كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

السينما يقدمها: حسام حافظ

شادية.. دكتوراه في"سينما البهجة"

 

سألوا سيدة الغناء العربي:"الناس كلها تسمع أم كلثوم.. طيب أم كلثوم بتسمع مين؟".. فأجابت بدون تردد:"شادية" ومن الطبيعي أن تشير أم كلثوم إلي شادية في تلك الفترة فقد كانت نجمة السينما المحبوبة منذ عام 1947 وحتي السبعينات تغني وتمثل وتدخل الفرحة إلي قلوب الملايين فأصبحت صانعة البهجة والسعادة من خلال 112 فيلماً ومئات الأغاني.. وهذا الأسبوع حصلت شادية علي الدكتوراه الفخرية من اكاديمية الفنون وتحلم د.أحلام يونس رئيس الاكاديمية أن تحضر شادية يوم 27 ابريل الحالي وتتسلم الدكتوراة بنفسها. ولو حدث لانقلبت الدنيا ليصبح أهم أحداث العام بلا منازع. لأن شادية قررت الاعتزال منذ 30 عاماً ولم تخرج للأضواء ولو مرة واحدة. حتي عندما كرمها مهرجان القاهرة السينمائي في التسعينات. 

شاهد الجمهور شادية لأول مرة في فيلم "العقل في أجازة" وهو أول أفلام المخرج حلمي رفلة عام 1947 وقامت ببطولة الفيلم أمام محمد فوزي وصنعت معه "دويتو" فني في أفلام "الزوجة السابعة" و"صاحبة الملاليم" و"بنات حواء" واشتهرت بالدويتو مع كمال الشناوي وعماد حمدي في الخمسينات وقدمت أفلام:" عدل السماء" و"الروح والجسد" و"ساعة لقلبك" و"أشكي لمين" و"أقوي من الحب" و"ارحم حبي" كما ظهرت مع إسماعيل ياسين في تلك الفترة. 

وفي الستينيات شكلت دويتو مع صلاح ذوالفقار في أفلام:"أغلي من حياتي" و"مراتي مدير عام" و"كرامة زوجتي" و"عفريت مراتي" وهي من أفلام الكوميديا الاجتماعية الراقية فأصبحت صانعة سينما البهجة إلي جانب ذلك قدمت أدواراً من الصعب نسيانها في تاريخ السينما المصرية منها دورها في فيلم "المرأة المجهولة" اخراج محمود ذوالفقار عام 1959 أمام كمال الشناوي في دور عباس أبوالدهب وكذلك كل أعمالها مع الأديب الكبير نجيب محفوظ في أفلام: "اللص والكلاب" و"زقاق المدق" و"الطريق" و"ميرامار" ومع قصة ثروت أباظة في "شيء من الخوف" اخراج حسين كمال أمام محمود مرسي ومع قصة يوسف السباعي "نحن لا نزرع الشوك" وكانت المطربة الوحيدة التي ظهرت في بعض الأفلام كممثلة دون أن تغني رغم انها اشتهرت بلقب "دلوعة السينما" ولكن هذا اللقب يرتبط بالمرحلة الأولي في حياتها الفنية خلال الخمسينيات وتنوعت أدوارها بعد ذلك وعملت مع يوسف شاهين في فيلم "إنت حبيبي" أمام فريد الأطرش. 

ومن تجارب شادية الفريدة في السينما فيلم "أضواء المدينة" اخراج فطين عبدالوهاب عام 1972 وشاركها مجموعة ضخمة من النجوم أحمد مظهر وعادل أمام وحسن مصطفي وعبدالمنعم إبراهيم وسمير غانم وجورج سيدهم وإبراهيم سعفان وقدمت في هذا الفيلم 9 أغنيات من ألحان بليغ حمدي. 

عندما نقول عن شادية انها صانعة البهجة فإن هذه هي الحقيقة التي جسدتها شادية علي الشاشة في رحلتها الطويلة من البنت الدلوعة أمام محمد فوزي وإسماعيل ياسين وفريد الاطرش إلي العاشقة الجميلة مع عبدالحليم حافظ في "لحن الوفاء" و"معبودة الجماهير" إلي بطلة روايات نجيب محفوظ في الستينات ثم فؤاده في "شيء من الخوف" والتي اعتبرها النقاد مصر التي تبحث عن الحرية والخلاص.

"كينجزمان" "الاستخبارات السرية":

جيمس بوند "الضاحك" .. في السينما البريطانية

السخرية من جدية عمل المخابرات البريطانية احدي وسائل اثارة الضحك في الأفلام الكوميدية. بل ان المؤلفين الذين اخترعوا شخصيتي "جيمس بوند" و"شيرلوك هولز" كان هدفهم الأساسي تقريب تلك الشخصيات التي تمثل أجهزة الأمن البريطانية الي عامة الناس من مشاهدي السينما ومتابعي المسلسلات التليفزيونية. وعلي نفس الخطي فعل المخرج ماثيو فون في فيلم "الاستخبارات السرية" المأخوذ عن كتاب بنفس الاسم لمارك ميللر وديف جيبونز. 

قام النجم كولين فيرث بدور هاري عميل المخابرات البريطانية المتقاعد الذي قام بتأسيس وكالة خاصة باسم "كينجزمان - الخدمة السرية". والطريف ان هاري أراد أن يبدأ عمله بتجنيد أحد أولاد الشوارع ايجزي "تارون ايجرتون" لمجرد ان والده أنقذ حياة هاري ذات يوم. والمفترض أن يعمل هذا الشاب الصايع مع الاستخبارات السرية. ولمزيد من الكوميديا يقوم النجم الأسمر صمويل جاكسون بدور رئيس الجهاز ريتشموند فالنتين. الذي يريد انقاذ العالم من ظاهرة الاحتباس الحراري بقتل عدد أكبر من البشر حتي يتمكن الباقون من الحياة علي كوكب الأرض! 

المجهود الذي يبذله هاري لتجنيد واعادة تربية الشاب الصايع ايجزي يذكرنا بمسرحية "سيدتي الجميلة" المأخوذة عن نص "بيجماليون" لبرنارد شو. ولمزيد من السخرية فان مقر وكالة الاستخبارات الخاصة عبارة عن محل ترزي في أحد شوارع لندن ولكن في الداخل تجري الاجتماعات والتدريبات للعملاء الجدد. 

كان الكاتب إيان فلمينج مبتكر شخصية جيمس بوند عام 1954 يعمل بالمخابرات البريطانية. وقد أظهرت السينما هذه الشخصية في 24 فيلما حتي الآن وحظيت بشعبية كبيرة ساهمت في رواج أفلام الأكشن التي قدمت جيمس بوند. الجديد في تجربة "كينجزمان" ان المخرج ماثيوفون وكاتب السيناريو جين جولدمان أعطوا مسحة كوميدية لأفلام المفترض أنها تقدم الجاسوسية والأكشن.وساعدهم علي ذلك قدرات الممثل كولين فيرث الذي أصبح قادرا علي تقديم نوعيات مختلفة من الأدوار. وقد تألق وحصل علي الأوسكار عن دوره في فيلم "خطاب الملك" وهو دور جاد يختلف تماما عن دور هاري في "الاستخبارات السرية". 

من العيوب الكبري في سيناريو أفلام الجاسوسية ان الأشرار دائما من خارج الجهاز أي في معسكر الاعداء دائما. ولكن في فيلم "كينجزمان" حاول ماثيوفون ان يجعل الأغبياء موجودين في المعسكرين بما انه يقدم كوميديا تهدف الي التسلية بشكل أساسي. ويكون اصرار هاري علي تحويل ابن الشوارع اللص الي عميل في الاستخبارات السرية وهي محاولة تصنع الكوميديا في حد ذاتها وفيها اشارة الي استخدام الطبقات الدنيا في العمل من أجل حماية مصالح الطبقة الحاكمة في بريطانيا. 

مشهد المعركة بين هاري وعصابة أولاد الشوارع داخل محل الترزي كرره المخرج في الفيلم أكثر من مرة. بالطبع هو من مشاهد الاكشن الناجحة والمصنوعة بحرفية عالية. يبدأ بغلق هاري للأبواب بالترابيس وهو ما يدل علي ثقته بنفسه وقدرته علي هزيمة تلك الفئران المحبوسة داخل المحل. ثم يبدأ هاري في استخدام كافة الأسلحة الخادعة مثل المظلة التي يطلق منها النار وغير ذلك. 

حافظ الفيلم علي المحاكاة الساخرة لقصة تجنيد العميل الشاب. هي قصة غير واقعية ولكن في اطار الكوميديا والاكشن أصبحت مقبولة. ويبدو أن السينما البريطانية في حاجة الي الخروج من الشكل التقليدي من حين لآخر وتقديم هذه النوعية من الكوميديا الممزوجة بأفلام الحركة. 

نادى السينما يكتبه هذا الاسبوع أحمد عبد العال

السينما المصرية.. تسترد بعضاً من حيويتها

في الاستفتاء السنوي لجمعية نقاد السينما المصريين الذي عقد مساء الأحد 24/3/2015 لاختيار أحسن فيلم مصري وأجنبي عن العام المنصرم 2014 تباينت الآراء واختلفت الخيارات. لكن المشترك العام بين الحضور كان مؤداه أن السينما المصرية في موسمها 2014 استردت بعضاً من حيويتها وبعضاً من طاقاتها المهدرة علي الأقل من الوجهة الفنية والمهنية.

وقد أسفرت القائمة الأولي عن الترشح لجائزة أحسن فيلم مصري عن استبقاء 5 أفلام من إجمالي 36 فيلماً مصرياً عرضت عن الفترة يناير - ديسمبر من العام الماضي.. وتضمنت القائمة عناوين الأفلام التالية:

1- "فتاة المصنع" إخراج محمد خان. 2- "الخروج للنهار" إخراج هالة لطفي. 3- "الفيل الأزرق" إخراج مروان حامد. 4- "الجزيرة 2" إخراج شريف عرفة. 5- "ديكور" إخراج أحمد عبدالله وبعد حوار مفتوح وتفنيد كل فيلم علي حدة وبيان مسوغاته من الوجهة النقدية أسفر الاستفتاء عن فوز فيلم "الخروج للنهار" إخراج هالة لطفي بجائزة أحسن فيلم مصري عن العام 2014 وقد شاركه في نفس النتيجة عن الفيلم الأجنبي فوز فيلم "فندق بودابست الكبير".

وقد تبين ان الوزن النسبي للأفلام التي قوبلت بحفاوة عن العام 2014 من قبل الجمهور والنقاد علي حد سواء ربما تشير إلي أن السينما المصرية ربما في سبيلها إلي استعادة عافيتها وان جمهور الطبقة الوسطي ربما كان هو الآخر في طريقه إلي إعادة التوازن إلي السوق ورد الاعتبار إلي دور العرض علي اعتبار ان مشاهدة السينما بعيداً عن عروض التليفزيون واحدة من الطقوس الاجتماعية الاحتفالية بامتياز.

وأن ما شاهدته السنوات الماضية من هيمنة نوعية معينة من الأفلام وسيطرة جمهور بعينه علي دور العرض لا يعني ان حق مشاهدة الأفلام في ظروف عرض آدمية سقط بالتقادم وان السينما تتجلي بسحرها وأجوائها المجتمعية الحميمية عندما يصبح الذهاب إلي دور العرض مقترناً بحق الجمهور في التمتع بمشاهدة الأفلام دون أن ينتقص ذلك من آدميته شيئا أو النيل من خصوصيته أو التعدي علي تقاليد الفرجة الواجب مراعاتها والالتزام بها.

إن عودة جمهور الطبقة الوسطي إلي دور العرض ربما تسهم في تصحيح مسار السينما المصرية وانتشالها من المسارات الجانبية التي كادت تقضي عليها فضلا عما يشكله عودة هذا الجمهور تحديداً من دعم مباشر وغير مباشر للسينما الشابة الجديدة والتيارات المستقلة التي تحاول مناقشة السينما السائدة واختراق احتكاريتها للسوق.

ربما كان من شأن ذلك كله دفع الجمهور الكثيف باتجاه رؤية ما لم يسبق له رؤيته من سينما مختلفة ومغايرة والتمتع بمشاهدة سينما مصرية جديدة قادرة بأجوائها وابداعيتها علي إحداث الدهشة وإحياء سحر السينما واستدعائه مرة أخري بعيدا عن تلك السينما العجوز التي تبعث علي الرتابة والملل.

الجمهورية المصرية في

15.04.2015

 
 

"برّية": ذاتٌ على درب المحيط الهادي

سليمان الحقيوي

في فيلمه "بريّة"، يشتغل المخرج الكندي جان مارك فاليه على كتاب المذكرات "برية: من مفقودة إلى موجودة على درب المحيط الهادي" الذي وثَّقت فيه الكاتبة شريل سترايد رحلة الألف ومئة ميل التي قررت خوضها لاستعادة حياتها. ورغم أنّ الفكرة كانت تبدو غير جذابة لمخرج "نادي دالاس للمشترين"، إلا أنّه عرف كيف يجعل هذا النص جديراً بالشاشة الكبيرة.

تلعب الممثلة ريس ويذرسبوون دور الكاتبة شريل سترايد التي قررت سنة 1995 خوض رحلة مشي شاقة، بهدف تصحيح مسار حياتها التي عرفت انتكاسة كبيرة؛ بدأت بفقدانها لوالدتها ثم استمرت خساراتها مع اختبارها تجربة زواج فاشلة ودخولها عالم الإدمان الذي جرّها إلى مجموعة من العلاقات العابرة كانت تفقد فيها ذاتها. وبعدما شارفت حياتها على الانهيار، جاءت فكرة الرحلة من دون إعداد مسبق. ولا تقتصر حكاية سترايد على ظروف رحلتها الشاقة، بل ضمّنتها أيضاً مغامراتها الجنسية بتفاصيل دقيقة، والتي كانت عاملاً مهماً في رواج كتابها.

القصة تحمل سمات أفلام الطريق، لكنها أيضاً تفتح الذاكرة على الماضي، إذ تتذكر سترايد اللحظات التي أمضتها مع والدتها (لورا ديرن)، عنف والدها، إلى جانب حياة الإدمان والمغامرات.

تتمنى أن تعود بالزمن لتغيير خياراتها من جديد، لكن هذه الحياة الماضية كانت بمثابة المؤنس لها في رحلتها الشاقة، إذ كلما كانت تحس بالرغبة في الاستسلام وجدت فيها دافعاً للاستمرار.

يؤكد جان مارك فالي في هذا العمل قدرته على إخراج أفلام تحمل لمسته الخاصة، وعلى الخوض في قصص لا يراهن عليها من لا يمتلك حسه الفني. وفالي معروف بإسناده الأدوار الرئيسية لأصحاب مواهب حقيقية، كما فعل في فيلم "نادي دلاس للمشترين" الذي اختار له ماثيو ماكوناهي.

وها هو هنا يسند دور البطولة للممثلة ويذيرسبوون (الحائزة على الأوسكار سنة 1995عن فيلمها "المشي على الخط"، وكانت ضمن المرشحين لنيلها هذه السنة عن دورها في هذا الفيلم) ويقنعها بالدور بصعوبة كبيرة بعدما ارتعبت من كمّ المشاهد الجنسية التي يتضمنها النص، حيث لم تعتد هي أو جمهورها على مشاهد مماثلة.

ورغم احتفاظ الفيلم ببناء حكاية سترايد وخطّيتها، إلا أن كاتب السيناريو، نيك هورنبي، عرف كيف يجعل القصة متوازنة بين خطين سرديين؛ أحدهما يستقصي الرحلة بتفاصيلها، والآخر يسترجع الماضي بذكرياته السوداء، كما عرف كيف يجعل المشاهد الجنسية تمر كشريط سريع من دون أن تتجاوز دورها كأحداث جانبية، بخلاف التفاصيل التي جاءت في النص الأصلي.

رحلة سترايد بمثابة تطهير روحي ووجهة استرجاع لحياة مفقودة ومدمّرة، كانت شريل قبلها مجرد شبح لإنسان ينتظر دوره في طابور الموتى، وصارت بعدها امرأة كما أرادتها والدتها أن تكون، تعيش بالحب رغم كل شيء.

"ليفياثان": الكاميرا مثل عينٍ خائفة

مقداد خليل

من الصعب العثور على كتاب أو فيلم روسي يتهكّم أو يفضح انحطاط مؤسسات الدولة الروسية في عهد بوتين ومن سبقوه، مثلما يفعل فيلم أندريه زفياجينتسيف؛ "ليفياثان"، الذي رُشِّح لنيل جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي لدورة هذا العام، من دون أن ينالها. رغم وقوع أحداث الفيلم في بلدة واقعة على بحر بارنتس في الأقاصي، لكن ذلك لا يمنعه من أن يكون مرآة لأداء حكومة المركز في المدن الكبيرة.

مدخل الفيلم لقطات سريعة فجراً، نرى فيها، على خلفية موسيقى مضطربة، سماء مكفهرّة، حطام سفن وهيكلٌ أبيض لحوتٍ ضخم لا يُعرَف إن كان طبيعياً. ونرى منزلاً كبيراً، وحوله فوضى من ركام معادن. ذلك المنزل والأرض المحيطة به هما محور الدعوة القضائية التي تُنسَجُ حولها الأحداث والمقولات. عمدة البلدة فاديم يطالب بالأرض التي يشغلها المنزل ومرفقاته، متحالفاً مع سلطة الكنيسة الأرثوذكسية التي ينحني أمامها (وفي هذا إشارة إلى النكوص والعودة إلى عهود أدوار الكنيسة، بعد عقود من الانحسار إبّان الإدارة الشيوعية).

 يستميت صاحب الأرض، كوليا الروسي البسيط، المنفعل، مع ابنه الفتى روما، وليلي التي تزوجها بعد وفاة والدة الفتى، تشبُّثاً بأملاكهم. يأتي من العاصمة موسكو صديقه، المحامي ديما، مؤازراً، وبحوزته ملف خاص بفساد العمدة، وهدية في علبة مغلفة للابن روما الذي لا يبدي أي احترام لزوجة الأب الجميلة، المتّشحة بمسحةٍ من الكآبة.

"يكشف ازدراء القانون وتحكُّم العصابات عبر مؤسسات الدولة"

في الداخل، الأصوات العالية ومشاعر القلق، زجاجات فودكا وسجائر، وعلى حفاف النوافذ أزهار ليلي يانعة في الأصص.

يكسب العمدة، ويصدر قرار الحجز على أملاك كوليا. العمدة ثملٌ في بارٍ تتصدّره جداريّة حول "العشاء السرّي". صباحاً يدّعي كوليا على العمدة لقيامه وهو سكران بمحاولة إرغامه على إخلاء منزله من دون إذنٍ من المحكمة، فيُستوقَف هو. يتوالى قهرُ كوليا الروسي، ومن خلاله، يكشف زفياجينتسيف تحكُّم العصابات عبر مؤسسات شرعية، وعدم احترام القانون، فلا يعود للروسي سوى التهكّم المرتعد.

عندما تنفق زجاجات البيرة، يلجأ الشرطي الكهل في ذكرى ميلاده، بصحبة كوليا وآخرين، إلى دريئاتٍ احتياطية للرماية هي صور للزعماء السوفييت والروس، من لينين إلى يلتسين، وليس بينها صور لبوتين، لأنها تُعلَق في أمكنتها المخصّصة داخل المكاتب.

تنكشف خيانة ليلي مع الصديق ديما. أما ملفُّ فساد فاديم الذي أعدّه ديما فلا ينفع رغم خطورته، وعليه يبرَّحُ المحامي ضرباً، ليتقهقر من حيث جاء. ليلي تمكث مع كوليا صامتةً أياماً، لتخرج في فجرٍ إلى البحر، وتنظر من فوق صخرةٍ إلى حوتٍ يرتفع في المياه ويغوص؛ سنعلم لاحقاً بأنّها قضت في البحر.

بقرارٍ من المحكمة يزجُّ بكوليا في السجن مدة 15 سنة متّهماً بقتل زوجته. روما وحيدٌ الآن. صاحب أبيه الشرطي الشاب باشا وزوجته سيكونان وصيّين عليه، وهما شهدا ضدَّ والده في المحاكمة. يهمس روما لهما بأنّ دافعَهما ليكونا أوصياء عليه هو المنفعة المادية.

تعمل ذراع الآلة كديناصورٍ، وتصوّرُ الكاميرا من داخل المنزل كيفَ يُحَطَّمُ السقف وتُخلَعُ النوافذ وتتهاوى الأصص بضرباتٍ من الذراع المعدنيّة. الساحل، السماء المكفهرة، مصبُّ أنهار، الطريق المتربة، اصطفاق الموج مع الموسيقى.

ينهي زفياجينتسيف فيلمه مثلما بدأه، لكن مع اختلافٍ هائلٍ ناتج عن الانطباعات التي تخلّفها فينا الأحداث الفظيعة التي ستختبرها شخصيّة كوليا. سينما زفياجينتسيف مكثّفة طبيعية، تحافظ على الألوان والأمكنة كما هي، أشبهُ بسينما توثيقية، فليس في الأداء مسرحة، بيد أن الكاميرا ترصد غالباً من بعيد، مثل عينٍ خائفة.

المعلومة اللافتة هنا أن وزارة الثقافة الروسية ساهمت بجزء من تكلفة إنتاج الفيلم، ومن ثم هبّت إلى انتقاده.

أحمد زكي.. لاعب البيضة والحجر

صالح ذباح

في الذكرى السنويّة العاشرة لرحيل الممثّل المصري أحمد زكي (1945 - 2005)، وبنظرة عامة إلى مسيرته الفنيّة والسينمائيّة منها على وجه الخصوص، يمكن لمَن يتابع رحلة بطل "أرض الخوف" أن يستشفّ التغيّرات التي حلّت في المشهد السينمائيّ والمجتمع المصري، ضمن علاقة ثنائيّة الاتجاه لكلا الطرفين، على مدى يقارب الأربعة عقود من الإنتاج الفني.

كانت بداية مَن لُقّب بـ "فتى الشاشة الأسمر" محفوفة بعنصريّة واضحة تجاه لون بشرته، حتى أصبحت لاحقاً علامة مسجّلة لصاحبها. فلون بشرة زكي الداكن، في روايات كثيرة، كان سبب رفضه من قبل جهات إنتاجية لبطولة العديد من الأفلام، من أهمها "الكرنك" (1976) للمخرج علي بدرخان؛ إذ قام بالدور الذي طمح إليه زكي الممثل نور الشريف، الأمر الذي كاد أن يسبّب عقدة لهذا الشاب الموهوب القادم من مدينة الزقازيق إلى القاهرة. لكنه ما لبث أن وقف أمام عدسة بدرخان بعد هذه الحادثة بعامين فقط، وشارك سعاد حسني بطولة فيلم "شفيقة ومتولي" (1978)، إثر تمسّكها الشديد به.

كان للتغيّرات التي عاشها المجتمع المصري في عصر "الانفتاح" الساداتيّ، الإسقاط الملموس على نوعيّة السينما التي قدّمت في بداية الثمانينيات، ونشوء ما يعرف اليوم بالموجة الثانية للواقعية في السينما المصريّة.

"لعب أدواراً حفرت في الوجدان المعاصر للشباب العربي"

ومن حسن حظّ بطل "الإمبراطور" أن لمعانه تزامن مع هذه الموجة التي تماهى فيها الجمهور مع أبطال من نمط جديد، ليست الوسامة الطاغية من مميّزاتهم، بل قدرتهم على محاكاة الواقع الاجتماعي آنذاك، والاقتراب من الهموم الحياتية للأشخاص العاديّين.

في تلك السنوات، قدّم زكي مع المخرج محمد خان "موعد على العشاء" (1982) في ما يشبه مجازاً مثيراً للسينما المصرية بعينها، إذ تتخلّى بطلة الفيلم سعاد حسني عن الوسيم والأبيض و"الواد التقيل" حسين فهمي، وتختار الأسمر والفقير أحمد زكي. كما كان بطلاً في أهمّ تجارب مرحلة الواقعية الثانية من خلال شريط "أحلام هند وكاميليا" (1988) لخان كذلك، الذي يرى فيه المُشاهد مصر أخرى اعتراها البؤس والفقر وقلّة الحيلة التي آلت بالناس إلى السرقة.

على الصعيد السياسي في سينما الثمانينيات، شارك زكي في الأعمال التي هاجمت نظام السادات، وأهمّها "البريء" (1984) لعاطف الطيب (قصّة وحيد حامد)، الذي تناول قضية قمع الحريات في مصر إثر ما عُرف بانتفاضة 17 و18 يناير 1977.

في هذا الفيلم، أدّى زكي أحد أهم أدواره في شخصية أحمد سبع الليل؛ شاب ريفي ساذج يُستدعى للتجنيد الإجباري، ويعيّن حارساً على أحد المعتقلات السياسية في الصحراء، ويُدرّب على الطاعة العمياء للأوامر. تتوالى الأحداث ويعتقل أحد أصدقائه من الريف ويلقى حتفه في السجن، ما يقود سبع الليل إلى عصيان الأوامر وفتح الرشاش على الضباط والجنود، وهي الخاتمة التي قصّتها الرقابة وأجازت عرضها بعد عشر سنوات.

ويأتي فيلم "زوجة رجل مهم" (1988)، لخان مرة أخرى، مكمّلاً لانتقاد الحقبة الساداتية وعلاقة السلطة بالفرد، وفيه أدّى زكي أكثر أدواره المركّبة نفسياً؛ وهي شخصية "هشام" العقيد في جهاز مباحث الدولة، ونكتشف الطبقات المتراكمة من مرض السلطة لديه، ابتداءً من علاقته مع زوجته منى (ميرفت أمين)، مروراً بعلاقته مع أقاربه وجيرانه وزملائه في العمل، في ظلّ الفساد السياسي الهائل الذي ألمّ بدوائر المباحث، واستعدادها لتلفيق التّهم للمواطنين. وحين يوقف هشام عن العمل يبدأ بالتعذيب النفسي والجسدي لزوجته إلى إن يطلق النار على والدها وعلى نفسه أمامها.

"تُظهر أدواره مصر أخرى طالها الاستبداد وقلّة الحيلة"

أما النقلة النقدية للمجتمع المباركي التسعيناتي، فقد بانت في عدة أعمال، منها ما لم يكن مباشراً وإنّما جاء كرصد لـ "الفهلوة" الجديدة، مثل فيلم المخرج علي عبد الخالق "البيضة والحجر" (1990)، ومنها ما كان مباشراً، مثل "ضد الحكومة" (1992) لعاطف الطيب.

ورغم ما تخلّل مسيرته في التسعينيات من أفلام خفيفة وليست ذات أهمية تُذكر، عدا عن أنّها جماهيرية، كشريطي "كابوريا" و"استاكوزا"، عاد زكي بنضوجه الفني والإنساني في أدوار حفرت في الوجدان المعاصر للشباب العربي، كدور المصوّر سيّد في "اضحك الصورة تطلع حلوة" لشريف عرفة، وشخصية السائق حسن في "سوّاق الهانم" للمخرج حسن إبراهيم، والشخصية ذات التركيب الثلاثي يحيى المنقباوي/ آدم/ يحيى أبو دبّورة في "أرض الخوف" لداوود عبد السيد.

وكثيراً ما جسّد بطل "الهروب" ببراعة السير الذاتية لشخصيات مثل طه حسين في مسلسل "الأيام"، وجمال عبد الناصر في "ناصر 56"، وأنور السادات في "أيام السادات". وكان آخر أعماله - الذي لم تساعده أحواله الصحية أن يؤديه - السيرة الذاتية لعبد الحليم حافظ في "حليم"، الفيلم الذي يرى فيه كثير من محبّيه خاتمة قدريّة وتداخلاً للسيرة التراجيدية لمبدعين نشآ في ظروف صعبة، وأصبحا أيقونتين ملهمتين، وتوفيا وهما في ذروة عطائهما.

انطلاق تحضيرات "القاهرة السينمائي" في دورته الـ 37

مروة عبد الفضيل

تحرص رئيسة المهرجان، الدكتورة ماجدة واصف، على تنظيم تفاصيل مهرجان القاهرة السينمائي باكراً، هرباً من أخطاء الدورات المنصرمة، "يجب في البداية، ترتيب البيت من الداخل"، وتقصد بذلك المهرجان، حيث اختارت الفنانين حسين فهمي ويسرا وخالد أبوالنجا والناقد السينمائي طارق الشناوي والمنتج محمد حفظي والسينارست مريم ناعوم والمخرج محمد كامل القليوبي والناشطة الحقوقية منى ذو الفقار، كأعضاء اللجنة الاستشارية.

وأشارت واصف في حديثها إلى "العربي الجديد"، "حرصنا على أن تكون اختيارات اللجنة الاستشارية من مراحل عمرية متفاوتة، وتخصصات مختلفة، وثلاثة أجيال، لأنّ لكل منهم بالتأكيد منظوراً مختلفاً ومغايراً عن الآخر، ونحن بحاجة إلى سماع كل الآراء".

وأوضحت أنّ الساحة الفنية في مصر مليئة بالنماذج التي كان من الممكن الاستعانة بها، لكنها في النهاية محكومة بعدد معين من الفنانين، موضحة أنّ اختيارها للفنان حسين فهمي مثلاً، كان بسبب خبرته، لأنه كان رئيساً للمهرجان منذ سنوات، فلا بدّ من الأخذ برأيه.

وعن اختيارها خالد أبوالنجا، على الرغم من مواقفه السياسية المختلفة مع المسؤولين عن المهرجان، قالت: "كلّ إنسان حر في رأيه، ونحن كمبدعين، علينا أن تكون صدورنا رحبة، ونمتلك حريّة التعبير، ونستمع لكل الآراء". يُذكر لأبوالنجا موقف واضح من النظام الحالي والتغيرات الحاصلة، بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، خصوصاً في التنديد بالقمع الأمني، وفشل السياسات الحالية على أكثر من صعيد.

وتطرقت الدكتورة ماجدة إلى الحديث عن سبب وجود الناشطة الحقوقية منى ذو الفقار ضمن اللجنة الاستشارية، فشرحت أن السبب الرئيسي هو تكريم النجمة الراحلة فاتن حمامة في المهرجان كأفضل ممثلة، بالإضافة إلى أنّ منى من عائلة فنية عريقة، ومن الممكن الاستعانة بآرائها لوضع الخطوط العريضة للمهرجان الذي ينطلق بين 11 و20 نوفمبر/تشرين الثاني 2015. يُشار إلى أنّ آخر دورات المهرجان كانت برئاسة الناقد الدكتور سمير فريد.

العربي الجديد اللندنية في

15.04.2015

 
 

بمناسبة ذكرى ميلاده الـ110.. عبد الفتاح القصرى أشهر "معلمين" السينما المصرية"يا صفايح الزبدة السايحة"

كتبت دينا الأجهورى

على خشبة أحد المسارح أثناء تأدية دوره فى مسرحية أمام إسماعيل ياسين، صرخ الفنان الكوميدى عبد الفتاح القصرى، وقال "مش شايف حاجة" وامتلأت قاعة المسرح بضحكات الجمهور الذى ظن أن ما يقوله القصرى جزءا من الرواية التى يجسدها إلا أن رفيق عمره إسماعيل ياسين شعر بمأساة القصرى الذى أصيب بالعمى أثناء العرض وسحبه إلى الكواليس ليطمئن عليه، وكانت نهاية مأساوية لواحد من عمالقة الكوميديا عبد الفتاح القصرى الذى تحل اليوم الأربعاء ذكرى ميلاده الـ110 أشهر "معلمين" السينما المصرية الذى ولد فى 15 أبريل عام 1905 بحى الجمالية أنهى حياته بمأساة كبيرة، من يسمعها يتخيل أنه يشاهد فيلمًا دراميًا حزينًا فمن يصدق أن القصرى أو "المعلم حنفى" الذى أفنى حياته فى إضحاك وإسعاد الكثيرين والذى كان والده يعمل "جراهرجى" أن تنتهى حياته فى غرفة فى "بير السلم" بعدما أصيب بالعمى بسبب ارتفاع فى السكر، طلبت زوجته الشابة الطلاق واستغلت مرضه ليكتب كل شىء باسمها وتتزوج من صبى كان القصرى يعطف عليه، وأصيب القصرى بعدها بتصلب فى الشرايين الذى سبب له مرض فقدان الذاكرة.

- مارى منيب تتكفل بعلاجه

لم يجد القصرى من ينفق عليه وعلى علاجه بعد تنكر زوجته له، ولكن الفنانة مارى منيب قررت إدخاله المستشفى على نفقتها، وبعد تحسن حالته خرج القصرى من المستشفى ليجد بيته هدم وعاش فى مسكن صغير مع شقيقته حتى نُقل مرة أخرى إلى المستشفى وساءت حالته الصحية إلى أن توفى يوم 8 مارس عام 1964 عن عمر يناهز الـ 59 عامًا.

- بداياته الفنية

بدأ عبد الفتاح القصرى حياته الفنية مع فرقة عبد الرحمن رشدى، ثم فرقة "عزيز عيد" و"فاطمة رشدى" حتى انضم لفرقة الريحانى عام 1926 الذى دفعه لاحتراف الفن، وترك مهنة والده وعوضه عن ذلك بمرتب يضمن له استقرار حياته المادية، واشتهر القصرى بشخصية المعلم "حنفى" التى قدمها فى فيلم "ابن حميدو"، وقدم القصرى نحو 104 أعمال ما بين مسرح وسينما، منها 60 فيلمًا على مدار مشواره الفنى ولم يقدم بطولة مطلقة، ولكنه كان سنيدا للبطل.

- أشهر إيفيهاته

ومن أشهر الإيفيهات التى عرف بها عبد الفتاح القصرى ومازلنا نرددها حتى الآن "نورماندى تو" و"ست! أنا مش شايف أدامى أيتوها ست.. ده أنا جنب منك أبقى مارلين مونرو" و"كلمتى لا ممكن تنزل المرة دى" و"يا صفايح الزبدة السايحة يا براميل القشطة النايحة".

اليوم السابع المصرية في

15.04.2015

 
 

كتب له السيناريو والحوار

"النهر المفقود".. أول فيلم من إخراج الممثل ريان جوسلينج

24 - محمد هاشم عبد السلام

بدأت قبل أيام أولى العروض التجارية لفيلم "النهر المفقود"، وهو أول فيلم يقوم بإخراجه الممثل السينمائي الأمريكي المعروف ريان جوسلينج. وكتب جوسلينج السيناريو والحوار بمفرده، واختار لبطولته النجمة كريستينا هندريكس في دور "بيلي"، والممثل إيان دي كايستكير في دور "بونز"، والنجمة إيفا منديز في دور "كات".

ينتمي الفيلم لنوعية أفلام الدراما والغموض والفانتازيا

وينتمي الفيلم لنوعية أفلام الدراما والغموض والفانتازيا، ويمتد زمن عرضه لما يزيد عن الساعة ونصف الساعة تقريباً.

تدور أحداث فيلم النهر المفقود، وهي أحداث تنتمي إلى الحكايات غير الواقعية، حول مدينة افتراضية مجهولة، معظمها غارق في المياه، وبها الكثير من المباني المتداعية والمنازل المهجورة، حيث تعيش "بيلي"، وهي أم لمراهقين، وتعتبر من بين القلة التي نجت من سكان تلك المدينة، مدينة "النهر المفقود".

مع توالي الأحداث، تضطر بيلي نظراً للظروف المحيطة بها، لارتكاب عدة أعمال بشعة، وذلك من أجل الحفاظ على نفسها، وعلى أسرتها من الخطر الذي يتهددهم، والبقاء على قيد الحياة.

في نفس الوقت يكتشف أحد أبناء بيلي، وهو مراهق يدعى "بونز"، السر الذي يكمن وراء ما حدث بمدينة "النهر المفقود"، الأمر الذي يجعله يخوض مغامرة غامضة ومثيرة، من أجل مواصلة بحثه واكتشافه بقية السر، وفي الآن نفسه يعرضه للكثير من الملاحقات والمتاعب من جانب بعض الأشخاص الذين يطاردونه كي يصرفونه عما يفعله.

فيلم درامي كوميدي موسيقي

"روك القصبة" جديد المخرج باري لفينسون

24 - محمد هاشم عبد السلام

انتهى المخرج الأمريكي الكبير، باري لفينسون، من إخراج أحدث أفلامه الروائية، والذي يحمل عنوان "روك القصبة"، وهو فيلم درامي كوميدي موسيقي تدور أحداثه في أفغانستان.

يقوم بدور البطولة النجمان الكبيران بيل موراي وبروس ويلز والنجمتان كيت هدسون وزوي ديشانيل والفيلم الذي يمتد زمن عرضه لساعة ونصف الساعة تقريباً، كتب له السيناريو والحوار ميتش غليزر، وتقرر موعد أول عرض تجاري له في نوفمبر(تشرين الثاني) هذا العام.

يقوم ببطولة فيلم باري لفينسون الجديد "روك القصبة" النجمان الكبيران بيل موراي وبروس ويلز، والنجمتان كيت هدسون وزوي ديشانيل.

تدور أحداث الفيلم في أفغانستان، حيث يحاول المنتج الموسيقي الفاشل بروس ويلز، سعياً منه لتحقيق بعض النجاح في مجال عمله، إقناع آخر المتعاونين معه من المغنيين، ويدعى "ريشي"، ويقوم بدوره بيل موراي، بالذهاب إلى أفغانستان والغناء هناك للقوات الأمريكية.

وبعد عدة محاولات ومفاوضات يقتنع موراي بالغناء، وبالفعل يسافر، ويتعرض هناك للعديد من المضايقات والمشاكل والسرقة أيضاً، وضياع جواز سفره، ويفشل بالطبع في إنجاز المهمة التي ذهب من أجلها، لكن وسط كل هذا، يكتشف موراي بمحض الصدفة فتاة شابة ذات صوت عذب لم يسبق أن سمع مثله من قبل.

وبالفعل يقنع موراي الفتاة بالذهاب معه إلى كابول، والمشاركة في برنامج "أفغان ستار"، وهو النسخة المحلية هناك من البرنامج الشهير لاكتشاف النجوم "أمريكان أيدول".

في رصيد المخرج والممثل والمنتج السينمائي القدير باري لفينسون ما يزيد عن خمسة وثلاثين فيلماً سينمائياً طويلاً وتليفزيونياً وقصيراً، إلى جانب المسلسلات

وحصل باري على العديد من الجوائز والترشيحات العالمية، وكان أهمها أوسكار أحسن مخرج، وذلك عن فيلمه الشهير "رجل المطر" (1988)، بطولة داستن هوفمان وتوم كروز.

تدرو أحداثها بمنتصف القرن الماضي

رواية "سخط" لفيليب روث في فيلم سينمائي

24- محمد هاشم عبد السلام

اختار المنتج الأمريكي المعروف، جيمس شاموس، رواية "سخط" للكاتب والأديب الأمريكي الكبير، فيليب روث، لكي يقدمها إلى السينما في فيلم يحمل العنوان نفسه، على عن يبدأ التصوير الصيف القادم في نيويورك.

وجيمس شاموس منتج أمريكي في رصيده الإنتاجي أكثر من خمسة وأربعين فيلماً، وترشح للعديد من الجوائز، إلى جانب ممارسته الكتابة السينمائية، وهذه هي المرة الأولى التي يقف فيها جيمس شاموس وراء الكاميرا، لإخراج أول فيلم روائي طويل له، وذلك بعد فيلمين قصيرين فقط قدمهما للسينما.

ورواية "سخط" هي الرواية الثانية لفيلليب روث، وهو في الثانية والثمانين من عمره، إذ ولد في 1933، ويتم تحويلها مؤخراً إلى فيلم سينمائي، وذلك بعد رواية "منظر ريفي أمريكي"، وصدرت رواية "سخط" في 2008.

وتدور أحداث الرواية في منتصف القرن الماضي، تحديداً في 1951، خلال السنة الثانية من الحرب الكورية. وتتناول قصة الشاب ماركوس ميسنر الطالب الجامعي الشاب الذي يقع في غرام فتاة تكبره تدعى أوليفيا هوتون، غير سوية على كافة المستويات، حاولت وتحاول الانتحار، ونظراً لأمور عديدة تفشل علاقتهما.

الأمر الذي يؤدي لتحول في شخصيته، ويسبب له العديد من المشكلات بالجامعة، وخاصةً مع أساتذته، ويؤدي في النهاية إلى طرده، ومن ثميجد ماركوس نفسه مجبراً، بعد فصله من الجامعة، على الالتحاق الإلزامي بالجيش، والمشاركة في الحرب ضد رغبته، حيث يلقى مصيراً غير متوقع.

ووقع اختيار المخرج جيمس شاموس، الذي اشترك في كتابة سيناريو الفيلم، على الممثل الشاب لوجان ليرمان للقيام بشخصية ماركوس، وسارة جادون في دور أوليفيا هوتون.

يذكر أن حقوق تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي كان اشتراها المنتج السينمائي الأمريكي المعروف، سكوت رودين في 2008، وذلك قبل نشر الرواية بخمسة أشهر، ولم تدر عجلة إنتاج الفيلم والانتهاء من السيناريو والشروع في التصوير إلا مؤخراً فحسب.

بعد المهرجانات الدولية

الفيلم الفرنسي "ثلاث قلوب" يبدأ عروضه التجارية

24. إعداد: محمد هاشم عبد السلام

بعد عرضه بالعديد من المهرجانات الدولية، بدأت في دور العرض الأمريكية والأوروبية، العروض التجارية للفيلم الفرنسي "ثلاث قلوب" للمخرج الفرنسي المخضرم بونوا جاكو.

وكتب قصة الفيلم المخرم بونوا جاكو بالاشتراك مع الممثل وكاتب السيناريو جوليان بويف، ويمتد زمن عرض الفيلم لما يزيد عن ساعة ونصف الساعة، وهو من نوعية أفلام الدراما والحب.

والفيلم بطولة النجمة المخضرمة كاترين دينيف في دور "مدام بيرجر"، والنجمة شارلوت جينسبورج في دور "سيلفي بيرجر"، والممثلة شيارا ماستروياني في دور "صوفي بيرجر"، ويشاركهن البطولة النجم بونوا بولفورد في دور "مارك بوليو".

وتدور قصة الفيلم حول السيدة بيرجر وابنتيها سيلفي وصوفي، اللاتي يعشن في إحدى الضياع الريفية بفالينس، في حياة شبه جامدة دون أي تجديد أو تغيير، وفي طريق عودته من إحدى المأموريات يلتقي مفتش الضرائب الباريسي مارك بوليو بسيلفي مصادفة وذلك بعدما فاته موعد قطار العودة إلى باريس، يتعرف مارك على سيلفي ويعجب أحدهما بالآخر ويتفقان على موعد آخر للقاء في باريس، برغم معرفتنا بأن سيلفي متزوجة من رجل أعمال بأمريكا لا يأتي إلا بين الحين والآخر، ولتعقد الظروف العمل ومتاعب صحية مر بها يفشل مارك في لقاء سيلفي في الموعد المتفق عليه، الأمر الذي تضطر معه سيلفي للسفر إلى زوجها.

وبعد فترة يقرر مارك زيارة البلدة لتفقد أمر سيلفي لكنه يلتقي بدلاً منها بشقيقتها صوفي، التي تعمل في تجارة المقتنيات الأثرية وكل ما هو قديم، وبحاجة ماسة لمن يعاونها في أمور الحسابات والجوانب المالية، وتدريجياً، ودون معرفتها بأمر شقيقتها، تتقرب صوفي من مارك وتقع في غرامه، ويقرر الاثنان الزواج، لتزداد الأمور تعقيداً.

موقع (24) الإماراتي في

15.04.2015

 
 

Wild Tales.. متتالية سينمائية عن الانتقام

محمود سمير – التقرير

يا الله!

لم أشعر بالوقت حينما شاهدت هذا الفيلم. عندما انتهى أعدت رؤيته فورًا واندهشت أن إعجابي به زاد أضعافًا!

قصص جامحة (Wild Tales) فيلم أرجنتيني يحكي ست قصص منفصلة يجمعها شيءٌ واحد.. الانتقام.

القصة الأولى (باسترناك):

عندما تستقل عارضة الأزياء (إيزابيل) الطائرة المتجهة لـ (بيونوس أيريس)، تكتشف أن كل ركاب الطائرة يعرفون حبيبها القديم (جابرييل باسترناك).

القصة الثانية (الفئران):

في يوم ممطر، تكتشف النادلة أن الزبون الذي دخل مطعمها هو جامع الديون الذي تسبب في طردها وعائلتها من المنزل؛ مما دفع أباها للانتحار. تفكر النادلة في تسميم الزبون بسم الفئران للانتقام؛ إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن.

القصة الثالثة (الطريق لجهنم):

في الطريق إلى (بوينس أيرس) بسيارته الأودي الفاخرة، يقطع على (دييجو) الطريق صاحب سيارة بطيئة وقديمة. يسب (دييجو) السائق ويجتازه.

ينفجر إطار سيارة (دييجو) فجأة، ليقف على قارعة الطريق وحيدًا.

بينما ينتظر (دييجو) المساعدة، تظهر السيارة البطيئة وصاحبها، ويدرك (دييجو) من نظرة السائق إليه أن الرجل لن يتركه حتى يتشفى فيه.

القصة الرابعة (ديناميت):

بعد أن يحصل على مخالفة باهظة لإيقافه سيارته في المكان المخالف، يدخل المهندس (والتر دونادو) في معركة مع إدارة المرور لإبداء احتجاجه على سياسة الإدارة التعسفية، ما لم يعرفه (والتر) أنه سيخسر عائلته بسبب تلك المعركة.

القصة الخامسة (الفاتورة):

بعد أن يصدم ابنه (سانتييجو) سيدة حامل بسيارته ويقتلها، يضطر (موريسيو) بالاتفاق مع محاميه لدفع مبلغ ضخم لبستاني حديقته كي يدفع التهمة عن ولده.

إلا أن (موريسيو) يقع في مأزق حين يتحول الأمر إلى ابتزاز من جانب البستاني وكل الأطراف المستفيدة من الصفقة.

القصة السادسة (حتى يفرقنا الموت):

بعد أن تكتشف (رومينا) في حفل زفافها أن زوجها الجديد يخونها، تقرر الانتقام منه أمام كل الحضور.

أفلام القصص القصيرة (Anthology Film) لم تحقق نجاحًا يذكر تاريخيًا؛ ذلك أنه من الصعب أن تجد القصص كلها على نفس المستوى من الجودة، وبالأخص الأفلام التي يخرجها مخرجون مختلفون.

أبرز الأمثلة على ذلك، فيلم حكايات نيويورك (New York Stories) الذي أخرجه كل من مارتن سكورسيزى، وودي ألين، وفرانسيس فورد كوبولا. رغم أن الثلاثة من “آلهة” السينما الأمريكية؛ إلا أن الفيلم لم يحقق النجاح النقدي المتوقع  بسبب التفاوت في جودة القصص في الفيلم والإخراج.

حكايات جامحة (Wild Tales) حقق المعادلة الصعبة بجعل كل قصة ممتعة ومشوقة. المخرج (داميين زيفرون) قام بكتابة وإخراج كل القصص وحده.

يطرح الفيلم السؤال التالى: ماذا يحدث إذا لم نتحكم في أنفسنا واندفعنا طبقًا لرغباتنا وأهوائنا بلا أي حكمة أو تفكير؟

النتيجة في الغالب لا تكون جيدة في الواقع، و لكنها ممتعة دراميًا ومضحكة حقيقةً.

القصتان الأولى والثانية؛ هما فانتازيا جامحة عن الانتقام، هذه نوعية القصص التي نتخيلها حينما نتعرض للظلم والأذى ولا نستطيع دفعه عنَّا.

القصة الثالثة، توضح الصراع الطبقي في المجتمع بين الغني والفقير، و كيف أن كلاً منهما في غياب العدالة الاجتماعية لا يفكر سوى في كيفية سحق الآخر.

القصة الرابعة، تبنت فكرة أن الدولة هي الصانع الأول للإرهاب والعنف حينما تحول بين المواطن وحقه في الاحتجاج.

الفيلم به نقد مبطن تجاه سياسات الحكومة الأرجنتينية الاقتصادية والسياسية التي كانت أحد العوامل التي أدت إلى الكساد الكبير الذي تعرضت له البلاد في بدايات هذا القرن.

كوكبة من ألمع نجوم السينما الأرجنتينية والإسبانية قامت بالتمثيل والبطولة. أغلب هؤلاء النجوم ظهروا في أفلام لمخرجين مخضرمين، كالإسباني (بدرو ألمودوبار)، والأرجنتيني (خوان كامبينيلا)، وقدموا هنا أداءً من العيار الثقيل.

هؤلاء النجوم لا أظن أنهم كانوا لينضموا للفيلم لولا نص الفيلم القوي ولولا وجود المخرج الإسباني (بدرو ألمودوفار) وأخيه (أوجستين ألمودوفار) كمنتجين.

الفيلم إخراجيًا شبيه بأفلام (ألمودوفار) المجنونة والرائعة، مثل (تكلم معها Talk to Her)، و(العودة Volver)، وبالأخص فيلمه (نساء على شفا انهيار عصبي Women On The Verge Nervous Breakdown)؛ فالشخصيات هنا تدفعها الظروف لارتكاب أفعال حمقاء؛ إلا أن تلك الأفعال تجعلنا كمشاهدين نشعر بالتطهير والحماسة تجاههم.

عرض الفيلم في مهرجان “كان” العام الماضي، ولاقى ترحيبًا نقديًا وجماهيريًا هناك؛ إلا أن ذلك لم يشفع له للحصول على جوائز، وخرج الفيلم خالي الوفاض.

رشحت الأرجنتين الفيلم ليمثلها في الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي، ووصل النهائيات ليخسر أمام (Ida) الذي فاز بالجائزة.

لا أعرف لمَ لا تنال الأفلام الممتعة كهذا الفيلم حقها في المهرجانات؟!

التقرير الإلكترونية في

15.04.2015

 
 

ناطحات السحاب كما تصورها أفلام السينما

نيكولاس باربر - ناقد فني

جذبت المباني الشاهقة بعض صانعي الأفلام وصدت البعض الآخر منذ الأيام الأولى للسينما. الناقد الفني "نيكولاس باربر" يلقي نظرة على ماضي هوليوود ومواقفها المتغيرة من ناطحات السحاب.

في عام 1946، كتب المفكر الفرنسي المعروف جان بول سارتر: "عندما كنا في العشرينيات من أعمارنا، سمعنا عن ناطحات السحاب. اكتشفناها بذهول في أفلام السينما. كانت الفن المعماري للعصر القادم، كما كانت السينما فن المستقبل."

بحلول ذلك الزمن، ارتبطت أفلام هوليوود السينمائية مسبقاً وبشكل محكم بناطحات السحاب أكثر من ارتباطها بأي مبان أخرى. كانت الأفلام السينمائية وناطحات السحاب كذلك، تمثل أشياء غير عادية تسحر العقول، وتكلف ثروة.

كان هذان الرمزان من الأشياء التي تمثل الأفكار الرائدة في أواخر القرن التاسع عشر، وازدهر كلاهما في السنين التي سبقت وقوع الحرب العالمية الثانية. عندها، كان الارتباط فيما بينهما قوياً بالفعل.

في كتاب "جيمس ساندرز" بعنوان "أفق الشريط السينمائي: نيويورك والأفلام السينمائية"، يلاحظ المؤلف أن قسماً من أولى الأفلام – مثل فيلم "ناطحات السحاب" (عام 1906)، التي لم يظهر فيها شيء سوى المباني الشاهقة- يمثل "مشهدا يدعو للإعجاز حقاً لناظريه من الذين يعيشون بعيداً عن نيويورك وشيكاغو".

لكن في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، كانت أفلام السينما وناطحات السحاب في قمة انسجامهما، سواء كان فيلم "كينغ كونغ" (1933) الذي تدور أحداثه ما بين مبنى "ستيت إمباير"، أو الممثل فريد استير وهو يؤدي رقصة النقر على الأرض بأحذية خاصة في نادٍ ليلي بالطابق الخمسين في فيلمه "سوينغ تايم" (1936).

يقول ساندرز: "صوّرت الأفلام اللحظة التي حصلت فيها مدينة (نيويورك) على حلّتها المميزة عندما استكمل بناء أعظم مبانيها، ناطحة السحاب، وسجلت الحدث تماماً كما وقع."

إن آلهة الحب التي ساهمت في ارتباط الأفلام بناطحات السحاب، كما يقول ساندرز، كانت تتمثل في كُتّاب نيويورك الذين انتقلوا إلى هوليوود في نهاية عشرينيات القرن الماضي ليضفوا بصمة عالمية متطورة على كتابة سيناريوهات الأفلام.

كانت الأموال التي جنوها رائعة، كما تبيّن لهم، لكن رضاهم عن عملهم كان معدوماً. إن كتاب من أمثال دوروثي باركر وهيرمان مانكوفيتش كانوا بين النخبة في مجموعة مسارح "برودوي"، لذا، فإنهم شعروا بإذلال عند معاملتهم ككتّاب تافهين.

وعند ارتحالهم من أكثر المدن صخباً وإثارة في العالم، أصيبوا بالهلع عندما وجدوا أنفسهم في لوس أنجليس، المدينة المتربة ذات الأبنية المنخفضة.

كان "انتقامهم"، كما يقول ساندرز، عن طريق الترويج لبريق نيويورك السينمائي والمثير لدرجة تلحق العار بمدينة لوس انجليس. وعلى نفس الشاكلة، وانسجاماً مع المعمار الموجود في ضواحي لوس انجليس، جعلوا من مباني مانهاتن المسببة للدوار أصناماً معبودة.

كتب ساندرز يقول: "صحيح أن نيويورك الحقيقية ذات مبان شاهقة، إلا أن فيها الكثير من المباني المنخفضة أيضاً، وخاصة في أحيائها الواقعة على الأطراف، ومناطقها السكنية. لكن يبدو أن مدينة الأحلام (في أفلام السينما) لا بد وأن تظهر جميعها بشكل رأسي. كل مشهد يُصوَّر في شقة فوق السطوح، أو على الشرفات، أو في ملهى ليلي على السطح، وكل نافذة تطلّ على مناظر متألقة لأبراج عالية."

"طوابق" الحب

وعلى خطى هؤلاء الناقمين الذين يقيمون في المنفى، صور مخرجو الأفلام في هوليوود مشاهد أكثر روعة في أماكن مرتفعة من أجل أفلام للنجمين فريد استير وجينجر روجرز ومعاصريهما.

لكن، حتى بدون تأثير حنينهم إلى مدينتهم نيويورك، كانت القدرات السينمائية لناطحات السحاب أعظم من أن يتم تجاهلها. في نهاية المطاف، كان وجود المباني الضخمة هذه في قلب المدينة يعني أنه لم يكن على صانعي الأفلام أن يرسلوا أبطال أفلامهم إلى الأدغال أو الصحاري بغرض تصوير خلفية غريبة لأحد المشاهد. ولم يكن هناك داعٍ لأن يكونوا في طائرة، أو على قمة جبل، وهم على وشك أن يلاقوا حتفهم.

في الفيلم الكلاسيكي "سيفتي لاست!" (1923) للممثل هارولد لويد، كان المبنى الذي تسلقه يتألف من 12 طابقا فقط، ومع ذلك كان المشاهدون يحدقون في تلك اللقطة بشدة.

لم تتوتر علاقة الغرام بين هوليوود وناطحات السحاب حتى ستينيات القرن الماضي. يعود ذلك، برأي ساندرز، إلى تغيير القوانين التي فرضت في عام 1961 والتي نصّت على أن قمم أعلى مباني نيويورك لم تعد بحاجة لأن تكون ذات نهايات مستدقة أو رفيعة. وبدلاً من "تدرّجها"، يمكن أن تنتهي بجدران مضلّعة مصنوعة من زجاج عادي.

وعوضاً عن التشبّه بقمم الجبال أو أبراج القلاع، يمكن لهذه الصناديق ذات النمط العالمي أن تكون مسطحة ومتجانسة. إن مبانٍ مثل هذه، حسب قول ساندرز، "ببساطة، لم يمكنها أن تثير الرعب في النفوس".

منذ ذلك الحين، أضحت ناطحات السحاب ترمز إلى الغطرسة والجشع، ولم تعد تمثل قصص الغرام والإغراء. ومن أشهر أمثلة ذلك، فيلم "تاورينغ إنفيرنو" (1974)، الذي يثير حالة تستحق الدراسة، وهي أن أعلى بنايات العالم ليست جديرة بالثناء.

في مشهد من الفيلم الخيالي "برج الزجاج" الذي أنتج في سان فرانسيسكو، يتحول المبنى إلى فخ بركاني مميت بفعل عيوب في الأسلاك الكهربائية. كانت المسافات بين الطوابق في ذلك الفيلم لا تتناسب من الناحية الإنسانية إلى درجة أن شخصاً يحضر حفل استقبال فاخر في الطابق الـ 135 يطلب من الحضور عدم الالتفات إلى حريق اندلع في الطابق 81 "لأنه لا يمكن أن يؤثر علينا ونحن على هذا الارتفاع".

ومنذ ذلك الحين، أصبحت ناطحات السحاب محل ازدراء في هوليوود. ففي فيلم "يوم الاستقلال" (1996)، يُهدّم مبنى "ستيت إمباير" بفعل أشعة قاتلة لمخلوقات من كوكب آخر. إنها غطرسة غير سارة لتلك المخلوقات، ولصانعي الفيلم أيضا، رولاند إيميريك ودين ديفلن، لأنه يُفترض بنا أن نصاب بصدمة نتيجة الدمار الذي لحق بالمبنى.

بعد سنتين من ذلك التاريخ، أنتج إيميريك وديفلن فيلم "غودزيلا"، حيث يُستقطع القسم الرأسي من مبنى "كرايسلر" المهيب بفعل الجيش الأمريكي نفسه وصواريخه الباحثة عن الحرارة. لقد صنع ذلك المشهد للسخرية، إذ يقول الضابط الذي أطلق الصواريخ في الفيلم: "آه... اللعنة. إنها ضربة خاطئة."

وقيل إن الهجمات على مركز التجارة العالمي كانت توصف بشكل اعتيادي بأنها "أشبه بمشهد من أفلام هوليوود". فعند وقوع كارثة الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، لم تكن ناطحات السحاب إلا قطعاً من لعبة البولينغ تنتظر إسقاطها بالطائرات والصواريخ، والسحالي العملاقة، ومركبات فضائية لمخلوقات كونية.

هل تجاوزت ذروتها؟

كان سبب المناسبات النادرة التي ظهر فيها تصوير رومانسي لناطحات السحاب في أفلام ما بعد عهد "تاورينغ إنفيرنو" (1974) هو أنها كانت ترمز لأزمانٍ أكثر سحراً وفتنة. في فيلم "مانهاتن" لوودي آلن (1979)، تم تصوير المشهد الافتتاحي الحماسي المركب بالأسود والأبيض، يرافقه لحن "افتتان بلون أزرق" للملحن غيرشوين.

وفي فيلم "مطاردو الأشباح" (1984)، يرتكز سكن سيغورني ويفر ’الرئيسي المروّع‘ على بناية حقيقية لشقق صممت في ثلاثينيات القرن الماضي. وفي فيلم "الساهر في سياتل" (1993)، عندما يلتقي توم هانكس وميغ رايان في أعلى بناية "إمباير ستيت"، فانهما يبيّنان إجلالهما لفيلم عام 1957 "عشق للذكرى". (عند ظهور ذلك الفيلم على شاشات السينما، كان عمر ذلك المبنى قد تجاوز ربع قرن).

لعل ناطحات السحاب كانت مباني المستقبل في أربعينيات القرن الماضي، كما كتب جان بول سارتر. لكن فيما يتعلق بأفلام السينما، فإنها أصبحت فناً معمارياً من الماضي.

رغم ذلك، لم يقل سارتر سوى نصف الحقيقة، حتى في أربعينيات القرن الماضي.

من الأصح القول إن ناطحات السحاب وأفلام السينما، على حد سواء، كانتا دوماً تدوران حول الماضي بقدر ما تدوران حول المستقبل أيضا. وكانتا تدلان في بداية انطلاقهما على الانبهار التقني، فعندما كانت الأفلام تتدفق دوماً بصور رعاة البقر ورجال الكهوف والمتسابقين على عربات الرومان القديمة، كانت ناطحات السحاب الأولى تتميز بأبراجها الشامخة، وطوابقها المزينة- فكانت تعيدنا إلى عصر القلاع والكاتدرائيات.

عندما انفصلت ناطحات السحاب عن الماضي، واعتمدت النمط العالمي، أدارت هوليوود وجهها عنها.

في السنوات الـ 15 الأخيرة تقريبا، أججت نار الحب القديمة بين الأفلام وناطحات السحاب مرة خرى. في الحياة الواقعية، استؤنف السباق نحو بناء أعلى مبنى على كوكبنا. كما أن جيلاً جديداً من ناطحات السحاب العملاقة في آسيا خطف الأضواء من هوليوود.

في فيلم "الخديعة" (1999)، يسطو شون كونري وكاثرين زيتا-جونز على بنك في "برجي بيتروناس" بمدينة كوالالمبور الماليزية. وفي فيلم "مهمة مستحيلة – بروتوكول الشبح" (2011)، يقوم توم كروز بأسلوب مشابه للرجل العنكبوت بإيجاد طريقه إلى برج خليفة بمدينة دبي. وفي فيلم "فيوريوس 7"، يتطفل فان ديزل وعصابته بدخولهم حفلة خاصة تقام بأبراج الاتحاد بمدينة أبو ظبي الإماراتية.

لم تنل أيّ من ناطحات السحاب هذه الإعجاب الكبير الذي تمتعت به سابقاتها خلال عهد فريد استير، إلا أن الهدف المرجو منها، بلا شك، هو إبهار المشاهدين وترك تأثير بالغ عليهم.

تُرى، هل هذا صحيح؟ هل يبدو لنا توم كروز وهو يتسلق الطابق الـ 163 مقارباً في تحديه للموت لنفس العمل الذي قدمه هارولد لويد من الطابق 12؟ من المؤكد أن الجواب هو لا. السبب في ذلك أن ناطحات السحاب في القرن 21 تبدو أقرب إلى صور أكثر تألقا أنتجتها أجهزة الكمبيوتر من مجرد أشياء ملموسة.

في فيلم " فيوريوس 7"، تبدو أبراج الاتحاد اللامعة وكأنها غير حقيقية، وفي غير محلها، بحيث يستحيل معها أن نقول إن كانت حقيقية في ذلك المشهد أم أنها أضيفت إليه بصورة رقمية أثناء عملية المونتاج.

لعل هذا هو السبب في أن هوليوود مغرمة بهذه المباني. فبما أن شركات إنتاج الأفلام تعتمد على المشاهد التي تنتجها أجهزة الكمبيوتر، فإن المباني التي تظهر وكأنها بُنيت من خلال تلك الأجهزة تفي بالغرض تماماً. و سواء شئنا أم أبينا، ستظل أفلام السينما وناطحات السحاب ترتبطان معا بشكل محكم أكثر مما مضى.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture.

الـ BBC العربية في

15.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)