كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

مرجريتا فون تروتا لا تزال تبدع وتعترض وقد تجاوزت السبعين

العرب/ أمير العمري

 

مخرجة ألمانية تفجّر التناقضات الكامنة داخل المرأة في سعيها إلى التحرّر والتعبير عن مكنونات نفسها، وعن رغبتها في مواجهة مجتمع صارم فقد روحانيته.

احتفى مهرجان برلين السينمائي في دورته الأخيرة (5- 15 فبراير) بالمخرجة الألمانية الشهيرة مرجريتا فون تروتا، التي عرض فيلمها الجديد “عالم مختل” عرضا احتفاليا خاصا مصحوبا باهتمام إعلامي كبير. وخصص المهرجان لها مؤتمرا صحفيا تحدثت فيه عن تجربتها الطويلة في الإخراج وعن فيلمها الجديد الذي تقوم ببطولته الممثلة الأثيرة لديها باربره سوكوفا، التي قامت ببطولة عدد كبير من أفلامها.

تنتمي مرجريتا فون تروتا إلى جيل من السينمائيين، الذي ظهر في ألمانيا خلال السبعينات، واعتبرت أفلامه بمثابة استعادة لنهضة السينما الألمانية وإعادتها إلى خريطة السينما في العالم، وهي التي تألقت في عشرينات القرن الماضي من خلال المدرسة التعبيرية الألمانية الشهيرة التي دفعت هوليوود إلى استقطاب أحد أهم أقطابها وهو المخرج إريك فون ستروهايم، وغيره، قبل أن تخبو وتتضاءل أهميتها بعد صعود النازية وهجرة الكثير من السينمائيين مثل فريتز لانج ودوجلاس سيرك وبيللي ويلدر وغيرهم.

وقد تميزت حركة السينما الألمانية الجديدة التي جمعت فون تروتا مع أسماء شهيرة مثل ألكسندر كلوجه وفيرنر فاسبندر وفولكر شلوندورف وفيم فيندرز وفيرنر هيرتزوغ، بالإعلاء من شأن المخرج- المؤلف على غرار حركة الموجة الجديدة الفرنسية، أي المخرج صاحب الرؤية، الذي يخرج الأفلام لكي يعبر عن رؤيته للعالم، مع نزعة إلى الواقعية وإلى النقد الاجتماعي والتطوير في الشكل السينمائي، والخروج من قوالب الفيلم التقليدي الذي يدور حول قصة درامية تنتهي عادة بنهاية سعيدة.

ولدت مرجريتا فون تروتا عام 1942 في برلين، وعاشت حياة قاسية مع والدتها، واضطرت للنزول مبكرا إلى ساحة العمل، ثم التحقت بمعهد لدراسة التمثيل والدراما في ميونيخ، ورحلت بعد ذلك إلى باريس حيث بدأت تتردد على “السينماتيك” الفرنسية في عصرها الذهبي. وبعد ذلك شاركت بالتمثيل للمسرح، ثم انتقلت منذ عام 1969 للعمل بالسينما، فقامت ببطولة الأفلام الأولى للمخرج الألماني الراحل فاسبندر.

تزوجت من المخرج فولكر شلوندورف، وقامت بالتمثيل في عدد من أفلامه. ومنذ عام 1978 اتجهت فون تروتا إلى الإخراج، وقدمت مجموعة كبيرة من الأفلام منها “اليقظة الثانية لكريستينا كلاجز” (1879)، “الشقيقتان” (1979)، “الشقيقتان الألمانيتان” (1981)، “أصدقاء وأزواج” (1982)، و”روزا لوكسمبورج” (1986).وتعتبر مرجريتا فون تروتا، من أهم النساء المخرجات في السينما الألمانية الحديثة مع زميلتيها، هيلما ساندرز برامز، وجوتا بروكز، وهن يمثلن معا حركة متميزة في السينما الألمانية، حيث يتناولن في أفلامهن الجوانب النفسية والعاطفية في شخصية المرأة الألمانية، والعلاقات المعقدة التي تحكم هذه العلاقات، وتفجر التناقضات الكامنة داخل المرأة، في سعيها إلى التحرر والتعبير عن مكنونات نفسها، وعن رغبتها في مواجهة مجتمع صارم فقَدَ روحانيته، كما فقد المرء شعوره الشخصي بالأمان، واتسعت هوة التشكك وانعدام الثقة بين الرجل والمرأة.

تمتلك فون تروتا رؤية رومانسية تتميز بالرغبة في التمرد على القوالب المألوفة. وتشوب أفلامها نزعة تشاؤمية قلقة، وإن كانت تبرر ذلك بأنها تريد أن تخدش ذلك الشعور بالبلادة الذي يسيطر على الناس، وأن تدفعهم بالتالي إلى التفكير في كيفية تغيير الأمور.

وبالرغم من رومانسيتها واختيارها شخصيات قلقة تمتلئ في داخلها بشتى الانفعالات، إلا أنها تصنع أفلاما عقلانية باردة، وتبدو متأثرة، على نحو ما، بأسلوب المخرج السويدي انجمار برجمان. وعلى الرغم من صرامة البناء في أفلامها فإن شخصيات هذه الأفلام لا تتحرك من خلال تصميم هندسي ينمو في تصاعد منطقي محدّد، وإنما تتحدّد الشخصيات من خلال تناقضاتها ومشاعرها المتباينة وتمتزج بذكريات الطفولة والماضي.

تبدو شخصية المرأة في أفلام فون تروتا، وكأنها تسعى إلى تحطيم شيء ما في داخلها، شيء تخشاه، أكثر مما تسعى إلى التحدي الاجتماعي المباشر.

وهي تقول: إن تركيزي الأساسي ليس على القصة بقدر ما هو على تدفق المشاعر خلال الأحداث، وقد يكون هذا أسلوبا نسائيا في التعبير”. إننا نرى المرأة في أفلامها، في أحلامها، وهواجسها الخاصة، ومزاجها المتقلب، وإحساسها بالعزلة واليأس، والرغبة في تحقيق حريتها، وبحثها الشاق عن التواصل مع غيرها من بنات جنسها.

الشاعرية المفقودة

هذا التركيز الحميمي على عالم المرأة وحده، يجعلها أحيانا تجنح إلى المبالغة في إبراز النماذج الجافة والسلبية في الرجال. وتعلق هي على ذلك بقولها: “ليس لدي شيء ضد الرجال، ولكنني ببساطة لا أجدهم شاعريين، فمن النادر أن تجد رجلا شاعريا”. وهو قول يذكرنا بإحدى العبارات التي وردت في خطابات الكاتبة الشهيرة فرجينيا وولف: “إن النساء فقط هن اللاتي يثيرن خيالي”!

فيلمها الأحدث “عالم مختل” الذي عرض في احتفالية خاصة خلال الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي (فبراير 2015) يكشف بوضوح هذه النقطة، فالشقيقان اللذان نشاهدهما فيه، وتقدّم بهما العمر، تمتلئ نفساهما بالمرارة بفعل تراكمات الماضي، فقد مارس كل منهما الكثير من التضليل والغش والخداع والتنافس القذر، من أجل التفوق على الآخر، ولو على حساب المشاعر الإنسانية، وأساسا على حساب المرأة التي وجدت نفسها واقعة في المنتصف بينهما. ولا توجد هنا حدود للدناءة عند الرجل، في حين تبدو المرأة ضحية أو فريسة للرجل.

في فيلمها الثاني “اليقظة الثانية لكريستينا كلاجز” (1978) تناولت فون تروتا موضوعا سياسيا ولكن من خلال مفردات نسائية، فنرى “كريستينا” بطلة الفيلم، تشترك مع صديقها فيرتر وولف، في سرقة بنك من أجل إنقاذ أحد مراكز رعاية الأطفال من الإفلاس. ويصاب صديقها أثناء مطاردة الشرطة لهما، فتهرب هي إلى البرتغال، ثم تعود بعد فترة إلى ألمانيا، حيث تجتاز فترة من المعاناة الشديدة تصل إلى اليأس التام، وتكاد توشك على الانتحار، وفي النهاية يتم القبض عليها. كريستينا هنا امرأة يتطور وعيها السياسي تحت ظروف العنف والإرهاب، ولكنها لا تبتعد كثيرا عن كونها متمردة رومانسية ثائرة على الواقع. ويركز الفيلم على العلاقة بين كريستينا وانجريد، صديقتها التي تمثل النقيض المباشر لشخصيتها، فهي امرأة تتمتع بنوع من الثقة والوعي.

ويتناول فيلم “أصدقاء وأزواج” (1983) العلاقة بين الرجل والمرأة، وسعي المرأة “روث” إلى التحرر من أسر الرجل رغبة في تحقيق ذاتها، ونراها تتجه إلى التواصل مع صديقتها التي حققت بالفعل قدرا من التوازن في حياتها، إلا أنها تظل باستمرار مهددة من جانب زوجها بتحطيم حياتها، في رد فعل عنيف مدفوع بالغيرة الشديدة والرغبة في مقاومة رغبتها في الاستقلال عنه. وهو يتهم صديقتها بإفساد حياتهما الزوجية معا، وينتهي الفيلم بأن تقتل روث زوجها بنفس راضية تماما، وهي نهاية قاتمة تعبر عن استحالة التعايش بين الرجل والمرأة في ظل المفاهيم القائمة. والطريف أن فون تروتا تذهب ببطلتي فيلمها في رحلة إلى مصر، حيث تعقد مقارنة بين حالة المرأة المصرية في الريف، والمرأة الألمانية، وتصور التناقض بين العالمين، وتتوصل إلى أن المرأة المصرية تتمتع بالصحة النفسية والسعادة والتوازن النفسي، رغم البيئة المتخلفة الفقيرة التي تحيا فيها، في حين تفتقد الألمانية التوازن والشعور بالاطمئنان في حياتها رغم مجتمع الوفرة والتقدم التكنولوجي في ألمانيا.

حساسية المرأة

أما فيلم “روزا لوكسمبورج” (1986) فهو يتناول الجوانب الإنسانية والنسائية في شخصية روزا لوكسبورج، المناضلة اليسارية الألمانية التي لعبت دورا كبيرا على المسرح السياسي الألماني في أوائل القرن العشرين، وجاءت نهايتها التراجيدية على أيدي المنظمة العسكرية التي أسسها الضباط الألمان بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى. وتقول فون تروتا إن هذه المنظمة كانت الدعامة الأولى التي قام عليها حزب هتلر النازي فيما بعد. وتعليقا على موت البطلة تعلق فون تروتا بقولها “لقد قتلت روزا لوكسمبورج ثلاث مرات كما رأينا في الفيلم والواقع، لكونها امرأة شجاعة؛ كانوا يخشونها كلهم، فقد ضربت أولا بكعوب البنادق، ثم أطلقوا الرصاص على رأسها، ثم ألقوا بجثتها في مياه النهر، ولا تزال المياه تجري في النهر حتى يومنا هذا، دلالة على استمرار عجلة التاريخ في الدوران. ومن يدري ماذا سيحدث غدا؟”.

ويمكن اعتبار فيلمها “حنا أرندت” (2013) عن الكاتبة والفيلسوفة اليهودية الألمانية الأصل التي غادرت ألمانيا مع زوجها إلى الولايات المتحدة بعد وصول النازية إلى السلطة، أهم أفلامها وأكثرها طموحا، فهي تمزج فيه بين الكثير من مواد الأرشيف السينمائي، وبين التجسيد الدرامي للكثير من الأحداث المحورية في حياة تلك الشخصية المثيرة للجدل، التي أصرت على حضور محاكمة أدولف أيخمان، الذي اختطفه عملاء الموساد من الأرجنتين في أوائل الستينات، ورحلوا به إلى إسرائيل، باعتباره مسؤولا عن إبادة اليهود في معسكرات الاعتقال.

حنا أرندت التي تتأمل كثيرا في موقف أيخمان أثناء المحاكمة، تتوصل إلى أنه ليس مسؤولا عن أفعاله وإنه كان فقط ينفذ أوامر هتلر، وهذا الرأي أثار موجة من الغضب عليها، وانتهى الأمر بإعدام أيخمان. وقد اتهمت أرندت إسرائيل أيضا بالتعاون مع الحكومة الألمانية في الوقت الذي كانت تتباكى فيه على ما تعرض له اليهود في ألمانيا من اضطهاد. وقد أصبحت حنا وحيدة بعد أن انفض من حولها معظم أصدقائها، ولكنها صمدت ولم تتراجع عن آرائها الفلسفية رغم كل الضغوط التي مورست عليها.

وينتمي الفيلم إلى نوعية الأفلام التي ترسم صورة إنسانية للشخصية الحقيقية التي تتناولها، وتحاول فون تروتا هنا تصوير الشخصية في سياق التاريخ، ومواقفها الفكرية وكيف توصلت إلى كتابة كتابها الشهير “تفاهة الشر”. وقد تفوقت باربره سوكوفا في دور أرندت كما سبق أن تفوقت في دور روزا لوكسمبورج.

ما يثير الإعجاب أن فون تروتا، التي تجاوزت الثانية والسبعين من عمرها، مازالت تكافح من أجل إعلاء صورة المرأة في الأفلام التي تخرجها، وتختار شخصياتها بعناية، دون أن تتوقف طويلا أمام الخيارات الأيديولوجية، بل إنها تعبّر من فيلم إلى آخر، عن رفضها لأيديولوجيات الشمولية عموما، التي تراها في النهاية تتفق على تكريس الهيمنة الذكورية.

العرب اللندنية في

01.03.2015

 
 

الكهل 404.. إنسان مقهور يتجرأ على الحلم في "هُم الكلاب"

محمد بنعزيز

فيلم "هم الكلاب" .. باديدا يكشف لكم كازابلانكا

هذا عمل سينمائي يستحق وقفة تتجاوز الملاحظات الانطباعية.

لماذا؟

لأن هشام العسري يحتل موقعا متقدما في سلم الجرأة الفنية، وقد تجاوز نواقص فيلمه الأول.

فيلم مغربي حقيقي، أبدعه هشام العسري وحسن باديدا. حرر فيه المخرج الكاميرا، حرر اللغة السينمائية ولكن لم يحرر السرد، جعله خطيا لكي لا يفقد المتفرج. يحكي العسري قصة متعددة الطبقات. السيناريو صلب. تتعدد مستويات الحكي. وقد وضع العسري الفيلم في قلب المرحلة التاريخية: الدليل؟ الربيع وعشرين فبراير واللاجؤون الافارقة...

رغم الكثافة تجري قصة "هم الكلاب" في ثمانية وأربعين ساعة لذا كان الإيقاع مرتفعا والمحتوى مؤثرا. وهذا خلاف أفلام أخرى عرضت في طنجة، تاه كتابها في زمن طويل. النتيجة هي أفلام مفككة حاولت سرد قصة مدتها أربعين سنة. قصص مليئة بالثقوب التي فشل الفلاش باك في تغطيتها.

أفيش الفيلم معبر:

ظهر الرجل المجهول للجمهور ووجهه للأفق، يحمل قارورة وعجلة. خرج يبحث عن عجلة لدراجة ابنه المائلة. عجلة تدور وتصدر أزيزا يذكر ببداية فيلم سيرجيو ليون "كان ذات يوم في الغرب". بعد مرور ساعة غرق المتفرج في اللحظة ونسي النهاية.

في ساحة شهيرة في قلب الدار البيضاء، يتجمع عشرات الشباب يرفعون شعارات تندد بالغلاء والفساد ويطالبون بالتغيير وإسقاط النظام... يصل مراسل تلفزيوني ميداني لينجز ريبورتاجا عن الشباب الثائر. يسأل المراسل بعض الواقفين في الساحة: لماذا أنت هنا؟ ما رأيك في "حركة عشرين فبراير"؟

من اللحظة الأولى يكتشف سطحية الأجوبة وتشابهها. حينها يدرك أن ما يصوره لن يتجاوز ما هو سائد ومستهلك في الإعلام. يرفض المراسل أن يخضع لطلب القناة وهو العودة بفيديو مدته دقيقة ونصف كل يوم من الشارع واعتبار ذلك استقصاء للواقع ونقلا للحقيقة.

في غمرة وجع التكرار في مهنته ينتبه المراسل لخصوصية كهل مشرد في الساحة. يسأله عن اسمه فيذكر رقم 404. يعيش الكهل اللحظة بشكل مختلف. يتحدث بدقة عن إضراب الدار البيضاء سنة 1981. الزمن توقف هناك بالنسبة له. حينها رأى الرصاص والجثث ووجد نفسه مع آخرين في حوض سباحة جاف ورجُل امن يستمتع بعطشهم، يرشهم بالماء ويملئون أحذيتهم ليشربوا أما المعتقلين الذين اعتقلوا حفاة فلا يشربون...

يقرر المراسل تجاهل تعليمات هيئة تحرير القناة ويتبع الكهل في هلوساته...

هكذا يربط هشام العسري في فيلمه "هم الكلاب" بين 1981 و2011. بين إضراب الدار البيضاء الدموي ونشأة حركة 20 فبراير 2011. ترصد الكاميرا السياسية للمخرج الشاب اللحظة التاريخية. في مشاهدتي الأولى لهذه الفيلم الغني سوسيولوجيا تتبعت الكهل النكرة، في المشاهدة الثانية تتبعت الفضاءات التي يمر بها ومدى تفكير المراسل في مهنته.

الكهل 404 ليس بطلا، بل هو نقيض البطل التقليدي، إنسان مقهور تجرأ على الحلم فتوقف وعيه مع الصدمة. لا يتجشم عناء الوسامة لكنه فاضح للخبايا بأسئلته المغموسة بالبلاهة. منذ سنوات يسأل عن هويته وأولاده ولم يأخذه احد على محمل الجد، إلى أن ترك المراسل سطحية الجماعة الشابة وتعقب عمق الكهل الذي يحمل على كتفيه تاريخا مريرا... أدى الممثل الكبير حسن باديدا الدور بتلقائية وبراعة وقد توج بجائزة أحسن أداء رجال في الدورة الخامسة عشرة للمهرجان الوطني للفيلم.

لقد صممت فترة سبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي وعي جيل كامل من المغاربة. فقد شهدت المرحلة ميلاد حلم التغيير وإجهاضه. مرحلة تراجيدية سيمتد مفعولها في الوعي. شخصيا تأثرت بالمدرسين الذين عاشوا المرحلة ولقحوا تلامذتهم بوعي شقي.

لهذا ربط فيلم "هم الكلاب" بين 1981 و2011. فخلال ثلاثين سنة لم يفتر أمل المغاربة في غد أفضل... وقد قدم الممثل حسن باديدا أداء هو مزيج من اليأس والأمل، فهو يبحث عن ذاته لكنه واثق أنهم هم الكلاب لا نحن... وهذا وضع يتماهى معه المتفرج اليائس، والذي ينظر للشبان المحتجين في الشارع بشك، لكن يأمل أن يحققوا له معجزة...

هل ستحدث المعجزة؟

لا يقدم المخرج جوابا، لكنه يأخذنا في رحلة أخرى وهو يطارد الكهل. فالمطاردة ليست موضوع الفيلم بل أسلوب المخرج أيضا. فهو في مطاردته للرجل يسمح لنا برحلة في الدار البيضاء من الواجهة المضاءة اللامعة إلى الخلفية. تقوم الكاميرا بمسح للمجتمع وللمدينة. نكتشف فضاءات عشوائية بشكل رهيب، فيها تلوث صوتي، شاطيء فيه مزبلة ويصب فيه مجرى صرف صحي وتلعب فيه مآت الكلاب. يقف الكهل ليبول على جدار كتب عليه "ممنوع البول هنا يا حمار". يبول.

نكتشف خراب المدينة التي خصصت ملايير لإصلاحها، ومن باب السخرية المريرة شكك صحفي إذاعي في هذا وتمنى لو وزع المبلغ على السكان ليصلح كل واحد أمام بيته. وهكذا ستصلح كل شوارع كازابلانكا بسرعة وستبقى بعض الملايين.

نكتشف عنف الشوارع. تندلع نزاعات لفظية بين فردين، تتخللها كلمات ساقطة فيصير النزاع يدويا يتدخل فيه آخرون فيصير كارثة. خلاف صغير عن ركن سيارة يستدعي اقتتالا بين أفراد الشعب.

غضب غضب. الغضب الذي لا يأخذ شكلا سياسيا عقلانيا يصير مدمرا. غضب لا يتخذ شكلا سياسيا بسبب الجهل. يصعب قبول وصف أفراد الشعب بالجهل لكن تلك هي الكلمة المناسبة. هذا البشر الخام لن ينجز لا ثورة ولا تغيير.

يسأل المراسل العاهرة التي التقطها من علبة لبل: ما رأيك في حركة عشرين فبراير؟

أجابت: إنها مثل البقرة المجنونة.

إنها خلفية الثوار. مجتمع يتناحر افراده لن يحقق ثورة. حال النخبة ليس أفضل. هذا ما نكتشفه حين يقصد الكهل صديقا قديما صار صحفيا ليسأله عن هويته وأولاده. يدخل مقر الجريدة وتقوده السكرتيرة إلى مكتب الصديق. في الممر الطويل يضع المخرج الكاميرا على مستوى ارتفاع مؤخرة السكرتيرة الضخمة، وهذا تعبير عن دور ومكانة هذا العضو المبجل في الإعلام. في اللقاء يسأل الكهل صديقه:

"هل صحيح قلبت المعطف"

هذا هو الخط الثالث في هذه المقاربة السوسيولوجية للفيلم. وفيها نتعرف على وضع الإعلام ودوره. فالمراسل التلفزيوني يطارد موضوعه ولا يحصل عليه جاهزا. وهو يبحث عن تجاوز التغطية السطحية للحظة. يدرك أن المادة الإخبارية الجاهزة ملغومة وأن المواضع المهمة ليست معطاة...

يقدم الفيلم شريطا صوتيا منقولا عن القنوات الفضائية. ويخبرنا الشريط عن احتجاج الشعوب وتبديل الحكومات ثم سقوط رؤوس الأنظمة... وهذا ما يضع الفيلم في سياق سياسي عام. الغريب أن كثافة الصور والخطابات التي تتدفق على المتفرج تصير من فرط الكثرة معرقلة للفهم بدل أن تساعد عليه. لا يميز المتلقي الحقيقة والتضليل. لا يعرف هل يتفاءل أم يخاف.

الجديد في كل هذا هو أن السياسة استرجعت وزنها في الثلاث سنوات الأخيرة. لقد انتقمت السياسة بعد تعويمها لسنوات بالرياضة والفتاوي والمسلسلات المكسيكية والتركية... والسياسة وحدها تساعد الكهل في مساره. ففي لحظة تعب من البحث عن هوية الكهل 404 يستنجد مساعد المراسل بأحد معارفه في وزارة الداخلية. وبسرعة ترد أم الوزارات التي تملك أم الحقائق.

هكذا يقدم فيلم "هم الكلاب" سينما سياسية فاضحة، ساخرة، حتى أني صرخت في منتصف الفيلم: يا إلهي لقد عثر هشام العسري على الوصفة التي تجمع الأسلبة الفنية الراقية مع المزاج الشعبي الكوميدي، الذي يضحك حتى من مصائبه".

بعد نهاية عرض الفيلم في طنجة سألت مناضلا قديما: هل تتوقع من مخرج غير مثقف فيلما جيدا؟

أجاب: لا.

فحص الفرحة في عيني ثم صحح لي: وقد يكون المخرج مثقفا ويكثر الكلام ولا يكون فيلمه جيدا.

قلت: طيب ها قد أزلنا ثلاثة أرباع المخرجين.

قال بدهشة: احتفظت بالربع. أنت كثير التفاؤل.

لماذا؟

أجاب: لأن امتلاك ثقافة شيء والقدرة على الحكي شيء آخر.

هسبريس المغربية في

01.03.2015

 
 

"الوجود والعودة" .. وثائقيات ولكن

د. أمل الجمل – فرنسا

بعد أن كان الوثائقي يخضع لشروط جامدة متعسفة، تتعلق بتوظيف الصورة وأسلوب التصوير والمعالجة الفنية، شهد نقلة نكاد نصفها بالثورية بعد أن امتدت إليه الأيدي بالتجريب والتحريك بشكل أفاده ومنحه ثراءً وزخما يجعلنا، في بعض الأحيان، نفضل أن نطلق عليه اسم الفيلم العابر للنوعية، إذ لم يعد دوره يقتصر على تصوير الوثيقة أو الاستناد إليها لتجسيد الحياة بمشاكلها وإدانة الفاسدون وكشف خديعة الضحايا، ولكنه بالإضافة إلى ذلك أصبح، في أحيان أخرى، يقتنص تيمة أو قضية أو شخصية لها علاقة بفكرة أو مأزق سياسي أو اجتماعي أو أخلاقي، ثم يسعى مخرجه إلى البحث عن معادل بصري يتغلب به على استحالة تصوير المواد البصرية الحقيقية الواقعية لأسباب سياسية رقابية أو اجتماعية، لذلك صار قطاع ليس بالقليل يلجأ إلى صور ليس لها علاقة مباشرة بالفيلم، قد تكون مقتبسة من الواقع أو متخيلة، ولكنها بالأساس تحمل رموزاً بلاغية تحيل المتلقي إلى صورة استعارية متعددة القراءات لموضوع الشريط الوثائقي، وهى أحياناً أيضاً لا تخلو من اللغة الشعرية، وتكاد تكون مزيجاً من الواقعية والانطباعية
المقدمة السابقة خطرت لكاتبة هذه السطور وهى تتابع وتتأمل الأفلام القصيرة بأنواعها وأطيافها ضمن مهرجان كليرمون فيران للفيلم القصير السابع والثلاثين بفرنسا، والذي يُعدّ أعرق وأهم مهرجانات الفيلم القصير في العالم أجمع، إذ كان من اللافت قدرة عدد من المخرجين على تناول موضوعات شائكة حميمة، موضوعات تسرد تجارب شخصية تتعلق بالجسد، بالمحرم، والأهم هو قدرتهم على تقديمها في صبغة وثائقية بعد أن عثروا لها على معادل بصري إبداعي لا ينقصه الجانب الجمالي، إضافة إلى بلاغته الدلالية، مثلما يتضح بقوة مع فيلمي "بيننا" و"سبع مرات" والاثنين عرضا في مسابقة أفلام المختبر التي تضمنت 34 فيلما قصيراً، وفيها نجح الفيلم الأخير في أن يقتنص الجائزة الكبرى. أما هنا فنقدم قراءة لثلاثة أفلام أخرى تتعلق بأمور الحرب والقلق من مستقبل الإبداع، أحدهم وثائقي تحريكي، والاثنين الآخرين تم تصنيفهما على أنهما وثائقي تجريبي

سالرس.. وخراب الحرب

فيلم "سالرس"، وثائقي تجريبي، مدته 9 ق، إنتاج الأرجنتين، 2014، للمخرج فرناندو دومنجز، عرض بأفلام المسابقة الرسمية الدولية التي تضمنت 77 فيلماً، وحصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم الدولية. والفيلم نموذج لمحاولة التجريب في المكونات البصرية المتاحة. إذ يعتمد بصرياً على شريط نيجاتيف، قديم جدا، يشبه شريط السلولويد الأصفر قليلا، وفيه يبدأ المخرج فيلمه من طريق ممتد والكاميرا تبدو وكأنها موضوعة في قطار يُسافر في الزمن ليعيد حكي قصته عن الحرب، بينما الطيور تهج خوفاً وفزعاً أعلى مبنى عتيق. على تلك الصور يبدأ المخرج شريط الصوت أيضاً قائلاً بصوته: كنت هناك أثناء الاحتلال، كانت الحرب والاحتلال. كنت في سالرس. إنها مدينة قاتمة وسط الجبل، مدينة صغيرة مغلقة على نفسها، العشاق يذهبون إلى هناك ليُقسموا لبعضهم بالحب الأبدي. أتذكر التفاصيل؛ الأبواب، جرس البرج، والميدان. أتذكر كيف قفزت المقاومة على كل الكباري، القطار كان يتنقل من كبري محطم إلى كوبري آخر. وبينما كنت أسير هناك أحاطت بي امرأة مجنونة، كانت تحمل اسماً مستعاراً. قالوا أنها اعتادت أن ترسل خطابات إلى فرانكو وموسوليني وهتلر. كتبت تقول: "جنرال فرانكو؛ الشعب الإسباني شعب طيب ويعمل بجد، فلماذا تطرده من وطنه؟! سيد موسوليني؛ لو جئت إلى سالرس فلن أفتح لك الباب." 

مرت سنوات وذات يوم عدت إلى سالرس. هكذا يستأنف المخرج حكيه الحميمي. لم تتغير المدينة. ذات يوم أحاط بي رجل مجنون. ماذا لو كان ما نعيشه ابتكار خلقته أرواحنا الخاصة؟! أليس هناك أشياء لا نستطيع رؤيتها؟ ما العلاقة بين هذا الرجل المجنون وبين المرأة صاحبة الاسم المستعار؟ أعلم أن المرأة ماتت في مصحة عقلية، ورغم أن الحرب انتهت لكنها ظلت تكتب خطاباتها المعتادة.  

ينتهي الفيلم من حيث بدأ شريط الصوت؛ "كنت هنا أثناء الاحتلال، أحاطت بي امرأة مجنونة اسمها..." لكن الأمر يختلف بصرياً إذ تتحرك الكاميرا باتجاه بوابة ضخمة لحائط مرتفع كأنه مصور بشريط سينمائي عتيق، يكسوه لون يميل للاصفرار، وذلك بعد اعتماده في أغلب الفيلم على تصوير المباني القديمة العتيقة وأحيانا تظهر أناس تتحرك وكأنها أشباح بشر، في إبداع بصري معبر عن خراب الحرب وموت المدن تحت وطأة قنابلها ورصاصها وتلوثها بالدماء. أما الموسيقى فكانت عبارة عن مزيج من رنين أجراس الكنيسة، أو حيوانات تزأر، أو صوت عصافير، أو ترديد الصدى، وأحياناً صوت غراب يزعق من بعيد، إلى جانب أصوات أوراق الشجر، أو صوت احتكاك الحديد

الجدة فيسنتا

على العكس من الشريط السابق يأتي فيلم "فيسنتا"، تحريك وثائقي، مدته 6 دقائق، إنتاج الإكوادور، إحدى دول أمريكا اللاتينية، 2014، إخراج كارلا فالنسيا، وعرض أيضاً ضمن المسابقة الدولية. اسم الفيلم مقتبس من اسم المرأة بطلته التي كانت فلاحة مهاجرة، ماتت أمها أثناء ولادتها في بوليفيا. قامت جدتها بتربيتها، بعد عدة سنوات اضطرت أن تعمل غسالة لتعيش. ذات يوم وقعت في الحب، فتزوجت، وأصبح لديها طفل. في سن الثالثة والعشرين شاهدت البحر للمرة الأولى عندما قررت الهجرة. بالعمل وبمساعدة ابنها نجحت في تأسيس نفسها وبناء عمل خاص بها. وذات يوم أصبح ابنها مقاتل سياسي يدعم سلفادور ألليندي حتى النصر في تشيلي 1970. عندما اندلع الخراب والقتل عام 1973، عقب انقلاب الديكتاتور بينوشيه المدعوم من أمريكا ضد ألليندي، نُهب بيتها وأخذ الجنود الكتب والصور والوثائق قبل أن يأخذوا الابن هو أيضاً الذي اختفى للأبد، ولم تعرف عنه الأم أي شيء، حتى بعد أن طرقت كل الأبواب، الى أن سمعت في الراديو في أحد الأيام عن خبر موته في معسكر للاعتقال

ماتت فيسنتا من دون أن تعلم أنه بعد 17 سنة لاحقة تم العثور على جسد ابنها في مقبرة جماعية بجوار 20 من رفاقه. "كانت فيسنتا امرأة لا تعرف القراءة والكتابة، كبرت وعملت وقامت بالبناء، لذلك نستطيع الآن أن نمشي على الأرض التي خطت بقدميها من فوقها، فيسنتا كانت جدتي العظيمة، من 1894 - 1976". هكذا تختتم المخرجة شريطها الغني بالرسوم المتحركة، والذي أهدته لكل النساء المجهولات اللائي يمثلن الأغلبية والذين ساروا معها

الفيلم بسيط في فكرته ومحتواه لكنه مصمم بطريقة فنية رقيقة، استخدمت المخرجة الموسيقى الوترية تعبيراً عن الحزن، ولجأت للجيتار عند حديثها عن رحلة شقاء الجدة وهجرتها، وسعت لتقديم صور معبرة غير معقدة، وإن كان هذا العمل يطرح تساؤلاً عن أسباب اللجوء للتحريك وليس الأرشيف وعدم الاستعانة بصور الجدة الحقيقية خصوصاً أن موضوعه لا تواجهه عقبات رقابية، لكن في النهاية المعالجة الفنية هي خيار إبداعي لصاحب العمل

الوجود والعودة

"الوجود والعودة" هو عنوان الفيلم الأسباني، 13 دقيقة ونصف الدقيقة، تجريبي وثائقي، للمخرج زاشيو بانو، إنتاج 2014، والذي حصد جائزة كانال بلاس في مسابقة المختبر، كما حصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم

هنا، في هذا العمل، يتخذ المخرج من والديه حقلاً لتجاربه السينمائية، وإن كان لا يخلو من حس كوميدي ظريف يتولد من الأبوين الذين يشعران أن ابنهما غير قادر على تحديد هدفه، فيلومانه أحياناً، أو يسخران منه، وينصحانه بضرورة تحديد هدفه من التصوير، ففي بعض الأحيان نرى والده المسن في الغابة يقول؛ أنا هنا ونسيت أن أتناول الطعام، ثم يتأمل وضع الغابة ومكوناتها، وينصح ابنه بتصويرها بدلا من تصويره هو. وفي لقطات أخرى يصور الابن والدته وهى تمارس أعمالها مع المواشي وتحديداً وهى تُطعم البقر وكيف تعامله

يوحي الابن، بمكر شديد، لوالديه أنه لم يحدد هدفه. بينما في الحقيقة يريد أن يستفزهما فيعبرا عن مشاعرهما التي قد تكون طازجة وبريئة وصادقة من فرط تلقائيتها. ولذا عندما تنخدع الأم وتصدق أنه غير قادر على إيجاد موضوع للتصوير تلومه قائلة: "تأمل عيون والدك، هذا شيء محزن أنك لا تعرف ماذا تفعل." وفي مشاهد أخرى نراهما يستعدان لتصوير عمل روائي به بعض الارتجال، فالأم تقرأ سيناريو روائي، ثم نسمعه من خارج الكادر يقول لها: "لقد أصبحت أرملة.. فكيف سوف تتصرفين؟" الأم ترد في حيرة: "وماذا؟" فيرد الزوج: "يجب أن تبحثي عن واحد." عندئذ تسأله في دهشة: "أي واحد؟!" يجيب: رجل، حبيب، زوج.." ثم ينفجر الضحك في المكان.

يواصل الابن تسجيل لقطات متفرقة، ونتف متباينة تجريبية لوالديه، بعضها يتضمن دعوات وصلوات الأم، وقراءاتها في كتاب التعازي، وعلى شريط الصوت يأتينا صوت البكاء والدموع، ثم نراها تنشر الغسيل، وفي مرات يستيقظون، وفي حين آخر يطلب الأب المسن من ابنه أن ينظر إلى الغابة الجميلة بينما الابن يطلب منه أن يبقى ساكنا لتصويره. ثم يأتي الجزء الأخير من الفيلم معنوناً بـ "أن تكون" وفيه تتحدث الأم عن اختفاء السينما، وأن عمل ابنها في هذا المجال يسبب لها قلقاً لأنه يبدو لها وكأنه من دون مستقبل، وتعلنها صراحة أنها تشفق عليه فالناس تذهب لأماكن أخرى بديلة، لم يعد الناس يذهبون إلى السينما، إنهم يتسكعون، يذهبون للنوادي وليس إلى السينما

هنا يختتم المخرج الابن شريطه السينمائي بلقطات للسقف المتهدم، ثم بلقطة ضبابية له حيث تنعكس صورته غير الواضحة في المرآة وهو يجلس خلف الكاميرا تعبيرا عن مستقبله الضبابي.

ميدان الحرية: "المجد للأبطال"

محمد موسى

صَوب المُخرج الأوكراني سيرغي لوزنيتسا  في جديده التسجيلي "ميدان"، عدسته على ساحة الحرية  في العاصمة الأوكرانية كييف ولفترة تقارب العام الكامل (2014-2013). وهو العام الذي شهد في بدايته، انطلاق الاحتجاجات على الحكم المدعوم من روسيا، و بلغ في منتصفه ذروة العنف، بتصادم المتظاهرين مع السلطات، ثم تفكك الحكم الديكتاتوري في نهايته.  من مشهد إلى آخر، ستنتقل الكاميرا لتصوِّر الميدان من زوايا ومواقع مُختلفة، في مساعي للقبض على نبض المكان الخاص في تلك الأزمان التاريخية المفصلية، ولتسجل بأسلوب غير مألوف يوميات سكانه الجدد. الكاميرا تلك، ستكون ساكنة تماماً في كل واحد من تلك المشاهد الطويلة القليلة التي تشكل عماد الفيلم، وكأن ما يجري في الواقع يتطلب تأملاً خاصاً لنا كمتفرجين، فيما تنسحب الذات الفنيّة للمخرج إلى الخلفية فاسحة المجال للأبطال الحقيقين، والذين يظهرون في الإطارات المُتعددة التنويعات للفيلم، من المشهديات الواسعة، إلى أخرى حميمية، التقطها المُخرج من حماس المكان، الذي بدا وكأنه على فوهة بركان ينتظر الانفجار.

لا يُشبه  فيلم "ميدان" للمخرج أي فيلم تسجيلي آخر من السنوات الأخيرة، كما يُدير العمل ظهره بالكامل لجميع الأساليب التقليدية الشائعة التي أدخلها التلفزيون في نسيج السينما التسجيلية وفرضها شعوريا  أو لاشعوريا على كثير من المخرجين. فالفيلم هو استجابة  مُبدعة حقا ومخالفة  للسائد من المخرج لحدث مُزلزل في تاريخ بلده. لا حوارات في الفيلم أو انتقالات عشوائية أو توليف غير ضروري، بل مشاهد مُبهرة في صورها وجرأتها، متسلسلة في ترتيبها الزمني، مع شروحات قليلة جداً، تقود المشاهد عبر بعض الأحداث المفصلية من عام الثورة الأوكرانية. في كل ذلك، يتصدر المتظاهرون الشاشة، فالفيلم عنهم وإليهم. هو ما يُشبه المرآة لبطولتهم وتحية  إلى إيمانهم بحريتهم. حتى إن الشعار الذي طالما رددوه في هتافاتهم في الفيلم: "المجد للأبطال"، يصفهم هم أكثر من أي أبطالاً آخرين من تاريخ البلد، القديم أو الحديث.

يقترب كل مشهد من المشاهد الطويلة التي تؤلف الفيلم من العمل التشكيليّ الحديث، حتى إن الفيلم نفسه يحتاج إلى فضاء عرض مُبتكر، فتراه يلائم صالات السينما وغرف متاحف فنيّة مُظلمة أكثر من الشاشات التلفزيونية الصغيرة. هو يشبه الأفلام القصيرة أو الطويلة التي تندرج في فئة الفن المعاصر، بتضمنها لعناصر تتطلب تقاليد مشاهدة وتوقعات مُختلفة. كما أن الفيلم الطويل في زمنه  (146 دقيقة) يراهن على الآثار التراكمية النفسية لصوره، والتي تشترط التسليم لروحه وخياره البنائي الخاص والفريد.

تُفسح المشاهد الطويلة، الفرصة للتمعُّن في أبعاد وتفاصيل الصور التي يقدمها الفيلم، والتركيز في ما تظهره، كالمشهد الطويل الأول، الذي صور من ارتفاع، جمعاً لمتظاهرين في الميدان. ربما كانت زواية الكاميرا، أو جهل المتظاهرين بوجود هذه الأخيرة، اللذان جعلا المشهد الافتتاحي ذاك، يبدو وكأنه لوحة فنيّة كبيرة في متحف، فسكون الكاميرا في المشهد الذي قابله حركة قليلة للمتظاهرين المحصورين في بقعة جغرافية ضيقة، حولّا المشهد إلى ما يشبه الصورة الفوتوغرافية الواسعة الغنية التفاصيل أو لوحة أوروبية من القرن السابع عشر، ليغدو التحديق في شاغليها مُتعة خاصة غير مُكتشفة في أعمال سابقة.  كذلك يُسهِّل التوليف البطيء المتأني للفيلم، لبعض من الدينامية التي ضمّها المكان وشاغليه من التسلل إلى الشاشة، وعبر التوليف يمكن التحديق بتمهل في أبطال المشهد، ومراقبة أفعالهم، والتمعُّن في وجوهم، وهو الأمر الذي يبدو أنه شغل المخرج في مشروعه التسجيلي، أي التعرف على هؤلاء الناس الذين تركوا أمان ودفء بيوتهم وتوجهّوا للميدان. من يكونوا، وكيف يقطعون ضجر الوقت بين الأحداث الكبيرة، وعلاقتهم ببعضهم وبالمكان؟

تُبعد المُعالجة الفنيّة الخاصة الفيلم عن الخطابات السياسية المُقحمة أوالمُتلاعبة.

صحيح أن المُخرج نفسه هو من اختار تلك المُعالجة والمشاهد الأساسية للفيلم، إلا أن ما جرى في هذه الأخيرة وصل بدون تحريف إلى الشاشة، وهذا ما يمنح الفيلم طزاجة خاصة، فالصور تعوض هنا حقاً عن عشرات الكلمات. فلأجل لمس مدى تعاضد الثوار، علينا التمعن في تلك المشاهد العادية  في أجواءها ، لنساء ورجال كانوا يعدون شطائر للمتظاهرين، والهمة والعزيمة الواضحة على محياهم

 كما تُوفر المشاهد التي تظهر وصول بشر من أعمار مُختلفة إلى الميدان، صورة عن التنوع في صفوف هؤلاء. وعندما يبدأ الفصل القاتم من العنف، تنقل مشاهد في الفيلم، أجواء المعارك الخلفية، والوحدة والاستبسال الذين بديا على المتظاهرين العزل من أي أسلحة، والذين واجهوا قوات عسكرية مُسلحة

يعود المُخرج الأوكراني سيرغي لوزنيتسا بفيلمه  "ميدان"، إلى السينما التسجيلية  والتي كان تركها لبضعة سنوات من أجل السينما الروائية.  لكن فيلمه التسجيلي هذا، لا يختلف كثيراً بنفسَه الجدليّ وجرأته الفنيّة ومراهنته على السرد البطيء القاتم، عن عمليه الروائيين السابقين ("في الضباب" من عام 2012 عن قصة من الحرب العالمية الثانية، و "فرحي" من عام 2010 عن سائق شاحنة يقطع الطريق في ليل أوكراني). يستلهم المُخرج في "ميدان" روح كلاسيكات السينما التسجيلية من عصرها الصامت، لكنه، وعوضاً عن الموسيقى في تلك الأعمال، ينقل صوت "الميدان" وما يجري فيه، ليكون شريط الصوت في فيلمه، والذي يتعاظم تأثيره النفسي، مع اقترابه من نهايته، عندها تبدو الثورة الأوكرانية وكأنها تختزل ثورات العالم، ومن نراهم على الشاشة في الافتتاحية، لن يعودوا مع خاتمة الفيلم غريبين يتكلمون لغة أجنبية، بل رفاق درب إنساني واحد.

الجزيرة الوثائقية في

01.03.2015

 
 

الوثائقي «أم كلثوم… صوت يُشبه مصر»: مرثية طويلة لعصر النهضة المصرية

محمد عبد الرحيم

القاهرة ـ «القدس العربي»: واكب الفيلم الوثائقي «أم كلثوم.. صوت يُشبه مصر» لمخرجته الأمريكية ميشال غولدمان» الذكرى الأربعين لوفاة أم كلثوم (31 ديسمبر/كانون الأول 1898 ــ 3 فبراير/شباط 1975). 

ورغم أن إنتاج الفيلم يعود لعام 1996 ــ 67 دقيقة ــ إلا أنه يُعرض جماهيرياً للمرّة الأولى في مصر، ضمن مهرجان «جاز وأفلام» في دورته الأولى، الذي يحاول أن يجمع بين موسيقى الجاز والفيلم السينمائي، كما أشار مدير المهرجان الناقد والمخرج صلاح هاشم، والذي أقيم في سينما نادي الجزويت في القاهرة. كتبت سيناريو الفيلم الباحثة الأمريكية فيرجينيا دانلسون، المتخصصة في موسيقى تراث الشعوب، وهو عن كتاب لها يحمل اسم الفيلم نفسه، تتبعت فيه صعود أم كلثوم ووصولها إلى العالمية. شارك من مصر كل من مدير التصوير كمال عبد العزيز، وشاركت شركة مصر العالمية بتقديم الصور واللقطات الأرشيفية، إضافة إلى تنفيذ العمليات الإنتاجية للفيلم.

الفيلم حاز العديد من الجوائز، أهمها جائزة أفضل فيلم تسجيلي قصير في مهرجان شيكاغو الدولي عام 1997.

كثير من الأفلام التي تناولت أم كلثوم، سواء كانت أعمالا روائية أو وثائقية، أو دراما تلفزيونية، إلا أن الفيلم هنا تجاوز مرحلة التوثيق بخلقه حالة درامية يسعى إليها كل عمل فني جاد. حالة مجتمع، وحالة نهضة، وحالة وعي. امرأة تأتي من ريف مصر، تشبه الكثيرات من بنات الريف، وتصبح رمزاً يلتف حوله الجميع.

أشار الفيلم إلى نهضة نسائية في بدايات القرن الفائت، صحافيات وممثلات وسياسيات، ولكن السؤال يظل في أيهن كان لها التأثير الأكبر في حياة الناس؟! حتى الآن نستمع لأغنيات أم كلثوم ونرددها بيننا وبين أنفسنا، نسمعها في المواصلات العامة، والمقاهي الشعبية، والموالد، ومقاهي الصفوة وجلساتهم، وأصوات شابة تتحسس خطواتها في عالم الغناء تترنم بأغنيات الست أم كلثوم. تغيّرت البنى الاجتماعية من الأربعينات والعهد الملكي، ثم حركة يوليو 1952، وهزيمة 1967، وأكتوبر 1973.

المحطات التاريخية للأسف علاماتها تبدو من بعيد كحوادث سياسية في المقام الأول، لكن صوت أم كلثوم لم يغب عنها ولو للحظة. فمسيرتها تشبه بالفعل مسيرة المجتمع المصري، محاولات نهوضه ووعيه، وصولاً إلى حفلتها الأخيرة وقد خانها صوتها على المسرح للمرّة الأولى، فلم نسمع منها سوى حشرجة الاختناق بالبكاء. ها هو عهد ينقضي، وزمن أمامها يمضي بلا رجعة، وهو زمننا نحن. لحظة الانهيار هذه جسّدها اختناق صوت «الست»، لحظة تفاقمت تبعاتها حتى الآن، في عقد مقارنة بسيطة بين وجوه المصريين وضحكاتهم وسماتهم التي تبدّلت للأسف إلى غير رجعة. عصر مضى بأحلامه وتفاصيله وأوهامه، وحاضر خانق لا يُحتمل. 

«الست» أنهت حياة صاخبة في وقفتها الأخيرة على المسرح، كحياة المصريين، وماتت بالفعل في هذه اللحظة، بخلاف موت جسدها في النهاية. هذه هي الحالة التي خلقها الفيلم، وشعر بها المُشاهِد من دون مواربة، أو تزييف.

إيقاع السرد

اعتمدت المخرجة على عدة أصوات سردية في الفيلم … بداية من صوت الرواي، الذي أداه الفنان عمر الشريف، وهو نص يحمل سمات اللغة الشعرية، ساعد إلقاء عمر الشريف له بجعله يقترب من حالة الشعر، عن حياة أم كلثوم ورحلتها من إحدى قرى شمال مصر، ووصولها القاهرة، وارتباطها بالطبقة الأرستقراطية وقتها، وفئة المثقفين الذين ساعدوها، لما وجدوا في صوتها أنه أحد أهم مظاهر التعبير عن مصر، في وقت الاحتلال الأجنبي، فكان الاعتزاز بكل ما هو مصري وله قيمة. 

إضافة إلى ما فعلته من خلال عدة ملحنين، بداية بالشيخ أبو العلا محمد، ووصولاً إلى تعاونها مع محمد عبد الوهاب في بداية ستينات القرن الفائت. بخلاف التعليق جاءت الأغنيات ومراحلها التاريخية والاجتماعية، ومظاهر التجديد في الموسيقى العربية من خلال صوتها، الذي أصبح عنواناً للأغنية العربية في العالم.

ومن ناحية أخرى جاءت الصور الفوتوغرافية لأم كلثوم وحفلاتها، خاصة التي أقامتها بعد 1967 وهو ما عُرف بحفلات دعم المجهود الحربي، وزيارتها للدول العربية والعالم، على رأسها تونس واستقبال بورقيبة وزوجته لها، وباريس والاحتفاء اللافت الذي لاقته من الجاليات العربية هناك، والعديد من الفرنسيين أنفسهم. وأخيراً عدة شهادات من الذين اقتربوا منها أو تناولوا موسيقاها بالعزف والتحليل منهم، سليم سحاب والمؤرخ الموسيقي عبد الحميد توفيق زكي وشخصيات أخرى كسعد الدين وهبة، الذي يذكر موقفها عند محاصرة الجيش للقصر الملكي في الإسكندرية، قبل خروج فاروق، وموقفها وقت موت عبد الناصر، وقد انزوت في حجرة صغيرة في بيتها لعدة أسابيع، وهنا يتم عقد مقارنة ما.. بين رجل سياسي اختلفت حول أفعاله الآراء ــ حتى الآن ــ ومطربة جسدت بوجودها وصوتها حالة مجتمع بالكامل، صار الاختلاف على فنها وما قدمته للأغنية العربية ولمصر خاصة، محل جدل غير ملحوظ. فأي زعامة، وأي منهما كان له التأثير الأكبر في نفوس الناس؟ ليس الآن فقط، ولكن بعد الكثير من السنوات الآتية؟

كما جاءت ضمن ضيوف الفيلم كاتبة السيناريو، ومؤلفة كتاب «أم كلثوم/صوت يُشبه مصر» فيرجينيا دانلسون، لتتحدث عن بحثها وما اكتشفته من ارتباط صوت أم كلثوم وموسيقاها بالمجتمع المصري، حتى أنها تجري حواراً مع أحد عازفي فرقة أم كلثوم، الذي تحدث عن تجربته في أغنية «أنت عمري» وأن جميع العازفين كانوا يحفظون اللحن، من دون نوته موسيقية، يبدأ كل منهم في التعامل بأذنه ثم يضيف من موهبته وروحه، من دون التقيّد التام باللحن، هكذا كان يرى عبد الوهاب، وهكذا غنّت أم كلثوم.

ومن الشخصيات الأخرى التي أضافت تفسيرات اجتماعية على ظاهرة «الست» كل من المفكر محمد عودة، الذي يرى أن صوت أم كلثوم لا يقتصر على منطقة بعينها من مناطق مصر، فهو يجمع ما بين الريف والقاهرة والصعيد، فهو الأكثر والأجدر تعبيراً عن الروح المصرية. كذلك المؤرخ والصحافي صلاح عيسى، والمخرج توفيق صالح، ونجيب محفوظ، الذي أشار إلى تأثير أم كلثوم على مزاج وروح الشخصية المصرية، قاصداً الناس العاديين. 

وهنا تتجول الكاميرا في الشوارع والمقاهي ووسائل المواصلات في القاهرة، وتتوقف أمام أحدهم ليتذكر قصة حبه التي ارتبطت بأغنية معينة لأم كلثوم «أنت عمري» كانت تذاع للمرّة الأولى، لم يزل الرجل يتذكّر، ولم تزل الأغنية تتردد على لسانه. وفي لقطات ذكية جداً ــ مصنوعة بالتأكيد ــ يجلس بواب إحدى العمارات وبجواره راديو يُذيع أغنية لأم كلثوم، ويصعد أسانسير البناية ليمر بالعديد من الشقق، فيتعدد شريط الصوت المُصاحب للصورة بتداخل أصوات وأغنيات موسيقية مختلفة، أغلبها غربي، حتى يصل الأسانسير ويتوقف أما إحدى الشقق ليتسرب منها صوت أم كلثوم في أغنية أخرى من أغنياتها.

الجنازة والختام

لم يفلت الفيلم من عقد مقارنة بين جنازتي عبد الناصر وأم كلثوم، تكاد الوجوه والأعداد تتشابه، هنا جنازة عسكرية وهناك جنازة شعبية لم تحدث لأحد من قبل، الجميع يرفع صورها، والشوارع التي أغلقها زحف البشر من كل اتجاه، وجوه تبكي تاريخها الخاص وذكرياتها التي ارتبطت بصوت «الست»، هذا الصوت الذي شك الجميع في أن تأتي لحظة ويتوقف، وجوه مندهشة غير مُصدقة لما حدث، وبالتأكيد لم تكن لتصدق ما سيحدث بعد ذلك في حياتها، من تغيّر تام لطبيعة وإيقاع هذه الحياة، حالة اغتراب تأكدت ــ هكذا يوحي الفيلم ــ بعد صمت أم كلثوم، ربما فارق الصوت وجوده في لحظة اختارها ــ هنا يصبح الخيال والتأويل هو المُفسّر للحدث ــ تاركاً الذكرى وحدها، كحالة من قداسة لن تُمَس، فقط الذكرى.. ربما تنفع.

وحتى لا يصل الأمر للحظة انفجار نتيجة هذا الشحن العاطفي المتواصل، تختتم المخرجة ميشال غولدمان الفيلم بأغنية «غني لي شوي شوي» من فيلم «سلامة» عام 1944 لتبدو أم كلثوم في حالة قصوى من شباب الصوت والجسد، وأغنية مرحة مُبهجة تتغنى بها، باسمة في وجه الجمهور، مؤكدة في النهاية بأن .. «المغنى حياة الروح».

القدس العربي اللندنية في

01.03.2015

 
 

نديم جرجوره يكتب:

عن سينما وثائقية لبنانية جديدة.. أو عندما يُصبح الذاتيّ مدخلاً لقراءة العام بصرياً

من يتابع الحراك السينمائي اللبناني على مستوى صناعة الأفلام الوثائقية، في الأعوام الخمسة الفائتة على الأقلّ، يكتشف أموراً عديدة تصلح لنقاش نقدي ينطلق من المفهوم الحديث للفيلم الوثائقي، ويكاد لا ينتهي عند المواضيع المختارة وآليات معالجاتها الدرامية والفنية والجمالية. ذلك أن التحوّل من اللغة التلفزيونية إلى ابتكار أنماط بصرية أقرب إلى السينما ومفرداتها الفنية، يجعل الفيلم الوثائقي نتاجاً إبداعياً تتكامل فيه الأدوات كلّها الخاصّة بالاشتغال السينمائي. أي ان الخروج من حقبة التحقيقات التلفزيونية إلى بنى فنية تمزج الروائي بالتسجيلي، وتضع الواقعيّ في تناغم عميق مع المتخيّل، يؤدّي إلى جعل الصورة مرادفاً لإبداع الحكاية المنوي سردها على ألسنة شخصيات حقيقية، أو عبر مزج التخييليّ  بالوقائع والتفاصيل الحسّية.

سينمائيون لبنانيون شباب يُطلقون نهجاً وثائقياً لبنانياً جديداً في مقاربة أحوال بلد وناس ومجتمعات محلية، وفي قراءة قصص ذاتية أيضاً. يستلّون مواضيعهم المتنوّعة من حكايات أقارب لهم (أب، أم، عمّ، جدّ، وغيرهم) كي يستعيدوا ذكريات فردية مُضافة إلى ذاكرة جماعية تبوح ببعض المخفيّ، وتقول شيئاً من المبطّن أو المتداول شفهياً. الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990) أساسية في مقارباتهم السينمائية تلك الذكريات وهذه الذاكرة، لكن الحميميّ لا يتنحّى كلّياً لمصلحة العام، لأنه جزءٌ فعّال من الحكاية الفيلمية برمّتها. التاريخ اللبناني القديم حاضرٌ بدوره هنا وهناك، لكن التواصل معه سينمائياً ـ وثائقياً ينبني على مرويات أهل إما عاشوا فصولاً منه فكانوا شهوداً عليه، أو حفظوا أحداثاً وحكايات منه وعنه عبر التواتر الشفهيّ فكانوا حافظين له من اندثار أو تغييب. يأتون بهذه النتف المتناثرة في أروقة الوعي أو في دفاتر الزمن أو في المرويّ شفهياً، ويضعونه في قوالب سينمائية يرغبون في اختبار أشكالها للتعبير البصريّ عما يريدون قوله. أما الشخصية الرئيسية (أحد أقارب المخرج ـ المؤلّف) فتُشكّل خيطاً جوهرياً في البناء الفيلمي، بسردها ما يجول في خاطرها من مسائل ومشاعر وتفاصيل، وبمواكبة الكاميرا لها كمن يرافق أزمنة وتواريخ، أو كمن يستمدّ قوة من براعة الشخصية هذه في مواجهة التحدّيات المختلفة.

سينمائيون لبنانيون عديدون يُطالبون أقاربهم بالدخول في عوالمهم السينمائية بحثاً عن/ في محطات غير موثّقة بعد، أو عن قصص غير مكتوبة بعد، أو عن مسائل معروفة عبر “الروايات الرسمية” فقط، لكن المخفيّ فيها غير معروف أو غير متداول بشكل واسع. من ناحية أخرى، يحاول هؤلاء السينمائيون أن يجعلوا من شخصياتهم ـ أقاربهم مداخل إنسانية إلى ماضٍ مليء بجراح لم تندمل، وإلى تاريخ محشو بخداع يُراد منه التغطية على حقائق أو وقائع، فإذا بهؤلاء الأقارب ـ الذين يشاهدون ويُعايشون ويعرفون ـ يُصبحون أشبه بمنارات تلتقي فيها وعندها أشياء عديدة من مرويات لم تعد منسية بفضل هذه الأفلام الوثائقية.

من غسان سلهب (1958) إلى سيمون الهبر (“سمعان بالضيعة” و”الحوض الخامس”)، مروراً بداليا فتح الله (كاوبوي بيروت) وزينة صفير (بيروت عالموس) وأحمد غصين (أبي لا يزال شيوعياً، أسرار حميمة للجميع) وديغول عيد (شو صار) ورامي نيحاوي (يامو) وإليان الراهب (هيدا لبنان) وفيليب عرقتنجي (ميراث) وغيرهم، يكتشف المهتمّون بالسينما الوثائقية كم أن الخاص قادرٌ على إعادة كتابة فصول من التاريخ العام، وكم أن الذاتيّ ـ الحميميّ قابلٌ لأن يكون الوعاء البصريّ الأفضل والأهم لأرشفة ماضٍ، ولتأريخ لحظةٍ، ولتوثيق حكاياتٍ وأحداثٍ، ولاختبار مفرداتٍ جديدة للصورة في مقارباتها المتنوّعة أنماط العيش، ومعاني القصص.

الكاتبنديم جرجوره (ناقد سينمائي ـ بيروت)

السفير اللبنانية في

01.03.2015

 
 

نقاد: "مصر قريبة" ليس أوبريت.. وتشبيه"غادة" بفتاة ليل "ضرب كرسي فى الكلوب"

عربي السيد

مليون و200 ألف مشاهدة لـ"مصر قريبة" منذ أن تمّ طرحه على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب".

فكلماته في البداية تدل على احتواء مصر لشعبها بصورة مختلفة عما نراه كل يوم في شوارعها، ولكن الانتقادات التي وجهت له عديدة وكبيرة، وجه بعضها للإخراج، وآخر لأداء النجوم خلال التصوير، والعديد، ورصدت مصر العربية من خلال هذا التقرير أراء بعض النقاد في "الأوبرت، وأداء الفنانين به"..

وقال الناقد الفني طارق الشناوي: في بداية حديثي أحب أنّ أضع النقط على الحروف، فـ"مصر قريبة" ليس أوبريت "ولكنه فيديو كليب في حب مصر فقط، لكى نتحدث عن شيء حقيقي.

وتابع الرسالة من الأغنية هي دعوة للسائح أن يعود لمصر مرة أخرى وأنها هي بلد الأمن والأمان، فبالتالي كان لابدّ من تعدُّد الجنسيات على مستوى العالم، ولم يقتصر على الخليجي فقط، فكان لابد من اتساع الدائرة ونأتي بالعديد من الأشخاص.

وأضاف ضمّ الكليب العديد من الفنانين وأتمنى أن يكون تبرعًا منهم وبدون مقابل، وأن يكون على اقتناع منهم بأن هذا الأمر في صالح مصر.

واستطرد قائلاً أداء الفنانين ليس متواجدًا بقدر ما به من لمحة، و"منير وأنغام" يحصلون على مساحة كبيرة لأنهم يقومون بالغناء أكثر، والباقي عبارة عن مشهد ليس كامل.

ومن جانبها رأت الناقدة ماجدة موريس أنّ أوبرت "مصر قريبة" عمل لطيف وخفيف، في كلماته، وأداء الفنانين، ولكني لي مأخذ عليهم وهو عدم مشاركة فناني العرب بصورة كبيرة به.

وتابعت من يصف غادة عادل بأنّها فتاة ليل خلال الأغنية يريد أن يضرب "كورسي فى الكلوب"، ويجب علينا أن لا نهتم بهذا الأمر، فالحاقدون كثر.

وقالت الناقدة الفنية ناهد صلاح: أنا معترضة على توصيفه بأنّه أوبريت لأنّ الأوبريت حسب ما تعلمنا له مواصفات أخرى فلابد وأن يكون هناك مسرح ودراما وقصة لكن ذلك ليس متوفرًا فيه فهو باختصار أغنية وليس أوبريت ويوجد فرق كبير بينهما.

وأضافت: لكنها أغنية لطيفة جدًا على كل المستويات فالكلمات فيها معنى جميل, واللحن فيه رائع وفيها جمع كبير من النجوم لم يتوافر تقريبًا في أغنيات تتحدث عن مصر قبل ذلك فرغم أن النجوم وافقوا على المشاركة فيها بوازع وطني أن يقدموا أدوارًا صغيرة وكأنهم كومبارس مثل منير وأنغام وغيرهم لكنه وازع رائع منهم فمستوى الأداء التمثيلي للفنانين لطيف جدًا.
وتابعت : وكل الجدل المثار على مواقع التواصل الاجتماعي ليس له أي داعٍ فالأغنية لطيفة عن مصر تدعو لسياحة ولمصر القريبة والطيبة وذلك نداء لطيف في قالب فنى اسمه أغنية.
واستطردت: وإذا اعترض البعض على نظرة غادة عادل بائعة الورد على كوبري قصر النيل فهي نظرة من ممثلة ترغب فيها أن تكون ودودة ولطيفة مع الغريب الذي يزور مصر فأي تأويل آخر لهذه النظرة هجوم مبالغ فيه, ولكن ما رفضته في الأغنية التركيز على السائح الخليجي فقط فكان من الممكن أن تظهر جنسيات ونوعيات مختلفة وليس الخليجيين فقط .

شاهد كليب "مصر قريبة"

https://www.youtube.com/watch?v=hSsuPBUxn3Y

مصر العربية في

01.03.2015

 
 

زوج فاتن حمامة: رحلت ولكنها ساكنة في وجداني

عربي السيد

قال الدكتور محمد عبد الوهاب زوج الفنانة الراحلة فاتن حمامة، إن بداية تعرفه على الفنانة الراحلة كان ضمن الدوائر المصرية المعتادة في المجتمع المصري، سواء في نادى الجزيرة أو في بعض الأفراح، موضحًا أن تولى مهمة الكشف عليها طبيًا ذات مرة، وكانت برفقة منى ذو الفقار، ثم سافرت للندن في صحبة صديق لي لإجراء عملية جراحية دقيقة لها وقابلتها هناك، وكان الطبيب الذى سيجرى الجراحة صديق لي، وتقابلنا في حفل وكانت تتحدث عن المسرح الإنجليزي، وكان هناك صديق مشترك وظللنا نلتقى في ظروف مختلفة حتى تزوجنا، مشيرًا إلى أن ما جمع بينهما، هي الكيمياء المشتركة، معلقًا: فاتن كانت على مستوى رائع من الفكر والثقافة والأنوثة، مما جعلني أميل لها بقوة.

وأشار عبد الوهاب، في لقائه الخاص بالإعلامية لميس الحديدي عبر برنامج "هنا العاصمة" على شاشة "سى بى سى"، والذى تم تصويره من منزل الفنانة الراحلة، أن عمر الزواج أمتد لنحو 37 عاماً ومن قبلها ثلاثة سنوات يصبح إجمالى العلاقة 40 عامًا كاملة، مشيراً إلى أنها كانت بالنسبة له الزوجة والحبيبة والرفيقة والأنيسة، وكانت بها كل المزايا التى تجعلها سيدة القصر، وهى هنا سيدة البيت ويكفى ثقافتها والتى جعلتنى أميل لها وجعلتنى مستعداً لتنمية هذه الثقافة.

وحول كونها فنانة مشهورة وأثر ذلك عليهم قال: "إطلاقاً لم يكن يؤثر، فأنا كنت فى مجالى وهى فى مجالها، بالعكس أنا كنت سعيد جداً باهتمام الناس بها، وكانت هى تقابلهم بمنتهى البساطة والتواضع، مستشهدًا بأحد المواقف قائلاً: "فى ذات مرة نظمت جمعية الأشعة المغربية دعوة لى ونحن نعلم الاتصال بين المغاربة والفرنساويين، وكنت أعتقد أنى سأكون المستحوذ الرئيسى على الاهتمام فى هذه الليلة، ولكن فوجئت بأنها كانت صاحبة الحظ الأوفر فى اجتذاب الحضور لها.

وحول الأفلام التى قدمتها وهى متزوجة منه قال "قدمت الكثير والحقيقة أثناء تقديمها للعمل الفنى كانت تنغمس بشكل كامل فى العمل، ولكن دون أن يطغى هذا على حياتها ودورها كزوجة ومحبة، وكنا ننتناقش كثيراً فى الأدوار وأتذكر أنها كانت حريصة على أداء الأدوار بشكل جيد ففى فيلم "ليلة القبض على فاطمة"، أتت ذات مرة بطباخة بورسعيدية وأخذتها معها للقاهرة حتى تتقن اللهجة ووقتها ثار جدل كبير حول اللهجة التى تحدثت بها، مشيراً إلى أنها طيلة مشوارها الفنى كانت مهتمة وبشدة بالأشياء الصغيرة، فأتذكر أنه فى فيلم "أفواه وأرانب"، كان اسمه الأصلى "الحب الصغير" لكن بعد نقاش فيما بيننا وبعدما قصت لى القصة الحقيقية للفيلم، وهى تكاثر الناس ومطالبهم فى ضوء محدودية الموارد فاقترحنا أن يكون الاسم "أفواه وأرانب"، وأتذكر أنها كانت دقيقة جداً فى رغبتها فى أداء العمل بإتقان فقد جاءها منذ سنوات مشروع لعمل فنى زوجها فيه يعمل فى الدبلوماسية وهى كانت تعمل لاعبة بالية، فقالت لى أنظر "كيف أسير؟" فقلت لها هذا شىء طبيعى بحكم السن فقالت لى، سوف أستعين بأحدهم ليعلمنى كيف من المفترض أن تكون طريقة المشى للاعبة باليه حتى مع تقدم السن.

واوضح كنا نتحدث كثيراً وبعمق فى كثير من الأعمال، وأتذكر أن أشعار أحمد شوقى كانت صعبة فى حفظها فظللنا نرددها سوياً كى تتقنها وإذا عجزنا عن فهم معنى نسأل مختص استعنا به، وهكذا، والميزة فى فاتن حمامة أنها كانت تحب أن تلقى الشعر بأسلوبها الشخصى وبما تشعر، وأعتقد أن هذا ساعدها كثيراً فى أن تكون متميزة فى هذا الجانب.

واكد أن  أهم الأفلام التى يحبها لها هى "دعاء الكروان" و"الحرام" و"أريد حلاً"، لافتًا إلى أنه كان سعيداً عندما قال رئيس جامعة بيروت فى حفل تكريمها فى الكلمة التى ألقاها، أنكِ كنتِ سبباً فى استخدام لفظ "خلع" واسهمتى فيه و"أمبراطورية ميم"، من أهم الأعمال التى كنت أحبها فقد أبهرتنى طريقة نقشاها.

وقال إن الفنانة فاتن حمامة الإنسانة السمة الغالبة فيها هى "التواضع الجم"، وأتذكر أن بناتى قالوا لى كيف تكون الفنانة فاتن حمامة بهذا التواضع، مضيفًا أن أكثر اللحظات التى مرت بها سعادة خلال الفترة الأخيرة، عندما تحدث الرئيس عدلى منصور عن الفنان الكبير محمد عبد الوهاب، وأنه أعطاه حقه فقد كانت تحبه كثيراً، وأنا أيضاً كنت أحبه كثيرًا، وكانت لنا علاقة به ممتازة وزد على ذلك أنها أعجبت بالحديث التلقائى والعفوى للرئيس عدلى منصور واللغة العربية الرصينة له.

وحول اجتماع الرئيس السيسى وقت أن كان مرشحاً بالفنانيين قال "هذا اللقاء كان مميزاً، وكيف أن الرئيس متواضعاً ويقدر الفن وقيمته، وقال إن أصدقاءهما المميزين والمشتركين كانوا عادة من الأطباء، وأصدقاء نادى الجزيرة، وأعتقد أننى علمتها الصيد وكان لنا أصدقاء كثير من الصيادين منهم فوزى عزيز وسيد مرعى وغيرهما من الأصدقاء.

وحول قولها الدائم، إن الفنان يكون به جزء من الجنون قال: كانت شديدة التواضع، وهادئة فى تصرفاتها، وتحب عمل المنزل رغم انشغالها الدائم. وقال إنها كانت تقول لابد أن يشعر أبناؤنا بنا من خلال توزيع الثروة قبل وفاتنا، مشيراً إلى أنهما لم يشعروا، ولو للحظة باختلاف أبنائهم فقد كنا عائلة كبيرة جداً وأحببنا أحفادنا بشكل أكبر.

 وأضاف، أن بداية التعب الذى ألم بها كان فى عام 93 أثناء مشاهدة مسرحية لعادل إمام، حيث شعرت ببعض الوهن وكذلك شعرت به فى أثناء التمشية فى النادى، ثم أصيبت بالألم الأخير، موضحًا أنه حتى الآن لايستخدم ضمير الغائب فى الحديث عنها، فهى حاضرة وأضع صورتها فى كل مكان، وأفتقدها خاصة فى الصباح عندما كنا نتناول القهوة والشاى معاً.

زينات صدقي .. عذراء الربيع

كرمة أيمن

ميدو مادميدو.. أنا قلبي اليك ميال ومافيش غيرك ع البال.. بتبصلي كدا ليه والمكر جوا عنيك.. مد ايدك خد المفتاح.. يا قاتل يا غادر يا سارق قلوب العذارى".. عندما تقرأ تلك الكلمات تتذكر المشهد الذي جمع بين زينات صدقي وإسماعيل ياسين في فيلم "ابن حميدو".

في هذا الفيلم نتذكر الممثلة زينات صدقي الي تميزت بأدائها الكوميدي، وطريقة ملابسها وخاصة التاج العجيب التي وضعته فوق رأسها.

نحتفل اليوم بذكرى وفاة الـ37 للفنانة زينات صدقي، التي اشتهرت بعدة مقولات اقتبسها جمهورها من مشاهد أفلامها مثل: "يختي جماله حلو يختي شبابه حلو"، "كتاكيتو بنى"، "إنسان الغاب طويل الناب".

زيات صدقي، ولدت بحي الجمرك في مدينة الإسكندرية في 20 مارس 1913، وأطلق عليها والديها اسم "زينب محمد سعد".

عشقت الفن والتمثيل منذ الصغر، وهو ما دفعها للالتحاق بمعهد أنصار التمثيل والخيالة، الذي أسسه الفنان "زكي طليمات" في الإسكندرية، إلا أن والدها منعها من إكمال دراستها بالمعهد.

عقب وفاة والدها، قررت "زينات" أن تشبع موهبتها وحبها للتمثيل، فهربت مع والدتها، وذهبت للعمل في كازينو "بديعة مصابني".

وهناك بدأت "زينات" العمل، لكنها لم تمثل أو تشترك في المسرحيات القصيرة حتى لم تؤدي المنولوجات، لتفاجئنا بوقوفها على خشبة المسرح كراقصة بجوار تحية كاريوكا وسامية جمال.

ظلت "زينات" تعمل كراقصة حتى رآها نجيب الريحاني، ورشحها للعمل معه في الفرقة من خلال دور في مسرحية "الدنيا جرى فيها إيه"، وأطلق عليها اسم "زينات"، واختارت اسم "صدقي" حبًا في صديقتها المقربة خيرية صدقي.

قدمت عدد من الأدوار المسرحية منها "عاوزة أحب" و"الكورة مع بلبل"، ولعل من أشهر الأدوار التي قدمتها دور الخادمة سليطة اللسان، هذا الدور التي فتح لها أبواب الشهرة لنتتقل إلى عالم السينما".

وفي السينما، تعرف ملايين الجمهور منذ أول طله لا على شاشة السينما إلى الآن، فلا أحد يختلف على موهبتها أو أدوارها، وجودها في أي فيلم كان يضفي عليه لمسة ساحرة، ليكون دورها مميز مؤثر في الأحداث.

كان أشهر الأدوار التي قدمها دور العانس، فهي بذلك تحصد لقب "أشهر عانس في السينما"، شاركت في بطولة أكثر من 400 فيلم، ووقفت إلى جانب كبار الفنانين مثل إسماعيل ياسين، عبد الفتاح القصري، يوسف وهبي، عبد الحليم حافظ، أنور وجدي.

من اشهر الأفلام التي قدمتها "أيامنا الحلوة، ابن حميدو، بنات حواء، الأنسة حنفي، ياسمين، الأنسة ماما، دهب، عفريته هانم"، كما شاركت إسماعيل ياسين في سلسلة أفلامه منها "إسماعيل ياسين في الأسطول، إسماعيل ياسين في البوليس، اسماعيل ياسين في مستشفى المجانين".

كان فيلم "بنت اسمها محمود" كان من أخر الأعمال التي قدمتها زينات صدقي في أواخر الستينات لتنقطع علاقتها بالسينما لمدة 16 عامًا.

اضطرت زينات صدقي لبيع أثاث منزلها، لتسدد الضرائب، وقامت بشراء أثاث أخر لكن بثمن أقل.

ظلت بعيدة عن أضواء الجوائز، إلا أنها حازت على تقدير الرؤساء فكرمها الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، كما كرمها الرئيس الراحل "أنور السادات" في العيد الأول للفن عام 1976، وأمر بعمل معاش استثنائي لها.

أصيبت زينات صدقي بماء على الرئة، توفت بعد أسبوع من مرضها، في 3 مارس 1978، وتم دفنها في مقابر كتب عليها "عابر سبيل"، ودعم الجميع أنها دفنت في "مقابر الصدقة".

لكن ابنة شقيقتها أكدت أن هذا المدفن خاص بزينات صدقي، وقد كتب عليه "عابر سبيل" بناء على رغبتها، وكانت تدفن به الفقراء الذين لا يملكون مكانا لدفنهم، ومنهم ممثل مغمور بفرقة الريحاني.

توفت زينات صدقي لكن ما زالت عالقة في القلوب، وتحظى بتقدير المصريين، التي استطاعت بادائها وتمثيلها وأفهتها أن ترسم البهجة على وجوههم.

مصر العربية في

02.03.2015

 
 

7 حقائق لا تعرفها عن «زينات صدقي».. أشهر عانس في السينما المصرية

أنغام عصام

"استر يا رب قميص ده ولا مايوه"، "يختي جماله حلو يختي شبابه حلو"، "كتاكيتو بنى"، "نوم العوافي يا عريس متعافي"، جميعها أيفهات عالقة في أذهاننا وظلت خالدة تذكرنا بخفيفة الظل وأشهر عانس في السينما المصرية، "زينات صدقي".

اليوم تقدم "بوابة التحرير" في ذكرى وفاتها السابعة والثلاثين، سبعة حقائق لا تعرفها عن أشهر عانس في السينما المصرية.

1- قامت الفنانة زينات صدقي بالهروب من منزلها في الإسكندرية بصحبة والدتها بعد وفاة والدها، لرفض عمها عملها في مجال الفن، وسافرت إلى لبنان للعمل مع بديعة مصابني.

2- تزوجت صدقي للمرة الثانية سرًا من أحد رجال ثورة يوليو، وبالرغم من حبها له لم يستمر زواجها طويلًا.

3- قام الرئيس أنور السادات بتكريمها ودعاها لفرح إحدى بناته، وخصص لها معاشًا شهريًا كبيرًا وقتها قدره 100 جنيه.

4- كانت تعاني من مرض "وسواس النظافة" فكان لا يجرؤ أي أحد تناول أدوات طعامها حتى لو أبنائها، فكان لا يقترب منها إلا خادمين فقط كان لهما الحق في لمس هذه الأدوات هما "عثمان" السوداني الذي كان يعمل لديها بالمنزل، و"فلتس" الذي كان يعمل لديها بالمسرح.

5- كان "الكريز" آخر ما أكلته من فاكهة الدنيا، حيث توفت بعد أصابتها بماء على الرئة، ورفضت الذهاب إلى المستشفى للعلاج، وتوفت بعد أسبوع فقط من مرضها.

6- دفنت "صدقي" في مدافن الصدقة" واكتشف بعد ذلك أنه مدفنها الخاص، وكتب علية "عابر سبيل" بناءً علي رغبتها، حيث كانت تدفن به الفقراء الذين لا يملكون مكانًا لدفنهم.

7- اتهمها الدكتور محمد أبو الغار في إحدى المقابلات التليفزيونية، بأنها تعتنق الديانة اليهودية وكانت تنوي رفع دعوى قضائية ضده لكن أدركها الموت.

التحرير المصرية في

02.03.2015

 
 

شريف رمزى: الابتذال عمره مابيعيش

بقلم: انجى سمير

قال الفنان شريف رمزى إن وقوفه أمام الفنان نور الشريف فى فيلم "بتوقيت القاهرة" كان له الأثر الأكبر فى حياته الفنية حيث تعلم منه أكثر مما تعلمه من أى شخص آخر خلال مشواره الفنى.
وأضاف فى حواره "للأهرام المسائي" أنه كان سببا فى ترشيح الفنانين الكبار مثل نور الشريف وميرفت أمين خاصة أنه اقترح على المخرج أمير رمسيس ضرورة وجود نجوم كبار خاصة أن سيناريو الفيلم على مستوى عال، موضحا أن هذا العمل أضاف إلى فكره الفنى مما سيجعل لديه ضوابط فى اختيار أعماله المقبلة.

·        كيف تم ترشيحك لفيلم "بتوقيت القاهرة"؟

الحقيقة أننى كنت أول فنان تم اختياره فى فريق العمل فعندما تعاقدت عليه كانت هناك ترشيحات مختلفة، وحينما قرأت السيناريو تحدثت مع مخرج العمل أمير رمسيس والمنتج بأنه فيلم متميز ولا بد من وجود نجوم كبار ينفذون هذه الشخصيات لأنها مهمة وبالفعل قمنا بالترشيحات واستقر الاختيار على نور الشريف وميرفت أمين ودرة وسمير صبري، وكلهم وافقوا دون تردد خاصة إننى كنت أتمنى العمل مع هؤلاء النجوم وألتقى بهذا الجيل لأنهم قليلون الظهور فهم لم يجدوا أدواراً تليق بهم وهذا العمل أتاح لهم الفرصة أن يوافقوا على عمل قيم ويعتبر بداية انطلاق الجيلين وهذا يثقل جيلنا من الشباب.

·        كيف قمت بالتحضير للشخصية؟

أول شيء اهتممت به هو عمل نيولوك جديد وتطلب منى وقتاً طويلا لأننى كنت أخشى تقديم فكرة ديلر مخدرات، وكنت لا أريد تقديمه بالشكل التقليدى خاصة أنه كان يوجد كثير من الفنانين قدموه من قبل وبالتالى أريد البعد عن ذلك، وبالفعل عقدت جلسات مع صناع العمل والستايلست، واستعنت أيضا بأصدقائى وعائلتى فى التحضير لها من ناحية الملابس والأفعال وطريقة الحديث والإكسسوارات والمكياج، وجلبت أحداً ليرسم لى تاتو وماكيير مختلفاً.

·        هل كان يوجد صعوبات فى تقديم أحداث الفيلم فى يوم واحد؟

كان يوجد صعوبات قليلة فى التمثيل لأننا كنا نهتم بالحفاظ على الأداء والشكل أن يكون متماثلا وأيضا المود يجب أن يتوازن بين اللقطات، وبالتالى تتطلب مذاكرة كثيرة لأنه صور وكأنه مشهد طويل متقطع وبالتالى كانت الصعوبة هنا خاصة وإننى أفضل أفلام اليوم الواحد لأن النهاية المفتوحة توجد جدلاً بين الجمهور وله حرية الاختيار فى النهاية التى يريد وضعها فالعمل يضم حالات إنسانية ومدى تغيرها فى توقيت القاهرة الحالى والتناقضات التى واجهتها. 

·        حدثنى عن تعاملك مع النجم نور الشريف خاصة بعد حصوله على شهادة تقدير؟

نور الشريف حصل على شهادة تقدير على دوره فى الفيلم، وهذا يعتبر شهادة لكل فريق العمل وكنت سعيداً بذلك، وهو بالفعل أستاذى وتعلمت منه أشياء أكثر من أى شخص قابلته فى مجال الفن واستفدت منه كثيرا وتوحدت معه فى كثير من الأفكار خاصة أن معظم مشاهدى معه وهذه الخطوة ستضيف لى الكثير فى حياتى الفنية وسأظل أعتز بها دائما وجائزتى الحقيقية هى جائزة الجمهور وليست المادية.

·        هل هذا الفيلم سيغير من طريقة اختيارك للأعمال المقبلة؟

لا يوجد عمل يغير تفكيرى بقدر أنه يضيف لتفكيرى وأختار حاليا أعمالى بدقة، بعدما مررت بمرحلة الانتشار حيث إننى مقل كثيرا فى أعمالي، وذلك لأنى أختار بعناية وبعتذر عن أفلام كثيرة ولا أوافق إلا على الأعمال الجادة والمتميزة والمختلفة، وغير ذلك أرفضها لأن الفن رسالة يجب الاهتمام بها، وبالتالى أرفض الإسفاف.

·        هل ترى أن اهتمام الجمهور بالأعمال الجادة بسبب الوعى السياسى الذى حدث له؟

الأفلام الجادة ليست ضد الابتذال، ولكن الأفلام الجيدة هى التى بدأت تجذب الجمهور، وأقبل عليها أكثر من المبتذلة التى مل منها وكانت فترة وانتهت و"الابتذال عمره مابيعيش" فأيام الثورة كان لا يوجد أعمال غيرها، وعلى الرغم من ذلك لست ضد الأفلام الشعبية، ولكن يجب تقديمها بشكل محترم خاصة إننى ضد الأفلام العشوائية، وحاليا الجمهور يقبل بشدة على الأفلام جيدة الصنع.

·        أنت مع الرقابة على المصنفات الفنية؟

فى هذه الفترة لابد من وجودها لأننا مازلنا لم نستعد لفكرة الرقابة الذاتية، وعندما تلغى ستواجهنا كثير من المشكلات، وأنا أرجحها حاليا، ولكن لا أرجحها فى المستقبل وعندما ننضج أكثر من ذلك من الممكن أن تكون رقابة عمرية مثلما التى توجد فى الخارج.

·        ماذا عن أعمالك الجديدة؟

أصور حاليا فيلم "من ضهر راجل" تأليف محمد أمين راضى وإخراج كريم السبكي، ويشاركنى مجموعة كبيرة من النجوم، وهو عمل اجتماعى أكشن وبالنسبة للدراما عرض على عدة أعمال ولكنى مازالت فى مرحلة القراءة. 

الأهرام المسائي في

02.03.2015

 
 

بالصور.. سندريلا تعود إلى الشاشات منتصف مارس

كتب: ريهام جودة

قصة الفتاة اليتيمة سندريلا التي تعيش مقهورة وخادمة لزوجة أبيها وابنتيها، وتلتقي بالأمير الوسيم ليتبدل حالها، قدمت عدة مرات فنيا، وكان أبرزها في فيلم الرسوم المتحركة عام 1950، تعود مرة أخرى إلى شاشة السينما، في فيلم روائي يبدأ عرضه في الولايات المتحدة وعدد من دول العالم منتصف مارس الجاري.

وسيعتمد الفيلم على نفس التركيبة وملامح قصة سندريلا حيث الساحرة الطيبة التي تساعد الفتاة اليتيمة، والعربة المسحورة التي تصل بها إلى قصر الأمير، والحذاء الزجاجي الذي يسقط منها خلال هرولتها على السلالم للعودة قبل منتصف الليل، الاختلاف سيكون في شخصية سندريلا التي تبدو أكثر قوة في مواجهة زوجة أبيها.

الفيلم بطولة لي لي جيمس في دور سندريلا، وكيت بلانشيت في دور زوجة الأب، وهايلي آتويل، في دور والدة سندريلا، وهيلينا بونهام كارتر في دور الساحرة الطيبة، وريتشارد مايدن في دور الأمير، وكان دور سندريلا قد عرض على الممثلة البريطانية إيما واطسون بطلة سلسلة أفلام هاري بوتر، لكنها اعتذرت عنه.

كتب السيناريو كريس ويتز، وأخرج الفيلم كينيث براناه، وإنتاج شركة ديزني، وسيكون حلقة من سلسلة إعادة تقديم أشهر أفلام الرسوم المتحركة في أفلام روائية، حيث يجري في هوليوود حاليا تصوير فيلم «الجميلة والوحش» المأخوذ عن فيلم الرسوم المتحركة الشهير الذي قدم عام 1991، وتلعب بطولته الممثلة البريطانية إيما واطسون، فيما وصف بأن مدينة السينما الأمريكية تعيد استثمار نجاحاتها السابقة، وتلعب في المضمون لتحقيق ملايين الدولارات في شباك التذاكر.

الطريف أن بطل الفيلم ريتشارد مايدن سيشهد نهاية سعيدة لأول مرة في أدواره، فبعدما قدم عدة أفلام انتهت بالنهاية الحزينة ووفاته ضمن الأحداث، مثل فيلم «روميو وجولييت»، فإن مايدن الذي يقدم شخصية الأمير الوسيم سيتزوج سندريلا وتنقذه من الموت، ويعيش النهاية السعيدة.

المصري اليوم في

02.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)