كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

سينما المخرج البرتغالي الراحل أوليفيرا ..

ذاكرة فطنة لتفاصيل الحياة

عمان - ناجح حسن

 

عاش المخرج السينمائي البرتغالي المخضرم مانويل دي أوليفيرا الذي أعلن عن وفاته قبل أيام عن مائة وستة أعوام، عن سائر اقرانه من صناع الأفلام مسيرة حياتية وعملية مديدة حافلة بالابداع تكاد تتطابق مع تاريخ الفن السابع ذاته في موطنه الأصلي بالبرتغال.

رفدت اعمال أوليفيرا السينما الأوروبية والعالمية بقائمة واسعة من الاشتغالات المتنوعة التي تجمع بين الروائي والتسجيلي بشقيها القصير والطويل منذ فجر العقد الثالث من القرن الفائت، وصولا إلى الأسابيع الأخيرة من حياته الطويلة، وكان قدّم للشاشة البيضاء آخر نتاجاته وهو الفيلم القصير المسمى (رجل عجوز من بيلم) الذي عرض قبل ستة أشهر في الدورة الأخيرة بمهرجان فينيسيا الأخير في إيطاليا، حيث ألمح آنذاك بأنه يعمل حالياً على إنجاز فيلم روائي طويل جديد!، وهو الذي أخرج أحدث أفلامه الروائية تحت عنوان (غيبو وظله) قبل عامين وعرض خارج المسابقة في مهرجان فينيسيا أيضاً.

ظلّ أوليفيرا على الدوام حاضراً بأعماله المتباينة الرؤى والأساليب الممتعة والبليغة الإشارات والدلالات، التي تنحاز للبسطاء وهو الذي ينحدر من أصول لعائلة ثرية تتبوأ مكانة مرموقة في المجتمع البرتغالي، حيث أنجز أولى أفلامه العام 1931، وكان من النوع التسجيلي الصامت عن حكايات وقصص انسانية تخص شريحة من عمال بسطاء يتناوبون العمل على مجاري واقعة على ضفتي نهر مجاور لمسكن أسرته في مدينة بورتو البرتغالية التي شهدت بزوغه على الحياة وترعرع فيها قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة فيها.

مع بدء سعير الحرب العالمية الثانية، آثر أوليفيرا الشاب أن يقدم للسينما فيلمه الروائي الطويل (أنيكي بوبو) الذي انطلقت اولى عروضه العام 1941 ، وقدّم من خلاله معالجة واقعية لتفاصيل في الحياة اليومية من خلال ذاكرة طفل من مدينة بورتو مسقط رأسه، لكن العمل ووجه بالنقد والصدّ من الأوساط البرتغالية المحلية، بسبب الأزمة الاقتصادية التي كانت تعصف ببلده آنذاك، ثم أتبعه بافلام قليلة تعد على اصابع اليد الواحدة لم تلقى جميعها الاهتمام الكافي من عشاق السينما ونقادها في المحافل والملتقيات والمهرجانات الدولية الاّ بعد أربعة عقود من الزمان، حيث آثر ان ينجز عملاً واحداً كل عام يطل فيه على رواد السينما في موطنه وعلى النقاد في مناسبات اوروبية وعالمية.

منذ عقد الستينات من القرن الماضي واجهت أفلام أوليفيرا تحديات جسام من قبل رواد الصالات في السوقف السينمائية وايضا من قبل النقاد حيث لم يجري الإحتفاء بها وتقديرها على النحو المأمول، فقد كانت البرتغال تحت وطأة رقابة متعسفة في قراراتها اضطرته التوقف عن الاخراج الى العام 1970 عندما شهدت البرتغال تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية تميل الى الانفتاح على تيارات ومدارس السينما الجديدة بعد ان كانت النظرة اليها انها افلام نخبوية وتتعالى على ذائقة رواد الصالات التي ظلت اسيرة الفهم الساذج لأنماط من الافلام التجارية السائدة.

مثل هذه النظرة الجديدة لأفلام أوليفيرا سواء بصفته كاتبا للسيناريو او مخرجا منحته طاقة مضاعفة للإبداع خاصة بعد ان جرى التفات نقاد ومنظري تيار الموجة الفرنسية الجديدة ورأوا فيها مزايا إبداعية تعطي للفيلم الأوربي رونقه الخاص وينهض في اداء ادوارها باقة من ألمع نجوم السينما الأوربية مثل الفرنسي ميشيل بيكولي ومواطنته الممثلة كاترين دونوف والإيطالي مارسيلو ماستروياني والأميركي المقيم في أوروبا جون مالكوفيتش، وفيها أخذ مسار أوليفيرا السينمائي يتوجه إلى الشراكة مع نتاجات السينما الفرنسية التي كرسته كواحد من أقطاب الفن السابع إلى جوار قامات سينمائية رفيعة في أرجاء العالم، فهو منذ ذلك الحين أي في عقد الثمانينيات أصبح موضع تقدير القائمين على مهرجانات السينما العالمية الشهيرة: كان، فينيسيا، برلين، طوكيو، هونغ كونغ، تورنتو، سان سبيستان، سان باولو ، وجنوب افريقيا وسواها كثير، حيث أفردت له ولأعماله زوايا الإحتفاء والتكريم وظفر بالعديد من الجوائز السينمائية الكبرى منها جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا أكثر من مرة، واحدة عن مشاركته في مسابقة المهرجان، والثانية عن مجمل مسيرته الإبداعية الطويلة في حقل الفن السابع.

وصل مجموع أفلام المخرج أوليفيرا الذي شق طريقه في صناعة الأفلام على نحو مضاعف منذ وقوفه على أعتاب العقد الثامن، إلى أزيد من ثلاثين فيلماً روائيا وضعفها من الافلام التسجيلية التي توثق لتفاصيل الحياة اليومية في أرجاء موطنه البرتغال، فهو طالما كان يفاجئ رواد تلك المهرجانات بحيويته وإنطلاقته المثابرة غير آبه بمتطلبات سنوات شيخوخته فهو كان يتابع عروض أفلامه وعروض أقرانه وما يحققه النشء الجديد من مخرجي العالم الشباب بشكل دقيق ونابه في المهرجانات العالمية التي كانت تحتضن أعماله أو يحل ضيفاً عليها فقد كان حريصاً على حضور عرض أفلامه في المهرجانات السينمائية الدولية، كان آخرها مهرجان فينيسيا 2012.

في أغلبية أفلام أوليفيرا ثمة طروحات سياسية وأخلاقية وإنسانية بليغة المضامين، دائماً تنطوي على رسائل وأسئلة وقيم عميقة، لكنها في المجمل دعوة صريحة إلى الحياة بأمل والقفز عن المعوقات فضلاً عن كونها دعوات الى التسامح بين البشر والثقافات، تعمّد فيها إلى إتباع أسلوبية جمالية تنحاز إلى الإيقاع البطيء أو إلى بنية درامية محدودة الأمكنة والفضاءات والمستلة من نصوص سردية في حقول الأدب المسرحي والروائي والقصصي وصولاً الى القصيدة الشعرية، لكن مثل هذه المناخات الصعبة على رواد السينما ومتذوقيها دفعت الكثير منهم إلى متابعة كل جديد يحمل توقيع المخرج الراحل ومشاهدته بشغف وحرص ومتابعة متأنية بغية الاندفاع الى كنه تلك الابداعات والغوص في متنها ومضامينها ودوافعها الانسانية الرحبة.

مشوار أوليفيرا مع الفن السابع ثري ومتميز وغزير وهو مديد، وليس من الغرابة أن أطلق عليه النقاد لقب عميد سينمائيّي كل العالم قاطبة، فقد شارك وهو في عامه المائة ضمن فعاليات دورة مهرجان (كان) السينمائي العام 2010 بفيلمه المعنون (آنجيليكا القضية الغريبة) وهو المهرجان الذي عمد الى تكريمه في دورة العام 2008 بوصفه أكبر المخرجين سناً مِمَّن هم على قيد الحياة ولم يتوقفوا عن العطاء للسينما العالمية، وجرى تسليمه جائزة ذهبية خاصة مُنحت له تقديرا لدوره الريادي في صنع أفلام سينمائية تفيض بمفردات اللغة السينمائية تعانق دواخل الذات البشرية في مناخات فريدة.

ستظل أعمال المخرج الراحل أوليفيرا عالقة في ذاكرة عشاق السينما، وسيبقى إسمه لامعاً في تاريخ السينما الأوروبية والعالمية على السواء، كونه صاحب حصاد نوعي ومتين الأفكار والجماليات، توّج مسيرته الطويلة بتقدير النقاد لدى استعادتهم مجمل نتاجه الإبداعي كما منحته مهرجانات الفن السابع الراسخة الموزعة في أرجاء المعمورة الجوائز الرفيعة التي تليق بعطائه الدؤوب.

الرأي الأردنية في

05.04.2015

 
 

سينما 2015

تقدمها: خيرية البشلاوى

استفتاء حول أفضل 10 أفلام في تاريخ السينما

اعتادت المجلة البريطانية المتخصصة "سايت اندساوند" ان تعلن كل عشر سنوات عن أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما وذلك من خلال استفتاء شارك فيه عام 2014. 358 مخرجاً سينمائياً من دول مختلفة منهم وددي الين. ونوري بلج "التركي" وكونتين ترانتينو "أمريكي" والأخوان داردين "بلجيكي"وتيرنس دافيز "بريطاني" جيلرمو ديل تورو "مكسيكي" ومارتن سكورسيس "أمريكي" واليفييه آسياس "فرنسي" ومارتن مان "أمريكي" وجي مادين "كندي" وفرانسيس فورد كوبالا "أمريكي" ومايك لي "بريطاني" واكي كوريسماكي "فنلندني". 

والأفلام العشرة حسب الترتيب هي

"1" "قصة طوكيو" "48 صوتاً"

قصة محكمة حساسة تجعل المتفرج يعايش حدة التوترات والاحتياجات التي تفرضها الحياة الحديثة علي أفراد الأسرة.." "أدور جوبالا كريشنان". 

"2" اوديسا الفضا: "42 صوتاً" ستانلي كوبريك "1968"

هذا الفيلم شاهدته اكثر من أي فيلم آخر في حياتي. ربما أربعين مرة أو أكثر "الكلام للمخرج جاسبر نوي" لقد تغيرت حياتي عندما اكشفته وعمري سبع سنوات وأعيش في مدينة بنويس ايرس

انه التجربة الأولي التي جعلتني مفتوناً بالسينما. ونقطة التحول الكبيرة فنياً وأيضاً اللحظة التي ارتضت فيها أمي أخيراً ان تشرح لي ما هو "الرحم" وكيف جئت إلي العالم. ومن دون ذلك لم يكن من الممكن أن أصبح مخرجاً

"3" فيلم المواطن كين: "42 صوتاً" أورسون ويلز "1941"

يظل الخيال الذي اعتمد عليه أورسون ويلز مخرج وبطل هذا العمل مثيراً للدهشة وملهما.. انها السينما التي تتطلع إلي الفن العظيم والأهمية السياسية والتناول الجسور لفنون العرض وأيضاً التأثير الدائم والاثاري الذي لا يفقد حيويته ورونقه مع الزمن" "كنيث براناه". 

"4" فيلم الثامنة والنصف "1963 للمخرج فيدريكو فلليني" "40 صوتاً"

فيلم الثامنة والنصف شاهدته ثلاث مرات وسط الجمهور في قاعة السينما. انه الفوضي في أكثر تجلياتها أناقة وسحراً. فأنت لا تستطيع ان تزيح بصرك بعيداً عن الشاشة حتي وأنت لا تعرف إلي أين يتجه. انه معالجة لسطوة السينما التي لا يمكن فهمها بالكامل ولكنك تستلم لها بغض النظر إلي أين ستأخذك. "بن إك راتانا نونج". 

الفيلم عمل كلاسيكي حقيقي يمتلك الحميمية والعالمية في ذات الوقت. ان تتحدث عن السينما من خلال السينما يتطلب صوتاً لا يهتز عند التعبير عن الافتتان والصفاء انه فيلم يتحدث عن الحياة وبنفس القدر عن الفن ويربط بينهما بثقة انه صورة للراوي وللحرفة يمتليء بالحسية والعرق. انه قصيدة غارقة في الغرام والولع بالسينما

"جيلرمو ديل تورو

"5" سائق التاكسي "34 صوتاً" "مارتن سكورسي 1976

الفيلم مفعم بالحيوية. ساحر. يستحوذ بالكامل علي اهتمامك "سائق التاكسي" عمل يحول المدينة والزمن والحالة العقلية إلي كابوس يقظة مرعب في واقعيته وفي نفس الوقت أشبه بالحلم
"6"
القيامة الآن "33 صوتاً" المخرج فرانسيس فورد كوبولا "1979

يشيع كوبولا في هذا الفيلم درجة عالية من الاثارة واجواء من العتمة في رحلة البحث عن الذات رحلة مثقلة في غياهب الضياع والقدم..كل ذلك من خلال مشاهد بصرية أوبرالية وعبر سرد قصصي قوي وبأعلي درجات الصعوبة.. انه رائعة سينمائية.. "مايكل مان

"7" الأب الروحي "31 صوت" فرانسيس فورد كوبولا "1972"

فيلم كلاسيكي لكن لا يمكن ان نمل من رؤيته.. فالسيناريو شديد الاحكام ورحلة الابن "مايكل" واحدة من أفضل الاعمال الابداعية التي يمكن أن يقوم بها البطل.. "جستين كيرزل

"8" فيلم فرتيجو " vertigo" "31 صوتاً" للمخرج الفريد هتشكوك "1958"

انه الفيلم الذي عاودت التفكير في كثير من مشاهده مرات ومرات "ميراندا جولي

"9" فيلم "المرآة" "30 صوتاً" للمخرج اندريه تاركونسكي "1974"

كنت في سن الثالثة عشرة عندما شاهدت هذا الفيلم لأول مرة.. وفي هذه المرة أدركت ان هناك أفلاماً ليس المقصود فهمها.. انها شاعرية السينما أو السينما كقصيدة شعر في انقي صورة "الكسي بوبوهربسكي

"10" فيلم "سارقو الدراجات" "29 صوتا" المخرج فيتوريو دي سيكا "1949". 

انه العمل المفضل جداً بالنسبة لي انه أكثر الأفلام انسانية وسياسية في تاريخ السينما.. "روي أندرسون".

38 عاماً علي الرحيل

الموعود بالعذاب.. والخلود في قلوب الناس

في الذكري السنوية لوفاته تنشغل وسائل الاعلام الجماهيرية بالمناسبة .. ويعاد نفس الكلام عن عبد الحليم حافظ "1929 - 1977" وتتكرر نفس الاسئلة السخيفة والمملة

هل تزوج عبد الحليم حافظ من سعاد حسني؟ 

ثم اسئلة أتفه عن التي غني لها "بتلوموني ليه" وماتت بورم في المخ وحزن علي فراقها وكانت متزوجة.. الخ الاسئلة والتساؤلات التي لا تقدم ولاتؤخر في مكانة عبد الحليم في قلوب عشاقه..

رنات
السياسة.. الاقتصاد.. الثقافة

بقلم: خيرية البشلاوى

حلقات متداخلة متصلة يصعب فصل التأثير الناتج من أيهم علي الآخر.. 

منذ فترة قريبة "أواخر نوفمبر 2014" نشرت مجلة "هوليود ريبورتر" مقالا لفلاديمير كوزلوف بعنوان "بوتين يرفض الفكرة" والفكرة المعنية جاءت ضمن امتزاج بتحجيم عروض الفيلم الهوليودي داخل روسيا رفض البرلمان الروسي مناقشته أو إصدار أي تشريع بشأنه

وجاءت هذه الخطوة بعد أيام قليلة من تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعارض فيه فكرة الحظر علي الأفلام الهوليودية في السوق الروسي أو عمل "كوتة" تحدد عدد عروض الأفلام الروسية والأجنبية

وتعليقا علي ذلك صرح رئيس لجنة السياسة الإعلامية ليونيد ليفن ان تنظيم عروض الأفلام في السوق من خلال عمل كوتة لكل من الانتاج المحلي والانتاج الأجنبي أمر زائد علي الحد وغير ضروري

أضاف ان الفيلم الروسي الجيد سوف يقبل الناس علي مشاهدته في كل الأحوال وكان قد تم تقديم مشروع قانون يطالب بتحديد حصة الأفلام الأجنبية في السوق المحلي بحيث لا تتجاوز 50% من مجموع الأفلام المعروضة وذلك في بداية سنة 2014 عندما كانت العلاقات الروسية والأمريكية متأزمة بسبب موضوع أوكرانيا.. ولكن لو كان البرلمان الروسي تبني هذا الاقتراح فإن الضرر الأكبر سوف يصيب أفلام هوليود التي تمثل 80% من الأفلام المعروضة في روسيا والتي تحقق عائدا سنويا يصل إلي بليون دولار أمريكي

ولهذا السبب رفض البرلمان أن يناقش الاقتراح ولا يؤيد فكرة الحظر ولا المنع ولا تحديد "كوتة" لأي من الانتاج المحلي أو الأجنبي

أضاف ليونيد ليفن: هناك اعتقاد لدي جمهور كبير بأن مستقبل هذه القضية الخاصة بانتشار الفيلم الهوليودي في روسيا يعتمد في الأساس علي العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة فإذا ما تأزمت لاحقا فسوف نعيد النظر في هذا الموضوع

وقال انه في الفترة الأخيرة ترددت نداءات تطالب بمنع عروض الفيلم الهوليودي منعا باتا داخل روسيا ومن بين الذين طالبوا بذلك مخرجين ومشاهير مثل ستانسلاف جوفوريوخين ويوري كارا ومع ذلك لم تجد هذه الفكرة دعما من الرئيس بوتين الذي صرح في هذا السياق بأنه ليس من الصواب أن نمنع المستهلك الروسي من بضاعة يرغب فيها وكان ذلك ردا علي الاقتراح الذي تبناه المخرج كارا خلال إحدي المناسبات الرسمية ذلك لأن الأفلام الهوليودية تمثل النسبة الأضخم وسط الانتاج الأجنبي داخل روسيا

وفي نفس الوقت طالب وزير الثقافة الروسي من المسئولين في وزارته أن تحكم السيطرة علي جداول ومواعيد عروض الأفلام في روسيا من أجل دعم الانتاج السينمائي الروسي في مواجهة هذه المنافسة الشرسة

إذن انتهي زمن الحظر عملياً حتي في النظام الشمولي والذي كان شموليا وكذلك المنع الذي يؤدي ربما إلي ضرر بالغ علي الجانب الاقتصادي ومن ناحية أخري فإنه من الصعب الوقوف أمام رغبات الناس باستخدام قانون المنع لأن "الزبون" لن يغلب في الوصول إلي مبتغاه والأمثل أن تواجه المنافسة ببضاعة جذابة

وفي حالة صناعة السينما التي تتوجه بإنتاجها إلي جمهور عريض وتحقق من ثم عائدات كبيرة تبدو المسألة أصعب وتحتاج سياسات صائبة واقتصادا متينا وإرادة من قبل السلطة الحاكمة

علي أي حال نحن في مصر نتحدي الفيلم الهوليودي بتوليفة حريفة وبتوابل صناعة محلية وذوق مصري خالص ونستعير من الفيلم الأمريكي الجانب التجاري الصاخب المعتمد علي عناصر الحركة والعنف الدموي والإثارة الخارجية المفرطة والشيء الذي فشلنا في تقليده نوعية أفلام الرعب والخيال العلمي والتاريخ.. وكلها بضاعة نعتمد فيها علي الاستيراد

هذا الموسم فشلت الأفلام الأمريكية الحاصلة علي جوائز الأوسكار في غواية الجمهور وأفلام كثيرة واجهت نفس المصير ومنها أفلام نجحت تجاريا بشكل لافت في أماكن أخري من العالم

المساء المصرية في

05.04.2015

 
 

«الغاضب 7».. فيلم ينافس على أعلى الإيرادات في الصالات الأميركية

موعود بـ150 مليون دولار سريعة.. و« بندقية ند » يناقش الانتقام داخل أسرة

بالم سبرينغز (كاليفورنيا): محمد رُضـا

السيارات السريعة تنطلق هذا الأسبوع في ماراثون من المطاردات والفنتازيات المعدنية. فيلمان ينطلقان من خط بداية شهر أبريل (نيسان) الحالي، ولكن واحد فقط سيصل إلى خط النهاية. الآخر قد تنفجر عجلته الأمامية في نهاية أسبوعه الأول ويدخل «الكاراج». الفيلم الأكثر أهلا للنجاح هوFurious7 والكلمة لها عدة معان، منها غاضب وحانق وساخط ومتهيج ومستاء، وكلها تنطبق على الفيلم مبدئيا. ولديه أكثر من سبب، أهمها أنه الفيلم السابع من السلسلة المعروفة بـ«سريع وغاضب» وعليه بالتالي، ولإبقاء الشعلة، أن يكون أكثر غضبا واستياء من الأجزاء السابقة كلها لكي يضمن نجاحه.

والأرقام الأولى التي سجلت يوم الجمعة تقول إن ذلك حقق له ما يريد: نحو 50 مليون دولار، مما يعني أن المتوقع له تحقيقه مع نهاية يوم الأحد أمس، قد يتجاوز الـ150 مليون دولار.

وهذا فقط في أميركا الشمالية (كندا والمكسيك والولايات المتحدة)، علما بأنه انطلق للعروض في أنحاء العالم بما فيها دبي وبيروت، في اليوم ذاته.

سبب آخر مهم يقف وراء هذا النجاح المحتمل يعود إلى أن إلماما شعبيا جاهزا به. أحد بطليه (بول ووكر) مات قبل نحو عام في حادثة سيارة لا علاقة لها بالتصوير. آنذاك، في الـ30 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، كان يقود سيارته البورش الحمراء بسرعة 100 ميل (نحو 160 كلم) في الساعة، عندما فقد ووكر سيطرته على السيارة التي كانت متوجهة جنوبا في أحد شوارع لوس أنجليس، لكنها استدارت شرقا لتضرب شجرة ثم عمود نور ثم تلف حول نفسها 180 درجة قبل أن تصدم بشجرة أخرى. ووكر، ومدير أعماله الاقتصادي روجر روداس، الذي كان بجانبه، فارقا الحياة على الفور.

ما تبقّـى من السيارة (التي قال البوليس إنها انشطرت إلى جزأين تقريبا) هو «كومة» حمراء صغيرة محترقة المقدّمة لا تستطيع أن ترى نصفها الثاني في بعض الصور التي التقطت لها

لكن ذلك لم يكن بالطبع مشهدا مقررا في سياق الفيلم الذي فاجأ شركة «يونيفرسال». في الأول من ديسمبر (كانون الأول) أعلنت إيقاف التصوير على هذا الفيلم. اجتماع بين المخرج جيمس وان ومنتجي الفيلم للبحث فيما يمكن عمله بعد أن كان ووكر صوّر نحو 40 في المائة من مشاهده شهد نقاشا حول 3 حلول: حذف المشاهد التي صوّرها، نما يعني تغيير السيناريو ليلائم وضعا جديدا أو إدخال ممثل آخر يكمل التصوير من زوايا لا تظهر وجهه، أو إلغاء الفيلم بأكمله وإعادة تصويره. الحل الثاني هو الذي تم تنفيذه، مع الاستعانة المكثّـفة بالكومبيوتر غرافيكس والديجيتال لإتمام العملية بنجاح، مع موعد عرض جديد عوض الموعد الذي كان مقررا في السابق، وهو منتصف صيف 2014.

المسألة بأسرها أدّت، من بين ما أدت إليه، إلى تحفيز المشاهدين الذين أمّـوا الأجزاء السابقة جميعا، وأحبوا بول ووكر، لمشاهدة الممثل الراحل في آخر أدواره. إلى جانب أن الفيلم له جمهوره الدائم كحال أفلام جيمس بوند مثلا.

مخرج على غير العادة

الفيلم الثاني في السباق لم يتعرّض لأي حادث من هذا النوع. لكنه حادث بحد ذاته. إنه تقليد كامل لسلسلة «سريع وغاضب»، مع استخدام تفاصيل من نوع أن بطل الفيلم (دايل بافينسكي) اسمه فين سرنتو، في حين أن شريك بول ووكر في السلسلة وبطله الأول حاليا هو فين ديزل

إلى ذلك، هناك كل تلك المشاهد المسروقة أو المستوحاة من السلسلة الأولى، مع منح الفيلم الجديد طابعا ساخرا كما فعل مخرجاه آرون سلتزر وجاسون فرايدبيرغ عدة مرات من قبل، من بينها فيلمهما المسمّـى بـ«ألعاب التضوّر جوعا» The Starving Games على سياق «ألعاب الجوع» The Hunger Games. لا نجاحات فنية ولا حتى تجارية صاحبت أعمالهما حتى الآن، لكنها أفلام محدودة الكلفة تنتجها شركة صغيرة وهي راضية بكل ما تستطيع جمعه من السوق.

بضعة أفلام أخرى تنطلق في الأسبوع ذاته من بينها «امرأة في الذهب» من بطولة هيلين ميرين في دور عجوز يهودية تبحث عن اللوحات الفنية التي نُـهبت خلال الاحتلال النازي للنمسا، ويساعدها في ذلك محامٍ شاب (دانيال برول الذي كان له دور رئيس في أفضل أفلام السباقات الحديثة وهو «اندفاع» Rush قبل عامين).

هذا الفيلم الاستذكاري لسايمون كيرتس ليس أفضل المعروض ولن ينجز نجاحا يذكر. تجاريا هذا أيضا مصير محتمل لفيلمين آخرين ولو أنهما فنيا أفضل منه. الأول تسجيلي لجيمس د كوبر حول شابين كانا قررا تحقيق فيلم عن فريق «ذ هو»The Who الذي نال شهرته في الستينات. بذا، الفيلم في وقت واحد عن هذين المخرجين وعن الفرقة الموسيقية والحقبة الستينية ذاتها.

الفيلم الثاني هو «بندقية ند» حول شاب يقرر أنه يريد قتل والده بسبب معاملته السيئة لوالدته. الرغبة تواجهها معضلة عاطفية ليس حيال والده بل حيال الفتاة التي ارتبط بها. المميّـز في هذا العمل هو أن المخرج ليس سوى هال هارتلي الذي اعتاد المضي إلى مهرجان «كان» بأعماله، لكن ذلك كان عهدا ربما انتهى.

السقا: عشقي للفروسية والخيل لا ينتهي

يعود لجمهور الدراما بـ«ذهاب وعودة»

القاهرة: أحمد زغلول

نقتحم بقوة عرين الأسد من دون قلق من سورة غضبه بعدما أغرقته وسائل الإعلام ومواقع الشبكة العنكبوتية بسيل من الشائعات والمطاردات في محاولة شبه يائسة لانتزاع إجابة شافية عن سؤال واحد: هل حقا انفصل عن زوجته أم أولاده؟ ولكنه يظل رغم أي شيء فارسا من فرسان السينما نجما حقيقيا وابن بلد أصيلا، أصبح مضربا للمثل في مساندة كل من يحتاج إلى مساعدته سواء كان يعرفه أو غريب عنه. يحترم جمهوره إلى أقصى درجة ولا يتهاون مع نفسه في سبيل تقديم الأفضل دائما لأنه اعتاد على الاجتهاد والسعي حتى أصبح اسمه علامة مسجلة للجودة واحترام الجمهور. هو النجم أحمد السقا الذي يكشف معنا، بالتعاون مع (وكالة الأهرام للصحافة)، الكثير من التفاصيل عن فيلمه الأخير «الجزيرة» الذي حقق أعلى إيرادات ومسلسله الرمضاني الجديد وعلاقته بالنجم الراحل خالد صالح وكيف يرد على شائعة انفصاله عن زوجته وغيرها من التفاصيل التي يكشفها أحمد السقا في هذا الحوار:

·        ثارت مؤخرا شائعة انفصالك عن زوجتك فبماذا ترد على هذه الأقاويل؟

- أرد بأن هذه حياتي الخاصة ولا يحق لأي شخص التدخل فيها.

·        تعود لجمهورك مرة أخرى بعمل تلفزيوني سيعرض في رمضان القادم فما هي تفاصيل العمل؟

- بالفعل غبت فترة عن جمهوري في الدراما لانشغالي بتصوير فيلم «الجزيرة» الذي استغرق وقتا طويلا في تصويره ولكني الحمد لله اخترت مسلسل «ذهاب وعودة» من إنتاج صادق الصباح وتأليف عصام يوسف وإخراج أحمد شفيق ويشاركني بطولته مجدي كامل وياسر جلال وإنجي المقدم والعمل يدور في إطار من الأكشن والإثارة وهو مستوحى من قصة حقيقية ولكني لن أستطيع كشف تفاصيل خاصة عن قصة المسلسل لأن الكاتب سيطرح القصة في كتاب ولن أتمكن من الحديث عن القصة قبل قيامه بذلك.

·        كان من المفترض إقامة مؤتمر للاحتفال بالمسلسل فما سبب عدم إقامته إلى الآن؟

- المنتج صادق الصباح بالفعل كان يريد إقامة مؤتمر صحافي ولكننا قررنا تأجيل الفكرة حتى نطمئن على تصوير عدد كبير من المشاهد حيث قررنا البدء في تصوير العمل مبكرا حتى يكون جاهزا للعرض قبل رمضان 2015 بفترة مناسبة كما عقدنا الكثير من جلسات العمل قبل بدء التصوير ولم يكن هناك وقت كاف لإقامة المؤتمر.

·        توالت اعتذارات الكثير من الفنانات عن المسلسل فما السبب في ذلك؟

- كل فنانة لها ظروفها الخاصة وكلهن تربطني بهن علاقة طيبة ولكن المسلسل سيتم تصوير الكثير من مشاهده خارج مصر ومعظم الفنانات ارتبطن بأعمال أخرى وكان من الصعب التوفيق بينها وبين ذهاب وعودة.

·        تألقت مؤخرا في الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» إلا أن الفيلم تأخر كثيرا في الظهور حيث كانت هناك فترة زمنية تعدت 7 سنوات بينه وبين الجزء الأول من الفيلم وهل قرار تقديم جزء ثان كان مطروحا في الأساس؟

- بالتأكيد كانت فكرة تقديم جزء ثان قائمة ولكن التغيرات الكثيرة التي شهدتها الساحة السياسية والحياة العامة في مصر جعلتنا نعيد التفكير أكثر من مرة وجاء هذا التأخير لصالح الفيلم بشكل كبير حيث جعلتنا ننظر للأمور بشكل أكثر نضجا ودقة بعد أن تكشفت الكثير من الأمور التي لم يكن أحد قادرا على التوقع بها خلال الفترة الماضية.

·        نهاية الفيلم كانت نهاية مفتوحة فلم يمت أطراف الفيلم المتنازعون فهل ذلك إشارة لتقديم الجزء الثالث من فيلم الجزيرة؟

- قد تكون إشارة لذلك بالفعل فالجزء الأول كان قصة مستوحاة من الواقع نقلناها بصورة سينمائية مميزة أما الجزء الثاني فهو الواقع الذي عشناه لذا فنحن دائما أمام مرحلة المضارع المستمر والعمل على الأحداث المتلاحقة التي ستمر بها وبالتأكيد لو تولد عن هذه الأحداث ما يدفعنا لتقديم جزء قوي سنقوم بذلك على الفور.

·        «الجزيرة» حقق نجاحات كبيرة فلماذا لا يتم العمل عليه كمشروع مستمر مثل سلسلة الأفلام الأجنبية التي يعرض لها أكثر من جزء؟

- كما ذكرت لك أنه من المحتمل أن نقدم جزءا ثالثا فالجزء الثاني كان ما قبل 30 يونيو (حزيران) وما زالت الأحداث مستمرة ولم نبن من البداية شكل الفيلم وثقافة سلسلة الأفلام ليست موجودة لدينا وأتمنى أن تنقل لنا في الفترة القادمة ونقدم سلسلة أفلام قوية.

·        المنتج هشام عبد الخالق أكد أنه يواجه أزمة في توزيع أفلامه بدول الخليج فهل السقا قادر على فرض أفلامه هناك وهل عدم وجود أفلام بقوة «الجزيرة» كان سببا في ضعف الإقبال على الأفلام المصري؟

- يجيب عن ذلك هشام عبد الخالق.. أنا الحمد لله أرى أن الجمهور العربي يحبنا جدا كمصريين ويعشقون اللهجة المصرية ومصر وهذا شرف لنا ونعمة نحمد الله عليها.

·        الفيلم عرض وسط الأفلام التي كانت تسود السوق طوال الفترة الماضية أفلام الراقصة والبلطجي والكوميديا لمجرد الضحك ألم يقلقك ذلك؟

- الأرزاق بيد الله سواء من حب الناس أو الإيرادات كل ما يهم أن نقدم عملا جيدا ومن خلال جودته وقوته سيجد جمهوره ولولا أن تعددت الأذواق لبارت السلع.

·        هل الفيلم رسالة للمنتجين كي يقدموا على الأفلام الجيدة؟

- لا أريد أن أضخم الأمور وأقول إن الفيلم رسالة أو غير ذلك كل ما في الأمر أنك قدمت فيلما جيدا راعيت فيه الأصول الفنية وراعيت ضميرك وقدمت عرضا للواقع الذي نعيشه باحتراف والحمد لله أننا حققنا النجاح والفيلم حقق إيرادات متميزة بفضل الله.

·        أقاويل كثيرة ترددت عن أن خالد صالح كان يشعر أنه يفارق الحياة وكان يتحدث عن ذلك أثناء التصوير؟

- مع احترامي لكل ما كتب في هذا الشأن لا أحد منا يدخل في علم الغيب وتعددت الأسباب والموت واحد وكل من عرف خالد كان يتمنى له دوام العافية والعمر المديد لأنه إنسان خلوق ومهذب وكان نعم الأخ والصديق وأفتقده بشكل غير عادي ولكننا لا نملك الآن سوى الدعاء له بالرحمة.

·        كنت حريصا على أن تشرف بنفسك على كل مراسم تشييع جثمان خالد صالح فما السبب في ذلك؟

- هذا أقل ما يقدم لأخ وصديق مثل خالد صالح فما كان بيني وبينه كبير جدا وأخلاقه واحترامه الزائد كان يفرض على الجميع محبته وأكبر دليل على ذلك المشهد المهيب الذي شاهدناه في جنازته.

·        نريد أن نتحدث عن تجربتك مع الفنان خالد الصاوي؟

- خالد الصاوي صديقي العزيز وهو شخصية محترمة جدا ولديه وجهة نظر ثابتة لا تتغير ولا تتلون كما أنه ممثل قدير ولديه إمكانات هائلة واستمتع كثيرا بالتمثيل معه وأشعر بالاطمئنان.

·        ألم تشعر بالقلق من الإسقاطات السياسية في الفيلم خاصة في ظل الظروف المتوترة التي نمر بها حاليا؟

- قمنا بمجرد عرض للواقع ولم يشغلني أي شيء لأن الله هو الحارس.

·        ما هي تفاصيل مشروعك مع فان دام؟

- تدور بيننا الكثير من الأحاديث وتربطنا علاقة صداقة قوية ومن المحتمل تقديم تجربة سيتم تنفيذها بين دبي ومصر وماليزيا والشرق الأقصى ولكننا لم نستقر على التفاصيل إلى الآن.

·        متى سيشاركك ابنك ياسين بطولة أفلامك؟

- ياسين شاركني بالفعل في فيلم «ابن القنصل» حيث قدم معي مشهدين فالفيلم كان بحاجة لطفل صغير يشبهني وهو بالفعل يشبهني إلى حد كبير وأتمنى من الله أن يختار له الأصلح لحياته وأنا لن أفرض عليه شيئا.

·        كيف تصف عشقك للخيل والفروسية؟

- عشقي للخيل والفروسية لا يمكن أن يوصف في كلمات فهو عشق روحي علمني السمو والنظر للدنيا على أنها شيء بسيط لا يستحق التكالب عليه فمنذ صغري وأن أحلم بامتلاك حصان والحمد لله حلمي تحقق وأصبح لدي مزرعة وأسطبل خيل ولا يمكن أن أصف مدى المتعة التي أشعر بها وأنا بين الخيول.

بروس لي الأفغاني يتطلع إلى الظهور في السينما الأميركية

عباس عليزاده يشبه النجم الهوليوودي.. ويتلقى عروضا من شركة أفلام صينية

محمود رحماني: كابل

عباس عليزادة اكتشف فجأة أنه يشبه تماما بطل «الكونغ فو» الأسطوري بروس لي وهو في الرابعة عشر من عمره عندما كان يعيش في مخيمات اللاجئين الأفغان في إيران، كانت الحياة صعبة وظروف المعيشة في المخيم لم تسمح لعباس بتحقيق حلمه في الالتحاق بنادٍ لتعليم الكونغ فو، لكنه لم يستسلم للواقع كما يقول فظل يتمرن داخل المنزل الواقع في أحد مخيمات اللجوء في إيران. تمرن لست شهور متواصلة إلى أن اكتشف أحد المدربين للعبة أن عليزاده يملك مهارات في الكونغ فو تفوق مهارات من تدرب على اللعبة عدة سنوات فكانت المفاجأة إلى أن تم قبوله في النادي ليواصل التمارين ويتعلم المهارات. كما أنه واصل التمارين داخل المنزل وهو يشاهد أفلام «بروس لي» الحقيقي ويقلد حركاته ويتعلم من مهاراته المختلفة. وبعد أن تمت الإطاحة بحكم طالبان نهاية 2001 انتقلت أسرة عباس عليزاده إلى العاصمة كابل مثل باقي الأسر الأفغانية التي فضلت العودة إلى أفغانستان بعد أن عاد إليها الهدوء النسبي واستقرت أسرته في ضاحية فقيرة غرب العاصمة الأفغانية كابل حيث تقطن فيها غالبية عرقية الهزارة الشيعية.

ينتمي عليزاده إلى أسرة فقيرة. توفي والده بعد أن أصيب بجلطة دماغية وكانت أمنيته أن يرى ابنه وهو يتحول إلى نجم في سماء لعبة الكونغ فو. بعد العودة إلى كابل وإكمال الدراسة في الثانوية العامة ترك عباس الدراسة وواصل التمارين في الضاحية التي يسكنها في كابل دون أن يكون لديه من يعلمه أو يدربه وظلت الأفلام الهوليوودية التي عمل فيها «بروس لي» الحقيقي الطرق الوحيدة التي تعلم منها الحركات والقفزات التي اشتهر بها. وبعد ستة أشهر من التمرين والتدريب دون معلم وداخل صالة صغيرة في منزل يفتقر إلى المعايير المناسبة وجد عليزاده ضالته، حيث عثر على ناد رياضي لتعليم لعبة الكونغ فو بالقرب من منطقته وسرعان ما انتقل إليه والتقى بالمدرب الأفغاني الذي أظهر إعجابا كبيرا بعد مشاهدة الحركات الرياضية التي يقوم بها «بروس لي أفغانستان». وانطلقت مسيرته في الشهرة والتألق. وأشار إلى أنه ومن دواعي الفضول التقط لنفسه صورة ووضعها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». ويضيف «بروس لي الأفغاني» أنه لم يصدق الناس أنه أفغاني ويعيش في كابل. الكل كان يعلق على الصورة بأنه قام بعملية «فوتوشوب» لصورة بروس لي الأصل، وكان لا بد من إجراء عمل يتم فيه إقناع الأصدقاء والشبان الأفغان بأن الصورة تنتمي إليه وهو حقيقي ويعيش بينهم في كابل. فجاءت فكرة القيام بتمارين رياضية في قصر دار الأمان التاريخي، الذي يقع على أحد المرتفعات في غرب العاصمة الأفغانية كابل، وكان قد بني في عهد الملك الأفغاني الراحل أمان الله خان سنة 1920 للميلاد. ليكون مقرا لحكومته ولباقي مؤسسات الدولة آنذاك.

وبالعودة إلى بطلنا. بدأ عباس عليزاده يتمرن داخل القصر المدمر وقام بالتقاط عدد من الصور له ثم وضعها على شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» وسرعان ما لقي تعليقات إيجابية من زملائه وأصدقائه ووصل عدد أصدقائه في «فيسبوك» إلى عشرات الآلاف من المعجبين والجميع قام بتشجيعه. يتطلع عباس عليزاده إلى تحقيق أمنية والده وهو أن يصبح نجما كبيرا ومعروفا للجميع في الداخل والخارج الأفغاني ويتطلع إلى أن يأتيه العرض يوما ما من «هوليوود» للعمل في الأفلام الأميركية وأن يؤدي دورا في تلك الأفلام لم يتمكن بروس لي النجم الحقيقي من إكماله. يقول بروس لي الأفغاني إنه تلقى عروضا كثيرة من شركة أفلام صينية للعمل فيها كما تلقى اتصالا من ابنة بروس لي الحقيقي بعد ما شاهدت صوره على شبكات التواصل الاجتماعي وهي تشجعه وتطلب منه أن يواصل العمل في تعلم لعبة الكونغ فو. يقول عليزاده إنه من الصعب جدا أن يحل محل بروس لي الحقيقي لكنه يسعى إلى اكتساب شهرة وأن يتحول إلى رمز للقوة ويرفع علم بلاده أفغانستان في المحافل الدولية. في النادي الذي يتعلم فيه عليزاده هناك عشرات من الشبان يتطلعون إلى أن يصبحوا يوما أبطالا في رياضة الكونغ فو وأن يرفعوا اسم بلدهم في الملاعب الدولية، والجميع يؤكد على أن الفرصة إذا سنحت وتوفرت الإمكانات بأن الشبان الأفغان ليسوا بأقل موهبة في مختلف المجالات من أقرانهم في دول المنطقة والعالم.

الشرق الأوسط في

05.04.2015

 
 

مهرجان أفلام النازحين: الكاميرا في الخيمة

بغداد - مروان الجبوري

كثيراً ما يؤخذ على الفن والإعلام العراقيين ابتعادهما عن هموم الناس ومعاناتهم، والمكوث في أبراج لا تلامس نتاجاتها غير هموم النخبة التي تعيش فصاماً عن واقعها. لكن مجموعة من طلبة كلية الإعلام في "الجامعة العراقية" قدّموا نموذجاً مختلفاً لذلك ـ على بساطته ـ حين قاموا بإنتاج عدد من الأفلام التسجيلية القصيرة التي توثّق أوجاع نازحي العراق؛ ممن تركوا ديارهم أخيراً على وقع أزيز الرصاص والقنابل والمعارك المحتدمة.

وها إن أوضاعهم تزداد سوءاً مع اتساع رقعة المعارك في مدنهم ومحافظاتهم وانسداد أفق الحل السياسي لقضيتهم. هذه المأساة دفعت الطلاب المذكورين إلى التضامن معهم بالإمكانيات المتوفّرة لديهم، وعرض الأفلام في مهرجان خاص بها.

سليمان صالح مهدي أحد الطلبة المشاركين قال إن الهدف الرئيسي من هذا المهرجان هو استثارة الضمير العراقي عبر توجيه رسائل مباشرة تتضمن أسئلة من نوع: ماذا لو كانت هذه أسرتك التي ترقد في خيمة في العراء؟ ويؤكد مهدي أن حلم هؤلاء بالعودة إلى منازلهم أصبح لدى بعضهم اليوم أشبه بأمنيات صعبة المنال.

"تكاد وجوه العراقيين أن تتماثل حتى في خطوط الحزن والتجاعيد"

"غربة وطن"، "مجهولون إلى مجهول"، "قصة نازح"، "إحنا أهلكم"، عناوين لبعض هذه الأفلام، توجّهت، كما يقول أصحابها، إلى المواطن العراقي البسيط، مخاطبةً ضميره الذي يفترض أن يكون منزّهاً عن الانتماء الطائفي في التعامل مع القضايا الإنسانية.

زهراء عبد الحميد، المشاركة في إعداد فيلم بعنوان "وجوه"، تقول إنها وزملاؤها حاولوا إيصال فكرة أن وجوه العراقيين جميعاً تتشابه في لحظات الفرح والتعاسة، وتكاد تتماثل حتى في خطوط الحزن والتجاعيد التي تظهر على تقاسيم ملامح المهجّرين والمقيمين على حد سواء، وأن الشعور بالمصير المشترك لا بد أن يدفع الجميع إلى التضامن مع كل متضرِّر مما يدور اليوم. وتشير عبد الحميد إلى أن الطلبة تحمّلوا نفقات إنتاج هذه الأفلام بأنفسهم، بما في ذلك استئجار كاميرات حديثة للتصوير، الأمر الذي كلّفهم مبالغ مالية كبيرة نسبياً، من دون أن يثنيهم عن إكمال مشروعهم هذا.

أما هاجر حبيب، فتؤكد أن الغرض الرئيسي من توثيق معاناة النازحين هو إطلاق نداءات استغاثة إلى الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية كي تتدخّل لوضع حد لمعاناة هذه الفئة من الموطنين العراقيين التي ذهبت ضحية لصراعات الساسة.

وكمحاولة لتقديم صورة أكثر دقة وواقعية، قرّر بعض هؤلاء الطلاب الذهاب إلى مخيمات النازحين في المدارس، وعلى أطراف بغداد، ليعيشوا بعض الأوقات معهم وينقلوا ما رأوه عبر عدسات الكاميرا.

محمد زنكنة واحد من هؤلاء. يقول إنه ذهب إلى أحد المخيمات جنوبي بغداد ورأى كيف يقضون تفاصيل شتائهم القاسي مع قلة الغذاء والوقود، وندرة فرص العمل التي تؤمّن لهم الحصول على احتياجاتهم الأساسية. لكنه يؤكد أن حجم المأساة أكبر من ذلك بكثير، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذه التجربة منحته الكثير من الخبرة الميدانية التي يعتبر أن الإعلام العراقي ما زال يفتقر إليها.

ويسعى هؤلاء الطلاب إلى التواصل مع بعض القنوات العراقية بغرض عرض أعمالهم على شاشاتها، إلا أنهم يواجهون بعض العراقيل والعقبات في ذلك، من بينها أن بعض هذه الفضائيات تشترط معايير تقنية عالية ربما لا تنطبق على أعمالهم. لكنهم يحتاجون ـ كما يقولون ـ إلى أن تتخذ هذه المؤسسات خطوات إيجابية، علماً أن كثيرين من بينهم يعتقدون أنهم سينتظرون كثيراً قبل أن يتحقق ذلك.

الحالة الغريبة لـ مانويل دي أوليفييرا

نوال العلي

كان المخرج البرتغالي مانويل دي أوليفييرا قد تجاوز المائة عام حين ظهر فيلمه الروائي الأخير "غيبو والظل" (2012)، أما آخر أعماله حقاً فقد كان تسجيلياً قصيراً بعنوان "عجوز بيلام" أخرجه وعرضه العام الماضي في "مهرجان البندقية للأفلام".

السينمائي الشيخ (1908 - 2015) بدأ حياته بفيلم وثائقي صامت سنة 1931 واستمر في إنتاج أشرطة تسجيلية قصيرة لأكثر من ثلاثين عاماً، وها هو ينهي مسيرته من حيث بدأ؛ بفيلم وثائقي أيضاً.

قبل أيام فقط، كان يقال عنه أكبر مخرجي العالم سنّاً، برغم ذلك رحل مثل جدٍّ مُهمل، لم يُحدث ضجة إعلامية ولم يتنبه كثيرون إلى أن صاحب رباعية "الحب المنكوب" (1978) غادر العالم الخميس الماضي.

لا غرابة في هذا الخفوت الإعلامي حوله، فقد اختار أوليفييرا أشكالاً سينمائية ليست جماهيرية، كما أنه كان كريماً في الغياب والانقطاعات لأسباب سياسية تارةً، إذ تزامنت سنوات شبابه مع ديكتاتورية سالازار في بلاده، أو لأسباب مادية أو خاصة تارةً أخرى.

لكن، في منتصف الثمانينيات، جاءت لحظة قتل فيها صاحب "النعل المتسخ" (1985) شهوة الانقطاع تلك، مستبدلاً إياها بحالة نادرة من الرغبة السينمائية التي شغلته بعد أن بلغ 76 عاماً. وكأنه انتبه فجأة لتسرّب الزمن، بدأ يخرج فيلماً كل عام تقريباً، إضافة إلى مسلسلات تلفزيونية قصيرة ووثائقيات. لقد بات مهووساً بالحضور وهو يقترب من الثمانين.

"حالة نادرة من الرغبة السينمائية مسّته في عقد الثامن"

يمكن القول إن أوليفييرا كان نجماً حقاً في السينما الفرنسية، خصوصاً بعد فيلمه "أنا ذاهب إلى البيت" (2001) والذي كان يطرح فيه سؤاله الأثير عن الزمن ومعنى التقدّم فيه والآلام وكذلك المباهج الصغيرة للعيش في ظل الشيخوخة.

حميمية هذه المواضيع وقربها من ذات أوليفييرا نفسه ميزت أعماله التي ظهر معظمها ناطقاً بالفرنسية في الأعوام العشرة الأخيرة مثل "الصورة الناطقة" (2003) و"مبدأ اللايقين" (2002) و"جميلة دائما" (2006) وغيرها. أعمال جعلت ناقديه يصفونه بأنه يضع قدماً في السينما الكلاسيكية وقدماً في الحداثة، لذلك تخرج السينما من بين يديه غرائبية ومربكة.

ثمة شيء غريب وخاص في سينما أوليفييرا، إننا إما نحبها بقوّة أو ننفر منها بالقوة نفسها، مثلما يصعب علينا أن نمسك صفة واحدة ونطلقها على منجز أوليفييرا كلّه، ربما يناسبه القول إن كل فيلم بالنسبة له نزوة سريالية سرعان ما ينفض عنها إلى غيرها.

نشاهد أعقد وأبلغ هذه النزوات في فيلم "الحالة الغريبة لأنجلِيكا"، ربما يكون الأبرز في إنتاج السنوات الأخيرة، ويمكن وصفه بأنه قطعة سينمائية عن الحب والموت، والذي وظّف فيه أوليفييرا الكاميرا كآلة تتحرك بين عالمين لا يمتّان لبعضهما بصلة، عالم الحضور الكلّي للجسد وعالم الموت والغياب الكلّي.

فكرة هذا الفيلم كتبها في الأربعينيات ولم يعمل المخرج المتردد أو الكسول عليها حتى عام 2010، وفيها يُستدعى مصوّر فوتوغرافي في ليلة عاصفة لالتقاط صورة شابة متوفاة وهي مستلقية على السرير، وما أن يبدأ الشاب بالتقاط الصورة حتى تعود الفتاة إلى الحياة، لكنها حياة تخصّ المصوّر وحده، لا يدركها غيره. ينقلنا هذا الفيلم إلى عمل آخر وهو "المرآة السحرية"، حيث الواقعية مرآة الفنتازيا والعكس بالعكس، كعالمين يتعكّز كل منهما في وجوده على الآخر في عين أوليفييرا.

ورغم الغياب الكلّي لأوليفييرا إلا أنه نجح بطريقته السريالية في أن يمدّ عمره السينمائي خطوة في المستقبل، إذ يمكننا أن نشاهد بعد أسابيع عملاً جديداً بتوقيع مانويل دي أوليفييرا كان قد أخرجه سنة 1982 بعنوان "ذكريات واعترافات" وأوصى ألا يتم عرضه إلا بعد مماته.

لطفي عاشور: أُبوة في 18 دقيقة

أحمد باشا

لا تزال النظرة إلى الفيلم السينمائي القصير، عربياً، على أنه خطوة أولى نحو إنجاز شريط طويل، وتفترض فيه تجربة يتعرّف من خلالها المخرج على أدواته. وإذا نظرنا إلى الفيلم القصير على هذا النحو، يصعب تناوله كتجربة إبداعية وفنّية مكتملة بذاتها تستحق النقد والقراءة.

ومع ذلك، تمكّن بعض المشتغلين في الفيلم القصير من أن يفصحوا، من خلال أفلامهم القصيرة، عمّا ينافي الافتراض السابق. من هذه التجارب الأخيرة يحضر فيلم "بو لولاد" (2014، 18 د) للمخرج التونسي لطفي عاشور، والحاصل عنه على عدة جوائز، أهمها جائزتا الفيلم القصير في مهرجانَي "كليرمون فيران" الفرنسي و"أبو ظبي السينما".

تكمن أهمية شريط عاشور في موضوعه أولاً من حيث الدخول إلى عوالم المسكوت عنه اجتماعياً، ثم بقدرته على توليف عمله ليكون مادة بصرية تثير القلق والأسئلة لدى المتلقي. ضمن هذه الرؤية، اهتمّت كاميرا عاشور في اقتحام قضايا واقعٍ هي ليست غريبة عنه، وسمحت لنفسها بأن تقع في مصائده.

في شريط "بو لولاد" يحرص المخرج التونسي على أن تكون شخوصه متحرّرة من الأنماط والقوالب الجاهزة، فمحلية الحكاية لا تعني أبداً غياب الأسئلة وتعقيداتها في نفوس أبطالها. يقلّ سائق التاكسي هادي الجبالي (الممثل نعمان حمدة) امرأة غريبة على وشك الولادة إلى المستشفى. يُستدعى بعدها بأيام من قبل القاضي لأن المرأة ادّعت عليه بأنّه أب للطفل الوليد.

"مادة بصرية تثير القلق والأسئلة لدى المتلقي"

يجن جنون هادي بسبب أمر ليس له فيه ذنب. تتوالى الأحداث، وتكشف التحليلات الطبية كذب ادّعاء المرأة لأن سائق التاكسي غير قادر على الإنجاب أساساً. الحادثة السابقة ستضع الرجل أمام مأزق أكبر وأكثر تعقيداً: ما الذي سيفعله هادي مع زوجته وطفليه في المنزل؟

مأزق سائق التاكسي في الفيلم سيفتح باب الاحتمالات على مصراعيه، فتثار قضية الأبوّة وعلاقة الرجل بأبنائه، إذ إن كثيراً من الأعمال الأدبية والفنية عبر التاريخ ناقشت قضية الأم وعلاقتها بأطفالها، لكن عاشور هنا يقترح النظر إلى القضية نفسها من الطرف المقابل، أي عند الذكر هادي، والأب بالمعنى الواقعي لطفليه ولكن ليس بالمعنى البيولوجي. القضية المطروحة إنسانية، أزلية، لكن كيف سيتعامل معها سائق التاكسي التونسي؟

لا ينجرّ فيلم "بو لولاد" إلى الحلول الأولى، فما هو مطروح من عنف اجتماعي نمطيّ وتوصيفات جاهزة أقل ضراوة مما يعتمل في دواخل الشخصيات، التي وبخصوصيتها الشديدة قادرة على استثارة قضايا الواقع.

لا تتغير معاملة هادي مع طفليه، ويلجأ إلى الحيلة بغية دفع زوجته إلى الاعتراف، إلا أنّها لا تعترف. بعد المواجهة مع الزوجة في مطبخ المنزل، يذهب هادي إلى النوم بجانب طفليه، تاركاً زوجته تدخن على النافذة ونتيجة التحليل بيدها، وتاركاً في الوقت نفسه نهاية الحكاية لتُصنع في ذهن المتفرج.

سامي الجلّابي: جيل يحلم بسينما سودانية

الخرطوم - محفوظ بشرى

عقب سبات طويل دخلته السينما السودانية منذ مطلع التسعينيات، بدأت تظهر في الآونة الأخيرة ملامح "هبّة سينمائية" يقودها شباب دون الثلاثين، تظهر أسماؤهم لأول مرة. يشاركون في مهرجانات إقليمية ويحصدون جوائزها، مثل سامي الجلَّابي، وحجوج كوكا، ومزمل نظام الدين، وإيلاف الكنزي، وعبد الله الليلي، ورزان هاشم.

سامي عبد المعطي الجلَّابي (1990)، أحد صنّاع الأفلام الشباب هؤلاء، يصف نفسه بأنه "مخرج ومصوِّر ومونتير وكاتب"، في رصيده ستة أفلام قصيرة هي: "الفيروس 1 و2"، "بتاع الطبليّة"، "حتى حين"، "الخطيئة"، "هيتمان سودان". يتحدث لـ"العربي الجديد" عن علاقته بفن السينما ورؤاه وطموح جيله في تطوير هذا الفن، وعن مشاركته في برنامج "محطة بيروت السينمائية" (ينايرــ مارس 2015).

عن بداية علاقته بصناعة الأفلام، يقول الجلَّابي: "طلب مني صديقي المخرج التونسي سجير طليحة، التمثيل في أحد أفلامه القصيرة عام 2010. اختارني لأنني لاعب كرة سلَّة، وفكرة فيلمه "ديني ما يمنعني" هي أن الدين لا يمنع ممارسة الهوايات. كانت تجربة جميلة، شعرتُ بعدها أن السينما هي مجالي، فغيّرت تخصّصي الجامعي، من البرمجة إلى الوسائط المتعددة. واتّخذتُ في تلك اللحظة القرار بأن تكون حياتي العمليّة في صناعة الأفلام".

"من يدَّعون أنهم يفهمون كل شيء لم ينتجوا عملاً واحداً"

حول مشاركته في برنامج "محطة بيروت السينمائية" الذي نظّمه "المركز الثقافي الألماني" لصنّاع الأفلام الشباب في المنطقة العربية، يقول الجلَّابي: "عملت على كتابة عدد من الأفكار وخططت لمشاريع أفلام. عرضت أفلامي هناك، ووجدت تقديراً وتشجيعاً. تعرّفت أيضاً إلى صنّاع أفلام، وكنتُ جزءاً من نقاشات وتبادل خبرات مثمر. حضرت مهرجان "أيام بيروت السينمائية"، وترك الفيلم الموريتاني المرشح للأوسكار "تمبوكتو" انطباعاً جيداً لديّ. كان أمراً مشجعاً لي أن أرى أفريقياً يتمكّن من الذهاب بعيداً في السينما".

المشترك بين أفلام الجلَّابي، إضافة إلى عنايته بالمونتاج والخدع البصرية؛ أن أفكارها ليست معتادة في السودان. حول هذه النقطة يقول: "اشتغلت على أفلام التشويق والرعب والكوميديا، لأنها أنماط نادرة هنا. مثلما عملتُ في مجال أفلام الخيال العلمي لندرة هذا النوع في السودان والمنطقة العربية. "هيتمان" شخصية هوليودية أردت صنع نسخة سودانية منها. وقصة فيلم "الخطيئة" حقيقية، أحببت تحويلها إلى دراما تحاور المشكلة".

مثل معظم أبناء جيله، ينتج الجلَّابي "سينما مستقلة" بالمعنى المجرّد، بلا تمويل من مؤسسات أو أفراد، وبطريقة عمل جماعية تتيح للأفكار أن تتّسع، يوضح: "أعمل بتمويل ذاتي، من جيبي، وبفريق عمل من المتطوعين. المونتاج والعمليات الفنية تتم بأجهزة "على قدّ الحال". نعمل جماعياً، وأتشاور مع فريق العمل قبل البدء حتى بكتابة السيناريو، ثم أناقشه معهم كما أناقش بقية التفاصيل قبل بدء عملية الإنتاج".

وعن مهنة الإخراج وتكاليفها ومتطلباتها لمخرج في أول الطريق، يقول الجلّابي: "بدأت عام 2013، وأنا في طريقي إلى الاحترافية. كل العثرات والتجارب الماضية هي ضريبة الطريق إلى الهدف. الإخراج مهنة عمليَّة، لا بد من التجارب، والإخفاقات، لتصحيح المسار. هكذا تُكتسب الخبرات في هذا المجال. أنا لا أحب "مخرجي الونسة"؛ من يدَّعون أنهم يفهمون كل شيء في الإخراج، لكنهم لم ينتجوا عملاً واحداً".

"جيل يمارس انقطاعاً عن تراث المنطقة العربية السينمائي"

لا يبدو الجلَّابي على دراية بالمنجز السينمائي السابق في المنطقة العربية والأفريقية، لا يختلف في ذلك عن كثيرين من أبناء جيله، ما يطرح أسئلة عن "انقطاع سينمائي" قد يكون حدث لأجيال جديدة أو مورس من قبلها لصالح مشاريع معولمة عابرة للثقافات.

على كلٍّ، لا يبدو المخرج الشاب خجِلاً من الاعتراف لنا بأنه ليس مطلعاً على المشاريع السينمائية التاريخية والحديثة في أفريقيا وفي المنطقة العربية. يقول: "أنا متابع فقط لأعمال هوليوود، وأشاهد الأفلام السودانية المنتجة الآن، وأيضاً أتابع الأفلام القصيرة المنتجة في العالم العربي وفي الغرب".

وعن الاستسهال في هذا الفن الذي يبرره التقدم التكنولوجي، يقول الجلَّابي: "هناك من اتجه إلى هذا الحقل ظناً منه بسهولة العمل فيه. لكن أيضاً هناك من يريد فعل شيء عظيم. أنا أريد أن أصنع أفلاماً سودانية إبداعية عالمية في أفكارها وموضوعاتها، وبمؤثرات بصريّة وقدرات تقنية مواكبة لما نشاهده الآن في السينما المتقدمة. وأتدرب الآن على المؤثرات البصرية والتصوير والكتابة".

وفي تعليق يلخّص جانباً من أزمة السينما في السودان وانقطاع التواتر بين الأجيال، يبيّن الجلّابي: "ربما سارت السينما السودانية بثبات في وقت من الأوقات، لكن فجأة توقف كل شيء. الأفلام الآن تعدّ على أصابع اليد. إنها خسارة عظيمة، فالسودان خامة غنية لصناعة الأفلام العربية والأفريقية".

شاشة ضارية

طارق حمدان

في الحكاية الأولى من فيلم "حكايات ضارية" (Wild tales)، لمخرجه وكاتبه الأرجنتيني دميان سيفرون، والذي انطلقت عروضه في صالات السينما العالمية شباط/ فبراير الماضي، يقوم غابرييل (الموسيقي المغمور قبل أن يصبح طياراً) بإرسال تذاكر رحلة مجانية إلى صديقته السابقة وصاحبه الذي خانه معها، ومعلمته في المدرسة، والصحافي الذي كتب نقداً سيئاً عن موسيقاه ذات يوم، وزميله أيام المدرسة، ومديره في العمل وآخرين غيرهم.

يجمعهم في طائرة، هو قائدها، يقفل قمرة القيادة، ويهوي بها واضعاً حداً لحياة من خذلوه ولحياته بالطبع.

في واقعنا، الضاري أيضاً، تابعنا الأسبوع الماضي تفاصيل سقوط الطائرة الألمانية. أندرياس لوبيتز مساعد الطيار المسؤول عن المأساة، كان قد أقفل قمرة القيادة، بالضبط كما فعل غابرييل في "حكايات ضارية"، وتعمّد إسقاطها لتتحطّم فوق جبال الألب وعلى متنها 150 راكباً.

تزامُن مأساة الطائرة مع خروج فيلم سيفرون إلى صالات السينما، يجعلنا نتساءل إن كان لوبيتز قد شاهد هذا الفيلم قبل أن يقدم على فعلته، أم أنها محض "صدفة" (وأي صدفة)، ونكاد نميلُ بشدةٍ نحو الخيار الأول، ونفكّرُ كم هي ساحرة هذه الشاشة الذهبية، وكم هي مبدعة.. في التدمير.

العربي الجديد اللندنية في

05.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)