كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

إشارة مرور.. حكاية الانكسارات اليومية الدائمة

محمود الغيطاني

 

لعل فيلم "إشارة مرور" 1996م، يكاد يكون من أهم الأفلام التي قدمها المخرج خيري بشارة على طول تاريخه السينمائي، كما أننا من الممكن أن نعتبره آخر فيلم روائي طويل قدمه هذا المخرج المتميز صاحب العالم السينمائي الذي يخصه وحده، والذي لم يحاول مخرج مصري آخر الدخول إلى هذا العالم الخاص جدا، والمتميز، ورغم أن بشارة قدم بعد هذا الفيلم، وبعد فترة انقطاع طويلة عن الإخراج، فيلما روائيا آخر هو فيلم "ليلة في القمر" المستوحى من حياة الأميرة الإنجليزية الراحلة "ديانا" الذي تم إنتاجه في 2003م، في حين أنه لم يُعرض في دور العرض السينمائية إلا في عام 2008م، وهو الفيلم الذي مر من دون أن يلتفت إليه أحد، وربما لم يسمع عنه عدد غفير من جمهور السينما، أو جمهور سينما خيري بشارة، والذي قام بتصويره بتقنية سينما الديجيتال، إلا أن هذا الفيلم دائما ما يُسقط من التاريخ السينمائي للمخرج خيري بشارة، ليتوقف معظم المؤرخون لسينماه مع فيلمه "إشارة مرور" باعتباره آخر الأفلام الروائية الطويلة التي قدمها.

وربما كان "إشارة مرور" هو واسطة العقد في أعمال المخرج المتميز خيري بشارة، وبالتالي نشعر من خلال مشاهدتنا لهذا الفيلم أن بشارة هنا تستهويه فكرة "اللعب السينمائي، أو الإخراجي" إذا جاز لنا التعبير، فالمخرج هنا ليس مجرد مخرج يؤدي عمله، بقدر ما هو شخص يستمتع باللعبة الإخراجية على اتساع مداها، وبالتالي فهو يؤديها بشكل ينقل إلى المشاهد قدر غير قليل من المتعة البصرية، والإخراجية، وكأنه يريد أن يقول لنا: "أنا مخرج متميز، يمتلك كل أدوات الإخراج السينمائي؛ وبالتالي فأنا هنا ألعب، وأستمتع؛ كي أنقل لك هذه المتعة راغبا في مشاركتك إياي في هذه المتعة"، وهو بالفعل ما رأيناه في هذا الفيلم المتميز الذي ساعده فيه السيناريو الجيد، المتماسك، الحرفي الذي كتبه السيناريست مدحت العدل، وصاحبه فيه الموسيقى المتميزة للموسيقي القدير راجح داود، والذي كانت موسيقاه التي قدمها للفيلم جزءً لا يمكن أن يتجزأ بأي حال من الأحوال عن الفيلم، وبالتالي إذا ما عزلنا هذه الموسيقى عن أحداث الفيلم، أدى ذلك إلى فقد عنصر مهم، وجزء كبير من تأثير المشاهد السينمائية على المتلقي الذي سيشعر بوجود شيء ما مُفتقد في سير أحداث هذا الفيلم، وهذا يدلل على أهمية الموسيقى التصويرية التي قدمها راجح داود، وكيف كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا في إيصال الأثر البصري للكثير جدا من مشاهد الفيلم، ومن ثم تعميق أثرها في نفسية المشاهد لها.

يتناول خيري بشارة في فيلمه حدث بسيط قد لا يدعو أي إنسان للتأمل، أو التوقف أمامه لمجرد دقيقة واحدة، وهي تعطل إشارة مرور في ميدان طلعت حرب؛ مما أدى إلى تكدس عظيم للسيارات لمدة عدة ساعات، ولعل مثل هذا الحدث اليومي في مدينة كبيرة، ومكتظة مثل مدينة القاهرة هو من الأحداث التي لا تدعو للتوقف أمامها؛ لأنها تحدث يوميا بشكل لا يدعو لالتفات أحد إليه، ولكن خيري بشارة ربط هذه الإشارة، وهذا الحدث بأمر آخر وهو أن هذا الميدان هو الطريق الفرعي، والمؤقت لسير موكب أحد الشخصيات المهمة إذا ما تعطل الطريق الأساس، وهنا كانت الكارثة بالنسبة لجميع القيادات ورجال المرور، والشرطة المسئولة عن تأمين هذا الموكب، ولكن هل لو توقف الأمر هنا على الموكب فقط، هل سيكون من الأهمية بمكان التي قد تدعو مخرجا مثل بشارة لأن يلتفت إليها ومن ثم يصنع فيلما سينمائيا؟

لم يهتم بشارة بتوقف إشارة المرور هنا بقدر اهتمامه بالعديد من الحالات الإنسانية، أو الحيوات الاجتماعية التي حرص على تجميعها كلها في هذا الإطار المكاني الذي اتخذه مسرحا لأحداث الفيلم، ولعل ما فعله بشارة بحرص وتيقظ تامين في هذا الإطار إنما يدل على أن المخرج رغب أن يعطي البطولة الأولى والأخيرة للمكان فقط، وكأنه يقول لنا: "المكان هنا هو صاحب السطوة الأولى والأخيرة على كل مقدرات البشر، والمكان هو الذي يُشكل الأحداث كيفما شاء، وهو الباقي في النهاية بينما البشر إلى زوال"، وهو هنا يؤكد على خلود المكان الذي يتواتر عليه الآلاف والملايين من البشر كل يوم، لكنهم يذهبون بينما يظل المكان باقيا شامخا في وجه الزمن؛ ليحكي لنا حكايات من مروا عليه عبر السنوات المختلفة.

حرص بشارة من خلال المكان/ ميدان طلعت حرب على أن يجمع لنا العديد من الحيوات الاجتماعية المختلفة، التي تداخلت وتقاطعت من خلال اجتماعها معا في هذا الإطار المكاني، فهو يقدم لنا "نبيل" (عماد رشاد) العازف الفنان، والمثقف الذي يعيش في البناية التي تحوي "جروبي" والتي تطل على الميدان، وعلاقته بحبيبته، ويضعه منذ بداية الفيلم في أزمة نفسية لا يمكن له أن يتجاوزها حينما يصفعه أحدهم على رأسه من الخلف، وسرعان ما ذاب في الزحام من دون أي سابق معرفة، وهي الأزمة التي حرص المخرج خيري بشارة على تعميقها في نفس المشاهد، بتكرار مشهد الصفعة ثلاث مرات متتالية وسريعة، وكأنه يعمق من أثرها داخلنا؛ لدرجة أنه لم يلتفت خلفه مرة أخرى وكأنه لم يوجه إلى "نبيل" أي صفعة، أو إهانة، وهو الأمر الذي جعل "نبيل" في أزمة نفسية كبيرة شعر من خلالها أن كل ثقافته، وكل ما تعلمه، وحياته نفسها، وشخصيته قد تعرضت لإهانة لا يمكن لها أن تُغتفر، وبالتالي فقد أشعرته هذه الإهانة بدونيته، وكأنه لا شيء؛ مما جعله يستغيث بحبيبته كي تساعده على تجاوز هذه الأزمة العميقة التي يعيش فيها.

وهناك "ظاظا" (عزت أبو عوف) رجل الأعمال الثري المرتبط بعلاقة عاطفية مع سكرتيرته، ورغم أن زوجته على علم بهذه العلاقة إلا أنها حريصة على الاحتفاظ بزوجها والقتال من أجله مهما حدث، ولقد كان في طريقه إلى المطار من أجل عقد صفقة مهمة خارج مصر، إلا أن الإشارة قد توقفت به، ومن ثم ظل عالقا بها غير قادر على الحركة.

و"زكريا" "سمير العصفوري" مدرس التاريخ الذي أنفق حياته بالكامل في التدريس للكثير من الأجيال، ورغم ذلك لا يتذكره أحد بالزيارة أو السؤال عليه من الأجيال العريضة التي نشأت وتعلمت على يديه، مما يجعله في وحدة قاسية ودائمة هو وزوجته (إنعام سالوسة) التي لم تنجب له طوال الأربعين عاما التي قضياها مع بعضهما البعض، وفجأة باتت حاملا في نهايات عمرها، ولتعميق المأساة فهي على موعد مع الولادة في هذه الليلة التي تعطلت فيها إشارة المرور بهما وهما في طريقهما إلى المشفى من أجل الوضع؛ مما وضعه في حالة نفسية أقرب إلى الجنون، لدرجة أنه قرر أن ينتحر في وسط الميدان ساكبا على نفسه البنزين.

وهناك الشاب الصغير الذي مازال في مرحلة التعليم والمهووس حبا بإحدى الفتيات التي تعمل بائعة في أحد محلات وسط البلد، والذي يطاردها معظم الوقت، وحينما تسأله عن سبب مطاردته لها يؤكد لها حبه الشديد، وأنه لا يرغب سوى في أن يمسك يدها فقط، وهي الرغبة المجنونة التي تنتابه تجاهها، ويود أن تحققها له.

و"ريعو" (محمد فؤاد) الشاب القروي الذي جاء من قريته لعشقه لكرة القدم ورغبته في أن يكون محترفا، لكنه لا يستطيع تحقيق حلمه؛ الأمر الذي يجعله يعمل كعامل بناء، كي يستطيع الحياة، وفي هذه الليلة كانت هناك مباراة مهمة للمنتخب ولابد أن يذهب لمشاهدتها، كما كان هناك موعدا بينه وبين الصول "رجب" (أحمد عقل) أمين الشرطة الذي يقف في وسط ميدان طلعت حرب لتنظيم المرور، والذي انتهت ورديته ويرغب في ترك مكانه؛ كي يذهب لمقابلة خطيب ابنته "ريعو"، ولكن توقف الإشارة، وعدم وجود من يستلم ورديته مكانه جعله يظل وسط الميدان المتوقف.

وهناك المرأة المتسولة التي ذهب عنها جمالها، والتي تبحث في صناديق المهملات عما يمكن أن يسد جوعها، ورغم ذلك فهي حريصة دائما على وضع طلاء الشفاه والتجمل الدائم، حتى أنها تطلب من "ظاظا" عشرة جنيهات كي تشتري بها طلاء شفاه، بدلا من أن تشتري بها شيئا تأكله.

كذلك (محمد لطفي) بائع الآيس كريم الذي استغلته إحدى الجماعات الإرهابية من أجل تفجير قنبلة في الموكب الذي سيمر من وسط البلد، ولعلنا لا ننسى السيدة العجوز اليونانية التي قدمها لنا المخرج في بداية الفيلم وقد شعرت بالغربة والوحدة القاسية، حتى أنها لا ترغب في الجلوس داخل جروبي لأن وجوه الناس قد تغيرت تماما، ولم تعد تتعرف على أحد، وكان همها الوحيد أن يكون هناك من يؤنسها في هذه الوحدة حتى لو لمجرد أن يسير معها مجرد القليل من الخطوات حول الميدان؛ ومن ثم تطلب ذلك من "نبيل" (عماد رشاد) جارها في نفس البناية.

كذلك "فهمي" (سامي العدل) ضابط الشرطة المسئول عن تأمين الميدان والموكب بأكمله، والذي يعتذر لزوجته عن نزهتهما معا؛ بسبب تعطل الميدان وتوقفه التام، وهو الضابط الذي لا يمتلك سيارة، ويحب كتابة الشعر، ويود لو تفرغ لكتابته.

كل هذه الشخصيات والحيوات الاجتماعية المختلفة، حرص المخرج خيري بشارة على تجميعها معا في حيز مكاني واحد، وفي لحظة واحدة داخل إشارة مرور ميدان طلعت حرب، هذه الإشارة التي أُصيبت بالشلل التام، حتى أن الجميع قد علق بها غير قادر على الخروج منها، وكأنها الجحيم الحقيقي، ولكن جميع هذه الشخصيات كانت قادرة على التعامل والتقاطع مع بعضها البعض مما أدى إلى تطور هذه الحيوات، وتغيير مجرى بعضها تماما عما كان مخططا لها.

ولعل الرابط الوحيد الذي جمع هذه الحيوات جميعا كان هو الوحدة القاسية، والشعور العميق بالغربة في المكان رغم أنه ليس بالمكان الغريب عليهم جميعا، ولكن إحساس المهانة، والافتقاد، واللاجدوى، كان هو الإحساس المسيطر على الجميع، ولقد استطاع المخرج خيري بشارة أن ينقل لنا هذا الإحساس ببساطة متناهية، وبمتعة لم يقدمها لنا من قبل بمثل هذا الشكل الذي رأيناه، وكأنه يحاول التأكيد لنا على ما سبق أن ذهبنا إليه، وهو أنه إنما يلعب لعبة سينمائية يستمتع بها أيما استمتاع، ولذلك حينما طلب الشاب الذي يحب البائعة في أحد محلات وسط البلد أن يقبلها، أكدت له أن ذلك لا يمكن أن يكون إلا عد زواجهما، فجعلهما المخرج يذهبان للزواج بكل بساطة، وحينما لم يجد الشاب في جيبه سوى ستة عشر جنيها فقط؛ اشترى كمية ضخمة من الجرائد واتجه بها إلى سطح إحدى البنايات في وسط الميدان؛ من أجل ممارسة حبهما على سطح البناية، حيث انها المكان الوحيد المتاح لهما في هذه اللحظة، وحينما يحاول "زكريا" مدرس التاريخ الانتحار بإشعال النيران في نفسه يحاول "ريعو" (محمد فؤاد) إنقاذه وتعريض حياته للخطر من أجل منعه من هذا الانتحار، وهو الأمر الذي جعل "ريعو" بطلا مهما وتنصب عليه الأنظار والاهتمام من قبل الجميع بعد أن كان الجميع يتجاهله ويتعامل معه من دون اهتمام، وهو الأمر الذي جعل الفتاة الجميلة "سمية" (ليلى علوي) تنتبه إليه وتُعجب به بعد أن كانت لا تعيره أي اهتمام؛ مما أدى إلى تطور علاقتهما وطلب الزواج منها، وقبولها ذلك رغم أن علاقتهما لم تتعد ساعات قليلة.

كما تلد زوجة مدرس التاريخ (إنعام سالوسة) وسط الميدان على يد "سمية"، وتأتي سكرتيرة "ظاظا" إليه بعد أن عرفت بعدم سفره، وهو الأمر الذي أدى إلى مقابلتها مع زوجته وحدوث مشاجرة بينهما حاولت فيه الزوجة الاحتفاظ بزوجها لها وحدها، كما ان طول الانتظار في الإشارة أدى إلى اقتراب موعد انفجار القنبلة التي انفجرت في يد طفلة صغيرة وجدتها، كما وقع (محمد لطفي) الذي كان يحمل القنبلة في إحدى بلاعات المجاري ولم ينتبه له أحد؛ فأُغلقت عليه البلاعة من دون التفات أحد له.

كل هذه التطورات التي حدثت في حياة هؤلاء البشر جميعا، وهذه الشخصيات كانت نتاج ساعات قليلة توقفت فيها الإشارة توقفا تاما، لكنها صنعت حياة جديدة من جميع هذه الشخصيات، بانسيابية وبساطة فنية لم يكن من الممكن أن يقدمها أحد بمثل هذه البساطة سوى مخرج متمكن من ادواته مثل المخرج خيري بشارة، والذي ساعده في ذلك المونتاج الرشيق، الحيوي، للمونتير رحمة منتصر، هذا المونتاج الذي جعلنا نشاهد الفيلم في ساعة ونصف تقريبا وكأننا لم يمر علينا سوى خمس دقائق فقط من عمر هذا الفيلم.

ولكن لعل المشاهد التي حرص عليها خيري بشارة بين "ريعو" (محمد فؤاد) أثناء مكالمته الهاتفية مع الوزير كانت من أسوأ ما قدمه المخرج في هذا الفيلم؛ فالفيلم لم يكن يحتمل مثل هذا المشهد والحوار الكوميدي، الساخر الذي دار بين الوزير و"ريعو"، ويبدو ان بشارة قد استمرأ هذا الأمر؛ وهو ما دفعه إلى الإطالة والمط فيه على حساب أحداث الفيلم؛ مما جعله مجرد نتوء لا حاجة للفيلم إليه داخل بناء سينمائي متماسك وقوي، لم يؤد إلا إلى إضعاف الفيلم على المستوى الفني.

نجح خيري بشارة في هذا الفيلم على توضيح وجهة نظره الفنية التي يؤمن بها، والتي يرغب تقديمها، ولعل أفضل ما قدمه بشارة هنا من أجل إيصال هذه النظرة الفنية، هو المشهد الذي بدأ به فيلمه، كي يعود وينتهي به مرة أخرى، حينما رأينا شخصين في ثياب تنكرية، ووجهيهما ملطخان بالكثير من الألوان وكأنهما مهرجان، وهو المشهد الذي أوحى لنا بازدواجية معايير كل شيء في هذه الحياة، فهما يعيشان ويظهران للناس بوجه مزيف، غير حقيقي، في حين أن حقيقتهما ليست كما يبدوان عليها من سعادة، وهذا هو المعنى الرئيس الذي رغب خيري بشارة أن يقوله من خلال فيلمه؛ فليس معنى أن الشخص الذي أمامك يقف متماسكا، مبتسما أنه يعيش حياة سعيدة ورغدة، بل إذا ما تعمقت داخل حياته ستجد الكثير من الشروخ، والوحدة، والألم الذي لا يبدو على السطح بقدر ما هو يتوطن داخل النفس، ولعل هذا ما رأيناه داخل جميع الشخصيات داخل الفيلم، سواء عند المثقف المأزوم المهان بسبب الصفعة، أو ضابط المرور الذي لا يشعر بالسعادة والراحة، والذي لا يكتسب أهميته إلا من خلال بدلته الميري، أو المدرس الذي تسكنه الوحدة الدائمة، أو غيرهم من الشخصيات التي صدق عليها جميعا هذه النظرة التي أراد بشارة تقديمها، ودلل عليها بهاتين الشخصيتين اللتين افتتح بهما فيلمه كي ينهيه بهما.

ولعل مشهد وسط القاهرة في نهاية الفيلم بعد انتهاء الأزمة تماما، وذهاب الجميع دليل قوي على أمر آخر يرغب المخرج في التأكيد عليه، وهو أن المكان هو البطل دائما، وأنه الذي يحكي لنا حيوات جميع من يمرون عليه؟، حيث يتحول البشر هنا إلى متتالية عددية لا قيمة لها بجوار سطوة، وأهمية المكان الذي يظل باقيا بشكل أبدي.

نجح المخرج خيري بشارة في فيلمه إشارة مرور في تقديم رؤية سينمائية فريدة عن الانكسارات اليومية التي يمر بها المواطن المصري من خلال حيز مكاني محدود هو ميدان طلعت حرب حينما توقفت الإشارة وأصابها الشلل، وقد ساعده في ذلك مجموعة من الفواصل الغنائية التي قام بها المطرب محمد فؤاد، وهي الفواصل التي تكاد أن تكون ميزة مهمة يتميز بها بشارة دائما في معظم أفلامه، حيث تساعده هذه الفواصل الغنائية في إيصال رؤيته السينمائية التي يرغب في تقديمها، ولعل الأغنية الأخيرة التي قدمها محمد فؤاد في نهاية الفيلم التي قالت كلماتها "يا عيني علينا، منك يا مدينة، مجنونة ورزينة، وفيكي البدع" من أفضل الأغنيات التي جمعت رؤيته داخل هذا الفيلم.

مجلة "أبيض وأسود" المصرية في

01.02.2015

 
 

"أفلام ظلمتها الأقلام": «الطوفان»

مجدي الطيب

في تاريخ السينما المصرية أفلام مظلومة لم تلق الاهتمام والتقدير المناسبين،وقت عرضها،ومع الأعوام تبدو كالجواهر النفيسة،والدُرر النادرة،التي تحتاج من يزيح التراب عنها،ويُعيد قراءتها،واكتشافها،ويُعيد لها اعتبارها .

فيلم «الطوفان» (1985) واحد من تلك الأفلام التي تعرضت لظلم صارخ،لأسباب عدة،أولها أن الجمهور الذي انبهر بما قدمه الكاتب بشير الديك في أفلام : «طائر على الطريق» (1981)،«موعد على العشاء» (1981) مع المخرج محمد خان و«سواق الأتوبيس» (1982) مع المخرج عاطف الطيب ما كان ليقبل انفصاله عنهما،وتحوله إلى الإخراج لينافسهما،وثاني الأسباب أن فيلم «الطوفان» عُرض في نفس العام الذي شهد عرض باقة من الأفلام التي قام ببطولتها كبار النجوم مثل : عادل إمام (خلي بالك من عقلك،أنا اللي قتلت الحنش،الهلفوت،الإنس والجن ورمضان فوق البركان) نادية الجندي (صاحب الإدارة بواب العمارة،شهد الملكة والمدبح)،وتلك التي أنجزها كبار المخرجين (الوداع يا بونابرت ليوسف شاهين،دنيا الله لحسن الإمام،إعدام ميت والكيف لعلي عبد الخالق،أيام في الحلال لحسين كمال،الحكم آخر الجلسة لمحمد عبد العزيز،سعد اليتيم لأشرف فهمي،إنقاذ ما يمكن إنقاذه لسعيد مرزوق وخرج ولم يعد لمحمد خان) وهو العام الذي شهد ظهور المخرج داوود عبد السيد من خلال فيلم «الصعاليك» فضلاً عن الأفلام الكوميدية الناجحة (الشقة من حق الزوجة،هنا القاهرة،العبقري خمسة،علي بيه مظهر ) وأفلام ما وراء الطبيعة (الكف واستغاثة من العالم الآخر لمحمد حسيب)؛أي أن المنافسة كانت صعبة للغاية،ولم تخدم الظروف بشير الديك بالشكل الذي يلفت الانتباه إلى تجربته الإخراجية،ويجعل فيلمه الأول موضع حفاوة ودراسة بالشكل الذي يستحقه !

قد يتقبل المرء انصراف الجمهور عن فيلم «الطوفان»،واتهامه بأنه «سوداوي» و«قاتم»،لكن كيف تأتى للنقاد تجاهل التجربة،وعدم الالتفات إلى النقاط المضيئة فيها،وعلى رأسها الإحكام الشديد في رسم الشخصيات،وتبرير الدوافع والأسباب التي أوقعت الأبطال في ضائقة مالية،وقادتهم إلى المصير المؤلم الذي انتهوا إليه؛فالابن الأكبر «إبراهيم» (فاروق الفيشاوي) ضعيف الشخصية، يعاني طمع وجشع وتسلط زوجته (ثناء يونس) والأوسط (كمال أبو ريا) يعيش مع زوجته (عبلة كامل) وأولاده في منزل حماته،ويتمنى لو استقل بأسرته في شقة خاصة،والأصغر (محمود الجندي) يود لو استثمر صوته العذب، وسجل ألبومه الغنائي الأول،بينما يطمح زوج الأخت (محمود عبد العزيز) إلى الفوز بمنصب «عمدة القرية»،ويدفع الثمن مقدماً من خلال صفقة يبرمها مع عضو المجلس المحلي يبيع له،بمقتضاها،أرض العائلة،لكي يقيم عليها مشروعاً ضخماً مستغلاً النهضة العمرانية التي أعقبت تدشين الميناء الجديد،والمستقبل العريض الذي ينتظر دمياط !

لم تغادر كاميرا ماهر راضي البيت الريفي الذي يجتمع فيه أفراد العائلة،بعد فترة شتات،ومع هذا اتسمت الأحداث بإيقاع متوتر (مونتاج محمد الطباخ) وصراع ساخن علت وتيرته مع تسابق الجميع لإقناع الأم (أمينة رزق) بالشهادة الزور ضد العم (إبراهيم الشامي)،الذي كاد يفسد الصفقة بتأكيده أن الأرض آلت إليه،لكن الأم تتشبث بشهادة الحق،وتصبح عقبة في طريق الأبناء !

حالف التوفيق بشير الديك في اختيار عنوان «الطوفان» المستمد من المأثور الشعبي «إذا جاك الطوفان حط ابنك تحت رجليك»؛لكنه استبدل الابن بالأم التي ضحى بها الأولاد،بوحشية بالغة وقسوة ليس لها مثيل،من أجل المكاسب الوقتية،والمطامع الزائلة،التي تعكس التوحش الذي وصلت إليه النفس البشرية،في زمن اغتيال القيم،فالأمر المؤكد أن «الطوفان» صار عنواناً للعصر،حسب رأى «الديك»،الذي حافظ على رصانة الصورة،ولم يلجأ إلى «استعراض العضلات»،ولم يتخل عن حركة الكاميرا الهادئة بدرجة واضحة،بالإضافة إلى تحكمه في الأداء الانفعالي للممثلين؛خصوصاً محمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي،وسيطرة العقلانية على رؤيته،حتى في المشاهد التي كان يمكن أن تتحول إلى«ميلودراما» زاعقة،كمشهد موت الأم،بل أن «الديك» قدم مشهداً من أفضل المشاهد الكلاسيكية في السينما المصرية،وأعني به مشهد غناء الابن الأصغر في الحفل،والقطع المتوازي على أفراد العائلة أثناء التدبير لقتل الأم،مع التوظيف الأكثر من رائع لكلمات الأغنية،التي تتحدث عن السماء التي تُطالع ما يحدث في الأرض،والعين التي تستشعر أن ثمة من سيفارق الدنيا،والقلب المشغول بما يُدبر في الخفاء،والأمل في الخلاص بعد انقطاع حبل الخلاص .

مع براعة توظيف الكلمة في وصف ما جرى تلعب الإضاءة دوراً لا تُخطئه العين،وتصل جرعة الإثارة إلى الذروة مع ظهور الابن الأصغر في المحكمة ليؤيد شهادة الأم،وقبل أن يغادر قاعة المحكمة يُطالب القاضي بتشريح جثة الأم للوقوف على أسباب الوفاة !

الجريدة الكويتية في

02.02.2015

 
 

"تنظيم الدولة".. الى أين؟

قيس قاسم

أغلب ما يقال عن تنظيم الدولة الإسلامية وما ينقل من أخبار على مدار الساعة "مجزأ"، أما ما جاء عنه في فيلم "صعود تنظيم الدولة" فهو "مترابط" فيه وحدة موضوع ظاهرة، ربما هي خصلته الأميز لأن كاتب نصه ومنتجه الأمريكي مارتن سميث تبنى خطة عمل طموح أرادت توثيق مسار صعود الحركة زمنياً، بموصفات فلمية وليست إخبارية، وتحليل أسباب بروزها مع تركه الباب موارباً لما سيؤول إليه مستقبلها

ينطلق الفيلم من لحظة خروج القوات الأمريكية من العراق، واعتبارها إعلاناً لنهاية الحرب، فيما سيبرهن وعلى مدار زمنه المكثف أنها كانت لحظة "انفجار" الكثير مما كان مغطى تحت عباءة الاحتلال. سيكرس الوثائقي  للبرهنة على هذة الفكرة جهداً كبيراً تطلب منه مقابلة شخصيات مهمة لعبت دوراً في الحدث العراقي ومراجعة مقابلات تلفزيونية أجراها عدد من الصحافيين العالميين من بينهم مارتن سميث الذي يوصف بـ"مطرقة" ثقيلة لا تتردد في ضرب أي رأس كبير يحاوره، حول مآلات المشهد العراقي بعد الانسحاب ومن بينها ظهور "تنظيم الدولة" ودور رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي كمولد نشط للمشاكل التي تعاني منها البلاد اليوم!. يبدو التواطؤ ظاهراً بين إدارة الرئيس أوباما والمالكي لمرحلة ما بعد الخروج. فالأمريكان عززوا مكانة الأحزاب الدينية الشيعية في العراق بعد سقوط صدام حسين مباشرة وخلال التفكير بالانسحاب كان رهانهم منصباً على رئيس الوزراء الذي أوحى لهم بقدرته على ملء الفراغ الذي سيتركونه. هل خدعهم أم توافق مع رغبة الأمريكان في تنصيب حاكم "قوي" يساعدهم على نسيان العراق؟ سيتضح خذلان هذا التصور بعد سنوات، لأن الرجل كان يُبيت ومنذ البداية خطة طموحا للانفراد بالسلطة وتصفية خصمومه وتكريس سلطة حزب الدعوة وهيمنة طائفة بعينها على مقادير الحكم بمؤزارة إيرانية قوية. يكشف من خلال تسجيلات نادرة الحوارات الداخلية التي جرت بين أوباما والمالكي خلال زيارته التي أعقبت خروج الأمريكان وكيف استغل اللحظة، التي وجد نفسه فيها مقبولاً عند الأمريكان وكل طموحاته الشخصية والحزبية مباركة، ليعلن عن وجود مؤامرة يقودها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، والتي سارع بنقلها إلى الرئيس الذي أجابه بشيء من الغموض وما معناه بأن هذا شأن داخلي يخصكم. هكذا فهم المالكي جواب أوباما أو هكذا أراد فهمه فشرع بتصفية "ممثلي" السنة واحداً بعد الآخر وبحجة تآمرهم عليه ورغبتهم في الاستيلاء على السلطة الجديدة بانقلاب عسكري. عند هذة النقطة يراجع الوثائقي طبيعة المالكي وتكوينه النفسي ليظهر خلالها كشخص مصاب ب"بارانويا المؤامرة" والخوف المرضي من ضياع السلطة والشك الدائم بالآخر وعدم الائتمان. تكوين نفسي يتقارب مع أكثر الديكتاتورين في العالم بفارق أن سلطته بقيت هشة ومعتمدة على تغذية الصراعات الطائفية التي سيستفيد منها لاحقاً "تنظيم الدولة بل سيحشد كل طاقته الدعائية استناداً على أخطاء المالكي وتفرده، وسيظهر هذا جلياً خلال المظاهرات التي خرجت في المنطقة الغربية ذات الأغلبية السنية وطالبت بإطلاق سراح السجناء غير المحكوم عليهم بجرائم وبشكل خاص السجينات ومعاملة مناطقهم دون تمييز وسكانها كعراقيين لهم نفس الحقوق والواجبات. لقد استهتر المالكي بهم وصعد من أسايب تصفيته للقادة السنة المشاركين في العملية السياسية ما دفع الكثير منهم إلى تبني شعارات المتظاهرين بالكامل. بالتفصيل يستمع الوثائقي إلى مشاركين فيها وإلى خطب سياسيين انضموا اليها وأعلنوا صراحة فيها مقاطعتهم للعملية السياسية بل ومحاربتها. خلال هذة الفترة كانت "القاعدة" تراقب بعد انحسار دورها ولم يبق منها إلا مجاميع ضعيفة في الصحراء الغربية. يسجل الوثائقي نقطة تحول دراماتيكية في المشهد السياسي حين أمر المالكي قواته بإطلاق النار على المتظاهرين في مدينة الحويجة وارتكاب جنوده مجزرة ضد المتظاهرين السلميين بحجة قتلهم عسكرياً! وليسمح الحدث بفتح الطريق أمام "البغدادي" ليتقدم الجبهة السنية ويرتفع أعلامه السوداء فوق خيم المتظاهرين ويعلن فشل فكرة المشاركة في العملية السياسية وضرورة استبدالها بمحاربة الحكومة بالسلاح وبأشد الوسائل دموية. عند هذا الحد كان لابد للوثائقي من متابعة مسار صعود "تنظيم الدولة" قبل وصوله إلى خيام المتظاهرين في الرمادي، وسيكون مسحه شاملاً لتحولات الحرب الأهلية في سوريا وكيف لعب التنظيم دوراً فيها حين أرسل البغدادي بعض مقاتليه إليها عززوا مع الوقت مواقعهم هناك وكسبوا مزيداً من المقاتلين داخل البلاد ومن خارجها لدرجة تراجعت معها بقية التنظيمات ذات الصلة بـ"القاعدة" وسيتوصل الكثير من المحللين الذي شاركوا في الوثائقي بأن سوريا كانت "هدية" ثمينة لـ"تنظيم الدولة" ولولاها لما أصبحت قوته كما هي عليه اليوم. صورة البغدادي يرسمها الوثائقي الأمريكي بعناية فائقة وعبر خطوطها يتوصل إلى استنتاج مهم بأن سجون الأمريكان والحكومة العراقية صارت مدرسة لتخريج "المتشددين" ومن بينهم البغدادي الذي قضى سنوات في سجن "بوكا" قبل خروجه ليؤسس خلافته على فكرة تحرير الأسرى وهذا ما يفسر انطلاق عملياته قبل وصوله إلى الموصل بتحرير أكثر من 500 أسير من سجن "أبو غريب" وضمهم إلى صفوفه في رمزية شديدة الصلة بتجربته وذات دلالة تنطوي على مضامين المظلومية التي طالما تعكزت عليها الأحزاب الشيعية خلال صراعها مع صدام حسين وحتى بعد هيمنتها على مقاليد الحكم عبر نظام برلماني اعتمد المحاصصة الطائفية أسلوب عمل له.  تبادل أدوار للسلطة والمظلومية ستعطي زخماً إلى "البغدادي" وستطرح أسئلة حول سبب صمت الأمريكان وهم يشاهدون ويسمعون بتقدم "تنظيم".. سيسمع الوثائقي حججاً واهية من ممثلي الإدارة الأمريكية لا تدعمها الوقائع بل تشير إلى رهان خاسر على المالكي وموقف برغماتي غير معني بتطور الأوضاع داخل العراق فكل ما كان يهمهم هو عدم العودة إليه ثانية وهذا أيضاً لم يوفقوا به لأنهم وفي نهايته يلمح الوثائقي إلى احتمالية عودة جنودهم وزجهم في الصراع الداخلي الذي تركوه يتصاعد إلى درجة أخذ فيها "تنظيم الدولة" كل الموصل واقترب من أربيل وفصل العراق بشكل شبه كامل بين السنة والشيعة وامتد وجوده إلى مدن سورية سيطروا عليها بالكامل مثل "الرقة" ليتخذوها مركزاً لخلافتهم. يكرس "صعود تنظيم الدولة" وقتاً جيداً لتفسير أسلوب التنظيم وبشاعة سلوكه الدموي من خلال تسجيلات سربها التنظيم بنفسه لكن الوثائقي أضاف إليها معطيات جديدة من قياديين في الجيش الأمريكي وفي أجهزة مخابراته ليصل إلى استنتاج يفيد بتفرد "تنظيم الدولة" عن بقية التنظيمات المتطرفة ببطشه المنفلت وبإدارته العسكرية الجيدة المستفيدة من خبرة الضباط العراقيين الذي خدموا في الجيش العراقي قبل حل الأمريكان له، وإلى قوة دعايته التحريضية. سيدفع سيطرتهم على الموصل واقترابهم من حدود كردستان إلى "يقظة" الغرب والبدء بهجوم جديد في نفس المكان الذي تركه الأمريكان قبل سنوات قليلة  والآن يعودون إليها من بوابة "تنظيم الدولة". أخطر ما يسجله الوثائقي أن سيطرة التنظيم على الموصل لم يكن مخططاً له، لأن التفكير وقتها كان محصوراً في تحرير السجناء وفتح سجون المدينة وتركها بأسرع وقت، ولكنهم وحينما شاهدوا فرار الجيش أمامهم غيروا موقفهم وقرروا البقاء في ثاني كبريات مدن العراق. تدخل سيقربهم كثيراً من مدينة أربيل الكردية التي أعدت كخط أحمر دفعت الأمريكان إلى شن غارات طائراتها على المتقدمين من الحركة على حدودها والعمل بشكل فوري على تشكيل تحالف جديد يُعيد إلى الأذهان التحالف ضد صدام حسين ولكن بمتغيرات جديدة قدمها الوثائقي بشكل مذهل وأبقى سؤالاً مفتوحاً ومحيراً يتعلق بخطة الأمريكان الجديدة وما إذا كانوا سيشاركون في حرب برية قادمة؟ سؤال جاءت الإجابة عليه وكالعادة غامضة وغير مفهومة تسمح بالتأويل والتفسير ولكنها في النهاية تكشف عن طريقة عمل تمجد السرية وتضع كل الاحتمالات مُشرعة على المجهول.

الجزيرة الوثائقية في

02.02.2015

 
 

سيرة سينمائية:

ما قبل المنديل والنظارة السوداء

صالح ذباح

اعتدنا في الذكرى السنوية لرحيل "كوكب الشرق"، أم كلثوم (1898 - 1975)، أن تلقى مسيرتها في الغناء، وتأثيرها على الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر والعالم العربي، مجمل الاهتمام؛ دون التطرّق كثيراً إلى ما خاضته سينمائياً في ستّة أفلام قدّمتها بين عامي 1936 و1947.

قد يعود ذلك إلى عدم قدرة أيّ من الأفلام التي أدّت بطولتها على أن تنال مكانة متقدّمة من حيث الجودة السينمائية أو على مستوى الجماهيرية؛ أو قد يعود إلى تواضع أدائها التمثيلي. لكنّ معاينة رحلة أم كلثوم في السينما يكشف "ثومة" أخرى، بعيدة عن صورتها المطبوعة في الأذهان لسيّدة تخطّت عقدها الخامس على أقلّ تقدير، حاملة منديلها الأيقونيّ، تحظى بالتصفيق و"العبادة" على كلّ تفريدة غنائيّة، أو سلطنة في الأداء، أو إيماءة جسديّة ساحرة.

بعد إنشائه لـ"أستوديو مصر" عام 1935، أصرّ الاقتصادي المصري طلعت باشا حرب أن تخوض أم كلثوم تجربة التمثيل وأن تقدّم شريطاً غنائيّاً، مثل ما أصبح يقدّم منذ دخول الصوت إلى السينما أوائل الثلاثينيات، تحديداً سنة 1933 بفيلم، غنائي هو الآخر، "أنشودة الفؤاد". وكان أول فيلم لأم كلثوم هو فيلم "وداد" (1936) وهو أيضا أول فيلم روائي طويل ينتجه "أستوديو مصر"، وقد أخرجه الألماني فريتز كرامب، ووضع الرواية وألّف أغانيها "شاعر الشباب" أحمد رامي.

من هذه البداية، يمكن ملاحظة نشوء مميّزات رافقت أم كلثوم في مسيرتها السينمائيّة. بدءاً من اختيار قصّة تاريخيّة تناولت حياة جارية في عصر المماليك. وكأنّ "ثومة" كانت على دراية كاملة، وهي في ذلك الوقت في منتصف عقدها الثالث، أنّها كما شخصيات أفلامها، مطربة عصرها وقطعة من التاريخ.

هذا الأمر تكرّر لاحقاً في شريط "دنانير" (1939) الذي تدور أحداثه حول الفتاة البدوية دنانير ذات الصوت الصدّاح، في انتقالها من حياة الصحراء وبساطتها إلى بذخ قصور الإمارة في عهد هارون الرشيد، في تقاطع شديد مع سيرة حياة أم كلثوم الخاصّة: الفلاحة فاطمة إبراهيم البلتاجي من قرية طماي الزهايرة، والتي أصبحت فيما بعد ضيفة الصالونات الملكيّة ومحبوبة الزعماء المصريين والعرب.

وفي تقاطع آخر، تُجسّد كوكب الشرق في فيلمها الأكثر رسوخاً في الأذهان "سلّامة" (1945)، والذي كتب له السيناريو والحوار والأغاني بيرم التونسي وأخرجه توجو مزراحي، دور راعية أغنام تنتقل إلى القصر في عصر الدولة الأمويّة.

في هذا الفيلم، يتعلّم الحضور الغفير من الرجال الحاضرين احترام المطربة، بعد استهزاء أحد الرجال بها لكونها فلّاحة (راعية غنم) فتردّ عليه سلّامة/أم كلثوم: "يبوس القدم/ ويبدي الندم/ على غلطته/ في حق الغنم"، إلى أن ينحني هذا الرجل (استيفان رستي) ويقبّل قدمها. وكأن "ثومة" تذكّر مجدّداً بالقوانين التي اعتمدتها في غنائها على المسرح، وغيّرت من خلالها مكانة المرأة المطربة في عشرينيّات القرن الماضي لدى وفودها إلى القاهرة.

"الأرشيف المصوّر والقريب لتعابير وجهها في شبابها، هو هديّة لمحبّيه"

ما يتوجّب ذكره، هو الفضل الكبير للأفلام على "السمّيعة" من جمهور الست، إذ قدّمت من خلال أعمالها السينمائيّة أنجح وأشهر الطقطوقات والأغاني التي ما زالت رائجة حتى يومنا هذا، لثلاثيّ الملحّنين الأساسيّين في مسيرتها: محمد القصبجي ورياض السنباطي وزكريا أحمد.

فمن ألحان السنباطي قدّمت على الشاشة: "يا شباب النيل"،"افرح يا قلبي"، "حقابله بكرا". ومن ألحان القصبجي: "يا صباح الخير"، "ياللي ودادي صفالك"، "طاب النسيم العليل". وقدّم لها الشيخ زكريّا أحمد: "الورد جميل"، "غني لي شويه شويه"، "برضاك يا خالقي"، "قولّي ولا تخبيش يا زين" وغيرها من الأغاني الهامّة.

وفي الحقيقة، لولا الإطار السينمائي لما خرجت هذه الأغاني للنور. وعلى وجه الخصوص ما قدّمه فيلم "سلّامة" من أعمال ندر مثيلها في التاريخ الغنائي الحديث، حيث قدّم فيها بيرم التونسي كمؤلّف وزكريّا أحمد كملحّن تصوّراً لأغان ألّفت في العهد العبّاسيّ، جاءت بنفحة تاريخيّة وشعبيّة في آن واحد. وكان لافتاً كذلك تجويد سيدة الغناء العربي لآيات من سورة إبراهيم في الشريط الآنف الذكر، فيما يصوّر اليوم على أنّه تحفة سماعيّة ثمينة.

بعيداً عن الروايات المستوحاة من القصص التاريخيّة، قدّمت صاحبة "الأطلال" أفلاماً رواياتها معاصرة، في كلّ من "نشيد الأمل" (1937)، و"عايدة" (1942) وفيلمها الأخير "فاطمة" (1947). وقد تطوّر أداؤها نسبيّاً مع التقدّم في تجربتها التمثيلية، والتي تحمل في معظمها أسماء الشخصيات النسائية التي مثّلتها كعناوين. لكنّ أم كلثوم أدركت أنها ليست بممثّلة عظيمة، وبذكاء "الستّ" المعهود عرفت أنّ رحلتها مع السينما انتهت، بعد أن حقّقت لها انتشاراً مرئيّاً وسماعيّاً لدى الجماهير.

في نظرة استرجاعية لأفلامها في ذكرى رحيلها، نستطيع القول إن الأرشيف المصوّر والقريب لتعابير وجهها في شبابها، هو هديّة لمحبّي أم كلثوم الذين يجدون غرابة في رؤيتها تضحك على الشاشة، وتقفز، وتضطرب، وتبادل رجلاً أمامها العشق والوله، قبل أن تخلق بنفسها حواجز لتلك التفاصيل الصغيرة من خلال ابتعادها عن التقاط الصور القريبة، وتمسّكها بنظّارتها السوداء، واشتراطها ألّا تقترب منها عدسات الكاميرا كثيراً في حفلاتها المصوّرة. كل ذلك جعل أم كلثوم أيقونةً يحيطها الغموض على المستوى البصريّ.

العربي الجديد اللندنية في

02.02.2015

 
 

عمرو واكد يخوض مغامرته السينمائية الجديدة في الفضاء الخارجي

القاهرة – من أشرف صديق:

يخوض الممثل المصري عمرو واكد تجربة سينمائية جديدة هذه الأيام تأخذه لأبعد من حدود عاصمة السينما الأمريكية هوليوود وتضعه في الفضاء الخارجي حيث يجد نفسه مسؤولا عن أمن المحطة الفضائية الدولية التي تعد أكبر مركز للبشر خارج الأرض.

وفيلم (جيوستورم) من اخراج الأمريكي دين ديفلين ويشارك في بطولته كاثرين وينيك وجيرارد بتلر وجيم وإد هاريس وأندي غارسيا.

وقال واكد الليلة الماضية في مقابلة مع رويترز عبر الهاتف من نيو اورليانز في الولايات المتحدة «المخرج هو من رشحني للمشاركة في الفيلم. وبدأ التصوير في نوفمبر/تشرين الاول الماضي.»

وأضاف انه يشعر بالسعادة للوقوف إلى جانب ممثلين من هوليوود في فيلم «إنتاجه ضخم جدا بالنظر إلى طاقم العمل المشارك به.»

ويؤدي واكد في الفيلم دور الخبير الأمني الفرنسي الصارم (دوسيت) في المحطة الفضائية الدولية. ويجري التصوير في موقع سابق لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) في نيو اورليانز.

درس واكد (42 عاما) في الجامعة الأمريكية بالقاهرة وبدأ مشواره التمثيلي في 1994 وكان أول ظهور سينمائي له في فيلم (جنة الشياطين) عام 1998 وقدم مجموعة متنوعة من الأفلام المصرية قبل أن ينطلق في طريق العالمية بأفلام مثل (سيريانا) و(سيد السلمون في اليمن) و(لوسي). وقال واكد إن ملامح وجهه تمكنه من تجسيد أدوار عالمية لكنه يرفض أعمالا تعرض عليه «وفق مبادئي وأفكاري. كل إنسان عنده مباحات ومحظورات».

وأضاف انه بعد فيلمه (سيريانا) في عام 2003 عرضت عليه أدوار شخصيات إرهابية لكنه رفضها لانها «لم توظف الشخصية بالشكل الذي يريده.»

ومن المقرر طرح فيلم (جيوستورم) في دور السينما العام المقبل.

القدس العربي اللندنية في

02.02.2015

 
 

لبناني يجمع 20 ألف ملصق للأفلام العربية والأجنبية ويحلم بالمزيد

قال إنه يشتري الملصقات من كل البلدان التي يزورها

بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»

منذ 15 عاما واللبناني عبودي أبو جودة يجمع ملصقات الأفلام العربية والأجنبية التي وصل عددها إلى 20 ألفا يحتفظ بها في دار الفرات للنشر والتوزيع، في أحد أحياء منطقة رأس بيروت.

ويقضي صاحب الدار عبودي أبو جودة صباحه في تلبية طلبات زوار الدار الذين يقصدونه من مختلف مناطق لبنان بحثا عن كتاب أو آخر، وأيضا لينجزوا بحوثهم الجامعية أو الأكاديمية المتعلقة بالسينما.

يدخل أحد الشبان مقر الدار القائم في الطابق الأسفل لأحد المباني القديمة في بيروت، وما إن يلمح أبو جودة حتى يهتف قائلا: «شاهدت صورتك في إحدى المجلات المحلية ودفعني فضولي للتعرف إليك عن كثب، لا سيما أن قصتك مع السينما غير اعتيادية»، ويضيف أن «مشاهدة الأفلام هوسي وانشغالي منذ سنوات خلت».

وبفخر طفولي ترتسم على وجه صاحب الدار ابتسامة عريضة، وسرعان ما يقود الشاب المتحمس للغرفة التي يتعامل معها أبو جودة وكأنها الملاذ الآمن الذي يأخذه بعيدا عن ضوضاء المدينة، ويحتفظ فيه بملصقات وكراسات وصور مأخوذة من الأفلام العربية والأجنبية التي وصل عددها بعد 15 عاما على الملصق الأول إلى 20 ألفا.

ويقول إنه جرت العادة أن يشتري، وكلما سنحت له الفرصة، ملصقات الأفلام من المسؤولين عن دور السينما في العاصمة اللبنانية بيروت «ما إن ينتهي فيلم أو آخر».

ويتذكر أنه في المراحل الأولى كان يتابع الأفلام الأجنبية ويغض الطرف عن تلك العربية، ومن هنا بدأ شغفه بملصقات الأفلام الأجنبية. ويقول: «أحيانا كنت أحصل من المسؤولين عن دور السينما على بعض ملصقات لأفلام عربية».

وسرعان ما تحولت هواية جمع ملصقات الأفلام إلى هوس أكثر منه شغفا اندمج بحياته اليومية قائلا إنه يمضي «يوميا ما لا يقل عن ساعتين في ترتيبها وتعريبها وتصنيفها، وأيضا إعادة اكتشاف بعض الأفلام التي نسيتها مع مرور الأيام نظرا لانشغالي في الدار».

وفي الزاوية يقف أحمد منقارة (53 عاما) أمام رف طويل تراصت فوقه الكتب والمجلات وهو حائر ما بين عنوان كتاب وآخر. يقول بصوت خفيض وكأنه يحدث نفسه: «أزور دار (عبودي) بانتظام منذ سنوات عدة من طرابلس بشمال لبنان، حيث أسكن. وأتعامل مع هذه الزيارات الأسبوعية وكأنها نزهات أدبية إذ أجد كل ما أبحث عنه من كتب محلية وعربية».

ولا يمل أبو جودة من رواية قصته مع ملصقات الأفلام وإن كان عليه أن يكررها أكثر من مرة في النهار. ويقسم مجموعته «بين قديم وحديث. ويمكن أن نجد فيها مئات الصور المأخوذة من الأفلام، وكل ما له علاقة بالفن السابع. وتتضمن المجموعة ملصقات لأفلام لبنانية ومصرية وسورية وعراقية وتونسية ومغربية وجزائرية وفلسطينية، بالإضافة إلى ملصقات لأفلام إنجليزية فرنسية وأميركية».

ويؤكد أنه يشتري الملصقات من كل البلدان التي يزورها نظرا لعمله في الدار: «أخصص ساعات طويلة خلال أسفاري الكثيرة للبحث عن هواة مثلي يعشقون ملصقات الأفلام، فنتبادل بعضها ونمضي ساعات في رواية الطرائف والنوادر حول السينما».

وقال: «انحسر اهتمامي ماضيا بحقبة السبعينات وما قبلها.. انطلاقا من تقديري للدقة في العمل اليدوي الذي كان ينجزه آنذاك بعض الفنانين المتخصصين في رسم الملصقات. وتعامل هؤلاء مع الملصقات وكأنهم ينجزون اللوحات الفنية».

أضاف: «على سبيل المثال أملك ما لا يقل عن 2500 ملصق من تاريخ السينما المصرية». ويعمل أبو جودة حاليا على إنجاز كتاب يسلط الضوء على تاريخ السينما اللبنانية من خلال الملصقات وسيشمل صورا ومعلومات.

أما الشاب المتحمس فيهتف بسعادة ما إن يلمح على إحدى الرفوف أعدادا قديمة لمجلة الرسوم المصورة «لولو وطبوش» فيضحك أبو جودة مطولا ويمضي ما لا يقل عن نصف ساعة ساردا النوادر حول هذه الأعداد المقبلة من أروقة التاريخ.

الشرق الأوسط في

02.02.2015

 
 

فيلم "سيرينا".. عاطفة تتحدى عالم المافيا

عبدالستار ناجي - الكويت

ينقلنا فيلم "سيرينا" ومن قبله الرواية التي تحمل ذات الاسم إلى حكاية عاطفية ثرية بالأحداث والأحاسيس، ليتجاوزها إلى تحليل عميق لعوالم تجارة الخشب في العالم والقوى الاقتصادية التي تديرها وتتحكم بها، ضمن إخراج سينمائي ثري بالمشاهد عالية الجودة.

ويأخذنا فيلم "سيرينا" إلى حكاية تجمع بين رجل عصامي يعمل في تجارة الأخشاب يجسد دوره النجم الأميركي "برادلي كوبر"، الذي يحظى بمتابعة العالم هذه الأيام أيضاً من خلال تجسيده لدور البطولة في فيلم "القناص الأميركي" المثير للجدل من إخراج كلينت ايستوود. ولكنه في "سيرينا" يطل علينا عبر شخصية ثرية بالأحاسيس والعواطف، بالذات حينما يلتقي بالجميلة "جينيفر لورنس" التي تقف إلى جواره في مواجهة مافيا تجارة الأخشاب وتجارها الذين يريدون السيطرة على كل شيء.

وتتحول "سيرينا" من مجرد فتاة جميلة مشغولة بجمالها وأزيائها وعلاقتها الغرامية مع ذلك الرجل الشاب إلى قوة ضاربة تقف إلى جوار زوج المستقبل، وتتحمل معه كافة الظروف لتتلقى الكثير من الضربات القاسية والموجعة التي أقلها التعرض لأزمة بعد مواجهات عدة يعلن على إثرها الأطباء عدم مقدرتها كليا على الإنجاب.

وتضحي "سيرينا " بكل شيء لتقف إلى جوار من تحب، ولتؤكد للجميع أن الإنسان قادر على مواجهة كافة المصاعب وأن دعم الرفيق والصديق يشكل قوة إضافية تمنح الإنسان مزيداً من البسالة والتحدي.

ويتحرك الفيلم وفق هذه المحاور الأساسية التي تظل مقرونة بمشاهد جمالية عالية الجودة، حيث صورت مشاهد الفيلم في غابات جمهورية "التشيك"، بالإضافة إلى الحضور السخي للنجمة جينيفر لورنس والنجم برادلي كوبر اللذين يلتقيان للمرة الثانية في دور حبيبين.

يشار إلى أن هذا المشروع كان قد تعطل لأكثر من خمسة أعوام بعد أن اعتذر على تنفيذه المخرج الأول للفيلم دارين ارنوفسكي، ما نجم عنه أيضا اعتذار النجمة أنجلينا جولي عن تجسيد شخصية "سيرينا"، ليتم بعد ذلك استبدالهما بجينيفر لورنس والمخرجة سوزان بير.

ويتجاوز الفيلم العواطف والمصالح الهشة إلى ما هو أبعد وأعمق، إذ تؤسس تلك العلاقة إلى كيان إنساني قادر على المواجهة والتحدي. ومن هنا تأتي أهمية الفيلم المقرر عرضه في دور السينما العالمية نهاية فبراير الجاري.

العربية نت في

02.02.2015

 
 

إيران تصور بكاميرا مذهبية فيلما عن النبي محمد

ميدل ايست أونلاين/ لندن

فيلم للمخرج مجيد مجيدي وبتمويل المرشد الأعلى يواجه موجة نقد كبيرة في الخارج، لكن طهران تقرر عرضه في مهرجان 'الفجر'.

تفاقم الجدل الإسلامي حول تجسيد شخصية النبي محمد بالتزامن مع الإعلان عن عرض الفيلم الإيراني "محمد رسول الله" في مهرجان "فجر" السينمائي الدولي في طهران.

والفيلم، الذي يعد من أكبر المشاريع الإنتاجية حتى الآن عن حياة خاتم الأنبياء، وصلت تكاليف إنتاجه إلى 30 مليون دولار، وهو ممول كليا من صندوق المستضعفين الذي يخضع لسلطة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.

ويواجه الفيلم الذي أخرجه مجيد مجيدي موجة نقد كبيرة في الخارج، ولكن يظل الأمر مختلفا في إيران، فدعم خامنئي الشخصي للفيلم يعني أن وسائل الإعلام الإيرانية لن تجد مجالا لإخضاعه إلى أي نقد.

وفي أكتوبر/تشرين الاول 2012 حظي الفيلم بزيارة غير متوقعة قام بها خامنئي لموقع التصوير في مدينة قم المقدسة، حيث تمت إقامة مجسمين كبيرين لمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، في دلالة سياسية ومذهبية واضحة.

ويثير الفيلم جدلا آخر حول تعبيره عن الرؤية الإيرانية للطريقة التي انتشر بها الإسلام، وكيف عاش النبي حياته.

ويقول المنظمون للمهرجان، إن الفيلم سيعرض بشكل مستقل ولن يدرج في مسابقات المهرجان من أجل الحفاظ على قدر النبي.

ورغم دعمها ماديا ومعنويا لفريق عمل الفيلم الجديد، كانت إيران من أشد الناقدين للصور المسيئة للرسول وللنبي محمد، خاصة بعد نشر المجلة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو" صورا تمثله وهو يحمل لوحة كُتب عليها بالفرنسية "أنا شارلي".

وقال الباحث والمؤرخ رشيد الخيون لـصحيفة العرب اللندنية إن "أي عمل درامي تاريخي ديني في هذه الأيام الملبدة بسحب الطائفية والتشدد الديني، يضر ولا ينفع، فلو دققتم في هيئة (زعيم تنظيم داعش) أبوبكر البغدادي وهو يقدم بيان تأسيس خلافته كم تلبّس الدور الذي مثل الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب".

وأضاف الخيون، صاحب كتابي "لا إسلام بلا مذاهب" و"جدل التنزيل" إنه لم ير فيلم محمد رسول الله الإيراني "لكنه بلا شك سيُقدم النبي على ضوء مذهب الدولة الإيرانية وتصوراته، وبهذا سيواجه بردة فعل".

ومجيدي هو مخرج قريب من النظام الإيراني، وعمل لمدة خمس سنوات بقدر كبير من السرية من أجل الانتهاء من الفيلم الذي يعد ثاني أضخم إنتاج عن حياة الرسول، بعد فيلم المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد "الرسالة" الذي عُرض لأول مرة عام 1976.

ويقر مجيدي أن لديه تحفظات على فيلم العقاد، الذي يقول إنه فشل في تقديم صورة حقيقية عن النبي محمد لأنه ركز على "الجهاد والحرب"، لذلك "فصورة الإسلام في الفيلم انحصرت في السيف فقط".

وفيلم مجيدي هو جزء من ثلاثية عن حياة النبي محمد، يبدأ الأول منها منذ ولادته حتى الثانية عشرة من عمره، ويجسّد هذا الجزء رحلته الأولى إلى الشام ولقاءه بالراهب المسيحي بحيرة، الذي يعتقد أنه تنبأ بأن محمدا سيكون نبيا في يوم من الأيام.

ورغم ذلك مازالت المخاوف من أن يثير الفيلم جدلا قائما، بالنظر إلى أن النظام الحاكم في إيران الشيعية لا يمانع في تجسيد الرموز الدينية.

وحاول مجيدي تخفيف حدة القلق لدى قطاعات واسعة من المسلمين، وقال إنه استشار عددا من علماء الشيعة والسنة من أنحاء مختلفة في العالم الإسلامي.

وأبدى الأزهر، اعتراضه على تجسيد الأنبياء والرسل في الأعمال الدرامية والفنية، وذلك لمكانتهم التي لا ينبغي أن تمس بأي صورة في الوجدان الديني. ويعتبر الأزهر أن تجسيد شخصياتهم في هذه الأعمال يعد انتقاصاً من هذه المكانة الروحية التي يجب الحفاظ عليها.

وطلب الأزهر من طهران عدم عرض الفيلم، بينما استغلت قطر الشد والجذب القائم وأعلنت أنها تخطط لإنفاق مليار دولار على إنتاج فيلم ضخم عن حياة النبي محمد.

وعلى الرغم من الضجة الكبيرة التي رافقت الإعلان عن الفيلم الإيراني والدعوات الصادرة من هيئات إسلامية في مصر والسعودية لوقف إنتاجه في نوفمبر/تشرين الثاني، فإن المخرج مجيدي قال إنه "سيتم عرض الفيلم في مهرجان فجر الدولي الـ33 ".

ويقول الخيون "عدم تحريم أو تحليل تمثيل شخصية النبي هي محط اختلاف بين فقهاء المذاهب. أرى أن يُبعد عن زج الدين والشخصيات المقدسة بحجة الدفاع عنها، فالخلاف الطائفي اليوم يُقدم الإسلام إسلامين وكل يحتفظ بمجلدات من الأحاديث المسنودة إلى النبي".

لكن مجيدي رد قائلا "أنا واع لمظاهر القلق، ونحن حساسون تجاه الرموز الدينية، ولكن لماذا ينتقدون الفيلم قبل مشاهدته؟".

ميدل إيست أونلاين في

02.02.2015

 
 

بدء تصوير النسخة الجديدة من فيلم «بن هور» في إيطاليا

مدريد - إفي

بدأ تصوير النسخة الجديدة من فيلم "بن هور"، الذي يشارك في بطولته مورغان فريمان وجاك هيوستن، في إيطاليا، بحسب بيان صدر اليوم (الثلثاء) عن شركتي "مترو غولدوين ماير" و"باراماونت بيكتشرز" المسؤولتان عن إنتاج العمل.

وقال مخرج الفيلم تيمور بيكمامبيتوف، إنه "لا يمكن تخيل موقع أكثر مثالية من إيطاليا لتصوير هذا الفيلم الملحمي".

وتم اقتباس قصة الفيلم، الذي سيتم تصويره في العاصمة الإيطالية روما ومدينة ماتيرا في جنوب البلاد وتم تخصيص موازنة لإنتاجه تبلغ 160 مليون يورو، عن رواية "بن هور: حكاية السيد المسيح" التي ألفها الكاتب والمحامي والديبلوماسي الأميركي لويس والاس في العام 1880، وكتب سيناريو العمل كيث كلارك، بينما قام بمراجعته جون ريدلي.

يشار إلى أنه تم تقديم نسخة من الفيلم في العام 1959 وشارك في بطولتها تشارلتن هيستون وستيفن بويد، وهو يسرد قصة يهودي يدعى يهودا بن هور الذي ينتمي إلى الطبقة المخملية ويعاني من خيانة صديق روماني.

وفي النسخة الجديدة من العمل سيجسد دور بن هور الممثل جاك هيوستن، بينما سيلعب فريمان دور الرجل الذي يعلمه المفاتيح الأساسية لكي يصبح بطل سباقات عربات الخيول.

ويشير البيان الصادر عن شركتي الإنتاج إلى أنه "من المقرر طرح الفيلم في دور العرض في 26 شباط (فبراير) من العام المقبل".

تدور أحداث الفيلم في القدس في بداية القرن الأول الميلادي، حول شخص نبيل يتهم ظلماً ثم يعيش أعواماً كعبد لكي ينتقم من أقرب صديق له بعد أن خانه، ومن ثم يتعين على الاثنين الاختيار ما بين الصفح والعقاب.

الحياة اللندنية في

02.02.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)