كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

نجلاء فتحى زهرة بستان نجمات السينما.. سلامتك

كتب ــ محمد عدوى

 

من بين نجمات كثيرات أضاءت سماء السينما المصرية تبقى نجلاء فتحى لامعة مشرقة حتى فى أصعب أيام حياتها، نجلاء ــ التى على موعد مع مرض نثق تماما أنه لن يستطيع أن يكسرها ــ نموذج للنجمة الساحرة التى سوف تظل أعمالها فى ذكرياتنا وتاريخ السينما المصرية وسوف تظل هى نموذجا لفتاة الأحلام وبنت الجيران.. «الشروق» تتذكر النجمة المشرقة نجلاء فتحى وتتمنى لها الشفاء العاجل.

المؤلف بشير الديك والذى يعتبر نفسه من أبناء جيلها يقول عنها: زهرة.. كما أحب أن أناديها ويناديها أبناء جيلى سيدة محترمة بكل المقاييس ومجتهدة جدا ولديها وجه شديدى الخصوصية والبراءة وأنا عملت معها فى بداية حياتى فى فيلم لا وقت للحزن وكانت مثالا للبراءة ولم تقع فى مشكلة الافتعال والأداء السلبى وكامت مثالا للرومانسية والحبيبة، ولم تكن مثالا للابتذال يوما وكانت عذبة إلى أقصى حد ولم أسمع يوما عنها أى شىء خارج وأنا شخصيا كنت أشعر بأنها قريبتى أو أو جارتى ولم أشعر يوما بالخجل من معرفتى لها.. لقد أعطاها الله الجمال والرقة وأتمنى أن ينعم عليها بالصحة والسعادة وأتمنى شفاءها القريب أن شاء الله.

أما مدير التصوير محسن أحمد فيقول: حظى لم يسعدنى أن أعمل معها وكنت مرشحا للعمل فى فيلم الجراج لكنى كنت مرتبطا بأشياء أخرى ونجلاء فتحى عشت على أعمالها هى وميرفت أمين لفترات طويلة، وقد كانت من ضمن جيل عظيم يتميز بأنهم كانوا محترمين للغاية ويحبون الفن إلى أقصى درجة وهى كانت من الوجوه الجميلة التى كنا نحسد مديرى التصوير الذين سبقونا فى التعامل معها، فأنت تشعر بأنها خلقت لكى يتم تصويرها، ومدير التصوير لا يبذل أى مجهود لتصويرها وهى آخر أجيال السينما الجميلة التى كانت تعتمد على جمال الوجه وكانت هناك مواصفات جمالية تسهل من مهمة المصور، على عكس الآن فإنه يتم الاهتمام فيها بأداء الممثل وهو شىء إيجابى لكن ليس ممتعا للمصور فانظر إلى صور هند رستم وميرفت أمين وهدى سلطان فى شبابهن وقارنها مثلا بوجوه الممثلات الأجنبيات سوف تجد أنهن كن افضل.

الناقد الفنى أحمد الجندى كتب عنها دراسة فنية ساردا مشوارها الفنى قائلا: فى أثناء تواجدها فى الإسكندرية مع أسرتها شاهدها الفنان عبدالحليم حافظ وكذلك المنتج والمؤلف عدلى المولد فأعجبا بجمالها الارستقراطى الهادئ وبريق الموهبة الذى يطل من عينيها فرشحها عدلى المولد للمشاركة فى فيلم الأصدقاء الثلاثة وكان من تأليفه وإنتاجه وإخراج أحمد ضياء الدين، واختار لها عبدالحليم حافظ اسم نجلاء فتحى ليكون اسمها الفنى بدلا من فاطمة الزهراء حسين أحمد فتحى، ورغم أن دورها فى الفيلم لم يكن كبيرا إلا أنها أظهرت قبولا وحضورا طاغيا أمام الكاميرا وأيضا موهبة فنية واضحة، وبذلك يكون هذا الفيلم الذى عرض عام 1966 هو أول البداية لنجلاء فتحى فى مشوارها السينمائى.

ولم يمض على هذا الفيلم سوى عامين حتى قدمها المنتج الشهير رمسيس نجيب كبطلة سينمائية لفيلم أفراح مع المخرج أحمد بدرخان، وشاركها بطولة الفيلم حسن يوسف وعادل إمام وحققت مع فيلمها نجاحا كبيرا جعلها تبدو وكأنها تقدم فيلمها الخامس أو العاشر ولم تمر بارتباك البدايات وكان هذا الفيلم الذى قدمته عام 1968 هو نقطة انطلاقتها السينمائية الحقيقية، ففى العام نفسه قامت ببطولة فيلم آخر مع المخرج محمود ذوالفقار هو «روعة الحب» الذى حقق ــ أيضا ــ نجاحا فنيا وجماهيريا وهو ما جعل نقاد السينما وصناعها يتوقعون لها نجومية هائلة.

وفى عام 1969 وبينما كانت السينما المصرية تحاول انتزاع مساحة أكبر من الحرية فى التعبير تمثلت فى مجموعة من الأفلام الجادة من خلال عدد من المخرجين الذين يريدون تقديم سينما مختلفة أمثال توفيق صالح وحسين كمال وكمال الشيخ، قدمت نجلاء ــ وحتى عام 1972 ــ عددا كبيرا من الأفلام ذات التوجهات المختلفة والتنويعات الواضحة.

وفى عام 1972 بدأت نجلاء فتحى مرحلة مهمة فى مشوارها السينمائى ويعود هذا إلى اتجاه السينما المصرية للأفلام الملونة بدلا من أفلام الأبيض والأسود فقدمت خلال هذا العام عددا من أهم الأفلام فى مشوارها منها حب وكبرياء مع المخرج حسن الإمام، وأنف وثلاث عيون 1972 مع المخرج حسين كمال، وفى العام التالى قدمت فيلما يعكس اكتمال نضجها الفنى وقدرتها على التعبير عن أدق مشاعر المرأة وتغيرها ومعاناتها من هذه المشاعر وظروف المجتمع من حولها وذلك فى فيلم «دمى ودموعى وابتسامتى» مع المخرج حسين كمال أيضا، وهنا كونت مع محمود ياسين دويتو أو ثنائيا سينمائيا مدهشا قدم للسينما المصرية عددا كبيرا من الأفلام الرومانسية خلال فترة السبعينيات والسنوات الأولى من الثمانينيات ومنها: «بدور»، و«الوفاء العظيم»، و«أنف وثلاث عيون»، و«حب أحلى من حب» 1975 «لا يا من كنت حبيبى» و«سنة أولى حب».

ولم تكتف نجلاء بأفلامها الرومانسية التى قدمتها مع محمود ياسين بل قدمت عددا من أفلامها الرومانسية الناجحة مع نجوم آخرين مثل نور الشريف وحسين فهمى ومصطفى فهمى وعزت العلايلى ومن أهم هذه الأفلام: «أختى» مع المخرج هنرى بركات، و«العاطفة والجسد» إخراج حسن رمزى، و«تمضى الأحزان» إخراج أحمد ياسين، و«أقوى من الأيام» من إخراج نادر جلال. وقدمت نوعيات سينمائية أخرى مختلفة مثل أفلام الدراما الاجتماعية، وأفلام الكوميديا الخفيفة وأفلام الأكشن والمطاردات بل والتراجيديا والميلودراما من أجل أن تؤكد قدرتها على أداء جميع الأدوار والشخصيات.

ومع بداية حقبة الثمانينيات كان الانفتاح الاقتصادى فى مصر أفرز آثاره السلبية على المجتمع المصرى ودخلت السينما المصرية فى موجة هابطة من الأفلام سميت أفلام المقاولات، لكنها دخلت أيضا فى موجة رائعة قادها مخرجون دارسون واعدون الذين أسسوا لـ«تيار الواقعية الجديدة» فى السينما المصرية وقدموا أفلاما تعكس الواقع المصرى وحالة المجتمع الذى أصبح يعلى من القيم المادية على حساب القيم السلوكية والروحية، فبدأت نجلاء مع هذه المتغيرات فى البحث عن أسلوب يناسب إمكانياتها ويناسب الواقع سواء واقع المجتمع أو واقع السينما المصرية فقدمت العديد من الأفلام التى تطرح معاناة وقضايا المرأة المصرية منها «الشريدة» 1980 مع المخرج أشرف فهمى، و«غدا سأنتقم» 1983، و«مدافن مفروشة للإيجار» 1986 مع المخرج على عبدالخالق، و«لعدم كفاية الأدلة» 1986 مع المخرج أشرف فهمى، و«اعتداء» 1982 مع المخرج سعد عرفة، و«عفوا أيها القانون» 1985 مع المخرجة إيناس الدغيدى، و«الأقوياء» 1982 مع المخرج أشرف فهمى، و«امرأة مطلقة» 1986 مع المخرج أشرف فهمى.

وفى ختام الثمانينيات نجد نجلاء وبوعى الفنانة والنجمة تتخلى تماما عن جمالها وارستقراطيتها وأناقتها من أجل أن تقدم شخصية امرأة شعبية فقيرة مطحونة تعانى من الظلم والقهر الاجتماعى وذلك من خلال رائعة محمد خان «أحلام هند وكاميليا» 1988 وتحصل نجلاء عن دورها فى هذا الفيلم على جائزة أحسن ممثلة من مهرجان طشقند السينمائى الدولى عام 1989.

فى حقبة التسعينيات قدمت نجلاء فيلمها الرائع «سوبر ماركت» 1990 وكان من إنتاجها أيضا وأخرجه محمد خان الذى يعد هذا الفيلم من أهم أفلامه وهو ضمن القائمة الذهبية التى تضم أفضل مائة فيلم مصرى، وقدمت فى العام نفسه فيلما رائعا آخر مع المخرج عادل عوض حمل اسم «تحت الصفر» وهو من الأفلام القليلة التى كتبها عملاق الكتابة الدرامية الكبير أسامة أنور عكاشة، ومع المخرج علاء كريم قدمت عام 1991 فيلم «اشتباه» وهو من الأفلام الجيدة التى كتبها السيناريست محمد عزيز ورصد فيه ــ فى إطار اجتماعى ــ مشوق التغيرات الهائلة فى المجتمع المصرى فى الثمانينيات مع المخرجة إيناس الدغيدى طرحت وبعنف وجرأة مشكلات جيل الشباب والضياع الذى يعانيه والمخدرات التى أصبح يدمنها بعد انعدام الهدف والقدوة خلال التسعينيات وتراجع الطموح وذلك من خلال فيلم «ديسكو ديسكو» 1994.

وفى العام التالى تعود نجلاء مرة أخرى لتتخلى عن جمالها وأناقتها من أجل أن تقدم شخصية امرأة فقيرة مطحونة تواجه ظروف الحياة الصعبة وهى أم لخمسة أبناء منهم الأطفال والشباب ويستعرض الفيلم معاناة الطبقة الفقيرة فى المجتمع المصرى الذى أصبح يعانى تفاوتا طبقيا هائلا، وقدمت نجلاء واحدا من أقوى وأهم أدوارها وأفلامها على شاشة السينما، وحصلت على العديد من الجوائز الدولية والمحلية عن هذا الدور الذى قدمته مع المخرج علاء كريم فى فيلم الجراج وفى عام 2000 تقدم فيلمين دفعة واحدة الأول هو «كنشرتو درب سعادة» مع المخرجة أسماء البكرى وهو دراما اجتماعية موسيقية تستعرض فى إطار رومانسى تغيرات المجتمع المصرى من خلال عيون امرأة مصرية غابت عن مصر أكثر من 20 عاما وعادت إلى وطنها فترى العديد من التغيرات الهائلة التى أضرت المجتمع وأدت إلى تخلفه بعد أن كان هذا المجتمع وهذا البلد هو أصل الحضارة، أما الفيلم الثانى فحمل اسم «بطل من الجنوب» وقدمته مع المخرج محمد أبوسيف ودارت أحداثه حول الحرب اللبنانية من خلال معاناة أم مصرية يختفى ابنها فى هذه الحرب، وكان هذا الفيلم هو آخر أفلامها على شاشة السينما.

الشروق المصرية في

21.03.2015

 
 

kill the messenger.. حقائق لا ينبغي أن تروى

جنة عادل – التقرير

تخيل أنك في كهف مظلم، يعج بأشياء لا يعلم كنهها إلا الله، برفقة شخص يحمل مصباحا كهربيا، هذا الشخص هو المتحكم الأوحد في خط سيرك، ربما في بقائك ذاته، بمعنى، عندما يوجه هذا الشخص كشافه نحو اتجاه ما لتجد هذا الوطواط الضخم المقزز، ستهرب أنت للاتجاه الآخر، تماما حيث ينتظر ثعبان سام في هدوء ليودي بحياتك.

في كهف الواقع المظلم، حيث تتحكم الحكومات في حياة شعوبها وفقا لاعتبارات خاصة، لا تتضمن بالضرورة مصالح تلك الشعوب، يصبح الإعلام هو الكشاف الكهربي الذي يضيء على أجزاء بعينها من الأحداث ويطمس أجزاء أخرى.

في عام 1998، ضوّت كشافات الإعلام بقوة تجاه ما عَرف بفضيحة لوينسكي، عن علاقة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الجنسية مع إحدى المتدربات في البيت الأبيض آنذاك، مونيكا لوينسكي، لاكها -الفضيحة لا مونيكا- الجميع مرارا، وقالوا فيها كل ما يمكن أن يقال، كان العالم كله يتحدث عن “كيلنتون ومونيكا”، في ذات الوقت الذي تجاهلوا فيه تماما تقريرا صغيرا من أربعمائة صفحة كان قد صدر عن وكالة الاستخبارات المركزية الـCIA، تعترف فيه بتورط مسؤوليها مع تجار مخدرات من نيكاراجوا، بالسماح لهم بتسويق منتجهم الأثير، الكوكايين -أو الكراك crack كما يطلقون على صورته الصلبة الأسهل في التدوال- في الأسواق الأمريكية النهمة، لا سيما مجتمعات السود أو الـ African Americans، لاستخدام أموال المخدرات في الحصول على السلاح لدعم المعارضين في نيكاراجوا.

لنا هنا أن نتساءل: لماذا لا تتدخل أمريكا عسكريا بشكل مباشر لدعم حلفائها بدلا من تعريض حياة مواطنيها للخطر؟ الإجابة أن أمريكا في هذا الوقت لم تكن حمل حرب أخرى، لا سيّما مع اعتراض مجلس الشيوخ الواضح والصريح على مجرد طرح خيار التدخل.

وهنا يأتي السؤال الأهم: لماذا تهتم أمريكا لهذا الحد بدعم المعارضة في نيكاراجوا من الأساس؟ سؤال وجيه، ولكن يطول شرح إجابته، لنكتفِ الآن بإلإجابة باختزال مخل: الأمر له علاقة بالصراع الأمريكي السوفييتي الأزلي لفرض السيطرة، لا سيما مع مناهضة السوفييت للمعارضة في نيكاراجوا.

يأتي هنا صحفي شاب يدعى “Gray Web”، يعمل في جريدة San Jose mercury، وهي جريدة مغمورة نوعا ما، ولكنها لم تعد كذلك حين قرر “ويب” فتح النار على نفسه وعلى الجميع، بالتحقيق في القضية سالفة الذكر.

يبدأ فيلم Kill the messenger للمخرج الأمريكي Michael Cuesta، بلقطات أرشيفية للرئيس الأمريكي “ريجان” وزوجته “نانسي”، من خطاباتهما عن أزمة تفشي المخدرات في أمريكا، وهو ما ترى منه انحصار رسالة الإعلام الأمريكي آنذاك في ترويج الخطابات عديمة الجدوى طوال الوقت، بينما صفقات خاصة تدار دون علم الجميع.

ثم يظهر “ويب” الذي يؤدي دوره النجم Jeremy Renner، الذي تقوده الصدفة أثناء التحقيق في مصادرة السلطات الأمريكية لممتلكات المشتبه بهم في قضايا المخدرات، وعدم إعادتها حتى بعد ثبوت براءتهم -الشيء الذي يحدث طوال الوقت- لصديقة أحد تجار المخدرات المتهم في قضية وشيكة الحكم، حين تعرض عليه الفتاة أوراقا تثبت تورط الـCIA في دعم تجارة الكوكايين، بالتعاون مع واحد من أكبر تجار الكوكايين، واستخدام الرجل في الإيقاع ببعض تجار المخدرات على سبيل تهدئة الرأي العام.

يتتبع Gary ما يقع تحت يديه من أدله، من مصدر لآخر، يلتقي بتجار الكوكايين في الولايات المتحدة وفي نيكاراجوا نفسها، حتى يصبح لديه قصة متماسكة جاهزة للنشر، وتوافق الجريدة على نشر تحقيقه في ثلاث حلقات بعنوان “التحالف الأسود” أو Black alliance.

كما تتوقع، تنقلب حياة الرجل رأسا على عقب، بعد أن اكتسب أكثر من عدو في آن واحد، فمن ناحية، هناك رجال الـCIA الذين وضعهم “ويب” في وضع لا يحسدون عليه، والذين بدأوا في مساومة الرجل على الاحتفاظ بما تبقى لديه من معلومات والامتناع عن نشرها، مقابل سلامته الشخصية وسلامة أسرته، ومن ناحية، فهناك الجرائد الكبرى في أمريكا التي أثار حنقها أن تنفرد جريدة تافهة كجريدة San Jose mercury بتحقيق بهذا الحجم، فيلجؤون لطرقهم الخاصة في التعامل مع الرجل: التشهير والتشكيك.

في حياة كل منا أشياء لا يفخر بفعلها، وهي الأشياء ذاتها التي تظن أن ستائر النسيان قد انسدلت عليها، حتى يصبح لك عدو يرغب في تدميرك، فيخرج أسوأ ما في أرشيفك غير المشرف، وهنا، نجد أن “ويب” على نزاهته ومثاليته، لم يكن ملاكا طوال الوقت، بداية من علاقة عاطفية جمعته بفتاة كادت تتسبب في انهيار زواجه، وتسبب انتهائها في انتحار الفتاة، وحتى اضطراره لتقديم الرشاوى لبعض مصادره مقابل حصوله على المعلومات المطلوبة.

نشر التحقيق إذن، وأشعل هجوما عنيفا على الـCIA، لا سيّما من مجتمعات الزنوج التي بدأت تنادي بتفسير الوضع ومحاسبة المسؤولين عنه، ما تسبب في مطاردة الـCIA للرجل، وتدمير حياته المهنية، ما اضطره في النهاية لتقديم استقالته من الجريدة التي عجزت عن الاستمرار في دعمه، ليعيش بعدها لـ7 سنوات، عاجزا عن العودة للعمل الصحفي، وتنتهي حياته برصاصتين في رأسه، لتسجل كحالة “انتحار”، ويغلق ملف “ويب” نهائيا.

يمكننا أن نقسم قصة “ويب” الصادمة والمؤسفة لثلاث مراحل: المرحلة الأولى، الإعداد لتقرير “التحالف الأسود”، بكل ما فيها من البحث والتتبع والتواصل مع رجال العصابات والمجرمين للوصول إلى الحقيقة؛ والمرحلة الثانية، هي ما بعد نشر التقرير مباشرة، بكل ما فيها من تشهير ومهاجمة وحرب عليه وعلى أسرته؛ والمرحلة الثالثة وهي ما بعد الاستقالة حتى موته المثير للشكوك.

الفيلم المأخوذ عن مذكرات”ويب” نفسه، والتي تحمل نفس عنوان التحقيق، the black alliance، يركز على المرحلتين الأولى والثانية، ويشير للثالثة بإيجاز في شريط نهاية الفيلم، الشيء الذي يبدو -في وجهة نظري- غير ملائم إطلاقا، حيث تبدو القصة الأكثر ملاءمة لعنوان الفيلم “اقتل الرسول”، هي ما حدث بعد نهاية الجزء الثاني، حياة ويب بعد استقالته من الجريدة، وحتى اغتياله/ انتحاره. كيف مرت تلك السنوات السبع عليه وعلى أسرته بعد أن ابتعد مجبرا عن العمل الصحفي، وكيف انتهت حياته حقا.

فيلم “مايكل كويستا”، عادي، أداء Jeremy Renner لا بأس به، ليس مذهلا ولا سيئا، وكذلك باقي عناصر الفيلم، لا شيء مميز ولا شيء سيء، بالرغم أن قصة بتلك الحساسية كانت لتفتح المجال للكثير من الإبداع على الشاشة.

ما يحسب للفيلم الأمريكي الإنتاج، أنه سلط الضوء على تلك القصة المجهولة تماما لدى الكثيرين -وأنا منهم-، والتي أغفلتها الصحافة العالمية تماما -بشكل مقصود أو غير مقصود-؛ سعيا وارء فضيحة مونيكا، وبهذا يرسل الفيلم رسالة مركبة: نحن -في أمريكا- قد نتحول لحفنة من الأوغاد التي تعرّض شعوبها للخطر لتسوية حسابات خاصة، وسنطارد -أو نقتل!- دون تردد كل من يحاول نشر تلك الحقيقة للرأي العام، ولكننا  متى أصبحت الأمور معلنة بالفعل لا نخشى الاعتراف بأخطائنا، ومحاسبة الجناة، أو بعض منهم.

في الفيلم، يقول أحد تجار المخدرات لـ”ويب” حين يخبره الرجل أنه لا يريد سوى نشر الحقيقة، إن بعض الحقائق حقيقة لدرجة تجعل قولها مستحيلا، some truths are too true to tell، أو كما قال Jack Nicolson في فيلم A few good men : “you can’t handle the truth”، وفي موضع آخر قال أحدهم لـ”ويب”: إن ما حدث حدث من منطلق أن الغاية تبرر الوسيلة.

الغاية يمكن أن تبرر الوسيلة، طالما لا تنطوي تلك الغاية على إلحاق الضرر بك أو بمن يهمك أمرهم، الغاية تبرر الوسيلة طالما بقيت وبقوا آمنين، بعدها، فليأتِ الطوفان، وليهلكَ من يهلك.

التقرير الإلكترونية في

21.03.2015

 
 

الجنة ليست تحت أقدام الأمهات فى الدراما

كتب : ايناس كمال

داعرات وسيئات السمعة كن الأمهات بالعديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، الصورة منصفة، فليست كل الأمهات طيبات كأمينة رزق وحنونات كفردوس محمد أو دراميات ككريمة مختار، بل هناك صورة أخرى لهن تتماهى مع الواقع فى تحديه لكل ما هو أخلاقى وموضوعى، فهناك من الأمهات صور رصدتها كل من السينما والدراما لعاهرات وسيئات السمعة وأمهات آخريات يسعين للمال وأخريات يبعن أبناءهن من أجل المال.

الأم ليست دائما قدوة فقد صدمت صورة الأم التى جسدتها الفنانة وفاء عامر بمسلسل «ابن حلال»، التى جسدت دور فنانة «سهام» تصاب بالإحباط والاكتئاب الحاد نتيجة انحسار أضواء الشهرة عنها، وتقوم بأدوار إغراء من أجل كسب المال وتتزوج سرا من شاب يصغرها بعشرين عاما، وتفقد إحدى ابنتيها فى حادث نتيجة أعمالها المنحرفة وعلاقاتها المتعددة التى تدخلها فى العديد من المشاكل ويجمع الأم عدة مشاهد بالزوج الأصغر سنا وهو يقوم بمداعبتها وملاطفتها.

من يتحدث أن الخالة والدة تحمى وتحافظ على الابنة لم يشاهد مسلسل «سجن النسا»، وبالأخص دور الممثلة حنان يوسف «إنصاف» التى تستقطب ابنة أختها درة «دلال» لتعمل معها بالدعارة والرقص بالملاهى وملاطفة السكارى من أجل المال وإغرائها بالشهرة والنفوذ الواسع بالعمل مع العرب والأجانب، وملاطفتهم إلى أن تتنكر لها عائلتها بعد ضبطها فى شبكة دعارة تديرها خالتها بإحدى الشقق المشبوهة ثم تعود بعد انقضاء فترة سجنها لتفتتح قناة للرقص وكباريه وتعود العلاقات مع خالتها مرة أخرى.

قد تبحث الأم عن متعتها خارج المنزل حينما تنقطع كل السبل الممكنة مع الزوج وهو ما تتعرض له «هدى» التى تقوم بدورها الفنانة انتصار بفيلم «واحد صفر»، وهى زوجة وأم إلى هجر الزوج مما يزيد لديها من الكبت الجنسى لتجد نفسها مستمتعة بملامسات الرجال وتحرشاتهم فى الشارع والمواصلات وانجرفت فى علاقات عابرة لتروح عن نفسها ما أثر على نفسية وسلوك وتربية الابن «عادل» الذى قام بدوره الفنان أحمد الفيشاوى، ليكون ابنا عاقا وعاصيا منحرف الأخلاق دائم السهر والعلاقات والسرقة والتردد على الكبارياهات الليلية.

الأمهات قد يبعن بناتهن من أجل الزواج ومن أجل المال أيضا لتضيع أنوثتها وتدفنها للأبد فى أحضان عجوز «ستينى أو سبعينى» وهى مشكلة اجتماعية تعرف بـ«زواج القاصرات»، وهو ما تعرض له مسلسل «القاصرات» الذى عرض عام 2013 وقامت فيه بدور الأمهات كل من جيهان قمرى ولقاء سويدان وعزة مجاهد اللاتى قبلن بتزويج بناتهن لعجائز ليتعرضن لسوء المعاملة البدنية والجنسية والإهانة وانتهاك صارخ لهن نفسيا وجسمانيا وعاطفيا وموت لأنوثتهن والأطفال هن ملك أحمد زاهر ومنة عرفة ومى الغيطى

المسلسل يرصد قصة عبد القوى التاجر بالصعيد الذى يهوى الزواج من القاصرات، ويشترى الرجل المسن الفتاة الصغيرة بماله من أهلها الفقراء لتعيش حياة قاسية تضطر فيها الطفلة على مجاراة رجل تجاوز الستين من عمره انتهك طفولتها وبراءتها وتعيش معه أخته الأرملة الشابة التى تزوجت طفلة هى الأخرى من رجل عجوز وكبت أنوثتها، وتعيش الآن قهرا نفسيا وجنسيا لنرى فيها مستقبل الفتيات اللاتى تزوجهن أخوها.

الأمهات صغيرات السن قنبلة موقوتة فى عدم تحمل المسئولية ما يؤدى غالبا إلى انهيار المنزل وهو الدور الذى لعبته دينا الشربينى فى مسلسل «تحت الأرض» الذى عرض العام قبل الماضى، وجسدت فيه دور زوجة وأم شريرة متسلطة لأمير كرارة وهى شخصية استفزازية ومتسلطة تعيش فى طبقة مختلفة، وكل ما يهمها هو أن تجمع الأموال وأهملت فى تربية ابنها رغم صغر سنها.

أهملت الأم ابنتها فتعرضت إلى حادث سيارة ولازمها الشلل هذا هو الدور الذى جسدته الممثلة بسنت السبقى فى مسلسل آدم زوجة الضابط «هشام مدكور» الذى جسده الفنان أحمد زاهر، وهى «منال» أم دلوعة وعاشقة للسلطة والنفوذ تستغل ضعف زوجها لتحقيق أهدافها الشريرة والأنانية والمستفزة أيضا مصابة بداء السيطرة تقوم باصطحاب ابنتها وصديقتها فى رحلة غير مرتب لها للإسكندرية، ثم تصدم الابنة سيارة مسرعة على الطريق لتصاب بالشلل طوال العمر، ورغم ذلك لا يستطيع «هشام» تطليقها.

البيئة المختلفة تؤدى بالضرورة لأبناء مختلفين هذا هو ما تعرضت له شخصية الابن لفيلم بدل فاقد حيث يتفرق توأمان جسدهما الفنان أحمد عز الأول «نبيل»، وتقوم بتربيته راقصة وهى «قمر» وجسدت دورها الممثلة عايدة رياض،  الذى أدت سوء تربيتها له وتعمدها السهر وملاطفة ومعاشرة الرجال إلى أن أصبح مدمن مخدرات ضائعا وعضوا بعصابة لبيع المخدرات، أما الثانى فهو «فارس» الذى ربته عائلة ضابط فخرج هو الآخر ضابطا يتعرض لتصادم إنسانى ليكتشف وجود أخيه التوأم بشخصية منافية له تماما.

محمد وفيق.. رحيل فارس الشاشة النبيل

كتب : أكرم السعدني

أستطيع أن أقول وأنا مطمئن البال ومرتاح الضمير بأننى عرفت محمد وفيق بعد الممات.. نعم أنا اقتربت منه وصادقته وظلت صلتى به ممتدة منذ العام 1981 وحتى آخر يوم زرته فيه فى مستشفى دار الفؤاد.. ولكن الحق أقول إننى تعرفت على محمد وفيق جديد واستمعت إلى حكايات عن محمد وفيق ساهمت فى تزيين صورته وقد كانت لا يشوبها شائبة.

وقد كان بهيا.. فإذا بالروايات تزيده بهاء وكان خيرا فإذا بما أعرفه قطرة فى محيط وكان محبا للبشر فإذا بى أكتشف أنه كان يحنو على أناس لم يعرفهم ولم يقابلهم كان يرسل لهم ما يعينهم على الحياة سرا دون أن يعلموا من أين جاءهم هذا العون الشهرى، الذى ساعد طلبة على دروسهم وأعان أسرا على سداد ديونهم ويسر الزواج لشباب كانوا قد أدركهم البؤس والأسى وانسدت آمالهم فى الحياة بما رحبت.. لقد تذكرت رواية عمنا جمال الغيطانى (حكايات الغريب) وأنا أستمع إلى حكايات عن وفيق من أبطالها الذين كانوا همزة الوصل بين وفيق والبسطاء الذين بالتأكيد سيفتقدون برحيله رجلا لعب فى حياتهم دور الأب والشقيق الأكبر دون أن يظهر فى الصورة وبدون أى ضجيج وبلا دعاية

لعب دوره فى الظل بعيدا عن الأضواء، فلم تعلم يساره شيئا عما فعلته يمينه من خير وقد شعر وفيق أن الأزمة التى حلت به هى نهاية رحلة دامت فى عمر الزمان لما يقرب من السبعة عقود وعندما زرته للمرة الأولى فى المستشفى كان يعانى من التهاب رئوى حاد أفقده القدرة على التنفس لذلك استعانوا بجهاز تنفس صناعى ولم يفقد وفيق وعيه وظل مدركا لكل ما يجرى حوله والقناعة تكسو وجهه فقد كان من بين هؤلاء  الذين أسبغ عليهم الله بنعمة الرضا من عباده، وقد حرصت على زيارته طوال تلك الفترة التى كان فيها وفيق يمتلك القدرة على الحكى والحس واليقظة، ولكنه بعد أيام دخل فى غيبوبة بفضل تداعيات الأزمة.

هنا قررت أن أنسحب وأن أتابع يوميا حالته من أقرب الناس إليه سكرتيرته الفاضلة سمر، وسائقه ومدير أعماله فى ذات الوقت إسلام وشعرت أنى تلقيت طعنة فى القلب عندما أفاق وفيق من غيبوبة فطلب بإشارة من يديه ورقة وقلما.. وكتب إلى أكثر الناس قربا إليه سمر وإسلام على الورقة مكان مفاتيح المدفن الخاص به والذى سبقته إليه الفنانة الكبيرة رفيقة حياته والسيدة الوحيدة التى بادلها مشاعر الحب كوثر العسال.

وبالطبع انخرط الجميع فى بكاء واكتست الوجوه حزنا وكانت نبرات الصوت تجاهد من أجل الرد على أصحاب وفيق الذين يقومون بالسؤال عنه عبر الموبايل

وكنت واحدا من هؤلاء إذا صحوت من النوم كان أول ما يشغلنى هو السؤال عن وفيق وقبل انتهاء موعد الزيارة فى السابعة مساء أعود للسؤال والاطمئنان  على صديق ربما لن يجود الزمان بمثيل له هذا العاشق لخلق الله جميعا الذى احتضن البشر الذين اقتربوا منه، فإزال كل ما هو أمامهم من عقبات وجمل طعم الحياة ولونها لعشرات من أسر الفقراء والمحتاجين، وزهد فى الحياة وشكر الله عز وجل على ما هو مقسوم له وتنازل عن شقة الزوجية التى جمعته برفيقة دربه فى منطقة المهندسين قبل أن ينتقل للإقامة فى الشيخ زايد وتبرع بالأثاث الفخيم كاملا لعدد من العرسان كان الأثاث هو العقبة الكبرى لإتمام الزواج ويا سبحان الله وكما لو كان وفيق على علم بأن أيامه أصبحت معدودة بين الأحياء فقد صارحنى بأنه قرر التبرع بمدفنه إلى نقابة الفنانين بشرط أن يكون التبرع ساريا بعد وفاته مباشرة وقد أبلغ الصديق الكبير والفنان والإنسان الرائع أشرف عبدالغفور بهذا الأمر منذ ما يقرب من الشهرين أو يزيد.

بصريح العبارة أنا لا أجد من الكلمات ما يصلح لإعطاء هذا النادر التكرار حقه، لقد كان نبيلا فى مشاعره صادقا فى أحاسيسه  مخلصا لكل من عرفه محبا للبشر لم يكن فنانا عظيما بقدراته فحسب لكن كان إنسانا عظيما فى سلوكه وفى أثره.. وإذا كان قد غادرنا بجسده فإن فنه باق وفضله على البسطاء الذين اقتربوا منه أو الذين اقترب هو من شكاواهم.. أقول سوف تظل أفعال وفيق على من هم حوله باقية على الدوام وقد كانت دعواتهم له فى الوداع الأخير  بمدفنه خير عزاء لكل من أحب هذا الفنان، وهذا الإنسان الذى مر فى حياتنا مثل هذا الصنف النادر الجميل من البشر الذى تشعر أنه مضى عليك كما يمضى النسيم.. لابد أن تتذكره على الدوام وترتسم على وجهك تلك الابتسامة التى زرع بذورها فى داخلك موقف لمحمد وفيق أو قصة بطلها وفيق أو لمحة إنسانية رسمها وفيق أو دور فى مسلسل لعبه وفيق أو لمسة وفاء سيظل محمد وفيق هو عنوانها الأنبل.

رحمك الله رحمة واسعة أيها العزيز الغالى النفيس غير القابل للتكرار.. لن أتذكرك لأبكى.. فالموت حق ولكن الحياة التى عشتها جديرة بكل تقدير فالإنسان لا يقاس عطاؤه بعدد السنوات التى عاشها ولكن بالأثر الذى تركه فيمن حوله وقد كان لك أثر بالغ القيمة عظيم القامة. سوف أستعيد الذكريات لكى أجلب على نفسى السعادة وأنتزع الضحكات من الأعمال وأستعرض نبل المواقف وشهامة الصديق وأداء الفنان المبدع وإخلاص الممثل فى العمل، لن أنسى على الإطلاق ما جرى  أثناء تصوير أحد المشاهد فى أحد المسلسلات التاريخية منذ ما يزيد على العشرة أعوام وكان محمد وفيق يؤدى دور شخصية عظيمة فى التاريخ يمتطى صهوة جواده ويرتدى لبس المقاتل فإذا به على أبواب القلعة يشد اللجام فإذا بالحصان ينطلق كما السهم.

ثم يقف على قدميه الخلفيتين ويقفز فى الأعلى ليلقى بوفيق ويرتمى فوقه، ساعتها فقد وفيق النطق وضاعت كل الحواس وأظلمت الدنيا ولم يفق إلا فى المستشفى عندما اكتشف وجود كسور فى ضلوعه.

وأن الله سترها ولم  يلق حتفه بعد أن نام على صدره الحصان.. بعد أيام من هذا الحادث زرنا وفيق - العم صلاح السعدنى وأنا - ودار بينهما حديث جعل وفيق يخرج من آلامه وأحزانه ويضحك كما لم يضحك من قبل فقد قال له العم صلاح: أنت اتجننت تركب المخلوق ده.. هو فى  حد عاقل يركب البتاع ده.. فقال وفيق: الدور عاوز كده يا سعدنى.. فرد السعدنى دور إيه وزفت إيه أديك شفت اللى جرى لك.. ملعون أبو الدور.. أنت فاكر نفسك أحمد السقا بتعملى أكشن.. وتركب حصان.. طيب افرض الدور عاوزك تبقى قبطان ح تسوق مركب.. فرد وفيق.. وكله ثقة واقتناع برأى السعدنى: لا طبعا.. وهنا قال السعدنى (يا ابنى انت فى السن ده لازم تلتزم بالنظرية السعدنية فى التمثيل)  فقال وفيق مستجديًا: آه والنبى يا سعدنى قولى إيه بقى النظرية السعدنية فى التمثيل.. فرد السعدنى من فوره: التمثيل الآمن والأداء المطمئن، فنظر إلى وفيق مستنكرًا.. وقال: مش فاهم.. فنظر السعدنى حوله وقال: يا ابنى الكلام واضح.. يعنى تمثل وأنت قاعد على الكنبة.. فضحك وفيق وقال: مافيش فايدة فيك يا سعدنى.. افتكرتك  بتتكلم بجد.

فصاح السعدنى بأعلى صوته..  ما أنا فعلا  باتكلم بجد.. يا ابنى التمثيل الآمن المطمئن أنك تمثل وأنت على الكنبة.. وإذا فيه أكشن يبقى تتحرك من الكنبة علشان تقعد على كرسى  بالكثير وبعدين تختم المشهد.

فضحك وفيق من أعماقه وقال: بقى هو ده التمثيل الآمن.. خلاص.. آمين يا سعدنى.. أنا فى حزب الكنبة من النهارده.. وبالفعل كان وفيق يقرأ أى سيناريو مقدم إليه.. فيقرأ جيدا فإذا وجد أى حركات أو مشاغبات كان يرفض بأدب جم وإمعانًا فى الالتزام بأصول التمثيل الآمن المطمئن.. كان وفيق يوافق من فوره على أى مسلسل إذاعى حيث الأداء بالفعل من النوع الكنباوى الذى يتفق مع نظرية العم صلاح فى التمثيل الآمن

ويا عم وفيق أيها الصديق الغالى العزيز دعوات عشاق  فنك ومريديك وأصدقاء العمر والبسطاء الذين كنت نصيرا لهم.. دعوات الجميع لك بالرحمة والمغفرة. 

ولا أقول وداعا.. ولكن إلى لقاء!!

مجلة روز اليوسف في

21.03.2015

 
 

«تشابيي» فيلم يعزف على أوتار التقنية والجريمة

إعداد- لانا عفانة

يرتدي الروبوت المتوحش في فيلم «تشابيي»، حلة من التيتانيوم، ويصور سيناريو الفيلم مدى أهمية وجود هكذا روبوتات في العالم، حيث تمضي جنباً إلى جنب مع نظائرها من البشر، للتصدي للجريمة والمجرمين..

وقال مخرج الفيلم نيل بلومكامب، الذي عمل على سيناريو كتبه مع زوجته تيري تاتشل، إن تصميم هذا الروبوت يطرح تساؤلاً عن ما إذا كانت هناك حاجة لوجود قوات الشرطة، لا سيما مع وجود البديل المتمثل في الروبوتات الحربية.

وفي الفيلم نجد أن السلطات طورت قوات من الروبوتات المسلحة، وأطلقت عليها اسم «سكوتس»، التي من شأنها أن تخدم دروعاً للقوات البشرية أو لإطلاق النار على الجبهة الأمامية للمقاتلين. ويمتلك بلومكامب، الذي صمم روايات الخيال العلمي «دستركت9»، و«إليسم» رؤية حقيقية للواقع المرير في الحروب، ومنه استقى تصميمه هذا.

وليس من المفاجئ أن الجسد الرمادي للروبوتات ورؤوسها الدوارة وأطرافها المفصلية قد احتوت على تفاصيل أكثر من تلك الموجودة في الرواية، فبعد التمهيد لظهور الروبوت في الرواية، يطل البطل في شخصية «دييف باتل»، المخرج الذي يعمل على تصميم قوات الروبوتات الحربية «سكوتس».

وفي إحدى الليالي يأخذ المخرج الروبوتات التي توقفت عن العمل إلى منزله، ويعمل على حل المشكلات التي تواجهها، إلا أن الروبوت الحربي «سكوتس» يواجه بعض المشكلات، التي تتعلق بالساعة، وينتهي الأمر بالروبوت بين يدي مجموعة من المجرمين، الذين يقررون أن الروبوتات الذكية قد تتمكن من استعادة قدراتها باستخدام المعدات الموجودة فيها.

تضليل

ويشير النقاد إلى أن المخرج نيل بلومكامب، غالباً ما يلتزم بالخيال العلمي، إلا أنه يتساهل في حال سرت أمور الممثلين ببساطة، وعادة ما يستخدم الكوميديا في أفلامه للتضليل على فكرة معينة أو للانطلاق قدماً بشعور أو بفكرة.

ومن المضحك رؤية الروبوت يشاهد أفلام الكرتون في بعض لقطات الفيلم، «هو الرجل وسيد الكون»، لأن منظره يبدو كالطالب الذي يتعلم. ويبدو نيل بلومكامب في أفلامه مهتماً حقاً بالذكاء الاصطناعي، لكنه لا يتعاطى معه كثيراً.

وفي بعض الأفلام تبنى الخيالات العلمية على أساس تضييق الهوة بين الواقع والخيال، بينما يبدو الخيال العلمي في هذا الفيلم عملاً يدوياً لمخرج يريد أن يبسط فكرة الفيلم. ويعد هذا الفيلم الثالث، الذي يشارك فيه المخرج نيل بلومكامب بخياله وتصميماته للمثلين فيه، الذي يعتبر أكثر تواضعاً، من حيث المشاهد المصورة، وأقل سردية مقارنة بالفيلم السابق، الذي أخرجه.

رحلة

يستحوذ المخرج نيل بلومكامب على انتباه الجمهور بقصص عن شخصيات، تمضي معاً للخروج من جحيم لم تصنعه بيدها، رحلة تحريرية ليست هي الرحلات العتيقة التي وجدت عندما ولد المخرج في جنوب أفريقيا.

البيان الإماراتية في

21.03.2015

 
 

لمحة عن مهرجان «أيام بيروت السينمائية» في دورته الثامنة:

الأفلام في الهوة السوداء لمجتمعاتها

طارق أبي سمرا

«أيام بيروت السينمائية» حالكة بالفعل. كذلك أيام العالم العربي والإسلامي. فإن كانت الأفلام الروائية والوثائقية المعروضة في هذا المهرجان الذي افتُتِحت دورته الثامنة في 12 آذار الجاري وستُختتم مساء الأحد 21 من الشهر نفسه قد نجحت، ولو إلى حد ما فقط، بعكس واقع مجتمعاتها، فبإمكاننا القول أن رقعة الأرض التي نعيش عليها، نحن العرب، آيلة إلى الزوال، على الأقل في شكلها الذي نعرفه واعتدنا عليه. 

في الهوة

ربما بإمكاننا القول، بدلاً من ذلك، وكما جاء على لسان إحدى شخصيات فيلم المخرج اللبناني غسان سلهب الأخير «الوادي»، ما معناه أن الشرق الأوسط كله ينهار. «الوادي»، الذي عُرض في سينما متروبوليس صوفيل في 14 من الشهر الجاري وكان أحد أبرز نجوم المهرجان نظراً لتهافُت الجمهور على مشاهدته، يروي قصة رجل فقد ذاكرته إثر تعرضه لحادث سير. نَسمع صوت الحادث في بداية الفيلم ولا نراه، وما ان يُباشر الرجل المضرّج بالدماء سيره على طريق مقفرة، حتى يلتقي بأشخاص يقلّونه معهم إلى وادي البقاع، إلى أرض شاسعة ومسيَّجة، يحرسها مسلحون، يتضح لاحقاً، للمشاهد، أنها تؤوي مصنعاً للمخدرات. نَشهد هنالك انتظارهم البطيء والثقيل، بينما يمضون أوقاتهم بالطبخ وتناول الطعام، الرسم وكتابة الشعر والصمت، محاولين تطوير مخدر سيكتسح السوق اللبناني. نقاشاتهم المحتدة حول الغريب الذي يسكن معهم تزداد تواتراً: هل هو ضحية؟ شخص وديع فقد ذاكرته؟ أم جاسوس محنك يهدد عالمهم المنعزل؟ وفي إحالة مباشرة على المجتمع اللبناني الذي أتوا منه إحالة وحيدة من نوعها على مدار الفيلم تدخل الشخصيات في جدال حول هوية الغريب الطائفية وإن كان بالإمكان تحديديها استناداً إلى تصرفاته وملامح وجهه.

لاحقاً فقط، في الختام، ندرك أن انتظارهم ليس سوى انتظار النهاية المطلقة، أي نهاية العالم التي كان قد تم التلميح إليها سابقاً في الفيلم عبر نتف نشرات إخبارية تطلع من جهاز «راديو». نعي هذه الكارثة من خلال سماعنا هدير طائرات وصوت انفجارات ولا نحظى بأي لمحة بصرية عن فظائعها، تماماً كما جرى مع حادث السيارة في البداية. فغسان سلهب يتعمد إحالة العناصر المحورية للقصة على الخلفية، أو حتى محوها كلياً، تاركاً المشاهد في حالة إرباك وحيرة، من دون أي مفاتيح تمكنه من استيعاب الفيلم. 

الإحساس بأننا وصلنا إلى نهاية العالم ينتابنا أيضاً لدى مشاهدة «إطار الليل»، الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة من أصول مغربية - عراقية، المولودة في لندن، تالا حديد. يتتبع الفيلم المصائر المتقاطعة للشخصيات الرئيسية الثلاث في مجتمعات مزقها العنف والتطرف الديني. نتعرف على زكريا، الكاتب المغربي العراقي القادم لتوه من لندن إلى المغرب باحثاً عن شقيقه الشيوعي السابق الذي انخرط في تنظيم جهادي بعد سنوات من الإعتقال والتعذيب في سجون النظام المغربي. يلتقي زكريا مصادفة بعائشة، وهي طفلة يتيمة تم إختطافها بهدف بيعها من رجل فرنسي يشتهي الأطفال جنسياً، فيساعدها على الهرب. يأخذها معه في رحلته، ثم يتركها في عهدة عشيقته الفرنسية السابقة التي تعيش في إحدى مناطق المغرب الريفية، ويتابع طريقه بحثاً عن شقيقه ليصل أخيراً إلى العراق، فيجد عالماً أشبه بالكابوس، مليئاً بالمشارح الضخمة والجثث، وحيث النساء يلبسن كلهن الشادور الأسود.

الاغتصاب 

اما فيلم «المجلس» الوثائقي للمخرج الأردني يحيى العبدالله، فيصور لنا الوضع المزري لإحدى مدارس الأونروا الابتدائية الفلسطينية في منطقة السخنة في الأردن. الخيط السردي الذي يربط أجزاء الفيلم هو انتخابات مجلس الطلبة، فيتتبع العبدالله تفاصيلها منذ الإعلان عن الترشيحات، مروراً بتشكيل المجلس ثم المشاريع المقترحة من قبل التلامذة الأعضاء، وحتى انقضاء العام الدراسي. وفي خضم ذلك، يُسلِط الضوء على العنف المبطن والصريح الذي يشوب العلاقات بين التلامذة أنفسهم من جهة، وبين هؤلاء والأساتذة من جهة ثانية. وقد يكون المشهد الأكثر تعبيراً عن هذا العنف هو ذلك الذي نرى فيه تلميذاً مذعوراً يروي، أمام الكاميرا وأحد القيمين على المدرسة، كيف تم اغتصابه من قبل تلميذ آخر.

السوداوية
ما سبق ليس سوى عينة ضئيلة فقط من أفلام «أيام بيروت السينمائية» التي تتنوع بين الوثائقي والروائي، القصير والطويل، وتجاوز عددها الأربعين. لكن يكفي إلقاء نظرة خاطفة على الكتيّب الذي يتضمن برنامج المهرجان، للوصول إلى الاستنتاج بأن الأفلام الثلاثة المذكورة أعلاه لا تشكل استثناء في تصويرها السوداوي لمجتمعاتها، وأن الأغلبية الساحقة من الأفلام تتشارك بهذه النظرة القاتمة. فمن تزويج البنات اليمنيات في طفولتهن في «أنا نجوم بنت العاشرة ومطلّقة» لخديجة السلامي اليمنية المقيمة في باريس، إلى السجون السياسية المغربية في فيلم «هم الكلاب» لهشام العسيري، مروراً بالحرب الأهلية اللبنانية في «يوميات كلب طائر» لباسم فياض، وصولاً إلى التعصب الطائفي المستمر في تصاعده بعد هذه الحرب في فيلم «لي قبور في هذه الأرض» لرين متري، وانتهاء بالدمار الذي حلّ في سوريا في «الرقيب الخالد» لزياد هاشم، نشاهد عوالم ما من فسحة للأمل فيها.

مواعظ
أما فيلم «تيمبكتو»، للمخرج الموريتاني الأصل عبدالرحمن سيساكو، فهو يتناول سيطرة حركة «أنصار الدين» الإسلامية السلفية والجهادية على إحدى مدن مالي. هذا الفيلم الذي تم اختياره للمنافسة على «السعفة الذهبية» في مهرجان كان وترشيحه لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي، إفتَتَح «أيام بيروت السينمائية» في 12 آذار الجاري في صالتين في سينما سيتي (أسواق بيروت) وثالثة في متروبوليس صوفيل. كان الإقبال عليه كبيراً، لكنه جاء مخيباً للآمال بعض الشيء. فتركيزه على تصوير المتطرفين الإسلاميين المتوحشين، بأنهم بشر كغيرهم من الناس: يطلقون النكات ويضحكون ويتناقشون في كرة القدم ويدخنون في السرّ رغم تحريم التدخين في عقيدتهم وهذا ما أدهش الجمهور الغربي واستفزه أحياناً لم يكن أمراً جديداً للمشاهد العربي الذي يعلم حق العلم أن مقاتلي «داعش» على سبيل المثال، ليسوا في نهاية المطاف سوى أشخاص عاديين متوحشين.

كذلك، جاء فيلم «تيمبكتو» وكأنه موعظة حول الفروق بين الإسلام المعتدل المتسامح من جهة، والإسلام المتطرف الدموي من جهة ثانية. وهو يشرح كيف لا يتوجب الخلط بين الإسلامين. ففي ثلاثة مشاهد طويلة إلى حد ما، نرى إمام مسجدٍ حكيمٍ ومتنور، يلقي دروساً ومواعظ حول جوهر الإسلام الذي يتقبل الآخر. وهو يلقي هذه المواعظ على الجهاديين الذين احتلوا مدينته بالبطش وقوة السلاح. وفي واحد من هذه المشاهد، ينهرهم الإمام لأنهم دخلوا المسجد بأحذيتهم، فيتسمّر المجاهدون في مكانهم وعلامات البلاهة بادية على وجوههم، ثم ينصرفون. عندها، يتساءل المرء كيف أنهم لم يقطعوا رأسه؟!

واجب أخلاقي

لدى حضور المشاهد عرض فيلم أو فيلمين كل مساء في «أيام بيروت السينمائية»، قد يتهيأ له أن هنالك قاسماً مشتركاً بين معظم الأفلام التي شاهدها: لا تكتفي هذه الأفلام بكونها مرآة لمجتمعاتها، بشكل عرضي إن جاز التعبير، عبر اتخاذ المجتمعات إطاراً أو خلفية للسرد وتطور الشخصيات، بل هي تتعمد تسليط عدستها على ما تفترضه المجتمع كله بحد ذاته، وتجعله محور الاهتمام الأساسي. وقد يتساءل المشاهد عن سبب هذه الظاهرة، ظاهرة الأفلام التي يتوجب عليها وتتوهم طرح قضايا بلادها الاجتماعية والسياسية حصراً وبشكل مباشر وشمولي، ويتوجب عليها ذلك الأمر الذي يؤدي إلى أعمال تتسم بجدية مفرطة، يغيب عنها أحياناً أي نوع من الخفة وروح الدعابة والسحر السينمائي، معتمدة في المقابل على تواطؤ ضمني بين المشاهد وفكرة الفيلم. هل الجواب عن هذا السؤال، أن الفنان في بلادنا المأزومة المتصدعة، مقيّد بواجب أخلاقي مرهِق يحتم عليه تكريس فنه لاستعراض ويلات بيئته المتناسلة، فتصبح الأعمال الفنية حينها ملزمة بوظيفة اجتماعية محددة؟ أم أن الويلات هذه، جزء لا يتجزأ من تكوين كل فرد عربي، تناسلت في حياته واستحوذت على مخيلته، فصار سرد قصة عن شخص ما يتماهى تماماً مع سرد الويلات الجماعية؟

سرعة التاريخ 

هذا على الأقل ما أبرزه الفيلم الوثائقي الثلاثي الأبعاد «الأوديسا العراقية» للمخرج العراقي المقيم في سويسرا، سمير. إنه فيلم ممتع رغم تجاوزه الساعتين والنصف. في هذا العمل، يستعرض سمير، سيرة عائلته التي غادرت موطنها وتشتتت في جميع أنحاء العالم، مركزاً على مقابلات مطولة أجراها مع عمته واثنين من أعمامه. يروي كل واحد منهم قصة حياته، لكن التقلبات التي شهدها العراق منذ منتصف القرن الماضي من الانقلاب على النظام الملكي والهيمنة البريطانية، مروراً بصعود حزب البعث وانتزاعه السلطة، ثم الحرب ضد إيران ونظام صدام القمعي الباطش وحرب العراق الأولى والثانية، وصولاً إلى تفتت المجتمع وبروز التطرف الديني تتداخل عضوياً مع قصة كل راوٍ. هذا ما يوضح استحالة سرد حياة شخص عراقي من دون استعادة تاريخ بلده بأكمله. فسرعة التاريخ والحوادث في عالمنا العربي مهولة، وما يعايشه جيل واحد من تحولات جذرية في بيئته السياسية والاجتماعية، لا تختبره عادة سوى أجيال عدة متلاحقة في بقاع أخرى من العالم.

جمهور متجانس

يبقى أخيراً جانب مشرق، وهو تهافت محبي السينما على مهرجان «أيام بيروت»، لحضور عروض قد لا تتوفر لهم فرصة مشاهدتها مرة أخرى على شاشة كبيرة. وقد كانت حماسة هذا الجمهور فائضة، فعُرض فيلم «تيمبكتو» في صالة إضافية يوم الإفتتاح نظراً للإقبال الكبير عليه، وبيعت كل بطاقات فيلم «الوادي» لغسان سلهب قبل ساعات من بدء عرضه.

العنصر الشبابي كان بارزاً. تَرى، على سبيل المثال، في سينما ميتروبوليس صوفيل، الشبان والشابات يخرجون من صالة ويدخلون إلى الأخرى لحضور عرض آخر، أو يبدأون تواً بمناقشة الفيلم الذي انتهوا من مشاهدته.

لكن لا بد من الإشارة إلى أن الجمهور هذا، هو ذاته الذي يلحظه المرء لدى ارتياده أياً من المهرجانات السينمائية العديدة التي تقام في متروبوليس صوفيل. جمهور واسع يتألف بمعظمه من أشخاص يعرفون بعضهم البعض، يتنقلون بين حدث ثقافي وآخر وينتمون إلى دائرة واحدة شبه متجانسة في نمط حياتها ونظرتها إلى العالم. وينخرط في هذه الدائرة العاملون في مجالات الفن والثقافة، المثابرون على طرح قضايا بلادهم. أما السؤال البديهي فهو: هل هذه الأفلام التي تُمعن في وصف حالة مجتمعاتها المزرية، موجهة حصراً إلى هذا الجمهور الذي يعرف محتواها مسبقاً؟

الأفلام السورية تمنح «أيام بيروت السينمائية» نكهة ملحمية

يوسف بزي

في اللحظة التي باتت فيها بيروت مدينة طاردة للسوريين، بقرار رسمي على ما يبدو، هو أشبه باتفاق «أهلي» ضمني، قوامه منع «الأزمة السورية» من التسبب بالانفجار داخل لبنان.. في هذه اللحظة الضاغطة على السوريين، اللاجئين منهم أو الزائرين، إلى حد المهانة، منح مهرجان «أيام بيروت السينمائية» (12 21 آذار 2015) مساحة عرض رحبة وكريمة لمجموعة من الأفلام السورية، التي تُعتبر اليوم الأفضل والأبرز تعبيراً عن مجريات السنوات الأربع المنصرمة، بل هي إنجازات مضيئة في الفن السينمائي السوري، بوصفها «سينما الكاميرا الحرة»، إن جاز التعبير. هي التي أُنتجت في أثناء الثورة والحرب وعنهما ومن رحمهما. هي أفلام «ما بعد سوريا الأسد» بالمعنيَين التاريخي والسياسي. وحضورها اليوم في برنامج المهرجان هو الذي أضاف قوة ورصانة إليه، ومنحه هذا الطابع الواقعي، المفعم بروح تعبيرية سياسية. بمعنى آخر، اكتسب «أيام بيروت السينمائية» مع الأفلام السورية قدرة الإدعاء بتمثيل كاميرا «الآن وهنا»، علاوة على كونه فرصة نادرة لعرض تجارب سينمائية شابة، تجريبية وغير قابلة للرواج الجماهيري.

واجتماع الأفلام السورية هذه، الوثائقية منها والروائية، بتواقيع مخرجين مخضرمين وجدد، هو أيضاً مناسبة نادرة لرؤية بانوراما السينما السورية وحساسياتها ووجهتها العامة، إذ نحن إزاء «أنطولوجيا» مصغرة لسينما كانت سمتها دوماً الإعتراض بلا ضجيج، موارب وعنيد في آن، وتميزها بخبث كاميرتها وسخريتها المكتومة ونهمها البصري وجمالياتها المتقشفة ونزوعها الأدبي والتصاقها بما هو محلي ونكهتها المرة والمتشائمة.

استضاف المهرجان أفلام «سلّم إلى دمشق» لمحمد ملص، الذي أنجزه بروح مسابقة الزمن قبل الفوات لتصوير قصة حب دمشقية على إيقاع بدايات الثورة والخوف من المجهول. أسامة محمد شريكاً لوئام سيماف باديركسن في «ماء الفضة»، فيلم من نتاج زمن فيديوات الهاتف المحمول واليوتيوب وعيون الناشطين والمواطنين- الصحافيين، في مشروع يلتصق بالألم السوري بلا مساحة أو فاصل، سيرة الرعب في شريط حيّ لكاميرات مجهولة. ورغم فلسطينية رشيد مشهراوي، أو بسببها، فلا يمكن تصنيف «رسائل من اليرموك» إلا ضمن أفلام سوريا، فيها وعنها، بلغة وثائقية محبوكة بذكاء، حيث الحكايات المتعددة تتداخل لتروي فصول مأساة سكان مخيم اليرموك، واللاجئين منه.

للمرة الثانية نشاهد قصداً «الرقيب الخالد» للمخرج الشاب زياد كلثوم. شريط متعدد الزوايا، متشابك الحكايات، ركيزته وقوف أنا المخرج عند تقاطعات مصيرية لشخصه وبلده. لكن، على مستوى أعمق، هو فيلم وقوف السينما السورية نفسها بمواجهة سؤال جدواها، ماضيها ومستقبلها. 

فهو سينمائي ومجند لم يسرّح من الخدمة في الوقت ذاته، يخدم عسكريته في «سينما باسل الأسد» داخل مجمع للجيش، لم تعرض أي فيلم منذ 15 عاماً (مفارقة دالة: السينما التي يقترحها النظام هي العتمة فقط، موت الكاميرا، خراب آلة العرض، تعفن الشاشة؟!). جندي يستيقظ ويقلي البيض، محاطاً كيفما اتجه بصور عائلة الأسد، فيما الدبابة الرابضة بالقرب منه تقصف ضواحي العاصمة. وبسبب طبيعة وظيفته في «الإعلام الحربي»، يستطيع أن يخلع بزته العسكرية يومياً ليعود إلى حياته الطبيعية، حاملاً كاميرته الصغيرة، وكاميرا الهاتف المحمول، مصوراً في طريقه سماء الغارات وطائرات النظام التي تنقض على أطراف دمشق. ويومياً يصور على طريقة الـ «Making-of» فيلم محمد ملص «سلم إلى دمشق»، لكن مستنطقاً العاملين فيه، لا عن عملهم إنما عمّا يحدث حولهم (مفارقة أخرى: ما معنى أن نصور قصة حب في أحياء دمشق الآن، حيث ضجيج الهليكوبتر العسكرية تحرم ملص من «نقاء الصوت»؟ تلميح إلى أفول تاريخ سينمائي؟)، وفي طيات السرد، التفاتة بارعة إلى موت صالات السينما في المدينة وانحطاطها، فيما المدمنون عليها باتوا شبه معتوهين ومشردين (مفارقة إضافية: انحطاط أسباب المدينة وعلاماتها العمرانية بشراً ومؤسسات). ينتهي «الرقيب الخالد» بإعلان مخرجه انشقاقه عن الجيش والتزامه الكاميرا سلاحاً. شريط زياد كلثوم (المنفي الآن) هو ولادة مخرج من طراز خاص.

من دون أي تردد، يمكن القول ان فيلم «العودة إلى حمص» لطلال ديركي (87 دقيقة) هو الأفدح تأثيراً. صدمة كاملة. مدهش حتى البكاء والشهقة. عنيف وقاس وفائض بحساسيته. قد يكون الصورة الأروع والأكمل للمأساة السورية. لا مهرب من وصفه بـ»الملحمة» السينمائية الساحرة والطاعنة بالروح والعين. شريط غير قابل للنسيان. سينما بلا سينما، بلا أي حيلة تصويرية تقريباً. لا مسافة على الإطلاق بين الكاميرا والواقع إلى حد يصعب تصديقه. فيلم هو خلاصة ثلاث سنوات من التصوير اليومي المتواصل، كأن كاميرا شبحية أو ميتافيزيقية تعمل بلا توقف مبتلعة كل زمنها. الحدث بأكمله هنا بلا «كادر» وبلا انتقاء. يبدأ من ذروة ويظل في كل ثانية منه بالذروة، حتى النهاية. 

فيلم البدايات والنهايات مع حمص «عاصمة الثورة»، والشاب عبد الباسط الساروت، حارس المرمى فالناشط الرمز، صانع أهازيج وأغنيات التظاهرات السلمية، فالمتحول إلى مقاتل ملهم فائق الشجاعة، الحزين والجريح.. سيرة التحولات التي عصفت بسوريا عبر كاميرا حربية لصيقة إلى حد الجنون بالرصاص والدبابات والقذائف وبلحظات الموت المباشر والحقيقي، على نحو خرافي لا تحلم أي سينما أن تماثله. لذا ستكون ملحمة «العودة إلى حمص» علامة فارقة لزمن طويل في ذاكرتنا السينمائية.

المستقبل اللبنانية في

22.03.2015

 
 

ليلى علوى: مشتاقة للعودة إلى السينما

القاهرة - بوابة الوفد - أحمد عثمان:

طالبت النجمة ليلى علوى الرئيس عبدالفتاح السيسى التدخل شخصياً بوضع حل جذرى وقرارات سريعة لحل أزمة السينما مع القرصنة التى تسببت فى نزيف من الخسائر للمنتجين الجادين الذين يقودون فناً جيداً وجعلتهم يحجمون عن الإنتاج المر الذى جعل دور العرض تلجأ للأفلام دون المستوى لتعوض خسائرها خاصة بعد ثورة يناير، وقالت «ليلى» خلال حوارها لـ«الوفد» بعد تكريمها فى مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية إنها تشعر بحالة من البهجة والسعادة لتكريمها من مهرجان مهم مثل الأقصر للسينما الأفريقية، وأوضحت أنه أضاف لمعنوياتها المرتفعة بعد نجاح المؤتمر الاقتصادى الذى كشف عن مكانة مصر وحرص رئيسها السيسى وحكومته على عمل إنجاز يعزز الاقتصاد المصرى.. عن واقع التكريم عليها وسر غيابها عن الدراما والسينما تحدثت ليلى علوى بروح مرحة، وسألتها:

·        كيف ترين تكريمك بالأقصر للسينما الأفريقية؟

- بالتأكيد هذا التكريم شىء مهم للفنان لأنه يعكس إحساس الآخرين تجاه فنه وأدواره خاصة عندما يكون التكريم من داخل بلدك ومن مهرجان كبير ومهم مثل السينما الأفريقية لأنه خطوة مهمة فى علاقتنا بهذه القارة بالإضافة لضرورة التواصل الفنى مع أهالى الصعيد لأنهم يمثلون جزءاً حيوياً من شعب مصر، وأشعر بسعادة بالتكريم فى هذا التوقيت بعد نجاح المؤتمر الاقتصادى ونجاح الرئيس فى جمع هذا الحشد من العالم والدعم العربى الكبير لمصر وهذا شىء أشعرنى بالفخر والاعتزاز وأتمنى أن يكون بداية جيدة لعودة الاقتصاد وبناء المشروعات.

·        وما دور المهرجان فى التواصل مع أفريقيا؟

- المهرجان مهم ويتطور من دورة لأخرى وبصراحة كم الحضور والتنظيم وتواجد النجوم المصريين واهتمام أهل الأقصر والمسئولين والدولة يؤكد أهميته، فأفريقيا شريك مهم لمصر وتأخرنا كثيراً فى الوصول إليها اقتصادياً وتجارياً، ونجح المهرجان بكونه أحد روافد القوى الناعمة فى أن يستقطب الفن الأفريقى، وأتمنى أن يتم إنتاج مشترك معهم حتى يتعرفوا على فننا ومساعدتهم فى ذلك ضرورة لأن الفن أهم لغة للتعارف بين الشعوب خاصة أن بيننا رافداً مشتركاً ومهماً جداً هو نهر النيل.

·        وما أسباب غيابك عن المنافسة الدرامية فى رمضان المقبل؟

- اعتذرت عن الأعمال التى عرضت علىّ فى الدراما الرمضانية لأن الوقت تأخر كثيراً، بالإضافة لرغبتى التفرغ للسينما بعد فترة لظروف البلد، وبعد تحسن الوضع قررت العودة للسينما بفيلم جديد جار الإعداد له حالياً.

·        ماذا عن الفيلم الجديد وملامح دورك فيه؟

- لا يمكننى الحديث عن دورى إلا بعد الإعلان عن بدء تصوير الفيلم بشكل رسمى، فنحن لم نستقر على العنوان حتى الآن، لكن أرى أنه عمل متميز ودور مختلف ويضيف لرصيدى السينمائى خاصة أن الجمهور أصبح أكثر وعياً ويميز العلم الجيد ويقبل عليه مهما حاولت الأفلام المتواضعة فرض نفسها.

·        لكن السينما تعانى أزمة قرصنة وإنتاج مضمون؟

- بالتأكيد وكعضو فى غرفة صناعة السينما نعايش مشكلة القرصنة من عامين ورغم تشكيل لجان برئاسة رئيس الوزراء ومستشار الرئيس فايز أبوالنجا، لكن لا شىء يحل وبصراحة المشكلة تحتاج لحلول جذرية، وأناشد الرئيس السيسى التدخل شخصياً لأننى أثق فى حبه للسينما، فالمنتج الجاد أصبح يغشى المغامرة بأمواله لأنه يجد فيلمه فى فضائيات مغمورة بعد أيام وعلى النت أيضاً والمسألة تتطلب تكاتف الجميع حتى نحافظ على الصناعة لما لها من دور وأهمية.

·        طفت على سطح الأعمال الفنية ألفاظ ومشاهد لا تليق بهوية فن مصر وثقافتها فى رأيك ما السبب؟

- للأسف طبيعة المرحلة فرضت نفسها وانساق الإنتاج خلف لغة الشارع التى تغيرت بعد الثورة وهذا لا يليق بهويتنا وثقافتنا، فكان يجب أن تدعو الأعمال الفنية فى الفترة الماضية للعمل والانتماء والوحدة وأتمنى فى المرحلة المقبلة أن تختفى هذه المشاهد والألفاظ بفعل الرقابة المجتمعية التى تميز وتنقى ما يناسبها من أعمال.

·        عبرتِ عن سعادتك بنجاح المؤتمر الاقتصادى فكيف ترين نجاحه؟

- نجاحاً مذهلاً لمصر ومكانتها على الخريطة الدولية، وأظهر أهميتها المعروفة للعالم وأظهر حب الأشقاء العرب الشديد لها ولشعبها، ليس لكونها الدرع والسند لكن لأنه ارتباط مصيرى ووحدة ضرورية يجب أن تكون فى وجه أعدائنا ومخططات التقسيم، ونحمد الله أن وهبنا رئيساً مخلصاً وشجاعاً تحمل مخاطر المرحلة مع جيشه وشرطته وشعبه وبمشيئة الله سيأتى المؤتمر بمردود عظيم لمصر ويدعم اقتصادها وشعبها.

·        وكيف تنظر ليلى علوى للمستقبل؟

طالما هناك مخلصون لبلدهم وليس لمصالحهم سيكون الأمل والخير موجوداً، وستعود مصر لمكانتها وتتربع على عرش الوطن العربى من جديد وأنا دائماً أقول لسة الأمانى والأغانى والسينما ممكنة وستظل مصر أم الدنيا.

سهير المرشدى:

مصر ولادة كل عام وطيبة ومنصورة

القاهرة - بوابة الوفد - محمد يحيي:

احتفلت أمس الفنانة "سهير المرشدى" بعيد ميلادها وعيد الأم معًا فى وسط حشد من الجمهور والإعلاميين والصحفيين على المسرح العائم عقب العرض المسرحى "أنا الرئيس".

وكرمت الفنانة "عايدة فهمى" مدير مسرح العائم الفنانة القدير "سهير المرشدى"، وأهدتها درع الأم المثالية، وقام فريق عمل العرض المسرحى بتقديم الورود وتورتة كبيرة طبع عليها صورتها برفقة ابنتها الفنانة "حنان مطاوع".

كما تم تكريم الفنانة "نادية شكرى" المشهورة بــ "سوسو" منذ عرض مسرحية "العيال كبرت" وأهديت لها هدية عيد الأم، كما تم إهداء 25 فردًا من أهالى الشهداء ودور المسنين دروعًا تكريمًا لهم.

وأعربت الفنانة "عايدة فهمى" عن سعادتها لوجود أمهاتنا من الشهداء ودور المسنين، متمنية أن تكون قد أدخلت السعادة إلى قلوبهم باستضافتهم بالمسرح لتكريمهم ومشاهدة العرض المسرحى.

كما أضافت الفنانة "عايدة فهمى" أن المسرح العائم مفتوح لأمهاتنا من دور المسنين وأمهات الشهداء دائمًا لمشاهدتهم أى عرض مسرحى.

وقالت إنها سعيدة جدا للاحتفال بعيد ميلاد وعيد الأم للفنانة "سهير المرشدى" التى قالت إن الفنانة "سهير المرشدى" أهدتنى "حنان مطاوع" فى المسرح وهى ابنة أستاذى ومعلمى الفنان "كرم مطاوع".

وأكدت أن "حنان" تعد مسيرة لهما فى المسرح كما أنها تعتز بالفنانة "ناديه شكرى" صديقتها فكلاهما أبناء وزارة الثقافة، ولم تنسَ فنانى المسرح الذين أفنوا عمرهم بداخله وتكريمهم اليوم جاء مع أمهات الشهداء ودور المسنين.

وقالت الفنانة "سهير المرشدى" أثناء تكريمها كل سنة وكل أم مصرية بخير وأخصت بالذكر مصر الأم هى ست الحبايب التى تحتوينا جميعا فمصر ولادة دائمًا، وأعربت عن سعادتها لتكريمها والاحتفال بعيد ميلادها معًا فكل التحية والتقدير لوزارة الثقافة والفنانة "عايدة فهمى" مدير المسرح الكوميدى التى تتذكر دائمًا أبناء وزارة الثقافة، وأدعو لمصر دائمًا بالنصر لجيشها ولشرطتها ولشعبها....حمى الله مصر من أى مكروه.

وختم الفنان "سامح حسين" قائلا بمناسبة عيد الأم للجمهور و"بالوالدين إحسانًا".

الوفد المصرية في

22.03.2015

 
 

المخرج الأمريكي تيم بيرتن منتقلاً من الفانتازيا إلى السيرة:

«عيون كبيرة»: فنانة وقّعت لوحاتها باسم زوجها فصار فناناً

سليم البيك - باريس ـ «القدس العربي»:

في فيلمه الجديد، حمل المخرج الأمريكي تيم بيرتن عدّته الفنيّة وانتقل من أفلام الفانتازيا والخيال والرسوم إلى فيلم في صلب الواقعيّة، وليس الفيلم واقعياً للشخصيات والأحداث فيها فحسب، بل أساساً لتصويره سيرة فنانة أمريكية، وقصّتها الحقيقية مع لوحاتها ومع استيلاء زوجها على هذه اللوحات. الهويّة البصريّة لبيرتن واضحة في الفيلم، الألوان متباينة ومتنوّعة في مشاهده، الديكورات تكاد تكون كرتونيّة، نضيف إلى ذلك اللوحات الأكليريكية والزيتية التي تملأ المَشاهد، وهي هويّة حملها معه من أفلام سابقة له كـ «أليس في بلاد العجائب» و«شارلي ومصنع الشوكولاته» و «ظلال معتمة» وغيرها، حيث للألوان دور أساسي في تشكيل هويّة صانع هذه الأفلام، ولا عجب في ذلك إن عرفنا أن بيرتن قدم إلى الإخراج من الرسم، حيث بدأ مع شركة ديزني، وأنّه مستمر في مهنة الرسم إلى جانب الإخراج، حيث تخرج رسوماته وشخصياته في أفلام كما في كتب مطبوعة.

يقدّم «عيون كبيرة» للمُشاهد سيرة الرسامة الأمريكية مارغاريت كين (آمي آدامز) منذ بداياتها الفنيّة حتى نيلها شهرة واسعة في أمريكا، نيلها هي وليس لوحاتها، لأن اللوحات كانت قد اجتاحت الوسط الفني في أمريكا إنّما باسم زوجها والتر كين (كريستوف والتز)، وهذا أساس الفيلم ومبرّر تصويره.

يبدأ الفيلم بهرب مارغاريت ومعها ابنتها، من زوجها، تبحث عن عمل، كل ما تستطيعه هو الرسم، شخصيّتها سلبية وساذجة ومنطوية على نفسها ولا أصدقاء لها، وذلك ينسحب على معظم زمن الفيلم. تحاول أن تعمل رسّامة على الرصيف حيث ترسم بورتريهات مقابل دولار واحد، تلتقي بفنان آخر، أو مدّع، هو والتر. لاحقاً تصلها ورقة من زوجها يطالب فيها بحضانة ابنتهما كونها غير قادرة على ذلك مادياً، فيطلب منها والتر أن تقبل الزواج به فتضمن بذلك حضانة ابنتها، يتزوجان وتستمر هي بالرسم. يحاول هو التسويق وبيع لوحاتها ولوحاته، سنعرف لاحقاً أنه لم يرسمها بنفسه، تجذب لوحاتها العديد من المشترين، مع بيع المزيد من اللوحات بدأ والتر الإعلان بأنه من رسمها، قائلاً لزوجته مارغاريت بأن الناس ستقلّل من قيمة لوحات ترسمها امرأة، وأن القول بأنه راسمها سيزيد من مردودها المادي عليهم وأنه سيحسن بيعها، تخضع هي لأسباب تخص شخصيتها كما تخص حاجتهم للمال، أو للمزيد من المال، وعلى ذلك يتطوّر سير الفيلم إلى أن تستعيد مارغاريت اسمها ولوحاتها، وذلك بعد عشر سنين من النجاح الجماهيري الباهر للوحات ومن النجومية التي رافقت زوجها والتر، مجرياً مئات المقابلات الصحافية والتلفزيونية.

يطرح الفيلم عدّة مسائل أوّلها هو ما عانته المرأة من السيطرة الذكورية وطمس إنسانيّتها، والذكورية هنا لا تقتصر على زوج الفنّانة الذي انتهك حقوق ملكيّتها الإبداعية للوحاتها بل تمتد إلى المؤسسات الفنيّة والمجتمع في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

المسألة الثانية التي يطرحها هي العلاقة بين الجماهيرية التي قد تنالها أعمال فنيّة، وبين جودة هذه الأعمال، أي بين الانتشار الواسع والنجاح التجاري وبين القيمة الفنيّة للأعمال، وظهر ذلك جلياً من خلال الرأي النقدي الذي طُرح في الفيلم من خلال أحد نقّاد صحيفة «نيويورك تايمز» الذي لم ير في اللوحات أي قيمة فنيّة. والمبيعات السريعة والواسعة للوحات تعود أساساً لمهارة التسويق والبيع لدى زوجها، مهارة سهّلت عليه الإقناع بأنّه فعلاً رسّامها، وهو أصلاً موظّف في شركة عقارات، فلم تكن اللوحات بالنسبة له غير سلعة تُباع مقابل أفضل سعر ممكن ولم تكن زوجته بنظره فنانة، بل منتجة وحسب.

ومن هنا يمكن طرح سؤال آخر عن مدى جديّة هذه الأعمال، كونها تم إنتاجها تحت ضغط الوقت ولغاية البيع والربح، وهذا ربّما ما يبرّر الحفاظ على أسلوب واحد، فتاة بملامح حزينة وملابس رثّة وعيون كبيرة، وأي تغيير في ذلك قد يمسّ استقرار الربح الذي تسببه هؤلاء الفتيات الحزينات. لكن ذلك لا يمنع أن مارغاريت رسمت لوحاتها بحميمية الفنّان وشغفه، وهذه علاقة بين الفنانة وعملها، استطاعت آمي آدامز آداءها برهافة، شاهدناها قبل عاميْن في (American hustle) حيث نالت عنه في حينها كما عن دورها الآن في (Big Eyes) جائزة الغولدن غلوب عن أفضل ممثلة.

وفي مسألة التقييم النقدي لأعمال فنيّة على أنّها لا ترقى لحدود أدنى من المعايير اللازمة، يمكن هنا استعادة فيلم ممتاز لتيم بيرتن هو (Ed Wood)، حيث نشاهد مخرجاً سينمائياً (جوني ديب) يحكم عليه النقّاد بالفشل، فيلم أُنتج عام 1994 وكتب السيناريو سكوت ألكساندر ولاري كارازوسكي، كاتبا السيناريو كذلك للفيلم موضوع المقالة.

لا يطرح الفيلم المسائل المذكورة بشكلها المباشر، إنّما يروي مأساة مارغاريت مع زوجها وتواطئها معه لانتهاك حقّها في ملكيّة اللوحات كونه من يعرف كيف تُسوّق وتُباع، تواطؤ يعود للشخصية الخاضعة التي كانت لمارغاريت، وهو ما يُلام عليه أساساً المجتمع ومؤسساته الذكورية في حينها.

قد لا يجد بعض معجبي تيم بيرتن ضالتهم في هذا الفيلم، كونه لا يقوم على رسومات المخرج وخياله أو خيال الكتّاب، بل على سيرة حقيقية ما تزال بطلتها تعيش في عالمنا بعمر 88 عاماً، لكنه جديد هذا المخرج، وهو أفضل من العديد من أفلامه السابقة.

القدس العربي اللندنية في

22.03.2015

 
 

على شفا العظمة – دارين أرونوفسكي

محمود سمير – التقرير

الفنان الذي يعيش ويبقى هو الذي يغير ما يقدمه للجمهور دومًا.

استطاع (دارين أرونوفسكي) أن يصنع اسمًا مميزًا في السينما العالمية رغم أنه قدم ستة أفلام فقط على مدار سبع عشرة سنة.

ثلاثية الهوس (أفلام أرونوفسكي الأولى)

أخرج (أرونوفسكي) عام 1998 فيلمه الأول باي (Pi).  يحكي الفيلم قصة العالم الرياضي (ماكس كوهين) الذي يعتقد أن الأرقام هي لغة الكون وأن كل شيء به خاضع لأنماط وقوانين رياضية محددة، وأن الطبيعة يمكن التعبير عنها في صورة أرقام.

حاول (كوهين) أن يطبق تلك النظرية على سوق الأوراق المالية، ذلك أنه اعتقد أن هناك نمطًا رياضيًا محددًا يتحكم بطريقة عمل سوق البورصة.

استخدم (كوهين) حاسوبه الآلي المسمى بـ(إقليدس) في القيام بحسابات رياضية تساعده على توقع قيمة الأسهم المالية في المستقبل.

توقف (إقليدس) عن العمل أثناء قيامه بالحسابات وطبع شيفرة مكونة من 216 رقمًا عشوائيًا قبل أن يتلف تمامًا.

طبقًا لدراساته السابقة، استنتج (كوهين) أن تلك الشيفرة هي مفتاح فك الأنماط الكونية التي لطالما آمن بوجودها.

طوال الفيلم (كوهين) مههوس بفك هذه الشيفرة الكونية. يزداد هذا الهوس سوءًا مع مطاردة شركات السمسرة المالية له من أجل تطبيق نظرياته لصالحها، ومطاردة مجموعة من رجال الدين اليهودي له لاعتقادهم أن تلك الشيفرة الكونية قد تكون رسالة جلية من الرب.

قام بدور (ماكس كوهين) الممثل (شون جيليت) والذي كان صديق (أرونوفسكي) في دراسته الجامعية.

ظهرت هنا بذور جماليات وأسلوب (أرونوفسكي) الإخراجي المميز الذي سيطوره في أفلامه اللاحقة.

تباين شديد في الصورة، قطع مكثف للقطات قريبة بإيقاع شبيه بموسيقى الهيب الهوب، أسلوب حكي ذاتي يحكي القصة من وجهة نظر الشخصيات، ومقاطع سيريالية مجنونة وغرائبية.

شهد الفيلم بداية تعاون وثيق بين (أرونوفسكي) ومدير التصوير (مات ليباتيك) الذي استمر حتى الآن.

الفيلم صور بالأبيض والأسود وبتكلفة لم تتعد الـ 50000 دولار أمريكي.

عرض الفيلم في مهرجان سان دانس وحاز (أرونوفسكي) على جائزة أحسن مخرج، ونجح في دور العرض الأمريكية ليحقق إيرادات تجاوزت الثلاثة ملايين دولار. نجاح الفيلم شجع (أرونوفسكي) ليخرج فيلمه الثاني بميزانية أكبر.

تقييم الفيلم 8/10

 Requiem for a Dream

أو جنازة حلم، الذي أنتج في عام 2000. الفيلم يناقش نوعًا آخر من الهوس وهو الإدمان. يحكي الفيلم قصة أربع شخصيات يحول الإدمان أحلامهم وأمالهم لكوابيس.

(سارة جولدفارب) أرملة عجوز لها ابن وحيد (هاري). سارة أدمنت مشاهدة أحد برامج المسابقات على التلفاز، وتحلم كل يوم أن تظهر به. تحقق حلمها بعد أن جاءتها مكالمة تخبرها أنها صارت ضيفًا على البرنامج، مما دفعها أن تبدأ حمية غذائية معتمدة على أقراص التخسيس لتخفض من وزنها.

تسبب استخدام (سارة) المفرط لأقراص التخسيس في إصابتها بحالة جمعت بين جنون الارتياب والزهايمر.

على جانب آخر، (هاري) وحبيبته (ماريون) مدمنان للهيروين. يحلما بأن يكونا ثروة سريعة من تجارة المخدرات حتى يستطيعا تحقيق أحلامهما بالاستقرار سويًا كزوجين وحبيبين.

لا يتناول الفيلم إدمان المخدرات فقط، وإنما يتناول الإدمان كحالة نفسية وكنوع من الهوس. الفيلم أثار الجدل بسبب مشاهده التي احتوت على عنف وجنس صريح. خاض الفيلم معركة مع جمعية الفيلم الأمريكي التي أعطته التصنيف العمري سيئ السمعة NC-17، الذي لا يسمح بدخول من هم أقل من سن السابعة عشرة. انتهت المعركة بنزول الفيلم دور العرض بدون تصنيف.

طور (أرونوفسكي) أسلوب الحكي الذاتي والقطع السريع في هذا الفيلم، ليصبح أكثر حرفةً وجرأة.

هذا الأسلوب جعلنا كمشاهدين ننصهر في الحالة النفسية والعقلية التي يمر بها أبطال الفيلم.

قامت الممثلة المخضرمة (إيلين بيرنستن) بدور (سارة)، وقدمت شخصية خائفة ومعزولة وتسعى لاستعادة اهتمام الناس بها.

شخصيًا، دورها كان غاية في القوة لدرجة أنها ذكرتني بأمي التي قمت باحتضانها بعد مشاهدة الفيلم.

قام (جاريد ليتو) و(جينيفير كونيللي) بدور (هاري) و(ماريون). لا تشعر سوى بالأسف والأسى لما تؤول إليه أحوالهما على مدار أحداث الفيلم. روعة أداء الاثنين جزء مهم من التجربة العاطفية التي قدمها (أرونوفسكي).

موسيقى (كلينت مانسل) كانت بارعة، ونجحت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا لدرجة أنها أصبحت “كليشيه” من كثرة استخدامها في الإعلانات التجارية والدعائية للأفلام والمنتجات.

أثبت (أرونوفسكي) أنه مخرج مخضرم بارع في إدارة الممثلين والحكي والتقطيع. فقد رشحت (إيلين بيرستن) للأوسكار كأحسن ممثلة عن دورها في هذا الفيلم ولاقى الفيلم استقبالًا نقديًا قويًا، وتم ترشيح (أرونوفسكي) ليخرج النسخة الخامسة من سلسلة أفلام (باتمان) بعد نجاح هذا الفيلم.

انتظر الجميع فيلم (أرونوفسكي) التالي. انتظروا وانتظروا وانتظروا.

تقييم الفيلم 9/10 

The Fountain

بعد ست سنوات من الاختفاء، أخرج (أرونوفسكي) النافورة (The Fountain) في 2006.  يحكي الفيلم قصة (توم) الذي يحاول أن يؤمن أن الموت كالمرض له علاج. هذا المعتقد جاء نتيجة لصدمة أصيب بها بعد وفاة زوجته (إيزابيلا) بمرض خبيث.

يسرد الفيلم ثلاثة خطوط درامية متشابكة تقع أحداثها في أزمنة وأماكن مختلفة، وكلها متعلقة برحلة (توم) للبحث عن الخلود.

قام بدور (توم) و(إيزابيلا) كل من (هيو جاكمان) و(رايتشل فايز). أظهر الفيلم جانبًا جديدًا لـ(جاكمان) على مستوى الأداء والمشاعر، بالأخص في مشاهده مع (فايز) التي كانت حميمية ومرهفة للغاية.

طور (أرونوفسكي) أسلوبه البصري والروائي لأقصى مدى ممكن. أخرج مدير التصوير (مات ليباتيك) لوحات فنية مكونة من ديكورات مبهرة وإضاءة برتقالية دافئة.

موسيقى (كلينت مانسل) كانت وهمية، وعبرت بروعة عن مواضيع الفيلم كالخلود، الموت، والفراق.

مكث (أرونوفسكي) ست سنوات في تحضير الفيلم، وتم التعاقد مع النجم (براد بيت) والممثلة الأسترالية (كيت بلانشيت) في بدايات القرن الجديد؛ إلا أن مشاكل إنتاجية أدت لتقليص الميزانية التي كانت مقررة بـ 70 مليون دولار للنصف، واضطرت (أرونوفسكي) لإعادة كتابة النص بالكامل.

 فشل الفيلم على المستوى النقدي والتجاري؛ نظرًا لما رآه النقاد من أن الفيلم نصٌ معقد وذو شخصيات مسطحة، رغم قوته على مستوى الأداء والصورة.

تقييم الفيلم 8/10

ثنائية الجسد (أرونوفسكي يغير من جلده): The Wrestler

إذا شاهدت أعمال (أرونوفسكي) السابقة لن تعرف أنه أخرج هذا الفيلم. يحكي (The Wrestler) قصة راندي روبنسن المصارع العجوز. (راندي) كان أحد نجوم المصارعة الحرة، التي كانت هي شغفه الأول والأخير.

من أجل الجماهير، تخلى عن ابنته (ستيفاني) وعمن حوله من أحباب وأصحاب.

يعمل (راندي) في سوبر ماركت  نهارًا، ويقضي ليله في نادي التعري مع راقصته المفضلة (بام)، وفي عطلات نهاية الأسبوع يصارع في مباريات صغيرة بمبالغ تافهة.

يشخص (راندي) بمرض في القلب يمنعه من المصارعة. خوفًا من الموت وحيدًا، يحاول يائسًا إصلاح علاقته مع ابنته (ستيفاني) وأن يتودد لـ(بام) كي يرتبط بها.

قدم (أرونوفسكي) رؤية حزينة وواقعية لعالم المصارعة الحرة. هم مجموعة من الرجال يفتعلون معارك وهمية مع بعضهم البعض ويحطمون عظام بعضهم من أجل صيحات الجماهير وسعادتها.

يحصلون على مبالغ زهيدة مقابل هذا العمل الجنوني، لينفقوها على الطعام وهرمونات النمو كي يحافظوا على لياقتهم البدنية، وفي بعض الأحيان للعلاج من الإصابات والكسور.

الازدواجية التي قدمها (أرونوفسكي) في الفيلم بين (راندي) المصارع و(بام) راقصة التعري، كانت شاعرية ومعبرة.

كلاهما يستخدم الجسد كوسيلة للمعيشة وجني المال. كلاهما في سن يصعب معه الاستمرار في المهنة التي يعملان بها.

قام بدور (راندي) ممثل أفلام الحركة (ميكي رورك)، وبدور (بام) الممثلة المخضرمة ( ماريسا تومي)، وبدور الابنة (ستيفاني) الممثلة (رايتشل وودز).

إذا أردت الكتابة عن أداء (رورك) سأكتب مقالًا كاملًا عنه و لن أوفي حقه. قام (رورك) بزيادة وزنه وتمرن مع مدرب لمصارعة ليصل للشكل المطلوب. أداؤه يجعلك تتعاطف مع شخصية غير قابلة للتعاطف بالمرة. هذا هو التمثيل الرائع، نفس المعادلة حققتها الممثلة (ماريسا تومي) في دورها.

تخلى (أرونوفسكي) عن تقنيات الصورة والمونتاج والموسيقى المبهرة، واستبدلها بالسرد الوثائقي. اعتمد على أسلوب الكاميرا المحمولة وصور بفيلم خام 16mm، المخصص في الغالب للأفلام الوثائقية والقصيرة.

لم يكتب السيناريو بنفسه كما فعل في المرات السابقة، وإنما استعان بالكاتب الكوميدي (روبرت سيجل)، واعتمد على الارتجال في بعض المشاهد ليحصل على ردات فعل طبيعية من الممثلين.

عرض الفيلم في مهرجان فينيسيا ونال الجائزة الكبرى “الأسد الذهبي”، ورشح كل من (رورك) و(تومي) للأوسكار فئة أحسن ممثل وأحسن ممثلة مساعدة.

نجاح (The Wrestler) أعطى (أرونوفسكي) الفرصة لينتج رائعته البجعة السوداء (Black Swan).

تقييم 9/10

Black Swan

يحكي الفيلم قصة راقصة الباليه (نينا سايرز) المههوسة بالكمال في الأداء بعد فوزها ببطولة عرض الباليه الشهير بحيرة البجعة لـ(تشايكوفسكي).

(نينا) تعاني من أم متسلطة وذات شخصية منطوية. المثير للسخرية، أن مثاليتها الشديدة تصبح مشكلة لدي مخرج العرض (توماس).

شيئًا فشيئًا هوس (نينا) بالمثالية، يصبح ضربًا من الجنون.

عاد (أرونوفسكي) إلى موضوعه المفضل: الهوس، وطور أسلوبًا سرديًا جديدًا، مزج بين الوثائقي والسيريالي المرعب.

قامت الممثلة (نتالي بورتمان) بأحسن أدوارها على الإطلاق حينما جسدت (نينا). تدربت (بورتمان) على الباليه لمدة سنة كاملة من أجل الدور، وعملت على تغيير نبرة صوتها لتصبح أكثر طفولية.

الفيلم كان من أصعب التجارب التي خاضها (أرونوفسكي)؛ فقد صور الفيلم بميزانية ضئيلة لم تتعد الثلاثة عشر مليون دولار، وفي مدة لم تتجاوز الأربعين يومًا.

عرض الفيلم في 2010، ولاقى استقبالًا نقديًا هو الأفضل في تاريخ (أرونوفسكي)، ونجح نجاحًا كبيرًا في صندوق التذاكر؛ حيث حقق إيرادات تجاوزت الثلاثمئة مليون دولار.

رشح (أرونوفسكي) لأوسكار أحسن مخرج، ورشح  الفيلم في فئة أحسن فيلم، ممثلة، مونتاج وتصوير.

نالت (بورتمان) الجائزة عن دورها في هذا الفيلم، واعتبر الفيلم إعادة إحياء (أرونوفسكي) في هوليوود ليعرض عليه إخراج فيلم (The Wolverine) الذي رفضه ليخرج بعدها فيلم (نوح).

التقييم 9/10

العمل في هوليوود (Noah)  

بعد أربع سنوات، أخرج (أرونوفسكي) فيلم نوح، المقتبس عن قصة النبي نوح عليه السلام في سفر التكوين.

لا داعي لسرد القصة، فكلنا يعرفها. قدم (أرونوفسكي) تفسيرًا جديدً لنوح. أولًا جعله بشريًا، يخطئ ويصيب.

لا يمانع في فعل أي ممنوع من أجل تنفيذ أمر الرب.

خلق (أرونوفسكي)  دراما أخلاقية قوية بين نوح وعائلته، جعلتني كمشاهد أفكر إن كان ما يقوم به نوح صحيحًا وأخلاقيًا أم لا.

طرح (أرونوفسكي) سؤالًا جدليًا حول ما إذا ما تعارضت الأخلاق مع أوامر الدين من خلال هذا الفيلم.

الفيلم ابتعد عن النص المقدس ليقدم قصة هي بالأساس عن علاقة الإنسان بالبيئة، لتكون القصة كناية عما يفعله الإنسان بكوكب الأرض من دمار جراء التلوث والحروب.

قام (راسل كرو) بدور نوح وقدم الدور بتألق كعادته. قدم تجسيدًا لشخصية تعاني من عقدة الذنب من موت البشرية في الطوفان. عادت (جينفير كونيلي) لتؤدي دور زوجة نوح وتكون القلب العاطفي للفيلم، فمشاعرها تجاه زوجها تتأرجح بين الشك والمؤازرة والريبة والرفض، نفس المشاعر التي شعرت بها كمشاهد.

الفيلم تجربة جديدة من نوعها لـ(أرونوفسكي). فهذه المرة الأولى التي يقوم بإخراج فيلم ينتمي لنوعية الخيال. أيضًا، هي المرة الأولى التي يعمل فيها (أرونوفسكي)  مع استوديو هوليوودي ضخم كشركة (باراماونت)، وبميزانية تعدت المئة مليون دولار بعد أن عمل في نطاق الأفلام ذات التكلفة المنخفضة.

على مستوى الصورة، اعتمد (أرونوفسكي) على المؤثرات البصرية الرقمية؛ من أجل خلق عالم ما قبل التاريخ الذي يعيش به نوح.

صور (أرونوفسكي) الفيلم في أيسلاندا؛ مما خلق صورة خلابة ساعدت في خلق عالم ما قبل التاريخ.

نال الفيلم حفاوة نقدية ونجح في صندوق التذاكر، ليحقق كـ(Black Swan) إيرادات فاقت الثلاثمئة مليون دولار.

التقييم 8/10

(أرونوفسكي) في رأيي: أحد أكثر المخرجين إثارة. أفلامه تتناول خبايا وظلمات النفس البشرية، علاقة الإنسان بالدين والخرافة، الهوس والجنون. دائمًا ما تبهرني اختيارته ومواضيعه.

رابط المخرج

التقرير الإلكترونية في

22.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)