كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

ايليا سليمان يحاكم نفسه في الدوحة:

أنا رجل جبان أخاف من كلّ شيء!

المصدر: "النهار" - هوفيك حبشيان ــ الدوحة

 

عاد المخرج الفلسطيني ايليا سليمان الأحد الماضي في الدوحة، ضمن نشاطات تظاهرة "قُمرة"، الى مسيرته السينمائية والشخصية، بدءاً من طفولته الملولة في الناصرة الى أفلامه الثلاثة الطويلة التي كرّسته واحداً من أرفع المخرجين شأناً في العالم. تحدث بإسهاب في حوار متدفق مع الخبير السينمائي والمبرمج القدير ريتشارد بنيا طوال ساعتين من الزمن أمام حفنة من المهتمين. في حرص لافت لرسم بورتريه مغاير لذاته، أعلن صاحب "يدٌ الهية" مواقف تشمل السينما والسياسة والحياة عموماً، ولم يتوانَ عن استعادة فصول مؤلمة من سيرته لا يزال يحتفظ بطعمها المرّ تحت لسانه. عربيٌ في أميركا، متأمرك في فرنسا (في مرحلة ما)، عدو الدولة في اسرائيل (يحمل جنسيتها) و"مستسلم للعدو" عند بعض العرب الحمقى، اصبح سليمان (1960)، المقيم في باريس منذ سنوات، رمزاً للمخرج الذي وجد في السينما ادفأ أنواع الأوطان. في الآتي، تفاصيل ما جاء في الحوار:

1 ــ "ترعرعتُ وانا امضي معظم وقتي انتظر في محطات الباص"

"لا يوجد اي شيء في مسقطي الناصرة. وهذا "اللاشيء" هو الذي ألهمني ربما. انها مدينة صغيرة، طريق رئيسية واحدة. انها غيتو فيه كثيرون من العاطلين عن العمل. مدينة مزنرة بالعنف والاصطفاف. ترعرعتُ وانا امضي معظم وقتي انتظر في محطات الباص، والباص لم يكن يصل. كنت اضجر واريد الرحيل. منذ بلغتُ الرابعة عشرة لم أكن أفكر الا بالرحيل. الثقافة في الناصرة كانت مسيسة. هناك لحظة صار فيها الحزب الشيوعي قوياً، وهذا جعل الناصرة مركزاً للفلسطينيين الذين يعيشون داخل اسرائيل. لم تكن هناك الا سينما واحدة في الناصرة، تستطيع أن ترى فيلمين ببطاقة واحدة. عادة، كان يُعرض فيلم لبروس لي أو ما شابهه من افلام فنون قتالية او فيلم ايروتيكي. الذين كانوا في مثل حالتي كانوا يرتادون السينما يوم الأحد. أنا لم أكن يوماً سينيفيلياً. كان على الاولاد الذين يريدون دخول الصالة أن يقفوا مع الحائط، ومَن لا يستجيب يتعرض للتهديد من قبل الرجل الذي كان يعمل هناك. صدقني: هذا فيلم. في احدى المرات، تعرض أخي للضرب من هذا الرجل، فجاء بكمية من الحجار وحطم شبابيك السينما. هكذا اختصر تربيتي السينمائية".

2 ـــ "أمام فيلم لغودار، كنت أتساءل: من هذا؟"

"عندما وصلتُ الى نيويورك كنت مهاجراً غير شرعي. تركتُ المدرسة حين كنت في السادسة عشرة وخرجتُ من البلاد بعدها بعام. في نيويورك، عملتُ بوظائف غريبة، كنت اتقاضى ثلاثة دولارات و25 سنتاً في الساعة. كنت أتناول جوانح الدجاج كي اصمد، لم تكن موازنتي تسمح لي بأن أكل شيئاً آخر. كنت على هامش الحياة الثقافية في نيويورك، هذه اول مدينة كنت ازورها، فلم اعرف اين أموضع نفسي فيها. كان الأمر معقداً، كنت في حالة بارانويا دائمة؛ كلما رأيتُ شرطياً في الشارع أخاف أن يسألني عن أوراقي! وجب عليّ تثقيف نفسي وتأهيلها. آنذاك، لم اكن قرأتُ كتاباً واحداً والأفلام التي شاهدتها قليلة جداً. في المعهد الذي دخلته في أميركا، كنت اتسلل من باب الطوارئ عندما يتم اطفاء الضوء لعرض الفيلم. لم أكن معجباً بأي من الأفلام التي كان يقدمها الاستاذ. كنت اجدها مفزلكة. لم أكن امتلك اي ثقافة سينمائية. أمام فيلم لغودار، كنت أتساءل: من هذا؟ اي شيء يخرج عن اطار السينما النضالية المباشرة، كنت اعتبره صنيعة البورجوازية. تعلمت هذا في الناصرة ووظفته في نيويورك. كنت استمتع أكثر بفيلم "مفقود" لكوستا غافراس. بدأتُ اطلب الى الاصدقاء تزويدي لائحة الكتب المهمة التي ينبغي لي قراءتها".

3 ــ "اول لقطة صوّرتها في حياتي كانت رأس ماعز"

"جئت الى نيويورك عندما كنت في الحادية والعشرين وانجزتُ عملي الأول، "مقدمة لنهاية جدال"، في الثلاثين. حاولت تأليف سيناريو، واتذكر ان اول سيناريو نظرت اليه في حياتي كان "تشايناتاون" لبولانسكي. عندما كنت اصل الى الفقرة المخصصة للمسائل التقنية لم أكن افهم شيئاً. في تلك المرحلة ايضاً بدأتُ اطرق الأبواب. بعد ثلاث سنوات ونصف السنة في نيويورك لم اعد قادراً على تحملها، لأنني لم أكن اعرف ماذا افعل، فعدتُ الى فلسطين. كان لأخي كاميرا "في اش اس" ضخمة يصوّر فيها اعياد أولاده. كان لي صديق راع يدرس في الجامعة قبل الظهر ويرعى اغنامه بعده، وأنا كنت اتسكع معه. اول لقطة صوّرتها في حياتي كانت رأس ماعز؛ "كلوز ابّ" لماعز يمضغ لنحو خمس دقائق. كنت انظر الى الماعز والماعز ينظر اليّ، هكذا انبهرتُ بالسينما للمرة الاولى". 

4 ــ "كنت أجبر نفسي على مشاهدة الأفلام"

"عندما عدت الى نيويورك، كنت قد ادخرتُ بعض المال وقررتُ أن أباشر مشاهدة الأفلام جدياً. كنت بدأتُ اقول للجميع بأنني اريد انجاز الأفلام، ولكن بصراحة لم يكن لي ادنى فكرة كيف تُصنع الأفلام. كنت آمل الا يسألونني ماذا درست لأنني لم أدرس شيئاً. فجأة، بدأتُ اشاهد الكثير من الأفلام! ولكن كنتُ أجبر نفسي. لم أكن استمتع. كنت ابتاع بعض النودلز وأدخل الصالة. مشاهدة افلام أوزو هي التي أقنعتني بأنني قادر على صناعة فيلم. تماهيتُ فوراً مع وجهة نظره الكاميرائية. بعدها، شاهدتُ أفلام هاو سياو ــ سيين، ومذذاك راحت محاولاتي الكتابية تمشي على خطاه. النسخة الاولى من "سجل اختفاء" كانت شبيهة جداً بـ"غبار في الريح". قلدتُ سيين قليلاً مع احساسي بأن هناك شيئاً في السينما اليابانية والصينية متوغلة في أجواء مشابهة بالمكان الذي جئت منه. الزوجان اللذان يراقبان القطار وهو يعبر امامهما يذكّرانني بأهلي وهما يواجهان الظروف السياسية الطارئة. في كلا الفيلمين، يتشارك الناس حقيقة انهم مضطرون للعيش تحت الاحتلال. اهلي مثلاً لم يفهما لسنوات ان هناك لغة عبرية مفروضة عليهما. كانا في حالة نكران لهذا الوضع كنوع من محاولة للاقامة في الأمل. لا أزال اذكر طريقة والدي في النظر الى الارض عندما كان يعبر في مركز للشرطة. من أجل السماح له بالسباحة في البحيرة، كان يذهب كل يوم احد الى مركز للشرطة لطلب اذن لمغادرة الناصرة. حتى عندما كان يحصل على الاذن، كان يعود الى المنزل وفي نظرته انكسار ما".

5 ــ "ان ينجز الفلسطيني فيلماً، كان هذا شيئاً مشبوهاً"

"بدايتي الحقيقية كانت في مهرجان روتردام السينمائي يوم عُرض "مقدمة لنهاية جدل". بدلاً من ثلاثة عروض، حظي الفيلم بسبعة منها. بعد مشاهدة الفيلم، طلب اليَّ المنتج التونسي احمد بهاء الدين عطية ان اشارك في انجاز فيلم جماعي عن حرب الخليج. "سجل اختفاء" لا احد اراد تمويله. النحو الذي تصرف به المنتجون الفرنسيون عندما حملتُ اليهم مشروع "سجل اختفاء" كان فظيعاً. حتى ان بعضهم شتمني. اتذكر ان احدهم اتهمني بأنني مجرد مخرج متأمرك، معتبراً ان النص الذي كتبته ليس لديه اي علاقة بفلسطين. كان هذا المنطق السائد آنذاك. فهم يعرفون أكثر مني كيف هي فلسطين. يعرفون أكثر من خلال تفويضهم مخرجين فرنسيين لانجاز افلام عن فلسطين. ان ينجز الفلسطيني فيلماً، كان هذا شيئاً مشبوهاً، وكأننا نعاني من اعاقة في خيالنا. كانوا يعانون من عقلية ما بعد كولونيالية. هم يريدون مساعدتنا فعلاً، لكن بشرط أن نكون الموضوع وليس الصانع. لا أحد من المنتجين الفرنسيين كان ايجابياً حيال المشروع، وانا اعتقد انه يجب عليّ ان اشكرهم لأنني اتممتُ الفيلم من مالي الخاص. لو تولى انتاجه هذا النوع من المنتجين لكان أصبح فيلماً آخر، فيلم اكثر انفتاحاً على الحالة الجماهيرية. كنت حراً في كل قراراتي. كان هذا شيئاً نادراً.

أفلامي أوتوبيوغرافية جزئياً. وكي انجزها عليَّ بكل بساطة ان اعيش. أحلام اليقظة هي أشبه بعملية بحث وتأليف. لذلك، يجب أن أجلس في زاوية وان اشاهد مرور الحياة لعله يحصل شيء ما فيها. هذا شيء اكتسبته من الناصرة عندما كنت اطرح تساؤلات بلا هدف... لا ازال على اقتناع بأنني لستُ مخرجاً. لديّ اصدقاء وهم فعلاً سينمائيون وناشطون في الوسط السينمائي ولديهم علاقات بالمنتجين. طبعي الذي يمنع عني القيام بالمبادرات يحرمني من هذا النوع من التواصل".

6 ــ "... كنت أخشى ان تتصهين فلسطين من خلال اوسلو"

"عندما حققتُ "سجل اختفاء"، كنت في حالة خيبة جراء اتفاق اوسلو ومستاء من تخاذل الدول العربية وتخليها عنا. كان الفيلم انعكاساً نابعاً من القلب عن حالتي. في احد مشاهد الفيلم، انتقدتُ الفلسطينيين ايضاً من خلال نقد حسهم الوطني المتصاعد. كان بعضهم يريد فرض حب فلسطين فرضاً. كنت أخشى ان تتصهين فلسطين من خلال اوسلو، فيجري جرهم الى اعتبار القضية الفلسطينية حكراً على الذين في داخلهم دمّ فلسطيني. بالنسبة لي، ان تكون فلسطينياً لا يعني ان تقفل حدودك في وجه الآخرين. كنت بدأت اشعر بانتهاك لكرامة الآخرين. كنا نحذو حذو الايديولوجيا الصهيونية ونطرح انفسنا أبطالاً. كانت لي نظرة منتقدة لهذه الظاهرة.

في تلك المرحلة، كنت اعلّم في جامعة بيرزيت، وكان هناك حصة دراسية عن البروباغندا الصهيونية والسوفياتية في السينما الصامتة، وكان هدفي منها تعليم الفلسطينيين ما يجب تجنبه، كأن يكون لنا الكثير من الحب للأرض مثلاً. الهوية الفلسطينية لم تكن يوماً بالنسبة لي شيئاً يرتبط بالدم والارض. لا معنى للهوية الفلسطينية اذا كانت تمنع أن نضم الينا كل الذين يقفون مع القضية الحقة من خارج حدود فلسطين. في بداية تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في الاردن ــ في البداية فقط ــ كان يمكنك الحصول على بطاقة هوية من المنظمة حتى لو كنتَ دانماركياً. كانت حركة ثورية أكثر صدقاً من الهراء التي تحولت اليها لاحقاً ــ لا أقصد جميع اعضائها طبعاً، ولكن بعضهم لا علاقة له بالثورة".

7 ــ "عشتُ حياتي قلقاً مرعوباً من فكرة ان يحلّ بي ما لا اريده"

"أنا رجل جبان. أخاف من كل شيء. أخاف من الناس ومن ركوب الطائرة. عشتُ حياتي قلقاً مرعوباً من فكرة أن يحلّ بي ما لا أريده. لم يكن سهلاً أن أطلب الى والدي أن يقبلا الظهور في "سجل اختفاء". لم أخف أن يرفضا فحسب بل أن يقبلا (!). كانا بدأا يطعنان في السنّ وغير قادرين على فهم معنى أن تخترق خصوصيتهما بفريق تقني ومعدات تصوير. ذات يوم، كنا نشرب القهوة على شرفة منزلنا في الناصرة عندما فاتحتهما بالموضوع، فرأيتُ وجه والدي يشع نوراً. كانت هذه فرصته أن يشارك في فيلم. كان والدي شاهد الكثير من الأفلام الهوليوودية في الخمسينات أيام شبابه، وعندما اقترحتُ عليه الدور وجد نفسه يرتقي الى مصاف همفري بوغارت. رأيته في منتهى الحماسة خلال التصوير الى درجة انه وقف مراراً خلف الكاميرا وأعطاني تعليمات. في هذه المرحلة، لم تكن هناك سينما فلسطينية. كان هناك ميشال خليفي وأفلام قصيرة لرشيد المشهراوي. لم يكن الناس يفهمون ماذا يعني أن تقفل طريقاً للتصوير. كان الممثل بالنسبة للفلسطينيين ذاك الذي يعتلي خشبة المسرح ويتكلم بصوت عال. عدم التمثيل كان تمثيلاً. بعد ذلك، قاطعني الممثلون في فلسطين لأنني اخترت ممثلين غير محترفين".

 8 ــ "رؤية فلسطينيين يضحكون، هذا أغاظ كثيرين!"

"بعد عرض "سجل اختفاء"، كتبت الصحف الاسرائيلية انه يجب استبعادي. اتذكر مقالاً يقول فيه الكاتب ان هذا المشهد هو أسوأ هجوم حصل على اسرائيل اطلاقاً، مستطرداً انه "حتى الجيش الاسرائيلي لن يرجع الينا حقنا". النقاد العرب لم يروا ان مشهد النشيد الاسرائيلي الذي يختم الفيلم يصور والديّ وهما نائمان أمام العلم الاسرائيلي في نوع من تأكيد لعدم اكتراثهما بالامر. الاسرائيليون فهموا هذا، ولكن جماعة السينما في العالم العربي رفضت فهمه. في مصر، صدرت فتوى في حقي تبيح دمي. بيد انني سعدتُ أن أكون على اللائحة نفسها مع ادوارد سعيد، وعندما رأيته قلت له أننا فجأة تعادلنا... في الموت. بعد عرضه في تونس، عادت النسخة وفيها طعنات. بعد هذا الفيلم، تم استبعادي من اماكن كثيرة، هُددت واصبحت محرّماً. المقالات التي نُشرت في صحف مرموقة كـ"الحياة" مثلاً قالت بأن هذا الفيلم لن ينال جائزة في البندقية، لأن قصته من نسج خيالي. أحد النقاد كتب ان هذا تجميع مشاهد وليس فيلماً. اعتقد ان مشكلة الفيلم في كونه يطرح "هيومر" لا يحق للفلسطينيين عادة امتلاكه. رؤية فلسطينيين يضحكون، هذا أغاظ كثيرين. للمناسبة، هذه مشكلة يهودية عانى منها اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. كل محاولات ادخال الطرافة الى ابجديات المقاومة جبهت بالرفض والتنديد من جانب يهود آخرين. كان مرفوضاً التعامل مع مأساتهم بهذه الطريقة. بيد ان الغريب في الأمر أنني عندما أنجزتُ "يد الهية"، تحولتُ فجأة من عميل صهيوني الى بطل قومي، ومن جانب الأشخاص ذاتهم. في تلك اللحظة، بدأتُ أشك فيهم أكثر. كيف كان من الممكن ان أتحول من هذا الى ذاك بفيلم واحد؟ هناك حتى جريدة مصرية اعتبرتني تبت"...

9 ـــ "بعض المخرجين العرب كانوا يبصقون أرضاً عندما يرونني امرّ"

"بعد فوزي بجائزة البندقية، كنت اشعر بالفخر، واول شعور راودني هو ان أذهب الى بلد عربي. كنت متحمساً للقاء ناس يتكلمون مثلي والذهاب الى أوطان غنية بالثقافات. "قرطاج" اول مهرجان شاركتُ فيه بعد البندقية، كنت سعيداً وفخوراً. ثم، فجأةً، وقعت الصدمة. لم أكن اتوقع رد فعل كهذا. لم اعلم ان العلم الاسرائيلي سيفعل كل هذا. امام الفندق حيث نزلت، عناصر مسلحة من منظمة التحرير كانوا يؤمنون حراستي مع رشاشات أم 16. بعض المخرجين العرب كانوا يبصقون أرضاً عندما يرونني امرّ. حتى قبل مشاهدة الفيلم كان بعضهم بدأ بإطلاق صيحات الاستهجان ضده، اذ ان احدهم كان نشر اشاعة انني متصهين. كنت ساخراً ولكن لم اكن لئيماً قبل هذا الفيلم. ولكن كيف لا تكون لئيماً عندما ترى تحول بعض من هاجمني، ما ان فاز "يد الهية" في كانّ. هذا ترك في فمي طعماً مراً. مهما حاولنا ان نفهم منطق العالم العربي قبل "ربيعه" - من انظمة فاسدة وتواطؤ النقاد والكتاب الزائفين معها؛ ومهما حاولت أن تحلل ميكانيزم الديكتاتوريات - الا انك ستصاب بصدمة عندما ترى أمامك رجلاً كان يفعل شيئاً والآن يفعل عكسه".

 10 ـــ "في اللحظة التي بدأوا يبنون فيها دولة وجيشاً، فقدوا يهوديتهم"

"كان والدي في المقاومة، وسمعتُ منه هذه القصص مرات عدة. تم القبض عليه وتعذيبه. رموه من احد المرتفعات وألقوا عليه صخرة ولكنه نجا بأعجوبة. بقي في الغيبوبة لأيام عدة قبل ان يعود الى الحياة. أمي أخبرتني كل هذه القصص. كان رجلاً قوياً، ولكنه شاخ وأصيب بالمرض. كان يروي لي حكايات كثيرة طوال الوقت، كنا مقربين جداً. عندما بدأ يمرض، طلبتُ اليه ان يجلس صباحاً ويكتب ما كان يرويه لي. طلبتُ اليه أيضاً ان يزودني بعض المعلومات البصرية. كتب ما عاشه، فاحتفظتُ بذلك الدفتر الذي دوّن فيه لسنوات طويلة، وكنت في كل مرة اعود اليه أدرك مجدداً انني لستُ جاهزاً بعد. تربّى والدي في الحيّ الذي ولدتُ وتربيتُ فيه، وكل الحوادث التي رواها في مذكراته حصلت في بيت جدي الذي يقع بالقرب من بيتنا. اذا كان كتب عن رجل مصاب مثلاً، كان يقول لي: "اذهب وتأكد من الرصاصة اذا كانت لا تزال عالقة في الشباك". فكنتُ اذهب الى المنزل المعني واجد الرصاصة. لذلك، الكثير من اللقطات صورتها في المكان الذي جرت فيه الحوادث الحقيقية. حاولتُ أن ادنو قدر المستطاع من شيء لم اعشه. هكذا وُلد "الزمن الباقي".

الفيلم جعل الكنيست الاسرائيلية تعتبرني عدو الدولة (فتوى اسرائيلية). اثار الفيلم نقاشاً حامياً، الأمر الذي منعني من العودة الى منزلي طوال ثلاث سنوات ونصف السنة، ولكن هدأ هذا كله بعدما بدأ بعض المثقفين الاسرائيليين اليساريين بنشر مقالات تهاجم الكنيست. في الحقيقة، هؤلاء الناس لا يمكن تسميتهم اسرائيليين، بل اعتبرهم يهوداً. معظم اليهود في اسرائيل لم يعودوا يهوداً لأنهم ينتمون الى هذا الاحتلال العنصري البغيض، انهم ايديولوجياً أقصى اليمين. البقية هم الذين يحافظون على الأخلاقيات والتقاليد اليهودية المنتشرة في كل مكان. في اللحظة التي بدأوا يبنون فيها دولة وجيشاً، فقدوا يهوديتهم. منتجي المنفذ هو من هؤلاء الذين بقوا على القيم اليهودية، حتى انه يذهب بعيداً أحياناً في تصريحاته ومواقفه كدعمه لـ"حزب الله" مثلاً. في حرب لبنان الاخيرة، خسر كل عائلته واصحابه لأنه قال ان نصرالله على حقّ".

النهار اللبنانية في

13.03.2015

 
 

فيلم "خارج الخدمة".. رحلة عبثية الى الغيبوبة!

محمود عبد الشكور

تعودنا الى حد كبير على تناقضات السينما المصرية، التى تجعلنا نضع قدما فى خانة التفاؤل والإعجاب، وقدما أخرى فى خانة الإحباط والحزن. ليس أدل على هذه المعادلة العجيبة من فيلم "خارج الخدمة" الذى كتبه عمر سامى، وأخرجه محمود كامل.

فى خانة التفاؤل لدينا تجربة مختلفة تماما عن السائد والمألوف، ولدينا عناصر مميزة للغاية كالتصوير والموسيقى وأداء أحمد الفيشاوى كممثل موهوب، بل إن الفيلم عموما هو أفضل أعمال مخرجه محمود كامل حتى الآن، ويتفوق بمراحل عن تجاربه السابقة.

ولكن "خارج الخدمة" يحبطنا بشدة بسبب مشكلات السيناريو المزعجة  التى جعلت من الفيلم مجرد رحلة عبثية الى غيبوبة المخدرات، ذلك أننا نشاهد بطلين لا نعرف شيئا عنهما تقريبا، أصبحنا نتأمل فعل الغيبوبة المتوالى دون أن نفهم الطريق إليها، شاهدنا السلوك ولم نستوعب الدافع إليه، اللهم إلا إذا كنا أمام ترجمة عملية لمذهب "الحشيش للحشيش" أو "المخدر للمخدر"!

تشعر بالغيظ حقا لأن بطلا الفيلم يبدوان مهمومان، على وجوهما معالم مأساة حقيقية، يكفى فقط أن يتكلما، ولكنك بالكاد تعرف اسميهما، تصبح الحالة الهروبية التى قدمها الفيلم بامتياز أقرب الى العبث أو الغرابة دون أى معنى، مع أن ذلك ليس مقصودا، بدليل تلك الإشارات الواضحة عن ثورة فى الخلفية، لايعبأ بها البطلان.

العلاقة بين البطلين أصلا تقفز بسرعة دون أن يجد المؤلف نفسه مكلفا بتفسير أى شىء، نتيجة ذلك تفرجنا على أزمة من الخارج، دون أن نكتشف داخل الشخصيات الممزق، الفيلم بالتأكيد يصف حالة، ولكن هذا الوصف سيفتقد المعنى تماما لو تجاهل رسم ملامح شخصيتيه كما شاهدنا، سيتحول الأمر الى فاترينة عجيبة يتعاطى اثنان خلف زجاجها المخدرات بلا توقف، يدور الفيلم ويلف، ويكرر ويزيد دون أن يفلح فى أن ينتقل من خانة الفعل الى خانة ما وراء الفعل، أو من مستوى الحركة الشكلية، الى التاثير الدرامى الفعلى الأعمق والأهم، أصبحنا أقرب الى تسجيل لطقوس للغيبوبة دون تحليل أو فهم لأسبابها من خلال رجل وامرأة يتصدران الشاشة طوال الوقت.

غيبوبة أم ثرثرة؟

فى فيلم "ثرثرة على النيل" المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ، وفى فيلم "المساطيل" الذى كتبه وحيد حامد، تتحدث الشخصيات، تثرثر عن همومها، فتكشف أزمتها، وتجعل من الغيبوبة هروبا له أسبابه العامة والخاصة.

أما "خارج الخدمة" فهى يكتفى فقط بعلاقة تفتقد الإقناع بين شاب مهمش لا نعرف عنه شيئا تقريبا سوى اسمه ، سعيد ( أحمد الفيشاوى)، وامرأة وحيدة نعرف عنها معلومات شحيحة للغاية اسمها هدى (شيرين رضا)، لا هو سعيد ولا هى قريبة من الحكمة والهدى، والتقاء سعيد وهدى يتم أصلا عن طريق حادث غريب للغاية: سعيد تحت تأثيرالمخدر طوال اليوم تقريبا، يتم طرد أحد سكان العمارة، يقتحم سعيد الشقة، يسرق بعض التماثيل الصغيرة التى تركها الساكن، يعثر بالصدفة على فلاشة (شريحة إليكترونية تضم مواد مصورة).

عندما يقوم بتشغيل الشريحة ، تظهر عليها لقطات لهدى وهى تخنق طفلة ثم تهرب، البناء بأكمله قائم على تهديد سعيد لهدى لكى يحصل منها على أموال ، يسدد من خلالها ما عليه من ديون، نظير الحشيش الذى حصل عليه سعيد من الشاب الشرس ممدوح (محمد فاروق)، ابتزاز لامرأة ارتكبت جريمة قتل مصورة على شريحة إليكترونية.

معظم مشاهد الفيلم داخل شقة هدى، يدهشك أنهم تعرفوا علي  المرأة بسرعة من مشاهدة اللقطات المصورة، لايكلف السيناريو جهده لمجرد البحث عن صاحبة اللقطات ولو فى مشهد أو مشهدين، المهم فقط هو أن يذهب سعيد الى هدى، فما الذى سيحدث عندما يلتقيان؟

الحقيقة أنه لن يحدث الكثير، فبدلا من قيام سعيد بتعاطى المخدر بمفرده سيتعاطاه مع هدى، وبدلا من أن يكون سلوك هدى الأول هو الخوف والرفض لزائر أشعث أغبر الهيئة والثياب، فإنها ستسمح له بالدخول، وستصنع له الشاى، وسيصطنع الفيلم دوما مشاجرات بينهما تنتهى باغتصاب سعيد لهدى فى كل مرة !!

كلمات متقاطعة

عليك طوال الفيلم أن تخمن كل شىء على طريقة مسابقات الكلمات المتقاطعة، تقريبا لايجيب الفيلم عن أى سؤال، كل ما ستقوله هدى (التى تكرمت مشكورة بذكر اسمها) هو أنها تعيش فى الشقة وحيدة منذ وفاة زوجها إثر حادث سيارة وقع من 18 سنة، يعتبر السيناريو هذا الأمر كافيا لكى تستقبل امرأة شابا مخدورا، وأن تستسلم لاغتصابه، بل وأن تشاركه تجربة أنواع أخرى من المخدر.

بينما يبدو سعيد ابنا للشارع، وربما ينتمى الى طبقة إجتماعية فقيرة، فإن هدى ترتدى الروب المنزلى، وتبدو أكبر سنا، اثنان من عالمين مختلفين، ولكننا لانعرف بالضبط طبيعة العالمين،  يفترض السيناريو أن تقوم أنت باقتراح المعلومات، وسد الخانات.

تلزم عن هذه الثغرات نتيجة خطيرة ومزعجة هو افتقاد صدقية ما تراه، لديك شخصيات ضائعة لاتعرفها على الإطلاق، تماما مثل أولئك الهائمين فى الشوارع تحت تأثير المخدر، أو نتيجة لأمراض عقلية مجهولة.

تحوّل الفيلم الى فرجة من الخارج على شخوص تتعاطى المخدر، دون أن يجيب عن السؤال المفصلى وهو : ما الذى جمع بين هذين العالمين الغامضين؟ بل ما هى أصلا أزمة البطلين اللهم إلا إذا كانا من عشاق الكيف والسلام.

افتقد السيناريو العمود الفقرى للسرد، فصار يلف فى دائرة عبثية تماما، كل ما يفعله سعيد (بالإضافة الى الإغتصاب وتعاطى الحشيش وأنواع أخرى مع هدى) هو سرقة تماثيل من شقة هدى لبيعها وتسديد ديونه لمروجى المخدر، وأحيانا يشترى لهدى ما يلزمها من الكيوف، وفى بعض الحالات، يتخيل تحت تأثير المخدر أن هدى تنتقم منه، أو أنها دفنت الطفلة (التى نسيناها ) أسفل بلاط الشقة.

فن اللامبالاة

قال الفيلم كلمته بسرعة فلم يجد ما يضيفه، فطفق يكرر ويكرر:؛ هناك من يحترفون الغيبوية، بشر مرفوعون من الخدمة، مثل مصعد البناية المعطل، مقدمات الثورة على حكم الإخوان فى 30 يونيو لا تعنيهم، وماذا بعد ؟ هناك حكاية اللقطات التى تجعل من هدى قاتلة لطفلة، هنا يجد السيناريو نفسه متورطا فى ضرورة الإجابة لحل اللغز.

تأتى الإجابة لتضيف سخفا على سخف، اللقطات ليست إلا مشاهد تمثيلية شاركت فيها هدى، والطفلة ما زالت على قيد الحياة، لماذا إذن لم تطرد سعيد عندما ابتزها؟ لماذا سمحت له أن ينتهك جسدها؟ هنا يسكت الكلام، ينتهى الفيلم مع كوب شاى إضافى بين اثنين مخدورين لا نعرف عنهما شيئا !

لا محل للقول بأن السيناريو ترك الإجابات متعمدا، ليترك هامشا لمشاركة المشاهد، فقد اضطر الفيلم كما رأينا أن يبنى موضوعه على علاقة السبب والمسبب فى شأن الحساب بين المتعاطى ومروج المخدرات ممدوح (محمد فاروق ممثل جيد جدا وفى دوره تماما) ، ونتيجة لذلك حدث ابتزاز المرأة، كما اضطر الفيلم أن يبحث عن تفسير للقطات هدى، ليس منهج الفيلم التجريب ولا التجريد، بل إنه يقدم تفاصيل التفاصيل الواقعية عن جلسات الحشيش مثلا، بل إن افضل ما فى  العمل كله هو تلك الحوارات الحية التى تأخذ إيقاع ومفردات الواقع، هذا فيلم تكاد تلمس فيه الأماكن والأجواء ، هناك محيط واقعى صرف كان يتطلب تفسيرات تمنح العلاقات وبطلى الفيلم المعنى والصدقية، وتجعل المتفرج يدخل عقول الشخصيات، وليس بيوتها فقط.

اكتفى الفيلم بوصف حالة يستوعبها فيلم قصير، أما أن تصنع فيلما طويلا يدور فى الفراغ، وتهدر نماذج إنسانية ثرية، فهو أمر عجيب، ويدعو للحيرة والحزن، خصوصا مع وجود إتقان لافت وغير معهود فى التنفيذ، وفى عناصر فنية كثيرة مثل صورة أروتور سميث الضبابية الباهتة التى جعلت الشخصيات أقرب الى الاشباح الخاوية، ومثل موسيقى تامر كروان التى ملأت  ثغرات مشاهد بأكملها، فحولتها الى مشاعر وأحاسيس، طالما أن السيناريو عاجز عن التفسير، ومثل مونتاج هبة عثمان الذى أشبع مشاهد كثيرة محافظا على عفويتها وتأثيرها، ومثل شريط الصوت القوى والذى منح العمل حياة إضافية، ومثل الملابس التى بدا كما لو أنها جزءا من الشخصيات وفوضى حياتها، ومثل براعة المخرج محمود كامل فى استغلال زوايا المكان المحدود فى الشقة، وفى إدارة ممثليه رغم غرابة وغموض دوافعهم.

هناك لمسة عفوية مدهشة ونادرة فى أداء الممثلين عموما، بل إن هناك لمسات كوميدية خففت كثيرا من فجاجة شخصية سعيد، لاشك أنه أفضل أدوار أحمد الفيشاوى حتى الآن، سيحصل بالتأكيد على جوائز مستحقة، لم يفلت منه التعبير ولا الأداء مرة واحدة: العين التائهة والعبارات المتثائبة ورد الفعل البطىء، كلها أدوات جعلها هذ الممثل الموهوب تنبع من الشخصية، وليست مجرد حليات إضافية كما يفعل عادة بعض ممثلى أدوار المخدورين، شيرين رضا كانت تائهة، مرة تبدو مضطربة نفسيا، ومرة تريد أن تكون مسطولة، أحيانا تبدو مثل بنت بلد، ومرات تظهر كامرأة من طبقة أعلى، أعتقد أن غموض الشخصية على الورق أثر كثيرا على أدائها، وأعطاها هذا الإرتباك الملحوظ.

"خارج الخدمة" كان يمكن أن يكون عملا استثنائيا لولا أنه افتقد تلك الحلقة الذهبية التى تجعل الأفلام تؤثر فى مشاهديها، وتعيش أطول فى الذاكرة، أعنى بذلك أن تعرف الشخصيات التى تتصرف أمامك، تفهم تجربتها ومأساتها، تراها من الداخل وليس من الخارج فقط، وليس فى فيلمنا مع الأسف سوى هذه الحركة العبثية المتتالية وسط دخان أزرق، لذلك نندهش ولا ننفعل، لأننا ببساطة لا نعرف حكاية هؤلاء الناس، ولا دوافع تصرفاتهم العجيبة.

عين على السينما في

14.03.2015

 
 

“Leviathan”.. ضد الحكومة

محمود سمير – التقرير

كان قد ذهب غالبية سكان بلدة “جرانبي”، في ولاية “كولورادو” الأمريكية، لمزاولة أعمالهم كعادتهم في صباح الرابع من يونيو عام 2004. لم يدركوا أن أحدًا منهم قد صفّح جرافته بالأسمنت المسلح وانطلق كي يدمر المراكز الحيوية ببلدتهم الصغيرة.

“مارفن هيميير”، صاحب الجرافة، خسر أرضه لصالح إحدى شركات الأسمنت الكبرى. رُفضت كل الطعون التي قدمها للمحكمة. لم يعد يملك أرضه بعد الآن.

قرر “مارفن” حينها أن الحل الأمثل هو الانتقام. قام بتحطيم وهدم مبنى البلدية الرئيس، مقر الصحيفة المحلية التابعة للبلدة، مصنع الأسمنت، ودمر محطات ضخ الغاز الطبيعي، وعدة محلات تجارية، مستخدمًا جرافته المصفحة التي كانت في نفس قوة الدبابة الثقيلة.

حاولت الشرطة إيقاف “مارفن” خلال رحلته التخريبية بكل الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ولكن بلا نتيجة. وصل الأمر بأن قام عمدة البلدة بالاتصال بحاكم ولاية كولورادو من أجل القيام بضربة جوية ضد الجرافة المدرعة.

كانت قصتا “مارفن هيميير” والنبي “أيوب” مصدري إلهام للمخرج الروسي “أندريه زفيجنزف” أثناء تأليفه الفيلم الروسي “الحوت- Leviathan”.

“فاديم”، عمدة بلدة “بريزني” الساحلية الروسية، أراد الحصول على قطعة أرض مميزة من أجل بناء مشروع حكومي يعزز من فرصه الانتخابية في الانتخابات المحلية القادمة.

ساوم “فاديم” “كوليا”، صاحب الأرض، عليها بمختلف الطرق إلا أنه لم ينل منه إلا الرفض التام. لجأ “فاديم” لاستصدار قانون وحكم قضائي من أجل انتزاع الأرض بالقوة وبسعر زهيد.

قدم “كوليا” الطعون على الأحكام القضائية الصادرة، ولم ينل سوى الرفض. قانونًا، أصبحت أرضه ملكًا للدولة.

لجأ “كوليا” لصديق قديم له يدعى “ديمتري”، محام في موسكو، من أجل اللعب مع السلطة بطريقة أخرى.

طريقة الدفاتر القديمة وكشف المستور

“ألقِ نظرة على هذا الملف. يحتوي على أشياء كلها من صنع يديك. فيلم رعب من بطولتك. لا أدري كيف تنام ليلتك؟ هيا ألقِ نظرة عليه”، “ديميتري” لعمدة البلدة “فاديم”.

على جانب آخر، نستكشف علاقة “كوليا” بأسرته. كوليا متزوج من “ليليا”، وله ابن وحيد من زوجته المتوفاة اسمه “روما”.

دائمًا ما يخاطب “روما” زوجة أبيه بعدم احترام وبلهجة هجومية، كأنه رافض لوجودها في حياته وكأنه يعرف سرًا غامضًا تخفيه عنه وعن أبيه. هذا التوتر بين “روما” و”ليليا” انعكس على علاقتها هي بـ “كوليا”.

كمشاهدين، نشعر أن التعاسة تغلف حياة الزوجين وأن الأزمة التي يمر بها “كوليا” ستجعل الأمور أسوأ بينهما وستجعله عرضة لخسارة أسرته وأرضه معًا.

تناول “أندريه زفيجنزف” الدراما العائلية والشروخ الأسرية في أفلامه السابقة: العودة “The Return” الذي نال عنه جائزة الأسد الذهبي عام 2003 في مهرجان فينسيا، الرحيل “The Banishment”، إيلينا “Elena”. في “Leviathan” تناول “زفيجنزف” نفس الموضوع وأضاف عليه بعدًا سياسيًا ونكهة من الكوميديا السوداء.

شخصيات العمل متخبطة، وتائهة، وتعيسة. شخصيات الفيلم الرئيسة “كوليا” و”فاديم” و”ديمتري” مدمنة للخمور والكحوليات. هذه الصورة معبرة عن المجتمع الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989 من وجهة نظر “زفيجنزف”. مجتمع متخبط، في حالة بحث عن هوية، يهرب من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بمعاقرة الخمور والمشروبات الروحية.

حتى إن الرئيس الروسي الأسبق “بوريس يلسين” كان قد نظم حملة حكومية ضد الكحول بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، إلا أنها باءت بالفشل الذريع.

ينقد الفيلم بشكل واضح منظومة الفساد تحت نظام الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، وينتقد المؤسسات الدينية الداعمة للنظام. يتهم الفيلم أيضًا المنظومة القضائية بالانحياز لصالح الفساد على حساب العدالة.

“كوليا” مدمن كحول، إدمانه حوله لشخص عنيد ومتهور. حينما تشاهد الفيلم تستطيع أن تدرك أن طريقة تعامل “كوليا” مع أزمة الأرض قد أوصلها لنقطة اللاعودة.

“فاديم” مهووس بالاحتفاظ بالسلطة ومسكون بماضيه المظلم. يهرب من تلك الحالة أيضًا بالسكر.

 في مشهد طريف، يذهب “فاديم” لمنزل “كوليا” بعد فوزه بالقضية لكي يطرده من هناك، وكلا الاثنين يتشاجران وهما في حالة سكر تام.

“أيها السفلة! لا توجد لكم حقوق! لا تملكوا حق أن يكون لكم حقوق! تعال هنا! إني أكلمك!“، فاديم عمدة البلدة.

“ليليا” رغم صغر سنها إلا أن التعاسة التي تعاني منها جعلتها تبدو في سن الكهولة. تشعر كأنها تخفي حملًا ثقيلًا في داخلها.

المخرج “أندريه زفيجنزف” جاء من خلفية مسرحية وحلم بأن يكون ممثلًا مسرحيًا مرموقًا في روسيا. على مدار 20 عامًا، لم ينجح في الحصول على أدوار رئيسة، وحصل على أدوار صغيرة جدًا لم تكن كافية للفت الانتباه.

هذه الخلفية المسرحية جعلت “زفيجنزف” موهوبًا في إخراج أداء تمثيلي صادق وحقيقي من جميع أبطال الفيلم.

حتى الأطفال الذين ظهروا في أدوار صغيرة في هذا الفيلم كان أداؤهم شديد الإبهار والتميز.

أسلوب “زفيجنزف” الإخراجي شبيه بأسلوب المخرج الإيطالي المخضرم “مايكل أنجلو أنطواني”. حيث اعتمد على اللقطات الواسعة ذات الإيقاع الهادئ. بعض المشاهدين اعتبروا الفيلم مملًا بسبب هذا الأسلوب، إلا أني وجدته عكس ذلك تمامًا. هذا التكنيك جعلني كمشاهد أتأمل في الدراما التي تعيشها شخصيات الفيلم.

اعتمد تصوير “ميخائيل كرتشمان” على الألوان الباردة، خاصة اللون الأزرق والإضاءة ذات الطبقة المتوسطة.

وُفق مهندس الديكور “أندريه بونتروف” في اختيار مواقع التصوير. المواقع كانت مبهرة جدًا؛ ساعدت في خلق جو ملحمي وأسطوري للفيلم.

عرض الفيلم في مهرجان “كان” العام الماضي وأثار ضجة كبرى بسبب ميول الفيلم السياسية. فاز بجائزة أفضل سيناريو من لجنة التحكيم.

المعجزة هي أن وزارة الثقافة الروسية دعمت الفيلم إنتاجيًا وهي التي رشحته ليمثل روسيا في جوائز الأوسكار هذا العام. بالفعل رشح الفيلم لينافس في المسابقة التي ستظهر نتائجها يوم 22 من هذا الشهر.

فاز الفيلم بالجولدن جلوب كأحسن فيلم أجنبي، وخسر في جوائز البافتا البريطانية لصالح الفيلم البولندي “Ida”.

التوقعات تشير بأن “Ida” هو الذي سيربح السباق.

أتمنى أن تخيب تلك الآراء.

التقييم: 9/ 10.

التقرير الإلكترونية في

14.03.2015

 
 

سينما الطفل.. «قلة أدب»

كتب : آلاء شوقي

بعد أسبوع من الآن وغياب لمدة عامين ينطلق مهرجان القاهرة الدولى  لسينما وفنون الطفل الجمعة المقبل لمدة أسبوع، لكن هذه الانطلاقة لا تبدو على أرض ممهدة، وإنما على  حقل من الألغام.

المهرجان المتخصص فى سينما الطفل يقدم أفلام القصص القصيرة والوثائقية والرسوم المتحركة، بمشاركة 44 دولة يعود، لكن «العود غير أحمد»، حيث يتضمن أعمالا خارجة عن الآداب العامة والقيم التى يجب زرعها فى نفوس الأطفال!

قبلات تلاقى. خيانة تلاقى.. وشذوذ جنسى أيضا تلاقى، وتلصص علي الآباء لا يجوز تصديره للأطفال تحت السن.

نعم الإبداع لا يخضع لأحكام أخلاقية، وهذا قول رغم صحته، لا يمكن التسليم به على طول الخط.. ونحن نتحدث عن الطفل، فحتى الدول الأكثر تحررا تضع قيودا على ما يشاهده الأطفال، وتحذر من أن يتعرضوا لمشاهد عنف، فما بالنا ونحن نتحدث عن المشاهد ذات الإيحاءات الجنسية؟!

والموضوعات التى تحمل مضامين عميقة لا يجوز تقديمها لأطفال فى مثل هذا المستوى العمرى ولا يمكن تمريرها بالنوايا الحسنة لإدارة المهرجان التى تحاول تقديم خدمة لأطفال مصر.. لكن شتان بين النوايا والإنجاز.

أول الأفلام المثيرة للجدل فى المهرجان هو الهولندى «Giovanni and the water Ballet، وهو أحد الأعمال الوثائقية من ضمن خمسة يعرضها المهرجان تحت هذا المسمى «الوثائقى»، وتدور أحداث الفيلم الذي أخرجه استريد بوسنيك، حول طفل يحلم بتعلم الباليه المائى، رغم أن هذه الرياضة خاصة بالفتيات، لكن هذا الحلم ليس مجردا، فالطفل يميل إلى الفتيات سيكولوجيا.

هذه بالطبع مشكلة قد تكون هناك أسباب جينية فسيولوجية وراءها، وربما تتطلب علاجا نفسيا.. لكن هل هذه فكرة جديرة بالأطفال؟!

ويقدم الفيلم مشاهد تتناول علاقة تجمع الطفل الذى لا يزيد عمره علي عشرة أعوام وبين فتاة أصغر منه قليلا تدعى «كيم»، علاقة غرام حارة، من تفاصيلها أن الطفلين يتبادلان القبلات الساخنة فى سيارة.

الفيلم الثانى هو الألمانى بعنوان «Lola on the pea» يشارك ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة للمخرج «توماس هانيمان»، تدور أحداثه أيضا عن علاقة حميمية تجمع والدة الطفلة «بطلته» بطبيب بيطرى، وذلك بعد أن هجرها الزوج وأصبحت الأم والطفلة تعيشان على سطح مركب.

الطفلة فى الفيلم تكتشف العلاقة، ولما كانت شديدة التعلق بالأب الغائب حاولت بكل الطرق إفساد العلاقة بين الأم والعشيق الذى يعمل طبيبا بيطريا، لكنها فيما كانت تخطط وتدبر تعرفت على طفل كردى مهاجر يدعى «ريبين» ويدرس فى مدرستها، فتقع هى الأخرى فى مصيدة الحب وتحاول محاكاة سلوك والدتها مع العشيق عبر تقبيل الطفل.

هنا لابد من سؤال: هل سينما الطفل تعنى أن يكون بطل العمل طفلا أم أن هناك شروطا خاصة تجعل من هذا العمل لائقا وذاك غير لائق؟!

الفيلم الثالث هو الهندى «قوس قزح» إخراج «نانديتاروى وسيبو بروسادن» وينتمى إلى فئة الأفلام الروائية الطويلة، وتدور أحداثه حول أم تدعى «ميتال» تعانى أزمة نفسية حادة جراء تأخر طفلها «جوجول» دراسيا، وذلك لإلحاقه بإحدى مدارس اللغات الراقية.

وبعيدا عن السياق الدرامى للفيلم، ثمة مشهد مقحم للأب والأم معا على فراش الزوجية، وهنا يثور السؤال: هل تم إقحام المشهد لأن «الجمهور عاوز كده» فى الهند أيضا؟!

الفيلم الدنماركى Ant boy أى «الفتى النملة» روائى طويل أيضا، وتدور أحداثه حول طفل فى الثانية عشرة يتعرض لـ «لدغة نملة» فيتحول إلى بطل خارق، وهذا البطل الخارق الـ «سوبر طفل» يجب أن تكون له معجبة تطارده وتحاول إغراءه بممارسة الغرام، وهى طفلة كذلك.. لكن لحسن الحظ لم يقدم هذا الفيلم مشاهد خارجة، حيث اكتفى بالإيحاءات والرموز!

فى مهرجان سينما الطفل.. الأفلام عن الشذوذ والعلاقات السريرية والخيانة الزوجية، فكم من الجرائم ترتكب تحت شعار حرية الإبداع؟!

كتالوج الأمراض الجنسية فى فيلم «50 ظلال رمادية»

هوليوود: جميل يوسف

تمكن بنجاح كبير الفيلم الفاضح الإباحى- الرومانسى المثير للجدل «فيفتى شيدز أوف جراى» خلال عطلة عيد الحب، من قلب كل الموازين وتحطيم الأرقام السابقة التى عهدناها لأفلام الحب الرومانسية الدرامية لهوليوود فى فصل الشتاء، بتحقيق إيرادات مذهلة وفريدة فى تاريخ هذه النوعية من الأفلام القليلة التكلفة (نحو40 مليونا)، ففى أول ثلاثة أيام من عرضه بالولايات المتحدة الأمريكية حصد حوالى 95 مليون دولار، و172 مليون دولار من عرضه ببعض دول العالم.

والإحصائيات تشير إلي أن ما يقرب من 70٪ من رواد السينما الذين شاهدوه خلال عطلة نهاية الأسبوع الأول لفيلم «فيفتى شيدز أوف جراى» كانوا من الإناث، و58٪ من الجمهور كانت أعمارهم أكثر من 25 عاما

الفيلم استهدف بذكاء كبير جمهور العروض السينمائية الناجحة السابقة مثل «جولى وجوليا» و«كل، صلى، وحب» ومخاطبة مشاعر الشباب والبالغين من عشاق نوعية أفلام «الشفق» و«ألعاب الجوع».

يحتوى الفيلم على مشاهد ليست ذات محتوى جنسى طبيعى، وحافل بالمشاهد والأوضاع الشاذة، مما استدعى تصنيفه فى خانة «مناسبة فقط لسن 18  وما فوق»، وهو مقتبس من رواية شهيرة تحمل نفس الاسم للكاتبة البريطانية (إيريكا ميتشيل) (49 عامًا) وهى أم لطفلين، اختارت اسمًا مستعارًا هو «إى إل جيمس» لأعمالها وهى ثلاثية بعنوان «فيفتى شيدز أوف جراى» وصفتها بأنها «فانتازيا رومانسية». 

الفيلم يروى على مدار ساعتين تقريبا العلاقة الجنسية المشحونة ببعض السادية المازوشية بين الطالبة فى الأدب إناستازيا ستيل، التى تقوم بدورها الممثلة وعارضة الأزياء الفاتنة «داكوتا جونسون» (25 عاما)، التى تقع فى حب رجل الأعمال الشهير الملياردير كريستيان جراى، الذى يقوم بدوره الممثل «جيمى دورنان» (32 عاما)، بعد مقابلته لإجراء حديث صحفى معه بشركته العالمية بالنيابة عن صديقتها كايت كافانج (إيلويز مومفورد)، وتنقلب حياتها بعدما تنبهر بفطنته ووسامته. تعتقد أناستازيا بشكل ساذج أنها تحبه وتبدأ فى السعى من أجل التقرب منه بكل السبل المتاحة. على الجانب الآخر يعجب كريستيان بجمالها ولكن بطريقته الخاصة ووفقًا لشروطه، ولإشباع رغباته السادية المازوشية الشاذة، وتتعقد حياتهما بعدما يتقربان من بعضهما البعض

«فيفتى شيدز أوف جراى» من إخراج البريطانية سام تايلورجونسون، ويشترك فى الفيلم النجوم لوقا جرايمز، وإلويس مومفورد، وجنيفرالى، وفيكتور ريسك.

داكوتا جونسون (25 عاما) التى تحسدها معظم نساء العالم الآن، قد ظهرت سابقا فى فيلم أذى سوشيال نيتوركب (الشبكة الاجتماعية) كما أدت أدوارا صغيرة فى فيلمى « 21 جمب ستريت» و«ذى فايف يرز إنججمينت». وهى ابنة الممثل دون جونسون الذى يعرف بأدواره فى مسلسلى «ميامى فايس» و«ناش بريدجيز» من زوجته السابقة «ميلانى جريفيث».

يذكر أن رواية «فيفتى شيدز أوف جراى» (خمسون درجة من الرمادى) التى تنتمى إلى الأدب الواقف على عتبة الإباحية، قد تحولت إلى ظاهرة عالمية فى عالم الكتب، بعد أن ترجمت إلى أكثر من 50 لغة، وبيعت منها أكثر من 100  مليون نسخة فى جميع أنحاء العالم، ككتاب مطبوع أو عبر النسخة الالكترونية، ما يجعلها من أسرع الكتب مبيعاً فى التاريخ.

منهم عشرون مليونا فقط كانوا تحت انطباع أنه كتالوج للرسومات واللوحات العارية. وثمانين مليونا أو نحو ذلك من الذين يحبون قراءة جمل إثارة مثل «أنه صاحب تجربة طويلة، وذو أصابع ساحرة وماهرة، تدفعنى على الاستلقاء على الأرض لفترة من الوقت، والسماح للموجات الدسمة من النشوة بجسدى لتهدأ».

ومعظم خبراء ونقاد هوليوود يرون أن جانبًا أساسيًا من نجاح الرواية والفيلم يرجع إلى «لهث المحبطات من النساء فى أواسط العمر وخريفه وراء هذا النوع من الإشباع الجنسى الأدبى». وأن الهستيريا الإلكترونية المحيطة بالنسخة السينمائية بعرض مقتطفات دعائية مثيرة للفيلم لشركة «يونيفرسال» ويرافق المقتطفات موسيقى للمطربة بيونسيه، قبل نحو ستة أشهر من الموعد المقرر لعرض الفيلم فى دور السينما هى التى أججت وقود مبيعات الرواية الثلاثية، وتزايد الإقبال الكبير على مشاهدة الفيلم.

وقد شاهدت العرض الخاص للشركة المنتجة «يونيفرسال» الذى حضره معظم نجوم الفيلم، وحشد كبير من الإعلاميين والعاملين بصناعة السينما فى هوليوود قبل عرضه بدور العرض للجمهور، ورحت أراقب ردود الفعل لدى الحضور الكثيف الذين منهم نحو 80٪ من النساء فوق العشرين، خاصة أثناء عرض نحو 11 دقيقة تقريبا من إجمالى 125 دقيقة للفيلم، كانت ذات محتوى جنسى صريح وغريب وشاذ بين البطلين العاريين تماما «داكوتا جونسون» و«جيمى دورنان»، وبعد الصمت التام تسرب إلى أذان الحضور صوت نسائى رقيق قالت صاحبته بصوت عال عن البطل «هى أذ هوت - أنه سكسى وساخن». لتنفجر القاعة بالضحك.

المشهد الآخر الذى أثار انتباهى هو اللقطة الأخيرة قبل انتهاء الفيلم عندما تقرر البطلة الهروب من جحيم الرجل المريض الذى ينتشى بتعذيب المرأة التى يمتلكها، بينما يسعى البطل بكل جاذبيته التأثير عليها للبقاء معه، وتنهى المخرجة المشهد بكلمتين متبادلتين بين البطلين وباب الأسانسير يغلق وكلاهما يصرخ فى الآخر مناديا باسمه «إناستازيا..... كريستيان».

ليفاجأ الجميع أنها النهاية ويغادروا القاعة ضاحكين من غرابة القفلة غير المتوقعة للفيلم، وعلامات الدهشة على وجه الجميع

والواقع أن البعد الأعمق لفيلم «فيفتى شيدز أوف جراى» أنه يعكس ماسأة عالمية للمرأة السكس سلايفب فى بلدان كثيرة من العالم، ومنها الولايات المتحدة وعالم المليارديرات الغريب مثل رجل الأعمال الملياردير كريستيان جراى، حيث توقع المرأة بكامل إرادتها على عقد للتنازل عن جميع حقوقها، والسماح للرجل للتصرف فى أنوثتها بالشكل الذى يرغبه، وبرضى نزواته، نظير العيش الرغد والقصور والعربيات والرحلات، والتحلى بأرقى وأغلى الحلى والأزياء العالمية الحديثة.

ورغم أن الفيلم سمح بعرضه فى بعض البلدان العربية، إلا أننى سوف أتعجب كثيرا لو تم عرضه بمصر، وذكرت مؤخرا بعض التقارير الإعلامية بهوليوود أن عددا من الدول الإسلامية منها ماليزيا، حظرت عرض الفيلم لأنه يبدو أنه أقرب لأفلام الإباحية وليس الرومانسية كما تروج له الحملات الدعائية فى هوليوود.

كما يواجه الفيلم فى الولايات المتحدة وأوروبا حملات مضادة استنكارية ورافضة لانتشار أفكاره الشاذة التى تحرض على العنف ضد المرأة لإشباع النشوة والشذوذ لبعض الأثرياء السوبر، خاصة من قبل معظم جمعيات حقوق وحرية المرأة، والهيئات والمنظمات الدينية، وممثلى الكنائس والجوامع والمعابد، وبعض وسائل الإعلام.

مجلة روز اليوسف في

14.03.2015

 
 

وداعًا ..محمد وفيق: صاحب الرسالة الفنية.. لم يسع وراء الشهرة..و"الهروب" و"الهجان" أصعب أدواره

سارة نعمة الله

لم يكن أفضل حظاً من غيره من الموهوبين في الوسط الفني، ولم يكترث بالسعي وراء دور البطولة بل اكتفي بأن يكون صاحب رسالة مؤثرة حتى وإن كانت لم تحقق له الشهرة التي يبحث عنها الكثيرون مما يعملون في هذا الحقل..عاش ورحل بأدوار تفخر أجيال بعد أجيال بمشاهدتها. 
محمد وفيق الفنان الكبير الذي أحبه الجمهور وتعلق به بعد تقديمه واحدًا من أشهر أدواره وهو "عزيز الجبالي" ضابط المخابرات الذي يعمل في الخفاء، الشخصية التي ظهر بها خلال مسلسل "رأفت الهجان" الذي يعد علامة من كلاسيكيات الدراما المصرية، وتستكمل مسيرة نجاح الراحل في تلك الفترة بتقديمه دوراً آخر شديد الصعوبة خصوصًا مع الشعبية التي كونها في مسلسل "رأفت الهجان"، حيث تقديمه لدور الضابط المتسلط الذي يعمل بعقلية أمنية ممنهجة بطريقة معينة كما في دوره بفيلم "الهروب" ليترك بصمة جديدة تضىء مشوار عمره الفني خصوصًا مع اختلاف شخصية الضابط التي قدمها في العملين. 

إطلالات مميزة شهدها مشوار وفيق في سنوات الألفية الجديدة، كان على رأسها دوره في مسلسل "الأصدقاء" مع النجم صلاح السعدني، وفاروق الفيشاوي وهو واحد من أهم الأعمال التي قدمت وكانت تناقش عدداً من القضايا المعاصرة وكان أبرز ما يميزها علاقة الصداقة التي جمعت أبطال العمل داخل حلقاته وهى حالة شديدة الخصوصية لم ترتكز عليها الدراما التليفزيونية بهذا المنظور من قبل. 

تستكمل إطلالات النجم الراحل، ويخترق مجال الكوميديا في مسلسل سيت كوم بعنوان "نص أنا ونص هو" مع الفنانة عبلة كامل، وهو ما لم يقدم عليه من قبل ليثبت الراحل أنه على مقدرة بتقديم مختلف الأدوار حتى وإن كانت غريبة على شخصيته المعتادة مع جمهوره. 

ونجاح آخر يحققه النجم مع الفنانة عبلة كامل من خلال مسلسل "حق مشروع"، كذلك عاد النجم الكبير إلى السينما مع محمد سعد من خلال فيلم "كتكوت" والذي حقق نجاحاً ملحوظاً خلال هذه الفترة. 

بالعودة لسنوات مضت من مشوار النجم الراحل، فنجده تألق وبرع في تقديم شخصية "الخديوي إسماعيل" ضمن مسلسل "بوابة الحلواني" واحداً من الأعمال الدرامية المحفورة في الذاكرة، وكان وفيق بطلاً أساسياً لأحداثها، وليس هذا فقط بل شارك الراحل في عدد من الأدوار التاريخية والدينية الآخرى حيث ظهر أيضاً في فيلم "الرسالة" وقدم دور عمرو بن العاص. 

كما قدم الراحل عددا كبير من سلسلة البرنامج التلفزيوني الأشهر "أسماء الله الحسني"، والذي ظل يعرض على شاشة التليفزيون المصري لسنوات طويلة.وشارك أيضًا في الجزء الرابع في مسلسل "ليالي الحلمية". 

رحل وفيق ويبقي تراثه وأدواره عالقة في أذهان الجميع، تتنوع ما بين الأدوار الجادة والعميقة والشخصية الطيبة الخلوقة، تبقي رسالته واضحة تدرس لأجيال مضت وأجيال قادمة.

14-3-2015 | 09:21

وفاة الفنان محمد وفيق عن عمر يناهز 67 عامًا

أكد سامح الصريطى، وكيل نقابة الممثلين، وفاة الفنان محمد وفيق، اليوم السبت، بعد تدهور حالته الصحية. 

وقال الصريطى إن جنازة الفنان؛ الذى وافته المنية فى الساعات الأولى من صباح اليوم ستخرج من مسجد الحصرى بمدينة 6 أكتوبر بعد عصر اليوم. 

وكان الفنان محمد وفيق قد توفى على إثر تدهور حالته الصحية عن عن عمر ناهز الـ 67 عامًا.

بوابة الأهرام في

14.03.2015

 
 

فيلم «بيردمان»... ارجموا الشيطان

المنامة - محمد رضي

«هذا ما أتحدث عنه. مشاهد ترتجف لها العظام، ضخمة وصاخبة وسريعة. انظر الى هؤلاء الناس. انظر الى اعينهم تتلألأ. إنهم يحبون هذا الهراء. يحبون هذه الدما. يحبون الاثارة لا يحبون هراء المسرحيات الكثيرة اللغو والمحبطة والفلسفية».

هكذا كان «بيردمان» يوسوس في خيال «ريغان» وهو يحلق بالقرب من اذنه كالشيطان، كانت البنايات تتفجر خلف «ريغان». النار تندلع في المكان. يصرخ الناس من الرعب ويهربون علهم يتمكنون من النجاة. التنين المرعب منتصب فوق احدى العمارات مطلقاً ناره فوقهم. صوت صفارات الشرطة يدوي في المكان مع رشاشاتهم النارية. إنها تماما اللحظة التي يظهر فيها البطل الخارق في افلام هوليود ليحسم الأمور. «هذا ما أتحدث عنه» يقول «بيردمان» محاولا إقناع «ريغان» بالرجوع الى عالمه السابق وتقمص دور البطل الخارق «بيردمان... الرجل الطائر» من جديد.

وسط أفلام السياسة، الحرب في العراق، ظلم السود، وعباقرة الرياضيات، حصل فيلم الكوميديا السوداء «بيردمان» للمخرج المكسيكي أليخاندرو غونزالس إناريتو على نصيب الأسد من الأوسكار. «بيردمان» هو أحد الأسباب التي جاءت من أجلها الأوسكار، انه جزء مما تريد قوله الأوسكار الى الناس وهي الابتعاد عن النمط التقليدي الذي قلما تبدي له الجائزة اي اهتمام. بل على النقيض فقد رشح فيلم «المتحولون» هذه السنة الى 7 جوائز «غولدن راسبيري» وهي جائزة تمنح لأسوء فيلم، وحصل منها على جائزتين هما أسوء إخراج، وأسوء ممثل. ببساطة جزء من نمط هوليود صار على المحك وجاء «بيردمان» لمعالجته وتصحيحه.

«ريغان» حسب قصة الفيلم هو ممثل تقمص شخصية «بيردمان» في عدة أجزاء منذ زمن. وكان قد اعتذر عن اخذ دور البطل في الجزء الجديد للفيلم، من أجل العمل على مسرحيته المقبلة. «ما الذي يدفع مثلك للتخلي عن بطولة سلسلة أفلام مقتبسة من القصص المصورة لإعداد رواية لـريموند كارفر على المسرح؟» يوجه الصحفي سؤاله الى «ريغان» في الفيلم.

هنا، تذكرت مسرحية «الزومبي» للمخرج البحريني عيسى الصنديد الذي عالج فيها عزوف الناس عن المسرح. وتذكرت ايضا ان الجمهور بالكاد يملأ ربع الصالة في المهرجانات المسرحية الجادة رغم ان الدخول مجاني والدعوة عامة، بينما كانت التذاكر تنفذ قبل ايام من العرض على المسارح الهزلية في البحرين ودول الخليج. «ريغان» ترك بطولة الفيلم لكي ينهي مسيرته المهنية بشكل لائق يدعو الى الفخر. في المقابل كان أعمدة الفن في الخليج والعالم العربي ممن امتعونا بأعمال لا استطيع ان اقول الا انها باتت جزءا أصيلا من التراث، أقصد أعمال بحجم «درب الزلق» و»مدرسة المشاغبين» وغيرها. للأسف هؤلاء الأعمدة، كانوا يتفننون في تشويه صورتهم في كل مرة. انهم يأخذون المطرقة ويحطمون كل عملاق كوناه عن مسيرتهم في قلوبنا، حتى صغر هذا العملاق داخلنا وبات قزما يدعو للسخرية عبر مشاركتهم في أعمال هزيلة تدعو للخجل. إنه ختام المسيرة. إنه شيء نتذكره لكم قبل رحيلكم، ليتكم كنتم قد اعتزلتم الفن قبل أن تنهوا مسيرتكم بهذا الشكل المريع. أيضاً تذكرت اننا بعد أشهر من الآن سندخل شهر رمضان الكريم وستنتج دول الخليج وحدها أكثر من أربعين عملا. كم منها متشابه؟ وكم منها سيأتي بجديد؟.

«بيردمان» الشيطان موجود فوق رؤوسنا منذ زمن، ويوسوس لنا مثل ما كان يوسوس الى «ريغان»، لكننا لسنا «ريغان» لكي نخالفه. اننا ننصت الى هذا الشيطان في كل عام بدل مواجهته. انه يرجمنا بدل أن نقوم برجمه، بل ونبحث عنه كل ما غاب عن محطة. ختاما إلى نقاد ومثقفي الخليج، هذه دعوة صادقة الى طرح جائزة شبيهة بجائزة «غولدن راسبيري» مخصصة للأعمال الخليجية. علنا نرتقي قليلا.

«السوق المركزي» وصالح ناس بين أوروبا وبيروت

الوسط - منصورة عبدالأمير

يتنقل فيلم «السوق المركزي» للمخرج البحريني الشاب صالح ناس بين عدد من المهرجانات بدءاً من فنلندا وصولاً لبيروت ثم إيرلندا وانتهاءً بألمانيا. وشارك الفيلم في مهرجان تامبري السينمائي الدولي Tampere Film Festival الذي أقيمت الدورة 45 منه في فنلندا في الفترة (4-8 مارس/ آذار 2015). وتنافس الفيلم في المسابقة الدولية (العالم في فيلم قصير)، مع 7 أفلام قصيرة أخرى من مختلف أنحاء العالم. ويقيم المهرجان مسابقته الدولية للعام الأول في هذه الدورة.

ويعد مهرجان تامبري السينمائي الدولي أحد أكبر مهرجانات أوروبا للفيلم القصير، فيما يعد «السوق المركزي» الفيلم الوحيد الذي يمثل بلداً عربياً في مسابقة المهرجان.

بعد «تامبري» بفلندا، يتجه الفيلم شرقاً إلى بيروت للمشاركة في مسابقة أيام بيروت السينمائية التي تقام الدورة الثامنة منها في الفترة (12-19 مارس/ آذار 2015). من بيروت يعود «السوق المركزي» مرة أخرى إلى أوربا للمشاركة في مهرجان سيلك رود في إيرلندا Silk Road Festival الذي يقام في الفترة (18-22 مارس/آذار 2015). ويتنافس الفيلم في قسم مسابقة الأفلام القصيرة في المهرجان.

أخيراً ينتقل الفيلم إلى ألمانيا للمشاركة في مهرجان دريسدين الدولي للأفلام القصيرة Filmfest Dreseden الذي تقام الدورة 27 منه في الفترة (14-19 أبريل/نيسان 2015).

ويروي فيلم «السوق المركزي» قصة صبي يعمل في السوق المركزي، حيث يقوم بنقل المشتريات وتوصيلها، وتأتيه الفرصة لكسب مبلغ مالي كبير من خلال حلب عنزة في حظيرة مجاورة.

قام ببطولة الفيلم الشاب الموهوب عبدالله حسن، وهو من تأليف وإخراج صالح ناس ومن تصوير شاكر بن يحمد. أما الموسيقى التصويرية فهي من تأليف المايسترو البحريني محمد حداد، وقام بتصميم الصوت عبدالله جمال وتم التسجيل بواسطة عادل محمود. الفيلم من إنتاج إليمنتز للتصوير السينمائي (Elements Cine Productions)، كما حصل على دعم جزئي من هيئة البحرين للثقافة والآثار وكذلك على دعم «إنجاز» التابع لسوق دبي السينمائي.

وشارك الفيلم «السوق المركزي» في عدد من مهرجانات الأفلام العربية والدولية، من بينها مهرجان كالاغاري السينمائي الدولي في كندا، ومهرجان سان فرانسيسكو للسينما العربية في كاليفورنيا، ومهرجان مونتريال السينمائي الدولي.

مخرجو «بحرين سينماتك» في مهرجان الإسكندرية الأول

الوسط - محرر فضاءات

تشارك خمسة أفلام بحرينية قصيرة في المسابقة الرسمية بمهرجان الإسكندرية الأول للفيلم القصير الذي ينظم في الفترة 8-12 أبريل/ نيسان 2015 في مدينة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية. ويعرض المهرجان 34 فيلماً روائياً قصيراً و 11 فيلماً تسجيلياً من لبنان والبحرين والكويت والسودان إضافة إلى مصر. وتضم لجنة تحكيمه الناقد مجدي الطيب والفنان خالد أبوالنجا والمخرجة تهاني راشد.

ويتنافس على جوائز المهرجان كل من المخرجين البحرينيين محمد عتيق، محمود الشيخ، محمد إبراهيم، حسين الجمري، بأفلامهم القصيرة، وهي «ترويدة» لعتيق، و«قوس قزح» و«حبيبتي عذراء» للشيخ، «زينب» لإبراهيم، و«على الضفاف» للجمري.

ويتناول فيلم «ترويدة» وهو السابع لمحمد عتيق قصة «سكينة» التي لا يمكنها مغادرة منزلها بسبب زوجها العاجز الذي يقيّدها بسلسلة حديد تسمح لها بالحركة لمسافة 30 متراً فقط، لكنها تقرر يوماً اكتشاف حريتها.

الفيلم مبني على سيناريو كتبه الروائي فريد رمضان، ويقوم بتمثيل الأدوار فيه كل من الفنان مبارك خميس، دانة السالم، عمر السعيدي، حسن مكي، سمير حرم، فاطمة البصري، حسين يعقوب، رياض حمود والطفلين علي محمد باقر وحسين عتيق.

أما فيلم «قوس قزح» وهو السابع أيضاً لمحمود الشيخ فيتناول قصة الصبي الذي يتعرض لتحرش يخدش طفولته من قبل إحدى زبونات والدته التي تعمل بزازة. العمل تمثيل الفنانة أمينة القفاص، وسودابة خليفة، والطفل بسام سبت. كتب السيناريو الروائي فريد رمضان، وهو مقتبس من قصة قصيرة للقاص أحمد المؤذن تحت عنوان «الكيس لايزال في يدي». كذلك يشارك الشيخ بفيلم «حبيبتي عذراء» الذي يستعيد من خلاله حادثة سقوط طيران الخليج عام 2000.

الفيلم الرابع المشارك في مسابقة مهرجان الإسكندرية هو فيلم «زينب» للمخرج محمد إبراهيم وهو قائم على سيناريو وحوار كتبه فريد رمضان، فيما أنتجته هيئة البحرين للثقافة والآثار، إذ حصل مشروع الفيلم على منحة مالية لإنتاجه وذلك من بين 16 مشروعاً تقدمت لمنحة «صندوق دعم الأفلام البحرينية».

تدور أحداث الفيلم حول فتاة تعاني من ضعف شديد في البصر وتخسر نظارتها الطبية، ما يدفع صديقها «علي» إلى الذهاب في رحلة مضنية إلى المدينة لشراء نظارة بديلة تمكن زينب من رؤيته للمرة الأخيرة.

فيلم «على الضفاف» لحسين الجمري حصل أيضاً على منحة هيئة الثقافة، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم وحصل على شهادة تقدير للأداء المتميز للفنان أحمد عيسى، وذلك أثناء مسابقة «أيام البحرين السينمائية» التي نظمتها هيئة البحرين للثقافة والآثار في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

يشار إلى أن «مجموعة بحرين سينماتك bh_cinematic» هي مجموعة شبابية أسسها سينمائيون وصناع أفلام قصيرة بحرينيون شباب نهايات عام 2014، وهم كل من المخرجين محمود الشيخ ومحمد إبراهيم ومحمد عتيق، ومحمد نعمة، وحسين الجمري، ومحمد سديف.

الوسط البحرينية في

14.03.2015

 
 

الفائزان بـالأوسكار توم هوبر وإيدي ريدماين يتعاونان في فيلم «الفتاة الدنمركية»

رانيا يوسف - القاهرة – «القدس العربي»:

كشفت شركة فور ستار فيلمز عن إطلاق «الفتاة الدنمركية» في دور العرض خلال هذا العام، وهو الفيلم الذي يتعاون فيه المخرج الحاصل على جائزة الأوسكار توم هوبر «خطاب الملك» و «البؤساء» مع الممثل الفائز بالجائزة أيضاً إيدي ريدماين «نظرية كل شيئ» و «البؤساء» والذي تشاركه البطولة أليسيا فيكاندر»انا كارنينا» و»علاقة ملكية».

فيلم «الفتاة الدنمركية» هو قصة حب رائعة مستوحاة من حياة الفنانين إينار وجيردا فاجنر  (ايدي ريدماين وأليسيا فيكاندر)، حيث يذهب زواجهما وعملهما إلى المجهول عندما تخوض إينار رحلتها الرائدة لتصبح أول امرأة متحولة جنسياً في العالم ليلي ألبي. سيناريو «الفتاة الدنمركية» من تأليف لوسيندا كوكسون الحاصلة على ترشيح لجائزة «بافتا»، وهو مستوحى من رواية تحمل الاسم نفسه من تأليف ديفيد إيبرشوف، ويضم فريق عمل الفيلم أيضاً ماتياس شونارتس «السقوط»، بن ويشا «سقوط السماء»، أمبر هيرد. «يوميات الرم» ويقوم إنتاج الفيلم جيل موتروكس (كنسي) من خلال شركتها بريتي بيكتشرز، آن هاريسون («منزل عائلتين») وشركتها هاريسون للإنتاج، ويشارك في الإنتاج أيضاً تيم بيف ان، إريك فيلنر وتوم هوبر، وتقوم بدور المنتجة المنفذة للفيلم ليندارايزمان بالتعاون مع أولف إسرائيل من سيناتور جلوبال للإنتاج.
وقد حصل إيدي ريدماين الشهر الماضي على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور رئيسي عن فيلم «نظرية كل شيئ» الذي فاز أيضاً بثلاث جوائز بافتا، كما ترشح الفيلم لأربع جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل فيلم، وقد تم إطلاقه في دور العرض من خلال شركة يونيفرسال بيكتشرز، وحقق إيرادات أكثر من 100مليون دولار أميركي على مستوى العالم.
كما ترشح المخرج توم هوبر لـجائزة جيلد عن فيلمه «البؤساء»  لشركة يونيفرسال والذي شارك في بطولته ريدمان أيضاً، وقد حصل الفيلم على 3 جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل ممثلة مساعدة (آنهاثاواي) ورشح لخمس جوائز من بينها أفضل فيلم، وقد حصل هوبر على جائزة «دي جي اي» وجائزة الأوسكارلأفضل مخرج عن فيلم «خطاب الملك»، الذي فاز بثلاث جوائز أوسكار من بينها أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور رئيسي (كولين فيرث)، وتم ترشيحه لثماني جوائز أوسكار أخرى.

القدس العربي اللندنية في

14.03.2015

 
 

يبرز جماليات التقشف

تعرف على فيلم إيدا الفائز بأوسكار أحسن فيلم أجنبي

24 - محمد هاشم عبد السلام

فاز الفيلم البولندي الشديد التميز "إيدا" بجائزة أحسن فيلم أجنبي في ترشيحات الأوسكار لهذا العام، وذلك عن أفلام عام 2014، وكان "إيدا" قد فاز من قبل بجائزة البافتا وغيرها الكثير من الجوائز، والفيلم من إخراج البولندي المتميز باڨل باڨليكوڨسكي، الذي كتب له السيناريو بالاشتراك مع الكاتبة المسرحية "ريبكا لينكيڨيتش" في أول سيناريوهاتها السينمائية، وبطولة أجاتا كولاشا وأجاتا تشبوخوڨسكا.

تدور أحداث الفيلم في مطلع الستينات، حيث نتعرف في أحد الأديرة المهيبة على الفتاة التيمة "آنا" (أجاتا تشبوخوفسكا)، في 18 من عمرها، والتي تخبرها رئيسة الراهبات بالدير بأن خالتها "ڨاندا" (أجاتا كولاشا) لا ترغب في التواصل معها ولا حضور قَسَمِها لتصير راهبة بالدير، لكن "آنا"، التي لم تفارق الدير قط، تتوجه إلى مدينة "وودج" للقاء خالتها ربما لتتعرف عليها، وتعرف سبب رفضها وتحثها على هذا الأمر، تستقبلها خالتها على مضض وببرود وجفاء، وهناك تخبرها بحقيقتها، وهي أنها ليست مسيحية ولا تحمل اسم "آنا"، وإنما يهودية لعائلة يهودية أباً عن جد واسمها الحقيقي "إيدا"، وتسخر منها قائلة "الراهبة اليهودية".

بعد تقارب نسبي بعض الشيء بين الخالة وابنة شقيقتها، عقب نفور وصد، تنطلقان إلى حيث كان يعيش والديها بغية التعرف على حقيقة ما حدث لهما ومحاولة العثور على قبريهما أو رفاتهما وجلبه كي يدفن في مدافن ومقابر الأسرة اليهودية، وفي الطريق تحدث بعض الأمور، أهمها توصيلهما لعازف ساكسفون إلى إحدى البلدات التي سيقوم بالعزف وإحياء حفلات في فندق ما بها، ونلاحظ على إيدا بعض التعلق به، ونفس الشيء يحدث من جانب الشاب الذي يعجب بها رغم ملابس الراهبات التي ترتديها دائماً، وبالفعل، تكشفان حقيقة ما حدث، وتعيدان الرافات المدفون بإحدى الغابات ليدفن في مكانه الطبيعي بالمقابر.

جماليات الفيلم

وكتب العديد من النقاد يُشبِّهون المخرج في أسلوب تنفيذه لغير مشهد من الفيلم بالفرنسي فرانسو تريفو أو المجري بيلا تار أو الفرنسي روبير بريسون وغيرهم، بل وذهب البعض إلى أن العديد من كادراته المُقربة تستلهم الكثير من فنية السويدي القدير إنجمار برجمان.
قد يرى البعض كل هذا بالفيلم بدرجة أو أخرى أو ربما ليس موجوداً بالمرة، وأن تلك محض مقاربات نقدية تهدف لتبسيط الفيلم وأسلوب مخرجه قدر الإمكان، وبالفعل لا يستطيع المرء أن ينكر أن الرجل ربما تأثر بكل هؤلاء وأكثر، وأي فنان أصيل يتأثر وحتى ينقل عمن سبقوه من الأستاذة وليس ثمة أي عيب في هذا، لكن الأهم كما قيل هو كيف تسرق أو بالأحرى كيف تذيب كل هذا في إطار جمالياتك الفنية الخاصة وتخرج شيئاً جديداً بتناول مغاير، لأنك لو سرقت لقطة من تروفو وانتحلت أحد المشاهد من بيلا تار أو استعرت عدستك المقربة وأطلت مكوثها على الوجه من برجمان فلن يصنع هذا منك مخرجاً كبيراً ولا يجعل فيلمك فيلماً عظيماً.

بافلكوفسكي يدري على وجه التحديد وباحترافية عالية ما الذي يفعله بالضبط، سواء فيما يتعلق باختيار زواياه التصويرية أو تصميم كادراته أو بقصة فيلمه أو حتى ما يرغبه من أداء تمثيلي من جانب ممثلتيه الرائعتين، فهو على سبيل المثال، لا يهدف من قصته أن يحصرها في إطار الحرب والتنديد بالجرائم الوحشية التي ارتكبت خلالها ضد أي إنسان بما في ذلك اليهود أو المسيحيين من البولنديين أو غيرهم ولا توجيه الإدانة لهذا أو ذاك.

أهم المشاهد

آثر بافلوفسكي ألا يكون الهدف الأساسي لفيلمه، برغم أهميتها الدرامية التي تشكل قوام الفيلم وعموده الفقري، هو هوية إيدا كونها يهودية أو مسيحية على وجه التحديد، ولا حتى الرحلة في حد ذاتها أو عملية البحث الأبوين والتعرف على من قتلهم، ومن ثم دفنهما واكتشاف حقيقة ما حدث لهما، وذلك لأنه كان يهدف بمنتهى الهدوء وبنبرة غاية في الخفوت والتعقل إلى ما هو أبعد من ذلك، وقد تجلى ما يهدف إليه في أهم وأقوي مشهدين في الفيلم، من وجهة نظرنا.

الأول وهو مشهد مفارقة فاندا للحياة، وهو برأينا من بين أقوى مشاهد الانتحار التي تم تنفيذها على امتداد تاريخ السينما من الناحية الفنية، حيث لم تسبقه أية مقدمات أو محاولات أو حتى إشارة ما من أي نوع، وحتى المشهد نفسه، المأخوذ أو المصور في لقطة واحدة، لم يمهد مسبقاً بأي شيء للحظة قفز الخالة من النافذة، فهي تدخن كعادتها وتدير الموسيقا المحببة لها بل وتذهب لتصب لنفسها كأساً من الخمر وتتمشى في شقتها هنا وهناك عارية القدمين، تفتح النافذة كما لو لاستقبال يوم جديد، ثم ترفع من صوت الموسيقا وفجأة تضع السيجارة في المنفضة قبل أن تنتهي والكأس قبل أن تفرغ منه وتتجه مباشرة صوب النافذة دون أية مقدمات أو ذرة تردد وتفكير.

المشهد الآخر تنبع قوته بالأساس من بساطة وسحر جمله الحوارية المقتضبة، حيث نشاهد فيه لدقائق جد قليلة إيدا مع صديقها أو حبيبها الموسيقي بعدما انتهيا من ممارسة الحب، وهو يخبرها بأن تذهب معه وفرقته في رحلة يجوبون فيها البلاد ويعقدون الحفلات، فتسأله إيدا وماذا بعد؟ فيخبرها بأنهما سيتزوجان، فتستفسر وماذا بعد؟ فيخبرها نستقر ونكون أسرة، وبعد؟ تسأله، ننجب وتستمر الحياة، ثم؟ فيرد بأنه لا شيء أكثر، تلك هي الحياة، وهذه هي وتيرتها، وهي تمضي هكذا على هذا النحو.

موقع (24) الإماراتي في

14.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)