كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«سينماتوغراف» تنفرد بحوار مع ناجى أبو نوار مخرج فيلم «ذيب»

فيلمى المقبل ملحمى وتمويله يتوقف على الجمهور

«سينماتوغراف» ـ حاوره: أســـامة عســل

 

لم أتخذ «لورنس العرب» مرجعية لى و90% من فريق العمل الابداعى بالفيلم من الأردنيين

يستحق ناجي أبو نوار أن يكون أهم مخرج في العالم العربي لعام 2014، ففيلمه «ذيب» الذي حصد سلسلة من الجوائز بدأها بمهرجان فينيسيا، أثار الدهشة والإعجاب، ونال ثناء النقاد والجمهور، بعد أن صاغ نوعا سينمائيا شديد الخصوصية، عكس به شغفه كمخرج على «حكي قصته»، ومقدرته الفائقة على التعامل بفهم كامل مع لغة التعبير عن كل كادر ومشهد، مثلما استطاع أن يحلق بعيدا عن نمطية مانراه من  أفلام عربية، وأن يتحفنا برحلة مثيرة مع الصبي «ذيب» مليئة بالمغامرات والشعر والخطر في زمن حفل بالكثير من التحولات التي صاغت عالمنا اليوم.

التقيت ناجي أبو نوار في مهرجان أبوظبي السينمائي بعد عودته فائزا بجائزة أفضل مخرج في قسم «آفاق جديدة» بمهرجان فينيسيا، ليضيف إليها جائزة فيبريسكي وأفضل فيلم من أبوظبي، وتابعت عن قرب بعد ذلك عروض فيلمه في مهرجان القاهرة السينمائي، ثم مهرجاني أجيال وقمرة بالدوحة، ومابين كل عرض وآخر يزادد إقبال الجمهور الكثيف على مشاهدة «ذيب»، وتزداد الأسئلة عن تجربته التي يعتبرها البعض ـ استثنائية ـ  وليس في ذلك أي مبالغة إذ يكفي أن نعلم أن ناجي أجاد نقل روح البدو في المكان والحوار والملابس بعد أن قضى ما يقارب العام في وادي رم بالأردن، مستمعا إلي شيوخ البدو وحكاياتهم التي يروونها عن أجدادهم وعن الصحراء،  ليلتقط منها ما يراه مناسبا لقصة فيلمه، وليؤكد للجميع بأن لدينا قصصا تحتاج لمن يجيد «حكيها»، وأن الصحراء العربية لا تقل إثارة عن أفلام الغرب الأميركي.

وفى لقاء استثنائى مثل فيلمه، انفردت «سينماتوغراف» بمقابلة مع المخرج ناجى أبو نوار، قبل عرض «ذيب» بالقاهرة، ووجهت إليه عشرة أسئلة تتعلق بتلك الرحلة السينمائية الهامة، كشف من خلال أجوبته عنها النقاب عن عديد من أسرار هذه التجربة الفريدة، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

·        «ذيب» تجربة استثنائية، باعتباره الفيلم الروائي الأول لك، في ساحة السينما الأردنية التي بدأت خلال السنوات الأخيرة في الحراك والتواجد العربي والعالمي، فكيف ترى تشابك هذه التجربة بينك وبين السينما الأردنية، وكيف أثر وتأثر كل منكما بالآخر؟

-     لست في موقع يسمح لي الآن بالحكم على كيفية ارتباط هذين الأمرين معا،  فقد كان كل تركيزي منصبا على صناعة أفلامي، وهذا هو ما يستحوذ عليّ ويجعل كل تركيزي ومجهودي في صناعة فيلم، ولهذا لم أفكر حقيقة في حال صناعة السينما الأردنية، فأنا مجرد صانع أفلام، وكل ما يمكنني قوله هو إنني استفدت من العمل مع طاقم عمل أردني بالغ الاحترافية والموهبة، وأن هذا يرجع بشكل جزئي إلى خبراتهم التي اكتسبوها بالعمل في أفلام أجنبية تم تصويرها، بالإضافة إلى التدريبات التي تلقوها في معاهد السينما، مثل الكلية الأسترالية للإعلام (SAE) في عمان، ومعهد البحر الأحمر لفنون السينما (RSICA)، كذلك لقد استفدت بشكل كبير من ورشة عمل راوي لمؤلفي السيناريو في الأردن التي تُنظّم من خلال الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بالاشتراك مع معهد ساندانس السينمائي.

·        مفاجأة فيلم «ذيب»، ليس في كم الجوائز التي حصدها، ولكن في استقبال الجمهور له في مختلف أنحاء العالم، كيف تفسر ذلك؟

-     لحسن الحظ تم استقبال الفيلم بحفاوة كبيرة في مختلف أنحاء العالم، وأعتقد أن هذا يرجع للصدق والعفوية اللذين تمتع بهما، ولقد اختلف استقبال الفيلم من مكانٍ لآخر، ففي فينيسيا ولندن وقف الجمهور واستمر التصفيق لفترة طويلة، وكان الوضع كذلك في أبوظبي، بالإضافة إلى أن الجمهور الأردني كان يهلل ويلوح بالأعلام، في الدوحة ظل جمهور الشباب يصفق بالتوازي مع الموسيقى التصويرية أثناء تتر نهاية الفيلم. أما في كل من القاهرة وقرطاج فقد بلغ حماس الجمهور ذروته، فكان من الرائع رؤية الاحتشاد الجماهيري والتدافع بينهم للحصول على تذاكر أو الدخول لمشاهدة الفيلم ، وفي طوكيو بدا الجمهور هادئاً وبلا أي انطباع، حتى اكتشفت بعد ذلك أن ثقافتهم هي التي تجعلهم يستجيبون بهذه الطريقة الهادئة، وقد استمتعوا بالفيلم جداً ووقفوا في طابور من أجل الحصول على التوقيعات عقب عرضه الأول.

·        نجحت في تحويل أبطال الفيلم (وهم من البدو)، من خلال تجربتهم الأولى للوقوف أمام الكاميرا، إلى (نجوم)، خصوصا البدوي الصغير«جاسر عيد»، أولا: كيف اشتغلت على ذلك، ثانيا: كيف كان رد فعلهم وهم يسيرون على السجادة الحمراء لأكثر من مهرجان عربي وعالمي؟

-     أردت أداءا طبيعيا صادقا فيما يتعلق باللهجة البدوية والسلوك المادي، فهناك تفرد في سلوك البدو المادي، والطريقة التي يعبرون بها عن أنفسهم في الحياة اليومية، وهي أشياء قد يستغرق الممثل المحترف وقتا طويلا في تعلمها، لذا رأينا  أن تدريب البدو ليكونوا ممثلين أفضل طريقة لنا لتحقيق صورة طبيعية أصلية ، وقد استغرق العمل في منطقة التصوير عامين، من بينها 8 أشهر في ورشة تمثيل تم عقدها لتدريب الأفراد المشاركين على التواجد أمام الكاميرا. لاختيار الممثلين، فذهبنا لكل القرى في منطقة عملنا، وقابلنا الكثير من الناس، كنا ندعوهم لتناول الشاي كي نقنعهم بالمشاركة، وبعد هذا اخترنا 11 شخصاً فقط من بين 250 تقدموا للمشاركة، وذلك من أجل التركيز عليهم في ورشة فنون التمثيل.

«جاسر عيد» كان عمره 11 عاماً وقت تصوير الفيلم، واكتشفناه من خلال حكاية طريفة: فبعد 3 أشهر قضيناها في منطقة التصوير، اكتشفنا أننا نحتاج إلى صنع ما يشبه مقدمة إعلانية بدائية من أجل الحصول على تمويل. «عيد أبو جاسر» كان أحد المنتجين المتعاونين معنا من المجتمع المحلي، وطلبت منه أن يرسل لي أحد الأطفال لكي يقوم بأداء دور توضيحي في المقدمة الإعلانية، فأرسل ابنه ، كنا نعرف «جاسر» من قبلها عبر والده، لكننا لم نفكر فيه كممثل لأنه كان خجولاً جداً، لكن بمجرد وقوفه أمام الكاميرا، بدأ في التألق. احتاج جاسر للتمرن على السباحة من أجل مشهد السقوط في البئر، وكنت أصطحبه في رحلة طويلة لأقرب مكان يمكن أن يتعلم به لأنه لا يوجد حوض سباحة بقريته، لكن في التمثيل كنت أكتفي بإعطائه توجيهات عامة، وأتركه يؤدي بعفوية.

وبالطبع تأثر فريق التمثيل بشكل درامي خلال جولات الفيلم بالمهرجانات العالمية، فقد غلبت العاطفة عليهم واختلط الأمر بين الفرحة والدموع، من المستحيل وصف هذا الشعور، فلابد من من أن تراه عليهم بنفسك. كان للأمر تأثير كبير عليهم لأنها تجربتهم الأولى في السينما لمشاهدة فيلمهم، لذلك كانت لديهم العديد من الخبرات والتجارب الأولى مجتمعة في تجربة واحدة.

·        من الواضح أن شخصية «ذيب» استهوتك، وعكست من خلالها الإنسان ورغباته وصراعاته الداخليه، بداية من التورط مرورا بحب الاكتشاف، مثل هوسه باكتشاف الصندوق الخاص بضابط الجيش البريطاني، أو الساعة الشخصية وصوت العقارب، وصولا إلي مرحلة التيه في الصحراء، ثم فقدان الحلم مع موت أخيه حسين، هل هذا ماقصدته، وهل الصحراء من وجهة نظرك، هي الذات الانسانية الشاسعة بكل مافيها من تناقض وخوف واحداث تبدو احيانا مبهمه؟، وهل استخدامك للكادرات الضيقة والمظلمة، كان هدفها إبراز هذا الصراع؟

-     أحب أن تعمل أفلامي الخيالية على مستويات متعددة، من رحلات الشخصيات داخل نفوسهم، إلى الخط العام للأحداث وموضوعات الفيلم، كل عنصر يجب أن يعمل بشكل ما مع الآخر. وأيا كان المعنى، فقد تم التفكير في هذا بحرص وتطويره منذ مرحلة كتابة السيناريو، وحتى الأيام الأخيرة في مرحلة ما بعد الإنتاج.

·        في الفيلم يواجه «ذيب» الخير والشر والغموض والخيانه، ولكن تبقى «غريزة البقاء» لدية حافز للمرور من كل الخيبات التي يتعرض لها، وعليه أن يتعلم الثقة والرجولة والمواجهة ليصبح اسما على مسمى، هل معنى ذلك أنك تطالب ضمن رسالة الفيلم بأن يعيد المشاهدون التفكير في الواقع العربي الراهن بكل منعطفاته ويواجهون أنفسهم من أجل غريزة البقاء؟

-    أيا كانت الدوافع والأفكار التي تناولناها أنا وفريقي أثناء صنع فيلم «ذيب»، لم نكن لنكشفها للعلن. لا أحب أن أخبر الجمهور بمعنى الفيلم، ولا أرى أنه من حقي أن أخبر أي أحد ما كيف سيعتبر الفيلم، فالناس يشترون تذاكر ولهم الحق في تقرير معنى الفيلم بالنسبة لهم، أيا كان هذا المعنى. أكره عندما يقوم صانع الفيلم بأن أفكر في معنى ما بفيلمه. أفكر في هذا كأحد المشاهدين، فمن حقي أن أرسم فيلمي كما أرغب وهذه رؤيتي كسينمائي. ولهذا لا يمكنني أن أخبر أي شخص بأفكاري التي وضعتها بالفيلم، فلم أعد أمتلك ما يعنيه، فهذا أصبح ملكا للمشاهدين.

·        قد يرى البعض، أن ما ينقص فيلم «ذيب»، هو حضور(شخصيات نسائية) ضمن أحداثه، هل كان ذلك متعمدا، أم لتجنب مخاطر الدخول إلي منطقة ملغمة في المجتمعات البدوية؟

-    توجد العديد من الشخصيات النسائية المهمة في النص الأصلي للفيلم، لكن لسوء الحظ، فالمجتمعات البدوية في الجنوب محافظين جدا ولم يرغبوا في ظهور امرأة من مجتمعاتهم في الفيلم كممثلات، وإحضار ممثلة محترفة من عمان كان سيبدو غير متناسق مع بقية فريق التمثيل البدوي، لذا لصالح صناعة فيلم أفضل قررنا استبعاد الأدوار النسائية، وعلى كلٍ، فمع ملاحظة البدو لاحترافية واحترام ونزاهة فريق التصوير والشكل النهائي للفيلم، أصبحوا أكثر تقبلا لمهنة التمثيل، والعديد منهم عبر لي عن استعداده للسماح لنساء بأن يكن ممثلات، لكن في نفس الوقت الأخذ في الاعتبار أن الشخصيات يجب أن تمثل حقيقة الدين والثقافة والتقاليد البدوية، لذا فهناك فرص في المستقبل.

وبشكل عام، عملت النساء البدويات ضمن طاقم عمل الفيلم، حيث كانت إحدى عجائز القبائل تملك المعرفة اللازمة لصناعة أكسسوارات الفيلم، والتي كان يستخدمها البدو في عام 1916، حيث أنشئت مصنع ووظفت النساء الأخريات في المجتمع البدوي، ومعاً صنعن كافة الأكسسوارات البدوية مثل القِرب وحقائب السروج وغيرها.

·        بنظرة تأمل حالية، هل ترى أن قراءة البعض لفيلم «ذيب» من خلال فيلم «لورانس العرب» وفكرة الصحراء فيه، وسير ايقاع الفيلم واحداثه بطريقة الويسترن الأميركي، كانت لصالحه أم قللت من ابداعك ورؤيتك الفنية له؟

-     فيلم «لورنس العرب» ليس فيلم ويسترن بالتصنيف، إنه أقرب لعالم الدراما الملحمية وهو رومانسي في أسلوبه. لم أتخذ “لورنس العرب” كمرجعية لي وأنا أصنع فيلم «ذيب»، فأنا لديّ الحق في أن أحكي قصة تدور في زمن الثورة العربية الكبرى بوادي رم لأن هذا هو تاريخي وتاريخ بلدي، لا أحتاج لتصريح بصنع فيلمي لأنه تم إنتاج فيلم أجنبي بنفس الموضوع، لي الحق أن أصنع أي فيلم أريده، خاصة عندما يتعلق بتاريخ وثقافة بلدي. ببساطة، هذا هو ما أشعر بأنني أرغب في تقديمه، وهو سبب كافي بالنسبة لي مثل أي شخص آخر. وأدعم أي سينمائي لكي يقدم فيلمه أيا كان موضوعه، فنحن أحرار في إبداع ما نريده.

·        كنت نجم عام 2014، بحصولك على جائزة الاخراج من مهرجان فينسيا وجائزة مجلة فارايتي كأفضل مخرج في الشرق الأوسط، وحصول فيلمك على جوائز عديدة من مهرجانات مختلفة، في رأيك، كل هذا التقدير والثناء هل يزيد من أعباء مسؤوليتك تجاه أعمالك المقبلة، وهل سيجعلك تنتظر لسنوات أخرى لتقديم فيلمك الثاني مثلما صبرت 7 سنوات وأكثر من أجل تقديم عملك الروائي الأول؟

-     لا أعرف إذا كانت هذه الجوائز سوف تسهل عليّ الحصول على تمويل لفيلمي الأردني المقبل. مشروعي التالي طموح للغاية، إنه فيلم ملحمي ضخم، لهذا من المؤكد أنه سيحتاج ميزانية كبيرة، آمل أن أنال الدعم الذي يمكنني من تحقيقه، لكني أرى أنه سيحتاج لسنوات عديدة من أجل الحصول على تمويل وإنتاج الفيلم، وهذه هي طبيعة صناعة السينما في العالم كله، وهي أصعب بشكل خاص في السينما العربية لأننا لا يتوافر لنا الكثير من المال. أعتقد أنه إذا أراد الجمهور العربي أن يرى المزيد من أفلامي، فإنهم سيذهبون لمشاهدة ذيب، وإذا حدث هذا فإنه سيكون نجاحاً لهؤلاء الذين استثمروا أموالهم في الفيلم، وسيشجعهم هذا على الاستثمار بمشاريعي المقبلة وسأصبح قادراً على تقديم أفلام أخرى، لهذا أرى أن الأمر يرجع للجمهور لتقرير إذا ما كان قد أعجبهم الفيلم أم لم يعجبهم، وإذا ما كانوا يريدون رؤية المزيد.

·        استعنت في صناعة الفيلم بفريق عمل عالمي، يأتي في مقدمتهم مدير التصوير النمساوي وولفغانغ تالر، والملحن البريطاني جيري لين، ومصممة الديكور البريطانية آنا لافيل، ومونتاج الفيلم قام به روبرت لويد، ماهو مدلول ذلك بالنسبة لك، وهل يعتبر هذا الاختيار اعترافا منك أن السينما العربية تفتقر لمبدعين أصحاب بصمة متميزة في مجالاتها المختلفة؟

-     على العكس تماما لأن 90% من فريق العمل الإبداعي في الفيلم من الأردنيين. الملابس صممتها جميلة عليّ الدين التي قامت بمهمة رائعة لكي تعيد تقديم الملابس البدوية الأصلية كما رأيتموها بالفيلم. تم تسجيل الصوت بواسطة فلاح حنون، وهو مُسجل صوت على مستوى عالمي وقام بمهمة لا تصدق من أجل تسجيل الصوت في موقع التصوير. المصمم الفني سامي كيلاني قام بتصميم الآبار وقام بعمل رائع في تطوير مواقع التصوير. هناك أيضا صايب أبو راغب الذي عثر لنا على مواقع التصوير التي تمت الإشادة بها في كل مهرجان سينمائي تواجدت به. أيضا المكياج غير المعتاد الذي قام به سليمان تادروس، خاصة ماكياج الجروح ونجح به في نيل صيحات الإعجاب من الجمهور. لدينا مواهب رائعة في الأردن، للأسف نحن مجتمع صغير وهذا يعني أنه ليست لدينا موارد بشرية كافية لكل الأدوار بالفيلم، لكن سنتمكن هذا قريبا، إنها مسألة وقت.

·        استنادا إلى السؤال السابق، هل لا زلت عند رأيك، بأن ضعف الانتاج فقط أهم عقبه تواجه السينما العربية، أم أن هناك عقبات أخرى تعيق وصول الفيلم العربي للمهرجانات الدولية وانتشاره عالميا؟

-     التمويل الصغير هو بالتأكيد الشيء الوحيد الذي يقيديني في صنع أفلام عربية،  وأعتقد أنه بمجرد أن يثبت صناع الأفلام أنهم قادرين على تقديم أفلام ذات جودة وأنهم مسؤولين عن هذا، فإنه يجب دعمهم بزيادة ميزانيات الإنتاج لكي يمكنهم وضع السينما العربية على الساحة الدولية والحصول على تقديم العالم. لكن مرة أخرى، الأمر يرجع للناس الذين يذهبون لمشاهدة السينما، إذا أعجبهم الفيلم وساهموا في إنجاحه، سيسعد هذا المستثمرين المتعاونين معي وسيرغبون في الاستثمار بفيلمي المقبل وهذا سيسمح لي بتقديم أفلاما أكبر. وإذا لم يحب الجمهور فيلمي ولم يذهبوا لمشاهدته فسوف أتوقف. إذن الأمر في يد الجمهور العربي الآن لتقرير من سيصنع الأفلام ومن لن يفعل، ولا شيء بيدي يمكن فعله إلا الاستمرار في عمل أفضل ما عندي من أجل تقديم أفضل أفلام ممكنة باستطاعتي ثم أن آمل أن يحب الجمهور هذه الأفلام. أرغب بصدق أن يحبوا فيلمي كما أحب أن أقدم أفلاما ملحمية ضخمة في العالم العربي كما يفعل الأميريكيون في هوليوود، ولكن من خلال ثقافتنا وحكاياتنا.

فيلمان مغربيان يتطلعان للتتويج بجائزة «تطوان السينمائي»

المغرب ـ «سينماتوغراف»: نبيلة رزايق

يتطلع المخرجان المغربيان عبد القادر لقطع ومحمد الشريف الطريبق للتتويج بإحدى جوائز الدورة 21 لمهرجان تطوان السينمائي، من خلال فيلميهما «نصف سماء»، و«أفراح صغيرة»، المتنافسان في مسابقة الأفلام الطويلة.

ويتناول «نصف سماء»، الذي سبق عرضه في مسابقة «خفقة قلب» بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، والمسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث توج بجائزتين هما السيناريو، للمخرج عبد القادر لقطع والكاتب عبد اللطيف اللعبي، وجائزة الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، محنة جوسلين اللعبي طيلة فترة اعتقال زوجها الكاتب والشاعر عبد اللطيف اللعبي، وهو شبه سيرة ذاتية مقتبسة من كتابها «رحيق الصبر».

سونيا عكاشة في دور كريستين اللعبي في فيلم نصف سماء

أما«أفراح صغيرة»، الذي يعرض لأول مرة في تطوان، فهو العمل الروائي الطويل الثاني للطريبق بعد «زمن الرفاق».  ويتناول الفيلم، الذي صورت أحداثه في تطوان، حسب الطريبق، أجواء تعايش التطوانيات مع التقاليد، والصعوبات التي كن يواجهنها في التعبير عن ذواتهن، موضحا أن «أفراح صغيرة» قصة نسائية بامتياز، لأنها ترصد نمط عيش عينة من النساء التطوانيات في المدينة العتيقة.

 ويتنافس الفيلمان المغربيان على الجائزة الكبرى للمهرجان، التي أطلق عليها المنظمون هذه العام اسم «جائزة تمودا الذهبية للسينما المتوسطية»، إلى جانب 11 فيلما من 9 دول متوسطية، وهي «ليو باردي» لماريو مارتوني، و«أطفالنا» لإيفانو دي ماتيو، من إيطاليا، و«سيفاس» للمخرج كان مجديسي و«رافقني» لحسين كارابي، من تركيا، و«الوادي» لغسان سلهب من لبنان، «بدون2» لجيلاني السعدي من تونس، و«أسوار القمر» لطارق العريان من مصر، و«عيون الحرامية» لنجوى النجار من فلسطين، و«الظواهر» لألفونصو ثارواثا من إسبانيا، و«أرض متلاشية»لجورج أوفاشفيلي من جورجيا، و«فدليو» للوسي فورليتو من فرنسا.

 وبالإضافة إلى الجائزة الكبرى، تتنافس الأفلام الثلاث عشرة على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم، التي تحمل اسم المخرج المغربي الراحل محمد الركاب، وجائزة العمل الأول، وتحمل باسم المخرج الجزائري عز الدين مدور، وجائزتي أحسن ممثل وممثلة، وجائزة حقوق الإنسان، التي يمنحها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، فضلا عن جائزة الجمهور.

وإلى جانب مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، يتنافس 15 فيلما قصيرا و13 فيلما وثائقيا من 11 دولة على جائزة«تمودا» الذهبية للسينما المتوسطية.

سينماتوغراف في

30.03.2015

 
 

"ابنة الهند" .. ممنوع في الهند !

قيس قاسم

أسباب منع السلطات الهندية عرض الفيلم الوثائقي "ابنة الهند" غير مفهومة ولا مبررة لا لمخرجته ليسلي أودوين ولا لجمهوره كونها بُنيت على ردود أفعال لا على موقف نقدي من مضمونه، وأيضاً على هواجس ومخاوف من تطورات سياسية واجتماعية واسعة عقب خروج آلاف المتظاهرين الغاضبين احتجاجاً على كلام ورد في الشريط، لأحد المشتركين في جريمة الاغتصاب الجماعية للشابة جوتي سينغ  في حافلة لنقل الركاب، يُحيل فيه سبب دوافع الاغتصاب على سلوك الفتاة المُغتصبة التي عليها "أن تسكت وألا تقاوم فعل الاغتصاب"!. هذه الجملة وبدلاً من البحث في مضامينها الأخلاقية والنفسية تعكّز عليها البرلمان الهندي في دعواه لمنع الشريط، ما يشير إلى وجود مخاوف سياسية من احتمال  فتح باب النقاش واسعاً حول ظاهرة مخيفة تنتشر في جسد المجتمع الهندي حيث تُغتصب وخلال كل عشرين دقيقة امرأة هندية، كما جاء في الوثائقي الممنوع في الهند والمعروض في بقية أنحاء العالم بعد شروع الـ "بي بي سي" في بثه قبل أسابيع قليلة على قناتها الرابعة لحقتها بعد ذلك بلدان أوروبية ويُتوقع أن تكون مساحة عرضه أوسع نطاقاً مما خطط له منتجوه بسبب المنع نفسه.

تستغني البريطانية عن مراجعة تفاصيل الحادثة التي جرت عام 2012 كونها صارت معروفة، وبدلاً منها تحاول إعادة رسم الشخصيات المشتركة فيها بحيادية وبتفصيل لتعطي خلفية جيدة لكل العناصر الفاعلة فيها؛ الضحية والجلاد، مع أنها (في مقابلة لها في نهاية المقال) تعتبر نفسها وكل النساء والمجتمعات ضحايا الثقافة والتربية الذكورية التقليدية. صورة الشابة جوتي سينغ أو "ابنة الهند" حين تكتمل بمراجعة إنسانية تغدو أكثر إيلاماً من الفعل نفسه لما فيها من أبعاد تراجيدية.

فالفتاة المنحدرة من عائلة فقيرة كانت تتمتّع بقوة شخصية وإصرار على مساعدة أهلها وبقية فقراء بلدها حين قررت دراسة الطب وأكملته في النهاية بمساعدة والديها اللذين باعا أرضيهما من أجلها، وبذلك حَرمت نفسها من مهر زواجها المنتظر. شخصية عصامية كانت تسرق ساعات من نومها لتقضيها في العمل ليلاً في بدالة للهواتف من أجل توفير مستلزمات الحياة الدراسية التي عادة ما يعجز فقراء الهند عن توفيرها.

كانت كلها حيوية وأمل في المستقبل لكن وفي غفلة من الزمن وبإرادة مجموعة من المجرمين انتهى كل شيء وغادرت جوتي الحياة مُخلِّفة وراءها مأساة عائلية لن تنتهي، ولكنها في نفس الوقت فتحت باباً للتغيير لم تعرفه الهند من قبل.

إلى الجناة تدخل أودوين لتقابل بعضهم في السجن ثم تعود بعد ذلك إلى بيوتهم الفقيرة وإلى أحيائهم التي نشأوا فيها لتعطي صورة واقعية تساعد على فهم الظاهرة. كلامهم وثقافتهم كلها تشير إلى كراهية للذات والمجتمع واحتقار موروث يحملونه في دواخلهم للمرأة، وكان البؤس يدفعهم إلى الهروب من بيوتهم للخارج الذي يُقرِّر وحده مسار حياتهم وطبيعة سلوكهم. مقابلاتها لعوائلهم عمقت مضمون الشريط وفتحت ثغرات في بنية مهمل البحث في تفاصيلها. على مستوى آخر يبرز المحامون كوسط مُشوَّه في المعادلة، وتُسلِّط أفكارهم ومواقفهم من فعل الاغتصاب الضوء على شريحة تنتمي إلى الفئات المتعلمة في المجتمع لكنها عملياً تتوحّد مع العينات التي تدافع عنها وتتماهى معها بدرجة كبيرة على مستوى الأفكار. المشهد المرسوم لحياة المواطن الهندي في "ابنة الهند" لا يقل عتمة عن المصوَّر في فيلم "أم الهند" القديم على مستوى المظلومية الاجتماعية

الفقر والتمايز الطبقي وتغليب الذكورية المتجذرة في السلوكيات العائلية واحتقار المرأة كلها عوامل ستقود مغتصبي جوتي وغيرهم إلى عالم الجريمة وانتهاك الأعراض وإباحة الجسد الأنثوي كنتاج موضوعي للظروف البائسة التي يعيشون فيها. سيفرز مقتل واغتصاب "ابنة الهند" صراعاً اجتماعياً قوياً وسيدفع ملايين البشر للخروج في مظاهرات تطالب الحكومة والدولة بتحمل مسؤوليتها في وقف نزف المرأة الهندية المنتهكة، وستُجبر، رغم قمع الشرطة الذي حوّل المظاهرات إلى ساحة حرب، الحكومة على تأليف لجنة من السياسيين والمختصين لدراسة الظاهرة وإعداد تقرير عنها.

تولي صاحبة "ابنة الهند" اهتماماً بالدراسة التي خرجت باستنتاجات غاية في الأهمية تتطابق ورؤية كثر من المجتمع الهندي يربطون بين الاغتصاب كفعل همجي والظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة في الهند، ولا يتجاهلون الإشارة إلى الأفكار التقليدية والنظرة المحافظة للمرأة وضرورة إجراء تغييرات حقيقية لسد الثغرات التي يتسرب منها "الاغتصاب". لا يرضى "ابنة الهند" بالوعود ويطالب عبر مراجعة أحوال طرفي المعادلة للنظر إلى الجوانب الانسانية فيها.
 
فبمقدار الحديث عن التسامح وأخذ الدولة لحقوق المظلوم يبقى الألم والحسرة على العزيز الضائع، ويبقى أصحابها يطالبون بمزيد من العقوبات على الجناة، بالمقابل لا يستسلم الوثائقي  لفلتان فكرة "الجوع" ويطمح إلى "تضبيطها" من منظور أبعد من الركون إلى قوة دفعها السلبية ومنحها صفة الإطلاق حين يربطها بالتعليم وتغيير نظرة البشر إلى الكائن الثاني الذي يعيش معهم: المرأة.

حينها يمكن الحديث عن التغيير المرتجى في بلد تُغتصب فيه النساء على مدار الساعة وهذا ما ذكرته المخرجة البريطانية ليسلي أودوين في المقابلة التي أجراها معها التلفزيون السويدي وسألها رأيها في قرار البرلمان الهندي بمنع عرض فيلمها الذي شكل كما قالت صدمة قوية لها، وأن آخر شيء كانت تتوقعه من الحكومة الهندية هو منعه خاصة أنها اشتغلته بروح إيجابية محبة وقدمته كعرفان بالشكر للشعب الهندي الذي خرج للتضامن مع المرأة ليس في الهند فحسب، بل في كل أنحاء العالم: "عندما شاهدت المظاهرات التي خرجت للتنديد باغتصاب جوتي سينغ شعرت وأنا أجلس أمام التلفاز في لندن وبصحبة عائلتي بأن ما يجري هناك هو نوع من التضامن معي ومع حقوقي كإنسانة وامرأة ولهذا تأثرت كثيراً بالموقف، وبنفس تلك الروح التضامنية اشتغلت الفيلم وعملت بكل طاقتي من أجل إيصال أصوات المتظاهرين إلى العالم، ولهذا شعرت بقرار السلطات الهندية كصفعة قوية وُجهت لي شخصياً".

وقلّلت ليسلي في نفس الوقت من قيمة تهديدات وزارة الداخلية الهندية لـ "بي بي سي" بعد قرارها بالمضي في عرضه في بريطانيا وبقية الدول التي أرادت شراء حقوق عرضه منها ووصفت التهديدات بأنها غير فعالة لأنهم لا يستطيعون التأثير على قرار عرضه في دولة ذات توجهات ديمقراطية، حرية التعبير والرأي فيها مصانة بقوة القانون، وبالتالي لا يمكن للهند التدخل ومنع الفيلم في تلك المجتمعات. وأكملت "قرار المنع يُعبِّر عن حالة الفساد السائدة في النظام الهندي".

أما عن تجربتها أثناء وجودها في الهند لتصوير الفيلم  وأكثر ما أثر فيها فتوقفت عند مقابلتها للمتهمين داخل السجن "عندما ذهبت لمقابلة سائق الباص الذي تمت فيه عملية الاغتصاب والاعتداء على جوتي وصديقها داخله، كنت أتوقع أن أواجه وحشاً أو مسخاً بشرياً لكني فوجئت بمقابلتي إنساناً عادياً ولهذا شعرت لحظتها بالخوف الشديد!". كان كما تصفه رجلاً عادياً تعلّم قيّم المجتع وثقافته التي تنظر إلى المرأة باحتقار وتعاملها بدونية وأنها أقل قيمة من الرجل "هذه الصورة راسخة حقاً في وعيهم وهذا يفسر كلامه وتصرفاته وحقه المكتسب في أن يعاملها كما يشاء بما في ذلك اغتصابها أو تشويه وجهها وحتى قتلها!".

وحول أسباب ذهابها إلى بيوت بعض المتهمين وتصوير المناطق الشديدة البؤس التي يعيشون فيها قالت المخرجة البريطانية "لأنهم ضحايا، أيضاً. نحن كلنا ضحايا في الحقيقة. فما حدث لجوتي يثبت بأنها ليست الضحية الوحيدة وعائلتها بل نحن معها، وما نراه من جرائم تُرتكب ضد المرأة في كل مكان يُعزِّز هذا الإحساس بقوة، ومن هنا لا ينبغي النظر بسلبية إلى ما يجري في الهند ونقول هذا شيء يحدث هناك ولا يخصنا، لأن ما يجري في الحقيقة يتعلق بسلوك أناس نحن من قام بتربيتهم وأرضعهم قيما أخلاقية تحتقر المرأة. ونحن من شجعهم على التصرف معنا بهذا الشكل ولهذا فنحن جميعاً ضحايا والأمر ليس فردياً في مطلق الأحوال ومواجهته هي مسؤولية أخلاقية قبل كل شيء". 

وعن كلام المحامين ومواقف السياسيين توقفت باندهاش: "كنت متهيئة لسماع تفسيرات تبرر الأفعال الهمجية من أشخاص لا يتمتعون بثقافة عالية أو تأهيل دراسي ولكني شعرت بالغثيان حين سمعت بعض المحامين يتحدثون أمامي بكلام يُبرّر الجريمة والسلوك الحيواني ويُحيل الذنب على الفتيات لا على المغُتصبين وتصريحات بعضهم الشديدة القسوة والعنيفة ضد النساء تكشف عن ثقافة ذكورية هيكلية تُفسر بدورها مواقف السياسيين الذين يستغلونها لمصالحهم الذاتية".

وحول قناعتها ومقدار إيمانها بالحركات المناهضة للاغتصاب والعنف ضد المرأة الهندية من خلال تصويرها للمظاهرات، أكدت ثقتها بها وأن "المظاهرات التي خرجت وجوبهت بعنف رجال الشرطة إنما تشير إلى بداية تغيير وبروز وعي جديد يطالب بضرورة رفع صوت الاحتجاج عالياً وفي كل مكان، وفيلمي أراد نقل ذلك التغيير وتوصيل فكرة عن شمولية استغلال المرأة بحيث يصعب على المرء بعد مشاهدته له الادعاء بأن الأمر هذا يحدث من مكان آخر وليس عندنا.. هنا!". 

الجزيرة الوثائقية في

30.03.2015

 
 

عقد على رحيل أحمد زكي: الإمبراطور بيننا اليوم

علي وجيه

في «مدرسة المشاغبين»، كان أحمد زكي (1949 – 2005/ الصورة) هو الطالب «المختلف» عن بقيّة الأشقياء في الصف. يسخر منه عادل إمام (بهجت الأباصيري) في أحد المشاهد: «إنت مختلف، ووضعك مختلف. أنت واخد الدنيا من ورا ولا إيه؟». نعم، كان العبقري المصري مختلفاً عن كلّ مجايليه في الموهبة والرهافة والعفوية وحتى الشكل الخارجي. الشاب الأسود لم يكن ذلك الجغل الملائم لسينما تلك الفترة، مثل محمود عبد العزيز ونور الشريف.

عادل إمام تشبّث بالكوميديا كضمانة إلى الأبد. كلّهم تعكّزوا على مطابقتهم للمعايير بشكل أو بآخر، للحصول على الوقت الكافي للتثبيت والنضج و«التجوهر». وحده أحمد زكي، كان عليه إثبات نفسه منذ المشاهد الأولى. ونعم، كان آتياً من الوراء. قدم إلى العاصمة من «الزقازيق» في محافظة الشرقية. هناك، أمضى طفولة يتيمةً مع «أناس بسطاء بلا عقد عظمة ولا هستيريا شهرة» حسب تعبيره. اليتم في بيوت العائلة فرض الانزواء والهشاشة ومراقبة الناس بعين سمكة. مفاعيل تلك الفترة رافقته حتى الوداع الأخير بسبب سرطان الرئة في مستشفى دار الفؤاد. كان شديد التطرّف في أحاسيسه. يشعّ فرحاً، وينفجر ضحكاً، ويبكي كطفل صغير لأتفه الأسباب. عجينة من النوع الممتاز، وإسفنجة لا تشبع بين أيدي المخرجين. ياقوت صرف قابل للصقل إلى أيّ شكل أو شخص. الجندي المدهش في التقمّص في «البريء»، حتى أنّ عاطف الطيّب اعتقد أنّه عسكري يمشي في الطريق أثناء مجيئه إلى موقع التصوير. الضابط الغول في «زوجة رجل مهم»، والتائه في الفيلم الوجودي الآسر «أرض الخوف». الصعيدي الساذج في «البيه البوّاب»، والمطلوب للعدالة في «الهروب». الموظّف المطحون في «الحب فوق هضبة الهرم». المحامي الفاسد في «ضد الحكومة». في الأدوار البيوغرافية، لا يمكن نسيان أبهى تجسيد لطه حسين في مسلسل «الأيام»، والإبهار في «ناصر 56» و«أيام السادات» و«حليم».

كان زكي متفانياً في العمل حتى الاستهلاك الذاتي. التمثيل حياة بمعنى الكلمة وتوازن الأعصاب. محاولة الانتحار الشهيرة بعد استبعاده من «الكرنك» لعلي بدرخان، أحد الأدلّة على ذلك. نادر هو انغماسه الكليّ في الدور، حتى لو كان وجبة خفيفة. بحساسية وبساطة، كان بارعاً في حلّ الشخصية وتفكيك مراحلها. وفق منهجه، مرّ عبد الحليم بثلاث مراحل: الاعتماد على الإحساس بسبب نقص الثقة في البدايات، ثمّ الغرق في هذا الإحساس مع حركة الرأس والفيزيك الخارجي، وأخيراً استحضار الصورة مع الكلمة وتمثيل معناها في الغناء. إسماعيل في «عيون لا تنام» لرأفت الميهي، يمرّ بأربع نقلات في الإحساس: ولد عدواني كريه يصبح طفلاً عند وقوعه في الحب. بعدها، يتوحش من أجل المال، ثم يحاول الخلاص، قبل أن يفقد صوابه. التماهي يفسّر جرأة الممثّل التلقائية في الجلوس على سطح قطار منطلق، أو النوم في برّاد مشرحة. هكذا، ظهرت كل شخصياته بمنتهى الحياتية والاختلاف، حتى المستهلك منها. الموهبة الاستثنائية والمناخ الجديد إثر وصول السادات إلى السلطة، أنقذا «مستر كاراتيه» من تصنيف المنتجين الجائر بسبب الشكل الخارجي، وإن ببطء تدريجي مرهق. غالباً، كان الدور يصل إليه بعد المرور على عادل إمام ومحمود عبد العزيز ونور الشريف. هذا نفس سبب تفرّده لاحقاً، وفتح الباب أمام أسماء مثل يحيى الفخراني. تمثّل المصري البسيط فيه روحاً وسلوكاً وحتى تاريخاً. لذلك، كان الممثل المفضل عند مخرجي الواقعية الجديدة. تحت إدارة رأفت الميهي وعاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة وداوود عبد السيد، توهّج بطلنا في أداءات لا تُنسى. أحمد زكي هو البطل المصري المضاد الذي ينزف ويُقهر ويُنتهك، فيردّ بدمعة وضحكة ونكتة ساخرة. ليس مفاجئاً ما كان يحصل معه أثناء صراعه مع السرطان في المشفى. جاء رجل من الصعيد يريد التبرّع بكليته أو «خدوا أيّ حاجة» من أجل شفائه. كذلك، الفتاة التي عرضت التبرّع بإحدى رئتيها. فقدانه انسحب على كلّ بيت، وعصر قلب كلّ أم وأخت وحبيبة. مصر ودّعت جزءاً منها يوم 27 آذار (مارس) المشؤوم. تماماً كوداع أم كلثوم ونجيب محفوظ وفاتن حمامة.

بعد عشر سنوات على الغياب، يحضر «النمر الأسود» بكل راهنية وقوّة. في «هستيريا» عادل أديب، ركض زين هرباً من المتطرّفين في مترو الأنفاق. لم يكن يعلم أنّ هذا سيحصل بعد سنوات على المستوى الجمعي. «معالي الوزير» يبدو وديعاً مقارنةً بأصحاب معالي هذا العصر. لا يمكن لمقال أن يحيط بجلالة «الإمبراطور» وحضرة «البرنس». كلماته الشخصية قد تغني عن كثير من التوقع والتحليل. «اليوم علينا معالجة الإنسان. أنا لا أجيد الفلسفة ولا العلوم العويصة. أنا رجل بسيط جداً، لديه أحاسيس يريد التعبير عنها. لستُ رجل مذهب سياسي ولا غيره. أنا إنسان ممثل، يبحث عن وسائل للتعبير عن الإنسان. الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية. هدفي هو ابن آدم، تشريحه، السير وراءه، ملاحقته، الكشف عمّا وراء الكلمات، ما هو خلف الحوار المباشر. الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا. المعاناة هي واحدة. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد. الجنون موحد. حروب وأسلحة وألم وخوف ودمار. كتلة غربية وكتلة شرقية. العالم كلّه غارق في العنف نفسه، والقلق ذاته. والإنسان هو المطحون. ليس هناك ثورة حقيقية في أيّ مكان من العالم. هناك غباء عام وإنسان مطحون».

(زمن) عبد الحليم... أكثر من فقد

«العندليب الأسمر» أخفى شقاءه في صوته

سيد محمود

38 عاماً على رحيل عبد الحليم حافظ (21 يونيو 1929 - 30 مارس 1977)، وما زال عشاقه يديرون يومياً إذاعة «الأغاني» المصرية في السابعة مساءً بحثاً عن «الزمن المفقود»

القاهرةبعد 38 عاماً من غيابه، ليس في حياة عبد الحليم حافظ (21 يونيو 1929 - 30 مارس 1977) علامات مفقودة. مَن أدمن الاستماع إليه، يحفظ سيرته كما يعرف قائد الطائرة محطة الهبوط من إحداثيات واقعة في الغيم. المطرب الذي نال لقب «العندليب الأسمر» أخفى شقاءه في رهافة صوته وظلت «ندبة الفقر» التي ولد بها معلّقة في الواجهة كشارة نصر وأثر لا يمحى.
استثمر عبد الحليم هذه الندبة بذكاء يصعب تفاديه، وتعامل معها كما تتعامل نجمة سينمائية مع شامة حسن ولدت بها. عاش ومات مريضاً بشقاء «البدايات» رغم أنّ صوته كان عنواناً لعصر أخفى إخفاقاته السياسية تحت أصوات غنائية اتسمت كلها بالسطوع الذي يلائم أحلاماً طليعية حركت جيل «ثورة يوليو» 1952. ولد العندليب في قرية الحلوات في محافظة الشرقية.

كان الابن الأصغر بين أربعة إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية التي لعبت في حياته دور الأم ولم تتنازل عنه أبداً حتى عقب وفاته. تشكل تجربتا اليتم وفقدان الأم مع داء البهارسيا العنوان الأبرز في سنوات طفولة حليم ومراهقته التي لا تختلف اختلافاً جذرياً عن حياة أغلب فقراء مصر من أبناء الريف. كانت الكتاتيب المدرسة الأولية حيث أتيح له تلقي أبسط أنواع التعليم، لكن خلافاً لمن كانوا معه، تابع مسيرة شقيقه الأكبر اسماعيل شبانة مع الغناء.

استناداً إلى تجربة الأخ الأكبر، التحق حليم بـ «معهد الموسيقى العربية» (قسم التلحين) عام 1943 وتعرف هناك إلى كمال الطويل الذي كان طالباً في قسم الغناء والأصوات. درسا معاً في المعهد حتى تخرجهما عام 1948. بعدها، رشِّح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج، لكنه ألغى سفره وعمل لأربع سنوات مدرساً للموسيقى في طنطا ثم الزقازيق وأخيراً في القاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس. التحق بعدها بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفاً على آلة «الأبواه» عام 1950. في الإذاعة، تبادل مع كمال الطويل الأدوار، إذ تحول الى مغن، وأصبح الطويل ملحناً بارزاً. لكن نقطة التحول الرئيسة جاءت من لقاء مع محام من كبار هواة الفن هو مجدي العمروسي الذي أصبح لاحقاً رفيقه وشريكه التجاري. لعب العمروسي الدور الأكبر في تيسير مهمة العندليب في الغناء في الإذاعة بعدما تبناه رئيسها حافظ عبد الوهاب الذي سمح له باستخدام اسمه «حافظ» بدلاً من شبانة. اعتُمد عبد الحليم مطرباً بعدما قدم قصيدة «لقاء» (كلمات صلاح عبد الصبور، وألحان كمال الطويل) عام 1951، في حين ترى مصادر أخرى أن ّإجازته كانت عام 1952 بعدما قدم أغنية «يا حلو يا اسمر» (كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي). لكن الأكيد أنّه غنى «صافيني مرة» (كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي) في آب (أغسطس) عام 1952 ورفضتها الجماهير في الوهلة الأولى، إذ لم يكن الناس على استعداد لتلقي هذا النوع من الغناء الجديد. لكنه أعاد غناء «صافيني مرة» في حزيران (يونيو) عام 1953، يوم إعلان الجمهورية، وحققت نجاحاً كبيراً. مصادفة جعلت نجاحه مقترناً بصعود «ثورة يوليو»، ثم تم اعتماده مطرباً لها. تبنت الثورة صوته واختارت ملحنيها من بين مجايليه كمال الطويل والموجي. كان الأول الاكثر التصاقاً بمشروعها السياسي وانحاز لها بوضوح حتى تغلب ملحّنو الجيل السابق على التردد الذي صاحب عملية التغيير السياسي العنيف. بعد فترة تأمل، سعى محمد عبد الوهاب بذكائه المعتاد إلى استثمار النبرة المغايرة لصوت عبد الحليم التي تستمد حلاوتها من الضعف لا من قوة الصوت.

حكايات حب غير مكتملة جعلته دوماً عاشقاً محتملاً لكل الجميلات

وكما كانت إطلالة جمال عبد الناصر وصحبه من الضباط الأحرار معياراً لوسامة خلقتها الثورة، كانت صورة عبد الحليم ونبرته الهشة معياراً لوسامة من نوع أخرى تنسجم مع الشفقة التي نعرفها في صورة فاتن حمامة والأنوثة الطاغية في إطلالة سعاد حسني والتطلع الموجود في أداء نادية لطفي. ثم بدا عبد الحليم منسجماً تماماً مع لحظته التاريخية التي قامت على إبدال وتغيير في المواقع ليس فقط على الصعيد السياسي، بل أيضاً على صعيد تكون الانحيازات الجمالية التي تجلّت بوضوح في تعاونه الفذ مع محمد عبد الوهاب. توقف الأخير عن الغناء وترك الساحة تماماً لمطرب جاء مثله من خلفية شعبية، لكنه يعبر عن الثورة التي تردد عبد الوهاب في الالتحاق بها في البدايات، كونه مطرباً للعهد البائد وتحول معه إلى «موسيقار الأجيال».

تعكس الأغنيات التي رسخت لشعبية حليم مثل «أهواك»، «نبتدي منين الحكاية»، «فاتت جنبنا»، صيغة فريدة من صيغ الشراكة والاختلاف من خلال السعي إلى بناء سرديات جديدة في الغناء المصري تخالف سردياته الكبرى التي خلقتها أم كلثوم وفريد الأطرش وتقارب الى حد كبير ما تقدمه الحياة اليومية من فرص للتواصل لم تكن متاحة لجيل أم كلثوم وعبد الوهاب. فرصة شهدت تطوّر النصوص الكلاسيكية مع الشعراء حسين السيد، ومرسي جميل عزيز، ومأمون الشناوي الذين قدموا نصوصاً غنائية أقصر تقوم على صيغ التكثيف والمفارقة. جاءت نقطة التحول الأخيرة في حياة حليم بتعاونه مع بليغ الملحن الأكثر شعبية من بين كل ملحني جيله.

نجاح هذا التعاون جاء من مصدر لا يختلف عن مصادر الشرعية السياسية التي تغذت عليها «ثورة يوليو» وهي الانحياز إلى الريف والطبقات الفقيرة وتبني خطط الإصلاح الزراعي والتأميم. قام مشروع بليغ بكامله على استلهام الغناء الشعبي. ساعدته في ذلك نصوص عبد الرحمن الأبنودي، ومحمد حمزة، وعبد الرحيم منصور وظهرت أغنيات مثل «زي الهوا»، «سواح»، «حاول تفتكرني»، «أي دمعة حزن لا»، «موعود» و«أنا كل ما اقول التوبة»، «أعز الناس». وكما نجحت أم كلثوم في توطيد صلاتها بالناصرية وتحولت إلى معبر قوي عن خطابها العروبي اعتباراً من معركة 1956 ثم حفلات المجهود الحربي بعد نكسة الـ 1967، فإنّ عبد الحليم اعتبر نفسه مهزوماً مثل النظام الذي عبر عن طموحات مؤيديه. لذلك، عبّر بإخلاص عن رغبة في مراجعة التجربة ومقاومة الهزيمة كما عبرت عن ذلك أغنيات «المسيح»، «عدى النهار» (كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي). وكما جعلت أم كلثوم أسطورتها أداةً من أدوات القوة المصرية الناعمة، طغى حضور عبد الحليم على حضور مجايليه في أرجاء العالم العربي ووطد صداقته بزعماء تاريخيين من أمثال الحبيب بورقيبة، والحسن الثاني.

يعرف المتابع لسيرة حليم معنى الجملة التي صاغها صديقه الصحافي الراحل محمود عوض الذي كتب له مسلسلاً إذاعياً شهيراً وكانت تقول: «كان لعبد الحليم صوت ضعيف، لكن كان له مجلس إدارة قوي يدير موهبته». عبارة تفسر شغف حليم بصداقة كبار الصحافيين بداية من مصطفى أمين، وأحمد بهاء الدين، وإحسان عبد القدوس وحتى جيل مفيد فوزي، ومنير عامر، ومحمود عوض. صداقات منحته مصادر ثقافية مختلفة وجعلت حياته مادة صحافية غنية تغذت من مصادر بعضها يتعلق بظروفه الصحية، وبعضها الآخر يخص حكايات حب غير مكتملة جعلته دوماً عاشقاً محتملاً لكل الجميلات اللواتي اعتبرن غيابه خسارة شخصية وفقداً لا يمكن تعويضه. لحظة التقطها بقوة الشريط السينمائي «زوجة رجل مهم» (1987) لمحمد خان لأنّ ما عاشته بطلة الفيلم ميرفت أمين بقوة الربط بين يومياتها وأغنيات العندليب كان جزءاً من ذاكرة شكلها عبد الحليم ولا يزال. إذ يوقف عشّاقه مؤشر إذاعة «الأغاني» المصرية بين السابعة والسابعة والنصف مساءً بحثاً عن «الزمن المفقود».

(زمن) عبد الحليم... أكثر من فقد

حليم وناصر... حلم الوحدة العربية

محمد خير

القاهرةكانت مجرد مصادفة، لأن أذواق الجمهور و»السمّيعة» لا تتغير بأوامر الحكومات، لكن هذا ما حدث: في العام الذي استقبل فيه الزعيم الشاب جمال عبد الناصر المطرب الشاب جداً عبد الحليم حافظ... في ذلك الخريف من عام 1953، دوى نجاح أغنية حليم «صافيني مرّة» (ألحان محمد الموجي وكلمات سمير محجوب)، رغم فشلها المدوّي حين غنّاها في العام الأسبق. لم تكن الصدفة «الناصرية» في الاستقبال فحسب، بل تمثلت أيضاً في أن الغناء «الناجح» لـ «صافيني مرّة» كان في «عيد الجمهورية». الجمهورية التي تأسست للتوّ، لم تكن تبحث عن مطرب جديد بعينه، لكنها بحثت عن أبناء كثر. كان عبد الحليم حافظ ربما أكثر أبنائها إخلاصاً، وكان بالتأكيد أكثرهم نجاحاً. حين توفي بعد سبع سنوات من وفاة الزعيم وربع قرن من «ثورة يوليو»، لم تضاهِ جنازة الفنان سوى جنازة الزعيم. بالطبع، لم تكن بينهما في الحجم والمهابة سوى جنازة «كوكب الشرق».

لكن أم كلثوم (التي اتهمت في بداية ثورة يوليو بأنها من رموز العهد الملكي البائد)، وغيرها من كبار الفنانين المعاصرين لعبد الناصر، مهما انحازوا إلى الثورة، فإنهم لم يكونوا في موضع البنوّة للزعيم الأب، كما كان حليم لعبد الناصر، رغم فارق العمر غير الكبير الذي لم يتخط عشر سنوات، ورغم التقارب المدهش في عمر الوفاة (52 سنة لناصر و48 سنة للعندليب الأسمر)، يا لها من سنوات قليلة بالنظر إلى التاريخ الهائل الذي صنعه الاسمان، كل في مجاله.

لم يخطر اسم عبد الناصر على لسان فنان ـ ثوري أو غير ثوري ـ كما تغنى به لسان عبد الحليم، صراحة وتلميحاً مرات عدة. صراحة في الكلمات الأصلية في أغنية «ناصر يا حرية، ناصر يا وطنية، يا روح الأمة العربية يا ناصر» (كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل)، أو حين يلفظ اسم الزعيم بتحوير الكلمات، فتتحول «صوّرنا يا زمان» في أغنية «صورة» (جاهين والطويل أيضاً) إلى «صوّرنا يا جمال» على لسان الكورال المصاحب.

في أيامنا هذه، نهاية الربع الأول من 2015، تُستدعى مع تطورات الأزمة اليمنية الجديدة، والدور المصري فيها، أغنية «بالأحضان» (الثنائي ذاته جاهين والطويل) التي تغنى بها حليم بجنود مصر العائدين من حرب اليمن في الستينيات.

بعد النكسة، قرر ألا يتغنى باسم زعيم أبداً

لكنه في تلك الأغنية أيضاً، يتغنى بالزعيم لكن من دون الاسم صراحة هذه المرة: «وزعيمك خلاكي زعيمة في طريق الخير والعمران». لقد كان ذلك تشخيصاً مباشراً، وغير متعلق بحدث معين كما فعل مثلاً الشاعر أحمد شفيق كامل في أغنية «حكاية شعب»، حيث نسمع حليم يتغنى بتأميم القناة «ضربة كانت من معلّم خلت الاستعمار يسلّم».

تمكن إذن ملاحظة تكرار الثنائي جاهين/ الطويل في تلك الأغنيات التي تذكر ناصر اسماً، كما أيضاً في أغنيتهما «على راس بستان الاشتراكية» حيث نستمع إلى «ومعانا جمال بنغني غنوة فرايحية». هل كان إيماناً «ثلاثياً» بالزعيم أم رغبة حليم نفسه التي نفذها الكاتب والملحن أم العكس؟ أياً كان، فقد قيل إن حليم قرر بعد نكسة الـ 1967 ألا يتغنى باسم زعيم أبداً. هذا ما حدث فعلاً على أي حال، وزاد اعتماد العندليب في وطنياته على كلمات عبد الرحمن الأبنودي الذي صنع معه علامات فنية لا وطنية فحسب، على رأسها «عدى النهار» و»المسيح». قصائد فائقة الفنيّة، وألحان ناضجة، وحزينة على غير عادة ملحنها بليغ حمدي. علامات نضج وشجن لا تخطئها الأذن، وغياب «ناصري» لا يخطئه المستمعون.

ثم غاب ناصر ذاته على كل حال بعد هذا التغيّر بزمن قليل، وغاب حليم بعده سنوات قليلة، وغاب ما جمعهما دائماً، حلم قومي بوحدة عربية لم تتحقق أبداً.

(زمن) عبد الحليم... أكثر من فقد

معبود الحسناوات والسينما الرومانسية

علا الشافعي

القاهرةتماماً كما حقق ذلك الفتى النحيل الأسمر ثورة في عالم الغناء، فعلها أيضاً في عالم السينما، فكان من أهم المطربين الذين حققوا نجومية وشعبية طاغية في هوليوود الشرق. ذلك المثابر الذي ــ رغم اليتم والفقر ــ لم يكن يملك من أمره سوى الحلم. آمن فيه ووثق بكل خطوة يخطوها. ولأنه كان يدرك أن عمره قصير جداً، اهتم بالسينما والإذاعة وقدم عدداً من الأفلام ليخلد ليس بصوته فحسب، بل بصورته أيضاً. أسس شركة إنتاج سينمائية مع المصور المبدع وحيد فريد وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

ولم يكتف حليم بإنتاج أفلام لنفسه فقط من خلال شركته، بل أنتج أفلاماً لنجوم آخرين منهم سعاد حسني («حسن ونعيمة»، و«جناب السفير»)، وهند رستم (الراهبة)، ووردة (حكايتي مع الزمان)... حتى أن حليم كان المطرب الذي قدم أول فيلم سكوب وبالألوان في تاريخ السينما المصرية وهو «دليلة» (1956).

حليم الذي شكّل ثورة غنائية وصار صوتاً لــ «ثورة يوليو» ولزعيمها جمال عبد الناصر، دخل عالم السينما من بوابة الرومانسية. ورغم أنه لم يكن صاحب موهبة تمثيلية قوية، إذ كان هناك مطربون آخرون يتفوقون عليه في الأداء التمثيلي مثل محمد فوزي، إلا أنه حقق شعبية طاغية. لقد كان يدرك تماماً، بذكائه المعهود، أنه يجب أن يكون محاطاً في أفلامه بكوكبة من النجوم، سواء نجوم جيله أو «كوميديانات» ذلك العصر، كزينات صدقي وعبد السلام النابلسي وعبدالمنعم ابراهيم ومحمد رضا وفؤاد المهندس، أو الممثلين أصحاب الموهبة الثقيلة ومنهم محمود المليجي وفردوس محمد وحسين رياض. حليم واحد من أهم نجوم الغناء في تاريخ السينما المصرية والعربية. يكمن سر جاذبية سينما حليم في أنّ الكثير من أفلامه كانت تحمل بعضاً مما عاناه في حياته ورحلته الصعبة التي بدأت من الحلوات قريته في محافظة الشرقية وسط الدلتا في مصر، إلى أن صار من أهم النجوم في تاريخ الفن العربي. في شهادته عن سينما حليم، يؤكد المؤرخ والناقد الراحل فرج العنتري أن أفلام «العندليب الأسمر» كانت تتطابق في كثير منها مع حياته وظروفه ومعاناته. لقد جسد مثلاً تجربته الشخصية التي عاشها في الحب والفقر والمرض في فيلم «حكاية حب» (1959) مع المخرج حلمي حليم. وبدا صادقاً في أدائه حتى توحد مع أفلامه وصار معها شيئاً واحداً.

شادية تحتل المرتبة الأولى في قائمة الفنانات اللواتي مثّلن معه

ويضيف العنتري: «لا شك في أن سبب استمرار نجاح أفلامه هو السبب نفسه في استمرار عبد الحليم كصوت وهو أنه كان يمثل «نغمة جديدة» تختلف عما يقدمه المطربون في عصره، وقد قوبل ما يقدمه في البداية بالهجوم والرفض، إلى أن تصدر المشهد الفني وأثبت جرأته وذكاءه وأنه كان سابقاً لعصره على مستوى الكلمة واللحن والصورة التي يقدمها». أما المخرج الراحل كمال الشيخ، فقال في شهادته عن سينما حليم: «أن أفلامه عاشت في وجدان الناس كما عاشت أغانيه». كان حليم يدرك بذكائه الفطري أهمية الصورة، فلم تكن الكاميرا تفارقه في رحلاته سواء داخل مصر أو خارجها، حيث كان يصطحب معه مصوره الخاص الراحل فاروق إبراهيم أو كاميراته الشخصية. وهو ما انعكس على اهتمام حليم بصورته في السينما التي كان يقدمها مع البطلة التي تقف أمامه، فحتى لو كان بسيطاً فقيراً، إلا انه عادة ما يكون متأنقاً لأنه لم ينس لحظة نجوميته التي يؤرخ لها من خلال السينما، شاهده مثلاً في دور منعم الشاب البسيط في فيلم «شارع الحب»، أو علي الطالب في كلية الزراعة في «أيامنا الحلوة».

رغم أن حليم وقف أمام جميلات السينما المصرية في أفلامه، كإيمان ومريم فخر الدين وماجدة وفاتن حمامة، إلا أن النجمة الكبيرة شادية تحتل المرتبة الأولى في قائمة الفنانات اللواتي مثّلن مع العندليب. استطاعت أن تجسد ببراعة شخصية مختلفة تماماً في كل من الأفلام الثلاثة التي أدتها معه: «لحن الوفاء» (1955)، و«دليلة» (1956)، و«معبودة الجماهير» (1967)، كما استطاعت بخفة دمها أن تقدم تجربة مميزة معه.

وفي عام 1955، شاركت فاتن حمامة للمرّة الأولى البطولة مع عبد الحليم حافظ في فيلم «أيامنا الحلوة»، لكن وجود عمر الشريف وكاريزماه، إضافة إلى أحمد رمزي أخذا كثيراً من رصيد حليم التمثيلي، لذلك لم يتنازل عن مشاركته فاتن حمامة بطولة فيلم آخر يقف أمامها بمفرده وهو «موعد غرام» (1956). في الشريط الذي حقق نجاحاً كبيراً حينها، تعاطف الجمهور مع قصة نوال وسمير، تلك الصحافية التي تقوم بحل المشاكل العاطفية ويقع في غرامها سمير المطرب الشاب قبل أن تمرض وتصبح مقعدة وتحاول ابعاد سمير عنها بكل الطرق.

كانت للفنانة والمطربة صباح تجربة واحدة مع عبد الحليم عام 1958، في فيلم «شارع الحبّ» (إخراج عز الدين ذو الفقار ــ تأليف يوسف السباعي). حقّق الشريط نجاحاً متوقعاً لأنه جمع نجمين في عمل متكامل، مزج الكوميديا بالرومانسية، لتكون تلك خلطة سحرية أخرى في تاريخ عبد الحليم حافظ السينمائي. وتألّقت مريم فخر الدين في فيلم «حكاية حب» (تأليف وإخراج حلمي حليم) عام 1959، أمام الفتى الأسمر، في دور «نادية» الذي شكّل أحد أهم أدوارها في مسيرتها. وقد غنّى عبد الحليم في هذا الفيلم أغنيات لا يمكن أن تنسى منها: «بحلم بيك أنا بحلم بيك»، و«بتلوموني ليه».

كما شاركت نادية لطفي مرتين مع عبد الحليم في «الخطايا» (1962) و«أبي فوق الشجرة» (1969)، الذي كان آخر أفلامه. الدوران كانا مختلفين تماماً، ففي الأوّل كانت حبيبته التي يريد والده تزويجها من أخيه، وفي الثاني كانت المرأة اللعوب التي تحاول الإيقاع بالعندليب وإبعاده عن حبيبته ميرفت أمين.

كانت ملامح زبيدة ثروت الهادئة وعيونها الجميلة سبباً في اختيارها لتأدية دور «نادية» أمام عبد الحليم حافظ في فيلم «يوم من عمري» (إخراج عاطف سالم عام 1961). لكنّ موهبتها فقط هي التي جعلتها تتألق أمام العندليب، فغنّى لها «ضحك ولعب وجدّ وحبّ»، وحقّق معها نجاحاً باهراً في هذا العمل.

أما «الوسادة الخالية» (1957) الذي يعتبر من أنجح وأشهر أفلام السينما العربية، فقد أدت بطولته النجمة لبنى عبد العزيز في دور «سميحة»، صاحبة العيون الناعسة التي جعلت الحب يدقّ لأوّل مرة في قلب صلاح بطل العمل وصارت الجملة الشهيرة في الفيلم: «اقفل انت اقفلي انتي الأول» من أشهر الجمل المتداولة بين الأحبة، كما غنى لها أغنيته الشهيرة «أوّل مرة تحبّ يا قلبي». العمل الذي حقّق نجاحاً كبيراً، أخرجه صلاح أبوسيف عن قصة لإحسان عبد القدوس. بالفعل تحقق لحليم ما كان يريد وصارت أفلامه من الكلاسيكيات الرومانسية وحفظت أيضاً جزءاً كبيراً من تراثه ومشواره.

(زمن) عبد الحليم... أكثر من فقد

رحلة طويلة مع شعراء العامية

محب جميل

القاهرةجمعت عبد الحليم حافظ علاقة قوية بمجموعة من شعراء العامية في مصر، أوجدوا معه واقعاً مغايراً للأغنية المصرية. كان على رأسهم عبد الرحمن الأبنودي (الخال) الذي انتقل مع بليغ حمدي من محمد رشدي إلى حليم. يروي الأبنودي في كتابه «الخال» (منشورات «دار المصري»، 2013) أنه لمح في غرفة نوم حليم ديوانه «الأرض والعيال»، وقد طلب منه الأبنودي بدايةً أن تكون قصيدة عن العدوان الثلاثي أولى الأغنيات التي يغنيها حليم من أشعاره. رأى حليم أن اختيار أغنية عن العدوان الثلاثي ليس موفقاً، خصوصاً أنّها مناسبة متأخرة.

مع عبد العظيم محمد الملحن، خرجت أول أغنية بعنوان «الفنار». لكن الحكاية الأطرف أن أغنية «أنا كل ما أقول التوبة» كانت ارتجالية المقاطع، فلم يكن الأبنودي قد انتهى منها بعد وكتب باقي مقاطعها في الاستوديو أثناء التسجيل، وكان لحن بليغ حمدي هو الأنسب.

بعد النكسة، طلب حليم من الأبنودي أغنية عن تلك الفترة، فأعطاه ورقة لقصيدة كتبها قبل النكسة تقول مفرداتها: «عدى النهار/ والمغربية جاية/ تتخفى ورا ضهر الشجر/ وعشان نتوه في السكة/ تاهت من ليالينا القمر/ وبلدنا على الترعة/ بتغسل شعرها/ جانا نهار/ ما قدرش يدفع مهرها...». كانت «عدى النهار» من المحطات الفارقة في حياة عبد الحليم وكان عبد الناصر يتفقد الأغنية على إذاعة «صوت العرب». التعاون الأخير بينهما كان أغنية «صباح الخير يا سينا» بعد نصر أكتوبر.

عندما توفي حليم، رثاه الأبنودي بقصيدة قال فيها: «فينك يا عبد الحليم/ كتبت سطرين/ بس كنت حزين/ أدي ورقتي لمين/ فينك/ نغني تاني موال النهار/ يا صاحب الرحلة ف طريق الشوك/ أنت مامتش/ هما شبعوا موت».

جمعت صداقة قوية أيضاً بين حليم والشاعر صلاح جاهين الذي اتسمت كلماته بسلاسة واضحة، بالإضافة إلى قدرتها على اقتناص الموقف من دون تكلّف أو مواربة. أول اللقاءات بينهما كانت في رائعة «إحنا الشعب» التي غناها حليم (24 يوليو 1956) في مناسبة اختيار الشعب المصري عبد الناصر رئيساً للجمهورية، وقد لحنها كمال الطويل، ويقول مطلعها: «إحنا الشعب/إحنا الشعب/ إختارناك من قلب الشعب/ يا فاتح باب الحرية/ يا ريس يا كبير القلب...». ثم جاءت المحطة الثانية بين جاهين وحليم في أغنية «بالأحضان» التي لحنّها كمال الطويل احتفالاً بالعيد التاسع للثورة (23 يوليو 1961) التي يقول مطلعها: «بالأحضان يا بلادنا يا حلوة بالأحضان/ في ميعادك يتلموا ولادك/ يا بلادنا وتعود أعيادك والغايب ما يطقش بعادك/ يرجع ياخدك بالأحضان/ بالأحضان يا حبيبي يا أمي/ يا بلادي يا غنوة في دمي».

نشر إعلاناً في «الأهرام» مفاده: «ارجع يا صلاح جاهين، أهلك بيدوروا عليك»

أما اللقاء الثالث بينهما، فكان في «المسؤولية» التي لحنّها أيضاً الطويل في عيد الثورة الـ 11 عام 1963 التي تدور في صميمها عن الاتحاد الاشتراكي الذي فرض حاله على واقع الحياة المصرية. لكن بصمة جاهين الواضحة ظهرت في التعاون الأخير مع حليم في أغنية «يا أهلاً بالمعارك» التي غناها حليم في عيد الثورة الـ 13 عام 1965 وقد خيّم عليها النفس الثوري والتشجيعي نحو الحرب وشحذ الهمم، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المقطع: «يا أهلاً بالمعارك/ يا بخت مين يشارك/ بنارها نستبارك ونطلع منصورين/ ملايين الشعب تدق الكعب/ تقول كلنا جاهزين/ يا أهلا بالمعارك...». التعاون الخامس بينهما كان في أغنية «صورة» التي جمعت الشعب تحت راية واحدة من خلال صوت حليم الذي يلمع بين كورس من النساء والرجال ويقول: «صورة/ كلنا كده عايزين صورة/ صورة تحت الراية المنصورة/ صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة/ يا زمان صورنا/ ح نقرب من بعض كمان/ واللي هيبعد من الميدان/ عمره ما هيبان في الصورة...». واختتم جاهين أغنياته مع حليم بـ «ناصر يا حرية» التي حملت المشاعر الناصرية في تلك الفترة: «ناصر يا حرية/ ناصر يا وطنية/ ناصر يا روح الأمة العربية».

تلك الصداقة التي استمرت لفترة طويلة أخرجت ثنائياً فنياً إلى الحياة المصرية، جعلت بهيجة أخت جاهين إلى الذهاب مرةً إلى منزل حليم، والطلب منه أن يعيد أخاها جاهين بعد اختفائه. في اليوم التالي، نشر حليم إعلاناً في «الأهرام» مفاده: «إرجع يا صلاح. أهلك بيدوروا عليك». فقد اختفى جاهين لفترة في الإسكندرية بعد وفاة والده الذي لم يتحمل رؤيته مريضاً.

تعاون حليم أيضاً مع الشاعر فتحي قورة الذي كتب له «يا سيدي أمرك»، و«وحياة قلبي وأفراحه»، و«بكره وبعده». الأخيرة تحديداً ظهرت في ألبوم فريق «بينك مارتيني» العالمي (Hey Eugene-2007). ومن بين الشعراء الذين كانت لهم بصمة واضحة في حياة العندليب مرسي جميل عزيز في أغنيات شهيرة مثل «بحلم بيك» التي لحنها منير مراد في فيلم «حكاية حب»، بالإضافة إلى «بتلوموني ليه»، و«جواب»، و«بأمر الحب». وبالتأكيد لا ننسى رائعته «من غير ليه».

الشاعر الأخير الذي كانت له نكهته الخاصة هو محسن الخياط صاحب رائعة «النجمة مالت ع القمر» التي تعدّ من أبرز أغنيات حليم التي يقول فيها: «النجمة مالت ع القمر/ فوق في العلالي/ قالت له شايفه يا قمر أفراح قبالي/ قال القمر بينا نسهر على المينا/ ده النور على شط القنال سهران يلالي/ شاف القمر ع الضفتين زفة زينة».

تلك المسيرة الطويلة التي جمعت حليم مع شعراء العامية في مصر أسهمت في تكوين واقع مغاير في الحياة المصرية بدأت معالمها تتبدل يوماً بعد يوم خصوصاً مع تقنيات الأغنية الجديدة التي تفتقر ربما إلى الروح والشجن.

(زمن) عبد الحليم... أكثر من فقد

كولاج عاطفي غير مكتمل مع «السندريلا»

محب جميل

في فيلم «البنات والصيف» (1960) عن قصة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، رُشحت «السندريلا» سعاد حسني لتلعب دور أخت عبد الحليم حافظ في الفيلم. خفق قلب حليم لتلك الفتاة بملامحها التي تمزج بين الأنوثة الطاغية والرقة. كافح كي تلعب سعاد دور الحبيبة بدلاً من الأخت. في بداية الستينيات، نمت العلاقة بين حليم وسعاد، وشهدت الدولة وقتها العديد من التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في تلك المرحلة، كان حليم يلعب دور الأب الروحي والراعي والناصح لسعاد، وكانت هي تأخذ بنصائحه في حياتها الفنية والشخصية.

في عام 1961، نظمت إذاعة «الشرق الأوسط» مجموعة من الحفلات تذهب أرباحها لضحايا مدينة أغادير المغربية (29 فبراير 1960). ضمت البعثة كلاً من عبد الحليم حافظ، ومحمد عبد المطلب، ومحمود شكوكو، ومحمد قنديل، وهدى سلطان، وشريفة فاضل، وسعاد حسني.

خلال تلك الرحلة، تطورت علاقة الحب بين حليم وسعاد بشكل لاحظه الجميع. في كتابه «حليم وأنا» (دار الشروق 2010) يروي الطبيب المعالج له هشام عيسى أنّ حليم وسعاد كانا قد أعجبا بسرير من نحاس، فقام حليم بدفع ثمنه وشحنه إلى القاهرة. لكن الإعلامي وجدي الحكيم في نهاية البعثة تفاجأ بمكالمة من حليم يخبره فيها بأن يلغي عملية شراء السرير لأن سعاد غيرت رأيها فجأة.

ربما رأت سعاد أن زواجها من حليم وإقامتها في منزله في الزمالك، سيحولها إلى ربة منزل تعمل على الاعتناء بحليم ورعاية شؤونه الصحية حتى يواصل مشوار نجوميته.

لم ترَ سعاد أن المؤسسة الزوجية هي نهاية المطاف بالنسبة إليها، فقد أخذت منها حياة النجومية والشهرة الكثير. ربما أدركت أيضاً أن حليم لم يكن من نمط الأشخاص الذين يفضلون الاستقرار، فهو يحلق من زهرةٍ إلى أخرى. نجومية حليم لعبت دوراً كبيراً في تلك العلاقة. بهذا الكم من الزخم والشهرة، يصبح صعباً على كل منهما أن يجتمعا تحت سقفٍ واحد.

كانت سعاد ترى في حليم حماساً أكثر من اللازم يوقعه في الخطأ أحياناً. وفي أحد حواراتها التلفزيونية مع الإعلامي مفيد فوزي، قالت عنه: «إنّه وفي جداً وطيب ومخلص، وملتزم بصداقاته وجميع علاقاته، وكان بيتهيأ لي بيضحي كتير، كان بيضحي بنفسه كإنسان في مقابل صورته كفنان، بيدور إزاي يكون سعيد».

(زمن) عبد الحليم... أكثر من فقد

صوت هش يخترق القلب سريعاً

نهلة مطر *

للجماهير صورة تهيم بها شغفاً لمعبودها! يقع الفنان أسيراً لها وقد تُصبح دوراً يؤديه إلى جانب فنه. وهكذا عندما تغنى «العندليب الأسمر» بكلمات «في يوم في شهر في سنة»، لم يكن البطل شخصيته في الفيلم، بل كان عبد الحليم نفسه. مِن ألمه، صنع حبلاً ربطه بجماهير غفيره هامت وراء أخباره لتصبح لكل أغنية دلالة ترتبط بحياته ومساحته الخاصة.

وعلى الجانب الآخر، يتطرف آخرون ليصفوا صوته بالضعيف غير القادر على التطريب وأنه فقط صوت لمَّاح. تعددت النظريات وتنوعت الآراء الشائعة التي تفرق بين المُطرب والمغني والمؤدي وما إلى ذلك من جدل لن يفيد في تفهم ذلك الرباط الوثيق بين العندليب وعشاقه في كل مكان. ما يهم المستمع بالأغنية هو ذلك الإحساس بالهشاشة، والتمكن من توصيل إنسانية التعبير من خلال وجه يتسم في أغلب الأوقات بتعبيرات الألم، ويلمع أحياناً بالذكاء وتندفع الحيوية من عينيه. الهشاشة في رأي كثير من نقاد علوم الأداء الفني هي أكبر رابط بين الجمهور والفنان، ومتى تعالى الفنان على هذا الإحساس، يفقد توصليته الدافئة مع مستمعيه. الهشاشة الموسيقية عند عبد الحليم حافظ، ابن الشرقية، والدارس للموسيقى مثل أقرانه الذكور آنذاك في معهد الموسيقى المسرحية بعد تحولهم عن الدراسة التقليدية في معهد الموسيقى العربية، عازف الآلة الخنفاء التي تحتاج إلى سيطرة ونفس كبير جداً: آلة الأوبوا، الهشاشة هي إخفاء المهارة أو ما سأسميه من الآن التمكن الخفي. مع أول أغنية له للجماهير العريضة، جماهير السينما التي لحنها له صديق الدراسة ثم زميل المشوار الفني الملحن الكبير كمال الطويل: «على قدّ الشوق»، نلحظ اللحن الرقيق والدقيق جداً. يمتلئ ذلك الخط اللحني بتعرجات كثيرة يُطلق عليها الموسيقيون مصطلح العُرب. أداء العندليب جاء كآلة كمنجة في تمكنه في تلك السحبات والتموجات التي لا يمكن أن يؤديها صوت جهوري، بل صوت خفيف متمكن جداً لتأتي متماسكة متناغمة حيث يلحظها القلب وتُنعشه. ولا يكتفي بإتقان هذه التموجات الخفية، بل يُظهر بعضها مع تزايد انفعال الكلمات في «دمعي شهودي جرح خدودي في ليل سهادي». وعندما تنظر إلى وجه عبد الحليم أثناء هذا اللحن الدقيق، لا تلحظ عليه أي شيء غير صورة الألم التي ارتسمت عليه وارتبطت بمعاناته. وما أغنية «كامل الأوصاف» إلا مثالاً آخر على التطريب الذي يُحدثُه العندليب في قلب سامعه. وهي من الأغنيات الشهيرة من تلحين العبقري محمد الموجي الذي تميزت ألحانه بعبقرية السرد الدرامي أو ما نُطلق عليه «الحكيّ».

مرت 38 عاماً على رحيل العندليب، فهل رحل الحب عنا أيضاً، وهل نجد صوتاً آخر يجوز أن تُعبّر عنه الحكمة الإنكليزية: «الماء المستقر متحرك في الأعماق». لقد فارقتنا «أحضان الحبايب» و»مشينا على الأشواك». يسترق قلبنا الإنصات إلى نغمات عبقرية للموجي وكلمات معبرة من الخال وأداء خالد الذكر: العندليب عبد الحليم حافظ. رميت نفسك في حضن.... سقاك الحضن حزن...

* مؤلفة مصرية ومديرة سابقة لـ «متحف أم كلثوم»

الأخبار اللبنانية في

30.03.2015

 
 

حليم.. سيمفونية إبداع دائمة

القاهرة – بوابة الوفد- أمجد مصباح:

اليوم 30 مارس منذ 38 عاماً وهذا اليوم يثير شجن الملايين فى مصر والعالم العربى، إنه يوم رحيل العندليب وأسطورة الغناء عبدالحليم حافظ، هذا اليوم أصبح الآن احتفاء بالغناء الجميل الصادق.

مات عبدالحليم مع بداية فصل الربيع لنذكره دائماً مع الأيام الخوالى.

مرت السنوات وبقى صوت حليم خالداً ولن يموت.

عمر «عبدالحليم» الفنى لم يتعد 22 عاماً بدأ بشكل حقيقى 1954، لعل أهم ما يميز العندليب أن أعماله خالدة، لم تؤثر نجاح أغنية على الأغنية التى سبقتها منذ صافينى مرة 1954 حتى قارئة الفنجان 1976.

ظهر «عبدالحليم حافظ» على الساحة الغنائية 1954 وكانت الساحة مليئة بالعمالقة أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزى وعبدالعزيز محمود وكارم محمود.

مع ذلك ظهر حليم كلون مختلف تماماً، صوت جديد أداء منفرد إحساس صادق، كاريزما فاجأ حليم الجميع بأغنية «صافينى مرة» كانت بمثابة صدمة وشكلاً جديداً للغناء لم يستوعبها الناس بسهولة مر عام حتى نجحت هذه الأغنية لتعلن عن مطرب حقيقى.

على الفور لم ينتظر حليم كثيراً، وانطلق العندليب ليقلب الموازين فى «على قد الشوق» و«لا تلمنى وأحن إليك» و«لحن الوفاء»، كانت الانطلاقة الأولى على أنغام محمد الموجى وكمال الطويل.

وعلى الفور تنبه الموسيقار محمد عبدالوهاب للصوت الجديد الحالم لحن له العديد من الأغنيات وأنتج له فيلم «أيام وليالى» و«بنات اليوم»، غنى «حليم» من خلالها وألحان عبدالوهاب العديد من الروائع «أهواك، وظلموه، وأنا لك على طول، وعلشانك يا قمر، وتوبة، وإيه ذنبى إيه، وعقبالك يوم ميلادك».

من عام 1955 حتى عام 1960 قام حليم ببطولة العديد من الأفلام منها «ليالى الحب» و«فتى أحلامى» و«الوسادة الخالية» و«شارع الحب» و«حكاية حب» و«البنات والصيف» ونجح من خلالها فى الوصول لأقصى درجات النجاح، ودغدغ المشاعرفى العديد من الأغنيات نذكر منها «حلفنى، وبيع قلبك، وخسارة، والليالى، ونعم يا حبيبى، وبحلم بيك، وحبك نار، وفى يوم فى شهر فى سنة»، كل هذه الأغنيات حققت أكبر نجاح لم تؤثر أغنية على غيرها، بل كانت كل أغنية تضيف لحليم.

مع بداية الستينيات واصل حليم عطاءه السينمائى فى أفلام «يوم من عمرى والخطايا»، وحققا نجاحاً كبيراً وغنى فيهما أغنيات رائعة: خايف مرة أحب، بأمر الحب، ضحك ولعب، بعد إيه، مغرور، الحلوة، قوللى حاجة، سار على نفس طريق النجاح.

ولا ننسى بالطبع عشرات الأغانى الوطنية فى منتصف الخمسينيات حتى منتصف الستينيات نذكر منها: إحنا اخترناك، ثورتنا المصرية، الله يا بلادنا، حكاية شعب، ذكريات، صورة، بالأحضان، على راس بستان الاشتراكية.

فى عام 1963 بدأ حليم تصوير فيلم «معبودة الجماهير» وبسبب سوء حالته الصحية، استمر تصوير الفيلم 4 سنوات وعرض 1967، غنى فيه رائعة «جبار» كلمات حسين السيد ألحان محمد الموجى و«أحبك» و«بلاش عتاب» و«أنت قلبى».

ولا ننسى عبقرية حليم فى منتصف الستينيات عندما لاحظ النجاح الساحق للمطرب الشعبى محمد رشدى فاتجه حليم للغناء الشعبى ونجح فى أغنيات «سواح» و«على حسب وداد» و«التوبة» و«جانا الهوى» ليثبت للجميع أنه يستطيع إبداع كل ألوان الغناء، ولا ننسى رائعتى ضى القناديل وأعز الناس.

وعندما وقعت نكسة 1967 عبر عبدالحليم بشكل هائل عن صدمة المصريين وزرع الأمل فى نصر كبير على العدو الإسرائيلى.

أبكى المصريين حينما غنى بعد أيام من الهزيمة «عدى النهار» تأليف عبدالرحمن الأبنودى ألحان بليغ حمدى و«البندقية اتكلمت» و«المسيح» و«ابنك يقولك يا بطل»، و«احلف بسماها»، و«خلى السلاح صاحى»، ونجح من خلال هذه الأغنيات فى التعبير بصدق عن الحالة.

وفى غمرة هذا قام عبدالحليم بإنتاج وبطولة آخر أفلامه «أبى فوق الشجرة»، تأليف إحسان عبدالقدوس وشاركه البطولة نادية لطفى وميرفت أمين وعماد حمدى وكان فيلماً غنائياً استعراضياً مختلفاً غنى فيه الهوى هوايا وخلى القلب وجانا الهوى وأحضان الحبايب.

وفى عام 1970 بدأ عبدالحليم مرحلة جديدة بالأغنيات الطويلة بدأها فى ليلة شم النسيم وبالتحديد يوم 26 أبريل 1970، بأغنية «زى الهوى» تأليف محمد حمزة ألحان بليغ حمدى وحققت نجاحاً كبيراً لم يهدأ حليم بعد هذا النجاح، وقدم فى العام التالى وبالتحديد ليلة شم النسيم عام 1971، فاجأ الملايين بأغنية «موعود» تأليف محمد حمزة وألحان بليغ حمدى، حققت نجاحاً أسطورياً كلمات رائعة وألحان وموسيقى.

ولأنه متوهج، قدم فى العام نفسه فى نوفمبر 1971 أغنية «مداح القمر» ونجحت بشكل رائع، وكانت من التراث الحلبى السورى، وفى عام 1972، لم تسمح له ظروفه الصحية بالغناء، لكن عاد فى ربيع 1973 أكثر نشاطاً بثلاث أغنيات جديدة، قدمها فى حفل واحد على مسرح جامعة القاهرة يوم 28 أبريل 1973 «حاول تفتكرنى ورسالة من تحت الماء ويا مالكاً قلبى»، وعاد لرفيق العمر محمد الموجى بعد غياب 4 سنوات بلغ حليم أقصى درجات النجاح ولكن المعين لم ولن ينضب، وفى صيف 73 اتفق مع محمود عوض على تأليف مسلسل إذاعى إخراج محمد علوان «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» وشاركه البطولة نجلاء فتحى وعادل إمام وماجدة الخطيب وأشرف عبدالغفور.

وفى أكتوبر 73 كان الموعد مع نصر أكتوبر العظيم كان صوت حليم حاضراً بقوة عاد للغناء الوطنى بعد غياب فى «عاش اللى قال» و«لفى البلاد يا صبية» و«الفجر لاح» و«صباح الخير يا سينا».

وفى عام 1974 رغم سوء حالته الصحية وتدهورها أبدع أغنيتين على أعلى مستوى مساء الخميس 30 يونية «فاتت جنبنا» كلمات حسين السيد وألحان محمد عبدالوهاب، «أى دمعة حزن لا»، تأليف محمد حمزة، وألحان بليغ حمدى حققنا نجاحاً هائلاً.

وفى عام 1975 غنى أغنية واحدة رائعة «نبتدى منين الحكاية» تأليف محمد حمزة وألحان محمد عبدالوهاب، وبالطبع النجاح حليف كل إبداعاته.

وفى يونية 1975 أعاد الرئيس السادات افتتاح قناة السويس، وبالطبع لا توجد مناسبة وطنية يغيب فيها صوت حليم وغنى «النجمة مالت ع القمر»، و«المركبة عدت».

وفى عام 1976 وضع عبدالحليم عصارة خبرته وإبداعاته الغنائية فى قصيدة قارئة الفنجان، تأليف نزار قبانى ألحان محمد الموجى، مساء الأحد 25 أبريل 1976، كان الموعد مع آخر حفل ربيع لعبدالحليم، لأول مرة، استمر عبدالحليم يغنى قارئة الفنجان فى نادى الترسانة على مدى 160 دقيقة بلغ فيها أقصى درجات الإبداع والنضج، ولأنه عاشق للطرب غنى فى الوصلة الثانية أغنيات قديمة بتوزيع جديد أهواك، فى يوم من الأيام، أبو عيون جريئة، توبة.

ويوم 2 يناير 1977 كان آخر مرة يغنى فيها حليم فى حفل زفاف جيهان الابنة الصغرى للرئيس الراحل أنور السادات.

وفى يوم 13 يناير 1977 غادر عبدالحليم مصر لآخر مرة متجهاً إلى لندن لإجراء عملية الحقن السنوى للمرىء وعلى مدى أكثر من شهرين ساءت حالته الصحية، ليرحل أسطورة الغناء فى العاشرة من مساء الأربعاء 30 مارس 1977 لتبكى مصر كلها، على رحيل العندليب وتشيعه فى موكب مهيب يوم السبت 2 أبريل 1977، رحم الله أسطورة الغناء فى كل العصور عبدالحليم حافظ.

الوفد المصرية في

30.03.2015

 
 

نادية لطفي:

حليم لقبني بالعندليبة الشقراء.. ولا توجد ممثلة تشبهني

حوار: عربي السيد

"اعشق الحياة، ولا يستطيع أحد تجسيد شخصيتي في عمل فني، " ..

بهذه الكلمات بدأت الفنانة نادية لطفي حديثها مع "مصر العربيةعن لقائها الأول مع العندليب عبدالحليم حافظ، والسر وراء ارتدائها النظارة السوداء كثيرا وأكدت أنها لا تفهم أغاني هذا الجيل، ولا تثبت في ذاكرتها، وأنها تعتز بأغاني العندليب وأم كلثوم.

وإلى نص الحوار..

·        حدثينا عن ذكرياتك مع "العندليب الأسمر"؟

لقائي الأول به كان من خلال حفلات أضواء المدينة فعرفني عليه  الروائي جلال معوض، وبعد ذلك التقينا في بعض المؤتمرات والحفلات في سوريا والسودان وحلب وحمص ودمشق.

·        واللقاء الفني ماذا عنه؟

فيلم "الخطايا" أول عمل سينمائي جمعني بالعندليب، فعندما رشحت له لم اعرف أن عبدالحليم هو البطل، ولكن أسعدني كثيرًا الوقوف أمامه، ومن خلال هذا العمل اكتسبت جمهور جديد وهو جمهور عبدالحليم حافظ، وقدمنا عملًا مختلف وأدوار تكت أثر في الجمهور إلي وقتنا هذا.

·        7 سنوات فصلت بين "الخطايا" و "أبي فوق الشجرة"  العملان اللذان شاركتى فيهم العندليب هل اختلف كثيرًا في هذه السنوات وما اهم ما يميزه؟

لم يتغير عبدالحليم كثيرًا عما كان عليه فهو في فيلم "الخطايا" فهو نجم طوال مشواره النفي، ودائمًا أعماله تحقق نجاحًا كبيرًا، و رجولة في المواقف الصعبة وآمانته أهم ما يميزه .

·        قبل أن تشاركيه في أعماله السينمائية هل كانت نادية لطفي من عشاق العندليب مثل فتيات جيلها؟

ليست من طبيعتي أن أتعلق  بأحد إلى حد كبير أو أقع في غرامه ، فإذا أحببت إنسانا يجذبني فيه رجولته وموهبته فدائمًا افكر بعقلي.

·        وأين استقبلتى خبر وفاة العندليب؟

لحظة مؤلمة جدًا كل ما افتكرها "اتفزع"، فكنت أصور بعض المشاهد لأحد الأفلام في الاسكندرية واستمع إلي الراديو كان وقتها يذيع أغاني "صباح" وانقطعت الأغاني، وبدأ المذيع يقول كان عبدالحليم، وترك عبدالحليم كل العبارات تدل علي الماضي ولم أتمالك نفسي وانهمرت في البكاء، وتم تأجيل التصوير ونزلت إلى القاهرة  من أجل تشييع الجثمان والعزاء وتم وقف تصوير الفيلم.

·        وما اللقب الذى أطلقه عليك عبدالحليم حافظ؟

كان دائمًا يقول لقبت أنا بالعندليب وأنا أُلقبك "بالعندليبة الشقراء".

·        وما سر النظارة السوداء التي ترتدينها في أغلب ظهورك؟

لا يوجد سر وراء هذه النظارة،  فالكاتب إحسان عبدالقدوس مؤلف رواية "النظارة السوداء" كانت وصيتة أن ترتدى بطلة العمل نظارة سوداء في أحداث العمل إلي أن تتعرف على الرجل الآخر الذى يأخذها إلي الطريق السليم وتبدأ في خلع النظارة فهي تتعلق بالفيلم فقط.

·        وهل تستمعين  لمطربي هذه الأيام؟

أسمع بعض الأغاني ولكني لا أعرف معناها ولا أفهمها، وبالتالي لا تثبت في ذاكرتي، ولم أستغن عن أغاني عبدالحليم وأم كلثوم وشادية وصباح..أحيانا أشعر أنها بحاجة لمترجم.

·        ما رأيك في المشهد السينمائي حاليا ؟

السينما على مر العصور بتعكس حالة المجتمع، وتؤرخ له وتعرض المشاكل بصورة حقيقية، ولكن اختلفت القضايا هذه الأيام عما قبلها، ومن يرى فيها خطأ يجب عليه أن يصححه.

·        وفيمن ترين نفسك من نجمات هذا الجيل؟

هذا السؤال غير قابل للتنفيذ  أو حتي للواقع ، ما فيش حد بيشوف نفسه فى حد وأنا ما شوفتش نفسي في حد.

·        وهل توافقين على تجسيد السيرة الذاتية لنادية لطفي فى عمل درامي؟

من أصعب الأمور  أن يجسد أحد شخصية "نادية لطفي"، ولا أنا أستطيع تجسيد شخصيتي في الوقت الحالي.

·        ومن ينال إعجابك من نجوم الجدد على الساحة الفنية؟

في نجوم كتير بحبهم مثل "هند صبري، أحمد السقا، وأحمد مكي ودنيا سمير غانم في ديو الكبير  أوى ، ومحمد هنيدي، ومحمد سعد يضحكني،  وفى نجوم كبار  هم يعتبرون أقرب إلى جيلي "إلهام شاهين، يسرا،  وليلي،  وميرفت أمين "

·        وما الدور الذى كنت تتمنىن أن تقدمينه على مدى مشوارك الفني؟

أنا من النوع الذى إذا تمني شيئا بحث عنه، ولا يوجد دور معين كنت أتمنى تقديمه و لم أفعل، ببساطة كنت أختار الدور و أسعي إليه.

·        وبالنسبة  للمسرح؟

المسرح يحتاج لتضامن الكثير من الفنانين والجمهور لكي يستطيعوا بناءه مرة أخرى.

·        وهل تطمئني على زملائك من أبناء جيلك؟

أعتبر هذا الأمر من الخصوصيات ولا أريد التحدث عنه، لأنها مسألة مشاعر وعلاقة خاصة.

مصر العربية في

30.03.2015

 
 

مقتبس من رواية يابانية

فيلم "مطاردة" جديد للمخرج الصيني جون وو

24 - محمد هاشم عبد السلام

بدأ المخرج الصيني الشهير "جون وو" تصوير آخر أفلامه، الذي يحمل عنوان "مطاردة"، وهو من نوعية أفلام الحركة والإثارة والمطاردة، التي يعود إليها جون وو بعد غياب طويل، والفيلم مقتبس عن رواية يابانية صدرت في منتصف القرن الماضي.

وتدور أحداث الفيلم حول أحد رجال الشرطة، وهو التحري "يومورا"، الذي توجه إليه الاتهامات بارتكاب جرائم متعددة من سرقة واغتصاب وقتل ورشوة وغيرها من التهم، الأمر الذي يعرضه للمطاردة والملاحقة، بالرغم من أن كل تلك الاتهامات باطلة وظالمة.

على امتداد الفيلم، يجد الشرطي يومورا نفسه مضطراً للهرب لتبرئة ساحته والدفاع عن اسمه وشرفه بكل الطرق الممكنة، وتساعده في ذلك الفتاة الجميلة "تونامي" ابنة أحد الأثرياء، الذين يطاردون يومورا، وتتنقل أحداث فيلم "مطاردة" بين العديد من البلدان، وسيكون الفيلم، الذي سيبدأ تصويره نهاية الشهر القادم، ناطقًا بالصينية والكورية والإنجليزية.

والفيلم مقتبس عن رواية يابانية بعنوان "المطاردة الساخنة" للأديب يوكو نيشيمورا، وجرى تحويلها من قبل إلى فيلم سينمائي في اليابان في عام 1976، وحمل نفس عنوان الرواية وكان من إخراج جونيا ساتو، وحقق الفيلم آنذاك نجاحاً لافتاً نظراً لكونه أول فيلم أجنبي يُعرض بالصين بعد انتهاء "الثورة الثقافية".

وفي رصيد المخرج الصيني المتميز جون وو السينمائي قرابة الأربعين فيلماً، من أهم المخرجين على الساحة العالمية البارعين في أفلام الحركة والإثارة، وعمل جون، الذي ولد في الصين ونشأ في هونج كونج، في الصين وأنجز العديد من الأفلام الناجحة، وذلك قبل أن ينتقل إلى هوليوود، حيث أخرج هناك الكثير من الأفلام ذات المستوى الفني المتميز والتي حققت شهرة ونجاحاً لافتاً، مثل فيلمه "فيس أوف" (1997).

جدير بالذكر أن المخرج والمنتج والكاتب جون وو كان عاد منذ فترة قصيرة إلى الصين وهونج كونج لإنجاز أكثر من مشروع سينمائي هناك، وانتهى العام الماضي من ملحمته الحربية "عبور 1"، وأنجز قبل أسابيع الجزء الثاني "عبور 2"، وتدور أحداث تلك الملحمة في أربعينات القرن الماضي أثناء الثورة الثقافية، وكان جون توقف عن الإخراج السينمائي منذ عام 2009، حتى عاد إلى العمل العام الماضي.

موقع (24) الإماراتي في

30.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)