كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«لي قبور في هذه الأرض» فيلم عن خريطة الخوف بين اللبنانيين

رين متري: كيف نتحدث عن تهجير طائفي من دون الوقوع في لغة طائفية

نديم جرجوره

 

عشية الذكرى الأربعين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (13 نيسان 1975 ـ 13 نيسان 2015)، يأتي «لي قبور في هذه الأرض» للمخرجة اللبنانية رين متري كلحظة تأمّل في أحوال 40 عاماً من خراب متنوّع الوجوه والأشكال والأنماط. فيلم وثائقي يتوغّل في أعماق الذاكرة المفتوحة على راهن يؤكّد استمرارية حرب، ويُثبت ـ مرة جديدة ـ أن بشاعة الآنيّ مستمدّة من قذارة الجريمة الماضية، وعدم الاعتراف بمسؤولية ارتكابها.

عناوين
الطائفية، والخطف على الهوية، وعمليات التهجير التي تبدو كأنها منظّمة لأغراض سياسية ـ إيديولوجية ـ طائفية، الديموغرافيا اللبنانية وتحوّلاتها.. عناوين أساسية تحاول رين متري رسم ملامحها في فيلم صادم على مستوى قراءته المسار التدميري لبلد ومجتمع وناس: «بدأتْ الفكرة عندما كنتُ أحاول بيع «قطعة أرض» لي بضيعتي «عين المير» (قضاء جزين)، لاضطراري لبيعها. كان ذلك في العام 2008. بداية العام التالي، بيعت تلك الـ «قطعة». أثناء ذلك، التقيتُ أناساً عديدين يرغبون في شرائها، خصوصاً من الطائفة السُنّية في صيدا. حينها، بدأتُ أسمع كلاماً غريباً عليّ بعض الشيء، من أهل وأقارب ومعارف، محوره الخوف من بيع أرض تخصّ منتم إلى طائفة معينة، من شخص منتم إلى طائفة أخرى».

تقول رين متري إن الطائفية حاضرةٌ في العيش اليومي للّبنانيين، لكنها لم تكــن منتــبهة إلى هذا الحدّ إلى وجودها في صلب إحدى القــضايا «العادية»، كبيع الأراضي : «لم تكن الفكــرة جاهــزة كفيلم. يومها، كنتُ أشتغل على تنفيذ فيــلم لي بعنوان «هــشّ». مع هذا، بدأتُ أكتب. لم يكن الموضوع شخصياً. أردتُ طرح المشكلة على مستوى السياسة والإنماء والديموغرافيا. طرحته بطريقة صحافية إلى حدّ ما: خارطة الخوف عبر الديموغرافيا وتحوّلاتها. أي أن أحكي عن المخاوف الموجودة اليوم. لم يتحوّل الموضوع إلى «فيلم شخصيّ» إلاّ في العام 2010، عندما قررت الوالدة بيع المنزل. كانت صدمة لي. خضّة كبيرة. صحيح أني أردتُ بيع «قطعة أرض». لكن المنزل؟ صحيح أني لم أكن أزوره أو أُقيم فيه. لكن، أن يُباع؟ كانت خضّة كبيرة لي أن يُصبح المنزل «غير موجود».

لماذا شعرتُ بهذا؟ لا أعرف. إحساسٌ ما بفقدان المكان والذاكرة؟ ربما. عندها، صرتُ جزءاً من الفيلم. تذكّرت حينها فكرة قديمة لي أردتُ تحقيقها فيلماً ولم أستطع: فيلم عن «عين المير» عندما كانت خط تماس وجبهة قتال أثناء الحرب الأهلية. فيلم عن مقاتلين كانوا هناك حينها. أردتُ معرفة كيف كانت الأمور، وما الذي حصل، وكيف حصل؟ المهم، أني ـ بعد بيع المنزل ـ شعرتُ بأني مقبلة على فقدان ما للذاكرة. لهذا، صوّرت نفسي وأنا ألصق صوراً فوتوغرافية على جدران المنزل. هذا مكان عليّ إما أن أستعيده، وإما أن أتصالح معه، وإما أن أتمسّك به. أردتُ تصويره. كنتُ أبحث عن مواساة. لكن، هل فعلاً السينما أداة مواساة؟».

يتجوّل الفيلم في قرى ومدن تمتدّ جغرافياً حول «عين المير». يريد الفيلم تحويل الذاكرة إلى صُور تؤرشف وتقول وتبوح. البحث عن أفراد مستعدين للتحدّث أمام الكاميرا صعبٌ. الحصول على إنتاج أيضاً. لقاء بعض الناس المعنيين مباشرة بالتهجير والصراعات القائمة حينها لم يكن سهلاً. بعضهم يتحدّث، لكنه يرفض الوقوف أمام الكاميرا. لا يريدون استعادة ما حصل. كان الأمر قاسياً على رين متري. عند حصولها على بعض التمويل، قرّرت أن تُصوّر كل من يوافق على الكلام مباشرة، قبل أن يتراجع. مقابلات قصيرة ومكثّفة. إطلالات حادّة على وجع لا يزال حاضراً في ذوات كثيرين. الصدام بين «أبناء» الطائفة الواحدة لا يرحم. لا يتردّد بعضهم عن قول الأمور كما هي. عن لفظ الأسماء كما هي. هذا كلّه من أجل أن ترسم رين متري «خارطة الخوف» بعد سنين طويلة على وقوع الـ «جريمة».

تحدّيات
العمل الميدانيّ صعبٌ. تراكم أرشيف، وكتب تاريخ، وقصص مجازر، أمورٌ جعلت المخرجة تعيش في بيتها كمن يُقيم مع موتى. بات لديها هوس بالمعرفة: معرفة المقاتلين والأماكن الشاهدة على الشقاء والحكايات العاكسة أجزاء من التاريخين الفردي والجماعي: «لم يكن يعنيني لبنان، ولا الارتباط بهذا المكان. لاحقاً، صار هناك هوس بمعرفة كل شيء. عشتُ فترة طويلة بين الصوُر. أعددتُ تجهيزاً يروي الجريمة، بعد استحالة حصولي على شهادات أناس معنيين بالأمر. رفض كثيرون كل كلام عن تلك المرحلة. كدتُ أيأس من تنفيذ المشروع. ثم حصلتُ على تمويل. تابعتُ العمل.

كنتُ أريد شخصاً واحداً من كل منطقة. لكن، بدا لي الأمر صعباً. شخصٌ واحد لا يكفي، لأن لكل شخص في كل منطقة أموراً وأخباراً أحتاج إليها، يُمكنها أن توصلني إلى مخاوف الحاضر. التقيتُ من وافق. صوّرته. كانوا مرتاحين معي. ربما لأني كنت واثقة بهم بإخباري إياهم كلّ شيء عني. أردتُ تناول مسائل عديدة، منها: لماذا تمّ تهجير أبناء الدامور تحديداً؟ ما هي خلفية التهجير؟ ما الذي حصل في الجبل؟ مسألة طائفية أو فعل استراتيجي؟ أشعر أنها لم تكن معارك طائفية بل استراتيجية اتّخذت شكلاً طائفياً.

أثناء بحثي، استمعتُ إلى «خوف» الناس. ربما لهذا، كان عليّ أن أنتبه إلى أمور عديدة منذ البداية. مثلاً: كيف نتحدّث عن تهجير له طابع طائفي من دون الوقوع في لغة طائفية؟ كيف يُمكن إدخال «الذاتيّ ـ الشخصيّ» في سياق فيلميّ من دون الاعتماد على تلك النظرية الرائجة في صناعة الأفلام الوثائقية، والمتمثّلة بالذهاب من الذاتيّ إلى العام؟ أردتُ أن أروي الذاتيّ بعد الإمعان في التنقيب فيه والتوغّل في أعماقه. أن أواجه الذات قبل الآخر. هناك أمرٌ أخير: المكان ـ المنطقة ليس ديكوراً. أن أصوّر عيش المنطقة لا عيشي فيها. أثناء توليف الفيلم مع ميشيل تيّان، بدا لنا نحن الاثنتين أن الأهمّ كامنٌ في أن تروي صُوَر الأرشيف والحاضر معاً القصّة التي أريد سردها. هذا مهمّ لي. هل توصّلت إليه؟ ربما. لكن «خارطة الخوف» مخيفة فعلاً في هذا البلد».

الوجع وطنيّ.. ونحن بحاجة إلى ندم وكفّارة وطنيين

أسعد شفتري

شكراً رين متري لأنك دعوتني إلى مشاهدة هذا الوثائقي الموجع.

من كان في الصالة سمع مؤكداً تنهّدات من كان يجلس حوله.

موجع كان بسبب الآلآم التي عاشها شهود المرحلة. موجعة صُوَر التهجير والقتل، ومنظر الجثث المشنَّع بها. موجع منظر الدمار والمنازل المحروقة، المدمَّرة أو الفارغة. موجعة حقيقة التغيير الديموغرافي. موجعة الشكوك بوجود مؤامرة بهذا الخصوص. موجعة كلّ دمعة. موجع كل تنهّد. موجعة مقابلة الحاضر بالماضي. موجعة القناعة أن كلّ 50 سنة يقع الاقتتال بين هذا وذاك من مكوّنات الوطن. موجعة النظرة حول الأحزاب التي شاركت في الحرب الأهلية. موجع خوف كلّ فئة من الفئة الأخرى. موجعة التّهم بسرقة الوطن وبيعه أو استملاكه غصباً. موجعة أخبار «سوليدير». موجع طول معاناة المُشاهد وهو يواكب المعاناة العامة، أي ساعتين تقريباً (مدة الفيلم). موجعة فكرة أننا لم نتعلّم، واليأس من أن نتعلّم.

أما الأكثر وجعاً، فهي الصورة الأخيرة من الوثائقي: ستار أسود. فلا بصيص أمل في الأفق عند المحقَّق معهم، ولا عند المخرجة. الوضع ميؤوس منه، وليس من مُبادِر. الوضع يعد بالتكرار مراراً ومراراً بعد، ولا من حلول. تشاؤم أسود مثل الموت الذي يعمّ طوال الساعتين. الموجع دموع المخرجة في بداية التقديم، وفي النهاية عند الخروج.

رين متري تعيش الألم لأنها شفّافة، واعية، حقيقية، صريحة، واضحة، فاضحة، لا تستر ولا تتستّر، لا تكذب ولا ُتجمِّل، لا تظلم بل تتّهم مباشرة. ابنة ومواطنة وحرّة طليقة، أصبحت فوق الفئويات. عادت إلى الوطن، وتتألّم لهذا الوطن ومن أجل هذا الوطن ومن أجل أهله و من يقطن فيه، كالفلسطينيين.

رين متري: شكراً لكِ على هذه الجرأة. شكراً لهذه الدموع، ولهذا القلب السخي. إن الوجع وطنيّ، ونحن بحاجة إلى ندم وكفّارة وطنيين. لكن، يا رين، الوضع ليس ميؤوساً منه، بسبب وجود أشخاص مثلك، ومثل الأفراد جميعهم، ومثل الجمعية التي جعلت من المصالحة الوطنية والحوار وتحصين السلم الأهلي ووقف الظلامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية هدفها ومهمتها في الحياة. الأمل هناك. تعالوا نتكاتف بعد أن رأينا وسمعنا ما رأيناه وسمعناه في هذا الوثائقي.

أرجو أن تعي أجهزة الرقابة في لبنان أهمية هذا العمل. فهو صحيّ لا خطر. يدعو إلى العمل والتصحيح والتحصين والوحدة أمام الصعاب. يدعو إلى معالجة حقيقية لذاكرة الحرب والحروب تسهيلاً لبناء المستقبل. أدعو الرقابة والسياسيين إلى نشر هذا الوثائقي من دون أن يُقتَطع منه أي شيء، كي نطلق كوطن ورشة بناء البشر، بعد أن أخفقت خطة بناء الحجر في بناء الوطن المرجوّ.

إن الوجع وطنيّ، ونحن بحاجة إلى ندم وكفّارة وطنيين.

«حديقة الحيوانات المدجّنة» للأميركية مايكا ميكي.. السقطة

زياد الخزاعي

باكورة الأميركية الشابة مايكا ميكيّ «حديقة الحيوانات المدجّنة» بصيرة فنية ونباهة سوسيولوجية، من توقيع مخرجة موهوبة تدخل بثقة في سجل السينما المستقلة في الولايات المتحدة الأميركية اليوم. موضوعها: حَمَل المراهقات، واللعنة الاجتماعية التي تحاصر مَنْ أخطأت. خطابها: امتحان مواقف إرادات بشرية حول البطلة الفتية ليلى، ونظراتهم إلى جنايتها، ومواقفهم من تبعاتها. هل العِشْرَة الجنسية بين يافعين حقّ أم جُنحة، في مجتمع يتباهى باتساع مرونته الأخلاقية، وإيمانه المطلق بالحريات الشخصيّة؟ أيّهما أسبق: قصاص من أم لا تزال عند مقاعد دراستها الإعدادية، أم إجهاضها رأفة بوليد سيشبّ جاراً لليتم؟

فيلم مايكا ميكيّ اقتباس ميلودرامي لتجربتها في الحَمَل وهي في الـ 17 من عمرها، وحياتها الخائبة في بلدة تكساسية صغيرة. لا تكمن بلاغة اشتغالها في حكاية نصّها وحسب، بل في اهتمامها البليغ بتحاملاتها الانتقادية على محيط ريفي بالغ السأم، يوصل علاقات أناسه إلى أقصى حالات الرتابة والتبرّم والحيادية، التي تجتمع في دائرة أقرب إلى غربة جماعية. ينتــقم فتية بلدة «سانت أنتونيو» من ضجرهم بعلاقات سريعة، لا يحســبون مجازفاتها. الحب بينهم لعــبة ومناكفة وملء وقت، والقــليل من توكيد جرأة، فيما تتســترّ العواقب خلف تبريرات ومكر واستهتار ولا اكتراث. اشارت ميكيّ إلى أن هناك 4 آلاف حالة حَمَل بين مراهقات كلّ عام في «سانت أنتونيو» وحدها، هو المعدّل الأعلى أميركياً.

تعاني ليلى (أداء لافت لديفون كيلر) إقصاءات متعدّدة. هي الأكبر بين ذرّية عائلة متواضعة المنبت. والداها مهمومان، كلّ على حدة، بتأمين مستلزمات حياة شحيحة، الأمر الذي يبعدهما عن مراقبة إبنة فضّلت معاشرة «زعران» على تحصين خيارها المشعّ بالأمل، إثر حصولها على منحة دراسية من جامعة تكساس المرموقة في أوستن. هذا ليس تنميطاً سينمائياً على غرار ما قدّمه مواطنها جيسن ريتمان في «جونو» (2007)، عندما قايضت فتاته جنينها مع عائلة مرفّهة. كثرة ألوان كوميديته جعلت من نزق بطلته صنواً للفهلوة الشخصية، ما حوّلــها إلى نموذج فاقع لصبايا هوليــوود اللــواتي يتلمّسن خلاصــهنّ من ذنوبهنّ بالتذاكي. فيما تأكّدت ميكيّ من أن صبيتها لن ترتكب حماقتــها بسبب ضعفها، بل لعجزها عن إيجاد قلب رؤوم يدلّها نحو صراطها الاجتماعي، تماماً كما امتحنته الصبية الزنجية المعذّبة في فيلم لي دانيالز «بريشس» (2009)، أو «الغالية». ما تبع خطيئة فورتها الجنسية هو الانقلاب الهائل الذي مسّ عالمها، منذ المشهد الحاسم والعفوي، حيث تتعلّم الصبية قيادة شاحنة بإشراف حبيبها آرون (أوستن ريد)، قبل اعترافها له بحبلها بطريقة صاعقة، خالية من أيّ شحن عاطفيّ.

تتعرّض ليلى لهجوم والدها المهووس بكهنوتيته، والمصّر على أن الإجهاض جريمة كفر، وصرخته: «لن تقرّري وحدك». بطريركيته لا تسمح بدنس مزدوج، بينما يتأسّف مشرفها المدرسيّ على «حظوظك العاثرة» لاستكمال سبيلها نحو فوز جامعي حتمي. الأتعس تمثّل لاحقاً بجبن أب يافع، وجد أن المشروع برمّته مفزع، فيتنصل. في الحياة الحقيقية للمخرجة مايكا ميكيّ، تمثّل الانقلاب بسفرها إلى المانيا لدراسة السينما، التي تكلّلت بـ «حديقة الحيوانات المدحّنة» ـ الذي عُرض في خانة «بانوراما» في الدورة الـ 65 (5 ـ 15 شباط 2015) لـ «مهرجان برلين السينمائي الدولي» ـ بينما جعلت من حمل ليلى وخيارها الاحتفاظ بالنّطفة في أحشائها عنواناً سليطاً لكبوة كائن خانه التروي في خياراته، وفشله في الفوز بتحنّن نابع من ضمائر وفيّة عن النصيحة المجهَضة لدى خلانه، وموت الآزر لدى جماعته وجحودهم، وأرومتهم الفاسدة وتملّصهم اليســير. ليلى نتيجة خذلان مجتمعيّ وأنانية نظام في مراقبة مراهقيه وتثقيفهم وشحنهم بقيم سامية.

ثيمة أثيرة وجدت صداها في اشتغالات المخرج لاري كلارك، خصوصاً في «صبيّة» (1995) وتحامله بفضائحية على ثلّة أحداث يمضون يوماً كاملاً بين سرقة وعنف وتيه، وفضّ بكارات مراهقات.

امتلك «حديقة الحيوانات المدجّنة» روحاً بيوغــرافية من دون ارتهان لـ «توثيــقية كلارك»، وحرصها على الاحتــفاء بالصدمة. إنه تفرّس مرير لأمكنة مغتمّة، على الرغم من بهاء مواقعها، وبشر مكروبــين، وأرواح موحِشة الأقدار على الرغم من رفاهية امبراطوريتــهم، صوّرها الألماني أرمين ديرولف (له «سيفاس» للتركي كــان مودجــي) في مسقط رأس المخرجــة بتقــنية شاشة عريضــة باهرة، لكن بألوان داكنة، إشــارة إلى غلاظة حياة، وخشــونة طباع، وغياب حنوّ عائلي لـ «بيئة لا تسمح للمرء أن يُظهر ضعفه» بحسب مايكا ميكيّ.

السفير اللبنانية في

09.04.2015

 
 

"رجال نعم يتمردون" نموذج للكوميديا في الفيلم الوثائقي!

أمير العمري

من أحد الأفلام الوثائقية التي عرضت في الدورة الـ 65 من مهرجان برلين السينمائي، الفيلم الأمريكي "الرجال الذين يقولون نعم.. يتمردون" أو "رجال نعم يتمردون" Yes Men Are Revoltingالذي اشترك في إخراجه ثلاثة من المخرجين على رأسهم المخرجة لاورا نيكس مع الثنائي الشهير آندي بيكلباوم ومايك بونانو (والإسمان من الأسماء المستعارة في حين أن الأسمين الحقيقيين للممثلين والمخرجين اللذين تخصصا في هذه النوعية من الأفلام التحريضية الساخرة، هما جاك سيرفين وإيجور فيرموس). ولكن أندي ومايك ليسا مجرد "ممثلين" بل هما يوظفان مواهبهما في النشاط السياسي الذي يقومان به، سابحين عكس التيار، مناهضين للمؤسسة الرسمية في بلادهما.

الفيلم الذي يصل الى نحو 90 دقيقة، هو الثالث ضمن ثلاثية بدأها الممثلان الساخران اللذان يبتكران المواقف وينتحلان شخصيات ليست لهما، ليس من أجل تضليل الرأي العام، بل على العكس تماما، بغرض إرغام الشركات والمؤسسات الرسمية الأمريكية على الاعتراف بالحقيقة، والتوقف عن خداع الرأي العام، وتغيير سياساتها التي تهدف الى تحقيق الربح على حساب الجمهور المستهلك الذي يدفع الثمن دائما. الفيلمان السابقان هما "رجال نعم" (2002)، و"رجال نعم يصلحون العالم" (2009). وعلى النمط نفسه، الذي أصبح شهيرا وتسبب في الكثيرمن الإشكاليات لأصحابه، يسير الفيلم الجديد الساخر، في تصوير استعدادات فريق "رجال نعم" أي الرجال الذين يقولون نعم، لخوض معارك تنبيه الرأي العام وحشده ضد موضوع رئيسي يشغل العالم الآن وهو تحديدا موضوع تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض وما يمكن أن ينتج عنه من آثار جانبية مدمرة، ستنعكس بوجه خاص، على بلدان العالم الثالث الفقيرة.

ينتقل الفيلم من نيويورك إلى أمستردام، ومن سياتل، إلى كوبنهاجن، ومن واشنطن إلى اسكتلندا، ومن القطب الشمالي إلى أوغندا في وسط افريقيا، في سياق بصري أخاذ ومن خلال ايقاع سريع، يمزج بين الصور واللقطات الوثائقية (من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تناقش قضية التغير المناخي مثلا) إلى مؤتمر امستردام للتغيرالمناخي، ثم الاعلان عن الشراكة بين شركة شل الأمريكية وشركة غازبروم Gaspromالروسية  في كونبهاجن، إلى أحداث احتلال "وول ستريت" اي شارع البورصة في نيويورك، من خلال أشكال فريدة ومبتكرة ومضحكة من الاحتجاجات المنظمة. كما يستخدم صانعو الفيلم التعليق الصوتي الساخر، الذي يتناقض كثيرا مع الصورة بطريقة ذات تأثير مضحك، كما يستخدمون الرسوم والبيانات وتقنية التحريك، لتقديم المعلومات إلى المشاهدين وتجسيد أبعاد المشكلة التي يعرضون  لها، بطريقة بسيطة وجذابة.

تقديم ساخر

في المشهد الأول الافتتاحي نرى كيف يرتدي أعضاء المجموعة من المتمردين على المنظومة الاقتصادية الأمريكية، أزياء غريبة تجعلهم يشبهون الكائنات الفضائية، هي أزياء تخفي أجسادهم تماما لا يظهر منها سوى عيونهم التي تطل من ثقوب، ويبدون مثل بالونات منتفخة مضحكة تتعثر أثناء السباحة في النهر الشرقي في اتجاه مبنى الأمم المتحدة بنيويورك، وعندما ينجحون في الوصول للشاطيء الآخر ويتقدم أحدهم من سلالم مبنى الأمم المتحدة يتصدى لهم رجال الأمن الذين يحرسون اجتماع قادة دول العالم في القاعة الكبرى داخل المبنى، وما ينجم عن الاحتكاك من مشاهد مضحكة طريفة. لكن الهدف يكون قد تحقق، وهو لفت أنظار الإعلام، وبالتالي الرأي العام، إلى ضرورة اتخاذ موقف من الكارثة التي توشك أن تهدد كوكبنا الأرضي.

تتقاطع لقطات نشطاء "رجال نعم" أمام الأمم المتحدة مع مشاهد للمتجمعين حولهم لتصويرهم وهم في هذه الملابس الغريبة، أو لتعليقات من المواطنين تبدي التشكك فيما يمكن أن يفعله أوباما، الذي يتنكر لوعوده بالفعل فيلما بعد ويمنح الاحتكارات الأمريكية الفرصة لمواصلة استغلال الكوكب الأرضي بما يحقق تطلعاتها الخاصة.

من هنا يأتي الاحتجاج المبتكر الذي يتركز عليه نشاط فريق مجموعة "رجال نعم"، وخاصة الثنائي الشهير، فهم ينظمون مؤتمرا صحفيا يدعون إليه عددا من كبار السياسية والاقتصاد، باسم شركة شل العملاقة، ويقف مايك ليتحدث باسم الشركة، ليقول كلاما ويلقي من التعهدات لمكافحة التلوث والتغير المناخي وتأييد البرنامج الذي يقضي بوقف الأنشطة التي تضر بالمناخ، بما يتعارض تماما مع مصالح الشركة. وهنا ينبري له أحد مسؤولي الشركة ويقول له أمام الكاميرا والحاضرين إنه "مزيف" وإنه "لا يمثل شركة شل" ويطالبه بابراز بطاقة التعريف الشخصية. وعلى الفور يتحول المشهد ليصبح الخبر الرئيسي في نشرات الأخبار في أمريكا والعالم، كما يتصدر عناوين الصفحات!

وفي موقف آخر مشابه ينظم مايك وأندي مؤتمرا باسم غرفة التجارة الأمريكية التي تمثل الاحتكارات الصناعية والتجارية على أعلى مستوى، يوجهون خلاله انتقادات للسياسة الرسمية التي تتقاعس عن مواجهة ظاهرة التغير المناخي مع تعهدات بأن الغرفة ستدعم مثل هذا التوجه. وعلى الفور يقف أحد مسؤولين الغرفة، لكي يحتج على مايك كمتحدث باسم الغرفة، ويقول إنه لا يمثل الغرفة ويعلن أن الاجتماع "مزيف" ومجرد "خدعة"!

ومن أكثر أجزاء الفيلم طرافة تلك التي نرى فيها استعداد الفريق لتقديم عرض ساخر في كوبنهاجن، في إطار الاحتفال (المزيف طبعا) الذي سينظمونه في إحدى الساحات العامة هناك، بالشراكة التي أعلن عنها بين شركة شل وشركة غازبروم الروسية (التي يدعمها الرئيس بوتن شخصيا)، وذلك عن طريق الاستعانة بممثل أوكراني يتدرب على أداء مشهد يقدم فيه بطريقة استعراضية شبيهة بطريقة مقدمي عروض السيرك، دبا ضخما (مزيفا بالطبع) عبارة عن هيكل خارجي من القماش أو الجلد يدخله رجل لكي يتحرك بما يشبه الدب الروسي الأبيض العملاق تماما، ويوضع هذا الدب داخل قفص يتم حمله والكشف عنه أمام الجمهور في الساحة باعتباره هدية من الشركة الروسية لشريكتها شل.. ولكن العرض يفشل على نحو فاضح عندما يتعثر الرجل داخل هيكل الدب ويسقط وتنكشف الخدعة، لكن مرة أخرى، يكون الهدف قد تحقق: التعريض بسياسات شركة شل وفضح مخططاتها للتوسع غير ملقية بالا إلى ما يتنج من تلوث في البيئة، فهي قد حصلت على الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي، لكي تبدأ التنقيب عن النفط في القطب الشمالي، وبالتالي تدمير ثرواته الطبيعية مما سيتسبب – كما نرى من خلال التحريك- في نفوق الحيوانات والطيور، والأهم بالطبع، أن تلك النشاطات ستتسبب في ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة مما ينتج عنه ذوبان القطب الشمالي بما يهدد بلدان عدة بالغرق وبتدمير الزراعات التي يعيش عليها البشر!

إلى افريقيا

ومن خلال إحدى عضوات الفريق وهي أوغندية، ينتقل الفريق إلى أوغندا ليرصد من خلال المقابلات مع العديد من الأشخاص والمتخصصين، التأثير المدمر لارتفاع حرارة الأرض على الزراعة وتربية الماشية وبالتالي انتشارالمجاعات كما نرى بشكل توثيقي واضح.

ومن الجوانب التي تجعل الفيلم قريبا من المشاهدين، اهتمام مخرجيه بالانتقال بين الخاص والعام، أي أنه يربط بين الجانب الموضوعي الذي يتعلق بالقضايا الجادة التي يتركز عليها عمل النشطاء، وبين الجانب الحياتي الشخصي للثنائي الذين يدير المجموعة منذ سنوات، وكيف أن العلاقة بينهما تعاني من التصدع، بعد أن أصبح مايك مشغولا مع زوجته التي أنجبت ثلاثة من الأبناء، وانتقاله من نيويورك الى اسكتلندا التي يراها مكانا أكثر هدوءا للاقامة، كما يفشل أندي في علاقاته العاطفية ويكتشف كما يقول لنا، إنه أصبح يفضل العمل على صحبة البشر. ويكشف الرجلان لنا أنهما ينتميان لوالدين من اليهود الذين نجوا من المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية، وربما يكون هذا- كما يقولان- السبب في التمسك بفكرة رفض السلطة القوية الغاشمة والتصدي لها، لأنها تؤدي بالضرورة إلى قمع الفرد.

في المشهد الأخير ينضم إلى الفريق أحد أفراد الفرقة الذي يتخفى في دور مغنى من السكان الأصليين الأمريكيين (الهنود الحمر)، وتنظم المجموعة احتفالا (مزيفا) تدعو إليه مجموعة من السياسيين وكبار المسؤولين، على اعتبار أن أحد كبار مساعدي وزير الدفاع والجنرال السابق كولن باول، سيكون حاضرا، وفي لقطات تسجيلية نرى المساعد الحقيقي، وهو رجل ذو شعر أبيض طويل ينسدل على كتفيه ويغطي مقدمة وجهه، ثم نرى كيف يرتدي آندي "باروكة" شعر مشابهة ليلعب دوره، ثم يلقي كلمة أمام الحضور، يتعهد خلالها بأن تعمل المؤسسة التي يرأسها باول، على مقاومة التلوث البيئي والتغير المناخي- على غير الحقيقة بالطبع، وسط تصفيق الحاضرين، الذي يتبارون في القاء كلمات تؤكد اهتمامهم بالأمر (مادام قد جاء من طرف شبه رسمي!) وتصل المهزلة إلى ذروتها عندما يُطلب من الجميع الوقوف في دائرة، وهم متشابكي الأيدي، والدوران وهم يغنون ويرددون كلمات أغنية هزلية يرددها المغني المزيف، تعكس كثيرا من التفاؤل بشأن المستقبل!

هذا نموذج للفيلم الوثائقي الكوميدي الساخر الممتع، الذي يستخدمم الهزل للفت الأنظار الى قضايا شديدة الخطورة والجدية، ويقف وراءه مجموعة من المؤمنين بقضيتهم، وهم أيضا يمتلكون القدرة على التمثيل وارباك خصومهم بجرأتهم في اقتحام الأماكن الرسمية، وعقد المؤتمرات المزيفة التي تفضح الممارسات السلبية للاحتكارات، الأمر الذي يوقعهم في الكثير من المشاكل، منها كما نرى في الفيلم، القضية التي ترفعها ضدهم غرفة التجارة الأمريكية، وإن كانت تتننازل عنها فيما بعد، كنوع من إثبات حسن النوايا في التعامل مع القضايا التي يطرحها النشطاء!

عين على السينما في

09.04.2015

 
 

تتويج «جيش الخلاص» المغربي بجائزة أحسن فيلم روائي

مهرجان السينما الأفريقية في دورته الـ12 في مدينة قرطبة الإسبانية

قرطبة ـ «القدس العربي» من خالد الكطابي:

فاز المخرج المغربي عبد الله الطايع عن فيلمه «جيش الخلاص»، بجائزة أحسن فيلم روائي ضمن قائمة المنافسة الرسمية للأفلام الطويلة، في مهرجان السينما الأفريقية في دورته 12بمدينة قرطبة الإسبانية. 

«اقتبس بمهارة روايته للسينما وقام بتقديم بناء الهوية الجنسية من دون تعقيدات» تقول ماني ثيسنيروس، مديرة المهرجان التي قدمت الجائزة اعتمادا على تعليل اختيار لجنة التحكيم للفيلم. ويحكي الفيلم قصة عبد الله، المراهق المثلي الجنس، الذي يحاول بناء حياته ضمن عائلته المتعددة الأفراد.. يجد نفسه محاصرا بين أم متسلطة وأخ أكبر متدين. وقد قام عبد الله الطايع بكتابة روايته «جيش الخلاص» سنة 2006 وهي سيرته الذاتية يعلن فيها عن مثليته الجنسية. وقد أثارت كتاباته حول الموضوع ردود فعل حادة بين مؤيد ومعارض، خاصة أن مسألة «المثلية الجنسية» في المغرب وفي العالم العربي لا تزال تعتبر من ضمن التابوهات المسكوت عنها رغم وجودها.

ويعتبر الطايع أول كاتب وسينمائي في المغرب وفي العالم العربي ينقل موضوعة المثلية الجنسية إلى الشاشة الفضية، من دون مواربة أو التفاف مقتبسا روايته السيرة إلى السينما.

وسبق للفيلم أن فاز في مهرجان جميع شاشات في جنيف سنة 2013 وفي مهرجان الخطوات الأولى في أنجيرس الفرنسية سنة 2014. كما تم توجيه تنويه خاص من لدن لجنة التحكيم للروندي كيفي ريهوراهوزا عن فيلمه «ثنغس أوف دو إيمليس واندرر» الذي نال أيضا جائزة الجمهور، بعد نيله ثقة المتفرجين الذين صوتوا في القاعة. وحسب مدير الخزانة السينمائية بأندلسيا بابلو غارسيا كاسادو، فهذه الجائزة الفخرية «دليل على تفاعل الجمهور مع الفيلم، الذي يعبر عن الاستعمار في رواندا بأسلوب مجدد».

وتدور أحداث الفيلم في زمنين مختلفين، ففي أواخر القرن التاسع عشر، يضل مستكشف أبيض طريقه في الغابة، ويحاول عبثا تحديد موقعه في تلك الغابات المطيرة والكثيفة، يلتقي امرأة شابة. وفي أوائل القرن الواحد والعشرين، مراسل صحافي أجنبي يلتقى بعاهرة في ملهى ليلي، يقضيان الليل معا ولكن في اليوم الموالي تختفي الفتاة في ظروف غامضة. يحاول المراسل معرفة ما حدث لها والانتهاء من تصوير فيلم وثائقي عن رحلته….

وعادت جائزة أحسن فيلم قصير للدورة لفيلم «بو دو كول» أو «يد اللوح» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، التي أحرزت ثقة الجمهور. ويحكي الفيلم قصة الطفلة أميرة ذات الخمس سنوات، التي لا تحب أن تذهب إلى الكتاب القرآني. ومصممة على عدم الذهاب ….لديها فكرة تتجاوز توقعاتها حول عالم آخر. وسبق أن فاز «يد اللوح» بعدة جوائز في أوروبا وأفريقيا سنة 2014 ونذكر منها: المهرجان الدولي للفيلم الشرقي في جنيف، والمهرجان الدولي للفيلم القصير، إكسبيرينس لايدن، في هولندا. ومهرجان السينما المتوسطية بروما، مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، والأيام السينمائية في قرطاج.

وفيما يتعلق بالأفلام الوثائقية المشاركة في المسابقة الرسمية، ارتأت لجنة التحكيم تتويج فيلم «بيتز أوف أنتونوف» للمخرج السوداني حجوج كيكا، نظرا «لتحليله الثقافة كشكل من أشكال المقاومة ضد الاضطهاد». ويسافر بنا «نبضات أنتونوف» إلى عالم المزارعين والرعاة، ومناطق المتمردين في النيل الأزرق وجبال النوبة في السودان، حيث لا زالوا يحمون أراضيهم وحيواناتهم، ويحافظون على ثقافتهم التقليدية، على الرغم من التفجيرات التي تنفذها الحكومة والحرب الأهلية. فتقليديا، شكلت الموسيقى جزءا من الحياة اليومية في هذه المناطق، ولكن الآن لديها دور جديد في مجتمع جريح جراء الحرب. وأيضا وجهت لجنة التحكيم تنويها خاصا بالفيلمين الوثائقيين: «ورش عمل أ» لكل من طارق سامي، ليسي ديش وكريم لوواليش. لأن «الفيلم عالج بحساسية وبساطة مسألة البحث عن الهوية».

الوثائقي الذي يجمع بين التخيلي والشخصي حول إعادة تشكيل أمة. فالوقائع التي سجلها كريم وهو في طريقه إلى بيته في الجزائر، بعد غياب دام عشر سنوات، وجولته في المنطقة الساحلية في ناحية القبائل، تفتح مجال الذكريات… الفيلم هو قوة دافعة للأمام مرتبطة بالواقع وتشكل انعكاسا عميقا للماضي. والفيلم دمج الوثائقي والتخييلي بأسلوب سلس، وفتح الطريق لكيان جديد: جزائر شديدة الشخصية شكلتها الذاكرة والتاريخ. 

ولفيلم «صفارات إنذار فاسو فاني» لمخرجه ميشال زونغو، لقدرته على استخدام السينما ليس فقط لإدانة النظام ولكن أيضا لتغييره. فبعد مرور عشر سنوات من إغلاق مصنع فاسو فاني، وتسريح مئات العمال، يلتقي المخرج معهم وينقل مأساتهم عبر الكاميرا.. فقد كانت كودوغو مدينة النسيج الرئيسية في بوركينا فاسو. وجود مصنع بوركينا فاني، ويعني «نسيج البلاد». وهو مشروع حكومي وواحد من الأعمدة التي عرفتها البلاد بعد الاستقلال، لكن وبعد تطبيق خطط إعادة الهيكلة التي فرضها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ستؤدي إلى وأد المشروع الوطني.

وجائزة أحسن دور نسائي التي عادت للممثلة المصرية حورية فرغلي عن دورها في فيلم «ديكور» لمخرجه أحمد عبد الله، وهو فيلم بالأبيض والأسود، ويحكي قصة مها الشابة المتحمسة للسينما منذ صغرها، وبعد أن أصبحت مديرة فنية صارت خبيرة في خلق عوالم الصور. ونتيجة الضغط الهائل في العمل، تختلط عليها الحقائق فتصبح أمام اشتباك شخصيتين، الأولى هي التي تبدعها من خلال الصور، والثانية شخصيتها الواقعية لذلك فالحدود بين الواقع والخيال تصبح غير واضحة.

وضمت المسابقة الرسمية 16فيلما بين الوثائقي والروائي، أدرجت في مسابقة واحدة: وعرفت مشاركة ثمانية أفلام روائية طويلة، لكل من الفيلم المغربي «البحر من ورائكم» لهشام العسري، و«ديكور» للمخرج المصري أحمد عبد الله ، «شلاط تونس» للتونسية كوثر بن هنية، «لصوص بودا بودا» لمجموعة «دات إيز آس» من أوغندا، «أحب من تحب» لجنا باس من جنوب أفريقيا ، «ستوريزأوف أور ليفز» أو قصص من حياتنا للكيني جيم شيشي و»ثنغس أوف دو إيمليس واندرر»، للرواندي كيفي ريهور اهوزا، بالإضافة إلى الفيلم المتوج «جيش الخلاص» لعبد الله الطايع. 

وفي قسم الأفلام الوثائقية ضمت المنافسة كلا من فيلم «أدي غازي» أو صنع في مدغشقر لمخرجته البلغاشية نانتينة لوفا، و»بيتز أوف أنتونوف» نبضات أنتونوف للسوداني حجوج كيكا، الوثائقي الجزائري»ورش عمل أ» للمخرجين الثلاثة طارق سامي وكريم لواليش وليسي ديش، «حيطان ورجال» للمغربية دليلة إنادري، «امتحان دولة» لديودو هامادي من جمهورية كونغو الديمقراطية، «صفارات إنذار بوركينا فاني» لمخرجه البوركينابي ميشال زونغو ،»كلمة بسيطة» لمريم سيلا وخدي سيلا من السنغال وفيلم «ثورة» للمغربي عزيز أوموسى وصابر سهولي.

وحول إدراج الفيلم الوثائقي والروائي في مسابقة واحدة تحت اسم «إيبيرمتروبيا»، أي مد البصر، اعتبرت ماريون بيرخير أن لجنة البرمجة انحازت إلى الأفلام التي تعكس بحث مؤلفيها لأشكال جديدة، والتي تعبر عن مصدر قلق لإيجاد لغة سينمائية واضحة وأصلية. ولأن الحدود بين التخييلي والوثائقي باتت ضئيلة على نحو متزايد. فبعض الأفلام ابتعدت عن بنية السرد التقليدي، وهو الأمر الذي قد يحير المشاهد، لكن هذه هي السينما.

وعرفت منافسة الفيلم القصير مشاركة 11فيلما وضمت: «في البداية» لمخرجه لامين دييم من السنغال، «ماجيراجير سيتي دروب أوت « أو ماجيراجير المدينة المهجورة لفيليبير إيميه مبابازي من رواندا، والفيلم المغربي «مول الكلب» أي صاحب الكلب لكمال لزرق، «باساج أنيفو»، أو معبر سكة الحديد للجزائري أنيس دجاعد، «بريسيبيس» أو شقة الخلاف أو الهوة للتونسية نادية تويجر، الفيلم الجنوب أفريقي «سيكيريتي» أو حارس أمن لمارك ميدلويك، «توريبيل غوستز» أو صد الأشباح» فقط مرة واحدة لكيفن نينكيوي من غينيا الاستوائية للإيفواري فيليب لاكوست، «حلم مشهد» للمصري ياسر شفيعي، «تواغا» أو لا يقهر للبوركينابي سيدريك إيدو، ثم الفيلم الفائز في المسابقة «بو دي كول» لكوثر بن هنية.

وخارج المسابقة الرسمية عرف المهرجان تنظيم عروض موازية موازية كـ«أفروسكوب» وهدفها تبادل النظرات والتجارب بين صناع السينما الأوروبية المعروفين مثل بيدرو كوستا أو آكي كوريسماكي، مع موهبة السينما الأفريقية، وعبد الرحمن سيساكو. من ناحية أخرى، وأيضا فرصة لتكريم أولئك الذين رحلوا منهم، المخرجة السنغالية خادي صيلا ورينيه فوتييه، الفرنسي الذي أخرج أول فيلم ضد الاستعمار. وقسم «قصص من الماضي» التي دأب المهرجان، منذ عدة سنوات حتى الآن، على تسليط الضوء على الحلقات التاريخية المجهولة في تاريخ القارة. وفي هذه السنة تم الاحتفاء بأنغولا التي تحتفل بالذكرى الأربعين لاستقلالها. وكانت هذه فرصة للعودة لتاريخ هذا البلد، ولأنها مرتبطة ببلاد مجاورة لها تم الاحتفاء أيضا بجنوب أفريقيا.

و«دياسبورا أفريكانا» مخصص للأفارقة المغتربين في أمريكا اللاتينية، وهدف القسم مد الجسر بين أفريقيا وأمريكا، القارتين اللتين لهما ما يجمعهما تاريخيا وثقافيا. كما تنظيم أمسيات نقدية وطاولات مستديرة طيلة فترة المهرجان، كشجرة الكلمات ومقبلات السينما وورشات تعليمية حول تقنيات السينما.

وتم افتتاح المهرجان بفيلم «وداعا كارمن» للمخرج المغربي محمد أمين بنعمراوي ولأسباب تقنية محضة، حسب إدارة المهرجان، لم يتم عرض فيلم «تومبوكتو» لمخرجه عبد الرحمان سيساكو. وتم تكريم الممثل الكاميروني إميل أبوسولو مبو لمساره الفني المتميز وأدواره الرائعة التي أداها في الأفلام الأفريقية أو الأوروبية. وحضر إميل بصفته أيضا عضوا في لجنة التحكيم إلى جانب الناقد الإسباني مارتين باولاي، التي ترأستها المخرجة وكاتبة سيناريو الأنغولية بوكاس باسكوال. وصرحت ماني ثيسنيروس مديرة المهرجان قائلة « هذا العام تلقينا أكثر من 400 ترشيح، وقد تم في النهاية اختيار فقط 16فيلما بين روائي ووثائقي و11 فيلما قصيرا. وكان عنصر الجودة هو المحدد الرئيسي لعملية الانتقاء».

كما وجهت ثيسنيروس نداء إلى حكومة الأندلس ولبلدية قرطبة ولكافة المؤسسات المعنية أن تتحمل مسؤوليتها في دعم المهرجان الوحيد الخاص بالسينما الأفريقية في إسبانيا ومن القلائل في أوروبا، لأننا سئمنا أن ننهي كل دورة بديون ترتفع فوائدها كل مرة ومن التساؤل والحيرة في هل أننا نستمر في الدورة المقبلة. وأضافت أخذت الأمور تتغير بسرعة في السنوات الأخيرة، والمزيد من وسائل الإعلام بدأت في تكريس اهتمام خاص لأشكال التعبير الثقافي في القارة الأفريقية. وحسب ماني فالمهرجان عرف متابعة أزيد من 12ألف مشاهد فقط في المسابقات الرسمية، وعرف مشاهدة 60 فيلما ومشاركة 30 دولة منها 23 من القارة السمراء: المغرب وتونس، الجزائر، أنغولا، بوركينا فاسو، الكاميرون، ساحل العاج، تشاد ومصر، إثيوبيا، غانا، كينيا، مدغشقر، موريتانيا، ناميبيا، نيجيريا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، رواندا، السنغال، السودان، تنزانيا وأوغندا. 

ومن خارج القارة السمراء شاركت كل من الأرجنتين وبلجيكا، البرازيل، كولومبيا، كوبا، فرنسا والبرتغال.

القدس العربي اللندنية في

09.04.2015

 
 

(شومان) تنظم احتفالية بالسينما التونسية الجديدة

عمان - ناجح حسن

تنظم مؤسسة عبدالحميد شومان احتفالية للسينما التونسية بدءاً من يوم الثامن عشر للشهر الجاري وذلك في صالة سينما الرينبو بجبل عمان بحضور عدد من أبرز صناع الفيلم التونسي المعاصر والقائمين على التنشيط السينمائي هناك.

وقال رئيس قسم السينما في المؤسسة الناقد والمخرج عدنان مدانات ان اقامة هذه الاحتفالية المخصصة لابداعات السينما في تونس جاء ضمن توجهات المؤسسة في اثراء المشهد الثقافي الاردني وحقل السينما على نحو خاص بتلاوين جديدة من الابداع السينمائي في بلد مثل تونس كانت له الريادة في احداث نقلة نوعية في تيار السينما العربية الجديدة.

وأضاف مدانات إن السينما التونسية ذات تاريخ طويل وحافل بالإنجازات التي رفدت الفيلم العربي برؤى وأساليب مبتكرة، ساهمت في وضع السينما العربية على مكانة لائقة في تاريخ الفن السابع، مذكرا بافلام عمار خليفي ورضا الباهي وعبداللطيف بن عمار ومفيدة التلاتلي ونوري بوزيد – احد ضيوف الاحتفالية – ومحمود بن محمود والطيب الوحيشي وسواهم كثير.

وبين ان الاحتفالية ستستضيف نخبة من ابرز صناع الفيلم التونسي من بينهم نوري بوزيد صاحب فيلم (ما نموتش) الحائز على العديد من جوائز المهرجانات العربية والدولية وهو الفيلم الذي اختير لافتتاح عروض الاحتفالية، وهناك ايضا الباحث والناقد الاكاديمي المؤرخ السينمائي التونسي عبدالكريم بن قابوس، ومدير قطاع السينما في وزارة الثقافة التونسية فتحي الخراط.

وتضم الاحتفالية مجموعة حديثة من الافلام التونسية المنجزة حديثا والمتنوعة الاشكال بين الروائي والتسجيلي من بينها فيلم (شلاط تونس) لكوثر بن هنية، جميعها تطرح قضايا واهتمامات عدة في أسلوبية جمالية وفكرية جريئة بعيداً عن السائد في الأفلام العربية حيث تدور أحداثها داخل اكثر من بيئة، مثلما تنسج علاقات متباينة بين افراد وجماعات على نحو من التشويق النادر الآتي من بين خليط من العفوية والمشاعر الرومانسية والمواقف العنيفة الآتية من نتاج التفاعلات الاجتماعية والسياسية والثقافية والنفسية في عجلة الحياة اليومية، كانها رحلة رحلة شاقة في البحث عن بصيص أمل من الانعتاق أو البحث عن لحظة من الصدق والحرية والسعادة المنشودة.

فالمخرج التونسي المخضرم نوري بوزيد يعود إلى مقارباته لموضوع المرأة والحرية في فيلمه (ما نموتش) ليصور الصراعات والتناقضات العائلية والمجتمعية العميقة في مرحلة ما بعد التحولات السياسية التي عاشتها تونس مؤخرا في انحياز إلى مفهوم الحرية، مثلما لجأت المخرجة الشابة بن هنية في (شلاط تونس) الى ما يشبه اسلوبية التحقيق الصحفي حول واقعة اعتداء جرت في الماضي القريب ضد فتيات عابرات بدعوى الحرص على الاخلاق، وهو العمل الذي وظفت فيه المخرجة ممثلين غير محترفين لمحاولة فهم وتحليل بنية المجتمع.

كما تتسم الافلام المشاركة بالاحتفالية بتلك الجاذبية والسوية الإبداعية رغم كلفتها البسيطة، الاّ انها محملة بالكثير من المشهديات والمواقف الثرية بالدعابات السوداء والمفعمة بعناصر الجماليات في إطار بصري سلس مشغول بحرفية لافتة تبرز فيه مفردات اللغة السينمائية من ديكورات وموسيقى وتكوينات شديدة الالتصاق بذاكرة وانفعالات شخوص ومجاميع في لحظات مواجهتهم لمصائرهم المتضادة.

الرأي الأردنية في

09.04.2015

 
 

قصص يحيى الطاهر عبد الله في السينما

أفنان فهيد – التقرير

شاعر القصة القصيرة، أو “الجنوبي” كما لقبه “أمل دنقل”. وُلد في قرية الكرنك بمحافظة الأقصر في اليوم الثلاثين من شهر أبريل لعام 1938، عاش بقريته منذ مولده إلى سنة 1959، ثم انتقل إلى قنا للعيش مع صديقيه “عبد الرحمن الأبنودي” و”أمل دنقل”، وفي قنا كتب أول مجموعة قصصية وهي “محبوب الشمس” ثم مجموعة أخرى وهي “جبل الشاي الأخضر”. ثم انتقل للعيش بالقاهرة عام 1964، وأكمل مشوار كتاباته. في حياته القصيرة استطاع “عبد الفتاح يحيى الطاهر عبد الله” أن يحقق ما لم يستطع الكثير من أدباء الستينيات تحقيقه، كما تميزت أعماله بتركيبها اللغوي المنفرد الذي يصعب تقليده أو محاكاته.

انتقل عدد من قصصه إلى السينما؛ منها ما انتقل بشكل مباشر مثل روايته “الطوق والإسورة”، ومنها ما تحول إلى أعمال سينمائية بطريقة غير مباشرة، ولكن مع التدقيق يتضح الرابط بين أعمال “يحيى الطاهر” والعمل السينمائي  المقصود. واليوم في ذكرى وفاته الرابعة والثلاثين، سنلقي الضوء على قصصه في السينما، والترتيب لن يكون حسب زمن الإنتاج؛ بل سيكون حسب وضوح القصة في العمل.

الطوق والإسورة 1986

أولى رواياته التي تحولت إلى فيلم بشكل مباشر، سيناريو بشير الديك ويحيى عزمي والحوار لعبد الرحمن الأبنودي ، وقام بإخراجه “خيري بشارة”.

الفيلم حصد المركز العشرين في أفضل مئة فيلم مصري، ويختلف عن الأعمال الفنية التي تعرض الصعيد بأنه رؤية أكثر مصداقية، خصوصًا في النصف الأول من القرن العشرين؛ فأحداثه تدور في قرية “الكرنك” حيث ولد وترعرع الكاتب “يحيى الطاهر عبد الله”.

خرجت شخصيات روايته لتسير على قدمين؛ فقامت بدور “حزينة” فردوس عبد الحميد، وقامت بدوري “فهيمة” و”فرحانة” شيريهان، وقام بدوري “بخيت البشارة” و”مصطفى” عزت العلايلي. كما قام بدور “أحمد الحداد” أحمد عبد العزيز، وقام بدور “سعد” عبد الله محمود، كما لعب محمد منير دور “محمد” مثقف القرية.

“ماتت أمي وهي بتولدني، سموني حزينة، من يومها ما دوقتش طعم فرحة”.

بين الغائب الذي تحلم والدته ليل نهار بعودته، وبين الإيمان بالدجل والأعمال، وبين القتل ثأرًا للشرف تدور أحداث الفيلم. ويعود الغائب في النهاية ليجد القرية كما تركها منذ عشرين عامًا، لم تزد شيئًا سوى الجهل؛ ليصرخ مصطفى في النهاية: “عشرين سنة.. عشرين سنة وأنا متهيألي هارجع وأقول سبحان مغير الأحوال، لكن لقيت الحال هو الحال، عايشين ع الرغي والحديت والقيل والقال!“.

ينقل الفيلم صورة حيّة لقرى الصعيد، والفقر المدقع الذي يعاني منه أهلها، وطرق العلاج البدائية التي تودي بحياتهم. كما نقل أغاني الفلكلور التي توارثت عبر الأجيال.

ليه يا بنفسج 1992

فيلم من إخراج “رضوان الكاشف” الذي تأثر بكتابات “يحيى الطاهر عبد الله”؛ فنقلها بصورة غير مباشرة لعمله السينمائي “ليه يا بنفسج”، والذي قام بكتابة نصه السينمائي “سامي السيوي”، وقام “الكاشف” بإهداء فيلمه لكتاب الستينيات.

العمل الذي تأثر به “رضوان” في الفيلم هو رواية “تصاوير من التراب والماء والشمس”؛ فحوّل شخصية “قاسم الأعور” الحمّال إلى شخصية “مسعود” العربجي السكير الذي يبكي بالليل والنهار خوفًا من أن يموت ابنه كما سبقه إخوانه. تسيطر عليه الفكرة ليل نهار إلى أن يلحق ابنه  بإخوانه، ليخرج علينا الفنان “سيد عبد الكريم” في مشهد ميلودرامي يحمل جثة ابنه على عربته ويصيح في آسى “ابني مات يا أحمد!”.

كما أكمل اقتباس الشخصيات والأحداث وإخراجها في صورة مختلفة، عرض الفيلم صورة المهمشين والفقراء في حواري القاهرة تحت عنوان أغنية “صالح عبد الحي” ليه يا بنفسج، والتي غنتها الفتاة في المقهى كخلفية للمشهد الميلودرامي بين الصديقين “عباس” و”سيد”.

الفيلم حصد المركز الخامس والخمسين في قائمة أفضل مئة فيلم مصري.

عرق البلح 1980

الأنشودة الخالدة، أو “الصدمة الفنية” كما لقبه النقاد. الفيلم من إخراج وتأليف “رضوان الكاشف”، بالرغم من أنه لم يعرض في السينما سوى أسبوع واحد، ولم يحقق إيرادات مالية؛ إلا أنه حقق إيرادات فنية لحساب السينما المصرية.

قصة الفيلم وفكرته الرئيسة حول القرية القابعة في صعيد مصر التي هجرها رجالها للعمل بالخليج، والفيلم ليس مبنيًا بشكل واضح على كتابات “يحيى الطاهر عبد الله”، ولكن فكرة الجد الكبير، والنخلة العالية التي لا يستطيع أن يتسلقها أحد بعد الجد موجودة في مجموعته القصصية “الدف والصندوق”، وخاصةً في قصة “العالية”.

أهدى “رضوان الكاشف” فيلمه لـ”الجنوبي”، الذي يمكن اعتباره أي صعيدي هجر قريته للعمل بالخارج لتوفير معيشة أفضل لأسرته، ويمكن اعتباره الجنوبي “يحيى الطاهر عبد الله” كما لقبه “أمل دنقل”.

الفيلم عرض صورة أخرى للصعيد؛ إلا أنها تشابهت مع صورته في “الطوق والإسورة”، وخصوصًا في مشهد قتل الكلب في كلا الفيلمين؛ فعندما عجز “أحمد الحداد” عن قتل “فهيمة” في “الطوق والإسورة” قتل كلبه، وفي “عرق البلح” عندما عجز “أحمد مصطفى” عن قتل “شفا” ضرب فأسه في كلبه.

عندما تبدأ الخالة “زيد الخير” في سرد قصة النجع، تترك المشاهد ليصطدم بالواقع القبيح الذي عادة لن يراه في أعمال فنية أخرى.

التصوير في الفيلم قطعة فنية في حد ذاتها، قام بها مدير التصوير “طارق التلمساني”، واللعب بالإضاءة جعل ملامح الممثلين كأنها منحوتة.

في المشهد الأخير، عندما خرج نساء القرية لإنقاذ “أحمد” من براثن الرجال العائدين، اعتمد “طارق التلمساني” على أن تكون الإضاءة مركزة على المشاعل التي تحملها النسوة فيبدو المشهد مظلمًا بشكل كبير كما يليق بالحدث.

قام بتلحين الموسيقى التصويرية للفيلم “ياسر عبد الرحمن”، وقام بتأليف أشعار الأغاني “عبد الرحمن الأبنودي”، وأشهرها بيبة.

الأفلام الثلاثة اشتركوا جميعًا في أنهم خرجوا من رحم كتابات “يحيى الطاهر عبد الله”، واشتركوا في أنهم معزوفة حزينة طويلة، تتخللها بعض نغمات السعادة التي لا تخلو من الشجن.

الأفلام الثلاثة اجتمعوا في الحديث عن الفقر، وعن الغائب المنتظر عودته، وعن الحنين للعودة، وعن الصدمة بعد العودة. الثلاثة عرضوا قصص “يحيى الطاهر عبد الله”، والثلاثة أفلام من أفضل القصص التي قدمت في السينما.

من برودواي إلى هوليوود في سبعة أيام

بلال فضل – التقرير

تشهد نيويورك هذا الأسبوع بدء عرض ثلاثة أعمال مسرحية مناهضة للسياسة الأمريكية، العرض المسرحي الأول يحمل عنوان (الجندي إكس) وهو دراما مناهضة للحروب الأمريكية الأخيرة، من إنتاج فرقة ما ـ يي المسرحية المستقلة، وتأليف الكاتبة ريحانا ليو ميرزا وإخراج لوسي تايبرجاين، ويحكي عن اثنين من جنود البحرية الأمريكية (المارينز) يعودان من الحرب في أفغانستان مصابين بأضرار شديدة على كل المستويات، لتبدأ أخصائية اجتماعية عاملة في البحرية الأمريكية بمساعدتهما، لكن طبيعتها المعقدة والغريبة تزيد الطين بلة، فتسبب مجهوداتها لهما المزيد من المتاعب، وتمتد تلك المتاعب لتلحق بامرأة مسلمة شابة قتل أخوها في إحدى المعارك الحربية التي قامت أمريكا بشنها.

العرض الثاني يحمل عنوان (اسمي راشيل كوري)، وهو مونودراما مسرحية معتمدة على كتابات الناشطة الأمريكية الشهيرة في العالم العربي أكثر من شهرتها في موطنها، والتي قتلت على أيدي الجيش الإسرائيلي في غزة عام 2003، حين كانت تحاول إيقاف قيام جرافات الجيش الإسرائيلي بهدم منازل فلسطينية لبناء مستوطنة، وللأسف لم تذكر ذلك التغطيات القليلة التي أشارت إلى المسرحية في سطور قليلة؛ بل اكتفت بوصفها بأنها “ماتت في غزة”، أو “قتلت في غزة”، ليبدو -حتى ولو تم ذلك بدون قصد- لمن لم يتابع أنها قتلت على أيدي الفلسطينين أنفسهم، والعمل من إخراج جوناثان كين ويقدم على مسرح صغير، هو مسرح (لين ريدجريف)، وربما لم يكن اختيار ذلك المسرح غريبًا عن موضوع العرض، فهي ابنة الفنانة البريطانية الكبيرة فانيسيا ريدجريف المشهورة بمناصرتها للقضية الفلسطينية، والتي دفعت بسبب تلك المناصرة ثمنًا باهظًا من المحاربة في الرزق والتشويه والتجاهل والتعتيم الإعلامي، وربما كانت المفارقة أن هذا العرض الذي تم إنتاجه من قبل أكثر من مرة في عدة مدن أمريكية، على أيدي فرق مستقلة وفي مسارح صغيرة، لن يجد سبيلًا لعرضه ولو حتى في مسرح صغير في كثير من الدول العربية.

العرض الثالث يحمل عنوان (جراونديد) وهو مصطلح يطلق في عالم الطيران على الطيار الممنوع من القيام بطلعات جوية، وتلعب بطولة العرض النجمة الشهيرة الحاصلة على جائزة الأوسكار آن هاثاوي، من إخراج المخرجة الكبيرة جولي تيمور وتأليف جورج برانت، وسيتم عرضها على “البابليك ثياتر” أو ما يمكن تسميته بالمسرح القومي في نيويورك، تحكي المسرحية عن قائدة طيارة حربية تحب عملها وتفتخر به وتجيده، لكنها بعد أن أحبت وتزوجت وأنجبت طفلًا، يتم منعها من الطيران لتحصل بدلًا من ذلك على وظيفة في قاعدة جوية في لاس فيجاس، حيث تقوم بتشغيل وتوجيه الطائرات بدون طيار “drones” التي تقوم بقصف أهداف في أفغانستان وباكستان وغيرها، لتجد نفسها تجلس خلف شاشة لمدة 12 ساعة، لتقوم بقصف أهداف بعيدة، بناءً على توجيهات تأتيها من الأرض، ومن خلال تأثير ذلك العمل عليها يعرض العمل كيف تتطور حياة تلك السيدة، وكيف تختلف نظرتها لعملها وللعالم أيضًا، وتجد نفسها وقد بدأت تحارب عدوًا جديدًا عليها، هو التعاطف مع العدو الذي تقصفه من مقعدها خلف البحار، بعد أن كانت تقصفه من خلال طائرتها. بالمناسبة هناك تشابه كبير بين مضمون المسرحية وبين مضمون فيلم جديد اسمه “قتل جيد” من بطولة النجم إيثان هاوك وتأليف وإخراج المخرج أندرو نيكول الذي كان قد قدم عدة أعمال مناهضة للحرب من قبل، أشهرها فيلم “لورد أوف ذي وور” الذي لعب بطولته نيكولاس كيج حيث استعرض الفيلم العالم الخفي لتجار السلاح، وسيكون لنا وقفة مع فيلم “قتل جيد” قريبًا بإذن الله.

كانت مسرحية (جراونديد) قد حصلت في عام 2012 على جائزة سميث للأعمال التي تدور حول السياسة الأمريكية، وكان قد سبق تقديمها في مطلع العام الماضي في مسرح صغير من إخراج كين راس وبطولة هانّا كابل، وقد لقيت عروضًا نقدية جيدة، لكنها هذه المرة يتوقع أن تشهد اهتمامًا جماهيريًا أكبر، بفضل حماس آن هاثاوي التي وبرغم كل ما قامت به من أدوار سينمائية ومسرحية سابقة، تعتبر المسرحية تحديًا لها؛ لأنها تؤدي العرض منفردة لمدة ساعة وعشر دقائق.

ـ ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد كانت آن هاثاوي حديث عدد من وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، ولكن ليس بسبب مسرحيتها الجادة بالطبع، وإنما بسبب ظهورها المثير في برنامج جديد بعنوان “ليب سينك باتل”، الذي يقدمه النجم إل كول جي، ويطلب فيه من المشاهير أن يقوموا بعمل أداء لأغانٍ شهيرة، ليس بغنائها؛ بل بتحريك شفاههم بشكل سليم مع الأغنية، ليخوض كل نجمين المنافسة على صاحب الأداء الأفضل في كل حلقة من حلقات البرنامج، وقد جذب البرنامج الذي تقدمه قناة (سبايك) أنظار ملايين المشاهدين بعد حلقته الأولى التي تنافس فيها المذيع والكوميديان جيمي فالون مع بطل أفلام الأكشن دواين جونسون الشهير بذي روك، وفاز فيها جيمي فالون بقدرته المدهشة على الاستعراض وإثارة الضحك، لتأتي الحلقة التالية أكثر إثارة وجذبًا للمشاهدين، حيث تتنافس فيها النجمتان آن هاثاوي وإيميلي بلنت، وقد قررت آن هاثاوي أن تقلد في الحلقة شخصية المغنية الشابة المثيرة للجدل مايلي سايروس، فلا تحرك شفاهها فقط وهي تغني أغانيها؛ بل وترتدي الهوت شورت الذي غنت به مايلي، وتقلد حركات اللسان المثيرة التي تقوم بها، ليتحول الفيديو الترويجي للحلقة إلى واحد من الأكثر مشاهدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن يدري، ربما تحمست آن هاثاواي لتلك الحلقة، لتوجه رسالة لمن يهمه الأمر من المخرجين والمنتجين، بأن لجوءها للمسرح المستقل متواضع الإمكانيات، لا يعني أنها راغبة في الخروج من دائرة اهتمام الملايين، خاصة وأنها تعتبر الاستعراض والغناء أمرًا مهمًا بالنسبة لها، كما بدا من خلال دورها في فيلم (البؤساء) الذي حصلت فيه على جائزة أوسكار أحسن ممثلة.

ـ بالمناسبة كانت آن هاثاوي قد قدمت من قبل بمصاحبة الممثل المثير للجدل جيمس فرانكو أداءً استعراضيًا غنائيًا في تقديم حفل جوائز الأوسكار قبل سنوات، أثار استياء الكثيرين وقتها، وتم وصفه بأنه أسوأ تقديم لجوائز الأوسكار على الإطلاق، وقد جاءت سيرة ذلك الأداء السيئ لآن وله أكثر من مرة، في حلقة أذيعت الأحد الماضي من برنامج “كوميدي سنترال روستينج”، والتي تقدم فيها قناة كوميدي سنترال تقليدًا أمريكيًا شهيرًا، يتم فيه استضافة نجم بصحبة أصدقائه ورفاق مهنته، ليقوم كل منهم بتقطيعه أو شويه بكلمات ساخرة يختلط فيها الجد بالهزل، ومن هنا جاء اسم “روستينج” الذي يعني التحميص أو الشوي، ثم يختم المتحدث مداخلته بكلمات يعبر فيها عن محبته له، ويسلم على صديقه بروح رياضية، على أن يقوم كل متحدث بسلخ وتقطيع النجوم الحاضرين بكلامه الساخر، وتترك الفرصة لنجم الحلقة في النهاية بالانتقام من الجميع، والحقيقة أنني في كل مرة أشاهد فيها حدثًا من هذا النوع، سواء في كوميدي سنترال أو غيرها، أندهش من قدرة الجميع على تحمل السخرية المرة والعنيفة والجارحة أحيانًا، بروح رياضية مدهشة، بنفس الطريقة التي لا يفوتون فيها فرصة الرد بكل ما أوتوا من قوة، مع أن ذلك لو حدث لدينا لانتهت الحلقة بعد خمس دقائق من بدايتها؛ لأننا نفضل أكثر المبالغة في التكريم والاحتفاء الزائف، ونحتفظ بآرائنا الحقيقية في بعضنا لجلسات النميمة والتقطيع في فروة بعض.

شهدت الحلقة المخصصة لسلخ جيمس فرانكو وتكريمه في نفس الوقت مداخلات من عدد من نجوم الكوميديا من أبناء جيله على رأسهم سيث روجان وجوانا هيل وبيل هايدر وسارة سيلفرمان وعزيز أنصاري وآندي سامبرج، وقد تبارى فيها الجميع في إظهار قدرتهم على الذهاب بعيدًا في السخرية، وكان أبرعهم وأشدهم جموحًا جوانا هيل، أما ألطفهم وأكثرهم إثارة للضحك فقد كان عزيز أنصاري الذي لم يفوت فرصة السخرية من أصله الهندي، من إحدى الممثلات الشابات المشاركات، فوجه لها ضربات ساخرة ساحقة في نهاية حديثه.

ـ مجلة “ذي نيشن” الأمريكية العريقة أصدرت قبل أيام عددًا خاصًا ومدهشًا احتفلت فيه بمرور 150 عامًا على انطلاقها، العدد المكون من 270 صفحة تضمن مقتطفات من أهم المقالات والتعليقات والقصائد ورسوم الكاريكاتير التي نشرتها المجلة عبر تاريخها بوصفها أقدم مجلة أمريكية مستمرة في الصدور بشكل منتظم حتى الآن، ليأتي بمثابة استعراض تاريخي لمئة وخمسين سنة من عُمر السياسة الأمريكية ومن مشوار الثقافة العالمية أيضًا، لتقرأ في العدد مقالات وأعمالًا أدبية لأسماء بحجم وأهمية ألبرت أينشتاين وآرثر ميلر وجور فيدال وجون شتاينبك وتي إس إليوت وناعوم تشومسكي وهاوارد زين وإدوارد سعيد وتوني موريسون وهنري جيمس وناعومي كلاين وآلان جينسبرج وإيما جولدمان ولانجستون هيوز وجيمس بالدوين وأميري بركة ومايكل مور ورالف نادر ومارلين روبنسون ومارتن لوثر كينج وإقبال أحمد وأو إتش أودن وحنا أرندت وراي براد بري ومحمود درويش وروبرت فروست وسيلفيا بلاث وجان بول سارتر وآن سيكستون وأليس وولكر وويليام ييتس، والقائمة أكبر من أن أوردها كاملة هنا، فقد ذكرت منها فقط الأسماء المعروفة في عالمنا العربي، بسبب ترجمة الكثير من أعمالها، وهو ما أعطاني تأكيدًا إضافيًا على الضعف المخجل لحركة الترجمة في العالم العربي، حين قرأت تعريفات المشاركين في عدد المجلة الخاص، الذين سمعت باسمهم لأول مرة، في حين يمتلكون إنجازات مهمة تذكرها المجلة في تعريفها بهم.

لم تقم المجلة بنشر تلك المساهمات بشكل عشوائي؛ بل قامت بتبويبها ضمن أقسام يشكل كل قسم فترة زمنية من عمر المجلة، ليقرأه القارئ في السياق الذي تم نشره فيه، ولتضع المجلة إلى جوار تلك المقالات مقتطفات من تعليقاتها على الأحداث المهمة في كل فترة، مصحوبًا بعدد من أغلفة المجلة، ثم حرصت على أن تنثر في صفحات العدد الخاص بعضًا من التعليقات الإيجابية التي أدلت بها أشهر الشخصيات الأمريكية والعالمية بحق المجلة، لكنها وضعت تلك التعليقات في مربعات صغيرة في ذيل الصفحة، لتوصل للقارئ أن تلك التعليقات لم تكن لتظهر، لولا ما قدمته المجلة من خدمة صحفية، واستمرارها في الانحياز لسياسة تحريرية مناهضة للتيار العام في السياسة الأمريكية، وهو ما جعلها تتعرض لاتهامات شرسة عبر تاريخها من اليمين الأمريكي الذي اتهمها بالشيوعية وخيانة الوطن، كما جعلها تتعرض لأزمات مادية عنيفة هددت بإغلاقها قبل سنوات، ليتم تنظيم حملات من الاشتراكات والتبرعات، ساعدتها على الاستمرار في دورها في تقديم صحافة مختلفة تحترم قارئها الذي يعرف أن أهم ما تقدمه له ليس الورق المصقول الذي تقدمه مجلات أخرى؛ بل المضمون المتميز والمتنوع، والذي كان آخره ما قدمته في عددها الأخير قبل يومين، عن كشف فضيحة تورط فيها العديد من الضباط والجنود الأمريكيين في كولومبيا قبل سنوات، حيث قاموا باغتصاب العديد من الفتيات القاصرات، وقد أحدث الموضوع فور نشره ضجة كبيرة، يتوقع أن يتم على إثرها فتح تحقيق جنائي في الموضوع.

ـ بعد سنوات طويلة من تجربة العيش المرير في الظل، بعيدًا عن وهج النجومية الذي لازمه كثيرًا، يعود الممثل الكبير مايكل كيتون ليستمتع بثمار نجاحه في بطولة فيلم (بيرد مان) الذي حصد العديد من جوائز الأوسكار الأخيرة، لم يكن من بينها أوسكار أفضل ممثل الذي كان مايكل كيتون ينتظره بفارغ الصبر؛ بل ورأى الملايين كيف أخرج من جيبه خطاب الفوز في اللحظات الأخيرة، قبل أن يعيده إلى جيبه ثانية، لكن مايكل كيتون تجاوز تلك الخيبة سريعًا، وهو يرى كيف يتسابق الجميع للاحتفاء به، وكيف تعود العروض الفنية لكي تنهال عليه ثانية، ليحقق واحدة من أقوى الـ  come – backs في تاريخ هوليوود، ربما لم تحدث من قبل إلا للنجم روبرت داوني جونيور، الذي خفتت عنه الأضواء لفترة طويلة، ثم عاد ليصبح اسمه مرتبطًا بالأفلام التي تحقق أقوى الإيرادات، ومع أن مايكل كيتون يأمل في مصير كهذا، لكنه أيضًا يخشى أن يتكرر له ما حدث مع النجم ميكي رورك الذي عاش نفس معاناة خفوت الأضواء، ثم عاد بقوة رهيبة في فيلم “ذي ريستلر” قبل سنوات، والذي كان فيلمًا شبيهًا لفيلم بيرد مان في اختلاط بعض تفاصيله بتفاصيل الممثل الذي يقدم بطولة شخصيته الرئيسة، وعاش ميكي رورك بعد ترشيح الفيلم لعدد من جوائز الأوسكار والجولدن جلوب فترة من الانتعاش لم تدم طويلًا، ليعود بعدها إلى التخبط الفني.

مايكل كيتون أثبت من خلال ظهور قوي له السبت الماضي في برنامج (ساترداي نايت لايف) الشهير، أنه لا زال يمتلك قدرته القديمة على تقديم الأداء الكوميدي بشكل متميز، ليعيد إلى أذهان ملايين المشاهدين، تألقه في العديد من الأفلام الكوميدية الكبيرة والناجحة، ولم يجد مايكل كيتون كأغلب من يوافقون في الظهور في البرنامج، على أن يقدم سخرية من تأثره الشديد بشخصيتين لعبهما في فيلمي (باتمان) و(بيتل جويس)، وكيف طغى نجاح الشخصيتين على مسيرته الفنية، بشكل أثر فيه، وقد اختار البرنامج أن يقدم أغنية ساخرة من هذا الموقف اشترك فيها مايكل كيتون مع اثنين من ألمع ممثلي البرنامج الشباب، لتكون تلك بداية قوية لمشاركته المتميزة في البرنامج الذي لم يشترك فيه منذ أكثر من عشرين عامًا، وليأتي تذكيره بتلك الحقيقة، إشارة غير مقصودة إلى الانتعاش الذي يحققه الآن؛ لأن المعروف عن برنامج مثل (ساترداي نايت لايف) أنه لا يتيح فرصة الاشتراك في تقديمه إلا للشخصيات التي يزداد لمعانها ونجاحها، ولا أدري لماذا شعرت وأنا أطالع وجه مايكل كيتون في نهاية الحلقة وهو يتلقى التهاني من رفاقه في الحلقة، أنه على قدر سعادته بنجاحه في الحلقة، بالتأكيد يفكر في كم من الوقت سيمضي، قبل أن يعود ثانية لتأكيد نجاحه من خلال منبر (ساترداي نايت لايف)، لكي لا تخفت أضواء نجوميته من جديد.

التقرير الإلكترونية في

09.04.2015

 
 

بعد ربع قرن .. امرأة جميلة تكشف أسرارها القبيحة

كتبت - امانى ربيع

ربع قرن كامل مر على أحد أجمل الأفلام الرومانسية في السينما العالمية «امرأة جميلة» الفيلم الذي دشن جوليا روبرتس نجمة التسعينيات بلا منازع ليصبح الوجه متواضع الجمال الذي تضيئه ضحكتها التي تكشف عن أسنانها البيضاء وروحها التي تطل من عينيها رمزا للجمال في العالم.

لم يكن الفيلم مبهرجا ولا مغرقا في التفاصيل ربما هو تنويع على قصة «السندريلا» مع مسرحية برنارد شو الشهير «سيدتي الجميلة» قصة بسيطة عن الفتاة الفقيرة «فيفيان وورد» التي تعمل فتاة ليل في ضواحي لوس أنجلس قرب هوليوود والتي تلقي بها الصدفة أمام رجل أعمال شاب وجذاب «إدوارد لويس»، وهناك اتفاق عن أن تظهر الفتاة معه في المجتمع كرفيقة لمدة أسبوع يغير مجرى حياتهما إلى الأبد.

كالعادة يقع الأمير في غرام الفتاة البسيطة، يكسوها بالحرير ليطمث ماضيها يهبها وجها جديدا لا يخفي روحها المنطلقة التي أسرته في الأصل لكن الماضي يعكر صفوهما ويعود ليلاحقها مجددا لكن كما القصص الخرافية تنتهي ........ الحدوتة نهاية سعيدة.

كل هذا جميل، لكن وبعد ربع قرن على إنتاج الفيلم يعود كاتب السيناريو جي أف لاوتون ويفجر مفاجأت متوالية عن السيناريو الأصلي للفيلم قد تشكل صدمة لعشاقه.

يقول لاوتون: إن السيناريو الأصلي للفيلم لم يكن كوميديا ولا رومانسيا وإنما دراما عن الإدمان تنتهي بنهاية حزينة للبطلة حيث يلقى بها الحبيب الوسيم خارج سيارته ويقذف في وجهها النقود كإهانة لها، وهو عكس النهاية التي نعرفها جميعا بطلب يديها للزواج عبر الشرفة، لكن التغيير الجذري في السيناريو جاء بعد أن أسند الإخراج لجاري مارشال عراب نجاح الفيلم الساحق، والمدهش أن جاري مارشال لم يكن مقتنها بجوليا روبرتس كبطلة للفيلم والتي كانت وجها جديدا وقتها، وعلقت جوليا على ذلك قائلة: "لم يكن جاري مارشال منبهرا بي، وقال لي إنه لا يدري ماذا يفعل بي، وبأنه سيفشل في جعلي أنيقة".

وخلال لقاء تلفزيوني جمع أبطال العمل ريتشارد جير وجوليا روبرتس والمخرج جاري مارشال مع المذيع مات لاور في برنامج «تو داي» بمناسبة مرور 25 سنة على إنتاج الفيلم الشهير الذي حجز مكانه مع كلاسيكيات السينما العالمية، فجر جير مفاجأة جديدة حيث كشف عن رفضه أكثر من مرة تجسيد دور رجل الأعمال الثري وبرر رفضه قائلا: "لم يكن هناك دور بالمعني المعروف، فالدور كله عبارة عن بدلة"، واستشهد بنكتة "يمكنك أن تجعل معزة ترتدي بدلة وستنجح في الدور!".

ريتشارد لم يكتف بذلك بل وصف الفيلم الذي منحه الشهرة بأنه "كوميديا رومانسية سخيفة"، وأضاف "الناس يسألونني عن الفيلم، لكني نسيته تمامًا".

وعند سؤالهم عن السر وراء عدم تقديم جزء ثان من الفيلم أكد الجميع أنهم قطعوا عهدا منذ البداية بأنهم لن يقدموا جزءا جديدا من الفيلم إلا وهم فيه جميعا.

مهرجان سينما الطفل .. إلى أين؟

كتب - طاهر البهي

اختتم مهرجان القاهرة الدولي لسينما وفنون الطفل أعماله، ولم نشأ أن ننتقد أسلوب إدارة فعالياته طوال أيام نشاطه، إيمانا منا بأن التقييم يكون بعد نهاية الفعاليات وليس أثناءها، حتى نعطي الفرصة للتصحيح الذاتي من قبل إدارته..

وبداية نحن نعلم من خلال الكواليس أن المهرجان تقرر إقامته فجأة في أثناء وجود الوزير السابق د.جابر عصفور، ولعل حضوره المؤتمر الصحفي الخاص بالدعوة لعقد المهرجان كان آخر نشاط يقوم به د.عصفور، فالمهرجان لم يكن على خريطة النشاط في هذا التوقيت، وهذا يكشفه حشد العديد من القيادات لتدشينه في هذا الوقت القصير، حيث تم تكليف ثلاث قيادات للتعاون فيما بينها لإنجازه بمسميات وظيفية مختلفة هم السادة والسيدات: رئيس المهرجان ومدير المهرجان وأمين عام المهرجان، ومبكرا أدركنا أن الجميع مدعوون لإنجاز مهمة صعبة، خاصة أن المهرجان توقف لثلاث سنوات متتالية، وكان يمكننا تقبل ذلك لو صارحنا السادة والسيدات المشار إليهم أعلاه بصعوبة المهمة، ولكننا فوجئنا خلال المؤتمر الصحفي بـ دي جي، وأطفال تلعب وتمرح على إيقاعه، وهو شيء جميل، ولكن عندما سألت رئيس المهرجان السيدة سهير عبد القادر وهي صاحبة الخبرة الكبيرة في إدارة المهرجانات الدولية بصلاتها الواسعة بالخارج، سألتها عن أسماء المكرمين للدورة 22 من عمر المهرجان؛ فأجابت ـ ولعل إجابتها كانت تحمل مراوغة مشروعة اعتدنا عليها نحن الصحفيون ـ بقولها: أسماء المكرمين (مفاجأة) ولن يعلن عنها الآن! رغم أن المؤتمر الصحفي مخصص لإعلان كافة التفاصيل من أجل أن يتابع الصحفيون أعمالهم وواجبهم نحو القارئ!

ولكن كانت المفاجأة أكثر وضوحا عندما توجهت بنفس السؤال إلى أحد أصحاب الصلة ـ أعفيه من الحرج ـ فقال في وضوح: لم يتم الاستقرار على الأسماء المكرمة!

وفي داخل قاعة المؤتمر الصحفي بمركز الهناجر للفنون، تم توزيع حزمة من الأوراق يشوبها نقص حاد في المعلومات ودون وجود صورة واحدة لا من الأفلام المشاركة، ولا من المكرمين ـ طبعا ـ ولا حتى المسئولين عن إدارة المهرجان!

وفوجئنا بخطب عصماء ـ نكرر التأكيد أن ذلك كان قبل تولي معالي الوزير الحالي دكتور عبد الواحد النبوي مهام المسئولية الصعبة ـ وخفف من الموقف الفنان الكبير محمد صبحي بكلمته التي جمعت بين خفة الظل والفكر الجاد، ولاحظنا أن هناك طموحا زائدا عن الامكانيات لاسيما في وضع مخطط الندوات المقترحة، وأغلب الظن وليس كل الظن إثم، أنه تم وضع الخارطة والضيوف قبل التشاور معهم، فحدث ما شاهدناه جميعا من إلغاء لندوات مهمة في محاورها واعتذارات بالجملة ومن ثم إلغاء الندوات، وكانت الطامة هي إدارة ندوات لم يحضرها من الجمهور سوى أربعة أشخاص من بينهم ثلاث من أسرة الصحافة، مع غياب تام للفنانين ما حرم الأطفال المشاركة من إدارة حوار حقيقي مع نجومهم المحبوبين، فكانت متعتهم الوحيدة في حضور عرض نجم عروض الفقاعات العالمي "توم نودي".

ملخص القول إن مهرجان سينما وفنون الطفل إن استمر في أسلوب العمل في الوقت الضائع سوف يفقد سمعته التي كونها بعرق القائمين عليه خلال سنوات امتدت لعقدين من الزمان، وإن لم يشهد تعاملا بجدية من الآن استعدادا للدورة الـ 23 العام القادم بإذن الله، فإنه سيشجع الجميع على الإنصراف!

كما نتمنى من القائمين عليه أن يخصصوا محورا واحدا واضحا يعملون على دراسته ووضع الحلول له، فمخاطبة طفل اليوم في عالم يسوده الاضطراب والإرهاب، يحتاج جدية أفضل منا جميعا.

حواء المصرية في

09.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)