كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

هز وسط البلد.. «ك ا ر ث ة»!!

طارق الشناوي

31-01-2015

 

«لكل إنسان نصيب من اسمه»، حكمة قديمة كثيرًا ما أثبتت فشلها، عادل مثلًا هو الظلم بعينه، وأمير شرير، وشريفة لا تمارس سوى الرذيلة، ولكن المخرج وكاتب السيناريو محمد أبو سيف فى فيلمه «هز وسط البلد» يريد أن يثبت مع بعض التعديل «أن لكل إنسان نصيبًا من رقمه».

إنها تلك الأرقام مع الحروف التى صارت على اللوحات المعدنية للسيارات، ووجدنا أنفسنا أمامها على الشاشة، فهى الشفرة التى تتحرَّك وفقًا لها أحداث الفيلم، الحروف ق و ا د عندما تتشابك تمنح الشخصية تلك الصفة، و ح ر ا م من الممكن أن تُصبح بمثابة تعليق، و ف ج ر بفتح الحاء تعنى زمن أحداث الفيلم، بينما لو وضعت الضمة على الفاء فهى التوصيف الصحيح للموقف الذى شاهدناه.

كان الراحل الكبير صلاح أبو سيف والد مخرجنا محمد، كثيرًا ما يتّكئ على مثل هذه اللمحات، مثلًا فى القاهرة 30 عندما قدَّم فى الكادر حمدى أحمد فى شخصية محجوب عبد الدايم وخلفه قرنان، أو عندما شاهدنا فى شباب امرأة تحية كاريوكا شفاعات ومعها شكرى سرحان إمام ، وفى اللقطة التالية انتقل إلى امرأة تجر خروفًا، قفشات خفيفة الظل صالحة للاستخدام مرة فى لقطة واحدة، ولكنها لا تصلح أبدًا لبناء شريط سينمائى كامل.

هذه اللوحات هى التى نُطل من خلالها على الأحداث، هذا صبى فى مقهى وذاك إرهابى وهذا تاجر عُملة، لدينا سيدة ثرية تريد شراء طفل بأى ثمن، وهناك أيضًا فى الصورة صاحبة محل لبيع الملابس وعاملة فى المتجر مستعدة لعمل كل شىء لإراحة الزبائن، رجالًا أو سيدات، وغيرها من الشخصيات.

يبدأ الفيلم بهذا المشهد منتج فيلم عنوانه صدر وورك ، كل شىء فى الفيلم فج ومباشر، ولكنك لن تجد فيه مشهدًا عاريًا، وهذا هو ما دفع مثلًا الشيخ مظهر شاهين للإشادة به فى أجهزة الإعلام وعلى صفحته، أغلب المشاركين فى الفيلم يحملون نفس اللقب شاهين، ربما كان الشيخ خارج العائلة، ولكن الكل بعد ذلك من فريق الفنيين هم آل شاهين ، ولم تنسَ إلهام كالعادة أن تصطحب معها شقيقها أمير وتمنحه فرصة للمرة الخمسين بعد المئة، بينما ربنا لا يمنحه حضورًا.

إلهام هى الشخصية المحورية الشحاذة بها لمسة أقرب للدروشة، تجرى خلفها وحولها وعلى يمينها كل الشخصيات، وتتعدَّد المآسى حتى ينتهى إلى أن تلقى بطفلها الرضيع فى صندوق القمامة، بينما نستمع إلى صرخاته فى مشهد هستيرى بعد أن فقدت من قبله طفليها، وتتعدَّد المواقف الصاخبة دراميًّا، حتى تُمسك إلهام فى النهاية بالقنبلة التى ألقاها الإرهابى وهى توشك على الانفجار، بينما الجميع يرقصون ابتهاجًا بافتتاح فيلم صدر وورك . الكل يصرخ بالصوت أو بالمبالغة فى الحركة، مثل أداء زينة وحورية فرغلى، الكل وعلى رأسهم إلهام شاهين لم يستطيعوا ضبط الجرعة ولا تحديد المفتاح الذى من خلاله يتم تقمُّص الشخصية، وهى بالتأكيد بالدرجة الأولى مسؤولية المخرج الذى فشل فى ضبطها، تبدو الحكاية وكأن الكل يحاول لفت الانتباه، ولهذا يموت الإحساس. هذا الشارع الذى هزه الوسط ما علاقته بالدائرة الأوسع مصر، الفيلم ينتقد كل شىء، الشرطة والصحافة، ولكن لم يستطع المخرج أن يمنح للجمهور الإحساس بأنه جزء من تلك الدائرة، الجرعة الدرامية المفرطة أحالت الشخصيات كلها إلى تكوين أحادى الجانب، بلغة سينمائية انتهى عمرها الافتراضى لم يستطع أبو سيف أن يمنح فيلمه أى لمسة عصرية فى البناء أو التتابع. نعم هناك جدية وإخلاص وحماس لا يُنكر من إلهام شاهين كمنتجة، ولكننا بصدد شريط يترنَّح سينمائيًّا، هز وسط البلد فيلم ع ج و ز وفى قول آخر ر د ىء وفى قول ثالث ك ا ر ث ة ، اختر أنت الإجابة الصحيحة!!

 

لازمة طاهر وأزمة هنيدي!!

طارق الشناوي

30-01-2015

طبقا لكل ما هو معلن يحتل المركز الأول فى الإيرادات أتحدث عن فيلم «يوم مالوش لازمة»، وفى خضم هذا السيل المنهمر من الأفلام -لاحقت منها حتى الآن سبعة- ومعلوماتى أنها ستزيد على عشرة، أجده الوحيد القادر على أن ينتزع منك بين الحين والآخر ضحكات صافية.

لا يزال هنيدى لديه ما يفتح النفس لتهيئة المجال النفسى لجمهوره على الضحك، وهو حريص أن يلتقط مفردات الشارع حتى تنضبط موجته على موجة الناس هذا هو الجانب المشرق من الصورة، الوجه الآخر أن هنيدى صار مثل من يمضى فى الصحراء، وكلما أوغل فى التقدم للأمام اكتشف أنه يغرق أكثر فى الرمال الناعمة.

الشخصية التى يؤديها ويحملها على كتفيه من عمل فنى إلى آخر لا تغيير فى ملامحها الرئيسية، الشاب الذى يريد الزواج، صحيح أنه فى آخر فيلمين تيتة رهيبة و يوم مالوش لازمة أضاف على استحياء فى الحوار أنه تجاوز الأربعين، ولكنه لم يضع تحتها خطا، والأهم أن تلك المعلومة لم تشكل أى قيمة درامية فى بنائه النفسى ولا فى علاقته بكل من معه داخل الفيلم.

أسلحة هنيدى فى البقاء على رأسها ملامحه التى لا تزال تتشبث بروح الطفولة، وأضاف لها باروكة يزداد سمكها وكثافتها كلما تقدمت به الأيام، هذا بالطبع يمنحه مساحة فى البقاء على الخريطة السينمائية، إلا أنه لا يضمن له الاستمرار، ثم الأهم أن الإبداع يترافق غالبا مع الاكتشاف وكل هذه الأدوار تخلو من المغامرة، فهى تنويعات على ما سبق له أن قدمه لجمهوره، فلا تنشط بداخله ومضة التحدى التى تفتح أمامه آفاقا أرحب، هل استعاد هنيدى ترمومتر مشواره من خلال الإيرادات ليكتشف أن المؤشر الرقمى بوجه عام فى تراجع.

هنيدى يقرر الزواج من ريهام حجاج وأحداث الفيلم تجرى خلال ليلة الزفاف، حيث ينتقل أهالى العروس والعريس إلى أحد الفنادق ويقدم تفاصيل تلك الليلة المعلن وأيضا المسكوت عنه، ودائما المواقف يمنحها ويغلفها الكاتب عمر طاهر بروح الارتجال، برغم أن كل شىء لو دققت النظر وتأملته ستكتشف أنه لم يكن أبدا عشوائيا وتحت السيطرة الدقيقة، الكوميديا ليست فقط هنيدى ولكن لدينا محمد ممدوح الذى أمسك بالشخصية وأشعلها بخفة ظل، وتبقى الشخصيات النسائية ريهام حجاج والتى اختارها للزواج وروبى تلك الفتاة التى يسيطر عليها هاجس واحد وهو الزواج بهنيدى، ومنحها السيناريو هذا الملمح الأحادى فى النظرة، فهى لا ترى شيئا فى الدنيا سوى من قررت أن تتزوجه، وفى ما عدا ذلك لا يهم، وهكذا يقوم هنيدى بإلقائها من أعلى طابق فى الفندق ثم تَضربها ريهام حجاج على رأسها بآلة حادة لكنها باقية على قيد الحياة ومصرة على الارتباط بمن اختارته، المفاجأة فى المشهد الأخير بعد مرور 8 سنوات عندما نرى أن من تزوجها وأنجب منها طفلا هى روبى.

لن تعثر فى الفيلم على إضافات خاصة ولا رهان على شىء أبعد من الإمساك بضحكة، وفى موسم سينمائى عز فيه الإبداع كان الطريق ممهدا ليعتلى هذا الفيلم القمة الرقمية، المخرج أحمد الجندى حرص على أن يقدم رؤية تتمتع أيضا بروح التلقائية على مستوى التكوين الدرامى، ولكنه لم يمنح ريهام مفتاحًا خاصا للأداء فهى فقط البنت الحلوة، فشكلت عائقا أمام الكوميديا، هالة فاخر لا توجد فى الشخصية لمحات خاصة سوى أنها أم محمد هنيدى هى بالتأكيد مسؤولية الكاتب أيضا.

ويبقى محمد هنيدى والمأزق الذى لم يستطع أن يتجاوزه، عُمر هنيدى على الشاشة يربو على ربع قرن، بينما يبدو وكأنه يتحرك دراميا محلك سر ، قاد هنيدى بفيلمه إسماعيلية رايح جاى قبل نحو عقدين من الزمان ثورة ما أطلقنا عليهم وقتها المضحكون الجدد ، والآن أصبح على هنيدى أن يعلنها ثورة على هنيدى، فلا يمكن لفنان صار الآن فى بدايات العقد السادس من عمره أن يظل شابا سرمديا يبحث عن عروس وحتى إشعار آخر!!

 

فشل لأنه يستحق!!

طارق الشناوي

28-01-2015

من الممكن أن لا يحدث تواصل بين العمل الفنى والجمهور فى توقيت ما لأسباب خارجة عن إرادة صُناعه، مثلًا عدد من شركات التوزيع تحتفى بفيلم وتزدرى آخر، إلا أنه فى نهاية المشوار المصالح تتصالح، والعمل الفنى إذا حقَّق رواجًا سوف يشرع الجميع لفتح أبوابهم أمامه حتى ألدهم خصومة، لأنه سيناله من «التورتة» قضمة.

أفهم أن لا يحقّق العمل الفنى إيرادات فى الشباك عندما يقدم نغمة درامية لا يألفها الناس أو ليست على موجتهم، إلا أنه ومع الزمن لو كان صادقًا سوف يصل إلى الناس، والأمثلة عديدة، ولكن ريجاتا يقف على الجانب الآخر تمامًا من كل ذلك، نحن بصدد فيلم تجارى مباشر فى مفرداته، يصل إلى أقصى وأقسى ذروة ممكنة، يفعل كل شىء لكى يصبح على موجة الناس، اختار العشوائيات كملعب، معتقدًا أنه الموضة هذه الأيام، كل الشخصيات فى السيناريو ينبغى أن تصل فى الصراع إلى الحافة، فهو يريدها أن تتجرَّع كل الإحباط وتشرب كأس المأساة حتى الثمالة، ولم يدرك أن هناك نقطة تَشبع فاته أن يتوقف عندها.

شاهدنا قبل شهرين فيلم حديد لنفس المنتج محمد السبكى، فهو كما يبدو يريد أن يصنع نجمه الشعبى الذى يحصد من خلاله الإيرادات، حقَّق الفيلم فشلًا ذريعًا على المستويين الفنى والتجارى، وأخفق النجم فى تحقيق التواصل الجماهيرى، تكرر الأمر مع ريجاتا ، ولا يزال عمرو يواصل الدفاع رغم أن معدلات الشباك تتراجع، قرر المنتج هذه المرة أن يبرئ ساحته تمامًا أمام نفسه، فوضع بجوار سعد نجمين كبيرين من نوعية محمود حميدة وإلهام شاهين، مع نجم لامع فتحى عبد الوهاب، ووجه جديد مبشّر أحمد مالك، ولم ينسَ اللعب بأنوثة رانيا يوسف، وارتضى الجميع بأن يتصدَّر عمرو المشهد والأفيش والليلة كلها، إنه البطل الذى تدور حوله الدنيا، اللقيط، وأمه إلهام شاهين فتاة ليل سابقة، ولم يكتفِ بهذا القدر، بل تعانى أيضًا من السرطان وتتهم بقتل ابنها بينما هو متهم بقتل شقيقه، والمعلم الكبير الذى يفرض قانونه على الجميع محمود حميدة يقيم علاقة مع رانيا زوجة الشقيق، وضابط الشرطة فتحى عبد الوهاب يبحث عن خيوط الجريمة، وصوت المطرب أحمد سعد يغنّى على حال الدنيا الغدارة، والمخرج محمد سامى وهو أيضًا كاتب الفيلم لديه التراث القديم ويريد صناعة فيلمه، متكئًا إلى كل المحفوظات العامة، عندما يتعثَّر ولا يجد نقطة جذب يخترع مطاردة، وعندما لا يجد مشهدًا مثيرًا يتلكّك لتقديم رقصة، ولكن الحصيلة كأن شيئًا لم يكن.

لست ضد صناعة الفيلم التجارى المباشر والذى لا يحمل طموحًا على أى مستوى، هذا النوع يشكّل الأغلبية فى العالم، ولا أوافق على المصادرة ولا المطاردة القضائية، لأنى أثق أن الجمهور كفيل بالمواجهة، الناس لا تقبل ولا ترحّب بالعمل الفنى الردىء، وهناك خيط رفيع بين الرداءة والتجارية، نحن بصدد فيلم ردىء غير قادر حتى على التنفُّس مع الجمهور، لعب على قانون الصراخ، الكل كان يفتح الحنجورى على الآخر وبصوت عالٍ، كل الممثلين بلا استثناء، حاول فقط المخضرم العتويل محمود حميدة والموهوب فتحى عبد الوهاب أن يلعبا فى المشاهد التى جمعتهما بقانونهما الخاص، وجاءت مثلًا ملابس حميدة وحركة أصابعه ونظرته لتضفى على الشخصية رغم تقليديتها سحرًا خاصًّا، بينما اعتمد عبد الوهاب على ضبط مفتاح أدائه، فهو يمنح التعاطف بعينيه مع إلهام شاهين ويمنح الذكاء والتنمر والتحدى مع حميدة.

ريجاتا ليس فيلمًا يستحق أن نتابع تفاصيله، ولكنه ثانى فشل ذريع فى غضون أسابيع قليلة لصناعة نجم شعبى، كلما حقَّق إخفاقًا مدويًا ازداد إصرارًا على المضى قدمًا فى الوصول إلى ذروة إخفاق أعلى!!

 

«زوجة فرعون» وتحية للسينما الصامتة!!

طارق الشناوي

27-01-2015

بلا أضواء صاخبة ولا بهرجة زائدة يتواصل مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية فى دورته الثالثة رغم تراجع الميزانية وتضاؤل عدد الضيوف، لكنه لا يزال قادرا على التنفس.

تصادف توقيت الافتتاح مع الحداد الإعلامى الرسمى للملك عبد الله، وخيّم الحزن على جنبات خشبة المسرح فى معبد الأقصر رغم أنه كان من الممكن إيجاد صيغة ثالثة، لا تجرح طقوس الحداد ولكنها أيضا لا تستسلم لبث روح الحزن للجمهور.

لم أعثر على حضور لنجوم السينما المصرية ولا أدرى سببا. أظن - والظن ليس مرادفا للإثم - أن إدارة المهرجان وجهت الدعوة وهم تقاعسوا فى وقت كان ينبغى لهم جميعا دعم المهرجان كحد أدنى بحضور الفعاليات. لم ألمح سوى لبلبة والوجه الجديد محمد فراج، مع الأخذ فى الاعتبار أن لبلبة تحضر باعتبارها مكرمة وعضو لجنة تحكيم.

الميزانية تقلصت فحالت دون ترجمة حتى أفلام المسابقة للغة العربية، وهو ما أراه قرارا خاطئا، عند توزيع بنود الميزانية ينبغى أن تصبح ترجمة الأفلام للغة البلد المضيف تحتل الأهمية رقم واحد لما تحمله من دلالة وطنية.

بعيدا عن ذلك فأنا أُقر وأعترف أمامك أننى عندما قرأت عن افتتاح المهرجان بفيلم زوجة فرعون الذى أخرجه الألمانى إرنست لوبيتش قبل نحو 93 عاما، اعتقدت أن إدارة المهرجان ماجدة واصف ويوسف شريف رزق الله والمخرج محمد القليوبى وجميعهم من السينمائيين العاشقين للبحث عن الحقيقة، أسعدهم الاكتشاف وهذا بالطبع من حقهم، ولكن أن يُصبح الفيلم هو العنوان فتلك بالتأكيد قضية أخرى. اعتقدت أن الجمهور لا يمكن أن يصمد كثيرا أمام فيلم صامت يصل زمنه على الشاشة إلى نحو 80 دقيقة، وتتابعت الفصول وفى كل مرة ألمح تصفيقا يعلو ولم أعثر مثلا على مشاهد يغادر موقعه، بل العكس هو الصحيح، كلما أوغل الفيلم فى تتابع الفصول ارتفع معدل التصفيق .

الفيلم تاريخيا لا يمكن أن يشعرك بأنه تم توثيقه، ولو حاكمته من تلك الزاوية مثلما حاكمت الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة المصرية الفيلم العالمى خروج ملوك وآلهة لريدلى سكوت، المؤكد أنها لن تسمح به، ورغم أن المهرجان يقام تحت مظلة الدولة فإنها تسامحت، بل وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة د. محمد عفيفى الذى أناب عن وزير الثقافة د. جابر عصفور افتتاح المهرجان، هو الذى رأس اللجنة التاريخية التى أقرت باستبعاد فيلم ريدلى سكوت بسبب تلك الأخطاء، وهو ما سبق أن حذرت منه لأنه سوف يفتح الباب أمام عشرات من المصادرات القادمة لأسباب تاريخية وجغرافية وفكرية وسياسية، بل وأيضا فنية.

لو قرأنا الفيلم الصامت من خلال نسيجه الفنى المطروح سنكتشف أنه اتخذ من الأجواء الفرعونية إطارا يطرح من خلاله قضية الحب وكيف أن الجارية الحسناء ذات الأصول اليونانية جاءت مع ملك الحبشة إلى مصر الذى قرر أن يدفع عربون المحبة للملك الفرعون أمينس بأن يزوجه ابنته، بينما الفرعون لا يستطيع مقاومة سحر الجارية فيتزوجها وهى تحب منافسا له، ويضع الفيلم التاج الملكى فى كفة والحب فى الأخرى، ويتضاءل كل شىء أمام جنون الحب. هذه هى حقيقة الفيلم على الشاشة، أما لو أدرت قراءته سياسيا فسوف يعتبره المتربصون -وهم كثر- جريمة سياسية.

ويظل فى المعادلة التعبير الصامت عندما تقول الوجوه كل شىء، الصمت بالمناسبة عاد مؤخرا إلى السينما، فهو الآن وسيلة إبداعية بينما كان صمت السينما قبل دخول شريط الصوت بسبب عجز الآلة، ورغم ذلك فإننا مع زوجة فرعون عشنا الصمت إبداعا فى التعبير وليس عجزا عن التعبير!!

 

الدرس انتهى «خامس مرة»!!

طارق الشناوي

26-01-2015

كنت فى مساء 25 يناير 2011 داخل الميدان وشاهدت ميلاد الثورة وعدت إلى المنزل وكتبت فجرًا على موقع «الدستور الأصلى» هذا المقال الذى أنشره للمرة الخامسة.

قبل يومين فقط كنت أعرض فيلم إضراب الشحاتين فى بيت العود التابع لوزارة الثقافة.. طلب منى الموسيقار وعازف العود نصير شمة أن أرشح فيلمًا يفتتح به قسما جديدا فى البيت تم إنشاؤه من أجل تنمية الثقافة المرئية لدى تلاميذه، فجأة قفز إلى ذهنى هذا الفيلم الذى أخرجه حسن الإمام قبل نحو 44 عامًا حيث تلعب فيه الموسيقى دور البطولة.

الفيلم تعود أحداثه إلى ثورة 19 عندما اكتشف الشحاتون أن قضيتهم ليست رغيف العيش ولكنها الحرية المغموسة بالكرامة الوطنية!!

بعد أقل من 20 ساعة كانت مصر تطالب بالخبز والحرية، والدولة من خلال وزارة الداخلية وقائدها حبيب العادلى لم يدركا أن هؤلاء المتظاهرين تجاوزوا مرحلة الخوف، هناك بالفعل إرادة يعلو نبضها تطالب بالتغيير.. أغلبنا شارك فى الماضى ولو بالصمت فى تلك الحالة التى يرى البعض من قصيرى النظر صورة الإنسان المصرى الذى لا يثور مهما تجمعت إليه من دوافع الثورة.. البعض عاش وهو يعلم أن أقصى طموحه للحيلولة دون الانصياع إلى سيناريو التوريث هو أن يدعو بطول العمر وطول البقاء على الكرسى للرئيس مبارك لكى يحول هو وليس أى إنسان آخر دون وصول ابنه إلى سدة الحكم، هكذا صغرت الطموحات، ومع الأسف لعب القسط الوافر من الفنانين والمثقفين أسوأ الأدوار وهو التمهيد للتوريث بتلك المقولة التى صارت شعار المرحلة وهى لا للتوريث.. نعم لجمال .. كيف يستقيم الأمر؟ بسيطة من حقه كمواطن مصرى له كل الحقوق وعليه كل الواجبات أن يرشح نفسه فى الانتخابات ومن حق المواطن على الجانب الآخر بكامل إرادته أن ينتخبه أو لا ينتخبه.. تقول كيف سيحدث ذلك ووالده فى الحكم فى ظل سيطرة الدولة على كل المنافذ والمعابر، هل تسمح الأجهزة بسقوط ابن الرئيس فى الانتخابات ووالده ممسك بالسلطة؟ الكل يعلم أن هذا هو المستحيل بعينه وأن كل ما نراه يتم إعداده لصالح الدائرة الصغيرة من رجال الأعمال الذين ارتبطوا بالسلطة وصارت كل مصالحهم لديها.. هذا الحبل السرى الذى لا ينفصم مع الدولة، هم لا يدافعون عن شرعية جمال مبارك، ولكنهم لا تعنيهم سوى مكاسبهم التى لن تتحقق لو غاب الرئيس ولم يعتل جمال الكرسى.. من حقهم بالطبع الترويج لهذا السيناريو، ولكن ما مصلحة المثقف المصرى فى هذا العبث.. تكتشف أن تلك هى اللعبة وأن سيطرة الدولة تجعل الجميع يعلمون أن هذا هو المطلوب منهم وعليهم الترويج لهذا السيناريو الخائب وأن الرهان على أى حل آخر بعيد عن الرئيس أو ابن الرئيس ليس مطروحا، بل وغير مسموح به وأن هذا المثقف تم تدجينه داخل الحظيرة!! نعم سمحت الدولة فى البداية بالتظاهر يوم الثلاثاء، إلا أنها أحاطته بكردون أمنى.. لم تكن تدرك أن الغضب أكبر مما تصورت الأجهزة ولهذا فتحت النيران على مصراعيها بعد أن أيقنت أن دائرة الغضب وصلت إلى الرئيس تطالب بتغيير جذرى.. لم يعد الأمر كما تروج القنوات التليفزيونية يتعلق بتغيير وزير الداخلية أو رئيس الوزراء ولكن تغيير النظام. مَن يريدون بقاء الحال على ما هو عليه يؤكدون أن تغيير النظام من داخل النظام هو الحل، ولكنهم يغضون الطرف عامدين متعمدين على أن الخطأ بل الخطيئة هو فى بقاء النظام، وأن التضحية بأحمد نظيف ليست الحل، بل هى الورقة التى تحتفظ بها الدولة فى اللحظات الأخيرة لإفراغ شحنة الغضب بعيدا عنها.. شيل ألدو وحط شاهين الناس حقيقة لا تريد لا ألدو ولا شاهين !!

مصر استيقظت.. هذه هى الحقيقة، لكن النظام لم يستيقظ بعد لا يزال نائمًا فى العسل.. ربما يعتقد أننا فى فيلم على طريقة حسن الإمام فى رائعته إضراب الشحاتين .. قد يعتقدون أن ما يجرى فى مصر ينتظر نهاية سينمائية وبعدها يعرض فيلم آخر.. ولم يدركوا أن الدرس انتهى لموا الكراريس . هذا هو ما نشرته على موقع الدستور الأصلى فجر يوم 26 يناير 2011!!

 

ثورة «اللوتس» لا تزال تنتظر فيلمًا وأغنية!

طارق الشناوي

25-01-2015

السينما المصرية سارعت فى اللهاث وراءها، فكانت حاضرة دائمًا على الأشرطة السينمائية، وترددت أيضا أنغام على حناجر المطربين، وبقدر ما كان القالب التسجيلى هو الأوفق فى الرصد بقدر ما خذلتنا الأفلام الروائية، أما الأغنية حتى لو تسللت إلى مشاعرنا واحدة أو أكثر فهى لم تستطع أن تقترب من سحر وومضة اللحظات التى عشناها عندما أزاحت مصر كابوسها فى ثورة اللوتس النبيلة.

ومرَّت الأيام وما أصاب الثورة من إحباط ووهن أصاب أيضا السينما والأغنية، ولم يعد الأمر يتجاوز لمسة هنا أو هناك تحاول أن تُمسك بظلال وتلابيب الثورة.

عشت الثورة فى الشارع منذ 25 يناير، وعشتها أيضا منذ ذلك التاريخ على الشاشة، كانت الثورة فى بواكيرها تحمل كثيرا من الآمال، جاءت الشرارة الأولى من تونس مع ثورة الياسمين التى فتحت الباب لغضب الشعوب، وانتقلنا من مصر إلى سوريا إلى ليبيا إلى اليمن، وكانت السينما حاضرة منذ 2011 فى مهرجان كان فى شهر مايو، أى بعد أشهر قليلة من الثورة، شاهدنا كيف تحتفل السينما بالثورة وتحتفى بالثوار، حتى المهرجانات الكبرى كانت تقبل أفلاما بسبب موقفها السياسى. فى مهرجان كان شاهدنا فيلم 18 يوما والذى شارك فى إخراجه 10 مخرجين، وأيضا صرخة نملة لسامح عبد العزيز، ومن تونس لا خوف بعد اليوم لمراد بن شيخ، والعام التالى شاهدنا بعد الموقعة ليسرى نصر الله الذى مثَّل عودة السينما المصرية إلى مسابقة مهرجان كان بعد غياب 16 عاما، وتكرَّر الأمر فى فينسيا و برلين ، وغيرهما.

ويبقى الغناء، ما الذى كان يردده الناس فى الشارع فى أثناء الثورة يا حبيبتى يا مصر لشادية، و يا أغلى اسم فى الوجود نجاح سلام، و يا جمال يا حبيب الملايين عبد الحليم حافظ، وغيرها، كما أن الفضائيات كثيرا ما كانت تردّد قصيدة أنا الشعب لأم كلثوم، وغيرها من الأغنيات التى ارتبطت بمصر، ربما يا بلادى يا بلادى.. أنا بحبك يا بلادى لعزيز الشافعى ورامى جمال، هى التى عبرت إلى المشاعر وعبَّرت بالفعل عن الحالة، وحمزة نمرة له عديد من الأغنيات، مثل أقولك إيه ، لكن لقب مطرب الثورة الذى حظى به عبد الحليم، أو جبرتى الثورة ، كما كان يحلو لرفيق درب عبد الحليم، الموسيقار كمال الطويل، أن يطلقه عليه لا يزال بعيد المنال، وظلّ السؤال عن مَن هو مطرب 25 يناير ؟ وثورة 30 يونيو أنجبت أغنية تسلم الأيادى لمصطفى كامل التى حققت نجاحا شعبيا ضخما، رغم أنها فى النهاية مسروقة فى الكلمة واللحن، كما أن أغنية بُشرة خير لحسين الجسمى، موجَّهة مباشرة لحسّ الناس على النزول إلى الشارع فى الانتخابات الرئاسية، ولا يزال يتنازع عدد من المطربين من أجل الحصول على لقب مطرب الثورة .

حمادة هلال حاول أن يحظى بتلك المكانة، خصوصا أنه لم يتورط فى الغناء من قبل لحسنى مبارك، ولم تكن الدولة على المستوى الرسمى تعتبره قريبا منها، وقدَّم بالفعل أكثر من أغنية لشباب التحرير تتغنَّى بالثورة، أولها تحوَّلت أيضا بسبب كلماتها إلى مادة للسخرية، وهى شهداء 25 يناير.. ماتوا فى أحداث يناير ، مثلما تقول سكان السيدة زينب.. يعيشون فى حى السيدة زينب ، الأغنية أكدت أن هناك استسهالا فى التنفيذ، بسبب الرغبة فى أن يسارع المطرب فى التأكيد على أنه حاضر فى المشهد السياسى وعلى نفس موجة الجماهير، لا أتصوَّر أن أى مطرب من الذين عرفناهم وكان لهم بصماتهم الفنية حتى لو لم يتورطوا مع النظام المصرى السابق من الممكن أن تطلق عليه الجماهير لقب مطرب الثورة ، محمد منير -على سبيل المثال- كان هو أكثر مطرب رددوا له فى الميدان أغنية إزاى التى كانت كلماتها أقرب إلى الإنذار، لما حدث بعد ذلك فى 25 يناير، كانت الدولة حتى فى الفضائيات الخاصة ترفض أن يتم عرضها، بالتأكيد فإن الشريط المرئى الذى صاحب الأغنية بعد ساعات قليلة من ثورة يناير لم يكن هو الشريط الذى مُنع عرضه قبل الثورة، كان الشريط المرئى يقدم مؤازرة للشباب الثائر، والقنوات والإذاعات سجَّلت رقما غير مسبوق فى عدد مرات تقديم الأغنية، وتاريخ منير معروف فى علاقته بالنظام السابق، فهو لم يكن قريبا من السلطة، لا أعتبره بالمناسبة معاديا لها، لكنه فى الحدود الدنيا لم يكن صوتا للنظام، ولم يحصل على حماية خاصة، ولا أتذكَّر أنه تورط مثل الآخرين فى التمهيد للتوريث، أو الدعوة لمبارك الأب رئيسا مدى الحياة، وغم ذلك فإن منير لم يعتبر نفسه مطرب الثورة، ولم يرتفع صوته مثل الآخرين الذين قالوا إن عصر مبارك كان هو زمن التعذيب والهوان، وأنهم لاقوا كثيرا من العنت، مثلما مثلا قال المطرب على الحجار فى أكثر من مناسبة، مؤكدا أنه لم يكن يدرى أن النسر المصرى شقّ السما تتغزَّل فى مبارك، وحتى الآن ننتظر أغنية عن الثورة مثلما ننتظر فيلما عن الثورة!

وفى كان 2014 شاهدنا ماء الفضة السورى لأسامة محمد ووئام بدرخان، ولم تكن المهرجانات العربية بعيدة عن رصد الثورة سينمائيا، سواء أبو ظبى أو دبى أو الدوحة أو الجزيرة أو قرطاج أو القاهرة أو وهران ، لم تتوقَّف أفلام الثورة عن الوجود، لكن خفت الحضور وتضآلت معدلات المصداقية.

هل الشارع العربى فى علاقته الذهنية والشعورية بالثورة لا يزال على موجتها؟ مع الأسف كثيرٌ مما كنا نراه حقيقة بات وهما، بل ومزيد من حقائق تتبدد، وتحلّ مكانها أوهام تتجدّد.

لو تابعت الأفلام الروائية والمسلسلات الدرامية التى تناولت 25 يناير لاكتشفت أنها وُلدت مبتسرة، فخرجت مشوهة للناس، ولم تنجح فى سبر أغوار روح الثورة، تعاملت مع السطح ربما رصدت الحدث لكنها لم تتأمله، الواقع لا يزال حتى الآن يكشف عن تفاصيل جديدة، ما تصوَّرنا فى لحظات أنه حقيقة اكتشفنا أن هناك وقائع أخرى تُكذّبه، ولا يمكن أن يُبنى الفيلم السينمائى أو المسلسل الدرامى على وثائق أو أحداث مشكوك فى صحتها، الموقف يتكرَّر بعد ثورة 30 يونيو، والتى عبرت عنها بعدها بساعات الأغنيات وردَّدها الناس، بينما لا تزال الدراما بعيدة عن هضمها، ناهيك بإفرازها فى عمل فنى.

وبقدر ما كانت 25 يناير حاضرة بقوة فى دراما التليفزيون فجاءت مبتسرة، بقدر ما انتظر الناس أن يروا 30 يونيو فى مسلسلات رمضان 2014، متجاهلين أن المبدع يحتاج إلى فترة حضانة للفكرة أو الحدث حتى يختمر بداخله ويتشكّل إلى رؤية إبداعية، لم يعثر مشاهدو المائدة الرمضانية إلا على قليل من ثورة 25، شذرات تتناثر هنا وهناك عما حدث بعد ثورة اللوتس ، مثل مسلسلى تفاحة آدم و إمبراطورية مين ، بينما ما احتل الجزء الأكبر من المائدة الدرامية أعمالٌ تتناول كثيرا مما هو مسكوت عنه، مثل مسلسلات: سجن النساء و السبع وصايا و ابن حلال ، لكنك ستلاحظ أن الثلاثة الكبار فى دنيا الدراما التليفزيونية، وأعنى بهم بالطبع عادل إمام ويحيى الفخرانى ومحمود عبد العزيز، ابتعدوا، مع سبق الإصرار، عن الإدلاء برأى قاطع حتى لا يحسبها أحد عليهم، التجربة أثبتت لهم أن الناس حاضرة دائما للحساب، فلجؤوا إلى تقديم دراما محايدة، أو وضعوا صورة حسنى مبارك فى قِسم الشرطة دلالةً على أن الأحداث تجرى فى زمن سابق، حتى لا يطلب منهم تحديد الموقف، النجم فى بلادنا يُحاسَب على الاختيار الدرامى قبل الكاتب والمخرج.

ربما كانت السينما الروائية هى الأسرع فى التقاط الحدث، بغرض أن تُصبح ساخنة وعلى موجة الناس، إلا أنها اعتبرتها مجرد سبوبة لجذب الزبون، لدينا نموذج صارخ صرخة نملة الذى تغيَّر توجهه السياسى من الحقنا يا ريس ، وكان هو عنوان الفيلم الأول، كما أجازته فى زمن مبارك الرقابة ليصبح سوف نخلعك يا ريس ، حيث فوجئ الجميع بنجاح الثورة، فأضافوا عددا من المشاهد، وأعادوا المونتاج فأصبح صرخة نملة ، تعاملت السينما مع الثورة باعتبارها نكتة، بل إن البعض كان يضع إيفيه الشعب يريد فى أى موقف درامى لخلق ضحكة، تابِعْ مثلا سامى أكسيد الكربون ، وبينما وقف فيلم حظ سعيد مع الثورة فإن تك تاك بوم اختار الجانب الآخر، و البرص الذى عُرض فى العام الماضى اختار أيضا دون أى سبب أو منطق درامى أن ينتقد 25 يناير ، أما الجزيرة 2 فتستطيع أن تقرأه على المستوى السياسى باعتباره يعبر عن تناقض فى التوجه، وأظنه كان حائرا بين موقف كتَّاب السيناريو الثلاثة الإخوة دياب ، خالد ومحمد وشيرين، المؤيِّد للثورة من اللحظة الأولى، بل لهم موقفهم المباشر ضد حكم مبارك خلال سنواته الأخيرة، وبين قناعة المخرج شريف عرفة المتحفِّظ فى رؤيته للثورة، تستطيع أن ترى أيضا فرش وغطا لأحمد عبد الله وهو يرصد هذه المرة بتعاطف الثورة.

ما الذى يصدِّقه الناس؟ هل الحقيقة التى تعلنها أجهزة التحقيقات أم الحقيقة التى تعلنها الشاشات؟ التجربة أثبتت أن الصورة الذهنية تتشكَّل عبر ما تبثّه أجهزة الإعلام، وأن تأثير الدراما فى هذا المجال أعمق.

وكما أن الفنانة صابرين من خلال مسلسل أم كلثوم صارت عند الناس هى الأصل، و سولاف فواخرجى فى مسلسل أسمهان هى الأصل، فأنا أتصوَّر أن بعد الموقعة الذى عُرض داخل المسابقة الرسمية لمهرجان كان قبل عامين هو المرجعية الدرامية الأولى لـ واقعة الجمل حتى إشعار أخر.

نرصد صراع الأصل والصورة بين بعد الموقعة كحدث واقعى وكرؤية درامية، لا شك أن شخصية الخَيال -بفتح الخاء- الذى اقتحم الميدان وأداها باسم سمرة، حيث تلقَّى علقة ساخنة على أيدى الثوار، ستظل هذه هى الحقيقة الشعبية فى علاقة أهالى عشش الترجمان بالثورة، هؤلاء الذين تراجعت مكاسبهم.

فرحتنا بعرض الفيلم داخل المسابقة الرسمية شىء، ومستوى الفيلم الفنى شىء آخر تماما، لا تستطيع سوى أن تتأمل هذا الفيلم بصريا وفكريا، إنها الثورة المصرية بعين يسرى نصر الله. أتذكَّر مساء 25 يناير 2011 التقيته -يسرى- فى ميدان التحرير، ولم يكن لدى أحد بالتأكيد إحساس أن هذه هى الثورة التى ستُطيح بالطاغية، لكن من المؤكد أنه كان هناك يقين بأن مصر قد تغيَّرت.

اختار المخرج واقعة الجمل التى كانت هى الخط الفاصل للثورة، كان مبارك قبلها بأقل من 24 ساعة قد ألقى الخطبة التى قال فيها سأُدفَن على أرضها ، لاستعطاف مشاعر المصريين، وجاءت موقعة الجمل لتؤكِّد كم كان مراوغا.

يسرى من خلال بطل الفيلم الذى تحوَّل إلى بلطجى (باسم سمرة) ذهب إلى ميدان التحرير، هل ذهب بعد أن استبدّ به الغضب مدافعا عن أكل عيشه أم إنه كان عميلا لأعداء الثورة؟ الفيلم يتعاطف معه، لكنه فى نفس الوقت لا يتعاطف مع موقفه، يصل فى لحظات إلى حدود تبرئته من الإدانة، فهو كان يدافع عن مصدر رزقه، لكنه سرعان ما يكتشف كم هو يُروِّج لما كان يردده أعداء الثورة، فيُسارع بتأكيد الإدانة.

لا أحد من الممكن أن يصدِّق أن هؤلاء تحركوا من نزلة السِّمان حتى ميدان التحرير دون أن يُخطَّط ويُدفَع لهم أيضا مقابل مجزٍ لإجهاض الثورة. السيناريو يقدِّم لنا منة شلبى الناشطة السياسية التى كانت واحدة من الثوار، وتذهب إلى نزلة السمان وتشعر بانجذاب إلى باسم ، ولا أدرى لماذا أثقل المخرج فيلمه بتلك العلاقة العاطفية التى ظلَّت طوال السيناريو مثل حمل ثقيل؟! المخرج غير قادر على التعامل معه، لا دراميا أو فكريا، علاقة تذكّرنا ببعض الحكايات المشابهة التى كان يحلو ليوسف شاهين أن يزرعها فى أفلامه، عندما يصبح الانجذاب الجنسى هو الدافع الوحيد، وتسقط فى سبيله كل الحواجز والحدود. الأحداث تنتقل إلى نزلة السمّان لتصبح هى المسرح الحقيقى للفكر الذى يتبنّاه المخرج، حيث تمتد لعنة الغضب من باسم سمرة إلى ابنه الذى يتحوَّل إلى أداة للسخرية من التلاميذ فى المدرسة، لأنه ابن الخيَّال الذى تلقَّى علقة ساخنة فى الميدان.

باسم سمرة فى المشهد الأخير ينحاز إلى الثورة، ويذهب إلى الميدان، ويتلقَّى رصاصة قاتلة، ثم نشاهده فى لقطة أقرب إلى الخيال يصعد إلى الهرم، مؤكدا أن الثورة فى النهاية ستنتصر.

بالفيلم مزجٌ بين الرؤية التسجيلية والدرامية، حيث نجح نصر الله فى الحفاظ على أن يظل النجوم المحترفون، أمثال منة شلبى وباسم سمرة وناهد السباعى، فى حالة من الانسيابية والطبيعية، ولهذا كان يبدو صلاح عبد الله بأدائه الاحترافى خارج تلك المنظومة، فأداؤه يخدش روح الفيلم!

الفيلم لا يقدِّم تأريخا للثورة، لكنه يلتقط حالة باسم سمرة ، وفى النهاية ينضم إلى الثوار، والحقيقة هى أنه لم يتغيَّر فكريا، فهو يتوجه إلى ميدان التحرير، حمايةً لمنة شلبى وليس للثورة، إنها حالة حب، وتلك هى المشكلة التى أثقلته دراميا وعوّقته فكريا!

ويبقى السؤال: ماذا بعد أن تعلن الحقائق النهائية المتعلقة بـ واقعة الجمل هل سيصدّق الناس الفيلم، أم إنهم سوف يُصدِّقون حكم المحكمة الذى طبقا إلى القانون هو عنوان الحقيقة؟ مَن يكسب الأصل أم الصورة؟ أقول لكم إن الناس ستحيل الصورة إلى أصل، ويصبح فيلم بعد الموقعة هو بالضبط الأصل وعنوان الحقيقة، لكن ما يعيق ذلك هو أن بعد الموقعة لم يحقق رواجا شعبيا، وأظنّ أنه لن يحققها!

وإذا كانت السينما الروائية عجزت عن التعبير فإن السينما التسجيلية كانت فى الحقيقة فرصتها أكبر، بل ولأول مرة طوال تاريخنا السينمائى وتاريخ الأوسكار وفى العام الماضى فى الدورة رقم 86 لتلك المسابقة الأشهر عالميا وصلنا إلى تلك المكانة، وهى القائمة القصيرة لأفضل فيلم تسجيلى طويل، إلا أن بعضا مِن سارقى الفرحة يريدون أن يحيلوا زهو الانتصار إلى مؤامرة عالمية، لمجرد أن فيلم الميدان للمخرجة المصرية والتى تقيم فى أمريكا، جيهان نجيم، يتناول أحداث الثورة وفترة المجلس العسكرى التى رفع فيها الثوار شعار يسقط يسقط.. حكم العسكر .

إنه فيلم توثيقى، ولا يمكن أن نطلب من فيلم يرصد الوقائع أن يراعى فروق التوقيت، لقد وصلنا إلى الترشيحات الخمسة، وهو بالنسبة إلينا إنجاز غير مسبوق، لم نحصل على الأوسكار ولا أى دولة عربية، لكننا اقتربنا فى العام الماضى. لا أتصوَّر أنها السياسة، لكنه الفن، هل من الممكن أن يتم توجيه إرادة أكثر من 6 آلاف عضو من أكاديمية الفنون والعلوم الأمريكية لمناصرة هذا الفيلم، لأنه يتوافق مع توجه الإدارة الأمريكية؟ ثم: هل الفنان الأمريكى صدى لما تراه الرئاسة أو الرئيس، أم إنهم حتى على المستوى السياسى يُعبِّرون فقط عن قناعاتهم؟ أخيرا صار لدينا فيلم عن الثورة، تتساءلون أليس رصيدنا ليس فقط عشرات بل مئات من الأفلام التسجيلية التى تناولت الثورة المصرية، والتى تشابهت فى كثير من الملامح، حتى إننا أُصبنا بقدر لا ينكر من التّخمة، الأهم من كل ذلك أننا لم نعد نسعد عندما نقرأ عن فيلم اسمه التحرير أو عيش حرية أو الجمل أو 25 يناير ، وغيرها، فلا يوجد ما يستحق أن نترقبه، حتى جاء فيلم الميدان لنرى فيه مصر والثورة، الرؤية العميقة التى صنعتها المخرجة جيهان نجيم تأخذ من الحياة ما يمنح نظرتها هذا القدر من الخصوصية، الفيلم التسجيلى يسمح بحرية مطلقة فى الاختيار، كما أنه لا يعترف بتلك القيود الصارمة، فأنت عندما تختار لا توجّه أحدا إلى الأسلوب أو لا تطلب منهم أن يسايروك أو يتبنوا وجهة نظرك ليصبحوا صوتك وصورتك، لكن فقط أن يكونوا أنفسهم، لا تقول مثلا هدفى أن أُقدِّم فيلما مؤيدا للثورة، لكنك ترصد الحقيقة بإنصاف، هكذا وجدت تلك المشاركات، مثل الممثل المصرى المقيم فى لندن خالد عبد الله، ومجدى عاشور المنتمى إلى التيار الإسلامى، ورغم إيمانه بتنظيم الإخوان فإن حُب مصر فى أعماقه، فهو نزل إلى الميدان يوم 25 يناير، بينما الإخوان كتنظيم رفضوا المشاركة إلا يوم 28 يناير، عندما اقتربت الثورة من قطف ثمرة الانتصار وشاهدوا بداية سقوط النظام، شاركت أيضا بالفيلم المخرجة الممثلة عايدة الكاشف والمطرب رامى عصام والناشطة راجية عمران، والبطل الحقيقى فى هذا الفيلم هو أحمد حسن، لم نعرف عنه كثيرا سوى أنه يملك رؤية عميقة للحياة فى مصر، إنه واحد من ملايين الشباب الذى نزل إلى الميدان لإسقاط مبارك.

قال أحمد حسن بوجهه المصرى وتلقائيته وخفة ظله إن الثورة مستمرة، ربما انتهى دور أحمد وصرنا ننتظر أصواتا أخرى، الرقابة لا تعلن صراحةً أنها ترفض عرض الفيلم، وهى لن تعلن أبدا، ستظلّ تتحدَّث عن عوائق إدارية، لكنها أبدا لن تذكر أنها لا تستطيع أن تعرض فيلما يتضمَّن نداء يسقط حكم العسكر ، حتى ولو كان يقصد حكم المجلس العسكرى السابق، تلك هى القضية، وهذا هو المانع المباشر للعرض.

ويبقى الغناء، ما الذى كان يردده الناس فى الشارع فى أثناء الثورة يا حبيبتى يا مصر لشادية، و يا أغلى اسم فى الوجود نجاح سلام، و يا جمال يا حبيب الملايين عبد الحليم حافظ، وغيرها، كما أن الفضائيات كثيرا ما كانت تردّد قصيدة أنا الشعب لأم كلثوم، وغيرها من الأغنيات التى ارتبطت بمصر، ربما يا بلادى يا بلادى.. أنا بحبك يا بلادى لعزيز الشافعى ورامى جمال، هى التى عبرت إلى المشاعر وعبَّرت بالفعل عن الحالة، وحمزة نمرة له عديد من الأغنيات، مثل أقولك إيه ، لكن لقب مطرب الثورة الذى حظى به عبد الحليم، أو جبرتى الثورة ، كما كان يحلو لرفيق درب عبد الحليم، الموسيقار كمال الطويل، أن يطلقه عليه لا يزال بعيد المنال، وظلّ السؤال عن مَن هو مطرب 25 يناير ؟ وثورة 30 يونيو أنجبت أغنية تسلم الأيادى لمصطفى كامل التى حققت نجاحا شعبيا ضخما، رغم أنها فى النهاية مسروقة فى الكلمة واللحن، كما أن أغنية بُشرة خير لحسين الجسمى، موجَّهة مباشرة لحسّ الناس على النزول إلى الشارع فى الانتخابات الرئاسية، ولا يزال يتنازع عدد من المطربين من أجل الحصول على لقب مطرب الثورة .

حمادة هلال حاول أن يحظى بتلك المكانة، خصوصا أنه لم يتورط فى الغناء من قبل لحسنى مبارك، ولم تكن الدولة على المستوى الرسمى تعتبره قريبا منها، وقدَّم بالفعل أكثر من أغنية لشباب التحرير تتغنَّى بالثورة، أولها تحوَّلت أيضا بسبب كلماتها إلى مادة للسخرية، وهى شهداء 25 يناير.. ماتوا فى أحداث يناير ، مثلما تقول سكان السيدة زينب.. يعيشون فى حى السيدة زينب ، الأغنية أكدت أن هناك استسهالا فى التنفيذ، بسبب الرغبة فى أن يسارع المطرب فى التأكيد على أنه حاضر فى المشهد السياسى وعلى نفس موجة الجماهير، لا أتصوَّر أن أى مطرب من الذين عرفناهم وكان لهم بصماتهم الفنية حتى لو لم يتورطوا مع النظام المصرى السابق من الممكن أن تطلق عليه الجماهير لقب مطرب الثورة ، محمد منير -على سبيل المثال- كان هو أكثر مطرب رددوا له فى الميدان أغنية إزاى التى كانت كلماتها أقرب إلى الإنذار، لما حدث بعد ذلك فى 25 يناير، كانت الدولة حتى فى الفضائيات الخاصة ترفض أن يتم عرضها، بالتأكيد فإن الشريط المرئى الذى صاحب الأغنية بعد ساعات قليلة من ثورة يناير لم يكن هو الشريط الذى مُنع عرضه قبل الثورة، كان الشريط المرئى يقدم مؤازرة للشباب الثائر، والقنوات والإذاعات سجَّلت رقما غير مسبوق فى عدد مرات تقديم الأغنية، وتاريخ منير معروف فى علاقته بالنظام السابق، فهو لم يكن قريبا من السلطة، لا أعتبره بالمناسبة معاديا لها، لكنه فى الحدود الدنيا لم يكن صوتا للنظام، ولم يحصل على حماية خاصة، ولا أتذكَّر أنه تورط مثل الآخرين فى التمهيد للتوريث، أو الدعوة لمبارك الأب رئيسا مدى الحياة، وغم ذلك فإن منير لم يعتبر نفسه مطرب الثورة، ولم يرتفع صوته مثل الآخرين الذين قالوا إن عصر مبارك كان هو زمن التعذيب والهوان، وأنهم لاقوا كثيرا من العنت، مثلما مثلا قال المطرب على الحجار فى أكثر من مناسبة، مؤكدا أنه لم يكن يدرى أن النسر المصرى شقّ السما تتغزَّل فى مبارك، وحتى الآن ننتظر أغنية عن الثورة مثلما ننتظر فيلما عن الثورة!

 

طلبات السيسى ليست أوامر!

طارق الشناوي

24-01-2015

أخشى أن يشرع السينمائيون وشركات الإنتاج وكل القطاعات فى ماسبيرو للبحث عن وسيلة لتنفيذ رغبة الرئيس السيسى من خلال تلك الرسالة التى وجهها إلى كل من أحمد السقا ويسرا فى أثناء كلمته فى الاحتفال بعيد الشرطة، وطالبهما بفن ينشر الوعى، وأضاف «ستحاسبون على ذلك، نريد أن نحسن قيمنا وأخلاقنا»، ولم تكن المرة الأولى.

فى مايو الماضى فى لقائه مع عدد من الفنانين توجه للسقا مداعبا مش إنت اللى بتقول من النهارده مفيش حكومة أنا الحكومة ، يقصد الجزء الأول من الجزيرة ، الذى أنتج قبل 7 سنوات، يومها ذكرت الصحف أن أحمد السقا قال للرئيس معلش عيل وغلط ، بعدها أكدت مواقع أخرى على لسان السقا أيضًا أنه لم يتراجع ولم يقل أبدا ذلك، وأن الأمر لم يزد على مجرد ابتسامة، وأنه سوف يكرر العبارة فى الجزء الثانى من الجزيرة ، وهو فى الحقيقة لم يحدث، بل إن الفيلم على العكس من خلال شخصية خالد الصاوى حقق قدرا لا ينكر من التعاطف مع رجل الشرطة.

الرئيس متسق مع نفسه وتوجهاته فى أن يرى دائمًا دور الفن هو المضى قدمًا فى نشر صورة إيجابية للحياة فى مصر، وفى كل المواقع ومختلف الأصعدة، لكن لا ينبغى أن ينظر إلى ما يقوله السيسى فى هذا الشأن باعتبارها أوامر للتنفيذ الفورى.

الرئيس ولا شك يرى وجها مضيئا، يتمنى أن يراه على الشاشتين مثل قطاع وافر من المصريين، الذين صاروا ينزعجون من كثرة مشاهد العشوائيات والعنف والتعاطى التى تحتل القسط الوافر من أفلامنا ومسلسلاتنا، إلا أن الخطورة هى أن يعتقد البعض أن أحمد السقا لو غيّر مثلا فى الجزء الثانى من الجزيرة عبارته الشهيرة أنا الحكومة إلى عيل وغلط ، وأعلن انصياعه التام للشرطة فإن هذا كفيل بعودة روح الوئام إلى هذا الجهاز الحساس فى علاقته مع الناس.

فى عديد من دول العالم منظمات اجتماعية وصحية تُصدر بيانات مماثلة، مثلا فيلم تيتانيك لاقى هجوما شديدا من منظمات مكافحة التدخين بسبب كثرة التعاطى طوال أحداثه، محذرين أنه سيؤدى إلى زيادة معدلات التدخين، رغم أن الأحداث تجرى عام 1912 فى أثناء غرق السفينة، وفى تلك السنوات كان ينظر إلى تعاطى السجائر أنه أحد عناوين الصحة، عادة اجتماعية حميدة.

ليس معنى ذلك أن الرؤية الصحيحة دراميا ينبغى أن ترى فقط الوجه السلبى للصورة، لكن التعمد فى الحالتين يؤدى إلى كوارث، وهو أن الرسالة لن تصل للناس.

عندما قامت ثورة 23 يوليو توجه رجال الثورة إلى السينما، طالبوها أن تعبر عن الأمة، وتطلعها فى العهد الجديد، ووصف اللواء محمد نجيب السينما فى أول بيان له حمل عنوان الفن الذى نريده بأنها سينما الراقصات، تمامًا مثلما يحدث الآن، إنها الصورة الذهنية عن السينما فى كل العهود، وستجد أن هناك من يسارع فى الاستجابة طمعا فى أن يجد دعما ماديا من الدولة، فيسارع قبل الآخرين فى تقديم رسالتها والرقص على إيقاعها.

قبل نحو شهرين لوّح وزير الشباب بأن لديه 300 مليون جنيه، سيدعم بها الأفلام والمسلسلات على شرط أن تقدم رؤية إيجابية وقدوة حسنة للشباب، وشاهدت بنفسى كيف أن القطاع الأكبر من السينمائيين وصناع الدراما هم يتطلعون إلى تقديم أعمال فنية على مقاس ومزاج الدولة.

قبل ثورة 25 يناير غضب الحبيب العادلى من صورة رجال الشرطة فى الدراما، خصوصا بعد فيلمى هى فوضى و حين ميسرة فما كان من وزارة الثقافة سوى أنها كانت ترسل إلى الداخلية كل الأفلام، التى بها شخصية ضابط أو عسكرى شرطة، كانت لديها فيلم عنوانه ضابط وأربع قطط ، فأصبح لإرضاء الشرطة أسد وأربع قطط ، وفوق البيعة قدم تليفزيون الدولة مسلسلا أطلق عليه حضرة الضابط أخى ، ولم يشعر به أحد، أخشى أن يعتقد الفنانون بعد كلمة السيسى أن المطلوب هو أن يرددوا من النهارده مفيش دراما السلطة هى الدراما .

 

فاتن وسرادق النميمة!!

طارق الشناوي

21-01-2015

فى حياة فاتن، لم تكن تسمح باقتحام الخصوصية وتلك التفاصيل التى تتعلق بمشاعرها العاطفية، إنها اللمحات التى تتعلق بأحاسيسها الخاصة كإنسان يحب ويكره، تتزوّج أو تُطلَّق، هذه مناطق فى الحياة لم تكن تسمح لأحد بالاقتراب منها.

تابع أرشيفها المكتوب والمسموع والمرئى، لن تجد على لسانها شيئا ما يكشف أو حتى يشير من طرف خفى إلى كل ذلك وغيره من المواقف التى تثير عادة شهية الصحافة بالمتابعة وتحقق ولا شك درجة من الشغف لا يمكن إنكارها مع الجماهير التى تريد أن ترى وتتابع الوجه الآخر.

فاتن تسير على نفس خطى أم كلثوم التى كانت تنتمى أيضا إلى نفس الجذور الريفية، محافظة الدقهلية، وإن كانت أم كلثوم ولدت فى قرية طماى الزهايرة بينما فاتن ابنة مركز السنبلاوين ، كل منهما كانت متحفظة فى السماح لأحد باقتحام تلك المساحة.

أم كلثوم لم تبُح مطلقا بذلك، وعلى كثرة من سجلوا حياتها صوتا مثل الإذاعى الكبير وجدى الحكيم والكاتب الكبير سعد الدين وهبة فهى لم تأذن إطلاقا بطرق هذا الباب، وهو ما سارت عليه فاتن.

حدث طلاق فاتن مع أول أزواجها المخرج عز الدين ذو الفقار فى نهايات عام 1954، لو قرأت الأرشيف فلن تجد فاتن تقول رأيا. الوحيد الذى تكلم هو عز الدين ذو الفقار، مؤكدا أن طبيعته البوهيمية كانت تتناقض تماما مع رقة فاتن حمامة، ولم يَزِد فى التفسير، بينما بالطبع لم يسلم الأمر من اجتهادات الصحافة للدخول والتشابك.

فاتن تعتبر أن من حقها كإنسان أن تواصل الحياة بعيدا عن عيون الإعلام، وعلينا أن نلتزم بما أرادته. البعض يحاول أن يحصل على ما يطلقون عليه بلغة الصحافة سَبْقًا فيسعى للتلصص على فاتن من الشباك بعد أن وجد الباب موصدا.

أكثر من زميل وأكثر من فضائية سألونى عن تلك المنطقة، وكان رأيى القاطع أن السيدة كانت لا تسمح فى حياتها، فلماذا نسمح لأنفسنا بعد ساعات من الرحيل أن نلوك سيرتها؟

أعلم جيدا أن هناك متخصصين وتجارا بين من يحملون القلم أو الميكروفون أو الكاميرا، لسنا ملائكة، وأن البعض سوف يدّعى بالحق قليلا وبالباطل كثيرا أشياء ومواقف لم تحدث، وسوف يدلون ويتكلمون وكأنهم العالمون ببواطن الأمور، بل إن الغموض الذى كانت تمنحه فاتن لحياتها الشخصية سوف يلعب دورا فى زيادة مساحة النهم لخلق تحابيش وإضافة رتوش للصورة لجعلها أكثر جاذبية. السور المرتفع الذى أقامته فاتن سوف يُغرى أكثر مع الأسف فى زيادة الرغبة فى التسلق.

كان عمر الشريف كثيرا ما يصرح فى أحاديثه بأن فاتن هى حبه الوحيد والأثير، وأنها المرأة الأولى والأخيرة فى حياته، ولم يتوقف إلا بعد أن وصلت إليه رسالة من فاتن تطلب ذلك، لأن هذا الرأى يجرح زوجها د. محمد عبد الوهاب، وتفهّم الشريف حساسية الموقف.

الثقافة الغربية لا تجد بأسا فى تناول كل شىء، الفنان هو إنسان، ولكننا نتعامل مع قواعد لم نصنعها وأفكار لم نستطع تغييرها.

كثيرا ما اقتحمنا حياة الكبار بعد رحيلهم، أم كلثوم مثلا التى لم تسمح حتى أن يعرف الناس فى حياتها أنها تأكل مثل البشر، زوجوها بعدها من كُثُر، وأشاعوا عنها علاقات، بل قالت السيدة د. رتيبة الحفنى فى كتاب لها إن أم كلثوم تزوجت مصطفى أمين وتناقل عديد من الكتاب الكبار تلك المعلومة باعتبارها حقيقة، رغم أن التى تزوجها مصطفى أمين هى الفنانة شادية، بينما أم كلثوم هى الصديقة الدائمة. وعبد الحليم فوجئنا بأن هناك من يدّعى بين أصدقائه بعد الرحيل أنه كان يراقبه من تحت السرير.

هل من الممكن أن نوقف النهم ونستجيب لوصية سيدة الشاشة؟ فهى لم ترد بعد رحيلها إقامة سرادق للعزاء، ولم ترد أيضا سرادقا للنميمة!!

 

جائزة مهرجان السينما باسم فاتن حمامة !

طارق الشناوي

20-01-2015

فوجئت أن وزارة الثقافة فى واحدة من افتكاسات الوزير، الدكتور جابر عصفور، تُقرر إلغاء كل العروض الفنية، حزنا على رحيل فاتن حمامة، قرأت الخبر مرتين حتى أتأكد أننى لم أخطئ.

تعوَّدت الوزارة فى الأحداث التى تصيب الأمة، مثل استشهاد جنودنا فى حادثة إرهابية، أن توقف عروضها ثلاثة أيام، أتفهَّم ذلك كنوع من المشاركة الوجدانية، مثل تنكيس الأعلام على المؤسسات الرسمية، وإن كنتُ فى الحقيقة أفهمه ولا أقرّه، لأن الفن لا يعنى الانفصال عما يجرى فى الحياة، ولا هو نوع من الترفيه لا يجوز أن نمارسه ونحن فى حالة حداد، ولا يُعدّ أيضا رفاهية من الممكن الاستغناء عنها، ورغم ذلك فأنا من الممكن أن أجد من وجهة نظر الدولة المتحفظة بطبعها ما يبرر إلغاء الحفلات الفنية فى مثل هذه الأحداث، ولكن مع فنان مبدع بحجم فاتن حمامة كان الأجدى والأوفق أن نواصل العروض، لا أن تُظلم دور المسرح وتغلق أبواب الأوبرا، فاتن يسعدها بالتأكيد وما ناضلت من أجله هو أن يُصبح فى بلادنا فن محترم.

يبدو كأن هناك موظفا يطبّق قاعدة الحداد كما هى واردة فى الكتالوج، فى العادة مكتوب ثلاثة أيام اختصرها فقط إلى يومين، رحيل فنانة بحجم فاتن حمامة يجعل على الفور البوصلة تتحرك إلى التفكير فى خطة عاجلة لتكريمها مثلا، ومع قرار إسناد رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى إلى الناقدة والباحثة الدؤوبة، ماجدة واصف، لماذا لا تُصدر ماجدة قرارا بأن تصبح جائزة أفضل ممثلة فى المهرجان تحمل اسم فاتن حمامة، باعتبارها الأكثر تأثيرا فى دنيا التمثيل فى الحياة الفنية المصرية والعربية؟ المهرجان بالفعل يطلق على عدد من جوائزه أسماء كبار المبدعين، مثل نجيب محفوظ ويوسف شاهين وشادى عبد السلام، وهذه القامات من الممكن أن نضيف إليها اسم سيدة الشاشة العربية، فهو لم يكن لقبا منحته شركة إنتاج، ولا مجموعة من النقاد، ولكن لأن فاتن جمعت بين الموهبة المتناهية فى الإبداع والاحترام الذى يملأ الدنيا، بمجرد أن تقول فاتن تجد أن الكلمة اللصيقة بها هى الاحترام .

بالطبع كم كان من المهم أن نسارع بإطلاق اسم فاتن وهؤلاء العظماء على جوائز مهرجان القاهرة، وهم بيننا، لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، كما يقول علماء الفقه.

ويبقى الحديث عن فاتن ممتدا، كثيرٌ من المصريين البسطاء فى بيوتهم يضعون صورة لفاتن حمامة على الحائط، كأنها فرد من الأسرة، وليست مجرد نجمة شهيرة، البيت المصرى يعتز بأن مصر أنجبت هذه الفنانة، فلماذا لا يصبح لفاتن حمامة بيت دائم يزوره كل المصريين والعرب؟ إنها مقتنيات فاتن وهذا دور الدولة، لقد أوصت السيدة بعدم إقامة سرادق عزاء، اكتفت فقط بالوداع، كانت تُدرك أن الجنازة الشعبية تليق بها وليس مجرد كاميرات تصوير تترقّب العزاء، لتحيله إلى مادة تليفزيونية مثيرة وأوفت الأسرة بوصيتها.

على الدولة كجهة رسمية أن تلعب دورها فى هذا الاتجاه لنتحرك إلى آفاق أبعد، ما الذى فعلناه مع أم كلثوم، تركنا الفيلا التى كانت تقطن فيها بعد رحيلها عام 75! وأخذنا نلوم الورثة الذين باعوها من أجل حفنة دولارات، فأصبحت فندقا كبيرا يحمل اسم أم كلثوم ، وكل غرفة لها اسم، هذه هجرتك وتلك اسأل روحك وثالثة الأطلال .

بينما مثلا مصير سعاد حسنى كان أبشع، حيث إن الورثة كانوا يبيعون مقتنياتها، حتى آخر منديل، وظلوا على مدى عدة سنوات يطالبون النائب العام بإعادة تشريح جثمانها، كل ذلك من أجل أن يستثمروه إلى أضواء وبرامج فى التوك شو .

أعلم أن الدكتور محمد عبد الوهاب، زوج السيدة فاتن، وابنتها نادية ذو الفقار وابنها طارق عمر الشريف، سوف يحرصون على الحفاظ على كل مقتنياتها، لكن على الدولة المصرية ومن الآن أن تبدأ فى إقامة متحف يضم كل ما له علاقة بفاتن، فيلم، مقال، فستان، جوائز، أما الحداد وإلغاء العروض الفنية على طريقة جابر عصفور فإنه لا يليق أبدا بسيدة الشاشة العربية.

 

فاتن.. سيدة الشاشة وأيقـــــــونة القرن

طارق الشناوي

19-01-2015

تجاوز اسمها كونها ممثلة عملاقة لتصبح هى دلالة على فن التمثيل ذاته، ماذا يعنى اسم فاتن حمامة فى ضمير الفن العربى؟ إنها واحدة من أيقوناته النادرة، صار اسمها مرادفًا لكل ما هو جميل وراق وممتع، وهكذا مهما غابت عن الشاشة، فهى حاضرة بقوة على خريطة مشاعرنا، يزيدها الغياب حضورًا على حضورها، ووهجا على وهجها، لتشع دائمًا إبداعًا ونورًا على حياتنا.

فى السنوات الأخيرة ابتعدت فاتن عن الإعلام عامدة متعمدة، ولهذا اعتذرت عن كل اللقاءات التى دُعيت إليها للحديث فيها، لكنها حضرت فى عيد الفن، 13 مارس الماضى، وتسلمت جائزتها من الرئيس المؤقت عدلى منصور، وعندما وجه المشير السيسى الدعوة إلى عدد من رموز الفنانين للقائه، كانت فاتن حمامة هى العنوان، ولهذا عندما لمحها المشير فى الصالة سارع بالنزول من فوق المنصة للسلام عليها، وعندما ذهبت مؤخرًا للمستشفى كان هو أول من سأل عنها، بينما كان أول سؤال وجهته إلى رئيس الجمهورية أنها قلقانة على مصر، فطمأنها الرئيس، وبمجرد نشر الخبر نعاها للجماهير رئيس الجمهورية.

لست من أنصار حزب زمن الفن الجميل. أقصد هؤلاء الذين دائمًا ما يبخسون حق الحاضر من أجل الماضى، يعتقدون أن الجمال كأنه زرع ينبت فى زمن، ثم يتغير المناخ، فلا تعد أرض الإبداع تطرح جمالا. إنها بالتأكيد نظرة قاصرة جدا تظلم الحاضر، وتؤكد فى نفس الوقت أن الماضى لم يكن يحمل بداخله جينات الاستمرار، أى أنه ماض عقيم غير قادر على الإنجاب، وهذا بالطبع يتنافى مع حقيقة الحياة.

لكل زمن إيقاعه ومفرداته وقانونه ونجومه وأيضا جماله، إلا أنه تظل دائما هناك استثناءات، إنه الفنان الذى يعيش معنا فى زمن، ويظل محتفظا بمكانته فى زمن آخر. الفنان الذى لا ننتظر منه حضورًا مباشرًا ليظل حاضرًا.. هذا التوصيف يتجسد أمامى دائمًا فى فاتن حمامة!

هى ليست بحاجة لكى تقول لنا بين الحين والآخر نحن هنا، لأنها دائمًا هنا فى قلوبنا، إنها الطفلة الصغيرة فى فيلم يوم سعيد للمخرج محمد كريم، التى لم تبلغ التاسعة عام 1940 حتى وصلت إلى مسلسل وجه القمر للمخرج عادل الأعصر، فى آخر ظهور فنى لها قبل نحو 14 سنة. نعم طال زمن الغياب، لكن مثلما عرفها الناس، وهى طفلة ونضجت معهم فإن غيابها لا يعنى أبدا أنها لم تعد تشغل مساحة فى أعماقهم، إنها لا تزال أيضًا تعرض إبداعها على شاشة القلوب، التى لها قانونها الخاص. عرف الجمهور فاتن حمامة باعتبارها طفلة خفيفة الظل، قادرة على الاستحواذ على اهتمامه فكان الحب من أول لقطة، فالجيل الذى شاهدها وهى طفلة كبر معها، والأجيال التى لم تشاهدها أصبح لديها سجل كامل حافل بكل سنوات عمر فاتن حمامة. إنها السينما عندما تحفر فى ذاكرة الناس ملامح وإحساسا يكبران معهم مثلما هم أيضا يكبرون.

هذا هو ما حدث بالضبط مع فاتن حمامة. بالطبع لم يطلب منها أحد التخطيط لذلك، ولا هى فكرت فى أنه مع الزمن سوف تدعم تلك اللقطات، وهى طفلة مشوارها عند الناس، إلا أن المؤكد أن وقوفها مبكرا أمام الكاميرا منحها حميمية ودفئا فى كل لقاءاتها التالية مع الجمهور. كان محمد كريم يبحث عن طفلة شقية لتمثل أمام محمد عبد الوهاب، فوجدها تمتلك كل المؤهلات، وحافظ على تلقائيتها، حتى إنها عندما كانت تؤدى لقطاتها أمام عبد الوهاب، ولا يمتلك عبد الوهاب نفسه من الضحك بسبب لثغتها فى حرف الراء، مما يؤدى إلى ضرورة إعادة اللقطة، طالبت هى وبكل براءة الأطفال فى عينيها أن يغير المخرج محمد عبد الوهاب، لأنه يُفسد اللقطات بكثرة ضحكاته.

مر بضع سنوات، والطفلة لم تعد طفلة، فقد أراد لها الناس أن تنمو بينهم على الشاشة، فهم من خلالها يقرؤون أيضًا أعمارهم، ويتحسسون بصمات السنين على وجوههم. هناك مواهب أخرى تبرق فى زمن الطفولة، ثم يخفت بريقها، ولدينا الأمثلة الكثيرة شيرلى تمبل الطفلة المعجزة (النموذج العالمى)، فيروز الطفلة المعجزة (النموذج العربى)، لكن الناس فى أحيان كثيرة تريد أن تثبت ملامح الطفل عند عمر محدد كأنه دمية لا تكبر، هم يكبرون، لكنهم لا يريدون لهذه الدمية أن يشاهدوا عليها ملامح الزمن، بعد أن حفر ملامحه، وأنضجها معهم بل تظل رمزا لطفولتهم!

فاتن حمامة هى نموذج للطفلة الاستثناء، التى سمح لها الناس بأن تواصل مشوارها معهم، وبنفس البريق، لأنهم اعتبروها فنانة من لحم ودم، وليست مجرد حالة مرحلية، شاهد حى على زمن طفولتهم، إنها واحدة من العائلة، ولهذا بمجرد أن تعدت سنوات الطفولة واصل مكتشفها محمد كريم مشواره معها، لتشارك فى بطولة فيلمه دنيا ، وهو بالمناسبة أول فيلم عربى يشارك رسميا فى مهرجان كان ، فى أول دوراته عام 1946، ثم قدمها حسن الإمام فى أولى أفلامه الروائية ملائكة فى جهنم ، وهى فى الخامسة عشرة من عمرها، ثم واصل معها المشوار فى اليتيمتين بعده بعامين، وتتواصل الرحلة مع الناس ولا تتوقف إلا لأسباب قهرية، ولمدة لم تتجاوز 4 سنوات من عام 1966 إلى عام 1970 عندما تعرضت لتدخل من المخابرات ومحاولة من الأجهزة للسيطرة عليها، لكنها سافرت إلى بيروت، وعندما علم الرئيس جمال عبد الناصر بذلك من سعد الدين وهبة، الذى كان وكيلا لوزارة الثقافة فى ذلك الوقت تدخل وطلب منها العودة، وأوقف تمامًا مطاردات أجهزة المخابرات، وتلك الواقعة فى الحقيقة تستحق مساحة أخرى لنروى تفاصيلها، ولهذا دعونا نغلق هذا الملف لنكمل رحلتنا مع تاريخ فاتن المرصع بالعشرات من اللآلئ.

فاتن حمامة هى حلم المخرجين من جيل نهاية الأربعينيات والخمسينيات وحتى جيل التسعينيات، مثل حسن الإمام، وصلاح أبو سيف، وهنرى بركات، وكمال الشيخ، ويوسف شاهين، الذين تعودنا أن نطلق عليهم مخرجى العصر الذهبى للسينما، وحتى نصل إلى جيل داوود عبد السيد وخيرى بشارة من نجوم مخرجى الثمانينيات والتسعينيات، وكانت لها أيضًا مشروعات لم تكتمل مع كل من عاطف الطيب ومحمد خان وشريف عرفة، وقال لى عمرو سلامة إنه يعد مشروعا لفاتن حمامة، وعندما التقاها وعرض عليها التعاون رحبت، بل قالت له إنه يشبه المخرج الكبير الراحل كمال الشيخ.

كان محمد كريم هو مكتشفها فى طفولتها، عندما قدمها فى يوم سعيد أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب، ثم وهى تقف على أبواب المراهقة فى فيلم دنيا ، ثم بدأت مشوارها مع حسن الإمام تجسد فى فترة المراهقة مع فيلمه الأول ملائكة فى جهنم . أما باقى المخرجين فإنهم جميعًا كان حلمهم مع أولى تجاربهم هو فاتن حمامة، وليس صدفة أن فى أول أفلام يوسف شاهين بابا أمين يفكر على الفور فى فاتن حمامة، وأول أفلام كمال الشيخ يصعد على الفور اسم فاتن حمامة فى المنزل رقم 13 ، وعندما يريد صلاح أبو سيف أن يغير مساره الفنى -أو بتعبير أدق- عندما يعثر أبو سيف على موجته السينمائية الصحيحة، وهى الواقعية يجد على الفور أحلامه بالتغيير تتجسد مع فاتن حمامة من خلال فيلم لك يوم يا ظالم .

ثم مع عز الدين ذو الفقار، هذا المخرج الذى نسج مع فاتن أجمل أفلام تاريخه وتاريخها أيضا، حيث كانت مع تباشير البداية لعز الدين ذو الفقار، وبعد عام واحد من تلك البداية فى فيلم خلود عام 1948.

واللقاء بين عز وفاتن هو حالة خاصة. إنه لقاء لا يعترف إلا بالنجاح الطاغى مثل موعد مع الحياة، وموعد مع السعادة ، و بين الأطلال ، و نهر الحب ، وهو لقاء فنى، أو التقاء فنى، لم يتأثر إطلاقًا بالطلاق والانفصال الشخصى الذى وقع بين فاتن وعز فى منتصف الخمسينيات. بل إن فيلمى بين الأطلال و نهر الحب ، وهما ذروة نجاح هذا الثنائى تم إنجازهما بعد الانفصال. كان عز عندما يُسأل عن قيمة فاتن وترتيبها بين نجمات جيلها يقول فاتن تحتل المكانة من واحد إلى عشرة، وبعد ذلك يأتى ترتيب النجمة التالية لها فى المركز الحادى عشر ، هناك بالطبع مبالغة فى تقدير عز، لكن هكذا كانت فاتن تُشكل له قيمة فنية قبل وبعد الطلاق!

فاتن حمامة هى صاحبة أعلى أجر بين نجمات جيلها، وأكثرهن تحقيقا لإيرادات الشباك، ورغم ذلك لم تقع أسيرة لأرقام إيرادات الشباك، فقد كان لديها دائما شىء أبعد من مجرد أن يحقق فيلمها أعلى الأرقام. لم تصنع الأرقام حاجزًا بينها وبين أن تراهن على المجهول، ولهذا لم تخل أفلامها من مغامرة.

لقد استطاعت أيضًا أن تقهر تلك الصورة الذهنية، التى كانت هى الطابع المميز لمرحلتى الأربعينيات والخمسينيات وحتى الستينيات، إنها الصورة التى يتم تصديرها إلى الجمهور، وترتبط بالفنان دائمًا فى كل أدواره، عندما تراه تتجسد أمامك فورًا تلك الصورة، وهكذا مثلا تجدها فى مرحلة مبكرة جدًّا من عمرها فى منتصف الخمسينيات تلعب بطولة فيلم طريق الأمل لعز الدين ذو الفقار، وتؤدى دور فتاة ليل. صحيح أنها ضحية قهر اجتماعى فرض نفسه عليها، وتظل متعاطفا معها باعتبارها تنويعة درامية على شخصية المومس الفاضلة ، إلا أنها ولا شك جرأة منها أن تكسر نمط الفتاة المثالية المنكسرة الملائكية فى سلوكها، مهما كانت للمجتمع وللظروف الاقتصادية التى تعيشها سطوتها، كما لعبت بعد بضع سنوات دور زوجة خائنة فى نهر الحب لعز الدين ذو الفقار، وحطّمت للمرة الثانية الصورة الذهنية، التى تسيطر على الفنان، ولا تسمح له بالخروج عليها، هذه الصورة تفرض ملامح محددة على الشخصية الدرامية، والجمهور عادة لا يتجاوز الخط الفاصل بين الدراما والإنسان، لهذا فإن فاتن التى جسّدت كل قيم التضحية والوفاء فى أفلامها لا يقبل منها الجمهور ببساطة أن يراها فى دور المرأة الخائنة. صحيح أن السيناريو فى فيلم نهر الحب كان حريصًا على أن لا يشاهد الجمهور اللقاءات مباشرة بين البطلين للدلالة على الخيانة، فرغم سفرهما ضمن أحداث الفيلم معا إلى بيروت، فإن كلا من عمر الشريف وفاتن حمامة كان يقيمان بغرفة منفصلة، هذا هو ما حرص السيناريو على تقديمه للجمهور، كما أن السيناريو فى بنائه الدرامى كان يتعمد على أن يظل الجمهور متصاعدا فى كراهيته لزكى رستم (الزوج)، ورغم ذلك فالناس عادة لا ترضى للبطلة، التى يحبها أن تمارس حتى حقوقها الطبيعية، إنما يريدها دائما مثالية ملائكية، لا تعرف شيئا اسمه الرغبات حتى المشروع منها، فما بالكم بغير المشروع، ولولا أن فاتن لديها كل هذه المصداقية، ولولا أن عز لديه كل هذه الحساسية كمخرج لما استطاعا عبور هذا المأزق.

لم تتوقف فاتن عند جيل واحد من المخرجين. لقد التقت بكل الأجيال بداية من رائد السينما المصرية الأول محمد كريم، ثم تتابع مع مشوارها أحمد كامل مرسى، وبركات، وحسن الإمام لتصل إلى مرحلة هامة فى مشوارها لتلتقى مع حسين كمال فى إمبراطورية ميم عام 1972، ثم بعد ذلك تلتقى مع سعيد مرزوق فى أريد حلا ، وذلك عام 1977، وبعد ذلك عام 1988 فى يوم مر ويوم حلو مع خيرى بشارة، ثم آخر أفلامها أرض الأحلام عام 1993 مع داوود عبد السيد.

فاتن تعلم تمامًا أن النجم يتجدد من خلال عين جديدة للمخرج، تكتشف شيئًا أبعد مما يراه الآخرون، وأعتقد أن فاتن بصمودها كل هذه السنوات باعتبارها النجمة الأولى فى التوزيع الداخلى والخارجى أكبر دليل على أن القيمة الأدبية لفاتن حمامة كان لها مردودها المادى فى أوراق شركات الإنتاج ومكاتب الموزعين، لأنه مع كل موجة سينمائية جديدة تقتلع هذه الموجة كل ما هو سائد، وتنشأ قيم وقوانين جديدة ونجوم تعبر عن الجيل، إلا أن فاتن كانت هى الاستثناء، فلقد حافظت على قانونها، ففاتن فى أرض الأحلام 1993 إخراج داوود عبد السيد، هى فاتن التى شاهدها الجمهور فى اليتيمتين لحسن الإمام 1948.

عندما يقع اختيار أهل السينما على لقب سيدة الشاشة العربية ليمنحوه إلى فاتن حمامة، ويقع اختيار أهل الغناء على اختيار أم كلثوم سيدة الغناء العربى ، وأهل المسرح يطلقون على يوسف وهبى عميد المسرح العربى ، وأهل الأدب على طه حسين عميد الأدب العربى ، ألا يعنى هذا دلالة ما، وهى أن هؤلاء فى مواقعهم تجاوزوا حتى المنطقة الجغرافية والوطنية، ليمتد تأثيرهم إلى كل عالمنا العربى، ألا يعنى هذا أيضًا أن الزمن هنا منح أسماء هؤلاء دلالة أكبر من كونهم فنانين كبارا ليصبحوا رموزا دالة على الإبداع كله.

إنها الفنانة التى اختارها الجمهور والنقاد بإرادة حرة لتحمل لقب سيدة الشاشة العربية ، لم تسع هى إلى ذلك، لكن عطاءها هو الذى حقق لها تلك المكانة، وفى عام 1996 عندما أقيم أول استفتاء لأفضل مئة فيلم فى تاريخ السينما المصرية، حظيت فاتن حمامة بالمركز الأول، ولها رصيد 10 أفلام، الوحيدة التى كانت تلاحقها فى الأرقام هى سعاد حسنى، 9 أفلام، الأفلام العشرة حسب أسبقية عرضها جماهيريا هى ابن النيل يوسف شاهين، و لك يوم يا ظالم صلاح أبو سيف، و المنزل رقم 13 كمال الشيخ، و صراع فى الوادى يوسف شاهين، و أيامنا الحلوة حلمى حليم، و بين الأطلال عز الدين ذو الفقار، و دعاء الكروان ، و الحرام بركات، و إمبراطورية ميم حسين كمال، و أريد حلا سعيد مرزوق.

آخر ظهور علنى لفاتن حمامة فى مهرجان عربى كان فى أثناء تكريمها فى افتتاح مهرجان دبى السينمائى قبل أربع سنوات، عندما منحها عبد الحميد جمعة، رئيس المهرجان، درع تكريمها، لم تحضر فاتن إلى دولة الإمارات، لكن تم تصويرها فى بيتها بالقاهرة، كانت هذه الإشارة تحمل لى دلالة واضحة ومعنى مباشرا، هو أن فاتن حمامة لم تعتزل الفن، وتعددت بعدها مرات وجودها على المستوى العربى، عندما ذهبت فى مطلع 2014 إلى بيروت لاستلام جائزة تكريمها من الجامعة الأمريكية هناك، وحرصت فاتن على قبول الدعوة، وهى فى الحقيقة كانت حريصة على أن تتابع كل ما يجرى على الساحة الفنية، وكنت لا أستبعد مهما مرت السنوات أن نجد فاتن حمامة تقف مجددًا أمام الكاميرا لتسعد بطلتها الدنيا.

عندما علمت بالخبر تمنيت أن يُصبح شائعة سخيفة، مع الأسف كانت كل الدلائل تؤكد أنه صحيح، ورحلت فاتن الإنسانة، وبقيت فاتن الفنانة، لها مساحة لا تخبو. الفنان الاستثنائى مثل فاتن لا يغيب، لكنه قد يحتجب قليلًا، ليشرق مجددا فى أعماقنا!

 

وائل فى المصيدة!!

طارق الشناوي

18-01-2015

نجحت خطة المنتج محمد السبكى فى إثارة الاهتمام ولفت الأنظار وسرقة الكاميرا، وهكذا تم تسريب «برومو» فيلم «ريجاتا» وبه رقصة مثيرة وكلمة خارجة وفى دقائق كان هو حديث الميديا، التقطه كعادته صديقى الكاتب الصحفى والإعلامى اللامع وائل الإبراشى الذى يبحث عن كل ما هو مثير ويضعه فى «العاشرة مساء»، ووقع وائل من حيث لا يدرى فى مصيدة السبكى، لأنه منح الفيلم كل هذه الدعاية المجانية.

هناك سلاحان فى يد صانع الفيلم سواء كان المنتج أو المخرج أو الممثل لكسب المعركة، الأول أنه ليس مسؤولا عن تسريب البرومو، أما الثانى فهو أنه لا يمكن الحكم على الفيلم من لقطات مجتزأة، وعلى طريقة لاعبى الملاكمة حاول وائل أن يرد بضربة فجائية بأن يطالب المنتج بالتبرؤ على الهواء من تلك اللقطات، وهو ربما ما توقعه السبكى فعاجله بضربة أخرى خارج الحلقة وتحت الحزام، بأنه لا يجد شيئا يقدمه لمشاهديه، واحتدم النقاش، ولم يترك الأمر يمر بلا عقاب رادع من وجهة نظره -أقصد السبكى- وهو الانتقال من مربع الدفاع إلى الهجوم الكاسح فأغلق السماعة، وائل لديه مثل أغلب الإعلاميين ورقة مضمونة يلقيها فى وجه ضيفه أنه الرأى العام الذى تشكل أغلبيته حائط صد ضد أى لقطة أو كلمة يراها تحمل تجاوز المقياس الأخلاقى.

محمد السبكى كانت له سابقة متشابهة فى فيلم حلاوة روح ولم يكن البرومو له علاقة مباشرة بالفيلم، وتحرك رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب فى واحدة من قفزاته العشوائية، وصادر هيفاء وهبى، وكلكم تعرفون الباقى، وكيف أحال رئيس الوزراء الحبة إلى قبة.

هل تصلح لقطة أو كلمة لجذب الجمهور إلى دار العرض، التجربة أكدت استحالة ذلك، كل المحاولات السابقة لم تصنع شيئا، عندما فعلوها مع حلاوة روح وفى الأسبوع الأول قبل المصادرة لم تكن هناك أى أرقام فى شباك التذاكر توحى بشىء ومن دفع ثمن التذكرة لمشاهدة ما تيسر من هيفاء وهبى وجد أن الفيديو كليب المجانى المتوفر فى الفضائيات لهيفاء به ما هو أكثر.

كثيرة هى الأفلام التى ظلمتها العناوين فهى الانطباع الأول، وبعد ذلك مع انتشار البرومو صار يلعب دورا أكبر، والكل يتعامل معه مثل الأسواق الشعبية، ولهذا يعلو صوته على طريقة قرب قرب لدينا بضاعة آخر صيحة، وتلك هى المشكلة أن الجمهور فى السوق مع الصخب يبحث عن صوت هادئ ربما يجد فيه ما يشفى غليله، فى السبعينيات كتب وأخرج الناقد الكبير صبحى شفيق فيلمه الأول والأخير التلاقى بطولة محمود مرسى ومديحة كامل، وتوقع الجمهور شيئا من التلاقى بمعناه الحسى فلم يجد شيئا فخاصم الفيلم.

من الخطأ أن تعد الجمهور بشىء وتقدم له حالة أخرى، مثلا فيلم رسائل بحر لداوود عبد السيد الذى يحتوى على مشاهد سحاقية لو وضعت فى العنوان لظلمت الفيلم، ينبغى أن تضبط الجرعة على طبيعة الحالة السينمائية، البعض يعتقد خطأ أن هناك وصفة مضمونة للنجاح، لقد حاولوا بعد فيلم حين ميسرة لخالد يوسف أن يواصلوا الطريق معتقدين أنها الوصفة المضمونة، وكان من بين أبطال الفيلم سمية الخشاب وعمرو سعد وغادة عبد الرازق، فلم يكن هناك قوة جذب للشباك سوى اسم المخرج ومنذ ذلك التاريخ يحاولون مع سعد لصناعة نجم جماهيرى وآخرها فيلم حديد أول إخراج لمحمد سبكى وخسر السبكى الرهان، هذه المرة سعد محاط بكل من محمود حميدة وإلهام شاهين وفتحى عبد الوهاب ورانيا يوسف. هل تنجح خطة السبكى فى الرهان مجددا على عمرو سعد بعد أن كسب معركة البرومو.

 

لا تغنوا للسيسى!

طارق الشناوي

17-01-2015

هل السيسى يحتاج إلى أغان نردد فيها اسمه؟ أم أنه ليس لصالحه، ولا لصالح هذا الشعب أن نغنى مجددا باسم الزعيم الملهم، لن يستطيع الرئيس أى رئيس أن يمنع أحدا من الغناء، لكن هناك إشارات كلنا نعرفها من الممكن أن تدفع قبيلة «يا ليل يا عين» بالسير قدما فى هذا الاتجاه، أو تشير إليهم بالاكتفاء بهذا القدر، المطلوب من مؤسسة الرئاسة أن تسارع بإرسال تلك الشفرة، لأنى أسمع طرقات طوفان النفاق الغنائى على الباب.

سؤال ثان: هل الغناء للوطن يحتاج إلى مناشدة؟ لقد فعلها وزير الشباب قبل أيام، وناشد المطرب هانى شاكر فى أحد اللقاءات بالغناء عن افتتاح مشروع القناة 5 أغسطس القادم، ولا أتصور بالمناسبة أن هانى من الممكن أن يكذب خبرًا، لا حظ أن الوزير طلب أغانى، ولم يقل حتى أغنية، لكن رشة جريئة، كان هانى قد صرح أكثر من مرة أنه يريد الغناء باسم السيسى، ولا يزال هانى يفكر ويفكر ويفكر، وأتمنى أن يظل يفكر ويفكر ويفكر.

كنا قبل أيام نحتفل بذكريين عزيزتين علينا: بناء السد وعيد ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر الـ97، وكانت الفرصة مهيأة لكى نستعيد معا قسطا وافرا من هذه الأغنيات، التى كانت دائمًا حتى وهى تغنى للسد لا تنسى أن كل شىء فى الحياة يبدأ وينتهى عند الزعيم، لا أستطيع أن أفصل الزمن عن الكلمات والألحان، كان عبد الناصر فى الضمير الجمعى للمصريين هو عنوان العزة والكرامة والتحرر والنقاء الثورى، كانت ملامحه تستدعى على الفور اسم مصر، عندما ترسم بورتريه للمحروسة سترى حصريا وجه جمال عبد الناصر.

دائما هناك رهان على الرجل الكبير فى أعلى السلطة، عندما كتب الشاعر أحمد شفيق كامل فى أغنية حكاية شعب تعبير ضربة كانت من معلم ، كان الجميع مترددا فى إطلاق لقب معلم على الزعيم، وفى النهاية قالها حليم على مسؤوليته، ولم يشعر أحد بالارتياح إلا بعد أن ضحك الرئيس على الإفيه ، فضحك وراءه كل القيادات وانتصر حليم.

هل تتذكرون رئيس تحرير جريدة قومية كبرى أيام مبارك، عندما قالوا له هناك تردٍّ فى أرقام التوزيع وانهيار فى مصداقية الجريدة، أجابهم: أنا أكتب لرجل واحد، وهو يتصفح الجريدة يوميا، راضيا وسعيدا بها ، وهكذا حسم المعركة لصالحه.

هل تجاوزنا تلك المرحلة، تابع ماذا حدث فى عديد من الوزارات عندما تمت مراسم حلف اليمين للوزراء فى السابعة صباحا، صار الكل منذ ذلك الحين يبدأ يومه فى السادسة، حتى تصل الرسالة إلى الرئيس أنهم على الخط، لا أعترض على الاستيقاظ مبكرا، لكن هل كان هناك بالفعل إنجاز حقيقى، أم أن المقصود هو فقط أن تصل الرسالة بأنهم ضبطوا ساعة استيقاظهم البيولوجية على ساعة الرئيس.

الرضا هو رضا الرئيس، ولهذا يصبح منطقيا أن الغناء أيضًا للرئيس، لم يكن الشاعر ولا الملحن أو المطرب فى زمن عبد الناصر يحصل على شىء مقابل الغناء، لكن الكل لا يرى سماء أبعد من تلك التى يقبع فيها الرئيس، وهكذا مات الكثير من تلك الأغانى، التى رددناها فى زمن ناصر، وعاش فقط القليل، لو قارنتها بالطبع بأيام مبارك ستكتشف أن جميع أغانى تلك المرحلة السوداء ماتت بالسكتة الجماهيرية، وما عاش منها أصبح مادة أرشيفية للسخرية من مبارك.

جبران خليل جبران يقول: للحق صوتان، صوت يردده، وصوت يدعو إليه. النفاق أيضًا يحتاج إلى صوتين: صوت يغنى، وآخر يقول له أعِد، الفتنة نائمة لُعن من أيقظها، والنفاق لا يزال مستيقظا أكرم الله من يخرسه!

 

فكَّرونى!!

طارق الشناوي

16-01-2015

لو سألتنى عن أعظم ما كتبه شعراء الأغنية عن الحب الذى يتحدَّى النسيان سوف أقول لك أحمد رامى «بافكر فيك وأنا ناسى»، ومأمون الشناوى «أنساك ده كلام»، وعبد الوهاب محمد «فكّرونى إزاى هو أنا نسيتك».

أمس، مرَّت ذكرى عبد الوهاب محمد التاسعة عشرة، الذى قدَّم للمكتبة الغنائية أروع الأغنيات التى شغلت ولا تزال مساحة فى وجداننا، تأمَّل تلك الشطرة الشعرية القرب أساه ورّانى البعد أرحم بكتير .

سوف أبدأ معكم بحكاية فارقة فى حياته عندما قرر شاعرنا الغنائى الكبير الاعتزال.. عام 60 قبل أن تشدو أم كلثوم بأغنية حب إيه وكان وقتها لم يبلغ الثلاثين من عمره.

الصدفة هى التى مهَّدت الطريق لأغنية حب إيه اللى انت جاى تقول عليه ، لتستقر على حنجرة أم كلثوم ، كتبها عبد الوهاب لتغنيها نجاة ، لم تقتنع نجاة بالكلمات، وقرر بليغ حمدى أن يقدّمها للمونولجيست ثريا حلمى، لأن بالكلمات إحساسًا ساخرًا، حتى استمعت إليها أم كلثوم بالصدفة فى سهرة بمنزل الموسيقار محمد فوزى.. ولكن قبل أن تغنيها أم كلثوم ادّعى شاعر شاب آخر وهو محمد زكى الملاح، أنه سرق كلماته وأقام دعوى قضائية.. وعاش عبد الوهاب محمد لحظات عصيبة وكاد أن يعتزل.. ولم ينقذ الموقف إلا أنه تذكَّر أنه قد سبق له نشر كلمات الأغنية فى إحدى المجلات الشبابية، وخسر الملاح القضية، ويومها اعتذر لعبد الوهاب محمد، قائلًا إنه أراد أن يحقّق الشهرة لنفسه، فلجأ إلى هذه الحيلة الشريرة، وعلى الفور اتفقت أم كلثوم مع عبد الوهاب محمد، كنوع من رد الاعتبار أن تغنّى له حب إيه مباشرة أنا وأنت ظلمنا الحب !!

ولم تكن أم كلثوم هى أول مَن تستمع إليها، فلقد كتبها عبد الوهاب محمد فى منزل صديقه بليغ حمدى، وأسمعه كلمات الأغنية فى جلسة كانت تضم وحش الشاشة الملك فريد شوقى، وهدى سلطان، ويومها بكى الملك وهو يستمع إلى هذه الكلمات، ما حدش فينا كان عايز يكون أرحم من التانى ولا يضحى عن التانى .. فلقد كان فى تلك السنوات -مطلع الستينيات- فريد شوقى مرتبطًا بالزواج من هدى سلطان، وبعدها تسامحا وضحَّى كل منهما من أجل الآخر!!

كان عبد الوهاب محمد صديقًا لبليغ حمدى وصديقًا لعبد الحليم، ورغم ذلك تعذّر اللقاء الفنى بينهما، عبد الوهاب كان يعلّق قائلًا إن عبد الحليم فى الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات كان مرتبطًا بالشعراء مأمون الشناوى ومرسى جميل عزيز وحسين السيد، وكانوا يقدّمون معه أغنيات تثير إعجابه الشخصى، واكتفى هو بالإعجاب، أما فى نهاية الستينيات والسبعينيات، فكان يلاحظ أن عبد الحليم يتدخّل فى كلمات الأغانى، ولهذا آثر هو الابتعاد، إلا أن هناك أغنية من كلماته لحّنها بليغ لعبد الحليم حافظ، وهى فكّرونى ، ولكن عبد الحليم كانت له ملاحظات على الأغنية، اعتبرها كلثومية المذاق على المستويين الشعرى واللحنى، وطلب إجراء بعض التغييرات، ولم يقتنع عبد الوهاب محمد، وذهبت الكلمات إلى الموسيقار محمد عبد الوهاب، وتتردد على حنجرة أم كلثوم تلك الومضات القمر من فرحنا ح ينور أكتر والنجوم ح تبان لنا أجمل وأكبر والشجر قبل الربيع حنشوفه أخضر ، ولم ينسَ عبد الحليم أبدًا أن واحدة من الأغنيات التى انتظرها ذهبت إلى أم كلثوم، ولم ينسَ بليغ أن الكلمات التى لحّنها بإحساسه ذهبت إلى عبد الوهاب، فكَّرونى دُرة غنائية عصية على النسيان.

لكل شاعر قصة حب وملهمة وأحيانًا قصص وملهمات، أم كلثوم أشعلت إبداع أحمد رامى، ومن الممكن أن تقول إن لطيفة فى السنوات العشر الأخيرة من حياة عبد الوهاب محمد، أشعلت وهج كلماته، فكانت لا تغنّى تقريبًا إلا من أشعاره، سألت لطيفة فأكدت لى أنها كانت ولا تزال قريبة له وللعائلة بعد رحيله، وأنه كتب لها أصدق المشاعر، كتبها لها ولم يكتبها عنها!!

عبد الوهاب محمد كان ولا يزال يشغل مساحة استثنائية على خريطة عواطفنا فكّرونى إزاى.. هو أنا نسيتك ؟!

 

حذف خمس ثوانٍ.. وعُرض «آلهة وملوك»!!

طارق الشناوي

14-01-2015

غازل جورج كلونى زوجته أمل علم الدين، علنًا وعلى رؤوس الأشهاد، فى أثناء تسلمه جائزة «إنجاز العمر»، كان هذا هو المشهد الذى سرق الكاميرا، لكنه لم يكن الأهم، فمن تابع حفل «الجولدن جلوب» الكرة الذهبية، فى الدورة رقم 72، وهى الجائزة التى تمنحها رابطة المراسلين الأجانب فى «لوس إنجلوس»، حيث تقع هوليوود، لاحظ أن العديد من النجوم وضعوا شارة مكتوبًا عليها «أنا شارلى»، لإعلان التضامن مع ضحايا اغتيال الصحفيين ورسامى الكاريكاتير فى الصحيفة الفرنسية، كما لم يسلم الأمر من السخرية بسبب منع عرض فيلم «المقابلة» فى كوريا الشمالية، قدَّم مذيعو الحفل لقطات ساخرة للديكتاتور الكورى، لا تستطيع فى أى تظاهرة فنية أن تضع خطًّا فاصلًا بين العاطفى والثقافى والإنسانى.

لو تأمَّلت المشاهد الثلاثة ستجد أنه من الممكن تلخيصها فى كلمة واحدة دفاعًا عن الحرية فى الاختيار الشخصى والفكرى والسياسى .

فى دول العالم الثالث وفى أى نظام شمولى يصبح المنع الذى يصل إلى حدود الاغتيال والحرق هو الهدف.

الفيلم صار متوفّرًا على يوتيوب ، وهو بالمناسبة لم يرضِ حتى المنشقين على نظام كوريا الشمالية، لأنهم وجدوا فيه سخرية، ولكنهم لم يعثروا على انتقاد حاد يستحقه الديكتاتور.

العالم لم يعد يجد معنى لكلمة منع التى لا يزال بعض دول العالم الثالث النائم يعتقد أنها فى هذا الزمن تستطيع الإقصاء، آخر تلك المظاهر التى عشناها هو ما أقدمت عليه الدولة المصرية ممثلة فى رقابة وزارة الثقافة، عندما منعت تداول فيلم الخروج: آلهة وملوك ، قالت هناك أخطاء تاريخية، وكلنا ندرك أنها تريد أن تتجنَّب الدخول فى معارك مع الأزهر، حيث إن بالفيلم تجسيدًا لسيدنا موسى، عليه السلام، وهو ما يحرّمه الأزهر، ووزير الثقافة يعلم جيدًا أن أى غضب أو مناوشة مع الأزهر لن تمنحه فرصة البضعة أشهر التى يسعى إليها للبقاء حتى مايو القادم، موعد التغيير الوزارى الحتمى.

عصفور يريد أن تُطيل الدولة عمره فى الوزارة تلك الأسابيع، حتى يستطيع أن يضبط أوراقه ويسكِّن مَن يريد فى موقعه، ويطيح أيضًا بمَن يريد، بالطبع ليس فقط عصفور، ولكن كل العصافير الأخرى القابعة، سواء فى موقع المحافظ أو الوزير تمارس هذا الفعل، ينبغى أن تتدخَّل الجهات السيادية لمنع كل المحافظين والوزراء من إصدار أى قرار مصيرى يتجاوز فترة بقائهم على المقعد، حتى لا يؤثر ذلك بالسلب على المرحلة القادمة.

دعونا نعُد مرة أخرى إلى قضيتنا وهى المنع، كان من بين أسباب الغطاء الذى اتخذته الدولة لتبرير قرارها القمعى فى منع آلهة وملوك هو أن المملكة المغربية سبقتنا ورفضت التصريح بالفيلم، قبل أيام كان المركز الثقافى المغربى المنوط به تنظيم العروض قد اتصل بالمخرج العالمى ريدلى سكوت، ووافق المخرج على حذف خمس ثوانٍ كانت ترى فيها إدارة المركز أن بها تجسيدًا للذات الإلهية، فتم التصريح بالعرض الجماهيرى. ويجب أن تلاحظ أولًا أن النظام هناك لا يبيح للرقابة الحذف إلا بعد موافقة المخرج، بينما الرقابة لدينا هى التى تتولَّى الحذف دون الحصول على موافقة المخرج، ولاحظ ثانيًا أن المغرب انحازت فى نهاية الأمر إلى الحرية.

علينا أن ننظر إلى ما هو أبعد، إنها تداعيات القرار والدائرة التى من الممكن أن تتسع، أنت اليوم تمنع لأسباب تاريخية، وغدًا لديك أسبابك الفكرية والسياسية، سوف تتعدَّد الأسباب والمنع واحد، المغرب قصَّت شريط المنع العربى وشجَّعت مصر على اتخاذ تلك الخطوة، أتمنى هذه المرة أن تُكمل مصر المشوار، ونواصل السير على طريق المغرب!

 

عادل و«فوبيا» الأرقام!!

طارق الشناوي

13-01-2015

كان من المفروض أن يلعب عادل إمام بطولة واحد من أشهر وأهم أفلامنا المصرية «سواق الأوتوبيس» الذى كتبه بشير الديك وأخرجه عاطف الطيب. نور الشريف كان الترشيح الثانى لدور حسن السواق الذى حصل من خلاله على أهم جائزة عالمية فى مشواره السينمائى «الطاووس الفضي» من مهرجان نيودلهى عام 83. ولم تكن المرة الأولى، فبعدها بنحو ثمانى سنوات تكرر الموقف مع «الكيت كات» للمخرج داوود عبد السيد، حيث ذهب أولا داوود إلى عادل فى الاستوديو ولم يتحمس، فما كان منه إلا أن التقى محمود عبد العزيز فى البلاتوه المقابل فوقّع على بياض وصار الشيخ حسنى هو العنوان الرسمى لمحمود عبد العزيز.

الفيلمان ليسا فقط أهم ما قدم النجمان ولا المخرجان ولكنهما صارا من بين الأشرطة السينمائية الأفضل فى السينما المصرية طوال تاريخها، وفى كل استفتاء يتأكد ذلك.

وللحقيقة فإن عادل إمام حرص على الإشادة بنور ومحمود وبالفيلمين فى عديد من المناسبات، ولكن لماذا يضحى نجم كبير بدورين؟ إنها الأعراض الجانبية للنجومية الطاغية، التى تحدد قيمة النجم بمقدار ما تحققه أفلامه من إيرادات. والمؤكد أن ترمومتر عادل خانه فى الاختيار لأن الفيلمين أيضا كان لهما نصيبهما من الإيرادات المرتفعة، والشباك فى السينما هو الذى يحدد الأجر.

قل لى كم هو أجرك أقُل لك مَن أنتَ . مع الأسف صارت هذه هى القاعدة فى تقييم النجوم، بل فى الحياة كلها، صحيح أن كل شىء فى الدنيا من الممكن إحالته إلى رقم، ولكن ليس صحيحا أن كل ما فى الدنيا تزداد قيمته كلما ارتفع الرقم.

وغالبا فإن نجاح العمل الفنى الأخير هو الذى يدفع شركات الإنتاج إلى التعاقد مع الفنان بأجر أكبر، إلا أن الأمر لا يخلو بالتأكيد من قفزات وتراجعات، قد يرتفع أجر الفنان مرة واحدة إلى رقم لم يكن يحلم به، ثم يأتى عمل فنى آخر تنهار فيه إيراداته فيعيش فى هذه الحالة كابوسا يهدده بفقدان أعز ما يملك.

عدد لا بأس به من النجوم صاروا يلجؤون إلى الوصفات السحرية من أحجبة وذبح عجول مع تخميس أياديهم فى الدماء النازفة على الأرض، وذلك لدرء أى تهديد رقمى محتمل، ولكن يظل عادل إمام بتسيّده قمّة الإيرادات أكثر من ثلاثة عقود من الزمان حالة استثنائية أظنها غير قابلة للتكرار!!

ألم تلحظوا أنه ابتعد للعام الخامس على التوالى عن السينما بعد فيلمه ألزهايمر ؟ صار موطنه الأصلى حاليا هو مسلسلات التليفزيون، تلك النقلة لا تعنى بالضرورة حبًا للدراما التى هجرها قبل 30 عاما، ولكن ما حدث بعد ثورة 25 يناير أن إيرادات السينما تراجعت لأسباب أمنية ونفسية واقتصادية، فكان لا بد أن تنخفض فى المقابل الأجور، وعادل لا يسمح أبدًا أن يهتز رقمه، وهكذا توجه عدد من النجوم إلى الدراما التى شهدت استقرارًا بعد الزيادة الملحوظة فى الفضائيات التى صارت تتوالد بمقياس الفيمتو ثانية .

رقم عادل فى الدراما يتجاوز ضعف ما يحصل عليه نجوم الصف الأول، تجاوز فى مسلسله الأخير صاحب السعادة 30 مليون جنيه، وأظنه فى مسلسله الرابع أستاذ ورئيس قسم سيقفز إلى رقم أعلى.

نجوم هذا الجيل، لكى يواصلوا بقاءهم على الخريطة السينمائية خفضوا أجورهم أو أنتجوا أو قرروا الحصول على نسبة من الأرباح فى الشباك كحلّ مؤقت حتى تستقر الأوضاع. شركات الإنتاج الكبرى صارت تتحسس خطواتها الإنتاجية لأن العائد غير مضمون، الخوف من انخفاض الإيرادات الوجه الآخر له هو الخوف من انخفاض الأجر. عادل يُعرض عليه عديد من الأفلام، والمؤكد أن بعضها مع الزمن سيصبح مثل حسن السواق والشيخ حسنى الكيت كات ، ولكنها الأعراض الجانبية لـ فوبيا الأرقام.

 

أنغام ومنير فى الدوحة!!

طارق الشناوي

12-01-2015

الذين دأبوا على أن يضبطوا موجات مشاعرهم على موجة السلطة السياسية عليهم أن يتأملوا هذا الخبر.

يُشارك كل من محمد منير وأنغام فى مهرجان (سوق واقف) الغنائى فى نهاية هذا الشهر بعد غياب دام عامين هذا هو ما نشرته أمس هنا موسى على صفحات اليوم السابع ، ومعروف بالطبع أن سبب الغياب هو توتر العلاقات بين القاهرة والدوحة، وكالعادة كان الوجه الآخر للصورة هو أن يقاطع النجوم المصريون كل الأنشطة الثقافية والفنية التى تُقام فى قطر حتى لا يساء التفسير.

ما علاقة السلطة السياسية بغناء فنان أو حضوره لمهرجان فى دولة عربية ولكن هكذا صارت المزايدات، الكل يريد أن يكسب بُنطا لدى السلطة، كنت أعرف أن الاتصالات لم تتوقف بين شركات إنتاجية وعدد من الفنانين وهناك مشروعات يتم تنفيذها، إلا أن الفنان المصرى كان يطلب أن لا يذكر اسمه إعلاميا حتى لا يساء التفسير، كثيرة هى المرات التى اعتذر فيها عدد من النجوم عن عدم السفر إلى مهرجانات تقام فى الدوحة تحسبًا لغضب سياسى محتمل. رغم أننا فى عز الخصومة بين مصر وقطر عام 2009 أيام حكم مبارك والعائلة عندما انطلقت الدورة الأولى من مهرجان الدوحة ترايبكا حضر كل من عادل إمام وليلى علوى وإلهام شاهين ويسرا ونبيلة عبيد ولبلبة، المؤكد أنهم استأذنوا أو على الأقل جسوا النبض، وعادل إمام تحديدًا بسبب علاقته المتشابكة مع النظام السياسى وفى كل العهود حصل على ضوء أخضر بالسفر.

بعد ثورة 25 يناير مباشرة، كانت قطر لها مكانتها الخاصة فى القلوب واحتلت قناة الجزيرة البؤرة، أتذكر أنه فى أبريل 2011 أقيم مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية ، وتم توجيه الدعوة إلى على الحجار للغناء ولم يكتف الحجار وقتها بـ عم بطاطا و عنوان بيتنا ، ولكنه بعد انتهائه من الغناء أمسك الميكرفون وقال ويا ليته ما قال أشكر قناة الجزيرة أنها علمتنى حب مصر .

كنت حاضرًا مع كل من الكاتبين الكبيرين محفوظ عبد الرحمن ويوسف زيدان، وراجعنا الحجار فى كلمته وتصورنا أنه انفعل ولم يدرك ماذا قال بالضبط، وكانت المفاجأة أنه أصر على أنه كان يعنى كل حرف وكرر أنه بالفعل يشكر قناة الجزيرة التى علمته حب مصر، مضى عام وصارت قناة الجزيرة هى الشيطان الأكبر بعد ثورة 30 يونيو، فما كان من الحجار إلا أن اتهمها بمحاولة تخريب مصر.

ضربت مثلًا يتيما بالحجار، ولكنه فى الحقيقة ليس الوحيد هو فقط نموذج صارخ للفنان الذى يضبط تردد موجته السياسية بالضبط على موجة تردد الدولة ويتطرف فى الحالتين حبًّا أو كرهًا.

أتذكر أن شيرين عبد الوهاب أعلنت أنها تعتذر عن عدم الغناء قبل عام فى مهرجان سوق واقف اعتراضًا على سياسة قطر تجاه مصر، ما علاقة السياسة بمطرب يغنى لجمهور، قبل نحو ثمانى سنوات لبت فيروز الدعوة إلى دمشق وغنت فى دار أوبرا الأسد، هى لم ولن تغنى باسم زعيم ولكنها فقط غنت للإنسان السورى الذى يبدأ يومه بصوتها ويظل فى حالة فيروزية حتى يحل المساء، هؤلاء ما ذنبهم بأن فى لبنان فريقين، واحد كان يرى ضرورة التخلص من الهيمنة السورية على القرار السياسى اللبنانى حيث كانت دمشق تلعب دور الشقيق الأكبر وكان على المقابل هناك صوت يؤيد الهيمنة السورية اختارت فيروز أن تغنى للإنسان فى سوريا لا لبشار.

السياسة تعنى شدا وجذبا ولو كانت البوصلة السياسية هى التى تحدد اختيارات الفنان لوجدنا أنفسنا مرة نخاصم المغرب وأخرى تونس وثالثة السودان وهكذا، على الفنان أن يضبط موجته فقط على موجة الشعوب!!

 

الموظف والموهوب!!

طارق الشناوي

11-01-2015

قبل نحو 30 عاما أقام رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» دعوى ضد الكاتب الكبير محمود السعدنى يتهمه بأنه يتقاعس عن الكتابة المنتظمة فى المجلة، مما أدى إلى هبوط التوزيع، مما دفع الأستاذ السعدنى إلى أن يرفع دعوى عكسية يقول فيها إن سبب تردى توزيع المجلة وسر عزوف القراء عنها هو أن رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة يكتب فيها بانتظام أسبوعيا. ومات المسؤول الكبير وبعده رحل السعدنى فلم يعد أحد يتذكر هذا الذى كان يقف قبل ثلاثة عقود على كرسى رئاسة المؤسسة الصحفية العريقة، بينما محمود السعدنى لا يزال على صفحات الجرائد والفضائيات حى يُرزق. إنها العداوة الدائمة بين صاحب الكرسى وصاحب الموهبة.

لا أخفيكم سرا أن مشاعرى مختلطة تجاه رئيس الإذاعة عبد الرحمن رشاد الذى صار يحمل لقب سابق قبل أيام قليلة، كان الرجل يحكم ويتحكم فى الإذاعة على مدى عام كامل، والنظام جامله ومنحه ستة أشهر إضافية بعد بلوغه السن القانونية. الرجل فتح البرجل على اتساعه فى خدمة النظام وأصدر قبل شهرين قرارا بمنع أغانى حمزة نمرة من التداول بحجة أن أغانيه تنتقد السلطة، وأشار تحديدا إلى أغنية لسه العدل غياب ، فاستمع إليها بعدها الملايين عبر يوتيوب ، كما أنه لعب دور محاكم التفتيش وأكد أن نمرة على المستوى الشخصى لا يؤيد ثورة 30 يونيو كما ينبغى أن يكون التأييد، وأنه ضُبط متلبسا بالانحياز لثورة 25 يناير، كما ينبغى أن يكون التلبس، ورغم كل هذه الخدمات المجانية لم يستطع رئيس الوزراء أن يمد له فى عمره الوظيفى ستة أشهر أخرى، يبدو أن النظام وجد أن من صالحه البحث عن ورقة جديدة، ولم يتوقع رشاد أنه بمجرد إحالته للمعاش يتبخر و بح خلاص .

مأساة تراجيدية يعيشها الآن عبد الرحمن رشاد، حيث منعوه من تقديم برنامج على الهواء (تحيا مصر) كان يشارك فيه الكاتبة الصحفية أمانى ضرغام، ولكن بقليل من التأمل سوف يصعد هذا السؤال: هل عبد الرحمن رشاد كان يقدم برامجه باعتباره مذيعا لامعا أم لكونه رئيسا للإذاعة، وعندما سقطت الوظيفة تحول هو أيضا إلى فعل ماضٍ؟

كانت الإذاعة المصرية تضع فى أغلب الأحيان على كرسى القيادة رؤساء من نجوم الميكروفون، وهكذا تجد أسماء مثل بابا شارو وصفية المهندس وفهمى عمر وأمين بسيونى وفاروق شوشة وسعد زغلول نصار وحمدى الكنيسى وعمر بطيشة وإيناس جوهر وغيرهم، ولكن الدنيا تغيرت وصار الاختيار يخضع للولاء والأقدمية المطلقة، وهو ما دفع رشاد إلى الموقع. فى الماضى كان لدينا أصوات حفرت فى ضمير الشارع المصرى والعربى لمحات لا تُنسى، ولكن رشاد هو نتاج قانون الأقدمية الممزوجة بالخضوع.

هل الدولة تريد حقيقةٍ إعلام دولة صحيحا أم أن كل شىء صار ينطبق عليه تعريف مؤقت ؟ كل الرؤساء فى الإعلام حاليا مؤقتون، نتاج ظرف زمانى محدد دفع بهم إلى المقدمة.

بالطبع أنا أتخيل عبد الرحمن رشاد الآن وهو يتصل برئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عصام الأمير يستجديه لكى يتدخل لإعادته إلى الميكروفون، ولكنه لا يرد على تليفونه. كان قبل بضعة أيام فقط يستشيره فى كل كبيرة وصغيرة، وهكذا الأيام دواليك، الإذاعة المصرية لم تعد تقدم فى الحقيقة نجوما خلف الميكروفون، بينما الإذاعات الخاصة دفعت بنجوم كثر. يكفى أن أذكر لكم مثلا أسامة منير وبرنامجه أنا والنجوم وهواك الذى صار من فرط نجاحه مادة ثابتة راكور لعشرات من المواقف فى الأفلام والمسلسلات.

لا أتصور أن هناك أصواتا ناجحة تحال إلى المعاش، الدنيا مفتوحة أمام الناجحين، والإذاعات الخاصة والعربية تبحث عن هؤلاء، ولو كانت الشروط تنطبق على عبد الرحمن رشاد فسوف تلهث الإذاعات الخاصة وراءه بدلا من أن يريق ماء وجهه وهو يتسول برنامجا لله يا محسنين!!

 

واقول يا مين ينصفنى منك؟!

طارق الشناوي

10-01-2015

قبل أربع وعشرين ساعة مرت الذكرى «37» لشاعر غنائى وكاتب صحفى كبير، كثيرا ما رددنا كلمات أغانيه، وقليلا ما نتذكر اسمه، إنه أحد رجال الصف الثانى فى تنظيم الضباط الأحرار، «الباكباشى» وقتها وتعنى «المقدم» فى القوات المسلحة عبد المنعم السباعى، إنه الشاعر الذى كتب «أروح لمين واقول يا مين ينصفنى منك»، شاكيا عبد الناصر إلى عبد الناصر، وكتب «أنا والعذاب وهواك عايشين لبعضينا/ آخرتها إيه وياك يا اللى إنت ناسينا»، متغزلًا فى سمراء النيل مديحة يسرى، وكتب فى نفس اللحظة لسمراء أخرى وهى الإذاعية القديرة سامية صادق «لايق عليك الخال/ يا اللى الهوى خالك/ مشغول عليك البال/ ولا حد على بالك»، الخال يُطلق على طابع الحسن على الخدين والذقن. كان السباعى مغرما بالسمر، فهو بالنسبة إليه يساوى حصريا الجمال، وهكذا ردد له محمد قنديل أغنية تعبر عن مشاعر «أوول سايز» تصلح لأى سمراء «جميل وأسمر/ بيتخمطر/ تقول سكر/ أقول أكتر/ من السكر/ ميتين مرة».

ليست أغانيه فقط، بل أيضا أعماله الدرامية كانت تشى بطرف خفى إلى بعض هذه المواقف، فهو الذى كتب إسماعيل يس فى الجيش أول أفلام سُمعة عن القوات المسلحة، وأطلق على الشخصية المقابلة الشاويش عطية التى أداها رياض القصبجى، لماذا وقع اختياره على اسم عطية الذى يصلح أن يطلق على النساء والرجال؟ لم يكن الأمر عشوائيا، والسر أن زوجته السمراء أيضا اسمها عطية، وكان يخشى منها بسبب كثرة نزواته، مثلما كان يخشى سُمعة من الشاويش عطية.

عندما قامت ثورة 23 يوليو أسندوا إليه منصبا قياديا رئيس أركان الإذاعة وهى وظيفة لا محل لها من الإعراب مدنيا، ولكن السلطة وقتها كانت تريد أن تصبغ الحياة كلها باللون الكاكى، خصوصًا الإذاعة التى أطلق منها أنور السادات البيان الأول للثورة.

كثيرون ينسبون إليه أنه هو الذى أشار إلى ضرورة منع صوتى أم كلثوم وعبد الوهاب من الإذاعة المصرية، لأنهما غنيا فى عهد الملكية، ولا يجوز أن يواصلا الغناء فى عهد الثورة، وهو القرار الذى ألغاه مباشرة عبد الناصر، وقال متهكمًا إذن نلغى أيضا النيل والأهرام، لأنهما وجدا فى عهد الملك. الحقيقة أن هذه الواقعة ليست مسؤولية السباعى، ولكن ضابطا آخر هو الذى أصدر هذا القرار قبل أن يتولى السباعى منصبه، بل إن السبب الذى دفع محمد نجيب وعبد الناصر إلى الاستعانة به فى هذا الموقع، هو احتياج الثورة الوليدة إلى عسكرى لديه ميول أدبية، ولهذا وقع الاختيار عليه، لأنه كان يكتب الشعر ويعمل أيضا بالصحافة فى مجلة روزاليوسف .

كان قريبا من عبد الناصر وكتب له بعد محاولة اغتياله فى المنشية تسلم يا غالى ، التى غناها عبد الوهاب، وكان مسؤولًا عن مكتب عبد الناصر يقرأ الرسائل التى يتلقاها ويتولى الإجابة عليها، ولكن يبدو أن هناك من أراد الوقيعة وتعرض لوشاية مغرضة، وأعفاه ناصر من الإشراف على المكتب فكتب له: ما هو انت فرحى وانت جرحى وكله منك ، والغريب أن أروح لمين كانت من أكثر أغانى أم كلثوم التى يفضل عبد الناصر الاستماع إليها.

روت لى مديحة يسرى أن حكاية حب السباعى لها كان يعرفها عبد الوهاب وفى أثناء تلحينه لأغنية أنا والعذاب وهواك حل عيد ميلاده، ووجه الدعوة إلى مديحة والسباعى، وطلب منها أن تتجاهله كأنه غير موجود، وعندما يسعى ليصافحها ترد عليه بقدر من الجفاء، حتى يلهمه هذا الموقف باستكمال باقى مقاطع الأغنية، ونفذت مديحة الاتفاق حرفيا، فكتب السباعى عينى على عيونك/ والرمش فى جفونك/ قادر وظالمنى/ عينيك بتتكلم/ والرمش بيسلم/ وأنت مخاصمنى !!

ويبقى العديد من الحكايات، ولكن أطرفها هى أغنية عبد المطلب بياع الهوى راح فين ، ولكنها مع الأسف غير صالحة للنشر!!

 

من الذى يسىء إلى الإسلام؟

طارق الشناوي

09-01-2015

ألم تستمع إلى هذا الرأى يتردد فى الشارع «يستحقون، ألم يسخروا من الرسول والإسلام؟» نعم هناك من يشرع الاغتيال للمختلف دينيا وفكريا، ويرى فى الحادثة البشعة للصحيفة الفرنسية «شارلى إيبدو» وراح ضحيتها 12 صحفيا جزاء مستحقًّا، وهو ما ينبئ بكارثة قادمة لو لم نتنبه حقيقة لتنامٍ مشفوع بموافقة ضمنية لاستخدام أقصى وأقسى درجات العنف للمختلف.

مع الأسف صارت ممارسات قطاع من المسلمين تنسج ملامح مشوهة للإسلام، صورته الذهنية ثابتة تكاد تنحسر فى خنجر وسيف ورصاصة وقنبلة وبعدها تستمع إلى الشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وفى لحظات يتم تنفيذ حكم القتل وتتناثر الدماء، وترى من يجز رأس الضحية ويمسكها من شعرها وتتدلى الرقبة مع قطرات الدماء، ما الذى تتوقعه من مواطن غربى يشاهد تلك اللقطات التى صارت أكليشيه فى العديد من الفضائيات، ما إجابته عندما تسأله عن الإسلام؟ على الجانب الآخر ما الذى فعلناه نحن لتقديم الصورة الصحيحة للإسلام؟ هل حاولنا أن نخاطب العالم الغربى ونُصدر له صحيح الدين؟

الإجابة كلنا نعرفها، بددنا طاقتنا فى إدانة من يشوه الإسلام، عندما تنتشر العديد من الجماعات الإرهابية فى العالم القاعدة و بوكو حرام و داعش وغيرها، ما الذى تتوقعه من إنسان يستقى معلوماته من أجهزة الإعلام ويجد أن كل هذه الجماعات تنشط تحت راية الإسلام وهى تعلن أنها تستند إلى آيات قرآنية صريحة وأحاديث نبوية صحيحة -من وجهة نظرها بالطبع- تتيح لها إزهاق الأرواح والقتل بسكين بارد؟ هل تتوقع صورة أخرى غير ترسيخ دموية الإسلام.

لم ولن تكون حادثة الهجوم على صحيفة شارلى إيبدو هى الأخيرة فى تلك السلسلة التى تلعب الدور الأكبر فى ضرب الإسلام، بل سوف نسمع بين الحين والآخر عن حوادث مماثلة.

على الجانب الآخر أتوقع أن نرى مزيدًا من الرسوم والأفلام والمسلسلات والمقالات المسيئة إلى الإسلام والرسول الكريم.

المؤسسة الدينية الرسمية فى مصر لا تلعب دورها فى تقديم صورة الإسلام الصحيح، بل مشغولة بمعركة السنى والشيعى ولا تقترب مثلًا من إدانة داعش ، كما قال شيخنا الجليل شيخ الأزهر د.أحمد الطيب: طالما يرددون الشهادتين فهم مسلمون، هل من الممكن أن يحصر الإسلام فى نُطق الشهادة؟!

الرسوم المسيئة هى مؤامرة غربية على الإسلام.. ممكن أن تجد فى هذا الرأى ما يرضيك، وهكذا جاء الانتقام كعقاب مستحق فى توقيت مواكب لميلاد الرسول الكريم، لكن أمعن التفكير: هل هم يتآمرون على الإسلام؟ أم أنهم يقدمون فى تلك الرسوم ما وصل إليهم عن الإسلام؟

تابع عددًا من الأفلام الأجنبية وسوف تجد فى لقطات هامشية أن هناك من يقيم الصلاة، وفى لحظة يشهر مسدسه أو يقول مثلًا السلام عليكم وبعدها نكتشف أنه قاطع طريق، ألا ترسخ تلك المشاهد انطباعًا سيئًا عن الإسلام؟!

الشهر القادم سوف يعرض فى افتتاح مهرجان الفجر بإيران فيلم عن الرسول الكريم منذ ميلاده وحتى العاشرة من عمره، الفيلم إخراج مجيد المجيدى، كل ما فعله الأزهر الشريف أنه هاجم الفيلم قبل أن يراه أحد، رغم أن الهدف المعلن هو أن يقدم للعالم كله صورة صحيحة عن طفولة النبى عليه الصلاة والسلام، ليعرف العالم الكثير عن سماحة الإسلام.

أزهرُنا صامت، بينما الفضائيات تمتلئ بقتلة يرفعون راية الإسلام! نحن نُصدر لهم المادة الخام المسيئة إلى الدين، وآخرها هذه الحادثة البشعة، وهم يصنعون منها أفلامًا أو رسومًا مسيئة.

 

الفنان يموت مرَّتَين!!

طارق الشناوي

07-01-2015

للكاتب الكبير عبد الرحمن الخميسى كلمة تستحق أن نتأمّلها «عشت لا أعزف ألحانى ولكن أدافع عن قيثارتى»، إنها المؤامرات والضرب تحت الحزام اللذان يتعرض لهما فى العادة المبدع فى بلادنا، ويكتشف فى نهاية المشوار أنه بدَّد طاقته ليس فى الفن الذى نذر نفسه من أجله، ولكن فى اقتحام الحواجز والألغام، وتضيع أنغامه قبل أن تصل إلى الناس.

الفن أم الحياة؟ هل يتفرَّغ المبدع طوال حياته لخلق عالمه الخيالى وتصديره للناس، وفى أثناء ذلك ينسى نفسه وعالمه الواقعى؟ أو بالأحرى هل يتحطَّم الخط الفاصل بين العالمَين، ولا يُدرك بعد أن يُغادر موقع التصوير أنه لا يزال محتفظًا بشخصيته الدرامية خارج جدران الاستوديو؟

كان النجم الراحل أحمد زكى يصف نفسه قائلًا: أنا بعيدًا عن الكاميرا مجرد شخبطة على الحيط ، حتى إنه عانى بعد تصوير فيلمه زوجة رجل مهم من آلام مبرحة فى المعدة، وكان تشخيص الطبيب أنها معاناة بطل الفيلم ضابط الشرطة، الذى أحالوه للتقاعد بسبب سوء استغلاله لموقعه الوظيفى، أُصيب أحمد بنوع من التماهى والتوحُّد مع العالم الافتراضى الذى صنعه فأصبح بالنسبة إليه هو الواقع.

الإنجاز الفنى فى كل المجالات مع الزمن يتحوَّل إلى حياة بعد الحياة، تختلف توجهات النجوم، مثلًا ميريل ستريب التى رصع تاريخها بثلاث جوائز أوسكار و18 ترشيحًا، كما أنها ترشَّحت لـ الجولدن جلوب 25 مرة، حصلت منها على 8، أرقام قياسية وغير مسبوقة، ورغم ذلك تابعوا ماذا قالت عندما سألوها قبل بضعة أعوام ما الذى تتمنّى أن يكتب عنها بعد عمر طويل، أجابت: لا أحب أن أرتبط بمجال عملى -تقصد أفلامها وجوائزها- ولكن شخصيتى أكثر الأشياء التى تتحدَّث عنى، ولهذا فأنا أريد تسجيل نفسى فى ذاكرة الناس كامرأة، وأحب أن يكتب على قبرى هذه الفنانة مثَّلت أدوارًا متعددة كانت بالنسبة إلى حياتها أدوارًا ثانوية !

ميريل لا تريد بالطبع أن ينسى الناس أفلامها، مثل كرامر ضد كرامر أو المرأة الحديدية أو ماما ميا أو عشيقة الملازم الفرنسى ، وغيرها، تريدهم أن يعتبروا كل ما حققته فى حياتها من أعمال فنية هو جزء مكمل للصورة، رتوش على اللوحة، أما اللوحة التى تعتز بها، فإنها الإنسان، تعيش تلك الحياة بكل تفاصيلها كأم وزوجة ومشاركة فى الوقائع السياسية والاجتماعية، المعنى المضمر هو أن البعض يستغرقه الفن عن معايشة الواقع، ينسى أنه إنسان خلق لكى يعمل ويسعد الآخرين، الفن ليس هو كل شىء فى الوجود، بالطبع الناس لا يعنيها فى نهاية الأمر هذا الفنان ما الذى فعله فى حياته، هل تزوج؟ هل أنجب؟ هل اهتم بتربية أبنائه؟ ما يعيش فى ذاكرة الناس هو بالتحديد ما قدَّمه من إبداع، أغنية، فيلم، مسرحية. الفنان فى مقياس الناس هو مشروع لإنجاز نغمة أو لوحة، إلا أنه فى مرآة نفسه عليه مسؤولية اجتماعية وسياسية، وهكذا مثلًا نرى الفنانين الكبار فى العالم يشاركون فى قضايا الوطن، بل وقضايا العالم كله، ألم يذهب مثلًا جورج كلونى إلى الكثير من المواقع الساخنة فى العالم، وأغلب النجوم العالميين تجد لديهم الحرص على الأنشطة السياسية والاجتماعية، التى يمارسون فيها العطاء بعيدًا عن الكاميرا، مثل أنجلينا جولى وبراد بيت وتوم كروز ونيكول كيدمان ومادونا، وغيرهم، بينما نجومنا يغيب عنهم غالبًا هذا الدور الاجتماعى.

الفنان فى بلادنا يُبدِّد طاقته فى الدفاع عن قيثارته ويستنفد النصف الآخر فى ضبط أوتار القيثارة، ويرحل أغلبهم قبل أن يعزفوا ألحانهم، يموت الفنان مرَّتين، مرة لأنه لم يعش الحياة، والثانية لأن رسالته لم تصل إلى مستحقيها!!

 

كله يحافظ على لغلوغه

طارق الشناوي

06-01-2015

التزم الإعلام المصرى هذه المرة بضبط النفس، فلم يتطوع هؤلاء المتخصصون فى الردح وفرش الملاية إلى توجيه شتائم للمملكة المغربية ردًّا على مذيع فى التليفزيون الرسمى قال إن ثورة 30 يونيو انقلاب ومرسى هو الرئيس الشرعى.

أعلم أن إضافة صفة رسمية للقناة المغربية ليست عشوائية، والخبر الذى تبادلته أجهزة الإعلام فى مصر حرص على تأكيد ذلك، مما يشير إلى أن المملكة كان من الممكن أن تمنعه، وأنه خاضع للسيطرة من قبل الأجهزة هناك، ليصبح الوجه الآخر أو باقى الجملة المسكوت عنها هو: لماذا لم يتم وقفه؟

بدأنا بعدها وفى لحظات نبحث عن الدوافع، هل هو رد فعل لهذا الخطأ، أو للدقة الخطيئة ، التى ارتكبتها مذيعة فى قناة خاصة وتجاوزت فى هجومها على الشعب المغربى؟ أم أنها إحدى القنوات المصرية الخاصة المتهمة بولائها للإخوان أرادت الوقيعة وهاجمت الملك محمد السادس فجاء الرد المغربى واصفًا الثورة بالانقلاب؟

لن أتعب نفسى كثيرًا بالبحث، المهم أنه لم يضبط أحد من مقدمى البرامج المصريين إياهم وهو يرتدى زى الفتوة ويضرب بعشوائية فى كل ما هو مغربى ولا يعنيه إهانة شعب بأكمله، ما دام قد استشعر أن هذا هو المطلوب.

من الذى منع المذيع الفتوة؟ والمذكر هنا لا يعنى أبدًا أنه لا توجد مذيعة فتوة، بل إن ما حدث فى الأشهر الأخيرة أثبت أن المرأة تتفوق أكثر فى هذا المجال، ويجيد بعضهن الردح على أصوله، واللى ما يشترى يتفرج.

الدول أهم من الأشخاص، هل تعلمنا الدرس؟ أم أن هناك تعليمات للقنوات كلها بعدم الانزلاق إلى هذه الأخطاء المجانية؟ كلنا يعلم أن المغرب بها نسبة من الشعب لا ترحب بثورة 30 يونيو وتعتبرها انقلابًا، بينما المملكة رسميا كانت هى أول من أيد الثورة ورحب بخارطة الطريق، وهو ما حرص على إعلانه الملك مباشرة وفى أكثر من مناسبة.

هناك قطاع من الشعب المغربى له وجهة نظر أخرى، سبق مثلًا أن تعرضت المطربة شيرين لمأزق مماثل قبل أكثر من عام عندما أعلنت موقفها السياسى المؤيد للسيسى فى إحدى الحفلات الغنائية على المسرح.

ضبط مشاعر الغضب هو المطلوب حتى لا نعيد حالة التراشق غير المسبوق التى حدثت فى أواخر عهد مبارك فى أعقاب مباراة أم درمان، حيث امتد أتون المعركة إلى الوسط الفنى وشاهدنا عددًا من النجوم وهم يعيدون جوائزهم للسفارة الجزائرية، ووجدنا نجما كوميديا يتبرأ علنا من جذور والده الجزائرية! كان المطلوب وقتها هو إثبات الولاء للنظام الأسبق، النجوم اعتقدوا أن عليهم توصيل رسالة ترضى العائلة التى كانت تحكم مصر وزايدوا كعادتهم ولم يدركوا أنهم كانوا يسيئون إلى مصر أكثر من الجزائر.

لن ندخل فى معركة مع قناة فضائية رسمية أو غير رسمية بالمملكة المغربية، يتحمل المذيع المغربى أو القناة تبعات هذا الرأى ولا نشهر بدولة ولا شعب. أتصور أن أصحاب القنوات أدركوا هذه المرة أن الدولة رسميا لن ترحب ولا هى ترغب فى الدخول فى معارك صغيرة، ولم يشعر أى منهم أنه فى اختبار إثبات الولاء. كنا فى الماضى عندما نختلف مثلا مع ليبيا نجد على الفور الكاريكاتير دخل طرفا وأشار إلى قصرية يجلس عليها معمر القذافى، ولو كان مهذبًا يكتفى بطاسة على رأسه.

هل هى تعليمات أم أنه وعى ونضج فجأة لعدد من القنوات؟ أتمنى أن تكون الثانية، وإن كنت أعتقد مع الأسف أنها الأولى.

الدولة رسميًّا لن تقف مكتوفة الأيدى أمام انفلات مذيع أو قناة، وكله مسؤول عن لغلوغه!

 

داعش أم الشيعة؟!

طارق الشناوي

05-01-2015

مَن هم الأشد خطرًا على الإسلام «داعش» أم «الشيعة»؟!

ما الذى من الممكن أن تقوله عندما يسألك مراسل صحفى أجنبى عن ممارسات داعش ، الذين يحللون قتل البشر من عباد الله، مثلما يمارسون الحياة، كل مَن هو مختلف مذهبيًّا وليس فقط عقائديًّا صار هدفًا، المسيحى يُقتل لأنه مختلف دينيًّا، والشيعى لأنه مختلف مذهبيًّا، والسنى لو مارس شيئًا هم يرونه متناقضًا مع أهل السنة.

يرفعون الدعوة لجهاد النكاح وتزويج الطفلة عندما تبلغ الثامنة، يسعون لإقامة دولة إسلامية من العراق إلى الشام، وهذا هو اختصار اسم داعش ، يعتقدون أنهم من الممكن أن يعودوا بالزمن إلى ما قبل التاريخ، ورغم ذلك فإن أزهرنا الشريف يقف مكتوف الأيدى، لا يكفّرهم لأنهم ينطقون الشهادتين، من الممكن أن أتفهَّم ذلك حتى لا نتوسَّع فى دائرة التكفير، لكن على أزهرنا الشريف أن يعلن أن كل ما يمارسونه لا علاقة له بصحيح الدين، فلا العقل ولا المنطق يجعل نطق الشهادتين قبل اغتيال إنسان مختلف يمت للشرع الإسلامى بصلة، نجزّ رأس الضحية، ونقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، هل هذا هو القتل الحلال؟

لم أحضر لأننى لم أُدع للقاء الذى نظّمته نقابة الصحفيين قبل بضعة أيام مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ د.أحمد الطيب، لاحظت مما كتبه الزملاء أن فضيلته لا يزال يعتقد أن الخلاف الشيعى السنى هو قضية الإسلام المحورية، رغم أن الأمر محسوم فى كلمة واحدة، وهى أن التطرف سمة ليست لها علاقة بدين أو طائفة، هناك متطرفون فى كل الأديان والطوائف، والأزهر يعترف بالشيعة كمذهب، لا أرتاح عندما أرى أزهرنا الشريف، وهو دائمًا فى حالة فوبيا من التشيُّع، من قال إن مصر مؤهلة لكى تغيّر مذهبها السنى فى لحظة.

تأييد الشيخ لتجديد الخطاب الدينى لا يزال نظريًّا فقط، فهو مثلًا لم يعترف بأن مناهج الأزهر التى يتعاطاها الطلبة الآن تؤدِّى لا محالة إلى التطرف، لديكم مثلًا فتوى إرضاع الكبير لا يزالون يدرسونها فى الأزهر.

لم يتطرق فى ما يبدو أحد من الزملاء ليسأل فضيلته عن قضية التجسيد للأنبياء والصحابة والخلفاء وآل البيت والعشرة المبشرين فى الأعمال الفنية، والتحريم المطلق الذى يطبقه الأزهر الشريف فى هذا الشأن، لا يمكن أن يتوقف الزمن عند فتوى أصدرها علماء الأزهر سنة 1926، تغيَّرت الدُنيا، من السهل أن نرتكن إلى القديم والمتفق عليه من السلف الصالح، الأصعب أن نناقش جدوى التحريم فى عصر السماوات المفتوحة.

تركيبة شيخنا الجليل تميل إلى التحفُّظ، الشيخ يقول إن مَن يدعون حرية التعبير يستكثرون على الأزهر إعلان رفضه للتجسيد، والحقيقة أن أول مبادئ الديمقراطية هو إعلان الرأى والترحيب بالاختلاف، لكن الرأى الدينى دائمًا مطلق بطبيعة الأديان، بينما آراؤنا كلها نسبية، وعندما يعلن الشيخ الجليل تحريم عمل فنى هنا يطول الإحساس بالإثم كل مَن يشاهد تلك الأعمال الفنية، فهل مولانا يرضى بأن يشعر مسلم بالذنب لمجرد أن شاهد مسلسلًا أو فيلمًا عن حياة سيدنا عمر أو النبى يوسف أو المسيح عليه السلام أو نوح أو الحسن والحسين.

لا نريد من الأزهر أن يقفز على ثوابت، لكن تحريم التجسيد اجتهاد أجمع عليه فى الماضى هيئة كبار العلماء وتوارثوه من جيل إلى جيل، وآن الأوان مع الانتشار الفضائى أن يُعاد النظر فى كل ذلك، وليس أمامنا سوى الإمام الأكبر نطالبه بأن يفتح الأبواب ويحطّم تلك التابوهات، وأن يجيب فضيلته عن هذا السؤال ليريح قلوبنا وعقولنا: أيهما أشد خطورة على الإسلام داعش أم الشيعة؟!

 

المسيح.. لَجْل النبى!

طارق الشناوي

04-01-2015

توافق ميلاد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وبهذه المناسبة كثيرا ما تستمع إلى صوت محمد الكحلاوى وهو يردد «لَجْل النبى دى القعدة حلوة والنبى عند النبى». دائما المصرى المسلم يستجير باسم النبى لكى يحقق أمنياته. ما رأيكم أن نطلب من المسؤول عن «ماسبيرو» لَجْل النبى أن يعرض فيلما مصريا نادرا عن ميلاد السيد المسيح؟

إنه فيلم مجهول شاهدته بالصدفة قبل عشر سنوات، عندما حضرت احتفالا برأس السنة فى المركز الكاثوليكى المصرى، هذا المركز الذى أصبح بؤرة إشعاع، حيث إنه حاضر فى كل المناسبات الثقافية.

تابعت نشاط المركز قبل 30 عاما منذ أن تولى قيادته الأب يوسف مظلوم، الذى كان يعنى حضوره فى أى مناسبة بالنسبة إلىّ حضورا للسلام والتسامح والنور. ورحل أبونا يوسف فأكمل المشوار أبونا بطرس دانيال بكل ما يحمله من طاقة شابة ليعقد مصالحة بين الفن بمختلف أطيافه وصحيح الدين.

يواكب المركز الكاثوليكى الذى تجاوز عمره 60 عاما كل ما يجرى فى الحياة، منحنى المدير الفنى للمركز CD لفيلم حياة وآلام يسوع المسيح إنتاج عام 1935، وتمت دبلجته إلى اللغة العربية فى مطلع الخمسينيات وعُرض تجاريا فى مصر.. النسخة مخادعة، حيث تعتقد فى البداية وأنت تدير القرص أن السينما المصرية تقدم فيلما روائيا عن حياة السيد المسيح، وتقرأ أسماء أحمد علام فى دور المسيح ، وعزيزة حلمى السيدة مريم ، وسميحة أيوب مريم المجدلية ، وتعددت أسماء النجوم: توفيق الدقن، صلاح سرحان، سعد أردش، وغيرهم من النجوم المصريين، وفى النهاية يأتى فى التتر وعلى استحياء أن النسخة العربية إخراج محمد عبد الجواد.

سارعت بالاتصال بالفنانة الكبيرة سميحة أيوب التى أكدت لى أن الفيلم عُرض فى سينما ميامى أو ريفولى فى مطلع الخمسينيات -لا تتذكر التاريخ على وجه الدقة- الواقعة الموثقة هى أن الدولة وربما المملكة المصرية إذا كان الفيلم قد تم السماح به قبل ثورة 52، قد وافقت على عرضه جماهيريا، وكما ترى فإن كل من شارك فى تنفيذ الفيلم مسلمون.

الفيلم على مستوى الأداء الصوتى مقدم بدرجة حرفية عالية، تلمح فيه جهد مخرج يضبط أداء الممثلين الصوتى (الدوبلاج) على النسخة الأصلية المرئية.. كما أنه يقدم الممثل أحمد علام بأداء ملىء بالنقاء والطهر للسيد المسيح عليه السلام، وهذا الممثل تحديدا أحد أهم نجوم المسرح المصرى فى بدايات القرن الماضى، وقالت لى عنه الفنانة القديرة سميحة أيوب إنه واحد من أروع من اعتلوا خشبة المسرح فى تاريخنا الفنى.

سميحة أيوب تؤدى بروعة دور مريم المجدلية ، وعبارة المسيح الشهيرة عندما عاتبه اليهود قائلين فى شريعة موسى إن الزانية تُرجم، فقال لهم: ولكن أنا أقول لكم من كان منكم بلا خطيئة فليلقِ الحجر الأول .. ولم يجرؤ أحد!

الدولة منذ الستينيات وهى تمنع عرض أفلام عن السيد المسيح بحجة أن الأزهر يرفض تجسيد صورة الأنبياء، وفيلم آلام المسيح لميل جيبسون عرض قبل 10 سنوات بقرار من د.جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة وقتها، ولم يعترض الأزهر، وهذا لا يعنى سوى تفسير واحد، وهو أن الدولة تدخلت مباشرة قبل التصريح وطلبت من الأزهر أن لا يعلن فامتثل، ولم نقرأ أى كلمة تتساءل -ولا أقول تعترض- عن شرعية عرض فيلم يجسد حياة السيد المسيح، خصوصا والفيلم قائم على تجسيد واقعة صَلب السيد المسيح!

القرآن الكريم تتسع تفسيراته للسماح بممارسة كل طقوس العقائد دون إقصاء، هذا هو ما أفهمه من مطالبة رئيس الجمهورية للأزهر بتجديد الخطاب الدينى.

مثلما تستمع فى الشارع إلى أجراس الكنيسة تعانق صوت الآذان، فلماذا لا نعرض لَجْل النبى فى التليفزيون الرسمى ونحن نحتفل بذكرى المصطفى فيلما عن حياة السيد المسيح؟!

 

أفعل التفضيل!!

طارق الشناوي

03-01-2015

هكذا يريدونها مع نهاية كل عام، دائمًا يبحثون عن أفعل التفضيل والوجه الآخر لها الأسوأ، وطلبات القراء أوامر.

أفضل مسلسل: سجن النسا و السبع وصايا .

أفضل تتر تليفزيونى: السبع وصايا .

أفضل تصوير: تميَّزت لمحات الإضاءة الدرامية، ويستحق كل من سمير يهزان دهشة ، ونانسى عبد الفتاح سجن النسا ، وطارق التلمسانى جبل الحلال الجائزة.

أفضل ديكور: شيرين فرغل سجن النسا ، وفوزى العوامرى جبل الحلال .

أفضل موسيقى: هشام نزيه السبع وصايا .

أفضل سيناريو: محمد أمين راضى السبع وصايا .

أفضل مخرج: كاملة أبو ذكرى سجن النسا .

أفضل مخرج عمل أول: حسين المنباوى عد تنازلى .

أفضل ممثل دور أول: يحيى الفخرانى دهشة ، وأحمد داوود سجن النسا .

أفضل ممثلة دور أول: نيللى كريم سجن النسا .

أفضل ممثل دور ثانٍ: وليد فواز السبع وصايا ، ومحمود الجندى ابن حلال .

أفضل ممثلة دور ثانٍ: نسرين أمين السبع وصايا و سجن النسا ، وريهام عبد الغفور تفاحة آدم ، وحنان سليمان تفاحة آدم وابن حلال، وسلوى عثمان سجن النسا وريهام حجاج سجن النسا.

جائزة تمثيل خاصة: هنا شيحة السبع وصايا ، ووفاء عامر ابن حلال و جبل الحلال .

جائزة إبداع خاصة: روبى سجن النسا .

أسوأ مسلسل: دكتور أمراض نسا و سرايا عابدين .

أسوأ ممثل: مصطفى شعبان دكتور أمراض نسا .

أسوأ ممثلة: يسرا سرايا عابدين .

أفضل نجم سينمائى دور أول: كريم عبد العزيز الفيل الأزرق .

أفضل نجم دور ثانٍ: خالد الصاوى الفيل الأزرق .

أفضل نجمة دور أول: حورية فرغلى ديكور .

جائزة إبداع خاصة: ماجد الكدوانى ديكور .

أفضل مخرج: هالة لطفى الخروج للنهار .

أفضل تصوير: محمود لطفى الخروج للنهار .

أفضل سيناريو: وسام سليمان فتاة المصنع .

أفضل مونتاج: منى ربيع فتاة المصنع .

أفضل ملابس وأزياء: ناهد نصر الله الفيل الأزرق .

أفضل موسيقى: هشام نزيه الفيل الأزرق .

أفضل ديكور وإشراف فنى: محمد عطية الفيل الأزرق .

أفضل ممثلة دور ثانٍ: دعاء عريقات الخروج للنهار .

أفضل مخرج عمل أول: آيتن أمين فيلا 69 .

أفضل وجه جديد: ياسمين رئيس فتاة المصنع .

جائزة خاصة: محمد خان فتاة المصنع .

الأسوأ: أفلام وش سجون و حديد و نبطشى و البرص ، يتقاسم مخرجوها ونجومها هذا العام لقب الأسوأ.

 

بورتريه 2014!

طارق الشناوي

02-01-2015

ويبقى فى الذاكرة العديد من الأسماء التى شكَّلت الحياة الفنية والإعلامية فى مصر، هؤلاء هم صُناع بورتريه 2014.

باسم يوسف: لو قلت لكم إنه سوف يعود هذا العام ستعتبرونها مبالغة، لكنها الحقيقة، باسم لو لم نجده عليها لاخترعناه، ليس باسم فقط بل كل الذين أبعدوهم عن الصورة بعد ثورة 30 يونيو، رغم أنهم كانوا من مؤيديها، مثل علاء الأسوانى وريم ماجد ويسرى فودة، وقبل ذلك محمد البرادعى، سوف يشغل هؤلاء مساحة قادمة فى 2015، صنعوا جزءًا من ملامح العام الماضى، وأزحناهم فى لحظة لم نستوعب فيها حتمية الخلاف فى الرأى.

منذ فجر ثورة 23 يوليو وقد ورثنا الصوت الواحد، البعض أراد لثورتَى 25 و30، أن تصبحا مجرد رشفة حرية ننتهى منها سريعًا لنعود بعدها نردّد نفس النغمة ونرقص على ذات الإيقاع، ونهتف لصباع الكفتة والحاج عبد العاطى.

عُمر خيرت: شعاع يبرق بداخلك كلما استمعت إلى نغماته، إنه الأغلى سعرًا لو حسبتها بالورقة والقلم، والأعمق تأثيرًا لو حسبتها بالمشاعر، حفلاته فى الداخل والخارج هى الأكثر مبيعًا، منح الموسيقى البحتة حسًّا شعبيًّا، عزيز المنال لم يحترف لا صناعة الأغانى ولا صنفرة موسيقى المسلسلات، لا نزال نردّد معه كلما استشعرنا حاجتنا إلى شعاع الأمل فيها حاجة حلوة .

خالد صالح: كثيرون ودَّعونا هذا العام، خالد كنا ننتظره فى القادم من الأعمال، فهو يقف على مشارف الخمسين والدنيا مفتوحة أمامه على الشاشتين والرؤية تتسع، فهو فنان يملك موهبة استثنائية وعقلًا يحمى الموهبة، ولكنه اكتفى بهذا القدر، وقال كلمته وصنع بصمته وغادرنا، عفوًا لم يغادرنا.

إبراهيم محلب: يوجد فى كل الأحداث فور وقوعها وتتعجَّب هل هناك نسخ متعددة لرئيس الوزراء، شاهدته مثلًا فى شارع المنيل وهو ينظّم المرور ويهدّد أصحاب العربات المخالفة بالونش، نعم أنت سعيد برئيس الوزراء المتحرك لحظة وقوع الحدث، ولكن ليس هذا هو دوره، المهم هو الإنجاز على أرض الواقع حتى لو قام بذلك من مكتبه المكيف والدليل أن السيارات المخالفة لا تزال تُخرج لسانها للونش، ورَّط الرأى العام فى قراراته العشوائية عندما صادر فيلمًا رديئًا وخسر أمام القضاء وربما يدفع تعويضًا قادمًا بسبب هيفاء وهبى والمنتج محمد السبكى، هناك بين الفنانين مَن تخصَّص فى النفاق، نعم سوف يرددون معه نريد فنًّا أخلاقيًّا، فى انتظار أن يلقى إليهم بالسبوبة.

جابر عصفور: جاء فى الوقت الخاطئ لوزارة الثقافة، فلا هو مؤيد للثورة، ولا هو مخلص للفلول، يقف دائمًا فى المنتصف، دخل فى معارك مجانية، كان من المهم أن يقول رأيه بالطبع فى ضرورة أن يتحلَّى أزهرنا الشريف بنظرة أكثر مرونة ورحابة، خصوصًا فى ما يتعلق بقضية التجسيد، لكنه دائمًا ما يختار التوقيت الخاطئ، يقول كلمة تُغضب الأزهر فى برنامج مسائى، ثم يتلقى قرصة ودن من رئيس الوزراء، فيذهب فى الصباح الباكر معتذرًا ومقبلًا يد الإمام الأكبر، كثيرًا ما يتهوَّر فى قراراته وآخرها بيان وزارة الثقافة الذى أصدره حول تصوير فيلم الخروج خلسة، بينما الحقيقة الدامغة أن التصوير تم بعد الحصول على موافقات كل الجهات الأمنية والحكومية والنقابية، وعلى رأسها وزارة الثقافة، رئيس الجمهورية أكد فى آخر حوار له أنه يسمح فقط للمسؤول بخطأين والتالتة تابتة ومع عصفور وصلنا إلى الخامسة ولا يزال العرض مستمرًّا!

إسعاد يونس: نعيش مرحلة التشبُّع مع برامج التوك شو التى تنهال علينا عبر عشرات الفضائيات، حتى جاءت صاحبة السعادة مع فريق عمل متميّز وأسلوب فى الأداء لا يُشبه سوى إسعاد، فأصبحت هى فاكهة الفضائيات وصاحبة السعادة السكر الزيادة!

التحرير المصرية في

02.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)