كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

من تشارلز لوتون إلى جوني ديب .. ممثلون خاضوا غمار الإخراج مرة وتوقفوا

بعض أهم أدوارهم وردت في تلك الأفلام التي أخرجوها

لوس أنجليس: محمد رُضا

 

عندما سألت جوني ديب، قبل بضع سنوات عن السبب الذي لم يعاود فيه تجربة الإخراج، أطرق رأسه ناظرًا إلى حافة الطاولة التي فصلت بيننا ثم رفع رأسه، وقال: «لم تكن تجربة ذلك الفيلم مفيدة بالنسبة لي كما رغبت بها أن تكون. هي بالتأكيد تجربة أكثر من أي شيء آخر وبعدها قررت أن علي أن أكتفي بدوري كممثل».

الفيلم هو «الشجاع» الذي وقف فيه جوني ديب وراء الكاميرا كما أمامها. كان أنجز فيلمًا تشويقيًا لجانب آل باتشينو عنوانه «دوني براسكو» ويستعد لفيلم ساخر بعنوان «خوف وازدراء في لاس فيغاس» عن رواية شخصية لهانتر س. تومسون، عندما توخّى تحقيق هذا الفيلم الذي لعب فيه دور هندي لأول مرّة. على عكس فيلمه الأحدث «ذا لون رانجر» (2013) كان ذلك فيلما جادا حول أزمة مواطن أميركي (هندي الأصول) يوافق على تمثيل دور القتيل في فيلم صغير لكي يساعد عائلته الفقيرة. مثل «ذا لون رانجر» سقط الفيلم في عروضه نقديًا وتجاريًا بعد أن شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان «كان» ذلك العام. ديب لم يخرج أي فيلم بعد ذلك إلى اليوم.

* حضور قوي

تجربة جوني ديب ليست وحيدة من نوعها. هناك ممثلون كثر قاموا، لدوافع وطموحات فنية غالبًا، بالانتقال للوقوف وراء الكاميرا، ثم - على عكس ما حصل مع البعض الآخر مثل كلينت إيستوود ومل غيبسون وجودي فوستر - لم يستمروا في هذا النهج وتوقفوا تمامًا عنه بعد تجربة واحدة.

هذا لا يعني أن الأفلام كانت رديئة. في الحقيقة بعض أهم علامات بعض الممثلين وردت في تلك الأفلام التي أخرجوها. هذا واضح في تجربة الممثل الراحل تشارلز لوتون عندما انبرى لتحقيق فيلم شارك في كتابته الروائية جيمس آجي عنوانه «ليلة الصيّاد» سنة 1955. خلفية هذا الممثل الإنجليزي (1962 - 1899) امتدت من عام 1929 عندما اشترك في تمثيل فيلم بريطاني عنوانه «بيكاديللي». موهبته في أداء أدوار تعكس قوة الشخصية، كحاله عندما ظهر في دور الكابتن القاسي في «تمرد على باونتي» لفرانك لويد عام 1935 وفي دور الأحديب في «أحديب نوتردام» لويليام ديتريل سنة 1939، ممتزجة بموهبته الأدائية ذات الحضور الدرامي المسرحي النشأة ساعده في تبوأ مكانة عالية بين ممثلي الأدوار المساندة والرئيسية مما نتج عنه أوسكار أفضل ممثل سنة 1957 عن فيلم بيلي وايلدر «شاهد الادعاء».

«ليلة الصيّاد» كان تتويجًا لرغبته الانتقال إلى الإخراج، حكاية متطرّف ديني يخرج من السجن ويضرب طوقًا حول عائلة يضمر لها الشر. الممثل روبرت ميتشوم خطف من الفيلم دلالاته

على رغم من التوقعات التي أحاطت به (وتحول ممثل إلى مخرج لم يكن أمرًا يمر سريعًا من قِبل الإعلام حينها) فإن الفيلم سقط تجاريًا وعاد لوتون للتمثيل وحده.

بعد سنوات قليلة، 1961 تحديدًا، قام مارلون براندو بالتجربة ذاتها. اقتبس رواية لتشارلز نيدر (الوحيدة التي تحوّلت إلى فيلم) حول شريكين في سرقة المصارف هما ريو (براندو) وداد (كارل مالدن) يفترقان بعد آخر سرقة. الثاني يسرق الأول ويتركه في الصحراء ليموت. لكن ريو يعيش ويصل إلى بلدة على الحدود المكسيكية حيث تبوأ داد وظيفة شريف خافيًا خلفيّته.

* المرأة التي اختفت

الحلم بتحقيق فيلم وتوسيع دائرة تعامل الفنان مع السينما دفع بممثلة غير معروفة اسمها باربرا لودن لتقديم فيلم ما زال يُثير إعجاب الجيل الجديد من النقاد منجذبين إلى براعته وأسلوبه.

لودن لعبت تحت إدارة (زوجها) إيليا كازان في «نهر متوحش» (1960). كان ذلك أول أفلامها وترتيبها بين أسماء الممثلين كان سابعًا (قبلها لي ريميك ومونتغمري كليفت بين آخرين). بعد عام عاد إليها كازان وقدّمها في دور مساند (الاسم الرابع بعد وورن بيتي ونتالي وود وبات هينغل) في «رائع فوق الحشائش». ربما أسرعت لودن في نقلتها الفنية، لكنها وجدت نفسها بلا عمل سينمائي يُذكر، ولو أنها ظهرت على مسارح برودواي في تلك الفينة، قبل أن تقوم سنة 1969 بتحقيق فيلم بعنوان «واندا» تم عرضه في العام التالي، في ذلك الفيلم لعبت شخصية امرأة تمارس الجريمة (سرقة، قتل، ..إلخ) على خطى بوني باركر (فاي داناواي) في «بوني وكلايد» (آرثر بن 1967). واندا (كما قامت هي بدورها) امرأة فقدت أي حب للحياة، وذلك بصم سلوكها حيال الجريمة وخلوّها من مراجعة ذاتية أو ضميرية. الفيلم عرض في العام التالي في مهرجان فينسيا ونال جائزة أفضل فيلم أجنبي (كانت هناك آنذاك جائزة بهذا الاسم) لكنه كان بداية أمل ونهاية مشوار بالنسبة إليها. بعده لم تظهر مطلقًا لا وراء الكاميرا ولا أمامها.

وفي النماذج الأقرب إلينا، نجد الممثل جيمس كان ومغامرته لتحقيق فيلم نجيب عنوانه «اختباء في موقع مكشوف».

«كان» من وجوه السبعينات الذين شقوا طريقهم بأدوار ناجحة في أواخر الستينات، أمثال آل باتشينو وروبرت دينيرو ودستين هوفمان وجين هاكمان ووورن بيتي. ظهر «كان» في دور الشقيق الأكبر لآل باتشينو في «العراب» وهو الشقيق الذي ينتهي مقتولاً بعدما غدر به وسهّل للعصابة المناوئة قتله زوج شقيقته. لا يوجد، على الأرجح، من لا يتذكر كيف سقط الممثل تحت وابل الرصاص عند ذلك الحاجز. حين أخرج «كان» فيلمه الوحيد «اختباء في موقع مكشوف» Hide in Plain Sight سنة 1980 أحسن الاختيار. الحكاية مأخوذة عن قصّة واقعية جرت أحداثها قبل سنوات قليلة عندما اكتشف رجل أن زوجته السابقة اختفت من دون أثر مع ولديهما فانطلق يبحث عنها ليجد أنها متوارية عن الأنظار لأن زوجها الثاني تعاون مع البوليس مما شكّل خطرًا عليه وعلى عائلته.

المادة مثيرة للاهتمام وتصلح لموضوع فيلم أفضل. تجربة كان في التمثيل لم تمكّنه من استيعاب الشروط التي على الفيلم استحواذها قبل إطلاق كلمة «أكشن». لذا يبدو السيناريو مكتوبًا كما لو كانت هناك مسافات زمنية بين كل كتابة وأخرى. الإخراج يدفع في سبيل ذروة معيّنة ثم ينكفئ عنها قبل لحظات من وقوعها. هذا كان كافيًا لكي يقلع كان عن محاولاته بعد ذلك.

لكن أحد التجارب الناجحة فنيًا كانت للبريطاني غاري أولدمان الذي عرض له مهرجان «كان» في دورته سنة 1997 فيلمه الوحيد حتى الآن، كمخرج، وهو «لا شيء بالفيلم» Nil by Mouth عن سيناريو كتبه وأنتجه وأخرجه ولم يمثّل فيه. دراما اجتماعية ذات منحى إنساني من بطولة راي وينستون الذي يعاني من شغف العيش في الجزء غير المتوهج من مدينة لندن.

أحد أفضل الأفلام التي صنعها ممثل كان «أب» أو «Da»: دراما إنسانية حول أميركي يعود إلى منزل والده في آيرلندا ليكون بصحبته قبل وفاته. المخرج كان مات كلارك الذي كان اقتطع لنفسه نصيبًا كبيرًا من الأدوار المساندة قبل أن يقوم، سنة 1988، بتحقيق فيلمه الوحيد كمخرج. مات كلارك لا يزال يظهر في السينما والتلفزيون، لكن فيلمه الوحيد اندثر.

* ومن غير الممثلين أيضًا

* الاكتفاء بعمل واحد كان سمة بعض السينمائيين من غير الممثلين الذين صنعوا أفلاما جيّدة ثم غابوا من دون أثر يذكر: ليونارد كاسل حقق دراما صادمة في Honeymoon Killers سنة 1962. جيمس ويليام غويريكو أنجز فيلمًا رائعًا بعنوان Electra Glide in Blue في عام 1973 وفي عالمنا العربي قام الناقد سيد سعيد بتحقيق فيلم جيّد ومهم عنوانه «القبطان» قبل 19 سنة ولا يزال فيلمه الوحيد.

شاشة الناقد

جسر بين حضارات

الفيلم: The Water Diviner

إخراج: راسل كراو

النوع: دراما اجتماعية | أستراليا/ تركيا.

تقييم الناقد:(3*)(من خمسة)

«معمّد الماء» دراما تاريخية اجتماعية مع معالجة عاطفية ذات بعد إنساني يقدم عليها الممثل راسل كراو، كأول فيلم طويل من إخراجه بعدما كان حقق عددًا قليلاً من الأفلام القصيرة.

سيناريو مكتوب مباشرة إلى السينما من قِبل أندرو نايت وأندرو أناستاسيوس. كلاهما أستراليان والأول امتهن الإنتاج قليلاً بينما كتب الثاني للتلفزيون الأسترالي أكثر مما كتب للسينما. المادّة التي يوفرانها لهذا الفيلم شاسعة في جغرافيّتها كما في طموحاتها، وراسل مخرج ينجز معظم تلك الطموحات، وإن كانت يده ما زالت بحاجة إلى مران عندما يصل الأمر إلى استحواذ الفرص العاطفية المتاحة كما إلى معالجة مزدوجة ما بين الحاضر والماضي.

نتعرّف عليه لاعبًا دور رجل اسمه كونور، في مطلع الفيلم وهو يبحث عن مكان يحفر فيه ليستخرج الماء من تلك الصحراء المتمادية في الجنوب الأسترالي. هذا كان في العشرية الثانية من القرن الماضي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. طريقته في البحث لم تكن علمية، لكنه عادة ما تصيب. يتوقف عند نقطة محددة ويطلب من كلبه الانتظار ثم يحفر ويثبت القوائم الخشبية داخل الحفرة، وينفجر الماء وقد وصل كونور إليه.

لكن زوجة كونور نتاليا (إيزابل لوكاس) لا تعترف بأهمية ما قام به زوجها. تنبهنا إلى أصل مأساتهما عندما تقول له وهو يتعشّى: «أنت ماهر في البحث عن الماء، لِمَ لا تبحث عن أولادك؟». تصدمه. في المشهد التالي. تصدمه مرّة ثانية: لقد انتحرت.

يمضي كونور لينفّذ وصيتها. لقد انقطعت أخبار أولاده الثلاثة الذين زجّت بهم أستراليا في معركة غاليبولي في تركيا عام 1915. يختار كراو اللجوء إلى مشاهد «فلاشباك» ليقدم نتفًا من حكايتهم. هنا يفقد الفيلم بوصلته قليلاً. الفلاشباك حل مناسب للذاكرة، لكنه ليس حلاً سينمائيًا لحدث مروي من محور شخص لم يشهد ما يعمد الفيلم إلى إظهاره من أحداث ماضية.

يحط كونور في إسطنبول عام 1919، وهناك شغل رائع في تصميم الأمكنة وتفاصيلها من مصمم الإنتاج كريس كندي وتصوير جيّد من أندرو لسني. من المرفأ إلى فندق تديره أرملة اسمها عائشة (الأوكرانية أولغا كوريلنكو) لديها ولد صغير. لا يقع كونور وعائشة في الحب بقدر ما يتواصلان ضمن الهم الإنساني واكتشاف كل منهما لثقافة الآخر. كونور يريد أن يذهب إلى الموقع الذي دارت فيه معركة غاليبولي حيث مات أولاده وهو واثق من أنه سيجد المكان الذي دفنوا فيه كما يجد الماء: بالحدس وحده. دون ذلك عقبات ومشكلات وخط أحداث مواز (ومهم) بطله الجنرال التركي حسن (يلماز إردوغان الذي لفت الأنظار بحسن تمثيله في فيلم نوري بيلج شيلان «حدث ذات مرّة في أناضوليا»). البحث يقود إلى مغامرة عندما يوسع الفيلم إطار أحداثه ليشمل علاقة تركيا ببريطانيا من ناحية والحرب غير المعلنة رسميًا مع الميليشيات اليونانية.

«معمّد الماء» ليس فقط دراما في زمن الحرب وبعده، بل رغبة إنسانية للتواصل بين الثقافات والأديان. كونور المسيحي يكتشف كثيرا عن الإسلام وكراو يحسن تقديم صورته في فيلمه. هناك مشهد لدخول كونور/ كراو أحد مساجد إسطنبول العريقة تلحظ رقرقة الدمع في عينيه. ثم هناك المواقف التي تعكس تعاطفه مع الأتراك في حربهم وليس مع الغرب في حربه ضدّهم.

TOP-10

«تشابي»، الذي يدور في رحى المستقبل القريب عندما تتولى كائنات «الروبوتس» حماية المدنيين من المجرمين لكنها تتمادى حتى تتحول إلى سُلطة فاشية، يحط على القمّة، إنما برقم هزيل سيتمكن أي من الأفلام الجديدة الثلاثة الكبيرة من التغلب عليه في الأسبوع المقبل. الفيلم الجديد الآخر هذا الأسبوع هو «ثاني أفضل فندق ماريغولد غريب» أنجز وضعًا أضعف عندما اكتفى بالمرتبة الثالثة.

* الأفلام

1 (3*)(-) Chappie (Sci - Fi): $13,346,782 

2 (3*)(1) Focus (Romantic Comedy): $10,007,276 

3 (3*)(-) The Second Best Exotic Marigold Hotel (Comedy): $8,540,220

4 (3*)(2) Kingsman (Spy): $8,313,404 

5 (3*)(3) The Sponge Bob Movie 2 (Animation): $6,662,802 

6 (2*)(4) Fifty Shades of Grey (Drama): $5,520,515 

7 (3*)(6) MaFarland USA (Drama): $5,222,630 

8 (1*)(5) The Lazarus Effect (Thriller): $5,076,424 

9 (2*)(8) The DUFF (Comedy): $4,788,120 

10 (1*)(-) Unfinished Business (Comedy): $4,772,082

المشهد

فيل هوليوود

المشروع المقبل لتيم بيرتون، المخرج الذي مر فيلمه الأخير «عينان كبيرتان» تحت الرادار، سيكون «دامبو» (Dumbo) الذي أنتجته وولت ديزني سنة 1941 كرسوم متحركة، وعُرض، بعد احتجابه لبضع سنوات، في دورة 1947 من مهرجان «كان» العتيد، وكان أحد الأعمال الفائزة بالسعفة الذهبية، في تلك السنوات التي كان الفائزون بالسعفة متعددين، حسب نظام المهرجان؛ إذ تم منح السعف الذهب إلى الأفلام حسب تصنيف أنواعها. بذلك، «دامبو» هو الفائز بالسعفة الذهبية عن أفلام التحريك و(الرديء) «زيغفيلد فوليز» لفنسنت مينيللي عن سينما الميوزيكالز، و«تقاطع نار» الجيد لإدوار ديمتريك عن الدراما الاجتماعية، والفرنسي «الملعونون» لرينيه كليما عن الأفلام البوليسية، والفيلم الفرنسي الآخر «أنطوان وأنطوانيت» لجاك بيكر عن أفلام الحب والسيكولوجيا، كما سميت الجائزة.

* كون «دامبو» فيلم رسوم متحركة يدفع بالسؤال حول ما إذا كان المخرج الأميركي الذي يعيش في لندن، سينجز الإعادة كفيلم أنيميشن أيضًا. الجواب لا. هو والكاتب إرن كروغر، كاتب 3 من سلسلة «ترانسفورمرز»، حسب ما تنشر «ذا لوس أنجليس تايمز» سينجزان فيلمًا حيّا حول ذلك الفيل المحسوب أضعف الفيلة الذي تهزأ منه بقية الفيلة. لكن كيف؟ هل سيتم إنطاق الفيلة مثلاً؟ الجواب عند بيرتون، وبيرتون لا يفصح.

* التوجه العائلي لبيرتون ليس جديدًا ولا العمل لصالح ديزني، فهو حقق لها قبل سنوات قليلة «أليس في بلاد العجائب» الذي جمع نحو مليار دولار حول العالم. هذا يغطي الإيرادات الضعيفة التي حققها بعض أفلامه الأخرى مثل «ظلال داكنة» و«عينان كبيرتان».

* «دامبو» الأربعينات كان رابع فيلم أنيميشن ينتجه استديو وولت ديزني في تاريخه، وحكايته تمحورت حول فيل صغير ضائع يحاول العودة إلى والدته، مما شكّل تأثيرا عاطفيًا كبيرًا على مشاهدي ذلك الحين. اختيار الراحل وولت ديزني لهذه الحكاية العاطفية التي ستبرهن قبيل نهايتها عن أن «دامبو» هو أفضل شأنًا من الفيلة الكبيرة التي كانت تسخر منه، لم ينبع من مجرد إعجابه بالمشروع، بل تعبيرًا (سمّه ذكيًا إذا أردت) عن وضعه كصاحب استوديو ضنّت عليه هوليوود بالتقدير. كان المنتج المعروف آنذاك ممتعضًا من معاملة استديوهات هوليوود الرئيسية الكبيرة لمؤسسته، على أساس أنها أصغر الاستوديوهات القائمة، والنظر إليه باحتقار، مما جعله يعمد إلى ذلك التماثل القائم بين الفيلم وبين جهة إنتاجه.

* هناك إعادة صنع أخرى بطلها، هذه المرّة، استديو مترو غولدوين ماير التي فتحت خزينتها لتمويل نسخة جديدة من حكاية «بن هور» تلك التي عرفت طريقها إلى الشاشات أكثر من مرّة بدءًا من 1907 (فيلم قصير) ثم 1925 (أول فيلم طويل). التصوير يتم في روما التي رفضت السماح له بالتصوير في استاد «سيركوس ماكسيموم» كما كان مخططًا. السبب هو أن الميدان الذي تم فيه تصوير نسخة 1959 من الفيلم الملحمي، بحالة ترميم بحيث لن يتحمّل سباق العربات التي تجرها خيول حسب المشهد الشهير من الفيلم. الآن على الفيلم البقاء في استديوهات سينيشيتا في روما لإنجاز كل تصويره.

سنوات السينما: 1948

نضج السينما

كانت السينما حول العالم شهدت تحولاتها الفنية الكبيرة في منتصف الأربعينات عندما تأكد لها أن المخرج ليس مجرد منفّذ للعمل عليه أن يؤمن الحكاية بأسلوب مناسب، بل سيّد اختياراته وفنانه الأول. هذا النحو تبدّى أكثر وأكثر حتى إذا ما حط عام 1948 وجدناه ماثلاً في أفلام متعددة: من الواقعية الإيطالية متمثلة بفيلم «سارق الدراجة» لفيتوريو دي سيكا، إلى الوسترن في فيلم هوارد هوكس وآرثر روسون «نهر أحمر» ومن الدراما الاجتماعية الداكنة في «رسالة من امرأة مجهولة» لماكس أوفولوس إلى دراما نفسية حققها أناتول ليتفاك بعنوان «جحر الأفعى» مرورًا باقتباسات أدبية بريطانية وأفلام نوار رائعة ستتبدّى معنا في الأسابيع المقبلة التي نقضيها بضيافة ذلك العام.

الشرق الأوسط في

12.03.2015

 
 

ماذا يقول النقاد العرب عن أداء جوليان مور في "مازالت أليس"؟

عادل شكري

عن أداء جوليان مور في فيلم "مازالت أليس" يكتب الناقد الكبير كمال رمزي في صحيفة "الشروق" المصرية يقول: "الأمر مثير لحب الاستطلاع، فعلا، فأن تفوز ممثلة، عن دور واحد، بعشرين جائزة، مسألة غير متكررة، تدفع المتابع، عاشق السينما، إلى السؤال: لماذا؟

الإجابة تأتيك واضحة، حاسمة، مقنعة: لأن النجمة جوليان مور، تصل إلى درجة هائلة من الشفافية الروحانية فى أدائها لشخصية «آليس»، الأستاذة الجامعية، القوية، بدنا وعقلا، التى تحاول ــ بإرادة من حديد ــ إيقاف زحف مرض «ألزهايمر» على كيانها.. لكن النسيان، التوهان، الاكتئاب، العصبية، مظاهر مرضية تداهمها، وهى تراقبها بيقظة، وانزعاج، وتبدو، فى صراع داخلى، من أجل إبقاء نوافذ الذاكرة، أو بعضها، مفتوحة، يتسلل منها أشعة ضياء علاقاتها، مع الحياة، متمثلة فى أعضاء أسرتها، ولحظات من ماض حميم، آخذ فى الاعتام.

"لاتزال آليس"، فيلم حالة، على طريقة تشيكوف، يخلو من الأحداث الكبيرة أو الصاخبة، يغلب عليه الحوار، يدور، فى معظمه، داخل أماكن مغلقة، كما لو أننا أمام خشبة مسرح، وليست مصادفة أن يذكر اسم الكاتب الروسى الملهم، بل نشاهد أحد مقاطع «الشقيقات الثلاثة»، تؤديها ابنة البطلة، فالواضح أن المخرج، ريتشارد جليتزر، وواش ويستمورلاد، اللذين كتبا السيناريو أيضا، عن رواية لليزاجيونوفا، استوعبوا جميعا، درس انطون تشيكوف، المتعلق بعمق المعانى الكامنة، فى تفاصيل الحياة.

من نفس الكأس

أما الناقد اللبناني هوفيك حبشيان فيكتب في "النهار" تحت عنوان "يوم شربت من كاس جوليان مور" يقول: "في خريف 2010، قابلتُ جوليان مور في حديث استغرق أربع عشرة دقيقة و32 ثانية. تحدثنا رأساً إلى رأس. كتفاً إلى كتف. وقلباً على قلب. شأنٌ نادر في ضوضاء المقابلات الصحافية المتتالية وإلحاح الملحقين بالنجوم على ايقاف آلة التسجيل بأسرع ما يمكن. جاءتني جوليان بقبضة يد ناعمة، ابتسامة مستنفرة، كلام مباشر، وبعمق ذي دلالات. وقفت أمامي وعرّفت عن نفسها: أنا جوليان مور. قلتُ لها ممازحاً: سمعتُ بهذا الاسم من قبل. ضحكت وجلست.

بعد ربع ساعة، عندما أدارت ظهرها وذهبت لمقابلة صحافي آخر، تركت على الطاولة كأساً من الماء كانت شربت منه قليلاً خلال المقابلة. بقيتُ جالساً في الكنبة، قبل أن ألتقط الكأس وأبلع كمية الماء الباقية. فقط بعد ثوانٍ قليلة، شعرتُ بطعم حمرة الشفاه على لساني. لقد أكلتُ حمرة شفتيها، من دون أيّ شعور بالرذيلة. ذقتها بأسناني، ثم ذابت مع قطرات المياه التي روت ظمئي؟ فيتيشية سيقول البعض. فيتيشية؟ نعم يا ستّي، فيتيشية. وهل هناك أروع من الفيتيشية عندما تتحلق حول جوليان ابنة مور!

مساء الأحد الفائت، عندما نادى ماثيو ماكونوغي على جوليان كي تصعد الى المسرح وتتسلم "أوسكارها" الأولى، استعدتُ ذلك اليوم الخريفي الجميل في أبو ظبي. واذ استعدتُ لحظة كهذه، فلأنني لم أنسها قطّ. كانت جوليان تريد بعد إنهاء المقابلة أن تزور مع زوجها مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي. وهذا ما فعلته، بعيداً من الكاميرات، لا لتثبت للآخرين شيئاً مما كما يفعله المشاهير عادة، بل لترضي فضولها، اذ قيل لها كم هو جميل هذا المسجد.

"لست مشهورة"

في سجلّ مور أكثر من ستين فيلماً. نالت جوائز كثيرة، منها في كانّ والبندقية، لكن الـ"أوسكار" ظلّت غصة في قلبها. أفهمها جيداً: فكيف تنالها غوينيث بالترو الأقل منها موهبة ولا تنالها هي؟ وكيف تفوز بها ميريل ستريب ثلاث مرات ولا تفوز بها مرة واحدة؟ كان عليَّ أن أمرّ عبر سؤال يطال الـ"أوسكار"، مضطراً، مع إدراكي المسبق أنها ملّت منه وقد تحسبني من الصحافيين التافهين. بيد أنني طرحته على "نفقتي" الخاصة. هاكم ما قالت: "طبعاً، لا أنكر ان هناك شيئاً غريزياً يظهر لدى الانسان ما إن يشارك في مسابقة، مما يجعله يريد الفوز. لكن، في نهاية المطاف، ما يهمني أكثر من نيل جائزة، هو العمل نفسه. ما يخيّب أملي الاّ أُمنَح الأدوار التي أريدها. طبعاً، كنت سررتُ لو فزت بالـ"أوسكار"، واعتقد أن كلاًّ من هيتشكوك وكوبريك كان سُرّ بدوره لو نال "أوسكار" أفضل مخرج".

وفي "السفير" اللبنانية يكتب نديم جرجورة: "من بين ممثلات هوليوود، هي بالتأكيد أكثرهنّ لغزاً، وأكثرهنّ موهبة أيضا".هكذا يصف الصحافي الفرنسي فابريس روسّولو الممثلة الأميركية جوليان مور، في مقالته المنشورة في الصحيفة الفرنسية اليومية "ليبراسيون"، بتاريخ 4 حزيران 2011. وصفٌ يكاد يكون الأنسب لشخصية سينمائية تمتدّ حكايتها مع الشاشة الكبيرة على مدى ربع قرن. ابنة قاضٍ عسكري (الكولونيل بيتر مور سميث) وطبيبة نفسية (آن، المهاجرة الاسكتلندية)، تمتلك خصوصية أن تكون نجمة من دون استعراضات باهتة، وأن تكون ممثلة من دون تخبّط في عشوائية الاختيار أو في متاهة العمل، وأن تكون امرأة من دون أن تفقد رونق سحر غامض يظهر في عينيها، فتنكشف الحكاية على غنّى إنسانيّ يتفوّق، أحياناً، على مهنية التمثيل. في أحد تعليقاتها الصحافية، تقول: «أنا لستُ مشهورةً. أنا ممثلة بكل بساطة».

تبتعد عن المجلات الفنية وصحافة الـ «باباراتزي»، لأنها مقتنعة بلا جدوى الغرق في تلك المتاهة المُتعِبة: «ماذا تريد أن يروي هؤلاء عنّي؟ أنا متزوّجة الرجل نفسه منذ نحو 18 عاماً، ولديّ ولدان. هذا كل شيء». (زوجها هو المخرج بارت فروندليتش، ولها منه صبي يُدعى كاليب في الـ 17 من عمره، وصبيّة اسمها ليف هلن في الـ 13 من عمرها).

وفي جريدة "العرب" اللندنية كتب أمير العمري:

أن أداء جوليان مور في دور "أليس"، يتجاوز الجميع، إنها حاضرة في كل مشهد من مشاهد الفيلم، وهي تؤدي من خلال معايشة كاملة للدور، وليس مجرد تقمصه، فنحن لا نشاهد ممثلة تمثل، بل امرأة تشعر وتمر في أعماقها بما تمر به المريضة بالزهايمر، خاصة عندما يضرب مبكرا قبل الأوان كثيرا، ويصيب هذه المرأة التي تتمتع بكل ما يحسدها عليه الآخرون من حيوية وتألق ذهني وجسماني. إنها تستخدم التعبيرات الدقيقة للوجه والعينين، تقبضات العضلات، حركة الجسد، في تجسيد الشعور بالتيه والضياع في فضاء المدينة وداخل أسوار المنزل، وتلك اللوعة التي تصيبها بعد أن تعرف، أن مرضها يمكن أن ينتقل الى أبنائها أيضا بنفس الطريقة.. إن تكرارها عبارات الاعتذار لهم، في مزيج مرهق من مشاعر الارتباك والفزع والذنب، لا يمكن أن ينسى. إننا هنا أمام أداء كبير ربما يتجاوز حجم الدور نفسه وأبعاد الشخصية الدرامية، وهو أداء يرتفع بصاحبته إلى آفاق جديدة في مسيرتها الفنية، باتت تستحق أن تتوج عنها كواحدة من أفضل الممثلات في عصرها".

فيلم "السيد تيرنر".. غرابة الفن وطموح العبقرية

مصطفى الباجوري

اختار المخرج الانجليزي مايك لي الرسام الانجليزي الشهير جوزيف مالورد ويليام تيرنر كي يقدم سيرته في فيلمه الجديد " السيد تيرنر" Mr Turner، وصنع مايك لي فيلما يمكن تصنيفه ضمن فئة السيرة الشخصية إلا أنه فيلم شديد الغرابة والاختلاف مقارنة بأفلام السيرة الشخصية التي نألفها ونعتاد عليها.

ويليام تيرنر رسام رومانتيكي عاش في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ولد في لندن لأسرة فقيرة مكونة من أب يعمل في الحلاقة وصناعة الشعور المستعارة، وأم أصابها الجنون ثم انتقلت لاحدى المستشفيات حيث توفيت في النهاية.

يبدأ الفيلم بعد أن أصبح تيرنر رساما مشهورا متخطيا بذلك الفترة الأولى من حياته حيث النشأة والنبوغ والمعاناة ثم التقدير، تحديدا منذ عودته من الرحلة التي قام بها لكثبر من بلدان أوربا (إيطاليا وهولندا وفرنسا) وفي يده دفتر الاسكتشات يتأمل في الطبيعة ويرسم بعض الخطوط ويأسر الكثير من الانفعالات.

يتناول السيناريو السنوات الأخيرة من حياة تيرنر وهي الفترة التي تحول فيها تدريجيا من الرسم التاريخي الواقعي المهتم بالتفاصيل الدقيقة الذي أكسبه شهرته الواسعة في البداية، إلى الرسم التعبيري الانطباعي المهتم بالأحساسيس الداخلية في لحظة معينة، وهو في كل أحواله رسام رومانسي مولع بتصوير البحر والعواصف والمراكب والصيادين، ويمتاز بكل خصال الفنانين الرومانسيين الثائرين على القواعد والقوالب الفنية الجامدة مثل الألفة مع الطبيعة والغرابة بين البشر، والبحث الدائم والمستمر نحو اللامتناهي والغامض داخل النفس البشرية والطبيعة ، و الميل للانعزال والوحدة، وجمود الملامح التي تخفي وراء جمودها أي شيء وكل شيء ، والإحساس الداخلي العميق بالغرابة والعبقرية ، والقدرة على التشبع بروح العصر والرؤية الصادقة للتطور والاختلاف في أزمنة الانتقال العنيفة من حقبة تاريخية لآخرى وذلك حتى قبل أن يشعر به الآخرون .

غرابة الشخصية

تيرنر- كما يقدمه الفيلم- شخص غريب المنظر، قليل الكلام، حاد الطباع، نبرة صوته غليظة وغير مفهومة أقرب ما تكون للحشرجة، لا يبدي أي اهتمام للعلاقات الانسانية وللعادات المجتمعية المألوفة. عندما تزوره زوجته المنفصل عنها مع إبنتيه، يبدوعليه الضيق والغضب والنفور كما لو كان لا يعترف بزوجته ولا بأولاده، وعندما يتم سؤاله في أحد مشاهد الفيلم عما إذا كان لديه أولاد يجيب بالنفي باصرار ودون تفكير.

يمارس تيرنر الجنس مع خادمته المشوهة بطريقة أقرب للاغتصاب، ولا يبدي أي اهتمام بها وهي التي تعاني من مرض جلدي يتفاقم مع الوقت، فهي بالنسبة له أقرب للشيء الذي يستخدمه دون أن تنشأ علاقة حقيقية بينهما من ناحيته. وفي احدى زيارته لمدينة مارجيت يتخذ عشيقة ثالثة هي صاحبة المنزل الذي يستأجر فيه احدى الغرف المطلة على البحر كي يرسم اسكتشات المناظر المائية المفضلة لديه، وتبدو تلك العلاقة الأخيرة حقيقية إلى حد ما مقارنةً مع العلاقتين السابقتين وبها بعض الدفء والتقدير مثلما يكون بين زوجين كبيرين في السن.

ومع ذلك لديه علاقة خاصة جدا مع أبيه الذي آمن به وبموهبته، ونرى الأب يعمل مساعدا له في الاستديو الخاص بالرسم ويقوم بشراء الألوان وتجهيزها، ويصطحب الزائرين لمشاهدة اللوحات في المعرض الملحق بالاستديو، ويقوم أيضا بعملية بيع اللوحات.

تيرنر رغم جموده وغرابته وقسوته وعدم اهتمامه الظاهر بالناس الذين يحيطون به في أغلب مشاهد الفيلم وخصوصا مشهد وفاة أبيه، ومشهد معاتبة زوجته بسبب عدم حضوره جنازة ابنته الصغرى، إلا أننا نحس في أفعاله ومن حالة الفيلم العامة شيئاً أعمق مدفوناً تحت السطح والجمود؛ نلمس بداخله تقديراً عميقا للحياة وامتلاء خفيا بالطموح وشغفاً حقيقيا بالجمال. فهو يبكي بدون سبب وهو يرسم رسما لعاهرة وهي تتعرى في مكان مخصص للدعارة، ويتنازل عن المال الذي يدين به أحد الرسامين المنافسين، ويقول له عندما يراه يائساً بسبب كثرة ديونه "الألم الذي تعانيه يخصك وحدك، لا تعكسه على الذين تحبهم.. ونشعر بداخله إحساسا عميقا بالإشفاق على هذا الفنان اليائس الذي يمتلك طموحا كبيرا وموهبة متواضعة ولا يستطيع أن يحصل على اعتراف الناس بذوقه وفنه ورؤيته مما يجعله غريبا هو الآخر، وعندما يعرض أحد الأثرياء على تيرنر شراء كل أعماله بمبلغ 100 ألف جنية وهو مبلغ كبير جدا وقتها، يرفض ويقول إن لوحاته يجب أن تكون ملكا للشعب الانجليزي!

جوهر الفن الرومانسي

سيناريو مايك لي مكتوب بطريقة تحاول أن تعبر عن جوهر الفن الرومانسي المتمرد على كلاسيكية الشكل والبناء حيث لا توجد بداية ومعاناة ونهاية كعادة أفلام السيرة الشخصية أو صعود وهبوط أو تصاعد معين للأحداث أو حتى ارتباط بين اللقطات المتتابعة (ربما نستثني تتابع لقطات النهاية)، ولا يهتم السيناريو بالتوضيح والشرح والبناء، كأنه لا يهتم بالمشاهدين وخلفيتهم عن تيرنر أو العصر الذي يعيش فيه والأجواء التي تحيط بطبيعة عمل رسام في ذلك العصر.

فالأحداث تبدأ وتدخل مباشرة في اللحظة التي اختارها مايك لي من حياة تيرنر، ثم تتكرر المشاهد كأنها تحاول أن تترك انطباعا أكثر من أن تحكي قصة، لقطات متعددة ومختلفة لنفس الأماكن: تيرنر وهو في الأكاديمية الملكية يضيف اللمسات النهائية لرسوماته بطريقته الغريبة التي يستخدم فيها بصاقه ويخلطه بضربات فرشاته السريعة وسط انبهار الرسامين من حوله،  ثم الأكاديمية في لقطة آخرى وتيرنر يمر على اللوحات التي يعمل بها الرسامون الآخرون ويعطيهم ملاحظات في منتهى السرعة والدقة، ثم الأكاديمية مجددا وتيرنر مختبئ وراء الجدار ويستمع إلى تذمر الملكة من رسوماته قائلة " فوضى صفراء قذرة "، ثم وهو في الأكاديمية مرة آخرى يتأمل اللوحات المعروضة ويبتسم ساخرا من التصوير الكلاسيكي وعدم قدرة الرسامين على ادراك روح العصر وحتمية التغيير ولعل ذلك الاحساس يتضح في مشهد آخر عندما كان الرسام الذي بجواره يلون تفصيل دقيق للغاية باللون الأحمر في لوحة كبيرة فأخذ تيرنر فرشته وبضربة واحدة عريضة وضع في منتصف احدى لوحاته بقعة كبيرة حمراء ساخرا من الاهتمام الكلاسيكي بالتفاصيل ومشابهة الواقع. ونرى أيضا مشاهد متكررة لتيرنر يعمل في الاستديو الخاص به ، ومشاهد آخرى وهو يعمل في البيت الكبير في مدينة تشيلسي الذي اشترته عشيقته الأخيرة ، ومشاهد متكررة لتيرنر في بيوت النبلاء المهتمين بالفن وكذلك مع عائلة الناقد الشاب جون رسكين الذي كان من أكبر المتحمسين لتيرنر إلا أن الفيلم يسخر منه ويقدمه في صورة المتحذلق والمغرور.

تكرار المشاهد

اعتمد إذن السيناريو على تكرار المشاهد كأنه يريد أن يحفر انطباعا خاصا في نفسية المتفرج، ويضعه في أجواء الفترة الزمنية، والأهم يريد أن يساير نفسية وذهنية تيرنر وميله للفن الانطباعي الذي يهتم بالمشاعر الجوانية والخبرات التأثيرية العميقة أكثر مما تهتم بتصوير الواقع الخارجي الحقيقي. في أحد المشاهد يطلب تيرنر أن يتم ربطه بأعلى ساري السفينة كي يواجه العاصفة ويختبر الإحساس ويصوره في لوحاته الانطباعية التي لم تعجب الناس وقتها وسخروا مما ظنوا فيها من عشوائية وضبابية، ولكنها مع ذلك ألهمت رسامي الحركة الانطباعية الفرنسية- وفي مقدمتهم كلود مونية- الذين بدأو مرحلة جديدة من فن التصويرالحديث.

يتوقف تيرنر أمام مشهد للقطار (وسيلة المواصلات الحديثة وقتها) والبخار المتصاعد منه، ويلهمه ذلك المشهد تصوير لوحته المشهورة "المطر والبخار والسرعة" التي أثارت سخط الناس وقتها لغرابتها وعدم وضوح تفاصيلها، وفي مشهد آخر نراه يستقبل سيدة تشرح له عمل منشور الضوء الذي يحلل الضوء الأبيض إلى مكوناته والطاقة الخفية الكامنة في كل لون التي يمكن تحويلها إلى قوة جذب وتحريك مغناطيسي، وفي مشهد قرب النهاية يذهب لالتقاط  صورة فوتوغرافية باستخدام الكاميرا التي لم يمض وقت طويل على اختراعها، ويسأل الرجل الذي يقوم بتصويره أسئلة دقيقة بخصوص طريقة عمل الكاميرا ودور العدسة والمرآة العاكسة، ويتساءل هل بإمكان ذلك الصندوق أن يصور من نفسه دون تدخل الانسان! ثم يأخذ عشيقته لالتقاط صورة آخرى لهما.. هذه المشاهد تعكس حالة الانتقال والتغير في بدايات العصر الفيكتوري في أوروبا وتعبر عن الارهاصات الأولى لظهور الحركة الانطباعية في الفن مثل الثورة الصناعية، والاكتشافات الفيزيائية فيما يخص الضوء والالوان، واختراع الكاميرا الفوتوغرافية التي يمكنها أن تنقل الصورة بواقعية ودقة أكثر من الرسم الواقعي الكلاسيكي، كل ذلك يعبر عن مرحلة في طريقها إلى الأفول ومرحلة جديدة في طريقها إلى الظهور.

تصميم المناظر والديكور من أبرز عناصر الفيلم خصوصا وهو يعتمد على تكرار اللقطات لنفس الأماكن من زوايا تصوير مختلفة، أما التصوير فهو إنجاز حقيقي للمصور ديك بوب الذي استطاع أن يجعل الصورة السينمائية تضاهي الأسلوب البصري لتيرنر في لوحاته، حيث نجد معظم مشاهد الفيلم في النهار وضوء الشمس جزء أساسي من تكوينها وذلك انعكاس لولع تيرنر بالشمس والضوء لدرجة حرصه على الاستيقاظ دائما في الصباح الباكر مع طلوع الشمس كي يمسك بلحظة وانطباع ضوء الشمس ، كل شيء في الصورة من ديكور وإضاءة مغلف بالالوان الناصعة المحببة للرسامين الانطباعيين خصوصا اللون الأصفر بدرجاته المختلفة.

أسلوب الإخراج

يمتاز أسلوب مايك لي في الفيلم بالغموض الذي يخفي أكثر مما يظهر ويحمل الكثير تحت السطح، ومع سيناريو شديد الغرابة كان عليه أن يتحكم بايقاع الفيلم حتى يجعله انطباعا نفسيا مستخدما اللقطات الطويلة المسرحية التي تضفي الجاذبية والسحر للفترة التاريخية المصورة ، واللقطات الواسعة التي تدمج الطبيعة وتجعلها وحدة واحدة مع باقي مكونات الكادر تعبيرا عن روح الرومانتيكية والغموض والشغف بالكمال والطموح إلى الكل . يقول تيرنر في الفيلم " اللون متناقض ، لكن لا يمكن التنبؤ به ومع ذلك متناغم " ، ذلك الغموض والتناقض والفوضى المتناغمة هو روح الرومانتيكية وأساس رؤيتها الفلسفية للعالم.

يؤدي تيموثي سبال أعظم أدواره في شخصية تيرنر، ويقدم تجسيدا حقيقيا يجعلنا نتساءل عن علاقة الغرابة بالفن وعلاقة العبقرية بأن تكون غريبا، ويجعلنا نتأمل الفنان الذي  لديه رؤية واستبصار بحتمية التغيير ويعاني من الاضطراب والفوضى الناشئين عن طموح العبقرية في زمن الانتقال من عصر إلى عصر.

عين على السينما في

12.03.2015

 
 

أربع حكايات هوليودية عن الأبوة والشيخوخة!

بلال فضل – التقرير

تألمت حين قرأت حوارا للممثل الكبير نك نولتي مع مجلة “جي كيو”، تحدث فيه عن تجربته المؤلمة مع الشيخوخة، معترفا أنه يبكي كل يوم، نولتي البالغ من العمر 74 عاما يقول أنه لا يواجه أي تفاصيل مأساوية تدفعه للبكاء، “إنها الحياة فقط، أبكي حين أحاول النهوض من السرير، لأنني في السبعينات من عمري، وجسدي اللعين يؤلمني، بمجرد أن تتحرك عضلاتي، أصبح بخير، لكن لا بد لكي يحدث ذلك من البكاء على غيار الريق”، لكن ذلك البكاء يهون إلى جوار البكاء الكثير المرير الذي يخوضه نك نولتي كلما توفي أحد أصدقائه أو رفاق مشواره الفني الطويل.

يتذكر نولتي آخر مرة حدث له فيها ذلك، في العام الماضي، حين توفي الكاتب والمخرج الكبير بول مازورسكي. يقول “في عزائه وإلى جوار جثمانه، رأيت وجوها لم أرها منذ سنين، ميل بروكس، ريتشارد درايفوس، كان عزاءا عظيما، لكن في مناسبة كتلك، لا تستطيع أن تتوقف عن التفكير في جنازتك”.

نك نولتي صاحب المشوار السينمائي العريض، والذي حصل في يوم من الأيام على لقب “أكثر الرجال إثارة في العالم”، يجد أن أكثر ما يؤلم في التقدم في العمر هو أن “ترى أبناءك منخرطين في حياتهم الخاصة، بحيث يبتعدون عنك شيئا فشيئا، “ابني لديه 28 عاما، كان لدينا علاقة وثيقة طيلة حياتي، لكنه تزوج الآن، وأصبح لديه أسرته، وأصبح ميالا لأن يكون لديه أسراره الخاصة، وأصبحت أسمع منه كثيرا عبارة: بابا هذا ليس من شأنك، دعني وشأني، هذا أكثر ما يحزنني، أن تجد نفسك بعيدا عن أطفالك، الذين لم يعودوا أطفالا، وأصبح لا بد عليهم أن يضعوا مسئولياتهم وأسرهم أولا، هم لم يعودوا ملكا لك، لأنهم لم يكونوا ملكا لك منذ البداية، أنت الذي كنت تتصور ذلك”.

مفهوم كهذا عن الأبوة، لم يصل بعد إلى النجم شين بين البالغ من العمر 54 عاما والحاصل على جائزة الأوسكار مرتين، برغم أن لديه ولدا وبنتا قريبين في العمر من ابن نك نولتي، أنجبهما من زوجته السابقة الممثلة روبن رايت التي تحقق نجاحا ساحقا الآن مع مسلسلها “هاوس أوف كاردز”، ومع ذلك فهو لا زال يتعامل معهما بوصفهما طفلين حتى الآن، مما جعله يعترف في حوار مع مجلة “اسكواير” أنه يعتقد أنه سيصبح “حما” مخيفا جدا، لأنه لا زال يخاف عليهما كلما خرجا من البيت، وأنه لم يغير عاداته في الخوف عليهما كلما تأخرا خارج البيت، برغم أنهما لم يعودا يعيشان معه في منزله، يتذكر قبل سبعة أعوام حين خرجت ابنته ديلان في أول موعد غرامي لها، وهي في السادسة عشر من عمرها، وكيف قام بتدريب نفسه طويلا على ضبط أعصابه، حين يستقبل الشاب الذي سيأتي إلى منزله لكي يصطحبها، وبمجرد أن دق جرس الباب، نسي كل ما تدرب عليه، وطلب من ابنته أن تصعد إلى غرفتها، وحين فتح الباب، فوجئ الشاب بشين بين يستقبله بوجه مكفهر، قال وهو مرتبك “أهلا مستر بن”، قال له بجفاء “نادني شين”.

يقول شين “كان واضحا من رؤية ملامح الشاب أنه تذكر حين رأى وجهي كل المشاهد العنيفة والدموية التي رآني أمثلها في الأفلام التي لا أبتسم فيها كثيرا، وقال لنفسه: إذن هو شخص مخيف كما يظهر في أفلامه”، لم يعط شين بين الشاب فرصة لكي يصحح له الإنطباع، بل انتهز الفرصة لكي يضع بعض القواعد قبل أن يسمح لابنته بالنزول من غرفتها، فقال للشاب بصوته الواثق المخيف “اسمع، أنا أريدكما أن تقضيا وقتا لطيفا الليلة، لكن أفضل أن تعودوا مبكرا إلى المنزل، لن تشرب الكحول مع ابنتي، أليس كذلك؟”، فرد الشاب بصوت متحشرج “طبعا يا سيدي”، فأنهى شين بين تعليماته قائلا “طيب، دعني أقل لك شيئا أخيرا: أيا كان ما ستفعله مع ابنتي الليلة، سأفعله معك حين تعيدها إلى البيت”.

تجربة مختلفة مع الشيخوخة أكثر إيجابية وواقعية عن تجربة نك نولتي، تقدمها النجمة البريطانية الكبيرة جودي دينش الحاصلة على جائزة الأوسكار، والتي بلغت من العمر ثمانين عاما، حيث قالت في حوار نشر الأسبوع الماضي أنها تفعل كل ما بوسعها لكي تتفادى آثار الشيخوخة، فهي تأخذ أدوية ومكملات غذائية لتتفادى أعراض فقدان الذاكرة، بالإضافة إلى حرصها على أن تجعل دماغها نشيطة، بأن تتعلم الجديد كل يوم، حتى أنها سألت محرر الديلي تليجراف الذي أجرى معها الحوار “هل تعلم إسم الشخص الذي يقوم بصناعة السهام؟.. اليوم تعلمت أن اسمه ذي فليتشر”، ومع ذلك فهي تقر أنها لم تعد قادرة على أن تسيطر على تدهور أبصارها، “لم أعد قادرة على أن أسافر بمفردي هذه الأيام، لأنني أحتاج إلى شخص يقول لي طيلة الوقت احترسي هنا درجة سلم، وفي حالة عدم وجوده تجدني أسقط على السلالم كسيدة مخمورة مجنونة”.

وبرغم هذا الإعتراف الحزين، تقول جودي دينش أنها ليس لديها خطط بالتوقف عن التمثيل، قائلة أنها تعتبر “التقاعد” كلمة وقحة، مثل كلمة “عجوزة” أيضا، وكلمة “عتيق”. “لا أسمح بكلمات مثل هذه في منزلي. لا أريد كلمات قديمة مثل هذه في عالمي”، تقول دينش ساخرة قبل أن تضيف “أعرف أنه لا يوجد الكثير من الأشياء الإيجابية في كونك تتقدم في العمر، لكن عليك أن تصنع طاقتك الإيجابية بنفسك. سيكون عليك أن تفكر: اليوم على الأقل لا زلت أستطيع عبور الغرفة”، وحين يسألها المحاور عما إذا كانت تعتبر حصولها على هذه الحكمة في سنها أمرا إيجابيا في حد ذاته، تقول بعد تنهيدة “بصراحة أفضل أن أكون أصغر في السن، حتى لو كان ما أعرفه أقل”.

حكايتنا الأخيرة مع النجم ويل سميث الذي قرر أن يروج لإفتتاح فيلمه الجديد “focus” بالظهور مع المذيع الشهير ديفيد ليترمان، والذي أصبح على شفا ترك موقعه كمقدم لبرنامجه الليلي الكوميدي الشهير، ليحل محله المذيع ستيفن كولبير الذي انتقل من محطة “كوميدي سنترال”، إلى قناة سي بي إس ليخلف ليترمان في موقعه الذي شغله لسنوات طويلة، من يتابعون البرنامج يعرفون أن مجيئ ويل سميث إليه كل مرة يتحول إلى حدث تلفزيوني، لأن ويل سميث يكون على راحته على الآخر، فتشعر أنه يجلس مع ليترمان على كوفي شوب وليس في برنامج تلفزيوني، وصل الأمر في إحدى المرات إلى أن تبادل الإثنان قبلة دعنا نقل أنها كانت مريبة، بحيث تم تبادلها ملايين المرات عبر شبكة الإنترنت، هذه المرة كان واضحا أن ويل سميث المقل في ظهوره الإعلامي، كان حريصا على “عمل واجب” تضامنا مع صديقه الذي سيرحل عن البرنامج، حيث غنى بشكل تلقائي أغنية بمجرد دخوله إلى الاستديو بصحبة الجمهور، لتشتعل القاعة بالغناء والتصفيق، وبدأ في التأكيد على صداقته بليترمان، وبأن ديفيد يوجد بداخله “زنجي صغير” يجعله قريبا إلى قلبه، وأن هذا هو الذي يجعل ليترمان لا يشيخ أبدا.

كان واضحا أن اللقاء سينحو منحى لطيفا للغاية بسبب قرب رحيل ليترمان، لولا أن ديفيد عبر بشكل تلقائي عن إعجابه بالممثلة الشابة مارجوت روبي التي شاركت ويل بطولة فيلمه الأخير، والتي كانت قد لفتت إليها الإنتباه بدورها الجرئ في فيلم (ذئب وول ستريت)، ليبدأ سميث في توجيه تعليقات متتالية تسخر من ولع ليترمان بمفاتن البطلة، وقيامه بمشاهدة الفيلم في شاشة “آيماكس”، ليبدو كل شيئ هناك أكبر، على حد تعبيره، حاول ديفيد أن ينقل الحوار إلى مستوى جاد، ليتحدث عن أنه معجب بجمالها وأدائها معا، فجاراه ويل في الجدية في البداية، حيث قال أن مخرجي الفيلم حين رأيا صور مارجوت طلبا منه أن يبدأ فورا في ممارسة الرياضة بجدية، لكي لا يظهر فارق السن بينهما، حيث أن ويل لديه 46 سنة، لكن ويل لم يتحمل البقاء جادا في الأمر، فعاد للسخرية من ولع ديفيد العجوز بجمال مارجوت ومفاتنها، كما يحدث لكل الرجال العواجيز الذين يرونها.

وبرغم أن ليترمان معتاد بحكم خبرته الطويلة ككوميديان على مواقف كهذه، إلا أنه بدا مرتبكا أمام تعليقات سميث المتتالية، سميث ختم الفقرة بتحية لليترمان مقتبسة من فقرة “توب تن” الشهيرة التي يقدمها برنامجه دائما، حيث يخترع في كل حلقة شيئا مرتبطا بعشرة أشياء يرتبها بشكل تصاعدي، وهو مافعله ويل سميث الذي كتب عشرة أسباب سيفتقد من أجلها ديفيد ليترمان، كانت كالآتي “الجاذبية الجنسية الكهربية التي تجمعنا سويا ـ تذكيري له في كل مرة آتي للبرنامج بأنني لست جيمي فوكس ـ الطريقة التي يغني لي بها وهو يربت على شعري أثناء الفواصل الإعلانية ـ فكرة أن تجد رجلا عمره 67 عاما يصمم على ارتداء نظارات هاري بوتر ـ كيف يقوم بإرسال منتج البرنامج بيف هندرسون إلى غرفة الملابس التي أجلس فيها، وهو عارٍ ليسألني إذا كنت أحب أن ألتقي “الرجل الصغير ذو الملابس السوداء” (يكتسب الإفيه معنى مختلفا حين أظهر البرنامج صورة المنتج وهو يضحك لنكتشف أنه أسود) ـ رائحة عطرك (أضاف ويل بعدها: لا انتظر المفروض أن هذه قائمة الأشياء التي سأفتقدها، لكن رائحة الكولونيا التي تضعها لا يمكن أن يفتقدها أحد) ـ كيف تصفر الريح بين فتحة أسنانك الأمامية في كل مرة تنطق فيها إسم سميث ـ الطريقة التي تخبرني بها أنك أحببت أحدث أفلامي في حين تهز رأسك بطريقة تفيد أنك لم تحبها ـ الطريقة التي تصطحبني بها عقب كل حضور إلى البرنامج لتصعد بي إلى السطح وتريني النجوم ثم تقول: لا أصدق أنني فعلا سأصبح السيدة ديفيد ليترمان سميث”، ليضج الجمهور بالتصفيق والضحك.

وحين قال ديفيد لويل ماذا تقول أن هذه المرة الأخيرة التي ستأتي فيها إلى برنامجي، رد ويل بإيحاء ساخر “لأن هذه المرة كانت الأفضل”، فرد عليه ديفيد بنفس الطريقة الساخرة “هل تريد أن تقول أنني رجل عجوز ولا أستطيع أن أكرر معك نفس الأداء في مرة قادمة”، ليرد عليه ويل “من يدري، أنت برجلك زنجي صغير يستطيع أن يفعل أي شيئ”، لتنتهي الفقرة التي كان واضحا برغم ضحك ديفيد وويل الشديد خلالها، أنه كان ضحكا مختلطا بالشجن، لأن لقاءهما سيكون الأخير على الهواء.

الإخفاقات التي جلبتها مواقع التواصل الاجتماعي لحياتنا

منة الله فهيد – التقرير

جميعنا نذكر فيلم “You’ve Got Mail” والجلبة التي أحدثها عندما تحدث لأول مرة، منذ أكثر من 16 عامًا، حول علاقة الحب التي يمكن أن تنشأ عبر شبكات الإنترنت بين اثنين يكرهان بعضهما البعض في العالم الحقيقي، ليتبع هذا الفيلم سيل من العلاقات المبنية على أساس المحادثات عبر الإنترنت في مجتمعاتنا.

تلى هذا الفيلم غيره من الأفلام التي تحدثت عن العلاقات الإلكترونية ونسب فشلها من نجاحها مع الإشارة لمواقع المواعدة/ الزواج. حتى جاءت ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، فكان فيلم “The Social Network” الذي تناول قصة إنشاء الموقع الشهير “فيس بوك” والذي ساعد لاحقًا في إشعال ثورات الربيع العربي، وبالأخص ثورة 25 يناير التي بدأت كـ “حدث” على صفحات الـ “فيس بوك”، اختار أن يشارك فيها الكثيرون.

فيلم “Men, Women & Children”، فيلم آخر يتحدث عما جلبته ثورات التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي فوق رؤوسنا، هذه المرة عبر تسليط الضوء على أثر تلك المواقع على الأفراد والعائلات.

يدور الفيلم حول مجموعة من طلاب الثانوية وآبائهم، أسر مفككة مكونة إما من أب وأم وأولاد، أو أب/أم وابن/ابنة هجرهما الوالد الآخر.

عائلة “تيربي”

هي عائلة “دون” و”هيلين” اللذان لعبا دورهما “آدم ساندلر Adam Sandler” و”روزماري ديويت Rosemarie DeWitt”. “دون” و”هيلين” هما مثال للزواج الفاشل الخالي من العاطفة، والذي يبدو متماسكًا -رغم ذلك- للحفاظ على صورتهما أمام ولديهما والأصدقاء.

اعتاد “دون” مشاهدة المواقع الإباحية لتعويض الحرمان الذي يعانيه مع زوجته حتى امتلأ حاسوبه بالفيروسات، فلجأ لحاسوب ابنه “كريس”، ليجد تاريخ متصفحه مليئًا بالمواقع الإباحية هو الآخر.

اعتاد “كريس”، الذي يلعب ضمن فريق كرة القدم بالمدرسة، على مشاهدة هذه الأفلام منذ أن كان في سن العاشرة حتى بلغ الـ 15، وأصبح لا يمكنه القيام بعلاقة طبيعية مع إحداهن دون المحتوى الفج الذي اعتاد عليه.

بالرجوع إلى “دون” و”هيلين”، اللذين اعتادا تمضية الوقت الذي يسبق النوم في سريرهما في اللعب على الـ “Ipads”، كل بمفرده، بدلًا من التحدث معًا، يظهر على التلفاز إعلان لأحد مواقع المواعدة فيجذب انتباههما.

في الصباح، تقوم “هيلين” بفتح الموقع وترسل صورة لها دون إظهار وجهها، وتكتب أنها زوجة تشعر بالملل وتبحث عن أنيس.

في نفس الوقت، وأثناء تصفحه لأحد المواقع، يظهر لـ “دون” إعلان للمرافقة؛ يقوم فيه بإدخال الصفات التي يريدها في مرافقته ليختار ممن تنطبق عليهن شروطه مقابل حفنة من الأموال.

 

تلقت “هيلين” ردًا على إعلانها من رجل يخبرها أنه يبحث عن نفس الشيء الذي تريده، تتردد قليلًا عند قراءتها للرسالة، ولكنها تقرر الرد عليه في النهاية. في المساء، تدعي “هيلين” أنها ذاهبة لتمضي بعض الوقت مع أختها وربما ستقضي الليلة هناك، لتذهب وتقابل هذا الرجل صاحب الرسالة.

على الجانب الآخر، خرج “دون” لمقابلة الفتاة التي قام بانتقائها لتقضي الليلة معه مقابل مئات الدولارات.

لاحقًا، وبعد عدة مقابلات، اكتشف “دون” صفحة زوجته على موقع المواعدة، الذي تعرف عليها في الحال من ملابسها، ليتبعها إلى وجهتها بعدما أخبرته أنها ستقابل شقيقتها مرة أخرى ويظهر في المطعم الذي تقابل فيه الرجل الآخر، ويريها نفسه ويذهب.

في اليوم التالي، تسعى “هيلين” للتحدث معه عما حدث الليلة الماضية، إلا أن “دون” يصر على تحويل الموضوع نحو الفطور. تصر “هيلين” على أهمية الحديث، فيخبرها “دون” أنه ارتكب العديد من الأخطاء هو الآخر ربما أكثر منها، وأن أمامهما خيارين: الأول أن يجلسا ويتحدثا لساعات طويلة عما فعلا ليذهب كلاهما في المساء إلى سريره بصور حية عن خيانات الآخر، والثاني أن يتحدثا عما تريده على الفطور.

على هذا النحو المثير للغثيان، تنتهي قصة عائلة “تيربي” باختيارهما للصمت -كالعادة- عن التحدث سويًا.

عائلة بالتيماير/ باتريشا

تتمركز هذه العائلة حول “براندي”، الابنة الوحيدة لـ “باتريشا” و”راي”. تقوم “جينيفر جارنر Jennifer Garner” بدور الأم المسيطرة المهووسة بسلامة ابنتها من مصائب “الإنترنت”. ترى “باتريشا” أن عالم التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي ماهي إلا خطر داهم يحيط بابنتها، وعليه؛ فيجب أن تخضع “براندي” وحاسوبها وهاتفها لدورة تفتيش أسبوعية، تقوم فيها بتقديم جميع حساباتها وكلمات سرها لأمها لتقوم الأخيرة بتفقدهم جميعًا وقراءة كل تعليق وكل كلمة قامت البنت بإرسالها أو استقبالها خلال الأسبوع.

لا تكتفي الأم بذلك فقط، بل تقوم بإيصال جهاز “تجسس” يقوم بنسخ كل الرسائل التي تستلمها “براندي”. يكتفي الزوج بتوجيه النصائح المتفرقة لزوجته برفع يديها عن ابنتهما وتركها لتعيش كأي مراهقة في سنها، إلا أن “باتريشا” لا تلقي بالًا لنصائحه، وتستمر في ممارسة دور “شيرلوك هولمز”، أو بالنظر لزماننا هذا فدور “المفتش كرومبو” (وهو شخصية خيالية مصرية كوميدية كارتونية عن مفتش هزلي)، يبدو لائقًا عليها أكثر.

لا تتوقف “باتريشا” عند حياة ابنتها فقط، بل تقوم بإنشاء مجموعة لتوعية الآباء كي ينتبهوا لأولادهم ويلاحقوا أفعالهم على مواقع التواصل الاجتماعي مثلما تفعل هي.

لا تخضع “براندي” لسلطة أمها، وتقوم بالحصول على شريحة هاتف لا تعلم عنها أمها وتنشئ حسابًا على موقع “تمبلر”، تقوم عليه بإرسال صور لنفسها بشكل مختلف تمامًا عن هيئتها الحقيقية. هذا الحساب الذي لا يشبهها، تعتبره هو المكان الوحيد الذي تشعر فيه بالحرية بعيدًا عن تسلط أمها. تبقي “براندي” هذا الحساب سرًا، ولا تخبر عنه أحدًا سوى “تيم” فيما بعد، كوسيلة للاتصال بعيدًا عن جهاز تجسس أمها الذي تستطيع عبره قراءة رسائلها ومسحها قبل أن تراها هي.

تقع “براندي” في حب “تيم” وتبقى علاقتها به سرًا آخر عن أمها. تتواصل معه عبر حساب “تمبلر”، الذي لا تدري أمها عنه شيئًا، وتخرج لمقابلته بعدما تخبر أمها أنها ذاهبة لمقابلة صديقتها، والتي تترك عندها هاتفها في حال أرادت أمها تعقب مكانها عبر “الجي بي إس”.

لاحقًا، تقع في يد “باتريشا” إحدى محادثات “براندي” مع “تيم”، يتحدثان فيها عن حسابها السري. تدخل عليه لتصدم بصور ابنتها التي لا تدري عنها شيئًا. تتفقد الرسائل، فتجد أغلبها من “تيم”؛ تقوم بتغيير كلمة المرور وتفتيش غرفة ابنتها رأسًا على عقب للبحث عن أية أسرار أخرى.

لدى عودة “براندي” للمنزل، تخبرها أمها أنها باتت تعلم بشأن حسابها وتطلب منها هاتفها بدلًا من أن تقوم بإجراء اتصال لوقف الخدمة تمامًا. تنفعل “براندي” على أمها وتخبرها أنها هي من تمثل خطرًا على حياتها وليس مواقع “الإنترنت” كما تظن، إلا أنها لا تجد أمامها خيارًا آخر سوى أن تعطيها الهاتف.

قامت “باتريشا” بالرد على “تيم”، الذي أرسل في طلب رؤية “براندي” عبر هاتفها، أخبرته أنها تجده مملًا وأنها لا تريد رؤيته ثانية.

تسللت “براندي” خارجًا، للذهاب إلى منزل “تيم” لتشكي له أمها، إلا أنها وجدته ملقى على الأرض وبجانبه علبة حبوب مضادة للاكتئاب. جاءت الإسعاف لنقله (تيم)، في الوقت الذي خرجت فيه “باتريشا” للبحث عن ابنتها، فتتبعت عربات الأسعاف إلى المشفى فوجدت (تيم) ممددًا على السرير تحتضنه “براندي”. استوقف هذا المشهد “باتريشا”، وأدركت أنها كادت أن تقضي على حياة هذا الولد من فرط حبها وحمايتها لابنتها.

عائلة “موني”

هذه الأسرة مكونة من الأب “كينت” والابن “تيم”، التي هجرتهما زوجة الأول وأم الثاني للذهاب برفقة رجل آخر إلى “كاليفورنيا”، الأمر الذي جعل “تيم” يعيد التفكير في كل شيء مرة أخرى، وارتاح إلى نظرية “كارل ساجان” صاحب كتاب “نقطة زرقاء باهتة Pale Blue Dott” أن العالم مصنوع من ملايين الجزيئات تولدت نتيجة انفجار عظيم، وهذه الجزيئات ستبقى حتى ينسحق الكون إلى اللاشيء. لذا؛ لا يوجد شيء مهم، لا هجران أمه له ولا تركه للعبة كرة القدم الذي تفوق فيها فيما سبق.

قضى “تيم” ما يفوق الألف ساعة يلعب إحدى ألعاب الفيديو جيم على حاسوبه، خالقًا لنفسه “أفاتارًا” متحدثًا لأصدقاء افتراضيين لم ولن يقابلهم يومًا خارج شاشة جهازه. أثار هذا قلق والده “كينت”، فذهب لمجموعة التوعية التي تقيمها “باتريشا” التي أخبرته عن مدى خطورة هذه الألعاب على عقل ولده وأنها ستمحي شخصيته وتحوله إلى مجرد “أفاتار”، وعرضت عليه المساعدة بتعليمه كيف يمكنه محو هذه اللعبة من على جهاز ابنه للأبد.

وجد “كينت” “باتريشا” مبالغة بعض الشيء، ووافقته في رأيه “دونا” الأم العازبة التي جاءت لحضور المجموعة. شعر “كينت” بانجذاب نحو “دونا” لم يشعر به نحو امرأة منذ هجرته زوجته، فدعاها للخروج؛ حيث حكى كل منهما للآخر عن نفسه، ووجدا نفسهما منسجمين أكثر مما كانا يظنان.

وجه أحد زملاء “تيم” السابقين في الفريق ضربة بكرة اللعب إلى “براندي” أثناء جلوسها مع “تيم” بغرض مضايقته، فما كان من الأخير إلا أن قام وأبرحه ضربًا، الأمر الذي جعل والده يصحبه إلى أحد الأطباء النفسيين لقلقه عليه. أخبر “تيم” الطبيب ما أخبره سابقًا لمدير الفريق ولوالده ولـ “براندي” أن لا شيء بات مهمًا، وأن اللعبة التي يقضي أغلب ساعات يومه أمامها هي كل ما تعنيه الآن، غافلًا عن ذكر علاقته بأمه التي تبدو قد خطبت للرجل الذي هجرتهما هو وأبيه من أجله، ولم يعلم بالأمر إلا عن طريق صور نشرتها على صفحتها على الـ “فيسبوك” قبل أن تقوم بحجبه. أعطى له الطبيب علاجًا مضادًا للاكتئاب على الرغم من عدم شعور “تيم” بأنه مكتئب.

الشيء الوحيد الذي بدا مهمًا لـ “تيم”، بقدر اللعبة التي يلعبها، هو علاقته بـ “براندي”. وعلى الرغم من تضييق أمها عليها، إلا أنهما استطاعا إيجاد حل للتواصل والالتقاء دون علمها.

كل شيء كان يسير على ما يرام حتى اختلف “كينت” مع “دونا”، فعاد للمنزل غاضبًا، فتح جهاز ابنه فقرأ محادثاته مع أصدقائه الافتراضيين من اللعبة، كان يخبرهم فيها عن خبر خطوبة أمه لرجل آخر. جن جنون “كينت” وقام بحذف اللعبة من على جهاز “تيم” وإلغاء الاشتراك.

عاد “تيم” للمنزل فوجد والده متحفزًا. نشب خلاف بينهما، أخبره “تيم” أن أمه لم تهجره وإنما هجرت أبيه، إلا أن الأخير أصر على أنها هجرتهما هما الاثنان؛ حيث لم ترسل لابنها دعوة زفاف ولم تقم بدعوته للعيش معها أيضًا. حاول “تيم” إنهاء الحديث والذهاب للجلوس أمام لعبته، ففاجأه أباه أنه قد مسح اللعبة وألغى الاشتراك وأنه سيعود للعب كرة القدم مرة أخرى.

أرسل “تيم” رسالة لـ “براندي” يخبرها أنه يريد رؤيتها، فردت عليه أمها، التي استولت على حسابها، أنها لا تريد رؤيته بعد الآن؛ فتناول “تيم” جميع الحبوب المضادة للاكتئاب خاصته، بغرض إنهاء حياته.

عائلة “كلينت”

تتكون هذه الأسرة من “دونا” وابنتها “هانا”. حبلت “دونا” من أحد منتجي “هوليوود” أثناء محاولتها لتصبح نجمة، عادت بعد خمسة أشهر لموطنها بطفلة وسيارة مرسيدس وشيك لإعالتهما. ربما تخلت “دونا” عن حلمها في أن تصبح نجمة، ولكنها سعت لتحقيق هذا الحلم عبر ابنتها “هانا”؛ فقامت بإنشاء موقع إلكتروني تنشر عليه صورها. لاقت الصور إعجاب الكثيرين، وزاد عدد المشتركين به، بل إن الأمر تطور لطلب البعض لجلسات تصوير خاصة كانت تقوم بها الأم بمقابل مادي لم تكن تعلم به “هانا”.

بالصدفة، وأثناء قيامهما بالتسوق، قابلت “دونا” وابنتها برنامجًا لاكتشاف المواهب، فقامت “هانا” بالخضوع للاختبارات المطلوبة وملء ورقة التطبيق، وطلب منهما القائمون على اختيار المواهب تصوير فيديو تقوم فيه “هانا” ببعض التمثيل وإرساله إليهم. شعرت كلتاهما أن الفرصة قد أتت لتنطلق “هانا” لعالم الشهرة، ولكن البرنامج اتصل لاحقًا بـ “دونا” وأخبروها أنه تم استبعاد “هانا” من البرنامج بسبب موقعها الإلكتروني. حاولت “دونا” الدفاع عن حق ابنتها في إنشاء موقع إلكتروني خاص بها، إلا أنهم أخبروها أن المشكلة لا تكمن في الموقع نفسه، وإنما في تلقيهما أموالًا مقابل صور “هانا”.

شعرت “دونا” أنها المسؤولة عن ضياع فرصة ابنتها في الشهرة، فقامت بإلغاء الموقع، وذهبت للتحدث مع “كينت” وإخباره بالأمر كله. صدم “كينت” من تصرفاتها وعرضها لصور ابنتها مقابل المال، وأخبرها بأنه عليهما أن يبطئوا الأمور فيما بينهما قليلًا.

أخبرت “دونا” “هانا” بنصف الحقيقة فقط، فثارت الأخيرة لما علمت أن أمها قد أزالت الموقع الذي اتضح أنه سيكون أقصى قدر من الشهرة ستحصل عليه يومًا وتركتها وذهبت.

عندما علمت “دونا” بمحاولة “تيم” للانتحار، ذهبت إلى المشفى؛ حيث استقبلها “كينت” بود وأمسك يدها.

على الرغم من أن الفيلم لم ينجح جماهيريًا ولم يتلق مراجعات إيجابية من النقاد أيضًا، إلا أنه يمثل صفعة على وجه المشاهد الذي سيتسق مع أحد أبطال الفيلم ويرى فيه نفسه. فمن منا لا يمضي أغلب ساعات يومه أمام شاشة حاسوبه أو هاتفه الذكي؟ ومن منا لا يمتلك حسابات على أغلب مواقع التواصل الاجتماعي؟ البعض سيعاني من تضييق أسرته مثلما فعلت “باتريشا”، والآخر سيخرج بحثًا عن الشهرة أيًا كان ثمنها مثلما فعلت “هانا” و”دونا”. البعض سيقضي أيامه مرتبطًا بإحدى الألعاب، والآخر سيبحث عن الحب والزواج عبر مواقع المواعدة.

الحقيقة أني أرجع إخفاق الفيلم (المأخوذ عن كتاب بنفس العنوان بالمناسبة) إلى تناوله للإخفاقات الحياتية، دون بذل جهد لوضعها في قالب درامي؛ فنجد الإخراج متواضعًا، لم يستطع التركيز على تيمة معينة طوال الفيلم. وأيضًا، مستوى التمثيل جاء عاديًا جدًا، وأخص بالذكر أداء “Adam Sandler” الذي جاء باهتًا للغاية، بل ربما استطاع القيام بالدور ممثل مغمورعلى وجه أفضل منه.

الفيلم إنتاج سنة 2014. سيناريو وإخراج: “جايسون رايتمان Jason Reitman”، مخرج الفيلمين الشهيرين “Juno” و”Up In The Air”. مدة عرضه: 119 دقيقة، وتقييمه على موقع IMDbالعالمي: 6,7.

التقرير الإلكترونية في

12.03.2015

 
 

يجمع بين الجريمة والكوميديا

بالصور: تعرف على جديد أفلام النجم ويل سميث

24 - محمد هاشم عبد السلام

انطلقت منذ أيام بجميع دور العرض أحدث أفلام النجم الأمريكي المعروف ويل سميث وهو بعنوان "تركيز"، ويبلغ زمن عرض الفيلم ساعتين تقريباً، يجمع بين نوعية أفلام الجريمة والكوميديا والدراما، وقام بإخراجه كل من جلين فيكارا وجون ريكوا، وهما أيضاً من كتبا له السيناريو.
ويشترك مع النجم ويل سميث في بطولة آخر أفلامه كل من الممثلة مارغوت روبي، بطلة فيلم ذئب وولستريت آخر أفلام مارتن سكورسيزي، وذلك في دور المحتالة "جيس باريت"، ومعها الممثل رودريجو سانتورو في دور "جاريجا"، أما سميث فيقوم في هذا الفيلم بدور "نيكي سبورجون"، النصاب المخادع، الذي يتكسب عيشه من ممارسة الاحتيال والغش.

يتعرف يول سميث أو نيكي سبورجون في أحد المطاعم بنيويورك على المحتالة الناشئة عديمة الخبرة جيس باريت، التي تفشل في خداعه، بعد ذلك، تطلب جيس من نيكي وبإلحاح أن يعلمها أصول المهنة ويضمها إلى فريقه، وبعد ملاحقات وتحايل يوافق نيكي على طلب جيس، ويصطحبها معه إلى نيو أورليانز لتدريبها، ثم يجعلها تنفذ بعض الخدع البسيطة كاختبار.

تنجح جيس في الاختبار، وبالفعل يعرفها نيكي على فرقته وتنضم لهم، لكن الأمور تتطور بعد فترة بين نيكي وجيس وتصل إلى مرحلة الانجذاب العاطفي، والعلاقة الرومانسية ذات المشاعر الصادقة، والتي من الممكن أن تتطور لاحقاً إلى حب حقيقي، مقتنعاً بأن الغش والخداع لا يتفقان أو يجتمعان والحب الحقيقي والمشاعر الصادقة، وأن الحب وتلك العلاقة برمتها تشكل بالفعل خطراً وتهديداً لأعماله ومصالحه، وتلك كلها نصائح كان والده قد علمه إياها، يضطر نيكي إلى هجر جيس، والتخلي عن تلك العلاقة، وبالفعل يفترقان، بعد تنفيذها لإحدى العمليات.

تتعقد الأمور وتتأزم بعد مرور ثلاث سنوات، إذ يلتقي نيكي بجيس مصادفة، وذلك في مدينة بوينوس آيريس حيث يمارس نيكي عمليات الاحتيال والخداع، تتعقبه جيس وتلاحقه مرة ثانية، وبالفعل يستأنفان العلاقة فيما بينهما، وتكون جيس، بطبيعة الحال، ورقة الضغط على نيكي ونقطة ضعفه، وذلك بعدما يُكشف أمر نيكي وخداعه، يتم اختطاف نيكي وجيس كي يرد نيكي ملايين اليوروهات التي احتال للحصول عليها، وبالطبع، يضحي نيكي، الذي يصاب برصاصة في صدره، بالمال من أجل إنقاذ حياة حبيبته جيس.

موقع (24) الإماراتي في

12.03.2015

 
 

شائعة وفاة الفنانين

مروة عبد الفضيل

انطلقت شائعة جارحة تفيد بوفاة النجم الكبير نور الشريف، وكان مرضه أرضاً خصبة لتصديق الشائعة، حتى أنّ معظم المواقع الفنية نشرت الخبر، وأعرب رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن حزنهم بعد وفاته، وبدأوا بتغيير صورهم الشخصية ووضع صور من أفلام صاحب "سواق الأتوبيس"، وكتبوا عبارات تنم عن حزنهم لرحيله. حتى خرجت ابنته مي الشريف لتكذب الشائعة، وتدعو إلى عدم تصديق ما يقال على صفحات فيسبوك، التي تهدف فقط إلى البحث عن نسب المشاهدة العالية من دون مراعاة لشعور أسرته.

لم تكن شائعة وفاة نور الشريف هي الأولى التي تطارد النجوم، بل سبق أن تعرض للشائعة نفسها الكثيرون، مثل الفنان عادل إمام الذي ترددت شائعة وفاته على مدار الأشهر القليلة الماضية بشكل زائد عن الحد، حتى وصل الأمر إلى تبادل الخبر عبر رسائل الهاتف المحمول التي أصبحت من أسرع الوسائل مساعدة في انتشار الشائعات. واضطر الفنان الملقب بـ"الزعيم" للخروج عن صمته وتكذيب الخبر بنفسه، قائلاً: "خايف لما أموت بجد محدش يصدق".
كما تعرض الفنان حسن حسني لنفس الشائعة، إذ قيل إنه توفي بعد إصابته بذبحة قلبيّة ناتجة من إجهاد في العمل، حيث كان يقوم بتصوير أكثر من ثلاثة أعمال ما بين السينما والتلفزيون في آن واحد. وانتشرت هذه الشائعة بشكل سريع وظل نشطاء موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ينعون بعضهم، ويطلبون له الرحمة والمغفرة. وبعد ساعات قليلة على انطلاق الشائعة، قام نقيب الممثلين آنذاك الدكتور أشرف زكي بتكذيبها في كل وسائل الإعلام، موضحاً أن الفنان الكبير بخير ولم يصب بأي مكروه.

ومن أغرب الشائعات التي انتشرت في إحدى المرّات بشكل سريع للغاية، خبر مقتل الراقصة المصرية دينا في شقة بإحدى المدن الساحلية، وهو ما أغضب دينا، موضحة أن ابنها الوحيد علي أصيب بحالة نفسية سيئة للغاية، خصوصاً حين انطلقت الشائعة، كان خطّها مقفلاً، لأنّها كانت مرتبطة بإقامة إحدى حفلاتها في أميركا. وواجهت الراقصة والممثلة فيفي عبده أيضاً شائعة وفاتها، فردّت بطريقتها المعهودة الطريفة، قائلة: "الله أكبر عليّا، أنا عايشة وزيّ الفل، ربّنا يخليني لبناتي".

الفنان تامر حسني أيضاً بدوره واجه أكثر من شائعة مماثلة، وإن كان آخرها إصابته خلال حادث سير في شرم الشيخ الذي أدّى إلى وفاته. وأصيب محبو المطرب الشاب بحالة فزع، حتى ظهر والده حسني شريف في تصريح صحافي نافياً هذه الشائعة، بل وطالب مروّجيها بالكف عن التربص بابنه وتركه يمضي في مشواره الفني من دون عرقلته.

وواجه الخبر نفسه الفنان أحمد راتب الذي أعرب وقتها عن غضبه، موضّحاً أنّ أسرته أصيبت بفزع شديد على الرغم من أنّه كان موجوداً بينهم، لكن الشائعة نفسها أوجعت قلوبهم. وكثرت أيضاً شائعات الوفاة التي لاحقت الفنان المصري صلاح السعدني، ليخرج ابنه الممثل أحمد ليكذبها، وقامت نقابة المهن التمثيلية أيضاً بتكذيب الخبر مثلما كذّبت كل الشائعات التي انطلقت في هذا الإطار.

العربي الجديد اللندنية في

12.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)