كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حوار مع جان لوك غودار

حاوره: جان بيار

(ترجمة: ك. ج.)

 

عام 1995، احتفالاً بمئوية السينما، أجرى الصحافي جان بيار لافوانيا حواراً مشوقاً مع جان لوك غودار وستيفن سبيلبرغ ــ كل واحد على حدا ــ عن ماضي السينما وحاضرها ومستقبلها.

هنا مقابلة غودار يروي فيها من جملة ما يرويه علاقته بالسينمائيين الشباب. "احاول احياناً (انشاء حوار معهم) لكن غالباً يكونون الاولاد الضائعين الذين يبحثون عن أب فأقول لهم: "تعتقد انك عثرت على أب لكنه صبي ابله مما تظن هذا الواقف امامك... انت من يستطيع ان يكون أباً لي". 

·        حين فكّرنا في عدد "استوديو" هذا الخاص بمئوية السينما... 

- بئس مئوية السينما! 

·        ... تملكّتنا للتو رغبة في تحريك سينمائيين: ستيفن سبيلبرغ وانت. لدينا شعور في الواقع بأنكما تمثلان نقطتين اسياسيتين في السينما. 

- امر طبيعي. انا، الماضي، وسبيلبرغ الحاضر. 

·        في ذهننا، لم تكن مسألة عمر. 

- انها لي مسألة عمر. في الوقت عينه يقول فولكنر: "لم يمت الماضي قط. حتى انه لم ينقضِ"، اذن يمكنني موضعة نفسي في الراهن. سوف يتذكرونني لأنهم لم يشاهدوا افلامي. سبيلبرغ، لن يتذكروه بل سوف يتذكرون افلامه لأنهم شاهدوها. 

·        انها صورة وليست حقيقة. "مخطوف النفس"، "الاحتقار"، و"بيارو المجنون" افلام شوهدت... 

- بلى، اذا اردنا... ظنوا انهم شاهدوها. 

·        لو كان عليك ان تفسّر لحيّ من خارج العالم ما هي السينما، ماذا تقول له؟ 

ـــ (السؤال الذي طرح بحرفيته على سبيلبرغ). لا استطيع الاجابة عن هذا لأن السينما "هي" في العالم. في أي حال، العالم يعيش في السينما، بالمعنى الذي عبّر عنه ديغول، الذي لم يكن يحب البرلمانيين، قائلاً لمالرو: "الفارق بينهم وبيننا هو انهم يعيشون في فرنسا، نحن فرنسا تعيش فينا". يحيا العالم في السينما كما يحيا في الرسم او اي شكل آخر للفن. لزمن ما، في الخمسينات، كانت كلمة "كاميرا" معروفة في حجم يوازي كلمة "خبز". اليوم، لم يبق هو الواقع. اسيء فهمه.

·        لِمَ في تقديرك؟ 

- لأنهم رفعوا حقوق السينما لا واجباتها. لم يستطيعوا، او لم يعرفوا، او لم يرغبوا في منح السينما الدور الذي ترك للرسم او للأدب. لم تحسن السينما اداء واجباتها. انها اداة اسيء فهمها. في البداية، ظنوا ان السينما تفرض نفسها اداة جديدة للمعرفة، مجهراً، تلسكوباً، لكن سرعان ما منعت من اداء وظيفتها وجعلوا منها ترفيهاً. لم تلعب السينما دورها اداة للفكر. لأنها كانت مع ذلك طريقة فريدة لرؤية العالم، رؤية خاصة كان ممكناً من ثم عرضها مكبرة أمام اشخاص عديدين وفي اماكن عدة في آن واحد. انما لكون السينما عرفت لتوّها النجاح الشعبي الضخم، فضّلوا جانبها الاستعراضي. في الواقع، تلك الناحية الاستعراضية لا تمثل سوى 10 او 15 في المئة من وظيفة السينما: كان ينبغي الا يشكل ذلك سوى فائدة الرأسمال، بينما، لم تستخدم السينما الا لفوائدها ولم يدعوها تلعب دورها الاساسي. تاهوا عنها. 

·        في اي زمن حدث التصدع في رأيك؟ 

- تقريباً منذ الانطلاقة، مع وصول تالبرغ على رأس مترو غولدوين ماير. كان هنالك افراد، خاصة في اوروبا، نشأوا ضد ذلك ولم يكونوا على قدر المهمة. وفي نهاية الأمر، لم تستطع السينما انجاز مهمتها. كما لو لم يكن في الادب سوى الروايات: افضلها لديكنز، اسوأها لسوليتزر، سوليتزر لم يلغ ديكنز. في السينما، بلى: انتهوا الى مساواة سوليتزر بديكنز... لا تخدم السينما اليوم للرؤية، انها تقدّم العرض. 

·        هل حاولت، بافلامك، قلب الاتجاه؟ 

- اعتقد في سذاجة ان "الموجة الجديدة" ستكون بداية، ثورة. ولكن، كان الامر متأخراً جداً. كل شيء كان انتهى. النهاية وقعت لحظة لم تصوّر معسكرات الاعتقال. في تلك اللحظة، فوّتت السينما كلياً واجبها. كان هنالك ستة ملايين انسان قتلاً او خنقاً بالغاز، من اليهود في شكل خاص، ولم تكن السينما حاضرة. ومع ذلك، من "الديكتاتور" الى "قانون اللعبة" كانت تنبأت بكل المآسي. بعدم تصويرها معسكرات الاعتقال، استقالت السينما تماماً، انها كمثل الخادم الصالح الذي مات من عدم استخدامه. السينما وسيلة تعبير اختفى منها التعبير. بقيت منها الوسيلة. السينما، اليوم، اضحت امراً آخر يسعى أقل الى رؤية العالم مما الى السيطرة عليه. منذ غوتنبرغ، اسعفت الطباعة في طبع ديكنز كما نظريات اينشتاين. السينما لم تخدم في ذلك. لواقع انها تحولت على الفور شعبية جداً، وجدت نفسها ممسوكة بأيدي التجار. غاليمار ينشر في آن واحد لبيكيت ولابرو، لا يقول: "بيكيت سيئ لأنه يبيع اقل" و"لابرو جيد لأنه يبيع اكثر". في السينما منذ تالبرغ في رأيي، قالوا: "ما يشاهد اقل هو اقل جودة". 

·        مجرد انك تستطيع دائماً تحقيق الافلام، وان الناس يشاهدونها، يثبت العكس. 

- أوه، اني اصنع الافلام لأبقى، في صعوبة على اي حال. عملي لا يأبه له سوى بعض الجامعيين، اذ في شكل عام، لم اجعلهم قط يخسرون مالاً. 

·        لدينا انطباع ان هذا التحليل المتشائم الذي تقدمه اليوم ما كان ممكناً ان يكون تحليلك يوم انجزت "مخطوف النفس"... 

- هذا لأننا كنا مؤمنين بالسينما اكثر في تلك الحقبة. ثم، شيئاً فشيئاً، رأينا أن الامر لم يكن بتلك السهولة. لست متشائماً: اقول فقط ثمة اشياء لم يكن تحقيقها ممكناً الا بالسينما - وليس بالرواية، او بالرسم، او بالموسيقى - ولم تتحقق. 

·        هل تذكر اول فيلم شاهدته؟ 

- كلا. لا بد اني ذهبت لمشاهدة افلام والت ديزني مثل كل الصغار. غير اني لست مثل لولوش الذي يقول: "في الثالثة شاهدت ذاك الفيلم في يوم كذا، عرفت اني سأكون سينمائياً..." (ضحك). 

·        ثمة مع ذلك لحظة شعرت فيها بالرغبة في تعاطي السينما. 

- بلى، في السينماتيك. هناك، اكتشفت عالماً لم يحدثني احد عنه، لا المدرسة، لا الاهل. لماذا اخفوا عنا وجوده؟ حدثوني عن غوته لكن ليس عن دراير... اكتفينا بالمشاهدة. كنا نشاهد افلاماً صامتة في حقبة السينما الناطقة، كنا نحلم بافلام، وكنا نسمع عن افلام لم نشاهدها ابداً. "الموجة الجديدة" كانت هذا: كنا مثل مسيحيين اهتدوا دون ان يروا ابداً المسيح او مار بولس. السينما الجيدة، الحقيقية، كانت التي لم نكن نشاهدها لأنها لم تكن تعرض. السينما الاخرى، كنا نستطيع مشاهدتها كل سبت. لكن السينما الحقيقية، غريفيث، ايزنشتاين... كنا نشقى كثيراً لمشاهدتها، فاما كانت ممنوعة، او غير معروضة، واما موزعة في شكل سيئ... اذاً، لنا، تلك كانت السينما الحقيقية. ادينا لها فعلاً مخلصاً اذا اردتما.

·        ما الذي كان يجذبكم في تلك الافلام اذا لم تكونوا تشاهدونها؟ 

- تماماً، كانت لغزاً. ثمة نوع من الارض المجهولة تقع في اطار التكهن. كتموا عنا اسلوباً في رؤية العالم كان موجوداً منذ اربعين سنة. لم يكلمنا احد عنه. كما لم يحدثني احد، على الاقل في عائلتي، عن السياسة. عبر السينما اكتشفت لينين. 

·        اذاً، لم تكن السينما استقالت بعد من دورها في اظهار العالم لك كما كنت تقول للتو! 

- اعتقد بلى، انما لم نكن نعرف ذلك بعد. هذا يعني، كانت ولا تزال افلام فيها رؤية للعالم، الا انها اقلية. انها استثناءات لا تمنع الحركة العامة للصناعة السينمائية من ان تكون اليوم شديدة الارتباط بالسلطة. مثل الصحافة او التلفزيون. اليوم، ما ندعوه "الصور" مرتبط جداً بالسلطة. في حقبة ما، لم يكن الامر كذلك. غوتنبرغ لم يشأ ان يحكم العالم. سبيلبرغ، بلى. 

·        بِمَ يريد ذلك؟ 

- بواقع الرغبة في الامتاع التي تتقدم البحث عن حقيقة او معرفة. سبيلبرغ، مثل آخرين كثر، يبغي الاقناع قبل النقاش. ثمة شيء توتاليتاري جداً. في النهاية، لنقل ان السينما هي لي اداة فكر فريدة تقع في النقطة الوسط بين الفلسفة والعلم والادب، بما يعني اننا نستعين بانظارنا وليس بخطاب جاهز. مع افلامي، حاولت التمسك بهذا الدور حتى وان كان ذلك غالباً في طريقة ملتبسة. لكن حتماً، لم يكن ممكناً ان نعكس التيار. الاشياء هي ما هي. 

·        هل من سينمائيين لا يزالون يدهشونك؟ 

- احببت كثيراً عباس كيارستمي. شاهدت "وتستمر الحياة". ثمة دوماً افلام جيدة لكن قليلة. انما سيتحققون كوني احب غريفيث بقدر ما كيارستمي. 

·        كان تروفو يقول انكم جعلتم كل شيء ممكناً... 

- تلك كانت "الموجة الجديدة"، بدأنا السينما الفرنسية، كل شيء كان ممنوعاً، متحجراً، حرفياً في اسوأ معاني الكلمة. وقلنا: "كلا، لا ممنوعات"، ممكن العمل مع صديقة وكتابة ما نرغب في كتابته. وانجزنا افلاماً ضد القواعد السائدة. الموجة الجديدة ولدت ايضاً من روحية التعارض. صورنا افلامنا في الشارع، اذ في الحقبة كل الافلام كانت تصور في ديكورات داخلية. لو صوروا في الشارع، لكنا صورنا ربما في الداخل افلامنا. اليوم، على العكس، يسعنا القول انه لم تبق ثمة قاعدة كبيرة، الا قاعدة "انا، مؤلف" وهذا لا معنى له. ثلاثة ارباع الناس يخالون انفسهم مؤلفين. 

·        ليس انت؟ 

- آه! أنا، كلا. في النهاية، بلى، اني مؤلف العمل لكن العمل هو المهم. حين شرعت في صنع الافلام، كنا نناقش المنتج، كنت احمل ملخصاً للسيناريو. اليوم، لم اعد املك حتى ذلك. عرفت الامر مع بوروغار ولم احظ به بعد ذلك. افتقده كثيراً، وانا واثق انه مفتقد كثيراً لدى الشباب الذين ينجزون افلاماً اليوم والذين يعتقدون انفسهم مؤلفين بحق الهي. لم يبق النقاش موجوداً، حتى نقاش التخاصم الذي كان ممكناً حدوثه بين فيلليني وبونتي الذي انتج له "لا سترادا". في الولايات المتحدة، النقاش غير موجود اليوم بيد ان قوة الاميركيين هي في كونهم يعملون كثيراً. يكفي ذلك لصنع الفرق. هناك لا يحلقون عالياً بل جيداً، هنا، يحلقون عالياً جداً انما لا تحليق. 

·        هل كنت استطعت العمل في بنية صارمة كما في الولايات المتحدة؟

- بلى، لو وقعت على شخص مهتم بالعمل واستطيع نقاشاً معه. وهو الامر الموجود احياناً في عالم الكتب. حين تلقى ليندن المخطوطة الاولى من آلان روب - غرييه طلب اليه معاودة الكتابة... 

·        بلى، انما لا يفعل ذلك اليوم... 

- تماماً، وهذا ليس افضل.

·        ربما لن يجرؤوا على قول ذلك لك ايضاً، نظراً الى مكانتك... 

- أوه، انا، لم يعودوا يقولون لي شيئاً، او يقولون لي احياناً: "احببت فيلمك" او "فيلمك اثر بي". انما بقول ذلك يعظّم المرء بنفسه ولا يتحدث عن الفيلم. 

·        هل لديك شعور بأن التلفزيون افسد وظيفة السينما؟ 

- بلى، لأن التلفزيون قائم على قاعدة البث. السينما ألفت نفسها مرتبطة باقتصاد حيث البث تقدم الانتاج. اليوم، لا يبثّون ما ينتجون، بل ينتجون ليتمكنوا من البث. انا، اقول ان السينما كانت فائقة القوة، كانت عصية على الرقابة. لذا فضّلوا تقزيمها الى بعدها المشهدي الواحد. اسألوا الناس هل يتذكرون صورة واحدة من افلام سبيلبرغ، لا يستطعيون. 

·        الجميع يعرف صورة "اي. تي." عابراً امام القمر! 

- انه الأقل سوءاً، "اي. تي."، بيد انه مشحون بعالم كامل من العلمي - الخيالي... كالعديد من اولئك الاميركيين، يملك سبيلبرغ معرفة حرفية ما، هذا لا يقبل الجدل، انما لا يمنع ان بين افضل سبيلبرغ وافضل هيتشكوك عالماً واسع. 

·        قلت غالباً ان السينما كانت فناً شعبياً في امتياز. 

- بلى، بمعنى ان السينما عرفت سريعاً جداً نجاحاً كبيراً. منذ بداية السينما، ولا يزال الامر كذلك، لا ينزعج الناس من القول عن فيلم: "انه سيئ"، بينما لا يجرؤون على قول ذلك عن لوحة او قصيدة. في هذه الحال، يقولون: "لا احبها" او "لا افهمها". حيال فيلم، يشعرون بالتساوي. في اللوحة، نستشعر التقنية خلف غياب الشمس. في السينما، لدى رؤيتنا المغيب نقول فقط: "هذا رائع"، لا نفكر في التقنية. ثمة شيء مباشر، اذن شعبي. كانت السينما مفتوحة لانظار الجميع، كان يسع ولداً في الثامنة ان يكتشف العالم فيها... 

·        الا تعتقد ان النجاح، اكثر مما في الادب مثلاً، يشكل جزءاً من طبيعة السينما؟

- في الواقع كلا، لا اعتقد ذلك، كان هذا اسطورة. نجح الأمر مرة مع هيتشكوك، وهو غير صحيح لكل الآخرين. 

·        لدى غياب هيتشكوك، تحديداً، قلت انه كان لك احد اكبر السينمائيين... 

- بلى، لي، هيتشكوك واحدا من فناني العصر الكبار. انجز افلاماً لم تكن تطبيقاً لنجاحات، افلاماً صعبة، مرهفة، غامضة، وناجحة، هذا نادر جداً، قلة من الفنانين عرفت ذلك في التاريخ. كان هنالك روبنس: كان ذا نفوذ، صديقاً للملوك، سعيداً في عائلته، وثرياً مع كل ذلك، ورساماً كبيراً. هيتشكوك لم يكن سعيداً... لا يسعنا تحصيل كل شيء... 

·        عندما تحقق "موجة جديدة" مع ألان دولون، هل ثمة حقاً رغبة في العمل مع دولون؟ 

- بلى، كانت ايضاً الرغبة، نظراً الى العمر والقامة التي يملكها، في استعادة شيء افصح عنه في "مسيو كلاين" و"روكو واخوته" و"الكسوف". انها ثلاثة افلام جيدة... لو انجزت رومي شنايدر واحداً منها، لساعدها الامر... 

·        ومع ذلك، لبثت صورتها قوية جداً. 

- انها منسية اليوم. 

·        كلا على الاطلاق! 

- بلى! 

·        كلا! 

ــ بلى! 

·        كلا! كلا! 

- بلى، بلى! في اي حال، الفيلم الوحيد الجيد تقريباً الذي انجزته هو "سيسي". 

·        يذكرون انك تطلب غالباً المال دون اقامة اعتبار لاستهلاك الافلام. 

- ابداً! آخذ المال الذي يريدون منحي اياه. لم يحدث لي ابداً ما حدث لكاراكس او تشيمينو، ابداً. لا استطيع ذلك. لا اريده. لا معنى له. الافلام تصنع في المجتمع. وفي الرسم، في الادب، نحن وحدنا. بيد اننا لا نستطيع انجاز فيلم في عزلة: ثمة واحد في الأمام، ثان في الخلف، واداة بينهما، انه الثالوث الخالد واساس كل علم هندسي، كل عدالة، كل شيء. والفيلم هو صورته. 

·        كيف تعرّف متعة تعاطيك السينما؟ 

- المتعة هي ان العالم مهدي لك. ليس عليك سوى العثور على الموقع الصحيح. هذه النافذة الموجودة امامنا موجودة من قبل. لتصويرها، يكفي ان تعرف اين تضع نفسك. 

·        متعة انجاز الافلام هذه هل هي مختلفة جداً عن متعة مشاهدتها؟ 

- متساوية. في النهاية كلا، ليس تماماً: متعة انجازها اقل، لأن متعة الكلام على ما صنعناه اختفت كثيراً. في حقبة الموجة الجديدة، كنا نتحدث كثيراً، كنا نتبادل النقد. كل هذا اختفى اليوم... 

·        مع ريفيت او رومير، ألم تبق تمارسه؟ 

- لم نعد نستطيع. انا بلى، هم كلا، المرات النادرة التي حاولت فيها معاودة الاتصال، لم تأت بنتيجة. 

·        هذا الحوار، كان في وسعك الحصول عليه مع سينمائيين اكثر شباباً، ذات حين، كان ليو كاراكس قريباً جداً منك... 

- بلى، احاول احياناً لكن غالباً يكونون الاولاد الضائعين الذين يبحثون عن أب اقول لهم: "تعتقد انك عثرت على أب لكنه صبي ابله مما تظن هذا الواقف امامك... انت من يستطيع ان يكون أباً لي". 

·        هل ترى منطقاً في مسارك، بين بداياتك واليوم؟ 

- اني اكثر تعقلاً اليوم. احب دائماً فترة المونتاج، الا اني اواجه المزيد من الصعوبة فترة التصوير. في الحقيقة، لم استعد ابداً روحية الفريق التي كانت متوافرة في بداياتي، ولا ادري كيف استعيدها. رائع اني عرفت ذلك ماضياً. اذاً، ارى عملي اليوم اكثر فردية، صحيح ايضاً اني احب البدء في اظهار شيء ثم رؤية ما يمكن ان نصنع منه، متابعته، التخلي عنه، تناوله من جديد. لفريق، أمر متعب جداً اللحاق بي. احاول ارغام نفسي على الكتابة افضل غير اني اكتب في بطء شديد واحتاج الى سنة. 

·        هل انطباعك انك تطورت كسينمائي؟ 

- بلى، انما انطباعي انني ادنى قدرة على الافادة من ذاك التطور. لعله العمر لكن ليس وحده. ثمة تضاؤل في الكفايات، مثل لاعب تنس غير قادر على اللعب جيداً جداً طيلة حياته. اواجه المزيد من المشقة في جمع قطاع البازل، كما اعرف اني لست ماهراً في الكاستينغ، بل اني سيئ جيداً. وهذا متعذر اصلاحه. يسيء الى الممثلين، للفيلم ولي. 

·        فيم ترى انك ماهر؟ 

- في صنع شيء من لا شيء تقريباً (ضحك). 

·        لو كان عليك الاحتفاظ بصورة واحدة من افلامك، اي واحدة؟ 

- انا، ولا واحدة شخصياً. انما اعتقد، آمل في الاقل، ان الناس سوف يتذكرون ان ثمة اشياء كانت معقولة.

الـ FaceBook في

10.04.2015

 
 

تصدع لبنان في 3 أفلام للمشاهدة المنزلية

هوفيك حبشيان

ثلاثة أفلام عن التصدع اللبناني صدرت أخيراً في الأسواق اللبنانية بنسختها الـ"دي في دي"، ما يشكل مناسبة جديدة لمشاهدتها ومقاربتها نقدياً. هذه الأعمال السينمائية الرصينة التي كانت إيراداتها محدودة يوم عُرضت محلياً، توفر المشاهدة المنزلية فرصة ثانية للقاء جمهور أوسع لا يرتاد الصالات المظلمة.

ــ "طالع نازل": الفيلم الروائي الثاني لمحمود حجيج، بعد عمل غريب انجزه هذا المخرج اللبناني قبل عشرة أعوام بعنوان "الأكثرية الصامتة"، عن رجل يتحول الى كلب. يندرج جديده في إطار السينما الروائية الجادة التي تحاول استعادة واقع مختلف عن ذلك الذي تسعى الى اظهاره (او فرضه) الأفلام الاستهلاكية التي غذت الشاشات في السنتين الأخيرتين، وجعلت الناس يزحفون الى الصالات "دعماً للفيلم اللبناني الوطني المجيد". على مدار ساعة ونصف الساعة، نتابع شخصيات نجهل من أين تخرج علينا ومع انتهاء الفيلم لا نعرف الى أين تذهب وماذا فعلت بالفيلم في غضون ذلك. وهذا الشيء المحيّر ايجابي سينمائياً، لكن ما ينقص هنا هو عدم وصول ايّ اشارة تؤكد ان المخرج يعرف فعلاً ما الذي يريد ان يقوله، بعيداً من الأشياء التي نعرفها كثيراً عن واقعنا المرّ.

كلّ ما نراه ونكتشفه هو ذلك المبنى البيروتي القديم ومصعده اللذين يتحولان الى حاجز مرور لشخصيات عدة (يضطلع بأدوارها كلّ من يارا أبو حيدر، حسّان مراد، ندى بو فرحات، زياد عنتر، ديامان بو عبود، عايدة صبرا، منال خضر، منذر بعلبكي، حسام شحادات) تأتي الى هنا لزيارة احد الأطباء النفسيين (كميل سلامة) في آخر يوم للعام قبل الانتقال الى عام جديد
طبيب يصبح من الواضح بالنسبة للمشاهد، بدءاً من منتصف الفيلم، أنه ربما ليس أفضل مَن يسدي النصائح لزبائنه، فينقلب السحر على الساحر. لكن، هذه ليست حبكة الفيلم. الفيلم لا حبكة له في الحقيقة. انه فيلم عن البوح والكلام الذي نقوله إمّا في حضور طبيب نفسي او في السرّ، لكن الفيلم ينقله الى العلن. هذا الجانب الاستعراضي للسيناريو القائم على شعار "انظروا عظمة ما أظهره"، يهيم على أفكار لا تكتمل، على شخصيات يصعب الاهتمام بما تقوله، وعلى حوارات مشتتة لا توصل الى أيّ مكان. وفوق هذا كله، نحنا أمام فيلم لا يمكن أن يزعج احداً ولا يولد أي جدل او نقاش، كونه لقاء مساومات على كل الأصعدة. كل ما نراه لا يشكل أي مادة لخلاف!

ـــ "مارسيدس": يروي المخرج اللبناني هادي زكاك بأسلوب ساخر جداً، سيرة سيارة ألمانية تحولت أيقونة لبنانية، طارحاً اياها كالقاسم المشترك والشاهدة العيان منذ أيام "البرج" حتى زمننا الراهن. قبل نحو عشرة أعوام، فيما كان يشارك في مهرجان قطري، التقى زكاك مخرجاً ألمانياً كان يعتقد أن كل السيارات في لبنان فرنسية الصنع بحكم الانتداب. فأوضح له انه مخطئ وان أغلب السيارات من ماركة مرسيدس. بيد ان هذه الملاحظة مكثت في مخيلة زكاك، خصوصاً بعدما وجد انها تعكس كل تاريخ لبنان وتراثه. السيارة هنا حجة زكاك ليدخل من خلالها على التاريخ، بالاضافة الى كونه يحب السيارات، بحيث يجدها على ترابط مع السينما. فالسيارة نوع من شاشة متنقلة، مفتاحٌ لاكتشاف المدينة وتحديدها. مرسيدس التي باتت الرقم 19 في احصاء الطوائف، حملت ألواناً حزبية وشعارات دينية. نُقل فيها المهجرون والاسماك والخضر وأغصان الشجر. زكاك يلقب المرسيدس بالعائلة، مدخلاً ايانا في ثقافة التسميات اللبنانية لهذه السيارة الألمانية: "المدعبلة"، "الشبح"، "الغواصة". يستند الفيلم الى عملية بحث هائل واضح في لملمته للتفاصيل.

ـــ "ليالٍ بلا نوم": تقدم المخرجة اللبنانية اليان الراهب عملاً ذا أهمية على الصعيدين الفنيّ والسوسيولوجي، من خلال معالجة مختلفة لقضية المفقودين. هذا الفيلم ينبش في مرحلة لا تزال تؤرق العالقين بين فكيّ الماضي والحاضر. يطرح الفيلم مواجهة بين أسعد شفتري، المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات التابع لـ"القوات اللبنانية"، ومريم السعيدي، أمّ المراهق ماهر الذي انضم ذات يوم الى صفوف الحزب الشيوعي، ومنذ معركة كلية العلوم في الشويفات العام 1983، ولا جديد عنه، شأنه شأن الـ17 ألف شخص ممّن ابتلعتهم الحرب وأهمل مصيرهم السِّلم الفولكلوري المزعوم. توقف الزمن عند مريم في 17 حزيران 1983، يوم خرج ماهر من المنزل ولم يعد، ولكنه ما زال يناديها من عتمة الاحشاء

الفيلم ليس فقط حكاية هذه المواجهة. فهو من ميل اقتفاء لدرب التوبة الذي يسلكه شفتري منذ العام 2000 (تاريخ اعتذاره العلني عما ارتكبه في الحرب)، ومن ميل آخر رد اعتبار الى الآلاف ممّن باتوا رقماً تقريبياً بلا وجوه وأسماء. ما تفعله الراهب عن حق هو استرداد القضية الى فرديتها. الفيلم كله يتشكل من هذا اللقاء بين مَن يبوح ومن يصغي اليه، ايّ المشاهد. شفتري قتَل وخطَف وأمر بوضع سيارات مفخخة، اضطلع بدور المحقق والجلاد والقاضي - وفق ما يعلنه في الفيلم - قبل أن يعي تدريجاً، في تلك الليالي التي امضاها بلا نوم، حقيقة ما فعله، فاقتنع بأنه سيكون "مجرماً مرتين"، اذا لم يجرِ مراجعة ذاتية لتجربته. هذا العلاج السينمائي، تتواطئ فيه الراهب مع شفتري، فتعطيه ويعطيها، في واحد من اجمل المفاوضات السينمائية بين مصوِّر ومصوَّر.

المدن الإلكترونية في

10.04.2015

 
 

أسامة عبد الفتاح يكتب:

"حلم شهرزاد".. الذي تحوَّل لكابوس

** يعاني الفيلم من عدة مشكلات فنية أبرزها غياب الرؤية الواضحة والبناء السليم.. وافتقاد الهوية.. والرغبة في الحديث عن كل شيء وتناول كل القضايا في إطار مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة (دي - كاف)، والذي يُختتم بعد غد الخميس، شاهدت الفيلم الوثائقي الطويل "حلم شهرزاد"، للمخرج الجنوب أفريقي فرانسوا فيرستر، بقاعة "زاوية"، تلك النافذة التي تطل على التجارب المختلفة المظلومة في دور العرض التقليدية، والتي تجتذب المزيد من المشاهدين والمتابعين يوما بعد يوم. 

كان كل ما سبق المشاهدة يوحي بفيلم استثنائي، سواء الدعاية المكثفة، أو العرض ضمن برنامج مهرجان مختلف يرفع شعار الفنون المعاصرة، أو سيمفونية "شهرزاد" لريمسكي كورساكوف - وهي من أعظم الأعمال الفنية في تاريخ البشرية على الإطلاق، أو اسم شهرزاد نفسه الذي يحيل مباشرة إلى الأجواء الأسطورية للحكي والسحر الشرقي المعهود.. باختصار، جعلنا كل ما أحاط بالفيلم نحلق في سماء الآمال والتوقعات العظيمة، لكن العمل نفسه هبط بنا إلى أرض الواقع المرير، فما الذي جعل الحلم يتحول إلى كابوس؟

يعاني الفيلم من عدة مشكلات فنية، أبرزها عدم الانحياز لأي موقف أو فكرة، وغياب الرؤية الواضحة والبناء السليم القائم عليها، بل وافتقاد الهوية، حيث يبدو العمل بلا ملامح ولا شخصية، وإن كان يدعي تبني العديد من "القضايا الكبيرة"، بدءا بأوضاع وحقوق المرأة الشرقية، مرورا بحرية الفن والإبداع، وانتهاء بحرية الشعوب، على خلفية ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 في مصر واحتجاجات ميدان تقسيم في تركيا 2013، لكن أيا من هذه القضايا لا يحظى بالتعميق والبحث المطلوبين، ويتم المرور عليها جميعا مرور الكرام.

هناك أيضا مشكلة الرغبة في الحديث عن كل شيء، وتناول الشاردة والواردة، بدون سياق سينمائي يربط بين مختلف العناصر والخطوط، بدليل البدء في تصوير الفيلم عام 2010، والانتهاء منه عام 2014، بعد اندلاع الثورات والاحتجاجات المذكورة في كل من مصر وتركيا، وإصرار المخرج على إضافة لقطات منها إلى فيلمه، مما حوله إلى "طبق سلطة" كان يتصور صانعه أن كل عنصر تتم إضافته إليه سيغني "طعمه" ويُعلي من قيمته، لكن حدث العكس على طول الخط.

شاهدنا لقطات تلخص أحداث مصر السياسية من 25 يناير إلى تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، بالإضافة إلى أحداث ووقائع أخرى، وكانت النتيجة امتداد زمن عرض الفيلم إلى 107 دقائق بدون أي ضرورة فنية، ووقوع المخرج في المحظور الذي يجب أن يتجنبه أي صانع للأفلام الوثائقية، وهو "الاعتزاز" بكل لقطة تم تصويرها، ورفض الاستغناء عنها تحت أي ظرف، مما أصاب المشاهدين بالملل، وجعلهم يجمعون تقريبا - بعد انتهاء العرض - على أنه كان من الممكن حذف نصف ساعة على الأقل من الفيلم بدون أن يؤثر ذلك فنيا عليه، وبدون أن تتغير تركيبة "سلطة فيرستر"، طالما أنها لا تقوم على أي بناء أو أي رؤية.

استمعنا - بفضل المخرج - إلى الحركات الأربع التي تتكون منها سيمفونية شهرزاد، وكأنه من الصعب الحصول عليها إلا من خلال فيلمه، كما قسَّم الأخير إلى أربعة أجزاء - أو "كتب" كما يسميها - في محاكاة للسيمفونية الشهيرة، لكن ذلك لم يتم إلا من خلال الشكل، لكنه فشل في أن يحاكي المضمون، ولا أقصد من الناحية الموسيقية بالطبع، بل من ناحية البناء الفني، الذي يظل يتصاعد - في رائعة كورساكوف - إلى أن يصل إلى ذروة لا نصل لمثلها أبدا في فيلم فيرستر.

والمؤسف أن تقنيات المخرج واختياراته حوَّلت العمل الكلاسيكي العظيم - في أوقات كثيرة - إلى عبء على الفيلم، حيث تم وضع موسيقى كورساكوف على مشاهد ولقطات لا تمت لها، ولا يمكن أن تمت لها، أو لما تمثله إنسانيا وفنيا - وسياسيا أيضا - بأي صلة.. وازداد الأمر سوءا بوجود عيوب خطيرة في الميكساج (مزج الأصوات) جعلت من تلك اللقطات نشازا كاملا.

أما أغرب مشكلات هذا الفيلم "الوثائقي"، فهي افتقاده للتوثيق نفسه، حيث لا يتكرم المخرج حتى بذكر أسماء شخصياته الرئيسية التي نظل نتابعها على مدى ساعتين إلا قليلا.. وقد نجحت - بالجهود الذاتية - في التعرف على الفنانة عارفة عبد الرسول والمخرج المسرحي حسن الجريتلي، لكنني لم أعرف الباقين، وأنا على ثقة بأن معظم المشاهدين حالهم مثل حالي، وكان من المفروض أن يقيم صناع الفيلم مسابقة للتعرف على شخصياته جائزتها الإعفاء من مشاهدة مثل تلك الأعمال مرة أخرى.

جريدة القاهرة في

10.04.2015

 
 

أصغر فرهادي.. الدراما الإيرانية بلون جديد

أفنان فهيد – التقرير

للدراما الإيرانية طابعٌ خاص، يدمج بين كثيرٍ من البؤس والتيراجيديا، وكذلك كثيرٍ من الرقة. تحكي عن الأطفال الفقراء، وعن اللصوص الذين تابوا، وعن المرأة وحقوقها المهضومة.

أما “أصغر فرهادي” فيقدم نوعًا مختلفًا؛ فدراما “أصغر فرهادي” أقرب للدراما العالمية، لكنها تقدم مشاكل المجمتع الإيراني، وخصوصًا الصورة العامة للمرأة ومعاناتها في بلاد فارس.

بدأ اهتمام “أصغر فرهادي” بالسينما من المراهقة، ثم تلقى تعليمه الأكاديمي بانضمامه لمجتمع شباب السينما في أصفهان، ثم حصل على بكالوريوس مسرحي من كلية الفنون الدرامية بجامعة طهران. التحق بفن السينما في البداية عبر كتابة النصوص السينمائية لعدد من الأفلام، ثم في عام 2003، أخرج أولى تجاربه، فيلم “Dancing in the dust”؛ لذا يمكن اعتبار “فرهادي” سيناريستًا في المقام الأول ثم مخرجًا؛ وإن كان اشتهر أكثر بالصفة الأخيرة.

..Beautiful city

ثاني أعمال “أصغر” كان فيلم “المدينة الجميلة” إنتاج عام 2004، يحكي عن المراهق المحتجز بدار الأحداث، والذي أتم الثامنة عشرة للتوه وسينتقل لقسم البالغين لينتظر دوره في تنفيذ حكم الإعدام.

“أكبر” عاشق صغير، يقرر الانتحار بعد رفض والد حبيبته له، ولكن حبيبته “مليحة” تترجاه أن يقتلها هي في البداية ثم يقتل نفسه -ربما تأثرًا بـ “روميو وجوليت”-، ولكن التيراجيدية الرومانسية، انتهت بتيراجيدية من نوع آخر.

حيث لم يستطع “أكبر” قتل نفسه بعدما قتل حبيبته، فقبض عليه وزُج به في سجن الأحداث عامين حتى يصل للسن القانوني للإعدام. تذهب أخته الكبرى مع صديقة لوالد القتيلة ليتوسلوا إليه للمرة المليون للعفو عن أخيها؛ إلّا أن الأب الملكوم لا يقبل بغير الإعدام لقاتل ابنته، وحين يذهب للهيئة المسؤولة لتسريع عملية الإعدام كي يفقد أهل

“أكبر” الأمل في العفو عنه، طالبوه بدفع نصف الدية لأن المرأة نصف الرجل! وبالتالي لن يعدم الرجل على قتل “نصف” إلا إذا دُفع الفارق.

ليأخذنا الفيلم في رحلة جديدة عن حال المرأة في المجتمع الإيراني، فحتى في حال قتلها لا يحق لأهلها المطالبة بالقصاص لها!

حاولت زوجة والد القتيلة التأثير على قراره من خلال شيخ المسجد، فأخبره الشيخ أن جزاءه سيكون كبيرًا عند الله إن عفا عن الولد.

“- الله سيكون سعيدًا إن عفوت عنه.

- إذًا فأنا غاضب من الله أيضًا!”

“أصغر فرهادي” يسرد الواقع دون تحيز لأحد الطرفين، فينتقل عدم التحيز كعدوى للمشاهد؛ فالطرفين “ضحية”.

في هذا الفيلم أخذنا “أصغر” إلى أحياء إيران الفقيرة، وإلى داخل السجون، في جولة بداخل المدينة الجميلة التي لم أر بها أي جمال نهائي؛ ليكون عنوان الفيلم سخرية من الواقع.

About Elly..

الفيلم يحكي عن أسرة خرجوا سويًا في نزهة برفقة صديقة لهم -إيلي- ليعرفوها على صديق لهم أعزب. “إيلي” تختفي في منتصف الفيلم تمامًا. ليتركنا “أصغر” أمام حديث سينمائي طويل من الغموض.. أين اختفت “إيلي”؟ هل ستعود مرة أخرى؟

ثم تبدأ الحقائق في الظهور الواحدة تلو الأخرى؛ “إيلي” مخطوبة لرجل يعتدي عليها بالضرب ولا تستطيع أن تنهي الخطوبة -إنهاء الخطوبة في إيران كإنهاء الزواج يجب على الاثنين الموافقة-.

حتى النهاية لن نستطيع أن نحدد مع من نتعاطف؛ مع “إيلي” التي عاشت حياة صعبة حاولت أن تنساها من خلال تلك الرحلة إلى أن وصل بها الحال إلى التمادي مع الخطيب الجديد؟ أم مع الخطيب الجديد نفسه الذي وقع في غرامها ولكنه صُدم بالحقيقة؟ أم مع خطيبها القديم الذي جاء ملهوفًا للبحث عنها؟ أم يجب علينا التعاطف مع أصدقائها الذين وقعوا في ورطة البحث عنها؟

وجدير بالذكر أن هذا الفيلم حصد 13 جائزة وترشح لثماني جوائز أخرى، معظمها كان للإخراج والتأليف.

A Separation.. 

الفيلم الثالث وهو الأشهر، فيلم “انفصال نادر وسيمين”. ويحكي عن قصة انفصال ثنائي إيراني؛ لأن الزوجة تريد الهجرة إلى الولايات المتحدة لضمان حياة أفضل لابنتهما. الأمر الذي يريده الزوج، غير أنه لا يستطيع الهجرة بسبب والده المريض بالزهايمر.

“- لماذا تُصر على البقاء معه.. إنه حتى لا يدري أنك ابنه؟

لكنني أعلم أنه والدي!

والابنة في موقف صعب، حيث يجب أن تختار مع من تبقى؛ لذلك تحاول أن تُثني أمها -التي تركت المنزل- عن طلب الطلاق، وتوحي لها أنها ستختار البقاء مع أبيها في إيران.

بعد مغادرة سيرين منزل الزوجية، يبحث نادر عن جليسة لرعاية والده أثناء ذهابه للعمل. لتظهر في الأحداث شخصية جديدة، تيراجيدية جدًا.

فـ “راضية” حامل وأم لطفلة صغيرة، وزوجها يمر بظروف مادية سيئة أثرت على قواه النفسية؛ الأمر الذي يضطرها للقبول بهذه الوظيفة التي لا تتناسب مع حالتها الصحية. تفقد المرأة جنينها في ظروف غامضة وتتهم نادر بارتكاب هذه الجريمة أثناء دفعه لها خارج البيت بعدما اكتشف أنها قيدت والده في السرير وتركت المنزل لقضاء أمر مجهول. لتظهربراءة نادر في النهاية، حين لم تتمكن “راضية” من القسم كما اشترط “نادر” ليدفع الدية.

يضعنا “فرهادي” أمام نهاية جديدة مفتوحة؛ فالطلاق قد وقع، وصار حريًا بالابنة أن تختار مع من ستبقى. ولأن “أصغر” لم يتحيز لأحد الزوجين، فكذلك فعل المشاهد، الأمر الذي يُصعّب علينا التكهن باختيار الابنة.

الفيلم ربح جائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي سنة 2012، وربح 83 جائزة أخرى، بجانب ترشحه إلى 28 جائزة مختلفة.

The past..

الفيلم الرابع هو فيلم “الماضي” وهو فيلم فرنسي إيراني، ويعد تجربة جديدة للمخرج “أصغر فرهادي”. وسبق وأن تحدثنا عنه باستفاضة في مقال آخر.

الفيلم ترشح لجائزة الجولدن جلوب، و28 جائزة أخرى، كما ربح 14 جائزة مختلفة.

أفلام “أصغر” تعرض دائمًا القصة دون تحيز لأحد الطرفين. كما نلاحظ دائمًا وجود ذلك الطفل الذي يقرر أبواه الانفصال، فيضيع بينهما؛ الأمر الذي قد يبدو مفهومًا إذا عرفنا أنه نفسه قد مرّ بهذه التجربة وتركت أثرها على روحه، فركّز عليه في أفلامه.

“أصغر” يُسلّط الضوء ويركّز على أداء الأطفال؛ الأمر الذي يجعلنا نزعم أن من قاموا بأدوار الأطفال والمراهقين في أفلام أصغر فرهادي، هم الأفضل على الإطلاق. فمثلًا، نظرة عين ابنة “راضية” في فيلم “الانفصال” حين رأت “نادر” يهين أمها ويلقي بها على السلم.

وانحناءة كتفي ابنة “نادر” و”سيمين” كأنها تحمل ثقل انفصالهما. ثم إجبارها على كسر قلب أحد أبويها والبقاء مع الآخر/ وكلاهما متعشمان في قرارها النهائي كأنه طوق النجاة.

و”فؤاد”، ابن الخامسة.. الذي شاهد أمه وهي تقتل نفسها أمام ناظريه بعد أن علمت بأمر خيانة والده، ثم اضطراره لأن يذهب إلى العيش مع عشيقة أبيه المتسببة في دخول أمه في غيبوبة، وبالرغم من ذلك لا يكرهها، هو فقط يريدهم أن يكفوا عن محاولات إنقاذها ويتركوها لتمضي بسلام إلى العالم الآخر.

بجانب “لوسي” المراهقة التي ترى أمها وهي تفشل في ثلاث زيجات؛ فتقرر أن تُنقذها من فشل جديد فترسل كل رسائل الغرام إلى زوجة عشيق والدتها الأمر الذي يؤدي إلى انتحارها؛ مما يُثقلها بذنب عظيم.

“أصغر فرهادي” هو الطفل الناقم على نشأته، ومن الواضح أنه لم يسامح والديه على انفصالهما. وإن كان يختلق لهما الأعذار في كل أعماله؛ كأنه بذلك يحاول الوصول إلى السلام الداخلي عبر أعماله الفنية التي يقدمها لنا.

كما نلاحظ أنه يهتم بالتفاصيل إلى أبعد الحدود؛ يصوّر خلجات الوجه، والرعشات البسيطة، والنظرات الحزينة والحالمة. كما يهتم بالابتعاد عن المؤثرات الصوتية وتخلو أعماله من الموسيقى التصويرية لتخرج لنا قصة واقعية تحدث كل يوم. أما إضاءة أفلامه فبعيدة عن الإشراق وبعيدة عن البَهَت، في المنتصف تمامًا كإضاءة أيامنا العادية.

“أصغر فرهادي” يسرد لنا قصصه العادية وغير العادية في آن واحد؛ يقدم لنا جرعة من التيراجيدية والحزن في هيئة حدث عابر، يضعك في محل الحكم، ولكنك لن تستطيع الحكم، فلكل الشخصيات أعذارها. “أصغر” يقدم لنا إيران التي لا نعرف عنها شيئًا، الدراما الإيرانية “العالمية”.

قد يكون “فرهادي” عمل أول الأمر بالسيناريو، ويكتب أحيانًا أعمالًا لا يقوم بإخراجها؛ إلا أنه تفوق على نفسه في الإخراج كما وصل إلى الأوسكار كمخرج لا سيناريست.

وعلينا في النهاية أن نعترف، بصعوبة إعادة مشاهدة أعمال “فرهادي”؛ بسبب جرعة التيراجيدية المركبة فيها؛ إلا أننا رغم ذلك نستمتع في كل مرة نشاهد فيها العمل من جديد، وننتظر في شغف عملًا جديد “لأصغر فرهادي”.

التقرير الإلكترونية في

10.04.2015

 
 

أفلام مصرية مهدت طريق عمر الشريف الى السينما العالمية

«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير

لم يكن «ديمترى شهلوب» تاجر الأخشاب اللبنانى الذى استقر به المقام بالاسكندرية  منتصف القرن الماضى يحلم لابنه «شهلوب» بأكثر من أن ينهى دراسته ويساعده فى تجارته، لكن الصبى الصغير كانت كل أحلامه تقذف به الى شاطئ التمثيل، ونجح – وهو دون الخامسة عشر من عمره- أن يلفت أنظار زملائه وأساتذته بكلية فيكتوريا الى موهبته المبكرة بعد أن قدم على المسرح المدرسى عديد من التجارب الناجحة، وخلال سنوات قليلة، كان قد حقق نجومية كبيرة، جعلته ينطلق بموهبته من المحلية الى العالمية، وأصبح «عمر الشريف» النجم العربى الوحيد الذى استطاع أن يحقق العالمية من خلال احترافه فى هوليوود.

ولد عمر الشريف بالاسكندرية فى مثل هذا اليوم «10 ابريل من عام 1932» (يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ83)  وينتمى لأسرة كاثوليكية ووالدته من أصل لبنانى سورى.

صراع في الوادي

الفرصة الأولى التى يقف البعض فى انتظارها لسنوات، جاءت لعمر الشريف على طبق من ذهب حين إختاره المخرج يوسف شاهين، الذى جمعته به سنوات الدراسة فى كلية فيكتوريا، ليلعب بطولة فيلم «صراع فى الوادى» أمام فاتن حمامة وكانت احدى أهم نجمات السينما، وقد اعترضت على أن يلعب بطولة الفيلم أمامها الفنان شكرى سرحان وحينما عرض عليها المخرج يوسف شاهين البطل الجديد والتقته وافقت على اسناد دور البطولة له، برغم ارتباكه الواضح أمامها فقد كان خائفا ومترددا، إذ كانت الفرصة أكبر مما يحلم، فبطلة الفيلم النجمة الشابة تمتلك موهبة وحضور وشهرة ذائعة الصيت  وجماهيرية كبيرة .

المفاجأة التى أذهلت يوسف شاهين

وبدأ تصوير الفيلم الذى كتب قصته المخرج حلمى حليم وكتب له السيناريو والحوار السيد بدير وأخرجه يوسف شاهين من انتاج جبرائيل تلحمى، وشارك فى بطولته ذكى رستم وفريد شوفى وأدى فيه عمر الشريف شخصية المهندس الزراعى أحمد ابن ناظر الزراعة الذى يساعد الفلاحين على تحسين نوعية القصب الذى يزرعونه، وينجح فى ذلك مما يثير غضب الباشا الاقطاعى، ويدفعه لاغراق مزروعاتهم بمساعدة ابن شقيقه، ويتهم صابر والد أحمد فى هذه الجريمة ويحاول أحمد المرتبط بعلاقة عاطفية مع آمال ابنة الباشا اثبات براءة والده لكنه يفشل فى ذلك ويتم اعدام صابر، وأثناء تصوير الفيلم كان عمر الشريف قد وقع فى غرام فاتن حمامة، واعترف لها بحبه الجارف نحوها وخلال تصوير آخر مشهد وقعت مفاجأة أذهلت فريق العمل، فقد كان المشهد يتضمن إصابة عمر الشريف بطلق نارى، فيسقط على ظهره وينزف، فتقوم فاتن حمامة لتحتضنه، وهنا خرجت البطلة عن السيناريو لتقبله قبلة طويلة تؤكد قصة الحب التى ولدت مع الفيلم، ويتم زواجهما بعد أن أشهر اسلامه وانفصلت هى عن زوجها المخرج عز الدين ذوالفقار والد ابنتها نادية.

ستة أفلام مع فاتن

عقب النجاح الذى حققه فيلم «صراع فى الوادى» تقاسم عمر وفاتن بطولة خمسة أفلام ناجحة ففى عام 1955 قدما فيلم «أيامنا الحلوة» أمام أحمد رمزى وعبدالحليم حافظ فى أول أفلامه المعروضة جماهيريا واخراج حلمى حليم، ودارت أحداثه من خلال ثلاثة أصدقاء فى المرحلة الجامعية يقيمون بأحد الأحياء الشعبية، وتأتى فتاة فقيرة وجميلة لتقيم فوق سطح المنزل، فيقع الثلاثة فى حبها، لكنها تحب أحدهم «عمر الشريف»، وفى أوج سعادتها بقصة حبها تسقط فريسة للمرض فيسعى كل منهم لمساعدتها، وقد حقق الفيلم نجاحا جماهيريا واسعا.

صراع في الميناء

وفى عام 1956 قدم عمر وفاتن فيلم «صراع فى الميناء» من اخراج يوسف شاهين، وأدى فيه عمر الشريف شخصية رجب الذى يعمل على احدى السفن ويعود بعد غربة من أجل ادخار مهر عروسه «حميدة» غير أن الشك يملأ قلبه معتقدا وجود علاقة بينها وبين صديق طفولته ممدوح ابن الرجل الكبير الذى يسيطر على الميناء، وبينما يبدأ الصراع بينهما، يكتشف رجب أن الرجل الكبير أبيه وأن ممدوح هو شقيقه من الأب، فيصدمه الأمر ويقرر الرحيل الا أن حميدة تنجح فى اعادته حين تهرع اليه وتناديه من فوق رصيف الميناء، وفى عام  1958 قدم عمر الشريف وفاتن فيلم«لاأنام» عن رواية لاحسان عبد القدوس واخراج صلاح أبوسيف، وقد حقق الفيلم فكرة البطولة الجماعية فعليا اذ شارك فيه كبار الممثلين وكل منهم يعد بطلا بدوره وليس بعدد المشاهد التى يظهر بها ومن بينهم يحى شاهين، مريم فخر الدين، هند رستم، رشدى أباظة، وجسد من خلاله عمر شخصية شقيق الزوج يحى شاهين الذى تتهمه ابنة شقيقه «فاتن حمامة» بأن علاقة تربطه بزوجة أبيها فيترك البيت على أثر ذلك وتشعر الفتاة بتأنيب الضمير بعد أن دمرت حياة أبيها وأسرتها.

وخلال نفس العام جمع فيلم «سيدة القصر» بين فاتن وعمر وشاركهما البطولة عمر الحريرى، زوزو نبيل، استفان روستى، ودارت أحداثه فى اطار رومانسى اجتماعى من خلال الشاب الثرى عادل الذى يهوى التردد على المزادات واقتناء التحف واللوحات الفنية، ويلتقى بسوسن الفقيرة التى تبيع بعض لوحاتها فى المزاد ويعجب بها ويتزوجها لكن أصدقاء السوء يوقعون بينهما ويشيعون بأن علاقة تربطها بصديق زوجها.

نهر الحب آخر الأفلام

يعد فيلم «نهر الحب» آخر الأفلام التى جمعت عمر الشريف بالنجمة فاتن حمامة قبل انفصالهما، وأخرجه عز الدين ذو الفقار الزوج الأول لفاتن حمامة، وشارك فى بطولته ذكى رستم، زهرة العلا، عمر الحريرى، فؤاد المهندس، والفيلم مأخوذ عن رواية «آنا كارنينا» لتولستوى، ودارت أحداثه فى اطار رومانسى من خلال نوال التى تضطر للزواج من أحد الاقطاعيين الكبار الذى يهدد شقيقها الموظف لديه، وتعيش حياة جافة لايخفف عنها الا طفلها، وخلال سفرها لشقيقها وأسرته فى الصعيد تلتقى بالضابط خالد الذى يعجب بها لأول وهلة فتهرب منه، وتجمعهما الأقدار فى أكثر من لقاء فيعترف لها بحبه ويعلم زوجها بذلك فيحرمها من رؤية طفلها ويستشهد خالد خلال حرب 1948، فتصاب بصدمة وتلقى بنفسها تحت عجلات القطار.

اشاعة حب

غير أن نجاح عمر الشريف مع فاتن حمامة لم يمنعه من التمثيل أمام غيرها من نجمات التمثيل خاصة بعد أن حقق نجومية كبيرة ، وخلال عام 1960 لعب بطولة فيلمين، الأول «لوعة الحب» أمام شادية وأحمد مظهر و فيلم «حبى الوحيد»  أمام نادية لطفى وكمال الشناوى واخرجه كمال الشيخ، بعدها بعام لعب بطولة ثلاثة أفلام هى «نهر الحب»و«اشاعة حب» أمام سعاد حسنى ويوسف وهبى وعبد المنعم ابراهيم ، و«صراع فى النيل» أمام هند رستم ورشدى أباظة واخراج عاطف سالم ، وفيلم «فى بيتنا رجل» مع زبيدة ثروت وحسن يوسف وحسين رياض، عن رواية لاحسان عبد القدوس واخراج هنرى بركات، وخلال هذه الفترة لعب بطولة 12 فيلما  مع كبار المخرجين، والتى ذكرناها آنفا بالإضافة الى أفلام «أرض السلام»  و«غلطة حبيبى» و «فضيحة في الزمالك» ولعب بطولتها فى بداياته، وذلك قبل سفره  لهوليوود وعمله بالسينما العالمية عقب اختيار المخرج ديفيد لين له ليلعب بطولة فيلم«لورنس العرب» أمام بيتر أوتوول، والذى حقق نجاحا كبيرا وفتح أمامه الطريق واسعا للسينما العالمية .

الحنين يعيده للسينما المصرية

ظل عمر الشريف يعذبه الحنين للعودة الى مصر لولا ارتباطه بتعاقدات متتالية لأفلامه فى أمريكا وأوروبا، وخلال تلك الفترة سجل أكثر من مسلسل اذاعى ومنها «أنف وثلاثة عيون»، «الحب الضائع»، وكان يتحين الفرصة للعودة للسينما المصرية،  وجاءته فى أواخر الثمانينات وتحديدا عام 1989 من خلال المخرج هانى لاشين الذى اختاره لبطولة فيلمي «أيوب» وهو من انتاج التلفزيون المصري، ثم «الأراجوز» أمام ميرفت أمين وهشام سليم وسلوى خطاب، وقد أغراه الدور الذى رشح له  وحماس مخرجه الشاب حينها هانى لاشين وجرأته فى اختياره لهذا الدور حيث جسد شخصية محمد جاد كريم الأراجوز الذى يعشق عمله ويراه جديرا بالاحترام وأنه لايقل أهمية عن أى عمل آخر ويستطيع  من خلال عمله كشف الفاسدين بالقرية، ورغم تمسكه بالقيم والمبادئ، يأتى ابنه بهلول على نقيضه فيضحى بالمبادئ وبأى شئ فى سبيل أطماعه. وقد جسد عمر الشريف الشخصية ببراعة وساعده على ذلك السيناريو المحكم الذى كتبه المخرج هانى لاشين أيضا.

المواطن مصرى

ومن جديد التقى الشريف بالمخرج الكبير صلاح أبوسيف من خلال فيلم «المواطن مصرى» المأخوذ عن رواية يوسف القعيد وشاركه البطولة عزت العلايلى، صفية العمرى، خالد النبوى، وأدى عمر الشريف من خلاله دور عمدة القرية الذى يستغل نفوذه فى عدم ارسال ابنه لأداء الخدمة العسكرية ويستعين بابن المزارع الفقير ليؤدى الخدمة بدلا منه وحينما يستشهد الشاب يتحول العمدة الى أبو الشهيد البطل بينما يضيع حق الفلاح الأجير حتى فى دفن ابنه، والفخر باستشهاده فى سبيل الوطن، وفى عام 1993 شارك عمر الشريف فى بطولة فيلم «ضحك ولعب وجد وحب»  أمام المطرب عمرو دياب ويسرا وحنان ترك، والفيلم من تأليف واخراج  مدير التصوير السينمائى طارق التلمسانى، وأدى عمر الشريف من خلاله شخصية رجل المخابرات القوى الذى يهدد ابنه أدهم، الطالب الفاشل لعلاقته باحدى الغانيات ويهددها بفضح أسرارها لكن ابنه يتمسك بها ويتزوجها وينتهى الفيلم بحرب أكتوبر التى يشارك فيها أدهم ورفاقه فتغير كثيرا من مواقف جميع أبطال الفيلم، وقد رأى بعض النقاد أن الفيلم انتقص من موهبة عمر الشريف ومكانته فى السينما العالمية.

حسن ومرقص

وبعد«ضحك ولعب وجد وحب» غاب عمر الشريف عن السينما المصرية نحو 15 عاما ليعود بعدها بفيلم «حسن ومرقص» عام 2008 أمام عادل امام ولبلبة وهناء الشوربجى واخراج رامى امام وقد كتب السيناريو والحوار يوسف معاطى، وقد جاء الفيم ليطرح قضية التطرف الدينى  والعلاقة بين المسلمين والمسيحىين فى مصر من خلال رجل دين مسيحى ورجل مسلم يضطر كل منهما تحت وطأة تهديدات يتلقاها لاخفاء ديانته الحقيقية ويلتقى الاثنان فى رحلة هروبهما التى تشهد مفارقات عديدة.

المسافر آخر الأفلام

ويعد فيلم «المسافر» آخر الأفلام التى لعب بطولتها عمر الشريف فى مصر أمام سيرين عبد النور وخالد النبوى واخراج أحمد ماهر الذى كتب قصته أيضا وتدور أحداثه من خلال ثلاثة أيام فى سنوات مختلفة من حياة عامل بريد الذى تعصف به الظروف السياسية والاجتماعية التى يمر بها المجتمع  وقد أنتجته وزارة الثقافة، ووفر له فاروق حسنى وزير الثقافة المصرى حينذاك كل الامكانات ليكون نموذجا لانتاج الدولة وقد شارك الفيلم فى مهرجان فينسيا السينمائى 2009، كما مثل مصر فى عدد كبير من المهرجانات العربية والعالمية وظل حبيس العلب لأكثر من عامين، وحين عرض لم يحقق النجاح الجماهيرى المتوقع ولم يسجل ايرادات مرتفعة فى شباك التذاكر.

سينماتوغراف في

10.04.2015

 
 

“هالو ورلد” يحصد جائزة “ذا ريل دبي” للأفلام القصيرة

دبي - مصعب شريف:

حاز فيلم "هالوورلد" لكميل روكسيس على المركز الأول، في مسابقة "ذا ريل دبي" للأفلام القصيرة، التي تُقدم بدعم من مبادرة "#MyDuba" التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بالتعاون بين كل من سامسونج الخليج للإلكترونيات ومهرجان دبي السينمائي الدولي، ودائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي . وجاء فيلم "وذين" لمحمد نجاتي في المركز الثاني، وفاز "كومينج هوم" ليوليوس دميلو بالمركز الثالث .

تألفت لجنة التحكيم من ممثلين عن مهرجان دبي السينمائي الدولي، ودائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، وسامسونج الخليج للإلكترونيات، وبحسب قواعد المرحلة النهائية من المسابقة، أشرفت المخرجة الإماراتية نائلة الخاجة على مشروع فيلم "هالو ورلد" الذي حصد المركز الأول، وهو سرد شعري حول صعود مدينة دبي، ومشهدها الثقافي وسكانها وحكاياتهم معها . ويحظى الفيلم بفرصة عرضه في "ركن الأفلام القصيرة" خلال الدورة ال 68 من "مهرجان كان السينمائي" في مايو المقبل، وحصل كل من محمد نجاتي عن فيلمه "وذين"، ويوليوس دميلو عن فيلمه "كومينج هوم" على جهازين من سامسونج، كما حظيا بالعمل مع المخرجين الإماراتيين محمد سعيد حارب وعلي مصطفى .

وقالت المديرة الإدارية لمهرجان دبي السينمائي الدولي؛ شيفاني بانديا: "يعد دعم ومساندة صناعة السينما بدءاً من هذا المستوى الأساسي جزءاً أصيلاً ضمن عملية تطوير صناعة سينما متقدمة في المنطقة، ولاقت مسابقة "ذا ريل دبي" للأفلام القصيرة نجاحاً كبيراً، خصوصاً وأنها منحتنا الفرصة للاحتفاء بدبي من خلال رؤية هؤلاء المبدعين الذين كشفوا لنا عن موهبتهم الصاعدة وشغفهم تجاه صناعة السينما، وأكثر ما أسعدنا هو تلك الأعمال التي تميز كل منها بحبكة سينمائية أصيلة تلامس المشاعر وتثري التفكير، ونتمنى أن تلقى تلك الأفلام القبول ذاته لدى الجمهور عند مشاهدتها" .

وأكد ماركو فوكال، رئيس قسم التسويق المؤسسي في شركة سامسونج الخليج للإلكترونيات دعمهم للمسابقة قائلاً: "لا شيء يمكنه بث الحيوية في التكنولوجيا مثل الطاقة الابداعية للناس الحقيقيين، ونحن في سامسونج، باعتبارنا شركاء في مسابقة ذا ريل دبي للأفلام القصيرة، ملتزمون بتوفير كل ما تحتاجه هذه الرؤى الشابة من وسائل تكنولوجية تساعدهم على صقل مهاراتهم وسرد قصصهم حول دبي، هذه القصص التي كان من الممكن أن تضيع أو تبقى طي الكتمان" .

ومن جهته قال عصام كاظم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري: هدفت مبادرة "#MyDubai"، إلى دعوة زوار وقاطني دبي لمشاركة رؤيتهم تجاه هذه المدينة، واستعراض ملامحها، ليس فقط باعتبارها مدينة عالمية حديثة تتميز بمعالمها البارزة وأبراجها الشاهقة، وإنما أيضاً إبراز تلك العلاقة الخاصة بين دبي وسكانها وكل ما يربطهم بها .

ونجحت المبادرة في استقطاب عدد ضخم من المشاركات، ونحن سعداء بمشاركتنا في مسابقة تعزز هذا الهدف مثل "ذا ريل دبي" التي نجحت في التقاط تلك القصص السينمائية لتنعكس من خلالها الروح المبتكرة والمبدعة التي تتميز بها دبي .

لمؤازرة أبنائهن وأقاربهن

فنانات معتزلات في دائرة الضوء لأسباب عائلية

القاهرة - الاتحاد - سعيد ياسين (القاهرة)

في الوقت الذي اختفت فيه فنانات معتزلات عن الأضواء لأسباب متفاوتة، وحرصن حتى على عدم التقاط صور حديثة لهن في المناسبات الأسرية، مثل شادية ونجاة الصغيرة ونجلاء فتحي وهناء ثروت ونسرين، عاد بعضهن إلى الأضواء للشد من أزر أبنائهن أو أقاربهن، الذين يقدمون أعمالاً فنية جديدة في السينما أو التليفزيون.

ضيف شرف

جاءت في مقدمة هؤلاء سمية الألفي، التي عادت لمؤازرة نجلها أحمد الفيشاوي أثناء العرض الخاص لفيلمه السينمائي الجديد «خارج الخدمة»، الذي يتولى إنتاجه من خلال شركته التي أسسها مؤخراً، ويلعب بطولته أمام شيرين رضا، التي ظهر والدها أيضاً محمود رضا، مؤسس فرقة رضا للفنون الشعبية، بعد سنوات من الغياب، كما ظهرت خلال العرض نجمة فرقة رضا للفنون الشعبية والاستعراضية الفنانة فريدة فهمي زوجة الفنان الراحل علي رضا، وكانت سمية قد غابت بشكل نهائي عام 2003، بعدما شاركت في بطولة مسلسل «كناريا وشركاه» أمام فاروق الفيشاوي ونبيل الحلفاوي، وهو من تأليف أسامة أنور عكاشة، علماً بأنها شاركت كضيف شرف مع ابنها أحمد أيضاً في فيلم «تلك الأيام» الذي لعب بطولته أمام محمود حميدة وصفية العمري، وأخرجه أحمد غانم.

ظهور اجتماعي

ظهرت مؤخرا الفنانة المعتزلة شمس البارودي، التي خلعت النقاب واكتفت بارتداء الحجاب، وهي ترافق نجلها الأصغر عبدالله، الذي تعرض لوعكة صحية مفاجئة، أُدخل على أثرها مستشفى خاص، وقد حضرت خلال السنوات الماضية حفلات خطوبة وزواج والتصوير بصحبة زوجها الفنان حسن يوسف، ونجلها الممثل الشاب عمرو يوسف.

أما الفنانة المعتزلة نورا، والتي أعلنت اعتزالها الفن، وارتداء الحجاب قبل 22 عاماً بعد مشاركتها في بطولة فيلم «الهاربان» أمام سمير غانم، وإخراج إسماعيل حسن عام 1993، فظهرت في أكثر من مناسبة عائلية من بينها خطوبة ابنة شقيقتها مي نور الشريف للممثل عمرو يوسف، كما ظهرت أثناء خطوبة ابنة شقيقتها الثانية سارة في ديسمبر الماضي على رجل أعمال شاب في حفل عائلي.

مناسبات اجتماعية

هدى رمزي، التي اعتزلت الفن عام 1993 بعد بطولة «الصديقان» أمام سمير صبري وأحمد عبدالوارث وإخراج حسن حافظ، ظهرت بالحجاب في أكثر من مناسبة من بينها حفل زواج شريف رمزي، نجل شقيقها الموزع والمنتج الراحل محمد حسن رمزي، من منة ابنة حسين فهمي وميرفت أمين، ثم في أكثر من مناسبة عائلية من بينها جنازة وعزاء زوجة شقيقها، ثم شقيقها الذي توفي في 13 يناير الماضي.

أما الفنانة شهيرة، التي اعتزلت الفن عام 1993 بعد مشاركتها في بطولة فيلم «الحب بين قوسين» أمام هشام عبدالحميد ووداد حمدي وإخراج أشرف فهمي، فتحرص على الظهور في عديد من المناسبات، وتحديداً الأسرية التي تتعلق بزوجها محمود ياسين ونجلها عمرو وابنتها رانيا وزوجها محمد رياض، وتتواجد باستمرار بصحبة زوجها سواء في حفلات تكريمه أو الندوات التي يشارك فيها.

أقارب النجوم

في موازاة هؤلاء، تحرص الفنانة والإعلامية صفاء أبو السعود على دعم ابنة شقيقتها وسام، الفنانة الشابة أروى جودة في خطواتها الفنية في السينما والتليفزيون، وكان آخرها مشاركتها في الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» أمام أحمد السقا وخالد صالح، وإخراج شريف عرفة.

الأمر نفسه يتكرر من نبيلة عبيد، البعيدة عن التمثيل منذ مشاركتها في الجزء الثاني من «كيد النسا»، حيث تدعم ابنة شقيقتها أميرة هاني، التي تشارك في بطولة الجزء الثاني من مسلسل «سلسال الدم».

الخليج الإماراتية في

10.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)