كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

ثقافة كارثية ووزارة عشوائية

بقلم: سمير فريد

٢٩/ ٣/ ٢٠١٥

 

تحدثنا أمس عن الثقافة الكارثية السائدة، وأن هذه الثقافة ليست مسؤولية وزارة، وأن الخطوة الأولى لتغييرها تغيير مسمى وزارة الثقافة لتصبح وزارة الفنون، وحتى تقوم وزارات صنع الوعى العام بمسؤولياتها، وهى وزارات التعليم والإعلام والشباب والأوقاف، وأن دور الفنون ثانوى فى هذا الصدد، ولا يجب أن تخضع لأى توجيه.

وقد كان فصل الآثار عن وزارة الثقافة بعد الثورة تغييراً فى الاتجاه الصحيح، ويبقى أن تسمى وزارة التراث الوطنى لأن هذا التراث ليس فقط عمارة وتماثيل ولوحات، وإنما يشمل أيضاً الأدب والمسرح والسينما والموسيقى، وليس فقط التراث القديم، وإنما الحديث، وبهذا يتكامل دور الوزارتين: التراث الوطنى لحماية الماضى، والفنون لدعم إنتاج الحاضر وصناعة المستقبل، وهناك علوم كاملة لحماية التراث، وأخرى لدعم وتطوير الفنون.

من ناحية أخرى تعتبر وزارة الثقافة نموذجاً للعشوائية التى تعانى منها مصر فى مجالات متعددة، فهناك عملياً ثلاث وزارات داخل هذه الوزارة حيث ألغيت عام ١٩٨٠ واستبدل بها المجلس الأعلى للثقافة، وعادت الوزارة عام ١٩٨٥ ولكن استمر المجلس، وأنشأ صندوق التنمية الثقافية عام ١٩٩٠ ليقوم بنفس مهام الوزارة والمجلس، وفى كل من الوزارة والمجلس والصندوق مكتب للوزير وآخر لمدير مكتب الوزير وثالث لمدير مدير مكتب الوزير، وأخيراً تحول الصندوق إلى قطاع، فلم تعد له مزايا الصناديق، ولم يبق سوى الاسم على غير المسمى، وإذا لم تكن هذه عشوائية، فماذا تكون؟!.

وفى هذه الوزارة أربع مؤسسات أنشئت من أجل أشخاص بعينهم، وهى العلاقات الثقافية الخارجية التى تقوم بنفس ما تقوم به وزارة الخارجية، وجهاز التنسيق الحضارى الذى يقوم بنفس ما تقوم به المحافظات، والمركز القومى للترجمة الذى يقوم بنفس ما تقوم به هيئة الكتاب، وقطاع الإنتاج الثقافى وكأن مؤسسات الوزارة الأخرى للإنتاج غير الثقافية وإذا لم تكن هذه عشوائية، فماذا تكون؟!.

وفى هذه الوزارة مركز للسينما وبيت للمسرح وقطاع للفنون التشكيلية وهيئة للكتاب، فعلى أى أساس تتم التفرقة بين الفنون، وفى أى من علوم الإدارة تجمع وزارة واحدة بين كل هذه الأشكال الإدارية، وإذا لم تكن هذه عشوائية فماذا تكون؟!.

من المنطقى أن تكون أكاديمية الفنون تابعة لوزارة التعليم العالى، فهى تعمل بلائحة الجامعات، ولكنها تتبع وزارة الثقافة، ومن المنطقى أن تكون قصور الثقافة تابعة للمحافظات، فلكل منها بيئة ثقافية مختلفة، ولا تتساوى الصحراوية فيها مثلاً مع البحرية، ولكنها تدار مركزياً من القاهرة بواسطة هيئة فى وزارة الثقافة، وكان الغرض أن توجه سياسياً من الاتحاد الاشتراكى، ومضى هذا الاتحاد وبقيت الهيئة، وإذا لم تكن هذه عشوائية، فماذا تكون؟! نحن فى ثورة، والثورة تعنى التغيير الجذرى، ولكن يبدو أن البيروقراطية لا تهز من ثورة ولا ثورتين.

 

الإرهاب والإهمال فشل ثقافى والثقافة السائدة ليست مسؤولية وزارة

بقلم   سمير فريد

٢٨/ ٣/ ٢٠١٥

قيل لى كيف تقول فى مقال الأربعاء الماضى ما يسمى السيرك القومى وما تسمى وزارة الثقافة، قلت إننى لا أقصد أى إهانة، وإنما لا أرى أى علاقة بين القومية والسيرك، فالسيرك هو السيرك فى كل العالم، وليس هناك سيرك فرنسى وسيرك إندونيسى، ولا أرى أن يكون هناك سيرك حكومى، فالسيرك قطاع خاص فى كل العالم.

ورأيى أيضاً أن تسمية وزارة باسم الثقافة مع كل الاحترام لمن أطلقوا عليها هذا الاسم، وكانت نواياهم حسنة بالقطع، تسمية غير دقيقة، والأصح أن تسمى وزارة الفنون، أى فنون الأدب والتشكيل والموسيقى والمسرح والسينما، وهذه الفنون عملياً هى موضوع عمل الوزارة، ولكن يبدو أن الدولة ترى أن الفنون أقل من أن تكون لها وزارة، ولذلك فضلت كلمة ذات وقع ثقيل وفاخر هى الثقافة، وخاصة عندما جعلت الآثار ضمن مسؤوليات هذه الوزارة.

الثقافة السائدة فى أى مجتمع، أى ثقافة عامة الناس، هى مجموع القيم والأفكار التى تحكم وتوجه السلوك، وهذه ليست مسؤولية وزارة، وإنما تتمثل مسؤولية الدولة تجاه هذه الثقافة فى وزارات صنع الوعى منذ الطفولة إلى النضج، وهى وزارات التعليم والإعلام والشباب والأوقاف، فالثقافة السائدة تصنع فى المدارس والجامعات والمساجد وعبر وسائل الإعلام ومراكز الشباب، وليس فى قاعات المسرح والسينما والموسيقى ومعارض الفنون التشكيلية، فدورها ثانوى فى هذا الصدد، كما أن الفنون يجب أن تكون حرة من أى توجيه، وبقدر حرية الفنان بقدر قيمة عمله.

الإرهاب، أى استخدام العنف لتحقيق أغراض سياسية، والدعوة إلى الحكم باسم الدين، ووضع الوطن فى كفة والدين فى أخرى رغم أنه لا تعارض بينهما ولا مقارنة، والإهمال وعدم اعتبار إتقان العمل قيمة، ووضع الدنيا فى كفة والآخرة فى أخرى رغم أن الإنسان يحاسب فى الآخرة عن أعماله فى الدنيا، واعتبار العلم وسيلة للعمل، والعمل وسيلة للمال، فإذا جاء المال من دون علم ولا عمل فلا داعى لهما، وتذكر من استقالوا من أعمالهم واكتفوا بأرباح شركات توظيف الأعمال، كل ذلك وغيره فشل ثقافى بكل معنى الكلمة، والخطوة الأولى للخروج من هذه الثقافة الكارثية السائدة أن تسمى الأشياء بأسمائها، ومن البدهى أن الاسم يرتبط بالمفهوم، أو كما يقال الاسم على مسمى.

وقد طالبت بذلك فى عشرات المقالات منذ اغتيال أول ضحايا الإرهاب من السياح منذ ربع قرن ويزيد، وكانت ممرضة بريطانية جاءت لقضاء إجازتها فى الأقصر وسط آثار الحضارة المصرية القديمة، كان اعتقاد القاتل بأنه ارتكب جريمته نصرة للدين ومرضاة لله من شأنه تنبيه الدولة والمجتمع إلى الخطر الذى يهدد الوطن، وبعد الثورة لاح الأمل فى إعادة النظر وتصحيح المسميات والمفاهيم، فالثورة تعنى التغيير الجذرى، أو التفكير من خارج الصندوق، ولكن القابعين داخله، وترتبط مصالحهم بعد الخروج منه، يقاومون، ولعلهم لا ينتصرون.

 

أم السينمائيين فى عيد الأم

بقلم   سمير فريد

٢٥/ ٣/ ٢٠١٥

جاء حوار عمرو الليثى مع مديحة يسرى على قناة «الحياة» فى عيد الأم حوار العام السينمائى بامتياز، فهى أم كل السينمائيين المصريين دون منازع، كما كانت ليليان جيش فى هوليوود، فقد ولدت مديحة يسرى عام ١٩٢٣، وعاصرت كل مراحل تطور السينما المصرية، متعها الله بالصحة والعافية، وكانت من كبار نجوم العصر الذهبى، أو ما أطلق عليه مدرسة السينما المصرية «١٩٣٣-١٩٦٣»، ومثلت دائماً ما يتناسب مع عمرها، ومثلت مع كبار المخرجين والنجوم فى نحو مائة فيلم.

ولاشك أن كل جمهور قناة «الحياة» كان سعيداً مثلى بمشاهدة مديحة يسرى قوية وشامخة كالهرم، رغم آلام العظام فى ظهرها وذراعها اليسرى، تتحدث بطلاقة وتردد أبياتاً من الشعر بإلقاء سليم بصوتها العذب، وانظر إليها تقول «الحمد لله أننى لم أسقط على رأسى مثلاً وأفقد الذاكرة أو القدرة على الكلام»، وانظر إليها تقول إنها تزوجت وطلقت من أربعة رجال، وأن الأحب إليها منهم كان أحمد سالم لأنه الوحيد الذى أخلص لها وهى لا تكره شيئاً مثل الخيانة، وقد اقتربت من الفنانة الكبيرة عندما سافرت معها إلى إحدى دورات مهرجان قرطاج فى تونس، ووجدتها ملكة حقيقية على عرش السينما فى أناقتها وسلوكها وحديثها واحترام وحب جمهورها لها.

كنت أعرف أنها كانت متزوجة من محمد فوزى عندما أسس استوديو الصوت الذى أمم عام ١٩٦١ ضمن تأميمات «القرارات» الاشتراكية، وأصبح «صوت القاهرة» كما هو اسمه حتى الآن، وكنت أعرف أن تأميم الاستوديو أدى إلى مرض محمد فوزى ووفاته بعد أربع سنوات من المعاناة، لكنى لم أكن أعرف ما ذكرته فى حوارها مع عمرو الليثى أن فوزى عين مستشاراً للاستوديو بعد التأميم، وبعد فترة قصيرة أبلغه ضابط، كان يدير الاستوديو، بقرار الاستغناء عن خدماته، فخرج ولم يعد مرة أخرى، ولم أكن أعرف أن التأميم شمل الفيلا التى كانت تعيش فيها مع فوزى فى الهرم، بل والسيارة الخاصة، وأن الفيلا اشتراها أمير سعودى من الحكومة المصرية.

ولا غرابة فى ذلك وقد شملت «القرارات» الاشتراكية تأميم فرق السيرك ليسمى السيرك القومى، وتديره ما تسمى وزارة الثقافة ليصبح الأسد عهدة، والبهلوان من موظفى الحكومة، وكان ما ينقص الحوار المعرفة الجيدة بتاريخ السينما وتاريخ مديحة يسرى، فقد تحدثت مثلاً عن حضور جمال عبدالناصر عرض فيلمها «إنى راحلة» بدعوة من يوسف السباعى، مؤلف قصة الفيلم، فسألها عمرو الليثى وهل تحدثت مع عبدالناصر عن التأميم، فقالت لا، رغم أن هذا العرض كان عام ١٩٥٥، أى قبل التأميم، كما أن الليثى أخطأ عندما قال إن عبارة «الجنة تحت أقدام الأمهات» من آيات القرآن الكريم، وهو خطأ غير مقصود بالطبع، كل سنة وأنت طيبة يا أم السينمائيين.

 

كل الفنون فى «وسط البلد» وكل الأفلام فى «زاوية»

بقلم   سمير فريد

٢٤/ ٣/ ٢٠١٥

كما يتضمن مهرجان «وسط البلد» الرابع فى القاهرة، والذى بدأ الخميس الماضى، ويستمر حتى ٩ إبريل، كل الفنون: المسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية، تتضمن عروض سينما «زاوية» فى وسط البلد أيضاً كل الأفلام الروائية والتسجيلية والتشكيلية «التحريك»، من الأفلام الطويلة والقصيرة ومتوسطة الطول، أى من كل أجناس السينما وكل أطوال الأفلام.

«زاوية» التى تديرها شركة مصر العالمية «يوسف شاهين وشركاه» وتشرف عليها المنتجة والمخرجة ماريان خورى، أول دار فى مصر لما يعرف فى أوروبا والعالم باسم دور عرض «الفن والتجربة»، والتى طالما طالب بوجودها فى مصر العديد من صناع ونقاد الأفلام منذ سنوات طويلة، وهى نتاج الثورة مثل مهرجان وسط البلد، فالثورة تعنى التغيير، وهنا تتغير السينما وتتغير العلاقة بين الأفلام والجمهور.

وقد كان من الطبيعى أن تكون «زاوية» من مقار مهرجان وسط البلد حيث تعرض أفلام المهرجان، كما كان من الطبيعى أن تكون جريدة «القاهرة» الراعى الإعلامى للمهرجان، فالجريدة فى ظل رئاسة سيد محمود للتحرير أصبحت من نتاج الثورة أيضاً، مثل «الهلال» تحت رئاسة سعد القرش، و«عالم الكتب» تحت رئاسة محمد شعير، و«أخبار الأدب» تحت رئاسة طارق الطاهر.

ومن الأفلام التى تعرض فى «زاوية» فى إطار المهرجان، الذى يتزامن مع مرور سنة على إنشاء هذه السينما، ثلاثة من روائع السينما التسجيلية المعاصرة لاثنين من أعلام هذه السينما فى العالم، وهما المخرج الشيلى باترشيو جوزمان، المقيم فى فرنسا، والمخرج الأمريكى جوشوا أوبنهايمر، المقيم فى الدنمارك.

يعرض اليوم فى السادسة والنصف مساءً «نظرة الصمت» إخراج أوبنهايمر الذى عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا العام الماضى وفاز بالجائزة الكبرى «انظر (المصرى اليوم) من فنيسيا عدد ٣١ أغسطس ٢٠١٤ تحت عنوان (نظرة الصمت التى تقول كل شىء)»، وفى التاسعة والنصف يعرض لنفس المخرج «فعل القتل» الذى عرض فى بانوراما مهرجان برلين عام ٢٠١٢ ودوى فى العالم، والفيلمان عن مذابح إندونيسيا فى الستينيات بمعالجة مبتكرة وغير مسبوقة.

وفى يومى السبت ٢٨ مارس والثلاثاء ٣١ مارس يعرض فيلم جوزمان «حنين إلى الضوء» إنتاج ٢٠١٠، فالمهرجان لا يعرض الأفلام الجديدة فقط، وإنما الأفلام الكبيرة من كل السنوات.

 

مهرجان وسط البلد الرابع للفنون المعاصرة: الثورة تنتصر

بقلم   سمير فريد

٢٣/ ٣/ ٢٠١٥

بدأ يوم الخميس الماضى مهرجان وسط البلد الرابع للفنون المعاصرة فى القاهرة، والذى يستمر حتى ٩ إبريل القادم، ويعتبر من أهم علامات انتصار الثورة، فقد كان أقرب إلى المستحيل أن يقام قبل يناير ٢٠١١.

يقام المهرجان فى وسط القاهرة بالقرب من ميدان التحرير، مركز الثورة ورمزها الكبير، وكل المشتركين فيه من شباب الفنانين بقيادة مؤسسه فنان المسرح الطليعى أحمد العطار، وكان الشباب هم طليعة الثورة التى جمعت كل طبقات وأجيال الشعب المصرى، ولم تعد الدنيا بعدها كما كانت قبلها، وامتد تأثيرها إلى العالم العربى والعالم كله.

هنا المهرجان من دون حفل افتتاح ولا حفل ختام ولا جوائز، ولا يطلب من جمهوره أن يتفرغ له عشرة أيام أو نحوها، وإنما يمتد ٢٢ يوما.

وهنا المهرجان لا يقام فى قاعات مغلقة فقط، وإنما أيضاً فى ساحات وممرات وسط القاهرة، ويتفاعل مع الجمهور العابر فى الشوارع، بنفس القدر الذى يدعو فيه جمهوره إلى الحضور، وأغلب عروضه مجانية. وهنا المهرجان لا يهتم بأن يوصف بالمهرجان الدولى، رغم أنه دولى بكل معنى الكلمة، حيث يتضمن أعمالا فنية من العديد من الدول من أغلب قارات وثقافات العالم من الأمريكتين إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا.

هنا المهرجان تنتجه شركة المشرق للإنتاج بالتعاون مع شركة الإسماعيلية للاستثمار العقارى، ويتحرر تماما من بيروقراطية وزارة الثقافة وفسادها المزمن الذى لم تهزمه ثورة ولا ثورتان، ولا يحصل على أى دعم حكومى، وإنما تدعمه مؤسسات أوروبية ودولية ترعى الفنون.

وكما كانت الثورة نموذجا لثورات عصر ما بعد الحداثة التى بدأت مع سقوط جدار برلين عام ١٩٨٩، والتى تمتد جذورها إلى ثورة الشباب ١٩٦٨، حيث تتحرك نخبة الشباب من دون حزب ولا قيادة ولا تسعى إلى السلطة وإنما تفرض التغيير، يعبر مهرجان وسط البلد والمعروف باسم دى - كاف: الحروف الأولى من اسمه بالإنجليزية عن عصر ما بعد الحداثة فى الفنون، حيث تتفاعل كل الفنون ويتم تجاوز التصنيفات الأكاديمية فيما يمكن أن نطلق عليه وحدة الفنون مثل وحدة المعرفة.

هنا المسرح وعروض خاصة وبرنامج «روح المدينة» تحت إشراف العطار والسينما رشا سلطى والموسيقى محمود رفعت، والفنون البصرية مى أبوالدهب. هنا يتم التغيير وتنتصر الثورة.

 

بل عيدٌ لكل فن

بقلم   سمير فريد

٢٢/ ٣/ ٢٠١٥

تعقيباً على مقال «صوت وصورة» فى ١٤ مارس عن مؤتمر شرم الشيخ أرسل الدكتور أحمد أبوشادى رسالة يوضح فيها أن تعبير «مؤتمر المانحين» مصطلح لا يستوجب الشعور بالعار أو الإهانة، وإنما هو وصف واقعى لحال معين، وقد عُقدت مؤتمرات عديدة، وسوف تنعقد، تحت هذا العنوان، ولا علاقة له بمصر على نحو خاص.

والدكتور أبوشادى على حق فيما يقول من الناحية العلمية، ولكنى كنت أعبر عما يمكن وصفه بـ«الأسى الوطنى» على ضوء حقيقة الثروات التى تملكها مصر ولم تُستخدم على نحو رشيد منذ عقود، فى ظل نظم الحكم التى تغيرت بين القومية المصرية، والقومية العربية، والاشتراكية الفوقية، والانفتاح العشوائى، والجمود الصخرى، وكأن مصر حقل تجارب.

وفى عموده اليومى «كلمات حرة» (الأهرام ١٧ مارس) طالب الدكتور أسامة الغزالى حرب بإعادة النظر فى يوم الاحتفال بعيد الفن، ليكون يوم عيد ميلاد سيد درويش (١٧ مارس) وليس يوم عيد ميلاد عبدالوهاب (١٣ مارس). وتعقيباً على هذا الاقتراح أرسل الدكتور يحيى نورالدين طراف رسالة إلى «صوت وصورة» يرى عدم الربط بين يوم عيد الفن ويوم ميلاد درويش أو عبدالوهاب أو أى علم من أعلام الفن، فكلٌّ من درويش وعبدالوهاب له مكانته السامية، وعدد الأعلام فى كل فن كبير، والأفضل أن يرتبط عيد الفن بحدث كان له أكبر التأثير فى تاريخ الفن.

الحقيقة أن كلمة «الفن» ارتبطت بالفنون التشكيلية دون غيرها من الفنون، ومن الخطأ الشائع اعتبار الفن مفردة تعنى كل الفنون. والدكتور طراف على حق فى رأيه تماماً، ومن الواجب على نقابات الفنانين فى مصر، وهى نقابات المهن التشكيلية والسينمائية والتمثيلية والموسيقية، أن تعقد ندوة مشتركة مع المؤرخين والنقاد لاختيار أربعة أيام فى السنة تكون أعياداً للفن والموسيقى والمسرح والسينما.

بالنسبة إلى السينما، ومنذ أن اكتشف المؤرخ الكبير أحمد الحضرى أن أول فيلم مصرى عُرض يوم ٢١ يونيو ١٩٠٧، أصبح هذا اليوم هو يوم السينما، ولكن لا أحد يحتفل به كل سنة غير مكتبة الإسكندرية. وفى رأيى أن عيد الفن هو يوم افتتاح كلية الفنون الجميلة فى القاهرة، وأن عيد الموسيقى يوم افتتاح دار الأوبرا، ويوم المسرح يوم افتتاح فرقة رمسيس، وأن يتم ترقيم كل يوم حسب تاريخ هذه الأحداث، وعلى سبيل المثال يكون يوم السينما هذا العام الثامن بعد المائة.

 

٨ من كبار المخرجين فى الاحتفال التسعينى للاتحاد الدولى لنقاد السينما

بقلم   سمير فريد

٢١/ ٣/ ٢٠١٥

يبدأ اليوم فى مدينة بارى الإيطالية احتفال الاتحاد الدولى لنقاد السينما «فيبريسى» بمرور ٩٠ سنة على إنشائه، الاحتفال يليق بالنقاد حقاً، فهو ثمانى محاضرات لثمانية من كبار مخرجى السينما فى العالم، أو ما أصبح يعرف بـ«دروس الأساتذة»، والذى كان من ابتكارات جيل جاكوب أثناء توليه إدارة مهرجان كان باسم «درس السينما».

بدأ «درس السينما» بمحاضرات على طلبة معاهد وكليات السينما الذين يحضرون مهرجان كان، ثم أصبح لمن يريد من ضيوف وجمهور المهرجان وغيره من المهرجانات، أما عندما تقام بمعزل عن المهرجانات، فهى مفتوحة لمن يريد بتذاكر مثل دروس احتفال «فيبريسى»، وقد شهد مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ٣٦ فى نوفمبر الماضى أول درس للسينما قدمه فولكر شوليندورف لطلبة وطالبات المعهد العالى للسينما.

دروس «فيبريسى» عرض فيلم لـ«الأستاذ»، قبل الدرس، وبعده يقدم الحوار ويديره ناقد كبير من نقاد السينما، البداية اليوم مع المخرج البريطانى سير آلان باركر، وفيلمه المختار «قطار منتصف الليل» ١٩٧٨، ويقدم الحوار ويديره الناقد البريطانى إيرك مالكولم.

غداً المخرج الفرنسى جان - جاك أناند، والفيلم «سبع سنوات فى التبت» ١٩٩٧، والناقد هو الفرنسى ميشيل سيمين، وبعد غد المخرج الفرنسى اليونانى كوستا - جافراس، والفيلم «أمين» ٢٠٠٢ ويوم الثلاثاء المخرج الإيطالى إيتورى سكولا، والفيلم «يوم خاص» ١٩٧٧، ويوم الأربعاء المخرج البولندى أندريه فايدا، والفيلم «كاتين» ٢٠٠٧، والناقدة البولندية جرازنيا توربيكا، ويوم الخميس المخرج الألمانى ادجار رايتز، والفيلم حلقة من حلقات فيلمه «الوطن» الذى يتكون من ٣٠ حلقة ومدته ٥٤ ساعة، ويوم الجمعة المخرجة الألمانية مرجريت فون تروتا، والفيلم «الأخوات الألمانيات» ١٩٨١.

وفى الختام السبت المقبل المخرج الإيطالى نانى موريتى، والفيلم «يومياتى العزيزة» ١٩٨٤، والناقد الفرنسى جان جيلى، وفى ختام كل درس يحصل كل مخرج على الرمز التذكارى للاحتفال التسعينى، ولاشك أنه كان من الأفضل ألا يكون كل المخرجين من أوروبا، فهو اتحاد «دولى» للنقاد، وليس فقط نقاد أوروبا، ومصر عضو فى الاتحاد منذ عام ١٩٧٢ بواسطة جمعية نقاد السينما المصريين.

 

محمد وفيق: التمثيل كفنِّ

بقلم   سمير فريد

١٩/ ٣/ ٢٠١٥

فقد فن التمثيل فى مصر والعالم العربى يوم السبت الماضى محمد وفيق «٢٤ سبتمبر ١٩٤٥ - ١٤ مارس ٢٠١٥» وأغلق قوس فنان حقيقى أصيل وإنسان عرف بدماثة الخلق ورقة المشاعر، وكأنه لم يتحمل وفاة زوجته وابنة خالته ورفيقة عمره الممثلة كوثر العسال منذ نحو عامين.

كنت دائماً ومازلت أعتبر وجود جائزة لتمثيل الأدوار الرئيسية وأخرى للأدوار غير الرئيسية مسألة تجارية بحتة من اختراع هوليوود فى جوائز الأوسكار، ولذلك أفضل جوائز التمثيل فى المهرجانات، حيث جائزة لأحسن ممثل وجائزة لأحسن ممثلة بغض النظر عن أحجام الأدوار.

وكنت دائماً ومازلت مع التفرقة بين الممثل والممثل - النجم، فالنجم ثروة فنية دون شك، لكن الممثل غير النجم، ربما يفوق بعض النجوم فى التمثيل كفن، ومن هؤلاء محمد وفيق الذى تخرج فى قسم التمثيل بالمعهد العالى للفنون المسرحية عام ١٩٦٧، ومثل أكثر من مائة دور فى المسرح والسينما والراديو والتليفزيون، ولكنه لم يقبل أبداً القيام بأى دور لمجرد العمل، وإنما عن قناعة تحقق له المتعة الفنية التى تنتقل إلى المتفرج تلقائياً فيحصل بدوره على متعة تلقى الفن، كان فناناً مثقفاً لا يخطئ فى اللغة العربية ويثقف العامية عندما ينطق بها.

تميز محمد وفيق بجسد ممتلئ من دون إفراط، وحركات محسوبة بدقة، وثبات من يعرف أين يضع قدميه، ووجه مصرى يجمع بين وجوه الفلاحين ووجوه أهل الإسكندرية حيث ولد، وعيونهم المفتوحة على آفاق البحر الكبير، وبقدر ما كان بسيطاً فى الأداء الهادئ الذى يعكس تفسيره لدوره ويبتعد عن المبالغات بقدر ما كان عميقاً فى توصيل ذلك التفسير، وبقدر ما كان عاطف الطيب بارعاً فى اختياره لدور ضابط الشرطة فؤاد الشرنوبى فى «الهروب»، وهو دور مركب، وكأن مصطفى محرم كتبه من أجله، بقدر براعة يحيى العلمى فى اختياره لدور ضابط المخابرات عزيز الجبالى فى مسلسل «رأفت الهجان»، وإبراهيم الصحن فى اختياره لدور الخديو إسماعيل فى مسلسل «بوابة الحلوانى».

تفوق محمد وفيق فى دور الخديو إسماعيل حتى على حسين رياض عندما أدى هذا الدور فى فيلم «ألمظ وعبده الحامولى» إخراج حلمى رفلة، وقد ظلم الخديو إسماعيل فى المسرح والسينما كثيراً، وهو بانى مصر الحديثة التى أسسها جده محمد على، ولكن محفوظ عبدالرحمن أنصفه فى كتابته لمسلسل «بوابة الحلوانى»، وجسد محمد وفيق هذا الإنصاف بجمال فنى لا ينسى.

 

مصر ضيف الشرف فى واجادوجو وبوركينا فاسو ضيف الشرف فى الأقصر

بقلم   سمير فريد

١٨/ ٣/ ٢٠١٥

بدأ، أمس الأول، مهرجان الأقصر الرابع للسينما الأفريقية الذى تعلن جوائزه، السبت المقبل، وتنظمه مؤسسة شباب الفنانين برئاسة سيد فؤاد وإدارة عزة الحسينى، تحت إشراف مجلس الأمناء الذى يرأسه الدكتور عصام شرف. ويعتبر هذا المهرجان الذراع الثقافية الكبرى لأفريقيا فى مصر، ومن ثمار ثورة يناير التى أعادت مصر إلى أفريقيا لتواصل دورها كدولة أفريقية كبيرة.

كانت مصر بفضل مهرجان الأقصر ضيف الشرف فى مهرجان واجادوجو الرابع والعشرين الذى عقد من ٢٨ فبراير إلى ٩ مارس فى عاصمة بوركينا فاسو، وهو أعرق وأهم مهرجانات السينما الأفريقية. والآن بوركينا فاسو ضيف الشرف فى مهرجان الأقصر- أحدث مهرجانات سينما القارة فى عاصمة مصر الحضارية - ويكرم المهرجان إدريس أودراوجو، وهو أهم مخرجى بوركينا فاسو، ومن مخرجى القارة العالميين، مع ليلى علوى وخالد يوسف ونجيب ساويرس.

الدورة مهداة إلى اسم خالد صالح، وتصدر عنه كتاباً من تأليف الناقد طارق الشناوى، وقد عرض فى افتتاحها الفيلم الفرنسى «تيمبوكتو» إخراج الموريتانى عبدالرحمن سيساكو بحضوره على رأس وفد من فريق الفيلم، وهو اختيار موفق تماماً، فالفيلم الناطق بالعربية، الذى مثل موريتانيا فى مسابقة أوسكار أحسن فيلم أجنبى ووصل إلى الترشيحات النهائية- أهم فيلم عربى وأهم فيلم أفريقى عام ٢٠١٤، واكتسح جوائز سيزار الفرنسية التى تعادل الأوسكار فى أمريكا، وشهدت مسابقة مهرجان كان فى مايو الماضى عرضه الأول، كما عرض فى البرنامج الموازى «آفاق السينما العربية» فى مهرجان القاهرة فى نوفمبر.

قال رئيس وزراء إثيوبيا فى مؤتمر شرم الشيخ: «إما أن نسبح معاً فى نهر النيل أو نغرق معاً، وقد اخترنا أن نسبح معاً ولا خير لإثيوبيا إلا إذا كان خيراً لمصر»، ومنذ الدورة الأولى لمهرجان الأقصر يدير المخرج الإثيوبى هايلى جريما المقيم فى واشنطن- وهو أكبر مخرج أفريقى عالمى- ورشة عمل لعشرات المخرجين الأفارقة الشباب من بين أهم إنجازات المهرجان، وكان جريما عضواً فى لجنة تحكيم مهرجان القاهرة، ويشترك الناقد الإثيوبى يمانى ديمسى فى لجنة تحكيم الأقصر الأفريقى فى دورته الجديدة.. حقاً إما أن نسبح معاً أو نغرق معاً.

 

النجوم ثروات توجد ولا تصنع!

بقلم   سمير فريد

١٧/ ٣/ ٢٠١٥

نجوم التمثيل فى المسرح والسينما ثروات حقيقية، وتعريف النجم أنه الذى يجعل المتفرج يغادر منزله ويذهب إلى العرض المسرحى أو العرض السينمائى، ويدفع مبلغاً من المال لمشاهدة عمل يشترك فى تمثيله هذا النجم، وقد صدرت عشرات الكتب عن ظاهرة النجومية فى التمثيل، وتبذل الشركات جهوداً كبيرة لصناعة نجم، ولكنه فى الواقع لا يُصنع، وإنما يوجد لعوامل كثيرة. وقد سئل الرسام بيكاسو عندما حطم تقاليد الرسم الكلاسيكية: كيف فعلت هذا؟ فقال: إننى لا أرسم، وإنما أجد، أى أن أى شركة لا تستطيع أن تتخذ قراراً بصنع يسرا جديدة مثلاً، فالنجم لا يصنع بقرار.

وقد أرسل القارئ ــ الكاتب المثقف الدكتور يحيى نور الدين طراف ــ إلى «صوت وصورة» هذه الرسالة التى تضيف إلى مقال الخميس الماضى عن ملصقات الأفلام المصرية التى لم تعد تنشر أسماء النجوم:

«قرأت مقالك (من ذا الذى لا يعرف توم كروز؟!) بـ(المصرى اليوم) ١٢/٣، الذى أشرت فيه إلى خلو ملصقات الأفلام فى مصر فى السنوات الأخيرة من أسماء الممثلين والممثلات تخلصاً من صراعهم فيما بينهم أيهم يُكتب أولاً، بينما نرى ملصقات الأفلام العالمية بجوارها، واسم توم كروز أو غيره من نجوم العالم مكتوباً بوضوح عليها، ثم تساءلت وتساؤلك حق: فمن ذا الذى لا يعرف توم كروز؟!.

وليست ملصقات الأفلام المصرية فقط التى رفعت أسماء الممثلين والممثلات من عليها، فقد انضمت إليها مؤخراً كذلك ملصقات الفضائيات التى تنوه عن برامجها، حيث تظهر صور مذيعيها ومذيعاتها بغير أسماء، وآخر ذلك ما كان من إعلان عريض على صفحتين رأيته فى جريدتى (الأهرام) و(المصرى اليوم)، وغالباً سائر الصحف يوم ١١ مارس معلناً عن بدء إرسال شبكة قنوات فضائية، ظهرت فيه صورة جماعية لخمسة وعشرين إعلامياً وإعلامية دون أسمائهم، ولم أتعرف منهم سوى على ثلاثة!!

هذا النمط فى الإعلان، كما ألمحت فى مقالك، أصبح من غرائب المجتمع المصرى، وأنا أزيد على ذلك أنه أمسى من منكراته، فمن غير المعقول أن يكون حل مشكلة التصارع على أولوية كتابة الاسم هو إلغاء المشكلة من الأساس ورفع جميع الأسماء، وماذا يصنع مواطن عزم على اصطحاب أسرته لمشاهدة فيلم مصرى، لم تسعفه ثقافته المحدودة مثلى فى التعرف على أبطال فيلمه المنشورة صورهم فى ملصقات الشوارع أو إعلانات الصحف، فهل يمضى فى سبيله حاملاً قصاصة إعلان الفيلم ليستعلم ممن يقابله عن أسماء أصحاب الصور، أم يقف بسيارته فى الإشارات أسفل الملصقات العملاقة التى تحمل صورهم يشير إليها ويسأل عن أصحابها المارة والسائقين؟

وعلى فكرة، هناك الكثير من الفضائيات تعلن عن برامجها فى متن ساعات إرسالها، عن طريق نشر صورة للإعلامى صاحب البرنامج المعلن عنه أو الإعلامية دون اسمه رغم أنه يقدمه بمفرده، ويصاحب الصورة فقط اسم البرنامج ومواعيد بثه، وهناك العديد من الأفلام والمسلسلات تنحو هذا النحو فى إعلاناتها، وهو ما يشير إلى أن الأمر تعدى مرحلة محاولات حل مشكلة أولوية كتابة الأسماء إلى دخولنا مرحلة اعتقاد الكثيرين أنه ينتقص من أقدارهم كتابة أسمائهم تحت صورهم، فهم أغنياء عن التعريف».

 

من الذى لا يعرف توم كروز؟!

بقلم   سمير فريد

١٢/ ٣/ ٢٠١٥

هناك فن كامل من الفنون التشكيلية هو فن «الملصقات» الإعلانية، وهو أكثر الفنون تأثيراً فى أى مجتمع لأنه معروض فى الشوارع والميادين، ويشاهده كل الناس فى الصباح والمساء، وبالتالى يمكنه أن يرتفع بالذوق العام إلى أعلى عليين أو ينخفض به إلى الدرك الأسفل، بوعى أو من دون وعى.

ولذلك يحتم القانون فى الدول التى يهمها الارتفاع بالذوق العام أن يقوم بتصميم الملصقات الإعلانية فنانون محترفون مسجلون فى روابط الفنانين أو نقاباتهم، أى أن يكون لدى المصمم ترخيص بالعمل فى هذا المجال، وحيث لا يوجد قانون تدرك الشركات أهمية هذا الأمر، وتعهد به إلى فنانين معروفين بتميزهم.

وتعتبر ملصقات الإعلان عن الأفلام من أهم الوثائق السينمائية، وهناك ملصقات نادرة تباع بالملايين فى المزادات تماماً مثل اللوحات والتماثيل، ومن بين أهم هواة جمع ملصقات الأفلام المصرية الباحث الشاب سامح فتحى، الذى أصدر أكثر من كتاب لمختارات من مجموعته الخاصة التى اشتراها من كل مكان. ومكتبة الملصقات من أهم أقسام متاحف السينما وأراشيفها، ولها أساليب خاصة للحفظ والترميم والعرض، ومكان مجموعة سامح فتحى الطبيعى هو متحف أو أرشيف السينما المصرية، ولكننا مع الأسف لا نملك متحفاً ولا أرشيفاً لها.

ومن بين أهم مشاكل ملصقات الأفلام المصرية، والتى ربما لا مثيل لها فى أى بلد آخر، أن هناك ملصقات أصلية وأخرى غير أصلية، فقد كانت شركات التوزيع تطبع من الملصق أعداداً محدودة لاستخدامها فى القاهرة والإسكندرية، وعند عرض الفيلم فى مدن المحافظات الأخرى، تترك لدور العرض «تقليد» الملصق الأصلى فى مطابع بدائية بواسطة عمال هذه المطابع، ولا يستطيع فرز الأصلى من غير الأصلى سوى الخبراء.

ومن غرائب مصر فى السنوات الأخيرة أن ملصقات الأفلام لم تعد تذكر أسماء الممثلين والممثلات، وأصبحت أسماء السينمائيين خلف الكاميرا تنشر بحروف صغيرة تكاد لا تقرأ، ووراء ذلك التخلص من الصراع بين النجوم عندما يشتركون فى فيلم واحد، وأيهما يذكر قبل الآخر، أى حل المشكلة بإلغائها، ولكن الأمر تحول إلى فرحة ثقيلة عندما أصبحنا نرى وجوهاً غير معروفة أو تمثل لأول مرة، فكيف ستصبح أسماؤها معروفة!

وبجوار هذه الملصقات العجيبة تجد ملصقات الأفلام الأمريكية مثلاً، واسم توم كروز أو غيره من نجوم العالم مكتوب بوضوح رغم أن وجهه معروف تماماً، فمن الذى لا يعرف توم كروز!

 

عاطلون يمنعون من يعملون!

بقلم   سمير فريد

١١/ ٣/ ٢٠١٥

ذات يوم اشترى المنتج والموزع الكبير حسين القلا فى ثمانينيات القرن الميلادى الماضى عدة أفلام إيطالية لتوزيع فيديو بسعر ألف دولار أمريكى للفيلم، وتمت الصفقة، وتم تحويل الأموال إلى الشركة الإيطالية، ولكن اتحاد الشركات السينمائية فى إيطاليا، والذى يعادل غرفة صناعة السينما فى مصر رفض اعتماد العقد، وطالب الشركة بإعادة الأموال إلى الشركة المصرية، قال لهم مندوب الشركة الإيطالية إن الأفلام تسرق فى مصر، وكان رد الاتحاد أن تسرق أفضل من أن يكون سعر الفيلم الإيطالى ألف دولار.

غرفة صناعة السينما فى مصر تدخل التاريخ بامتياز لأنها أول وآخر مؤسسة من نوعها وافقت على بيع أصول الأفلام المصرية ونقل ملكيتها إلى شركات أجنبية، وليس بيع الحقوق ولوسائل محددة ولمدة محددة كما يحدث فى كل دول العالم، كما أنها تدخل التاريخ بامتياز لأنها تسلمت صناعة السينما المصرية وهى توزع فى كل الدول العربية وبعض الأسواق غير العربية من تركيا وإيران إلى اليونان والسنغال، وكان التوزيع الخارجى يمثل بعض أو كل أرباح الفيلم، فضلاً عن كونه من مصادر العملة الصعبة للدولة، وبسبب عجزها عن القيام بأدوارها وضيق الأفق الشديد، فقدت السينما المصرية بالتدريج الأسواق العربية التى كانت تسمى تقليدية، وكل الأسواق الخارجية، ولم تدخل أى أسواق جديدة.

وفى الأسبوع الماضى اتخذ مجلس إدارة غرفة صناعة السينما قراراً بمنع المنتج محمد السبكى من إنتاج الأفلام لمدة سنة، لأنه هاجم الغرفة فى حديث تليفزيونى، وهذا أيضاً حدث غير مسبوق يدخلها التاريخ من أوسع أبوابه كأول مؤسسة تمنع عضواً من العمل، لأنه يعارض أو يهاجم سياساتها أو رئيسها أو مجلس إدارتها، ومن الضرورى هنا ملاحظة أن أغلب أعضاء المجلس الذى اتخذ هذا القرار لا ينتجون ولا يوزعون الأفلام منذ سنوات طويلة، وأن السبكى الذى أصبح ماركة مسجلة هو منتج وموزع أكبر عدد من الأفلام فى السنوات الماضية، وهو الذى صمد وغامر واستمر فى الإنتاج رغم الظروف الأمنية العصيبة منذ ثورة يناير، والتى لاتزال قائمة حتى الآن.

ثم إن أى نقابة مهنية أو غرفة صناعية يمكنها أن تعاقب أى عضو عندما يخالف أصول ممارسة المهنة، وليس لأنه يعارض سياستها أو أشخاص القائمين عليها، وأشكال العقوبات متعددة، ولكن ليس من بينها المنع من العمل، أى الإنتاج، فهذا حق دستورى، بل ومن حقوق الإنسان، إنهم عاطلون يمنعون من يعملون!

 

قوة مهدرة ولكن الفرصة لم تضع

بقلم   سمير فريد

١٠/ ٣/ ٢٠١٥

قرأت فى جريدة «الوطن» اليومية مقالاً للزميل العزيز أحمد المسلمانى عدد الأربعاء الماضى، تحت عنوان «عمر الشريف.. إهدار القوة الناعمة»، ذكر فيه، عن حق، أننا فى مصر لم نستثمر عمر الشريف كأحد كبار نجوم السينما فى العالم، وقال إن الفرصة قد ضاعت تماماً، لكن شيئاً واحداً لايزال بالإمكان. واقترح الكاتب تغيير اسم مدينة الإنتاج الإعلامى إلى «موليوود مدينة السينما المصرية» وإقامة حفل عالمى لإطلاق الاسم الجديد، وبذل المستحيل لأن يلقى عمر الشريف كلمة التدشين.

هذه هى المرة الأولى التى أذكر فيها تعبير «القوة الناعمة» مضطراً لأنها فى عنوان المقال المذكور، فنحن فى اللغة العربية، وفى تراث العظماء الذين صنعوا الثقافة العربية الحديثة نستخدم كلمة الثقافة فى وصف البنية الفوقية، وليس هناك ما يبرر استبدال القوة الناعمة بها، لمجرد أن كاتباً أمريكياً متوسط القيمة استخدم هذا التعبير منذ عشر سنوات فى وصف تلك البنية، وذلك فضلاً عن أن ظلال كلمة «النعومة» - ولكل كلمة ظلالها فى كل لغة - غير مناسبة لوصف الفكر، وحتى النساء يرفضن وصفهن بالوصف الشائع «الجنس الناعم»، لأن النعومة لا ترتبط فقط بالنساء، وحتى فى اللغة الإنجليزية يمكن ترجمة كلمة Soft الرخوة، ويقال Soft State، أى دولة رخوة، فهل هناك قوة رخوة؟!

وبقدر ما أتفق مع الكاتب فى أننا لم نستثمر نجومية عمر الشريف، بقدر ما أختلف معه فى أن الفرصة قد ضاعت «تماماً»، وفى دعوته إلى تغيير اسم مدينة الإنتاج الإعلامى، وأن تسمى موليوود على وزن هوليوود، وفى قوله إن علينا بذل «المستحيل» لإقناع عمر الشريف بذلك، فالرجل لم يتأخر يوماً عن خدمة وطنه، وكما اقترح كاتب السيناريو المبدع مصطفى محرم فى «المصرى اليوم» تقليد مجدى يعقوب قلادة النيل التى تقلدها محفوظ وزويل والبرادعى بعد فوزهم بجوائز نوبل، فإننى أقترح تقليد عمر الشريف أيضاً بهذا الوسام الأرفع فى الدولة المصرية.

والفرصة لم تضع: يمكن لوزارة السياحة أن تصدر مجموعة أسطوانات باسم «أفلام عمر الشريف المصرية» مترجمة إلى عدة لغات، توزع كهدايا، وتباع فى نفس الوقت، وهى ٢٥ فيلماً من «صراع فى الوادى» إخراج يوسف شاهين عام ١٩٥٤، إلى «ضحك ولعب وجد وحب» إخراج طارق التلمسانى عام ١٩٩٤، تكون خير دعاية لمصر على جميع المستويات الثقافية والسياحية، وخير تكريم للفنان، ويمكن لوزارة الثقافة بالتعاون مع التليفزيون، إنتاج فيلم تسجيلى طويل عن حياة وفن عمر الشريف، يعرض فى كل دول العالم، وهذان المشروعان يتكلفان الكثير، ولكن مردودهما أضعاف التكاليف إلى جانب المردود الحضارى الذى لا يقدر بمال.

 

اليوم يبدأ احتفال مكتبة الإسكندرية بمئوية ميلاد الراقصة تحية كاريوكا

بقلم   سمير فريد

٨/ ٣/ ٢٠١٥

اليوم يوم المرأة العالمى، والذى تحتفل به مكتبة الإسكندرية كل سنة، وتشارك برامج السينما فى مركز الفنون فى هذا اليوم بالاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لمولد الراقصة والممثلة تحيا كاريوكا «١٩١٥-١٩٩٩»، وذلك بعرض أربعة من أفلامها، بواقع فيلم كل يوم حتى الأربعاء المقبل، وقد اعتزلت كاريوكا الرقص بعد أن بلغت الأربعين عام ١٩٥٥، واكتفت بالتمثيل وتم اختيار الفيلمين الأول والثانى من أفلام المرحلة الأولى، ومنهما أول أفلامها، والثالث والرابع من أفلام المرحلة الثانية.

ولدت تحية كاريوكا فى ٢٢ فبراير ١٩١٥ فى مدينة الإسماعيلية باسم بدوية أبوالعلا النيدانى، وبدأت حياتها الفنية راقصة فى فرقة بديعة مصابنى عام ١٩٣١، وهى التى أطلقت عليها اسم تحية، وأضاف مصمم الرقص إيزاك ديكسون اسم كاريوكا نسبة إلى رقصة برازيلية شهيرة فى ذلك الوقت، أجادتها الفنانة على نحو لافت، وقد تزوجت تحية كاريوكا وطلقت العديد من المرات منذ عام ١٩٣٩ ولم تنجب، وكان من بين أزواجها باشوات وصعاليك ومصريون وغير مصريين ومسلمون ويهود ومسيحيون، وعاشت حياتها «بالطول والعرض» كما يقال فى مصر، وكانت لها مواقف سياسية وطنية من دون أيديولوجية، بل واعتقلت لعدة أسابيع بعد ثورة ١٩٥٢ لأنها قالت «مضى فاروق وجاءنا ١٣ فواريق»، واشتركت فى إضراب الفنانين ضد القانون ١٠٣ الخاص بنقابات الفنانين عام ١٩٨٧.

كانت تحية كاريوكا راقصة مصر الأولى فى القرن العشرين، وإن نافستها على العرش سامية جمال، وكتب عنها العديد من الكتاب ومنهم إدوارد سعيد فى مقالين مهمين، أحدهما بعد وفاتها، وبلغ عدد أفلامها ١٢٥ فيلماً منذ «الدكتور فرحات» إخراج توجو مزراحى عام ١٩٣٥، وحتى «الجراج» إخراج علاء كريم عام ١٩٩٥، إلى جانب نحو ٢٥ مسرحية ومسلسلاً تليفزيونياً، وتوفيت فى ٢٠ سبتمبر ١٩٩٩.

ومن أهم أفلامها «شباب امرأة» إخراج صلاح أبوسيف عام ١٩٥٦ الذى عرض فى مسابقة مهرجان «كان» ذلك العام، و«سمارة» إخراج حسن الصيفى فى نفس العام، و«الفتوة» إخراج أبوسيف ١٩٥٧، و«المعلمة» إخراج حسن رضا ١٩٥٨، ودور شجرة الدر فى «وا إسلاماه» إخراج أندرو مارتون ١٩٦١، و«أم العروسة» إخراج عاطف سالم ١٩٦٣، و«خللى باك من زوزو» إخراج حسن الإمام ١٩٧٢، و«السقا مات» إخراج أبوسيف ١٩٧٧، و«للحب قصة أخيرة» إخراج رأفت الميهى، و«آه يا بلد» إخراج حسين كمال ١٩٨٦.

اليوم تعرض مكتبة الإسكندرية «الدكتور فرحات»، وغداً «لعبة الست» إخراج ولى الدين سامح، الذى مثلته مع نجيب الريحانى عام ١٩٤٦، وبعد غد «إسكندرية كمان وكمان» إخراج يوسف شاهين ١٩٩٠، ويوم الأربعاء «مرسيدس» إخراج يسرى نصرالله ١٩٩٣.

 

«فتاة المصنع» يُعرض فى السويد وهذه المبادرة من «ماد سيلوشنز»

بقلم   سمير فريد

٤/ ٣/ ٢٠١٥

كان أهم خبر يتعلق بالسينما المصرية فى مهرجان برلين ٦٥، الذى عقد من ٥ إلى ١٥ فبراير الماضى، الاتفاق على عرض فيلم «فتاة المصنع» أحدث أفلام المخرج الكبير محمد خان عرضاً تجارياً فى السويد، ربيع هذا العام، وتم ذلك بواسطة شركة «السينما العربية فى السويد» التى أسسها ويديرها محمد قبلاوى، مؤسس ومدير مهرجان مالمو للسينما العربية، الذى يعقد دورته الخامسة فى المدينة السويدية من ٢ إلى ٦ أكتوبر المقبل.

وجاء الإعلان عن هذا الحدث غير المسبوق فى دليل «مركز السينما العربية» فى سوق مهرجان برلين، وكان هذا المركز الذى نظمته مؤسسة «ماد سيلوشنز» غير مسبوق بدوره، ويحقق بواسطة هذه المؤسسة المصرية المدنية مطلباً قديماً لصناع ونقاد السينما العرب، عجزت عن تحقيقه المؤسسات الحكومية فى العالم العربى.

فى سوق الفيلم تتعاون مؤسسات دول شمال أوروبا فى إقامة جناح كبير مشترك، وكذلك دول شرق أوروبا ودول أمريكا اللاتينية والدول التى تجمعها صلات جغرافية وتاريخية مشتركة، ولكن العرب لم يتفقوا أبداً على إقامة جناح مشترك فى أى من أسواق السينما التى تقام أثناء مهرجانات السينما الدولية الكبرى «مهرجان برلين فى فبراير ومهرجان كان فى مايو ومهرجان فينسيا فى سبتمبر»، وغنى عن الذكر الفوائد الكبيرة للاشتراك فى هذه الأسواق.

سوق برلين تقام فى قصر أثرى كبير قريب من مقر المهرجان، وفى فندق ماريو القريب بدوره من المقر، وتوفر السوق سيارات صغيرة لا تتوقف لنقل المشتركين بين القصر والفندق، حيث أقيم مركز السينما العربية، وحيث يقيم أيضاً وفد مهرجان أبوظبى، وحيث أقامت هذا العام ماجدة واصف، رئيس مهرجان القاهرة، وكان مقر المركز نقطة تجمع العديد من السينمائيين العرب الذين حضروا المهرجان.

وقد أصدر مركز السينما العربية كتيباً خاصاً من ٥٠ صفحة عن الشركات والجهات السينمائية العربية المشتركة، أشرف عليه الخبير المعروف علاء كركوتى، مؤسس ومدير «ماد سيلوشنز»، وتضمن المعلومات الأساسية عن جميع الأفلام العربية فى المهرجان والسوق، وقائمة بممثلى وسائل الإعلام العربية، والأفلام العربية التى عرضت فى مهرجان برلين منذ عام ٢٠٠٥ وحتى ٢٠١٤، وبعض الحقائق والأرقام عن أسواق السينما فى العالم العربى. إنها حقاً مبادرة رائعة، ولعلها تتحقق فى مهرجان كان ومهرجان فينسيا أيضاً.

 

الرهبان لا يموتون وإنما يصعدون

بقلم   سمير فريد

٣/ ٣/ ٢٠١٥

فقد الأدب العربى يوم الخميس الماضى الأديب والكاتب الكبير سليمان فيّاض الذى ولد عام ١٩٢٩ فى إحدى قرى الدقهلية وتخرج فى جامعة الأزهر عام ١٩٥٦، وكان بحق من رهبان الأدب الذين يعيشون لتحصيل أكبر قدر من المعرفة، ويستمتعون بمحاولة الإضافة إلى تراث اللغة التى يكتبون بها ولا يطلبون جزاءً ولا شكوراً. والرهبان فى كل مجال لا يموتون وإنما يصعدون.

سليمان فياض من أعلام القصة القصيرة منذ مجموعته الأولى «وبعدنا الطوفان» التى صدرت عام ١٩٦٩، وفازت بجائزة الدولة التشجيعية عام ١٩٧٠، والتى بلغ عددها ١٥ مجموعة، كما فاز بجائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام ٢٠٠٢، ولكنه مثل كل الرهبان لم يسع إلى الجوائز ولا إلى الشهرة، وإنما سعت إليه الجوائز، وتشرفت بحصوله عليها، وكانت تكفيه شهرته بين أقرانه من الكتاب والأدباء، ومن الذى لا يعرفه منهم من كل الأجيال، ومن كل الاتجاهات والمدارس المختلفة؟!

ومثل كل أزهرى أصيل، اهتم سليمان فياض بالبحث فى اللغة العربية التى عمل مدرساً لها، وكان خبيراً لغوياً فى مشروع تعريب الحاسوب «الكمبيوتر»، ومن مؤلفاته اللغوية التى تعتبر من الجواهر النادرة «الدليل اللغوى» و«معجم الأفعال العربية المعاصرة» و«الأفعال العربية الشاذة» و«أنظمة تصريف الأفعال العربية».

ومثل كل أزهرى أصيل أيضاً، يعتبر سليمان فياض من السلالة الأزهرية التى تمتد من محمد عبده وطه حسين فى العمل على حل المعضلة الكبرى، وهى التوفيق من دون تلفيق بين التراث ومستجدات العصر، أو بتعبير زكى نجيب محمود «الأصالة والمعاصرة»، ويبدو ذلك واضحاً فى روايته الفريدة «أصوات» التى صدرت عام ١٩٧٢، وترجمت إلى اللغة الفرنسية، والتى كانت موضوعاً لفيلم تخرّج أسامة أبوالعطا فى معهد السينما عام ٢٠٠١، والذى منع، ولايزال، من العرض.

وقد نعى اتحاد الكتاب المصريين سليمان فيّاض ببيان جاء فيه أن الثقافة العربية «فقدت واحداً من أهم الكتّاب العرب الذى أثرى المكتبة العربية بإبداعاته فى القصة والرواية والدراسات اللغوية»، وأنه «لم يكن كاتباً مهماً فقط، ولا حكاء أرخ للحياة الثقافية المصرية فحسب، وإنما كان مثقفاً رفيعاً، وأحد التنويريين الذين حاولوا تقديم الوجه الصحيح للدين». ومن المؤكد أن الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب، سوف يصدر الأعمال الكاملة للكاتب الراحل ليتيح للأجيال الجديدة الاطلاع على مؤلفاته وأبحاثه.

 

إبراهيم عيسى من القاهرة وإبراهيم العريس من بيروت يدافعان عن الكلمة المطبوعة

بقلم   سمير فريد

٢/ ٣/ ٢٠١٥

لابد من الدفاع عن الكلمة المطبوعة من أجل مستقبل الإنسانية، وقد تبدو هذه الدعوة مثل رفض شابلن الأفلام الناطقة فور اختراعها وإصراره على الاستمرار فى إخراج الأفلام الصامتة حتى خضع للتطور، ولكن الفرق كبير، فليس المقصود الوقوف ضد الكلمة الإلكترونية، وإنما ألا تختفى الكلمة المطبوعة.

أى مستقبل للبشر إذا أصحبوا يعيشون بين الشاشات الثلاث «التليفزيون والموبايل والكمبيوتر»، من دون الشاشة الرابعة، وهى السينما، ويقرأون على الشاشات من دون قراءة الكلمة المطبوعة فى الكتب والصحف والمجلات، أو على حد تعبير المفكر والأديب الإيطالى أومبوتو إيكو: إذا اندثرت الذاكرة النباتية فالطباعة على الورق، والورق من أخشاب نبات الأشجار، وبقيت الذاكرة المعدنية فقط، أى المعتمدة على الكمبيوتر وأسلاكه المعدنية.

أنتمى إلى من يدافعون عن ضرورة استمرار الكلمة المطبوعة إلى جانب الكلمة الإلكترونية، واستمرار الشاشة الرابعة إلى جانب الشاشات الثلاث الأخرى، ولأسباب متعددة أهمها أن الذاكرة الإنسانية كلها مطبوعة، وأن المطبوع أكثر دقة وتحملاً للمسؤولية، وقد قال سارتر يوماً «إن الكلمة المطبوعة تدمغ صاحبها إلى الأبد»، حسب ترجمة الدكتور محمد غنيمى هلال، وأن السينما تجمع عدداً من الناس لا يعرفون بعضهم البعض ويشتركون فى تلقى تجربة شعورية واحدة، مما يؤدى إلى تقوية العلاقات الإنسانية بينهم، وعدم تحويل الاختلاف إلى خلاف أو صراع.

وقد شهد مطلع العام الجديد ٢٠١٥ حدثين مهمين فى الدفاع عن الكلمة المطبوعة فى العالم العربى، وهما مجلة السينما العربية فى لبنان التى يرأس تحريرها الكاتب والناقد اللبنانى الكبير إبراهيم العريس، ويصدرها مركز دراسات الوحدة العربية عن بيروت، وجريدة «المقال» اليومية التى يصدرها ويرأس تحريرها الكاتب والأديب المصرى الكبير إبراهيم عيسى، وهى ربما أول جريدة يومية من نوعها فى تاريخ الصحافة العربية فى اعتمادها على نشر المقالات فقط دون الأخبار والتحقيقات وغيرها من أشكال الكتابات الصحفية، وهذه السطور تحية لهما ودعوة للقراء لقراءة هذه المجلة وتلك الجريدة، ومتابعة أعدادهما.

 

سيمون ماسى يتسلم الهرم الذهبى الشرفى لمهرجان القاهرة السينمائى

بقلم   سمير فريد

١/ ٣/ ٢٠١٥

كان قرار إدارة الدورة الـ٣٦ لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى عقد فى نوفمبر الماضى أن ينال الهرم الذهبى الشرفى عن مجموع أعمالهم كل من جاك لانج، رئيس معهد العالم العربى فى باريس، والمخرج الألمانى فولكر شوليندروف، والمخرج الإيطالى سيمون ماسى، والناقد والخبير المغربى نور الدين صايل، والممثلة المصرية نادية لطفى.

تسلمت نادية لطفى الجائزة فى منزلها وسجلت كلمة أذيعت بالفيديو فى حفل الافتتاح لعدم تمكنها من الحضور لأسباب صحية، وتمكنت حملة «أخبار اليوم» ضد جاك لانج من دفعه للاعتذار عن عدم الحضور، ولكن تم إرسال الجائزة إليه فى باريس، وأرسل يشكر إدارة المهرجان، وحضر شوليندورف وصايل وتسلم كل منهما جائزته على مسرح حفل الافتتاح، أما سيمون ماسى فقد طلب تسليم جائزته إلى السفارة الإيطالية بالقاهرة لتوصيلها إليه، وتم ذلك مساء يوم الأربعاء الماضى.

ووراء عدم حضور ماسى، وهو أكبر فنانى الأفلام التشكيلية «التحريك» فى إيطاليا، ومن كبار مخرجى هذه الأفلام فى أوروبا والعالم، قصة تروى، إذ قبل الدعوة وأعرب عن سعادته البالغة بالحضور إلى مصر، وقبل فترة من موعد السفر طلبت منه إدارة الضيوف إرسال صورة من جواز السفر لحجز تذكرة الطيران والفندق فقال إنه لا يملك جواز سفر، واعتاد أن يسافر إلى دول الاتحاد الأوروبى بهويته الإيطالية، وتصور أن بإمكانه السفر بها إلى مصر أيضاً! وعندما تم إخباره بأن هذا غير ممكن وعليه استخراج جواز سفر، رد بعد أيام بأن هذا الأمر يستغرق فى إيطاليا عدة أسابيع تنتهى بعد نهاية المهرجان! وتذكرت أنه من قلة من مخرجى أفلام التحريك الذين يرفضون استخدام الكمبيوتر، ولايزال يرسم الأفلام بيديه كما كان والت ديزنى وغيره من رواد هذا الفن.

وكانت إدارة الدورة ٣٦ قد كلفت مصممة الجائزة الفنانة إيمان البنا بالإشراف على تصنيع ٧ أهرامات ذهبية و٥ أهرامات فضية، أما الذهبية فهى للمكرمين الخمسة وللفائز بجائزة أحسن فيلم الذى تسلمته سفارة إيران بالقاهرة عن فيلم «ميلبورن» بعد أن رفضت سفارة مصر فى طهران منح تأشيرة دخول مصر للمخرج، وقررت الإدارة تقديم الهرم الذهبى السابع هدية إلى وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور، تقديراً لجهوده من أجل إنجاح الدورة، ووافق مشكوراً على قبول الهدية أثناء انعقاد الدورة.

وقد قمت بتسليم مهرجان القاهرة إلى الصديقين ماجدة واصف، رئيس المهرجان ويوسف شريف رزق الله، المدير الفنى، واجتمعت معهما اجتماعاً مطولاً لم أطلب فيه سوى الاحتفاظ بالهرم كرمز للجوائز، واللوجو المستمد من تصميم إيمان البنا، والذى صممه الفنان مصطفى عوض.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

01.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)