كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«تاكسي» جعفر بناهي يصل آمناً إلى برلين

برلين: محمد نبيل

 

هل الحرية لا يتنفسها المبدع السينمائي إلا داخل سيارة أجرة «تاكسي» يسوقها بنفسه حتى يفلت من قبضة الرقابة التي قد تسلط عليه من هنا أو من هناك؟ يبدو أن المخرج الإيراني جعفر بناهي قرّر خوض التجربة فنجح في حضور «التاكسي» في مهرجان برلين السينمائي الدولي «البرليناله»، في دورته الـ 65، قبل أن ينتزع جائزة الدب الذهبي في مشاركة للمرة الثانية في هذا المهرجان الدولي. 

جعفر بناهي مُنِعَ من الانتقال مرة أخرى إلى العاصمة الألمانية للتحدّث مع الجمهور الألماني حول فيلمه الجديد، أو تسلّم جائزة المهرجان الكبرى، ولهذا السبب ألغت إدارة المهرجان الندوة المقررة للفيلم بسبب غياب المخرج، بينما حضرت ابنة شقيقه «الطفلة هنا سعيدي»، والتي شاركت أيضاً في بطولة هذا الفيلم. 

سينمائية خلّاقة

من المعقول أن يقوم جعفر بناهي بهذه المغامرة، فهو الذي يمنع من مزاولة فنه السينمائي مرات عدة، وهو أيضاً من قال ذات مرة للصحافيين: «أنا مخرج سينمائي، ولا يمكنني القيام بشيء آخر سوى إخراج الأفلام، والسينما هي حياتي».

فيلم «تاكسي» الذي قررت إدارة المهرجان السينمائي عرضه كأول شريط يفتتح المسابقة الرسمية، هو محاولة سينمائية فيها الكثير من الإبداع والاجتهاد والمغامرة. المخرج جعفر بناهي يسوق سيارة الأجرة ويوظف كاميراته الخفية كتقنية لالتقاط الصور والحكايات الإنسانية من قلب العاصمة الإيرانية طهران، إذ تولّى هو بنفسه مهمة التصوير وإجراء المقابلات مع عدد من الركاب، بغرض تقديم صورة حيّة عن الحياة المجتمعية في العاصمة الإيرانية. 

في بداية هذا العمل يلقي جعفر بناهي نظرة من النافذة كنقطة ينطلق منها الشريط الطويل. سائق سيارة الأجرة أو المخرج يصوّر نفسه أو الركاب الذين يتبادل معهم الأحاديث.ومن بين هؤلاء معلمة وصاحب متجر لإيجار أشرطة فيديو وطالب في السينما ورجل أُصيب بحادث سير مع زوجته وامرأتان تنقلان سمكاً أحمر وابنة شقيق المخرج.كل هؤلاء يحملون قصصاً إنسانية وصراعات اجتماعية تُعبّر عما يعيشه المجتمع الإيراني من تناقضات ومفارقات. قصص الركاب ومواقفهم كانت في بعض الأحيان ساخرة، كتعرف أحد الركاب على المخرج، وتأكيد راكب آخر أن جعفر بناهي ليس سائقاً فعلياً. لكن أحياناً أخرى كانت آراؤهم تميل إلى التعصّب في بعض المواقف، وترسم الكثير من الصور عن بلدهم. 

وينتهي الشريط من خلال مشهد لم يكن منتظراً. جعفر بناهي كان مُراقَباً من طرف رجال مجهولين يركبون دراجة نارية اقتحموا «التاكسي» أثناء نزوله لمرافقة ابنة شقيقه الطفلة هنا سعيدي للقاء أبيها الذي ينتظرهما. لقد كسروا كل شيء إلا التسجيلات التي لم يعثروا عليها. وسوء حظهم كان سبباً في إمتاع جمهور «البرليناله» بمشاهدة فيلم المخرج الإيراني الجديد. المشهد الأخير يعكس بالفعل الرقابة التي تطوق المخرج جعفر بناهي. 

الشريط الذي صُوِرَ سراً، استقبله الصحافيون والنقاد في برلين بالكثير من الارتياح وحَقّقَ الصدى الجيد داخل المهرجان، ما جعله ينتزع أكبر جائزة في المهرجان.

جعفر بناهي مسار حياة فنية 

يُعدّ جعفر بناهي واحداً من أكثر مخرجي الأفلام المؤثرة في حركة الإنتاج السينمائي الإيراني والعالمي. وقد اكتسب شهرته من خلال شريطه «ثيوريست»، الذي حصل على العديد من الجوائز بما فيها الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي. 

كان جعفر بناهي في سن العاشرة عندما أَلّفَ أول كتاب له فاز بالجائزة الأدبية لتلك المسابقة لنفس العمر. وبعدها أصبح على دراية بصنع الأفلام، انطلق بإنتاج أفلام 8 ملم، وصار يشارك بالتمثيل في بعضها وبالمساعدة في الأخرى. كما قام في فترة لاحقة بممارسة التصوير الفوتوغرافي خلال فترة خدمته العسكرية.

شارك بناهي في الحرب الإيرانية-العراقية (1980 - 1990)، وأخرج برنامجاً وثائقياً حول الحرب أثناء تلك الفترة. وبعد دراسة الإخراج في كلية السينما والتليفزيون في طهران، أخرج عدة أفلام للتليفزيون الإيراني، وكان المخرج المساعد للمخرج المعروف عباس كياروستامي في فيلم أشجار الزيتون عام 1994، ومنذ ذلك الوقت وهو يخرج العديد من الأفلام ويحصل على الجوائز في مهرجانات سينمائية دولية.

بعد تجربة في إنتاج الأفلام القصيرة وعمله كمساعد للمخرج الإيرانى عباس كياروستامي، أنتج بناهي فيلمه «البالون الأبيض» عام 1995، وحَقّقَ نجاحاً كبيراً، حيث حصل الشريط على جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان عام 1995، ومنذئذ صار بناهي واحداً من أهم وجوه السينما الإيرانية والعالمية.

وكانت أفلام بناهي مثل «الدائرة» و«التسلل» جعلته واحداً من أشهر المخرجين الإيرانيين، لكن بعد سلسلة من المواجهات مع السلطات الإيرانية فُرِضَ على بناهي عام 2010 حظراً لمدة 20 عاماً في ما يتعلّق بإخراج أي أفلام أو كتابة سيناريوهات أو إجراء أي مقابلات أو مغادرة البلاد. كما أيدت محكمة في طهران قرار الحظر على بناهي عام 2011.

وبعد سنوات طويلة من الصراع مع النظام الإيراني فيما يتعلّق بمضمون أفلامه والاعتقال لمرات عديدة لمدد قصيرة، اعتقل بناهي مرة أخرى في مارس 2010 كما اعتقلت زوجته وابنته وأصدقاؤه كذلك، وكانت التهمة تورطه في التحريض على نظام الحكم الإيراني. 

وعلى الرغم من مطالبة سينمائيي العالم ومنظمات حقوق الإنسان، فقد تَمّ الحكم على بناهي في ديسمبر/كانون الأول 2010 بالسجن لمدة 6 سنوات وإيقافه لمدة عشرين عاماً عن إخراج الأفلام وكتابة السيناريوهات السينمائية والمنع أيضاً عن إجراء أي حوارات صحافية سواء مع الإعلام الإيراني أم العالمي، كما مُنِعَ من مغادرة البلاد.

يقول النقاد إن أفلام جعفر بناهي تسعى إلى معالجة المواضيع الإنسانية المعاصرة في إيران، بغير عاطفة وبطريقة واقعية بشكل كبير دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى إظهار رسائل سياسية. والواقع أن هذه المعالجات تعطي جمالية فريدة للسينما الإيرانية. وفي هذا السياق، يقول بناهي: إن أسلوبه يمكن وصفه بأنه «الإنساني في تفسير الأحداث، والشعر والفن وسيلة لتجسيدها». ويضيف: «في عالم أصبحت فيه الأفلام تصرف الملايين من الدولارات، قدمنا الفيلم عن فتاة صغيرة تريد شراء سمكة بدولار واحد في شريط «البالون الأبيض»».

أسامة محمد .. منابع «ماء الفضة»

حوار: صلاح هاشم مصطفى

فيلم «ماء الفضة» للمخرج السوري، المنفي بباريس، أسامة محمد، تحفة سينمائية بامتياز، ولأنه كذلك فقد حجز مكانه السنة الفارطة ضمن فئة العروض الخاصة الرسمية في مهرجان «كان» السينمائي في دورته 67. مخرج الفيلم صاحب بصمة مُتميزة في السينما العربية، هو من مواليد اللاذقية عام 1954، درس الإخراج في جامعة موسكو، وتخرَّج فيها عام 1979. أخرج عدداً من الأفلام القصيرة :كـ«اليوم وكل يوم» و«خطوة خطوة». لمع اسمه في السينما السورية حين حَقّقَ لها أحد أفضل أفلامها الروائية الطويلة كتابةً وإخراجاً «نجوم النهار» الذي عُرِضَ على هامش مهرجان «كان» في تظاهرة «نصف شهر المخرجين» عام 1988، فضلاً عن نيله السعفة الذهبية في مهرجان بلنسية الإسباني في نفس السنة. ويُعدّ فيلمه «صندوق الدنيا» (2002) أول فيلم سوري يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان»...

في هذا الحوار يحكي أسامة محمد لـ«الدوحة» عن فيلمه التسجيلي الجديد «ماء الفضة»، الذي أخرجه بالتعاون مع المخرجة الكردية وئام بدرخان.

·        بداية، ما الذي دفعك إلى إخراج فيلم «ماء الفضة»؟

- كنت في غربتي في باريس «المنفى» على قناعة بأني يجب أن أُنجز هذا الفيلم بالذات، فعلى المستوى الشخصي أشعر الآن بأني في «حالة حصار»، فلم أكنْ أصدق حتى ذلك الوقت بأني غادرت وطني سورية.. وأنه مازال هناك بشر يُقتلون ويتساقطون كل يوم.. وأن أعدادهم أيضاً في تزايد، وأني مازلت أشاهد الشعب السوري الذي أنتمي إليه، وهو يُعبّر عن مشاعره، ويطالب بحريته، وحين أتحدّث عن «شعبي»، فأنا أعني «نافورة الجمال» من الشباب السوري الذي أشعل فتيل الثورة، وبدأ بالثورة. كنت أمرّ في ذلك الوقت بأسود أيام حياتي، كنت أمرّ بلحظات ألمٍ عارمٍ، وكنت آنذاك أتساءل كيف أخدم بلدي سورية وشعبي، وعند كل دورة كنت أسأل ماذا أستطيع أن أُقدّم لهما، فبدأت أكتب بعض المقالات حاولت فيها أن أصف ما يحدث هناك، لكن بلغة فنية خلّاقة، لكني كنت أقول لنفسي.. «حسناً، كل هذا جميل، لكن ماذا بعد؟ ما الذي تستطيع أن تفعله أكثر من هذا؟». 

·        المخرجة الشابة وئام بدرخان في حمص وأنت في باريس، هي في الميدان وأنت تراقب من بعيد.. حدثنا عن هذه المسافة التي انتفت بتعاونكما في إنجاز هذا الفيلم.

- كانت لحظة البداية حين شاهدت على «اليوتيوب» منظر الطفل السوري الذي اُعتقل وعُذِّبَ في الحبس، روّعني منظره، وشعرت بالرعب وأنا أشاهده، وكان هذا «المنظر» هو المشهد المؤسس للفيلم. كنت في باريس حين وصلتني أول رسالة من وئام، المقيمة في مدينة حمص، وكانت الرسالة عبارة عن قصيدة تسألني فيها: «ماذا تفعل لو كنت مكاني هنا في مدينة حمص، تحت الحصار، وماذا تريدني أن أصوّر؟ ومن أين أبدأ؟..»

تابعت، كما كل الناس، الصور المرعبة الحاصلة في سورية، نُقصف بها في كل لحظة، ومن خلال هذه الصور والأحداث التي صوّرها شباب بدا لي كما لو أن تاريخاً جديداً للسينما السورية قد وُلِدَ بالفعل مع الثورة، وما ألهمني هو الأحساس بأن «اللغة السينمائية» في مُجملها وبكل مكوناتها من لقطات، اللقطات المقربة، أو اللقطات الطويلة العامة، موجودة ومُتحقّقة في تلك الأفلام، بل إنها تُخترَع أيضاً من جديد!.. كانت «لحظة صدق» أشرقت فجأة في حياتي، لحظة قريبة من الموت، لحظة تريد أن تُعبّر عن نفسها في اللحظة الآن، ولابد من الإمساك بها فوراً، والبدء في تصويرها، وهو الأمر الذي يجعلك ويمنحك الإحساس بأنك حين تصوّر أو تبدأ في تصوير فيلم ما، بأنك «تعيش» وتقاوم الموت!. بدأت في تصوير الفيلم حين أرسلت لي وئام بعد رسالتها المذكورة مجموعة من الأفلام التي صوّرتها بنفسها، وكتبت لها رسالة شكر على فضلها في إخراجي من الوضع المتأزم الذي كنت أعيشه في عزلتي الموحشة بالمنفى الباريسي..

·        حدثنا عن شكل الفيلم واختياراته الفنية، وعن موقعه ضمن خارطة السينما السورية الجديدة؟

- طوال تجربتي حاولت أن أُدافع عن السينما من منظور تصوّري للسينما كوسيط إعلامي، فالسينما كما أراها هي لغة خاصة، حيث تستطيع الصور مع شريط الصوت أن تعبّر عن موقف أو تبرز رؤية جديدة للحياة.. وأعتقد بأنه مع قيام الثورة السورية كانت هناك ثورة في السينما السورية تتشكّل عبر الصور اليومية. ومن خلالها تشكّلت لدي قناعة بأني أستطيع أن أبدأ الفيلم ببعض الصور التي أرسلتها لي وئام، لأنها كانت تحكي قصة، وكانت وئام حين ظهرت في حياتي تُمثّل تجسيداً لجيل جديد من السينمائيين من الشباب في سورية. 

أحب أن تكون في أفلامي مستويات مُتعدّدة من السرد، حكاية فوق حكاية فوق حكاية، وسعيت منذ البداية إلى نقل أصوات عديدة، أصوات شعب بأكمله، وخاصة منهم الذين التقطوا الصور والمشاهد التي صارت مُتاحة على شبكة الإنترنت، ولا يُعرَف لها صاحب، ولا تُذكَر أسماء أصحابها خوفاً عليهم من العقاب والبطش، ولذلك ذكرت بأن أصحاب الفيلم أيضاً ليس أسامة محمد مخرجه فقط، بل هو من صنع الآلاف من السوريين، فقد عرفت من اللحظة التي شاهدت فيها أفلامهم بأنها تصلح لأن تكون حكاية من الحكايات الكثيرة التي أرويها في الفيلم، وشعرت بالارتياح، فقد عرفت أيضاً بأني أسير هكذا على الطريق الصحيح لإنجاز الفيلم ..

في البداية رفضت استخدام صوت الراوي في الفيلم، الدليل أو المرشد الذي نستمع إلى صوته قادماً من خارج الفيلم ليقودنا في رحلتنا مع مشاهد الفيلم، لكني حين انغمست كلية في الصور التي حصلت عليها شعرت بأني واحد من هؤلاء «الشعراء المنسيين» الذين التقطوا كل تلك المشاهد ويقفون خلفها وهم أصحابها، فارتأيت أن يكون في الفيلم «حكواتي» أو راوٍ يحكي القصص دون أن يكون هذا الدور مقتصراً فقط على شرح الصور، وإنما على التأمل فيها والإيحاء بدلالاتها وأسئلتها، وقد شعرت وقتها بأني أستطيع أن أصنع من مجموع الصور أكثر من فيلم واحد، أو فيلم طويل يستغرق عرضه أكثر من أربع ساعات.

«أنا مع العروسة» موكب عرس زائف

منار ديب – غوتينبرغ

في إطار تظاهرة «أوروبا أوروبا» ضمن مهرجان غوتينبرغ السينمائي الدولي الـ 38 الذي أُقيم بين 23 يناير/ كانون الثاني و2 فبراير/شباط عُرِضَ الفيلم الفلسطيني – الإيطالي «أنا مع العروسة»، الذي أخرجه خالد سليمان الناصري بالاشتراك مع أنتونيو آوغوليارو وغابريله دل غرانده. ويعد هذا العرض هو الأول للفيلم في السويد، البلد الذي شَكّلَ الغاية والمُنتهى لأشخاص الفيلم الهاربين من جحيم الحرب السورية. 

وكان الفيلم قد نال جائزة مجمع نوادي السينما الإيطالية في مهرجان البندقية الأخير، وشارك في عدة مهرجانات عالمية، كما حظي باهتمام نقدي وإعلامي تبعاً لخصوصية موضوعه، وللتركيبة الفنية – التسجيلية التي يقوم عليها، إلا أن عرضه في صالة صغيرة في ثاني أكبر المدن السويدية في أكثر أشهر السنة برودة لم يوفر له مُشاهَدة واسعة، خاصة لدى جمهور من اللاجئين السوريين والفلسطينيين يروي الفيلم قصتهم.

الفيلم يصوّر الرحلة الحقيقية لخمسة من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية والذين يحاولون الوصول إلى السويد من إيطاليا، والتي جرت بين 14 و18 أكتوبر/تشرين الأول 2013. إلا أن ما يقوم به صُنّاع الفيلم، وهم المخرج آوغوليارو والصحافي دل غرانده والشاعر الناصري، هو تركيب حكاية موكب عرس زائف يعبر الدول الأوروبية دون أن يلفت الأنظار، ورغم أنه لا وجود لحدود في جغرافية مُتصلّة تمتد من إيطاليا إلى السويد، غير أن مُراقبة عمليات الهجرة اللاشرعية من قِبَلِ السلطات الأوروبية تجعل مهمة المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا بحراً ليست بالسهلة، يتطوّع آوغوليارو ودل غرانده (الذي عاش في سورية ويجيد العربية) وهما الإيطاليان بالتغطية على الموكب المُفتعل وقيادته يرافقهما الناصري المقيم في إيطاليا، والذي يحصل على جنسيتها خلال تصوير الفيلم، إضافة لعدد من الأصدقاء الأوروبيين. كما تلعب الممثلة الفلسطينية المقيمة في إسبانيا تسنيم فارض، والتي تحمل جواز سفر أوروبياً دور «العروس الهاربة».

يتكوّن الموكب، إضافة للعروسة، من العريس عبد الله، الناجي من حادثة غرق المركب الشهير في لامبيدوزا في 1/ 11 ، وعلاء وابنه منار، وأبو نوار وزوجته منى. تنطلق الرحلة من ميلانو فيتجه موكب السيارات إلى الحدود الفرنسية- الإيطالية، ليدخل فرنسا مشياً على الأقدام من طريق وعر في منطقة جبلية يعرفها الإيطاليون جيداً، ولا يفوت دل غرانده أن يذكر أن الإيطاليين حين كانوا مهاجرين غير شرعيين إلى فرنسا كانوا يسلكون هذا الدرب. وصولاً إلى مارسيليا، حيث تستريح القافلة لليلة، قبل أن تتجه إلى بوخوم الألمانية عبر لوكسمبورغ. نتعرّف في الرحلة على أشخاص الفيلم عن كثب وهم: الطفل منار، الذي يؤلف أغاني الراب ويؤديها، والده علاء الذي أجبرته السلطات الإيطالية على أخذ البصمات ما يحول دون تقديمه اللجوء في بلد آخر، الزوجان أبو نوار ومنى، اللذان يحلمان بالوصول إلى السويد ليجدا الأمان.

في بوخوم، يحل الموكب ضيفاً على شعراء سوريين من الأصدقاء، وربما جاء ذلك من باب توفير النفقات في فيلم ذاتي التمويل، كما لتركيب منصة للنقاش، وطرح الأسئلة، ففي السهرة في بوخوم، يتحدّث أبو نوار عن إعلان 17 دولة أوروبية نيتها استقبال اللاجئين السوريين، وعدم تنفيذ شيء من هذه الوعود، بل ترك الهاربين من الموت اليومي في سورية يلقون مصيرهم غرقاً في بحار الهجرة غير الشرعية، ومقابل أموال طائلة أيضاً. 

يُتابع الموكب رحلته من شمال ألمانيا إلى الدنمارك، لتبقى الخطوة الأخيرة لعبور الجسر الذي يفصلها عن السويد، والوصول إلى مدينة مالمو. لا يتعرّض الموكب لأخطار حقيقية، لا لأن وجود أوروبيين فيه شَكّلَ نوعاً من الحماية له فحسب، فالموكب لم يوقف حتى من قبل شرطي واحد، بل لأن هذا ما يمكن أن يحدث ببساطة، والفيلم في الحقيقة يصنّع حالة ليقول شيئاً، فالرحلة لم تبدأ من خارج الاتحاد الأوروبي أو حدود اتفاقية شنغن.

ربما كان المخرج والصحافي الإيطاليان سيتعرضان للمحاكمة وينالان عقوبات قاسية لو تم القبض عليهما وهما يقودان الموكب، وستندرج فعلتهما في إطار تهريب البشر، لكن الرسالة النضالية للفيلم شكّلت حصانة بالنسبة لهما، فالعجز الدولي عن وضع حد للمأساة السورية، خلق إحراجاً على المستوى الإنساني.

ينتمي لاجئو الفيلم إلى فلسطينيي سورية اللاجئين مرتين، وتتضاعف مأساة هؤلاء مع كونهم من أكثر الأطراف ضعفاً في الحرب الدائرة، وأبواب الدول المجاورة مُغلقة أمامهم، وهم الأكثر حاجة لهوية وجواز سفر، فمعظم دول العالم لا تستقبلهم، لأنهم قانونياً بلا دولة، هكذا فإن أحد صُنّاع الفيلم، الفلسطيني السوري خالد الناصري، لا يستطيع منع نفسه من البكاء حين يتلقّى خبر حصوله على الجنسية الإيطالية أثناء التصوير.

حاول الفيلم المحافظة على الحياد السياسي، مع تركيزه على البعد الإنساني عبر قصص فردية، إلا أن مواقف واضحة وحادة جاءت على لسان بعض أشخاص الفيلم، فالعروس تسنيم تتحدّث عن مقاتلي الجيش الحُرّ بوصفهم من يحمونها، وتشير إلى أن بعضهم أصدقاؤها، فلتكن هذه آراءها الشخصية، لكن أي عمل فني يقوم بعملية انتقاء لما يخدم بنيته أو رؤيته، فالاعتراض ليس على مضمون هذه الأقوال، بل السؤال هو في أي سياق تُقال، خاصة أن الفيلم نأى بنفسه عن التفاصيل السياسية، لذا بدت تسنيم أكثر إقناعاً وهي تتحدّث بحرقة عن أصدقائها الذين فقدتهم. 

لم يخلُ «أنا مع العروسة» من حشو، فجزء كبير من الساعة ونصف الساعة التي تشكل مدته، تشغله أغانٍ ورقصات، تبدو غير موظفة في بناء، وكأنها بلا غاية، رغم أن كل ما في الفيلم يبدو عفوياً وطبيعياً، هكذا تقف تسنيم على شاطئ البحر في الدنمارك وتغني أغنية لفيروز، لا الأغنية تقول شيئاً ولا المشهد نفسه.

تبدو شخوص الفيلم على حقيقتها كأنها مُنتزعَة من بيئة غير البيئة السورية، صحيح أن أفراد الموكب يرتدون القبعات الأوروبية كجزء من عملية التمويه، إلا أنهم يتوغلون في هذا الدور، هل كي يبدوا كأنهم غجر جاؤوا من أوروبا الشرقية، والسوريون والفلسطينيون يتحوّلون إلى غجر رُحَّل، أم للتأكيد على الفرح والجنون والتمسك بالحياة.

يُختتَم الفيلم برقصة جماعية، دبكة، في ساحة خالية في مدينة مالمو جنوب السويد، في الليل، فهل خلو الساحة والليل والبرد، كناية عن وصول إلى اللاشيء، وعن فراغ بعد كل ذاك التعب، ربما. وقد يكون المصير المجهول، رغم أن نصاً مكتوباً في شارة الفيلم الأخيرة يقول إن أبا نوار وزوجته نالا اللجوء في السويد أسوة بعبد الله، فيما أُعيد علاء وابنه منار إلى إيطاليا، حيث حصلا على اللجوء هناك، لكن ماذا عن ما بعد الوصول إلى «إيثاكا».

«أنا مع العروسة» إذ يسلط الضوء على جانب لن ينتهي من مأساة مستمرة، فإنه يطلق صرخة بغضب الهواة ونزقهم، عن اندثار مجتمع وزواله، فالمسألة هناك في سورية لا في أوروبا، فالمنفى وإذ يعني أماناً مؤقتاً فإنه أيضاً صلة منبتة بمكان وتاريخ.

ربما يجد لاجئو الفيلم الأمان ويصنعون مستقبلاً في «جنة» أوروبا، وربما سيحاصرهم صعود تيارات اليمين الشعبوي، والأحزاب العنصرية والحركات المعادية للإسلامية، في وقت هم في أمس الحاجة فيه لملجأ مؤقت، قد يُحدِث هذا الفيلم هِزّة في هذه البنية من الأفكار السهلة، وهذه أحد أبعاد قوته.

«القنّاص الأميركي» ..الرصاصة البريئة في جسد الضحية!

هشام بنشاوي

وفقاً لتعاليم الأب الصارم القاطن في ولاية تكساس فإن العالَم ينقسم إلى خِراف وذئاب وكلاب الراعي، هكذا اختار الطفل «كريس» في فيلم «القناص الأميركي - AMERICAN SNIPER» لمخرجه كلينت إيستوود، أن يكون (كلب الراعي)، اختار أن يحمي الأبرياء من الأشرار، ويتخلّى عن طموح الشباب كراعٍ للبقر، وذلك بعدما عاين الاعتداءات الإرهابية على أميركا. وكان انضمام كريس كايل (برادلي كوبر) إلى البحرية الأميركية كقناص، بمثابة المُخلّص الأكثر فتكاً في تاريخ الولايات المتحدة العسكري، حتى لقّبه زملاؤه في البحرية الأميركية بـالقناص«الأسطورة»، الذي قتل أكثر من مئة وستين شخصاً خلال أربع جولات. 

أضفى كلينت إيستوود صفة المُحارِب القديس على بطل فيلمه الجديد «قناص أميركي»، المُستوحَى من يوميات الجندي الأميركي كريس كايل (1974 - 2013)، في الحرب على العراق. كما اعتمد المخرج على سرد أحادي النظرة والمعالجة، مما أوقعه في فخ التزييف وتحريف الكثير من الوقائع والحقائق. فـ«القناص الأميركي» يعكس صورة عن الشعب العراقي باعتباره حفنة من الأشرار، الإرهابيين، والمتوحشين، ولا يتوانى بطل الفيلم في إطلاق النار من مخبئه على النساء والأطفال، بل ويسمح هذا المخرج القدير لبطل فيلمه بأن يتفوّه بعبارات عنصرية في حواراته مع رفاق السلاح، دون أن يمنح أولئك الأشرار - من وجهة نظر كايل- دقيقة للحوار، في كناية فجّة على أن العرب لا يجيدون لغة الحوار، وأن الإرهاب صناعة إسلامية بامتياز ! وكان الأجدر به أن يُقدّم وجهة نظر مواطنين عرب مسلمين أبناء شعب مُحتل يدافعون ببسالة عن وطنهم، بدل التوسل بجدلية الصراع الأزلي بين الخير والشر، التي اختزل فيها صُنّاع الفيلم حرب العراق المعقدة، والمشهد الحواري الوحيد بين العرب كان عندما انتقم «الجزار»، والذي يحتفظ برؤوس مجزوزة ومغطاة بالثلج في المطعم، وجَسّدَ هذه الشخصية الممثل المصري ميدو حمادة، ونحن نراه، وهو يستعمل المثقاب الكهربائي للفتك بابن الكهل العراقي الذي وشى بالفدائيين، كما قَدّمَ الفيلم شخصية القناص السوري مصطفى بطل الأولمبياد بشكل سطحي، والتي جسّدها باقتدار الممثل المصري سامي الشيخ، بينما قَدّمَ القناص الأميركي كبطل قومي أميركي، شيّعه الأميركيون في جنازة مهيبة، وهم يلوحون بعلم بلاد العم سام، بطل قومي لا يشعر بتأنيب الضمير، على الرغم من كل جرائم الحرب التي ارتكبها حماية لمواطنيه.

يربط الفيلم بين هجوم 11 سبتمبر/أيلول، واحتلال العراق، والنزاهة التاريخية كانت تقتضي أن يتضمن أي مقطع تليفزيوني توثيقي للرئيس الأميركي جورج بوش أو للرئيس العراقي صدام حسين، أو إشارة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، بدل تقديم بطله كمحارب للإرهابيين العراقيين، واستدرار عطف المشاهدين بتقديم مشاهد الجنود الأميركيين المشوهين، ومبتوري الأطراف، كضحايا هذه الحرب المجيدة، من وجهة نظر كايل، وليسوا ضحايا قرار أميركي بالحرب على أسلحة الدمار الشامل!، ويغالي الفيلم في تقديم صورة القناص الأميركي كضحية نفسية لهذه الحرب بعد تقاعده، حيث يسمع أصوات طلقات الرصاص، وهو جالس أمام شاشة التليفزيون السوداء. 

ربما، الحسنة الوحيدة التي قدّمها الفيلم هي رفض هذه الحرب من طرف الزوجة ومن طرف الأخ الأصغر المُتذمّر من مشاركته في حرب لعينة.. بتعبيره، وثمة مشهد إنساني يستحق أن نرفع له القبعة، عندما تنفس كريس الصعداء بعدما تخلّى الصبي العراقي عن حمل القذيفة، فرماها أرضاً ولاذ بالفرار، وتراجع القناص الأميركي عن الضغط على الزناد.. وهي محاولة تجميلية من صُنّاع الفيلم لإضفاء الطابع الإنساني للبطل، بينما يتجاهل المخرج مشهد مقتل كريس على يد جندي عائد من حرب العراق، مكتفياً بالإشارة إلى ذلك بالكتابة على التتر، لأنه يُدرك أن هذا المشهد يُدين مشاركة الجنود الأميركان في حرب غير شرعية، والذين سقطوا فرائس الاكتئاب والأمراض النفسية، بسبب ما كابدوا من ويلات الحرب في العراق. فبعدما رأيناه أمام التلفاز يتابع فصول الحرب، التي عاد منها جسداً فقط، وقبل ذلك، اختار الذهاب إلى الحانة بدل بيته،وهو محطم نفسياً، ثم يبدو شارد الذهن، وهو يتنزه مع زوجته، وينقض على الكلب الذي يلعب مع ابنه، وعندما سأله الطبيب النفساني إن كان سيتفاجأ بقتله لأكثر من مئة وستين شخصاً، رد بأنه كان يحمي رفاقه، كما لقنه قادته في المارينز، بل إن كريس يتألّم من أجل من لم يستطع حمايتهم، ويتمنى إنقاذ المزيد بعد تسريحه، فأخبره الطبيب أنه بإمكانه مساعدة الجنود في المستشفى، وهم بحاجة إلى ذلك، فنرى جنوداً مُعاقين مشوهين على كراسٍ مُتحرِّكَة، سيتولى تدريبهم على القنص لاحقاً.

انتقادات واسعة

لم يستقبل النقاد والمهتمون فيلم «قناص أميركي» بقلب رحب، ففي ظِلّ إشادة ميشال أوباما بهذا الفيلم، الذي أثار عرضه في البيت الأبيض عدة انتقادات حول استمرار الإدارة الأميركية في تأييد الحرب على العراق، على الرغم من ثبوت عدم وجود أسلحة كيماوية لدى النظام العراقي السابق، فقد طالبت «اللجنة العربية -الأميركية لمكافحة التمييز»، وهي منظمة أميركية -عربية مَعنيّة بالحقوق المدنية مخرج فيلم «قناص أميركي»، كلينت إيستوود والممثل برادلي كوبر باستنكار لغة الكراهية المُوجَّهة ضد الأميركيين العرب والمسلمين، وذلك بعد عرض الفيلم، الذي يُمجّد القناص الذي اشتهر بلقب «شيطان الرمادي».

وجاء في رسالة هذه المنظمة إلى إيستوود وكوبر، إن أعضاءها أصبحوا هدفاً «لتهديدات عنيفة» قبل العرض العام للفيلم، مُشيرة إلى أنها تعمل مع «مكتب التحقيقات الاتحادي» والشرطة لتقييم التهديدات.

كما انتقد «نعوم تشومسكي» تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» عن الفيلم، مُعتبراً أن الشعب الأميركي يُقدّس فيلماً يُجسّد قصة قاتل بدم بارد، وقال «تشومسكي» إن كايل «يفتخر بأول عملية قتل له كإرهابي - تلك المرأة التي قتلها في الشارع- لكن لا يمكننا أن نعتبر هذا مجرد تفكير قاتل سيكوباثي، لأننا جميعاً ارتكبنا هذا الخطأ عندما تسامحنا وصمتنا أمام السياسات الرسمية».

من جانبه، ذكر «زاك بوشامب» في مقالٍ له على موقع «فوكس» أن الفيلم يتجاهل واحدة من أبشع وأهم جوانب الفيلم، وهي الانقسامات بين السُنّة والشيعة في العراق، الذين حاربوا أميركا، وحاربوا بعضهم البعض أيضاً، مما أدى إلى الحرب الأهلية، وتفهم رغبة صناع الفيلم في عدم الخوض في هذه السياسة الطائفية، ولكن بدلاً من مجرد تجنّب الصراع الطائفي في العراق، «يسرد الفيلم رواية أن الحرب كانت عن مواجهة أميركا للقاعدة، وهو الأمر غير الصحيح والمضلل»، كما اعتبر «بوشامب» أن الفيلم «يصوّر الغزو الأميركي ضربة صالحة ضد شر القاعدة، بينما في الحقيقة كان الغزو واحداً من أفضل الأشياء التي حدثت للقاعدة، ومن ثَمّ فالفيلم لا يتجاهل هذا التاريخ، ولكنه يشوهه بنشاط».

وكان «رامين سيتوديه» قد تساءل في مجلة «فارايتي» حول إمكانية تحقق المفاجأة في حفل توزيع جوائز الأوسكار، واعتبر أن فيلم «القناص الأميركي» قد يلقى نفس مصير فيلم «أفاتار»، الذي خسر جائزة أوسكار أفضل فيلم بعد كل ما قِيل عنه، وما حَقّقَ من أرباح أمام فيلم «خزانة الألم» في 2010م، وتكهّن بأن برادلي كوبر قد يفوز بجائزة أفضل ممثل، في ثالث ترشيح له في مشواره الفني، وقد تساعده في ذلك الضجّة الإعلامية التي رافقت الفيلم منذ بداية عرضه، فضلاً عن كون منافسيه في هذه الجائزة، يُرشحون لأول مرة.

«عرّاف المياه» .. سجلات الحزن الطويل

غيدا اليمن

مِنْ خلال فيلمه الجديد «عرّاف المياه» (THE WATER DIVINER )، ينضمّ راسل كرو إلى لائحة الممثلين المخرجين. الفيلم، الذي اشترك في كتابته أندرو نايت وأندرو أناستازيوس، يُقدّم حكاية أخرى عن وجع الفقد وعن الأمل وإمكانية المُصالحة، تُحكى على أبواب الذكرى المئوية الأولى لمعركة جاليبولي لتكون هجاءً مُعلَناً وإدانة صارخة للقتل. فالجراح التي لم تندملْ بعد تدفع المئات من الأستراليين إلى اليوم لزيارة جاليبولي لإحياء ذكرى قتلاهم، والندوب التي تركتها الحربان العالميتان حية في ذاكرة الشعوب مهما طغت المصالح الاقتصادية والسياسية وسعت لطي صفحتها.

يتكئ هذا الفيلم (بطولة: راسل كرو، جاي كورتني وأولغا كوريلنكو، ومن تركيا، سم يلماز ويلماز أردوغان) على عبارة وردت في أحد السجلات العسكرية البريطانية العائدة إلى الحرب العالمية الأولى منسوبة إلى الكولونيل سيريل هيوز. وكان الفيلق العسكري الأسترالي والنيوزيلندي المعروف باسم «أنزاك» قد قام بإنزال على شبه جزيرة جاليبولي التركية في 25 إبريل/نيسان 1915، ضمن قوة تقودها بريطانيا في محاولة فاشلة للاستيلاء على مضيق الدردنيل من قبضة قوات الإمبراطورية العثمانية بُغية فتح ممر بحري لحليفها الروسي في معاركها ضد القوات الألمانية. استمرت المعارك الضارية هناك زهاء ثمانية أشهر، مُخلّفةً عشرات الآلاف من قتلى الحلفاء ومثلهم أضعافاً من الجانب التركي. أشارت عبارة هيوز تلك إلى أن «أباً جاء وحيداً من أستراليا إلى هنا باحثاً عن قبر ابنه».

الكولونيل هيوز كان مسؤولاً عن الوحدة التي أُوكِلَتْ إليها مُهمة استرجاع أشلاء الجنود الإنجليز وحلفائهم من منطقة جاليبولي (وهي كلمة يونانية معناها «المدينة الجميلة») عشية انتهاء الحرب العالمية الأولى. يستعين هيوز المنتصر في الحرب بالجنرال التركي المهزوم حسن، أحد القادة الأتراك في تلك المعركة، ليكون دليله في الأرض الغريبة على أمل العثور على أشلاء قتلى الإمبراطورية البريطانية. 

القاتل والمقتول يبحثان عن أشلائهما، يتبادلان التهم. «لماذا غزوتمونا؟» يسأل حسن الجنرال هيوز الذي يُحاججه بأنهم وإن خسروا المعركة إلا أنهم لم يخسروا الحرب، مع ذلك لا يتردّد لاحقاً في الاعتراف بأنه لن يستطيع أن يُسامح الطرفين. 

في الجانب الآخر من الكرة الأرضية، كان «جوشوا كونور» الرجل الذي كانت مهنته البحث عن آبار المياه في الصحراء الأسترالية مُستعيناً بقدراتٍ خاصّة به، قد اعتاد أن يقرأ لأبنائه الثلاثة قصة الأمير حسن والبساط السحري من كتاب «ألف ليلة وليلة»، حتى بعد أن كبروا.. ثم رحلوا إلى الحرب ولم يعودوا. لكن عواصف الصحراء الأسترالية الرملية التي نجا منها الأطفال ذات مرة بعد أن كادت تبتلعهم تستحيل بعد سنوات حرباً دامية لا تُبقي ولا تذر، ولا تنفع التعاويذ والكلمات السحرية في إنقاذهم من شرورها.

الأم تصير هي الأخرى روحاً مُعذّبة لا تحتمل قسوة غياب الأبناء الذي طال أربع سنوات، تلوم زوجها، «تستطيع أن تعثر على المياه في الصحراء لكنك عاجز عن إيجاد فلذات كبدك»، وتبحث عن خلاصها في حياةٍ أخرى، فلا يعود أمام كونور إلا خيارٌ واحد، أن يسترجع جثث أولاده الذين قتلوا في بلاد بعيدة لترتاح في تراب الوطن. إنه الأمل الذي سيحيا لأجله، وكما سيقول لاحقاً لعايشة، صاحبة الفندق التركي الذي سيُستدرَج كونور للإقامة فيه، «الأمل ضروري هناك في بلادي».

تقوده الرحلة إذاً من أستراليا إلى إسطنبول، الخارجة لتوها من هزيمة الحرب العالمية الأولى، بجراحٍ كثيرة، ومنها يصل بالكثير من المشقة إلى جاليبولي، حيث «لا شيء هناك سوى الأشباح»، تقول له عايشة التي فقدت هي الأخرى زوجها في تلك المعارك.

تأتي استعادةُ مشاهد المعركة مرّةً بعد مرّة على مدار الفيلم بلوعةٍ تُدمي القلب، وبمنأى عن أية خطابيّةٍ جوفاء، لتثير الأسئلةَ التي ما فتئت مشروعة حتى بعد مرور مئة عام - لماذا ذهب ملايين الشبان إلى تلك الحرب؟ لماذا قُتِل منهم الملايين، ومنهم من لم يتجاوز سن المراهقة ولمصلحة مَنْ؟... لقطات قصيرة لكن مُكثّفة تصوّر عذابات الجنود الظانّين أنهم يقاتلون دفاعاً عن أوطانهم وعن أفكارٍ زُرِعت في وجدانهم عن الكرامة والرجولة، فإذ بهم يجدون أنفسهم في معركةٍ لم يتخيلوا يوماً فظاعتها تستدرجهم إلى ممارساتٍ وحشية في مواجهة عدوٍّ آخر غير العدوّ المعروف: لقد وجدوا أنفسهم في معركةٍ مع الموت نفسه.

يمزج الفيلم بين عناصر الواقعية المتأتية عن التاريخ المُستقاة منه الأحداث، وبين الخيال الفنيّ، مما ينأى به عن أن يكون سرداً متجهماً شبه وثائقيّ عن الحرب، على غِرار أفلام مثل «إنقاذ المجنّد رايان». هناك ما يكفي من الذرائع الدرامية لتمضي الحكاية بأكثر من جرعةٍ من الأمل، ومع ذلك فالقدرات الخارقة لكونور في العثور على آبار المياه ليست مبرّراً كافياً لإقناع المُشاهِد بالسهولة التي يعثر بها على أماكن مصرع أبنائه. إضافةً إلى ذلك، تظهر مُفارقات غير مقنعة كافية لتفسد عليك الانحياز الكامل إلى الفيلم، لكنها مع ذلك لا تحول بينك وبين الاستغراق في سؤاله الأساسي عن جدوى الحرب، بل وتستدرجُك بملء رغبتك إلى التسامح معها لعلّك تفوز بمتعة التصديق بأن الأعاجيب والمعجزات يمكن أن تحدث، وأن الحب قادر على أن يصلح ولو قليلاً ما أفسدته الحرب.

صحيح أن الفيلم يُحيي المناخات الأسطورية التي اعتاد الغرب رسمها وتسويقها عن الشرق، حيث الأزياء والأماكن والألوان القوية تذكرك بأجواء «ألف ليلة وليلة»، وتعيد إلى الأذهان النظرة الهوليوودية إلى الشرق، لكن هذا الفيلم الذي بذل صُنّاعه جهداً واضحاً لاستيلاد إسطنبول بدايات القرن العشرين، بأسواقها وأزقتها وحرفييها وتجارها وأزياء قاطنيها وطقوسها ودراويشها وأذان مساجدها، ينجح إلى حدِّ ما في رسم ملامح المجتمع التركي لتلك الحقبة دون إطلاق الأحكام النمطية ودون محاكمة، بل ويتوصّل إلى إعادة صياغةِ صورةٍ أكثر اعترافاً بهذا الآخر الشرقي، الإنسان، غير المفتون بالغرب، الذي لا يُفكّر فقط في الحريم، والذي يُطالب بحريته ويدافع عنها بشراسة. وهو إذ يجوب أحياء إسطنبول وأقبيتها، حيث يجتمع الثوّار الوطنيون، يريد أن يقول إن تلك البلاد ليست كلها ساحة معارك وهزائم، إذ يمكنها أن تكون أيضاً مكاناً جميلاً تحدث فيه قصص الحب، وتُسمَع الموسيقى وتُعقَد حلقات الرقص.

جوشوا كونور، أو عرّاف المياه، يبحث عن خلاصه، يسعى للتكفير عن ذنبٍ ساهم في اقترافه حين لم يثنِ أولاده عن الذهاب لخوض حرب ليست حربهم. وهو من الأفلام القليلة ربما التي تؤنسن العدوّ الذي هو أيضاً ضحية. وكون هذا الشريط السينمائي قادراً على إثارة مشاعرنا وبعث مخاوفنا وهواجسنا، فتلك على الأرجح إشارةٌ إلى أن البشر لم يتعلموا الدرس بعد، وأنهم مرشّحون لارتكاب الخطايا نفسها ولو بأشكالٍ جديدة.

مجلة الدوحة القطرية في

01.03.2015

 
 

عبدالحليم حافظ "العندليب الأسمر" 21 يونية 1929م - 30 مارس 1977م

بقلم: نسمه احمد

مطرب من الزمن الجميل قلما يجود الزمان بعندليب مثله فهو عبدالحليم حافظ، هذا اسمه الفنى الذى صاحبه فى مشوار حياته الفنية أما اسمه الحقيقى عبدالحليم على شبانة فهو شقيق الموسيقار اسماعيل على شبانة.

ولد عبدالحليم حافظ فى قرية حلوات بمحافظة الشرقية فى 21 يونية عام 1929م 
وتوفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يتم عامة الاول توفى والده ليصبح يتيم الابوين فى بيت خاله الحاج متولى عماشة وكعادة الصغار كان يذهب مع أولاد عمه للعب فى ترعة القرية، وبسببها أصيب بمرض البلهارسيا الذى دمر حياته مما دعاه يقول عن نفسه "أنا ابن القدر" وقد أجريت له خلال حياته واحد وستون عملية جراحية، ويعتبر عبدالحليم هو الاخ الاصغر بين اخواته الاربعة هم: اسماعيل، ومحمد، وعلية، فأخوه الاكبر اسماعيل على شبانة الذى كان يعمل مطربا ومدرسا للموسيقى فى وزارة التربية أو وزارة المعارف آنذاك رأى أخوه عبدالحليم كبر قليلا فألحقه بكتاب الشيخ أحمد وبعدها التحق بالمدرسة وتجلى حبه الكبير للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الاناشيد فى مدرسته، ومنذ ذلك الوقت تجلت موهبته الفنية ومحاولاته الدخول فى مجال الغناء و لشدة ولعه بالغناء التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين فى عام 1943 وهناك التقى بالفنان كمال الطويل الذى كان يدرس فى قسم الغناء والاصوات فجمعتهما زمالة وصداقة حتى تخرجا فى عام 1948م وتم ترشيح عبدالحليم للسفر فى بعثة الى الخارج لكنه ألغى سفره ليعمل مدرسا للموسيقى على مدى أربع سنوات فى مدينة طنطا، ثم الزقازيق، وأخيرا بالقاهرة لكنه قدم استقالته بعد ذلك ليلتحق بفرقة الاذاعة المصرية عازفا على آلة "الابواه" عام 1950، ومن خلال عمله بالاذاعة تقابل مع صديق ورفيق العمر "مجدى العمروسى" فى عام 1951 م ودعاه العمروسى لزيارة الاستاذ فهمى عمر مدير الاذاعة فى ذلك الوقت فى منزله فأعجب بصوته وقدمه للاذاعى الكبير حافظ عبدالوهاب الذى أشار على عبدالحليم بتغير اسمه وسمح له بتسميته عبدالحليم حافظ بدلا من عبدالحليم شبانة فكان اسمه الفنى فاتحة أمل وخير على عبدالحليم حافظ وتحول مسار حياته من التدريس الى التلحين، ومن التلحين الى الغناء وفى عام 1951م قدم عبدالحليم أول أغنية له فى الاذاعة قصيدة بعنوان "لقاء" وهى للشاعر صلاح عبدالصبور ولحن الموسيقار كمال الطويل فنجد مفارقة القدر فى تغيير المسار الفنى لكل من عبدالحليم حافظ وكمال الطويل 
فكلاهما كانا فى معهد الموسيقى العربية فعبدالحليم درس فى قسم التلحين وصار مغنيا، وكمال الطويل درس فى قسم الغناء والاصوات وصار ملحنا الى النهاية.

وقدم عبدالحليم حافظ فى عام 1952 م أغنية "يا حلو يا اسمر" وفى أغسطس 1952 م قدم أغنية "صافينى مرة" ورفضها الجمهور من أول وهلة سمعوها حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقى هذا النوع من الغناء الجديد، ولكنه أعاد غناءها فى يونية عام 1953م يوم اعلان الجمهورية فلاقت نجاحا كبيرا، وبعدها توالت النجاحات فقدم أغنية "على قد الشوق" فى يونية عام 1954م والذى أعاد غناءها فى فيلم "لحن الوفا" فى عام 1955م بعد أن حققت الاغنية نجاحا ساحقا ومع تعاظم نجاحاته لقبه النقاد بالعندليب الاسمر.

وفى بداية حياته الفنية كانت نبرات صوته تدعو بالتفاؤل والامل والفرح ولكن عندما تفاقم مرض البلهارسيا لديه فى عام 1956م نجد أن نبرة التفاؤل بدأت تختفى من أغانيه تدريجيا لتحل محلها نبرات الحزن فى أغانيه، وعلى الرغم من ذلك فقد تألق عبدالحليم فتعاون مع الملحنين العباقرة محمد الموجى، وكمال الطويل، وبليغ حمدى، كما أن له أغانى شهيرة من ألحان موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب مثل (أهواك - نبتدى منين الحكاية - فاتت جنبنا)، وقدم للملحن بليغ حمدى والشاعر محمد حمزة أفضل أغانيه من أبرزها أغنيات: (زى الهوى، حاول تفتكرنى، أى دمعة حزن لا، موعود) وغيرها من الاغانى، كما غنى للشاعر نزار القبانى أغنتين رسالة من تحت الماء، وقارئة الفنجان وهما من ألحان الموسيقار محمد الموجى فى حفل شم النسيم فى عام 1977م وهى آخر أغنية له غناها فى حياته.

وكانت له أغنية مسجلة أذيعت له بعد مماته وهى "حبيبتى من تكون" وهى من كلمات خالد بن سعود، ولحن بليغ حمدى.

ولم يقتصر دوره فى تحقيق ذاته وإمتاعنا بغنائه فحسب فذهب إلى ابعد من هذا فكان جنديا من جنود مصر الأوفياء فى الميدان لمؤازرة الوطن فبعد حرب 1967م أقام الحفلات الخارجية لصالح المجهود الحربى وغنى فى حفلته التاريخية فى قاعة "ألبرت هول" بلندن أمام أكثر من ثمانية آلاف فرد أغنية "المسيح" وفيها تغنى بالقدس ولاقت نجاحا كبيرا اذ اهتزت القاعة ووقف الحاضرون يصقفون لمدة غير قصيرة وهى من كلمات عبدالرحمن الابنودى ولحن الموسيقار بليغ حمدى وغنى فى نفس الحفل أغنية "عدى النهار" وهى أيضا لنفس الشاعر ونفس الملحن.

ويعتبر عبدالحليم حافظ هو مطرب ثورة 1952 وذلك لنضوج ميلاده الفنى مع الثورة فغنى لها أول نشيد وطنى اسمه "العهد الجديد" وفى عام 1956 قدم اغنية "احنا الشعب" واغنية "الله يا بلدنا" بعد العدوان الثلاثى على مصر وأغنية "حكاية شعب" فى الاحتفال بوضع حجر الاساس ببناء السدالعالى، و"بالاحضان" وبعد نكسة 5 يونية 1967 تغنى بنشيد "احلف بسماها وبترابها" ووعد بأن يغنيها فى كل حفلاته حتى يتحرر كل شبر من أرض سيناء وهى من كلمات عبدالرحمن الابنودى ولحن كمال الطويل، وبعد انتصار أكتوبر 1973 انشد بأغنية "عاش اللى قال عدو القنال" والتى اشاد فيها بالدور البطولى للرئيس محمد أنور السادات فى انتصاره العظيم.

كان حليم كما ينادونه أصحابه صديقا للملوك والرؤساء أمثال: الملك الحسن ملك المغرب، والملك حسين ملك الاردن والحبيب بورقيبة رئيس جمهورية تونس، كما كان مقربا من الرئيس جمال عبدالناصر 

وفى عام 1974م تغنى بسيناء فى أغنية "صباح الخير يا سينا" وغير ها من الاغانى الوطنية العديدة كما له العديد من الأغانى العاطفية استطاع حليم أن يجسد فيها العاطفة ويخاطب الوجدان ويمزج الافئدة حتى لقبه معجبوه بمطرب العواطف ومن هذه الاغنيات العاطفية على سبيل المثال: "توبة، ياخلى القلب، فى يوم فى شهر فى سنة، موعود، أهواك، حبيبها، جانا الهوى"، كما طرق باب الابتهالات الدينية والادعية فأنشد "أدعوك يا سامع دعايا، ورحمتك فى النسيم، والحبة فى الارض، خلينى كلمة وغيرها". ولم يكن عبدالحليم حافظ معشوق الجماهير فى الغناء فحسب بل كان نجم شباك فى دور العرض السينمائى فكان فتى الشاشة الاول فى كل الافلام التى قام بالتمثيل فيها مثل أفلام: "لحن الوفاء وهى أول افلامه، وأيامنا الحلوة، ليالى الحب، أيام وليالى، موعد غرام، بنات اليوم، الوسادة الخالية، شارع الحب، حكاية حب، البنات والصيف، يوم من عمرى، الخطايا، معبودة الجماهير، أبى فوق الشجرة وهذا الفيلم آخر افلامه"

قام بعمل مسلسل إذاعى واحد فقط وهو "أرجوك لاتفهمنى بسرعة" عام 1973م وهو المسلسل الذى شارك فى بطولته نجلاء فتحى وعادل إمام.

وله كثير من الاغانى المجهولة لدينا لايتم اذاعتها لانها مملوكه للاذاعة المصرية.

لكن اشتد المرض على العندليب الاسمر بعد اصابته بتليف فى الكبد بسبب مرض البلهارسيا الذى تمكن من جسده فسافر الى لندن للعلاج وفى أثناء فحصه حدث له نزيف فى معدته لم يستطيع الاطباء ايقاف هذا النزيف وصعدت روحه الى بارئها فى 30 مارس عام 1977 وحمل جثمانه الى ارض مصر الذى عشقها حليم ليوارى جسده الثرى بعد أن ودعته مصر والعالم العربى وجمهوره الذى عشقه فى جنازة مهيبة لم تشهد مصر مثلها من قبل سوى جنازة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والفنانة الراحلة أم كلثوم سواء فى أعداد البشر أو فى انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع وهكذا رحل عنا فنان جميل فى زمن جميل عن عمر يناهز السابعة والاربعين من عمره، عاش متحاملا على نفسه ليمتعنا بينما كان ينزف الدم والالم رحل عنا بعد أن ترك لنا تراثا عظيما يخلد ذكراه على مدى العصور والازمنة. 

الأهرام الرقمي في

01.03.2015

 
 

جمال مصر ينتظر كاميرا المنظر الخارجى

بقلم: ماجدة الطباخ

فى كثير من المسلسلات الأجنبية تشعر للوهلة الأولى أن كاميرا الدراما تحولت بنظرة فنان وبعين مصور مبدع وكلمة مؤلف واع إلى أفضل وسيلة لتسليط الضوء على ما يتمتع به موطنها من جمال، وفى مصر تجد من يتمسك بالبقاء فى أحضان ما تتمتع به من جمال وتاريخ وحضارة ومناظر قد لا تجدها إلا فى المحروسة ولكن من يحرصون على ذلك تجدهم قليلين أو قل نادرين إذ يجمع المخرج شتات فريقه الفنى وينطلق إلى أمريكا أو أوروبا وغيرها بحثا عن منظر مختلف وكأن بلادنا عقمت من الجمال ومناظره الخلابة. 

وبالاقتراب من المسلسلات المصرية التى يستعين القائمون عليها بالتصوير خارج حدود مصر وجدنا أن هناك من يتمسكون بذلك لوجود أسباب مختلفة، فبعضهم يرى فى ذلك نوعا من التجديد وآخرون يرونانها إضافة إلى العمل، وفريق ثالث يتمسك بالتصوير داخل مصر إيمانا بوجود أماكن جميلة يتوجب التصوير فيها لإظهار الجانب الجمالى الذى لا يعرفه البعض, بالرغم من الصعاب التى يواجهونها فى استخراج تصاريح، وتكليف مالية باهظة، وفى حين يرى الآخرون أن التصوير خارج أو داخل مصر ليس مهما فالاهم هو المحتوى الدرامى للعمل. 

وان المناظر لابد أن تكون موظفة بشكل جيد فى إطار محتوى العمل، وبين هذا وذاك نعرض بعض هذه الأعمال، والآراء والمطالب التى يتمناها فنانو ومبدعو مصر.

ومن الأعمال التى من المقرر تصويرها فى الدول الأوروبية المسلسل الكوميدى «الكبير أوي» حيث يفاضل النجم أحمد مكى فى الاختيار بين ألمانيا وتركيا لتصوير المشاهد الخارجية المسلسل بطولة النجمة دنيا سمير، وهشام إسماعيل، ومحمد شاهين، ومحمد سلام واخرج أحمد الجندى، وإسلام خيرى. أما مسلسل «مولانا العاشق» للنجم مصطفى شعبان الذى تدور أحداثه فى إطار اجتماعى إنسانى يطرح عددا من قضايا المجتمع على رأسها قضية الإرهاب، فمن المقرر ان يقوم المخرج عثمان أبو لبن بتصوير المشاهد الخارجية الخاصة به فى عدد من الدول الأوروبية، وهو بطولة نيكول سابا، ومحمد لطفي, ومحمد الشقنقيرى, وخالد سرحان، وسامى مغاورى، وسارة سلامة, ومن تأليف أحمد عبدالفتاح.

ويعود النجم أحمد السقا للدرما الرمضانية بعد عامين من تقديمه مسلسل « خطوط حمراء» هذا العام بمسلسل «ذهاب وعودة» الذى من المقرر أن يتم تصوير مشاهده الخارجية به فى قبرص، وبلجيكا، وهو من بطولة مجدى كامل، وياسر جلال، فريال يوسف، وانجى المقدم, ولقاء سويدان، واسلام جمال تأليف عصام يوسف، ومن إخراج احمد شفيق.

أما المسلسلات التى فضل القائمون عليها البقاء داخل مصر وإبراز المناظر الجميلة بها منهم المخرج إبراهيم فخر مخرج مسلسل «حالة عشق» بطولة النجمة مى عزالدين,الذى قال انه لن يستعين بالتصوير خارج مصر ولكنه سوف يقوم بإبراز الأماكن الجميلة فى مصر من خلال المسلسل، وهو من تأليف محمد صلاح عزب، وبطولة النجم خالد سليم، وحازم سمير، ومحمد صيام، وعمر مصطفى متولى، وهند رضا.

ومسلسل «ألف ليلة وليلة» بطولة شريف منير ونيكول سابا من تأليف محمد ناير, فقد اختار له المخرج رءوف عبدالعزيز عدد من المدن المصرية الساحلية بينها مدينتا طابا ودهب.

أما مسلسل «ساحرة الجنوب» للمخرج أكرم فريد فقد استعان بأكثر من مكان داخل مصر لتصوير مشاهد مختلفة منها منطقة دهشور الأثرية ومدينة الأقصر، وغيرها من الاماكن السياحية، المسلسل بطولة حورية فرغلى، وسوسن بدر، وصلاح عبدالله، ومها أبو عوف وتأليف سماح الحريرى. وفى هذا الصدد يقول الفنان رياض الخولى: لاشك أن احتواء الأعمال على المناظر الطبيعية يجذب جانبا كبيرا من الجمهور ويعد هذا احد الأسباب الذى يجذب المصريون لمشاهدة الدراما التركية بالرغم من أن معظمها لا يتفق مع عادتنا وتقليدنا وديننا, وأيضا وجود بعض العراقيل التى تواجهنا فى أثناء التصوير داخل الأماكن السياحية أو مطار القاهرة أو بعض الأمان الأخرى, واتمنى تسهيل مهمة الفنان ومساعدته فى أداء عمله وإزاحة العراقيل بوجود تعاون بين جمع مؤسسات الدولة والمؤسسة الفنية لتحقيق دعاية للسياحة المصرية من خلال إبراز المناطق الجميلة, والبعد عن الأماكن الثابتة التى مللنا رؤيتها فى معظم الأعمال الفنية. أما الكاتب الكبير مصطفى محرم، فيؤكد أن الأعمال الهادفة المتكاملة التى تحتوى على الفكر والإبداع لابد أن تقدم من خلال رؤية فنية وإبداعية توضح وتبرز الجانب الجمالى من خلال أدوات الفنية متعددة، ولكى نرى العمل الفنى المتكامل لابد أن يتم تذليل العقبات التى تواجه الفنانين، والمبدعين أثناء عملهم بالتعاون مع الجهات المسئولة، ذلك بالإضافة إلى وجود شركات إنتاج كبيرة لتوفيرالعناصر المختلفة التى يحتاجها العمل ككل.

ويقول المخرج محمد سامى إن المخرج يسعى دائما لخلق أفكار جديدة تشد الجمهور وتجذب انتباهه, واستثمار الطبيعة والجمال احد أهم هذه العناصر, ويضيف إن هناك بعض الصعوبات التى تواجهنا كمخرجين وهى تكمن فى استخراج التصاريح التى تمكنا من استكمال التصوير فى أماكن معينة, وفى مواقف مختلفة، فى الوقت الذى تسعى فيه كثير من الدول الخارجية لجذب الفنانين من إنحاء العالم من اجل التصوير داخلها بتكلفة أقل، وذلك ما يجذب عددا كبيرا من المخرجين للسفر إلى بعض الدول العربية أو الأوروبية لقلة التكاليف. 

أين أفلام التليفزيون. وأهميتها فى رسالة السينما الجديدة؟!

بقلم: سعيد عبدالغنى

إذا كانت السينما. قد عانت الكثير من النقد. والرفض الجماهيرى. لعدد ليس قليلا من نوعية من الأفلام. تحمل فى أحداثها مساحات كبيرة من الهبوط الأخلاقى وأدت إلى هذا الرفض الجماهيرى. والمطالبة بضرورة وجود أفلام سينمائية جديدة. تعود بسينما مصر إلى سينماها التى كانت رمزا جميلا لريادة السينما المصرية منذ بدايتها منذ أكثر من مائة عام. وبدأت بالفعل فى محاولات جادة. فى تقديم سينما جديدة. تحقق رضا الجماهير الرافضة والاقبال عليها لمشاهدتها. وللأسف هناك سينما هامة جدا. تم اهمالها. واختفى وجودها. وهى قادرة بعد عودتها فى المساهمة القوية. والجادة فى رسالة السينما الجديدة. التى عليها العودة إلى سينماها المصرية الجديدة بأفلامها!

انها سينما. أفلام التليفزيون المصرى. التى تحمل نوعا من الأفلام الناجحة التى كانت تسعد بها الجماهير. وتقبل على مشاهدتها ومشاهدة نجومها. ونجماتها الشهيرات فى عالم السينما. والمسرح والتليفزيون. وتدور أحداثها فى إطار يحترمها. ويحترم جمهور المشاهدين وأسرهم وهى تشاهد أفلامها من خلال عرضها على شاشات التليفزيون وهم فى بيوتهم باقبال كبير!

وهنا نمر مع بعض نماذج هذه الأفلام بنجومها بجميع فروع صناعة السينما. وبقواعد هادئة. وأجور للنجوم محددة وبسيطة. تبعد عن الملايين. ولكنها تبدأ بالألف جنيه فى الفيلم. وإلى أكثر يصل بعد التعامل مع إنتاج التليفزيون. وظهورهم فى أفلام أخرى. وبعض المسلسلات التى كانت تصل إلى ثلاثة حلقات. بعد مرور السنين تصل إلى عشر حلقات. وبعد مرور سنين أخرى. تصل إلى ثلاثين حلقة. ترفع الأجور إلى أجر كل حلقة بعد الألف جنيه. إلى حد أقصى يبلغ عشرة آلاف جنيه فى الحلقة الواحدة. وكان هذا فى التسعينيات. بعد ظهور نشاط أفلام التليفزيون فى السبعينيات والثمانينات. حتى آخر التسعينيات!

وكانت الأفلام نذكر منها. فيلمى الثأر - للنجم محمود المليجى. وفيلم - خريف ابريل - لعمر الحريرى. وزوزو نبيل. وحصلت المخرجة الكبيرة علوية زكى على جائزة أفضل مخرجة عن فيلم خريف ابريل، بداية عرض الفيلمين عام 1978. وقوات الأفلام والمسلسلات. منها مسلسل. ضمير أبلة حكمت. بطولة النجمة الكبيرة الراحلة. فاتن حمامة. ومعها النجم أحمد مظهر. ثم مسلسل. وجه القمر. بطولة النجمة. فاتن أيضا ويشاركها البطولة. أحمد رمزى. وجميل راتب. ويأتى مسلسل - نصف ربيع الآخر - بطولة يحيى الفخرانى. وإلهام شاهين. ويذاع هذه الأيام على شاشة التليفزيون.

ويتوالى إنتاج الأفلام والمسلسلات من بطولة النجوم والنجمات والمخرجين المشهورين. منهم المخرج عادل صادق الذى أصبح رئيس صوت القاهرة وفيلم - غدا تشرق الشمس - ومجموعة كبيرة من الأفلام والمسلسلات. ويأتى المخرج الكبير حمادة عبدالوهاب. ليقدم عددا من الأفلام والمسلسلات منها مسلسل. الغربة. الشهير باسم بطله. هراس ويشترك فى بطولته أحمد بدير صديق هراس. والراحل حسن عابدين. وغيره من النجوم الأبطال. وفى بطولته الفنانة فردوس عبدالحميد. وباقى نجوم هراس. الذى أصبح من أهم المسلسلات التليفزيونية. الذى تردده الجماهير. باسم هراس جاى. عند اهمال أى عامل فى عمله. أو موظف تحذيرا له من ان هراس جاى. خوفا من عقابه!

وهناك أفلام منها. الظل. بطولة مديحة كامل. وفيلم الأزمة. بطولة ماجدة الخطيب، والفيلمان تصوير محسن نصر. وأفلام - أنا وأنت وساعات الصفر - بطولة الفخرانى ونيللى. وإخراج محمد نبيه. تأليف وحيد حامد. وفيلم - آدم بدون غطاء - بطولة محمد صبحى. ونيللى. ومسلسل من إخراج حمادة عبدالوهاب. بطولة يسرا. ومصطفى فهمى وفيلم - السرعة لا تزيد عن صفر - بطولة أحمد بدير وعبلة كامل. إخراج إبراهيم الشقنقيرى. وأفلام. أغنية على جسر الأمل. للمخرج علاء كامل. ونوبة صحيان إخراج محمد سيد عيسى. ومسلسل. الطاووس. ويا عزيزى كلنا لصوص. مع أكبر وأهم مخرج تليفزيونى نور الدمرداش. وقدم التليفزيون مسلسل. أم كلثوم. بطولة صابرين. إخراج انعام محمد على. ومسلسل المصراوية. وعدى النهار. للكاتب الراحل عكاشة. وإخراج المخرج الكبير الراحل إسماعيل عبدالحافظ!

هذا إلى جانب عديد من الأفلام والمسلسلات قام بإنتاجها التليفزيون. مع أكبر مخرجين. وإبداع مؤلفين. ونجوم ونجمات السينما والتليفزيون الكبار. وهذه الأيام بدأ التليفزيون يجرى بروفات لمسلسل جديد ونرجو أن يكون بداية لعودة أفلام التليفزيون التى تنتظرها الجماهير وأهميتها فى رسالة عودة السينما الجديدة! 

4 أحداث مهمة. تعيش فيها العيون

عيون المشاهد هذا العدد لم تشاهد فقط. بل إنها عاشت وتعيش مع أحداث. حدثت. وأخرى ستستمر فى حدوثها. وأولها هذا اللقاء الذى تم ليلة الأحد الماضى من الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حديثه التليفزيونى إلى الشعب المصرى. وفى بداية الحديث تقدم الرئيس بالتحية للشعب المصرى العظيم. وقال إنه حريص على أن يلتقى مع المواطنين شهريا عبر التليفزيون. ووجه التعازى لكل المصريين من أبنائنا من رجال الجيش والشرطة ومن سقطوا فى أحداث استاد الدفاع الجوى. وشهدائنا الأبرياء الذين سقطوا فى ليبيا. الذين ذبحوا فى سبيل الحصول على لقمة العيش. وقال إنه لم يقدر على تقديم التعزية إلا بعد أن قامت القوات المسلحة. بالثأر سريعا ردا على الجريمة. وقال. إننا لانغزو بل نحمى شعبنا!. وأن رد فعل القوات المسلحة. كان محل تقدير للمصريين وكل دول العالم. مؤكدا أن الجيش المصرى لايعتدى على أحد. ولايغزو أراضى أحد. وإننا دائما ما ندافع عن أرضنا من الداخل فقط.

وبدأ الرئيس. فى الحديث عن كل الأحداث التى تعيشها. وعاشتها مصر ومواجهتها. وأن مصر تدير علاقات توافقية مع جميع الدول. وتحدث عن زيارته للصين. وأن فى شهر ابريل المقبل سيشهد زيارة واستقبال الرئيس الصينى فى مصر. وتحدث عن لقائه مع العديد من رؤساء الدول. الأوروبية. والولايات المتحدة. وفرنسا. وتم تعزيز العلاقات بين الجزائر. وغينيا الاستوائية. وأثيوبيا. وعودة مكانتنا على الصعيد الأفريقى. ولقاء الرئيس الروسى بوتين. وكان إيجابيا. لكل الاتفاقيات التى تمت بين مصر وروسيا!

وعاشت العيون مع لقاء الرئيس السيسى. وتنتظر لقاءه كل شهر. لتعيش مع معه. ومع لقائه الذى ينتظره الشعب. وكل العالم!.

- والحدث الثانى. هو!

مهرجان القاهرة الدولى لسينما الطفل الذى يعود بعد توقف دام السنوات الثلاث الماضية. وذلك للظروف السياسية العصيبة. وسيعود مهرجان القاهرة الدولى لسينما الطفل فى دورته القادمة التى من المقرر أن تبدأ فى العشرين من مارس الحالى وتستمر حتى السابع والعشرين من نفس الشهر على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرى. كما صرح د. محمد عفيفى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.

ويشترك فى المهرجان 44 دولة عربية وأجنبية من بينها. الصين. روسيا. المجر. اليونان. بولندا. اليابان. الجزائر. الغرب. المملكة العربية السعودية. جنوب أفريقيا. وغيرها من الدول.

ونرجو للمهرجان الدولى لسينما الطفل. العودة الجديدة. والنجاح بعد غياب السنوات الثلاث.

- الحدث. الثالث! وهو!

خاص بالصديق والنجم العزيز. نور الشريف. صاحب أعظم مشوار سينمائى ومسرحى. ودراما تليفزيونية. بعد عودته من أمريكا. أصر على تكملة علاجه فى مصر. وكان الصديق العزيز الذى أعلن عن مرضه وسافر إلى أمريكا للعلاج. وأن مرضه ينحصر فى معاناته بآلام القدمين نتيجة عدم وصول الدم إلى قدميه. هذا إلى جانب إصابته. بماء على الرئة. واستطاع الأطباء العمل على إزالتها وأن الأطباء المعالجين لديهم أمل كبير فى تحسن حالته الصحية. وأنه سيعود مرة أخرى لحالته السليمة. 

ونتمنى للصديق النجم العزيز. نحن والجماهير الكبيرة التى تحبه وتتمنى له الشفاء قريبا بإذن الله!.

- الحديث الرابع. وهو

خاص بالنجم. المحبوب. هشام سليم. الذى أعلن وهو فى منتهى الحزن والأسى أنه لم يتلق أى سيناريو منذ ثلاث سنوات. ولم يسأل عليه أى من زملائه الفنانين الذين يعرفهم وعمل معهم الكثير من الأفلام. وقال. محدش عايز يشغلنى. وأنا عايش وكويس. ولايكلمه أحد من المنتجين أو المخرجين. وأنا لاأطلب العودة إلى الأضواء لمجرد المال. ولكنى أريد الوجود مع زملائى. وأن لديه مشروعا تجاريا فى إحدى المدن الساحلية. وربحه أنفقه على بناتى. وأسعى أن يكون لى دخل من مصدر آخر. خوفا أن يؤثر على نفقات بناته. وأن كل مايحدث له شيء غريب. وأنه عايش ويأكل ويشرب لأن والده علمه أن يعيش ولو على شقة فول. وأكمل كلام أبيه. أو أعيش كمان على السمون فيميه! والذى حدث لى حدث بعد مسلسل - أهل إسكندرية. الذى تم منعه من العرض أيام ثورة 25 يناير. وأنا الآن عايش. وصحتى كويسة. وأنا ليه بيت قاعد فيه. الحمد لله!.

وإلى لقاء. 

الصديق المخرج الراحل. نادر جلال. والكمبيوتر

يوميات الممثل هذا العدد. ستكون مع الصديق المخرج الراحل نادر جلال. والذى عشت معه كصديق فترة طويلة. وستكون يومياتى معه. من خلال عملى معه كممثل فى فيلمين من أهم أفلامى فى مشوارى الفنى. وهى من أهم اليوميات التى أقدمها عن المخرجين أصحاب الرسالة. والدروس الفنية التى يرسلونها فى جميع الأفلام التى يقدمونها. درسا. لفن الإخراج الذى عشت فيه معهم. لى. ولكل من يهمه الأمر!

المخرج نادر جلال. واحد من أولئك الذين يؤمنون بالتقدم العلمى المذهل الذى تعيشة السينما. إنه يتعامل مع السينما علميا إلى جانب رؤيته الفنية. الكومبيوتر فى حجرته بالمنزل لايفارقه بجواره. ويتعامل معه ويغذيه بتصوراته ومشاهد الفيلم الذى يصوره ورؤيته الفنية. وشكل اللقطات وحجمها. ثم يلتقى معه كل ليلة قبل التصوير. ويطلب منه المشاهد التى ستصور غدا. ولتكن مثلا مشاهد تدور أحداثها فى مستشفى. فيسرع الكومبيوتر بإحضارها له من كل مشاهد سيناريو الفيلم. ويضعها أمامه. وأحيانا يطلب من الكومبيوتر أن يعدل الجملة التى فى مشهد (15 ) ليضعها مكان جملة أخرى فى مشهد (85) مثلا. فى ثوان يتم كل شيء. يطلب أيضا حجم اللقطة التى ستصور الآن فى ثوان يتم كل شيء.

يطلب أيضا بالرسم صورة الديكور. ومواقع الممثلين. وحركاتهم أثناء المشهد وأجزاء من المنظر. فيفضله أو يطلب غيره. ويطلب مكان الكاميرا. وكل مايحتاجه المخرج فى مشهد ما. يتم إظهارها فى ثوان!

تجد هذا المخرج المؤمن بالعلم. يحمل فى يده دوسيها بداخله كل ماقدمه له الكومبيوتر ليتم تصويره اليوم. ليصور مشاهده وهو مطمئن. فإن الكومبيوتر. نادرا. جدا. جدا. مايخطئ. وهو كمخرج تعامل بعلم ودراية. وغزاه بكل مايحتاجه. واحتمالات احتياجاته. فما عليه إلا أن يطلب. والكومبيوتر يجيب فى ثوان. إنه الكومبيوتر الذى يستطيع أن يحمل فى ذاكرته ثلاثة ملايين معلومة. ويستجيب بسرعة البرق. لأن المخرج المبدع الصديق الراحل نادر جلال يعرف التعامل مع الكومبيوتر دراسة وإبداعا. 

نجوم كانوا. وأصبحوا. النجم براد بيت

النجم العالى الشهير الآن. وزوج الشهيرة أيضا النجمة انجلينا جولى. هو واحد من الذين. كانوا وأصبحوا. فبعد أن ترك جامعة ميسورى حيث كان يدرس الصحافة. انتقل براد بيت. إلى كاليفورنيا. لأنه كان يحلم بأن يصبح ممثلا. لكنه لاقى الفشل فى بداياته واحتاج إلى المال. فتنكر فى زى دجاجة للترويج لسلسلة المطاعم المكسيكية - البولو. لوكو - وعمل فى توصيل المثلجات إلى المنازل. ولكن أغرب وظيفة له كانت قيادة سيارة لنقل فتيات الليل. وقد عثر على هذه الوظيفة من مكان يدعى جوب فاكتورى حيث كان الناس بها يعرضون وظائف غريبة. فيقوم من هو فى حاجة إلى العمل بالتقدم للحصول عليها ومن ضمن واجباته. كان عليه تلقى تفاصيل المهمة والتوجه الى منزل فتاة الليل واصطحابها إلى مكان الحفل. ومن ثم جمع المال والخروج من هناك حيا سالما. المفارقة المهمة هى أن براد بيت التقى مدرب التمثيل الخاص به عبر فتاة كان يقوم بتوصيلها وكانت تتلقى دروسا فى التمثيل لدى المدرب نفسه. والاغرب من وظيفة براد بيت أنه استطاع من خلال تدريبات هذا المدرب الخاص بفتاة الليل. التى كان يوصلها. استطاع ان يدخل إلى عالم التمثيل. وتدريجيا فى قيامه ببعض الأدوار الصغيرة. وصل إلى النجومية. وتزوج النجمة الشهيرة انجلينا جولى. لتحقق نظرية كانوا. وأصبحوا. التى حدثت لكثير من النجوم السينمائيين فى عالم سينما هوليوود الشهير. وإلى نجوم. كانوا وأصبحوا. وحكاياتهم الغريبة!. 

كلام. قالوه

أنا قلتها من قبل. سوف أعطى لعمرو دياب خمسين مليون جنيه إذا وافق على عمل مسلسل - الشهرة - لأننى أعى جيدا أنه لن يقدم على هذه الخطوة. وأعتقد أنه أذكى من أن يصبح الممثل الثالث أو الرابع فى النجومية بعد أن كان الأول فى الغناء فى العالم العربى. كما أنه يتدخل من حين لآخر فى السيناريو ويقوم بالتعديل فيه. ودون أى اعتراض من مدحت مؤلف العمل إذا كانت التعديلات مفيدة. ولذلك تم تأجيل المسلسل العام الماضى.

سامى العدل

- أكثر شخصية تشبهنى. هى شخصية الزوجة التى قدمتها فى فيلم زوجة رجل مهم - لأنها صورة طبق الأصل منى كإنسانة. فأنا أستمع لأغنية لعبدالحليم حافظ وأسرح معه وأتعامل مع الأشياء بحذر وتصدمنى التصرفات الغريبة وتبهرنى اللمسة الناعمة وتجذبنى التفاصيل الصغيرة التى قد لايلتفت لها أحد. والحب معادلة تحتاج مقادير مضبوطة كى يصبح مشروع فرح.

النجمة ميرفت أمين

- فيلم. الحشاشين. تدور أحداثه حول أول جماعة إرهابية فى التاريخ. حيث ترصد من خلاله - 12 ساعة - من عمر هذه الجماعة وتتناول الاغتيالات التى قاموا بها وتاريخهم. ونشأتهم. والجبال التى إتخذوها لنشر دعوتهم والإدعاء بأن من يدخلها يدخل الجنة. والفيلم مهم فى هذه الفترة. وهو من إخراج عادل أديب ويكتبه الشاعر العظيم سيد حجاب. وإذا نظرنا للتاريخ وقرأنا.سنرى أن التاريخ بعيد نفسه والأحداث تتكرر بشكل أو بآخر ونعمل على رصد هذه الفترة التى تشبه كثيرا مانحن فيه ونفضل تقديمه بشكل مباشر!.

طارق لطفى 

- أنا مع العودة لأعمال كبار الكتاب والروايات الأدبية للدراما خاصة الرمضانية. بعد أن ظهر أن أغلب مايقدم على الشاشة الرمضانية كان بمثابة إسفاف وإبتذال كشفت ماعندنا فى فقر الكتابة. وهذا لايعنى عدم وجود أعمال جيدة. بل كانت هناك أعمال مأخوذة من نصوص أدبية وحققت نجاحات كبيرة. ولذا نتمنى البحث عن المواهب الشابة فى التأليف وكتابة السيناريو والحوار وصقل موهبتها من خلال الاستفادة من قصص وأعمال كبار الكتاب!

أحمد عبدالعزيز

- سأكون بودى جارد فى مسلسل رمضان القادم - وش تانى. ويقوم حسين فهمى بشخصية رجل أعمال شهير يهرب خارج مصر بثروته التى نهبها من قوت الشعب ويشارك المنتج والمخرج وائل عبدالله فى كتابة السيناريو السيناريست وليد يوسف ويشارك فى بطولته محمد لطفى ومنة فضالى وأحمد حلاوة وميار الغيطى وسارة سلامة. ومجموعة من الوجوه الشابة. ويتناول المسلسل فى أحداثه كواليس رجال الاعمال وعلاقاتهم بالسلطة ونهبهم لقوت الشعب واستغلالهم لعلاقاتهم برجال السلطة!

كريم عبدالعزيز 

"مالمو" يكرم اسم فاتن حمامة

يقيم مهرجان مالمو للسينما العربية احتفالية خاصة بيوم سينما المرأة العربية ويكرم سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة، التى أصبحت سيرتها الذاتية تاريخ السينما المصرية والعربية، لذا قرر مهرجان مالمو تكريم المرأة العربية والعالمية من خلال افتتاح مهرجان المرأة السنوي، بفيلم وثائقى قصير عن نجوم السينما المصرية. 

الأهرام المسائي في

01.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)