كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

أوسكار ٢٠١٥ بين افتتاح مهرجان برلين وافتتاح مهرجان فينسيا

بقلم: سمير فريد

٢٦/ ٢/ ٢٠١٥

 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية المعروفة باسم الأوسكار التمثال الذهبى الصغير، رمز جوائزها، وهى أعرق وأشهر جوائز السينما فى العالم، والتى أعلنت الاثنين الماضى، فى دورتها الـ٨٧، عن أفلام ٢٠١٤، مجموعها ٢٤ جائزة، ١٨ للأفلام الروائية الطويلة الناطقة بالإنجليزية، وجائزة للأفلام الروائية الطويلة غير الناطقة بالإنجليزية، وتسمى أحسن فيلم أجنبى، وجائزة لأحسن فيلم تسجيلى طويل، وجائزة لأحسن فيلم تشكيلى طويل، وثلاث جوائز للأفلام القصيرة من الأجناس الثلاثة.

الأوسكارات الـ١٨ فازت بها عشرة أفلام، وهى، حسب عدد الجوائز: «الرجل الطائر» إخراج اليخاندرو جونزاليس إيناريتيو الذى عرض فى افتتاح مهرجان فينسيا «انظر رسالة (المصرى اليوم) من المهرجان عدد ٣٠ أغسطس ٢٠١٤ لكاتب هذه السطور»، وفاز بـ٤ جوائز «أحسن فيلم وأحسن إخراج وأحسن سيناريو لمخرجه وأحسن تصوير قام به إيمانويل لوبيزكى»، و«فندق بودابست الكبير» إخراج ويس أندرسون الذى عرض فى افتتاح مهرجان برلين «انظر رسالة (المصرى اليوم) من المهرجان عدد ٨ فبراير ٢٠١٤ لكاتب هذه السطور»، وفاز بـ٤ جوائز «أحسن موسيقى تأليف ألكسندر ديسبلات وأحسن تصميم إنتاج (آدم ستوكهاوزن) والتى تتضمن أحسن ديكور (آنا بينكوك) وأحسن تصميم أزياء (ميلنيا كانونيرو) وأحسن ماكياج اشترك فيه فرانسيس هانون ومارك كولير».

وفاز بجائزتين كل من «قناص أمريكى» إخراج كلينت استوود «أحسن مونتاج صوت لكل من آلان روبرت موراى وبوب أسمان، وأحسن ميكساج صوت لكل من جون رتيز وجريج رودلوف ووالت مارتين»، و«يبلاش» إخراج داميان شازيلى الذى عرض فى مهرجان صاندانس «أحسن مونتاج صورة (توم كروس) وأحسن ممثل فى دور مساعد وهو جيه. ك. سيمونز».

الأفلام الستة الأخرى فاز كل منها بجائزة واحدة، وهى «لعبة المحاكاة» إخراج مورتين تيلدوم «أحسن سيناريو عن كتاب للكاتب جراهامور»، و«بين النجوم» إخراج كرستوفر نولان «أحسن مؤثرات بصرية لكل من بول فرانكلين وأندرو لوكلى وإيان هنتر وسكوت فيشر»، و«صمود أليس» إخراج ريتشارد جلاتزر وواش ويستمور لاند «أحسن ممثلة جوليان مور»، و«زمن الصبا» إخراج ريتشارد لينكلاثر الذى عرض فى مهرجان برلين «أحسن ممثل فى دور مساعد باترشيا أركويت»، و«نظرية كل شىء» إخراج جيمس مارش «أحسن ممثل إيدى ريد ماين»، و«سيلما» إخراج آفا دوفرناى «أحسن أغنية (المجد) تأليف وتلحين جون ستينر ولونى لاين».

 

«تيمبوكتو» يكتسح سيزار الـ٤٠ وأحسن ممثلة فى القاهرة وباريس

بقلم: سمير فريد

٢٥/ ٢/ ٢٠١٥

«سيزار» هى جوائز الأكاديمية الفرنسية للفنون والعلوم السينمائية التى تعادل فى فرنسا جوائز «أوسكار» فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أعلنت جوائز سيزار فى دورتها الـ٤٠ قبل أيام قليلة من إعلان أوسكار حتى لا تطغى عليها الجوائز الأمريكية الشهيرة، وحيث اكتسح الفيلم الفرنسى «تيمبوكتو» إخراج الموريتانى عبدالرحمن سيساكو، وفاز بالجوائز السبع التى رُشح لها، وهى جوائز أحسن فيلم وإخراج وسيناريو وتصوير ومونتاج وصوت وموسيقى.

وكان الفيلم قد وصل أيضاً إلى ترشيحات الأوسكار لأحسن فيلم أجنبى، وأصبح مخرجه ثانى مخرج عربى يصل إلى ترشيحات هذه الجائزة بعد الفلسطينى هانى أبوأسعد، وكان العرض العالمى الأول للفيلم فى مسابقة مهرجان كان فى مايو، والعرض العربى الأول فى مهرجان أبوظبى، كما عرض فى البرنامج الموازى «آفاق السينما العربية» الذى تنظمه نقابة المهن السينمائية فى مهرجان القاهرة بحضور وفد من العاملين فيه برئاسة مخرجه «انظر (صوت وصورة) عدد ٢٩ ديسمبر، حيث تم اعتباره أحسن فيلم عربى فى حصاد سينما ٢٠١٥»، ويعبر الفيلم عن موضوع الساعة، وهو الجماعات الإرهابية التى تقاتل باسم الإسلام فى العالم العربى والعالم.

قال سيساكو وهو يتسلم سيزار عن فيلمه الناطق بالعربية: «أشكر فرنسا، البلد الرائع المنفتح على الآخرين، وبلادى موريتانيا التى قامت بحماية فريق الفيلم أثناء التصوير». وقال: «فرنسا بلد رائع لأنها قادرة على الوقوف فى وجه الرعب والعنف والظلامية»، وأضاف: «ليس هناك صدام حضارات، وإنما تلاقى الحضارات».

ومن اللافت أن لجنة تحكيم آفاق السينما العربية فى مهرجان القاهرة، التى تكونت برئاسة ليلى علوى، وعضوية الناقد اللبنانى محمد رضا، والمنتج التونسى نجيب عياد، لم تمنح أياً من جائزتى البرنامج لفيلم سيساكو.

وفى سيزار ٢٠١٥ فاز الفيلم الفرنسى «الحب من أول صراع» إخراج توماس كابى بجائزة أحسن مخرج فى فيلمه الطويل الأول، وأحسن ممثل جديد «كيفين أزابيس»، وأحسن ممثلة أديل هينيل «٢٦ سنة».

وكان الفيلم قد عرض فى مسابقة مهرجان القاهرة فى عرضه العربى والأفريقى الأول مثل كل أفلام المهرجان، وفازت أديل هينيل أيضاً بجائزة الهرم الفضى لأحسن ممثلة من لجنة التحكيم التى رأستها يسرا.

 

فيلم روسى فى الذكرى المئوية لثورة ١٩١٧ بعد عامين

بقلم: سمير فريد

٢٤/ ٢/ ٢٠١٥

شاهدت فى مسابقة مهرجان برلين ٦٥ «٥-١٥ فبراير ٢٠١٥» الفيلم الروسى الروائى الطويل «تحت سحب كهربائية» إخراج ألكسى جيرمان الابن، والذى كان والده ألكسى جيرمان من كبار مخرجى السينما السوفيتية، وتوفى عام ٢٠١٣، وتدور أحداث الفيلم فى روسيا عام ٢٠١٧، أى بعد عامين، وهى السنة التى تشهد مؤوية ثورة أكتوبر الشيوعية، التى لم يعد العالم بعدها كما كان قبلها.

هذا هو الفيلم الروائى الطويل الخامس لمخرجه، الذى ولد فى موسكو عام ١٩٧٦، وتخرج فى معهدها السينمائى عام ٢٠٠١، وأخرج ثانى أفلامه الطويلة «القطار الأخير» ٢٠٠٣، والذى كان لى شرف الاشتراك فى لجنة التحكيم الدولية التى منحته الجائزة الذهبية فى مهرجان سالونيك ذلك العام، وكان فيلمه «جندى من ورق» قد فاز بجائزة الأسد الفضى فى مهرجان فينسيا ٢٠٠٨، وفى أول اشتراك فى مهرجان برلين بفيلمه الجديد فاز بجائزة أحسن إسهام فنى لمصورى الفيلم يفجينى بريفين وسيرجى ميخالشوك عن جدارة، فأحداث الفيلم تدور عبر سبعة أيام من أسبوع ما عام ٢٠١٧، حيث تكتب أسماء الأيام قبل بداية كل يوم، وتدور كلها فى موسكور فى الضباب وأثناء تساقط الجليد فى زمن متعادل، حيث الألوان كابية والليل مثل النهار والنهار مثل الليل، يسأل طالب شاب: «من نحن، من أنا، كل شىء فى فوضى».

المخرج الذى كتب السيناريو، وهو مؤلف سينمائى بامتياز، لم يعش الاتحاد السوفيتى، وكان فى صباه المبكر عند سقوطه، ولكنه يعيش تاريخ بلاده، ومنذ فيلمه الأول الذى يدور أثناء الحرب العالمية الثانية «١٩٣٩-١٩٤٥» وعبر فيه عن رؤيته للحرب على نحو مختلف عن الرؤية السائدة من خلال تقديم صورة الجندى الألمانى «الطيب»، أو الجندى كإنسان رغم أنه من جيش الغزاة.

لا شىء يحدث فى الأيام السبعة، كل الشخصيات تدور فى حلقات مفرغة، ساشا تعود من الخارج بعد وفاة والدها الثرى لتتسلم ميراثها، عامل من قرغيزيا يبحث عن رفاقه وعن من يتكلم لغته، ومعمارى يصبغ جلده باللون الأحمر، ودليل سياحى كان يقف إلى جانب يلتسين على الدبابة، وأغلب اللقطات، وكلها طويلة، على شاطئ نهر عليه أشكال مختلفة من الحديد والخشب، وحصان من الصلب، وبقايا تمثال معدنى لزعيم ثورة ١٩١٧ «لينين»، وإحدى ذراعيه ممتدة، ويده تشير إلى لا شىء، إنه قصيدة من الشعر السينمائى السوريانى فى رثاء حلم الإنسان الدائم بالعدل والحرية.

 

«السرمكة» دليل جديد على احتقار الدولة فى مصر لفن السينما

بقلم: سمير فريد

٢٣/ ٢/ ٢٠١٥

حاول أن تتخيل ما الذى كان يمكن أن يكون عليه حال قنوات التليفزيون فى مصر وكل العالم العربى لو لم يتم إنتاج أكثر من أربعة آلاف فيلم مصرى روائى طويل منذ عام ١٩٢٣، صحيح أن أغلب دول العالم لم تنتج هذا العدد من الأفلام مثل مصر، ولديها قنوات تليفزيونية، وتكتفى بعرض الأفلام الأجنبية، ولكن الفرق شاسع بين عرض أفلام أجنبية وعرض أفلام محلية فى العلاقة مع المشاهدين وتأثير القنوات عليهم.

ورغم احترام الشعب المصرى لفن السينما، والحب العميق للأفلام المصرية، والذى يتمثل فى إقبال جمهورها على مشاهدتها، وحقيقة أن حصة الأفلام المحلية من السوق أكبر من حصة الأفلام الأجنبية على العكس من كل دول أوروبا والعشرات من دول العالم التى تربو على المائتين، حيث الحصة الأكبر للأفلام الأمريكية تحديداً، ورغم الكلام الإنشائى الفارغ عن السينما من الذين يسمون مسؤولين فى الدولة عن السينما فى مصر، فالحقيقة أن الدولة المصرية منذ نصف قرن ويزيد تحتقر فن السينما وتعتبره مجرد وسيلة للدعاية السياسية وتحصيل الضرائب على التذاكر، والتى تسمى ضريبة الملاهى، وغنى عن الذكر أنها مشتقة من اللهو، وما أدراك ما اللهو فى اللغة العربية.

والدليل الأكبر على احترام أى دولة للسينما هو المحافظة على التراث السينمائى من أصول ونسخ الأفلام، ومن وثائق الأفلام مثل السيناريوهات والملصقات والصور الفوتوغرافية والأزياء والديكورات والمطبوعات وغيرها، تماماً كما أن الدليل الأكبر على احترام أى دولة للكتب المحافظة على الكتب فى دار الكتب، وعلى اللوحات والتماثيل فى متاحف الفنون التشكيلية، ولكن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى أنتجت أكثر من أربعة آلاف فيلم طويل ولا يوجد بها متحف للسينما أو سينماتيك أو أرشيف أو مكان لحفظ التراث السينمائى أياً كان مسماه.

وقد استقلت من رئاسة لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة عام ٢٠٠٥، وهو منصب لا يعرف الاستقالة، وقطعت كل صلة وأى صلة مع وزارة الثقافة، احتجاجاً على عدم الاهتمام بالتراث السينمائى، أو بالأحرى احتقاره، وبعد أن فشلت اللجنة فى حث الدولة على احترام السينما، وبعد ثورة يناير، تصورت أن الموقف سيتغير، فعدت إلى التعاون مع الوزارة، ولكنى كنت واهماً، والآن وصل احتقار السينما إلى التليفزيون بعرض إعلانات عن «السيراميك» وغيره من البضائع التى تستخدم مشاهد من الأفلام المصرية، ومنها مشاهد ليوسف وهبى نفسه، عميد التمثيل فى المسرح والسينما، كما أن طه حسين هو عميد الأدب العربى.

 

عمالقة السينما الألمانية فى مهرجان واحد

بقلم: سمير فريد

٤/ ٢/ ٢٠١٥

يبدأ غداً مهرجان برلين فى دورته الـ٦٥، والتى تجمع ربما لأول مرة عمالقة السينما الألمانية وشبابها فى مهرجان واحد، ففى المسابقة يعرض من ألمانيا ثلاثة أفلام، وهو أكبر عدد من دولة واحدة، ومنها أحدث أفلام فيم فيندرز «كل شىء سيكون على ما يرام»، وهو أيضاً المخرج الذى يكرمه المهرجان بالدب الذهبى الشرفى ويعرض عشرة من أفلامه، ومن يدرى؟! فقد يفوز أيضاً بالدب الذهبى لأحسن أفلام الدورة.

وفى المسابقة أحدث أفلام ورنر هيرزوج الفيلم الأمريكى «ملكة الصحراء»، وفى عروض خاصة أحدث أفلام مرجريت فون تروثا الفيلم الألمانى «العالم الخطأ»، وخارج المسابقة (١٣ دقيقة) إخراج أوليفر هيرشيبيجل.

وإلى جانب كبار المخرجين الذين يشتركون فى المسابقة، مثل الأمريكى تيرنس ماليك والبريطانى بيتر جريناواى، يعرض فى عروض خاصة الفيلم الإيطالى «الخضرة ستعود مرة أخرى» إخراج إيرمانو أولمى والفيلم الأمريكى «سيلما» إخراج آفا دوفيرناى المرشح لأوسكار أحسن فيلم هذا العام.

وفى البانوراما الفيلم الأمريكى «بندقية ند» إخراج هال هارتلى، والفيلم الفرنسى «جريمة فى باكوت»، إخراج راؤول بيك، وفيلمان تسجيليان عن السينما لمخرجين من كبار مخرجى العالم، وهما البرازيلى والتر سالس، وفيلمه عن المخرج الصينى جيا زانج - كى، والدنماركى كرستيان براد تومسين، وفيلمه عن المخرج الألمانى فاسبندر الذى توفى شاباً عام ١٩٨٢ بعد أن صنع أمجاد السينما الألمانية منذ ستينيات القرن الماضى مع هيرزوج وشوليندورف وفون تروثا وفيندرز وكلوجة ورايتز وشروير.

الأفلام العربية فى المهرجان

يعرض فى مصر أربعة أفلام تسجيلية فى «امتداد الملتقى»، وهى «بره فى الشارع» إخراج ياسمينا متولى وفيليب رزق (٧٧ دقيقة)، و«على صعيد آخر» إخراج محمد شوقى حسن (٢٤ دقيقة)، و«أكابيللا» إخراج إسلام سيف الدين محمد (١٣ دقيقة)، و«سوريا اللذيذة» إخراج السورى عمار البيك (٢٣ دقيقة).

ويعرض من الدول العربية الأخرى فى نفس البرنامج من لبنان «ذكريات عين خاصة» إخراج رانيا اسطفان (٣١ دقيقة)، و«هل قتلت دباً من قبل أو أن تكونى جميلة بوحريد» إخراج مروة أرسانيوس (٢٥ دقيقة)، ومن فلسطين «من رام الله» إخراج عاصم ناصر (٥ دقائق) و«عشرون مصافحة من أجل السلام» إخراج مهدى فليفل (٥ دقائق)، وكلها أفلام تسجيلية.

وفى «الملتقى» من لبنان الفيلم التسجيلى «٢٨ ليلة وبيت من الشعر» إخراج أكرم زعيرى (١٢٠ دقيقة)، والفيلم الروائى «الوادى» إخراج غسان سلهب ١٢٨ دقيقة) ومن فرنسا الفيلم الروائى «قصة يهوذا» إخراج الجزائرى رابح عمار زاميش (٩٩ دقيقة)، وفيلمان تسجيليين من الإنتاج الفرنسى القطرى المشترك «إنذار فاسو فانى» إخراج ميشيل ك، كونجو (٨٩ دقيقة)، و«ليلة الصبى» إخراج دافيد يون (٦١ دقيقة) الناطق بالعربية.

وفى البانوراما الفيلم التسجيلى السويسرى «أوديسة عراقية» إخراج سمير (١٦٣ دقيقة»، والفيلم الروائى المغربى «البحر من ورائكم» إخراج هشام لعسرى (٨٨ دقيقة)، والفيلم الروائى الفلسطينى «الحب والسريقة ومشاكل أخرى» إخراج مؤيد العليان (٩٣ دقيقة»، وقد سبق عرض «أوديسة عربية» فى مهرجان أبوظبى، و«الوادى» و«البحر من ورائكم» فى مهرجان دبى، وتعرض الأفلام الأخرى لأول مرة.

الكاميرا الذهبية

منذ عام ١٩٨٦ تمنح إدارة مهرجان برلين جائزة خاصة عن مجمل الأعمال باسم «الكاميرا الذهبية»، وهذا العام فاز بها فنان السينما التسجيلية الفرنسى العالمى مارسيل أوفلس، وهو من أعلام السينما التسجيلية فى القرن العشرين، ويعرض المهرجان بهذه المناسبة نسخة جديدة من فيلمه «ذكريات العدالة» الذى يعتبر من روائع الفن السينمائى، كما فاز بها مؤرخ السينما الروسى نعوم كليمان، مؤسس سينماتيك موسكو، ويعرض المهرجان عنه الفيلم الألمانى التسجيلى «سينما: قضية عامة» إخراج تاتيانا براند روب (٩٦ دقيقة)، ويعقب عرض كلا الفيلمين حوار مع الفائزين الكبيرين.

 

مهرجان الألف فيلم والربع مليون متفرج

بقلم: سمير فريد

٣/ ٢/ ٢٠١٥

يفتتح فى العاصمة الألمانية برلين، بعد غد، مهرجان ألمانيا السينمائى الدولى المعروف باسم «البرينالى»، والذى ينعقد فى فبراير من كل عام، ليبدأ العام السينمائى الجديد، ويعتبر أول المهرجانات الكبرى الثلاثة قبل كان فى مايو، وفينسيا فى أغسطس.

يتميز برلين عن المهرجانين الآخرين بعرض نحو ٤٠٠ فيلم طويل وقصير فى برامجه الـ١٥، بما يعادل عدد الأفلام والبرامج فى كان وفينسيا معاً، وإذا أضفنا ما يعرض فى سوق الفيلم الأوروبية يصبح مهرجان الألف فيلم، كما يتميز بعمله على اجتذاب عدد كبير من جمهور السينما، والذى يصل إلى ربع مليون متفرج فى أيامه الأحد عشر، وهو أكبر عدد من الجمهور بين كل مهرجانات العالم.

فى الدورة الـ٦٥ التى تنعقد من ٥ إلى ١٥ فبراير، يعرض المهرجان ٣٨٨ فيلماً طويلاً وقصيراً فى ٤ مسابقات و١١ برنامجاً خارج المسابقات، ففى مسابقة الأفلام الطويلة ٢١ فيلماً، وفى مسابقة الأفلام القصيرة ٢٧، وفى مسابقة أفلام الشباب ٣٣، وفى مسابقة أفلام الأطفال ٣٣، وخارج المسابقة ٢، وفى عروض خاصة ١٠، والبانوراما ٥٣، والملتقى ٤٧، وامتداد الملتقى ٣٢، وآفاق السينما الألمانية ١٤، وكل أفلام هذه البرامج من إنتاج ٢٠١٤ و٢٠١٥، والغالبية الساحقة منها تعرض لأول مرة فى العالم.

والبرامج التاريخية، أى التى تعرض نسخاً جديدة لأفلام من تاريخ السينما، هى برنامج «الفائز بالدب الذهبى الشرفى»، والدب هو رمز مدينة برلين ورمز جوائز المهرجان، ويمنح الدب الشرفى لشخصية واحدة فقط كل دورة، وهى هذه الدورة للمخرج الألمانى الكبير فيم فيندرز، ويعرض فى البرنامج عشرة من أفلامه، وبرنامج كلاسيكيات البرينالى ٥ أفلام، والبرنامج التاريخى، ويخصص هذا العام للاحتفال بمئوية الفيلم الملون، ويعرض ٣٠ فيلماً.

وهناك برنامجان يعرضان الأفلام الجديدة وغير الجديدة، وهما أفلام السكان الأصليين ١٨ فيلماً، وأفلام الطعام ٢٣ فيلماً، ومن بين مجموع الأفلام ٨٣ فيلماً تسجيلياً طويلاً وقصيراً.

وإلى جانب عروض الأفلام هناك «برينالى المواهب» الذى يجمع ٣٠٠ شاب وشابة من ٧٥ دولة يتم اختيارهم على مدار العام لعرض أفلامهم ومناقشتها، ومشاهدة مختارات من أفلام المهرجان، والحوار مع عدد من كبار السينمائيين فى مختلف فنون السينما فى محاضرات وندوات وورش عمل متنوعة، وهناك معرض المهرجان، الذى يعرض ٥٠ ملصقاً من تصميم الثنائى الألمانى مارجريت وبيتر سيكيرت اللذين صمما ملصقات روائع من السينما الألمانية الجديدة منذ ستينيات القرن الماضى، ومن السينما العالمية.

وفى إطار سوق الفيلم الأوروبية، وبالتعاون مع معرض فرانكفورت للكتاب، يتم عرض ١١ كتاباً على شركات الإنتاج يرشحها البرينالى لتتحول إلى أفلام، وتم اختيارها فى الدورة الجديدة من ١٣٠ كتاباً من ٢٥ دولة.

وتهتم السوق اهتماماً خاصاً بالأفلام التسجيلية، وتخصص عدداً من ندواتها عنها، كما تنظم برنامجاً بعنوان «عشرة مشروعات من خمس قارات» لمشروعات أفلام تسجيلية مختارة، ومنها مشروع من مصر بعنوان «ابتعاد الحلم» من إخراج مروان عمارة، أستاذ السينما فى الجامعة الأمريكية.

وفى مسابقات المهرجان، هناك فيلم واحد ناطق بالعربية التسجيلى الإسبانى «اختبئ وابحث»، إخراج دافيد مونوز «٢٣ دقيقة» فى مسابقة الأفلام القصيرة، عن معسكر للاجئين السوريين فى لبنان، وقد سبق لنفس المخرج الفوز بجائزة «فيبريسى» فى مهرجان ليبزج عام ٢٠١٢ عن فيلمه التسجيلى الطويل «ليلة أخرى على الأرض» عن ثورة ٢٥ يناير فى مصر.

وفى المسابقات أيضاً، فيلم عربى واحد من العراق الروائى القصير «هدية أبى»، إخراج سلام سالمان «٧ دقائق» فى مسابقة أفلام الأطفال، وهو أول أفلام مخرجه عن واقعة حقيقية حدثت فى بغداد عام ٢٠٠٧ عندما قتلت شركة بلاك ووتر الأمريكية للأمن ١٧ مدنياً، وكان من بينهم والدا الطفل حمادى الذى كان يجلس فى المقعد الخلفى لسيارة الأسرة التى كان يقودها والده وبجواره والدته، وكان حمادى يحمل نباتاً صغيراً أهداه إليه والده.

 

ثلاثة من أفلام الأوسكار فى مصر

بقلم: سمير فريد

٢/ ٢/ ٢٠١٥

يتاح لجمهور السينما فى مصر، الآن، مشاهدة ثلاثة من الأفلام المرشحة لأوسكار أحسن فيلم فى الجوائز التى تعلن يوم ٢٢ فبراير، وهى: الفيلم الأمريكى البريطانى «لعبة المحاكاة»، إخراج مورتين تيلدوم المرشح لـ٨ أوسكار، والفيلم الأمريكى «قناص أمريكى» إخراج كلينت إيستوود المرشح لـ ٦ أوسكار، والفيلم البريطانى «نظرية كل شىء» إخراج جيمس مارش المرشح لـ٥ أوسكار.

يجمع بين الأفلام الثلاثة أنها عن ثلاثة كتب، وقد رشحت السيناريوهات لأوسكار أحسن سيناريو عن أصل أدبى وأن الكتب الثلاثة عن شخصيات حقيقية، وأن الممثلين الثلاثة الذين قاموا بأداء هذه الشخصيات مرشحون لجائزة أحسن ممثل فى دور رئيسى، ولكن فيلما واحدا فقط منها مرشح لأوسكار أحسن إخراج (لعبة المحاكاة)، وهذه مفارقات الترشيحات التى تعتمد على تصويت أعضاء الأكاديمية التى تنظم مسابقة الأوسكار، أو بالأحرى مفارقات الانتخابات بصفة عامة. فكيف يكون الفيلم من أحسن الأفلام ويرشح لــ٦ جوائز و٥ جوائز ومخرجه ليس من أحسن المخرجين.

«لعبة المحاكاة» و«نظرية كل شىء» يمثلان أعلى مستويات السينما الأوروبية التقليدية، حيث يعتبر تيلدوم من كبار مخرجى النرويج، ومارش من كبار مخرجى بريطانيا، وكذلك يمثل «قناص أمريكى» أعلى مستويات السينما الأمريكية التقليدية، ومخرجه كلينت إيستوود (٨٥) سنة هو شيخ فنانى هوليوود من دون منازع، فليس هناك تجديد فى الشكل، ولكن الأفلام الثلاثة تحقق متعة تلقى الفن، والتى تشمل نشوة الروح والتأمل العقلى معاً.

«لعبة المحاكاة» عن حياة عالم الرياضيات البريطانى آلان تورينج، الذى فك شفرة النازى أثناء الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩- ١٩٤٥)، ووضع أسس ما يعرف اليوم بالكمبيوتر، وما هو إلا محاكاة للعقل الإنسانى، ومات منتحراً عام ١٩٥٤ وهو فى الأربعين من عمره. و«نظرية كل شىء» عن حياة عالم الفيزياء البريطانى ستيفن هوكنج، الذى جلس على كرسى الأستاذية بعد نيوتن وأينشتاين، رغم معاناته من أمراض أفقدته كل الحواس ماعدا العقل، ولايزال حياً حتى اليوم.

أما «قناص أمريكى»، كما هو واضح من العنوان، فهو عن حياة قناص فى الجيش الأمريكى اشترك فى حرب العراق أربع مرات منذ عام ٢٠٠٣ وعرف عنه قتل المئات أثناء هذه الحرب، وعندما ذهب إلى المصحة النفسية التى يعالج فيها الجنود العائدون من الحرب سأله الطبيب: لماذا اشتركت أربع مرات فى الحرب؟ كان رده من أجل إنقاذ الجنود الأمريكيين، فقال له الطبيب: هنا أيضاً فى المصحة من يحتاجون إلى الإنقاذ. وبعد أن ينتهى الفيلم يكتب على الشاشة أن ذلك القناص قتل عام ٢٠١٣ عندما أطلق عليه الرصاص أحد الجنود الذين يعالجون فى المصحة، ثم نرى لقطات تسجيلية من جنازة القناص المقتول.

ويثير هذا الفيلم الكثير من المناقشات السياسية حول الحرب الأمريكية فى العراق وموقف المخرج منها، خاصة أنه كان ضد هذه الحرب عند بدايتها رغم أنه ينتمى إلى الحزب الجمهورى الذى كان يحكم أمريكا أثناءها، ووافق على دخولها، ولكن هذه المناقشات من خارج الفيلم فلسنا أمام فيلم سياسى يناقش أسباب حرب أمريكا فى العراق ونتائجها، فمن الممكن أن يكون هذا القناص فى حرب فيتنام أيضا أو أى حرب وإنما الفيلم من الأفلام الوطنية التى تعبر عن إيمان فرد بأن وطنه أحسن الأوطان، وعليه أن يضحى من أجله ولو بحياته وأن يفعل أى شىء لتحقيق مصالحه.

إنه فيلم أمريكى خالص من حيث تعبيره عن ثقافة مجتمع يبيح شراء السلاح لأى فرد كما لو كان يشترى حلوى، والمثل الأعلى فيه هو «الكاوبوى»، ويتعلم العديد من أطفاله قنص الحيوانات فى الصغر، تماماً مثل ذلك القناص فى صباه والذى نراه يعلم طفله الصيد كما علمه والده. ويعبر إيستوود عن هذه الثقافة ببرود كامل وكأنها واقع غير قابل للتغيير وهو فى حياته من أشد المدافعين عن حق شراء السلاح لأى فرد وعدم تقييد هذا الحق، ولكن هذا الموقف بدوره من خارج الفيلم. وما يدل عليه من داخل الفيلم الاكتفاء بمعلومات مكتوبة عن مصرع القناص بيد أحد زملائه المرضى، وعدم تجسيد هذا المشهد.

ولو كان شكسبير حياً لكان هذا هو محور الدراما، وأعتقد أن «قناص أمريكى» سوف يكتسح انتخابات الأوسكار كما تصدرت إيراداته كل الأفلام المرشحة.

 

«القط»: البطوط يحلق بعيداً عن الواقع إلى رؤية شاملة للوجود

بقلم: سمير فريد

١/ ٢/ ٢٠١٥

جاء إبراهيم البطوط «ولد ١٩٦٣» إلى السينما، بعد دراسة الفيزياء فى الجامعة الأمريكية حيث تخرج ١٩٨٥، وبدأ يمسك بالكاميرا كمصور صحفى تليفزيونى لقنوات أوروبية من ١٩٧٨، ولمدة تزيد على عشر سنوات صور العديد من الأحداث والحروب والكوارث فى أماكن متعددة، ثم عاد إلى مصر وقاد حركة السينما المستقلة فى الأفلام القصيرة منذ مطلع التسعينيات.

وفى السنوات العشر الماضية من ٢٠٠٤ أخرج البطوط خمسة أفلام روائية طويلة من علامات التجديد فى السينما المصرية مع بداية القرن الميلادى الجديد، وهى «إيثاكا» ٢٠٠٤، و«عين شمس» ٢٠٠٨، الذى فاز بالجائزة الذهبية فى مهرجان تاورمينا لأفلام دول البحر المتوسط، و«حاوى» ٢٠١٠، و«الشتا اللى فات» ٢٠١٢ عن ثورة ٢٥ يناير، والذى عرض فى مهرجان فينسيا، ثم «القط» الذى يعرض على جمهور السينما فى مصر الآن.

البطوط مؤلف سينمائى بامتياز له عالمه الخاص وأسلوبه المميز الذى يجمع بين التجريبى فى التعبير بلغة السينما والخروج عن الواقع إلى الصوفية فى «إيثاكا» عن قصيدة كفافيس، أو ما يمكن أن نطلق عليه الواقعية الخشنة فى أفلامه الثلاثة التالية عن الواقع فى مصر فى فيلميه قبل الثورة، وواقع الثورة فى «الشتا اللى فات»: شتاء يناير ٢٠١١.

وفى «القط» يستجمع البطوط خبرته فى الحياة والفن بعد أن بلغ الخمسين، ويتجاوز الصوفية والواقعية إلى التعبير عن رؤية شاملة للوجود الإنسانى، فالفيلم يبدو من الأفلام البوليسية الاجتماعية التى تعرف فى السينما العالمية بالأفلام السوداء «فيلم نوار بالفرنسية» عن القط «عمرو واكد» الذى ينتقم بمعاونة صديقه الغجرى «عمرو فاروق، من عصابة الحاج فتحى «صلاح الحنفى» التى تقتل أطفال الشوارع وتبيع أعضاءهم، وتزوج الفتيات العذارى منهم للشيوخ المتصابين، وذلك بعد أن اختفت أمينة ابنة القط، والتى لا نرى منها سوى صورتها طوال الفيلم.

ولكن اعتبار «القط» من هذا النوع من الأفلام لا يؤدى إلى التلقى الصحيح، تماماًَ مثل اعتبار الفتوات عند نجيب محفوظ تعبيراً عن الحروب بين العصابات، البطوط فى فيلمه يستخدم عصابة قتل الأطفال والاتجار بهم كذروة من ذروات الانحطاط الإنسانى فى عصرنا فى العالم كله وليس فى مصر فقط، هذه الأماكن التى تدور فيها الأحداث توجد فى مصر: الشوارع والأسواق والجسور والأحياء العشوائية والعمارات الشاهقة التى تطل على النيل، ولكن الفنان هنا يستخدم الواقع فى مصر ولا يعبر عنه لتأمل حالة الإنسان فى أسفل السافلين.

المشهد الأول قبل العناوين الأولى لما أطلق عليه المؤلف فى العناوين الأخيرة الرجل الغامض «فاروق الفيشاوى»، ونحن نراه فى البداية داخل أطلال معبد من معابد مصر القديمة «الفرعونية»، ونراه طوال الفيلم وحتى المشهد الأخير، وبعد مصرع القط والغجرى والحاج فتحى معاً، هو من يحركهم جميعاً، ومن يمولهم، ومن يقدم الأسلحة لكل الأطراف ليقتلوا بعضهم البعض، ويموت الجميع ويبقى وحده، ويكبر الجميع فى السن وهو لا يتغير ولا يغير ملابسه، إنه الشيطان يحكم العالم ولا تفارقه الابتسامة الساخرة.

فى الفيلم يقتل القط أحد أفراد العصابة فى وضح النهار فى الشارع، وتنشر الصحف صورة الجريمة ولكن الرجل الغامض لديه صور أخرى لنفس الجريمة من كل الزوايا التى يعجز عنها البشر، وفى الفيلم على شريط الصوت الآيات التى قرأتها أم كلثوم من القرآن الكريم فى فيلم «وداد» عام ١٩٣٦، وفى مشهد هو ذروة الفيلم يتحرك الرجل الغامض بين معبد يهودى وكنيسة قبطية ومسجد إسلامى على تراتيل الديانات السماوية الثلاث، ثم نشاهده مرة أخرى فى معبد مصر القديمة حيث كانت بداية التوحيد، وقد ارتبطت الأديان الثلاثة بمصر، فهى أماكن واقعية ومصورة على نحو تسجيلى، ولكنها تستخدم للتعبير عن رؤية الفنان، وليس عن ارتباط مصر بالأديان.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

01.02.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)