كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«الأميرة وبنت الريح» لستايسي غريغ..

سحر الأساطير في حكاية ملكية

نديم جرجوره

 

رواية عن أميرة تعشق ركوب الخيل في مملكة تمتلك خصوصية اجتماعية محافظة. رواية عن معنى العشق، وعن معنى العلاقات المتناقضة بين حُسن وسوء، وعن معنى الطموح والدفاع عنه حتى تحقيق مضمونه. رواية مكتوبة بلغة سلسة وعميقة، كسلاسة أميرة وعمق الأحداث والحالات والبلاد التي عرفتها وعاشتها. رواية مترجمة إلى اللغة العربية بحرفية لافتة للانتباه، قادرة على نقل روح النصّ ومتانته، وفضاء الحكايات ومتاهاتها وتفاصيلها، وقوة الانفعالات والتحوّلات الفردية والعامّة، وبهاء الشخصيات وقسوتها. رواية عن أميرة، ابنة ملكٍ حاكمٍ مملكةً في قلب الصراعات والانقلابات المتنوّعة التي تشهدها منطقة برمّتها. رواية عن أميرة ومهرة، لكن عن حياة بأسرها أيضاً.

النيوزيلاندية ستايسي غريغ مولعة بالخيول منذ صغرها. شهرتها الأدبية مبنية على روايات عديدة منضوية في سلسلتَين اثنتين: «منافسو نادي بوني» و «أسرار نادي بوني». الـ «بوني» (Pony) هو فرس قزم، والسلسلتَان ترويان أخبار هذه الفرس وحكاياتها. في التعريف بالكاتبة، يُذكر أن ستايسي غريغ شغوفة بالخيول منذ صغرها، «حتى أنها حاولت تدريب كلبها على قفز الحواجز في حديقة المنزل، إلى حين سمح لها والداها باقتناء مهرة». هي لم تُصبح فارسة، بل كاتبة روايات عن الفروسية وأنماطها وقصصها المتنوّعة، وعن الأحصنة وعوالمها ومساراتها وحيواتها. في العام 2013، تصدر رواية «الأميرة وبنت الريح». في العام 2014، تَصدر الترجمة العربية بقلم رنا حايك (منشورات «نوفل، دمغة الناشر هاشيت أنطوان»). لكتابة هذا النصّ الجميل والمؤثّر والعميق والمتنوّع الهوامش الموضوعة كلّها في خدمة الحبكة الأصلية ـ علاقة الأميرة هَيَا بنت الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية بمهرة «بنت الريح» ـ تمضي الكاتبة أشهراً طويلة في ضيافة الأميرة: زيارة قصور العائلة المالكة. زيارة الإسطبلات الملكية. لقاءات وحوارات مطوّلة مع الأميرة نفسها، كما مع محيطين بها.

الأحداث الجانبية عديدة: حكاية الأميرة (1974)، بل حكاية شغفها بالخيول. علاقتها بوالدتها الملكة عليا (1948 ـ 1977). وفاة هذه الأخيرة إثر تحطّم طائرة هيليكوبتر تُقلّها إلى «طفيلة» في جنوب الأردن لتفقّد نازحين (في الواقع، زيارتها هذه هادفة إلى تفقّد مناطق نائية كما قيل). علاقتها بمربّيتيها المتناقضتين تماماً إحداهما عن الأخرى، غرايس اللطيفة وفرانسيس المتصلّبة والمتشدّدة في التزامها الأصول الملكية في التربية. علاقتها بشقيقها علي (مواليد 1975) ووالدها الملك (1935 ـ 1999). علاقتها بزميلات المدرسة البريطانية الداخلية «بادمينتون». إلخ. لكن الأهمّ علاقتها بالخيول عامة، وبالمهرة «بنت الريح (بري)» خاصّة، منذ ولادة هذه الأخيرة حتى فوزهما معاً بـ «الكأس الملكية» في إحدى مسابقات الفروسية. وبالتالي، علاقتها بالسيّاس، وخصوصاً سانتي. النصّ وصفٌ دقيقٌ ومؤثّر لحالات وانفعالات وأحداث. الهوامش دعمٌ للحبكة. الواقعيّ فيها متوازن والمتخيّل الأدبيّ. في الوصف جمال لغة تبدو كمن يبوح وليس كمن يروي. الترجمة إضافة أدبية وليست فقط مهنة نقل نصّ من لغة إلى أخرى. عالم الخيول واسع وواضح. الكاتبة المعنية به تُقدّمه بأسلوب شفّاف يضع القارئ في صلب هذا الحدث، أو ذاك الانفعال، أو تلك القصّة.

على الرغم من صعوبات وتحدّيات عديدة تُواجهها الأميرة هَيا (تتابع الرواية فصولاً من حياتها قبل بلوغها الـ 14 عاماً من عمرها)، إلاّ أن «جمالاً» كثيراً مبثوثاً في طيات سيرتها تلك. في الوصف، شيءٌ من ألوان مُشرقة أكثر من تلك السوداء. كأن كل شيء من دون استثناء، في الواقع والقدر معاً، مشغول في خدمتها. غير أن «الأميرة وبنت الريح» يعكس بعضاً من حقائق العيش في قصر ملكيّ، في لحظات تاريخية لم تكن سهلة على والدها الملك، الذي يشغل مساحة قليلة من النصّ، في مقابل المساحات الأوسع والأشمل الخاصّة بالأميرة ومهرتها «بري».

رواية تثير متعة القراءة، وأحداث يجمع وصفُها بين سلاسة نصّ أدبي وحكايات أطفال في عالم يختلط فيه سحر الأساطير بحياة ملكية.

السفير اللبنانية في

04.03.2015

 
 

{الجرح} للألماني التركي فاتح أكين...

مجزرة الأرمن في ملحمة شاعرية

كتب الخبرايمان حميدان

بعد فيلمه قبل الأخير {حافة الجنة} 2007، الذي عرض مدة طويلة في الصالات الأوروبية، عاد المخرج الألماني من أصل تركي فاتح أكين مع فيلمه الجديد {الجرح} The CUT بإنتاج ضخم تبلغ تكلفته 21 مليون دولار متجاوزا أي كلفة سابقة لأي من أفلامه، ليقدم في روح أوذيسية ملحمية مأساة الشعب الأرمني والمجازر التي تعرضوا لها في تركيا على يد الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى. وقد تعاون المخرج في كتابة السيناريو ولأول مرة مع مارديك مارتن الذي عمل مع سكورسيزي في فيلمين أساسيين هما {ثور هائج} و{شوارع قذرة}.

بروح شاعرية وجو مليء برموز تاريخية ودينية يستعرض أكين ملحمة هجرات الأرمن  القسرية خلال الحرب العالمية الأولى من تركيا إلى الدول المحيطة، ليتوزعوا لاحقاً ويتشتتوا في بقاع العالم، وذلك عبر قصة عائلة مؤلفة من رجل وزوجته الجميلة ذات الصوت الرخيم وابنتيه التوأم. تعيش العائلة بسلام من جهد الأب الذي يعمل حداداً، إلى أن يأتي يوم يغيّر مصيرها ويجعلها ضحية مأساة رهيبة من موت وتشتت وضياع وهجرة. رموز تحرك وجدان المشاهد عرف المخرج استعمالها بطريقة ذكية. الأغنية الأرمنية أدَّت دوراً مهماً في تلمس معالم رحلة نازاريت الملحمية. أغنية زوجته التي رافقته كتعويذة، كذلك الشال الذي ركضت ابنتاه قبل رحيله بدقائق لتعطياه إياه. رموز رافقت الأب للتفتيش عن ابنتيه خلال أكثر من ساعتين هي مدة الفيلم.

يؤخذ الأب واسمه نازاريت مانوغيان (أدى الدور الممثل الفرنسي طاهر رحيم) عنوة  من الجيش العثماني عام 1915 بعيداً عن زوجته الشابة وابنتيه التوأم إلى الخدمة العسكرية، التي يظهر في ما بعد أنها عمل سخرة في شق الطرقات ثم التصفية الجسدية، لسبب عرقي وديني، أي لأنهم أرمن، بعدما خُيّروا بين إشهار إسلامهم أو القتل. تجرى عملية تصفية وحشية للرجال الأرمن كلهم، لكن نازاريت وبفضل الصدفة يبقى على قيد الحياة، فيما تركته محاولة تصفيته عبر نحره أخرساً لا يقوى على الكلام. ينقذه سجين سابق، اسمه محمد تلقى أوامر بذبح الرجال الأرمن، بحيلة أبقت نازاريت على قيد الحياة.

رحلة الموت

يسير الاثنان في الصحراء ويقاسمه السجين طعامه وماءه، ثم يلتحقان بجنود هربوا من الخدمة وتحولوا إلى قطاع طرق للبقاء على قيد الحياة. في لحظة ما، يترك نازاريت الجميع ويبدأ جلجلته الخاصة وحيداً في الصحارى والجبال الجرداء، بحثاً عن عائلته بعدما علم أن الجيش العثماني دخل إلى ماردين وطرد النساء والأطفال ودفعهم إلى السير في الصحارى باتجاه عين العرب وحلب، وساد رحلتهم الموت من العطش والبرد والجوع. كذلك تعرضت النساء للاغتصاب والقتل والبيع في سوق البغاء.

يبدأ نازاريت الأخرس مسيرة بحث شاقة تذكرنا إلى حد بعيد بفيلم {يسوع كما جاء في إنجيل القديس متى} للمخرج الإيطالي بازوليني.

في جلجلته الصحراوية، يلتقي نازاريت برجل حلبي اسمه عمر سليمان (أدى الدور الفلسطيني الإسرائيلي مكرم خوري) يبيع صابوناً يصنعه في حلب. يعرف سليمان فوراً أن نازاريت الذي ما عاد يقوى على الكلام أرمني، فيخبئه في عربته التي يجرها البغل خوفاً من الجيش العثماني، ويدخله إلى معمل الصابون الذي يملكه. هناك يقيم نازاريت، وتبدأ بعد ذلك مرحلة انهيار الإمبراطورية العثمانية وخسارتها في الحرب، وهزيمة الأتراك ورحيل جيشهم وتجارهم ومناصريهم عن حلب، ويقفل مصنع الصابون لأنه أصبح ملجأ لآلاف العائلات الأرمنية الهاربة من مجازر العثمانيين في القرى والبلدات التركية. هناك يلتقي بأحد أبناء قريته الذي يخبره بأن زوجته قتلت وأن ابنتيه أخذتا إلى أحد الأديرة في سورية أو في لبنان.

يبدأ الأب مشوار زيارة الأديرة كلها، وفي أحد الأديرة في لبنان تعلمه المديرة أن ابنتيه سافرتا إلى هافانا في كوبا للزواج من أرمنيين يعيشان هناك، وأن إحداهما وبسبب السير الطويل تعرضت لحادث جعل منها عرجاء. رحلة أخرى يقوم بها إلى كوبا وتنتقل معه كاميرا أكين الضيقة في تصوير الأماكن الجديدة. أما الأماكن المفترض أن تكون في حلب فقد صُوَرت في المغرب. أكين أظهر العرب في فيلمه كما يليق بتاريخ سورية ولبنان، خصوصاً بيروت وحلب كملجأ للأقليات الهاربة من الطغيان والجور في أسيا وأوروبا.   

يلحق نازاريت بابنتيه ويبدو إلى حد كبير في رحلة أوذيسية لا تنتهي، إذ يكتشف في هافانا أن ابنتيه لم تتزوجا وسافرتا إلى مينابوليس في الولايات المتحدة الأميركية. وحين يتبع خطواتهما ويصل إلى أميركا يتعرض لأنواع العذاب كافة والاستغلال والعنف الجسدي من عمال أوروبيين مهاجرين يلعنون في كل لحظة اليهود، ويطلقون على كل عامل يرفضونه «اليهودي». هكذا أطلقوا اسم اليهودي على نازاريت بعدما أشبعوه ضرباً وركلاً على سكة الحديد لأنه حاول تخليص امرأة من الاغتصاب.

العدالة

أبرز محاولات فاتح أكين، وإن جاءت خجولة وغير مباشرة، وضع تجربة الأرمن كجريمة ضد الإنسانية، وذلك على قدم المساواة مع جرائم النازية ضد اليهود، عبر إشارات عدة ظهرت في الفيلم: في السيناريو وصور المجازر، وفي سير النساء والأطفال الجماعي إلى حتفهم. ولا نستبعد أن سبب النقد غير العادل الذي تعرض له الفيلم من نقاد لا يعترفون بمجازر أخرى في التاريخ، هو هنا: أي محاولة المخرج العادلة والشريفة في إبراز مأساة شعب أسوة بغيره من الشعوب.

تلك الإشارات اللافتة التي حاول أكين وضعها بين طيات السيناريو لم تجد اقبالاً لدى النقاد. إلا أن من انتقد الفيلم تجاهلها ولم يشر إليها، بل حاول التقليل من أهمية الفيلم بانتقاء نقاط معينة لم تؤثر على جودة الفيلم. مثلاً، وجدوا في التنقل في اللغات بين التركية والأرمنية والعربية والإنكليزية ضعفاً في الفيلم، بينما هي محاولة ذكية من المخرج لإعطاء صورة عن المرحلة التاريخية آنذاك التي اختلطت فيها اللغات وكثرت مع كثرة التدخل الأجنبي السياسي في الإمبراطورية العثمانية عشية الحرب العالمية الأولى. حتى السلاطين أنفسهم توقفوا عن التحدث في بيوتهم باللغة العثمانية، خصوصاً أولئك الذين أتت أمهاتهم من أوروبا الغربية كالنمسا وفرنسا وإنكلترا.

تضاربت أراء النقاد السينمائيين إزاء فيلم فاتح أكين الأخير. لكن من المؤكد أن المقالات التي بالغت في النقد، لا بد من أن المقاربة السياسية لكتّابها أسهمت إلى حد بعيد في زيادة «الجرعة الانتقادية»، لا النقدية للفيلم. إلى جانب تلك المقاربة ثمة الرغبة الدفينة لدى بعض النقاد الغربيين برؤية فاتح أكين كمخرج تركي تتكلم شخصياته التركية وتصور أفلامه المهاجرين الأتراك في رحلاتهم المكوكية ذهاباً وأياباً بين أوروبا وتركيا. في رد لاذع للمخرج على انتقادات قاسية طاولت فيلمه، قال إن ثمة نقاداً لم يتحملوا أنه خطا تلك الخطوة نحو العالمية والتكلم بلغة يفهمها الجميع وهي الإنكليزية، وأنهم اعتادوا عليه مخرج أفلام تتكلم شخصياتها التركية أو الألمانية على أبعد تقدير وأنهم يرغبون في أن يروه دائماً في تلك الدائرة. كان رد المخرج محقاً ومنطقياً.

لعل أكين أخطأ في اختيار طاهر رحيم لأداء دور البطولة، وقد رأيناه يجسد شخصية سمير في فيلم «الماضي» للمخرج الإيراني أصغر فرهدي ولم يكن لامعاً فيه أيضاً. لم يستطع رحيم أن يتجلى في فيلم أكين، خصوصاً  في دور الأخرس الذي يتطلب الاعتماد على تعابير الوجه والجسم، والتي فشل الممثل في تجسيدها. نادراً ما رأينا تغيرات ملحوظة في تعابير وجهه، إلا في لحظات قصيرة جداً مثل غضبه أثناء محاولة العمال الأميركيين اغتصاب امرأة كانت تمر بالقرب منهم، أو حين كان يشاهد فيلم شارلي شابلن الصامت «الولد». حتى في المشهد الأخير حين التقى بابنته التي أخبرته بموت شقيقتها، لم يتغير وجهه ولا تعابيره. إلا أن الخطأ في اختيار الممثل الرئيس لم يفقد الفيلم أهميته الإنسانية والتاريخية.

أقل ما يمكن أن يقال عن فيلم أكين الذي أنتج بمشاركة أرمن من روسيا وأرمينيا وتركيا، هو ما قاله المخرج نفسه في إحدى المقابلات الصحفية: «هذا الفيلم ليس عن مجزرة الأرمن. إنه فيلم عن قصص وأشياء كثيرة أردت التحدث عنها. أردت أن أرسل تحية إلى صديقي هرانت دينك الذي قتل في تركيا على يد أصوليين أتراك. قد لا يكون الفيلم أفضل أفلامي إلا أنه الأكثر نزاهة!».

الفيلم الذي عرض في دول أوروبية عدة بمناسبة المئوية الأولى لذكرى مجزرة الأرمن عام 1915، نسمع في نهايته الأخرس ينطق باسم ابنته الباقية على قيد الحياة. فقد النطق خلال الفيلم كرمز للصمت العالمي. إلا أنه استعاد نطقه وفي الاستعادة تأكيد قوي لرفض السكوت بعد الآن.

الجريدة الكويتية في

04.03.2015

 
 

الجزء الثالث من فيلم اختطاف.. براعة الموسيقى التصويرية

عمان - محمود الزواوي

فيلم «اختطاف–الجزء الثالث» (Taken 3) (2015) من إخراج المخرج الفرنسي أوليفييه ميجاتون، وهو مخرج فيلم «اختطاف – الجزء الثاني» (2012). ويستند هذا الفيلم إلى سيناريو للكاتبين السينمائيين لوك بيسون وروبرت مارك كامين. وكما يتضح من العنوان، فهذا الفيلم هو الجزء الثالث في سلسلة أفلام «اختطاف» التي شملت أيضا فيلم «اختطاف» (2008) و»اختطاف – الجزء الثاني» (2012) اللذين تقاسم بطولتهما أبطال الفيلم الحالي وهم الممثلون ليام نيسون وماجي جريس وفامكي جانسين. وانضم إليهم في الفيلم الجديد الممثل فوريست ويتاكر. وتجمع هذه الأفلام بين أفلام الحركة والمغامرات والإثارة والتشويق والجريمة والأفلام الدرامية.

ويعود الممثل الإيرلندي ليام نيسون في فيلم «اختطاف – الجزء الثالث» للمرة الثالثة في دور عميل وكالة المخابرات المركزية الأميركية المتقاعد بريان ميلز. وتتواصل في هذا الفيلم مغامراته المحفوفة بالمخاطر والمثيرة والتي يتحوّل فيها من شخص يطارد المجرمين والعناصر الشريرة في الفيلم الأول، ويقع ضحية للاختطاف في الفيلم الثاني، إلى شخص مطارد بعد اتهامه بالقتل رغم براءته، في الفيلم الثالث.

وتشتمل الشخصيات المحورية في قصة فيلم «اختطاف – الجزء الثالث» على كل من بريان ميلز (الممثل ليام نيسون) وزوجته السابقة لينور (الممثلة فامكي جانسين) وابنتهما كيم (الممثلة ماجي جريس) وضابط الشرطة المحقق فرانك دوتزلر (الممثل فوريست ويتاكار). وتتواصل في قصة هذا الفيلم أحداث الفيلمين السابقين في هذه السلسلة، حيث يقوم عميل المخابرات السابق بزيارة ابنته كيم في الجامعة ثم يلتقي مطلقته لينور التي تبلغه بتدهور علاقتها مع زوجها الثاني الحالي ستوارت (الممثل دوجراي سكوت)، وتطلب من زوجها الأول لقاءه في منزله، وحين يصل يجدها جثة هامدة، وفجأة يصل رجال الشرطة ويلقون القبض عليه ويتهمونه بقتلها، إلا أنه يلوذ بالفرار، ويستخدم خبرته السابقة في المخابرات للتعرف على هوية القاتل الفعلي. من ناحية أخرى، يترأس ضابط الشرطة فرانك دوتزلر مهمة تعقب بريان لإلقاء القبض عليه. وبعد اتخاذ سلسلة من الإجراءات يتعمد بريان تسليم نفسه للشرطة في سبيل الحصول على معلومات من شبكة الكمبيوتر لتساعده على الكشف عن هوية القاتل. ويعلم بريان من ابنته كيم أن لزوج أمها علاقات مشبوهة. ويعترف الزوج لبريان تحت تهديد السلاح بأنه مدين بمبلغ كبير من المال لزعيم العصابات الروسي مالانكوف، الذي يتهمه بأن له علاقة بمقتل الزوجة لينور. ويتمكن بريان، بمساعدة أصدقائه في المخابرات، من الوصول إلى مالانكوف وقتله بعد أن يعترف بالتواطؤ مع ستوارت الذي يقوم من جانبه باختطاف الابنة كيم كرهينة أملا في الهرب من البلاد بعد حصوله على 12 مليون دولار، وهي قيمة بوليصة تأمين الزوجة لينور على الحياة. وبعد مطاردة مثيرة يقوم بها بريان إلى المطار ينجح في تعطيل الطائرة التي تقلّ ستوارت وابنته المخطوفة كيم قبل إقلاعها، ويقوم بتحرير ابنته وتسليم ستوارت إلى رجال الأمن. وتبلغ كيم والدها بريان في نهاية الفيلم بأنها حامل وبأنها ستطلق اسم والدتها لينور على مولودتها المتوقعة.

يجمع فيلم «اختطاف – الجزء الثالث» بين أفلام الحركة والمغامرات والمسلسلات التي تجذب المشاهدين إلى دور السينما، ممن يتابعون مغامرات أبطال هذه الأفلام. ويقدّم هذا الفيلم نموذجا لذلك، حيث يأتي مكمّلا لفيلمين حققا نجاحا كبيرا على شباك التذاكر وبلغت إيراداتهما العالمية الإجمالية 603 ملايين دولار. وقد ارتبطت الأفلام الثلاثة في هذه السلسلة ببطلها الممثل ليام نيسون الذي قام بأداء جميع الحركات في معارك الفيلم الجديد بنفسه دون الاستعانة ببدلاء، وهو إنجاز كبير لممثل حافظ على لياقته البدنية بعد أن تجاوز سن الستين.

ويحفل فيلم «اختطاف – الجزء الثالث» بالمطاردات والمعارك المثيرة. ويتفوق مستواه الفني على فيلم «اختطاف – الجزء الثاني»، إلا أنه يتخلف عن المستوى الفني للفيلم الأول «اختطاف» في هذه السلسلة. ويتميز الفيلم بواقعية تنفيذ المعارك وبراعة الموسيقى التصويرية. وتصدّر فيلم «اختطاف – الجزء الثالث» في أسبوعه الافتتاحي قائمة الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية، وافتتح الفيلم في 3594 من دور السينما الأميركية وعرض في 65 دولة بينها أربع دول عربية. وبلغت الإيرادات العالمية الإجمالية لهذا الفيلم 287 مليون دولار خلال ستة أسابيع، فيما بلغت تكاليف إنتاجه 48 مليون دولار. وذهب 20 مليون دولار من هذا المبلغ كأجر لبطل الفيلم ليام نيسون، الذي ارتفع أجره من خمسة ملايين دولار عن فيلم «اختطاف» (2008) و15 مليون دولار عن فيلم «اختطاف – الجزء الثاني» (2012). 

الرأي الأردنية في

04.03.2015

 
 

يخوض الانتخابات بعد مشاركته في وضع الدستور

خالد يوسف: البرلمان المقبل هو الأخطر في تاريخ مصر

القاهرة - حسن أحمد

رغم ان المخرج خالد يوسف يعتبر من أبرز مخرجي السينما المصرية وأكثرهم نجاحا في السنوات الأخيرة، الا أنه قرر ان يبتعد قليلا عن الشاشة الفضية، حيث يخوض الانتخابات البرلمانية في دائرة كفر شكر، على نفس المقعد الذي شغله لسنوات السياسي البارز خالد محي الدين.

وفي حواره مع النهار يكشف خالد يوسف عن أسباب ترشحه في الانتخابات، ورؤيته للمقومات التي يجب ان تتوافر في نائب البرلمان، وتأثير خالد محيى الدين عليه .

·        ما الذي دفعك لخوض الانتخابات البرلمانية ؟

عندما شاركت في وضع الدستور من خلال عضويتي بلجنة الخمسين، انتظرنا ان تحول نصوصه من حالة الجمود على الورق الى واقع متحرك على الأرض، وفي تلك الفترة استشعرت وجود هجمة من بعض الفاسدين والناهبين لثروات البلاد، للعودة الى الحياة السياسية والظهور للمشهد مرة أخرى، وهذا معناه أنهم سيحولون الدستور الى حبر على ورق اذا نجحوا في البرلمان، اضافة الى وضع تشريعات تكرس لاغناء الغني وافقار الفقير، ومن هنا كان لزاما عليّ وعلى أي مخلص لديه فرصة للنجاح ان يتقدم، لأني أرى ان المؤمنين بثورتي 25 يناير و30 يونيو وأهدافهما عليهم التقدم حتى وان ضحوا ببعض مصالحهم الشخصية، في سبيل ان تقف الدولة على قدميها.

·        ما هي المواصفات التي يجب ان تتوافر في نائب البرلمان ؟

هناك مواصفات لو غابت لا يكون المرشح مؤهلا لتمثيل الشعب، أولها الكفاءة في وضع التشريعات وفهمه لمعنى كلمة تشريع، فنحن لدينا مرشحين لا يعرفون الفرق بين الدستور والقانون أو بين الميزانية والموازنة، ثانيا الانحياز، فمن الممكن ان يكون المرشح لديه قدرة علمية ومعرفية هائلة، ولكنه منحاز لدولة رجال الأعمال ضد الغلابة، كما ان الشجاعة مقوم أساسي من مقومات أي نائب، لأن مجلس النواب وظيفته التشريع والرقابة، فهل يملك المرشح الشجاعة والجرأة للوقوف أمام وزير ثم رئيس وزراء ثم رئيس جمهورية، ان أفسدوا أو ظلموا، يواجههم ويقول لهم ظلمتم وأفسدتم، فالدفاع عن مصالح الشعب يحتاج لشجاعة، اضافة الى مراقبة السلطة التنفيذية من أول رئيس الجمهورية الى أصغر موظف .

·        هل ترى في نفسك هذه المقومات ؟

نعم، فأنا والحمد لله أمتلك الخبرة المعرفية والكفاءة العلمية، التي تمكنني من المشاركة في صنع التشريعات، اضافة الى الجرأة والشجاعة اللتان اختبرت نفسي فيهما، عندما عارضت نظام مبارك الذي استمر 30 عاما، وكنت ضده ولم يكن لي مصلحة مباشرة في معارضته، فلم أكن من الغلابة المسحوقين، بالعكس كنت مخرجا ناجحا، ومع ذلك كنت أعارض هذا النظام لأنه يسحق الغلابة من أهلنا، وقلت يسقط حكم مبارك قبل 25 يناير، وعندما تولى محمد مرسي الحكم، كنت من أوائل الذين تصدوا لحكمه وجماعته، فمنذ أيام الجامعة وأنا أعرف خطورة الاخوان، وكنت في انتخابات اتحاد طلاب الجامعة أتفوق عليهم .

·        ماذا عن الدور الذي سيلعبه البرلمان المقبل ؟

البرلمان المقبل هو الأخطر في تاريخ مصر، ومن خلاله يمكن ارساء دولة القانون والعدل، وعن نفسى سأحارب من أجل ارساء دولة العدالة، في كل القطاعات، وهى قضية من أكثر القضايا حساسية في حياتنا، بمعنى أنه لو تقدم ابنى الى كلية الشرطة أو الحربية أو لوظيفة في الحكومة، يتم اختياره لكفاءته وليس لأني وصيت عليه لمنصبي، وهذه المنظومة لن يضبطها الا التشريعات العادلة، الى جانب قضية حقوق العمال وخاصة في القطاع الخاص، ومن يتم فصلهم تعسفيا، ويوقعون على الاستقالات قبل ان يتسلموا العمل، وهناك أيضا مشكلة الفساد المرعب في الادارة المحلية، والذي يتطلب منا الانتباه، وأمور كثيرة كلها تتعلق بالشعارات التي رفعها الشعب تعبيرا عن احتياجاته الأساسية في العيش والحرية والكرامة الانسانية والدولة المدنية الحديثة.

·        هل تأثرت على المستوى السياسي من قربك بخالد محيى الدين ؟

بالتأكيد، فقربي من خالد محيى الدين أثر في تكوينى السياسي، فرجل بهذه القيمة والقامة ساهم في توسيع مداركي وتعلمت منه الكثير على كافة المستويات، وأتمنى ان أكون معبرا عن أفكاره وأحلامه بالنسبة لمواطني كفر شكر .

·        أين السينما من برنامجك الانتخابي ؟

اذا قدر لي النجاح سأسعى لدعم السينما بكل تأكيد، فأنا رئيس لجنة السينما في المجلس الأعلى للثقافة، وعندى ملفات مهمة متعلقة بصناعة السينما، بحثتها وتقدمت فيها خطوات كبيرة .

·        وما هي أبرز التحديات التي تواجه صناعة السينما ؟

هناك تحديات كبيرة مثل القرصنة، فأفلامنا تعرض في قنوات مفتوحة للناس دون ان يتقاضى المنتج عنها جنيها واحدا، والقرصنة التي تحدث للأفلام لتعرض على الانترنت مباشرة دون أى حقوق.

·        هل ستأخذك السياسة من السينما ؟

بالتأكيد اذا قدر لي النجاح سأبذل كل جهدي لكي أعبر عن مشاكل من منحوني أصواتهم لكنني في نفس الوقت لن أبتعد عن السينما، لأن الفن يعبر أيضا وبصدق عن هموم ومشاكل الناس .

النهار الكويتية في

04.03.2015

 
 

تبدأ فعالياته منتصف الشهر الحالي

«41» دولة في الدورة الرابعة لمهرجان الأقصر

القاهرة - أحمد الجندي

قرر د. جابر عصفور دعم مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذي ستقام دورته الرابعة في الفترة من 16 الى21 من مارس المقبل بمدينة الأقصر.. وأكد الوزير في بيان رسمي ان رعاية الوزارة لمهرجان جاء تقديرا لدوره المهم في بناء علاقات جديدة مع الدول الأفريقية وما يرتبط بذلك من أبعاد ثقافية وسياسية واقتصادية مشيرا الى ان الوزارة تقوم حاليا بالتواصل مع باقي الوزارات المعنية لدعم المهرجان حتى يخرج بالصورة اللائقة والمشرفة لمكانة مصر وما تصبوا اليه من علاقاتها مع أفريقيا.

وأكد الناقد سيد فؤاد رئيس المهرجان ان وزير الثقافة د. جابر عصفور تولى بنفسه خلال الفترة الماضية مهمة مخاطبة وزارة السياحة للمشاركة في دعم المهرجان والمساهمة في توفير تذاكر الطيران واقامة الضيوف خلال فترة المرجان.. مضيفاً ان دعم الوزارة يقدر بـ25 في المئة من اجمالي ميزانية المهرجان وباقي الميزانية تساهم فيها وزارات أخرى مختلفة مثل وزارة السياحة والشباب بالاضافة الى دعم جهات مثل وزارة السياحة والشباب بالاضافة الى دعم جهات ومؤسسات المجتمع المدني وسعيا خلال الفترة الماضية والحالية لتوفير رعاه وممولين للمهرجان من أجل ان يكون الحدث الذي نقيمه متناسباً مع مكانة مصر الثقافية والحضارية 
من جهة أخرى أوضح فؤاد ان هناك 31 دولة افريقية تأكدت مشاركتها في دورة المهرجان هذا العام سواء بعرض الأفلام أو مشاركة في لجان التحكيم والورش والندوات بالاضافة الى مشاركة 10 دول من خارج أفريقيا في مسابقة أفلام الحريات التي تقام تحت اسم الشهيد الحسيني ابوضيف وأيضا الانتاج المشترك مع الدول الأفريقية وقد تشكلت لجنة المشاهدة برئاسة السيناريست عطية الدرديري والمخرجين أحمد رشوان وأحمد حسونة والناقد فاروق عبدالقادر والسيناريست زينب عزيز. وعن مسابقات المهرجان قال فؤاد: في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة تشارك أكثر من 15 بها عدة دول منها على سبيل المثال (اطار الليل) من المغرب- أرض الأمل من السنغال- لا شيء حلو من رواندا.. بالاضافة الى أفلام من دول عديدة أخرى.. وفي مسابقة أفلام الحريات التي تحمل اسم الشهيد الحسيني أبوضيف هناك بند في اللائحة الخاصة بها تسمح بمشاركة أفلام من خارج أفريقيا.. وفي هذا المسابقة أفلاما مهمة مثل تومبكتو من موريتانيا للمخرج الكبير عبدالرحمن سياسيكو وشهرزاد من جنوب افريقيا- والحياة فيما بعد من رواندا. وأوضح سيد فؤاد الى انه تم تعديل موعد انعقاد الدورة الرابعة للمهرجان هذا العام حيث كان مقررا ان تعقد في الفترة من 14 الى 23 مارس.. لكن تم التعديل واستقر الرأي على ان تعقد في الفترة من 16 الى 21 مارس نظرا لانتخابات البرلمانية بمحفظة الأقصر التي ستجري يوم 22 مارس في حين ستبدأ فعاليات الورش الفنية التي تقام على همش المهرجان بداية من يوم 10 مارس.

النهار الكويتية في

05.03.2015

 
 

هاوس أوف كاردز”.. عودة ذي الوجه القبيح الممتع (1 من 2)

بلال فضل – التقرير

لا أظن أن هناك نجاحًا فنيًا يطلبه صانع عمل تلفزيوني، أكثر من أن يظل ملايين المشاهدين ينتظرون عرض عمله لمدة سنة كاملة، بعد أن أحبوا جزءه الأول وارتبطوا بأحداثه وبشخصياته، وحين يأتي موعد عرض الجزء الثاني من العمل، لا يكتفون وهم يشاهدون أحداثه بالتساؤل عما سيحدث لشخصيات المسلسل في هذا الجزء؛ بل يتساءلون أيضًا بشغف شديد، هل يمكن أن يتم عرض الجزء الثالث للمسلسل بشكل أسرع، لكي لا يظلوا في انتظاره سنة كاملة؟!

مثلما حدث هذا لملايين المشاهدين عبر العالم، حدث لي وللسنة الثالثة على التوالي مع مسلسل “هاوس أوف كاردز House of cards”، الذي تفوق بالنسبة لي على أعمال تلفزيونية أمريكية كبيرة جمعت بين التشويق والعمق والإبداع في رسم الشخصيات والنظرة الخاصة للحياة، مثل أعمال “Sopranos” و “Breaking Bad”، و”Game of Thrones”، التي لم تعد مجرد أعمال للتسلية العابرة، بل أصبحت جزءًا من حياة مشاهديها، وجزءًا من الذاكرة الجمعية الفنية التي يشترك فيها مشاهدون عبر العالم بأكمله، وليس في الولايات المتحدة الأمريكية، لتصدر حولها ودون مبالغة عشرات الدراسات العلمية، التي تحلل علاقة المشاهدين بها، وتربطها بتطور الإبداع الفني والأدبي عبر المسيرة الإنسانية، وترصد مدى تأثرها بتلك المسيرة وتأثيرها فيها.

تدور أحداث مسلسل “هاوس أوف كاردز” في أجواء الطبقة السياسية الحاكمة الأمريكية، حيث يروي رحلة صعود السياسي الأمريكي فرانك أندروود وزوجته كلير، كثنائي سياسي مثير للدهشة والتأمل، منذ بدأت رحلتهما في الولاية الجنوبية التي ينتميان إليها، وحتى وصلا إلى مقعد أقوى رجل في العالم، وحين أقول وصلا، لا أستخدم ذلك بشكل به صيغة مبالغة، فالمسلسل يرصد طول الوقت بشكل مدهش تطورات علاقة الاثنين ببعضهما، وقدرتهما على إفادة بعضهما البعض، ومساعدتهما لبعضهما من الإفلات من الأزمات التي تهددهما، إلى أن يصبح وجودهما معًا أزمة في حد ذاته، ومع أن تقديم شخصية الرئيس الأمريكي بعلاقاته العاطفية بل والجنسية السوية أو المنحرفة، لم يعد أمرًا جديدًا، وأصبح مألوفًا في أعمال تلفزيونية كثيرة، بعد أن سبقت السينما إلى تقديمه، نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، عملًا شهيرًا فائق النجاح، تزامن مع مسلسل “هاوس أوف كاردز”، هو مسلسل “فضيحة Scandal” والذي لعبت بطولته النجمة كيري واشنطن؛ إلا أن مسلسل “هاوس أوف كاردز” لا يعتمد على التشويق البوليسي كمسلسل “سكاندال”؛ بل يستخدمه فقط كأداة لرصد ما هو أبعد حتى من تناقضات الحياة السياسية الأمريكية وقيامها على الكذب والخداع واستغلال النفوذ، كما هو عادة الحياة السياسية بشكل عام.

طيلة عرض أحداث المسلسل نرى كيف يتم تشريح تناقضات الإنسان في الحياة الدنيا، وقدرته المدهشة على الجمع بين التناقضات، وأن يكون محبًا عاشقًا وقاتلًا محترفًا وماجنًا داعرًا وعطوفًا محسنًا في وقت واحد، ومن هنا اكتسب هذا العمل قدرته التي أدهشت مشاهديه من أنفسهم، حين وجدوا أنفسهم -كما عبر كثيرون منهم في تعليقاته على المسلسل في مواقع التواصل الاجتماعي- يتعاطفون مع شخصية مثل شخصية فرانك أندروود ترتكب أفعالًا في منتهى القبح والخسة، ومع ذلك فقد تمت طريقة تقديم ارتكاب هذه الشخصيات، بشكل أبعد عن الإدانة السطحية التي تعودت عليها الأعمال الفنية المتأثرة بالتطبيق السطحي لنظرية التطهير الأرسطي الشهيرة، التي تفترض أن الدراما يجب إذا قدمت شخصيات شريرة أن تقوم بمعاقبتها وإدانتها، ولذلك أصبحنا كمشاهدين نشعر بالخجل من أنفسنا، حين نتمنى لفرانك أندروود بكل ما يقوم به من جرائم، أن يفلت من المآزق التي يتعرض لها، ليس لأن العمل لا يقدمه كشرير في مواجهة أخيار، بل يقدمه كإنسان في مواجهة أناس آخرين، لدى كل منهم تناقضاته وأخطاؤه وعيوبه ومميزاته أيضًا؛ ولذلك فنحن في النهاية لا نحب فرانك، ولا نبرر أخطاءه، بل نرى فيه مآزق حياتنا المعقدة في هذه الورطة المسماة بالحياة، وهو ما لا ينطبق على فرانك فقط، بل وعلى الشخصيات المساعدة له، سواءً كانت زوجته التي تعاني من ماض أليم ملتبس، أو حتى مساعده الذي يتحول إلى قاتل أجير تكون نقطة ضعفه أنه وقع في الحب، والعاهرة التي أحبها التي تتحول مع تطورات الأحداث إلى شخصية ملحمية نشعر أنها أشرف من كل السياسيين المتغنين بالشعارات الكبرى.

كل هذا اعتمد فيه المسلسل الأمريكي على خلفية درامية قوية، قدمتها الدراما البريطانية من قبل في تسعينيات القرن الماضي، في ثلاثة مسلسلات تلفزيونية قصيرة أنتجتها محطة “بي بي سي” الأشهر، وكتبها السيناريست البريطاني المتميز أندرو ديفيز، وكلها مأخوذة عن روايات للكاتب البريطاني مايكل دوبس، تحكي سيرة السياسي البريطاني فرانسيس أوركوهارت، وهي على التوالي “هاوس أوف كاردز – لكي تكون ملكًا – المشهد الأخير”، يتكون كل منها من أربع حلقات فقط، وقد أذيع جزءها الأول في 1990، والثاني في 1993، والثالث والأخير في 1995، ونرى في الأجزاء الثلاثة كيف بدأ فرانسيس مطاردة طموحه السياسي بعد استقالة مارجريت تاتشر، حتى وصل في الجزء الأخير إلى أعلى منصب سياسي بريطاني وهو منصب رئيس الوزراء، محاولًا تحقيق الخلود لنفسه بحل أزمة قبرص شديدة التعقيد، ليختم بذلك حياته السياسية المليئة بالأسرار، والتي لن يسره أن يعرفها الناس أبدًا.

ومع أن شبكة “نيت فليكس” المنتجة للعمل والتي قررت أن تخوض به تجربة العرض عبر وسيط الإنترنت فقط، حرصت على الاستفادة من كل ما قدمه الكاتبان المخضرمان أندرو ديفيز ومايكل دوبس في أعمالهما الثلاثة، وحفظت لهما دور المنتج التنفيذي للعمل تقديرًا لإبداعهما الملهم؛ إلا أنها لجأت إلى كاتب شاب هو بيو ويليمون، الذي لم يكن قد أنجز من قبل سوى فيلم واحد في 2011 هو فيلم “ذي آيدز أوف مارس”، الذي لعب بطولته النجمان جورج كلوني ورايان جوزلينج، وكان مشتركًا مع جورج كلوني وجرانت هيسلوف في كتابة الفيلم المأخوذ عن مسرحية له بعنوان “شمال فاراجوت”، وبالفعل كان اختياره لكتابة هذا العمل صائبًا تمامًا؛ لأن فيلمه الأول كان ينبئ عن خلفية درامية غنية، وموقف إنساني كاشف لفساد الطبقة السياسية الأمريكية، ليُسند إليه ما أطلق عليه في التيتر عن حق إعادة خلق أفكار ديفيز ودوبس، لتقديمها في قالب أمريكي، جعلها منفصلة عن تفاصيل النسخة البريطانية، ومتوافقة فقط مع روحها الدرامية، وأفكارها الإنسانية المنحازة ضد نفاق السياسيين ودجلهم، ولكن في قالب أكثر تعقيدًا وثراءً، ولكي تتحقق هذه النتيجة، تمت الاستعانة بفريق من الكتاب بلغ عدده 14 كاتبًا، عملوا تحت إدارة بيو، وتفاوتت مساهماتهم في كتابة الحلقات ما بين كتابة حلقة أو حلقتين، وصولًا إلى الكاتبة كيت بارناو التي سبق لها المشاركة في مسلسل (ترو بلود) والتي شاركت في كتابة 11 حلقة، وهو نفس الرقم الذي شارك به الكاتب الشاب سام فورمان الذي بدأ حياته كممثل، وبالطبع كان لا بد لكي يشارك كل هذا العدد من الكتاب في كتابة العمل دون أن يحدث تضارب في الكتابة، أن يتم أولًا رسم الشخصيات بشكل متقن، لا يترك مجالًا لأن تتصرف شخصية خلال تطورات الأحداث بشكل يتناقض مع تكوينها، في نفس الوقت الذي تتفاعل فيه الشخصيات مع تطورات الأحداث، فتظهر لنا فيها أحيانًا جوانب يدهشنا وجودها فيها، فلا نشعر مع مرور حلقات المسلسل ومواسمه أننا نشاهد شخصيات مكررة تتصرف داخل قوالب محددة لها سلفًا، ليتفوق العمل على مسلسل رائع سبقه إلى اللعب في مجال تقديم الشخصيات السياسية المركبة، وهو مسلسل “BOSS” الذي ظهر في عام 2011، ولم يستمر سوى موسمين فقط كل منهما مكون من تسع حلقات، حيث قدم فيه الممثل القدير كيلسي جرامر تجسيدًا مدهشًا لدور عمدة مدينة شيكاغو، حصل به على جائزة جولدن جلوب لأحسن ممثل.

كانت شبكة (نيت فليكس) محقة حين راهنت على أن هذا العمل سيغير وجه الصناعة التلفزيونية، فقد فعل ذلك في وقت قياسي، حيث أدى نجاحه المذهل إلى إطلاق سباق بين عدد من الشركات لإنتاج أعمال تلفزيونية تعرض فقط على شبكة الإنترنت، وتهز عرش قناة (إتش بي أو) التي كانت تنتج أعمالًا تعرض فقط على خدمة الكيبل التي لا يشاهدها إلا المشتركون بها، ولا تجد طريقها للمشاهدة العامة، ليتغير ذلك المفهوم ويصبح من حق كل من يشترك في خدمة (نيت فليكس) ومقابل سبعة دولارات في الشهر، الفرجة على أعمالها الحصرية التي كان أولها مسلسل (هاوس أوف كاردز)، ثم تلاه مسلسل ناجح آخر هو (أورانج إز ذي نيو بلاك) الذي تدور أحداثه في سجن النساء بشكل كوميدي، ولتبدأ شبكة (أمازون) صاحبة موقع التسوق الشهير، بإطلاق شركة للإنتاج التلفزيوني أنتجت عدة أعمال ناجحة كان أحدثها مسلسل “ترانسبيرنت” الذي حصل في العام الماضي على جائزة أفضل مسلسل كوميدي.

لم يكن ممكنًا أن تسند شبكة “نت فليكس” عملًا بهذه الأهمية، إلا إلى مجموعة من كبار المخرجين السينمائيين بالتحديد، والذين وضعوا في العمل كل إبداعهم وخبرتهم، وعلى رأسهم المخرج الشهير ديفيد فينشر صاحب أفلام بحجم (سيفن – فايت كلب – سوشيال نيت وورك – بانيك روم)، والذي أخرج حلقتين مهمتين في موسمه الأول وشارك في إنتاجه التنفيذي، بصحبة اسم سينمائي كبير هو السيناريست الشهير إريك روث الحاصل على جائزة الأوسكار وصاحب أفلام بحجم (فورست جامب – ميونيخ – ذي إنسايدر – القضية الغامضة لبنجامين باتون)، كما اشترك في الإخراج 12 مخرجًا على رأسهم المخرج الكبير جيمس فولي الذي أخرج حتى الآن 12 حلقة من حلقات المواسم الثلاثة للمسلسل والتي يبلغ عددها 39 حلقة، وإذا عرفت أنه صاحب أفلام مثل (جلينجاري جلين روس – فير – بيرفيكت سترينجر – كونفيدينس – ذي شامبر – ذي كورابتور) ستعرف لماذا تم إسناد أكبر عدد من حلقات المسلسل إليه، هناك أيضًا المخرج الكبير جويل شوماخر صاحب علامات في فن التشويق السينمائي مثل (فون بوث – ذي كلاينت – فولينج داون) وأفلام مهمة كثيرة في مختلف الأنواع السينمائية.

وقد قام بإخراج حلقتين من المسلسل، والمخرج كارل فرانكلين صاحب أفلام (آوت أوف تايم – ديفيل إن بلو دريس – هاي كرايمز – ون ترو ثينج) والذي قام بإخراج 4 حلقات، كما أخرجت النجمة جودي فوستر حلقة واحدة، وأخرجت نجمة العمل الممثلة الرائعة روبن رايت بنفسها 3 حلقات، كما تم إسناد إخراج حلقتين للمخرج ألن كولتر صاحب أفلام (ريميمبر مي – هوليوود لاند) والذي شارك أيضًا في إخراج مسلسلي (سوبرانوز – بورد ووك امباير)، كما قام المخرج جون دال صاحب أفلام (راوندرز – جوي رايد – ذي لاست سيديوكشن – ذي جريت ريد) بإخراج حلقتين، وبرغم تنوع أساليب هؤلاء المخرجين وغيرهم من المخرجين التلفزيونيين الذين شاركوا في العمل، فأنت لا تشعر حين تشاهد المسلسل بنشاز أسلوبي أبدًا؛ بل تشعر أنك تقوم بمشاهدة عمل ملحمي متناغم، يحدث أحيانًا أن يتسارع إيقاع بعض مشاهده، ثم يحدث أحيانًا أن تتأمل الكاميرا في تفاصيل أبطاله وردود أفعالهم، لكنك لا تشعر أبدًا أن الكاميرا خرجت سردًا أو صورة أو إضاءة عن السياق العام للمسلسل الذي قام بتنفيذ إنتاجه 28 فنانًا، على رأسهم نجمه الفذ كيفين سبيسي الحاصل على جائزتي أوسكار في فن التمثيل عن دوريه الرائعين في فيلمي (يوجوال ساسبيكتس – أمريكان بيوتي)، وصاحب المشوار الفني الحافل، والذي يمكن أن تقول دون أدنى مبالغة إن هذا العمل برغم كل عناصره الفنية المتميزة، كان سيفتقد الكثير لو قام بأداء دور البطولة فيه ممثل بإبداع كيفن سبيسي وإدهاشه، وهو ما أدركته شبكة “نيت فليكس” التي تتعامل معه بصفته الآمر الناهي في العمل، على حد تعبير إحدى الممثلات صاحبات الأدوار الثانوية التي تم طردها من العمل، بعد خلاف مع منتجيه، والتي استخدمت في حكيها عن كواليس المسلسل “كل شيء هناك يتمحور حول كيفن”.

ونكمل حديثنا غدًا بإذن الله.

التقرير الإلكترونية في

16.03.2015

 
 

هاوس أوف كاردز”.. عودة ذي الوجه القبيح الممتع (2 من 2)

بلال فضل – التقرير

لا يمكن فصل النجاح المدهش الذي يواصل مسلسل (هاوس أوف كاردز) تحقيقه بعد ثلاث سنوات من إطلاقه، عن خبرات كل الأسماء التي شاركت في صنعه والتي تنتمي لأجيال مختلفة ولتجارب فنية وإنسانية مختلفة، ولا عن المناخ الصحي الذي يجعل كل هذه الأسماء تتناغم وتتعاون، ويقبل كل منها أن يتحول من صانع أعمال جميلة بمفرده، إلى روح مبدعة تحلق في سرب، دون أن يفقد لمسته، ودون أن تبدو لمسته نشازًا في نفس الوقت، لكن سيظل أهم أسباب نجاح هذا العمل، هو ارتباطه بمناخ حرية الإبداع الذي لا يمكن فصل أي إبداع حقيقي عنه، خصوصًا إذا كنت تنتظر تقديم أعمال سياسية حقيقية وقوية، تساعد في فتح أعين المشاهدين على ما يجري في حياتهم وما يؤثر فيها، ولعل ذلك يكون درسًا، ربما يستفيد منه الذين يراهنون في أوطاننا على إمكانية الوصول إلى إبداع حقيقي، في ظل دولة ديكتاتورية تتاجر بالدين والوطنية وبفقر شعبها، وبكل شيء من أجل بقاء مصالح الطبقة التي تحكمها، والتي قد تتغير أسماؤها وتفاصيل شخوصها، لكن يظل مشتركًا بينها سعيها الدائم لتوظيف كل شيء من أجل تحقيق مصالحها، وهي طبقة لا يمكن لأي مبدع أن يقترب من مصالحها بشكل حقيقي، وربما كان آخره أن يلجأ إلى الرمز أو إلى الحديث عن أفراد ينتمون لها، مع الحرص على التأكيد على كونهم أفرادًا لا يمثلون مجمل الطبقة ولا النظام السياسي، هذا إذا أراد أن يرى عمله النور، في ظل رقابة معلنة ممثلة في جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، ورقابة أعتى وأنكى هي رقابة القوانين واللوائح التي تتحكم في كل تفاصيل تصوير أي عمل فني، فضلًا عن تفاصيل توزيعه وعرضه وخروجه للنور، ولو حتى على الإنترنت.

على مستوى الصنعة الدرامية، ترى في مسلسل (هاوس أوف كاردز) ومنذ المشهد الأول، تلك الحالة التي خُلق من أجلها تعبير (براعة الاستهلال)، فنحن نرى في أول مشاهد المسلسل، كيف يخرج السيناتور فرانك أندروود مسرعًا من بيته مع فرد حراسته حين يسمع صوت ارتطام سيارة مسرعة بكلب أحد الجيران، وحين يذهب فرد الحراسة لإحضار العون، ينظر السيناتور إلى الكلب الذي يتألم، ثم ينظر إلى المشاهدين لكي يخاطبهم في كسر للإيهام يستمر طيلة العمل، في مناطق محسوبة للغاية، ودون إفراط منفر أو يخرج عن إيقاع الحدث، ويقول لهم “هناك نوعان من الألم: الألم الذي يجعلك قويًا، والألم الذي يجعلك تستمر في المعاناة دون جدوى، ليس عندي صبر تجاه الأشياء التي لا جدوى لها“، ثم يقول وهو يقوم بخنق الكلب لكي يسارع بموته “لحظات كهذه تتطلب شخصًا يتصرف، شخصًا يفعل أشياء غير سارة، لكنها ضرورية“، وحين يختفي صوت أنين الكلب ينظر ثانية للمشاهدين قائلًا “أترون، لم يعد هناك ألم“.

مع بداية كهذه، ندخل مباشرة إلى قلب الشخصية التي ستظل طيلة المسلسل تتصرف وتفعل كل الأشياء غير السارة والشريرة والقذرة، طالما ظنت أنها ضرورية للبقاء، دون أن تفقد قدرتها على التواصل الإنساني مع شريك حياتها، ومع بعض من ارتبطوا بها في ماضيهم، مثل المساعد الذي يتحول إلى قاتل حسب الطلب، أو صاحب مطعم الأضلع المشوية ذات الوصفة السحرية الخاصة، والذي يرتبط بعلاقة خاصة مع السيناتور، تجعل له مكانة خاصة عنده، هو وأسرته أيضًا، فترى فرانك وهو يتعاطف معه ومع أسرته، ويساندها دون أن يكون وراء ذلك مصلحة، مثل كل ما يفعله للوصول إلى هدفه وهو الوصول إلى مقعد الرئيس، حتى ولو كان أن يقتل بيديه هو، وليس عبر مساعده حين يقتضي الأمر، وحين يصل إلى هدفه ويتربع على مقعد الرئاسة في نهاية الموسم الثاني، نرى كيف يصل به الجموح إلى حد أن يبدأ الموسم الثالث بمشهد يقف فيه بمفرده على قبر والده، بعد أن قام حرسه بإبعاد المصورين أطول مسافة ممكنة، وبعد أن يحدث والده بشكل تهكمي، يقوم بفك سوستة بنطلونه، ويتبول على قبره حرفيًا، في مشهد صاعق، يعبر فيه عن نشوة السلطة التي تملكته، والتي جعلته قادرًا على أن يصل إلى أبعد مدى ممكن في التعبير عن نفوذه، قبل أن ندرك أن ذلك النفوذ سيظل طيلة الوقت لحظيًا ومهددًا بالضياع بسبب تعقيدات المشهد السياسي الأمريكي التي تتخذ من الأفكار الكبيرة مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الشعب، مجرد وسائل للتنافس وسحق الخصوم السياسيين وتلبية الطموحات الشخصية.

بعد مشاهد كثيرة في المسلسل كلحظة تبول الرئيس على قبر أبيه، أو كلحظة قيامه بتكسير تمثال المسيح داخل كنيسة، أو ذلك المشهد شديد الجرأة الذي يتحاور فيه مع قسيس الكنيسة عن الدين والسياسة والخير والشر وطبيعة الكون، لم أستغرب أن يحضر لدى بعض أصدقائي من المهووسين بنظرية المؤامرة تساؤل عما إذا كان ما يعرضه المسلسل نابعًا من حرية مطلقة فعلًا، أم أنه برغم شططه وتجاوزه وجموحه، يلعب في النهاية لصالح المؤسسة الرسمية التي ينتقدها. ينكر هذا المنطق العجيب نقطة شديدة الأهمية، هي أن الحرية الإبداعية التي تكفلها التشريعات للمبدعين في أمريكا، لم تهبط عليهم من السماء، ولم تمنحها لهم المؤسسات السيادية الراغبة في تحسين صورة أمريكا؛ بل جاءت عبر نضال اجتماعي كان على رأسه الفنانون والمثقفون، ولم يصلوا إليه إلا بعد دفع أثمان باهظة، وما حقبة المكارثية منا ببعيد.

ولا زالت هناك حتى الآن رغبات من رموز التيارات المحافظة في تقييد حرية الإبداع أو توظيفها لما يسمى بالأمن القومي لأمريكا ومصلحة شعبها، وهو ما يرد عليه دائمًا من قبل المدافعين عن حرية التعبير، بأن إطلاق حرية الفنانين والمثقفين في النقد والتعبير هو أكبر ضمانة للأمن القومي للمجتمع؛ لأنها بلعب دور المنور والضمير الجمعي، تدفع المجتمع لإدراك ما به من قصور وتناقضات، دون أن ينتظر منها أحد حل تلك التناقضات بشكل نهائي، إذا كان ممكنًا أصلًا أن يقوم أحد بإيجاد حلول نهائية بأي شكل، وفي مناخ من الحرية الإبداعية تتاح الفرصة للمواهب الذكية أن تقدم كل ما تريده بأسلوب ممتع، وأن تثبت نفسها، ليصب ذلك في النهاية في صالح المجتمع وليست ضده، فيصبح منطقيًا أن ترى ما تقوم به تلك المواهب شجاعة وجرأة، أو تراها ذكاءً يجيد استثمار المساحات المطروحة له، ويصبح منطقيًا أن تراها مجرد أداة للتنفيس، ويصبح منطقيًا أن تراها تلعب وخلاص، دون أن يكون لها أهداف محددة.

بدأت إتاحة كامل حلقات الموسم الثالث من (هاوس أوف كاردز) على الإنترنت يوم 27 فبراير الماضي، فسرى سريان النار في الهشيم في العالم كله، عبر مئات المواقع التي قامت بقرصنته وإتاحته للمشاهدين في دول لا تصل إليها خدمة (نيت فليكس) وعلى رأسها الصين التي احتلت كالعادة وكالمتوقع النسبة الأولى في عدد من قاموا بتحميل المسلسل لمشاهدته، وربما كانت فكرة عرض المسلسل كله في وقت واحد، قد أفادت صناع العمل في التخلص من مأزق يواجه بعض الأعمال الدرامية القائمة على التشويق، حيث يبذل صناعها مجهودات فائقة لفرض جو من السرية، يمنع تسرب تفاصيل العمل إلى الصحافة أو مواقع التواصل الاجتماعي، بالطبع لم يعتمد صناع المسلسل هنا على الحظ؛ بل قاموا بإحكام السيطرة على الممثلين خلال التعاقدات معهم؛ ولذلك لم يتسرب أبدًا للصحف أن فرانك أندروود سيقوم بقتل شخصية مهمة من شخصيات المسلسل في بداية الموسم الثاني، لتكون مفاجأة قتلها في الحلقة الأولى صاعقة للمشاهدين، وتم إذاعة إعلانات مكثفة توحي أن وجود الشخصية سيستمر طيلة أحداث الموسم الثاني، حدث ذلك أيضًا مع شخصية أخرى تعرضت للقتل في نهاية الموسم الثاني، وطلب منتجو المسلسل من الممثل الذي يلعبها أن يقول لكل الناس، بما فيهم أقاربه وأصدقاؤه أن قتله سيتأكد في بدايات الموسم الثالث، وهو ما جعل الممثل يقضي أول يوم من عرض المسلسل في الاعتذار لكل من كذب عليهم، وعلى رأسهم أفراد عائلته.

كنا كعرب حاضرين في الموسم الثالث، ليس بوصفنا شخصيات فاعلة درامية؛ بل بوصفنا طرفًا في الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، الذي يتخذه الرئيس الجديد فرانك أندروود أداة لإثبات نجاحه داخل أمريكا، والأهم من ذلك أداة لإدارة صراعه مع الرئيس الروسي الذي تم اختياره ليشابه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شكله وغرابة أطواره، وكعادة المسلسل فقد تمت الاستفادة من التفاصيل المعلنة لكثير من الشخصيات السياسية، لدمجها في قلب تصرفات عدد من شخصيات المسلسل، لتحقيق أكبر قدر من التعايش بينه وبين المشاهد، ليشعر أنه لا يشاهد عملًا خياليًا بعيدًا عنه، مثلما يحدث في مسلسلات تشويق سياسي ناجحة مثل (سكاندال) و(بلاك ليست)؛ بل إنه يشاهد شخصيات مشابهة لشخصيات حقيقية، بل ويمكن أن تكون الشخصيات الحقيقية تقوم بفعل الموبقات والمصائب التي تقوم بممارستها شخصيات المسلسل، لكي تنجو من مآزقها السياسية، فقد قام المسلسل بصناعة لعبة ذكية وشيقة، تتداخل فيها الحدود بين الواقع والخيال، ويلعب كل منهما لمصلحة الآخر بشكل مدهش، فحين ترى الرئيس الروسي وهو يقوم بعد شربه كثيرًا من الفودكا بتقبيل زوجة الرئيس الأمريكي قبلة طويلة غير بريئة، تجد نفسك رغمًا عنك وقد خرجت بعيدًا عن أحداث المسلسل، لتسأل ما الذي يمكن بالفعل لو قام بوتين بفعل ذلك مع ميشيل أوباما في لحظة ما، وهل يمكن أن تندلع حرب عالمية جديدة بين القوتين النوويتين الأكبر؛ لأن الرئيسين الأمريكي والروسي وصل التنافس الشخصي والإنساني بينهما إلى حد يمكن أن يجعلهما يرتكبان حماقات يدفع ثمنها الملايين.

ولكي تصل إلى هذه الحالة، لا يقوم المسلسل بتقديم تفاصيل هامشية؛ بل هو يقوم بتوظيف تفاصيل حقيقية، مثل الأزمات التي يتعرض لها المثليون جنسيًا في روسيا، ومثل مجموعة فتيات “بوسي رايتس” اللواتي يقمن بملاحقة بوتين ومسؤوليه عبر العالم، للاعتراض على قمعه للحريات السياسية والاجتماعية داخل روسيا، حيث يقدم المسلسل مشهدًا يقمن فيه بمواجهة الرئيس الروسي في مائدة عشاء داخل البيت الأبيض، ولكي لا يقع المسلسل في فخ التسطيح، لا يقدم شخصية الرئيس الروسي بشكل كاريكاتيري يدفعك لكراهيتها أو للسخرية منها؛ بل يقدمه صاحب رؤية ومنطق، ربما تختلف معه، لكنك لا يمكن أن تدعي أنه ليس متصلًا بجذور واقعه، وبقدرته على استخدام هذا المنطق للسيطرة على شعبه، كما حرص المسلسل على مواكبة التطورات التي تحدث في الواقع السياسي، بحيث نرى مثلًا أن هناك توترًا في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل داخل مجلس الأمن، وكيف تلجأ إسرائيل لتوظيف التناقضات بين أمريكا وروسيا لتحقيق مصالحها، وكيف تلجأ إلى قلب الترابيزة على الإدارة الأمريكية حين يكون ذلك ضروريًا لها؛ بل وتم تقديم شخصية مندوبة إسرائيل في مجلس الأمن برغم صغر تواجده بشكل يقدم تلك الحالة من التناقض التي اتسعت في الفترة الأخيرة بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل.

تم تضفير كل هذه التفاصيل السياسية طيلة العمل بذكاء، ضمن النسيج الدرامي، وبشكل تشعر أنه قام بهضم الإنجازات التي توصلت لها العديد من الفنون على رأسها فن المسرح كفلسفة وليس كشكل، والرواية بسردها وألاعيبها، والتحليل النفسي بقدرته على تشريح النفس البشرية وتعريتها؛ بل وحتى الأساطير والملاحم التي تجعلنا نبحث عن الوحش والإله بداخل كل منا، مع الاستفادة من تراث سينمائي عظيم تم تقديمه في مجال تصوير حياة السياسيين، عبر مبدعين مثل أورسون ويلز وفرانك كوبرا وسيدني بولاك وفرانسيس فورد كوبولا وآلان باكولا، وبعض من صناع العمل أنفسهم مثل ديفيد فينشر وجيمس فولي وجويل شوماخر، ليتمازج كل هذا ويختلط ويتفاعل في بوتقة كبيرة، ليصل لهذا القدر من الإمتاع والإدهاش الذي يجعلك لا تشاهد عملًا يتحدث عن تفاصيل لا تخصك؛ بل تشاهد كونك ودنياك وحياتك، وترى ما يسرك ويحزنك ويخيب أملك أحيانًا، ويزيدك في كل الأحوال شغفًا بالحياة بكل تفاصيلها المبهجة والمركبة والمربكة أيضًا.

التقرير الإلكترونية في

05.03.2015

 
 

ليام نيسون..أو كيف يكون الأكشن بعد الستين؟

محمد حمدي – التقرير

الممثلون العظام كالجمهوريات العظيمة، وكما أصبحت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الوريث الشرعي لإنجلترا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، استطاع (ليام نيسون) Liam Neeson سحب بساط أدوار الأكشن من تحت أقدام هؤلاء الذين حفروا أسماءهم في أذهان محبي هذه النوعية من الأفلام.

على الرغم من قيامه بأدوار صغيرة وثانوية في العديد من الأفلام، إلا أن الفنان الهوليودي المولود في إيرلندا عام 1952م استطاع أن يثبت قدرته على القيام بأدوار معقدة وخاصة، من خلال دوره في فيلم (قائمة شندلر) Schindler’s List والمأخوذ عن قصة حقيقية، عن قصة التعذيب الوحشي لليهود إبان الحرب العالمية الثانية، أو ما يعرف عالميا باسم (الهولوكوست).

يحكي الفيلم عن رجل الأعمال والصناعة (أوسكار شندلر)، والذي ينحاز عاطفيا وعمليا لليهود، ويستعمل نشاطه الصناعي كغطاء للتحايل على القانون الألماني لتجنيب المئات من اليهود مصيرهم الأسود إبان فترة الحرب، ما يؤدي به في النهاية لخسارة رأس ماله، لكن العمل الإنساني الذى قدمه لم تنسه الدول المتعاطفة مع مأساة اليهود في تلك الفترة.

استطاع (نيسون) أن يلعب دوره ببراعة يحسد عليها، شخصيته ف الفيلم تراوحت بين الجدية والصرامة والانتهازية، واستغلال اليهود في النصف الأول من الأحداث، حيث وجد (شندلر) فيهم ضالته كرجل أعمال يبحث عن أيدي عاملة بسعر زهيد -أو بالمجان- إلى رجل محب للخير ويعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح.

ترشح (نيسون) عن دوره في الفيلم لجائزة أوسكار أفضل ممثل، ونال استحسان النقاد والجمهور على حد سواء، واستطاع أن يدخل عالم النجومية الهوليودية من أوسع أبوابه، فلا يمكن تجاهل من لعب دورا يمجد اليهود في صناعة سينمائية قائمة على أموال وأفكار اليهود.

لكن على الرغم من قوة الدور وتأثيره، إلا أن شهرة (ليام نيسون) في المنطقة العربية انطلقت بشكلها الحقيقي بعد سلسلة أفلام Taken والتي قدم من خلالها شخصية ضابط الاستخبارات والقوات الخاصة السابق (براين ميلز) والذى يخوض حربا بلا هوادة لاستعادة ابنته المختطفة في فرنسا.

على الرغم من غزارة الإنتاج الهوليودي فيما يتعلق بأفلام الحركة، إلا أن الجزء الأول من سلسلة أفلام (الاختطاف) أو Taken نجح في جذب انتباه الجميع إليه، بسبب طبيعة الشخصية التي قدمها الفيلم، وقدرة (ليام نيسون) على القيام بالشخصية من منظور جديد، يختلف بشكل كامل عن الطريقة التي كانت ستظهر بها الشخصية إذا قام بها أي ممثل آخر.

يحكي الجزء الأول من الثلاثية عن عملية اختطاف في (باريس)، لابنة (براين ميلز)، الرجل الذى يملك العديد من الخبرات النادرة، والتي يستعملها لإيجاد الفتاة الضائعة؛ الأمر الذى يبدو مستحيلا في البداية، فـ(ميلز) لا يعرف سوى بعض الكلمات الألبانية غير المفهومة، وكلمة (حظ سعيد) Good luck، التي قالها له أحد المختطفين، لكن بالنسبة لرجل كـ(ميلز) كانت هذه المعلومة كافية جدا ليصل للعصابة ويستطيع استعادة ابنته.

ما يجعل أداء (ليم نيسون) للشخصية مختلفا عن أي فنان آخر، هو قدرته على تجسيد مشاعر مَن فقد ابنته، الموقف الذى قد يجد أي منّا نفسه فيه، بالإضافة للحبكات الذكية التي ضمنها المخرج والمؤلف للفيلم، والتي أظهرته كرجل ذكي واسع الحيلة.

“أنا لا أعلم من أنت.. إذا كنت تبحث عن المال فلا أملكه. لكني أملك مجموعة من المهارات التي تجعلني كابوسا لأمثالك. إذا تركت ابنتي فسأتركك. وإن لم تتركها سأبحث عنك. وسأجدك. وسأقتلك“.

بعد النجاح المتميز الذى حققه الفيلم على صعيد الولايات المتحدة والعالم كله، تم إنتاج الجزء الثاني من السلسلة، والذى يتناول رحلة العائلة المنكوبة إلى إسطنبول، تركيا، لينعموا ببعض الراحة، لكن أقرباء العصابة الدولية التي خطفت الفتاة ف الجزء الأول، يتتبعون العائلة وينجحون في اختطاف (براين) وزوجته هذه المرة، ويبقى أمام ابنته (كيم) خيار نهائي لمساعدة والدها.

استغل الفيلم النجاح الذي حققه الجزء الأول، وقدم بعض التصرفات المتميزة والذكية التي حققت نجاح الجزء الأول، مثل قدرة (ميلز) إرشاد ابنته لمعرفة مكانه.

وعلى الرغم من صعوبة تحقيق الأجزاء الثانية للأفلام من تحقيق نفس النجاح الذى تحققه الأجزاء الأولى، حقق الفيلم نجاحا ملحوظا، شجع القائمين عليه على تقديم جزء ثالث وأخيرٍ من السلسلة.

يتناول الجزء الأخير من السلسلة قصة جريمة قتل غامضة تودي بحياة زوجة (ميلز)، ويتم اتهامه بجريمة القتل، لكنه ينجح في الهرب، ويسعي لإثبات براءته بشتى الوسائل، الأمر الذى يجعله يصطدم بالحكومة الأمريكية والمخابرات، لكن الفريق القديم الذى كان يعمل به يقف بجواره  ويؤازره في حربه ضد كل شيء، وكل شخص.

إلا أن الجزء الثالث والأخير من السلسلة لم يحقق النجاح المرجو، حيث تم إظهار شخص (نيسون) كرجل أكشن، لا كرجل ذكي واسع الحيلة، وهو الأمر الرئيس الذي اعتمدت عليه السلسلة في أجزائها السابقة، وتسرب لنا كمشاهدين الشعور بأن الشخصية التي يجسدها (نيسون) هي شخصيته الحقيقية، وهذا ما نعرفه بشكل عام عن مواليد برج الجوزاء، الذى ينتمي لهم (ليام).

يحاول رجل الجوزاء طوال الوقت رؤية الأمور من أكثر من منظور ومراجعة كل الخيارات المتاحة، ويضع مقارنات مستمرة في عقله بين المميزات والعيوب ليصل إلى ما يجعله راضيا ويحقق له التوازن النفسي.

ولا يمكننا إغفال الأدوار الأخرى لـ(نيسون)، مثل بطولة فيلم (الفريق أ) أو The A Team، والذي يمكن تصنيفه كفيلم حركة من الطراز الأول، ينتصر لفكرة تقديم مشاهد مجنونة من الحركة، مدعومة بقدرات متميزة للخدع السينمائية وفنون الجرافيك.

حيث يظهر فريق (أ) للمهام المستحيلة وهو يقوم بمحاولة الطيران بدبابة تسقط من على متن طائرة عملاقة، بينما يطاردهم مجموعة من الطائرات بدون طيار! وعلى الرغم من استحالة الأمر؛ إلا أننا عثرنا بالصدفة البحتة على فيديو آخر يحاول شرح الأمر بوجهة نظر فيزيائية رصينة! وهو ما يؤكدون إمكانية حدوثه فعليا!

ويقوم الفريق بالعديد من المهام المختلفة وغير التقليدية، حتي يتم الإيقاع بهم من قبل إحدى الرتب العالية في الجيش الأمريكي، فيضطروا للهرب حتي إثبات دليل براءتهم.

قد يظن البعض أن افلام (نيسون) قد تشوه صورة المسلمين والعرب، لكن فيلما مثل NonStop (بلا توقف)، استطاع أن يثبت العكس، من خلال شخصية ضابط المباحث الفيدرالية المسؤول عن تأمين رحلات السفر الدولية، والذى يكتشف مخططا للإيقاع بالطائرة التي يستقلها.

تتجه الشكوك في البداية نحو المسافر المسلم العربي الوحيد بالطائرة، لكنه يستطيع إثبات براءته وتحويل دفة الاتهام لمواطن أمريكي مختل على متن الرحلة.

يقوم الإرهابي بقتل شخص على الطائرة كل فترة زمنية معينة، ويجد (نيسون) نفسه محاصرا بين رغبته إلقاء القبض عليه، وبين عدم رغبته في التسبب بالرعب لباقي الركاب على متن الطائرة.

الفنان المتميز (ليام نيسون) قدم درسا لنجوم هوليود قبل أن يقدمه لنا، والدرس مفاده: أنه لا يهم عمرك الحقيقي، المهم رغبتك في تحقيق ما تريد، وقدرتك على تحمل عقبات قرارك، فـ(نيسون) على الرغم من تخطيه الستين عاما؛ إلا أنه استطاع منافسة نجوم هوليود الكبار في أفلام الحركة، وباقى الأفلام أيضا.

التقرير الإلكترونية في

05.03.2015

 
 

في ندوة تاريخ السينما الفلسطينية:

إسرائيل تدرك مدى خطورة السينما على صورتها أمام العالم

رانيا يوسف - القاهرة ـ «القدس العربي»:

أقيمت على هامش فعاليات أسبوع السينما الفلسطينية، الذي يقام حاليا في القاهرة وتنظمه السفارة الفلسطينية، ندوة حول تاريخ السينما الفلسطينية بحضور المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والناقد الفني طارق الشناوي والمنتج حسين القلا والمخرجة الفلسطينية عرب لطفي، التي أشارت خلال الندوة إلى أن السينما الفلسطينية لها طابع خاص يختلف عن السينما العربية، بسبب الوضع الذي نشأت فيه.

وأشارت إلى أنه عند الحديث عن نشأت السينما الفلسطينية يجب أن نقسم هذا التاريخ إلى 3 محاور، أولا السينما كصناعة فلسطينية، أي انها منتج من داخل المجتمع الفلسطيني تعبر عن المبدعين الفلسطينيين، الذين حاولوا تشكيل علاقتهم بالصناعة الجديدة التي نشأت في القرن العشرين، وأكدت لطفي: «ساهم عدد كبير من المخرجين العرب في توثيق جزء كبير من تاريخ السينما الفلسطينية، كانوا مهمومين بالقضية الفلسطينية، وشكلت فلسطين جزءا اساسيا من اهتمامهم، وانعكس هذا الاهتمام على أعمالهم السينمائية، لذلك انقسمت الأفلام إلى التعبير عن الذات وعن الصراع بين صاحب الأرض والمحتل، بالإضافة إلى أنها أصبحت جزءا من المشروع الثقافي للمخرجين العرب، فهناك مخرجون تضامنوا مع القضية الفلسطينية وساهموا في تأسيس هذا التاريخ السينمائي».

واضافت: «مع بدايات ظهور السينما في مطلع القرن الماضي كانت هناك محاولات من مخرجين في فلسطين لاكتشاف هذا الفن الجديد، حاولوا أن يلتقوا بهذا الفن الحديث وحاولوا التجريب فيه، منهم إبراهيم حسن سرحان الذي قدم عددا من الأفلام التسجيلية وتجربتين في السينما الروائية، فيلم اسمه «أحلام تحققت» وفيلم «عاصفة في بيت»، بداية الثلاثينات وما قبل الاحتلال، وأحمد الكيلاني الذي أسس شركة إنتاج سينمائي أيضا، هناك صلاح الدين بدرخان له فيلم عام 1946 بعنوان «حلم ليلي»، عرض هذا الفيلم في القدس ويافا وعدد من المدن الفلسطينية، محمد الكيالي انتج عددا من الأفلام القصيرة قبل عام 1948، أما بعد النكبة، فتسببت في فترة انقطاع طويلة بين المخرجين الفلسطينيين وبين السينما، وإن كانت هناك بعض التجارب القليلة لكنها كانت تعبر عن معاناتهم الشخصية في بلاد المهجر، أول رصد فعلي لنمو بداية جديدة لمشروع العمل السينمائي الفلسطيني ابتدأ مع حرب 1967 ومع انطلاق المقاومة الفلسطينية، حيث اتجه عدد من المخرجين إلى توثيق الحرب والأحداث اليومية وانتج عدد كبير من الأفلام التسجيلية التي توثق القضية الفلسطينية، ثم أنشئت مؤسسة السينما التي ضمت عددا كبيرا من المخرجين مثل، مصطفى أبو علي وغالب شعث، بالإضافة إلى عدد من المخرجين العرب الذين ساهموا في تأسيس السينما الفلسطينية، مثل قيس الزبيدي وقاسم حول. في الستينات أدركنا أهمية وجود سينما فلسطينية كونها وسيلة للدفاع عن قضيتنا في وجه الاحتلال. أفلام طرحت تناقضات هذا المجتمع ومشاكله وهمومه، وأسست لهوية خاصة للسينما الفلسطينية حيث أصبحت سينما التعبير عن الذات والمكان، وأفرزت تلك الفترة عددا من الأفلام التسجيلية وبعض الأفلام السينمائية، لبرهان علوية وقاسم حول وتوفيق صالح ومحمد ملص، بعد اجتياح لبنان حدث نوع من الشتات الجديد، وشكلت الثورة نوعا من التماسك وظهرت بوادر جيل من المخرجين الشباب الفلسطينيين من أكثر من مكان، عبّر كل منهم بفردية بدون انتمائه لأي مؤسسة، منهم المخرج ميشيل خليفي ورشيد مشهراوي وايلي سليمان، تميزت هذه التجربة بأنها لأول مرة قدمت قضايا إنسانية تخص الشعب الفلسطيني، ليس فقط القضية السياسية لكن اتسعت الرؤية أكثر لتناول جوانب الحياة اليومية والاجتماعية للشعب المحتل، بعيدا عن منظور الدعاية السياسية، وأكدوا على حضور الشعب الفلسطيني، كونه شعبا له كيان وتناقضات وحياة خاصة تؤكد هويته الإنسانية.

هناك نوع آخر من الأفلام تضامن مع القضية الفلسطينية لمخرجين عرب مما يؤكد انها قضية عادلة، وليست قضية خاصة، هناك أيضا الجيل الثاني من فلسطينيي الشتات الذين تربوا في الخارج، وهم امتداد لذاكرة أهاليهم حاولوا أن يعبروا عن انتمائهم وتمسكهم بهويتهم من خلال صناعة السينما، خريطة السينما الفلسطينية معقدة بتعقيد القضية وهذا اعطاها ثراء إبداعيا، إنها ليست نمطا واحدا ولكن هناك تعددا في الطرح والرؤى.

المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي أكد خلال الندوة على أن بعض الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية كانت مسيسة، لأن بعضها كانت تنتجها أحزاب سياسية، وكل فئة تأخذ دعما من حزب كانت تنفذ سياسته، هذه الأعمال حافظت على بقاء صورة المقاومة. وأوضح أنه لا يعتبر أن هذه النوعية من السينما يمكن بها مخاطبة العالم، وأشار إلى أن هناك تجارب عديدة حاولت الخروج من هذا الإطار. وأضاف أنه حاول الخروج بصورة الإنسان الفلسطيني من نمطية تصنيفه، إما بطل أو شهيد، وأعاده إلى صورته كإنسان، واضاف مشهراوي: « نختلف عن الجيل الذي سبقنا، نحن نملك التعايش مع الشارع الفلسطيني، لا نسطيع أن نخاطب العالم بأفلام ذات شعارت دعائية أو أفلام تظهر دائما الجوانب الإيجابية، لذا نشأ صدام بين الأسلوب الذي كان يقدم به الجيل السابق أفلامه وبين الجيل التالي الذي انتمي إليه، لا يمكن أن نقدم سينما باسم حزب انعزلنا عن هذا التيار وحاولنا أن نقدم المجتمع الفلسطيني بإيجابياته وسلبياته، عندما قدمت فيلم «دار ودور» أثناء حرب غزة وحرب الخليج كان هناك يأس وحزن وكنا محاصرين، سافرت إلى تونس لعرض الفيلم، لكن مشهد الختام تسبب في استياء منظمة التحرير في تونس بسبب بكاء البطل، حيث كان نموذج الشخصية الفلسطينية تظهر دائما في الأفلام صلبة لا تبكي ولا تستسلم أبدا، لكن هذا النمط غير موجود في الواقع، نحن مجتمع مثل أي مجتمع يحق لنا ما يحق لباقي المجتمعات في العالم.

وأوضح أن هذا الفيلم كان إنتاج قناة بي بي سي، وعندما عرض على شاشتها أثار غضب السفارة الإسرائيلية واحتجت على عرض الفيلم، وتم بعدها اعتقالي بالإضافة إلى شخصيات الفيلم، وتم منع بطل فيلمي من الخروج من منزله 3 سنوات، ثم قررت منظمة التحرير في تونس عرض الفيلم يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، أدركت إسرائيل أن السينما الفلسطينية تشكل خطرا على صورتها أمام العالم، اعتقد أن الذي غير صورة السينما الفلسطينية هو نقل السينما الفلسطينية من الخارج إلى الداخل،عندما أصبح المخرجون يمتلكون الكاميرا والقرار استطاعوا أن يقدموا رؤيتهم بشكل أفضل، وأكد أن المخرج لابد أن يعمل كونه سينمائيا يواكب كل التطورات في العالم وليس كونه فلسطينيا تحت الاحتلال.

الناقد طارق الشناوي قال إنه في البداية لابد من تحديد هوية الفيلم الفلسطيني، هناك التباس في الأفلام التي أخرجها مخرجون من عرب 48 ومعظمها أفلام تنتمي للقضية الفلسطينية لكنها بتمويل من اسرائيل، لذلك يظل السؤال هل يمكن أن نعتبر فيلما داخل الأرشيف الإسرائيلي فيلماً فلسطينياً، حتى إن كان مخرجه جذوره فلسطينية، منذ عام 1979 كان لمصر موقف من إسرائيل فهي أول دولة عربية سمحت بأن تكون هناك سفارة إسرائيلية على أرضها، لكن المثقفين والفنانين في مصر اتخذوا موقفاً حاسما ضد التطبيع الثقافي والفني مع إسرائيل، وظل هذا الأمر قائما على المستوى العربي، أحيانا تعرض بعض الأفلام التي يتشارك فيها مخرج فلسطيني مع إسرائيلي في مهرجانات عربية، ولكن هذه ليست قاعدة، اذا فتح هذا الباب بلا ضوابط سوف نتناحر في ما بعد، لذلك يجب على الكيانات السينمائية المؤسسية أن تعيد النظر في هذا القرار مع المتغيرات التي حدثت في السنوات الماضية وظهور جيل جديد من المخرجين الذين ينتمون إلى عرب 48 ومن حقهم أن ينجزوا أفلاما تحت اسم السينما الفلسطينية، اما باستمرار تطبيق القرار أو بوضع آليات محددة لتطبيقه، هناك خطورة من التطبيق العشوائي والفردي لهذا القرار، ولكن يجب أن يكون هذا الامر مطروحا للنقاش على مستوى المؤسسات.

وأوضح الشناوي أن علاقة مصر السياسية والفنية والمجتمعية بالقضية الفلسطينية «ملتبسة» لأن هناك اعتقادا عند البعض أن الدولة المصرية قدمت تضحيات كثيرة وخاضت حروبا عديدة من أجل فلسطين، لكن الحروب التي خاضتها مصر كانت بالأساس لحماية الأمن القومي المصري، وحماية الحدود الشرقية للدولة.

وأشار إلى أن علاقة القضية الفلسطينية بالسينما المصرية «ليست وطيدة»، وأن آخر الأعمال المصرية التي اقتربت من القضية الفلسطينية هو فيلم «أصحاب ولا بيزنس»، ولفت إلى أنه لو تم طرح فيلم عن ثورة 25 يناير/كانون الثاني في الوقت الحالي لن يجد الصدى المرجو منه.

وأضاف أنه إذا عدنا للأفلام الاولى التي قدمتها السينما المصرية عن الصراع العربي الإسرائيلي سنجد أن حصار الفلوجة هو الحدث الأبرز بينها، خاصة بعد هزيمة الجيش بسبب صفقة الأسلحة الفاسدة، معظم الأفلام المصرية لم تتناول القضية الفلسطينية من العمق، لكنها أشارت إليها من بعيد، إلا القليل منها، مثلا نجد أفلاما مثل «فتاة من فلسطين» الذي أخرجه محمود ذو الفقار وقامت ببطولته المطربة اللبنانية سعاد محمد، وفيلم «أرض السلام»، لكن ظلت قضية الاستيطان الإسرائيلي جزءا حيويا في ثورة يوليو، لكن الأفلام التي تعرضت لهذا الصراع كانت تهدف أكثر لدعم دور المخابرات المصرية، لكن بعد حرب 1956 أصبح الأمن القومي المصري ليس فقط سيناء ولكنه امتد إلى فلسطين، الشارع المصري يحتاج إلى وعي وثقافة ليدرك تفاصيل الصراع العربي الإسرائيلي.

وأوضح الناقد طارق الشناوي أن التجارب التي قدمتها السينما المصرية كانت تجارب كوميدية كارتونية استهلكت مع الوقت، التركيبة الذهنية عن الإسرائيلي لا تعبر عن الحقيقة ولكن نتوارثها من جيل إلى جيل، وأكد أن فيلم «المخدوعون» الذي قدمه المخرج الراحل توفيق صالح من أفضل الأفلام التي تناولت قضية احتلال فلسطين، لأنه أخذ حالة صغيرة في زمن محدود طرح فيها كل شيء بعمق وزخم، بعد ذلك قدمت السينما التجارية تجارب ضعيفة جداً لا تعبر عن واقع الصراع.

المنتج حسين القلا قال إن تاريخ السينما الفلسطينية قائم على تراكم الأعمال التسجيلية والروائية التي قدمت داخل وخارج فلسطين، تلك التي قدمها مخرجون عرب أو ينتمون لفلسطين، وأوضح القلا أنه يجب أن نحسم هوية تجارب مخرجين عرب 48 الذين تحمل افلامهم عادة الجنسية الإسرائيلية، وذكر القلا واقعة رفض عدد من الكتاب تحويل إحدى روايات الكاتب الفلسطيني الراحل سميح القاسم إلى سيناريو فيلم سينمائي خوفا من كونه يحمل الجنسية الاسرائيلية تحت الاحتلال، وقال القلا إنه لابد من حسم هذا الموقف المعلق حتى لا يمنع هؤلاء المخرجون من عرض أعمالهم في الدول العربية.

إيمي طلعت زكريا: والدي أوقفني عن العمل حتى أنتهي من الدراسة

تحضر لحلقات «عائلة حاحا» وفيلم «مش وش نعمة»

محمد عاطف - القاهرة – «القدس العربي» :

أكدت الفنانة الشابة إيمي طلعت زكريا أن الفن في ذهنها منذ صغرها، وهي تتجول مع والدها الفنان طلعت زكريا، وفي السابعة عملت إعلان، وبدأ الطلب في ترشيحها، لكن والدها أوقف الموضوع للتركيز في الدراسة.

وقالت: في سن 15 شارك والدي في تصوير سهرة درامية ساعتين، من تأليف والدي وطلبت أن أخوض التجربة وفعلا كتب لي دورا أمام رامز جلال وحسن حسني وقدمت 4 مشاهد في السهرة.

وأضافت: استفدت من والدي قاعدة أن التمثيل لا يمثل وأن أجسد الدور بشخصيتي.

وأشارت إلى أن الدور كوميدي ونجحت فيه، وحصلت من والدي على مكافأة مائتي جنية، وطلب مني التوقف عن التمثيل حتى الانتهاء من الدراسة.

وقالت: في «ست كوم حامد قلبه جامد» رشحتني الشركة المنتجة مع والدي ثم جاءت فرصة كبيرة في مسرحية للنجم سمير غانم في عرض «ترا لم لم» وكان دور إيمي سمير غانم الذي اعتذرت وأكملته أنا.

ولدى سؤالها هل قلدت إيمي سمير غانم قالت: حاولوا أن أنفذ ما كانت تؤديه أيمي لكنني طلبت أو أؤديه بأسلوبي وتركوني أفعل.

واستطرت: استفدت من النجم الكبير سمير غانم خبرات طويلة، وأتاح لي الفرصة في الأداء بحرية تامة دون التقييد وأن أجسد كما أرغب في الشخصية.

وأشارت الى أنه جاء دور بعد المسرحية في مسلسل «الزوجة الرابعة» في شخصية هناء الفتاة «الحشرية».

وفي سؤالها عن عدم مشاركتها مع والدها في فيلم «الفيل في المنديل» قالت: جاء تصويره أثناء مشاركتي في مسرحية «ترا لم لم» وكانت في الإسكندرية.

وأوضحت أن أي دور تعرضه على والدها ويعرف جهة الإنتاج وأبعاد الدور حتى يوافق على مشاركتي فيه.

وعن وضع خطوط حمراء في أدوارها قالت: بالفعل لن أقدم شخصية تضايقني أو تضايق والدي وأخي وأولادي في المستقبل ولذا أفضل الأدوار الكوميدية.

وتؤكد إيمي طلعت زكريا أنها تسير في الفن بخطوات غير متعجلة ولا تشارك مع والدها في أي عمل حتى لا يقال عملها بسببه.

وتجهز للمشاركة مع والدها في حلقات الميني كوم «عائلة حاحا» بطولة وتأليف والدي والفنانة انتصار ونادية العراقية ويشارك أيضا عمر أخي بأحد الأدوار.

وفي السينما تجهز فيلم «مش وش نعمة» بطولة أحمد عزمي وعبد الله مشرف وعمر خورشيد وتجربة أولى للمخرج الشاب أدم.

أيمي غيرت إسمها من أميمة بعد أن أطلقوه عليها في الوسط الفني وتفضل الآن أيمي.

القدس العربي اللندنية في

05.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)