كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

خالد أبو النجا:

الأبيض والأسود رسالة مقصودة في «ديكور»

القاهرة - مؤمن سعد

 

يعرض للفنان خالد أبو النجا في السينمات المصرية حالياً فيلم «ديكور» الذي يشاركه بطولته حورية فرغلي وماجد الكدواني، وهو من إخراج أحمد عبدالله وتأليف محمد دياب وشيرين دياب، ويجسد فيه أبو النجا شخصية مهندس ديكور يُدعى شريف يحب البطلة التي تعاني حالة ذهنية تجعلها تعيش متنقلة بين عالمين أحداهما حقيقي والآخر خيالي.

اختلاف إيجابي

ويقول الفنان - الذي فاز قبل فترة بجائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة عن الدور المميّز الذي لعبه في فيلم الفلسطينية نجور نجار «عيون الحرامية» - عن فيلم «ديكور»: «هذا العمل مختلف بكل المقاييس، ليس في طريقة كتابته فقط، ولكن أيضاً في طريقة تصويره وإخراجه، فهو يلعب لعبة مع الجمهور من طريق أخذ المشاهد من عالم إلى عالم آخر طوال أحداث الفيلم. ويربط الجمهور بمجموعة من الأسئلة، ثم يفاجأ الجميع في النهاية بأن الفيلم يسير في اتجاه آخر بعيد تماماً عمّا يشغل بال المتفرج طوال الأحداث. والفيلم يوجه رسالة مهمة أعتقد أننا جميعاً نحتاج إليها في الوقت الراهن تتعلق بالاختيار، بمعنى أن علينا اختيار حياتنا والرضا بها حتى لو كان ينقصها بعض الأشياء، إذ من دون ذلك يمكن أن ندمر أنفسنا ونجني على حياة الآخرين من حولنا». ويضيف: «أنا اعتبر هذا العمل من أهم الأفلام التي قدمتها في حياتي، وأفتخر بمشاركتي فيه واستمتعت كثيراً أثناء تصويره لما يحمله من مضمون يفيد المجتمع». وعن مسألة تصوير الفيلم أبيض وأسود يقول: «عرض الفيلم كاملاً بالأبيض والأسود هو نوع جديد على السينما المصرية في الفترة الحالية، فقد تعوّد الجمهور على مشاهدة الأفلام الجديدة بالألوان، ولكن تقديم الفيلم بهذا الشكل مرتبط بالرسالة التي نريد إيصالها وهي إن اخترت الأبيض هذا ليس معناه أنك خائن للأسود والعكس، بل لا بد من الاختيار بينهما، إضافة إلى أن المخرج كان يرغب في تجريد الصورة، فعندما تختفي الألوان يرتاح بصر المشاهد ويكون له المساحة الأكبر في التفكير بالمعنى والهدف الحقيقي وراء ما يشاهده، أيضاً الصورة بالأبيض والأسود تعطي الإحساس بأنك تعيش في حلم تبحر معه بكل تفاصيله، لذا جعل المخرج المشهد الأخير بالألوان ليصدم الجمهور ويخرجه من هذا الحلم مع نهاية الفيلم، وعن مشاركة الفيلم في عدد من المهرجانات الدولية، أوضح أنه يشعر بسعادة كبيرة لأن معظم أفلامه تشارك في المهرجانات الدولية وتحصد الكثير من الجوائز مؤكداً أنه لم يسع في يوم من الأيام إلى تقديم ما يسمى بأفلام المهرجانات، والتي لا تبحث عن الجمهور أو الإيرادات ولكنه يحاول دائماً السعي وراء أفلام سينمائية مختلفة وقيمة، وتحمل رسالة هادفة»، وهذا ما يصنع «التوليفة السحرية» على حد قوله «التوليفة التي تجمع بين إعجاب النقاد والجمهور بالفيلم». وعن التعاون مع حورية فرغلي يقول أبو النجا: «حورية أضافت للعمل لأنها قدمت دورها في شكل أفضل من المطلوب واستطاعت أن تتعايش مع الشخصية على رغم صعوبة الدور. كذلك، فإن ماجد الكدواني أعطى خبرته كلها في دوره وقدمه ببساطة شديدة وحرفية رائعة. إن أجمل شيء بالنسبة إليّ هو التعاون مع ممثلين يضيفون إلى العمل لأن ذلك يخرجه في أفضل شكل».

تأملات بحرية

وعن فيلم داود عبد السيّد الجديد «قدرات غير عادية» الذي يلعب فيه خالد الدور الرئيسي يقول: «أجسد هنا شخصية يحيى الذي يفشل بحثه العلمي عن القدرات غير العادية لدى البشر، فيأخذ إجازة من عمله ويذهب للمكوث في نزل يطل على البحر، وهناك يتعرف إلى عدد من الأشخاص يدخل معهم في الكثير من العلاقات لتتوالى أحداث الفيلم. يشاركني بطولة هذا الفيلم محمود الجندي ونجلاء بدر وهو من تأليف وإخراج داود عبد السيد، وقد تم عرض الفيلم أخيراً بمهرجان دبي السينمائي وجاءني الكثير من ردود الأفعال الإيجابية عليه، وأنتظر طرحه في الصالات المصرية.

أما عن مشاركته كضيف شرف في فيلم «من ألف إلى باء» فيقول: «هناك أفلام لا يمكن أن أرفض المشاركة فيها حتى لو كان لمشهد واحد فقط، وهذا العمل من تلك النوعية من الأفلام لأنه يقدم قصة مهمة وقيمة، كما أنني أرى أن المشهد الذي قدمته في الفيلم له أهمية كبيرة على رغم صغر حجمه»، ويضيف: «لا أهتم بمساحة أدواري على الإطلاق، بل إن كل ما يشغلني هو الظهور في عمل مميز ومختلف وأعتقد أن نجاح الفنان يأتي من اقتناعه بأن التمثيل ليس بالكم، بل بالمضمون الذي يقدم للجمهور».

وعن مشاريعه السينمائية المقبلة أكد أن هناك الكثير من السيناريوات المعروضة عليه كما أن هناك مشروعاً يتم التحضير له حالياً ولكنه رفص الإفصاح عن أية تفاصيل عنه إلا بعد الاتفاق على تفاصيله كافة، والبدء في تصويره، مكتفياً بالتصريح بأنه فيلم يقدم قصة مختلفة ويظهر فيه في شكل جديد لم يشاهده الجمهور منه من قبل، كما أن الشخصية مركبة وبعيدة تماماً من شخصيته الحقيقية أو الشخصيات التي جسدها طوال مشواره الفني. وفي النهاية تطرق في الحديث عن رأيه بالسينما خلال الفترة الحالية مؤكداً أن السينما «مستمرة وستظل بشبابها الذين على المنتجين الوقوف بجانبهم حتى تنهض الصناعة من جديد، وتنتعش السينما مرة أخرى ويظهر الكثير من الأفلام بأصنافها كافة مثلما كان يحدث في الماضي».

نادين صليب عن فيلمها المتنقل بين المهرجانات:

«أم غايب» شريط عن الحلم

أمستردام – نيرمين سامي

جائزة واحدة فازت بها مصر من بين المسابقات الرئيسية الثلاث في الدورة الأخيرة لمهرجان أبو ظبي السينمائي، هي جائزة لجنة تحكيم النقاد الدوليين «الفيبريسي»، وكانت للفيلم التسجيلي الطويل «أم غايب» للمخرجة الشابة نادين صليب. محطة الفيلم الثانية في المهرجانات الدولية كانت خلال الدورة الـ27 لمهرجان أمستردام لأفلام الوثائقية (أدفا)، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

قصة الفيلم شديدة المحلية عن حياة حنان (من صعيد مصر) المنتظرة منذ 12 عاماً إنجاب طفل، في مجتمع ينظر الى المرأة العاقر نظرة عتاب لا تخلو من شفقة وكأنها هي من اختارت قدرها. فكرة الفيلم تجول في خاطر المخرجة منذ أيام دراستها لفن السينما، وتشرح لـ «الحياة» الاستعدادات للفيلم قائلة: «التحضيرات للفيلم بدأت عملياً في العام 2011، حيث كان التحدي الأكبر العثور على منتج يقتنع بفكرة الفيلم، لا سيما أن مثل تلك القصص غالباً ليست مغرية للمنتجين في مصر، كونهم ليسوا شغوفين أساساً بالسينما التسجيلية. لكني تلقيت دعماً لمشروع الفيلم من «حصّالة للإنتاج»، وهي جهة مصرية. أما خارج مصر، فوجدت من اقتنع بما يدور في عقلي، وبإمكانية خروج الفيلم للنور، وحصلت على تمويل من مصادر عربية ودولية مختلفة، أبرزها «إيدفا بيرثا» (أمستردام)، و «آفاق» (بيروت)، و «سند» الإماراتي، صندوق الدعم الإنتاجيّ التابع لـ «مهرجان أبو ظبي السينمائي».

وتؤكد صليب أن القضية المثارة في الفيلم بعيدة من ماهية حياة المرأة العاقر بل عن فكرة الحلم بمعناه الشامل، «ليس لدي أي توجه نسائي أو مهتمة بتناول قضايا المرأة. «أم غايب» شريط سينمائي عن الحلم، وغريزة البقاء، وكيف ستكون حياتك إن لم يتحقق حلمك؟ وهو ما قد يتعرض له أي إنسان سواء امرأة أو رجل».

الراحة بين المقابر

إذن، لماذا اختارت حنان تحديداً، تجيب قائلة: « قابلت حنان بالصدفة أثناء التحضير للفيلم. هي من محافظة أسيوط، وهي منطقة مختلفة تماماً عن حياة الحضر، أو بالأحرى منطقة منسية، ومن هنا جاءت أولوية الاختيار. حنان شخصية مختلفة، تتمتع ببلاغة كأن بينها وبين العالم غير المرئي باباً مفتوحاً. تسأل من دون خجل. حجم المعرفة الفطرية التي تمتلكها غيرت في شكل الفيلم إلى حد كبير. البطلة تحلم بطفل، وأكثر مكان ترتاح فيه هو المقابر. هو تناقض أراه يحمل دلالات عميقة. بعض مما حواه الفيلم لم أخطط له، بل السبب وراءه هذه السيدة، التي غيرت في الكثير». وتعترف صليب بعدم تكوّن صورة كاملة عن تفاصيل الأحداث قبل بدء التصوير وهو ما تراه عذراً لأي ثغرات بمنتجها السينمائي، خاصة ما يخص طول مدة الفيلم الزمنية التي قاربت الساعة والنصف، «الموضوع يحوى طبقات كثيرة، وكل جزء يساهم في حكاية حنان المليئة بالحكايات». وتشير صليب إلى أن اسم الفيلم جاء صدفة تماشياً مع أحداثه، فالمرأة التي لا تلد في الصعيد تسمى «أم غايب»، وهي عادة قديمة في صعيد مصر. نادين ترى أن فيلمها يفتقد الجانب المعلوماتي، حيث حياة البطلة هي الحبكة الرئيسية للفيلم، وتقول: «أي شخص في العالم يمكنه الإحساس بما تشعر به حنان. بعض النساء من طبقات اجتماعية أعلى تفعل أحياناً أموراً تبدو مجنونة أو خرافية مثل حنان لكي تنجب، ولو تحت غطاء طبي. الصعيد بما فيه كان يقدم غالباً في السينما كبيئة قاسية كئيبة، لكن أنا أعتبره مكاناً يحوي جمالاً أخضر نضراً، بعيداً من صخب المدينة».

قلق ما...

ولا تخفي نادين سعادتها بجائزة مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، ومهرجان «أدفا»، إلا أن سعادتها يشوبها قلق تجاه المستقبل، «لدي تخوفات، خصوصاً أن الفيلم لم يعرض بعد في مصر. أفكر دائماً كيف سيستقبله الجمهور في مصر، خاصة أنه فيلم هادئ بعيد من الصخب. دراما الفيلم ليست دراما أحداث لكنها دراما داخلية. كانت هناك مخاطرة من كل فريق العمل، ولو لم نثبت أنفسنا ستكون هناك صعوبة في إنتاج أفلام أخرى. حنان لا تقول معلومات، هي فقط تبوح بما في داخلها. والناس تتجه لأفلام ذات قضايا مثيرة، والتوزيع أمر ليس سهلاً، كما أن الفيلم لا يناسب القنوات التلفزيونية، كون الرحلة النفسية لحنان طويلة».

«أم غايب» من الأفلام التسجيلية العربية البعيدة من ثيمة الحرب، إلا أن فكرة الحلم قد تتسع لمضامين سياسية، تعلق نادين قائلة: «بشكل مباشر لا. لكن وسط ما تموج به مصر والمنطقة العربية من اضطرابات، ولدت داخلي أسئلة شبيهة بما في الفيلم، مثل: لماذا نحيا؟ لماذا أتزوج وأنجب وأعمر الأرض»؟

نادين بدأت العمل كمساعد مخرج في السينما التجارية العام 2006، حيث عملت مع المخرج خالد يوسف في فيلمي «الريس عمر حرب» و «حين ميسرة». وفي العام 2009، اتجهت للسينما المستقلة، حيث عملت كمساعد في فيلم «آخر أيام المدينة» للمخرج تامر السعيد. ومن تجاربها التسجيلية القصيرة، أفلام «فجر» و «مصنوع من الزجاج» و «في عيون الشمس».

وتتحدث صليب صراحة عن أن التمويل الخارجي لم يعد ميزة مطلقة، بل ينظر إليه حالياً نظرة مختلفة، «قد أصنع فيلماً عن قضية ما ثم توجه إلي اتهامات بالإساءة لصورة مصر لمجرد حصولي علي منحة تمويل خارجي. في «أم غايب» استطعنا تغطية التكاليف، لكن الحصول على دعم آخر ليس مضموناً، لا سيما أن صناع أفلام آخرين قد تكون لديهم أفكار أفضل. وزارة الثقافة المصرية تعطي منحة غير سنوية لكن من الصعب الحصول عليها، لأن إجراءاتها ليست سهلة». وتختتم نادين صليب حديثها بالرد على الانتقاد الموجة للفيلم بالاعتماد فقط على ما تحكيه الشخصيات، قائلة: «الأفلام أذواق. من يقرر أن يستقبل ما في الفيلم على أنه مجرد «رغي» سيستقبله كما يرى ولو كان هذا «الرغي» يخدم الفيلم. لو عاد بي الزمن قد أغير بعض الأشياء في الفيلم، لكن سأبقى على كلام حنان كما هو، وربما أكثر. أنا ضد التصنيفات، ليس كل من يتكلم للكاميرا يكون ريبورتاجاً. البطلة قالت لي: «أنت الوحيدة التي تصغي إلي»، ما يعني أن ما قالته أمام الكاميرا خرج على لسانها للمرة الأولى».

قبسات من الجمال وحكي معروف

الدار البيضاء – مبارك حسني

مثل أي فن يعتمد على السرد، تحب السينما التركيز، وتنأى عن اﻹطناب إﻻ إذا كان مقصوداً كأسلوب جمالي وغاية تعبيرية. في فيلم «الأوراق الميتة» ذي العنوان الشاعري، نأى المخرج الشاب عن فيلمه في مجاهل سردية كثيرة، لرغبة دفينة وغضة في قول الكثير دون دوافع تمليها صيرورة الكتابة السيناريستية الواضحة المعالم منذ الوهلة الأولى، على رغم كل ما حاول زرعه من لبس وغموض، فبطلة الفيلم «زهرة» التي تمتهن فن الرقص اﻹبداعي تخفي سراً، وهو ما سيُكشف في النهاية بعد رحلة أكثر من ساعتين من تلاحق الصور واللقطات، ومرور الكثير من الشخوص، وتذبذب اﻷحداث، وعبور العديد من الثيمات والموضوعات التي يصب بعضها في عمق القصة الأساسية، وبعضها تم التطرق إليه من باب الانخراط في أسئلة الواقع من دون أي مبرر موضوعي. هنا حديث عن المرأة وعن الفن وعن الجمال وعن السينما ولكن من فوق، كحديث فقط تعضده صور.

تعيش البطلة زهرة لفنها بكل جوارحها، وتُمني النفس بتنظيم حفل في المعهد الذي تُدرس به الرقص ضداً من كل العوائق. معهد تديره سيدة يهودية تظهر بكل رموز الانتماء الديني الذي لها واضحة في الصورة وهي «تقاوم» بشدة من يريد ترحيلها إلى إسرائيل، مؤكدة تشبثها بالعيش في بلدها المغرب! هذا التأكيد البيِّن في الفيلم دليلٌ على تخبط بين الأصل الدرامي والفرع المجاني المُقحم، وهو جزء من حالات مماثلة بخصوص موضوعات أخرى تحضر في الفيلم. في مواجهة زهرة يوجد البطل الذكوري الذي اسمه الغازي، ولكنه لن يكون فاعلاً في السرد إلا بعد مرور وقت طويل، وهو رجل له عين بيضاء ووجه قبيح منفر سنكتشف سببه في آخر الشريط، وهو ﻻ يفتأ يتعقبها بصمت ويتشح بنوع من ملامح الشر في الحركة والنظرة والسلوك. لكنه ليس مجرماً كما قد يبدو للوهلة الأولى. لا، فهو طبيب نفساني له علاقة عنيفة وكارثية مع البطلة. خلال تعقبه ومتابعتنا له، نعيش كمشاهدين في خضم من الوقائع تمر مثل صور أخرى لعوالم أخرى، وهو ما ﻻ يسمح بالتماهي الذي نستشف أن المخرج توخاه، وذلك بتواجده بقدرة قادر في التوقيت والمكان المناسبين بالقرب من الأحداث من دون أن يشارك فيها، بعد أن تكون بطلتنا ربطت علاقة غرامية ما تنتهي في السرير وبقتل العشيق المختار في كل مرة، صحافي مصور أوﻻً، تغرم به بعد جفاء عبر حكاية حب عابرة، وهذه الأخيرة تشكل حكاية صغيرة مستقلة لذاتها في حقيقة الأمر. ثم ثانياً راقص عضو في فرقتها يُغرم بها، ضداً من رغبة عشيقته السابقة. وهكذا تتناسل صور القتل العنيف المرتبطة بها، في حين ﻻ تكف هي تعلن براءتها وجهلها بما وقع وكيف وقع، وذلك وفق تقنية الأفلام التشويقية الأميركية وعوالمها التي تعتمد الاستبطان النفسي كمحدد للجريمة. وبطلتنا عَرفت مراهَقةً غير عادية جعلتها تعيش صدمة قوية سكنت مكان لاوعيها، وبالتالي فالشريط يحاول أن يتعرف كل ذلك كي يحل في آخر المطاف لغز القتل في السرير بعد ليلة معاشرة.

يبدو لنا شريط «الأوراق الميتة» من خلال ما سبق، عبارةً عن تشتت حكائي في اتجاهات متعددة. ويبدو هذا جلياً حين نعرف أن المخرج تخير مكاناً لحكايته/ حكاياه هو فضاء أجمل مدينة بالمغرب، وهي مدينة إفران بجبال اﻷطلس المتوسط، حيث تنتشر إحدى أبرز غابات شجر اﻷرز على وجه البسيطة. وقد تم الاختيار ليس لأنها تساهم في الدفع بالحكي درامياً وبالتشويق اللازم، بل لأنها جميلة كما لو لتشفع للمخرج كل ما قد يثيره الشريط من ردود وتعقيبات. وحقاً تمنح السينما بعض التعويض عن حدوث العطب السردي، لكنها قد تؤكد أيضاً الخطأ وتبينه علانية، فقبل حدوث القتل مرات عديدة كنهاية مرحلية في الفيلم في مسار البطلة زهرة، يمنح جمال المدينة الطبيعي الخلاب كادراً أو إطاراً رئيسياً لحكي الحب برومانسية الكليبات المشرقية المعروفة، ثم ينتهي دوره، فيعود الشريط إلى أسلوب مراكمة الأحداث شيئاً فشيئاً، مستخرجاً من قبعة إخراجية غريبة وخصبة علاقات جديدة وتحديات ومشاكل يجب حلها في الحين كي يتم الانتقال أكثر نحو نهاية يطول أمد وصولها. وهكذا نقف على عمل سينمائي تحضر فيه الصورة كحامل لشخوص وحركة من دون أن تنتقل إلى مستوى الحكي الذي سخرت له بداية.

يونس الركاب مخرج شاب رضع السينما عائلياً، بما أنه ابن المخرج المعروف الراحل محمد الركاب صاحب شريط «حلاق درب الفقراء»، الذي عده المهتمون أحدَ الأشرطة المؤسِّسة لسينما مغربية أصيلة حين أنتج بداية الثمانينات. والمخرج يونس يأخذ مساراً مختلفاً، ويبدو أن العصور ﻻ تتشابه، فأبوه خريج مدرسة نضال ووعي جمعي والتزام بدور الفن كرسالة، وهو ما يختلف عن السينما التي ارتضاها الابن بمراهنته على الفيلم العام الجماهيري فقط، فـ «الأوراق الميتة» مجرد فيلم يعتمد في نجاحه على أن يتوسل إلى التقنية المتقنة والكاستينغ المتنوع الحرفي والسرد المتعارف عليه بشكل عام، من دون تجريب ولا اختراق ولا خروج عن الإطار العام للسينما المقبولة مجتمعياً حالياً. هو فيلم يعتمد الصورة الشائعة التي تنتجها التكنولوجيا حالياً.

مئة عام على مولد السيد بدير

القاهرة – هيام الدهبي

ضمن سلسلة كتب «الخالدون» التي يصدرها المهرجان القومي للسينما المصرية لمناسبة انعقاد دوراته، كتب الناقد السينمائي الدكتور وليد سيف عن الفنان سيد بدير(1915- 1986) ذاكراً في مقدمة كتابه أنه: «قد لا يعرف البعض اسم الممثل سيد بدير لأنه لم يكن أبداً بطلاً أو حتى ممثلاً للأدوار الثانية برغم أنه بدأ حياته الفنية منذ منتصف الثلاثينات من القرن الماضي». وبالتالي، يعرفنا سيف به قائلاً: «ولد بدير في 11 كانون الثاني (يناير) من عام 1915 في محافظة الدقهلية. وكانت أولى تجاربه الفنية عام 1932 على المسرح المدرسي في مسرحية «الناصر صلاح الدين ومملكة أورشليم». وبعد نجاح المسرحية أرشده الفنان عبدالقادر المسيري إلى جمعية أنصار الممثل وكان عمره وقتئذ لا يتعدى الخامسة عشر عاماً وكانت الجمعية تضم في ذلك الحين كبار هواة التمثيل المسرحي ومنهم عبدالوارث عسر وسليمان نجيب وإحسان عبدالقدوس وقد رحب الجميع به لخفة ظله وطيبة قلبه».

التحق بدير بعد حصوله على الثانوية العامة عام 1935 بفرقة رمسيس- التي كان صاحبها ومؤسسها يوسف وهبي- للعمل بها ليس ممثلاً ولكن كمساعد لمدير المسرح. وهو لم يصب وقتئذ بالإحباط بل ظن أنه حقق جزءاً من أحلامه بأنه أصبح داخل العالم الذي يحبه. ومن ثم قام بأولى تجاربه التمثيلية الحقيقية حينما أدى دور السجان في مسرحية عنوانها «الاستعباد» بعد تغيّب الممثل الأساسي للدور، وظل يعدّ تلك المساهمة شهادة ميلاده الحقيقية بعد سنوات من العمل ككومبارس أو خلف الكواليس.

أما في السينما فكان أول ظهور له على الشاشة في فيلم «العزيمة» للمخرج كمال سليم. وعام 1951 أسند إليه المخرج عباس كامل شخصية «عبدالموجود» أحد أبناء «كبير الرحيمية قبلي» في فيلم «خبر أبيض» مع الفنان محمد التابعي وهي الشخصية التي اشتهر بها وكانت سبب شهرته لدى الجمهور وما زالت عالقة في ذهن بعض المشاهدين.

ويذكر سيف أن بدير كان قد بدأ حياته الوظيفية أميناً لمكتبة قضايا الحكومة في مجلس الدولة، ثم انتقل للعمل بقسم الدعاية في وزارة الصحة ومنها انتقل للعمل مترجماً ومؤلفاً ومخرجاً للإذاعة والسينما والمسرح والتلفزيون. وعُيّن بدير في الإذاعة المصرية عام 1946 ليصول ويجول في عالم التأليف والتمثيل والإخراج الإذاعي محققاً إنتاجاً غزيراً ومتميزاً، نال بفضله العديد من الجوائز والأوسمة التي كان أولها عام 1954 جائزة عن سيناريو عن فيلم «جعلوني مجرماً» وآخرها كان وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1986.

وقد وصفه البعض، طبقاً لكلام المؤلف، بأنه أحد رواد الواقعية في السينما المصرية وذلك عندما شارك الكاتب نجيب محفوظ والمخرج صلاح أبو سيف في كتابة مجموعة مهمة من أفلام أبو سيف مثل «لك يوم يا ظالم» و«ريا وسكينة» و«الأسطى حسن» و«الفتوة». كما كتب أيضاً أفلاماً لمخرجين آخرين منها «جعلوني مجرماً» و«رصيف نمرة 5» و«أنا حرة» و«غصن الزيتون». وهذا إضافة إلى إسهاماته في السينما الكوميدية في أفلام مثل «صاحب الجلالة» و«المدير الفني» و«المحتال» و«عائلة زيزي» و«إسماعيل يس في الأسطول» و«بين السما والأرض». وكذلك في عدد من الأفلام الميلودرامية مثل «كأس العذاب» و«بائعة الخبز» و«قلوب الناس» و«وداع في الفجر»، كما أنه كمخرج سينمائي اشتهر بالإجادة التقنية في الأعمال التي تعتمد على كوميديا الموقف مثل «سكر هانم»، أو التي تتميز بالأجواء الشعبية الحقيقية كما في «أم رتيبة».

ولم تتوقف إبداعات وإسهامات السيد بدير عند حدود السينما فقط بل هو صاحب تاريخ حافل كمؤلف ومخرج وممثل ومنتج مسرحي حيث ارتبطت باسمه أكثر من 400 مسرحية إخراجاً وتمثيلاً وتأليفاً و200 فيلم كاتباً للسيناريو والحوار و20 فيلماً من إخراجه، إضافة إلى حوالى ثلاثة آلاف عمل إذاعي تنوعت ما بين تأليف وإخراج وتمثيل.

41 دولة أفريقية في مهرجان الأقصر

القاهرة – نيرمين سامي

انتهت لجنة المشاهدة بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية من اختيار الأفلام المشاركة في الدورة الرابعة للمهرجان، التي ستعقد في الفترة من 16 إلى 21 آذار (مارس) المقبل. وقال رئيس المهرجان السيناريست سيد فؤاد: «يشارك في المهرجان هذا العام 31 دولة أفريقية سواء بعروض أفلام أو مشاركة في لجان التحكيم والورش والندوات، بالإضافة إلى مشاركة 10 دول من خارج القارة السمراء في مسابقة أفلام الحريات (الحسيني أبوضيف) والإنتاج المشترك مع الدول الأفريقية».

وتشكلت لجنة المشاهدة برئاسة السيناريست عطية الدريدري من المخرجين أحمد رشوان وأحمد حسونة والناقد فاروق عبدالخالق والسيناريست زينب عزيز. ويشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة أفلام «أرض الأمل» (السنغال) و«لا شيء حلو» (رواندا) و«بيتي وعمار» (إثيوبيا) و«إطار الليل» (المغرب) و«ران» (كوت ديفوار) و«بيلا» (مالاوي) و«الوهراني» (الجزائر) و«أول أكتوبر» (نيجيريا) و«إيف» (بوركينا فاسو)، ولم تستقر اللجنة حتى الآن على الفيلم المصري المشارك في المسابقة، وفي مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة تشارك أفلام من الكونغو ومدغشقر والسنغال وبنين وناميبيا ومصر وغيرها. أما مسابقة أفلام الحريات التي تحمل اسم شهيد الصحافة المصرية (الحسيني أبوضيف) وتسمح اللائحة بمشاركة أفلام فيها من خارج القارة، فتضم أفلاماً من جنوب أفريقيا ورواندا ونيجيريا وتنزانيا وناميبيا) إضافة إلى «موج» (مصر) و»الشيخ عبدالقادر» (الجزائر) و»المطلوبون 18» (فلسطين) و»بعد 11 سبتمبر» (كندا) و»المعجزة الملعونة» (جنوب أفريقيا) و»تمبكتو» (موريتانيا) وهو الفيلم الذي ينافس على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم ناطق بلغة غير الإنكليزية لهذا العام.

من جانبها، أوضحت مديرة المهرجان المخرجة عزة الحسيني، أنه تم تعديل موعد انعقاد الدورة الرابعة، حيث كان من المقرر أن تعقد في الفترة من 17 إلى 23 آذار (مارس) فاستقر الرأي على أن تعقد في الفترة من 16 إلى 21 آذار (مارس) نظراً لأن انتخابات مجلس الشعب في محافظة الأقصر ستجري يوم 22 آذار (مارس)، مشيرة إلى أن فاعليات المهرجان ستبدأ بالورش يوم 10 آذار (مارس) ولكن الافتتاح الرسمي سيكون يوم 16 آذار (مارس). والمهرجان تنظمه مؤسسة شباب الفنانين المستقلين، وستقام الدورة الرابعة تحت رعاية المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، وبدعم من وزارات الثقافة والسياحة والشباب والخارجية، وبالتعاون مع نقابة السينمائيين وبرعاية البنك الأهلي.

العربية نت في

30.01.2015

 
 

الجزء الرابع من السلسلة حقق أعلى الإيرادات في العالم سنة 2014

المخرج الأمريكي مايكل باي يختار المغرب لتصوير 'المتحولون 5'

خالد لمنوري

اختار المنتج والمخرج الأمريكي الشهير مايكل باي تصوير بعض مشاهد الجزء الجديد من سلسلة أفلامه الشهيرة "Transformers" (المتحولون) بالمغرب.

ذكر باي، الذي قام أخيرا بزيارة للمغرب لتحديد مواقع التصوير، أن مشاهد مهمة من الفيلم ستصور بالمغرب، وتحديدا بالرباط ومراكش، على أن يجري تصوير باقي المشاهد في يونيو المقبل بأمريكا.

 الفيلم الجديد هو الجزء الخامس من سلسلة أفلام Transformers، التي تنتمي إلى صنف أفلام الحركة والخيال العلمي، واستطاع الجزء الرابع "المتحولون 4" أن يحقق إيرادات تخطت المليار ونصف المليار دولار في شباك التذاكر العالمي، ليصبح الفيلم الرابع في السلسة للمخرج مايكل باي، صاحب أعلى إيرادات في جميع أنحاء العالم لعام 2014.

وأحدث أول أفلام المخرج مايكل باي في سلسلة Transformers ضجة كبيرة في شباك التذاكر عام 2007، إذ كان الأول في افتتاحه وحقق إيرادات بأزيد من 700 مليون دولار على مستوى العالم، وحقق الفيلم الثاني (Revenge Of The Fallen) في عام 2009 أزيد من 830 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، وفي عام 2011، حقق الجزء الثالث نجاحا كبيرا في جميع أنحاء العالم، بإيرادات تجاوزت مليار دولار.

يذكر أن المغرب شهد، طيلة سنة 2014، تصوير أزيد من 30 إنتاجا سينمائيا ضخما من بريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، وبلجيكا، والهند.

واحتضن المغرب إلى متم شتنبر الماضي، تصوير 32 إنتاجا أجنبيا، باستثمارات بلغت 922 مليونا و133 ألفا و375 درهما (ما يعادل 105 ملايين و26 ألفا و580 دولارا).

وحسب تقرير للمركز السينمائي المغربي، فإن حجم الاستثمارات السينمائية الأجنبية بالمغرب ارتفع بنسبة 150 في المائة، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2014.

وتوزعت هذه الإنتاجات الأجنبية بين جنسيات مختلفة، منها 8 إنتاجات أمريكية، و8 فرنسية، و7 إنجليزية، و3 ألمانية، فضلا عن إنتاج واحد من كندا، وبلجيكا، وإيطاليا، وإسبانيا، وإنتاج إيطالي/أمريكي مشترك.

واستنادا إلى لائحة الأفلام السينمائية العالمية الصادرة عن المركز السينمائي المغربي حول الأعمال المصورة بالمغرب، ينتظر أن تحقق مداخيل الاستثمارات السينمائية الأجنبية رقما يفوق 120 مليون دولار هذه السنة.

الصحراء المغربية في

31.01.2015

 
 

النجومية... «ضربة حظ» أم اجتهاد؟

بين الحظ والمثابرة والإيمان بالموهبة وبما قدر الله للإنسان، تتعدد آراء النجوم حول سؤال «الجريدة» لهم عن مدى اتكالهم على الحظ في مسيرتهم الفنية. لم ينكر هؤلاء وجوده لكنهم يجمعون أنه وحده لا يحقق الطموح وأنه قد يكون وسيلة تسهل بلوغ الهدف ربما، لكن بصورة مؤقتة إن لم يترافق بالعمل الجدي

قد يرمي البعض فشله على الحظ السيئ، وقد يعتبر آخرون الحظ الحسن فأل خير عليهم، لكن في كلتا الحالتين يسيء هذا الرأي إلى مقومات الفنان، وكأنه انتظر الحظ ليأتي إليه ويمنحه الشهرة والنجومية فيما في الحقيقة لا شهرة ولا نجومية من دون تعب وسهر وربما فشل أكثر من مرة.

كل شيء مقدر ومكتوب

أحمد عبدالمحسن

عبدالعزيز الحشاش

«لا أؤمن بالحظ، بل بالفرص التي أعتبرها أفضل من ألف حظ»، يؤكد الكاتب عبدالعزيز الحشاش لافتاً إلى أن الحظ ليس عاملاً أساسياً في وصول الفنان إلى القمة، ولا جواز مرور إلى المراتب الأولى، لأن الفنان المتميز لا يعترف بالحظ إنما يجتهد لبلوغ أعلى المراتب الفنية.

يضيف: «استغلال الفرص الفنية والذكاء والمثابرة والعمل الجاد... كلها عوامل توصل إلى أعلى المراتب حتى وإن رافقتها عقبات فنية، سواء من أشخاص أو من الصدف والمفاجآت، فضلا عن الاستفادة من النصائح والتدريب المستمر على تجاوز العقبات».

يتابع: «حتى لو كان الفنان مؤمناً بأن الحظ يساعده على التطور، في النهاية هذه الأمور مجرد قسمة ونصيب، سواء نجح الفنان أو فشل يبقى كل شيء بيد الله عز وجل».

أحمد المطوع

«الحظ موجود ولكن المبالغة في الاتكال عليه غير مقبولة»، يؤكد المطرب أحمد المطوع، مشيراً إلى أن استمراره في الوسط الفني ووصوله إلى أعلى المراتب يحتاجان إلى بذل جهود وعمل جاد وعدم الاستسلام في حال التعرض للفشل. ويوضح أن وصول الفنان إلى النجومية لا يعتمد على الحظ رغم وجود نسبة بسيطة منه.

يضيف: «واجهت في بدايتي الفنية مشاكل تغلبت عليها، وما زلت أتعرض للكثير وأحاول الوقوف على قدمي وتقديم المزيد داخل الوسط الفني. ليست الأمور بهذه السهولة التي يعتقدها البعض، تتحكم العاطفة بالجمهور فيعتبر أن فناناً معيناً محظوظ لأنه أخرج مواهبه أمام الشاشة وأمام العالم، ولكن يجب أن يفطن أن هذا الفنان في بدايته حارب واجتاز عقبات للوصول إلى أعلى المراتب، وإطلاق كلمة محظوظ عليه تقلل من العمل الذي قدمه».

يعتقد المطوع أن المستقبل بيد الله عز وجل، سواء فشل الفنان أو حقق نجومية، يتابع: «يحتاج الإيمان بالحظ إلى دراسة وإلى معتقدات غير صحيحة. الله عز وجل يكتب أحداث الإنسان كاملة بمجرد تكوينه كإنسان، لذلك على كل شخص يؤمن بوجود الحظ في حياته مراجعة حساباته. كل شيء مكتوب ومقدر علينا، ولا نملك إلا الاجتهاد للوصول إلى أعلى المراتب».

إبراهيم الشيخلي

«الإنسان هو من أطلق هذه المسميات ليداري فشله ويرميه خلف مقولة الحظ»، يوضح الفنان إبراهيم الشيخلي مؤكداً عدم إيمانه بالحظ، ومشيراً إلى أن كل شيء مقدر ومكتوب.

يضيف: «لا دليل على وجود الحظ، أعتقد أن هذه الأمور مجرد تفاهات. يوهم الإنسان نفسه بها ليخفي أمراً ما، ثم الوصول إلى المراتب العليا لا يأتي صدفة بل بالمثابرة والعمل الجاد والمستمر، وهي عوامل وحيدة لبلوغ الفنان قمة الهرم في الوسط الفني، ولو سألت الفنانين الكبار حول كيفية تحقيقهم أعلى المراتب، فلا أعتقد أحداً سيقول إنه وصل عن طريق الحظ، لأن هذه الكلمة إهانة في حقه، فلولا الله والجهد المستمر لما حقق الشخص طموحه سواء في الفن أو غير الفن».

يستهجن الشيخلي بعض الفنانين وطريقة تعاملهم مع التفاهات، على حد قوله، واعتبارها أموراً جدية، فيما هي لا تعطيهم سوى الفشل المستمر في حياتهم الفنية، «ثمة فنانون يؤمنون بوجود الحظ كإيمانهم بوجود الحسد والغيرة وأمور أخرى يمكن تجاوزها بتوصيات ونصائح من الفنانين الكبار، لا يوجد فنان يحصل على أكثر من حقه، فمن يجتهد سيحصل على كل ما يتمناه ومن يعتمد على الحظ سيفشل».

الاجتهاد وصقل الموهبة

بيروت  -   ربيع عواد

إيميه صياح

«للحظ دور في حياتي» توضح إيميه صياح التي عرفها الجمهور كمقدمة تلفزيونية قبل خوضها مجال التمثيل من خلال دورها الأول جلنار في المسلسل اللبناني «وأشرقت الشمس»، مؤكدة من خلاله أنها مشروع ممثلة موهوبة واعدة، وها هي اليوم تحضّر لخطوتها التمثيلية الثانية.  

لطالما تباهت الممثلات بتقديمهنّ أدواراً ثانوية قبل تحقيق دور البطولة، لكن صيّاح حصدت دور البطولة منذ البداية. وعما إذا كانت تعتبر ذلك ضربة حظ تؤكد: «صحيح أنها فرصة أو ضربة حظّ، لكنني أطمح دائماً إلى التقدم في المجالات المهنية التي أحب، لذا اجتهدت لتحقيق حلمي، واستعديّت لتلقي الفرصة الكبيرة واقتناصها كما يجب».

لا تعترف صيّاح بأن الحظ وحده كفيل بدعم أي إنسان للوصول إلى المراتب الأولى، بل الاجتهاد وصقل الموهبة هما العاملان الأهم، وتتابع: «راودني الخوف والقلق حين عرض عليّ دور البطولة، لكنني اعتبرت الفرصة جميلة من ناحية التركيبة الدرامية، كتابة وإخراجاً وإنتاجاً وتمثيلاً، فضلاً عن روعة الدور، ما حمّلني مسؤولية ودفعني إلى أن أكون جاهزة لتقديم أفضل ما لدي».

تعترف صياح بأن وقوفها إلى جانب ممثلين لديهم تاريخ في الدراما اللبنانية على غرار رولا حمادة، نهلا داوود، يوسف الخال، جوزف بو نصّار، هو من باب الحظ أيضاً، وقد حمّلها ذلك مسؤولية بضرورة عدم الوقوع في الخطأ، تقول: «هؤلاء دعموني، فتخطيت بفضلهم ذاتي واجتهدت لتقديم المزيد والتقدّم أكثر».

سينتيا خليفة

«الحظ والجرأة والثقة بالنفس أساس النجاح» تؤكد سينتيا خليفة التي أثبتت نفسها في تقديم البرامج وتميزت في مجال التمثيل، لافتة إلى أن الجرأة مطلوبة لا سيما في الوقوف أمام الجمهور، إنما الثقة بالنفس هي التي تدفع الإنسان الى التقدم.

عن الحظ في حياتها تضيف: «جعلني الحظ أدخل مجال التلفزيون في سنّ يافعة، لذا اختبرت بعيداً من الأضواء، خطيْ الصواب والخطأ، قبل أن أتلقى عروضاً كبيرة، خصوصاً أن وقوعي في الخطأ أثناء تقديم برنامج MTV @ أخف وطأة من الوقوع في الخطأ في برنامج ضخم منتشر على الشاشات العربية.

تتابع: {أنا محظوظة بدعم والديّ اللذين تبقى لهما الكلمة الفصل في القرارات المفترض أن اتخذها، لأن ثقتي فيهما كبيرة جداً، ورغم أنهما لا ينتميان إلى هذا المجال المهني إنما خبرتهما في الحياة تتخطى خبرتي الشخصية بأشواط. من هنا كنت انتقائية في خياراتي المهنية ولم أقبل إلا العمل الذي يفيدني مهنياً}.

تشدد خليفة على أن الاتكال على الحظ من دون اجتهاد وذكاء لا يوصل إلى أي مكان، لأن الإنسان المتميز، حسب وجهة نظرها، هو الذي يعرف استغلال الفرص وإثبات جدارته وإمكاناته للتقدم.

تضيف: {يجب أن يتمتع الإنسان بالمثابرة والاجتهاد وأن يقتنع بجهوزيته التامة ليتقدم خطوات إلى الأمام، وعندما يحقق الخطوة الأولى تكون اللاحقة أسهل. لن أقول أبداً إنني غير جاهزة، وإذا كنت مشككة ضمنياً في هذا الأمر، فسأحاول إخفاء شعوري لتحقيق تقدّم مهني}.

زينة مكي

{منذ خطواتي الأولى في عالم التمثيل حظيت بمحبة الناس} تشير زينة مكي التي قدمت في عام واحد فيلمين سينمائيين: {حبة لولو}، و{نسوان... ليش لأ}، وهو ما تصفه بـ{ضربة حظ}.

 تضيف: {صحيح أنني سبق أن قدمت أفلاماً قصيرة، عُرض اثنان منها في مهرجانات خارج البلاد، لكن الحظ أدى دوره من خلال لقائي صدفة بالمخرجة ليال راجحة التي عرضت عليّ دوراً في {حبة لولو}، فحقق الفيلم نجاحاً وأحبني الناس من خلاله، من ثم التقيت السيناريست يوسف سليمان الذي تعرّف اليّ كمخرجة أفلام قصيرة، لكنني أبلغته شغفي بالتمثيل، فعرض عليّ المشاركة في ورشة تدريبية خاصة بفيلمه الجديد، على أن يعطيني دوراً إذا لمس تطوراً في أدائي التمثيلي. وهكذا شاركت في فيلم {نسوان}}.

تتابع أنها لو اتكلت على الحظ ولم تجتهد على نفسها وأثبتت قدراتها منذ خطواتها الأولى، لما اكتسبت ثقة أهل الاختصاص ولما استطاعت لفت الأنظار إليها، تقول: {لم أتخيل أن يتعرّف إليّ الجمهور سريعاً من خلال فيلمي السينمائي الأول، وأن ينتظر صدور فيلمي الثاني {نسوان}، وحتى اليوم يسألني عن كل جديد أنوي تقديمه}. وعمّا إذا كانت ستستغل نجاحها كممثلة لإخراج فيلمها السينمائي الأوّل هي المتخصصة أصلا في الإخراج تؤكد: {طبعا فالحظ ساعدني هنا أيضاً وسأستفيد من المحبة التي كسبتها كممثلة لأثير فضول الجمهور كي يشاهد فيلمي الطويل}.

استغلال الفرص

القاهرة –  بهاء عمر

علاقة مصطفى قمر مع الحظ جيدة، ففي بداية حياته الفنية التقى في الإسكندرية، صدفة، الفنان والموزع حميد الشاعري الذي شجعه على خوض رحلته الفنية. كذلك حالفه الحظ في خطواته الأولى في التمثيل، خصوصاً في أفلامه الأولى: «الحب الأول، أصحاب ولا بيزنس، عصابة الدكتور عمر» التي لاقت نجاحاً فاق توقعاته.

في المقابل، كان لسوء الحظ نصيب في حياته أيضاً، عندما توقفت مشاريعه السينمائية، من بينها: «جوه اللعبة»، بسبب مشاكل واجهت فريق العمل أثناء التصوير، عدم التوفيق في توقيت عرضه سينمائياً بعد تأجيل اكثر من مرة، ما تسبب في عدم تحقيقه إيرادات مرتفعة، وقد أثر ذلك على مسيرته السينمائية لاحقاً.

توفيق ونصيب

الحظ مرادف للتوفيق، بالنسبة إلى حسن الردّاد، لذا يعترف بوجوده، لا سيما أنه تعرّض لمواقف في حياته الشخصية والفنية، واجتهد لإنجاحها لكنه لم يوفق، من بينها: أعمال فنية انتهى من تصويرها وكان مقرراً عرضها في وقت قريب، لكنها تعطلت بسبب الظروف السياسية أو ازدحام جداول عرض الأعمال على الشاشات، أو عدم رغبة المنتج بالمغامرة بالعرض في موسم غير مضمون.

رغم سوء الحظ الذي واجهه عندما انهار منزل عائلته بمدينة دمياط ووفاة عدد من أفراد أسرته، ومع حزنه الشديد عليهم، رأى جانباً آخر اعتبره من حسن الحظ، وهو أن والدته لم تكن داخل المنزل أثناء سقوطه، لذا يردد مقولة: «الحظ موجود وربنا دايماً بيقدم الخير».

لعلا رامي نصيب وافر من سوء الحظ، فمنذ زواجها من المغني الشعبي نادر أبو الليف، بعد قصة حب بدأت بالإعجاب منذ أيام الدراسة ثم اختفاء نحو 15 عاما، يطاردها سوء الحظ، إذ سرعان ما انفصل الزوجان، كذلك عرضت أعمالها الأخيرة على فضائيات غير جماهيرية وفي أوقات غير مناسبة، ما سبب لها حالة من الضيق، لكنها لم تستسلم لما تتعرض له بل تسعى إلى تغييره باستمرار.

يبدو أن الحظ يبتسم لها هذه الفترة، إذ تعود إلى الساحة الفنية بعد فترة انقطاع، مسرحياً عبر {جزيرة الضحك» للأطفال، سينمائياً عبر «قيصرون»  أول فيلم مصري ثلاثي الأبعاد، و{رئيس ورطة» الذي يجري التحضير له.

تجارب متفاوتة

لم يكن عمرو سعد يعترف بالحظ، إلا أن سوء الحظ الأبرز الذي واجهه، كان في فيلم «أسوار القمر»، الذي تأجل لظروف إنتاجية وانتظار خبراء ديكور أجانب، ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل تعرض آسر ياسين إلى إصابة في قدمه منعته من التحرك فترة طويلة، فتاجل التصوير مرة أخرى. لكن الحظ ما لبث ان ابتسم له إذ عرض عملان له في التوقيت نفسه هما: «ريجاتا» و{أسوار القمر».

تعرّض صلاح عبد الله لتجربة مزدوجة مع الحظ، تحديداً مع فيلم «365 يوم سعادة» مع أحمد عز ودنيا سمير غانم، الذي كان مقرراً عرضه قبل يوم من ثورة يناير 2011، لكن الأحداث التي واكبت الثورة أغلقت دور العرض فتأجل.

رغم ذلك قوبل بحفاوة لدى عرضه، وحقق نجاحاً على المستوى التجاري في دور العرض، وعلى مستوى العرض الحصري على شاشات الفضائيات.

يعتبر خالد سليم نفسه من أصحاب الحظ الجيد، إذ التقى، في بداية حياته، مدحت صالح الذي استمع إلى صوته وأعجب به ونصحه بالاستمرار وعدم الاكتفاء بالغناء كهاو، وكان صالح أول من تنبأ بموهبته، لذا هو قدوة لخالد سليم ومثاله الأعلى.

يؤكد سليم أن سعادته اكتملت كذلك حظه عندما غنى مع مدحت صالح  دويتو «كوكب تاني» بعدما أعادا توزيع الأغنية.

رافق الحظ نسرين في بداياتها إذ شاركت مع نجوم كبار، على غرار يسرا، في أعمال عدة، ومع المخرج يسري نصر الله في فيلم «احكي ياشهرزاد»، ومع أنها أدت دور البطولة في مسلسل «سجن النسا» إلا أنها كانت محظوظة بالنجاح والحفاوة التي قوبل بها دورها في العمل.

حسن الحظ فرصة، بالنسبة إلى نسرين، لكن يجب أن يترافق مع تعب ومجهود يبذلهما الشخص لتحقيق ذاته، ورغم إيمانها بوجود سوء حظ ولكنها ترفض الاستسلام له.

الجريدة الكويتية في

31.01.2015

 
 

“The giver”.. عالم المثالية الرمادي

جنة عادل – التقرير

قبل أن تقرأ هذا المقال، هل لي أن أطلب شيئا؟ خذ جولة سريعة في عناوين الصحف العالمية اليوم، افعل هذا من أجلي، لا يهم في أي يوم ستقرأ ما أكتبه الآن، ولا في أي يوم كتبته أنا. لنختر يومًا عشوائيًا غير مرتبط بحدث بعينه، ومجهولًا تمامًا بالنسبة لي، ونجري تجربة صغيرة، هلا فعلنا؟

عدت؟ مرحبًا من جديد. في البداية دعني أعتذر عما جعلتك تمر به، فالعالم كما نعرفه اليوم، وكما لاحظت بنفسك بعد تجربتنا الصغيرة، يجعل من تصفح الأخبار شيئا مقبضًا: حروبًا، إرهابًا، كوارث طبيعية، فقرًا، مرضًا، مجاعات، ظلمًا، كراهية، والكثير جدًا من الدماء المراقة دون داعٍ. محمود درويش قالها يومًا ورحل، وجئنا وسنرحل، وسيأتي الكثيرون بعدنا ويرحلون، ومقولته تثبت صحتها يومًا بعد يوم: عالمنا “يطفو على القتلى كعادته”.

والآن، دع المخرج الأسترالي “فيليب نويس- Philip Noyce” يقدم لك عرضًا مميزًا في فيلمه “The giver” أو “المانح”. من إنتاج العام 2014، والمأخوذ عن قصة الأمريكي “لويس لوري- Lois Lowry” التي صدرت بنفس الاسم عام 1993. ماذا لو كان هناك بديل لهذا كله؟ عالم بلا حروب ولا دماء، بلا حقد ولا كراهية، بلا جوع أو فقر أو مرض، أو حتى كوارث طبيعية؛ عالم مثالي، عالم مفرط في المثالية في الواقع.. أثار اهتمامك؟ جيد.

أسست مجموعة ممن يطلق عليهم “الكبار” هذا العالم، بعد أن تسببت كارثة ضخمة في فناء البشرية، ترؤسهم العبقرية “ميريل ستريب- Meryl Streep”  التي لا نعرف اسمها طوال الأحداث، إذ ينادونها بـ “رئيسة الكبار” وحسب.

محا الكبار ذاكرة الجميع، ووضعوا مجموعة من القواعد الصارمة وراقبوا كل شيء وكل شخص بعناية طوال الوقت، للتأكد من تنفيذها، لضمان عدم تكرار السيناريو السابق. مجموعة من القواعد التي تبدو بسيطة وعادلة: استخدم اللغة بدقة، ارتد الملابس المخصصة لك، والتي تشبه ملابس الجميع، تناول أدويتك يوميًا، ولا تكذب أبدًا.

في هذا العالم المثالي، ذهبت كل الاختلافات التي تسببت يومًا في حروب أو نزاعات إلى غير عودة، الأديان، الحدود، الأعراق، الجنس والزواج؛ حتى الألوان، قاموا باختزالها للونين الأبيض والأسود، لنصبح في النهاية أمام مجتمع رمادي متناغم صحي نظيف وآمن تمامًا.

يقوم مهندسو الجينات بتخليق الأجنة، ويتم اختيار الأمهات الحاضنات بعناية، يضعن أطفالهن، ثم يتم إيداع المواليد مستشفى خاصًا للرعاية، وبعد فترة، يوزع الأطفال على العائلات التي ستقوم بتربيتهم وفقًا لمعايير المجتمع وقواعده، بحيث تتكون كل عائلة في النهاية من أب وأم وأخ وأخت غير مرتبطين جينيًا، ويتم كل هذا في احتفال سنوي مهيب.

في ذات الاحتفال، يوزع “الكبار” الخريجين على الوظائف المناسبة، وفقًا لتفضيلاتهم، وأدائهم في مختلف الأعمال التطوعية التي هي جزء من تعليمهم الأساسي، وفي الاحتفال نفسه، يحتفل المجتمع بـ ” تسريح” كبار السن لـ “المكان الآخر- Elsewhere”، وهو مصطلح يطلقونه على أي مكان خارج حدوهم، وسنكتشف لاحقًا أن له معانيَ أخرى.

في واحد من تلك الاحتفالات، نتعرف بـ “جوناس- Jonas” الذي يلعب دوره الفنان “برينتون ثوايتس- Brenton Thwaites”، شاب عادي جدًا سيتخرج اليوم، دون تفضيل لأي مجالات العمل، ودون تفوق واضح في أي مجال من مجالات التدريب، دعني أعرفك أيضًا بـ “فيونا- Fiona”، وتؤدي دورها “أوديا راش- Odeya Rash”، صديقته الجميلة العذبة.

تحظى فيونا في الاحتفال بوظيفة في مركز رعاية حديثي الولادة، ويوزع باقي الشباب على مختلف الوظائف، ويتبقى “جوناس” ليحظى بالوظيفة الوحيدة التي لا يقوم بها سوى شخص واحد فقط  كل 10 سنوات، “ملتقى الذكريات”.

سيتعين على جوناس إمضاء ساعات من التدريب مع حامل الذكريات السابق الذي أصبح الآن “مانح الذكريات- the giver”، والذي يقوم بدوره النجم “جيف بريدجس- Jeff Bridges”، لينقل له الأخير ذكريات العالم ما قبل كل تلك المثالية. كل ما حدث قبل أن يقرر الكبار محو ذكريات الجميع وأنفسهم، وبما يحمله من معرفة، سيصبح “جوناس” بعد انتهاء تدريبه، مستشارًا يلجأ إليه الكبار عند الحاجة لاتخاذ قرار لا تسعفهم فيه خبراتهم الخاصة وذاكرتهم الممحوة.

في وظيفته الجديدة، يعفى “جوناس” من الالتزام ببعض قواعد المجتمع الأساسية، فيتاح له أن يكذب، ويتاح له أن يسأل، كما يحظر عليه أن يناقش ما يتلقاه في تدريباته مع أي كان.

يبدأ “مانح الذكريات” بنقل ما يعرفه لـ “جوناس” بالتخاطر، يبدأ بالذكريات المبهجة كالألوان والموسيقى والحب والتلامس، ما يجعل الفتى يتساءل: لماذا تخلت البشرية عن هذا كله في مقابل تلك الحياة الرمادية التي يعيشونها؟ ويوضح له المانح تبعات تلك الأشياء وما سيترتب على استعادتها، ويخبره أن تلك الأدوية التي يتناولها الجميع كل يوم، ما هي إلا مثبطات للمشاعر، يجبرونهم على تناولها كي لا يشعر أحدهم بأيه مشاعر حقيقية، كما يخبره أن كل تلك الذكريات المحجوبة عن الآخرين يمكن أن تعود إليهم إذا تجاوز أحد حاملي الذكريات حاجز الذكريات الخارجي الموجود على حدود مجتمعهم.

يقرر والد “جوناس” استضافة أحد الأطفال في العائلة، “جابريال- Gabriel” حديث الولادة الذي لا تؤهله حالته الصحية الغير مستقرة لأن يصبح فردًا في أي عائلة، ولم يتقرر تسريحه بعد. تتردد الزوجة التي تعمل في وزراة العدل، والتي تقوم بدورها النجمة “كايتي هولمز- Katy Holmes”، بينما يتحمس “جوناس” كثيرًا للوليد، وتزداد مشاعره نحوه بعد أن يرى في معصمه علامة مميزة، يحملها هو ويحملها مانح الذكريات أيضًا، ما يجعله يستنتج أن “جابريال” سيكون “متلقى الذكريات” القادم.

يتوقف “جوناس” عن تناول أدويته  ليختبر المزيد من تلك المشاعر الجديدة، يتمكن من رؤية الألوان، يشعر بالحب نحو “جابريال” الصغير، فينقل له بعضًا من الذكريات المبهجة التي أصبح يحملها الآن، كما يقع في حب “فيونا”.

ثم يحدث أن يتعرض المانح لرؤيا سيئة عن حرب ما، وأن تنتقل الرؤيا لـ “جوناس” دون قصد، يهلع الفتى ويهم بالتراجع عن مهمته، لكنه يدرك أن “جابريال” الصغير سيتم تسريحه لكونه غير لائق صحيًا، وهنا يستوعب أن التسريح هي الكلمة الألطف التي يستخدمها الكبار عوضًا عن القتل، وأن تلك المحاولات المضنية لخلق عالم من التشابه، اعتمدت بالأساس على استبعاد المختلفين، التخلص منهم، أو للدقة اللغوية، قتلهم؛ هكذا يحتفظون بمجمتمعهم مثاليًا.

بالطبع ينتهي الفيلم بعبور “جوناس” حاجز الذكريات مع “جابريال” بمساعدة “فيونا”، وبعودة الذكريات للبشر مرة أخرى، في اللحظة الأخيرة قبل تطبيق حكم الإعدام على المانح و”فيونا”، فتعود المشاعر والألوان والذكريات في نفس اللحظة للجميع، ويعثر “جوناس” و”جابريال” على بيت حقيقي في نهاية المطاف.

بالرغم من وجود الكثير من الثغرات في القصة التي كانت بالأصل كتابًا للمراهقين، وبالرغم من أن المعالجة السينمائية للقصة كانت لتسمح بالمزيد من العمق، إلا أن “نويس” نجح في تقديم صورة مذهلة، سرقك فيها رويدًا رويدًا من عالم بالأبيض والأسود، لعالم من الألوان الحية جدًا، وتنقل بينهما بسلاسة بالغة خلال الأحداث، التدرج في إدخال الألوان للفيلم مذهل حقًا، والمشاهد التي اختارها “نويس” للتعبير عن ذاكرة العالم مدهشة، مشاهد الثورات ومنها الثورة المصرية، مشاهد من مهرجان وودستوك للموسيقى، مشاهد الموت والولادة والصلوات في شتى بقاع الأرض، ووجوه الباحثين عن عالم أفضل عبر التاريخ من جميع أنحاء العالم.

قد يرى البعض في مجتمع “لويس لوري”، عديم الألوان والذاكرة؛ يوتوبيا حقيقية مقارنة بما نحياه اليوم، وقد يرى فيه البعض ديستوبيا الحكم الشمولي الذي يقرر للجميع مصائرهم بحجة أنه “يعرف أكثر”، ويعتمد بالأساس على حجب تلك المعرفة لاستمراره وبقائه. فماذا عنك؟ هل حسمت أمرك؟ إذا كان الأمر عائدًا إليك، أيهما ستختار؟ عالم مثالي بلا مشاعر حقيقية أو شغف؟ أم عالمنا بكل فوضاه وآلامه وأمل وحيد نطارده منذ الأزل في حياة أفضل، نتعايش فيها مع اختلافاتنا دون عنف، ودون أن نفقد مشاعرنا تمامًا؟

التقرير الإلكترونية في

31.01.2015

 
 

بالصور المتحركة..

10 أسرار لا يعرفها أحد عن جونى ديب..

النجم يعانى من الحساسية بسبب الشوكولاتة..

واعتقل مرتين من قبل.. وظهر عاريًا بالمدرسة الثانوية..

وعمل فى مجال التسويق التليفونى والسر رقم 2 سيفاجئك

كتبت شيماء عبد المنعم

هناك العديد من الأسرار لا يعرفها المشاهد عن نجومه المفضلين، وهذا ما يجعل جزءًا كبيرًا من حياة المشاهير محاطًا بالغموض، لذلك تسعى الصحافة والإعلام وراء كشف هذا الغموض، حيث نشر موقع moviepilot 10 أشياء لا يعرفها أحد عن النجم جونى ديب، وجاء على رأس القائمة أن النجم كان يعانى فى صغيره من حساسة شديدة تصيبه بمجرد تناوله الشوكولاتة وهذا ما كان يزعجه، أضافه إلى أن أهم أفلامه كان فيلم شوكولا والذى شاركه فيه النجمة جوليت بيونش، وسر جونى الثانى والذى تفاجأ به محبوه هو أنه يشعر بالخوف بل بالرعب من "البلياتشو"، والسر الثالث أنه ظهر عاريًا كنوع من الدعابة عندما كان طالبًا بالمدرسة الثانوية. جونى ديب يعانى من الحساسية بسبب الشوكولاتة أما السر الرابع هو أن ديب لديه وشم على صدره بأسماء أبنائه، والسر الرابع الذى أظهر مدى اجتهاد النجم هو أنه كان يعمل فى مجال التسويق التليفونى قبل دخوله الوسط الفنى، ولم يسلم ديب من المصاعب فى حياته حيث إنه اعتقل مرتين من قبل وهذا هو سره السادس، أما السر السابع هو أنه لديه ميول سياسية واضحة ويعلن عنها بصراحة. أما السر الثامن يظهر الجانب الإنسانى بحياة جونى ديب، حيث إنه تبرع بـ1.5 مليون دولار لصالح مستشفى Great Ormond Street، وعن سره التاسع هو أنه يرتدى خاتمين فضة على شكل جمجمة لا يخلعهما من يده، وأخيرًا السر العاشر هو أنه أنقذ حياة حصان من قبل.

فى مؤتمر صحفى للمخرج الفرنسى العالمى.. بالصور..

إيف بواسييه:أجهز فيلما عن شامبليون لمد جسر بين حضارتى مصر وفرنسا

الأقصر - جمال عبد الناصر

انتهى منذ قليل، المؤتمر الصحفى الخاص بالمخرج الفرنسى العالمى إيف بواسييه الذى يكرمه مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوربية ويرأس أيضاً لجنة تحكيم المهرجان. أدار المؤتمر الصحفى الناقد السينمائى الكبير يوسف شريف رزق الله المدير الفنى للمهرجان وبدأ المؤتمر بتقديمه عن المخرج العالمى قائلا: المخرج العالمى الفرنسى إيف بواسيه قيمة كبيرة كمخرج وقدم ٢٠ فيلما روائيا طويلا ثم اتجه لإخراج أفلام تليفزيونية وأغلب أفلامه سياسية اجتماعية ومن أهم أفلامه فيلم (محاولة اغتيال) الذى تناول محاولة مقتل الزعيم المغربى مهدى بن بركة وقدم فيلم عن حرب التحرير فى الجزائر (لا شىء يستحق الإشارة) وأخرج أيضاً فيلما عن الاتهامات العنصرية التى يشعر بها الفرنسيين تجاه المواطن العربى وهو درس الإخراج فى المعهد الفرنسى. بعدها توالت أسئلة الصحفيين وبدأت بسؤال اليوم السابع للمخرج العالمى عن فرضية إخراجه فيلم عن الأحداث الجارية فى فرنسا الخاصة بحادثة شارل إيبدو فقال: موضوع الإرهاب يستحق المعالجة خاصة بعد الهجوم على جريدة شارل إيبدو ويستحق التناول وله تأثير كبير فى فرنسا حاليا ولأول مرة ينزل ٧ ملايين فرنسى للشوارع وكان من الممكن أن يكون هناك خوف من رد فعل العرب والإسلاميين لكنهم شاركوا فى الوقفة التظاهرية واستقبلوا الأمر بصدر رحب ولم تحدث ردود فعل ضد المسلمين والعرب بل شارك العرب والمسلمون فى التظاهرة الاحتجاجية. وأضاف: هناك بعض التعليقات على المواقع أشارت أن الحكومة ممكن أن تكون وراء الحادث وهذا الكلام لم يصدق من جانب المواطن الفرنسى والمسلمين فى فرنسا الذين كانوا من الذكاء فى أنهم لم يقعوا فى هذا الفخ لكن فى نفس الوقت هناك مواطنون فرنسيون مغفلون يرفعون لافتات تؤيد ما حدث ولم تحدث ردود فعل بعد الحادث ضد الإسلام تطالب بالهجوم على العرب. وردا على سؤال حول التعاون المصرى الفرنسى ضد الإرهاب قال: للأسف مصر فى الخط الأول فى كفاحها ضد الإرهاب ولكن الكفاح لابد أن يكون أيضاً من أجل الديمقراطية والكفاح ضد الإرهاب لابد أن يرتبط بالدفاع عن حرية التعبير. وردا على سؤال آخر حول الرقابة فى فرنسا قال بواسييه: الرقابة فى فرنسا لم يتم إلغاؤها فى عهد ميتران لكن الذى قام بإلغائها الرئيس الذى جاء بعده وفى السنوات الأولى للرئيس فرانسوا ميتران حلت محل الرقابة السينمائية رقابة من نوع آخر وهى الرقابة الاقتصادية وتمويل الأفلام فإذا كنت ترغب فى معالجة موضوع يخص الدولة كانت هذه الرقابة الاقتصادية تضع العقبات تجاه أى مشروع. وأضاف المخرج العالمى: أكثر من ١٥ فيلما من أفلامى كانت تقدم الموضوعات السياسية ولذلك رفض لى الكثير وكنت دائماً على خلافات مع الحكومة لأن تمويل السينما فى فرنسا تدعمه الدولة وأى فيلم يهاجم مؤسسات الدولة يجد الكثير من العقبات وهذا ما أعانى منه فى كل أفلامى وعلى سبيل المثال قدمت فيلم عن العنصرية ضد العرب وهذا الفيلم أثار إحراجا للرقابة فى فرنسا وتحت حجة العنف تم منع الفيلم لأقل من ١٨ سنة وهذا للمنتجين يعد كارثة ومنتجة الفيلم قابلت المسئولين بالرقابة وقالوا إن الحظر سيخفض من ١٨ إلى ١٢ سنة بشرط قبول حذف بعض المشاهد. ويضيف بواسييه: الرقابة طلبت حذف مشهد اغتصاب كان يظهر فيه بطن البطلة واستمعت بتعقل لكلام الرقباء ولكنى لم أحذف المشهد ووضعت شريطا على المنطقة التى طلبت الرقابة حذفها من بطن البطلة فى حين أنه لم يحذف أى شىء وهذا يثبت أن الرقباء يرون ما لا يراه الآخرون ولكنهم مغفلون. وحول رأيه فى المهرجان قال: المهرجان دمه خفيف وودوود وأحب أن أتواجد به دائماً والجانب السلبى فى المهرجان أراه فى عدم إقبال الجمهور الأقصرى فهو لا يتردد على مشاهدة الأفلام باستثناء الأفلام المصرية. وحول أهمية السينما فى تناول قضايا الإرهاب قال: مهم جدا أن تقدم الدول العربية أفلاما عن الإرهاب لتقدم وجهة نظرها هى وليس وجهة نظر الغرب والفيلم لن يغير وجهة نظر مجتمع لكنه ممكن أن يكون حجرا فى هدم حائط ضخم مع أحجار أخرى أو حجر فى بناء سد يقاوم الإرهاب. وبسؤاله عن متابعته للسينما المصرية قال: عدد الأفلام المصرية المعروضة فى فرنسا قليلة جدا وفى مصر أيضاً الأفلام الفرنسية قليلة جدا ولكن شاهدت أفلام يوسف شاهين وكنت أعرفه شخصيا وغير أفلام يوسف شاهين شاهدت عمارة يعقوبيان وأنا لدى تأكيد أن هناك مخرجين مصريين سيكون لهم مستقبل كبير مثل أمير رمسيس الذى شاهدت فيلمه وأعجبت جدا به. وأضاف: أنا ضد منع أى فيلم أو أى كتاب أو أى لوحة ولا أحد يرغمك على مشاهدة فيلم أو قراءة كتاب أو مشاهدة لوحة لو لم تكن ترغب فى ذلك وعندما يمنع فيلم يكون هذا أفضل دعاية له وبالتالى يحقق المنع رواجا أكثر من عدم المنع وأعتقد أن الرقابة عدما تمنع فيلما فهذا غباء لأنها تزيد من إقبال رغبة الناس فى مشاهدة الفيلم وقرار منع فيلم هو قرار غبى. وحول الجديد لديه قال: بدأت أكتب فيلما عن شامبليون وهذا المشروع هو جسر بين مصر وفرنسا فى تلاقى الحضارتين وهذا العالم الفرنسى ارتبط بصداقة مع المصريين جعلته يفك طلاسم حجر رشيد وعدد كبير من أفلامى قائمة على أحداث حقيقية لانى بدأت حياتى كصحفى وكنت دائماً أقتبس من الواقع وأى حادث فى أى بلد يختلف من مكان لآخر ولذلك التناول يختلف من مخرج لآخر وعندما أقدم فيلما عن حادث حقيقى أعمل بحثا صحفيا عن الحادث قبل الشروع فى كتابة السيناريو وبعدها أضع أساس الفيلم وأبنى السيناريو مثلما يتم بناء عمارة والأمر مختلف لو نفذت فيلما عن رواية أو مقتبس أدبى

اليوم السابع المصرية في

31.01.2015

 
 

إيف بواسيه من "مهرجان الأقصر":

الرقابة تمنع أفلامي لأنها ضد توجه فرنسا

كتب : محمد عبد الجليل

عبر المخرج الفرنسي إيف بواسيه، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، عن سعادته بوجوده في مصر، مشيرًا إلى أن الأفلام التي شاركت في المهرجان كانت جيدة، لكن ما أحزنه هو عزوف الجماهير عن مشاهدة الأفلام.

وقال بواسيه، في المؤتمر الصحفي الذي نظمته إدارة المهرجان في آخر أيام دورته الثالثة، إن حضور جماهير الأقصر، اقتصر على عدد من الأفلام المصرية، مثل "الفيل الأزرق، بتوقيت القاهرة، ديكور".

وتطرق بواسيه خلال المؤتمر، إلى التطرف والأحداث الإرهابية التي تحدث في العالم، والتي كان آخرها حادث "شارل إيبدو" قائلًا: "الفن لا يستطيع أن يغير وجهة نظر شعب كامل تجاه قضية معينة، كما أن الدول العربية هي الأولى بهذا الدور في أن تقوم بإنتاج تلك الأفلام التي تحارب الإرهاب، وتنقل وجهة نظر صحيحة عنهم للغرب".

وأكد رئيس لجنة التحكيم، أن أعماله تهدف بشكل رئيسي إلى معالجة أمور حساسة بالنسبة للدولة والمؤسسات، مشيرًا إلى أنه يجد العراقيل التي تضعها فرنسا أمام أعماله، حيث يعتبر نفسه من أكثر المخرجين المفروض عليهم قيود، لما يواجهه من مشاكل كثيرة مع الرقابة؛ بسبب تبنيه وجهة مخالفة لتوجهات الحكومة، وذلك يرجع إلى أن الدولة تمول الأفلام بشكل أو بآخر، وهو ما يجعلها متحكمة بشكل ليس بقليل في عملية صناعة السينما.

وضرب بواسيه، مثالًا على صحة كلامه، بأنه كان هناك فيلمًا يدور حول العنصرية ضد العرب، ومنعته الرقابة لمن هم أقل من 18 عامًا، وهو ما يعتبر خسارة فادحة لمنتج الفيلم، وفي محاولة لتدارك الموقف تم منع الفيلم لمن هم أقل من 12 عامًا.

أما عن علاقته بالسينما المصرية، قال بواسيه إن وجود السينما المصرية في فرنسا قليل نوعًا ما، مضيفًا أنه يعرف بعض أفلام السينما المصرية، وعلى رأسها أفلام الراحل يوسف شاهين، الذي تعامل معه بشكل شخصي، كما يعرف أيضًا فيلم "عمارة يعقوبيان".

وأجاب بواسيه على سؤال، حول إمكانية اتجاهه لعمل أفلام تجمع الثقافة المصرية والفرنسية، قائلًا "بدأت كتابة فيلم عن شامبليون، ويعد العمل جسرًا للتواصل بين البلدين، حيث أن شامبليون ارتبط بصداقة مع المصريين عندما نجح في فك رموز حجر رشيد، وأتوقع أن يكون الفيلم واحدًا من أقوى الأفلام العالمية".

الوطن المصرية في

31.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)