كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

ماجدة واصف رئيسة مهرجان الأقصر والقاهرة السينمائي لـ «القدس العربي»:

عدم الترجمة أفقدنا الجمهور ونطالب الحكومة بتوفير قاعات عرض حديثة

رانيا يوسف

 

الأقصر ـ «القدس العربي»: قبل أيام قليلة من انطلاق الدورة الثالثة من مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، أصدر وزير الثقافة جابر عصفور قرارا بتولي الناقدة ماجدة واصف رئاسة الدورة السابعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي سينعقد أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بعد اعتذار الناقد سمير فريد عن استمراره في تولي رئاسة الدورة المقبلة من المهرجان لظروف صحية، وجاء قرار تولي الناقدة ماجدة واصف لهذا المنصب، بعد طرح عدة اسماء كانت من بينها واصف التي تودع حالياً آخر دورة من عمر مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، قبل ان تترك منصبها رسمياً، لتبدأ بالتحضير للدورة المقبلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كان لـ»القدس العربي» حوار مع الناقدة ماجدة واصف رئيسة مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية.

لماذا غاب النجوم عن حضور الدورة الثالثة من المهرجان؟

□ المهرجان وجه الدعوة لعدد من الفنانين، خاصة التي شاركت أفلامهم في برنامج «ليالي السينما المصرية»، لكن معظمهم اعتذر بسبب انشغالهم بتصوير أعمالهم الدرامية الجديدة، على رأسهم الفنان أحمد السقا والفنانة هند صبري، المهرجان أيضاً انخفضت ميزانيته هذا العام، بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر حالياً، حيث جاء دعم الوزارات الحكومية في شكل دعم عيني من توفير الخدمات وتسهيل الإجراءات وغيرها، بالإضافة إلى أن المهرجان يتحمل تكاليف أخرى على عاتقه مثل، تجهيز صالات العرض واستئجار أجهزة عرض ذات تقنيات حديثة، ودفع إيجار الأفلام الأجنبية، ولكن أكثر مشكلة واجهتنا هي عدم توفر قاعات عرض تعمل بتقنية الـ»دي سي بي»، وهو نظام العرض الأحدث، لكن في مدينة الأقصر قاعات العرض غير مجهزة، مما يجبرنا على تحمل تكاليف إضافية للوصول إلى أحسن جودة عرض للصوت والصورة.

ما هو جديد المهرجان هذا العام؟

□ هذا العام عقدنا اتفاقية مع المعهد الفرنسي الذي دعمنا بعدد من الأفلام الفرنسية، وتم تنظيم برنامج خاص لتكريم السينما الفرنسية، عرض فيه 16 فيلما، ما بين أفلام الموجة الفرنسية الجديدة، وأفلام السينما النسائية الفرنسية الجديدة، وأفلام تحريك وبرنامج تكريم المخرج الفرنسي ورئيس لجنة التحكيم ايف بواسيه، كما تم استحداث برنامج جديد لعرض مجموعة من الأفلام العربية التي انتجت خلال السنوات الثلاث الماضية. أيضاً تم تطوير برنامج عروض الأفلام المصرية الذي بدأ العام الماضي بعرض للأفلام المستقلة، وحظي بحضور جماهيري كبير، وهذا العام عرضنا مجموعة من الأفلام التجارية التي عرضت نهاية العام الماضي في دور العرض مثل فيلم، «الجزيرة 2» وفيلم «قط وفأر» وفيلم «الفيل الأزرق» وفيلم «ديكور»، هذه العروض ربطت بين المهرجان وجمهور مدينة الأقصر بشكل كبير، خاصة أن أهل المدينة متعطشون لمشاهدة سينما مصرية جديدة، المدينة لا يوجد فيها سوى قاعة عرض تجارية واحدة وغير مجهزة بشكل آمن للجمهور، ولا تعرض كل الأفلام التي تنتجها السينما المصرية على مدار العام.

هل يمكن استثمار نجاح الإقبال الجماهيري الكبير على عروض الأفلام المصرية في تطوير أنشطة المهرجان؟

□ بالطبع اذا تخلصنا من المشكلة الأكبر التي تواجهنا وهي تجهيز أماكن العرض بأجهزة حديثة، خاصة أن المدينة منذ أربعة أعوام يقام فيها مهرجانان دوليان للسينما، مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.

المهمة الأكبر حالياً لوزارة الثقافة هي تنظيم فعاليات فنية على مدار العام في قاعة المؤتمرات وقصر الثقافة، ولكن أولاً عليها أن ترصد ميزانية لتجهيز هذه القاعات تقنياً، ولكن ربما هذه ليست من أولويات الدولة حالياً، خاصة أن الفنون والثقافة تأتي في الترتيب الثاني أو الثالث في الاهتمام بتطويرها، وأدعو إدارة مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية أن يتعاون معنا لمخاطبة الجهات الحكومية لتوفر لنا أجهزة عرض حديثة.

برنامج ليالي السينما المصرية حظي بحضور جماهيري كبير، خاصة من جانب أهل مدينة الأقصر، بينما اقتصر حضور أفلام المسابقة الرسمية على ضيوف المهرجان بسبب عدم ترجمة الأفلام إلى اللغة العربية؟

□ العام الماضي حصلنا على منحة من الاتحاد الأوروبي، خاصة بترجمة الأفلام إلى اللغة العربية، لكن هذا العام خصص الاتحاد المنحة لجزء آخر في المهرجان، واعترف بأن عدم ترجمة الأفلام إلى العربية هو سقطة كبيرة أحدثت فجوة بين المهرجان والجمهور الأقصري، ولكن سنحاول تداركها في العام المقبل، اللغة هي وسيلة الاتصال بين العمل الفني والجمهور، وهذا ما شهدناه في فيلم الافتتاح، رغم أنه صامت، لكن أحداثه ترجمت إلى العربية حيث نجح في جذب عدد كبير من الجمهور من فئات عمرية مختلفة.

ترددت أخبار عن وجود خلافات بين المهرجان والشركة المنتجة لفيلم «قدرات غير عادية» للمخرج داوود عبد السيد، حيث كان من المقرر أن يعرض الفيلم في المسابقة الرسمية؟

□ لا توجد أي خلافات بيننا وبين شركة نيوسينشري، الشركة قامت بعرض فيلمين من إنتاجها في برنامج «ليال عربية» هما فيلم «ديكور» وفيلم «قط وفأر»، ولكن كان هناك شبه اتفاق على أن يكون فيلم «قدرات غير عادية» فيلم الافتتاح، ولكن بسبب بعض التعديلات التقنية التي تجريها حالياً الشركة على الفيلم تأخر الانتهاء من تجهيزه للعرض، كما أن الشركة لديها خطة لتسويق الفيلم تجارياً، نحترمها.

كان مطروحاً مشاركة عدد من الأفلام المصرية لكن مخرجيها لم يستكملوها بعد، مثل فيلم المخرج هاني خليفة الذي لم ينته من مراحله الأخيرة حتى الآن، وفيلم «هز وسط البلد» لكن الفيلم لم يكن مترجما إلى الانكليزية. هذا العام لدينا مشكلتان، أولا عرضنا فيلم «قط وفار» بدون ترجمة إنكليزية، حيث لم يتح لضيوف المهرجان الأجانب مشاهدة الفيلم، جزء من دورنا أن نخرج بالسينما المصرية من السوق المحلي.

هل يمكن للمهرجان أن يدخل في عملية تمويل إنتاج الأفلام بشكل جزئي، مما يضمن له حق عرضها الأول؟

□ حتى يتم توفير الدعم المادي يجب أن تكون هناك ميزانية تسمح بهذا، نحن نعمل في ظروف أمنية واقتصادية غير مستقرة، في مؤسسة نون التي تقيم مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية حالياً نعمل على مشروع أوروبي يسمى «ايكام» بمشاركة مع شركة سمات للانتاج، هو مشروع إقليمي لدول جنوب المتوسط، يشارك معنا الأردن والمغرب والجزائر وبلجيكا، يهدف المشروع إلى الاستثمار في الثقافة والفنون في دول جنوب المتوسط، وسوف يدعم مشاريع الإنتاج المختلفة الاتحاد الأوروبي على مدار 3 سنوات، منذ عام ونصف العام نقف أمام بيروقراطية استخراج التصاريح اللازمة من الجهات الحكومية، خاصة بعد الإشارة إلى القانون الجديد للجمعيات الأهلية، الذي يحظر عليها تقاضي أي تمويل أو منح من الخارج، لكن هذا القانون يجب أن يستثني الفنون والثقافة، خاصة أن مصادر التمويل الخارجية تمثل داعما قويا للجمعيات والمؤسسات الأهلية والفنانين المستقلين في إنتاج أفلامهم.

هل يتعارض وجودك في مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية مع رئاستك لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟

□ بالطبع لا يمكن أن أكون مسؤولة عن مهرجانين في وقت واحد، وسوف تقوم الجمعية بترشيح عضو آخر من مجلس الإدارة لتولي منصب رئيس المهرجان بعد انتهاء فعاليات هذه الدورة، لكنني سأظل عضوا في جمعية نون وسوف نستكمل مشروع «ايكام».

صاحبت الدورة السابقة من مهرجان القاهرة خلافات عديدة بين الإدارة القديمة للمهرجان والإدارة الجديدة برئاسة الناقد سمير فريد، كيف سيتم تجاوز هذه الخلافات في الدورة الجديدة؟

□ لم أتابع ما حدث بينهما وعلاقتي جيدة مع الجميع، ولكن الدورة التي تولي رئاستها الناقد سمير فريد كانت من أنجح دورات المهرجان، وسوف نستثمر هذا النجاح في المحافظة على البرامج الجديدة التي تم استحداثها العام الماضي، خاصة البرامج الموازية التي حققت نجاحا كبيرا، سوف نبدأ العمل عليه بعد دراسة ملفات الدورة الماضية، وسنقوم بتحديث لائحة المهرجان في الدورة المقبلة.

هل سيستمر فريق عمل المهرجان في الدورة الجديدة؟

□ قاموا بتقديم استقالاتهم بعد انتهاء الدورة الماضية، ولن أختار أي فريق عمل إلا بعد اطلاعي على الملفات المالية والإدارية والتنظيمية للدورة السابقة، هذا سيبدأ بعد عودتي من مهرجان برلين، حيث يجتمع رئيس الاتحاد الدولي للمنتجين مع مديري المهرجانات الدولية.

القدس العربي اللندنية في

01.02.2015

 
 

ميرنا المهندس:

الصحافيون شبهوني بسيدة الشاشة فاتن حمامة

محمد عاطف - القاهرة – «القدس العربي»

قالت الفنانة المصرية الشابة ميرنا المهندس إن فيلم «زجزاج» من أعمالها المهمة. وكشفت أنها عملت تدريبات على الصوت والأداء لتطوير أدواتها التمثيلية. وترى أن أي شيء قيمته في رونقه والفن بالكيف وليس بالكم.

وأضافت أنها لا تستطيع مشاهدة فيلمها «زجزاج» إلا في الصف الأول مع بقية الأبطال بسبب الإزدحام الشديد من الجمهور وهذا مرده الى أن المخرج أسامة عمر له تفكيره ومدرسته وتؤيده في أسلوبه هذا.

وتقول: هذه أول مرة أخاف جدا من الدور، والحمد لله ربنا وفقني في الأداء والجميع تحدث عن شخصية رباب و»الملازمة»، التي التصقت بها جاءت بالصدفة.

وتضيف: الصحافيون قالوا لي إن هذا الدور مثل بدايات سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وهذا زاد من الرعب بداخلي.

وعن اختفائها مؤخرا تقول: عملت منذ الصغر وكل رمضان وكل موسم كنت موجودة وشاركت كبار النجوم في التمثيل والتأليف والإخراج.

وتردف: وقفت وقفة مع نفسي لشعوري بالظلم سينمائيا وتواجدي الأكبر كان في الدراما، وعملت تدريبات مكثفة لنفسي على الصوت والأداء لتطوير أدواتي التمثيلية، ولا أتحمل الإزدحام عند الخروج للشارع، ولذا دائما معي سائق. وتقول: سيناريوهات عديدة عرضت علي وجدتها مكررة لأدوار قدمتها من قبل واعتذرت عن الكثير منها.

وتوضح أن أي شيء قيمته في رونقه والفن ليس بالكم ولكن بالكيف، ومثلا في مسلسل «محمود المصري» كنت ضيفة شرف ولم يشعر الجمهور بذلك، وشعروا بأنني من أبطال العمل وأسعدتني مساندة النجم محمود عبد العزيز لي.

وتقول: أغلب أعمالي حققت النجاح، ولهذا كان لا بد من وقفة لي مع النفس لدراسة ما يمكنني تحقيقه من أدوار تكون جديدة في مشواري ألى أن جاءت فرصة فيلم «زجزاج»، الذي نال هذا الاهتمام، سواء من الجمهور أو النقاد.

وتشير إلى حبها للشخصية البعيدة عنها، أما القريبة منها فلا تتفاعل معها، وممكن أن تعملها في برنامج وليس في عمل سينمائي أو درامي، أما البعيدة فهي تجتهد جدا فيها وتبحث عن تفاصيل لتجسدها. وترى مسلسل «عابد كرمان» مرحلة أخرى في مشوارها وأدوارها الصعبة.

وتعتبر ميرنا المهندس الفن ارتقاء للمجتمع، ولذا فالأدوار الفنية شخصيات نعرضها للمشاهد في مصر والعالم العربي والأجنبي، وهذا يتطلب وصول رسالة فنية واضحة لكل دور في العمل، ولأن فيلم «زجزاج» خرج من قلب فريق العمل من المخرج والممثلين والفنيين فوصل إلى إحساس المتفرج.

ولدى سؤالها عن أن شخصية فتاة الليل نراها في السينما المبالغة في الملابس والماكياج، بينما هي قدمتها بشكل مختلف؟ ترد: «ريهام الاستايلست» ساهمت معي في رسم شكل الشخصية واتفقنا على ما أظهر به والأهم عندي ماذا سأقدم في كل مشهد.

وتصور ميرنا المهندس مسلسل « أريد رجلا» مع المخرجة بتول عرفة، وهي نفس دفعتها في الدراسة وتقول: رشحت لدور في البداية قريب من شخصيتي ثم قررت المخرجة ترشيحي لدور «أميرة» التي عندها ولد وفي شخصيته شر وخير. وتختتم: أسعدتني شخصية «أميرة» جدا وأراها مفاجأة للجمهور، وخاصة أن المسلسل 60 حلقة سيذاع جزء منه في مايو/آيار المقبل وجزء أخر في شهر رمضان.

مخرج فرنسي: أفلامي تمنعها الرقابة لأنها ضد توجه فرنسا

الأقصر ( مصر) -د ب أ:

أقام مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية في أخر أيام دورته الثالثة مؤتمرًا صحافيًا للمخرج الفرنسي إيف بواسيه رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في المهرجان، وأدار الندوة الناقد الفني يوسف شريف رزق الله.

بدأ المخرج الفرنسي كلمته معبرًا عن سعادته بتواجده في هذه الدورة من المهرجان، بالإضافة إلى كونه عضو لجنة تحكيمه، مشيرًا أنه بالرغم من أن الأفلام المتواجدة على مستوى جيد إلا أن ما أحزنه هو عزوف الجمهور في الأقصر على مشاهدتها، واقتصار الإقبال على عدد من الأفلام المصرية مثل «الفيل الأزرق» و»بتوقيت القاهرة» و»ديكور».

كما تطرق بواسيه، خلال المؤتمر الى التطرف والاحداث الارهابية التي تحدث في العالم والتي كان أخرها حادث «شارلي ابدو» ، قائلا «الفن لا يستطيع أن يغير وجهة نظر شعب كامل تجاه قضية معينة، كما أن الدول العربية هي الأولى بهذا الدور في أن تقوم بإنتاج تلك الأفلام التي تحارب الإرهاب وتنقل وجهة نظر صحيحة عنهم للغرب».

وأكد رئيس لجنة التحكيم على أن أعماله تهدف بشكل رئيسي إلى معالجة أمور حساسة بالنسبة للدولة والمؤسسات، مشيرًا إلى أنه دائمًا ما يجد العراقيل التي تضعها فرنسا أمام أعماله، حيث يعتبر نفسه من أكثر المخرجين المفروض عليهم قيود، لما يواجهه من مشاكل كثيرة مع الرقابة وذلك بسبب تبنيه وجهة مخالفة لتوجهات الحكومة، وذلك يرجع إلى أن الدولة تمول الأفلام بشكل أو بآخر وهو ما يجعلها متحكمة بشكل ليس بقليل في عملية صناعة السينما.

وضرب بواسيه مثالًا على كلامه بأنه كان هناك فيلم يدور حول العنصرية ضد العرب، فقامت الرقابة بمنعه لمن هم أقل من 18 عامًا، وهو ما يعتبر خسارة فادحة لمنتج الفيلم لوضع في تلك القائمة، وفي محاولة لتدارك الموقف تم منع الفيلم لمن هم أقل من 12 عامًا. أما عن علاقته بالسينما المصرية فقال إن تواجد السينما المصرية في فرنسا قليل نوعًا ما، ولكن يعرف بعضا من الأفلام المصرية وعلى رأسها أفلام الراحل يوسف شاهين.

وردا على سؤال حول إمكانية اتجاهه لعمل أفلام تجمع الثقافة المصرية والفرنسية، أوضح «أنه بدأ كتابة فيلم عن شامبليون معتبرًا أن ذلك العمل يعتبر جسرًا للتواصل ما بين البلدين، حيث أن شامبليون ارتبط بصداقة مع المصريين عندما نجح في فك رموز حجر رشيد، متوقعا ان يكون الفيلم من اقوي الافلام القادمة».

رواد مهرجان «صندانس» للأفلام التسجيلية يشاهدون حرب سوريا من خلال «تكنولوجيا الواقع الافتراضي»

حسام عاصي - لوس أنجليس – «القدس العربي»

حضرت الثورة السورية مهرجان «صندانس» 2014 من خلال عرض «العودة الى حمص» الذي فاز بجائزة المهرجان لافضل فيلم تسجيلي. أما هذا العام، فبدلا من مشاهدة فيلم عن حرب سوريا، تمكن رواد المهرجان من الإنتقال الى حارة في مدينة حلب وتجربة ما يواجهه السوريون من ويلات في حياتهم اليومية من خلال تكنولوجيا الواقع الافتراضي.

مهرجان «صندانس» معروف بعرض أفلام مستقلة وإكتشاف مواهب جديدة من صانعي أفلام، ولكن هذا العام توجهت أنظار رواد المهرجان الى معرض «نيو فرونتير» أو أقصى ما وصل اليه العلم الذي كشف عن تكنولوجيا السينما الحديثة وهي الواقع الافتراضي. 

فبدلا من مشاهدة الأفلام على شاشة عن بعد، تكنولوجيا الواقع الافتراضي تمكن المتلقي من الانغماس في الفيلم ذهنيا وجسديا والتفاعل مع شخصياته وكأنه واحد منهم. 

كل ما يحتاجه المتلقي هو تركيب جهاز الأوكيلس (نظارات وسماعات خاصة) على رأسه الذي ينقله الى واقع آخر يشاهده من الجوانب كلها بـ 360 درجة. فكان بإمكاني أن أواجه الوحش في فيلم «غودزيلا» والإنضمام الى سكان نيويورك، الذين كانوا يهربون. كما أنني اشتركت في حفل عرس من خلال مشاهدة فيلم زواج، وجلست على مائدة طعام مع عائلة منغولية، وتمشيت على شاطىء البحر مع المستجمين، وشاركْت الممثلة ريس ويذيرسبون في مسيرتها في فيلم «بري». 

بامكانك أيضا أن تختار أي دور تلعبه في فيلم. ففي فيلم عرض هناك، قمت بلعب دور شاب في حفلة جامعية، يتعرف على فتاة سكرانة ويستغلها جنسيا. وعندما لعبت دور الفتاة السكرانة شعرت بدوخانها واجهادها. في كلا الدورين تفاعلت تماما في ذلك الواقع وكأني قمت بالعمل بنفسي. وفي عرض آخر، امتطيت ماكنة ذات جناحين وطرت فوق مدينة سان فرانسيسكو متحديا الرياح بينما كانت الطيور تسابقني.

واضح اذا أن هذه التكنولوجيا جعلتني جزءا من تجربة تلاوة الرواية بدلا ان أكون مشاهدا غير فعال. وبينما تعزز أفلام الأبعاد الثلاثة تجربة المشاهد وتزيد من واقعية الحدث، فإن الواقع الافترضي يمنح التفاعل مع الشخصيات وتغيير مسار الأحداث، فضلا عن الشعور بإحساس جسدي يسجله الدماغ على أنه واقع حقيقي، بدون الحاجة للذهاب الى صالة السينما، اذ أن رأسك هو الصالة. 

تكنولوجيا الواقع الافتراضي لفتت انتباه الصحافية ناني ديلابينا، التي قررت أن تستخدمها في تقاريرها الإخبارية لكي تنقل المتلقي الى صلب الحدث أينما كان لكي يعيشه بنفسه مما يؤدي الى مشاركة وجدانية وتعاطف مع الشخصيات هناك. «أنا أُسَمي الواقع الافتراضي مُوَلد العواطف». تقول لي عندما ألتقي بها في المعرض: «أنا أندهش من رد فعل الناس وارتباطهم المفاجئ بالشخصيات وهذا عادة لا يحدث عندما يشاهدونهم على شاشات التلفزيون او يقرأون عنهم في الصحف».

ولهذا شرعت ديلابينا بمشروع سوريا وبعثت مجموعة من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا الى مخيمات لاجئين سوريين لتصوير لقاءات مع قاطنيها ونزّلت أفلام عن الثورة السورية من موقع «يوتوب»، ومن خلال هذه الصور قامت ببناء حي من أحياء حلب ومخيم لاجئين سوري في الحاسوب. فعندما وَضَعْتُ أداة الأوكيلس على رأسي شعرت فجأة أنني في شارع من شوارع حلب ومحاط بأهلها. شاهدت شخصا يبيع الخضار، سيارة تمر بجانبي، مجموعة من الشباب يدخنون الشيشة ويلعبون الطاولة، فتاة صغيرة تغني لأطفال. ثم مشيت وراء مجموعة من الناس وفجأة وقع انفجار مدو أمامي، أذهلني. الحارة تندثر تحت الغبار الأبيض، الجرحى في برك دمائهم من حولي يصرخون ويتوسلون المساعدة، الفتاة التي كانت تغني مستلقية على الأرض، لا حياة فيها. أينما نظرت شاهدت موتا ودمارا وحطاما. إنه منظر مروع.

«ما جربته كان قذيفة هاون من نظام بشار الأسد،» تقول لي ديلابينا عندما أعود من واقع حلب. الأصوات التي سمعتها والصور التي شاهدتها تم التقاطها من أفلام الـ»يوتوب» السورية. وفي تجربة أخرى، انتقلت الى مخيم لاجئين سوري في الأردن في فصل الشتاء. جلست مع مجموعة من اللاجئين حول نار يتدفأون بها. ثم انتقلت الى خيمة حيث يعيش ثلاثة أجيال من عائلة واحدة، وجوههم مصبوغة بالبؤس واليأس. الأطفال يرجفون من البرد.

إحدى الطالبات التي اشتركت في هذا المشروع قالت لي «أنا سمعت عن الحرب في سوريا، ولكن لم أتعاطف مع الناس هناك حتى شاهدتهم في الواقع الافتراضي».

وهذا ما أرادت أن تحققه ديلابينا التي تريد أن يشاهد الأمريكيون السوريين عن قرب ويعيشوا الويلات التي يواجهونها. «في أمريكا، نحن متورطون في سوريا، ولكن لا نعرف شيئا عنها. ما هذا المكان؟ من هم هؤلاء الناس؟ لماذا يهمني أمرهم؟ لماذا نحن هناك؟» تتساءل ديلابينا.

ما يميز تكنولوجيا الواقع عن التقنيات السالفة مثل الايماكس ودولبي وثلاثية الأبعاد هو أنها ضئيلة التكلفة ولا تحتاج صالات سينما أو أجهزة تلفزيون متقدمة، وإنما نظارات يمكن أن تحصل عليها من شركات مثل «غوغل»، التي عرضت في المهرجان نظارات كرتونية تكلف 20 دولارا فقط. ويمكن بث الفيلم من الجوال الى النظارات.

القدس العربي اللندنية في

01.02.2015

 
 

دعوة لصانعي الأفلام لتقديم أعمالهم في الفترة من 1 إلى28 فبراير

انطلاق مسابقة The Reel Dubai للأفلام القصيرة لدعم مبادرة  My Dubai

دبي ـ "سينماتوغراف"

انطلقت اليوم مسابقة The Reel Dubai للأفلام السينمائية القصيرة، لتتيح للمبدعين السينمائيين في الدولة فرصة الاحتفاء بالمشهد المتنوع والفريد لمدينة دبي، وتقديم طلبات المشاركة قبل الموعد النهائي يوم 28 فبراير الجاري. ويأتي تنظيم هذه المسابقة في إطار مبادرة التعاون المشترك التي تجمع ما بين شركة سامسونج، ومهرجان دبي السينمائي الدولي، ودائرة السياحة والتسويق التجاري، وتهدف المبادرة الى تسليط الضوء على إبداعات المخرجين الموهوبين في الإمارات، ولفت الانتباه إلى موروث التجارب والخبرات الإماراتية في المجال السينمائي

تم إطلاق مسابقة The Reel Dubai ضمن مبادرة My Dubai التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي خلال يناير 2014، ودعا من خلالها زوار دبي والمقيمين للمشاركة بمقاطع فيديو تعكس رؤيتهم لمدينة دبي من وجهة نظر سينمائية عبر عدسات قاطني المدينة، حيث تسعى المسابقة إلى سرد الملايين من القصص التي تندرج في هذا الإطار

وقالت شيفاني بانديا، المدير الإداري لمهرجان دبي السينمائي الدولي: "إن احتضان وتنشئة المواهب المحلية يعد المدخل إلى تأسيس وبناء ثقافة سينمائية راسخة على امتداد المنطقة، كما أنها إحدى الأهداف الرئيسية لمهرجان دبي السينمائي الدولي. وتفتح مسابقة The Reel Dubai الباب أمام المخرجين المبدعين والطموحين لاستعراض مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية المستلهمة من واقع الحياة الغنية لإحدى أكثر المدن تنوعاً وسحراً في العالم". 
وأضافت: "بعد النجاح المشترك الذي حققناه من خلال طرح مسابقة سامسونج للأفلام القصيرة، فإننا على ثقة بأن الاهتمام الكبير والرغبة في التميّز ستسود أوساط مخرجي الأفلام السينمائية بشأن هذه المبادرة، ونتطلع لرؤية الأصالة والتفرّد في صميم أعمال كل المشاركين المبدعين".

بدوره قال عصام كاظم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري: "رأينا عبر مبادرة My Dubai ابداعات وشغف وطاقات حيوية من محبي دبي. وننظر لانطلاقة مسابقة The Reel Dubai كفرصة اضافية لإظهار تلك الابداعات السينمائية للجمهور العالمي. ونحن فخورون في مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري بشراكتنا في إطلاق هذه المسابقة مع شركة سامسونج ومهرجان دبي السينمائي الدولي، ونتطلع لرؤية النتائج السينمائية المميزة القادمة، والتي ستكشف بلا شك عن موهوبين ومبدعين في أوساط صانعي الأفلام وسكان وزوار دبي بشكل عام".

ومن جانبه قال، ماركو فوكال، رئيس قسم التسويق المؤسسي لدى شركة سامسونج الخليج للإلكترونيات: "نحن فخورون بالمشاركة في طرح مبادرة ثقافية متميزة أخرى بعد وقت قصير من انتهاء مسابقة سامسونج للأفلام القصيرة. إن مدينة دبي هي بمثابة لوحةً تفاعلية تنبض بالحياة بالنسبة لأي فنان، لذا فإننا نتوقع أن تؤدي التقنية المبتكرة لجهاز جالكسي نوت 4، والتوجيه والرعاية الذي سيبديه المشرفون المختصون على هذه المسابقة، إلى بناء منارة من الإلهام للعديد من الأعمال المتميزة والفريدة، والتي تستمد قوتها وتفاعلها وحيويتها من إيقاع الحياة الغنية للمدينة". 

ويتوجب على المخرجين الراغبين في المشاركة في مسابقة The Reel Dubai للأفلام القصيرة، تقديم نماذج من أعمالهم السابقة عبر الموقع الإلكترونيwww.diff.ae/reeldubai  وستقوم لجنة التحكيم، بعد انتهاء باب تسليم الطلبات، باختيار ستة مخرجين لعمل فيلم قصير مستلهم من مبادرة My Dubai يعكس تنوع واختلاف ألوان الحياة في إمارة دبي. وسيعمل المخرجون الستة تحت إشراف مجموعة من كبار المخرجين على الساحة الفنية الإماراتية والمشرفين على المسابقة، وهم الاستاذ علي مصطفى، والمخرجة المتميزة نايلة الخاجة، والمبدع محمد سعيد حارب، حيث يقوم كل منهم بمساعدة المخرجين، ليتم في النهاية اختيار عمل واحد من أعمال المخرجين الستة للفوز بالمسابقة

وقد خصصت المسابقة جوائز للمخرجين الذين ينجحون في الوصول إلى المرحلة النهائية، حيث سيحصل كل متسابق على مبلغ 5,000 دولار أمريكي، وجهاز سامسونج جالكسي نوت 4، وذلك كمساهمة من المسابقة لدعم تمويل إنتاج الفيلم المقترح لكل مخرج، ومن ثم عرض هذه الأعمال على شاشات كبيرة مخصصة لهم أمام الجمهور في شهر إبريل المقبل. بينما سيحصل الفائز بالمسابقة على فرصة السفر لحضور الدورة 68 لمهرجان كان السينمائي في شهر مايو المقبل، ومشاركة عمله في "ركن الفيلم القصير"؛ في حين سيتم منح الفائزين بالمركز الثاني والثالث من المسابقة جهاز ذكي من سامسونج.

سينماتوغراف في

01.02.2015

 
 

7 أفلام تتنافس على «جيوب التلاميذ» فى إجازة نصف العام

محمد رفعت

يشهد موسم منتصف العام السينمائى، منافسة شرسة بين نجوم جيل الوسط والنجوم الجدد، ويتنافس خلاله 7 أفلام على «جيوب» التلاميذ.

وتتنوع ما بين الكوميدى والأكشن والتراجيدى والشعبى، حيث قررت الشركة المنتجة لأحدث أفلام نجم الكوميديا محمد هنيدى «يوم مالوش لازمة» طرح الفيلم فى دور العرض السينمائية خلال إجازة منتصف العام، وذلك بعد انتهاء «هنيدى» من تصوير آخر مشاهد الفيلم، والذى تدور أحداثه فى يوم واحد من خلال بعض المفارقات التى يتعرض لها بطل الفيلم بشكل كوميدى.

ويشارك محمد هنيدى فى بطولة فيلم «يوم مالوش لازمة» كل من روبى فى أول لقاء فنى بينهما، وريهام حجاج، وهشام إسماعيل، وبيومى فؤاد، ومحمد ممدوح، ومحمد ثروت، والفيلم من تأليف عمر طاهر، ومن إخراج أحمد الجندى.

ويعتبر فيلم «يوم مالوش لازمة» هو أول تجربة كوميدية لروبى، من بعد تألقها فى اللون التراجيدى فى فيلم «الوعد» من إنتاج سنة 2008، ومسلسل «سجن النسا» الذى عرض فى رمضان 2014.

ويجسد هنيدى فى أحداث فيلم «يوم مالوش لازمة» شخصية شاب يحلم بالزواج من شقيقة صديقه ولكن يتم رفضه، فتحدث بينهما العديد من المفارقات الكوميدية، حتى تظهر فى حياته فتاة أخرى، فيقرر الزواج منها وأثناء حفل زفافهما تحدث بعض المفارقات التى تتسبب فى عودته إلى حبيبته الأولى.

كما طرحت الشركة المنتجة لفيلم «خطة بديلة»، للنجم خالد النبوى، البرومو الدعائى الأول للعمل، والذى اعتمد على الإثارة والتشويق بعد أن تقرر طرحه فى دور العرض خلال إجازة نصف العام الدراسى.

وتدور أحداث الفيلم حول محامى، وهو «خالد النبوى»، تتعرض زوجته للاغتصاب من قبل 3 أشخاص من أبناء رجال فى السلطة، ويحاول بعدها استرداد حقه، لكن القانون يقف ضده، ويضطر المحامى فى النهاية للجوء إلى ثغرات بالقانون لكشف فساد أهالى الذين اغتصبوا زوجته.

فيلم «خطة بديلة»، هو العمل الفنى الأول الذى يجمع بين خالد النبوي، والنجم السورى تيم الحسن، ويشاركهما البطولة التونسية فريال يوسف، وعزت أبو عوف، وأحمد صيام، وصبرى عبد المنعم، وأمينة خليل، ورانيا الملاح، ومن تأليف محمد علاء، وإخراج أحمد عبد الباسط.

كما قرر صناع الفيلم السينمائى الجديد «قط وفار»، للنجم محمود حميدة، طرحه فى دور العرض السينمائى، بالتزامن مع بدء موسم منتصف العام.

ويستعرض فيلم «قط وفار» الصراع بين الكبار والصغار فى المجتمع، وذلك بأسلوب ساخر، وهو من تأليف وحيد حامد، وإخراج تامر محسن، ويشارك فى بطولته سوسن بدر، وسوزان نجم الدين، ومحمد فراج.

كما تحدد عرض فيلم «أسد سيناء» للفنان رامى وحيد فى ذكرى ثورة 25 يناير بعد الانتهاء من مرحلة المونتاج والمكساج الخاصة بالعمل ، وتدور أحداث الفيلم عن قصة أحد شهداء حرب أكتوبر ، وكيف استطاع أن يتصدى للإسرائيليين بمفرده.

ويشارك فى بطولة فيلم «أسد سيناء»، رامى وحيد، وعمرو رمزى، وماهر عصام، ونهى إسماعيل، وحسن عيد، وحمدى الوزير، وهو من سيناريو وحوار عادل عبد العال، وإخراج حسن السيد.

كما ينافس فيلم «زجزاج»، للنجمة ريم البارودى، ويشاركها فى بطولة فيلم «زجزاج» محمد نجاتي، وميرنا المهندس، وهالة صدقي، وعايدة رياض، وهو من تأليف أمانى البحطوط ، وإخراج أسامة عمر.

ويعرض كذلك فيلم «أبو العريف» بطولة مجدى كامل ونهال عنبر، وإخراج نهاد شلبي، وتدور أحداثه حول شاب يعيش فى منطقة شعبية ويواجه صعوبات متعددة فى حياته ويحاول التغلب عليها.

وقررت الشركة المنتجة لفيلم «الخلبوص» الذى يقوم ببطولته النجم محمد رجب طرحه فى موسم إجازة منتصف العام .

«الخلبوص»، يشارك فى بطولته إيناس كامل، وميريهان حسين، ورانيا ملاح، وسامية الطرابلسى، ومن تأليف محمد سمير مبروك وإخراج إسماعيل فاروق.

كما تقرر طرح فيلم «حلاوة روح» بطولة هيفاء وهبى وباسم سمرة وإخراج سامح عبد العزيز، للعرض مرة أخرى فى موسم منتصف العام الدراسي، بعد صدور حكم قضائى بإلغاء قرار رئيس الوزراء بمنع عرضه.

«آنى» .. نسخة مميزة من فيلم قديم

محمود عبدالشكور

الجمهور المصرى يعرف قصة فيلم «Annie» الأمريكى الذى أخرجه ديك جلوك حتى لو لم يشاهده! الفيلم مأخوذ بالأساس عن مسرحية اقتبسها المسرح المصرى تحت عنوان «هالة حبيبتى» من بطولة فؤاد المهندس وإخراج حسن عبد السلام، وشاركته البطولة دلال عبد العزيز والطفلة الرائعة رانيا عاطف، التى سرعان ما توارت عن الأضواء، ولحّن أغنيات المسرحية الموسيقار الكبير الراحل محمد قابيل، المخرج الشاب أكرم فريد قدم أيضا فيلمه الأول «فرح» اعتمادا على نفس القصة.تلك الطفلة اليتيمة القادمة من الملجأ، والتى تغير حياة رجل مليونير يكره الناس، ويتأفف من معاشرتهم، لكن فيلم أكرم كان بائسا وشديد التواضع، وقامت ببطولته مى عز الدين ومعها أحمد هارون، هوليوود أيضا اقتبست المسرحية فى نسخة سينمائية شهيرة أخرجها جون هيوستون فى بداية الثمانينات، وكان فيلما مميزا للغاية، النسخة الجديدة من «آنى» أقل بالتأكيد من نسخة الثمانينات من الناحية الفنية، ولكنها مميزة باستثناء بعض الملاحظات، أوضح التغييرات هى جعل الطفلة «آنى» والمليونير الذى سيتبناها من أصحاب البشرة السمراء، وهناك تغيير آخر هو جعل المليونير مرشحا للفوز بلقب عمدة نيويورك، كان هناك كذلك تغيير فى توظيف أغنيات المسرحية الشهيرة جدا وأبرزها بالطبع أغنية « أحبك أيها الغد» ضمن الأحداث، مع تقديمها بتوزيع موسيقى جديد، فى كل الأحوال، أصبحنا أمام نسخة مختلفة ومميزة ويمكن مشاهدتها، رغم أنها كان يمكن أن تكون أكثر إحكاما.

الخطوط المحورية للحكاية كما هى، فالصبية السمراء «آنى» (كويفنزانى والاس) تعيش فى ملجأ متواضع للأيتام فى حى هارلم الفقير فى نيويورك، تعانى دوما من فظاظة مشرفة الملجأ كولين هانيجان (كاميرون دياز)، التى تعانى بدورها من عقدة عدم استطاعتها أن تكون مغنية مشهورة فى شبابها (لعبت دورها فى المسرحية المصرية الراحلة سناء يونس)، منذ المشهد الأول تبدو آنى موهوبة وهى تحكى لزميلاتها فى الفصل عن الرئيس الأمريكى الراحل فرانكلين روزفلت، تحول السياسة والأزمة الإقتصادية فى الثلاثينات، ومشكلة الفقراء والأثرياء والبطالة، الى إيقاعات يشترك فيها زملاء الفصل، تشارك آنى زميلات الملجأ فى تنظيف المكان بأوامر المشرفة، آنى أيضا تذهب كل يوم جمعة الى أحد المطاعم، تجلس أمامه انتظارا لظهور والديها بدون جدوى، كانا قد تركا رسالة يتحدثان عن ذهابهما لشراء نوع من الطعام، وتركا طفلتهما آنى فى سن الرابعة، ومعها نصف قلادة، بينما احتفظ الوالدان بنصف القلادة الآخر، لا تعترف آنى أبدا بأنها يتيمة، بل إنها تؤكد لزميلاتها بأن عليهن أيضا أن تنتظرن ظهور آبائهن الغائبين، على الجانب الآخر، يظهر المليونير، صاحب شركات المحمول ويليام ستاكس (جيمى فوكس)، وهو يحاول اجتذاب أصوات الناخبين، وتستمر الأحداث خفيفة وكوميدية وإنسانية أيضا.

أكتوبر المصرية في

01.02.2015

 
 

"المقابلة" كوريا الشمالية بعيون أمريكية

طاهر علوان

" هل تعلم ماهو اكثر تدميرا من القنبلة الذرية ؟ ،انها الكلمات"

" كيم جونغ آن" الرئيس الكوري الشمالي

لعل من النادر أن يخلق فيلم كوميدي ساخر كل هذه الضجة والاحتقانات فيدخل ساسة على أعلى المستويات في سجالات متواصلة لم تهدأ حتى الساعة مابين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وذلك بسبب إنتاج وعرض فيلم " المقابلة " للمخرجين "سوث روغين" و "إيفان غولدبيرغ ".

ولقد تطور التصعيد بصدد هذا الفيلم إلى حد إطلاق عمليات القرصنة التي طالت حواسيب وأنظمة شركة سوني في الولايات المتحدة في واحدة من كبرى عمليات القرصنة التي تمت فصولها أواخر العام الماضي فضلا عن العديد من بيانات الإدانة والشجب التي صدرت عن كوريا الشمالية على أعلى المستويات مستنكرة الفيلم والسخرية بل والإهانة التي ألحقها بالزعيم الكوري وشعبه ورموزه مخلفا استياء عارما وعده عملا من أعمال الإرهاب تضاف إلى سجل الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وغيرها كما ورد في بيانات المسؤولين الكوريين الشماليين ومما تناقلته وسائل الإعلام بعد تصاعد الأزمة ابتداء من منتصف العام الماضي الأمر الذي دفع سوني إلى إيقاف عرض الفيلم والاكتفاء ببيعه إلكترونيا عبر الإنترنت ثم ليتم إطلاقه لاحقا في الصالات .

هي إذن كوميديا سياسية ساخرة تضاف إلى سجل طويل من هذا النوع في تاريخ السينما الأمريكية ، سنتذكر أفلاما مثل : الحصان الأسود من إخراج ألفريد جرين / 1932  و حساء  البط  إخراج ليو ماك كاري / 1933 ، الملك في نيويورك إخراج تشارلي تشابلن / 1957  ، واحد اثنان ثلاثة إخراج بيلي وايلدر/ 1961  ، الدكتور سترانغيلوف ، إخراج ستانلي كيوبريك / 1964  ، ناشفيل للمخرج روبرت التمان / 1975 ، أن تكون هناك للمخرج بيل آشبي 1979  ، المميز للمخرج جوناثان لين / 1992  ، الرئيس الأمريكي للمخرج روب رينير / 1995 ، واغ الكلب للمخرج باري ليفنسون / 1997  ، حرب تشارلي ويلسون 2007  وغيرها من الأفلام التي مزجت السياسية بالكوميديا بالسخرية .

هنا سنجد في فيلم المقابلة شحنة أكبر من النقد اللاذع والسخرية المريرة في حق رئيس كوريا الشمالية ونظامه.

يتحدث الفيلم عن فريق عمل لبرنامج تلفزيوني فكاهي من نوع – توك شو – ذائع الصيت ويتمتع بشعبية كبيرة في داخل الولايات المتحدة تحت اسم ( سكايلارك هذه الليلة ) وهو برنامج يقتفي أثر الشائعات وقصص النجوم والمشاهير ومغامراتهم وهاهم يحتفلون بالحلقة الرقم 1000  ليكشفوا عن سر هو أن المغني الشهير ( إيمينيم ) ليس إلا مثليا ، وعلى هذا المستوى من القفشات يمضون ليكتشفوا أن الرئيس الكوري الشمالي " كيم جونغ آن" شخصيا هو من متابعي البرنامج ويبدي رغبته في لقاء مقدمه " ديف سكايلارك " – الممثل جيمس فرانكو – وزميله المخرج آرون – الممثل ومخرج الفيلم أيضا ( سوث روغين ) ، ويجري ترتيب لقاء مع الشخص المسؤول عن الدعاية والإعلام في الرئاسة الكورية الشمالية وذلك في الصين .

خلال ذلك تدخل  المخابرات المركزية الامريكية ( سي آي أي ) وتلتقي ديف وآرون وتقنعهما ان يقوما باغتيال الرئيس الكوري وذلك من خلال لصقة صغيرة في باطن الكف ملوثة بسم الريسين أثناء المصافحة وهو السم  الذي يسري بالتدريج وببطء في الجسم لينتهي بالإنسان إلى الموت
يصل فريق العمل إلى الأراضي الكورية ويقابلهما الفريق الأمني للرئيس الذي يكتشف لصقة السم تلك ظانا انها قطعة من العلكة فيمضغها احد الحراس مما سيؤدي إلى موته لاحقا ويتسبب في حزن شديد لدى الرئيس ونوبات بكاء عليه تنتاب الجميع في مشهد مليئ بالكوميديا. تتوطد الصداقة بين ديف وبين الرئيس  (يؤدي الدور الممثل راندال بارك ) ، ويمضيان أوقاتا جميلة في اكتشاف الحياة الكورية كقيادة الدبابة واكتشاف أن الرئيس وزوجته يحبان سماع بعض الأغاني الأمريكية ثم لتنتهي رحلة اليوم في حفلة باذخة من الشراب والرقص والصداقة الحميمية مع ديف وعلى أثرها يقرر التخلي عن فكرة اغتيال الرئيس لانه ليس شريرا كما يشيع الإعلام الغربي وأنه باختصار رجل طيب وجد نفسه في وضع سيء  .

لكن وهو يناقش الرئيس عن أوضاع شعبه الذي يعاني من الجوع كما يشاع ، يخبره الرئيس أن تلك ما هي  إلا اشاعات وأن المخازن تكتظ بالمواد الغذائية والدليل ذلك الطفل السمين الواقف أمام المحل المكتظ بالبضائع .

 يتسلل ديف ليلا إلى ذلك المخزن ليكتشف أن المعروض ماهو إلا بضاعة مزيفة ، الفواكه والخضار وحتى الطفل السمين كلها مزيفة في إطار الدعاية للنظام .

يسأل ديف الرئيس هل حقا هو رئيس وإله كما يشيع شعبه وأن جسمه لايؤدي الوظائف الحيوية فلايذهب إلى الحمام مثلا كباقي البشر كما ينظر إليه شعبه وعن الجوع والخوف وما إلى ذلك وأن كثيرا من الناس يتهمونه بالجنون فيجيب الرئيس بأنه يشعر أحيانا وكأنه كيس بلاستيكي يطير في الهواء وأن الناس ليسوا مخطئين في وصفهم أنه مجنون لأن الشعب هو الذي تسبب في إصابته بالجنون فهناك 24  مليون انسان يرون أنه قائد ملهم ، وأن والده أخبره أنه لايصلح للقيادة لأن فيه وفي إخوته صفات أنثوية بسبب الترف ، وهكذا يرسم الفيلم صورة كاريكاتورية للرئيس  وذلك في خلال الاستعداد للمقابلة التلفزيونية التي مازال الإعلان عنها جاريا في الولايات المتحدة على أنها الحدث الأهم إعلاميا من رجل ما انفك يهدد الساحل الغربي للولايات المتحدة بالقصف بالصواريخ النووية.

في خلال ذلك تقدم " سوك " ( الممثلة ديانا بانغ) التي ترأس فريق الدعاية في مكتب الرئيس تقدم خطة المقابلة ونوع الأسئلة التي يجب أن تسأل للرئيس وتجري جلسات عمل مع المخرج آرون وسرعان ماتنجذب إليه وتكتشف من خلال حوار بينه وبين ديف أنهما يخططان لاغتيال الرئيس بالسم لكنها تخبرهما أن ذلك غير مفيد لا لكوريا ولا للولايات المتحدة لأنه اذا تم اغتياله فسيحل محله شخص من عائلته أو من قياداته ولن يتغير شيء ، فالحل الأفضل هو الخروج عن الأسئلة التي ستعطى رسميا وإحراج الرئيس بانتهاكاته المروعة وتجويع شعبه وذلك على الهواء مباشرة .

يجري تنفيذ الخطة بدقة، ويصدم الأمريكيون في البداية من طابع الاسئلة التي ماهي إلا تمجيد لشخص الرئيس الكوري الذي يندفع في نوبة عاطفية وبكائية في قوله " إنني اعيش حياة وحيدة وأفتقد الانسان الذي يدفئ قلبي وأكون معه على سجيتي " لكن ديف يباغت الرئيس بسلسة من الاسئلة الصادمة التي تتعلق بتجويع شعبه وكم ينفق على ترسانته النووية وحيث إن هنالك 200  ألف شخص رهن الاعتقال و 16 مليونا يعانون من سوء التغذية وغيرها من الحقائق ، في أثناء ذلك وفي استديوهات البث تقع مصادمة بين فريق الرئيس من جهة وبين سوك وآرون من جهة أخرى بسبب إصرار الأخيرين على البث المباشر للمقابلة للرأي العام الكوري مباشرة.

ينتفض الرئيس فجأة وينفعل  ويرفض الإجابة على تلك الأسئلة  ويصفها بأنها مجرد دعاية أمريكية عدوانية ورخيصة ضده وضد شعبه لتنتهي المقابلة بقيام الرئيس بإطلاق الرصاص على ديف على الهواء مباشرة لكن مالم يكن متوقعا أن ديف كان مرتديا سترة واقية من الرصاص ويهرب الاثنان  ليلاحقهما حراس الرئيس ثم ليختبئوا في دبابة ليلاحقهم الرئيس بطائرة مروحية لكنهم ينجحون في إطلاق قذيفة تدمر طائرة الرئيس ومقتله وإعلان سوك رئيسة انتقالية للبلاد وتمكن ديف وآرون من الهرب والنجاة .

يعج الفيلم بالمواقف الساخرة والكوميدية ويظهر الطاعة العمياء للقيادة الكورية لرئيسها ومن ذلك مشهد العشاء الذي ضم مساعدي الرئيس وقياداته الذي يختتم بقوله إنه مستعد لتدمير العالم بالقنابل الذرية لكي يثبت نفسه وصواب منهجه ، ثم في مشاهد أخرى يقدم الفيلم سلسلة من المفارقات بين الرئيس وديف التي تظهر كونه إنسانا هزيلا وضيق الأفق وانه مهووس بالسلطة لا أكثر ..

كوميديا سياسية غزيرة في تفصيلاتها ومليئة بالمواقف الساخرة والحوارات التي لايخلو بعضها من الكلمات والنكات  النابية التي عج بها الفيلم والتي قدمت الطريقة الأمريكية في التفكير والحياة والتـآمر في مقابل الطريقة الكورية الشمالية لنختبر الطريقتين في ساعتين من المشاهد الهزلية التي أقضت مضاجع الكوريين الشماليين.

لاجئون ضائعون على أطراف "الجنة" الأوروبية

محمد موسى

يبدأ فيلم "أولئك الذين يشعرون بحريق النار"، بقارب يتماوج في الليل وسط بحر هائج، فيما سُحُب سوداء كبيرة تقطع الطريق أمام ضوء القمر، ليُخيم الظلام في كل مكان وعلى مَدّ الأفق. صوت البحر الهادر، يعلو على ما سواه. نسمع: "بابا لا أريد الذهاب إلى أوربا". الصوت لطفل يتحدث اللغة الفارسية. لن نشاهد الطفل أو أباه، في مشاهد البداية المُقلقة والمُشوشة للفيلم التسجيلي هذا، الذي أخرجه الهولندي الشاب مورغان كنيبه، كما لا تمر الكاميرا على أي من الوجوه التي كانت في القارب الصغير، الضائع في الطريق إلى أوربا. القارة الحُلم، التي يقطع آلاف اللاجئين البحر إليها كل عام، هاربين من حيوات عنيفة، أو باحثين عن مستقبل مُختلف، أقل سوداوية، في قارة عجوز، تنوء بعض أطرافها تحت أحمال البطالة والفقر. تضرب العاصفة القارب الصغير. يبدو البحر وكأنه يبتلع هذا الأخير ومن عليه. تغرق الكاميرا بعدها في غابة من الصور السريعة الغير واضحة، في "كولاج" كابوسي، فيما تتعالى في الخلفية أصوات طالبي النجاة وتضرعاتهم.

عندما يعود الفيلم إلى اليابسة، يطل من مدينة صغيرة في بلد أوروبي. لا يفصح الفيلم عما حدث في المشاهد الافتتاحية منه ومآل الناس الذين كانوا على ظهر القارب، او اسم المدينة التي يصور منها، وهويات الشخصيات، التي كانت تمرّ في عبر هذا العمل التسجيلي المميز، الذي يشبه قصيدة شعرية طويلة حزينة، عن غرباء تعساء، ودعوا كل شيء، بحثاً عن حيوات جديدة. يخالف الفيلم بهذا، الاتجاه العام لأفلام القضايا الاجتماعية بأساليبها الشائعة. ليست هناك مُقابلة واحدة في هذا الفيلم، كما يبتعد تماماً عن أي مقاربة تعريفية ذات منحى إخباري، والانتقالات تتم وفق معايير غير سرديّة أو تصاعدية، وأقرب إلى قصيدة بصريّة تشكيليّة تعبيرية فذة. لا حوارات أيضاً في الفيلم، بل مناجاة نسمعها أحياناً بدون أن نشاهد أصحابها. كالإيراني (ربما أفغاني) الذي كان يتساءل بلغته الأصلية في أحد المشاهد الافتتاحية: "إذا كانت الحياة التي يعيشها في المدينة الأوروبية الصغيرة تستحق الأهوال التي قطعها..؟". سيعاود هذا الرجل الأربيعني الظهور في الفيلم. هو يجمع الحديد من النفايات لغرض بيعها. لن نعرف شيئأً عن قصته الخاصة. وكأن لا أهمية لهذه الأخيرة، بقدر تلك التي يثيرها حضوره الإنساني الآن . في هذه الوقت بالتحديد. هو أيضاً نموذج لظاهرة، نقطة في بحر. مثله، مثل الذين سيطلون بدون أسماء، وأحياناً بدون وجوه واضحة في الفيلم. لكن حضور مُعظمهم لن يمرّ بدون ترك أثر بليغ ومُؤلم.

يذهب الفيلم، باتجاه مُعاكس لسينما تسجيلية سائدة، غيرها التلفزيون باشتراطاته، خاصة الرغبة بتبيان كل شيء. لا يفسر الفيلم هذا، مناخاته أو شخصياته، لكن هذا لا يعني أنه سيترك مشاهديه غير مبالين بما يمر عليهم. كان يمكن لفيلم "أولئك الذين يشعرون بحريق النار"، أن يكون عملاً مُختلفاً بالكامل، اذا اختار تقديم مُقابلات ذات طابع تقريري، وأسئلة على غرار: كيف جئت هنا؟ وما هي قصتك؟ الفيلم اختار مُقاربة شعرية تكتنز فهماً عميقاً للتيه الذي يعيشه الواصلون للقارة الأوروبية ، وقدمها ببلاغة سينمائية لافتة. لن نعرف مثلاً، لماذا كان عشرات الشباب ذوي السحنة الشرق الأوسطية يقفون أمام بناية في ليل مدينة أوروبية. لكن الوجود نفسه، والكاميرا التي كانت تتوقف على بعض من أصحاب الوجوه الشابة، البعيدين كثيراً عن مدنهم الأصلية، يدفع إلى تساؤلات عن حال العالم اليوم. هناك أيضاً المشهد الطويل لشباب يتسلقون بالسِرّ حبال سفن عملاقة راسيّة في ميناء مدينة أوروبية، على أمل أن تقلع هذه السفن باتجاه دول أوربية أكثر أماناً. البداية المثيرة، للمشهد الذي صور بكاميرا ثابتة، ستتبدل سريعاً، ليحل بدلاً عنها قنوط كبير، وشعوراً بالتطفل غير اللائق، وكأن لحظة التسلق تلك، هي لحظة خاصة لأصحابها، تتضمن كثيراً من الكشف، عن "معركتهم" للظفر بحياة جديدة، ليكون عرضها في الفيلم، ما يشبه الانتهاك لحميميتها.

يقترب فيلم "أولئك الذين يشعرون بحريق النار"، بأجوائه وأسلوب تعاطيه غير التقليدي مع قضية اللاجئين، من فيلم "انحسار الحدود" للمخرجة القبرصية أيفا راديجوفيك، والذي مازال يعرض في مهرجانات سينمائية حول العالم. يقدم الفيلمان، لاجئين وصلوا إلى أول حدود أوروبا (فيلم المُخرجة القبرصية عن اللاجئين إلى قبرص)، بشاعرية مُتفجرة. يصور فيلم المخرج الهولندي المدينة الأوروبية الصغيرة من الأعلى و بالمقلوب. ويهبط أحياناً ليصور بمستوى الأقدام. وكأن الواقع الغريب يحتاج إلى مقاربة مُختلفة مجنونة تسير عكس السائد والعقلاني. يصل الفيلم إلى حدود كبيرة من الجرأة في عرض الألم الانساني بكل قسوته، عندما صور مغربيان وهما يحقنان "الهيروين" بأجسادهما، هرباً من واقع يعجزان عن التعامل معه. كما يفرد الفيلم مساحة مُعتبرة لمشاهد طويلة تُقطع القلوب، لوصول جثث غرقى، قضوا في البحر، في الطريق إلى أوروبا، واستقبال عوائل وأصدقاء لأجساد الغرباء تلك، التي وصلت أخيراً إلى أوربا، لكن فاقدة للحياة وبصناديق خشبية، كانت تلمع تحت شمس المتوسط .

الجزيرة الوثائقية في

01.02.2015

 
 

روعة اللحظة وخبايا الحياة.. بين الهروب والمواجهة

زهراء إبراهيم – التقرير

بالنسبة لفيلم يحمل الإبهار في عنوانه، ولا تنفك شخصياته عن ذكر مرادفات مختلفة لهذه الكلمة طوال الوقت، تعدّ تلك مفارقة غريبة بعض الشيء لفيلم يحمل أفكارًا سينيمائية معتادة عن مراهقين يتخبطون في النقلة العُمرية من المراهقة إلى المسؤولية الكاملة عن النفس، وضرورة اختيار مسار ما في الحياة. لكنّ الفيلم الذي يبدو للوهلة الأولى نمطيًا مكررًا ولا أمل يُرجى منه، يثبت أنه يستحق الانتباه الكامل بعد ذلك.

الدهشة هي ما يُذهل العقل ويجعله متعلقًا بما أدهشه طالبًا المزيد منه. ويأتي التمركُز حول (اللحظة الآنية) بوصفها كمشهد مذهل خرافيّ لا مثيل له، مع أحداث متوقّعة وحكاية ليس فيها من الغرابة أو الإدهاش الكثير كسؤال قائم حول حقيقة الحياة وصدقنا مع أنفسنا تجاهها وتجاه تعاطينا معها ومع أنفسنا. الإبهار والإدهاش والإثارة والروعة، كل تلك الكلمات التي تلعب دورًا هامًا في هذه المفارقة التي يعرضها الفيلم بين المرحلة التي يعبر الإنسان فيها من الطفولة إلى حياة البالغين -والتي توحي بمشاعر إيجابية وخفيفة للغاية- لا تلبث أن تتسبب في شعور ثقيل بالألم للمشاهد الذي يتخذ دور المراقب الخارجي للحياة.

البطل “سوتر” (مايلز تيلر)، فتى دون العشرين، يتعامل مع الأمور كلها بما يبدو للوهلة الأولى أنه لا مبالاة وشيء من الخفة. يشرب كثيرًا، ويتضح أن لديه مشكلة في استهلاك الكحول. مع أن الفيلم يكاد يقع في فخ الستريوتايب الشهير- الأم المطلقة والابن المراهق ذي المشكلات الدفينة التي يرفض مقاومتها والتي تختفي تحت قناع الطبيعة المنطلقة الاحتفالية، مع العلاقات والأحلام التي لا تكتمل- يستطيع بشكل ما أن يحول هذه المادة الخام المعتادة إلى مشكلة فلسفية، وحبكة صعبة غير كليشيهية، تتوقف فيها التوقعات المعتادة حول هذا النوع من الحكايات، وتسترسل الشخصيات في سرد محكم لطبيعة التمسك باللحظة وتجاهل الحياة بتعقيداتها والخوف من المجهول، ومقدار الصعوبة في التعاطي مع الأشياء الناتجة عن ذلك. مع نص عظيم يجعل من كل حوار في الفيلم دائرة مستقلة بذاتها، ويعرض منظور شخصيات الحكاية بدون أن يهمّش إحداها على حساب الأخرى.

كنت قد شاهدت حديثًا على TED عنوانه: لنعيد الرهبة إلى مكانها من الروعة (Let’s put the ‘awe’ back in ‘awesome’). كانت السيدة تتحدث بحماس ودرامية شديدين وأسى بالغ؛ لأن استخدام الناس لكلمة “روعة” أصبح مبتذلًا في التعبير عن أمور دنيوية اعتيادية تحدث كل يوم، وهذه الاستهانة بالكلمة قد انتزعت قوتها الحقيقية. تساءلت وقتها عن مدى أهمية ذلك، وبأي شكل قد يؤثر هذا على حياة أي شخص. لكن يبدو أن هذا الفيلم يأخذ جانب اللغة في حياتنا بشكل جديّ. اللغة التي تلعب دورًا أكبر من مجرد كلمات نمرر بها طابة الحديث للجهة الأخرى. هذا التكوين المقدّس الذي يشكل ماهيّتنا ونفسياتنا وحياتنا، إنها نحن، وعجز اللغة يعني عجزًا كبيرًا في التعبير عن الوجود، والاستهانة بها يعني حدوث ضرر جوهري لإحساسنا بالمعنى واستقبالنا للأشياء.

حين تُسأل إحدى شخصيات الفيلم عن أحوالها فتجيب: رائع! وسط حالة من الروتين اليومي المعتاد، والأدهى أن يكون السؤال بين الولد والفتاة المنفصلين للتو من علاقة عاطفية، بدلًا من أن يكون الرد حياديًا أو معتدلًا، تنفجر المبالغة في الإجابة. هذه الأجواء الخاوية من المعنى والتي يضغط خواؤها على القلب حين تتمكن من المُشاهد وتجعله جزءًا من واقعيتها المُحبطة، هي ذاتها التصوير الذي ينقله الفيلم عن حيوات في أوج ازدهارها وقمة شبابها لا تملك من الروعة أو الإبهار أو الإذهال أو السحر ما ينبغي أن تحمله، وبالرغم من ذلك -وكأن هناك اتفاقًا ضمنيًا بين هذا المجتمع الشابّ- تستمر الاستهانة بالتعبير عن الذات، ومحاولة التغاضي عن حقيقة الواقع والمحاولات الفاشلة المستمرة في إيجاد نقطة ارتكاز، سواءً كانت علاقة عاطفية أو أبوية أو تعليم جامعي أو احترام الذات وتحريرها من قيود الأهل والأصدقاء والتوقعات المُسبقة.

هناك شعور لازمني أثناء المشاهدة، كأنني كنت أحمل الكاميرا وأسير وراء الفتى وهو يتعرف على ذاته، من الإنكار المستمر المتمثّل في التعامل الهامشيّ بشكل كلّي مع الحياة واعتبارها كأنها نقطة زمنية واحدة لا تتبدل ولا تتحول، وتجنّب الأسئلة للهروب من الإجابات المخيفة التي تعني مسؤوليات جديدة بمشكلاتها، حتى تلك اللحظة التي ينفجر فيها باكيًا ويقول لأمه: لا أحد يحبني! تلك اللحظة تحديدًا تجعل الإدراك أكثر حدّة، فكل ذلك العبء الذي يحمله الإنسان من والديه وبيئته والوعي الجمعي والرغبات الشخصية وامتلاك الاختيار من عدمه يتراكم مُشكّلًا حالة من الغضب والإنكار وربما شرنقة دفاعية تحمي الذات من الثقل الذي يعنيه ضمنيًا مرور الزمن والتقدم في العمر والاضطرار لمواجهة الحياة كقصة غير مكتملة لا بدّ أن تُحكى حتى نهايتها.

في وسط هذه الرحلة، يضحي البطل بأشياء ثمينة للغاية، مفضلًا تركها بجانبها الثقيل مع الحزن والوحدة المترتبين على هذا الاختيار بدلًا من التضحية بالطريقة التي يحيا بها. لكن الحوار الأهم الذي يلخّص تلك الفكرة كان بينه وبين الفتاة التي تركته بسبب طريقته في التعامل مع الحياة، ينازعها في ذلك شوقها له والحب الذي لا زال حيًّا، حينما يكونان سويًا وترفض اقترابه منها، يقول مستنكرًا: عيشي اللحظة! فتطلب منه أن يكون جادًّا؛ ولأن كلًا منهما في وادٍ مختلف عن الآخر يتعامل هو مع الأمر بمزاح وعدم إدراك لما تحاول هي قوله أو التعبير عنه. تسأله إن كان قد تقدّم للجامعة، وما الذي فعله ليخرج من اللحظة الحالية، فيبدأ في وصف ما يراه تحت قدمه تمامًا، وليس بأبعد من ذلك بخطوة واحدة، إنه لا يلتفت ولا يبحث ولا يريد من الحياة شيئًا سوى اللحظة الحالية وجمالها المكثّف في تقشّفها الواضح، هكذا يبدأ حزنها في الغليان قائلةً بأنها تريد أكثر من لحظة واحدة، وباحثةً عن الكلمة الصحيحة تقول: أريد مستقبلًا! هذا الاعتراض الواضح على عدم قدرته على رؤية أي شيء آخر غير فقاعته الزمنية تلك بألوانها الزاهية وهشاشتها المخيفة يأتي على هيئة الأسى الدفين أيضًا حينما تكتشف أنه مخمور في هذه اللحظة، وضعفه على مواجهة أي شيء بكامل وعيه، حتى وجوده معها.

وبرغم إدراكهِ كم يحبها، لكنه يذهب بعيدًا عنها بسهولة، وتبدأ سلسلة التخلّي عن الأشياء التي كانت تكوّن “اللحظة” التي يعيش فيها. يتخلى حتى عن الأمل في استردادها، ويفقد عمله لأنه لا يستطيع أن يتوقف عن الشُرب. ويبحث عن أبيه ليعقّد ذلك الأمور أكثر، الأب الذي يمثّل الحياة الحديثة المتسارعة، والبشر الذين يميلون للاختيار السهل الأناني الذي ينتهي باللاشيء، مفضّلين الهروب على المواجهة، مع استمرار الأجيال في توارث تلك الأحاسيس العدمية بشكل يجعل الواقع قاتلًا وثقيلًا. لا مفرّ، ضاقت الفقاعة عليه واستحكمت؛ لأنها في نهاية المطاف مجرّد لحظة واحدة، ذات بُعدين وغير واقعية ولن تتماسك كعالم مكتمل.

قبل الانهيار المحتّم تأتي الفتاة “الحُلم” -إيمي- التي قامت بدورها الجميلة الموهوبة (شايلين وودلي)، الإنسان الآخر المناقض له تمامًا، والفكرة الجديدة التي تكشف له أبعادًا مختلفة وجمالًا جديدًا ينافس جماليات العيش في اللحظة الآنية. الفتاة التي تحب الخيال العلمي وتبحث عن الخروج من دائرتها الضيقة المحدودة، وتتمنى الحرية -لكن على استحياء أو شعور بالمسؤولية تجاه الآخرين-. الفتاة التي تتصور المستقبل بطريقة مشرقة وفاتنة، القادرة على التمسك بما تحب بقوة، والقادرة على الحب بقوة تجعلها أقدر على الدفاع عن مشاعرها. يبدو التلاقي بين شخصيتين كهاتين عسيرًا كالزيت والماء، وإذ نقنع بذلك في لحظة ما مع شعورنا بأن شخصية سوتر العبثية قد تغلبت عليه وعليها، يتغلب دفء الحلم ويتلاقيان في نهاية الأمر.

اللحظة الحالية لا تعني شيئًا، لأن وراءها لحظة أخرى وغيرها والكثير من اللحظات. تلك النظرة التي يمكن أن أسميها (نظرة الكبار) للوقت هي الطريق الذي يتخذه البطل في النهاية، الاستعداد للنضج هو مراعاة الزمن، أنت لم تعد صغيرًا والوقت سيكون له تأثيرٌ حقيقي وثقيل عليك. لكننا نبتهج بهذه النهاية؛ فالوقوف في نفس اللحظة للأبد ليس ممتعًا، وبهذا نغض الطرف عن الرعب الذي يثيره المجهول، ذلك الذي يتحرك البطل ليلتقي به أخيرًا.

التقرير الإلكترونية في

01.02.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)