كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

عقْد على رحيل أحمد زكي:

القلِق الذي لم يَعِشْ الاّ على الشاشة

هوفيك حبشيان

 

لا يزال حضور أحمد زكي (1949 - 2005)، بعد عشر سنين على رحيله، قوياً جداً في ذاكرة العرب لأسباب مختلفة، أهمها أن ما من ممثل عربي تجاوز موهبته من قريب او بعيد. وجهه الأيقوني الأسمر الذي يطل علينا من عمق السينما المصرية، هزم الى حد كبير غيابه، وهو وجه يبدو الينا قريباً وبعيداً في آن واحد.

كان زكي كتلة من الموهبة والطموح وعدم الرضى والألم الوجودي المتغلغل في مسامات جلده. هذا كله ازداد عنده وبلغ الذروة في سنواته الأخيرة من حياته. طفولته في الزقازيق شمال مصر لم تكن سهلة، إذ عرف محنة العيش بلا أب، في عزلة تامة بعيدة عن حنان الام. حمل ندوب هذا العيش المضطرب فتحولت ألقاً وعبقرية وبحثاً أبدياً عن الكمال قبل أن يخطفه سرطان الرئة عن 56 عاماً (ونحو 56 فيلما!) وهو في عز عطائه.

منذ اطلالاته الاولى كان زكي من طينة الكبار، مهووساً بالكمال الى حد المرض، يمثّل برئتيه وأعصابه وشرايين قلبه، فينتج من ذلك أداء مكهرب مركب مشحون بهذا الغليان الذي اشتهر به الممثل وهتفت اليه قلوب الملايين في أنحاء العالم العربي. بيد انه كان يعمل على أدواره بحب واخلاص من دون أن يشعر بأن ما يفعله وظيفة بل هواية يمارسها باتقان وشغف. تهيأ لكل دور بالبحث والتنقيب ومراقبة السلوك البشري واطعام الفنّ بالواقع. بهذا المعنى كان ممثلاً ستانيسلافسكياً ومن اتباع مدرسة التمثيل المنهجي الاعظم الـ"أكتورز ستوديو".

في حديث مع جورج كعدي في "النهار" قبل رحيله بأربعة اعوام، فتح قلبه وقال: "ثمة ادوار تحتاج الى ان تتعرّف اليها، تقرأ عنها، تتأملها، تراها. والحياة مليئة بالشخصيات، بالأمزجة المختلفة، بالوظائف والاحلام والاحباطات والانكسارات والطموحات، وكلّ يتعامل مع هذه الامور على نحو مختلف. داخل الفنان قدرة على التقاط الاشياء، من غير ان يعي ذلك. يرى في نفسه مخزوناً من المشاهدات. أول امرئ يصطدم به هو نفسه. الممثل كائن متحرك، تجيش في صدره امور وتنتابه امور. يتفرّج على نفسه في المقام الاول. يتفرّج على كذبه قبل صدقه، على ضعفه قبل قوّته، وعلى إحباطاته وسعاداته، على الانسان فيه. لا يرى الانسان الا جانباً واحداً في شخصيته. على العكس، لو نظر الى مشاعره المتناقضة فقد يمنعه ذلك عن الكذب. لا ينظر البشر سوى الى الجانب الايجابي في شخصياتهم. اما الضعف والكذب والرغبات فانه لا يسائل نفسه حولها ولا يحاورها كي يشرع في التعامل مع ضعفه او كذبه. لو انطلق في التعامل الصادق مع نفسه لأبصر أموراً في الآخرين من الأبسط الى الاعمق، ولألفى نفسه يلتقط اصغر التفاصيل".

كان زكي يقدم اداء داخلياً متيناً محملاً أبعاداً بسيكولوية يذوب فيه بشكل كامل. ادرك منذ البدء انه ينبغي ارجاع الشخصية الى المكوّنات التي شكلتها، والظروف الاجتماعية التي افضت بها الى ما هي عليه. اهميته في انه أجاد اقتناص الأدوار التي تضع موهبته تحت الضوء، من دون أن يسقط في فخ النمطية. اضطلع بمختلف الشخصيات التي يعج بها المجتمع المصري، من المحامي الى الميكانيكي فمزيّن الشعر، قبل ان يتجاوز نفسه ويتحداها من خلال تجسيده الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات في فيلمين منفصلين، وهما شخصيتان قدمهما كل مرة بأمانة عالية واطلاع واسع على تفاصيل الشخصية المجسدة. عرف كذلك كيف يتعاون مع أفضل المخرجين في السينما المصرية طوال عقدين، وهؤلاء عرفوا كيف يوظفون طاقاته: يوسف شاهين، صلاح ابو سيف، رأفت الميهي، شريف عرفة، محمد خان، عاطف الطيب، داود عبد السيد، علي بدرخان...

عاش في القلق ونبذ النجومية العابرة والمجد الباطل منسحباً الى عزلته ووحدته ولائذاً بالسينما ليداوي بها علاقته المكلومة بالعالم. لم يعش إلا على الشاشة، ينزل الى الشارع ليتفرّج على نفسه والآخرين، ذلك انه كان يعتبر نفسه مواطناً مصرياً عربياً ينعكس عليه ما ينعكس على مواطن الشارع العادي من سلبيات وايجابيات وانكسارات. للأسف، لم يمهله المصير لاتمام احلامه كلها، جسد عبد الحليم حافظ، دوره الأخير، وهو على فراش الموت. ظل معطاء حتى اللحظة الأخيرة، لا تقود خطاه الا غريزة الحياة والخلق. كان يعتبر ان ما يطلع من القلب يصل الى القلب. لربما نسي ان يذكر ان ما يطلع من القلب يصل الى القلب ويقيم فيه اطول فترة ممكنة.

hauvick.habechian@annahar.com.lb

"الوادي" لغسان سلهب:

أرض شاسعة وأفق... لكن مسدود!

هـ. ح.

لا يتوقف "الوادي" لغسان سلهب من الدوران حول كوكب المهرجانات حاصداً جوائز عدة منذ عرضه في مهرجان تورونتو في أيلول من العام الماضي. أمر نادر في مسيرة المخرج اللبناني الكبير الذي لم يستطع دائماً الانوجاد في الصروح العالمية ومخاطبة الجمهور الواسع، وإن كانت أفلامه تستحق الانتشار والتقدير. أما في الداخل اللبناني، فمشاهدوه معدودون.

سلهب، هذا السينمائي الذي يرمي نظرة مستهجنة وفاضحة على محيطه، يقدم لما يسمّى "هابي فيو" أفلاماً صعبة، تسلخنا سلخاً عن السائد من الأعمال التلفزيونية الباهتة التي تعرضها الصالات المأجورة باعتبارها "الـ"سينما اللبنانية. منذ شريطه الأول، "اشباح بيروت"، اعتاد ان يضع اصبعه على الجرح. السوداوية والتمرد اللذان نجدهما في سينماه لا يوازيان الا الواقعية التي يصور بها بيروته، مدينة كئيبة ضاقت فيها آفاق العيش.

في أواسط سنوات الألفين، هذا ما كان يقوله لنا سلهب: "أنا كالأسفنجة. امتص الواقع الذي من حولي (...). اتجهت الى نوع مختلف من السينما. نوع لا يسهل الأمور على المشاهد. تماماً كرؤيتي للسينما. ولم اختر هذه الصيغة، لغاية مجانية، بل لأؤكد أن ثمة تركيبات سيناريستية مختلفة. اختياري لهذا النهج يعود الى حقيقة اننا في بيروت، يصعب علينا النظر الى محيطنا على نحو "خطي" ومستقيم. السينما أشبه بحوض قد يتجمع فيه كل ما يثير الرغبة والشغف. السينما ليست الحياة. والناس تتوقع من الشخصيات ان تتكلم كما تفعل هي في حياتها اليومية، لكن من دواعي الاسف القول ان الكاميرا والحياة شيئان متناقضان، والوجوه التي نراها على الشاشة ليست لأشخاص من لحم ودم، ولا تمت بعلاقة الى البشر. الحياة أشبه بالتراجيديا. وإذا قبلت بفكرة ان الحياة مأسوية فحسب، ففي ذلك الوقت تستطيع رؤية النور من داخل الظلام".

جديده "الوادي"، واحد من أكثر الأفلام الروائية اللبنانية المنجزة في السنوات الأخيرة، رصانةً وطموحاً واكتمالاً تقنياً، وكان ينقصه القليل القليل كي يزجّ به في قائمة التحف السينمائية. يبدأ الفيلم مع رجل (كارلوس شاهين) يخرج من المجهول. بعد نجاته من حادث سيارة على طريق نائية وسط وادي البقاع اللبناني المعزول، يصاب بفقدان الذاكرة، قبل ان يقع في يد مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في مزرعة محلية تُستخدَم كمرفق لإنتاج المخدرات.

بعد أفلام عدة في بيروت وعنها، يذهب سلهب الى مكان هو نقيض بيروت، متجهاً بكاميراته الى الأراضي القاحلة والمناطق البعيدة. فيلمه السابق، "الجبل"، لم تقع حوادثه في بيئة محددة كما هي الحال هنا، وكان من الممكن أن تدور في أي مكان. هنا البيئة حاضرة بقوة، ومشاهد الطبيعة تلقي بظلالها على مجريات القصة. بالنسبة إلى سلهب، السينما لقاء بين الزمان والمكان: "لم أرد ان يكون المكان الذي أصوّره ديكوراً أو مجرد مصادفة أو شيئاً يصلح للإفادة منه. المكان لي شيء له معنى. "الجبل" مثّل نقطة انطلاق: بطل الفيلم يغادر شقته في بيروت ويذهب الى العزلة البعيدة. يذهب الى اللامكان. في "الوادي"، نذهب الى "المكان" (مشدداً على الكلمة). فالرجل المصاب بفقدان الذاكرة في عزلة، لكنه في قلب المكان. وكما تعلم - خلافاً للأجانب الذين قد يجهلون هذه الحقيقة - البقاع ليس مجرد مكان. علماً أنني لم أنجز فيلماً عن البقاع، بل عن مكان في البقاع. البقاع مكان غريب جداً لأن هناك جبلين يمنحانك الانطباع بأنهما يحميانك، لكنهما في الوقت نفسه يشكلان مصدر تهديد. هذا ما أثار فضولي في الحقيقة. ثمة أرض شاسعة، ثمة أفق، لكنه أفق مسدود. كنت أريد أن يكون المكان وسيعاً، كي تتبلور فيه كلوستروفوبيا غريبة. اذا أردنا أن نقارن بين الفيلمين، صح القول إن "الجبل" كان بئراً. كان من الواضح منذ البداية أن البطل يريد أن يغلق على نفسه. هنا، أردتُ فيلماً مضيئاً. كان في إمكاني أن أصوّر بإضاءة خافتة، لكني لم أرد أن أسبق المشاهد وأحرق توقعاته. رغبتي كانت ألاّ أصوّر في مكان مغلق كي يتسنى لي اغلاقه تدريجاً".

كان سلهب يحضّر "الجبل"، عندما خطر على باله "الوادي". كان يكتب المشهد الأخير لـ"الجبل"، بعدما عزل نفسه في منطقة عيون السيمان. يروي: "كنت أنظر الى الثلج، وأنا أعلم أنه لن تكون هناك الا خطوات. قد تقول كان في إمكاني أن أكتب في أي مكان، وأن تسأل لمَ ذهبتُ الى هناك. ربما لأنني لستُ مخرج ستوديوات بل أحتاج دائماً الى مكان. فالمكان يمارس عليّ تأثيراً كبيراً ولا يقتصر تأثيره في الشخصيات فحسب. عندما أكتب أذهب الى الأماكن. منذ فترة طويلة، كانت في مخيلتي حكاية شخص يفقد الذاكرة جراء حادثة يتعرض لها، فنراه يمشي في طريق يعبرها عدد قليل من السيارات. من هنا، ولدت الحكاية. مصدر هذه الحكاية يأتي من علاقتي بفكرة التهديد التي نحن عرضة لها. التهديد أسوأ من الكارثة. فالكارثة إن حلت، تكون قد حلت وهي أحياناً تشكل خلاصاً (أبالغ قليلاً، فلا أحد يبحث عن الحرب والتقاتل الأبديين). ما أقوله هنا إن الكارثة يسهل القبول بها كشيء حصل. التهديد تآكل، تآكل يومي. اذاً، كنت في عيون السيمان، في هذا المكان الهادئ. حتى الارسال لا يصل اليها أحياناً، ما يعني أنك بعيد من كل مصدر ازعاج. الغريب أنني شعرتُ بالتهديد في هذا المكان الذي يتسم بالهدوء والسكينة. لم أشعر بتهديد يُمارَس تجاهي. كان مثل بخار يتصاعد. شعرتُ أنه بعيد، لذا كان ثمة احساس بأنه قريب. من هذه العناصر، تشكل الفيلم تدريجاً. ليس هناك دائماً سبب يجعلنا ننجز فيلماً ما. البعض لديه سبب واضح، قد يكون عذاباً شخصياً. لستُ منهم. الأشياء عندي مصدرها حوادث أتعرض لها، رجل يمشي، الخ...".

يقدم سلهب هنا فيلماً أشد سوداوية من أفلامه السابقة. فيلم يكاد يكون سادياً. يقول مخرج "أرض مجهولة" انه ليس سادياً، لكن الحوادث التي بتنا نعيشها سادية بامتياز: "لا تنسَ أنني أنجز فيلماً في لبنان وليس في مكان مجرد. هذا التهديد الذي لا ينتهي وينطوي على مفارقات عدة، هو السادية عينها. لا شكّ أن هذا فيلمي الأكثر سواداً وتشاؤماً. لذا كنت أريد صورة مضيئة. لم أكن أريده شبيهاً بالأفلام التي تضعك في العتمة منذ البداية. صديق لي من الثمانينات، كان ينظر الى السماء ثم الى البحر، ويقول: "انظر الى هذا الطقس كم هو رائع، على رغم الدمار والخراب من حولنا". الجملة هذه ظلت معي طويلاً. أن تجري فصول التراجيديا عندنا في ظلّ هذا الطقس البهي، هذا ليس بالأمر القليل".

"مدرسة بابل" يفتتح "شاشات الواقع"

"مدرسة بابل" للمخرجة الفرنسية جولي برتوتشيللي يفتتح مهرجان "شاشات الواقع" في "متروبوليس" من 12 الى 21 الجاري. يضم النشاط مجموعة أعمال مشوقة أهمها آخر أفلام المخرج الأميركي فريريدريك وايزمان، معلم السينما الوثائقية.

بعد مجموعة أفلام روائية مهمة، أبرزها "الشجرة" (2010)، الذي نال استحساناً لدى النقاد، تأتينا برتوتشيللي بفيلم عن مهاجرين جاؤوا الى فرنسا ليبنوا فيها حياة جديدة. ايرلنديون، وصربيون، وبرازيليون، وتوانسة، وسنغاليون، كل هؤلاء في المجتمع الصغير الذي تؤفلمه برتوتشيللي. طوال عام كامل، واكبت تحركات هؤلاء التلامذة الذين تتراوح اعمارهم بين الـ11 والـ15 سنة، فاجتمعوا كلهم في صف مخصص للوافدين من بلدان أخرى. الهدف: تعلم الفرنسية. داخل هذه الصومعة، تتفجر المواهب، وتكشف البراءة عن اسرارها. حيوية المراهقين وتناقضاتهم تجعل المشاهد يعيد النظر في الكثير من المسائل المتعلقة بالشباب والتكيف الاجتماعي، في بلد مثل فرنسا حيث هذا الموضوع هو مادة لأخذ وردّ مستمرين بين المتعاطفين مع الهجرة ومناهضين لها. الأهم في هذا الفيلم ان برتوتشيللي تعود الى اول اهتماماتها، الوثائقي، يوم انطلقت في السينما. يذكّر الفيلم بـ"بين الجدران" للوران كانتيه الحائز "السعفة الذهب"، عام 2008. نحن أمام فيلم فرنسي، تغرق معاناته في النقاش الدائر حالياً في أوروبا حول الهجرة، علماً ان برتوتشيللي تنحاز دائماً الى الطرح الانساني، بغض النظر عن الانتماء. فيلمها هذا، على الرغم من الاشكاليات التي يثيرها، يراهن على الأمل ويمنح الشباب الحيز الأهم في صناعة المستقبل.

النهار اللبنانية في

09.04.2015

 
 

مهرجان القاهرة السينمائي يستعد لدورة جديدة طموحة

يحتاج إلى سينما تخرج من صناديقها

لوس أنجليس: محمد رُضــا

صدر في الأسبوع الماضي قرار مثير للاهتمام عن مهرجان القاهرة السينمائي الذي ترأسه الناقدة ماجدة واصف. يقضي بتسمية الجائزتين الممنوحتين لأفضل ممثل ولأفضل ممثلة باسمي ممثلين معيّنين، كما هو الحال في بعض أهم المهرجانات الدولية. والممثلان المعنيان هما فاتن حمامة، التي سيُطلق على جائزة أفضل ممثلة اسمها، وجائزة أحمد زكي، الذي سيُمنح اسمه لجائزة أفضل ممثل.

القرار جيد بحد ذاته. كل من أحمد زكي وفاتن حمامة هما أكثر من ممثلين عبرا سماء السينما العربية والمصرية خصوصا. الأول كان نجما يمكن التمثّل به في موهبته واندفاعه لتشخيص الدور الذي يقوم به، والثانية أيقونة بين ممثلات السينما العربيات جميعا، وتاريخها الطويل في المهنة لا يجب أن يمر هكذا بعد رحيلها كما لو كان الرحيل هو مجرد إضافة لتراكمات الأمس كما هو الحال عادة مع الشخصيات الفنية الأخرى في العالم العربي بأسره.

* دول منتجة

* بدوره يحمل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي ستنعقد دورته الـ37 ما بين الحادي عشر والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) هذا العام، أسم «وزارة الثقافة»، أكثر وزارات الثقافة العربية والأفريقية نشاطا، كما بالنسبة لتعدد مناسباتها وأدوارها في المشهد الثقافي والاجتماعي المصري. هي تطبع كتبا وصحفا أدبية وثقافية وفنية، وتدير قصورا للثقافة تمتد عبر البلاد، كما تقيم مهرجانات ومعارض تشمل كل الفنون؛ من الرسم إلى الموسيقى والكتب، وفن الغرافيكس إلى الرقص المسرحي الحديث وفن الخزف وسواه.

السينما تأخذ حيّزا مهما من هذا البرنامج المتعدد؛ فالمهرجانات تقيم وترعى مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، ومهرجان سينما الطفل الدولي، كما مهرجان القاهرة السينمائي الذي هو واجهة البلاد السينمائية.

كذلك كان يمكن له أن يكون واجهة المهرجانات العربية السينمائية. بكلمات أخرى، كان يمكن له أن يزاول دوره كأهم مهرجان سينمائي يُقام في العالم العربي. المشكلة ليست فيمن تولاه في العامين الأخيرين (الناقد سمير فريد والناقدة ماجدة واصف حاليا) فهما من أفضل ما يمكن الحصول عليه من خبرات وعقول في هذا المجال، بل في الوضع القائم خارج نطاقه وسيطرة المهرجان ذاته.

في أفضل مراحله، تلك التي شهدت رئاسة الراحل سعد الدين وهبة له في السبعينات وجزء من الثمانينات، كان حال السينما المصرية أفضل بكثير من حالتها هي. لم يكن ذلك فعلا «صدفيا» على الإطلاق. مهرجانات السينما الكبرى تنطلق في عواصم ومدن تقع ضمن حزام من الإنتاجات المحلية والمشتركة. هذا هو حال برلين وفينيسيا وكان وتورونتو وبوسان الكوري وسان سابستيان الإسباني ولندن والمهرجانات الأميركية الأولى مثل نيويورك وسان فرانسيسكو وترايبيكا وصندانس وبالم سبرينغز. كل هذه المدن تنتمي إلى دول منتجة ومنتجة بغزارة، مما يتيح لها أولا إفادة السينما المنتجة داخل كل منها، على جانب، وجذب الأفلام الرئيسة والمهمّـة من حول العالم إليها.

مهرجانا أبوظبي ودبي يكادان يكونان استثنائيين في هذا المجال. فبينما لا أحد ينكر «دوليّـتهما» وحجمهما الكبير وقدرتهما على الاستقطاب، إلا أنهما يقعان في محيط لا يزال، نسبيا، جديدا على إنتاج الأفلام والسوق التجارية فيه مرتهنة للموزعين الذين عادة لا يرحّبون بأي تغيير يُطلب منهم لتشجيع السينمات محلية كانت أو عربية أو حتى أفلام أجنبية، ما لم تكن أميركية (ونوعا محددا منها على أي حال).

* الوضع الراهن

* المقصود قوله هنا هو أن قوة مهرجان القاهرة كمن سابقا، وسيبقى دائما مناطا بقوّة السوق الإنتاجية المصرية. السبعينات كانت مثالية في نشاطها السينمائي: جيل يوسف شاهين وعاطف سالم وكمال الشيخ وصلاح أبو سيف وسعد عرفة كان لا يزال نشطا وجيل كمال حسين وأشرف فهمي ومحمد خان وعاطف الطيّب وسعيد مرزوق كان بدأ يستعد أو ينطلق.

الإنتاج السينمائي المصري كان يوحد الجمهور العربي في كل مكان بلا منازع. كان موازيا في حضوره للسينما الأميركية، وكان في رواجه متقدّما عليها في كثير من العواصم العربية.

التراجع، ولأسباب لا مجال لذكرها هنا، بدأ في النصف الثاني من الثمانينات وإن ليس بالكمّ أولا بل بالنوعية. على ذلك، بقيت السينما المصرية قادرة على النفاذ من حصار الوسائط التقنية الجديدة (آنذاك)، وفي مقدّمتها أشرطة الفيديو. في التسعينات، ومع مطلع هذا القرن، تراجع حضور الأفلام العربية في العواصم وإن لم يختفِ مطلقا، لا آنذاك ولا اليوم. هذا الحضور هو المنطلق الممكن لاستعادة زمام المبادرة فيما لو تم إيقاف التدهور الحاصل في نوعية الأفلام المنتجة ورسم خارطة لأهداف جديدة يمكن من خلالها تنشيط الصناعة السينمائية وحمايتها من المغامرات الإنتاجية السريعة.

الجانبان الرسمي، المتمثل بوزارة الثقافة، والخاص، المتمثل بشركات الإنتاج والتوزيع، يستطيعان معا رصد نقاط الضعف في الوضع الراهن للسينما المصرية ومعالجتها طالما (وهذا هو الشرط الصعب) أنهما قادران على الخروج من متاهة تكرار المناهج السابقة. بعض هذا الخروج عليه أن يتعرّف لا على الموانع فقط، بل على ما يجعل الصناعات السينمائية في بعض دول أوروبا نشطة وناجحة، رغم وسائط العرض المختلفة التي غزت الأسواق وحوّلت جانبا كبيرا من الجمهور إليها. المؤكد، حتى بالنظر إلى نجاحات أفلام مصرية حاليا مثل «يوم ما لوش لازمة» و(قبل حين) «الجزيرة 2» (كل منهما تجاوزت إيراداته العشرة ملايين جنيه مصري)، أن الجمهور ما زال موجودا، والجزء المختفي منه لا يمانع في العودة إلى الصالات الكبيرة إذا ما أدرك أن الأفلام باتت، أخيرا، تعترف له بأنها أخطأت في حقه عندما فرضت عليه النوع الواحد من الأفلام.

آنذاك يمكن، تلقائيا، تحرُّك قطار المهرجان بوقود جديد. ما حدث في العام الماضي هو إعادة تشغيل المهرجان بعد فترة توقف لا ريب أضرّت به خصوصا أن السنوات القريبة لهذا التوقف كانت تعيش فقط على أوهام الأمس والتاريخ. بالتالي، إذا ما تم إيقاف الربط بين مهرجان القاهرة والسياسة السياحية من ناحية والأمنية من ناحية ثالثة خلصنا إلى عهد جديد على المهرجان فيه أن يقف على قدمين ثابتتين تخصّانه. على صعوبة ذلك، إلا أن البدء بتنظيم البيت السينمائي في مصر بمنأى عن أي غرض آخر سوى استعادة نشاطه السابق وتعدد أنواعه ونوعياته، سيقود بلا ريب إلى ضخ النجاح في شرايينه.

لم يكن التقصير في من تولاه بعد ثورة يناير. سمير فريد كان الشخصية المثالية لمثل هذه الإدارة، وليس العيب فيمن تولته الآن؛ فالزميلة ماجدة واصف لديها الخبرة ذاتها التي لسمير فريد، وتعرف ما تريد وكيفية تحقيقه. التقصير كان دائما في بعض من ترأسه سابقا، كما في المحيط الصناعي والفني المحيط، وتحوّله إلى مناسبة تنـفّذ بقرار، لأنها عليها أن تبقى عوض أن تبقى وتتطور.

طبعا هناك ما يمكن عمله ضمن المهرجان نفسه، وفي مقدمة ذلك خلق حوافز للسينمائيين المحليين والواردين من الخارج. بما أن السوق المصرية محدودة القدرات بالنسبة للمنتجات الأوروبية، فإن المقترح الممكن هو تحقيق حوافز لاستقطاب المواهب العربية، كما كان الوضع سابقا.

الاحتفال نفسه عليه أن يبقى كبيرا، لكن في حدود التنظيم والمشاركات والفاعليات، وليس في أي شكل استعراضي ينقل زواره إلى مواقع أثرية في حفلتي الافتتاح والختام. هو مهرجان للسينما، وعليه أن يبقى على هذا النحو، وأن تنبع نجاحاته من هذه الحقيقة.

مفكرة

* قبل التصوير:

* بعد أن تم للسينما نقل «خمسون درجة من اللون الرمادي» تنتقل شركة «يونيفرسال» قدما لإنتاج جزء لاحق من رواية الكاتبة إ. ل. جيمس وعنوانها «خمسون ظلا أكثر دكانة» Fifty Shades Darker. داكوتا جونسون ستعيد لعب دور البطولة لكن لم يتم تعيين المخرج بعد.

* في التصوير:

* يقوم المخرج الفرنسي توماس فنسنت بتصوير «الحياة الجديدة لبول سنايدر» في ربوع مقاطعة كوبيك الكندية. الفيلم مقتبس عن رواية لجان - بول دوبوا والبطولة لتييري لرميت الذي رشح لجائز أفضل ممثل في العام الماضي عن دوره في «الوزير الفرنسي».

* بعد التصوير:

* المخرج السويدي توماس فنتربيرغ انتهى من تصوير «بعيدا عن الحشد المجنون» Far From the Madding Crowd لحساب محطة BBC البريطانية. البطولة لكاري موليغن. سبق لرواية توماس هاردي هذه أن تحولت إلى فيلم من بطولة جولي كريستي.

المشهد:

تعال نموّل فيلما لسبيلبرغ

* ذات مرّة طلبت مني مؤسسة تجارية عربية دخلت ميدان الإنتاج قبل فترة وجيزة، استطلاع رد فعل الاستوديوهات الأميركية الكبرى والمتوسّـطة فيما لو اقترب المال العربي منها لتمويل مشاريع محددة.

* كان ذلك سنة 2006، قبل نحو عام واحد من قيام المخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ بإنشاء حلف مع مؤسسة سينمائية هندية وضعت تحت تصرّفه نصف مليار دولار، لاستخدامها كيف يشاء. وهو استخدمها كيفما شاء بالفعل وموّل بها أجزاء من مشاريعه منذ ذلك الحين، ومن بينها «حصان الحرب» و«مغامرات تان تان».

* في ظل الأوضاع السياسية العربية فإن الجواب شبه معروف، وهو من نوع التمعّـن بوجه المتحدث والتساؤل عما إذا كان يعني ما يقول أو يمزح. أحدهم، كان منتجا كبيرا يوما اشتغل مع فرنسيس فورد كوبولا على الجزأين الأولين من «العراب»، وقال لي: «المسألة هي إذا ما كان أصحابك يعلمون أن شروط اللعب هنا تختلف عنها في بلادكم»، سألته عما يقصده، فأوضح: «أقصد أنه في بلادكم تحققون الفيلم الذي تريدونه

الذي يحمل رؤيتكم أو وجهة نظركم أو سياستكم

هنا لا تستطيعون فعل ذلك».

* ألان هورن كان رئيس استوديوهات «وورنر» إلى حين قريب. بعد ذلك تولّى رئاسة الإنتاج في «ديزني».. التقيت به في مهرجان تورونتو في سبتمبر من العام ذاته في حفلة.. وبما أنني عضو في «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب»، وبما أن تلك العضوية تفتح لك أبوابا مغلقة، فقد وجدت نفسي على الطاولة ذاتها معه، ولو لربع ساعة انسحبت بعدها لأجلس إلى طاولة المخرج أندرو ديفيز حينها.

* هورن قال بشكل مباشر: «نحن نرحّـب بأي تمويل من أي مكان لكن عليه أن لا يكون مشروطا».

وحين سألته: ما طبيعة هذه الشروط التي يراها؟ قال: «سياسية بالدرجة الأولى»، أطرق قليلا ثم أضاف: «هوليوود تفتح أبوابها لأي ممول أجنبي يعرف قواعد هذه الصناعة، وإذا كان يعرفها فإنه سيأتي بلا أجندة سياسية أو أي أجندة خاصّـة أخرى».

* الكلام واضح لكنه ليس جديدا. وحين قابلت مسؤول الشركة العربية هز برأسه موافقا، ولو أن هذه الموافقة لم تثمر أفلاما عالمية إلى الآن. وحتى اليوم لم يتغيّر الوضع. تستطيع أن تنضم إلى النادي الدولي لصانعي السينما، ومقرّه الرئيسي هوليوود أو إلى أي فرع آخر له في مدريد أو باريس أو لندن أو استوكهولم، طالما أنه ليس لديك ما تريد النفاذ عبره لتحقيقه خارج الفيلم. رسالة سياسية أو دينية أو من أي نوع. إذا ما فعلت ذلك وجدت نفسك «تلعب مع الكبار».

* أخيرا قام عدد من رجال الأعمال العرب بمغازلة موضوع تمويل أفلام أميركية (من جديد، لأن سواهم سبق له أن حاول وبعضهم نجح) لكن نافذتهم كانت تقوم على دفع مليون واسترجاع مليونين. أرادوا من المنتج الأميركي أن يضع في دفاتر حساباته أنه تلقى خمسة ملايين بينما لم يزد المبلغ المدفوع عن مليونين ونصف المليون، على أن يسترد رجال الأعمال خمسة ملايين، بالإضافة إلى ما قد ينجزه الفيلم من أرباح. «يا شاطر كان غيرك أشطر».

شاشة الناقد

* Furious 7 (**)

* إخراج: جيمس وان | أدوار أولى: فن ديزل، دواين جونسون، جاسون ستاثام، بول ووكر (الولايات المتحدة)

* سجل هذا الفيلم في افتتاحه نحو 400 مليون دولار عالميا. لا ضيم في الإثارة الحسيّـة ولا في تسلل مشاهد تفتقر إلى المنطق، لكن أن يتمخض العمل عنها فقط، فإن ذلك لا يعكس سوى قصور عن تقديم عمل يمكن أن يكون أكثر رقيا من مجرد تراكم المشاهد الكبيرة التي تسعى لأن تتجاوز ما سبقها في أفلام السلسلة ذاتها على الأقل. في الواقع، كل هذه المشاهد المتدافعة، لجانب حكاية مليئة بالثغرات، تدفع إلى الملل بعد حين، وليس إلى التقدير.
*
While We›re Young (***)

* إخراج: نواه بومباخ | أدوار أولى: بن ستيلر، ناوومي ووتس، أماندا سيفرايد (الولايات المتحدة)

* جوش (ساندلر) مخرج أفلام تسجيلية صرف ثماني سنوات وهو يحضّر لفيلم جديد. لكن الواضح أن إخفاقه في تحقيقه لا يعود إلى الظروف وحدها، بل ينتسب إليه وظروفه الخاصة. مثل بطل مسرحية إبسن «الباني المعلّم» (The Master Builder)، كبر وهو لا يزال محافظا على المفاهيم ذاتها التي اكتسبها لدرجة أن صدامه اللاحق مع مفاهيم جديدة يوعز بها مخرج شاب (أدام درايفر) تودي به إلى إدراك إخفاقه. هناك حبكة معقدة تتعدد خيوطها، لكن بومباخ ينفذ منها إلى رسم نيويورك محبطة بطموحات أبنائها وليس بنجاحاتهم.

*Altman (***)

* إخراج: رون مان | تسجيلي (الولايات المتحدة)

* إنه عن روبرت ألتمن المخرج الذي انطلق في أواخر الخمسينات بعد تعرض محاولته الأولى لدخول صناعة السينما للإخفاق. ألفرد هيتشكوك شاهد بعض أعماله التسجيلية المبكرة ودعاه لإخراج بضع حلقات من مسلسله «هيتشكوك يقدّم»، وهذا قاده للعمل في التلفزيون لسنوات قبل الفكاك من أسره إلى السينما حيث أنجز عشرات الأفلام التي تلقفها النقاد بإعجاب شديد. الموضوع يستأهل الفيلم، كذلك روبرت ألتمن كونه واحدا من أفضل مخرجي الأمس القريب في أميركا، ومن أكثرهم حبا للنقد والسخرية. لكن الفيلم لا يضيف جديدا لافتا، ولو أنه يبقى ضمن صياغة الفيلم الناجح في استيفاء شروط الموضوع.

*: لا يستحق | ** : وسط | ***: جيد | ****: ممتاز | *****: تحفة

DVD

* Yoso (****)

* إخراج: تاينوسوك كينوغازا | أدوار أولى: المهدي بن سالم، بريجيت ميرا (ألمانيا)

بعد عشر سنوات على تحفته «بوابة الجحيم» قام كينوغازا، سنة 1963. بتحقيق «يوسو» (أو «الساحر البرونزي») الذي يدور أيضا في صرح تاريخي بعيد. ليس فيلم ساموراي، لكنه عمل روحي وأدبي معبّر عنهما سينمائيا بإجادة كانت مشهودة له، كما لعدد كبير من مخرجي السينما اليابانية الكلاسيكيين. حكاية ناسك بوذي ينقذ ملكة من الموت، لكنها تطلب منه أن يعتق روحانياته للبقاء لجانبها، هذا في الوقت الذي ينتشر فيه الفساد مهددا حياتهما. كل مشهد هو لوحة في أفلام كينوغازا، وهذا من أكثرها تعرضا لإهمال النقاد.

*: لا يستحق | ** : وسط | ***: جيد | ****: ممتاز | *****: تحفة

الشرق الأوسط في

09.04.2015

 
 

«شواهد صامتة».. ثنائية النصب والأحداث السياسية في العراق

كاظم مرشد السلوم

 واحد من الأفلام الوثائقية المهمة التي عرضت في أيام السينما العراقية، هو فيلم المخرج حيدر موسى دفار “شواهد صامتة”، أهمية هذا الفيلم تأتي من خلال استعراضه لمجموعة من النصب والتماثيل الموجودة في بغداد، مبيناً كذلك تاريخ وحكاية وضعها في شوارع بغداد وساحاتها والأحداث السياسية التي جرت بالقرب منها.

العنوان والحكاية

يشكل عنوان الفيلم روائياً كان أم وثائقياً مدخلاً للولوج إلى المتن الحكائي له عبر وسطية التعبير “الصورة” واختيار عنوان “شواهد صامتة” يحيل المتلقي إلى الربط بين النصب والتماثيل والأحداث التي مرت بالعراق، سياسية واقتصادية واجتماعية، فنصب الحرية لجواد سليم، كان شاهداً على الكثير من الأحداث التي جرت في ساحة التحرير، الساحة التي يرتفع النصب فيها. مثل تعليق الجواسيس الذين تم إعدامهم بتهمة العمالة للصهيونية، كذلك رمي الجدارية بالرصاص من قبل الحرس القومي يعدّ جواد سليم شيوعي وانه صمم النصب من أجل عبد الكريم قاسم كما يقولون، فهل وفق حيدر دفار، في إبراز هذه الثنائية أو العلاقة بين النصب والتماثيل وبين الأحداث التي جرت؟

ابراز العلاقة بين النصب والأحداث يحتاج إلى بحث تاريخي، يحقق ذلك، الفيلم اشتغل على هذا، لكن ليس بالتفصيل الكامل والمركز وأعني هنا، الاختزال المكثف، لكن النص الذي كتب للفيلم، واضح انه مأخوذ من الانترنيت وبنحو مستعجل، بدليل إغفال الكثير من الأحداث التي مرت بالقرب من النصب البغدادية والتي كانت شاهدة عليها، وبذلك ابتعد عن الثيمة التي اشتغل عليها الفيلم بدلالة عنوانه “شواهد صامتة”.

حيدر اشتغل على موضوع ازالة بعض النصب المهمة في بغداد، بسبب تغير الأنظمة السياسية، وركز على إزالة نصب المسيرة في ساحة علاوي الحلة، وفاته أن يذكر حادثة إزالة نصب الجندي المجهول السابق الذي كان موجوداً في ساحة الفردوس والذي أزاله النظام السابق واستبدله بنصب فخم لخالد الرحال في كرخ بغداد على حافات متنزه الزوراء، المرور على هذه الحادثة مهم، خصوصاً وان النحات رفعت الجادرجي قد أيقظ من نومه لكي يشاهد بعينه إزالة نصبه بعد أن شاهده يرتفع قبل سنين مضت والسبب هو ان هذا النصب قد أنجز في مدة عبد الكريم قاسم بعد ثورة تموز 1958، ذكر الحادثتين كان يمكن أن يوفر توازناً للفيلم، حتى لا يحسب على مخرجه الانحياز وهو ليس كذلك بالتأكيد.

لا أدري لماذا جعل حيدر دفار الفيلم يذهب باتجاه آخر، لا علاقة له به، وهو سؤال بعض الأشخاص البسطاء عن معرفتهم ببعض النصب وبعض الشخصيات بطريقة كوميدية، كان يمكن أن تكون حكاية مستقلة لوحدها.

الاشتغال

حيدر دفار مصور محترف، يجيد تحريك كاميرته بنحو جميل، وهذا ما فعله في فيلمه، الملاكات كانت محسوبة بدقة، ولو إن تأثيث بعض الأماكن لم يكن بالمستوى المطلوب، حتى لو كان الفيلم وثائقياً، فبالإمكان الاعتناء بالملاك، وهذا واضح في حديث بائع الصحف عن جدارية فائق حسن.

في المقابل فقد رسم حيدر كوادره بدقة وجمالية عالية خصوصاً في المقابلات التي أجراها مع عدد من أهم التشكيليين العراقيين، حيث استفاد من جمالية نصب الشهيد والفضاء الذي يحتويه، لكن لا أدري لماذا أصر على أن يعرض لقاء بعد لقاء من دون الرجوع إلى موضوع الفيلم واستعراض النصب؛ لإتاحة فرصة للمشاهد أن يستوعب ما يقوله المتحدث، وبعض منظري السينما الوثائقية، يعدون عرض لقاء بعد آخر مباشرة، خطأ فني كبير، كذلك ثمة اشتغال مهم في مثل هذه اللقاءات وهو دخول الصوت قبل الصورة، أي نستمع إلى صوت الضيف قبل القطع بمعنى مع المشهد الذي يسبقه وما زلنا فيه، وننتقل كذلك من الضيف الى المشهد الذي يليه مع بقاء صوت الضيف، الأمر الذي يخلق نوعاً من الإنسانية الإخراجية الجمالية.

السينما الوثائقية أكثر قدرة على تزييف الواقع من الأفلام الروائية” هذا ما ذكرته في كتابي “سينما الواقع دراسة تحليلية في السينما الوثائقية”؛ لأن بالإمكان التلاعب بالوثيقة على وفق الإسقاط الفكري والأيديولوجي لجهتى إنتاج الفيلم أو مخرجه. وهنا تكمن خطورة السينما الوثائقية.

حيدر دفار كان يمكن أن يمرر الكثير من الأفكار أو الرسائل، الشفرات التي يريد، لكن هذا لم يحدث في الفيلم، بل جاء الفيلم محايداً واشتغل على قدر ما يعنيه عنوانه “شواهد صامتة”، وبالتأكيد ليست جميع الرسائل أو الأفكار سيئة، فالإهمال وعدم الاهتمام، وربما رفع بعض النصب في بعض مدن العراق بعد التغيير، تحتاج إلى أن نمر عليها من خلال فيلم حيدر دفار أو غيره.

شواهد صامتة، فيلم مهم ضمن سجل الأفلام الوثائقية العراقية، يثبت إن مخرجه حيدر موسى دفار، يمكن أن يتخصص في إخراج هذا النوع من الأفلام، في حال توافره على ملاك عمل بحثي وفني يسهم في تقديم أفلام تؤرخ للكثير من الأحداث التي مرت وتمر في العراق كل يوم.

عن الفيلم: الإخراج: حيدر موسى دفار، كتابة النص: فاضل محسن، قراءة النص: رائد محسن، موسيقى: أنور أبو دراغ، إضاءة: حيدر زهراوي.

الوطن الجزائرية في

09.04.2015

 
 

وليد سيف:تأجيل مهرجان الإسماعيلية إلي أكتوبر المقبل بسبب مشروع القرن

حوار:محيي الكردوسي

بعد شهور قليلة من توليه رئاسة المركز القومى للسينما التابع لقطاع الإنتاج الثقافى أعاد الدكتور وليد سيف الحياة لحركة الإنتاج السينمائي بالإنتهاء من ثمانية أفلام قصيرة إضافة إلي الملاحقة الوثائقية لمشروع حفر قناة السويس الجديدة سينمائيا ومسابقة دعم الأفلام.

ومؤخرا بدأت عروض مركز ثروت عكاشة للفنون المعطل منذ سنوات,عن هذا الموقع الثقافى وأنشطة المركز الجديدة،بينما خاض سيف معركة كبيرة من أجل إقامة مهرجان الاسماعيلية السينمائي في موعده شهر يونيو المقبل لكن مشروع القرن"حفر قناة السويس"حال دون ذلك.

وحول عدم إعلان الموعد الجديد لمهرجان الإسماعيلية السينمائي والعقبات التي يواجهها؟قال الدكتور وليد سيف نعاني تزايد عدد المترددين على فنادق الإسماعيلية بسبب تدفق الشركات المصرية والعالمية المشاركة في مشروع حفر قناة السويس ولهذا رأينا التأجيل لشهر أكتوبرالمقبل دون تحديد يوم بعينه وأمام الحماس الشديد والدعم الكامل من سيد خاطر رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة،نسعى لتدبير مقر لإقامة المهرجان سوف نعلن عنه قريبا مع تحديد الموعد الجديد بالتنسيق مع أجندة المهرجانات المصرية والعالمية.

مركز ثروت عكاشة

وعن مركز ثروت عكاشة وبدء نشاطاته،أوضح أن لدي المركز خطة متنوعة الأنشطة بدأت بعروض الأفلام الفائزة بالمهرجان القومى ثم بفيلم "عالم شادى عبد السلام "للمخرجة نبيهه لطفى وهو أحدث إنتاج للمركز وبدأ الإعداد لورش للأفلام التسجيلية والقصيرة.

ولفت إلى أن شروط التقدم لورشة تطويرالسيناريوالتي تم الأعلان عنها مؤخرا،تقضي بأن من حق أي شخص التقدم لها والهدف منها هو مساعدة الكتاب المبتدئين علي تطوير أعمالهم وعلاج ما يواجههم من مشاكل أثناء الكتابة وتعديل سيناريوهاتهم,والإرتقاء بمستوى السيناريو عبر جيل جديد لديه رؤى وأفكار وأساليب ولغة جديدة ليستفيد من خبرات أجيال سابقة بالحوار والتجربة ودون توجيه أو إلزام أو وصاية.

وبشأن مواعيد الورش والمشرفين عليها،قال "سوف تبدأ في منتصف هذا الشهر بعد أن الانتهاء من تلقى أول مجموعة من الأعمال وسيشرف على الورشة مجموعة من كبار الكتاب والأكاديميين والنقاد إضافة إلي فنانى المركز القومى للسينما من مخرجين وكتاب سيناريو وسيتولى الكاتب محمد الباسوسى الإشراف على النشاط فور إنتهائه من مسلسله الجديد".

وعن إلتزام المركز بإنتاج هذه الأعمال التي سيتم تطويرها بالورش،كشف عن أن هدف الورشة تعليمى في الأساس ولكن سوف يتم إختيار بعض الأعمال المتميزة لتنفيذها ضمن ورش الأفلام القصيرة  والتسجيلية بعد عرض ميزانياتها علي الدكتور سيد خاطر رئيس قطاع الإنتاج الثقافي،وهي نفس التجربة التي بدأنا نحققها من خلال وحدة دعم أفلام الشباب فلجان التحكيم لاتكتفى بالقراءة ولكنها تحاور الكتاب وتحاول أن تساعدهم على تطوير أعمالهم عبر النقاش وبحالة من التواصل المباشر.

وحول دور هذه الورش فى حل أزمة السيناريو،أكد أنها توفر مناخا صحيا للأجيال الجديدة من الكتاب الجادين عبر ثقافة الحوار وأيضا بإعداد سينماتيك سوف يتيح لهم مشاهدة أفلام مختارة ومتميزة وأيضا من خلال عروض الأفلام سواء في القاعة الكبيرة أوالصغيرة.

ثقافة سينمائية

وعن دوره في دعم الثقافة السينمائية لجمهور السينما العريض،قال إن قاعة ثروت عكاشة مخصصة للأعمال راقية المستوى ولكننا سوف تبدأ في شهر يونيو القادم عروض الشاشة الخارجية الصيفية في الهواء الطلق وسيعرض خلالها أفلام متنوعة ترضى جميع الاذواق وسوف يحيل من خلالها مركز ثروت عكاشة إلى منتدى لكل محبي السينما, مشيرا إلى أن مركز الثقافة السينمائية بوسط البلد يتبع المركز القومي والذي أصبح يلقى إهتماما كبيرا بأفلام الشباب والأعمال الجديدة.

وحول الخطط الجديدة للمركز القومى للسينما بعد لقاء وزير الثقافة عبد الواحد النبوى،كشف عن أن هناك تكثيفا لنشاط وحدة الملاحقة الوثائقية لمتابعة المشروعات الوطنية الكبرى والتركيز على أفلام الطفل ومشروع الأفلام التراثية.

وأضاف أن هناك إهتماما كبيرا من قبل وزير الثقافة بمسابقة الدعم القادمة بتوفيره ميزانية مناسبة لتنفيذ عدد أكبر من الأفلام حتى تقوم الدولة بدورها في تحسين مستوى المنتج السينمائي وتدعيم السلعة الجيدة لطرد السلعة الرديئة والنهوض بذوق المشاهد.

بوابة روز اليوسف في

09.04.2015

 
 

وليد سيف: 90 فيلمًا فى «الإسماعيلية»

كتبت - آية رفعت

قال د. وليد سيف رئيس مهرجان الاسماعيلية الدولى للسينما التسجيلية الروائية القصيرة أنه وافق على تأجيل موعد المهرجان إلى شهر أكتوبر المقبل بدلا من انعقاده فى موعده الاصلى بشهر يونيو حيث ذكر: إن المشاكل الامنية والتزاحم المتواجد بمدينة الاسماعلية حاليا لا يمكن اقامة المهرجان معه.. وأضاف قائلا: «كنت أرفض فى البداية فكرة تأجيله ولكن المشكلة التى واجهتنا هى عدم وجود أماكن وفنادق متاحة للاقامة بالحافظة للضيوف وإدارة المهرجان والصحفيين وذلك لأن اغلب الشركات الداعمة لمشروع قناة السويس الجديدة قامت بحجز اغلب الفنادق فى محافظات السواحل. مما جعل من الصعب اقامة فعاليات المهرجان إلا بعد افتتاح القناة بأول شهر اكتوبر المقبل».

وقال سيف إنه يسعى ان يكون المهرجان لهذا العام مختلفا وجديدا مؤكدا ان لجنة المشاهدة تعمل حاليا على اختيار الافلام فى المرحلة الثانية حيث تلقت أكثر من 150 فيلما من 34 دولة حول العالم وسيتم فلترتها فى الفترة المقبلة لاختيار عرض ما يقرب من 90 فيلما مختلفا ما بين التسجيلى والروائى القصير، حيث ستحتوى المسابقة الدولية فقط على 20 فيلما بينما سيتم عرض 70 فيلما آخرين فى المسابقات المختلفة والاقسام المضافة للمهرجان وعلى رأسها قسم روائع السينما التسجيلية العالمية والتى سيتم اختيار أفضل الأعمال التى قدمت فى تاريخ السينما التسجيلية. بالإضافة برنامج خاص بأفلام روائية قصيرة تم انتاجها لشباب وورش لأفلام مختلفة وأفلام التكريمات التى لم يتم تحديدها حتى الآن.

ورغم عدم ثبوت الاسماء التى سيتم تكريمها لهذا العام إلا أن المصادر أكدت عن نية المهرجان فى تكريم كل من المخرجة نبيهة لطفى وعطيات الابنودى على جهودهما فى السينما التسجيلية.. بينما أكد سيف انه سيتم تكريم المنتج والسيناريست محمد حفظى تقديرا لجهوده كمنتج مدعم لسينما الشباب ولجهوده كمدير للمهرجان فى الدورتين السابقتين.. حيث تمت الاستعانة بالناقدة أمانى سمير كمدير ادارة المهرجان لهذه الدورة.

ومن جانب آخر قال سيف انه انتهى من تصوير المرحلة الاولى من عملية حفر قناة السويس بحيث سيتم عرضها فى مجموعة من الافلام حول اهم المراحل التى مر بها هذا المشروع القومى العظيم وسيشهد المهرجان فى دورته المقبلة عرض جميع المراحل فى فيلم واحد كبير، مؤكدا ان تأجيل المهرجان جاء بصالح هذا الفيلم حتى يأخذ المخرجون وقتهم فى تصويره وحتى يكون المشروع قد انتهى بالكامل.

روز اليوسف اليومية في

10.04.2015

 
 

ضمن أحدث أفلامه

مايكل شين يختفي في "إفرست" 75 عاماً

24 – القاهرة - محمد هاشم عبد السلام

يجسد الممثل البريطاني مايكل شين بفيلم "في أماكن عالية"، المقتبس عن حادثة حقيقية، شخصية المستكشف البريطاني الشهير جورج مالوري، الذي ذهب برحلة بحثية استكشافية إلى جبل إفرست عام 1924، وفقد لمدة 75 عاماً.

وعثر على جثة المستكشف البريطاني، بعد 75 عاماً من فقدانه في مايو (أيار) 1999، بمحض الصدفة، من جانب طاقم إحدى البعثات الاستكشافية.

ويعتبر مالوري من أوائل الذين ذهبوا برحلات استكشافية إلى جبل إفرست في عشرينات القرن الماضي.

وتشارك شين بطولة الفيلم النجمة كيلي ماكدونالد، في دور "روث" زوجة المستكشف، وسيبدأ التصوير في سبتمبر (أيلول) القادم، بالهند ولندن وكولونيا، وفقاً لتصريحات مخرج الفيلم وكاتب السيناريو جيمس ماكاكين.

لم يسبق عرضه من قبل

فيلم "عن إيلي" الإيراني يصل إلى الولايات المتحدة

24 - محمد هاشم عبد السلام

بدأت في دور السينما الأمريكية العروض التجارية للفيلم الإيراني "عن إيلي" للمخرج أصغر فرهادي.
وعلى الرغم من أن الفيلم ليس هو آخر أفلام المخرج الإيراني المعروف دولياً، الحاصل على العديد من الجوائز العالمية في مختلف المهرجانات السينمائية، إلا أن الفيلم على وجه التحديد لم يسبق عرضه من قبل حتى هذا الأسبوع في دور السينما الأمريكية لأسباب مختلفة.

يمتد زمن عرض الفيلم، الذي كتب له السيناريو أصغر فرهادي عن قصة له ولآزاد جعفريان، لما يقترب من ساعتين. وهو من نوعية أفلام الدراما النفسية والشك والغموض، وسبق له الاشتراك في عدة مهرجانات دولية، والحصول أيضاً على أكثر من جائزة، منها دب برلين الفضي لأفضل مخرج.

قصة الفيلم

تدور قصة الفيلم حول سفر مجموعة من الأصدقاء من طهران ينتمون إلى ثلاث عائلات إلى البحر لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. تقوم "زبيدة" (غلشيفته فراهاني) بدعوة "إيلي" (ترانة عليدوستي) الفتاة ذات العشرين عاماً، وهي ابنة مدرستها، لتسافر معهم في تلك العطلة، بغرض تعريف إيلي على الشاب أحمد (شهاب حسيني)، الذي يعيش ويعمل في ألمانيا، للتقريب بينهما لأنه يبحث عن زوجة إيرانية.

وبعد وصولهم إلى وجهتهم تطلب إيلي فجأة العودة ثانية إلى طهران لأن والدتها أصيبت بأزمة قلبية مفاجئة ودخلت المستشفى. ترفض زبيدة سفر إيلي وتخبئ أغراضها كي تمنعها من السفر، وبينما يلهو الأطفال على الشاطئ، تطلب إحدى الأمهات من إيلي أن تراقبهم.

بعد فترة قصيرة، تنادي ابنة زبيدة على بعض الرجال كي يأتوا لإنقاذ أحد الأطفال من الغرق، وبعدما ينقذون أحد الأطفال، يكتشفون أن إيلي اختفت، فيأخذون في البحث عنها وتدور تكهنات بشأن غرضها أو عودتها ثانية إلى طهران. عند تلك اللحظة تنقلب الأمور رأسًا على عقب، وينقلب مسار الفيلم كلية وتبدأ بعض الحقائق بالتكشف. ويتكرر السؤال وتثار الشكوك حول من تكون تلك الفتاة "إيلي" وما طبيعتها.

بذكرى مرور 120 عاماً

باريس تحتفل بأوّل عرض سينمائي في "القصر الكبير بالشانزلزيه"

24. إعداد: محمد هاشم عبد السلام

تحتفل العاصمة الفرنسية هذه الأيام بذكرى مرور مائة وعشرين عاماً على تقديم أول عرض سينمائي للجمهور العام في فرنسا في عام 1895، ويقام الاحتفال في قصر المعارض والاحتفالات التاريخي المهيب، في شارع الشانزلزيه، والذي يحمل اسم "القصر الكبير".

تزامناً مع مرور مائة وعشرين عاماً على تقديم أول عرض سينمائي مدفوع الأجر للجمهور في باريس، تحتفل فرنسا هذه الأيام بهذه الذكرى والتي كانت بمثابة أول تدشين حقيقي لما بات يعرف الآن باسم دور العرض أو السينمات.

ونظراً لأن تلك المباني الخاصة أو السينمات لم تكن عرفت بعد، تم العرض، الذي دعيت له العديد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية الهامة من وتصادف وجودها في باريس آنذاك، بمعرفة الأخوين لوميير، في كازينو يحمل اسم "غراند كافييه"، يقع في شارع "بوليار كابوشين".

في ذلك العرض تم تقديم فيلم قصير بعنوان "رش البستاني بالماء"، وكان من إخراج لويس لوميير، ولم يكن فيلمًا بالمعنى المتعارف عليه الآن، فقط دقيقة وبضع ثوان، لكنه كان أول فيلم خيالي أو روائي وليس تسجيلي، وكانت تدور قصته حول بستاني يروي حوض زرع بخرطوم ثم يطأ صبياً الخرطوم، فينقطع تدفق المياه، ثم يحرر الخرطوم عندما يحدق البستاني في الخرطوم، فيبتل وجه البستاني بالماء.

جدير بالذكر أن الأخوين، أوجست ولويس لوميير، كانا أول من فكر في استغلال اختراع كاميرا السينما كأداة تجارية ناجحة مستقبلياً على المدى البعيد، تنطوي على إمكانيات هائلة قد تجعلها تدر أرباحاً وتجذب الجماهير الغفيرة وتنشئ صناعة كبيرة بحق.

وبعد ذلك العرض الأول المدفوع بفترة قصيرة لفيلم "رش البستاني بالماء"، انتشرت بالفعل عروض السينما في الكازينوهات، وصارت تسمى عروض النيكولوديون، نظراً لأن رسم الدخول لها كان عملة نقدية مقدارها "نيكل" واحد، وكانت تعرض في تلك الأماكن عدة أفلام، عشرة على الأكثر، وراء بعضها، نظراً لأن الأفلام كانت قصيرة لا يتجاوز زمن عرضها الدقيقة أو أكثر قليلاً.

وهذه الاحتفالية التي تحمل اسم "لوميير! اختراع السينما"، سوف تستمر فعالياتها في القصر الكبير حتى الرابع عشر من يونيو (حزيران) القبل، بحيث يمكن للزوار الاطلاع على العديد من الأفلام التي قام معهد لوميير في ليون بترميمها وصيانتها، إلى جانب مشاهدة العديد من الأجهزة القديمة التي سبقت اختراع آلة السينماتوغراف، على النحو الذي نعرفه الآن، مثل الكينتوسكوب، والزيوتروب وغيرها من الآلات، وأيضاً اللقطات والأشرطة القديمة التي صُوِّرَت في بلدان مختلفة.

موقع (24) الإماراتي في

10.04.2015

 
 

نجمات لبنان بين التنميط وجور التعميم

ماهر منصور

تبدي الفنانة ورد الخال تذمّرها من أقلام تهاجم الفنانات اللبنانيات، وتحصرهنّ في خانة "عارضات الأزياء"، في وقت كان بالكاد يغيب دخان المعارك التي شنت على تجربة المغنية هيفاء وهبي السينمائية في "حلاوة روح"، والذي بلغ حد مهاجمة بلدها لبنان، كون هذه الأخيرة ليست سوى صورة لمجتمعها.

والهجوم على وهبي، كان تتويجاً لمعركة يمكن تلخيص عنوانها العريض من تصريحات المهاجمين، بأنّ "الفنانات اللبنانيات يدخلن الساحة الفنية المصرية، ويستأثرن بأدوار البطولة فيها بأجسادهن لا بقدراتهن التمثيلية". إلى جانب تلك اللافتات، كانت تُرفع أخرى، تتعلّق بأداء الفنانات اللبنانيات، وبعض من تلك اللافتات جاءت من الأوساط الفنية السورية.

بكل الأحوال، الهجوم الذي يطال الفنانات اللبنانيات لا يأتي من فراغ، إلا أنّ هذا الهجوم يبقى عيبه التعميم، وسوء الخلط بين الفن والحالة الاستهلاكية منه، ورفع شأن الاستثناء، حتى لو بدا هو السائد، على حساب القاعدة. فحضور اللبنانيات في الوسط الفني، لم يقتصر على الإغراء وحسب، ووجود فنانات بإمكانيات تمثيلية متواضعة، لا يلغي أنّ هناك أيضاً من صنعن حضورهن المتميز. 

"تبقى مشكلة الفنانات اللبنانيات بالغالب تأتي من حالة التنميط التي خضعن لها، لأسباب تتعلق بطبيعة نصوص الدراما اللبنانية"

لندع حالة الاستهلاك التي تصيب الوسط الفني اليوم، وهي حالة لم تصنعها الفنانات اللبنانيات من دون شك، وإن كان بعضهن جزءاً منها، ولننتبه إلى الفن بوصفه حالة إبداعية. ففي هذا الأخير، يبقى الأساس دائماً للقيمة الفنية لا للشهرة. ولنتذكر، أنّ ما من قيمة فنية أسقطت بالتقادم، وما من مادة للاستهلاك، إلا وجاء وقت تنتهي فيه صلاحيتها.

بعيداً عن ذلك الجدل، ستبقى مشكلة الفنانات اللبنانيات بالغالب تأتي من حالة التنميط التي خضعن لها، لأسباب تتعلق بطبيعة نصوص الدراما اللبنانية أو ما يعرف بدراما "بان آراب" (Pan Arab)، فضلاً عن كسل المخرجين في الدراما العربية وآلية التسويق الإنتاجي. تلك الثلاثية وتأثيرها على الفنانة اللبنانية، تبدو بوضوح اليوم في الدراما المشتركة.

ففي معظم تلك الأعمال، ستقوم الحكاية على ثلاثية مكوّنة من شابين يتصارعان على حب فتاة. وفي كل مرة، سيسند دور هذه الفتاة إلى ممثلة لبنانية، ودور الشابين، لممثل سوري وآخر لبناني أو مصري. وفي هذه الحكايات التي تعتمد غالباً أسلوب "سوب أوبرا" القائم على (الحكي)، سيكون مطلوباً أن تفوح رائحة العطر من المسلسل، وتكون حلقاته منصة لعرض رشاقة الممثلين وأناقتهم.

تحتاج الممثلة اللبنانية اليوم، لتؤكد أنّ موهبتها هي القاعدة، نصاً محكماً للتنفس ومخرجاً يضعها في مكان يظهر إمكانياتها التمثيلية، ولنتذكر أنّها أثبتت جدارتها كلما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ومن منا لا يذكر ورد الخال في "أسمهان" وهي تؤدي دور أم لممثلين يقاربونها في العمر! وها هي كارمن لبس، تنافس بأدائها نجمات مصر في "سرايا عابدين"، فيما لم تكن غيداء نوري أقل حضوراً من الفنانات السوريات في "سنعود بعد قليل".

العربي الجديد اللندنية في

10.04.2015

 
 

فيلم جديد للمخرج نورس أبو صالح:

القضية الفلسطينية في «معطف كبير الحجم»

أروى الباشا - عمّان – «القدس العربي»:

كشف المخرج الفلسطيني نورس أبو صالح أنّ فيلمه الجديد «معطف كبير الحجم» الذي يستعد لعرضه في مهرجان فلسطين للأفلام في أمستردام، ينتقد الرّكب الإعلامي الدرامي والسّينمائي العربي المتأخّر في نقل معظم القضايا الثوريّة وعلى رأسها القضية الفلسطينيةّ. وقال أبو صالح: «الإعلام العربي فيه قصور واضح على مستوى تناول القضايا فنيّاً، وسيطرح الفيلم أهمية الإعلام في توثيق القضايا، وسينقل رسالة أنّه يجب الاهتمام أكثر بالجانب الإعلامي في نقل قضايانا للعالم كلّه».

ويتناول «معطف كبير الحجم» الفترة الزمنيّة الممتدّة من عام 1987 إلى وقتنا الحالي، أي الفترة التي تخللّتها الانتفاضتين واتفاقيّة (أوسلو)، ويتناول الفيلم الحياة الفلسطينية في تلك الفترة من خلال قصّة بطل فلسطيني يقرر أن يخوض غمار الإعلام والسّينما، ويعكس الفيلم خليطا من المشاعر والصراعات يتم تناولها عبر حس درامي وحس كوميدي، حسبما صرّح به كاتب ومخرج الفيلم، الذي يؤكّد أنّ الفيلم يظهر حياة الفلسطيني كما هي. ويشير أبو صالح إلى أنّ الفيلم سيظهر الفلسطيني الإنسان بكل تفاصيله، وبكل أحاسيسه، عندما يحب وعندما يكره وعندما يكون وطنيّاً ثائراً، ويضيف «سيحمل العمل إسقاطات مأخوذة من قصص عديدة تلتقي جميعها في اتجاه يعزّز مسيرة الفيلم والصّراع الموجود فيه، وصولاً إلى الذروة وحتى النهاية».

وعن سبب اختيار اسم «معطف كبير الحجم» كاسم للفيلم، يجيب المخرج الشاب «العنوان بُنِيَ على موروث فلسطيني قديم يقول إنّه (عندما يرى النائم أنّه يرتدي معطفاً أكبر من مقاسه، فهذا يعني أنّه سيتحمّل مسؤوليات تفوق طاقته)، ومن هنا أخذ الفيلم اسمه». وعمّا إذا كان الفيلم سيحمل إسقاطات سياسيّة على الثورات العربيّة الحاليّة يقول المخرج الفلسطيني «الفيلم يركّز على القضية الفلسطينية بالمقام الأوّل، ولا يُعنى بتناول الأحداث المتسارعة مثل الحروب المتلاحقة، بقدر ما يُعنى بتأثير هذه الأحداث على حياة الشخص الفلسطيني ومنعطفاته، وأريد ان أوضح أنّ الفيلم دراميّاً وليس فقط توثيقياً».

وحول تجربته في فيلم «ليلة السقوط» الذي يعتبر أوّل فيلم حمل رؤية استشرافيّة لما سيحدث في سوريا بعد الثّورة، يقول أبو صالح «الأحداث السّورية متسارعة جداً ولا يمكن الوقوف عليها في فيلم أو فيلمين، ولكن كفيلم استشرافي حاولنا أن نضع فيه معظم المفاصل التي حدثت للآن ولا زالت تتسارع في الثورة السورية، كذلك سلّطنا الضوء على انتهاكات النظام، ومن أبرز الصعوبات التي واجهتنا في الفيلم ظهور أحداث كانت تسبقنا دائماً، وبالتالي كان الفيلم استشرافيا واعتبرنا فيه أنّ ليلة سقوط النّظام هي التي ممكن أن تكون نهاية لكل هذه الأحداث المأساويّة». وعن أهميّة السينما في زمن الحروب، يقول المخرج الفلسطيني «في السينما العالمية تتم صناعة أفلام عن حروب محتملة، وتكون هذه الأفلام عبارة عن تبرير لاستراتيجيات بعيدة لأي حرب قادمة، وفي حال كان هناك حرب قائمة يتم صناعة أفلام معيّنة لخلق وعي محدّد اتجاهها، وهنا تكمن أهمية السينما سيّما إذا كنت تريد أن تخلق تعبئة تجاه قضية معيّنة تغير فيها وجهة نظر الأمة التي ستخاطبها». ويؤكّد على أهميّة انتشار ثقافة الأفلام القصيرة التي هي أصلاً جديدة على واقعنا العربي، ويضيف «يجب أن نرفع من وتيرتها لأنّ قضايانا مُلحّة وتحتاج لأن نطرقها بسرعة، واليوم في زمن الفضاء المفتوح لايوجد مادّة فنية لا تصل، سيّما في ظل انتشار وسائل التّواصل الاجتماعي، واليوتيوب».

ويشدّد أبو صالح على عبارة كتبها عبر صفحته على «فيسبوك»، وهي (لن يعبّر عن قضايانا إلا نحن)، وأنّ السينما يجب أن تكون من استراتيجياتنا وأولوياتنا، في ضرورة لتبنّي الفنانين والإعلاميين العرب لقضاياهم، لأنّ الآخر قد يعبر عنها بطريقة مشوّهة، لافتاً إلى أنّ القضايا الوطنيّة لا تأخذ حقّها لأنّ المزاج التجاري والإنتاجي هو الذي يتحكّم بصناعة الدراما والسينما في العالم العربي، وهذه الجهات غير مستعدّة لتبنّي قضايانا جدليّة تُثار حولها وجهات نظر مختلفة في وسائل الإعلام العربية، وبالتالي يكون فيها نوع من المغامرة والخطر الإنتاجي باحتماليّة كونها مشاريع خاسرة.

وحول زيارته الأخيرة لمكّة المكرّمة وتأثير أداء المناسك الدينيّة على الرؤية الفنيّة، يقول المخرج الفلسطيني «زيارة الأماكن الدينيّة المكتظّة بكل هذا الكم من الوجوه البشريّة تفتح الكثير من الآفاق والتّساؤلات، وأنا لا أرى أنّ تأدية المناسك الدينيّة قد يشكّل عائقاً للفن بل على العكس».

القدس العربي اللندنية في

10.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)