كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حكايات عن الحب والفن والألم فى حياة أسطورة السينما

بقلم: على سالم - محمود موسى

 

غدا الجمعة تمر 10 سنوات على رحيل أسطورة السينما المصرية النجم والإنسان والصديق (أحمد زكى - 27 مارس 2005)، والذى جعل من اسمه عنوانا كبيرا فى عالم التشخيص، فأصبحت له مكانته الدائمة فى قلوب ووجدان الجماهير قبل صناع الفن السابع، بفضل أدائه الاستثنائى واختياراته المتميزة. 

10 سنوات ومازال يعيش داخلى بحبه وحكايته وشخوصه ووطنيته ومواقفه الراسخة، ونقاء قلبه "أنا خاويتك". هكذا قال لى، وصارت تلك الجملة من أجمل وأرقى وأرق الكلمات التى كان قالها لي، ورغم مرور تلك السنوات مازلت أفتقد الأخ والصديق، وسأظل اليوم وغدا أشعر باعتزاز أننى كنت قريبا منه، بل كنت محظوظا بهذا القرب الذى امتد حتى أنفاسه الأخيرة، وأيضا شاهدا على كثير من التفاصيل والأحداث التى مر بها، آلامه. أفراحه. همومه الفنية، حتى رحله مرضه ورحيله.

خلال سنوات عمره استمتع المقربون منه بالعديد من الحكايات والمواقف التى تؤكد مكانته الفنية والفكرية، وجعلت منه فنانا وطنيا يتمتع بقدرة خاصة على اختيار موضوعات لامست قضايا أمته، إنسانية كانت غارقة فى الواقعية، ورومانسية حالمة، وحياتية مفعمة بالأسى والحنين للجذور، ومن ثم قدم خلال مشواره أفلاما تناولت جميع الفئات والمهن، وزيرا وبوابا، رئيسا وضباطا، عاملا وجنديا، باختصار: كان مواطنا بدرجة إنسان.

عبر سنوات قربى منه شاهدت أحداثا كثيرة، وتحديدا آخر 10 سنوات من حياته، ومن حسن حظى آن كنت شاهدا أيضا على حكايات طريفة ومواقف مؤلمة، أحداث كثيرة أتذكر بعضها عن ظهر قلب، ونسيت بعضها فى زحمة التفاصيل، لكن لا أنسى يوم أن ودعته قبل ساعات من رحيله، خاصة لحظة أن دخلت غرفة العناية المركزة وهو فى كامل الغيبوبة، دخلت عليه وهو لا يملك فى هذه الدنيا إلا أن يتنفس بصعوبة، أتذكر تلك اللحظة التى لم تغب يوما عن ذاكرتى، فهى الأشد قسوة فى سنواتى الاخيرة. 

نعم هى كذلك وأكثر، فهل هناك قسوة وألم من أن تعرف أن صديق بحجمه عبقريته الفنية سيرحل بعد ساعات، لقد رحل أحمد زكى بعد رحلة معاناة، استراح للأبد تاركا ميراثا سينمائيا رائعا للشاشة، وخلف لأهله ومحبيه قيم فنية كبيرة، وعلى قدر عذابه كان إنسانا الكرم عنوانه والبحث عن الصدق غايته وإسعاد الآخرين أسمى غاياته. 

والمتابع لمشوار أحمد زكى لابد أن يلمس أنه أحد الفنانين القلائل الذى استطاع أن يوازن بين النوعية التجارية والفنية، وبحسب قوله لى فى حواراته الممتدة معى فإنه كان يقصد هذا التنوع: "أنا عندما أوافق على فيلم أدرك تماما قيمته، فعندما قدمت "الراعى والنساء" كنت أعرف أنه لا يحقق نفس النجاح الجماهيرى الذى يحققه "كابوريا" أو "الأمبراطور"، وعندما قدمت "زوجة رجل مهم" و"البرئ" كنت أدرك أنهما لا يحققان نفس النجاح الجماهيرى لأفلام مثل "شادر السمك" و"البيه البواب". أحيانا اشعر بأن هذا العمل أو غيره "هيعجب" الناس، وأضاف: ولهذا كنت أحرص أن يكون العمل الذى يليه لابد أن " يعجب " الفنان الموجود داخلي، ولذل سعدت دوما بكل أعمالى التى حققت النجاح الجماهيري، وحتى تلك الأفلام التى حققت النجاح البسيط لأنها أسعدتنى كفنان. 

ببساطة لأن هذه الأفلام عملت لى تاريخ، وأما الأخرى التى حققت النجاح الكبير فقد صنعت نجوميتى". 

تفرد "زكي" كممثل مجد ومجتهد بأنه كان صاحب مشروع سينمائى وطنى، ويتأكد ذلك من خلال فيلمى (ناصر 56 وأيام السادات) وعنهما قال: إننى تشرفت وقدمت هذين العملين وأعتبرهما خطوة كبيرة، لأننا فتحنا من خلالهما للمرة الأولى الحديث عن الزعماء والرؤساء بالأسماء الحقيقية، ونجحنا فى إظهار الحقائق للأجيال، بعيدا عن الدخول فى طوفان المهاترات السياسية، لقد قدمت (ناصر والسادات) كى استمتع وأمتع الجمهور بسيرة أبطالنا من زعماء مصر وبناة نهضتها، وعندما تصديت لهذه النوعية من الأفلام الوطنية، لم أكن أسعى لتمجيد نفسي، وإنما هدفى آن تعرف الأجيال الشابة الحقائق الراسخة فى سجل الوطنية.

- فى الأهرام:

نجاح فيلم "أيام السادات" الجماهيرى والنقدى وما به من أحداث وحقائق وقيم وطنية كان وراء قيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك بتكريم أحمد زكى وأبطال الفيلم "مرفت أمين ومنى زكى وأحمد السقا، ومؤلفه الكاتب الراحل أحمد بهجت، ومخرجه محمد خان"، وذلك فى سابقة تاريخية بأن يقوم رئيس الدولة بمنح الأوسمة لهم، تقديرا لدورهم فى تقديم عمل فنى له قيمته التاريخية للأجيال القادمة.

ويوم توسيمه عبر أحمد زكى عن سعادته بالتكريم فى معظم وسائل الإعلام، ولكن يبدو أنه وبعد أن ارتاح من التعبير عبر كلمات فورية يوم تكريمه أراد أن يشكر "مبارك" بطريقته الخاصة، ولذلك فوجئت به يتصل بى هاتفيا يوم 3 يوليو 2001 ويطلب حضورى للأهرام، ويومها كانت انتخابات نقابه الصحفيين ونفس يوم افتتاح المبنى الحالى للنقابة، وسألنى عن مكاني، فقلت له فى الانتخابات، فقال لى إنه فى طريقة للأهرام، وطلب منى طلبا غريبا، وهو مقابله مسئولى الاعلانات بالجريدة، ليطلب بدوره عمل "إعلان مدفوع" على نفقته وفى الصفحة الاولى نظير مبلغ مالى كبير، ويومها قال لي: أردت أن اقول للرئيس، كلمة حب من قلبي، عبر إعلان بالأهرام، وبالفعل نشر الإعلان فى الصفحة الأولى يوم 4 يوليو 2001، تحت عنوان "تلغراف" قائلا فى نصه: السيد الرئيس محمد حسنى مبارك، شعرت فى اللحظة التى منحتنى فيها الوسام أننى حصلت على أجرى عن عمرى الفنى كله، حصلت عليه فى لحظة واحدة، أشكرك وأؤيدك وأحبك".

- أول فنان يجسد رئيسين:

أتذكر يوما عندما سألته عن إصراره على تقديم فيلمى "ناصر 56 وأيام السادات" فقال لى: "أنا مواطن أولا، ومهموم بوطنى ومهنتى التمثيل، وإذا كنت قد تعرضت فى كثير من أعمالى لمشاكل الرجل والإنسان البسيط، وألقينا الضوء على ما كبر وصغر شأنه‏، فما بالك بأصحاب القرار من الزعماء، وأنا أحمد الله اننى تشرفت وقدمت هذين العملين، وأعتبرهما خطوة كبيرة‏، لأننا فتحنا من خلالهما لأول مرة الحديث عن الزعماء والرؤساء بالأسماء الحقيقية‏، ونجحنا فى إظهار حقائق فى تاريخنا تبقى زادا للأجيال على اختلافها.

- رسالة من بريده الخاص:

قبل وفاته بأيام قليلة اتصل بى فى الصباح الباكر الفنان التشكيلى ابن خاله سمير عبدالمنعم - رحمه الله عليهما جميعا - والذى كان يرافقه طوال رحله مرضه، وقال لى الأستاذ يريدك، فذهبت إلى المستشفى، وجلست يومها معه ساعات طويلة، وأثناء وجودى معه طلب من سمير أن يعطينى بعض الرسائل التى جاءت له من محبيه، شباب وكبار، والتى كانت تحمل دعوات بالشفاء، يومها داعبنى بقوله: "يا سمير خد 100 جنيه من محمود لأننى سأعطيه سبق صحفي، وضحكنا، وبعد ذلك طلب منى قراءة رسالة بالتحديد، وقرأتها كاملة، وكلما انتهيت منها يطلب منى إعادة القراءة نحو 3 مرات، وبعدها طلب منى نشر تلك الرسالة فى الأهرام، وتلك الرسالة كانت من فتاة عمرها وقتها 20 عاما تقول: 

"الأستاذ أحمد زكى. إننى وجيلى لم نعاصر زعماء مصر السابقين، ولم نعرف الكثير عنهم، ولكن ببراعتك الشديدة جعلتنا نعرفهم، بل ونحبهم، وأكثر من ذلك إننى شعرت وكأننى عاصرتهم"، مع هذه الجمله معها شعرت أن احمد زكى فى حالة انتصار رغم الألم الذى يحاصره. 

كان فى حالة رضا وسعادة. شعرت ولمست ما به من نشوة، وكأنه حصل على جائزة كبيرة، وهو على فراش المرض ووسط آلامه.

ويبدو بريق هاص فى عينيه يعكس أن حقق ما أراد، فهذا هو ما راهن عليه عندما قدم ناصر والسادات، لقد راهن على الأجيال الشابة فى كل عصر وزمن، أولئك الذين لم يعاصروا أمجاد الزعماء. شعرت يومها أن احمد زكى - رحمة الله عليه - يريد أن يقول " أنا انتصرت على الذين هاجموني، وانتصرت للأجيال التى انتصرت لي".

- ممنوع الحضور بالأفكار المسبقة:

تذهب بى الذكريات إلى محطة أخرى، ففى أثناء التجهيز للعرض الخاص لفيلم "أيام السادات" قال لى: كان نفسى أكتب على الدعوة "ممنوع الحضور بالأفكار المسبقة" على شاكلة: "مؤامرة ضد السادات، وصفقة حذف القدس عربية"، فما لا يعرفة كثيرون أن أحمد زكى عانى ماديا جراء تصديه لإنتاج هذا الفيلم، فقد واجه ضغوطا كبيرة من جانب بعض الشركات، بهدف عدم إنتاج الفيلم، لكنه أصر ونجح وحقق ما أراد، ومن المفارقات أيضا أنه بعد عرضه تعرض الفيلم للسرقة، ويومها أتذكر أنه أعلن اعتزاله إرضاء لمافيا الفيديو والـDVD، وقال لي: أنا قعدت بجوار الفيلم 4 سنوات، ورفضت العديد من الأفلام، وعندما نجح الفيلم بدأت الحرب ضدي، بهدف إحراجى وعدم قدرتى على تسديد ديونى التى اقترضتها من البنوك لإنتاجه، وهذا سيدفعنى للهروب بعيدا عن الفن.

وعلى الرغم من حاجة أحمد زكى للأموال لتغطيه ما قام به من تكاليف ضخمة فقد كشف لى مرة عن رفضه بإيمان خالص لرسالته لعرض مادى مغر من إحدى شركات التوزيع، شرط حذف جزء من خطاب الرئيس السادات فى الكنيست الإسرائيلي، وذلك نظير مبلغ طائل كان كفيلا بإعادة التوازن المادى له، واكتفى بالقول:

أشرف لى أن أخسر من أن أبيع واشوه بلدى، أو أغير تاريخ بلدي، وبغضب وانفعال قال: انهم يريدون حذف الخطاب الذى أكد فيه الرئيس الراحل أنور السادات على أن مصر لم تقوم بعمل سلام منفرد، وأيضا أرادوا حذف الجزء الخاص من خطابه الذى أكد فيه أن القدس عربية، وكل ما جاء فى الخطاب من كلمات تؤكد أن مصر دائما مع السلام، وتقف مع الشعب الفلسطينى. 

هذا الموقف وغيره من المواقف يؤكد أن أحمد زكى فنان وطنى بامتياز، ولعله بموقفه هذا أعطى درسا للأجيال فى معنى وقيمة الوطن، والمحافظة على رموزنا، والتأكيد على الدور الكبير الذى لعبته مصر دائما لمصلحة الشعوب العربية.

- الناصريون والسادات:

بعد الحروب الكثيرة التى تعرض لها للنيل من "أيام السادات" وتسريب نسخته قبل العرض، وغيرها من المحاولات اللا إنسانية، جاء موعد مسابقة المهرجان القومى للسينما، وفى سنة مشاركة الفيلم فى المسابقة كان معظم لجنة التحكيم من أصحاب الاتجاه الناصرى برئاسة المخرج توفيق صالح، ويومها كتبت موضوعا بعنوان "الناصريون حرموا السادات من الجوائز"، وبعدها بفترة طلبنى للذهاب إلى منزله وأخذ يعدد لى كم الجوائز التى حصل عليها، والتى تزيد على 50 جائزة دولية ومحلية، وقال لى "أنا مش محتاج جوائز أنا " محتاج العدل"، وعلى الفور قفز لذهنى قوله لى قبل العرض الخاص للفيلم " كان نفسى أكتب على الدعوة ممنوع الحضور بالأفكار المسبقة".

- أكرة الشفقة:

لقد تربيت فى بيوت الأسرة من الأخوال والأعمام، ومنذ صغرى ولدى عقدة آن يقول أحد انى يتيم - هكذا يقول أحمد زكى الفلاح البسيط عن نفسه - مضيفا: كما أكره أن أعبر عن ألمى بعد عملية جراحية هنا - وأشار إلى ذراعه - وقال: "هذه حقنة بلهارسيا وأنا عيل، الراجل أعطانى حقنة فى الوحدة الصحية، وهو بيكلم صاحبة ضرب الحقنة فخرجت من الناحية التانية، لذلك ذراعى بقه كده، وكان الألم شديدا لا تتخيله، ومش عايز أقول آه، عشان محدش يقول لى: معلهش يا حبيبي، أنا بأكره الشفقة، كنت أحب اقعد مع أصحابى عشان مكنوش بيتكلموا فى حتة اليتم، أكره الكلام اللى من بره، أنا بحب كل حاجة بجد، وصدق اللى يقولى مبروك، أو اللى يوجهنى، ومن هنا كرهت الشفقة وبدأت أغرق فى تأملاتى مع نفسى وذاتى".

- إسعاد الآخرين:

أشياء كثيرة لا تجد طريقها إلى أوراق الصحف لأنها خاصة ولا يعرفها إلا المقربون منه، فحياته كانت مليئة بالأشياء الجميلة، بل إنه من أولئك النادرين الذين يعطون دائما، فيداه دائما كانت تدخل جيوبه وتخرج أموالا للبسطاء ممن يرى أنهم فى حاجة إلى مساعدة ويقول: أنا لا أعطى من عندي. إنما يأمرنى الله أن أعطى فأعطي، فهذه أموال الله، الله سبحانه وتعالى أعطانى موهبة وفلوسها"، وكل أصدقائه يعرفون الحقيبة الصغيرة التى كانت تلازمه، وأتذكر اثناء أيام مرضه الأولى فى يناير 2004، وكان عيد الاضحى على الأبواب، قال لى بسعادة متجاوزا الأزمة وأيامه: "تعرف أنا ارسلت العيدية لكل البلد، عشان الناس تعرف تفرح بالعيد، وعلى فكرة محدش يعرف إنى هنا فى المستشفي"، وليس ذلك سوى درس وقدوة ومثل فى التراحم، فكان وسط آلامه لا ينسى مسئولياته، يسعى دائما لإسعاد الآخرين.

- هو وسعاد حسنى:

يوم 19 فبراير 2003 كشف لى أن هناك 5 حلقات من مسلسل "هو وهى" الذى قدمه مع سعاد حسنى لم يتم تصويرها، وأتذكر يومها انه اتصل بالكاتبة الكبيرة "سناء البيسي" وقام بتذكيرها بالحلقات والمسلسل الذى وصفه أنه من أجمل الأعمال التى قدمها. 

وبمناسبة الحديث عن "هو وهي" اختم بواحدة من أجمل حكاياتى معه وكان ذلك وقت رحيل الفنانة الرائعة سعاد حسنى فى يونيو2001، وفى تلك الفترة اختفى تماما ولم يدل بأى كلمات عن سعاد حسني، وهى المواضيع التقليدية التى نقوم بها بعد وفاة فنان، وظل لا يرد على تليفونه لمدة عشرة أيام حتى عصر الأول من يوليو2001 اتصل بى وطلب ضرورة آن نلتقى بالفندق، وكان يومها يرتدى جلبابا أبيض وأخرج ورقة مكتوبة بخط يده، وطلب منى قراءتها، ولأنى صحفى اعتبرت ذلك سبقا خاصا بى للنشر، يعبر فيه عن حبه لسعاد حسني، ولكن كانت المفاجأة أن ما قرأته كانت كلمات المشاطرة المدفوعة التى أراد ان يقولها فى وداع سعاد حسنى وبالفعل ذهبت للأهرام وتم نشر الاعلان. 

وكان كالتالي: "(إليها هى). إلى الفنانة سعاد حسنى، يا أكثر الموهوبين اتقانا، وأكثر العباقرة تواضعا، وأكثر المتواضعين عبقرية، بوجودك ملأت قلوب البشر بهجة، وبغيابك ملأتها بالحزن، استريحى الآن. إهدئى، يا من لم تعرفى الراحة من قبل، لك الرحمة وكل الحب والتقدير، أسكنك الله فسيح جناته، يا من جعلت حياة الناس أكثر جمالاً.

- وجيهان السادات وهيكل:

لم يكن أحمد زكى فى يوم قريبا من سلطة أو نظام، ولم يسع أبدا للتقرب من أحد، بل كان كل هدفه أن يقدم فنا للأجيال، فنا يعيش ويحمل اسمه الكبير، ولهذا عندما ضربه المرض لم يصدق أنه محبوب إلى هذه الدرجة من جمهوره العريض، ومن القيادة السياسية بقيادة الرئيس مبارك التى وقفت بجانبه بكل حب، وخلال فترة مرضه أتذكر أن الجميع زاره، وزراء وفنانون وصحفيون ورجال دين.

وكان أحمد زكى حريصا أن احضر كثيرا من الزيارات، وكان يتصل بى قبلها، ومنها زيارة الكاتب "محمد حسنين هيكل" وكشف يومها الأستاذ هيكل وفى حضور الكاتب "عادل حمودة" ربما للمرة الاولى عن تجربته الشخصية المريرة مع مرض السرطان، والذى شفى منه وفى اعتقادى ان سبب كشفه عن اصابته وشفائه من السرطان كان نوعا من الذكاء الهيكلى على سبيل الدعم المعنوى لأحمد زكي، ورفع حالته المعنوية، أما زيارة السيدة "جيهان السادات" له فلم تكن يومها بمفردها، وإنما كان بصحبتها عدد من أفراد أسرتها وحفيداتها، وكان استقباله لهم مليئا بالود والحب وعلى طريقة أدائه فى فيلم "أيام السادات".

- حكايات من أيام المرض والألم:

كنت من أوائل من عرفوا بخبر مرضه، ويومها طلب منى ألا يعرف أحد التزمت بذلك‏، ولكن بعد أن علمت القيادة السياسية بخبر مرض أحمد زكي‏ اضطررت للنشر‏، وكان قبلها بأيام وتحديدا في ‏22‏ يناير ‏2004‏، طلب منى أن أكتب رحلة مرضه على لسانه، وقال لى يومها بالحرف الواحد "أحسست بثقل فى صدرى وخشونة وطلبت إجراء أشعة على الصدر والرجلين‏، ثم بعد ذلك اكتشفت أنه التهاب رئوى حاد وماء فى الغشاء البلوري‏، وقال لى الدكاترة لازم أدخل المستشفي‏، فقلت: لا‏‏ أقعد فى البيت وآخذ الأدوية‏، وقعدت فى البيت‏ 5 أيام ولكن تعبت، وذهبت إلى دار الفؤاد. وبعد الفحوصات والأشعة‏، عملوا بزل للماء فى أول مرة لتر ونصف لتر على الرئة ثم لترين‏، إلى أن وصل إلي ‏6‏ أو‏7‏ لترات‏، يضحك‏: أنا طول عمرى كنت أسمع أن الماء على الرئة معلقة أو أكثر قليلا‏، وإنما‏ 6‏ لترات شيء لا يصدق"‏.‏

ثم وجدته يأخذنى إلى حديث فلسفى ويحمل الكثير من نقائه الذى استمر حتى وفاته‏، وقال: أنا مشغول بقضية الإنسان‏، فكنت أتناقش مع نفسى فى هذا الأمر‏، وقلت عندما يكون الإنسان يطلب حقا أو شيئا من إنسان آخر‏، لماذا لا يضع نفسه مكان الآخر؟، ووجدت أن الإنسان لو وضع نفسه مكان أخيه الإنسان وجدت أن الزعل منه يخف لأن كل واحد عنده ظروف‏. ‏

فأنا أتمنى أن كل إنسان زعلان يضع نفسه مكان الآخر وهذا على مستوى الأشخاص والدول‏، وقلت أعملها على مستوى المرض‏، أنا عيان وساعات كثيرة، ممكن يكون لى زميل مريض أو عنده ظروف وأكون مسافرا أو عنده تصوير‏، ‏وعلشان يزور واحد مريض يقعد يبحث عن وقت علشان يزورنى مثلا‏، وإذا فات يوم ولم يأت هيزعل أكثر من نفسه‏. لكى يقوم بالواجب، ولهذا قلت أخفى خبر مرضى حتى لا أزعج الناس‏، أنا عارفهم فهم بيحبونى وأنا أحبهم والحمد لله.

- لماذا حرق خطابات جمهوره:

كشف لى مرة وقبل وفاته بقليل انه قام بحرق خطابات جمهوره ومحبيه التى بها كلمات حب، عندما شعر أن موته اقترب حتى لا يضار أحد بعد موته.

- آخر عيد ميلاد:

كنت واحدا من خمسة أشخاص مقربين فقط حضروا آخر عيد ميلاد له، وهم الفنان التشكيلى وابن خاله الراحل "سمير عبدالمنعم والمخرج عصام المغربى ومدير أعمالة محمد وطنى وشخصية أخرى"، وكان ذلك يوم 18 نوفمبر 2004، ويومها تلقى العديد من باقات الورود والتى حرص أصحابها على كتابة أرق وأجمل الكلمات والتى حملت أيضا - وقتها - الدعاء بالشفاء.

وبرغم خجله الشديد ورفضه القاطع لعلنية عيد ميلاده، إلا أننا أصدقاؤه المقربون حرصنا على الاحتفال بعيد ميلاده. فاجتمعنا نحن الخمسة واحتفلنا به بطريقة بسيطة، وأتذكر أنه تخلل الساعة التى حضرتها معه قام بتقديم مفاجأة لنا حيث عرض (50 ثانية) من البروفة المصورة التى أجراها لآخر أفلامه، وهو يتقمص شخصية حليم، وقدم فيها مطلع أغنية للعندليب عبدالحليم حافظ، وبدا من المشهد الذى عرض على شريط فيديو وكأنه "حليم" شكلا وأداء وحركة، ومع انتهاء الخمسين ثانية ارتسمت على وجهه السعادة والرضا.

هذه بعض حكاياتى مع أحمد زكى التى لا تنتهي، والتى تؤكد أنه فنان وإنسان يحمل من القيم الإنسانية ما جعل منه فنانا كبيرا بأفلامه ومواقفه، أو كما قال فى نهايه فيلم حليم: "ميهمنيش أموت دلوقتي. ميهمنيش أموت بعد ميت سنه. أنا يهمنى لما أموت افضل محافظا على مكانتى".

-------
احمد زكى:

جذب انتباهى بشدة عندما شاهدته فى دور صغير فى مسرحية ألفريد فرج" النار والزيتون" التى قدمها المسرح القومى فى بداية السبعينات. 

اختاره المخرج سعد أردش ليلعب دورا صغيرا، كان طالبا فى السنة الأولى بمعهد الفنون المسرحية ولعب دور ضابط إسرائيلى متهم بإطلاق النار على عرب من سكان كفر قاسم. 

كان يدلى بأقواله أمام أحد المحققين، فى هذا المشهد أجاب بكلمة نعم أكثر من عشر مرات، وكل نعم فيها كان ينطقها بانفعال مختلف.

والتحق بفرقة المتحدين المسرحية، كان من السهل فى ذلك الوقت حتى من خلال أدواره الثانوية إدراك أن هذا الشاب الأسمر سيكون له شأن فى عالم التمثيل. ثم اشترك فى عرض مسرحية مدرسة المشاغبين، ربما تظن أن علاقتى به قد توطدت من خلال المسرح، الواقع أن الألفة بيننا كانت نتيجة لزمالتنا فى محل "لاباس" بوسط البلد. 

كان مكانا جميلا تعودنا قضاء وقت طيب فيه، كتاب وصحفيون وممثلون ونجوم ومنهم عادل إمام، هذا المحل مازال موجودا فى مكانه بعد أن تحول إلى خرابة.

وبدا أحمد يشق طريقه بثبات صاعدا طريق الفن، مستعينا بموهبته الفذة كممثل، وغريزته الدرامية وكأنها البوصلة التى يهتدى بها فى رحلته الإبداعية الطويلة. أستطيع أن أشهد وأن يشهد معى كل عرفه عن قرب أن الغرور لم يعرف طريقه إليه بأى درجة من الدرجات. 

فقد كان منشغلا طول الوقت بالبحث عما هو الأفضل ولذلك كان عندما يشاهد عملا قام ببطولته أو حتى المشاركة فيه، يشعر بالضيق لأنه يكتشف أخطاء أو ما يظنها أخطاء فى أدائه.

هو باحث عن كمال ربما لا تساعده البيئة الفنية المحيطة على الوصول إليه فتكون النتيجة أن يفقد أعصابه ويثور فى البلاتوه. فى فيلم البيه البواب قال له مساعد المخرج: المشهد اللى جاى فى نفس الديكور. اللى هو غرفة البواب. 

فقال له أحمد برقة: ما ينفعش نفس الديكور. البواب فى المشهد ده عرف الفلوس. بدأت تجرى فى إديه. من الطبيعى أن تتغير ملامح الغرفة والإكسسوار كمان. دهان جديد. ثلاجة. سرير مختلف، لابد ان يعكس الديكور هذا التغيّر فى حاله.

فقال المساعد فى ضيق: عاوزين نخلص يا أستاذ أحمد. 

أزعجته الجملة، هو لا يتصور وجود فنان يرفض الإتقان لأنه يريد أن ينتهى بسرعة من تصوير الفيلم ولكنه تمسك بهدوئه وقال: ما ينفعش. المطلوب تعديلات بسيطة فى الديكور لن تستغرق وقتا.

مرة أخرى قال المساعد: عاوزين نخلص يا أستاذ أحمد. 

انفجر أحمد كالقنبلة وترك البلاتوه وعاد إلى الفندق. الطريف أن الديكوريست قال: كل التغييرات دى ما تاخدش وقتا أكتر من ساعتين.

كان على وعى بأن أعظم أداء تمثيلى لا أهمية له فى غياب إطار صحيح يوفره الديكور وبقية عناصر العمل الفنى. 

كل خلافاته مع الآخرين، كل الأوقات التى انفجر فيها غاضبا، كانت لأسباب فنية. وليس لأسباب ذاتية. هو لا يفقد اعصابه ويثور لأسباب ذاتية بل بسبب المهنة، هو لا يتصور وجود أحد العاملين فى الفن يفتقر إلى الإحساس بحتمية الإجادة.

أحيانا يتصور الإنسان أنه أقوى مما عليه بالفعل، ثم يكتشف فى لحظة أنه ضعيف لدرجة معيبة، حدث ذلك فى برنامج تليفزيونى عندما سألنى عماد أديب، هل تفتقد أحمد زكى؟

فانهرت باكيا كطفل فقد كل أحبائه فجأة فى حادث مؤلم. 

رحمه الله. رحمنا الله جميعا.

--------

- من حواراته للأهرام:

اجريت مع احمد زكى خلال مشواره عددا كبيرا من الحوارات وفى مناسبة ذكرى رحيله اخترت أن انشر مما سألته لأنها تظهر قيمة احمد زكى الفنان والإنسان وهذا نص بعض الاسئلة والأجوبة.

·        متى يتوقف الابداع؟ 

إذا فقد الفنان أو المبدع عموما سواء كان كاتبا أو مخرجا أو ممثلا أو موسيقيا القدرة على الدهشة وإحداث شىء فى النفس البشرية يتوقف ولكن لا يوجد فنان يبعد. الفنان لا يبعد الا بالمرض أو الموت‏.‏

الفنان تحكمه اختياراته فهى التى تحكم وجوده ولهذا لابد ان يسبب الدهشة فى كل عمل يقدمه من أجل ضمان الاستمرارية‏.‏

·        كيف ننظر الى التنافس بين النجوم؟

- الفنان وحده لا يعيش وإذا شعر بأنه الأوحد فإنه لا يمكن ان يقدم فنا لأن حماسته ستقل‏. والفنان يعيش بالفنانين الموجودين حوله فأنا أحب كثيرا أن أرى زملائى يقدمون أفلاما جميلة ساعتها أشعر بأنه يحفزنى للتنافس الحلو وأقول أنا نفسى أعمل فيلم زى فلان‏، فالتنافس يجعل عندى هذا الدافع للإبداع لكى أجود ادائى واختياراتي‏.‏

·        هل الزمن يمثل أزمة للفنان؟

طبعا‏. لاننى لما كنت فى سن صغيرة فى سن الشباب الموجودين حاليا كنت اعمل ادوارا تليق بعمري‏، فعملت الحب فوق هضبة الهرم شاب يبحث عن فرصه عمل‏. وعملت البريء عسكرى فى الامن المركزي‏.‏ والنمر الاسود. ولد سافر بره علشان يشوف حظه فى الحياة‏.‏ وبعدين اعمل انا لا اكذب ولكنى اتجمل يعنى كنت اعمل افلاما تليق للعمر ده وتناقش هموم الشباب فى هذه الفترة‏.‏

وكان المنتجون لا يطلبونى فى أدوار أكبر سنا لأن سنى صغيرة‏. فأنا فى تلك الفترة كنت اعبر عن شريحة كبيرة تطابق السن‏، وبعد ذلك انتقلت الى مرحلة عمرية أخري‏، وكنت محروما وأنا صغير من مثل هذه الادوار وهى ادوار الرجل وقدمتها فى زوجة رجل مهم والإمبراطور والهروب وضد الحكومة والراعى والنساء وبعد ذلك قدمت الرجل الناضج‏، ومع كل مرحلة اصبح فيها وجها جديدا أيضا اقدم ما يليق لسنى وعمرى ومشاكل عصري‏. وقدمت ارض الخوف واضحك ومعالى الوزير وعبدالناصر والسادات‏. ‏

‏وأضاف أنا فى كل مرحلة اكون وجها جديدا فيها وعملت بانوراما من الادوار الشعبية مثلا فى أحلام هند وكاميليا وكابوريا وكمان أدوار فيها سياسة زى زوجة رجل مهم وادوار اجتماعية مثل نزوة والراعى والنساء‏.‏ والبيه البواب وشادر السمك‏. وقدمت فى كل مرحلة عمرية ما بها من افلام شعبية وسياسية واجتماعية‏. ولهذا عندما يأتى لى موضوع لا يتناسب مع المرحلة العمرية لازم انصرف عنه‏. لاننى مع كل مرحلة احتاج فيها لعمل يغطى جموع الناس التى تكون على شاكلة هذا العمر‏.‏ 

وممكن يكون معايا مجموعة من الشباب لكى يحدثها رمونى وانسجام لاننا نعبر عن الشارع والبيت وده فيه الرجل والشاب والشيخ‏.‏ فانا راجل عملت افلاما كثيرة وزملائى ايضا عملوا افلاما وأثروا السينما بأعمال عظيمة ولهم تاريخهم‏.‏ وأتمنى من الشباب أن يعملوا تاريخا فنيا‏.‏

·        لماذا أنت متواضع‏‏؟

لو وضعت فى دماغك حكاية نجم النجوم‏. مش هتفن ثم يعنى أيه نجم‏. انا فى النهاية فنان‏. ومهنتى أن أقدم شخصيات‏. فلماذا أتغر‏.‏ ثم أتغر على ايه وليه‏. دا الحياة فيها من الرصد الانسانى فى الشارع المصرى من شخوص وشخصيات وكل يوم تصرفات الناس وأسلوبهم‏. وكل ده محتاج رصد‏، والفنان يترك الدنيا وناقصة ادوار كثيرة‏. 

يبقى ايه لازمة الغرور هنا‏. الفنان عايز يمسك الشمس ومستحيل يمسكها‏.‏ وأضاف: "الفنان يقعد طول حياته يلهث ويجرى وراء الشخصيات ووراء الحياة لغاية لما يموت‏. ويموت وهو بيحلم بشخصيات جديدة يضحك‏. لماذا الغرور‏؟ ومن يصيبهم الغرور عليهم ان يقعدوا فى بيوتهم‏. لان الغرور نوع من انواع القتل والموت للفنان‏. 

فالغرور يجعل الانسان ذاتى قوي‏، وغرقان فى نفسه‏. طيب كيف سيقدم الفن‏. الفنان لازم يكون بره نفسه قوى علشان يلتقط الاشياء من الحياة ويقدر يبثها طول الوقت‏". 

الأهرام اليومي في

26.03.2015

 
 

“Serena”.. ومن الحب ما قتل

منة الله فهيد – التقرير

ماهي العوامل التي يجب توافرها لضمان نجاح الفيلم؟

1- القصة

الفيلم مقتبس عن رواية “سيرينا Serena” للكاتب “رون راش Ron Rash”، التي نشرت سنة 2008 ولاقت نجاحًا كبيرًا حتى صنفت من قبل مجلة “نيويورك تايمز” بكتاب العام.

2- الأبطال

تم اختيار اثنين من أهم ممثلي هذا الجيل للقيام لبطولة هذا الفيلم: الأول “برادلي كوبر Bradley Cooper” الذي حصل على ترشحه الثاني لجائزة الأوسكار كأحسن ممثل هذا العام، والثانية- الجميلة “جنيفر لورانس Jennifer Lawrance” التي رشحت لجائزة الأوسكار ثلاث مرات وحصلت عليها مرة واحدة رغم أنها لم تكمل عامها الـ 25 بعد. ويعد هذا الفيلم هو التعاون الثالث بين “جنيفر” و”برادلي” بعد فيلميهما “Silver Linings Playbook” و”American Hustle”.

3- الإخراج

كان من المقرر أن يقوم بإخراج هذا الفيلم المخرج اللامع “دارين أرنوفسكي Darren Aronofsky” ولكن تم استبداله بالمخرجة الدنماركية “سوزان بير Susanne Bier”، التي استطاعت الحصول على ترشحين لجائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي لاثنين من أفلامها المحلية وحصدت عن أحدهما الجائزة بالفعل سنة 2010.

لذا؛ فنحن أمام فيلم يمتلك جميع مقومات النجاح التي يتطلبها أي عمل لحصد الملايين من شبابيك التذاكر، وضمان تلقيه لمراجعات إيجابية من النقاد وجني عدة جوائز من المهرجانات، فهل هذا ما حدث؟

الإجابة على هذا السؤال هي “النفي”، للأسف، فعلى الرغم من كل ما تم ذكره إلا أن الفيلم سقط سقطة مدوية في دور العرض، واستدل النقاد به على أن توافر كل عوامل النجاح بالفيلم لا تعني نجاحه بالفعل، بينما لم يحصل على ترشح لجائزة واحدة. فمن أين جاء هذا الإخفاق الرهيب؟

4- تماسك النص

يبدو أن الحلقة المفقودة والتي تسببت في سقوط الفيلم تعود للسيناريو الذي كتبه “كريستوفر كايل Christopher Kyle” الذي أخل كثيرًا بأحداث الرواية، وهو الذي كتب فيلم “ألكسندر Alexander” سنة 2004 ورشح عنه لجائزة “أسوأ نص” لهذا العام، وعلى الرغم من تاريخه غير الحافل بالمرة في الكتابة، إلا أن السيناريو الذي قام بكتابته لهذا الفيلم “Serena” صنف كواحد من أفضل السيناريوهات التي لم تمثل بعد سنة 2010.

دعونا نستعرض سويًا الأفكار التي حاول “كريستوفر” الارتكاز عليها في هذا الفيلم.

الحب، الجشع، الخيانة، الجنون.

الحب/ الشغف

وقع “جورج بيمبرتون” في غرام “سيرينا” فور رؤيته لها تمتطي جوادها أثناء أحد العروض، وكيف لا وقد بدت بشعرها العسلي وظهرها المفرود تمثالًا حيًا للجمال والقوة، نبهته أخته الجالسة بجواره: “إنها جميلة، ومجروحة، لسوء الحظ أنك لن تتمكن من الحصول على فرصة معها“، حكت له كيف فقدت إخوتها الصغار إثر حريق نشب في مخيم التحطيب الذي كان يمتلكه والدها لتنجو وتصير وحيدة في هذه الحياة.

ذهب “جورج” وراءها بعد العرض وأخبرها أنه يريد الزواج بها. هكذا وجدنا أنفسنا في المشهد التالي أمام زوجين متحابين إلى درجة الجنون دون أن ندري أو يشغل بال صانعي الفيلم أيضًا كيف حدث ذلك، وبالأخذ في الاعتبار أن علاقة الحب بين “جورج” و”سيرينا” هي المحور الأساسي الذي ترتكز حوله الحبكة الدرامية للفيلم، جاءت أولى إخفاقات السيناريو والإخراج، الذي اكتفى بمشاهد الحب بينهما، كدليل على الشغف الذي يكنه كل منهما للآخر.

الجشع/ القوة

عادت “سيرينا” مع “جورج” بعد زواجهما إلى مكان عمله (كارولينا الشمالية) لتشاركه ماديًا وبدنيًا في إدارة أعماله المعنية بصناعة الأخشاب. منذ اليوم الأول، أرادت “سيرينا” إثبات أنها ليست أقل شأنًا من الرجال؛ فقامت بغرز الفأس في الشجرة، حيث ترى الموضع المناسب لبدء القطع، وقامت بإبداء تعديلات على العمل ومباشرة العمال بنفسها؛ مما أثار ذلك إعجاب زوجها “جورج” الذي بدا متيمًا بها للغاية. لكن، على الجانب الآخر، أثار ذلك حفيظة أغلب الرجال وعلى رأسهم “ألبرت”، مساعده الأول الذي شعر بالغيرة لتواجدها بينهم بل ربما بلغ الأمر به حد الكره لها، واختلاط المشاعر هذا ما لم يهتم أحد بتبريره للمشاهد، فهل كان “ألبرت” يكن المشاعر لـ “جورج”؟ أم أنه كان يمتلك من بعد البصيرة ما مكنه من رؤية أن “سيرينا” تمثل خطرًا على حياته وحياة “جورج” نفسه؟!

الخيانة/ الخذلان

منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها قدما “سيرينا” المدينة بصحبة زوجها، كانت بانتظارهما “راشيل”، الفتاة الفقيرة المحلية التي جعلها “جورج” حبلى. عند محاولته لشرح الأمور لها، استوقفته زوجته بأنها لا تريد أن تعلم شيئًا عن الأمر؛ اعتبارًا منها أن أي شيء حدث قبل لقائهما كأنه غير موجود.

ساعد في تجاهل “سيرينا” للأمر حملها هي الأخرى بطفل “جورج”، إلا أنها فقدته وفقدت معه فرصتها في أن تحبل ثانية أبدًا، في حين وضعت “راشيل” طفلها “جاكوب” وعادت للعمل من جديد عند “جورج”.

على الرغم من حبه الجم لزوجته وإعطائها دمه عندما شارفت على الموت إثر النزيف الذي صاحب انتهاء حملها، إلا أنه بعد علمه بعدم استطاعتها لحمل طفله مرة أخرى، وبرؤيته لـ “جاكوب” الصغير؛ لم يستطع إلا أن يمد يد العون بالمال لـ “راشيل” لإعالة الطفل واحتفظ بصورته في درج مكتبه المغلق.

الجنون/ الانتقام

بعد سقوط حملها، أصاب الاكتئاب “سيرينا”؛ فأصبحت شاردة، تلجأ للشراب لنسيان ما ألم بها، تمسك ببطنها الفارغة التي باتت تعلم أنها لن تحمل أي أطفال مرة أخرى. على الرغم من محاولات “جورج” البائسة للترويح عنها، إلا أن رؤيتها لـ “راشيل” وطفلها “جاكوب” كانت تؤذيها.

اكتشفت “سيرينا” في درج زوجها صورة طفله مع ظرف مليء بالأموال، كان يهم بإعطائه لأم الطفل، مما دفعها إلى حافة الجنون وجعلها تنتوي التخلص من الطفل بدافع تحرير زوجها من حب آخر بات ينافسها على قلبه.

الحادث الذي تعرضت له “سيرينا” لم يكن سببًا كافيًا للتغير الجذري الذي أصاب شخصيتها لتتحول من فتاة قوية تستطيع مباراة الرجال والتفوق عليهم دون عناء يذكر إلى فتاة هشة تجعلها رؤية إحدى الصور تنتفض من الغضب وتأخذ في الصراخ المسموع.

ربما اعتمد صانعو الفيلم على إشارتهم في أوله إلى شخصية “سيرينا” بـ “أنها مجروحة” وتركوا للمشاهد عناء ربط حادثة فقدها لإخوتها الصغار، التي حتمًا أصابت روحها بجروح يصعب على الزمان شفاؤها، بحادثة فقدها لطفلها وخوفها على حب زوجها الذي نبهته أثناء حديثهما عن الحادث: “بعد ذلك اليوم، أقسمت أني لن أحب أحدًا ثانية، لا يمكنني أن أخسرك“.

التمثيل كان أفضل ما في الفيلم بلا أدنى شك، بل إني أجد أداء “جنيفر لورانس” من أفضل ما قدمت على الإطلاق. فعلى الرغم من تراخي نسج خيوط الشخصية، إلا أنها أدت دور “سيرينا” مثلما يقول الكتاب/ النص؛ فبدت في النصف الأول جميلة قوية مفعمة بحب الحياة، وبدت في النصف الثاني باهتة، شاردة، مليئة بالمرارة.

ارتجاف شفاهها من البكاء الصامت، انتفاض جسدها من الغضب، تشبثها بزوجها في محاولة إثنائه عن الذهاب من أجل إنقاذ طفله … لا أستطيع أن أعدد المشاهد التي أبهرتني فيها حقًا، لكنها تبقى كثيرة.

على الجانب الآخر، لم يقدم “برادلي كوبر” شيئًا قد يعجز عن فعله أي ممثل آخر بنصف موهبته، وربما يعود ذلك للكتابة السيئة للشخصية من البداية؛ فاكتفى بمحاولة إظهار موهبته عبر نظراته المحبة لزوجته في أول الفيلم ثم نظراته المرتعبة منها في آخره، وكان مشهد محاولته الحقيقية لخنقها هو الفرصة الوحيدة الجيدة التي أتيحت له طوال الفيلم.

في النهاية، يبقى خروج الفيلم بهذا الشكل محاطًا بالعديد من علامات الاستفهام، ويظل الإخفاق الجماهيري الذي لاقاه أيضًا في دور العرض غير مبرر؛ فمن المفترض أن مجرد تواجد نجمين جماهيريين تجمعهما كيمياء قوية كالتي بين “جنيفر لورانس” و”بردلي كوبر” سبب كافٍ لجذب الملايين لمشاهدته، لكن هذا ما لم يحدث، ليصبح “سيرينا” فيلمًا يبرهن على عدم وجود أي ضمانات للنجاح في عالم “هوليوود”.

التقرير الإلكترونية في

26.03.2015

 
 

مقاومة "طائرة ورقيّة"

مروة صبري

لا خبر مبهجٌ يصل من غزة. لا نرى أطفالها إلا متوعدِّين أو مجروحين أو مقتولين. فعامة الناس لا تتابع أخبارهم إلا وهم تحت القصف. الفيلم الوثائقيّ "طائرة ورقيّة" Flying Paper من إخراج نايتين شاوني وروجر هيل، يرصد أطفال غزة في مشهد مغاير تمامًا. فقد قرر أهل غزة بمساندة UNRWA  ( وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) أن يكسروا مقياس جينيس لأكبر مجموعة طائرات ورقيّة تطير في وقت واحد، في سماء واحدة

الفيلم، ومدته ساعة وإحدى عشرة دقيقة، يُركِّز على أربع شخصيات محورية وهم موسى الغول، طالب بالصف الثامن، وأخته الصغرى وداد وجدهما موسى أيضًا الذي تسمى حفيده على اسمه، وعبير أحمد من معسكر جباليا والتي تحلم بمستقبل في الصحافة فكان دورها في هذا الفيلم الوثائقيّ فرصة ثمينة لدخول المجالّ. كثير من المشاهد من رواية عبير، وقد قامت بلقاءات مع بعض شخوص الفيلم لتوصل صوتهم للعالم. أما موسى الجد والحفيد ومعهما وداد فقد كان شغلهم الشاغل صنع أفضل طائرات ورقيّة لتشارك في المهرجان. من خلال الفيلم نستشعر أنّهم يتنفسون هذا الهدف. ومن خلال لقاءاتهم نعرف أنّ الطائرة الورقيّة بالنسبة لهم ليست لهوًا.

رُشِّح الفيلم لعدة جوائز عالمية وشاركت في تمويله عدة مؤسسات إضافة إلى تبرعات. يتخلّل الفيلم رسوم "جرافيك" تبدو ورقيّة كأنّها من نفس الخامات التي تُستخدم في صنع الطائرات. حركة الرسوم بسيطة وبطيئة ربما لتناسب بساطة الفكرة وبطء خطوات تقدم المقاومة الفلسطينية. الرسوم تُستغّل كفواصل بين زوايا الفيلم المختلفة، وهي بدورها تحكي حكاية حصار أهل غزة من منظور طائرة ورقيّة تتلقفها الريح وتقف أمامها العراقيل وتتعثّر بأسوار الحدود الحديدية.
يلقي المخرجان بالمشاهد في قلب الحدث حيث إنّ المشهد الأول يُصوِّر طفلتين في محاولة إطلاق طائرة ورقية وسط مكان تحفّه الأشجار . كانت الفتاة التي تمسك بالطائرة تنظر خلفها فجاء صوت رجل يرشدها أن تجري فجرت فارتفعت طائرتها، ثمّ توقفت لتتابعها فتعثرت في شجرة ونزل عنوان الفيلم الوثائقيّ. هذا الموقف للطفلة الصغيرة يرمز بحرفية لقضية المقاومة بصفة عامة. فالمقاومة تصنع باليد بطاقة إيجابية ترمز لها ألوان الطائرة المبهجة، وإن أريد لها أن تعلو فلابد وأن يسرع بها للأمام دون نظر للخلف.

عائلة موسى الغول التي ركّز عليها الفيلم هي عائلة مكافحة وتعيش من عمل يدها بمعنى الكلمة. أسرة تتعامل بسجيّة. يعمل الجد في صناعة الطائرات الورقية ولهم أرض يزرعونها ويأكلون مما تُخرج. العلاقة الوثيقة بين موسى وأخته من ناحية وبين موسى وجده من ناحية أخرى تجعل المشاهد يتقبلهم بارتياح. أمّا عبير، ذات الست عشرة سنة ، فاختيارها من معسكر أعطى لمحة عامة لحياة الفلسطينيين داخل المخيمات على لسانها، ورسم لهم ملامح وطموحًا مما أضاف لمحتوى الفيلم. هذا لا ينفي أن أمام عبير مشوارا طويلا لكي تتمكّن من أدواتها كصحفية ولكي تصل للمهنية لكنّها تحمل الإصرار الذي سيوصلها لهدفها.

أصوات من خلف الجدران

نايتين شاوني هو أحد مؤسِّسي برنامج أصوات من خلف الجدران Voices Beyond Walls لتدريب شباب غزة على الإعلام. وكان قد التقى بروجر هيل في 2009 وهما في الطريق إلى القاهرة حيث أرادا أن يشتركا في مسيرة الحرية لغزة، لكن هيل لم يحصل على تصريح بدخول غزة وقتها، فعاد في العام المقبل في 2010 وعمل كمدرب في برنامج شاوني، وهنا قابل عبير أحمد التي كانت قد تخرجت من البرنامج، كما قابلا حمادة (11 عاما) والذي قام بتصوير مشاهد في الفيلم، وحين يدع الكاميرا عنه تلتقط له العدسة مشاهد تعكس روحه المرحة المشاغبة.

"طائرة ورقيّة" هو أول عمل يجمع بين شاوني وهيل وهو أول فيلم تسجيلي طويل لشاوني على الرغم من كثرة أعماله الإخراجية. وقد نتساءل لماذا يُركزّان على غزة؟ لماذا يتركان بلادهما ويغامران بحياتهما من أجل قضية ليسا طرفًا فيها؟ وعلى هذا أجاب روجر هيل: "غزة شديدة الأهمية لنا لعدة أسباب؛ فعدد من طاقم "طائرة ورقيّة" هم من أهل غزة، يعيشون تحت الاحتلال، تحت أقسى ظروف معيشية يمكن تخيلها. كذلك فإنّ جزءًا من مهمتنا أن نصور من يعيشون تحت الحصار باحترام وكرامة لدحض الصور النمطية للفلسطينيين في الإعلام الرئيسي الغربي. أردنا أيضًا أن نري عالمية الطفولة التي تكسر اللغة السياسية المستخدمة في الصراع العربي الإسرائيلي والتي تعمد إلى تبرير السجن والقتل الجماعي وخنق شريان الحياة الاقتصادي من خلال حصار وحشي."

عمد هيل وشاوني إلى تعليم التصوير لبعض من أهل غزة ودربوهم على ذلك من خلال تصوير الفيلم، فهذه من أدوات المقاومة السلمية التي أرادا نقلها لأهل غزة. هذا التدريب يؤتي ثماره الآن، فالفيلم الثاني يتم تصويره من خلال هؤلاء. مع التغيرات السياسية في مصر وغلق المعابر وتشديد الحصار، لا أحد يعرف إن كان سيُسمح للمخرجين بالدخول مرة أخرى. ولا أستطيع أن أتخيل أنّ أمر التدريب كان هيّنًا أو أنّه لم يستوعب قدرًا من الوقت والجهد وبالتالي المال، لكنّه يعكس تحمس الطاقم لحقوق أطفال غزة في المقاومة المبتكرة وبالتالي تدريبهم على أداة هامة لها وهي الإعلام.

استعدادًا للمهرجان

كان الأطفال يجتمعون بطاقة عمل تشبه خلية النحل وكان الكبار في الخلفية يقدمون المساعدات متى أمكنهم. يتم تجربة كل طائرة قبل المهرجان وإن لم تنجح التجربة نجد موسى يحلل الأسباب ويحاول تجنب العيوب ويصنع طائرة أخرى، وهو ما يشار له في الفيلم بالـ"طبق". فالأطفال يلتفون ليساعدوا في صنع كل طبق جديد وأحيانًا يطلقون عليه اسمًا، فموسى أطلق اسم "هلال" على طبقه. ظهر عدد من الأطباق وعليه علم فلسطين وظهر الكثير كلوحات للأطفال تحمل وردًا أو شمسًا أو مجرد تجميع لأوراق ملونة. تتكرر الألوان في الفيلم كما تتكرر مشاهد الدمار. كأنّ المخرجيْن يريدان توصيل فكرة أنّ هناك أملا في ألوان برّاقة بالرغم من لون الدمار الباهت. المهرجان والاستعداد له هو حبل التواصل لكن الهدف الأهم هو تبيان الأثر الإنساني للعدوان الصهيوني على الحياة اليومية لأهل غزة.

سُئل موسى عن شعوره برؤية طبقه يطير فقال إنّه يشعر بالسعادة وسط الأصدقاء وأنّه شعور رائع أن تتعب في شيء ثمّ تجد النتيجة. أمّا وداد فبفرحة قالت أنّها تحس أنّهم هم الذين يطيرون في السماء. وتحس أنّه لا يوجد حصار على غزة وأنّهم ينعمون بالحريّة.

وعلى ذكر الحصار تحول المشهد إلى أسرة تجلس على الأرض حول مائدة طعام تحمل صحنًا به ما يشبه الفول أو العدس والأيدي تمتد إليه بالخبز. شارف الصحن على الانتهاء لكنّ الخبز ما زال يمتد إليه بهمّة لا توحي باقتراب الشبع.

تنطلق الكاميرا متابعة عبير في شوارع غزة وهي تتذكر العدوان الصهيوني والرعب الذي بثّه وهنا يرى المشاهد آثار الدمار الذي يظهر في لقطات متفرقة على مدى الفيلم.

اشتبكت طائرة ورقيّة بأعلى مبنى فما كان من الأطفال إلا أن تسلق أحدهم المبنى نفسه بينما استخدم الآخر ماسورة مياه ليخلصّا الحبل. ومن المهم هنا أن نحاول رؤية هذا المشهد بعيون أمريكيّة حيث إنّ المخرجيْن أمريكيان. ومن عاش بالولايات المتحدة يعرف أهميّة تأمين الأطفال. وأنّ هذه المخاطرة من أجل تخليص شباك طائرة ورقيّة، قد يرى استهتارًا بالأرواح أو أنّها صورة تعبيرية تعكس إصرارًا أغلى من الحياة.

يوم المهرجان 29 يوليو 2010

نقلت العدسة حديثًا بالإنجليزية بين رجل وامرأة. لم يذكر اسماهما أو منصباهما. هل هما ممثلان للـUNRWA  أم من هيئة جينيس أو من غيرهما؟ معلومات ناقصة تهم المشاهد لتكوين صورة صحيحة عن أجواء المهرجان، لكن السلطة التي يتحدث بها الرجل عن اختيار موقع المهرجان تجعلنا نقترح أنّهما من المسئولين عن تنظيمه، مما يشي بتبعيتهما للـ UNRWA. المكان الذي تم اختياره للمهرجان ليس ببعيد عن حدود الأرض المحتلة وبالتالي عن رصاصات الاحتلال كما أنّه ليس ببعيد عن منازل قادة في حماس مما يجعله موقع ترقب، مع ذلك تم اختياره لسعته ولوجوده على البحر حيث الهواء المطلوب لانطلاق الطائرات واستقبال ما يناهز 7500 طفلا. البعض ذهب مبكرًا إلى البحر في يوم المهرجان، أمّا موسى فقد اكتشف عيبًا بطبقه فأعاد صنعه. حضرت عبير بضحكة لا تحمل هم فشل أو نجاح ولما سألتها عبير إن كانت تشعر أنّ طبقها هو الأفضل، أجابت أنّه ليس الأفضل لكنّ ألوانه حلوة. أمّا موسى الشاب فأكّد في أكثر من مشهد أنّ من فوائد هذا العمل الجماعي هو بناء الثقة بالنفس. وبمراقبة لغة موسى الجسدية وبسماع كلماته يستشعر أنّه متعطش لإثبات نفسه وإيجاد مكان لها وقلق من أي تقصير يحول دون ذلك.

الحياة بعد المهرجان

اجتمع موسى ووداد وبعض الأطفال يتحدثون عن تحديات الدراسة والامتحانات مع كل ما يحدث وشارك البعض نتائجه النهائية وكلهم حصل على 95% فما فوق. قال موسى إنّ هذا العام يختلف عن السابق. فقد كان من قبل يلعب ويشاهد التلفاز أمّا الآن فهناك مسؤوليات، فالامتحانات كثيرة والمنهج كبير وعليه أيضًا أن يساعد في زراعة أرض العائلة. قالت وداد إنّهم لا يقضون أوقاتهم إلا فيما هو مفيد. فهم يستيقظون وينظفون الدار ويصلون ويقرءون كتبًا عن قصص الأنبياء قبل الخروج من البيت.

تذكر موسى أحداث شهر إبريل حين وقعت بالقرب منه قذيفة واختبأ تحت الشجر ومرّ الحدث بحسب تعبيره. ومن خلال جولة الكاميرا ببيت العائلة، نجدهم يزينونه ببعض الذخائر التي ألقتها قوات الاحتلال، وعقّب جده بالحديث عن التهديد المستمر المرعب لحياتهم وبيوتهم. يتمنى موسى أن يسافر ويتعلم عن ثقافات العالم ويسجلها بكتب. فغزة كما يستشعرها مثل السجن وهو يريد أن يخرج ليشاهد العالم

متى يتحقق له ذلك؟ لن نجد الإجابة في طائرة ورقيّة.

الجزيرة الوثائقية في

26.03.2015

 
 

الفيلم الإيراني «رجم ثريا» ملحمة سينمائية تعكس الواقع المؤلم للاستبداد المبرّر بالدين

قرية تحتفل بسفك حياة بريئة بالموسيقى وقرع طبول النصر

القاهرة – من مروة جمال:

سبعة أعوام تفصلنا عن عرض الفيلم السينمائي الإيراني «رجم ثريا» في دور السينما العالمية، غير أن هذا الفيلم، والذي حاز شهرة واسعة وقت عرضه عام 2008، ما لبث أن توارت شهرته شيئا فشيئا، ثم دبت فيه الحياة من جديد في احتفالات المرأة بعيدها خلال شهر مارس / آذار الجاري، بسبب ممارسات تنظيم «الدولة الإسلامية».

الفيلم جسد معاناة فتاة تسمى «ثريا» لقيت حتفها عام 1986 رجما، وهي القصة التي سجلها الصحافى الفرنسى الإيرانى الأصل فردجون ساهيب جام، وتحكي معاناة ثريا منوتشهري السيدة الإيرانية المحكوم عليها بالرجم.

وحاز الفيلم شهرة واسعة لدى انتاجه عام 2008، ثم اكسبته ممارسات تنظيم «الدولة الإسلامية»، هذه الأيام زخما جديدا، فاختاره الاتحاد النسائي المصري، تحت التأسيس، ليكون الفيلم المصاحب لاحتفالاته بيوم المرأة خلال شهر آذار/مارس، وأقام له عرضا خاصا أعقبه ندوة بالمركز الثقافي المجري وسط القاهرة، مساء الأربعاء الماضي.

وقالت الناقدة السينمائية ماجدة موريس في تفسيرها لهذا الاهتمام الذي يحوزه الفيلم رغم مرور سبع سنوات على انتاجه: «يظل عدد ضحايا الرجم حتى الموت بفتاوى دينية مرشحا للزيادة طالما ظل الأمر مسكوتا عنه، لذلك كان من المهم أن يتم تسليط الضوء على هذه القضية في شهر مارس الذي يحتفل فيه العالم بيوم المرأة العالمي من خلال عرض الفيلم الواقعي (رجم ثريا)».

وخلال عام 2014 أقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» على رجم فتاتين، وهما الحالتين المعلنتين، ومتوقع أن يكون العدد أكثر من ذلك بكثير، بحسب موريس.

ورجم التنظيم في 18 يوليو/تموز عام 2014 فتاة في مدينة الرّقة السورية بتهمة ارتكاب الزنا، استنادا لفتوى دينية، وفي يوم 21 أكتوبر/تشرين أول من العام نفسه قام التنظيم برجم فتاة للتهمة نفسها في ريف حماة.

وآثارت فتاة حماة السورية التعاطف، حيث ظهر في مقطع الفيديو الذي بثته مواقع موالية للتنظيم والد السيدة وهو يقودها لتنفيذ الحكم، وهو المشهد ذاته الذي يظهره فيلم «رجم ثريا»، حيث شارك والدها في رجمها بالحجارة.

وتوضح موريس أن الفيلم عبارة عن ملحمة إنسانية تعكس الواقع المؤلم الذي تعانيه النساء تحت سطوة الحكم الفاشي المستتر خلف الدين، كما حدث في إيران سابقا ويحدث في العراق و سوريا حاليا .

وفيما يتعلق بالمستوى الفني للفيلم لفتت الناقدة إلى أن الأداء التمثيلي للبطلتين «ثريا وزهرة « كانا موفقا للغاية، بداية من هدوء ملامح ثريا الذي يناسب كثيرا استسلامها لقدرها ونهاية بقوة ملامح خالتها التي تعكس قوتها، ما مكنها من كشف الحقيقة للعالم كله .

كذلك كان التصوير السينمائي للفيلم كاشفا لتفاصيل الحياة الاجتماعية بشكل مرئي جعل المشاهد يشعر وكأنه يعيش في ذات القرية بفقرها وجهلها وتحيز قاطنوها للرجل ضد المرأة، بحسب موريس.

وفيما يتعلق بالإخراج، لفتت موريس إلى أن ابداعه يتجلى في مشهد الرجم الذي استغرق وقتا طويلا من عمر الفيلم و مع ذلك لم ينفر منه المشاهد، لأن المخرج نجح في تحويله من مشهد تقتل فيه ضحية فردية زورا وبهتانا لمشهد يعكس قضية جماعية تعانيها الكثير من السيدات، ومن هنا اكتسب الفيلم عالميته.

وتضيف: «وبالرغم من دموية المشهد، إلا أنه لم يقدم جرعة عنف زائدة، ونجح المخرج في تشتيت ذهن المشاهد عن المشهد الدموي بتركيزه على عدة عناصر أخرى منها صمود ثريا، تألم المحافظ ، تعاطف إحدى جاراتها وشماتة الأخرى وعجز أحد أبنائها عن المشاركة في الرجم».

وتدور أحداث الفيلم في قرية كوباي في إيران حيث كانت تعاني ثريا من عربدة زوجها «علي» خلف النساء لكنها رفضت أن تقبل بالطلاق منه دون أن يلتزم بدفع مؤخر الصداق والانفاق على أبنائه .

بدأ علي بتحريض أطفالها الذكور ضدها وغرس فيهم أن هذا الكون مسخر لخدمة الرجال وأن النساء ليسوا إلا إحدى الأدوات المتاحة لإرضاء الرجل، خرجت ثريا من منزله تجر طفلتيها إلى منزل خالتها زهرة.

وهناك تلقت عرضا من «المُلا حسن « شيخ القرية بأن تذهب لتعمل خادمة في منزل « هاشم» زوج صديقتها المتوفاة، ومن هنا فكر زوجها في الخلاص منها ليتخلص بالتبعية من النفقة والمؤخر فبدأ يشيع حولها شائعات الزنا مع زوج صديقتها.

لم تستمع ثريا لمخاوف خالتها من شائعات الزوج؛ خوفا من أن تلقى طفلتيها مصيرها من الخدمة في البيوت منذ الصغر ثم الزواج من رجل يتاجر بسمعتها .

نجح الزوج في إحكام مؤامرته وعاونه فيها « الملا حسن» بعد تلقيه تهديدات من الزوج بفضح أمره لأهل القرية، حيث أنه كان سجينا جنائيا لفترة طويلة.

آخر خيوط المؤامرة تمثلت في « هاشم» زوج صديقتها الذي ضعف أمام تهديدات «علي» له بأن يلقى مصير الرجم نفسه إذا لم يعترف بأنها تدعوه للفاحشة، وبأن يلقي بابنه في مصحة نفسية أو في السجن بعد مقتله، فشهد زورا وبهتانا ضد ثريا «لا تتصرف كالمنافق و أنت تجهر بالقرآن أمام الناس» هكذا دافعت زهرة خالة ثريا عنها وهي تسمع ما يصبه فوق رأسها الملا حسن من اتهامات لا تقوَى على إثبات عكسها ، و ما هي إلا دقائق قليلة حتى كان الحكم بالرجم جاهزا وبالإجماع.

عبثا حاولت زهرة أن تهرب بثريا من القرية؛ فعند كل قارعة طريق يقف الرجال المشحونين بنار الشرف لترقبهم .

تفرغت ثريا لتوديع ابنتيها فأهدت الأولى قلادة فضية وأوصتها بألا تخلعها عن رقبتها يوما، وأهدت الثانية خاتم زواجها الذي ورثته عن أمها وأوصتها بأن تورثه لابنتها حينما تكبر وتتزوج.

أما وصيتها لخالتها فكانت بأن تخبر ابنتيها بحقيقة أمهما فلا يشعران بالخزي من ذكراها، فوعدت الخالة المكلومة بأن يعرف العالم كله من خلالها حقيقة رجم ثريا.

وفي الوقت الذي كانت فيه ثريا تودع طفلتيها، انهمك أطفال القرية الملعونة في جمع حجارة الرجم، بينما أحضر الزوج المدّعي لفة من الحبال كي توثق بها ثريا أثناء رجمها خوفا من هربها .

وكان الملا حسن يستلقي في استرخاء تحت يدي الحلاق كي يهذب له شاربه ولحيته.

وبينما كانت الخالة تهتم بثريا وكأنها عروس فتصفف شعرها وتلبسها أجمل رداء أبيض لديها قبل أن تغلفها بعباية سوداء وكأنها تعلن الحداد عليها، كانت تلك الأخيرة تتمتم: «لست خائفة من الموت وإنما من الموت بالحجارة… من ألم الرجم ظلما «.

وبتعالي صيحات الرجال «الله أكبر» علمت ثريا بأن موعد تنفيذ الحكم الجائر قد حان، وقبل أن تنهار الدمعة المتحجرة في عينها شدّت خالتها من أزرها بكلمة حاسمة « قفي» فوقفت ثريا وسارت على قدميها بخطى ثابتة لمصيرها المحتوم .

وفي طريقها لتنفيذ الحكم لمحت ثريا القبر الذي يحفره لها رجال القرية، فوطأته بعينيها قبل قدميها ولم تفق سوى على صوت محافظ القرية وهو يأمر خالتها بأن تنزع عنها العباءة.

ابتسمت لخالتها زهرة وكأنها تشجعها على أن تفعل، وبنبرة صوت هادئة قالت : «عاهدت نفسي على ألا ابكي .. فلا تبكين أنت الأخرى»، فردت الخالة بابتسامة ونبرة صوت مماثلة «الله والجنة في انتظارك… اذكري الله بملء قلبك». 

وقبل أن يرتطم بها حجر الموت الأول طارت عن رأسها الطرحة البيضاء التي زينتها بها خالتها إيذانا بأن روحها ستطير عن جسدها أيضا.

ومع غروب الشمس تحول جسد ثريا لكتلة مصبوغة بالأحمر تتناثر فوقها حبّات الحجارة التي قتلتها الحجارة ذاتها اكتست بدم ثريا، وحدها خصلات شعر رأسها ظلت تتطاير وكأنها تأبى أن تغادر الحياة.

وبينما كانت زهرة تجمع ما أبقته الكلاب من جثة ثريا بعدما رفض راجموها دفنها، كان أهل القرية يحتفلون بفعلتهم على أنغام الموسيقى وقرع طبول النصر .

ولكن الخالة زهرة لم تنس أبدا وعدها لثريا بأن العالم كله سيعرف حقيقة ما حدث لها يوما، فوضعها القدر في طريق صحفي فرنسي تعطلت سيارته فلجأ إلى أقرب ميكانيكي «هاشم» شاهد الإثبات.

فتتبعته خلسة عن عيون أهل القرية وسجلّت معه تفاصيل القصة وعاونته على الهرب من قبضة الملا حسن الذي عرف بسره، لتتحول مأساة ثريا إلى أيقونة يستدعيها المدافعون عن حقوق المرأة و الإنسان كلما كرر المجرمون جريمتهم بتفاصيلها البشعة نفسها على مر العصور و الأزمان.

بشرى خالد: فيلمي يناقش قضية زواج القاصرات من مغتصبيهن

«غرام وانتقام» يعرض قصة هزّت المجتمع المغربي

فاطمة بوغنبور - الرباط ـ «القدس العربي»:

حالة من الانتعاش الفني تعيشها الفنانة المغربية المطربة والممثلة بشرى خالد حيت ستعرض القاعات السينمائية المغربية ابتداء من 10 أبريل/نيسان المقبل فيلم «غرام وانتقام» وهو ثاني بطولة سينمائية لها وآخر أفلام المخرج المغربي عبد الكريم الدرقاوي. كتب سيناريو الفيلم توفيق بن جلون ويلعب أدواره الرئيسية الى جانب بشرى خالد كل من طارق البخاري نرجس الحلاق نور الدين بكر والفنان المسرحي عبد الحق الزروالي، يعالج الفيلم قضية العنف ضد المرأة والاغتصاب وإشكالية زواج القاصرات.

وتتوقع بشرى خالد في تصريح لها لـ«القدس العربي» أن يساهم الفيلم في إثراء النقاش المجتمعي المطروح حول قضية المرأة في المغرب خصوصا ظاهرة زواج القاصرات التي طفت على السطح بشدة بعد قضية القاصر أمينة الفيلالي التي انتحرت بسبب تعنيف زوجها الذي تزوجته قسرا تفاديا للفضيحة وكي ينجو من السجن بسبب اغتصابه لها وهي القضية التي أسالت مدادا حقوقيا واعلاميا في المغرب ودفعت بالمشرع المغربي الى البحث في تعديل البند القانوني القاضي بزواج المغتصب من ضحيته والذي يستغله المغتصبون للنجاة من عقوبة السجن. وفي هذا الصدد تقول بشرى خالد: قصة أمينة الفيلالي التي هزت المغرب استحضرتها حين قرأت أول مرة سيناريو الفيلم، وكي لا تتكرر مثل تلك المآسي الاجتماعية نحتاج لهذه النوعية من الأفلام التي تحمل رسائل نبيلة من شأنها خلخلة المعتقدات التي تنقص من قيمة المرأة مع تقديم حلول وخلق جدل والتأثير على المشرع لسن قوانين في صالح قضية المساواة ونبذ العنف.

وتلعب بشرى خالد دور فنانة مطربة تمتلك مطعما وتتهم ظلما في جريمة قتل أربعة رجال. ولأنها ثاني تجربة سينمائية لها بعد فيلم «الوشاح الأحمر» للمخرج الجيلالي فرحاتي تقول بشرى بأن الفيلم يضم مشهدا أثر فيها جدا وأدته بطريقة كشفت مواهبها في التمثيل لدرجة تأثر كل طاقم الفيلم أثناء التصوير وهو مشهد المحاكمة حين تقف منى البطلة أمام القاضي وتحكم ظلما بالإعدام قبل أن تثبت براءتها في الدقائق الأخيرة من الفيلم.

وتؤدي بشرى خالد في الفيلم ثلاث أغان منها أغنية «دان دان» من كلمات وألحان خالد الطالياني وأغاني أخرى من التراث الغرناطي والمالوف. وكلمات الأغاني الثلاث تلتقي وقصة الفيلم الذي اتخذ من القضية النسائية محورا له.

وموازاة مع الفيلم تستعد بشرى أيضا لإصدار أغنية مغربية سينغل خلال الأيام المقبلة بعنوان «ناري واعر» وهي من كلمات زكرياء حداني، وألحان مهدي المحجور، وتوزيع محمد محجور.

وبشرى خالد أصدرت السنة الماضية أغنية «جاو الخطاب» التي تناقش أيضا إشكالية زواج القاصرات وحظيت الأغنية بنجاح وأقبال كبير في الإذاعات المغربية نظرا لتزامنها وموضوع الساحة الحقوقية المغربية أثر قضية انتحار القاصر أمينة الفيلالي.

القدس العربي اللندنية في

26.03.2015

 
 

قضايا المرأة... تجذب الفنانات إلى تقديم البرامج

في ظل اتجاه فنانين وفنانات لخوض تجربة تقديم برامج، تتراوح بين المنوعات، واكتشاف مواهب فنية... فضّلت فنانات خوض هذه التجربة من خلال تقديم برامج خاصة بالمرأة.

أحدث المنضمات إلى قائمة أولئك الفنانات نهال عنبر التي قالت في تصريحات خاصة لـ{الجريدة» إنها تنتظر عرض برنامجها الأول «عنبر الستات» على قناة «العاصمة»، قريباً، مشيرة إلى أن البرنامج يهتم بكل ما يخص المرأة ومظهرها الخارجي بدءاً من شعرها، وحتى أظافر قدميها، ويستعرض جراحات التجميل الجيدة وتلك المضرة بصحتها.

تضيف أن اعتماد البرنامج على شأن المرأة من النواحي كافة، كان سبباً رئيساً في دفعها لخوض هذه التجربة، خصوصاً  أنها تفضل مشاهدة هذه البرامج، وترى أن كماً قليلا يؤدي الرسالة المطلوبة منه، ويحقق الهدف من ورائه.

 تتابع: «لا نهتم بالمظهر الجمالي للمرأة فحسب، ولكن للقضايا الإنسانية والاجتماعية، فنعرض في كل حلقة مشكلة تواجه المرأة، ونقدم حلاً مناسباً لها من خلال خبراء علم الاجتماع أو وفق ما يتطلب الموضوع}.

بدورها تستمر سيرين عبد النور في تقديم برنامجها «بلا حدود» الذي يتناول قضايا تخص المرأة، وحقوقها ضد أي اعتداء عليها، والعنف الذي تتعرض له، وتعتبر البرنامج محاولة لإيصال صوت أولئك النساء إلى العالم العربي، لعل هذه الاعتداءات والانتهاكات تتوقف، ويصلهن حقهن.

تجربة ناجحة

منى عبد الغني التي تقدم برنامج «الستات ميعرفوش يكدبوا» منذ فترة طويلة، تؤكد أن هذه  التجربة ليست الأولى لها في تقديم البرامج، بل الخامسة بعد «منى وأخواتها»، «حور الدنيا»، «فور بنات»، «لأجلك فلسطين»، ولكنها تعتبر «الستات ما يعرفوش يكدبوا» التجربة الأنجح، لا سيما أنها تعرض على قناة تتمتع بجماهيرية.

أضافت: «رغم كون البرنامج يحمل اسم «الستات ما يعرفوش يكدبوا»، إلا أنه ليس برنامجاً عن المرأة بل للأسرة، ويحاول أن يرى المرأة في عيون الرجل، وإن كان اسماً مستفزاً، ومختلفاً عن الأسماء المطروحة لبرامج المرأة»، لافتة إلى أن سر نجاح البرنامج التفاهم بينها وبين فريق العمل ومع المقدمتين مفيدة شيحة، وأميرة عبد العظيم عندما كانت مشاركة معهما.

يعرض «الستات ميعرفوش يكدبوا» حالات إنسانية، ويقدم مشكلات تتعرض لها المرأة في حياتها، وتحاول منى عبد الغني مع الإعلامية مفيدة شيحة وضيوف البرنامج وضع حلول مناسبة لها، كذلك تخصص فقرة للمطبخ تقدم فيها أشهر الأكلات المصرية والعربية.

بدورها خاضت مها أحمد تجربة تقديم البرامج من خلال «ربع دستة ستات» الذي عرض على شاشة قناة «المحور»، عازية موافقتها على هذه الخطوة إلى اختلاف مضمون البرنامج عن برامج المرأة، خصوصاً  أن اسمه يشير إلى شخصية افتراضية تظهر بصوتها فحسب، وهي الجارة «أم كريم» التي تطرح على مها موضوعاً في كل حلقة، فضلا عن الشيف ريري التي تتولى مسؤولية مطبخ البرنامج، وتعد الطعام لضيوفه.

تعتبر التجربة موفقة بنسبة كبيرة، خصوصاً أن البرنامج عرض في وقت ملّ فيه الجمهور من البرامج السياسية، مشيرة إلى أن البرنامج لم يقتصر على المرأة وحدها، بل يطرح سؤالاً على المشاهد مرتبطاً بحديث الضيف خلال الحلقة، موضحة أن تعاقد الفنانات مع الفضائيات ليس ظاهرة سلبية، ولا مانع طالما أنهن يقدمن مضموناً مفيداً للمشاهد.

ومن منطلق خبرة سمية الخشاب بعالم الأزياء والموضة قدمت برنامجاً عن المرأة بعنوان «سمية الستات»، وأوضحت أن ما دفعها لتقديمه فكرته المختلفة التي لم تستطع رفضها، إلى جانب أنها تعشق الموضة، وشجعها في ذلك طارق نور، مالك قناة «القاهرة والناس» التي أنتجت البرنامج وعرضته على شاشتها، فضلا عن عدم انشغالها بتصوير أعمال فنية، ما ساعدها في تنفيذه، خصوصاً  أن بعض الحلقات  يتطلب منها السفر إلى إيطاليا.

قضايا اجتماعية

هالة صدقي التي قدمت برنامج «نواعم وبس» على شاشة «أم بي سي» مع المذيعات: هبة شعير، إلهام وجدي، ورغداء السعيد، توضح أنها تلقت عرض المشاركة في البرنامج في وقت توقفها عن تقديم أعمال فنية في السينما والتلفزيون، ووجدت فيه وسيلة للإطلالة  على جمهورها من خلال مناقشة موضوعات اجتماعية متنوعة.

تعرب عن سعادتها بهذه التجربة رغم أنها لم تطل الحضور  فيها، وانسحبت بعد فترة لأسباب لا تودّ ذكرها، متمنية تكرار تجربة تقديم البرامج مع أفكار جيدة تشجعها على قبولها.

بدورها شاركت صابرين في تقديم «البيت الكبير» على شاشة قناة «الحياة2»، بعد انسحاب بشرى من تقديمه، وهو برنامج اجتماعي يتناول قضايا لا تخص المرأة وحدها إنما أفراد الأسرة.

تعزو صابرين خوضها هذه التجربة إلى كون البرنامج  يتناول قضايا اجتماعية وواقعية، مشيرة إلى أنها، بطبيعتها، شخصية اجتماعية تحب الاستماع إلى مشاكل الناس، وتشارك في حلها، ما ساعدها وأزال رهبة الشعور بخوض تجربة التقديم المختلفة عن الوقوف أمام كاميرا تصوير الأعمال الفنية.

الجريدة الكويتية في

26.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)