كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«شاشات الواقع» في متروبوليس: يا له من عالم قاس

بانة بيضون

 

في «متروبوليس أمبير صوفيل»، انطلقت أول من أمس الدورة 11 من المهرجان الذي يقدّم بانوراما سنوية عن الإنتاجات الوثائقية في العالم. أعمال عن الحروب والشتات من لبنان وسوريا إلى سراييفو، ومعاناة المرأة في الفن السابع، ومحادثة غير تقليدية مع نوام تشومسكي!

أول من أمس، انطلقت الدورة 11 من مهرجان «شاشات الواقع» في «متروبوليس أمبير صوفيل» بالتعاون مع «المعهد الفرنسي في لبنان»، لتقدّم بانوراما عن المشهد الوثائقي في العالم، والأفلام التي نالت التتويجات والجوائز في الكثير من المهرجانات. الافتتاح مساء الأحد كان بوثائقي «مدرسة بابل» (2013 ــ ساعة و29 د) للفرنسية جولي برتوتشيللي الذي رشح لجائزة «سيزار» عن أفضل وثائقي لعام 2015. في شريطها، تصوّر المخرجة أحد الصفوف المخصّصة للطلاب المهاجرين في المدارس الفرنسية.

على مدى فصل دراسي كامل، تتبعت رحلة هؤلاء الطلاب الذين وفدوا حديثاً إلى فرنسا من مختلف الجنسيات والأعمار، وصراعهم للتأقلم، وتعلم اللغة الفرنسية التي تؤهلهم للاندماج في الصفوف العادية. عبر أسلوب حميمي في التصوير والإخراج يركز على تعابير الوجه وعفوية الحوارات والأسئلة، تتوغل المخرجة في حياة هؤلاء المراهقين، وتساؤلاتهم حول حياتهم المقبلة في فرنسا حيث سيكون عليهم التخلي عن لغتهم الأم ليتكلموا بأخرى، ويتماهوا مع هوية هذه اللغة الجديدة. من خلال الخصوصية التي تمثلها حالة كل طالب، ترصد المخرجة أزمة الهوية المزدوجة بين جدران غرفة الصف الصغيرة، والصراعات والتحولات التي تسبق ما يصفه بعضهم بالولادة الجديدة التي لا تخلو من ألم فراق اللغة الأم ووداع الحياة الأخرى التي عاشها هؤلاء قبل قدومهم إلى فرنسا. انطلاقاً من هذه الرؤية الحميمية التفصيلية، تطرح أزمة المهاجرين في فرنسا، حيث مجتمع المدرسة المصغر ليس سوى مرآة للمجتمع الفرنسي، ونظرته إلى هؤلاء الغرباء الوافدين إليه. النظام التعليمي أيضاً يطرح الجدل حول أسلوب دمج المهاجرين في المدارس التي تعدّ بداية تحولهم إلى مواطنين فرنسيين، والمعطيات التي تشكل هذه الهوية. في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دراسة قدمها أحد النوّاب في عهد ساركوزي قبل حوالى عشر سنوات ربطت بين «تعدد اللغات والانحراف»، وهدفت إلى منع الأهل المهاجرين من التكلم مع أطفالهم بلغتهم الأم حتى في البيت. وأمس، عُرض أحد الأفلام المنتظرة ضمن المهرجان وهو «عشرون ألف يوم على الأرض» (97 د ــ 2014) الحائز جائزة افضل إخراج في «مهرجان سندانس». يصوّر العمل 24 ساعة متخيّلة من حياة الموسيقي الأوسترالي الشهير نيك كايف. عنوان الشريط يقصد به عدد الأيام التي عاشها كايف حتى الآن على الأرض. يحمل الفيلم توقيع البريطانيين لاين فورسيث وجاين بولارد اللذين اشتهرا بأسلوبهما التجريبي في الإخراج واهتمامهما بالموسيقى وإعادة ابتكار محطاتها التاريخية. الفيلم الذي تعاون المخرجان مع كايف على كتابته، يمزج بين سيرة كايف المهنية والشخصية وأعماله، ليعيد تركيب أجزاء حياة الموسيقي الشهير، والهواجس التي تتنازعه وقد تركت أثرها في تكوين موسيقاه.

في «بيروت البلقان»، يبحث أحمد في مدينة سراييفو عن معالم العاصمة اللبنانية
كذلك يشرح الشريط العلاقات المهمة في حياة كايف، وتعاونه الموسيقي مع وارن إليس، وصداقته بالممثل راي وينستون وبليكسا بارغلد، أحد الأعضاء السابقين في فرقة Nick Cave and the Bad Seeds بالإضافة إلى المغنية كيلي مينوغ. ومن لبنان، يعرض «بيروت البلقان» (16/4 ــ 53 د ــ 2015) لنيكولا خوري. يتتبع الأخير حياة الشاب اللبناني أحمد الذي يقرر مع عائلته الهجرة إلى البوسنة والهرسك بلد زوجته حيث يبحث في مدينة سراييفو عن بيروت كما عرفها من حكايات أبيه التي فقدت في بيروت اليوم. قد تكون نقطة انطلاق الشريط مبتكرة عبر التماهي الذي يطرحه المخرج بين تاريخ مدينتين عانت كلتاهما من الحرب الأهلية.

منذ البداية، تبرز اللغة السينمائية المبتكرة التي تتميز بجماليتها الشاعرية الخاصة، راصدةً أدق التفاصيل المعبرة، كما انعكاسات صور المارة على زجاج إحدى الواجهات في سراييفو يليها انعكاس صورة أحمد المهاجر على الزجاج في لقطة ترمز إلى بحثه المستمر عن هويته في هذه المدينة الغريبة. تفاصيل أخرى تتسم بالطرافة والعفوية تتخلل الشريط مثل لقطة القط الذي يدخل حقيبة السفر بعد وصولهما إلى سراييفو كأنما هو أيضاً يريد العودة إلى بيروت... كلها مهندسة بجمالية بصرية ملفتة. غير أن الحوار والسرد الروائي لا يتسمان بحس الابتكار نفسه التي تعكسه اللغة السينمائية. يبدو الحوار أحياناً شديد التبسيط في تصويره للأزمة اللبنانية، فيستعيد الكليشيهات المعتادة عن المدينة المثالية والفاضلة الأقرب إلى جنة الله على الأرض التي كانتها بيروت قبل الحرب الأهلية. كأنّ الأخيرة هي لعنة سببها كيد الحساد، ولم يقدها أهل البلد الواحد الذين أحبوا بعضهم بعضاً إلى درجة الذبح.

أما «مسكون» (14/4 ـــ112 د ـــ2014) للمخرجة والشاعرة السورية لواء يازجي، فيتتبع رحلة نزوح تسعة أشخاص داخل سوريا إلى لبنان. تشرح المخرجة علاقتهم مع هذا المكان الغريب الذي وفدوا إليه وذلك الذي اضطروا لهجره على عجل بكل الذكريات المرتبطة به. عبر تصوير أبسط التفاصيل اليومية، ترصد وجع الانفصال والتشتت الذي يعيشه النازحون السوريون حيث المكان المفقود هو من يسكنهم. أيضاً، يستعيد المهرجان وثائقي «كوني جميلة واصمتي» (17/4 ــ 115 د ــ 1981) للفرنسية دلفين سيريغ. العمل عبارة عن سلسلة من المقابلات المصورة التي أجرتها المخرجة مع عدد من الممثلات الأميركيات والبريطانيات والفرنسيات المشهورات كجاين فوندا وماريا شنايدر، وتبحث عبرها في المصاعب التي تواجه عمل المرأة في الحقل السينمائي. كذلك، يعرض «السيد ليوس كاراكس» (15/4 ــ 71 د ــ 2014) للفرنسية تيسا لويز سالومي الذي يتناول سيرة السينمائي الفرنسي ليوس كاراكس، صاحب «صبي يلتقي بفتاة» (1984) و«عشاق الجسر الجديد» (1991)، و»بولا أكس» (1999)... أفلام تجسد خصوصية رؤية المخرج التي تتسم بشاعريتها وقسوتها في آن وبشخصياته المتنازعة بين الحلم والدمار الذاتي. يحضر أيضاً المخرج الاميركي المعروف فريدريك وايزمن (1931) في «المتحف الوطني» (18/4 ــ 174 د ـ 2014) الذي يأخذنا في رحلة إلى داخل المتحف الوطني في لندن. عبر لغته السينمائية، يخرج وايزمن اللوحات من جمادها لنراقب من خلال عدسته الحيوات التي عاشتها. من المواعيد البارزة أيضاً فيلم التحريك الوثائقي «محادثة مشغولة بأسلوب التحريك مع نوام تشومسكي» (19/4 ــ 88 د ــ2013) للفرنسي ميشال غوندري. يصوّر الأخير مقابلة مع الألسني والفيلسوف الأميركي ضمن لغة خاصة في جمالية وتعبيرية رسومها المحركة. إلى جانب هذه الأفلام، يعرض أيضاً «إيراني» (20/4 ــ 105 د ـ 2014) لمهران تمادون. نجح السينمائي المناصر للعلمانية في إقناع أربعة رجال دين إيرانيين يناصرون الثورة الإسلاميين في السكن معه لمدة عشرة أيام ليطرح خلالها سؤال: كيف يتعايش معاً أشخاص يملكون رؤيا مختلفة عن العالم؟ هذا الفيلم فقط سيعرض في صالة «مونتاني» إلى جانب فيلم الختام «رسامو الكايكاتور- مشاؤو الديمقراطية» (21/4 ــ 106 د ــ2014) للفرنسية ستيفاني فالواتو.

محمد عبد العزيز... دمشق النائمة بين النيران

خليل صويلح

أتى محمد عبد العزيز إلى السينما من باب الشعر. شغفه بما هو بصري قاده إلى عالم الصورة. انخرط أولاً في إخراج أغاني الفيديو كليب، قبل أن تواتيه ريح السينما. هذا التيه الاضطراري بين وسائط مختلفة، أتاح له أن يراكم مخزوناً بصرياً مضاداً، من موقع الرفض والتحدي في آنٍ واحد. هكذا أدار ظهره منذ شريطه الأول "نصف ملغ نيكوتين" (2007)، ثم "دمشق مع حبّي" (2008)، لمنجز السينما السورية، وبدا أشبه بفتى لقيط وسط جموع الأكاديميين، ناسفاً الفكرة الشائعة لسينما المؤلف التي نهضت عليها هذه السينما، في معظم نتاجاتها، بوصفها سيراً ذاتية لمخرجيها.

صحيح أنه يكتب سيناريوهات أفلامه بنفسه، لكنه ينأى بعيداً عمّا هو شخصي، وإذا بنا حيال خلائط بصرية تتطلع إلى مقترحات سرد ما بعد الحداثة بجرأة وجسارة وتوق إلى معاكسة التيار، ما وضع أفلامه في مواجهة تساؤلات لم يعتدها المتلقّي. فيلمه "الرابعة بتوقيت الفردوس" (المؤسسة العامة للسينما- 2013) الذي شاهدناه أخيراً في عرضٍ خاص، شهدته "سينما ستي" في دمشق، نموذج لهذا التشظّي السردي الذي لا يتوانى عن وضع وحدات بصرية متنافرة، تبدو للوهلة الأولى، مفكّكة، ولا ناظم يجمعها. كوادر متقنة، وإحالات بصرية على ما تبقّى من سحر "الواقعية الإيطالية الجديدة" حيناً، والعنف المضمر في بعض نماذج السينما الإيرانية طوراً، بالإضافة إلى نبرة إعلانية مأخوذة بجماليات شعرية متفلّتة من البلاغة، لجهة القسوة وتناقض المصائر، على خلفية أسطورية مرتجلة، بدت عبئاً على مسالك السرد اليومي. ذلك أن كل ما يحدث هنا يدور خلال يومٍ واحد. الفردوس أم الجحيم؟ لعله رغب في إبراز هذه المفارقة في عنوان الشريط كي نستعد للصدمة لاحقاً. ما سوف نشاهده بعد قليل، هو الجحيم بعينه، ذلك أن أقواس الحكايات المبتورة التي يفتتح بها النفير، ما هي إلا توطئة لهذه السجادة المحبوكة بأكثر من نول، إذ يعود، في مشاهد لاحقة إلى ترميم ما بدأه بإشارات خاطفة، طاوياً مصائر بعض شخصيات فيلمه، لمصلحة وحدة سردية أخرى، تبدو على مسافة بعيدة من الحكاية السابقة، أو تفترق عنها كلياً. كما لو أننا في محطة قطار بسكك كثيرة، ورحلات لا يلتقي المسافرون خلالها إلا بالمصادفة، وتوقيت الرحلة، ثم يفترقون، ليفاجئنا لاحقاً باشتباك هذه المصائر داخل المستشفى.

كوادر متقنة، ونبرة مأخوذة بجماليات شعرية متفلّتة من البلاغة

هذا الرهان السردي الصعب الذي اختاره المخرج الشاب قد يحتاج إلى وقت طويل كي يكون مستساغاً لدى المتلقي، رغم وضوح مقاصده إلى حدٍ ما، خصوصاً لجهة الأسلبة التي ترمي بثقلها الجمالي على جوهر الأفلمة، من دون أن يقشّر الغلاف البراني للمشهد، كما ينبغي. لكن مهلاً، أين حكاية الفيلم؟ مريضة بالسرطان ( نوّار يوسف) في غرفة أحد المستشفيات الخاصة، تلتقي حبيبها القديم (سامر عمران) الذي كان مسافراً لدراسة الموسيقى، فتتمرّد على أوجاعها وتطلب منه أن يقبّلها، لحظة دخول والدها (أسعد فضة) الغرفة، فيهجم على العاشق ويشتم ابنته التي جلبت له العار، خصوصاً أنها كانت قد تزوجت رجلاً آخر. الأب من جهته يعيش قلقاً من نوعٍ آخر. هو شخصية مرموقة، وبين يديه نلحظ ملفاً يحمل اسم "اللجنة القضائية العليا"، في إشارة إلى حساسية وظيفته وغموضها، وإذا به يقرر الانتحار للخلاص من ورطته. على المقلب الآخر، نلتقي راقصة تعبيرية (يارا عيد) تستعد لتقديم عرضها "الأفعى والرمان" في دار الأوبرا، فيما تعيش أمها (أنطوانيت نجيب) زمناً آخر، إذ تستعد هي الأخرى لحضور حفلة عبد الحليم حافظ في مسرح معرض دمشق الدولي، وما زالت تحتفظ ببطاقتي الحفلة في انتظار عودة زوجها لمرافقتها إلى الحفلة. عند الحاجز العسكري المجاور للمنزل، يستوقفها عسكري شاب، يبدو أنه مغرم بها، فتهديه بطاقة لحضور الحفلة، لكن ما أن تفتح باب سيارتها حتى تنفجر السيارة، فيهرع العسكري لإنقاذها ونقلها إلى المستشفى. على سكّة أخرى، نلتقي عائلة كردية بائسة: امرأة مريضة ممدّدة فوق عربة يجرّها حصان هرم، بصحبة زوجها ووالده وطفل، تخترق شوارع دمشق بحثاً عن مستشفى خاص لإنقاذها، بعدما لفظها المستشفى الحكومي. يحتضر الحصان في منتصف المسافة، ويتوه الأب في الشوارع، فيما يقوم الزوج (محمد آل رشي) بجرّ العربة بدلاً من الحصان، إلى أن يصل إلى المستشفى. يودع المرأة في سرير مجاور لمريضة السرطان، ويخرج للتفتيش عن والده، وشراء دواء للمرأة، ولأنه مفلس تماماً، يقرّر أن يبيع كليته لإنقاذ زوجته من موت محتّم، فيقع ضحية عصابة لبيع الأعضاء، وحين يحاول الإفلات من قبضة أحدهم، يطعنه بسكين داخل أحد أنفاق المدينة المهجورة. هنا يغلق المخرج الضلع الأخير للمثلث، لكن شهوة الحكايات المجاورة تُغرق الشريط بما هو فائض سردياً، ما أدى إلى نسف الكثافة البصرية لمصلحة ما هو حكائي صرف، رغبة في تنويع أطياف الجحيم السوري، ومراوغة الرقيب ربما، في إيصال رسائل ملغّزة في مخاطبة فئة شبابية، كانت لديها قناعة راسخة بأنها تصنع زمناً آخر بمشاركتها في التظاهرات، مثل مشهد الفتيات اللواتي رفعن لافتة في سوق الحميدية تدعو إلى إيقاف القتل. بدلاً من أن يغلق الشريط هنا، يلتفت إلى حكاية قديمة تخص المايسترو وصديق قديم انتسب إلى صفوف المعارضة، واعتراف الأخير بأنه هو من وشى به لدى الأمن، لينتهي في المعتقل سنواتٍ طويلة، في إدانة لانتهازية صنف من النخب السياسية. هذه الحمولة السردية والهفوات المونتاجية أرهقتا الشريط (نحو ساعتين ونصف)، بما يفيض عن حاجته تأويلياً، على أن مغامرة صاحب "حرائق البنفسج" (لم يعرض بعد)، في تحقيق فيلم مختلف، لا تخطئها العين، سواء لجهة التجريب، أو لجهة تشريح تضاريس دمشق عبر عدسة مفتوحة باتساع على طبقات المدينة وأسرارها وجحيمها، وكذلك جمالها النائم بين النيران.

جاد غصن: «مطاردة» عماد مغنية

زينب حاوي

28 سنة مضت بين 1983 وصول عميل «وكالة الاستخبارات الأميركية» (CIA) روبرت بير الى لبنان الذي أوكلت له مهمة تعقّب وتصفية القائد العسكري في «حزب الله» عماد مغنية، و2011 عام تركه العمل في «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان» كمستشار لفريق الادعاء في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتوجيهه سلسلة اتهامات الى الحزب وتحديداً مغنية بالضلوع في عملية الاغتيال (مما يدل على التسييس الفعلي في هذه المحكمة).

أراد الإعلامي جاد غصن إعادة إنتاج هذه المشهدية السياسية الإقليمية عبر فيلمه الوثائقي «المطاردة» (تصوير علي شريم، مونتاج علي خليفة) على «الجديد». النتيجة وثائقي (60 دقيقة) حاول من خلاله غصن توليف مرحلة عمل بير في لبنان وتنسيقه في هذه الفترة مع الجهاز الأمني اللبناني من جيش وأمن عام وقوى أمن داخلي، وفشله في تحقيق هدفه في القبض على مغنية وقتله. والمعروف عن بير ضلوعه في عمليات أمنية وتفجيرات في بيروت ومن ضمنها تفجير «بئر العبد» (1983) الذي كان يستهدف العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله. مغنية كان يصنّف عند الأميركيين كمسؤول عن عمليات أمنية عدة حصلت في لبنان من تفجير «المارينز» (1983) الى معلومات أخرى تتحدث عن محاولات قتل أميركيين في لبنان. ينطلق غصن من «مهمة» بير الى سياق سياسي أوسع يتمثل في الإضاءة على العلاقات الإيرانية- الأميركية وقتها وصولاً الى الإتفاق اليوم بين الدولتين حول البرنامج النووي الإيراني، وأخذ إيران مكانتها في المنطقة منذ تلك الحقبة.

عبر سلسلة مقابلات أبرزها مع منسق «شبكة الأمان للأبحاث الاستراتيجي» أنيس النقاش (المقرّب من مغنية) والصحافي قاسم قصير والصحافي الأميركي في بيروت نيكولاس بلانفورد، يضيء الشريط على المراحل التاريخية لنشأة «حزب الله» وعمله العسكري الأمني والحديث عن الإتهامات الأميركية بضلوع الحزب في عمليات عسكرية حصلت أو كان يخطط لها ودحضها الزمن والأدلة. وبين هذه المقابلات عرض لمشاهد أرشيفية توثق الحقبة المتناولة في لبنان، ولقاء مع بير نفسه أو «بوب» (15 دقيقة) كما كان يلّقب في بيروت، أجري عبر الأقمار الصناعية بسبب تعذر إجرائها في الخارج ومن ضمن هذه الأسباب خوفه على حياته الخاصة بما أنه «شخصية معرّضة للخطر». وكشف - كما يقول لنا غصن - عن «مفاجآت» تسرد للمرة الأولى.
يرى غصن في هذا الفيلم جذباً قد يحدثه بما أن الشخصيتين المتحدث عنهما (مغنية وبير) تعدان بارزتين. والجذب يكمن أيضاً في ابتعاد الصحافي الشاب عن المطولات السردية، فكان الشريط «سريعاً من دون الخوض في التفاصيل». في معرض الحديث عن توجهه داخل القناة الى إنجاز أعمال وثائقية مماثلة، لا يتردد غصن في القول بأنه يحب هذا المنحى من عمله، بخاصة الإضاءة على «قضايا معروفة لدى الناس، لكنهم يجهلون تفاصيلها»، أكثر من خوضه في العمل الميداني في النشرات الإخبارية مع الركود السياسي الحاصل اليوم.

الأخبار اللبنانية في

14.04.2015

 
 

ثلاثة أفلام تجمع ناصر عبد الرحمن وخالد يوسف من جديد

القاهرة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير

تخرج المؤلف والسينارست ناصر عبد الرحمن فى مدرسة يوسف شاهين، وجاءت أفلامه الروائية الستة بتوقيع شاهين وتلاميذه، البداية كانت وهو لايزال طالبا بمعهد السينما مع المخرج يسرى نصر الله من خلال فيلمى«المدينة» و«جنينة الأسماك» وكان لقائه الأصعب مع يوسف شاهين فى فيلمه «هى فوضى» الذى حمل اسم خالد يوسف شريكا فى اخراجه، لكن تفاهم كبير وصداقة خاصة جمعته بخالد الذى أخرج له ثلاثة من أهم أفلامه«حين ميسرة 2007»، «دكان شحاتة 2009» و«كف القمر» الذي صور في عام 2009 وعرض فى 2011.

 ومنذ اندلعت ثورتا المصريين فى 25 يناير و30 يونية انشغل خالد يوسف بالسياسة وانخرط فى العمل بها بعد أن قرر خوض الانتخابات البرلمانية، وأصدر ناصر سيناريوهاته فى كتب، بعد تراجع حركة الانتاج، وكشف عبد الرحمن لـ«سينماتوغراف» عن ثلاثة لقاءات مرتقبة مع خالد تعيدهما من جديد وهى «سره الباتع» عن قصة يوسف ادريس، وكان قد تأجل لبعض الوقت لارتفاع تكاليف انتاجه، و«برج حمام» وهو فيلم رومانسى، و«الناس والبحر» مؤكدا أنه سوف ينتظر خالد ولن يخرجها سواه مشيرا الى أن الصداقة الكبيرة التي تجمعهما تدفعه إلي ذلك، لأن الأمر يختلف كثيرا حين أعمل مع مخرج أعرفه ويعرفنى، فالعمل بدون صحبة عذاب، كما ان خالد يوسف «أكثر مخرج له علاقة بالناس، شاشته ساخنة، قريبة منهم وهذا أمر ليس له علاقة بالتكنيك وانما بالمشاعر».

 وأضاف ناصر عبد الرحمن أن لديه فيلمين مع مخرجين آخرين هما «كفارة» مع المخرج أحمد علاء، و فيلم جديد لايزال فى مرحلة الكتابة مع المخرج محمد ياسين، وكان قد أصدر قبل شهور كتابا يضم أربعة من سينايوهات أفلامه هى «حشيشة، بهية، آخر نفس، شماريخ» فى سابقة تكشف تراجع حركة الانتاج السينمائى فى مصر فى السنوات الأخيرة بفعل الظروف السياسية والاقتصادية، مؤكدا أنه أقدم على هذه الخطوة حتى يكون قد أدي ماعليه أمام نفسه.

سينماتوغراف في

14.04.2015

 
 

أسامة عبد الفتاح يكتب:

أسبوع "السينما الحقيقية" في القاهرة

** 14 فيلما تستعرض "آفاق" السينما العربية الوثائقية والروائية في "زاوية".. و21 تناقش التجارب المصرية في اللغة السينمائية بـ"الفلكي"

** "الخروج للنهار" و"هرج ومرج" و"ديكور" أبرز الأفلام الروائية.. و"المطلوبات الـ18" و"جلد حيّ" أهم الأعمال الوثائقية

تشهد القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة نشاطا مكثفا لنشر الثقافة السينمائية يبدأ غدا الأربعاء حين يطلق الصندوق العربي للثقافة والفنون أسبوع "آفاق" السينمائي الثاني الذي يستمر حتى 22 أبريل الحالي، ويعرض - في قاعة "زاوية" بوسط المدينة - 14 فيلماً وثائقياً وروائياً وقصيراً وتجريبياً من 7 دول هي: لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين، المغرب وتونس بالإضافة إلى مصر. 

أهم أفلام الأسبوع: "المطلوبات الـ18" لعامر شوملي وبول كووان (وثائقي - فلسطين - 2014)، والذي يُعد نموذجا للسينما الحديثة في الوطن العربي والعالم، تلك السينما المجددة، المتمردة، التي لا تخضع لأي تصنيف أو "فرز" كلاسيكي.. صحيح أنه يُعرض في كل مكان، وكل مهرجان، في فئة الفيلم الوثائقي، وفاز بذهبيتها في كل من الدورتين الأخيرتين لمهرجاني أبو ظبي وقرطاج السينمائيين، إلا أنه ليس وثائقيا بالمعنى المفهوم، ويعتمد في جزء كبير منه على السرد الدرامي، أي "دوكيودراما" في تصنيف ثان، ويعتمد أيضا على الرسوم المتحركة في تصنيف ثالث!

وكما يجمع الفيلم، وهو إنتاج مشترك مع كندا وفرنسا، بين ذلك كله، فإنه يجمع أيضا جهود اثنين من المخرجين من جيلين مختلفين: الرسام والسينمائي الفلسطيني عامر شوملي، ابن "بيت ساحور"، في أول أفلامه الطويلة، والمخرج الكندي المخضرم بول كووان.. وبشكل عام، لا يمكن أن تغني أي كلمات عن متعة مشاهدة هذا العمل، الذي يُعد - من دون مبالغة - تحفة سينمائية حقيقية تعيد للسينما العربية الكثير من حيويتها وبهائها، وتعيد للقضية الفلسطينية روحا ثورية متمردة افتقدتها للأسف في الآونة الأخيرة.

وهناك فيلم "جلد حيّ" لفوزي صالح (وثائقي - مصر - 2011)، والذي يبحث في أحوال عمال دبغ الجلود بسور مجرى العيون بالقاهرة، ولجأ مخرجه وكاتبه إلى أسلوب فريد جعل عمله متميزا عن معظم الأفلام الوثائقية والتسجيلية الأخرى، وهو الاكتفاء بأصوات الشخصيات في معظم المشاهد، ووضعها على لقطات لا تفسر بالضرورة ما تقول، فيما يُعرف بتكنيك "الفويس أوفر"، مع تجنب تصويرها وهي تتحدث باستثناء لقطات نادرة جدا.. وبسؤاله عن كيفية مقاومته إغراء تصوير ردود أفعال وتعبيرات تلك الشخصيات أثناء حديثها، قال إنه تعمد ذلك حتى يُبقي على مسافة بينه وبين الموضوع وأبطاله، وحتى لا يبدو متعاطفا مع القضية التي يطرحها لأن دوره يقتصر على طرح الأسئلة وترك الحكم والتقدير للمشاهد.. وأرى أن ذلك منحه أيضا فرصة ذهبية - استغلها جيدا - للتعبير البصري بالكاميرا والضوء عن هذا المكان الفريد بدلا من الاكتفاء بلقطات مقربة لوجوه شخصياته، مهما كانت معبرة أو موحية.

وعلى مسرح الفلكي بوسط المدينة أيضا، يقيم قسم الفنون بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في الفترة من بعد غد الخميس حتى الأحد المقبل، برنامج "رؤى" لمناقشة تجارب مصرية في اللغة السينمائية، والذي يعرض 21 عملا طويلا وقصيرا أهمها الفيلم الروائي الطويل "الخروج للنهار" (2012)، للمخرجة والمؤلفة هالة لطفي، والذي يدين الحياة الرتيبة المحبطة التي نعيشها، خاصة نحن أبناء الشريحتين الوسطى والدنيا من الطبقة المتوسطة، أي – باختصار – معظم المصريين.

إنه فيلم عن قسوة الحياة، وليس عن عذاب المرض ولا جبروت الموت كما تلقاه بعض من تصوروا أن مشكلته هي مرض أب عجوز وانتظار زوجته وابنته موته حتى تتخلصا من عبئه وتنطلقا في حياتيهما، فالحقيقة أن هناك تعايشا مع المرض وتبعاته من قبل الأم وابنتها، و"رضا بالنصيب" كما يقول البسطاء، وتعاملا برجماتيا واقعيا مع الموت القادم لا محالة من دون خوف ولا انزعاج.

وهناك "ديكور" (2014)، رابع أفلام أحمد عبد الله الروائية الطويلة بعد "هليوبوليس" و"ميكروفون" و"فرش وغطا"، والذي يبدأ فيه عبد الله "اللعب السينمائي" في وقت مبكر نسبيا من مسيرته، ولا أقصد اللهو بالطبع، بل الاستمتاع بتقديم الجديد والجرأة في التجريب بغض النظر عن أي اعتبارات.. ويقوم "ديكور" على أكثر من لعبة درامية على أكثر من مستوى، فنحن أولا إزاء لعبة الفيلم داخل الفيلم، التي تشبه لعبة العرائس الروسية الشهيرة. وهناك أيضا لعبة التأرجح بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي، إلى درجة تذويب الفروق والحدود بينهما، والوصول إلى حالة من التماهي يصعب معها تمييز أي منهما عن الآخر.

جريدة القاهرة في

14.04.2015

 
 

السينما المستقلة فن يبحث عن نفسه في مصر

العرب/ نجوى درديري

الناقد الفني طارق الشناوي يؤكد أن السينما المستقلة فن لم يتعرف عليه الجمهور بعد، وأنها تعتمد على وجوه جديدة بعضها يقف لأول مرة أمام الكاميرا.

يمسك بيده كاميرا ديجيتال صغيرة، يتجوّل في الشوارع والحارات، ويخلق من الكلمات قصصا وروايات قصيرة، لا يتعدّى زمن عرضها سوى دقائق قليلة، هذا هو حال كثير من الشباب المصري وتلك أدواته كي يصنع فيلما، ليصبح في قائمة أفلام السينما المستقلة، ولا يراه الكثير من الجمهور.

في منتصف ديسمبر عام 2010 شاركت أفلام “ميكروفون”، و”الطريق الدائري”، و”شوق” في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فهذا الأخير مثل مصر داخل المسابقة الرسمية، والفيلمان الأخيران شاركا في المسابقة العربية. وكانت الأفلام الثلاثة محدودة التكاليف، وأطلق عليها وقتها وصف “السينما المستقلة”، ولم يكن قد تم الاستقرار على مدلول لفظي لها، لهذا اعتبروا الوصف مؤقتا آنذاك.

السينما المستقلة تسمية أو تعريف للأفلام السينمائية التي يتم إنتاجها خارج منظومة الاستديوهات، وشركات الإنتاج والتوزيع الكبرى، التي تتحكم في هذه الصناعة.

وقد تميزت في البداية بخروجها عن الخط التجاري الاستهلاكي، كما تميزت بتقديمها لمحتوى إبداعي أكثر حرية ورقيا، وغالبا ما تكون معبرة بقوة عن آراء المخرجين الذين يتحركون ويعملون من تلقاء أنفسهم كسينمائيين، وأصحاب أفكار ورؤى ومواقف إنسانية محددة وقضايا اجتماعية.

نهال الجمل مؤلفة الفيلم الوثائقي “موج” الذي يحكي قصة صمود مدينة السويس الباسلة، بعد أن عانت من كثرة الحروب، نالت عن هذا الفيلم عدة جوائز عالمية ومحلية، آخرها جائزة تمويل خاص للفيلم من لجنة الحكام في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية المنتهي حديثا.

كما فاز الفيلم بجائزة أحسن تصوير في مهرجان الإسماعيلية السينمائي العام الماضي، وهو من إخراج الشاب أحمد نور الذي خاض عدة تجارب سينمائية مستقلة. وقد قالت الجمل لـ”العرب” إنها كتبت الفيلم بطريقة أقرب للبحث، وأن فريق العمل عانى من صعوبة الحصول على المعلومات التي أرادوها، خصوصا عن أبطال قدماء رحلوا، فكان الوصول إلى ذويهم غاية في الصعوبة.

وأكدت نهال الجمل أن السينما المستقلة في مصر تخصص للمهرجانات فقط وليست للعرض، حيث لا توجد أماكن لعرضها، ولا يوجد جمهور يتذوقها.

الناقد الفني طارق الشناوي أوضح لـ”العرب”: أنه رغم ظهور هذا النوع من الفن في الولايات المتحدة منذ ثلاثينات القرن الماضي، غير أن السينما المستقلة لم تعرفها مصر إلاّ قبل تسعة أعوام، وكانت البداية مع المخرج إبراهيم بطوط بفيلمه “إيثاكي”، وأغلب الأفلام تصور بكاميرا ديجيتال بغرض التوفير، كما أنها لا تعتمد على نجوم الشباك، بل تتم الاستعانة غالبا بوجوه جديدة بعضها يقف لأول مرة أمام الكاميرا، لهذا تعبر هذه الأفلام عن أفكار مخرجيها.

ندى ماهر فتاة عشرينية تدرس في معهد السينما بأكاديمية الفنون (قسم المونتاج) عشقت منذ الصغر الرقص والغناء والتمثيل أيضا، وكانت بداية انطلاقها مع الأفلام المستقلة بفيلم “إحباط” للمخرج البتسواني بوتشيوكو جيرميا.

وهي تؤكد أنها تعرفت عليه في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية العام الماضي، حيث كانت ملتحقة بدورة تدريبية كطالبة، وعرض عليها دور البطلة الرئيسية والوحيدة في فيلم “إحباط” الذي صوّره في الأقصر، وتدور قصته حول فتاة مصرية تيأس من حياتها وتقرر الانتحار وفي لحظة ترى طفلا أمامها، فتتغيّر وجهة نظرها.

فيلم “إحباط” لا تتعدّى مدته الخمس دقائق، وهو الأول لندى ماهر، وقد حصل على الجائزة الذهبية في التمثيل والإخراج، من مهرجان سينمائي للأفلام القصيرة في أندونيسيا، وتعمل ماهر الآن في فيلم قصير آخر بعنوان “كوم قش”. وترى ندى أن جمهور السينما المستقلة لا يزال ينتمي إلى شريحة من المثقفين أو ممن يمكن أن يطلق عليهم لقب متذوقي الفن الجيد، مؤكدة أن الشباب يتحملون تكاليف إنتاج أفلامهم.

أما مهند دياب فهو أحد الشباب الذين شقوا طريقهم بنجاح في عالم السينما المستقلة، وقد انطلق بأفكاره من المحلية إلى العالمية، حيث سافر إلى الولايات المتحدة وصور وعرض أفلامه، وحاز على جوائز هناك.

ولدياب فيلم بعنوان “حياة كاملة”، من تأليفه وإخراجه وتصويره، ونال عنه جائزة أحسن فيلم في مهرجان الإسكندرية لهذا العام، كذلك نال جائزة من مهرجان “يالا” في دبي، وجائزة أخرى من السفارة الأميركية بمصر.

العرب اللندنية في

14.04.2015

 
 

"حلم شهرزاد" .. وحكايات الواقع الحزين

محمد موسى

يستعير الفيلم التسجيلي "حلم شهرزاد" The Dream Of Shahrazad للمُخرج الفرنسي فرانسوا فيرستر، القالب الحكائي لأساطير ألف ليلة وليلة العربية، في تقديمه لشخصيات وعوالم ومناخات من الشرق الأوسط، من حقبة ما بعد ثورات "الربيع العربي".

فهناك في الفيلم "شهرزاد" عربية جديدة تسرد حكايات، هي، وكحال كثير من الحكايات الأصلية للكاتب العربي الأشهر، عن حيوات مهدورة وآمالاً مُنتهكة، تختزن عنفاً وظلماً، وتُشكِّل اليوم السرديات المُهيمنة وأحياناً الوحيدة لحكايات هذه المنطقة من العالم. كما تبدو حكايات الفيلم، وكحال بعضٍ من القصص التي روتها شهرزاد لشهريار، مُشوشة ومُرتبكة البنيان، فيما لا زالت نهاياتها بعيدة المنال.

تربط "شهرزاد" الفيلم التسجيلي هذا، بين حكايات من مصر وتركيا ولبنان. مُركِّزة على مصر، البلد العربي الذي مازال في لجّة دوامات التغيير. هناك أيضاً مساحة لتركيا في الفيلم، كنموذج لدولة ومجتمع يمران بصيرورة مُختلفة، تُكمِل على نحو ما، الحكاية الشرقية الإسلامية المُعقدة بمُعضلاتها المستعصية. في حين يَمُرّ لبنان على عجالة في الفيلم، عبر شخصية نسائية، قريبة من الحكاواتية العصرية.

لكن تناول المخرج للقصص تلك، لا يُشبه ما اعتدنا عليه في أفلام الثورات العربية من الأعوام الثلاث الأخيرة، فالفيلم يُحاول من جانب أن يؤسس لعلاقة شكليّة مع الحكايات الأسطورية، عبر بحثه عن امتدادات جمالية لها من الفن التشكيلي المُعاصر، ومن الجانب الآخر يختار عن طريق معالجته الخاصة، محاكاة أسلوب القصص الأصلية السرديّ، في تسجيله لحكايات ويوميات شخصيات الفيلم.

سيمرّ بعض الوقت، قبل أن يصل الفيلم التسجيلي إلى شخصياته الرئيسية، حيث يَتشبه الفيلم بالقصة الشعبية الشرقية، عندما يكون التمهيد من صُلب سرد الحكاية. أما الشخصيات المصرية فجُلها من الفنانين المهمشين، الذين يقبعون في هامش الفن المصري.

اختار الفيلم فنانين مسرح وتشكيل ومغنيين دراميين، وفرق موسيقية وُلدت بعد الثورة المصرية. ومرة أخرى، وقع الاختيار على شخصيات قريبة من روح الفن الحكواتي لفنانين يتوجهون مباشرة إلى جمهور حيّ، ليتناغم مع اختيارات الفيلم العامة. يرافق الفيلم فرقة مسرحية غنائية، تحاول أن تجد هويتها الفنيّة الخاصة، إذ أنها مشغولة بأسئلة على غرار: ماذا تقدم ولمن تتوجه؟

هذه الفرقة ستعثر على هدف مؤقت لها، عبر تقديم عرض مسرحي عن أُمّ مصرية فقدت ابن لها في الثورة الأخيرة. سيرافق الفيلم التحضيرات لهذا العرض، والذي سيجري على منصة مُرتجلة، في الحي الشعبي للشاب المصري الراحل.

لكن الحكايات على أهميتها في الفيلم، تُمثل جزءاً محدوداً فقط مما يحاول الفيلم تحقيقه أو الوصول إليه، ذلك أنه يبدو مهموماً بشكل أساسي بنقل مناخات ومشهديات عبر كولاجات بصرية عصرية عديدة للحياة على الأرض "السحرية" ذاتها التي خرجت منها حكايات ألف ليلة وليلة، باحثاً عن روح ما وقصص جديدة لناس من تلك الأرض، وكيف يمكن لهذه القصص أن تكون أو تُوفِّر الإلهام لحكايات جديدة على شاكلة الأساطير الأصلية.

هناك في الفيلم طفرات مُونتاجية وتوليف مُبتكر غرائبي، يمزج بين مشاهد تبدو بلا رابط واضح، ويضعها ضمن ملحمته الصورية الخاصة. هناك مشاهد عديدة مثلاً للثورة المصرية، تم استعادتها وتوظيفها بابتكار كبير في الكولاج البصري، إذ أُخرِجت من طابعها الآني ووضعت ضمن إطار تاريخي ونفسي جديد. كما يعود الفيلم التسجيلي إلى التراث الهوليوودي الصامت لأفلام مُستمدَّة من الحكايات العربية، ويستعير منها دقائق كثيرة، لتوفر هذه المشاهد، بمُبالغاتها، وأجوائها الغرائبية، كوميديا، كانت دائماً إحدى جواهر ألف ليلة وليلة التي لا تشيخ.

لقرون طويلة، كانت حكايات ألف ليلة وليلة مدخل العالم الغربي التقليدي وأحياناً الوحيد إلى ثقافات المنطقة العربية. يبدو فيلم "حلم شهرزاد"، وكأنه يعيّ هذه التركة الثقافية التي تتضمن رؤية استشراقية كسولة، كما يُحاول أن يتلاعب بها ويسخر منها ضمنياً، عبر استعادته المُبتكرة لها وإعادة تشكليها، صوريا على الأقل، بإبدال المُفردات الإغوائية الفاتنة والغريبة التي ميزّت كثير من قصص ألف ليلة وليلة، بمشهديات عصرية عنيفة من زمن الثورات العربية، واستبدال عرب الحكايات تلك، بشخصيات مُعذبة وهامشية من الزمن الحاضر المُعاش، بعضها مرَّ بسرعة وبدون حوارات في الفيلم، لكن مُخلِّفاً أثراً نفسياً مُهماً.

اختار المُخرج القطعة الموسيقية "شهرزاد" للروسي ريمسكي كورساكوف كخلفية موسيقية للفيلم. تُوفِّر هذه القطعة المعروفة التي أصبحت منذ أكثر من قرن اللازمة الموسيقية للحكايات العربية الشهيرة، كل العناصر والتقلبات الدرامية جنباً إلى جنب مع اللحظات الحميمية الآسرة. تعاضدت الموسيقى التصويرية وعلى نحو مدهش مع المُقاربة المُبتكرة للفيلم، وربما كانت الأساس الذي تَشَّكَل عليه البناء الفنيّ والدرامي للعمل. يتبع توليف الفيلم تغيير حركات القطعة الموسيقية، المفاجئة أحياناً، كما يتنقل الفيلم من لحظات الدراما العنيفة التي تتصاعد الموسيقى فيها وكأنها تقترب من الانفجار المدوي، إلى لحظات السكون العذبة، التي تشبه ما يعقب انقضاء المعارك.

هناك أيضاً مقاطع للغواية في الموسيقى، غواية شهرزاد الأزلّية لملكها، والتي تحتوي أيضاً على خوف وضياع وحزن دفينين. المخرج لم يكتفِ باستخدام الموسيقى، لكنه رافق أيضاً فرقة الشباب والشابات التركية التي تعزف هذه الموسيقى في مدينة إسطنبول، ليقدمها ضمن شخصياته، مكتفياً غالباً بمراقبتها، فيما تَقرّب قليلاً لقائد الفرقة الموسيقية، والذي تعكس أزمته ما يواجهه الأتراك المثقفين، من اصطدامهم المتواصل  بالقوى الرجعية والشوفينية في بلدهم.

"ملص" .. الروائية للتعبير عن البُعد التاريخي

حوار: نقولا طعمة - بيروت

"سلم إلى دمشق" آخر روائيات المخرج السوري محمد ملص، يثير جدلا حول الثورة ومآلها، وحول الحلم السوري وحقيقته وواقعيته. وُضع في ظل تطورات الأحداث السورية، ليعكس التمزُّق الذاتي بين الرغبة في التغيير والتحرُّر وبين العجز عن الوصول إليه، وذلك عبر روايات وحوارات الأشخاص الذين وفدوا إلى دمشق من أبناء الجيل الجديد، من طلاب سوريا من مختلف المشارب والانتماءات.

يطرح الفيلم جدلا حول أهمية الرواية في إظهار الأحداث، بالإضافة إلى مواكبته للتقنيات الحديثة التي فرضت نفسها على العالم، وتبنّاها ملص الذي لم يعد مضطرا لأن يحمل "بكرات الأفلام الثقيلة" لإيصال فيلمه إلى حيث يجب.

في سؤال لملص، وهو في لبنان للمشاركة في عرض فيلمه ضمن مهرجان "أيام بيروت السينمائية" الشهر الفائت، عن الظروف التي أحاطت بالفيلم، قال ملص لـ "الجزيرة الوثائقية" إن "القضية ليست قضية ظروف، بقدر ما أن هذا الفيلم هو الفيلم الروائي الذي أُنتج مع بداية الأحداث في سوريا 2012، حيث أن هذا الحدث الأولي الذي اختطف، والذي اُغتيل، شكّل في البداية محاولة للتقرب من جيل الشام في سوريا، والتعرُّف على عالمه الداخلي، صحيح من وسط الأحداث، ولكن ليس للتعبير عنها بقدر ما كان الهدف التعبير عن الحال الداخلي لجيل الشام حاليا، ومنذ ذلك التاريخ، وكيف يعايش ما يحدث، وما هو إحساسه، وموقفه مما يحدث. لذلك لا أستطيع الحديث عن شيء اسمه ظروف خاصة، بقدر ما كانت هي الظروف العامة الحادة والصعبة والقاسية والتي تحكّمت كثيرا بالطريقة التي كان يمكن التعبير من خلالها، وتحكمت بالبنية الدرامية العامة لهذا الهدف الروائي، وربما حتى اليوم يمكن القول بأنه يمكن أن يكون أول عمل روائي يتناول هذه الأحداث”.

عن الفيلم كفيلم روائي، تناول مفهومه للروائية باعتباره منتمٍ إلى سينما المؤلف، قال: "الروائية هي دائما محاولة للكتابة عن المشاعر الوجدانية للمؤلف بالعلاقة مع الواقع، ليس لصياغة فيلم مُتخيل، إنما لصياغة فيلم روائي يرتبط بالواقع، ارتباط حقيقي وعميق ومباشر”.

وعن متغيرات الشباب السوري في ظل تطور الأحداث بين 2011 و2014، قال: "ليس الموضوع هو التغيُّر الحدثي، بقدر ما أن الحدث شكّل حلما من الأحلام الصغيرة لهؤلاء الشباب. هذا الحلم هو الذي اختُطف، وسُرق، وتم اغتياله، وبالتالي أنا اعتقد أن الأمور اليوم تختلف عند هؤلاء الشباب وخاصة الذين صُدموا وخيبوا بما استطاع الحراك الشعبي أن يصوغه لنفسه كتوجُّه سياسي. تحول الحلم إلى استثمار سواء مما يمكن تسميته بالمعارضة الخارجية، وما يمكن تسميته بالقوى الداخلية التي استولت على هذا الحراك، وقادته بالتدريج نحو مواجهة غبية مسلحة، أدت إلى ظهور تيارات إسلامية متطرفة اليوم”.

عن تطورات سوريا، ورؤيته لمصيرها، قال: "من الأساس لدي قناعة كاملة بأن السياسة هي جزء من العمل السينمائي، وليست جزء من الخطاب الشخصي المباشر. على الرغم من ذلك، أعتقد أن الشباب اليوم كما لم يتوقع أحد حدوث ما يحدث، لكوننا نعايش هذ االواقع اليوم بكل قسوته وعنفه ووحشيته، فأعتقد أنه لا أحد يستطيع أن يرى الصورة برؤيا متفائلة، أو يتضح لنا إلى ماذا يمكن أن تؤدِّي”.

كنت تهتم بالفيلم الوثائقي، وفي "سلم إلى دمشق" ركزت على الروائية، ما الفارق بين الوثائقي وبين الروائي المستند إلى وقائع حقيقية كفيلم "الليل"، قال ردا على السؤال: "الليل فيلم روائي، لكن دون الدخول بالتعبيرات الأكاديمية، ودون إحداث أي جدل حول النوع السينمائي والروائي والوثائقي. أنا لدي وجهة نظرة خاصة تقوم على أن السينما، باعتباري المؤلف، السينما بالنسبة لي هي السينما، مهما كانت الصيغة أو الشكل الذي تتخذّه للتعبير. حين أكتب كتابا أحاول أن أُعطي الأدب مذاقا بصريا من خلال الكلمة، وكذلك في محاولتي للتعبير من خلال السينما بوصفها نزوع أدبي، لكون السينما بالنسبة لي هي سينما أولا وآخرا، ولكوني عبر الأربعين عاما لم أُفرِّق في الاحتياج التعبيري الخاص بي، بين هل أختار الوثائقي الآن، أم الروائي، كنت أختار ما كان يساعدني على تحقيق ما أريده سواء بالنزوع إلى شخصية وثائقية لأرسم لها بورتريه كما فعلت، أو اللجوء إلى موضوع وثائقي كما فعلت أيضا، وحاولت التعبير عنه بلغة وثائقية، وليس بلغة روائية”.

أضاف: "في مرات عديدة أخرى كنت ألجأ إلى الروائي حين أريد التعبير عن موضوع أشمل وأوسع، وأعمق وذو بعد تاريخي واجتماعي، في محاولة إعادة بناء عصر ومرحلة، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عبر العمل السينمائي الروائي. حينما أردت أن أستعيد الخمسينات كما فعلت في فيلم "أحلام المدينة"، على سبيل المثال، فلم يكن أمامي إلا أن أعيد إنتاج المرحلة روائيا بالاستعانة بمكونات وثائقية مع الوفاء لتاريخية المرحلة، وليس لوثائقية السينما، تاريخية المرحلة من حيث التكوين، أو من حيث اللون أو الضوء أو الإيقاع. وهنا لا بد من اللجوء إلى البنية الروائية في التعبير عنه. لكن الفارق بالنسبة لي غائب، ولا أعتبر أن الأمر يخضع لموازنة القيمة أو القدرة أو الفعالية لهذا النوع أو ذاك. كنت دائما وفيا ومخلصا في عملي، سواء لجأت إلى مشروع روائي أم مشروع وثائقي”.

وفي ظل التطورات العربية، لابد من السؤال عن السينما الشبابية العربية في ظل آخر أربع سنوات من الأحداث، قال: "لا أعتبر أن هناك سينما عربية بل أفلاما عربية. البلد الوحيد الذي يمكن أن أعطيه هوية سينمائية، هو مصر، بمعنى الإنتاج والتوزيع والسيناريو، والصناعة. السينما المصرية، عريقة ومؤسسة على أسس واضحة، واستطاعت أن تخلق جمهورا عبر الزمن، محب لها، وإمكانيات إنتاج سواء على الصعيد التقني أو على الصعيد البشري. ما نزال في البلدان العربية الأخرى نحاول أن ننتج أفلاما، وربما ليس لدينا سينمات ذات سمة عروبية، بقدر ما نؤسِّس لسينما ذات بُعد وطني، لذلك أنا أثني، على الرغم من الزمن السيء، على السينما السورية التي حاولت أن تكون في كثير من المرات سينما وطنية، تستطيع التعبير عن الواقع في سوريا، وتتناول مشاكل هذا المجتمع سواء بما حققته حتى اليوم من أفلام روائية أو وثائقية، ونستطيع أن نقول أن السينما في سوريا صار لديها الآن ما يمكن تسميته شيء من التراث السينمائي الذي رسم المرحلة والواقع الاجتماعي في سوريا، وبنوعيها الوثائقي والروائي”.

وتابع: "لكن انطلاقا من كون كل المحاولات هي محاولات محدودة، ولم تتمكن من خلق جمهور مواظب ومستمر ودائم، تبقى هي محاولات لا بد من دعمها، وتقييمها من الجوانب الإيجابية التي فيها، والتأكيد عليها، في سبيل تطورها”.

ملص لاحظ أن "هناك الكثير من الأفلام الهامة التي تم تحقيقها، سواء في فترات السبعينات، أو في ما بعد، وظهرت أيضا أفلام مبدعة في عدد كبير من البلدان العربية، نستطيع أن نتحدث عن السينما التونسية أنها سينما مهمة، والأفلام التونسية ظهر منها عدد من السينمائيين المهمين والموهوبين، كذلك في لبنان، نستطيع أن نتحدث عن أسماء وأفلام تستحق التقدير، لكن هل نحن وصلنا إلى المرحلة المطلوبة؟ لا، لم نصل بعد، وربما التطورات السياسية والتقنية الحاصلة على صعيد وسائل التعبير البصري تلعب دورا اليوم على صعيد ضرورة إعادة النظر في الأمور، ورؤيتها بمعيار مفاهيم مختلفة عن المفاهيم التي نشأت عليها هذه السينما”.

عن أهمية التقنيات الحديثة، وكيف استفاد منها، قال: "الاستفادة الأساسية هي في التطور التقني الذي اقتحم الصناعة السينمائية بشكل كبير، وخلق قواعد بديلة قادرة على حماية المشروع السينمائي، وإتاحة الفرصة لتنفيذه بأساليب أبسط، وأسهل، ربما ليست أقل تكلفة، لكنها سهلت الكثير”.

وأوضح أنه "منذ سنوات عديدة، اضطررت أن أتجه إلى الديجيتال لتصوير الأفلام، وكان التحول ممتازا، فقد كانت الإرادة كبيرة، وليس على صعيد الانترنت فقط، بل على صعيد التطور التقني في الصناعة السينمائية. وعلى صعيد الانترنت، فبالتأكيد، قبل ثلاثين عاما، كنت أحمل فيلما مكونا من ست علب معدنية كبيرة يفوق وزنها الـ27 كيلوغراما، أما الآن فأنا أستطيع إرسال فيلمي عبر الانترنت إلى أي طرف يطلبه دون أن أحمل هذه الأعباء على كتفي”.  

الجزيرة الوثائقية في

14.04.2015

 
 

صديق الإنسان الوفي.. ما بين الشاشة والواقع

محمد حمدي – التقرير

إن كنت تقتنيه بغرض الحراسة، أو للتباهي، أو حتى لتشبع شعورًا بالأمومة أو الأبوة جميعًا، نعلم أن اقتناء (كلب) من أفضل وأمتع ما يمكن أن يحدث فى حياتك، لم يُطلق عليه لقب (أفضل صديق للإنسان) من فراغ إذن.

بمناسبة انتشار أحد مقاطع اليوتيوب لمجموعة من الناس يهاجمون كلبًا بضرواة، ثم يذبحونه بهمجية داعشية لم يسبق لها مثيل، فتّشنا في مكتبات السينما عن مجموعة من الأفلام التي مجدت دور الكلاب، وتعرضت للكلاب كأبطال لا يقل دورهم أهمية عن باقي طاقم التمثيل.

هذا الموضوع إهداء لروح الكلب الذي قتل في مصر، ولكل من يحاول تبرير هذه الفعلة المفجعة؛ علّه يعيد النظر والتفكير.

Eight Below 2006

أول ما قفز في أذهاننا عندما علمنا بقصة المغدور في مصر هو اسم هذا الفيلم، ربما لاختلاف الموقف بين صاحب الكلب على أرض الواقع، والذي قنع بتسليمه لأعدائه إنقاذًا لنفسه، وبين بطل الفيلم الذي قاد رحلة للبحث والإنقاذ ليعثر على كلابه التي ساعدته في البقاء على قيد الحياة في ظروف ثلجية معقدة.

يأخذنا الفيلم الذي يقوم ببطولته الممثل الذي رحل عن عالمنا قريبًا (بول والكر Paul Walker) في رحلة وفاء متبادلة، ما بين وفاء الكلب للإنسان وإنقاذه له، ثم تدور الدائرة ليرد الإنسان الجميل للكلب بإنقاذه، يرفض (والكر) في الفيلم أن يترك الكلاب وراءه، ويحرك الأحداث بالكامل حتى يستطيع استعادتهم بنجاح.

يمكنكم مشاهدة إعلان الفيلم:

أو مطالعة صفحة الفيلم على IMDB هنا.

MarlyAnd Me 2008

يعتبر -فى رأينا- أحد أفضل الأفلام التي تناولت قصة حياة أحد أكثر الكلاب شهرة وأهمية، إنه الكلب (مارلي) الشقي الذي يبدأ الفيلم بقصة امتلاك زوجين شابين، هما أوين ويلسون Owen Wilson في دور (جون) وجنيفر أنيستون Jennifer Aniston في دور (جيني)، لأحد الكلاب، والذي يغير حياتهما بنسبة 180 درجة، من خلال مشاهد احترافية تظهر تمكن القائمين على تدريب الكلب من التحكم فيه ببراعة، وهو الكلب الذي أسر قلوب الملايين حول العالم من خلال مواقفه الشقية وأسلوبه البريء في اللعب، أو حتى المواقف الصعبة التي يضع الأسرة الصغيرة فيها، كإقدامه على التهام الهدية الثمينة التي يهديها جون لجيني.

وقد لا يعلم البعض أن المخرج اضطر للاستعانة بـ 18 كلبًا مختلفًا للعب دور الكلب (مارلي)، تميزت جميعها بقدرتها على إمتاع المشاهدين إلى الحد الأقصى.

تكلف الفيلم ما يقارب الستين مليون دولار، وحقق إيرادات تصل إلى 244 مليون دولار.

ويمكن مشاهدة إعلان الفيلم:

وصفحته على موقع IMDB.

ولا ننسى الأدوار المحورية التي لعبها الكلب في بعض الأفلام، على الرغم من عدم تركيز الفيلم بالكامل على شخصية الكلب؛ فعلى سبيل المثال لعب الكلب (مايلو) دورًا هامًا ومؤثرًا في فيلم The mask، من بطولة المتميز (جيم كاري)، والذي يحكي عن موظف بنك مهمش يعثر على قناع سحري يحوله لبطل أسطوري؛ حيث ساعد (مايلو) صاحبه على الهروب من السجن الذي يدخله خلال الأحداث، قبل أن تنقلب الآية ليرتدي (مايلو) القناع السحري قرابة نهاية الفيلم ويتحول لما يشبه الـ(سوبر كلب) وينقذ صاحبه مجددًا.

يمكن مشاهدة لقطة الهروب من السجن بمساعدة الكلب:

وحتى لا يتهمنا القارىء المُخضرم بالتجني على السينما العربية؛ فإن العديد من الأفلام العربية اهتمت بإبراز الكلاب ودورها الحيوي كأفضل صديق للإنسان، ويعتبر فيلم (الشموع السوداء) واحدًا من أكثر الافلام إبرازًا لدور الكلب، حيث تمكن الكلب (روي) المُدرب على القيام بدور صعب، والمساعدة في كشف اللغز الرئيس للفيلم، حيث هاجم ثعبانًا حاول مهاجمة البطلة (نجاة الصغيرة) في واحد من أهم مشاهد ظهور الحيوانات في السينما المصرية.

ولمن لا يعلم، فالكلب (روي) هو الكلب الشخصي للفنان ونجم مصر في كرة  القدم (صالح سليم)، وكان ظهوره معه في الفيلم استثمارًا للعلاقة بين الكلب والفنان.

يمكن مشاهدة لقطة للكلب (روي) من فيلم (الشموع السوداء):

ولا يقتصر التعرض للكلاب في هوليوود على إظهارها كصديقة للإنسان؛ بل صديقة للصوص أيضًا! ففيلم The Doberman Gang والذي أنتج عام 1972، يحكي عن عصابة من كلاب الدوبرمان المدربة تدريبًا جيدًا تقوم بسرقة أحد البنوك، وتم عرض الفيلم في المنطقة العربية تحت اسم تجاري شهير هو (عصابة الكلاب)، وحقق الفيلم نجاحًا متميزًا؛ حيث أظهرت الكلاب التزامًا أمام الكاميرا، وإن دلَّ فإنه يدل على حُسن تدريبها واستخدامها بشكل استثنائي في أحداث الفيلم.

شاهد لقطة سرقة البنك بواسطة الكلاب:

وبين الأفلام الهوليوودية الجميلة، والواقع العربي الأكثر سوءًا، يبقى الكلب محتلًا المكانة الأكبر في قلوب البشر، ضاربًا المثال الحي على الوفاء والتضحية، حتى إن اضطرته خصاله الحميدة للموت ذبحًا على يد من كانوا فيما مضى.. بشرًا!

التقرير الإلكترونية في

14.04.2015

 
 

حسن يوسف: لم أعتزل والإنتاج "خرب بيتي"

مروة عبد الفضيل

يواصل الفنان المصري حسن يوسف تصوير مسلسله "دنيا جديدة"، الذي يعود به إلى الشاشة الصغيرة بعد غياب سنوات. ويشير يوسف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ ما جعله يُقبِل على تقديم هذا العمل، هو أنّ المحور الذي تدور حوله الأحداث، لا بدّ أن تتم مناقشته في الوقت الراهن الذي نعيشه ونرى فيه أنّ هناك متطرفين يكرّسون حياتهم لهدف واحد، ألا وهو الإساءة إلى الدين الإسلامي، وإظهاره كما لو أنّه دين التطرف والإرهاب.

ويصف يوسف نفسه بالإنسان العادي، المسلم الوسطي غير المتشدّد، وهذا ما يحاول توضيحه في العمل. فالتشدد، بحسب يوسف، قد يولّد التطرف، لذا، فإنّ الوسطية هي منهجه في العمل، كما أنّها منهجه على الصعيد الشخصي أيضاً.

ينفي يوسف أن يكون مسلسله دينياً، مشيراً إلى أنّه عمل اجتماعي، يدخل الدين فيه بمفهومة الاجتماعي. "فالدين معاملة بين الأفراد والمجتمع، ويدخل في أسلوب حياتنا بطرق غير مباشرة".

وعن سبب ابتعاده عن الإنتاج منذ العام 2008، بعد إنتاجه مسلسل "العارف بالله عبد الحليم محمود"، يجيب: "للأسف الشديد، كنت أبحث عن أعمال دينية أقدّمها لتنير المجتمع بأفكار هؤلاء الأشخاص الوسطيين، لكن ردود الفعل كانت محبطة"، ويضيف: "أنا بيتي "اخترب" في هذا العمل، لأنّ القنوات الفضائية لم تشتره، وقد تمّ عرضه في إحدى القنوات بتوقيت سيئ جداً. وعلى الرغم من أهمية العمل، لم يشاهده إلا القليلون، لأنّه عُرض في شهر رمضان، وقت الإفطار أو الفجر، فمن من الجمهور يشاهد التلفزيون في هذا التوقيت"؟

ويشير حسن إلى أنّه تعرض للظلم كثيراً في أيّ عمل ديني أقدم عليه، وحين قدم عملاً اجتماعياً، وهو "زهرة وأزواجها الخمسة"، "قامت الدنيا عليه"، مكرّراً أنّه فنان ملتزم ولكنه ليس متشدداً، "لن أقدّم على الشاشة ما يغضب الله سبحانه وتعالى". ويوضح يوسف أنّه حين عاد إلى عالم التمثيل والإنتاج، قرّر تصحيح مساره ولم يعتزل مثلما تهيأ للبعض، فحين يقرر الاعتزال، سيعتزل فعلاً، ولن يعود.

ولم ينكر أنّه قدم مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" لحاجته المادية. فقبل الإقدام على هذا العمل، ظلّ حسن من دون عمل لسنوات عدّة، لكنّه أشاد في الوقت نفسه بقصة العمل ووجود فنانة موهوبة مثل غادة معه.

وتطرّق يوسف للحديث عن نجله الممثل عمر يوسف، قائلاً: "عمر موهوب ويحب التمثيل وتقديم أدوار مبتكرة غير مكرّرة وتقليديّة. يسير بخطى ثابتة، ولا يتسرّع باتخاذ أي قرار، وخصوصاً على الصعيد العملي، التلفزيوني كان أم السينمائي".

ويتابع: "فأنا لا أحب النجاح السريع ولا أؤمن به، كما أن عمر لم يعتمد على كون والده فناناً، بل اختار طريقه وحده". وإن كان عمر يشارك والده في العمل الثاني له بعد "عائلة كرامة"، من خلال مسلسله الجاري تصويره حالياً "دنيا جديدة"، فإنّ يوسف يؤكّد أنّه لم يكن وراء ترشيحه نهائياً.

العربي الجديد اللندنية في

14.04.2015

 
 

Home اسم على مسمى: ابقَ في البيت

كتب الخبرريك بنتلي

لا شك في أن النص الضعيف، المونتاج الموسيقي غير الضروري، الشخصيات غير المحبوبة، وعمليات التحريك (الأنيماشين) غير المتقنة تحول Home إلى فيلم ممل جداً، حتى إن الفضائي إي. تي. قد يستخدم اتصاله ليخاطب دار السينما مطالباً بإعادة أمواله.

حتى مَن أعد الإعلان لهذا الفيلم  لا يملك فكرة واضحة عما يدور فيه. يروَّج للفيلم على أنه قصة تيب (ريهانا)، فتاة تحاول العثور على منزلها. في الواقع، تعرف تيب جيداً أين يقع منزلها، إلا أن فضائيين جبناء (يُدعون بوف) خطفوا أمها (جنيفر لوبيز)، وقد اختاروا الأرض مخبأ لهم هرباً من جنس الفضائيين المقاتل الذي يطاردهم.

{أوه} (جيم بارسونز) فضائي خيّر لا ينفك يرتكب الأخطاء. غير أن خطأه الأخير قد يتسبب بهلاك جنسه. لكنه ينسى أمر الموت والدمار الوشيك ليساعد تيب في العثور على أمها.

قصة بسيطة

تبدأ مشاكل هذا الفيلم مع نص لجون ج. أستل ومات إمبر مقتبساً عن كتاب The True Meaning of Smekday لآدم ريكس. فتبدو القصة بسيطة جداً، حتى إن الشخصيات لا تجد ما تفعله خلال 80% من الفيلم. فيؤدي ذلك إلى مشاهد طويلة يتجول خلالها أوه وتيب في سيارتهما الطائرة، متوجهين إلى أستراليا حيث خُزن كل سكان العالم.

كانت هذه الرحلة ستبدو ممتعة لو أن الدعابات ليست باهتة. إليك مثالاً لذلك: قول أوه إنه مد ذراعيه في الهواء كما لو أنه لا يأبه بعد سماع بعض الموسيقى. كانت هذه الدعابة ستُعتبر مضحكة قبل 20 سنة.

كانت ستبدو مضحكة أيضاً لو لم يكن بارسونز الصوت وراء الشخصية. فقد قدم عملاً متقناً جداً في أدائه دور شيلدون الغريب الأطوار في فيلم The Big Bang Theory، حتى بات عمله مع شخصية أوه أشبه بتسجيل من هذا البرنامج التلفزيوني. فلا يحتوي أي تفصيل جديد أو مختلف.

فجوات وثغرات

يحتوي Home مواد كافية ليكون كتاباً للأولاد، إلا أن تحويله إلى فيلم طويل يولد فيه الكثير من الفجوات والثغرات. وقد عمد معدو هذا الفيلم إلى ملء هذه الفجوات بمقطوعات موسيقية طويلة، منها أغانٍ لريهانا. صحيح أن أداءها الشخصية لا بأس به، إلا أنه ليس مميزاً بما يكفي ليجعل هذا الفيلم عملاً لا يُنسى.

ومع أن حبكة Home بسيطة ومحدودة، لكنها تعاني مشاكل كبيرة. يتبين أن الفضائيين الجبناء مطاردون بسبب حدث وقع خلال محادثات سلام. ولكن لو لم يتسببوا بمتاعب قبل المفاوضات، فلمَ يخوض الجنسان محادثات سلام إذاً؟

أضف إلى ذلك الكائنات الفضائية. يدفع نجاح فيلم Despicable Me بسبب شخصيات صغيرة محبوبة معدي أفلام الأنيمايشن إلى تصميم شخصياتهم لتكون صغيرة ومحبوبة بدورها. لكنها ليست كذلك في هذا الفيلم. فهي مزعجة وحتى مخيفة بعض الشيء. على سبيل المثال، تجعلها الكريات المستخدمة لابتكار شعر الوجه تبدو أشبه بولد في الثالثة من عمره عطس لتوه ويحتاج إلى منديل.

إذاً، تبدو كامل أوجه Home أقرب إلى نسخة بدائية من فيلم خيال علمي أفضل. حتى عملية التحريك (الأنيمايشن) تفتقر إلى الابتكار. تكمن المشكلة في أن تصميم الفضائيين باهت، حتى إن المصممين لم يتوصلوا إلى أي فكرة ملهمة غير جعل البوف يبدلون لونهم للتعبير عن مشاعرهم. فما هو لون السأم؟

قد يستمتع مَن هم في الثالثة أو الرابعة من عمرهم بفيلم مماثل، إلا أن الأهل سيُضطرون إلى الجلوس بسأم ومشاهدة هذه المعمعة الكرتونية وهم يفكرون في المنزل، متناسين كل ما يدور أمامهم على الشاشة.

الجريدة الكويتية في

14.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)