العمل على ماكينات الخياطة أو تناول الوجبات السريعة والثرثرة حول الرجال، أو انتظار الحصول على الخبز، ومحمد خان يعرف أيضا كيف يصور احتفالهم بالحياة، بالغناء والرقص والتطلع إلى الحب.

لا يتجرأ سيناريو وسام سليمان على أن يجعل هيام تواجه فكرة العذرية المفقودة بالصمود والدفاع عن حقها في الحب، بل يجعلها تنهزم وتتراجع لنكتشف في النهاية أنها لم تفقد شيئا، دون أن نفهم ما الذي جعلها توحي بعكس ذلك أو تسكت على ما تواجهه من اتهامات من قبل الجميع: الأهل والزميلات والصديقات بل وصلاح نفسه أيضا.

ويحتوي “فتاة المصنع” على كل ما يحيط بموضوع العذرية من تداعيات: مضايقات، إشاعات، اعتداء بالضرب المبرح، قص شعر، صراخ، هستيريا، محاولة انتحار، محاولة قتل الفتاة غسلا للعار بالدم، وكلها عناصر موجودة بقوة في صلب سيناريو الفيلم، حاول محمد خان الالتفاف حولها بمهارته المكتسبة من أفلامه السابقة دون جدوى.

وعلى حين أراد محمد خان أن يكون فيلمه تحية إلى الراحلة سعاد حسني، بدت كل أغاني سعاد حسني التي يتم تقطيعها على مدار الفيلم، مقحمة وغير متسقة مع طبيعة المادة الدرامية في الفيلم نفسه، ففتاة بتركيبة هيام الطبقية والعُمرية يجب أن تكون أقرب في اهتماماتها إلى أغاني شيرين عبدالوهاب في أفضل تقدير، لا أغاني سعاد حسني، ممثلة الطبقة الوسطى المصرية في عصرها الذهبي.

العرب اللندنية في

18.04.2015

 
 

«رجل لكل العصور» لروبرت بولت:

المفكر الإنساني على الخشبة

ابراهيم العريس

مرة كل سنوات عدة، يأتي فيلم أميركي أو إنكليزي ليدفع إلى واجهة الأحداث الفنية والذكريات التاريخية بواحدة من شخصيات الماضي البريطاني: هنري الثامن. وهنري الثامن هذا هو الملك المزواج، الذي اشتهر في التاريخ بكونه الحاكم الذي شق الكنيسة الإنكليزية عن سلطة البابا في روما خلال الربع الثاني من القرن السابع عشر. والحقيقة أن المرء ما إن تستعاد هذه الذكرى أمامه، حتى يجد نفسه منقباً في تاريخ الفن والأدب لكي يطلّ على الأعمال الإبداعية التي غرفت من حياة ذلك الملك ومواقفه وسياساته، بخاصة من زيجاته. وعلى رغم كثرة هذه الأعمال، قديماً وحديثاً، في المسرح والسينما والأدب والفن التشكيلي وحتى في الغناء الشعبي، يظل العمل الأكثر بروزاً، مسرحية روبرت بولت «رجل لكل العصور» (أو «لكل الفصول» في ترجمة حرفية). وبولت معروف في طول أوروبا وعرضها بصفته الكاتب المسرحي الإنكليزي الاشتراكي والتقدمي الذي اشتهر، إلى هذه المسرحية، بكتابته السيناريو لفيلمي «لورانس العرب» و «دكتور جيفاغو» الشهيرين والذين يعتبران قمة ما حققه للسينما المخرج الإنكليزي الكبير دافيد لين. علماً أن بولت حوّل هذه المسرحية أيضاً، بعد سنتين من تقديمها على خشبات برودواي ولندن، إلى فيلم سينمائي قام بالدور الأول فيه، الممثل الكبير بول سكوفيلد، الذي كان هو من قام بالدور نفسه في العروض المسرحية. وبالنسبة إلى مسرحية روبرت بولت، التي أخرجها فرد زينمان للسينما، حين نقول الدور الأول، فإننا نعني دور توماس مور، مستشار التاج البريطاني في زمن هنري الثامن، لا هذا الأخير. فالواقع أنه إذا كان الملك هو الشخصية المحورية في معظم الأعمال التي تناولت تاريخه وحكايته، منذ شكسبير، وحتى الفيلم الأخير الذي عرض قبل نحو عشر سنوات من الآن تحت عنوان «ابنة آل بولين الأخرى» لتبحث عن واحدة من زوجات الملك هنري الثامن وشقيقتها التي أُغرم بها أيضاً، فإن روبرت بولت آثر في عمله أن يجعل الأحداث والأفكار والمواقف تدور حول ذلك المفكر الكبير، الذي كان صديقاً للنهضوي الهولندي إرازموس، وصاحب فكر مشع، مع أنه، في القضية التي نتصدى لها هنا - وتصدت لها المسرحية - وقف إلى جانب بابا روما، ضد إرادة ملكه وولي نعمته، في الصراع الذي نشب بين هذين الأخيرين.

> إذًا، بالنسبة إلى «رجل لكل العصور» الحضور الأساس هو لتوماس مور (الذي يغيب تماماً عن فيلم «ابنة آل بولين الأخرى»، من دون أن يترك أثراً). والصراع الأساس، على خلفية الصراع بين روما والبلاط الإنكليزي، هو الصراع بين الملك ومستشاره. أما القضية فقضية طلاق وزواج. أو هكذا - على الأقل - نقلها إلينا التاريخ. والحكاية كما بتنا نعرفها منذ زمن بعيد، هي أن هنري الثامن الذي كان يقارب الأربعين من عمره في ذلك الحين، أراد من الكنيسة أن توافقه على إبطال زواجه من كاثرين داراغون، زوجته الأولى والتي كانت تكبره سناً، وكان زواجه منها، أصلاً، بترتيب من روما بغية المقاربة بين العرشين الإنكليزي والإسباني - فهي كانت أخت الإمبراطور الإسباني شارل - لكن كاثرين وبعد سنوات زواج طويلة لم تنجب وريثاً للعرش. فاستغل هنري الثامن الحكاية، كما استغل كونها في الأصل زوجة أخيه الراحل آرثر، ليطلب عقد محكمة تبطل زواجهما. يومذاك وقف النبلاء والأعيان والقضاة - بمن فيهم كرومويل الذي كانت له، هو، غايات إضافية كما سيبين التاريخ لاحقاً - مع هنري الثامن، لكن توماس مور وقف وحده وقال: لا، لا للطلاق، ثم لا لزواج الملك بأخرى، ستكون زوجته الثانية آن بولين، شقيقة إحدى عشيقاته في القصر ماري بولين. وبالطبع، في رأي توماس مور، لا لخصام طويل مع البابوية في روما، سيؤدي إلى الانشقاق الذي حدث بالفعل.

> هذه الحكاية التاريخية هي، إذاً، الخلفية التي صيغت حولها معظم - إن لم يكن كل - الأعمال الإبداعية التي تناولت ذلك الفصل من حياة هنري الثامن ومن حياة بريطانيا في ذلك الحين. ويقول لنا التاريخ، طبعاً، أن هنري الثامن، نجح في ما أراد، لا سيما بعد أن تخلص من «مستشاره» المزعج، برميه سجيناً في برج لندن، قبل أن يأمر بإعدامه. وتوماس مور انصاع للأمر، من دون أن يقدّم أدنى تنازل عن موقفه، ما جعل منه أسطورة في عالم الفكر وقديساً.

> من ناحية مبدئية، وفي شكل تجريدي، كان يتعين على كاتب مثل روبرت بولت، أن يكون أكثر ميلاً، في موقفه، في اتجاه التصرف ذي المظهر «التقدمي» الذي تبعه الملك، سواء من ناحية التجديد الذي نتج من فعلته، في الإيمان المسيحي في ذلك الحين - على الضد من الموقف «الرجعي» للكنيسة - ومن ناحية ثانية في مجال الأحوال الشخصية، إذ في أعراف الحداثة أن ما رغب فيه الملك، كان أمراً منطقياً وواقعياً، على الضد من التحجّر الذي حاربه. غير أن المسائل، ليست على مثل هذه السهولة. ذلك أن للأمر أبعاده التاريخية المعقدة التي تتداخل فيها النزوات الشخصية مع مصالح الدول، ومصائر الأفراد مع صراعات الكبار. ولعل أهم ما في مسرحية روبرت بولت، هو وعيه هذا الجانب، ما أوصله إلى غاية الموضوعية، وجعل مسرحيته عملاً سياسياً فكرياً بامتياز، إذ في طول المسرحية وعرضها، وبالتوازي مع المشاهد والفقرات التي تسبغ البطولة الفكرية على توماس مور، لا يتوقف الكاتب عن التحليل والدخول في دهاليز السياسة وصناعتها. ويتجلى هذا خصوصاً في حوارات توماس مور، مع الكاردينال توماس دولسي، كما مع توماس غرانر وريتشارد ريش، الذين وكل منهم لغاية خاصة به تمليها تطلعاته السياسية، أكثر ممّا تمليها قناعاته الشخصية، أرادوا أن يثنوا مور عن مواقفه. ولعل هذه الحوارات أغنى ما في العمل. وفي مثل هذا المناخ الفكري - والذي يصل إلى ذروته في حوارات توماس مور مع الملك نفسه - يبدو لافتاً أن روبرت بولت، لم يجعل الحيز الذي تحتله آن بولين، أو حتى كاثرين داراغون، كبيراً، طالما أن عملاً فكرياً من هذا النوع، يتعدى الحكايات العائلية والأهواء الشخصية. وهذا ما يبدو متناقضاً تماماً، مع ما ذهب إليه بيتر مورغان، كاتب سيناريو الفيلم الجديد «ابنة آل بولين الأخرى»، إذ ألغى وجود توماس مور جاعلاً من كرومويل ودولسي وغرانر، مجرد شخصيات شديدة الثانوية. وهذا الأمر يضعنا هنا أمام تفسيرين للتاريخ الواحد، لكل منهما منطقه وحيثياته. ولئن كان بولت قلّل كثيراً من حضور النساء في مسرحيته، ثم في الفيلم المقتبس منها، فإنه، في المقابل، جعل حيزاً كبيراً للرأي العام ممثلاً بالمواطن العادي الذي نجده في بعض الأحيان كأنه هو راوية الأحداث. ولئن كان هذا الراوي واحداً فرداً في المسرحية، فإن روبرت بولت جعله متعددا في الفيلم الذي حققه زينمان، وذلك لضرورات تقنية: بغية تنويع المشاهد والأمكنة وبالتالي وجهات النظر، انطلاقاً من قدرة السينما على تنويع في الأمكنة، يفتقر إليه المسرح.

> بقي أن نذكر أن الفيلم أتى، عدا عن هذه التبديلات الطفيفة، وفياً للمسرحية - تماماً كما سيأتي فيلم «ابنة آل بولين الأخرى»، وفياً تماماً للرواية التي اقتبس منها - وبه ثبت روبرت بولت مكانته التي كانت تنتقل في ذلك الحين من مكانة الكاتب المسرحي الكلاسيكي - في زمن كان الطليعيون يجهزون على الكلاسيكية المسرحية - إلى مكانة كاتب السيناريو لأفلام قد تكون عميقة تحليلية فكرية، لكنها في الوقت نفسه مشغولة بحبكة ودرامية وبمقدار كبير من الأناقة. وهذا ما جعل الفيلم يفوز بأوسكارات كثيرة. منها أحسن سيناريو (لروبرت بولت) وأفضل فيلم وأفضل مخرج وكذلك أفضل ممثل لبول سكوفيلد الذي رحل عن عالمنا قبل سنوات قليلة بالتزامن مع عروض «ابنة آل بولين الأخرى». أما المسرحية فقد واصلت عروضها منذ ذلك الحين من دون هوادة حتى صارت جزءاً أساسياً من ريبرتوار المسرح العالمي.

 alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

18.04.2015

 
 

فى موسم الربيع

المنافسة بين "زنقة الستات" و"كابتن مصر" وحرب الإيرادات تعصف بـ"فزاع"

كتب - علاء عادل:

جاءت إيرادات موسم شم النسيم مفاجأة للجميع، حيث شهدت انتعاشة سينمائية كبيرة لم تحدث في مثل ذلك الموسم من قبل، فوصلت إيرادات فيلم «زنقة الستات» إلى 7.5 مليون جنيه وهو بطولة حسن الرداد وإيمي سمير غانم وأيتن عامر ونسرين أمين ومي سليم وتأليف هشام ماجد وكريم فهمي وإخراج خالد الحلفاوى.

أما فيلم «كابتن مصر» فحقق 6 ملايين وخمسمائة ألف وهو بطولة محمد عادل إمام وخالد سرحان وإدوارد وأحمد فتحي وعلي ربيع وتأليف عمر طاهر وإخراج معتز التوني، بينما لم يتجاوز فيلم «فزاع» الـ200 ألف وهو بطولة هشام إسماعيل وحمدي الوزير وسهر الصايغ وسيمون وإنعام سالوسة تأليف هشام إسماعيل وإخراج ياسر زايد.

وحقق فيلم «جمهورية إمبابة» 100 ألف جنيه وهو بطولة باسم سمرة وأحمد وفيق وعلا غانم وإيناس عز الدين وتأليف مصطفي السبكى وإخراج أحمد البدرى.

في تحليل لهذه الإيرادات أكد الناقد طارق الشناوى أن إيرادات هذا الموسم يجب قراءتها بعناية، لأنها تدشن ميلاد نجوم جدد علي الساحة وعلي رأسهم حسن الرداد الذي فاجأ الجميع في دوره بفيلم «زنقة ستات» حيث إنها المرة الأولى التي يظهر خلالها حسن في دور كوميديان صريح، بعيداً عن الأدوار الثانوية التي لعبها من قبل أمام ياسمين عبدالعزيز وغيرها.

وأضاف: المؤلفان كتبا فيلماً ليس به جديد ولكنه «علي مزاج الجمهور»، أما فيلم «كابتن مصر» فهو فيلم «روش» لم يخرج هو أيضاً عن المتداول في الأفلام ولكنه أخرج العمل بشكل طازج، ونجاح الفيلم هنا لم يكن السبب فيه البطل محمد عادل إمام، بل المجموعة التي ظهرت معه من الشباب وهم علي ربيع وأحمد فتحى وغيرهما.

وأشار «الشناوى» إلي أن محمد عادل إمام مازال يقع في خطأ تقليد والده، مما جعله مكرراً ولا يظهر موهبته، بينما تحدث طارق عن فيلم «فزاع» وقال هو نموذج للعمل الفني الردىء.

ومن جانبه علق الفنان هشام إسماعيل بطل فيلم «فزاع» قائلاً: هناك مؤامرة كبيرة علي فيلمي، فأنا كنت أراهن علي إيرادات الفيلم بعد موسم شم النسيم، ولكني فوجئت أن العمل تم رفعه من دور العرض الكبيرة بعد 5 أيام من طرحه، وأثناء وجوده عندما كان يذهب أحد للسينما ليشاهد الفيلم كان المسئولون عن دور العرض يقولون إن الفيلم لن يعرض خلال تلك الحفلة، وتوجد تذاكر لفيلم آخر بديل، حتي أصبحت إيرادات الموسم موجهة لأفلام محددة.

وأضاف إسماعيل قائلاً: لم أصدق هذا في البداية حتي تكررت الشكوى من أكثر من شخص في أكثر من مكان، فقمت بنفسي بتجربة ذلك، وقمت بحجز 10 تذاكر للفيلم، وأجريت اتصالاً بالسينما لتأكيد الحجز وكان الرد أن الفيلم لن يعرض.

وأنهى هشام حديثه قائلاً: لا أعلم من وراء ذلك أو لصالح من يحدث ذلك، كنت أتمني أن تكون المنافسة شريفة حتي لو كان الفيلم سيئاً.

الوفد المصرية في

18.04.2015

 
 

روي أندرسون: خليفة برغمان الذي دخل التاريخ بثلاثة أفلام فقط

العرب/ أمير العمري

المخرج السويدي روي أندرسون رغم تعبيره عن الشقاء الإنساني وعن عبثية حياتنا، ليس من السينمائيين المتأثرين بالفلسفة الدينية.

لم يكن أحد يتصور أن المخرج السويدي روي أندرسون يمكن أن يكون له وجود محسوس في تاريخ السينما على نحو ما حدث، خصوصا بعد أن فاز فيلمه الأحدث “الحمامة التي جلست على غصن تتأمل في الوجود”، على جائزة “الأسد الذهبي” في مهرجان فينيسيا السينمائي الأخير. صحيح أن فيلمه الأسبق وهو الأول في هذه الثلاثية، “أغنيات من الطابق الثاني”، حصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي قبل خمسة عشر عاما، غير أن أندرسون الذي يخرج الأفلام بروح الهواية، كان قد توقف لمدة ربع قرن، عن الإخراج بعد ما تعرض له فيلمه الثاني “غيلياب” Giliap عام 1975 من نقد شديد.

أندرسون، الذي يراه الكثيرون الخليفة الحقيقي لعملاق السينما السويدية إنغمار برغمان، هو على العكس تماما من برغمان، فعلى حين أخرج برغمان طيلة حياته المديدة (توفي في التاسعة والثمانين من عمره) 63 فيلما طويلا، لم يخرج أندرسون (البالغ من العمر 72 عاما) سوى خمسة أفلام منذ أن بدأ الإخراج قبل 45 عاما. وهو يكسب عيشه من إخراج الإعلانات التلفزيونية التي بلغت أكثر من 400 فيلم إعلاني.

ربما يكمن التشابه بين برغمان وأندرسون، في أن كليهما يرتبط بصنع “سينما مغايرة” لما هو متوقع وسائد، أي أفلام لا تهتم كثيرا بالحبكة والصراع، بل “سينما ذهنية”، يكمن جمالها في ما تثيره من تساؤلات وجودية عن طبيعة حياتنا وما نفعله بها، هل نقدرها كما يجب، وما جدوى الصراع إذا كانت الحياة ستنتهي حتما بالموت، وما الموت؟ وكيف أنه يوجد بجوارنا لكنا غافلون عنه، مستمرون في عبثنا، وهل العبث جزء من حياتنا التي أصبحت تحركها قوى عاتية لا نملك لها دفعا، نقف عاجزين أمامها، أو مشاركين في لعبة عبثية لا تنتهي، خاصة أن هذه القوى ليست ميتافيزيقية بل من صنعنا نحن، وهي تعمل طبقا لآليات أساسها الجشع والتوسع والسيطرة والمنافسة الشرسة، حتى لو كان معنى هذا تدمير البيئة، والقضاء على علاقتنا ببعضنا البعض، وبالطبيعة من حولنا.

أندرسون يخلق واقعا سينمائيا خاصا به في أفلامه، حيث يعيد تركيب وترتيب المواقف وقطع الديكور، ويحرك الأشخاص في نطاق محدد مرسوم سلفا، داخل ديكورات شاحبة الألوان

أندرسون رغم تعبيره عن الشقاء الإنساني، وعن عبثية حياتنا وما نفعله بأنفسنا وبعالمنا، ليس من السينمائيين المتأثرين بالفلسفة الدينية التي تطرح التساؤلات حول علاقة الإنسان بالله مثلا، فهو أقرب في فكره إلى عدمية نيتشه التي تقوم على مبدأ “موت الإله”، أو فكرة غياب بنية مركزية محددة خارج العالم، هي التي تتحكم في مصائرنا، وأن الإنسان جزء من الطبيعة، لا يعلو عليها، وإنما يتجاور معها، العالم يقوم على الصراع، وتحكمه المصادفات والفوضى، ولا ثبات فيه للمطلقات. وهذه الأفكار هي التي تتردد في أفلامه خصوصا الثلاثية الشهيرة.

قصة حب

صوّر أندرسون فيلمه الأول، فيلم “قصة حب سويدية”، عام 1969 وكان وقتذاك في السابعة والعشرين من عمره، وأنهى العمل فيه عام 1970. ويصور الفيلم قصة حب بين فتى وفتاة في سن المراهقة، لا يأخذها الكبار من حولهما على محمل الجد، لكن الفيلم الذي بدا متأثرا كثيرا بموجة أفلام النقد الاجتماعي السياسي التي ظهرت في أوروبا الشرقية وقتها، كان يلامس أيضا الطبيعة الاكتئابية للشخصية السويدية وعزلة الأفراد عن بعضهم البعض وتظاهرهم بالمرح بينما يخفون في داخلهم إحساسا بالفراغ، إذ يفتقدون إلى السلام مع النفس والتآلف مع الآخر.

يستخدم أندرسون اللقطات القريبة للوجوه، للاقتراب من شخصيات فيلمه، الذين يشعر بالتعاطف معهم، ويريد للمشاهد أن يقرأ كيف تنعكس مشاعرهم على وجوههم، ويترك للكاميرا حرية الحركة كثيرا، لتعكس تلك الحيرة التي تحيط بالشخصيات، وغربتها عن المكان.

وفي فيلمه الثاني “غيلياب” (1975)، يميل أندرسون إلى تجريد القصة قليلا، ومنحها طابعا رمزيا، مشبعا بنوع من الهجاء السياسي المستتر. موضوعه هو الاغتراب الناتج عن القهر الطبقي من خلال الشخصية الرئيسية، عامل شاب في فندق متواضع، يقاوم أي محاولة من جانب زميلته في العمل “آنا” للاتصال العاطفي معه، تطلق هي عليه “غيلياب”، ويتعقبه رجل ينتمي إلى الطبقة العليا، يقنعه بالاشتراك معه في تهريب صديق من السجن، ملوحا له بالمال الوفير، لكن العملية تفشل، ويشعر “غيلياب” بالتضامن أكثر مع “آنا” التي تريد أن تهرب من هذا الواقع البائس إلى شاطئ البحر، لكن الفيلم ينتهي نهاية مأساوية دامية.

أندرسون يخلق واقعا سينمائيا خاصا به في أفلامه، حيث يعيد تركيب وترتيب المواقف وقطع الديكور، ويحرك الأشخاص في نطاق محدد مرسوم سلفا، داخل ديكورات شاحبة الألوان

يتخلى أندرسون هنا عن لقطاته القريبة وعن تحريك الكاميرا إلّا نادرا، يحيط الشخصية الرئيسية في فيلمه بنوع من الغموض والتجريد، كونها رمزا لطبقة، يهتم كثيرا بفكرة السلطة القمعية، ومعاناة الطبقة العاملة ولكن دون تلك القسوة الساخرة التي نراها مثلا في الفيلم الإيطالي “الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة” (1971) لإيليو بتري، ويحمل الفيلم البذور الأولى التي سترسخ أكثر في ثلاثيته.

"أغنيات من الطابق الثاني (2000)"

هذا أول أفلام الثلاثية، وفيه يبتكر أندرسون لنفسه أسلوبا خاصا للتعبير عن عبث الوجود، وعدمية الإحساس بالإنسان كجزء مكمل للطبيعة، بل وانفصال التاريخ نفسه عن الحاضر، وغربة الإنسان عن عالمه، والتعبير عن شقائه الذي لا يعرف له سببا محددا، وصولا إلى العدمية، لذلك سنرى أنه يستخدم التجريد في أفلامه الثلاثة التي تبدو مصممة على وتيرة واحدة، مع نغمة لونية سائدة موحدة، ومناظر تأثيرية تعكس الطبيعة المميزة للطقس في السويد، لكنه يصل في تجسيد خياله الشعري إلى السوريالية، من خلال حس كوميدي عبثي ساخر. وهو بهذا المعنى، يصبح أقرب، لا إلى برغمان، ولكن إلى السوريالي العظيم لويس بونويل.

يبدأ الفيلم بكتابة على الشاشة هي عبارة عن بيت شعر لشاعر من بيرو، يقول “طوبى لمن يجلس″. هذه العبارة ستتكرر كثيرا في سياق الفيلم على لسان أكثر من شخصية من تلك الشخصيات الغريبة التي تظهر وتختفي، تبدو وكأنها تبحث عن حلول للمشاكل، في حين أنها في الحقيقة، تغلق الباب أمام أي حلول، فقد أصبح الأمر عندها يستوي، سواء خرجت أم بقيت؛ بيت الشعر الذي يستخدمه أندرسون يبدو موجها أكثر للجمهور، في سياق ساخر.

بعد ذلك نشاهد مجموعة من المشاهد المنفصلة- المتصلة، أقرب إلى الاسكتشات التجريدية، التي تكثف حالة شعورية ومزاجية تسود الفيلم كله بل وأفلام الثلاثية، لكن هناك خيط رفيع يربط بينها. إنها تلخيص لحالة السويد، هشاشة مجتمع الوفرة الكامنة التي تنكشف عند أول أزمة اقتصادية، أناس يتحركون مثل “الروبوت” في الشوارع، مدينة مجردة، في زمن قد يكون الخمسينات الماضية، رجل طرد من العمل بعد أن قضى 30 عاما، يقبض بيده على قدم رئيسه يزحف خلفه على الأرض، يستعطفه أن يعود إلى عمله بلا جدوى.

أندرسون يرسم صورة مشبعة بالسخرية من ثقافة صنعها الإنسان، تعجز عن تقديم الحلول، رجال دين لا يقدمون شيئا لمساعدة الآخرين

رجل آخر يحرق محتويات محل الأثاث الذي يملكه لكي يحصل على تعويض من شركات التأمين، يزور ابنه الأكبر الشاعر الذي فقد عقله في مصحة نفسية وأصبح يرفض الحديث مع الآخرين، يتبدّى له شبح ابنه الثاني الذي كان جنديا وشنقه النازيون وقت الحرب، ساحر يقدّم عرضا يطلب متطوّعا من الجمهور يدخله في صندوق خشبي ثم يصيب بطنه بالمنشار فينقلونه إلى المستشفى، فتاة يضحّي بها القساوسة من أجل وقف تدهور الأحوال في العالم، مسيرة مستمرة طول الوقت في المدينة لأناس يجلدون ظهور بعضهم البعض بالحبال، احتجاجا على سوء الأوضاع، تاجر يبيع الصلبان الخشبية لكنه يكتشف أنها تجارة غير مربحة فيلقي بأكوام الصلبان في القمامة خارج المدينة.

وهكذا يرسم أندرسون صورة مشبعة بالسخرية من ثقافة صنعها الإنسان، تعجز عن تقديم الحلول، رجال دين لا يقدمون شيئا لمساعدة الآخرين، وعنصرية متفشية، وعشرات السيارات تصطف في الشوارع، عاجزة عن الحركة، ومجموعة من ضباط الجيش يزورون قائدهم السابق للاحتفال بعيد ميلاده المئة في بيت للمسنين، فيفاجئهم بالتحية النازية.

لقطات ومشاهد الفيلم ثابتة، فلا حاجة لتحريك الكاميرا، لجعل التأثير مباشرا ومن داخل المشهد نفسه، وليس من خارجه. إنه ذلك الجحيم الأرضي، في عالم فقد الروح والحس والتضامن الإنساني، عاجز عن إشباع حاجاته، كل همّه -كما يقول أحدهم- “أن نضع بعض الطعام على المائدة ونجعلها تبدو جذابة”. أو “طوبى لمن يجلس″ كما يردد تاجر الأثاث طيلة الوقت، وكذلك عامل البار الذي ينذر الزبائن في كل مرة، بأن الوقت حان لأن يقتنوا المشروب الأخير.

فتاة تبحث عن الحب في خيالها كما في فيلم "أنت أيها العيش"

أنت أيها العيش

في الفيلم التالي “أنت أيها العيش” you The Living الذي أخرجه عام 2007، يمد أندرسون التجربة على استقامتها؛ يبدأ الفيلم برجل مستلق على أريكة خشبية ينهض قائلا إنه رأى في الحلم أسرابا من قاذفات القنابل تغطي السماء، وينتهي الفيلم بأسراب متعاقبة من الطائرات تملأ صفحة السماء الزرقاء، وما بين البداية والنهاية خمسون مشهدا ثابتا، تتقاطع فيها الشخصيات، تلتقي وتفترق، تظهر وتختفي، تروي عن أحلامها وعما تعاني منه، عامل بناء في شاحنة صغيرة، يتطلع إلينا ليخبرنا أنه حلم بأنه أزاح غطاء من فوق مائدة عامرة بعشرات الأواني النادرة من “الصيني الأصلي” تعود إلى مئتي عام مضت، فحطمها كلها أمام نظرات المدعوين المتجمدة في حفل من حفلات الطعام التي تقيمها الطبقة الراقية، أمام هيئة المحكمة، يحتسي القضاة البيرة ويصدرون عليه حكم الإعدام بالكرسي الكهربائي.

فتاة بائسة تبحث طيلة الوقت عن حبيبها عازف القيتارة وتتخيل أنهما تزوجا وأصبحا يقيمان في منزل، سرعان ما يتحرك كأنه قطار ليصل إلى محطة حيث يستقبلهما آلاف الناس بالورود والهتافات المرحبة. وأفراد فرقة موسيقية يتدربون كل على حدة داخل منازلهم في منتصف الليل، غير مبالين بما يصدرونه من ضجيج يزعج الآخرين، ثم يجتمعون للتدرب معا في قاعة بطابق علوي يطل على المدينة، وفي الخارج تثور عاصفة رعدية وتسقط أمطار غزيرة تبدو وكأنها ستغرق كل شيء، وسط لامبالاة الجميع. وحلاق (كردي أو تركي غالبا) يثور غاضبا من زبون لا يرضيه شيء، فيقص خصلة كبيرة من شعره بوسط رأسه، ثم يتركه ليجلس في المقهى غير مبال.

أندرسون يخلق واقعا سينمائيا خاصا به في أفلامه، حيث يعيد تركيب وترتيب المواقف وقطع الديكور، ويحرك الأشخاص في نطاق محدد مرسوم سلفا، داخل ديكورات شاحبة الألوان، على خلفية من الأخضر الفاتح والأصفر والرمادي. إنه يرسم ملامح عالم كئيب، فقد الإنسان فيه القدرة على التواصل، وصار عاجزا عن الإحساس بقيمة ما يوجد حوله، مهملا للطبيعة ومهملا حتى جسده الذي تركه يترهل.

أما الفيلم الثالث في ثلاثية أندرسون، وهو “الحمامة التي وقفت على غصن تتأمل في الوجود” فيستحق دون شك، مقالا مستقلا.

العرب اللندنية في

19.04.2015

 
 

المهمة المستحيلة”.. إبهار على مدى خمسين عاما

محمد حمدي – التقرير

لا تندهشوا من العنوان؛ فهؤلاء الذين تابعوا سلسلة أفلام “المهمة: المستحيل” منذ الفيلم الأول عام 1996 لا يعلمون أن السلسلة بدأت كمسلسل على عدة مواسم، استمرت منذ 1966 حتى تحولها لسلسة أفلام حققت نفس النجاح وأكثر.

بمناسبة الإعلان عن عرض الجزء الجديد والخامس من السلسلة، والذي سيبدأ عرضه قبالة الأسبوع القادم في سينمات الولايات المتحدة؛ “التقرير” تقدم لكم موضوعًا مجمعًا للمسلسل والأفلام، مع وعد بتقديم عرض شامل للفيلم بمجرد صدوره في قاعات العرض في المنطقة العربية.

“المهمة: المستحيل”، أو ما صار يعرف اختصارًا بـ “المهمة المستحيلة” أو “Mission Impossible”، بدأ عرضه كمسلسل تليفزيوني عام 1966؛ يحكي عن رجل العمليات الخاصة “جيم فيلبس” Jim Phelps الذي يقود مجموعة من العملاء المتميزين لتنفيذ العديد من العمليات التي تكون غاية في الصعوبة والسرية، هذه السرية التي تقتضي التنصل من المجموعة بالكامل في حالة القبض عليهم أو سقوطهم في الأسر؛ ما يضع هؤلاء الرجال أمام خيارين لا ثالث لهما: إما النجاح أو الموت.

عرض المسلسل وقام ببطولته “جريج موريس” Greg Morris و”بيتر لوبوس” Peter Lupus، ثم التحق بهما “بيتر جرافيس” Peter Graves عام 1967. وتميزت أيضًا خلال عرض المسلسل الفنانة “باربرا بين” Barbara Bain، وغيرهم من الأسماء المتميزة.

استمر عرض المسلسل حتى عام 1973؛ ليحصد لقب “أطول مسلسلات الجاسوسية عرضًا بـ 171 حلقة تليفزيونية، ثم توقف بعد ست سنوات من النجاح والتميز، خاصة مع انتشار الثيمة الموسيقية المميزة للسلسلة والتي يمكنك سماعها من هنا.

تم إحياء المسلسل مجددًا بعد ما يقارب 15 عامًا من التوقف؛ ليقوم الفنان بيتر جرافيس بالبطولة هذه المرة. وتميز المسلسل في إعادة إطلاقه بالسرعة والحيوية وقدرته على جذب المشاهد من خلال مترادفات لازمت السلسلة حتى اليوم. ويمكن مشاهدة هذه الحلقة النادرة من المسلسل عن مقتل ابنة أمير عربي ثري على الأراضي الأمريكية من هنا:

استمر عرض المسلسل حتى عام 1990 وحقق نجاحًا متزايدًا؛ شجع المخرج “برين دي بالما” Brian De Palma على تقديم الفيلم الأول من السلسلة التي استمرت حتى اليوم، والتي قام ببطولتها النجم المتميز “توم كروز” Tom Cruise في دور عميل الاستخبارات “إيثان هانت”، والذي يقود فريقًا يعمل بشكل أساسي على العديد من العمليات السرية الخطرة، بعيدًا عن التورط الرسمي للحكومة الأمريكية في الأحداث.

إعلان الجزء الأول:

تميز الجزء الأول بمشهدين لا يمكن لأي عاشق للسينما نسيانهما: المشهد الأول- للعميل “إيثان هانت” وهو مُعلق في سقف أحد المقار الأمنية، في محاولة لاختراق أحد أكثر أجهزة الكمبيوتر تقدمًا آنذاك، المشهد الذي يحبس أنفاس المشاهدين مع إضافة العديد من عوامل الإثارة، مثل: (دخول فأر)، عودة الموظف المختص من دورة المياه، مع ضرورة اختراق الكمبيوتر دون إصدار صوت واحد!

والمشهد الثاني- خاص بالمطاردة بين الطائرة المروحية والقطار؛ المطاردة التي تجبر “هانت”، قائد الطائرة فيها، على الدخول لنفق ضيق، ومن ثم تبدأ الأمور في التعقيد حتى يحسمها “إيثان” من جديد في مشهد أسطوري يحفظه كل محب للسلسلة عن ظهر قلب.

ومع النجاح المتميز للجزء الأول من السلسلة؛ تم إنتاج الجزء الثاني عام 2000، من إخراج “John Woo“، والذي قدم القصة الثانية للعميل إيثان هانت. وللأسف، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فلم يحقق الفيلم نفس النجاح الذي حققه الجزء الأول، ويعتبر الجزء الثاني هو الأضعف في السلسلة كلها، مع إعادة استنساخ لأسباب نجاح الجزء الأول؛ الأمر الذي لم يلق رواجًا لدى الجمهور.

بعد ست سنوات طويلة على الجزء الثاني، يتم تقديم الجزء الثالث، مع إخراج مختلف من “جي جي إبرامز” J.J. Abrams؛ يعيد للسلسلة رونقها من جديد مع ظهور شرير جديد هو الراحل “فيليب هوفمان” Philip Seymour Hoffman الذي توفى مؤخرًا بشكل مفاجئ.

يواجه “هانت” هذه المرة عدوًا جديدًا، عبارة عن جهاز غريب يدعى “قدم الأرنب”! تتصارع عليه العديد من الجهات وتحاول الولايات المتحدة (ممثلة في فريق المهام المستحيلة) الحصول عليه، على الرغم من عدم معرفة المشاهد بطبيعة “قدم الأرنب” حتى اللحظات الأخيرة للفيلم؛ إلا أن ذلك ساعد على زيادة نسبة التشويق والإثارة في الأحداث، مع إعادة تقديم شخصية “هانت” من جديد.

مرت خمس سنوات هذه المرة قبل أن يقدم المخرج “براد بيرد” Brad Bird واحدًا من أفضل أجزاء السلسلة، ويمكن اعتباره أفضل أجزاء السلسلة على الإطلاق؛ بميزانية ضخمة ومواقع تصوير تنوعت بين دبي والهند والولايات المتحدة، ومشاهد أكثر من مذهلة، وإثارة أكثر من كاتمة للأنفاس!

شفرات سلاح نووي روسي، يحاول “إيثان هانت” السيطرة عليها قبل أن تسقط بين الأيدي الخاطئة، مع قفزة مذهلة من برج الخليفة في (دبي) سمعنا خلالها صرخات الرعب في قاعة السينما أثناء عرض الفيلم.

ومع النجاح المدوي للجزء الرابع من السلسلة؛ يتم الإعلان هذه الأيام عن صدور الجزء الخامس، إذ تُعتبر السلسلة واحدة من أكثر السلاسل الهوليودية استمرارًا ونجاحًا وقدرة على حشد الجماهير. سنعود مجددًا للسلسلة مع صدور الفيلم في السينيمات العربية. حينها، سنكشف المزيد والمزيد عن “إيثان هانت” وفريقه السري المتميز.

التقرير الإلكترونية في

19.04.2015

 
 

أفلام ما بعد الاحتجاجات التركية

محمد موسى

لا يكتفي مهرجان إسطنبول السينمائي الدولي بتوفيره منصة سنوية مُهمة لعرض الجديد من النتاجات السينمائية المحلية في مسابقاته وبرامجه العديدة، وبالتحديد في تلك التي تقتصر على السينما التركية بشقيها الروائي والتسجيلي، بل يسعى المهرجان ألا يفقد علاقته واتصاله مع الحراك السياسي والاجتماعي في البلد بعرضه أفلام جدليّة وإشكاليّة ومُحرضّة، بعضها يسير عكس السائد الرسمي والإعلامي، الذي يدعي أن تركيا اليوم تعيش أفضل أزمانها بعد أن عرفت مكانتها السياسية والفكرية واستعادت بعضا من مجدها ونفوذها الغابرين، عارضة رؤى مختلفة، تحاول أن تقول بأن المجتمع في تغيير، لكن هذا لا يعني أنه على المسار الصائب، بل أنه يخلق ويتعثر بأزمات قديمة وحديثة كل يوم.

ففي دورته الرابعة والثلاثين والتي ستسدل ستارتها اليوم الأحد، التاسع عشر من شهر أبريل، عرض مهرجان اسطنبول مجموعة كبيرة من الأفلام التركية من نتاجات العام الماضي. اخترنا من مسابقة الأفلام الوطنية التسجيلية فيلمين هما: "حرائق يونيو" لغوركان هاكير و "أهلاً جار" لبينجول إلماس، ذلك أن هناك علاقة ما تربط بين الفيلمين، ربما لأنهما يكادان أن يكملا بعضهما، كما يقدم الفيلمان غضباً وعدم رضا شعبي، يطبعان علاقة الشخصيات الفقيرة التي مرّت بفيلم "أهلاً جار" مع ما يجري في البلد، في حين تفجر الغضب نفسه بشكل عنيف في فيلم "حرائق يونيو"، الذي يقدم احتجاجات مدينة أنقرة في عام 2013.

يُشبه ما يقوم به فيلم "حرائق يونيو"، بشخص يوجّه منظاراً إلى جمع من الناس، ثم يختار بعد ذلك شخصاً واحداً من ذلك الحشد ليقوم بالتركيز عليه ومراقبته. فالفيلم التسجيلي الذي يستعيد الاحتجاجات التي انطلقت في مدينة أنقرة التركية، والتي استجابت بدورها لاحتجاجات مشابهه شهدتها مدينة اسطنبول ضد خطط الحكومة التركية لبناء مركز تجاري في حديقة جيزي العامة وسط المدينة، سيركز على قصة واحدة للتركي إيتيم ساريسولول، والذي قُتل في تلك التظاهرات العنيفة، ليتحول بعدها إلى رمز للغضب الشعبي، وإدانة مستمرة للتكاسل الرسمي في القبض على الجناة.

بعد مشاهد اافتتاحية حاولت أن تُلخِّص الظروف التي قادت إلى احتجاجات مدينة أنقرة، يُركِّز الفيلم على قصة إيتيم ساريسولول، الشاب الآتي من أسرة فقيرة، والذي سنراه في مشاهد فيديو عائلية، يصدح بالغناء أحياناً أو يلعب مع أطفال عائلته في أحيان أخرى. يقسم المخرج غوركان هاكير فيلمه لعدة أقسام، ثم يحاول أن يوازن بينها، فيبدأ بعائلتة التي تفتح بابها للمخرج وفريقه الفنيّ، ثم ينتقل بعدها إلى حادثة مقتل الشاب نفسه، فيستعين بما صورته كاميرات أمنية في الشارع القريب من مكان الاحتجاجات، والذي يعقبه الجزء الثالث، الذي يخوض في تركة مقتل الشاب النفسية في ما حوله، مبتدئا من العائلة ثم المدينة والبلد.

والحال أن الفيلم يتعثر بالتقسيم الذي فرضه على نفسه، ورغبته بضغط كل ما يستطيع ضغطه ضمن الوقت المحدود للفيلم والذي لا يزيد عن الساعة الواحدة، الأمر الذي جعله يحاكي البنيات التلفزيزونية المهووسة بالشرح والإطالة، ويبتعد عن السينما التي تطرح أسئلة وتترك فسحات للتأمل. كما أن التنقلات نفسها ستربك أي إيقاع مُفترض للفيلم، فمن الاستعادات التوثيقية للاحتجاجات، سينتقل الفيلم إلى بورتريه محزن عن عائلة فقيرة فقدت ابنا لها، ثم ينزع الفيلم إلى الطبيعة الاستقصائية، عندما يُحقِّق في ظروف مقتل الشاب التركي، مستعينا بكاميرات الشوارع وشهادات الشهود، ليعود في الخاتمة إلى خطه الاجتماعي النقدي عندما يحاول أن يستقرأ الحاضر التركي بعد أحداث متنزه جيزي قبل عامين، دون أن يمنح الفيلم أياً من المحاور تلك نصيبها من الاهتمام.

كما تغيب عن الفيلم النظرة المعمقّة لقراءة الحدث السياسي والاجتماعي ذو الطبقات العديدة المركبة، والذي يعود في جزء منه إلى طزاجة ذلك الحدث وعدم تشكل موقف نفسي أو فكري كامل منه. إلى ذلك لا يوفر الفيلم مشهديات مُختلفة عما عرضته التغطيات الإخبارية الإعلامية للاحتجاجات، إذ يستعين الفيلم بأرشيف تلك التغطيات، جنباً إلى جنب مع الأفلام ذات الجودة الرديئة التي صورتّها كاميرات المراقبة الأمنية لحادثة مقتل الشخصية الرئيسية في الفيلم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يُربك أي تجانس صوري، فالمشاهد كانت تتبدل بعشوائية، ولم تمرّ بمعالجات لونية أو توليفية كبيرة تجعل الانتقال عملية هينة أو سلسة للمشاهد.

"أهلاً بالجار" الذي لا نراه أو نعرفه

على نحو ما، يُوفِّر الفيلم التسجيلي "أهلاً جار"، خلفية مهمة لما يجري في تركيا منذ أعوام. فالفيلم يعرض بحساسية تتضمن بعض السخرية والكوميديا التغييرات التي يمر بها المجتمع التركي، من صعود سلطة المال وزيادة تهميش الأتراك الفقراء في المدن الكبيرة . فالعمل التسجيلي يقدم علاقة بين جيران لم يلتقوا أبدا في مدينة اسطنبول، بعضهم مازال يعيش في تركيا قديمة، وهذا ليس مجازاً للبنايات التي يسكنون فيها، بل إن الأواصر التي تربطهم تنتمي فعلاً إلى ماضٍ في طريقه للأفول، وبين جيرانهم الجدد، الذي يسكنون بنايات حديثة ضخمة، تظهر مثل نباتات برية في كل مكان اليوم في المدينة التركية الكبيرة.
يعثر الفيلم على منطقة تمزج بين النمطين المعمارين: بيوت صغيرة على النمط العثماني القديم، تظللها بنايات ضخمة جداً، تحجب ضوء الشمس عنها. تتجلّى أهمية الفيلم بأنه حفظ هذه الجيرة الزائلة للأبد، فالحي القديم الباقي، هو في طريقه أيضاً إلى الزوال، ليحلّ بدلا عنه مُجمعات للأغنياء. يقابل الفيلم أتراكاً من كلا الحيين المُتجاورين، مُركزّاً بشكل خاص على الحي القديم، إذ سيكون الفيلم فرصة لاستعادة أنماط عيش قديمة، عندما كان الجار يعرف ماذا يدور في حياة جاره، والعلاقات الإنسانية بين الناس إحدى سمات المجتمع. على الجانب الغني، يُهمين طبيب شاب قادم من أسرة فقيرة على معظم الوقت المخصص لهم. هذا الطبيب يعتقد أن التغييرات التي تحصل في تركيا هي من سنن الحياة، وأن عمله المتطلب المجهد يحتاج إلى حياة هادئة، تبدو الأحياء الغنية الوحيدة القادرة على توفيرها، دون أن يُبدِ إنزعاجا كبيرا من غياب التواصل مع سكان البنايات القديمة التي تجاوره.

ما يُميز الفيلم هو جو الحنين الذي يلفه، وأسلوبه المبتكر، بتحويل الحوارات التي أجراها مع شخصياته إلى ما يشبه المُناجاة، مشكلة الخلفية الصوتية للفيلم، وهو يتجول ما بين البيوت الباقية من الحي القديم. ما وراء الظاهرة الاجتماعية التي يتناولها العمل، هناك انتقاد واضح لما يجري في البلد، وكيف أن المدينة بقيمتها وميزاتها التاريخية الخاصة تهتز تحت ضربات معاول الأغنياء والشركات العملاقة. بيد أن هذه الأخيرة وعندما حاولت أن تصل إلى إحدى الأماكن الخضراء الباقية في وسط المدينة في عام 2013، فجرت غضباً شعبياً غير مسبوق

"يوم في .. سوريا"

الجزيرة الوثائقية - الدوحة

"صُنع بسحر"

نتابع يوم الجمعة 24 أبريل عرض المادة البرامجية الجديدة لقناة الجزيرة الوثائقية:  "يوم في .." والتي يُعرض من خلالها في الجمعة الأخيرة من كل شهر مجموعة من الأفلام التي تحكي عن الجوانب المتعددة سياسيا وثقافيا واجتماعيا وتراثيا لبلد من البلدان العربية.
من بلد الثورة والحرب، الخوف والمنفى، يكون موعدنا هذا الشهر مع  "يوم في سوريا" الجمعة 24 أبريل حيث تُعرض سبعة أفلام على مدار اليوم تتناول سوريا من زوايا متعددة.

نبدأ مع الإنشاد والتاريخ، فيلم "صُنع بسحر" .. وثائقي يحتضن في ثناياه باقة من المنشدين ومؤرخا يحدثنا عن تاريخ النشيد الديني؛ نشأته، وأهم  رجالاته. أما المنشدون فلكل منهم شكل خاص به، فمنهم من يحدثنا عن أنواع المقامات والنغمات، ومنهم من يحدثنا عن أماكن غالباً ما تقام فيها احتفالات مثل الزوايا والتكايا والمساجد ويحدثنا عن الحركات الجسدية التي تصاحب النشيد الديني لتزيده جمالاً وتفاعلاً كرقصة السماح والمولوية، وآخر يحدثنا عن النغم واللحن. رحلة صوفية رائقة يأخذنا فيها الفيلم.

قصة التشتت والمنفى يرويها فيلم "عابرون من الموتالذي يحكي عن هروب عائلات فلسطينية وسورية من جحيم نيران النظام السوري. يعايش الفيلم محاولاتهم للوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط حيث راحوا يبحثون عن وطن.

في مدينتي حية لا تؤذي أهل البيت، و صحن طعام يكفي ثلاثين شخصاً، و أبواب مفتوحة ليلاً نهاراً، و أنهار تجري في وسط البيت، وبيت كبير دمشقي مسحه شارع، وجدٌّ طاعن في السن لا يتوقف عن قراءة قانون الاستملاك

"يحكى أنه كان هناك..." هكذا تبدأ الحكاية التي يرويها الأجداد للأحفاد، هذه الحكاية التي كان يؤمن الناس بها و كأنها موجودة، ضاعت مع الأيام؛ فكثير من شوارع وأحياء دمشق القديمة تشوهت وتغيرت ملامحها، وأصبحت الحكايات بلا أمكنة. يروي فيلم "سقف دمشق وحكايات الجنةالأساطير الدمشقية بلسان أهلها وبلغة بصرية تحفظ للمدينة ذاكرتها التي بدأت تتغير مع الزمن.

فيلم "مسعفون تحت النارهو توثيق ميداني لمجموعة من الأطباء الميدانيين الذين يعملون تحت وابل البراميل المتفجرة التي يتم إلقاؤها بشكل يومي فوق مدينتهم "حلب" ومحاولاتهم المستمرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح.

"فارس بك السوري"

عن الشاعر الذي ألقى بنفسه من فوق سطوح منزلهم وهو صغير، لاكتشاف شعور جديد، واتهمه أهله بالجنون غير مدركين لعبقريته، تحكي حلقة "بصمات" سيرة الشاعر السوري "نزار قباني" .. شاعر الثورة والحب.

"شقيقان في الجبهة" يحكي قصة شقيقين قررا البقاء في أرض سوريا لمواجهة نظام الأسد, وتعاهدا على عدم الرحيل عن الأرض حتى يروا سقوط ذلك النظام.

أما فيلم "فارس بك السوري فيروي قصة حياة أحد المساهمين في وصول سوريا إلى استقلالها، ضمن عمله الدبلوماسي والسياسي الذي مارسه على امتداد حياته التي عرفت جزءا من الدولة العثمانية إلى جانب الاستعمار الفرنسي الذي عاشته سوريا، وصولا إلى الاستقلال الذي كان لفارس بك السوري دور مهم فيه. الفيلم يبحث الجانبين الشخصي الخاص والدبلوماسي العام المرتبط بالشخصية: فارس الأديب والمحامي والدبلوماسي والحقوقي، وفارس ابن الضيعة.

الجزيرة الوثائقية في

19.04.2015

 
 

«ما نموتش» للمخرج نوري بوزيد..

يستهل عروض أسبوع الفيلم التونسي

عمان - ناجح حسن

تنظم مؤسسة عبد الحميد شومان بالتعاون مع وزارة الثقافة التونسية أسبوع الفيلم التونسي، الذي يضم جملة من الأفلام التسجيلية والروائية بشقيها الطويل والقصير، وذلك بحضور صانعيها، جميعها تسرد وقائع وتفاصيل في الحياة اليومية، مثلما تحكي أيضا عن هموم وتطلعات شرائح إجتماعية متعددة، أنجزها مخرجون مكرسون وشباب بأساليب ورؤى بليغة الأفكار والجماليات في سنوات ما بعد التحولات السياسية التي شهدتها تونس في الأعوام الأربعة الأخيرة.

تنطلق عروض الأسبوع الساعة السابعة مساء اليوم في صالة سينما الرينبو بجبل عمان بالفيلم الروائي الطويل المعنون (ما نموتش)، وذلك بحضور مخرجه الشهير نوري بوزيد، الذي سيجري حوارا مع الحضور عقب العرض يديره الناقد والباحث السينمائي التونسي عبدالكريم قابوس.

بلاغة جمالية

شكلت مجموعة أفلام المخرج التونسي نوري بوزيد: (ريح السد، صفائح من ذهب، بزنيس، بنت فاميليا، عرائس من طين، آخر الفيلم، وما نموتش)، التي حققها طيلة الخمسة والعشرين عاماً الماضية، تحولاً جذرياً في مسار السينما التونسية والسينما العربية الجديدة عموما، فضلاً عما أثارته من أصداء الإعجاب والجدل في أدبيات النقد السينمائي.

بدأت مسيرة اعمال بو زيد السينمائية العام 1985، وذلك بفيلمه المعنون (ريح السد)، وكان بمثابة الصدمة لدى صناع السينما العربية، وأنقسمت حوله الأراء والتعليقات النقدية، عندما قدم صورة غير نمطية للشخصية اليهودية.

صوّر بوزيد الذي درس السنيما في بروكسل (بلجيكا)، فيلمه الأول (ريح السد) الحائز على جائزة النقاد الخاصة في مهرحان (كان) السنيمائي الدولي العام 1986، وفيه حاكى موضوعاً من داخل البيئة التونسية، شارحاً الكثير من الوقائع والتفاصيل بأسلوبية متمكنة من عناصرها الجمالية والدرامية، ويضج بالشخصيات الملتبسة في انكساراتها اليومية، من بينها شخصية عجوز تونسي يجيد العزف على العود ولا يجد بطل الفيلم الشاب الذي واجه تحديات اجتماعية قاسية ذاته الا ازاء هذا الشخصية،التي آثرت ان تقضي باقي ايام حياتها في تونس، وهو ما حدا بالنقاد الى طرح قضايا واسئلة فكرية تتعلق برؤية المخرج تجاه الدين والعديد من المفاهيم المتعلقة بالآخر وبالضعف الانساني والتسلط والقمع والاستبداد، معاناة المرأة، الشعوذة، التبعية، التربية، مفهوم النصر والهزيمة والتمسك بالموروث القديم.

اكثر ما يلفت في هذا الفيلم وعموم افلام بوزيد ذلك القدر الفائض من حجج الإقناع التي تنهض على واقعية وثيقة الصلة بحميمية المكان وهموم وتطلعات الافراد والجماعات ولا تغفل تلك المفردات البصرية في تكوينات وزوايا مناظر اللقطات التي تنفذ الى دواخل المتلقي بسلاسة وشفافية وهي محملة بالافكار المتباينة المشرعة على فضاءات التأويل الرحبة في الخطاب السينمائي العربي.

صفائح من ذهب

يستخدم بوزيد الجسد الانساني في اكثر من موضع بافلامه الذي يرى فيه متنا للتعبير عن تطاحن الانسان مع الواقع الصعب، كاشفا من خلال فيلمه المعنون (صفائح من ذهب) 1989 عن أجساد انهكها العذاب وانتهكت حقوقها بفعل حجم العذاب والقمع الذي تتعرض له شخصية الفيلم الر ئيسية.

ويعالج نوري بوزيد بفيلمه التالي (بزنيس) الذي عرض للمرة الاولى في مهرجان كان العام 1992 وهو يحتشد بمضامين متعددة قدمت باسلوبية سينمائية وجدت الصد من النقاد العرب نظرا للأشكال والأنماط التي اتبعها بوزيد ليتلافى عقبة تمويل افلامه، حيث اختار موضوعا سياحيا يقترب من الفجاجة لرغبة المخرج في نيل موافقة الممول والموزع الأوروبي.

لكن بوزيد يمضي في مسيرته السينمائية متجاوزا سقطة فيلمه (بزنيس) 1998 ليعالج بفيلمه المسمى (عرائس الطين) 2002 هموم اولئك المهمشين والفقراء من بين قاطني الأحياء الواقعة في اطراف المدن الكبيرة.

في السنوات التالية تصدى بوزيد الذي مارس الكتابة السينمائية والعمل في غرف المونتاج قبل ان يقف وراء الكاميرا، بكل جرأة إلى مواضيع حساسة في المجتمع التونسي، قلما حاكتها موضوعات نظرائه من بين المخرجين التونسيين والعرب حيث طرح بفيلميه الاخيرين تداعيات الحرب على الارهاب عقب أحداث الحادي عشر من ايلول 2001، وجاءت رؤيته الفطنة لشخصية بطله في فيلم (اخر الفيلم) 2010 الشاب الاتي من عائلة مترفهة ويرغب في ممارسة احد الوان الترفيه الغربي في الموسيقى والرقص الذي يواجه بالرفض من مجتمعه، مما يجعله يصاب بالنكوص ويقع بالتالي في احدى حلقات الجماعات الأصولية التي عملت على تسخيره في نشاطاتها.

آخر الفيلم

التقط بوزيد احداث فيلمه (آخر الفيلم) عن قصة تبدو تقليدية وإن لم تخل من مسحة في الجرأة، فهناك بطله الشاب البائس الممزق والذي يتطلع إلى الهجرة ويعمل راقصا في الشوارع ويمارس حياة الإحباط والبطالة وسط ظروف فقر صعبة وعدم شعور بالأمان الاجتماعي، ولكن نمط حياته اليومية يتغير بعد أن انجرف إلى عالم الانتهازيين السياسيين وقوى التطرف والتعصب، بيد انه يرفض الاستمرار في حياته الجديدة ويقرر التراجع والانتقام ممن أوصلوه إلى هذه النهاية المحتومة.

يلجأ بوزيد الذي امضى في السجن ابان حقبة بن علي خمسة اعوام في السجن لاسباب سياسية، إلى أكثر من حيلة بصرية في توظيف شخصيته الحقيقية كمخرج للعمل بين مشاهد الفيلم، حيث يخلط أمام المشاهد بين الكواليس التي تدور فيها الأحداث وبين تلك التعليمات والتوجيهات إلى ممثله البارع لطفي العبدلي الذي استطاع أن يظفر بجائزة المهرجان لأفضل ممثل في اكثر من مهرجان، وكثيرا ما ظهر الجدل بين الممثل والمخرج على الشاشة حين يرفض الممثل في جدل حقيقي لم يكن معدا له في سيناريو الفيلم الاستمرار في أداء دوره المرسوم بحسب السيناريو الموضوع للفيلم، وغالبا ما يكون الجدل واحتدامه في أمور الدين وفيما إذا كانت قادرة على وضع الحلول المناسبة لمشاكل الإنسان في الزمن المعاصر.

في آخر أفلامه (ما نموتش) 2012 يتعرض بوزيد الى ما آلت إليه الحالة الاجتماعية في تونس ويصوغها بمعالجة درامية فيها الكثير من المواقف السوداوية والمفارقات في التفكير والرؤى التي ينتهجها ابناء الاسرة الواحدة على خلفية موضوعات السفور والحجاب وعمل المرأة والسجن والمعارضة السياسية والخضوع لممارسات تيارات فكرية متشددة تهيمن على الشارع التونسي اليوم.

ادى بوزيد في الفيلم دور عازف أكورديون اعمى، يسقط أرضا مصابا بجروح وكدمات فى إحدى المصادمات بين الشرطة والمتظاهرين عشية الثورة التونسية، ويتبدل الخوف من وجهه حين يلتقط الناس الأوكورديون من الأرض ويسلمونه إياه ثم يتسلمه بسعادة وحنين لكن قبل نهاية الفيلم يكون الرجل قد مات لتتالى صورته وهو جثة مسجاة يجري غسيلها وتكفينها كفواصل تجمع بين اجزاء الفيلم.

تمحور الفيلم حول قصة فتاتين صديقتين تعملان فى مطعم، إحداهما متمسكة بزي الحجاب، والاخرى تواكب الموضة الحديثة الدارجة، تتبخر آمالهما بعد رهانهما الفاشل على قدرة الثورة التي شهدتها تونس حديثا من تخليصهما من مشاكلهما أو في تحقيق تطلعاتهما في الأمل والحرية والعمل والكرامة.

نتاجات جديدة

ويضم الاسبوع جملة من احدث نتاجات السينما التونسية كان احتفى بها الكثير من النقاد وعشاق الفن السابع لدى عرضها في العديد من مهرجانات السينما العربية والدولية ونالت فيها جوائز رفيعة.

وتختتم العروض التي تشتمل على الفيلم التسجيلي الطويل (شلاط تونس ) للمخرجة كوثر بن هنية، يوم الخميس المقبل مع اقامة حفل غنائي للفنان التونسي الشاب ياسر الجرادي الذي صار يشكّل ظاهرة في الحياة الفنية لتونس.

يشار إلى أن فعاليات أسبوع الفيلم التونسي تأتي بمناسبة الإحتفال بمرور خمسة وعشرين عاماً على برنامج (السينما) في مؤسسة عبد الحميد شومان، الهادف إلى نشر الثقافة السينمائية من خلال التعريف بأهم إتجاهات وأساليب السينما العربية والعالمية.

عبدالكريم قابوس.. ذاكرة الثقافة السينمائية التونسية

عمان - الرأي

يحتل الناقد والباحث السينمائي التونسي عبد الكريم قابوس مكانة مرموقة في حقل تأريخ وتنشيط الثقافة السينمائية العربية، حيث اسهم مع اقرانه من رواد النقد في بلورة تيار «السينما البديلة» التي كانت اشبه بتمرد على انماط وقوالب السينما العربية السائدة.

جال قابوس الذي يرافق عروض اسبوع الفيلم التونسي، محللا ومحاضرا حول اتجاهات السينما التونسية الجديدة بالكثير من الملتقيات والمناسبات والمهرجانات السينمائية العربية الموزعة بين مدن وعواصم عربية وعالمية تونس، باريس، كان، بيروت، دمشق، القاهرة، الرباط، بغداد، الجزائر واليوم في العاصمة عمان، قدّم من خلال قلمه المدعّم بثقافة التنوير رؤى جمالية وافكار بليغة اثرى فيها ثقافة عشاق السينما من بين رواد النوادي والاحتفاليات السينمائية بالوان بديعة مما تنطوي عليه السينما المهمشة الاتية من بلدان العالم الثالث وسينما الشباب من عناصر ومفردات الخطاب السينمائي.

تعتبر كتابات ومؤلفات الناقد قابوس-من بينها (السينما العربية 1984) و(الصمت.. الكاميرا تدور)-والموزعة منذ عقد السبعينات من القرن الفائت في الكثير من الصحف والمجلات والاصدارات العربية والاجنبية وهي تغطي جزءا لا يستهان به في الموروث الابداعي التونسي فضلا عن كونها ذاكرة للسينما التونسية والعربية عموما.

اسهمت اشتغالات قابوس مع نفر قليل من زملائه مثل المؤرخ السينمائي الراحل الطاهر الشريعة احد ابرز مؤسسي مهرجان ايام قرطاج السينمائي في استمرارية حالة النهوض بالسينما العربية الجديدة، وامتدت الى السينما في القارات الثلاث افريقيا وآسيا واميركا اللاتينية والعالم الثالث، كانت غايتهم الاساسية تنشيط البيئة السينمائية خاصة كجزء لا يتجزأ وظاهرة لا يجوز أن تتوارى عن الظواهر الاخرى من البيئة الفنية والفكرية عموما وذلك بتمكينها من الانجاز والتجديد والابتكار، وتبدى ذلك خلال فترة انعقاد أيام قرطاج السينمائية الذي مثل جسرا حيويا لطاقات الابداع السينمائي في الثقافتين العربية والافريقية.

في اكثر من مقال وندوة برع قابوس في قراءة وسرد تاريخ السينما وظلت رؤيته وشهادته تشكل مرجعا موثوقا غنيا بالوقائع والاحداث والتفاصيل المتعلقة بروادها واجيالها الجديدة من مخرجين وممثلين وتقنيين وظروف الانتاج والتوزيع فيها وتنوع اساليبها التي طالما استفاد منها نقاد وباحثون ودارسون مهتمون بهذا الحقل الابداعي.

اتسمت كتابة قابوس النقدية بذلك الاعتناء الادبي الذي يقترب من شاعرية النص وهو يفيض باناقة الاسلوب والبلاغة وصراحة التعبير ودقته حول واقع وأسئلة وآفاق السينما في تونس منذ فجر السينما، مرورا بالحركة السينمائية قبل الاستقلال ودور الجاليات الاجنبية في تاسيس الصالات وشركات الانتاج والتوزيع، وصولا الى الحياة السينمائية وقدرتها على الانجاز امام تحديات التمويل.

لا يدعي قابوس ان شغفه بالسينما وممارسته في الكتابة عنها باللغتين العربية والفرنسية يأتي لمتعة شخصية وانما لقدرة تأثير الفيلم في محاكاة المتفرج وقدرته على طرح اسئلة العيش اليومي والغوص في فضاءات رحبة.

الرأي الأردنية في

19.04.2015

 
 

إقحام مشاهد… ولافتة «للكبار فقط» إشاعة

خالد الحلفاوي مخرج فيلم «زنقة ستات»: السبكي لم يطلب مني

القاهرة – «القدس العربي»:

بعد اسبوع واحد من طرحه في دور العرض المصرية حقق الفيلم الكوميدي زنقة ستات ايرادات اقتربت من مليوني جنيه، بالاضافة الي الاشادة الجماهيرية والنقدية التي حظي بها الفيلم، خاصة مخرجه الذي يمثل هذا العمل اولى تجاربة الإخراجية، المخرج خالد الحلفاوي في حوار مع «القدس العربي»:

«زنقة ستات» أصبح فيلم الموسم، هل كنت تتوقع هذا النجاح؟

□ الفيلم يحمل طابعا كوميديا، وفيه مجموعة من الشباب الموهوب جدا في التمثيل وهم لديهم جمهور كبير، كنت أنتظر أن يعجب الفيلم الناس لبساطة الفكرة، لكن لم أتوقع كل هذا الإقبال والإشادة بالمستوى الفني للفيلم، هو التجربة الاولى بالنسبة لي في الإخراج لكني عملت قبل ذلك كمساعد مخرج في عدة أفلام مثل «الحرب العالمية الثانية» و«الجزيرة 2 » وغيرها، واستوقني هذا السيناريو الذي كتبه هشام ماجد وكريم فهمي، واختيار الممثلين كان تحديا بالنسبة لي أن اكتشف داخلهم روحا جديدة اقدمهم بها، صورنا الفيلم في 18 يوما فقط متفرقة على عدة أشهر، توقفنا كان بسبب الحصول على بعض تصاريح التصوير الخارجي.

فريق الممثلين يقدم لأول مرة ادوارا كوميدية، عدا الفنانة إيمي سمير غانم، كيف تعاملت معهم؟

□ البداية كانت من السيناريو الذي كتبه هشام ماجد وكريم فهمي، فهما لديهما تجارب سابقة في كتابة السيناريوهات الكوميدية آخرها فيلم الحرب العالمية الثالثة الذي حقق ايرادات كبيرة، وأنا أثق في ما يقدمونه، عندما عرض علي إخراج الفيلم كان فريق العمل قد تم اختياره بالفعل، حاولت أن أجتهد في ابراز طاقات جديدة خاصة للفنانين الذين لم يسبق لهم أداء أدوار كوميدية مثل حسن الرداد ونسرين عامر ومي سليم وآيتن عامر، أما الفنانة إيمي سمير غانم فهي محترفة أدوار كوميدية بالفطرة، كانت أكبر مشكلة واجهتني معهم هي السيطرة على أدائهم الكوميدي حتي لا يتحول الى المبالغة في صنع الكوميديا، تركيبة الشخصيات ليست كوميدية، لكن الفيلم يعتمد على كوميديا الموقف، مثلا الفنانة نسرين أمين طلبت منها أن تؤدي دور البلطجية بمنتهى الجدية، الفنانة آيتن عامر ايضا قدمت دور الفتاة المتدينة ومي سليم في دور الراقصة، بالعكس في بعض المشاهد نجد مواقف درامية بعيدة عن الكوميديا. 

بعض الجمهور والنقاد لهم موقف من أفلام السبكي، كيف تجاوزت هذه النظرة؟

□ السيناريو كان هو الحكم الأول بالنسبة لي، كما ذكرت أثق في ما يكتبه هشام ماجد وأثارني الفضول لقراءة السيناريو، فضلا عن أن النظرة المسبقة عما يقدمه المنتج أحمد السبكي غير موضوعية، هناك أفلام قدمها ونالت إشادة نقدية مثل «كبارية» و»الفرح وساعة ونص» و»الحرب العالمية الثالثة»، الذي عملت شخصيا معه في هذا الفيلم، وهو من المنتجين القلائل الذين استمروا في إنتاج الأفلام خلال سنوات ركود الصناعة، وقدم نوعيات مختلفة من الأفلام، إن كان الهجوم على أغنية فيلم أو مشهد، فهي قد تخص منظومة التوزيع، فهو لم يطلب مني تغيير مشهد أو إقحام مشهد أثناء تصويري الفيلم.

هل ستكرر التجربة مرة اخرى مع السبكي، وهل ممكن أن تتحول الى الدراما التلفزيونية؟

□ لما لا، هناك بعض المشاريع أعكف على قراءتها حالياً وربما نتفق قريباً على عمل منها، أما العمل في التلفزيون فلا يختلف عن السينما، المهم هو أن أجد نصا جيدا.

هل طلبت الرقابة تعديل أو حذف أي مشهد من الفيلم؟

□ نهائياَ، لم تحذف أي مشهد، ولا أدري من أين جاءت بعض المواقع بمعلومة أن الفيلم مخصص للكبار فقط، هي مجرد اشاعة، صالات العرض وملصقات الفيلم لا تضع هذه الملحوظة، الرقابة لم تجيزه للكبار فقط بل لكل الأعمار.

القدس العربي اللندنية في

19.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)