كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

فيلم "عراف الماء".. احترام الآخر والحروب العبثية

أمير العمري*

 

يعيد فيلم "عراف الماء" القادم من أستراليا فتح ملف معركة غاليبولي الشهيرة التي وقعت عند مضيق الدردنيل في تركيا خلال الحرب العالمية الأولى.

ويأتي الفيلم بعد مرور مائة عام بالتمام والكمال على وقوع المعركة التي استمرت من 25 أبريل/نيسان 1915 حتى 9 يناير/كانون الثاني 1916، وتمكنت في نهايتها القوات التركية من إنزال هزيمة قاسية بالقوات البريطانية وحليفاتها (فرنسا ونيوزيلندا وأستراليا) التي كانت تسعى لاحتلال مدينة إسطنبول، وأرغمتها على الانسحاب.

غير أن الأتراك تكبدوا في تلك المعركة خسائر بشرية هائلة فاقت ما تكبدته القوات الغازية. وتقدر بعض المصادر خسائر تركيا بنحو مائة ألف قتيل، بينما بلغت خسائر القوات المتحالفة نحو ثمانين ألف قتيل، بينهم حوالي ثمانية آلاف جندي أسترالي.

التصالح مع الماضي

لكننا لسنا أمام فيلم حربي عن البطولات والتضحيات، رغم ما يحتويه من مشاهد كثيرة للمعارك الضارية التي دارت هناك بين القوات الأسترالية والقوات التركية، ثم بين الأتراك واليونانيين الذين قاموا بمحاولة لغزو تركيا فيما بعد.

فالموضوع الأساسي للفيلم يدور حول كيفية التصالح مع الماضي، ومع الذات، والقدرة على الغفران وتقدير تضحيات الطرف الآخر، تماما كما يقدر المرء التضحية الكبيرة بثلاثة من أبنائه فُقدوا في الحرب.

بطل الفيلم مزارع أسترالي في أوائل الخمسينيات من عمره هو "كونور"، الذي يقوم بدوره الممثل الأسترالي راسل كرو، وهو نفسه مخرج الفيلم في أول تجربة له في الإخراج السينمائي.

يعيش "كونور" في منطقة ريفية في أستراليا بعد مرور سنوات على نهاية المعركة التي فقد فيها أبناءه الثلاثة الذين كانوا جنودا في الجيش الأسترالي، وهو الآن يمارس مهنة اكتشاف أماكن وجود المياه الجوفية، من خلال موهبته الخاصة في معرفة تلك الأماكن بنوع من الحدس الخاص.

وفي الوقت نفسه تتداعى في ذاكرته علاقته بأبنائه الثلاثة الغائبين، وكيف أنه يعتبر نفسه بشكل ما مسؤولا عن مصيرهم بعد أن ظل يزرع في نفوسهم فكرة ضرورة أداء الواجب الوطني.

زوجته لا تزال تعيش الحداد، ترفض قبول الأمر الواقع، وتلومه على تقاعسه عن البحث عن أبنائهما، وعندما يبلغ بها اليأس مبلغه، تضع حدا لحياتها بيدها.

عند ذلك يحزم الرجل أمره، ويتوجه إلى تركيا. وفي إسطنبول يرفض المسؤولون في السفارة البريطانية منحه تصريحا بدخول منطقة المعركة، لكنه يجد طريقه بنفسه إلى هناك بمساعدة ضابط تركي شارك في المعركة إلى جانب قوات بلاده، والآن أصبح يشعر بالتعاطف مع كونور، ويقنع الضابط الأسترالي المسؤول عن إحصاء عدد القتلى من جيش بلاده في المعركة بمساعدته، لكونه "الأب الوحيد الذي جاء للبحث عن أبنائه" كما يقول، وكان قد حدث "تطبيع علاقات" بين الأطراف القديمة المتنازعة بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وتأسيس الدولة التركية الحديثة.

بلاغة بصَرية

يستخدم الفيلم -على نحو رمزي- المقاربة بين مهنة كونور كعراف للماء، يمتلك موهبة العثور على أماكن الآبار في الصحاري الأسترالية، وبين اقتفائه آثار أبنائه الثلاثة في أرض غريبة عليه، إلى أن يتوصل بالفعل إلى أن أكبرهم لا يزال على قيد الحياة، ويصل إليه في مكانه ليعرف أنه غاضب عليه لأنه لم يكترث لسنوات بالبحث عن مصير أبنائه.

ينجح راسل كرو في إخراج الكثير من المشاهد الصعبة المؤثرة، ينسج ببراعة بالتعاون مع مدير التصوير البارع مشاهد كثيرة في الفيلم برقة وفي بلاغة بصرية مدهشة، ويجسد -دون ابتذال- علاقة تعاطف متبادل بين "كونور" وامرأة تركية شابة تدعى "عائشة"، هي صاحبة الفندق الصغير الذي يقيم فيه.

وكما فقد هو أبناءه، فقدت عائشة زوجها في الحرب ولا تعرف مصيره حتى الآن، وتقوم وحدها بتربية ابنها وهو طفل في العاشرة من عمره، وتتعرض لمضايقات شقيق زوجها الذي يريدها أن تنصاع لرغبته في الزواج منها.

كما ينسج الفيلم ملامح علاقة أخرى بين كونور والضابط التركي الذي يصحبه في رحلة بقطار يتعرض خلالها لهجوم شرس من جانب المسلحين اليونانيين الذين يقدمهم الفيلم مجموعة من المجرمين الهمجيين، بينما يقدم الأتراك في صورة إيجابية، كما يكشف جهل ذلك الأسترالي القادم من الخارج عند لحظة وصوله إلى الفندق عندما يتساءل بعد أن يسمع أصوات الأذان في المدينة: ماذا يبيعون؟ فتقول له عائشة: إنهم لا يبيعون شيئا.. بل هو أذان لصلاة المغرب.

إنصاف المسلمين

ينجح "كرو" المخرج في استخلاص أقصى ما يمكنه من المشاهد الطبيعية، ويركز بشكل خاص على فكرة أن الخسائر المشتركة بين الأطراف المختلفة في الحرب يمكن أن تقرب فيما بينها، وذلك من خلال إدارة المشاهد التي تضم كونور والضابط التركي (الميجور حسن).

"فيلم "عراب الماء" هو أحد أهم الأفلام المناهضة للحرب بشكل عام، التي تبرز أنها عادة ما تنتهي بخسارة مشتركة بين جميع الأطراف"

كما يركز الفيلم على بطولات الأتراك في مواجهة الغزاة، ويؤكد أنهم فقدوا أيضا الكثير من أبنائهم أثناء دفاعهم المشروع عن بلادهم، كما يسخر على لسان الميجور حسن من جهل الغرباء الأجانب بطبيعة البلاد عندما يجعل حسن يقول للضابط الأسترالي: لا يجوز أن تغزو بلدا لا تعرف أين يقع على الخريطة!

وبوجه عام، يعتبر "عراف الماء" من أكثر الأفلام الغربية التي ظهرت عن "الآخر" الشرقي، المسلم، التركي، توازنا وإنصافا، لدرجة أن معالجته للموضوع أثارت غضب بعض النقاد البريطانيين الذين اعتبروا أن فيه نوعا من "التملق المغالى فيه"، والتقليل من شأن التضحيات التي قدمها البريطانيون ورفاقهم في هذه المعركة.

وفيلم "عراب الماء" هو أيضا أحد أهم الأفلام المناهضة للحرب بشكل عام، التي تبز أنها عادة ما تنتهي بخسارة مشتركة بين جميع الأطراف، وهو بهذا ينتمي إلى الأفلام الشهيرة في تاريخ السينما العالمية التي تناهض الحروب، منذ فيلم "كل شيء هادئ في الميدان الغربي" (1930) للويس مايلستون، و"طرق المجد" (1957) لستانلي كوبريك، إلى "سفر الرؤية الآن" (1978) لفرنسيس كوبولا، و"خيط أحمر رفيع" لتيرنس ماليك (1998)، وغير ذلك.

* كاتب وناقد سينمائي

الجزيرة نت في

13.04.2015

 
 

علا الشافعى تكتب:

موسم.. منزوع الدسم

4 أفلام طرحت فى دور العرض، بموسم شم النسيم حتى الآن، وهى" زنقة ستات، وفزاع، وكابتن مصر، وتسعة" وهى أفلام إن جاز التعبير "منزوعة الدسم" لا تحمل اسم سوبر ستار أو نجم من نجوم السينما الكبار والمعروفين بتحقيق إيرادات. ويبدو أن القائمين على صناعة السينما لا يزالون يتعاملون مع السينما بمنطق جس النبض أو بمعنى آخر خلى الصناعة تشتغل، خصوصا أن هذا الموسم قصير وغير مضمون، وأن الأفلام التى تعرض به قد تحقق إيرادات تغطى كلفتها الإنتاجية، فلماذا لا يتم عرض أفلام تضم عددا من الوجوه الجديدة مثل فيلم "تسعة" أو تركيبة كوميدية مثل "كابتن مصر" تضم العديد من الوجوه الكوميدية الذين حققوا نجاحا مع أشرف عبدالباقى من خلال تجربة تياترو مصر، وأحمد مكى فى الكبير أوى، منهم محمد سلام وعلى ربيع، وهى نفس التوليفة التى صنعها هنيدى فى فيلمه الأخير "يوم مالوش لازمة"، حيث استعان بعدد كبير من تلك الوجوه التى تم توظيفها بشكل درامى جيد خدم هنيدى نفسه، وحققت نجاحا مع نجم صاحب جماهيرية بالأساس فهل تكرارها مع محمد عادل إمام سيأتى بنفس المردود؟، خصوصا فى ظل المحاولات المستمرة لتقديم محمد عادل إمام كبطل رغم أن فيلمه "البيه رومانسى" لم يحقق إيرادات تذكر فى عالم المنافسة، أو نجم كوميدى يحاول تجربة نفسه كبطل فيلم بمفرده مثل هشام إسماعيل الذى تألق فى دور فزاع بمسلسل الكبير أوى، فى محاولة منه للاستفادة من رصيد الشخصية ونجاحها الجماهيرى فهل سينجح أم تتحول تجربته مثل زملائه السابقين ومنهم ماجد الكدوانى وغيره ممن تألقوا فى البطولات الجماعية وعندما قرروا أن يخوضوا أولى بطولتهم لم يحققوا النجاح المتوقع لذلك يعودون ثانية إلى أدوار البطولة الثانية، لذلك وفى ظل انحسار المنافسة السينمائية، فى هذا الإطار تجد أن فيلم مثل fast andfurious 7 تتجاوز إيراداته كل الأفلام المصرية المعروضة. فلماذا لا يفكر القائمون على صناعة السينما المصرية فى شكل الخريطة المعروضة؟، بمعنى الحرص على تنوعها ووجود فيلم لأحد النجوم الكبار إلى جانب تلك التجارب المختلفة، خصوصا وأن هناك أفلاما بالفعل جاهزة للعرض مثل فيلم "حياتى مبهدلة" لمحمد سعد وفيلم "قدرات غير عادية" للمخرج داوود عبدالسيد وغيرها

اليوم السابع المصرية في

13.04.2015

 
 

'المعطي' فيلم يبشر بعالم جديد بلا حب ولا كراهية

العرب/ طاهر علوان

فيلم 'المعطى' يعتمد على مجموعة بشرية تمّ محو ذاكرتها وإعطاب أحاسيسها ومشاعرها للكشف عن واقع عالمي معيشي بعد 33 عاما من الآن.

ترى كيف سيكون شكل العالم والحياة لو غابت عنه الأحاسيس، ألا تشعر إلاّ بالمسؤولية والواجب؟ أيّ معنى لهذا العالم الذي صار أبيض وأسود ورماديا؟ عالم تغيب فيه الألوان، لا لشيء إلاّ لغرض القضاء على التمييز اللوني والعرقي، ولكن ذلك انسحب على كل ما حولنا من ألوان: ألوان الملابس، الطبيعة، الأثاث، الكون، وغيرها، كل شيء بلا ألوان، هذا ما يقدمه فيلم “المعطي” لفيليب نويس.

ملامح الحياة الافتراضية في العام 2048، أتت في فيلم “المعطي” لفيليب نويس بلا ألوان ولا مشاعر، وهي قصة مستوحاة عن رواية الكاتب الأميركي لويس لوري، بنفس العنوان، والتي تمّ إعدادها للسينما على يد كاتبي السيناريو مايكل ميتنيك وروبرت وايد.

هذا الفيلم المصنوع بعناية كبيرة وبحبكة درامية متقنة يقدم قراءة لواقع افتراضي، فالإنسان المعاصر ومع التقدم التكنولوجي الهائل صار يوما بعد يوم يهزم في معارك عدة، ولم يعد في مقدوره الإحاطة بكل تعقيدات الحياة، وصار ينزوي وينكفئ على ذاته أكثر من أي وقت مضى، إنه المجتمع الأحادي المعطوب الذي نشهد أمثلة كثيرة له في العالم الغربي، من خلال اختزال الأسرة والنأي بالنفس عن مسؤولياتها.

وتأسيسا على هذه المعطيات الأولية نجد أن السرد الفيلمي يذهب بنا بعيدا جدا إلى ما سيؤول إليه هذا الواقع العالمي المعيش بعد قرابة 33 عاما من الآن، مجموعة بشرية تمّ محو ذاكرتها وتمّ إعطاب أحاسيسها ومشاعرها.

ثلة من الشباب من بينهم جوناس (الممثل برينتون ثاويتس) يعيشون في تلك البقعة الافتراضية من ذلك العالم الجديد، الناس يتنقلون بالدراجات الهوائية كوسيلة نقل أساسية، وها هم بصدد الذهاب إلى حفل تخرجهم وحصولهم على الوظائف.

ووسط الحشود تعلن الزعيمة المسؤولة (الممثلة ميريل ستريب) وظيفة كل متخرج باستثناء جوناس الذي يجري تجاهله بتعمّد حتى اللحظة الأخيرة، ليتمّ إثرها الإعلان على أن جوناس هو الذي تمّ اختياره من بين جميع المتخرجين، وأنه الأفضل لكي يكون هو مستلم الذاكرة من مصدرها الرئيسي، وتخبره الزعيمة أنه سيواجه مشاكل وصعوبات وآلاما لا يمكن تخيّلها، وأن عليه أولا وأخيرا الكتمان وعدم الإفصاح عن نوع دراسته والخبرات التي سيكتسبها أثناء الإعداد والتدريب.

ويبدأ جوناس جلسات تلقي الذاكرة، وإذا به ينتقل مباشرة إلى أناس من كل الألوان والأجناس وهم يعملون ويرقصون ويضحكون، ويؤدّون طقوسهم الدينية من بوذيين ومسلمين ومسيحيين وغيرهم، ويرتدون أشكالا وأنواعا مختلفة من الأزياء، ويكتشف من ذلك أن هنالك ألوانا تمّ حرمانهم منها على أساس أن الهدف هو المساواة.

ويكتشف أيضا أن هنالك أصواتا وموسيقى، وأن الناس بينهم علاقات تسمى “حب”، وعندما يسمع والداه تلك الكلمات يوبخانه ويطلبان منه استخدام المفردات السائدة والمعتمدة رسميا، وبعد كل هذا الشقاء اللذيذ يقرر جوناس أن على كل المحيطين به أن تكون عندهم ذاكرة مثله، فيرون جمال العالم الآخر وأصواته التي لا يتخيلونها.

الخروج عن النسق، أي عن وعي المجموعة معناه التمرّد وعقوبته قتل قانوني، وقد سبق أن قتلت فتاة اسمها روزماري، لأنها أتقنت جيدا ماذا تعني الذاكرة وحاولت نقل ما عاشته إلى الآخرين؛ حاولت أن تروي لهم معنى الموسيقى والجمال الكامن في أماكن أخرى لا يرونها وهم محرومون منها كليا.

ويجرب جوناس أن ينقل خبرته إلى طفل رضيع يجلبه والده إلى البيت، وبالفعل سيرى ذلك الطفل مشاهد كثيرة غريبة، حيوانات ملونة تتقافز وتلعب، ويقرر جوناس الخروج من هذا العالم بأيّ شكل مصطحبا معه الرضيع وكأنه تمرّد على ثقافة القطيع. يخرج جوناس ومعه ذلك الرضيع قبل أن يحقن هذا الأخير بحقنة قاتلة ويرمى، وهو العقاب السائد بسبب أنه لم ينم عقليا بما فيه الكفاية.

تعبّئ الزعيمة كل إمكاناتها وتوجه نداءاتها لملاحقة جوناس قبل انتقاله إلى العالم الآخر، لكنها تفشل في الإمساك به فيكون هو والرضيع في بلاد أخرى فيها أشجار وثلج وبحر وأصوات وشمس وحياة.الفيلم مشبع بحوارات عميقة عن الكون والحياة والإنسان، وخاصة تلك التي يتحدث بها المعطي (الممثل جيف بريجز) الذي يلقن جوناس تلك الحكمة المحرمة التي تعطي قيمة وشكلا للأشياء، ومنها مثلا كلمة الحب التي تثير استغراب صديقته فيونا (الممثلة أوديا راش)، وكذلك معنى الكراهية التي تصل إلى الاعتداء الجسدي، وهي من الغرائب في تلك البقعة النائية.

ويشهد جوناس وهو يكتسب خزين الذكريات من المعطي أن الناس من الممكن أن يتقاتلوا، إذ ينتقل إلى أجواء معارك أرضية حقيقية، وأن هنالك كائنا حقيقيا ضخما اسمه الفيل، وليس مجرد دمية يلعب بها الصغار، وأنه يقتل بسادية بشعة للاستحواذ على العاج الذي يصنعه، وخبرات أخرى ثرية، والحصيلة أن الفيلم يستحق التأمل في موضوعه وبنائه ومعالجته.

العرب اللندنية في

13.04.2015

 
 

ندوة عن صورة الفلسطيني في السينما الهوليوودية…

رشا سلامة: «الهمجية» الصورة الطاغية عن العرب في السينما الغربية

آية الخوالدة - عمان ـ «القدس العربي»:

«سيطرة الصهيونية على السينما الهوليوودية وغياب الصورة الإيجابية للفلسطيني خصوصا والعربي عموما»، كان محور حديث الأديبة رشا سلامة، التي قدمت ندوة في رابطة الكتاب الأردنيين في العاصمة الأردنية عمان، تحت عنوان «صورة الفلسطيني في السينما الهووليودية» أدارها محمد جميعان. 

الكاتبة التي تحدثت عن هذه الصورة من خلال أربعة أفلام هوليوودية هي «ميونيخ» و»لا تعبث مع زوهان» و»كارلوس» و»ميرال»، وقبل الحديث عنها، أشارت سلامة إلى أن مدينة السينما العالمية لم تتعامل مع القضية الفلسطينية كتعاملها مع قضية الحكم العنصري في جنوب أفريقيا مثلا، والتمييز اللاإنساني الذي كان واقعا على السود، والذي استطاعت هوليوود أن تنقله إلى الناس كما هو، بل هي كثّفته في الأعوام الأخيرة، وتحديداً منذ وصول الرئيس باراك أوباما لسدّة الحُكم. 

أما في ما يخص الأفلام الأربعة فكانت البداية مع «ميونيخ». قالت سلامة «تم تصوير الفلسطينيين في «ميونيخ» بجماعة مارقة تتسلل من غير أي ذريعة قانونية أو إنسانية لتتهجم على الفريق الإسرائيلي، مع عرض مشاهد من الأراضي المحتلة الغارقة في الفوضى والفقر والجهل، التي أفرزت «تنظيمات إرهابية» كما يزعمون، مقابل تصوير المجتمع الإسرائيلي بالمدني المتحضر». 

فيلم «ميونيخ» صوّر المجازر الإسرائيلية الآنفة بأنها رد فعل على ما يسمونه «إرهابا فلسطينيا»، من غير التطرق بدقة وحيادية للقصة من بدايتها، إذ لم يستعرضوا مشهدا ولو واحدا، أو حتى عبارة عن النكبة، وما تلا ذلك من نزوح وحصار وتدمير البنية التحتية والمجازر وغير ذلك من خسائر. وتابعت سلامة: «لم يعرضوا في الفيلم الحقيقة كاملة، بل راحوا يصوّرون القائم على العملية بالمتعاطف مع الأطفال المذعورين في العمارة، ليصوّروه في نهاية الفيلم بمن يعاني أزمة نفسية بسبب ما اقترفه من عمليات تقتيل عشوائية حيال فلسطينيين لا يملك هو نفسه إثباتاً على ضلوعهم بأي نشاط عسكري ضد كيان الاحتلال. هذه الجزئية حرمت المخرج من أي جوائز في ذلك العام؛ لأن مجرد ذكر مسألة كهذه اعتبرت بالنسبة لهم تشكيكا في رسالة الكيان السياسية آنذاك». 

وبالانتقال إلى فيلم «لا تعبث مع زوهان»، للمخرج دينيس دوغان، تبين سلامة أنه كان واحداً من أبرز الأفلام التي كشفت حجم المقت الهوليوودي للفلسطينيين، الذي لم يتوقف عند حدود التلميح لازدرائه العرب واحتقاره الفلسطينيين، ولا حتى اختار تغليف تلك الإساءات المستفزة، بل راح يستعرض عضلاته في صب أكبر جام من السخرية والتزوير والشتم من خلال كوميديا فجة تجانب أي معايير ذوقية أو موضوعية. كما سخر الفيلم من ملابس الفلسطينيين التي صورها بالمهترئة البالية، التي يعتمرون فوقها الكوفية بطريقة تبعث على الضحك – بحسب سلامة – إلى جانب تصويرهم كالهمج عند الفرح وتناول الطعام ورؤية النساء والتحدث بالهاتف وحتى قيادة السيارة واستعمالهم المستمر للألفاظ النابية، إضافة إلى تصوير العرب، خصوصا الخليجيين، بمن يرتمون على أقدام المغنيات كماريا كاري، التي يتسابق لغرفتها الرجال العرب لتقديم الهدايا والرقص معها.

نأتي الآن لفيلم «كارلوس» الذي يزعم تفنيد ظاهرة المناضل الفنزويلي، الفلسطيني الهوى، ألييتش راميريز سانشيز، المعروف بكارلوس، بموضوعية، في ما هو لم ينتهج سوى التشويه والتناول المنقوص للحقائق. زير نساء، كحوليّ، مهووس بالشهرة، يعمل على تلميع اسمه الشخصي ليس إلاّ، يحذو حذو المراهقين السياسيين الذين لا يحلمون بأكثر من قبعة تشي غيفارا وسيجاره، كانت تلك بعض من الصفات السلبية التي تم تصوير كارلوس بها في الفيلم، الذي أخرجه أوليفر أساياس، إلى جانب التعريج على مصطلح «القضية الفلسطينية» بشكل عابر، من دون مصارحة المُشاهِد الغربي بحقيقتها، على الرغم من كونها المبرر الرئيس ومربط الفرس في نضال كارلوس وغيره من الرفاق، ما أدّى لظهوره والشهيد وديع حداد والثوريين العالميين الذين التحقوا بمعسكرات التدريب الفلسطينية بمظهر المرتزقة والعابثين بالأمن العالمي. 

وأخيرا فيلم «ميرال»، الذي مرّر رسالة تطبيعية خطيرة في نهايته حين قال «هذا الفيلم مُهدى لمن لا يزال يؤمن بالسلام من كلا الطرفين»، على الرغم من كونه، ومن باب الإنصاف، كان واحداً من أبرز الأفلام العالمية التي شرّحت الواقع الفلسطيني بجدارة. أحاط «ميرال» بجلّ جوانب القضية الفلسطينية، وإن كانت مدة الفيلم التي لم تتعد 107 دقائق لم تسعفه سوى للمرور على عُجالة على الاجتياحات، والمستوطنات، ونقاط التفتيش والمعابر، وهدم المنازل، والفتك بشبّان الانتفاضة، وعدم وضع الاعتبارات الإنسانية حيال المسنّين والأطفال في الحسبان، والتعذيب في السجون. 

وفي نهاية حديثها أكدت سلامة على أهمية الحدّ من هذه الآثار المدمرة بالعمل على خلق رواية عربية فلسطينية توازي مستوى قوة الرسالة المضادة التي يصنعها العدو بكفاءة عالية، وتوعية المتلقي العربي بهذه الأخطار والتشويهات الحاصلة، لا لمجافاة السينما الهوليوودية والإعلام الغربي، على العكس، بل لأجل البقاء على تيقظ تام حيال الرسائل المسمومة التي تُدسّ في العسل، والتي تنطلي أحيانا حتى على المُشاهد الفلسطيني.

حنان مطاوع: شعرت بالخوف في مسرحية «أنا الرئيس»

ترى أن أبو الفنون يستعيد عافيته والمسرح القومي رمز

محمد عاطف - القاهرة – «القدس العربي»:

ترى النجمة الشابة حنان مطاوع أن خوفها بأي دور تجسده من نوعية الخوف الذي يجعلها تدرك أكثر قيمة الدور والبحث في تفاصيله الكثيرة وليس الخوف الذي يجعلها تنسحب من الدور فهي تجهز نفسها أكثر ولا تهرب من الشخصية.

وقالت: في مشاركتي في مسرحية « أنا الرئيس» شعرت في بداياتها بالخوف الذي أشرت إليه، ولذا جهزت نفسي جيدا للعرض وأعتقد أن الجمهور الذي يملأ المسرح يشعر بما أبذله من جهد ورد الفعل كان مبهرا جدا لي.

وحول وجود مباراة في الأداء بينها وبين نجم العرض سامح حسين قالت: لا توجد مباراة بيني وبين سامح حسين فهو نجم كوميدي كبير لا أستطيع الدخول معه في منافسة لأنه سوف يحسمها لصالحه.

وأضافت: أقدم خطا آخر في أدائي في المسرحية أتمنى أن يعجب الجميع وأتميز به.

البعض يظن أن المسرحية عن رئيس الجمهورية بينما هي عن رئيس شركة، فهل مقصود إضفاء أبعاد سياسية على العرض؟

تقول: العرض يلامس السياسة لكن بشكل كوميدي ساخر استعراضي غنائي.

وأشارت إلى أنها توقعت نجاح المسرحية جماهيريا أكثر من التناول النقدي لها، لكنها فوجئت بكتابات نقدية جيدة جدا لم تتوقعها على المستوى النقدي عنها وعن سامح حسين وفريق العرض.

وقالت: عندنا التزام في الأداء وغير مسموح بالخروج عن النص وهذه طبيعة عروض مسرح الدولة.

وتؤكد حنان مطاوع أن المسرح المصري بدأ أولى خطواته في استعادة عافيته من جديد، ولذا حرصت على أن تشارك تلك الخطوة بعرض «أنا الرئيس».

وتقول: عيني على المسرح القومي أن يعود كما كان قمة مسرحية شامخة وأن يعرض ما يليق بأهميته التاريخية وفور إقامة العروض على خشبته سوف تدب الحياة في بقية المسارح لأن القومي رمز مهم للحركة المسرحية كما تعلمت على يدي والدي الفنان الراحل كرم مطاوع ووالدتي الفنانة سهير المرشدي.

ولدى سؤالها أن نجاحها يظهر من دور لآخر في الدراما التلفزيونية ومع ذلك لا تتواجد بالكثافة المطلوبة؟

ترد: ما أستطيع قوله إنني أختار أفضل ما يعرض علي وليست عندي إمكانية اختيار الأدوار التي أفكر فيها وأبحث عنها.

وأضافت: خاصة بعد زيادة جرعة مسلسلات الـ 60 حلقة التي أراها مجرد موضة وسوف تنتهي لأن الملل يصيب المشاهد سريعا فكيف أستطيع الاختيار، مع العلم أنني أوافق على المشاركة بها إن كان السيناريو محكما.

وتشارك في مسلسل سندباد» المدبلج باللهجة المصرية وهي سعيدة بالتجربة من أجل عودة اللهجة المصرية للمسلسلات كما كانت زمان.

ويشارك أيضا في الحلقات النجوم: عمرو سعد وأحمد السعدني ويسرا اللوزي وريهام حجاج. وتنتظر حنان عرض فيلم «قبل الربيع» بعد مشاركته في عدد من المهرجانات.

فيلم «الكبار» جريمة سينمائية تحاول محاكاة أحمد زكي في «ضد الحكومة»

كمال القاضي - القاهرة – «القدس العربي»:

في تجارب كثيرة جيدة ومهمة طرحت السينما قضايا تتصل بالخروج على القانون ومافيا الفساد والتجارة المحرمة دوليا وامتلكت جرأة النقد والإشارة إلى من يقفون وراء عمليات الإبادة الجماعية من أصحاب الحظوة و»المسنودين» وفي كل مرة تطلق السينما مسميات وعناوين مختلفة للتعبير عن ذلك الذي يدور في الكواليس وتحت الأسطح، وتعددت في هذا الصدد أساليب التناول والطرح وبالطبع برزت الفروق بين الغث والثمين فليس كل ما جاء في السياق المذكور مقبولا أو مرفوضا، حيث تحمل كل تجربة خصائصها ومضمونها.

الحلقة الأخيرة في سلسلة التنوع في قضايا الإجرام والفساد وحيتان البيزنس فيلم «الكبار» للسيناريست بشير الديك والمخرج محمد العدل ومن العنوان تتضح الرؤية ويسهل الاستنتاج بأن هناك محاولة للدخول في عش الدبابير للتفتيش عن المختبئ والمستتر وما لا تراه العين المجردة وبالفعل يصدق الحدس فيبدأ الفيلم بجريمة قتل غامضة يروح ضحيتها متهم بريء يحكم عليه بالإعدام ظلما وهي تيمه رأيناها من قبل كثيرا في السينما المصرية ربما يكون أبرزها الدور الذي جسده عبد الوارث عسر مع فاتن حمامة وعمر الشريف في فيلم «صراع في الوادي» ثم عبد الوارث عسر مع فاتن حمامة للمرة الثانية في فيلم آخر لعبت فيه سيدة الشاة دور ابنته المحامية مع الفارق في النهاية أن البطلة حصلت لأبيها المتهم على البراءة في اللحظات الأخيرة في اتساق تام مع النهايات السعيدة المعتادة في معظم الأفلام المصرية لو عددنا الأفلام والتجارب سنجد العشرات من هذه النوعية.

المهم أنه في فيلم «الكبار» ظل الحكم بالإعدام من أول جلسة وأول مشهد عقدة البطل عمرو سعد وكيل النيابة الذي حاصر المتهم بالأدلة فأورده موارد التهلكة بغير ذنب ولا جريرة فأمسى بدون مناسبة من المعذبين في الأرض بسبب تأنيب الضمير وسعى بكل طريقة للتكفير عن جريمته وحاول الاقتراب من شقيقة الضحية «زينة»، ولكنها صدته وطردته من بيتها شر طردة فزودت عذاباته ولم يجد مفرا من الاستقالة ليعمل محاميا يدافع عن المظلومين والمقهورين وهنا يدخل البطل في مستوى ثان من الأداء يتقمص فيه بفجاجة شخصية أحمد زكي في فيلمه الأشهر «ضد الحكومة»، مطالبا بحضور الكبار للمثول أمام المحكمة بعد مرافعة مطولة كان التقليد أهم سماتها وليس هذا فحسب، وإنما ظل عمرو متماديا في المحاكاة مستحضرا بكل إحساسه لزمات وحركات النجم الأسمر حتى أفقد الشخصية الأصلية وجودها وطبيعتها وصار نسخة مكررة لأداء ليس أداءه يحفظه الجمهور عن ظهر قلب ولا أعتقد أن الإستنساخ الممجوج على هذا النحو كان مسؤولية عمرو سعد وحده وإنما هو ترجمة لرغبة المخرج محمد العدل في تكرار نموذج أحمد زكي في «ضد الحكومة» للاستفادة من الشخصية التي صنع أدواتها المخرج الكبير عاطف الطيب وهو نوع من المماحكة في إبداع الغير وقفز على نجاح فيلم هو بكل مقياس علامة في تاريخ السينما المصرية والعربية.

ولولا أنني أنأى بكاتب وسيناريست كبير مثل بشير الديك لقلت إنه شريك في المماحكة ولكني أدرك أن تنفيذ المشاهد بغير حرفية يظلم أحيانا السيناريو. ما يستفزني أن التقليد لم يكن متقنا فلا عمرو استطاع أن يكون أحمد زكي ولا محمد العدل ارتقى إلى مستوى عاطف الطيب، وهنا وللأمانة لا بد أن أذكر أن سعد والعدل لهما من الأعمال الأخرى ما يميزهما وما يتعلق بالاستنساخ جاء بالوقوع في إغراء الشخصية وفتنة أداء احمد زكي وهو ما كان يجب الإنتباه إليه جيدا، خاصة أن الربط بين أحمد زكي وعمرو سعد حدث في أفلام سابقة وما زال قائما.

نعود إلى موضوع الفيلم وأباطرة الفساد ووكيل النيابة الذي استقال وعمل بالمحاماة ليكون درع الغلابة القانوني ثم سرعان ما تحول تحوله الثاني بعد الإفاقة فأصبح مرتشيا وضالعا في اللعب الممنوع واللعب مع الكبار بل وصاحب إمبراطورية اقتصادية يمتلك ثروة ونفوذا ويضارع في قوته الفاسد الأكبر حسب الشخصية الدرامية «خالد الصاوي» الرجل الذي يدير حركة الحياة داخل الدائرة الجهنمية بكل ثبات وبأعصاب أبرد من الثلج والحق يقال إن الصاوي لعب الدور ببراعة، ولكن تهافت السيناريو وعدم منطقيته في كثير من المشاهد ظلم الشخصية فبدت كأنها شخصية كارتونية مع كامل التسليم بكفاءة الممثل والتمثيل، ولو أن هناك حيزا دراميا أوسع لاختلف الحكم وفي هذا يتساوى نصيب خالد الصاوي مع نصيب زينة حيث البطلة لم تتمكن أيضا من استغلال كل طاقاتها فقد كانت أقرب إلى ضيفة الشرف منها إلى البطلة.

وكما بدا التهافت في الشخصيات واضحا وجليا جاءت النهاية سريعة وعاجلة فقد رأى المخرج محمد العدل أن التصفية الجسدية سمة مجتمع الجريمة وأن القتل نهاية تنطبق على المتورطين كلهم وعلى المستويات كلها، وربما يكون ذلك صحيحا إلى حد كبير، ولكن المختلف في الفيلم أن البطل «كمال» أو عمرو سعد هو في الأصل رجل قانون وليس مجرما عتيدا في الإجرام، وهذا بالقطع وجاهته في تكوين الشخصية. وجدير بأن تكون النهاية غير تقليدية وكان في غمرة ما جاء وورد إجمالا من أحداث غلبت على إيقاعها السرعة والفبركة يصح أن تكون النهاية على هذا النحو وفي ذات السياق.

القدس العربي اللندنية في

13.04.2015

 
 

"ملِكة الصمت".. إدهاش غجري

قيس قاسم

إدهاش الوثائقي لن يتوقف ما دامه شديد الالتصاق بالحياة نفسها والتي تنتج يومياً قصصاً وحكايات لا حصر لها، وما على صانع الوثائقي إلا أخذ ما يحبه ويناسب ذائقته وموقفه الفكري منها. حكايات بسعة العالم كلما شاهدنا فيلماً شديد الجمال إلى درجة "الكمال"  تصورنا أن سقف الإبداع سيتوقف عند تخومه، ولكن وبعد فترة وجيزة سرعان ما تأتي حكاية جديدة تُنسينا ما فكرنا به في السابق، وهكذا تستمر القصص المدهشة تروى في السينما الوثائقية ما دامها نابعة من حياتنا التي لا تعرف التوقف أو الصمت.

 هذه المقدمة أوحت لنا بها مشاهدة فيلم البولندية أجنيزكا سويفكا "ملكة الصمت" The Queen Of Silence 2014 والذي أخذت فيه فصل من حياة صبية غجرية، تُقيم في معسكر بائس على أطراف حي سكني بولندي حديث، فيها الكثير من التميُّز الشخصي الذي شجعها على ملاحقة تفاصيل حياتها في هذا الركن المنبوذ من العالم

الطفلة الغجرية  دينيسا جابور تعاني من مشكلة الصم والبكم ومع ذلك فهي تعيش حياتها وفق نمط برِّي لا يعرف الحدود والأعراف "الحضارية" وتعشق رغم عدم قدرتها على السمع؛ الرقص!. خصلة عجيبة وغير مفهومة علمياً كونها لا تستطيع سماع النغمات وبالتالي يستحيل التفاعل معها.  هذا المنطق الطبي العقلاني لا معنى له عند دينيسا التي تجلس الساعات أمام التلفاز لتشاهد و"تسمع" الأغنيات والرقصات الهندية. لقد أحبّت العروض البوليوودية وظلّت تقلدها في الساحات الخربة المحيطة ببيوت الصفيح.

قوة الإدهاش في صنيع أجنيزكا يكمن في إمساكها بتفاصيل حياة الصبية وظروف عيشها التي هي انعكاساً موضوعياً لظروف حياة الغجر الأوروبيين عامة، ومصاعبهم الجدية التي برزت بقوة بعد التغييرات السياسية في المعسكر الاشتراكي السابق، وامتدّت ذيولها إلى بقية أوروبا التي وجدت نفسها أمام معضلة حقيقية ومأزق أخلاقي كشف ثغرات واسعة في بنيتها الفكرية والاجتماعية حين عجزت عن حلها وتراخَت في كبح جماح القوى العنصرية التي تعاملت مع الغجر كمجموعة عرقية أدني من مستوى البشرـ أدنى منهم ومن قيمهم، فسمحوا لأنفسهم وبحماية اجتماعية وسياسية بانتهاك وجودهم بينهم ـ في تجاوز صريح لقوانينهم ووحدتهم التي تعطي الحق لمواطنيها بالإقامة والتنقل دون قيود بين دولها الموقعة على معاهدة شينغن، أو المنضوية إلى معاهدات أخرى تعطي الحق للغجر في التنقل والعيش في المكان الذي يريدونه، هذا إذا تناسينا أنهم أصلاً لا يعترفون بالحدود الجغرافة ولا بالقوانين المكبِّلة لحريتهم الثمينة.

إمساكها بتفاصيل وجزئيات الحياة اليومية للأطفال وتركيزها على عالم دينيسا الصامت والمتحرك سيُكمل محاولتها رسم مشهد دقيق لحياة الغجر في بولندا. أما الإدهاش في شغلها فيكمن في قدرتها على ربط التفاصيل الصغيرة، العابرة بالعام المؤطِّر لها ثم القيام بعرضها عبر مرآة "سينمائية" عاكسة، تعكس وجودهم القلِق.

فالإقامة غير القانونية في المخيم والاستقلال فيه يعد بالنسبة للحاضنة الاجتماعية سلوكاً غير مقبول واختلافاً غير مفهوم، ومن جانب ثانٍ هو بالنسبة للغجر انسجام تام مع دواخلهم وقوانينهم الخاصة بالحياة والتي تختلف عن قوانينا وأعرافنا الأخلاقية، ويتجلى ذلك بشكل صارخ في مفهوم الملكية المشاعة والتي تجسدها حركة البحث المستمرة للصبيان والأطفال في مزابل المدينة للحصول على أشياء يلعبون بها ويتقاسمونها بينهم كما لو كانت غنائم ثمينة. يكرس الوثائقي بعض اهتمامه لتفسير علاقة الأطفال بالدُمى المستخدمة والمرمية في مزابل المدينة وبشكل خاص عند الصبية دينيسا التي تحرص على امتلاكها والعناية بها وسط ظروف حياتية لا تعتني بها ولا بأهلها وكأنها بذلك تعوِّض النقص العاطفي عندها.

ويعاين "ملكة الصمت" مفهوم "التواصل" بين الغجر والمجتمع الذي يحيطهم. فهم معنيون به بمقدار عناية الناس بوجودهم وخوفهم منهم. يلعب التلفزيون دوراً لافتاً في معرفة ما يجري في المكان المعادي وكيف يفكر الآخر بهم ويلعب في نفس الوقت دور الوسيط الناقل للفن والجمال، فالعالم بالنسبة إليهم ليس كله أخباراً عنهم وعن مشاكلهم، هكذا بدا لنا على الأقل عند الصبية المتعاملة مع التلفاز بوصفه الوسيلة التي تقربها من هوايتها؛ الرقص وحبها للأفلام الهندية.

لكن وأنت في غمرة متابعتك لتلك التفاصيل الصغيرة يخطر على بالك سؤال: من أين أتوا بالتلفاز أو جهاز الـ "دي في دي"؟ هل سرقوه أم وجدوه في المزابل. أسئلة كثيرة تخطر على البال تظن في أول الأمر أنها عفوية مستوحاة من المشاهد التي تراها أمامك، ولكن وبعد تمعن وتكرار سيظهر دور المخرجة في  تعمُّد طرحها بتلك الطريقة وتعمُّد دفعك للتفكير بها لأن قسماً منها سيقود إلى أسئلة أكبر وأوسع من مساحة بيوت صفيح في معسكر خاوٍ خرب.

العلائق المحيطة بالصبية الغجرية هي نفسها السائدة في المجتمع البولندي وأكثر تجلياتها؛ الأنانية وعدم قبول الآخر المختلف. في السؤال الذي ستطرحه الطبيبة البولندية على المترجم الذي حضر مع عائلة دينيسا لإجراء فحوصات على طفلتهم يكمن الاستغراب والاحتجاج في آن: كيف تتدبرون أموركم بدون أوراق رسمية ولا ضمان اجتماعي؟!. كيف يتدبرون أمورهم  بدون عمل ولا اعتراف ولا تعاطف ناهيك عن التضامن.

سيشحَذون حتماً في الشوارع وربما يسرقون أشياء صغيرة ليتدبروا أمورهم ويحصلوا على طعامهم هكذا ستكون الإجابة بصرياً. علائق مختلّة، إشكالية بين الطرفين يجد الأطفال أنفسهم وسطها بل وطرفاً ثابتاً وواعياً فيها. فهم طرف بارز في المنازعات والخلافات مع الشرطة وهم المتصدُّون للكارهين وجودهم بين ظهرانيهم

هم طرف ضعيف لكنه أساسي ومكمن الآسى الذي يمس قلبك وأنت تتابع حياتهم البائسة. هم وسيلة المخرجة أجنيزكا لنقل واقعهم والمجتمع البولندي إلينا وهم مَن يُعينُها على تحقيق ما تريد بشكل مذهل.

وحدهم، وكلعبة يمارسونها في فراغهم الدائم، يقومون بإخراج مشاهد مسرحية شديدة الصلة بكل حدث يؤثر فيهم وعلى حياتهم في المعسكر، مثل: تنفيذهم لمشهد طردهم رجال الشرطة من ديارهم أو أداء مقطع راقص يعبر عن خوفهم من الترحيل الإجباري. كل أحاسيسهم يوظفونها مسرحياً بطريقة رائعة لدرجة فكرت صاحبة الشريط بتوسيع مساحة خيال وثائقيها عبر إعادة تمثيل تلك المشاهد بشكل احترافي مُصوَّر بنَفَس بوليوودي بطلته الصبية الخرساء والصماء وقد توجتّها ملكة.

مشاهد منفذة بطريقة جميلة فيها روح مرحة مع موسيقى راقصة تعكس مضموناً حزيناً يظهر في عيون الصبية ونظراتها الساهمة المعبرة بقوة عن دواخلها والمعوِّضة عن حرمانها السمع والنطق وعليها سيعتمد الوثائقي كثيراً ويألفها متابعه وسيفهم إشاراتها التعبيرية القوية كما يفهم لغتها البصرية. في "ملكة الصمت" إسهام غجري كبير على كافة المستويات وتسهيل مدهش لعمل سينمائي لم يألفوه من قبل ومع هذا يدرك المرء مقدار تعاونهم وصبرهم واندفاعهم ويُقدِّر تحركهم  العفوي اللافت، بخاصة الصبية الصماء والبكماء التي تميزّت بخصال طيبة ستدفع ثمنها، حين تقرر عائلتها إعادتها وحدها إلى رومانيا التي جاؤوا منها لأنها غير صالحة أن تكون شحاذة جيدة. كانت تكره دينيسا فعل الشحاذة ولهذا كانت تشاسك المارة والرافضين مساعدتها والحقيقة ليس هذا هو السبب الجوهري لردود فعلها بل حبها لأن تكون راقصة محترفة

ترقص لتعبر عما تكمن من مشاعر لكن وجودها في مكان لا يرغب بها يجبرها على فعل آخر كريه لا تحبه فترفضه ولكن بثمن غالٍ. في المشهد الأخير تظهر سيارة تقل الصبية وتسير على طريق طويل نهايته لا تبشر بالخير فهناك، في رومانيا، ربما ستواجه نفس المشاكل التي واجهتها في بولندا مع فارق أنها ستكون هناك وحيدة؛ غجرية تواجه مصيراً مجهولاً.

"إلكترو شعبي" .. الشوارع الخلفية لمصر

محمد سلامة

"ملخص مختصر لمحتوى الفيلمإلكترو شعبي فلم يحكي مجموعة من القصص المنتقاة للشباب الذين بدأوا بالغناء الشعبي الذي يخلط ما بين الراب والهيب هوب و- القصيدة – الشعبية ذات الكلام المبسط للشارع المصري غير ملتزمين بأية قواعد فنية."

يسعى الفيلم حثيثاً نحو رسم صورة مغايرة لتلك التي نعرفها عن "أم الدنيا"، ببساطة الشارع وجدلية أبطاله، تعرض هند مدب – فرنسية من أصل تونسي - فيلماً طويلاً ثيمته الشارع، وإيقاعه الصراخ والهيجان

اعتدنا أن يعرض المخرج قدرته البصرية وإدهاشه للجمهور في بداية الفيلم بهدف جذبه حتى وإن انفصل عن متن الفيلم ذاته، في هذا الفيلم نجد مقدمة منسجمة مع المتن لكنها مرتفعة الإيقاع، حيث يبدأ الفيلم  بـ - المهرجان - كما يسميه أبطال قصصنا وهو عبارة عن الحفلة التي تقام بأي مناسبة في الشارع ويشارك فيها أهالي الحي خاصة الشباب منهم، وهنا يظهر بطلا قصتنا الأولى ( سادات و فيفتي )، و الأغنية المنتقاة والتي تتحدث عن قمع وزارة الداخلية للمتظاهرين لها مغزاها الفيلمي واختيار المخرجة لها له ما يفسره طوال الفيلم وهو ميلها نحو السياسة بداعٍ أحياناً وبلا داعٍ أحياناً أخرى

يتبع المقدمة تعريف لهذا النوع من الغناء على لسان سادات الذي يُعرّفه بأنه "النسخة المصرية للهيب هوب" ثم ننتقل إلى مهد (المهرجان ) وهي مدينة السلام، حيث تنجح المخرجة ابتداء من هذه اللحظة وعلى مدار الفيلم تقريبا في ضبط إيقاع وحركة الفيلم معطية المساحة الواسعة للشخصيات الأساسية في الفيلم لأن يقودوا الكاميرا وحركتها ويعطوا بذلك روحاً شعبية حقيقية قلما تجدها في فيلم وثائقي، فيما احتفظت المخرجة - كما يتضح - بالخطوط العامة للمواضيع ومحاور الفلم لتُبقي خياراتها المونتاجية فعالة أكثر، ومثال ذلك أننا نرى دائما أبطال قصصنا يسبقون الكاميرا ويقودوننا إلى حيث الأماكن التي يجب أن نراها، كذهابنا مع سادات وفيفتي إلى غرفة سادات في بيتهم المتواضع جداً وبيئتهم الفقيرة في دلالة غاية في الوضوح والمباشرة على بساطة الإمكانات وطبيعة ظهور هذا (الفن ) وقربه من بيئته، مع الإشارة هنا إلى تعمد المخرجة تصوير القدر الأكبر من تفاصيل مداخل الشقق والسلالم التي تؤدي إليها والشارع الذي توجد فيه مساكن جميع أبطال الفيلم.  تنقلنا المخرجة بعد التتابع الأول نحو قصتنا الرئيسية الثانية وهي قصة الثلاثي (أوكا ، أورتيغا ووزة)  وبالمناسبة لم تبذل المخرجة أي جهد لمعرفة أسمائهم الحقيقية وذلك يحسب لها حيث لا يهمنا توثيق أسمائهم الحقيقية حتى يخيل إلينا أنهم نسوها أصلاً. يؤسس الفيلم لهذه القصة الجديدة التي تبدو دون إضافة عن سابقتها في البداية لكنه  تأسيس مهم لمسار هذه القصة المثيرة تحديداً.

انتقال المخرجة إلى مواضيع السياسة وعلاقة هذا الغناء به جاء مناسباً و عموميا دون تخصيص بزمان معين أو حقبة معينة سوى أنها تلت الثورة وأنه لولا الثورة لما انتشر هذا النوع من الغناء الذي يصفه جميع أبطال القصص بأنه حرية تعبير بسقف مرتفع للغاية، تتبعه المخرجة بمشهد عن مدى تأثر البسطاء به من خلال مشاهد الأطفال الذين يحفظون هذه الأغاني و تشغيله في  "التوكتوك " في مختلف أنحاء المنطقة ولاحقا خلال الفيلم تتدرج بهذا الأمر وصولا إلى ظهور أغانيهم في أفلام سينمائية وشهرتهم الأوسع، وهذه حركة موفقة أيضا للمخرجة توحي بتمكنها من الموضوع وتمكنها من أدواتها الفنية التي تحاول استغلالها إلى أبعد حد.  شغف المخرجة (هند مدب ) بالربط الموسيقى والسياسة ليس جديدا، فقد عملت على عدة لقاءات للتلفزيون الفرنسي عن علاقة الموسيقى بالسياسة، ومَثُلت في غير مرة أمام القضاء التونسي لدفاعها عن أحد مغني الراب في تونس

إحدى المهمات التي يقوم بها الفيلم هي تحطيم أضلاع مثلث التابوهات القديمة  عن طريق  استفزاز أبطال القصص بمواضيع الدين والجنس وإن كان بطريقة جزئية ومن دون إسهاب حتى يبقى الفيلم ضمن دائرة القبول المجتمعي، وبمشاهد مقتضبة رفض هؤلاء الشباب تحريم الموسيقى وتكلموا بعلاقتهم مع النساء وإن كان بنفي أي علاقة، إلا أن مشهد سادات وهو يتحدث مع فتاة ما عبر الهاتف ومواعدتها ولقطات التلصص عليه وهو يحادثها قالت الكثير

خيارات إخراجية عدة رفعت من مستوى الفيلم، فاختيار الشارع كمكان للحركة معظم الفيلم، وخلق مساحات الاحتكاك المباشر بين الشخصيات الرئيسية والمجتمع المحيط، كمشهد أوكا وأورتيغا في بيوتهم ومع عائلاتهم  ومراقبة الحوار العفوي بدرجة كبيرة فيما بينهم، وكذلك الحوارات بين أبطال القصص ذاتهم أو مع الأطفال في الشارع أو سائقي التوكتوك وغيرها، والمساحة الواسعة التي لا تقيد الشخصيات وإيقاع الفيلم الذي يخلو من أي موسيقى سوى الحفلات والمهرجانات التي يقوم بها أبطال قصصنا، وحركة الكاميرا الحرة نوعا ما، أعطت تلك الواقعية والمصداقية المطلوبة لفيلم كهذا.

يترك الفيلم الحكم للمشاهد فيما يخص هذا النوع من الغناء وإن بتعاطف نوعي معه، فهو - كما يروي الفيلم-  طريقة شعبية للتعبير عن الذات، فهو يتحدث لغة الشارع البسيط ويحاول أن يصنع حكمة في محتواه وكلماته وينجح حينا ويفشل أحيانا، فيه اختلاف كبير عن معايير الموسيقى المعروفة، وعن طرق الفن الكلاسيكية او حتى التجديدية الموجودة على الساحة ، وبالفعل سنجد أنها تشبه إلى حد كبير بداية الهيب هوب، والتي كانت معارضتها كبيرة في البدايات ما لبثت أن وجدت أنصارا بالآلاف من الشبان الغاضبين والطبقات المُهمشّة في المجتمعات
هذا النوع من الغناء والموسيقى سيبقى له معارضوه الذين يرون فيه هبوطا فنيا وربما يصفه البعض بالابتذال والصراخ الهائج أيضا، لكن الحقيقة التي لا يمكن أن تخفى علينا هي أن له أنصارا لا يمكن تهميشهم ولا يمكن بعد ذلك من النظر إليه بعين الدونية، وهذا ما أوضحه الفيلم لاحقا، حيث  وجد طريقه إلى الشهرة الواسعة متخطيا حاجز ( الحارة ) والـ ( حتة ) المحلية إلى الانتشار الواسع على امتداد بث القنوات الفضائية ودور السينما.

أكثر من نصف الفيلم مضى دون ملل، والانتقال الرشيق والسلس بين مواضيعه سهّل مشاهدته، وعفوية أبطال القصص و الكاريزما التي يتحلون بها، كان كملح الطعام، أما العوامل الأهم فكانت أننا كنا نشاهد أناسا مثلنا، يمثلون شرائح واسعة غير نخبوية، وكذلك كنا نرى شوارع مصر دون تجميل، تلك الشوارع التي لا نراها في الإعلام، ودخلنا البيوت التي لا تدخلها الكاميرا عادة إلا لتبكي، كل ذلك كان قيمة مضافة إلى هذا الفيلم

الثلث الأخير من الفيلم كان أكثر إثارة، لاسيما في قصة الثلاثي  (أوكا ، أورتيغا ، وزة) ، والمنحنى الدرامي يصل إلى قمته مع دخول رأس المال للاستثمار في الأصدقاء، حيث تدعو إحدى القنوات الغنائية الأصدقاء الثلاثة لاجتماع بنية توقيع عقود معهم، لتطلب القناة بعد الاجتماع استبعاد (وزة) الضلع الأضعف من المثلث، وهنا يصل الفيلم إلى ذورته الدرامية، فهل سيفرق المال الرفاق أم لا؟ وهذا ما حدث تماما .

تمنيت لو أن المخرجة أنهت فيلمها هنا، لكنها أصرت على إقحام غير مبرر للسياسة كخاتمة للفيلم دون حاجة فنية أو موضوعية بعد أن وصلنا حبكة الفلم المثيرة، حيث أضافت مشهدا أخيرا فيه الكثير من التكرار لـ (سادات) وهو يراقب مسيرة مناهضة للحكم في الشارع وآخذة رأيه في الحياة السياسية من جديد، ثم يذوي الفلم منتهيا مما أضعف وأضر – في رأيي- بالفيلم بدلا من أن يقويه، حيث إن شخصية المخرج وآراءه لابد وأن يتم تضمينها في عمله دون إقحام أو فرض أو وصاية على المشاهد كما حدث.

لابد هنا من الإشارة باختصار شديد إلى بعض الخصائص الفنية الهامة في الفيلم، فكما قال جريرسون " يعتمد الفيلم الوثائقي على التنقل والملاحظة والانتقاء من الحياة نفسها " وهو ما نراه عيانا في هذا الفيلم الذي يعتمد أسلوب معايشة الشخصيات ومراقبة أفعالهم كأساس بنائي في الفيلم، وهو ما قربها من المدرسة الواقعية بشكل كبير، كما اعتمدت المخرجة أسلوب المونتاج المتوازي المرتبط بالموضوع للتنقُّل بين شخصياتها، أما الصورة فكانت وثائقية واقعية دون محاولة تحسين كادر اللقطة أو تزيين ما نراه على الشاشة ولم يضرّ ذلك بالفيلم على أي حال وجاء مناسبا للنسق العام

بقي أن نعرف أن معظم أبطال فيلمنا أصبحوا فعلا مشهورين، وبعض القنوات تتهافت عليهم، حتى (سادات) الذي قال في أكثر من مكان داخل الفيلم إنه سيغني لأبناء منطقته وطبقته، وأنه لن يرضى بأن يفرض عليه منتج أو صاحب مال ما يقول، رأيناه مؤخرا يحيي حفلا صاخبا وباهظا وليس شعبيا أبدا في إحدى القنوات العربية ويغني كلاما سياسيا موجهّا بالكامل.

الجزيرة الوثائقية في

13.04.2015

 
 

الممثل "القزم" يلجأ للموت ليذكّر الجمهور به

القاهرة- مروة عبد الفضيل ورويترز

استمراراً لأفعال بعض الممثلين المغمورين في إطلاق الشائعات على أنفسهم لتحقيق الشهرة، لجأ الممثل محمد عيد (الشهير بأقصر قزم في مصر) لإطلاق شائعة موته على نفسه، من خلال المقربين له عبر فيسبوك.

وانتشرت الشائعة بسرعة البرق على كافة المواقع والصحف الإلكترونية، حتى إن الممثلة نشوى مصطفى نشرت نعياً لزميلها عبر حسابها الشخصي، حيث سبق وشاركها في فيلم "الرجل الأبيض المتوسط" مع أحمد آدم، لنعرف بعد ذلك من نقابة المهن التمثيلية أنه حي لم يمت، وكانت الممثلة صفاء مغربي قد سبق وادّعت الشائعة نفسها لتحقيق شهرة زائفة.

ومن أبرز أدوار عيد، فيلم "الرجل الأبيض المتوسط" مع أحمد آدم ونشوى مصطفى، وشارك أيضا في فيلم "شارع الهرم" مع الراقصة دينا وسعد الصغير، وفي فيلم "ظرف صحي" مع دوللي شاهين، وبالإضافة إلى أدواره السينمائية، يُعتبر عيد نجماً في برامج المقالب، خاصة برامج الكاميرا الخفية، حيث استغل صناع هذه البرامج هذه الموهبة في ظهوره بمبالغ ضئيلة.

سبق ودخل محمد عيد في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، بعدما فحص بعض الأطباء حالته وتأكدوا أنه أقصر رجل في مصر، حيث كان مصاباً بمرض نادر يُحدث خللاً في جينات الجسم تؤدي إلى توقف النمو، لذا اعتقد أهله منذ مولده أنه لن يعيش طويلاً.

ولم يعانِ عيد من أي عُقد، بل يعيش حياته بشكل بسيط للغاية، ويتهكم على نفسه أمام الجميع حتى لا يعطي الفرصة لأحد بالسخرية من شكله الضئيل. وعلى الرغم من ظروف عيد شكلياً إلا أنه شخص اجتماعي، يحب الاختلاط بالناس، غير مبالٍ بنظرات البعض له من الدونية والعنصرية، وكان محباً للرياضة، ومارس رياضة التايكوندو وحصل على الحزام البني فيها.

مهرجان السينما في بيروت.. تكريم من دون مهرجان!

بيروت - ربيع فران

يصح القول إن نقيب السينمائيين في لبنان صبحي سيف الدين دقّ ناقوس الخطر مساء أمس، إذ أعلن للمرة الأولى أن "مهرجان بيروت للسينما والتلفزيون يعاني من ضائقة مالية بداية، إضافة إلى مقاطعة من قبل بعض الدول بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المخيمة على العالم العربي لا سيما لبنان".

لم يفلح صبحي سيف الدين نقيب السينمائيين اللبنانيين بإقامة مهرجان بيروت السينمائي كما جرت العادة منذ سبع سنوات، وتحول المهرجان إلى حفل بسيط أقيم في قصر الأونيسكو التابع لوزارة الثقافة في لبنان حضره نحو خمسين شخصاً للتكريم وحفظ ماء وجه المهرجان، تقدمهم وزير الثقافة ريمون عريجي وممثلان عن وزير الصحة اللبنانية ونقيب الممثلين السوريين زهير رمضان ومدير مهرجان الإسكندرية السينمائي أمير أباظة.

كلمة مقتضبة للنقيب سيف الدين بداية، أعلن فيها عن حزنه الشديد لأنه لم يتمكن من إقامة المهرجان لكنه وعد بذلك العام المقبل 2016، بعدما أوكل إلى إحدى شركات التنظيم المساهمة في تمويل المشروع، شاكراً الوزير الذي لم ينتظر كثيراً فردّ عليه بأن الوزارة ستضع إمكاناتها بتصرف المهرجان؛ لأن الوزارة آمنت بصناعة الدراما والسينما الناشطة، بحسب الوزير، إن في دور العرض أو من خلال المسلسلات التلفزيونية والفضائيات.

ممثل وزير الصحة اللبناني الدكتور بهيج عربيد أكد أن الوزير قام بواجبه تجاه الممثلين اللبنانيين عندما أصدر قراراً يقضي بتمتع الممثل بالعناية الطبية طوال عمره، وهذا بحد ذاته دعم للسينما والمسرح ولكل الممثلين اللبنانيين الذين عانوا الأمرين جراء قلة العناية الطبية التي أصبحوا يتمتعون بها هذا العام.

المهرجان كرّم المنتج صادق الصباح بعدما سمّاه النقيب سيف الدين بأنه أول من أرسى دعامة السينما والإنتاج التمثيلي، خصوصاً بين لبنان والقاهرة، فيما وضع الصبّاح نفسه ونجاحه بتصرف المهرجان العام المقبل، واعداً بدعم جهود النقيب.

أما نقيب الفنانين السوريين زهير رمضان  فألقى كلمة مقتضبة لم تخل من الإنشاء، مشدداً على أن دور الدراما السورية وصناعة السينما ما زال ناشطاً وقائماً على الرغم من الأزمة.

وأكد رئيس مهرجان الإسكندرية أمير أباظة أن مهرجان الإسكندرية يضع كل خبراته بتصرف المهرجان اللبناني المزمع إقامته العام المقبل في بيروت..

الحفل المتواضع حمل هموم السينما والدراما اللبنانية أكثر مما كان احتفالياً أو مشوقاً، لا أفلام ولا عروض ولا حتى جمهور، باستثناء بعض المحسوبين كأصدقاء على النقيب، رغم اعتراف سيف الدين بأن النقابة وجهت ألف دعوة للحاضرين، لكن الحضور كان خجولاً فعلاً!

أزمات كثيرة تعانيها السينما والدراما اللبنانية، بحسب ما قال النقيب لـ "العربي الجديد" وأهمها العائق المادي الذي يؤخر تقدم السينما، وينعكس على المهرجانات، فيما ارتاح الممثل اللبناني أقلّه صحياً بعدما عمد وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى إصدار قانون بتكفل الممثلين صحياً مدى الحياة.

فهل ينجح مهرجان مارس/آذار 2016 وينظم مهرجان بيروت السينمائي حدثاً يستحق المتابعة؟

العربي الجديد اللندنية في

13.04.2015

 
 

فيلم منحه الجمهور من 6 إلى 9 درجات

«أسوار القمر».. الخروج عن تقاليـــد «النهايات المصرية»

المصدر: عُلا الشيخ ـــ دبي

يُعرض في دور السينما المحلية الفيلم المصري «أسوار القمر»، الذي يعتبر عودة بعد غياب للمخرج طارق العريان، وعودة للبطلة منى زكي بعد غياب خمس سنوات، ويشاركها البطولة آسر ياسين وعمرو سعد، وهو من تأليف وسيناريو محمد حفظي.

الفيلم الذي منحه جمهوره علامة راوحت بين ست وتسع درجات، يحكي الحياة والحب والموت، وتدور أحداثه بين الرومانسية والأكشن، في حياة أشبه بمثلث يضم كلاً من زينة وأحمد ورشيد، أسماء الشخصيات الرئيسة في الفيلم.

أهم ما في الفيلم أنه أظهر قدرة تستحق التقدير لأبطاله، حيث جسدوا شخصيات مركبة تستطيع الانتقال عبر نفسية كل شخصية بمشاعرها وتناقضاتها، واستندت على حالة زينة التي تفقد البصر، لكنها تعزز بصيرتها في كشف كل ما يدور من حولها.

فإثر صدمة نفسية تفقد زينة بصرها، وتبدأ بمحاولة تعزيز ذاكرتها كي تلمس كل الأشياء التي تدور حولها، خصوصاً في وجود رجلين تربطهما علاقة غرامية بزينة، رجلين متناقضين، لكنهما كانا في حياة زينة، ما يجعلك كمشاهد تحتار في أمرها، إذ كيف لقلب أن يحب الخير والشر معاً عبر عاشقين لا يشبهان بعضهما.

سناء خالد (40 عاماً) أكدت أن الفيلم فيه الكثير من الرومانسية التي تطغى على الأكشن، وقالت: «الفيلم مصنوع بشكل يشبه القصص الأميركية، خصوصاً في ما يتعلق بطريقة حل المشكلات التي تحتاج الى قوة بدنية وعضلية وبعض المؤثرات الحركية»، مانحة إياه سبع درجات.

في المقابل، منحت نها داوود (24 عاماً) الفيلم تسع درجات «هذا الفيلم، وطريقة ادارة المخرج للممثلين، أظهر قدرة هائلة في التمثيل، خصوصاً في شخص الفنانة منى زكي»، مؤكدة «الفيلم مهم ومختلف ويستحق المشاهدة».

الحكاية مع زينة الصحافية التي تصف نفسها بكاتبة «تافهة»، لأنها لم تتجرأ على خطوة منافسة الكتاب الكبار، هي في تخيل الشخص الذي يستحقها، فالصدمة كانت للمشاهد عندما تركت خطيبها بعد خمس سنوات من الحب، والاهتمام والأمان، وذهبت الى رجل آخر يتاجر بالمخدرات، هي تركز على الخط الفاصل بين تفكيرين، بين العادي وغير العادي، بين السكون والجنون.

«كل شيء في الفيلم يدعو الى الاهتمام»، هذا ما قاله بدر غالب (44 عاماً) «الفيلم ومع أن أضعف شيء فيه هو منى زكي، الا أنه استطاع أن يسلط الضوء على بطولة ثلاثية لا يطغى أي أحد على الآخر، وهذا يعتبر من النوادر في صناعة الفيلم المصري الذي يعتمد على بطل واحد»، مانحاً اياه ست درجات.

بدوره، تحدث يزن الزيود (30 عاماً) عن البطولة الثلاثية «أحببت الفكرة، توقعت أن أرى فيلماً يدور في فلك منى زكي، لكني سعدت لابراز آسر ياسين وعمرو سعد، لأنهما لا يقلان حرفية»، مؤكداً «الفيلم جميل بشكل عام، لكن فيه بعض الثغرات»، مانحاً اياه ست درجات.

وأرادت شيرين سامر(37 عاماً) أن تشيد بآسر ياسين «الذي يثبت دائماً أنه ممثل من نوع خاص، خصوصاً في مثل هذه الأدوار المركبة»، وقالت: «الفيلم استطاع أن يخرج كل المشاعر المتناقضة في شخصياته، والتي قد تكون داخل أي شخص فينا»، مانحة إياه تسع درجات.

«أسوار القمر» فيلم يتجسد فيه فن الحركة «الأكشن» بطريقة منطقية، لا مبالغة فيها، ومنساقة تماماً مع الحدث، الاستعراض فيه ليس من أولوياته لأنه يريد أن يوصل الحكاية من دون تشتيت للذهن، طريقة السيناريو والحوار بين الممثلين جميلة ومنسابة وفيها بعض الحكم، فأنت كمشاهد تستغرب في بداية الفيلم أن مدمن المخدرات رومانسي بطريقة حديثة، وعميق في تفكيره، في المقابل تجد الرجل الخلوق والمحترم لا يجيد فن التعبير عن الأحاسيس، هذا قبل الانقلاب الدرامي الذي سيحدث في الفيلم، والذي يؤكد رغبة الشخصية الرئيسة زينة في الحياة.

«هو البحث عن الأجمل» هذا ما لخصته علياء خوري (27 عاماً) «التناقض في الشخصيات، وارتباط الذاكرة بفقدان البصر، وتحسس الوجوه، والالتصاق بالحلم، كلها تصب في خانة حاجة زينة الى الكمال أو الجمال»، مؤكدة «أحببت الفيلم كثيراً، ففيه كمية من المشاعر من الصعب تجاهلها»، مانحة إياه تسع درجات. بدوره، قال إياد عبدالهادي (26 عاماً) «الفيلم عبارة عن نقلة جديدة في عالم الأكشن المتوازن مع أحداث القصة، بحيث لا يطغى عنصر على آخر، وتتلقى كمشاهد القصة بشكل مريح دون تشتيت»، وأضاف «هو ليس لاستعراض القوة، بل لاستعراض قدرة كل ممثل على التعاطي مع المؤثرات من حوله بشكل مهني، وبهذا نجح المخرج بذلك»، مانحاً إياه تسع درجات.

الفيلم الذي مازال يعرض في دور السينما المحلية، يجعلك تترقب نهاية أنت كمشاهد اعتدت عليها بعلاقتك مع السينما المصرية، لكن المفاجأة أن النهاية التي ستحبها ستخالف كل توقعاتك.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

13.04.2015

 
 

عن مشوار المجلة أتحدث ..

الكواكب 83 عاماً.. ومازالت مجتهدة وحيوية

كتبت - أمينة الشريف

في 28 مارس 1932 صدرت مجلة الكواكب أي أننا الآن في صدارة عامها الـ 83 وتؤكد للناس وللقراء وبعض الذين يجهلون أو يتجاهلون مشوارها أنها مازالت مجلة عظيمة وعفية مليئة بالنشاط والحيوية.

يوجد تاريخ طويل يسبق ويحلق هذا اليوم الذي دشن فيه مُلاك دار الهلال إميل وجورج زيدان هذه المجلة العريقة باعتبارها أول مجلة فنية متخصصة.

بدأت دار الهلال في عمل ملحق 4 صفحات في المصور

28 مارس 1932 أصدر ملحق 12 صفحة يوم الاثنين ملحقا للمصور بسعر مختلف 5 مليمات 12 صفحة والمصور 10 مليمات يوم الجمعة.

28 مارس 1932 صدرت الكواكب ولم تكن أول مجلة فنية وكان هناك بعض المجلات لها علاقة بالفن مثل تياترو والممثل والمسرح بالإضافة إلي مجلتى روزاليوسف وصباح الخير 12 صفحة كتب علي غلافها ملحق فني كان يصدر للمصور بـ 5مليمات يوم الاثنين وكانت المصور تصدر يوم الجمعة.. استطاعت أن تحقق مكاناً مرموقاً بين المجلات.

شكرى وإميل زيدان كتبا هذه العبارة أنها ملحق فني لاسباب شكلية أن تكون تحت لواء المصور.

كانت أول صورة علي الغلاف الأول المطربة "نادرة" بطلة أول فيلم ناطق اسمه "أنشوة الفؤاد".

بدأت معالم المجلة تتضح تدريجياً وقدم المسئولون عنها أبوابا مثل اكاذيب وأشواك وفى المرآة كان تتناول الحديث عن الفنانات وبعد ذلك خصصوا باب >بيني وبينك< للرد على اسئلة القراء.

بدأت المجلة فى نشر الاسماء الحقيقية للفنانين المشاهير مثل زكية حسن المشهورة بمنيرة المهدية وألماظة بطرس الشهيرة بآسيا.

كانت افتتاحية العدد الأول مكتوب فيها الآتى بتوقيع أصحاب المؤسسة: أنشأنا هذه الصفحة الفنية الفريدة من نوعها تماشيا مع نهضتنا الحديثة فى فن التمثيل والسينما رائدنا الوحيد خدمة العاملين في هذا الميدان الفسيح والدفاع عن مصالحهم دون تحيز لمصلحة أو تحزب لإنسان وقد سارت الكواكب علي هذا النهج منذ بدايتها حتي الآن.

حرصت الكواكب بعد ذلك علي زيادة عدد صفحاتها حتي وصلت إلى 22 صفحة.

وتم تخصيص باب جديد اسمه في "عالم السينما" يضم أخبارا عن السينما وكل ما يتعلق بها ونالت إعجاب الفنانين يوسف وهبي الذي قال: المجلة خفيفة الروح .. وسامية المقصد ترمي إلي البناء والتشجيع وطبعها ظريف متقن أهلاً بها تحل كوكبا بين المجلات.

الكواكب أيضا حرصت علي تثقيف قرائها واستكتبت عدداً من الفنانين مثل: يوسف وهبي في العدد 25 أبريل 1932 الذى كتب مقالا بعنوان كيف ارسم شخصية دوري ومحمد كريم الذى كتب مقالا بعنوان كيف تكون ممثلا سينمائياً وبعد سنة ضمت إليها مجلة الأبطال 1933 كانت رياضية وأصبح اسمها الكواكب والأبطال ولم تستمر كثيرا وعادت تصدر باسم الكواكب.

في 18 يونيه 1934 تم ضم مجلة الفكاهة .. كانت تصدرها دار الهلال اسمتهما الاثنين باعتبارهما مجلتين تصدران يوم الاثنين .. الفكاهة صدرت 1926.

وكانت هناك مجلة أخري باسم الدنيا المصورة توقفت 1932 ثم انضمت إلي الاثنين.

تولي رئاسة تحرير الاثنين والدنيا علي أمين وتركها عام 1945 ثم تولي مؤقتاً إميل زيدان رئاسة التحرير وتولي بعد ذلك نسيم عمار الذي يعتبر أبرز رئيس تحرير لمجلة الكواكب ثم صالح جودت ثم ربيع غيث من 59 حتي 1960 ثم توقفت.

استقلت الكواكب فى 8 فبراير 1949 عن الاثنين والدنيا وأصبحت مجلة شهرية 100 صفحة.

1954 تقلصت صفحاتها إلي النصف وبدأت تصدر أسبوعية وعندما عادت فى الإصدار الأسبوعي صدرت باسم الكواكب والاثنين وعندما عادت كتب إميل وزيدان أسس الكواكب إميل زيدان السكري 1949 واستمر الصدور حتي الآن.

والتاريخ طويل مازال فيه الكثير يحكي عن مشوار هذه المجلة العريقة وسوف نصدر إن شاء الله عدداً تذكريا قريبا بمناسبة سنة جديدة في عمر المجلة.

عشق جاهين والاداء الصادق .. 10 مواقف عاشها النمر الأسود

الكواكب

في حياة كل فنان العديد من المواقف والاحداث، وحياة النمر الأسود أحمد زكي ارتبطت بكثير من الأعمال والمواقف التي حدثت له طوال مشواره الفني، اخترنا منها 10 مواقف يرويها الراحل احمد زكي:

ارتبط احمد زكي بصلاح جاهين طوال حياته وفي كل ازماته، فكان يلجأ إليه دوما بمثابة الأخ الأكبر كان يقف بجانبه، عندما سحبت منه بطولة فيلم "الكرنك" في بداية حياته الفنية، وفكر في الانتحار، ولكن جاهين اخرجه من أزمته، وقال له انت موهوب والبطولات قادمة لا تتعجل .. وصدق جاهين ونجح زكي واصبح نجم مصر الأول، وتوفي جاهين ولكن صلته بزكي لم تنته، فعندما تعرض زكي لحادث سيارة جاءه صلاح جاهين في المنام وطمأنه.

اوقف تصوير فيلم البيه البواب لان التعديلات التي طلبها علي السيناريو لم تتم وقال "حين جئنا الي الاستوديو فوجئت ان السيناريو علي حاله وكان من الطبيعي ان ارفض اكمال السيناريو علي الرغم من ان التعديل لم يكن في دوري بل في دور صفية العمري".

لم يتمكن احمد زكي من ان يغضب سعاد حسني عند تصوير مسلسل "هو وهي" بسبب طول فترة التصوير والتي استمرت لشهور طويلة، لأنها كانت المرة الأولي التي تمثل فيها للتليفزيون واصرت علي تصوير العمل علي طريقة السينما عكس التليفزيون.

في بداية مرضه عام 2004، ترك المستشفي وذهب الي بيته وجلس في الشرفة وتوجه الي الله بالدعاء وقال "يارب انا راضي بكل شئ وليس لي اعتراض علي قدرك وقال وفجأة وجدت الغدد الليمفاوية تضخمت ورقبتي تورمت واصبح حجمها كبيرا جدا، وعلي الفور تم الاتصال بالاسعاف ووجدت الناس من حولي يبكون وانا الوحيد الذي يضحك لاني تذكرت مشهد عبد السلام النابلسي في فيلم "شارع الحب" عندما وقف عند دكانه وقال "ابسطها يارب" فوجد زينات صدقي ترميه بالملوخية فوق رأسه" هذا المشهد لم يفارقني وانا في سيارة الاسعاف".

كان زكى في غاية السعادة عندما قابل مجموعة من الطلبة عند عودتهم من الامتحان، وقالوا له انهم اجابوا بعض الاسئلة عن تاريخ الرئيس الراحل السادات بعد مشاهدتهم فيلم "أيام السادات".

عندما كان يستعد لتقديم شخصية "احمد سبع الليل" في فيلم "البرئ" اضطر الي زيارة وادي النطرون، وقال "لقيت مساجين واقفين من غير حراسة، فعندما سألت المأمور"دول صعايدة الصعيدي عندي هو الوحيد اللي أديه إجازة يروح اسكندرية واضمن إنه يرجع تاني لانهم بيدخلوا هنا عشان الثأر وليس لجرائم مخلة بالشرف".

كثير من الناس حذروه من تقديم دور الأب سيد غريب في "اضحك الصورة تطلع حلوة" وقالوا لي: لاتريهم كل ما لديك سيطمعون فيك فرديت عليهم: انا ممثل والممثل لما يجد معزوفة حلوة لايتردد في عزفها، وأكثر ما هزني ان علي أبو شادي عندما شاهد الفيلم بجانبي بكي في مشهد جمع بيني وبين مني زكي التي كانت تقوم بدور ابنتي في العمل".

بعد تقديمه لشخصية "طه حسين" سافر إلي باريس بعدها بـ 12 عاما وقام بزيارة الجامعة التي حصل د. طه حسين على شهادته العليا منها وقال "عندما أعلنت للناس أن هذه المرة الأولي التي أزور فيها باريس اندهشوا وقالوا لكننا شاهدناها من خلالك وكأنك تدركها تماما".

بعد فيلم "ناصر56" اتصل بي الابن الاصغر للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقال: أبويا محدش يعرفه زيّنا ولكن انا شفت حاجات كتير منه في فيلم ناصر 56" وعلي الفور تذكرت عندما ما قالته لي ابنة الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي بعد مشاهدتها مسلسل "الأيام" و"قاهر الظلام" "اهلا يا بابا".

في كواليس فيلم "زوجة رجل مهم" اصر احمد زكي علي اعادة التصوير في مشهد ضربه مرة اخري حيث اصر ان يمطره الكومبارس باللكمات والاقلام ويضربونه بأقدامهم حتي سال الدم من وجهه واكتشف الجميع انه دم حقيقي فقالت ميرفت امين هذا هو احمد زكي >مجنون .. مجنون" وكان الكومبارس يعتذر زكي الا ان زكي رفض اعتذاره وقال له "انت رائع والضرب كان طبيعيا وهو ما أريده ". 

النجم الأسمر أحمد زكى .. عندما يتحول الفنان إلى عقدة!!

كتبت - رشا صموئيل

من الجميل والرائع حقا أن يكون لكل منا قدوته ومثله الأعلى في الحياة وأن يختار لنفسه هذا النموذج المنفرد الذي يسعي إلي الاقتداء به والسير علي خطواته والاحتذاء بسلوكياته ويبقي ذلك جميلا ومطلوبا في كل وقت لكن المشكلة تظهر بوضوح عندما يسعي البعض منا أن يكون نسخة طبق الأصل من مثله الأعلي لأنه مهما فعل ومهما بلغت درجة إتقانه في التقليد لا يكون إلا نسخة مشوهة منه ومن هذه المثل العليا والنماذج المشرفة نجمنا الأسمر أحمد زكي الذي تحول إلي عقدة حقيقية لبعض النجوم الذين تأثروا به بعض الشيء لم يكن النجم الأسمر هو النموذج المتفرد لهذه الظاهرة لذلك كان لابد لنا أن نتوجه بأسئلتنا للدكتور محمد نجيب الصبوه استاذ علم النفس الأكلينيكي بكلية آداب القاهرة لنسأله عن هذه الظاهرة ليبدأ حديثه معنا قائلاً:

- إذا تحدثت عن تقليد الفنانين الشباب لبعض النماذج الفريدة في التمثيل سنجد أن هذه ظاهرة صحية جدا علي كل المستويات ومن الطبيعي أن يكون هناك قدوة لهؤلاء الشباب يقتدون بها في فن التمثيل ولكن لابد أن يحدث هذا علي ثلاث مراحل الأولي التقليد ثم الاقتباس والأضافة والثالثة والأخيرة أن يكون له شخصيته التمثيلية المستقلة ولكن أقول للفنان الذي يكتفي بالتقليد فقط دون أى إضافة أنه ينتحر أمام جمهوره بمعني أنهم سوف ينفضون عنه يوما ما لأنه بمرور الوقت سيكون عنصرا منفرا وغير جذاب ولذلك علي الفنان الشاب أن يعمل علي تطوير نفسه ليصل إلى المرحلة الثالثة لتكون له شخصيته المتفردة مما يؤدي إلى التوازن الشخصي وحتي نكون منصفين لابد أن نعترف أن هناك أزمة تعيشها الثقافة المصرية منذ ثلاثين عاما والطرف الأكبر في هذه الأزمة بعض الكتاب والمؤلفين الذين لا يريدون الخروج من إطار التقليد ويعتمدون علي تكرار أدوار بعينها لضمان نجاحها المسبق بالتالي فهم لا يساعدون الممثل علي الخروج من التكرارية البغيضة مما يسهم بشكل أو بآخر في إيجاد المناخ المناسب لظهور المسلسلات اللبنانية والسورية ولكن هذا أمر آخر وموضوع مختلف، أما إذا رجعنا إلي موضوعنا وناقشنا مسألة أنكار الممثلين الشباب لتقليدهم لقامات فنية بعينها وتأثرهم بها في التمثيل فإن هذا الأمر يفسر في علم النفس بالجحود والنكران للجميل ولو أردنا أن نأخذ مثالا لهذا الأمر وتناولنا حالة الممثل الشاب هيثم أحمد زكي فأننا نري بكل وضوح مدي تأثره الملحوظ بشخصية والده بينما كان لابد له أن يسعي جاهدا كي لا يعيش في جلباب أبيه وأن تكون له أسهاماته الخاصة وتفرده في التمثيل وبصمته الخاصة وأن لم ينتبه لهذا سريعاً فسيكون مصيره المحتوم مثل مصير غيره، وبالنسبة لعمرو سعد ومحمد رمضان فأنا أراهما يسيران علي خطي جيدة ولكنهما بالطبع يقتبسان من شخصية الفنان الكبير أحمد زكي الكثير ويتأثران به إلي حد بعيد لذا فلابد أن ينتبها جيدا للحفاظ علي نجوميتهما ويبحثا عن التجديد فالفن يتطلب التغيير والتجديد حتي لا يغدو أحمد زكي وأمثاله من النجوم الكبار عقدة للفنانين الشباب ترفعهم سريعا إلي ذري المجد ثم تهوي بهم بنفس السرعة إلي الحضيض وأقول: الفنان الشاب بعد أن تصنع نجوميتك كن أنت نفسك واحرص علي أن تكون أنت القدوة للآخرين.

تغنى بــ 18 أغنية في أفلامه صدر له ألبوم غنائي ..

أحمد زكي .. فنان عبر عن أدواره بروعة صوته

كتب - محمود الرفاعي

أنعم الله بنعم كثيرة على الفنان الراحل أحمد زكي، فموهبته لم تكن فقط فى أدائه التمثيلي الذى أمتع به المشاهدين، لكن ميزه الله أيضا بنعمة الصوت، فنجح فى استغلالها بشكل كبير، في معظم أفلامه الـ57 التي قدمها طوال مسيرته الفنية التي بدأت عام 1974 بفيلم أبناء الصمت وانتهت عام 2006 بفيلم >حليم<.

مشوار احمد زكي الغنائي، ضم أسماء كبيرة في عالم الاغنية العربية عبر تاريخها فكتب له حسين السيد وبهاء جاهين ومحمد أبو زيد ولحن له كمال الطويل وعمار الشريعي، كما ان زكي يعد من الفنانين القلائل الذين طرح لهم ألبوم غنائي في الأسواق، مع نجاح فيلم مستر كاراتيه، قامت الشركة المنتجة للعمل بطرح ألبوم غنائي بنفس اسم الفيلم متضمنا اغنيتي الفيلم ومعهما اغنية بعنوان سوارية لم تقدم بالعمل.

بداية الغناء مع زكي كانت فى فيلم "الاحتياط واجب" الذى عرض عام 1983، وخلاله قدم أغنية "ادينا حتة لحمة" مع عدد من نجوم الفن الآن أمثال شريف منير ووائل نور ومحسن محيي الدين، في فيلم البداية قدم أغنية بعنوان " هيلا هيلا".

وفى فيلم >البيه البواب< الذى قدمه عام 1987 مع الفنانة صفية العمري وقدم اغنية "أنا بيه" التي كتب كلماتها بهاء جاهين ولحنها إبراهيم رجب، وتوالت فيما بعد الأغنيات في فيلم " أربعة في مهمة رسمية" بأغنية " احنا الأربعة" التي لحنها منير الوسيمي.

وقدم الراحل اغنيتين فى فيلم " كابوريا" وهما "أزأز كابوريا" و" مرزوق اد ايه يا مرزوق" وحققت اغنية الأولى نجاحا كبيرا حينذاك، وانها حتى الآن يتم اعادتها وتقديمها بتوزيع جديد مثلما فعلت فرقة 8% فى فيلم "مهمة في فيلم قديم".

ومع النجاح الكبير لزكي كمطرب، ازدادت حصته الغنائية في فيلم "البيضة والحجر" فتغنى فى تتر الفيلم بأغنية "جابو الخبر" وهو يعد أمرا نادرا، نظرا لأن تترات الأفلام دائما ما تكون عبارة عن موسيقي تصويرية، كما تغنى بأغنيتي " الدربن دوخ" و " لو انت هايص" وجميعها من ألحان الراحل حسن أبو السعود.

مع فيلم "مستر كاراتيه" الذى عرض عام 1993، حدثت نقلتان فنيتان في حياته الفنية، ولأول مرة يتعاون مع الشاعر الكبير حسين السيد والموسيقار كمال الطويل، كما انها اول مرة يطرح له البوم غنائى، وكان بعنوان مستر كاراتيه أيضا وتضمن 3 أغنيات ومنها اغنيتا الفيلم " طبل ترقصها" و" ايوه يا دنيا يا بنت الإيه" .

واستكمل النجاح في فيلم استاكوزا الذى قدمه مع صديقه حسين الامام ورغدة وقدم اغنيتين "ستيك نو" و " استاكوزا"، وفى فيلم سواق الهانم قدم اغنية "نوبيه".

ولحبه الشديد للغناء، قدم فيلم هيستريا عام 1997 يدور حول زين خريج المعهد العالى للموسيقى الذي يعاني من ظروف الحياة، ولا يرضي عن عمله كمطرب مغمور في فرقة الموسيقي العربية فيقرر ان يغني بمفرده في مترو الانفاق مجانا للمارة، قدم زكي فى الفيلم أربع أغنيات وكانت جميعها مخاطرة منه حيث إنه تغنى لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ومحمد عبد المطلب في أغنيات " اهرب من قلبي وروح" و"وصفولي الصبر" و "اسأل روحك" و" ان ماقدرتش تضحك" و"شد الحزام على وسطك".

اما في الشاشة الصغيرة، فصوت زكي لم ينقطع فتغنى فى مسلسل "هو وهي" مع سعاد حسنى، قدم اغنيتين وهما "هو وهي" و"اثبت".

عن أدائه الغنائي في مشواره الفني، يقول الموسيقار منير الوسيمي :

- أحمد زكي كان يمتلك خامة صوتية تدهش كل من يستمع إليه، تجعلك تصدقه وهو يغنى بتلك الكلمات .. وأضاف :

" هو افضل الفنانين بالنسبة لي الذين تغنوا في الأفلام، ولذلك دائما كنا تفضل ان نتعامل معه، لأنه كان مقنعا إلى درجة كبيرة وأفضل من يوصل لك رسالة الفيلم بصوته".

اما الموسيقار حلمي بكر فيقول:

- " احمد زكي لم يكن مطربا، فصوته يفتقد إلى الخامات والأدوات الخاصة لكي نقول عليه مطربا أو مغنيا، انما كان مؤديا رائعا لأغنيات أفلامه، استطاع ان يبرهن ذلك خلال الأغنيات التي قدمها فى مشواره الفنى واثبت نفسه خلالها، ورغم اني لم اكن راضيا عن معظمها".

أضاف:" منح الله زكي موهبة الصدق، فحينما تشاهده او تسمعه، تصدقه، وهو أمر لا يمنحه الله لناس كثيرة، لذلك حينما كان زكي يغنى في أفلامه، كانت الناس تصدقه، ربما لا تكون للأغنية أي معني ولكنه استطاع ان يوصلها للناس بصدقه".

تابع:" المرة الوحيدة التي لم أصدقه او اقتنع به، هو حينما قرر أداء شخصية مطرب في فيلم حليم، فحركاته واداؤه كانت بعيدة تماما عن حليم، كما ان صوته لا يقترب من العندليب

الكواكب المصرية في

13.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)