كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"المازني" يدعو للاهتمام بالوثائقي وإنصافه إعلاميا

ضاوية خليفة - الدوحة

 

أثبت شباب تونس في الكثير من المناسبات ومن خلال عديد التجارب وعيه الكامل بقضايا وطنه، التفافه حوله وتفوقه في مجالات الحياة، وإدراكه لاختياراته السياسية والفكرية، وشكّل الفن أحد أكبر اهتمامات النخبة وعامة الشعب في نفس الوقت، مما أفرز جيل مثقف وذواق يمتلك رؤية مميزة ويعمل على توظيف تلك المكونات لحمل مشعل من سبقوه، منهم الإعلامي والمخرج "بلال المازني" أحد الشباب الحالم بغد أفضل لتونس وسينماتها والذي يرى أنه حان الوقت لمنح الفرصة للشباب وتأسيس مدرسة فنية جديدة تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص بين المبدعين، ولذا يدعو صاحب فيلم "حكاية صغار" من خلال هذا الحوار الذي أجري على هامش مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية في دورته العاشرة، المسؤولين عن قطاعي الثقافة والإعلام في تونس إلى الاهتمام أكثر بالفيلم الوثائقي الذي لم يأخذ حظه كاملا وهذا من خلال الترويج له.

·        كيف يرى القادم من الإعلام إلى السينما تعامل الإعلام التونسي مع الفيلم الوثائقي بعد ثورة 14 يناير؟

للأسف الإعلام التونسي لم يقم بمهمة الترويج للسينما الوثائقية والآن تقع عليه مسؤولية كبيرة لجعل الجمهور يتعود أكثر عليها مثلما تعود سابقا على أنواع فنية أخرى، فدور الإعلام هو صناعة مشاهد لديه قابلية أكثر نحو الأفلام الوثائقية، لكن اليوم نلاحظ أن عرض الوثائقيات في القنوات التونسية أصبح شبه منعدم، يحصل أن نصادف برمجة عمل أو أثنين لسد فراغ وهذا لا يساعد المتلقي ولا يخدم السينما، بل يهدد بشكل أو بأخر عادة الذهاب إلى صالات العرض خاصة وأن ثقافة الأفلام الوثائقية في تونس متأخرة والإعلام أحد أسبابها لأنه لم يكن جديا في التعامل معها ولم يروج حتى للمهرجانات التي تعنى بالوثائقي، وبالتالي هذه الوضعية كانت سبب تراجع صناعة الأفلام الوثائقية بتونس، والإعلام أغفل هذه التفاصيل بدل أن يقوم بواجبه ودوره التنويري والتوعوي والإعلامي في نفس الوقت، مع العلم أن ما مر به البلد في السنوات الأخيرة والتفاف المبدعين حول تورثهم لتوثيقها يمكن أن يثري كثيرا الرصيد السينمائي للبلد خاصة ما تعلق بالفيلم الوثائقي، أيضا هناك نقطة هامة يجب ذكرها وهي قضية استقطاب الفنان وهذا مشكل لا يقتصر على تونس بل يشمل حتى البلدان العربية، والاهتمام يحصل من قبل مؤسسات غربية تجدها تولي للفنان قيمة وأهمية أكثر من المؤسسات الوطنية سواء كانت مؤسسات إعلامية أو هيئات ثقافية وفنية، مما يجعل الفنان اليوم في السينما والمسرح، أو الموسيقى يميل في تعامله إلى المؤسسات الغربية أكثر من مؤسسات الدولة، والتوجه إلى السوق الغربية يفقد قضايانا قيمتها، ويؤثر سلبا على الإنتاج.

·        مع احتكار بعض الأسماء المحسوبة على نظام "بن علي" المشهد الفني وحصولها في كل مرة على الدعم والتمويل، كيف حاول المخرج التونسي فرض نفسه بين الفترتين، اخذ فرصته والظفر بدعم حكومي لمشروعه ؟

المشكلة يمكن اختصارها في الاحتكار الذي فرضته أسماء ولوبيات معينة كانت تشتغل في قطاع السينما وبقيت تحتكر الصناعة السينمائية الوثائقية في وقت كنا ننتظر أن تمنح الشباب الفرصة حتى يعبر أكثر عن مجتمعه ومشاكله ولكن هذا لم يحصل، فالفجوة كانت أيضا على المستوى الفكري قبل الثورة كنا نقول أن المشهد السياسي ضيق على حرية التعبير وعلى صناعة الأفلام وعلى الفن عموما وبعد الثورة زالت هذه الهواجس، لكن المشكل لم يحل بل بقينا نعاني من بيروقراطية في التعامل مع الشبان، حتى أن الأسماء التي كانت تشتغل في الساحة الثقافية قبل الثورة تقريبا هي نفسها التي بقيت تعمل وتنتج وتأخذ الدعم والمساعدة المالية واللوجستية من الحكومة، وبالطبع كل هذه التفاصيل أثرت سلبا على المشهد السينمائي والثقافي والفني بتونس، ما أحوجنا اليوم إلى جيل جديد من الفنانين والسينمائيين والمثقفين الذين يمكنهم إحداث نقلة نوعية في القطاع تؤسس فعلا لمدرسة فنية تختلف عن المدرسة القديمة في طرحها ورؤيتها للواقع بعيدا عن أية قطيعة بين الجيلين أو تنكر لجميل وانجازات من سبقونا، إضافة إلى قضية الاحتكار هناك مشكل أخر مثلا اليوم بوزارة الثقافة التونسية أغلب أعضاء اللجنة المكلفة بانتقاء الأفلام لا علاقة لهم بالفن، وفي هذه الحالة إذا أردنا التغيير والإصلاح لا بد أن نبدأ من الأساس، فقد بات ضروريا إعطاء الفرصة لمن يستحقها والابتعاد عن المدارس القديمة ومحاولة إيجاد البديل الذي يكون فيه المخرج والمنتج صاحب القرار، في هذه الحالة يمكن أن نتحدث عن مبدأ تكافؤ الفرص، والفصل بين اللوبيات القديمة والموجة الجديدة من المبدعين هو الحال الأنسب.

·        لكن ليس من مصلحة الشاب أن يبقى ينتظر لسنوات التفاتة أو دعم حكومي قد لا يأتي بل عليه انتزاع هذه الفرصة بنفسه على خطى نماذج سينمائيين شباب عرب أليس كذلك ؟

تماما، ليس من مصلحة الفنان أن يبقى ينتظر الدعم والإصلاح، وإلا سنعود إلى سياسة الخضوع للأخر والتسليم بالواقع كما هو في انتظار البديل الذي قد لا يأتي مثلما قلتِ، كما أن الإصلاح الذي ننتظره من أعلى الهرم قد لا يأتي أيضا وهذه ليست نظرة تشاؤمية بل واقع نتمنى أن يحرك الشباب الموهوب ولا يقلل من عزيمته، ومن الحلول القريب والممكنة أن يتجه الشباب للبحث عن بدائل أخرى وهنا أقدم تجربتي نموذجا، فيلمي "حكاية صغار" الذي يتحدث عن الديانات الثلاث بتونس أنتجته من مالي الخاص دون أخذ دعم من أية جهة رسمية أو غير رسمية، هذا لا يعني أني صاحب مال ولكن مؤمن بمشروعي ومقتنع بفكرتي، الشيء الذي يواسيني لأجسد ما رسمته في ذهني حبا لعملي وخدمة للسينما التونسية، فالأهم عندي هو ترجمة الأفكار إلى شكل فني نتقاسمه مع أكبر قدر ممكن من المشاهدين حتى وان كان على حسابنا الخاص، وكفنانين لا يجب أن نبقى ننتظر الدعم بل يمكننا مثلا أن نوسع دائرة معارفنا ونبحث عن مصادر تمويل تتوافق وأفكارنا والسينما التي نقدم.

·        مع أن عامل الرقابة لم يكن مطروحا بعد الثورة كالسابق إلا أن الكثير من المخرجين التونسيين تسابق لإنتاج أعمال وصفت بالاستعجالية ما تعليقك ؟

من الانشغالات التي كانت تقلق صناع الأفلام الوثائقية ما قبل الثورة هو تضيق الخناق عليها، لكن بعد 14 يناير اتسعت مساحة التعبير ولم يعد الوازع النفسي الذي يجعلك دائما تفكر في السلطة والرقابة قائما، وتسابق السينمائيين بعد هذا التاريخ أفرز أعمال استعجالية بالفعل أغفلت المضمون وأخطئت الهدف، وتكالب بعض المخرجين إن جاز استعمال اللفظ وسعيهم لتسويق أعمالهم على حساب المحتوى والنوعية جعلهم ينقسمون إلى منصف للثورة ومقصر في حقها ومسيء لها، علينا أن نتجرد قليلا من السياسة وأن نبحث في أعماقنا عن الإنسان العربي بزوايا وجوانب جديدة، لذا أدعوا زملائي في تونس إلى الابتعاد عن السياسة فهناك مواضيع أخرى تستحق الاهتمام كتيمة الطفل والمرأة والبيئة فهذه المواضيع بالكاد نراها اليوم رغم أنها توثق لمراحل هامة من  ثقافة وحضارة وماضي البلد خاصة أن الأمر يتعلق بالتاريخ الإنساني الذي يجب تدوينه جيدا حتى نحارب كل أشكال التزوير التاريخي للأحداث، فالأمر ليس مجرد مرحلة انتقالية في سياسة دولة، بل يتعلق بحياة الأفراد.

·        من كلامك نفهم أن ما صور وما أنتج لحد الآن لم ينصف بعد الثورة التونسية ؟

لم أرَ بعد عمل يوثق حقيقة للثورة التونسية، ربما بعد سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات سيظهر لنا عمل فني جيد أنصفها وتكلم عنها وعايش أحداثها بكل جوانبها وبزخمها الفني والثقافي والاجتماعي وبعدها الإنساني أيضا وليس عملا براغماتيا يسعى لتسويق المنتج فحسب.

·        بعد مشاركتك في مهرجان الجزيرة للأفلام التسجيلية واطلاعك على التوجهات التحريرية للجزيرة الوثائقية، هل تفكر في البحث عن دعم وتمويل منها ؟

الجزيرة الوثائقية لها مقاييسها الخاصة التي تعتمدها لقبول أو رفض أي عمل، لذلك أظن أنني يوم أتقدم بقراءة بصرية أو بمعالجة لصورة أو موضوع ما يجب أن تكون في مستوى القناة، ويا حبذا لو تتبنى المشروع، فأي منتج أو مخرج يتمنى العمل مع قناة كهذه لها تاريخ محترم وانتاجات مشرفة، حاليا منشغل بالبحث عن مواضيع وأفكار تتطابق وتوجهاتها التحريرية يمكن أن تكون السنة المقبلة فاتحة تعاون مشترك.

·        ما هي المواضيع التي تهتم بها أكثر وتريد العمل عليها مستقبلا ؟

أميل إلى المواضيع التي تنقب وتبحث في التاريخ لنعرف منه حقائق غير التي تلقيناها في المقررات الدراسية، فذاك التاريخ مكتوب بقلم واحد وهو قلم السلطة، بعد البحث والتمحيص فيه أكيد سنجد أشياء جديدة، أحداث وشخصيات صنعت مجد هذا البلد لم تأخذ حقها وواجبنا دراستها وتسليط الضوء عليها، كما أن كتابة التاريخ سينمائيا والتعامل مع هذه المادة الحساسة يعني التعامل مع الذاكرة والخطأ غير مسموح بل يتطلب جهد إضافي لتنوير العقول، ومن هذا المنطلق ستكون لي مستقبلا مواضيع في هذا الجانب وسيرتكز اهتمامي على بعض الحقائق التي لم يتم تناولها أو التطرق إليها من قبل، لعلي أصل إلى أشياء جديدة وإجابات لبعض الأسئلة التي تطرح استفسارات كثيرة.

·        أخذ المبدع الحرية ولم ينل الدعم بعد، بناءا على كل المعطيات المذكورة كيف تتصور مستقبل السينما في ظل المتغيرات التي تعرفها تونس ؟

سأقول رأيي في الموضوع بعيدا عن تلك المعطيات وبناءا على بُعد شخصي واجتماعي، كل واحد منا حتى وإن لم يكن أكاديميا في تكوينه هو قادر على إنتاج فيلم وثائقي ولو بموبايله باعتباره من أكثر الوسائل استعمالا وتوفرا وأقل تكلفة، هناك قصص بسيطة يمكن التوثيق لها شرط أن تقدم بطريقة جيدة ونسق فني جميل يُعبر عن عمق الفكرة المطروحة، فيكون قيمة مضافة للعمل ولصاحبه وللسينما الوثائقية، إذن وجب إعطاء الفرصة للشباب حتى يقول كلمته ويجرب، فإن نجح فيقابل بالشكر والثناء على ما أنجز وتجدد الثقة فيه لتحفيزه أكثر، وان لم يوفق وأخفق فعلى الأقل يكون قد أخذ فرصته، وعليه سيقيّم تجربته لينطلق بأفكار جديدة بعزيمة أكبر، وفي الأخير يمكنني القول "لا خوف" على السينما التونسية التي تمتلك أسماء كبيرة وطاقات هائلة تستحق كل الدعم لتقديم مواضيع تليق بسابع الفنون والبلد، وسوف لن نبق مكتوفي الأيدي بل سنعمل حتى تحل المشاكل وتعطى لكل منا الفرصة التي ينتظر ويستحق.

الجزيرة الوثائقية في

21.01.2015

 
 

لبنانيات على حافة الانهيار العصبي

هوفيك حبشيان

أربع لبنانيات على عتبة الأربعين، هنّ محور الشريط الروائي الطويل الثاني لإيلي خليفة الذي ارتأى أن يضطلع بدور المنفّذ في مشروع كتبت نصّه وأنتجته نبال عرقجي. عمل على قدرٍ عالٍ من السطحية في مقاربة مواضيع اجتماعية، هدفه اقتناص جمهور يهوى السهولة والخفة، وهذا ليس عيباً في طبيعة الحال. مع ذلك يتفوق الفيلم من النواحي التقنية على ما عُرض في الصالات اللبنانية أخيراً من أفلام تلفزيونية محلية هابطة.

"يللا عقبـالكن"، هو النموذج الأسلم للفيلم التجاري المشغول بشيء من الحرفية، لكنه للأسف من النماذج التي تتبلور أفقياً لا عمودياً، يطرح مكبوتات المجتمع اللبناني وظواهره، لكنه لا ينطوي الا على القليل من الجرأة التي تفرضها عليه مستلزمات الترويج والانتشار.

ياسمينا وتالين وزينة وليان، صديقات. فتيات عاديات يعملن في مهن مختلفة. عازبات، عاطفيات، عاديات في كلّ شيء، حتى من ناحية المظهر الخارجي. هنّ نماذج مستقاة من البيئة اللبنانية ذات التنوع الواسع، والناس الذين تتوزع حياتهم بين الخارج والداخل، بين الشخصي والعام. ما يجمع هؤلاء الفتيات اللواتي ينتمين الى الروتين اللبناني أكثر مما يفرّقهن: البحث المتواصل عن شريك لا يفقدهن استقلاليتهن من خلال الارتباط به ولا تندثر شخصيتهن. احداهن اختصاصية تجميل (دارين حمزة) والأخرى ممرضة (مروى خليل) وثالثة تعمل في الأزياء (نبال عرقجي). الرابعة (ندى أبو فرحات) تدير معرضاً فنياً، لكن "مهنتها" الحقيقية صيد الرجال وإرجاعهم الى بيوتهم قبل طلوع الضوء. هنّ ناجحات الى حدّ ما في عملهن، لكنّ الحظ لم يطرق بابهن الى الآن. والحظ في أدبيات المجتمع الذي يخرجن منه، لا يعني سوى العثور على عريس والاقتران به. نظرة المجتمع قاسية عليهن. النجاح المهني يأتي في المرتبة الثانية. الأهم هو ان تتحول الفتاة الى ست بيت، تنجب الأطفال وتربّي الأجيال. ماكينة طبخ ونفخ، كما كان يعتقد أجدادنا.

نتيجة هذا الفهم الرجعي للحياة، تتعرض ياسمينا الى أبشع انواع الضغوط من أمها (جوليا قصار) التي لا تطاق. مثلها كثيرات. حقيقة أن نصّ الفيلم من توقيع امرأة جمّعت تفاصيل من تجربتها مع الرجال، لم تجعل الفيلم نسوياً في الضرورة. هو فيلم "ذكوري" الى حدّ ما، لأن الكثير من اللبنانيات شربن تلك الذكورية مع الحليب. هناك دائماً الصعوبة في الحديث عن المرأة خارج القوالب المعدّة، لافتقار ثقافتنا الى تقاليد النقد والمراجعة. واذا حصل أن قفز المشهد خارج هذا الإطار مرةً او اثنتين، نراه يعود الى الحضن المطمئن، ليغلب مرة جديدة الطبع على التطبع. تريد الفتيات الارتباط، وبأي ثمن أحياناً، على الرغم من عدم وجود المحفز الذي يجعل الارتباط هدفاً مرغوباً، يشتهيه الكبير والصغير. فالعلاقات الزوجية تدوم، كما نراها في الفيلم من بعيد، لكنها تتحول الى اقامة جبرية، إلى سجن يصعب الخروج منه. المرات القليلة التي نرى فيها زوجاً وزوجة، لن يكون لقاؤهما الافتراضي الا في كادرين منفصلين.

الجزء الأكبر من الفيلم يرتكز على أحاديث الفتيات في ما بينهن ولقاءاتهن في اماكن مختلفة. الكلام في صورة خلفية مصدرنا الوحيد الى المعلومات. لا مكان للتفاصيل في الفيلم؛ نبقى في العموميات دائماً. كان يمكن النصّ أن ينقّب أكثر في العمق، ولو من باب الفضول، ليطرح واحدة من تلك القضايا النسائية التي يرزح تحتها الضمير الجماعي اللبناني، حيث مظاهر الحداثة الصناعية تخفي واقعاً فيه الكثير من الرجعية. لكن للفيلم مشاريع أخرى غير تلك التي نطلبها منه، بينها ان يتحول معزوفةً جذابة فيها القليل من كلّ شيء، قليل من الغبطة، قليل من التعاطف، الخ. هذا كله يجعل الفيلم براقاً من الخارج وهشاً في الباطن. تزيده هشاشةً، تلك البيئة الركيكة التي تتطور فيها الحوادث، حيث الجميع يعيش في شقق فخمة ويتجولون بسيارات فارهة، في منطق شبيه بمنطق المسلسلات اللبنانية، ولدينا دائماً الانطباع بأنهم تائهون يجهلون الى اين يذهبون. آخ، كم الحياة مملة عندما يكون المرء "زنغينا" في بيروت!

التقطيع رشيق طبعاً، الحركة سريعة، الصورة مودرن (مدير تصوير باسم فياض)، الألوان صارخة، الحوادث متوقعة. باختصار، يمكن تمضية مئة دقيقة من دون الالتفات الى الساعة أكثر من مرة او مرتين، وهذا عدد مقبول من المرات قياساً بالقليل الذي لدى الفيلم ليعلنه. ثلاثة مشاهد تطرح ثلاث اشكاليات: ولدا شقيقة ياسمين يصطحبانها ليعرّفاها إلى ما يعتبرانه عريساً ملائماً لها. انه عامل أجنبي سمين، أسمر اللون، يبدو  غير مكترث تماماً بما يجري. لا وظيفة اخرى للمشهد غير تكريس هذه العنصرية التي صارت تتفلت من البعض لشدة ما صارت طبيعية. كان يمكن تفادي هذا المشهد، كونه لا يغني الفيلم في شيء. المشهد الثاني أكثر افتعالاً من هذا، ولو كان يعّبر عن عقلية موجودة عند عدد من اللبنانيين: تخرج زينة مع شاب تعرفت إليه للتوّ. نحن في مطعم، تبتسم زينة للنادل، ينزعج الشاب معتبراً انه لا يستحق ابتسامة كهذه كونه يقوم بعمله. مرة اخرى، ليست الهنة في الفكرة، بل في طريقة تقديمها المتهافت. المشهد الثالث مشهد بكاء طويل لليان بعد افتراقها عن حبيبها. يخرج الفيلم عن سياقه الدرامي تماماً، محدثاً انقطاعاً حاداً في النبرة.

يسعى "يللا عقبالكن" كثيراً لإثارة جوّ من الفكاهة. هذه مهمة ليست سهلة نظراً إلى العناصر المتوافرة. الضحك نادر يُستبدَل في الكثير من الأحيان بابتسامة مهذبة، احتراماً للذين تعذبوا. يقدم الفيلم مجتمع النساء اللواتي في أواخر الثلاثينات من عمرهن على انهن عاجزات تماماً عن اختيار مصائرهن، كون الرجل هو الذي يُقدم على طلب يد الفتاة، أما هي فكلّ ما عليها أن تفعله هو الانتظار. هذا خطاب مشكوكٌ فيه من حيث تاريخ صلاحيته، ولا يراد منه الا الباطل. نفهم دوافع كاتب النصّ (ولا نبرره)، فلولا هذا الخطاب، لما كان من الممكن انجاز مثل هذا الفيلم. النماذج النسائية المطروحة في الفيلم تعجز عن اقناعنا بأن المرأة ليست هي التي تختار شريكها في زمننا الراهن. عموماً، هذا الميل الى اظهار نساء مستضعفات، لم يكن فكرة ملهمة للمخرج، فأهملها مراراً وابعتد عنها وعاد اليها من دون الركون الى استنتاجات مقنعة في معنى ما يقدمه. يجب القول أيضاً إن السيناريو كان يحتاج الى تطوير: فكرة إعلان الشيء بالكلام قبل رؤيته بالصورة ليست أذكى ما فيه.

بعض "أرباب" السينما اللبنانية يطلبون منّا الاّ نفكر عندما نشاهد أفلامهم. هذه هي العقلية السائدة اليوم عند بعض المخرجين، التي تسعى الى جعلنا نستسلم الى ما يُقترح علينا، تحت مسميات كثيرة، آخرها "سينما خفيفة"، أو "سينما شعبية جماهيرية" أو "سينما وطنية". كأن ثمة سينما ذكية للنخبة، وفي الضفّة المقابلة سينما غبية تعيد انتاج الافكار المكرورة الى ما لا نهاية للتفّه من الناس. هذا النوع من المقاربات السينمائية، أراه حمّال أوجه، يكشف عن حقائق باطنية تتجلى في لاوعي المخرجين، عندما يكونون الى هذا الحدّ ابناء المجتمع ولا يتميزون عنه في شيء!

(¶) يُعرض في الصالات اللبنانية.

hauvick.habechian@annahar.com

Boy Next Door  الأربعينية والجار المهووس

المصدر: "دليل النهار" - جوزفين حبشي

يوم قدم النجم ريشارد غير دور الزوج الذي تخونه زوجته في شريط Unfaithful عام 2002، وجدنا صعوبة في تصديق أن امرأة قد تنظر الى رجل آخر غير ساحر النساء هذا، رغم ادائه المقنع يومها للدور. اما اليوم، فمن الصعب ومن غير المنطقي الا نصدق وقوع شاب عشريني في غرام امرأة اربعينية في شريط Boy Next Door، وخصوصاً عندما تكون هذه المرأة قنبلة سحر واغراء مثل جنيفر لوبيز.

المغنية والراقصة والمنتجة ومصممة الازياء وعضو لجنة التحكيم في برامج الهواة والبومبا اللاتينية تعود مجدداً الى السينما، لكن ليس الى الكوميديات الرومانسية التي عودتنا إياها مع افلام مثل Plan B وin Maid Manhattan وThe Wedding Planner وغيرها، بل الى أجواء الثريلر التي تألقت أيضاً بها كما في أفلام Enough وAngel Eyes وThe Cell. عودتها تناسبها تماماً، فهي تؤدي دور كلير بيترسون الاربعينية المطلقة حديثاً التي تشعر بانجذاب الى جارها الشاب نواه ساندبورن، الذي يؤدي دوره الممثل والراقص راين غوزمان بطل الجزءين الرابع والخامس من سلسلة افلام الرقص Step UP.

وطبعاً كلنا نعلم مدى انجذاب لوبيز الفعلي الى الراقصين الاصغر منها سناً، بدليل علاقاتها العديدة مع راقصين من فرقتها مثل كريس جود الذي تزوجته، وكاسبر سمارت الذي رقص معها في كليب اغنيتهاDance Again.

وبالعودة الى الفيلم، كلير تشعر بالخطر بعد علاقة مع الجار المهووس بها، وتحاول قطع علاقتها به، لكنه يرفض ابتعادها عنه ويعمل على التقرب من ابنها المراهق كيفن (ايان نيلسون) ومصادقته، قبل ان يأخذ هوسه بها ابعاداً اكثر خطورة. Boy Next Doorثريلر حميمي ونفسي شائق، يعالج انجذاباً جنسياً ممنوعاً يتطور الى هوس خطير، وهو متواضع الموازنة (4 ملايين دولار) من اخراج روب كوهين (مخرج الجزء الاول من سلسلة افلام Fast and Furious) عن سيناريو لبارباره كاري.

موضوع الفيلم ليس جديداً في السينما لكنه يعتمد كثيراً على سحر نجمته التي قدمت دورها بكثير من الطبيعية والاثارة والنعومة، اضافة الى الايقاع الضاغط والموتّر الذي أحسن كوهين خلقه. اما راين غوزمان فيؤدي للمرة الأولى دوراً داكناً ومعقداً بشكل مقبول، وقد بدا الإنجذاب بينه وبين لوبيز مقنعاً، كما استفاد من مساعدة لوبيز أثناء التصوير وطاقتها التي لا تنضب حسب تعبيره.

Taken 3  يودعنا ويودع الخطف

المصدر: "دليل النهار" - جوزفين حبشي

عام 2008، استعار جداي سلسلة Star Wars الايرلندي ليام نيسون سيف القوة، واستعمله لانقاذ ابنته من الخطف في فرنسا في شريط الاكشن Taken من انتاج لوك بوسون الذي وضع له أيضا السيناريو. عام 2012 الابنة هي التي تنقذ والدها العميل الحكومي السابق من الخطف في اسطنبول في 2 Taken وايضاً عن سيناريو للمنتج لوك بوسون.

اليوم حان وقت اسدال الستار على هذه السلسلة التقليدية الحافلة بالأفكار الكليشيه، من خلال شريط ثالث هوTaken 3 . وطبعاً ختامها، كأولها، ليس مسكاً بوجود ليام نيسون ولوك بوسون، وكالجزء الثاني من اخراج اوليفر ميغاتون بدل الفرنسي بيار موريل. أما الموضوع الرئيسي فلا يزال يدور حول الانتقام والغريزة الابوية، لكن لا خطف هذه المرة، بل جريمة قتل لينور (فامكي جانسن) زوجة براين (ليام نيسون) السابقة. ولأن الشبهات تحوم حوله، يتحوّل براين المتهم الرئيسي ويفرّ من الشرطة في محاولة للعثور على المجرم الحقيقي من أجل إثبات براءته امام الشخص الوحيد الذي يعنيه في هذه الحياة، ابنته كيم (ماغي غرايس).

وراءه ينطلق التحري فرانك دوتزلر(فورست وايتكر) في مطاردة لاهثة في لوس انجلس هذه المرة (بعد باريس واسطنبول في الجزءين السابقين)، من خلال تركيبة مكررة كثيراً ومليئة بالكليشيهات، لكنها مرفهة بكل الاكشن الاستعراضي المتواصل الذي برع دائماً بوسون في حشده في افلامه.

مجدداً نحن على موعد مع كثير من الحركة المنفذة بكاميرا لا تكفّ عن الحركة كأنها مصابة بداء باركنسون، اضافة الى كثير من المطاردات بالسيارات والرصاص والمعارك التي يخرج منها براين كالشعرة من العجين. وابرز هذه المشاهد، سيارة البورش التي تحاول وقف طائرة.

لتنفيذه استخدم اعضاء الفريق التقني طائرتين لم تعودا صالحتين للطيران، اضافة الى خمس سيارات بورش وشاحنتين قامتا بدفع الطائرة بقوة خلال التصوير، ثم تمّ محوهما بواسطة الكومبيوتر لاحقاً.

اما السيناريو فكالعادة، مسطح جداً وحافل بمشاهد يمكن الاستغناء عنها، وأخرى فيها قليل من المنطق وكثير من التناقضات والحوارات الفارغة والمصادفات غير المقنعة. اضافة الى المطّ الطويل لمغامرات العميل الحكومي السابق ليام نيسون الذي بدا مرهقاً في هذا الجزء كأنه ضجر، هو صاحب الموهبة الأكبر من هذه السلسة، من تكرار ما سبق وقدمه. تبقى الاشارة الى حسنة وحيدة يمتاز بها الفيلم، وهي التصوير الذي تم بكاميرا 35 ملم، في زمن الكاميرات الرقمية.

النهار اللبنانية في

21.01.2015

 
 

شهد عودة نور الشريف إلى السينما بعد غياب طويل:

«بتوقيت القاهرة» لأمير رمسيس: رحلة بحث عن الزمن المفقود

القاهرة- «القدس العربي» من رانيا يوسف:

قليلة هي الأفلام التي تدفعك لتبحث بين شخصياتها عن نفسك، بل وتتمنى أن تصبح أحد أبطالها، مثل هذه الأعمال تؤجج في المشاهد الشعور بالتوحد مع الأحداث وتحيله من مجرد مشاهد على كرسي إلى عنصر فعال، يتنقل بين الشخصيات التي تختلس ملامحها جزءا من واقعه.
فيلم «بتوقيت القاهرة» للمخرج أمير رمسيس استطاع أن يكسر حاجز الزمان، ليربط الماضي بالحاضر والحاضر بالمستقبل، معبراً بإنسانية خالصة عن حالة مكتملة من المشاعر الإنسانية التي تأثرت بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية، حيث ينسج المخرج وكاتب السيناريو أمير رمسيس من خلال 3 قصص منفصلة متصلة دورة حياة كاملة لنماذج مختلفة عمرياً واجتماعياً لكنها تكمل بعضها بعضا عبر دورة زمنية واحدة، يعبر فيها الأزمنة الثلاثة، تقف القصة الأولى عند نهاية كل الأشياء حيث يحيى الذي يعاني من مرض الزهايمر بعد أن بلغ من العمر أرذله، يسعى من خلال بقايا ذاكرته إلى البحث عن سبب من أجله يصل الماضي المشوش بالحاضر المزيف، ويتمسك بما تبقى له من مشاعر استعاض بها عن ذاكرته المفقودة، يتمسك يحيى بالبحث عن صورة امرأة لا يتذكرها لكنها يشعر بأنها خلاصه الوحيد وسط صحراء النسيان التي أحالته إلى طفل صغير يتمرد على خوفه وعلى سيطرة ابنه وقسوته التي تصل إلى الاعتداء عليه، فيهرب من حاضره التعيس طواعية ليلجأ الى مشاعر مجهولة يستدل بها على ذاكرته المفقودة، يهرب من البيت بحثاً عن صاحبة الصورة حيث يلتقي بشاب يحاول هو الآخر تجاوز التهديد بالقتل من عصابة تتاجر بالمخدرات، فيختبئ كل منهما في الآخر ويدعما بعضهما بعضا في الهرب حتى يصل كل منهما إلى مبتغاه.

في الوقت الذي تبدأ فيه «أميرة» رحلة البحث عن والدها المفقود الذي لا يتذكر سواها، تساعده أميرة على التحرر من أسر ذاكرته المنسية، ويحيل المخرج والمؤلف أمير رمسيس سبب تناحر الابن مع والده إلى أحد النماذج التي تأثرت بالمتغيرات الاجتماعية في مصر على مدار السنوات الماضية، حيث يتجه الابن إلى التشدد الذي يصل حد التطرف، والذي يعكس تحول جيل كامل من الوسطية الدينية إلى التطرف على يد بعض دعاة الدين المتشددين، حيث لا يتقبل هذا التيار فكرة المواطنة والتعايش مع الآخر حتى إن كان من يختلف معهم هم والداه، وترتفع حدة الصراع بين الابن ووالده بسبب والدته التي كانت تعتنق اليهودية قبل ان تتزوج منه.

يواصل رمسيس تفنيد تأثير المتغيرات السياسية على الوضع الاجتماعي في مصر، خاصة في السنوات القليلة الماضية ومع صعود حكم الإخوان المسلمين وارتفاع نبرة التشدد الديني وانتشار التجارة بالفتاوى الدينية، خاصة في القنوات الفضائية التي أصبحت تؤثر على كافة شرائح المجتمع، خاصة الشرائح الاجتماعية البسيطة والفقيرة التي تعتمد في استقاء معلوماتها من جهاز التلفزيون، من خلال فوبيا فتاوى رجال الدين الذين وظفوا الخطاب الديني لبث موجه جديدة من العادات القبلية المتشددة والغريبة على نسيج الشعب المصري، والتي اثار بعضها السخرية من الدين لسذاجة تلك الفتاوى. جاء امير رمسيس بإحدى هذه الفتاوى التي تمس ممارسة الفنون، وعرضها بإسلوب ساخر من خلال شخصية «ليلى» التي تقوم بدورها الفنانة ميرفت أمين، وهي ممثلة أعلنت اعتزالها التمثيل بعد سنوات من التألق والنجومية، وتحولت مثل الكثير من الممثلات الى تحريم الفن بناء على مثل هذه الفتاوى، تسعى ليلى الى الزواج من رجل دين متشدد يجبرها على البحث عن «سامح» زميل لها تزوجت به في أحد الأعمال السينمائية ليقوم اولاً بتطليقها، عملاً بالفتوى التي تؤكد على شرعية مشاهد الزواج في الفن، وتطلب ليلى من زميلها سامي أن يطلقها لكنه يسخر منها ويذكرها أن ديانتهما مختلفة وأن ما حدث بينهم ليس زواجا حقيقيا ولكنه مجرد مشهد تمثيلي.

أكثر ما يمكنه ان يفسد العمل السينمائي خاصة الذي يتضمن أكثر من قصة منفصلة هو أن تفلت الأحداث من بين يدي كاتب السيناريو فيفضل قصة على اخرى أو يهدر مساحة أحداث معينة على حساب اخرى، لكن المخرج امير رمسيس استطاع ان يحافظ على هذا التوازن السردي بين القصص الثلاث التي انتهت إلى قصة واحدة كبيرة تقاربت فيها الأطراف واكملت بعضها بعضا، مثل لعبة البازل، «يحيى» الذي يبحث عن صاحبة الصورة المفقودة يصل في النهاية إلى «ليلى» التي تسعى إلى الزواج حتى تكسر وحدتها، وتكتمل الصورة بالقصة الأخيرة لسلمى ابنة ليلى التي تعيش حلمها مع الشاب التي تحبه ويرغب كل منهما في الآخر، لكن ظروف الحياة المادية تحيل بينهما وبين تحقيق احلامهما بشكل اجتماعي لائق، فتلتقي سلمى وحبيبها بعيداً عن الأنظار في بيت صديق له يتوهمون انه يمارس نشاطا سياسيا محظورا، فتعيش سلمى وحبيبها لحظات من الرعب خشية مداهمة الشرطة لبيته او تصويرهما خلسه واعتقالهما بتهمة سياسية او جنسية، يعتمد فيها المخرج على تكثيف المواقف الرومانسية بطريقة ساخرة يعلن فيها عن اهدار المشاعر الرومانسية في علاقات الحب واختزالها في العلاقة الجنسية، خاصة عند الشباب الذين يعانون من القهر المادي والضغط الاجتماعي.

لا يحسب للمخرج أمير رمسيس فقط أنه أعاد في هذا العمل الفنان الكبير نور الشريف الى شاشة السينما مرة أخرى بعد عدة سنوات من الانقطاع، لكنه استطاع ان يعيده في أحد أهم وأنجح الأدوار الذي قدمها الفنان الكبير على مدار مشواره الفني، نور الشريف الذي خرج منذ فترة قصيرة من وعكة صحية، تمكن من انتشال شخصية يحيى من فخ تعاطف الجمهور معها ووضعها اداؤه المحترف في خانة المعايشة، الجمهور الذي بكي في صالة العرض مع كل خطوة يخطوها يحيى نحو حلمه، لم يتعاطف معه بل تقمص مشاعره واصبح يتخيل نفسه كيف يبدو عند بلوغه هذا العمر أو إن أدركه هذا المرض.

التضامن العربي مع باريس:

ميا خليفة والفيلم «البورنوغرافي» الطويل! أنا طفلة سورية تجمدت جثتي من البرد

أسمى العطاونة*

ها نحن وما لبثنا وأن ودعنا عاما وإحتفينا بعام جديد آملين، فرحين، يقبل أحدنا الآخر، إلا أن لاقتنا الحقيقة المرة، تذكرنا بأن لا عام جديدا ولا فرحة وآلاف اللاجئين السوريين ما زالوا وبعد مرور أربعة أعوام، يقطنون الخيام. ومازال الأطفال السوريون، وبعد موتهم جوعا ومرضا يموتون اليوم تجمدا. 

وفي الوقت الذي نجتمع فيه حول موائدنا في بيوتنا الدافئة، حيث يلملم كل منا أفراد عائلته المشتتة وأصحابه وأقاربه ليستقبلوا معا أملا جديدا، وعاما جديدا، تلاحقنا أشباح السوريين كوصمة عار رسخت على جبين إنسانيتنا وستلاحقنا طوال حياتنا. 

هم الحزانى والمشردون والوحيدون في محنتهم، فمنهم من يغرق فيبتلعه البحر قبل أن يصل إلى الناصية، ومنهم من يحلم بقليل من الدفء. السنين تمر وكلنا يلقي برزنامة العام القديم ويعلق الرزمانة الجديدة، ليتابع مشاريعه وعمله وكتاباته ويؤرخ أعياد ميلاد أحبائه من جديد. 

هم يبقون وحيدين تؤازرهم مآسيهم، لا يعدون الأيام مثلنا، بل ينتظرون الموت المفاجىء، وما أبشع أن تحاط برائحة الموت، دون أن يطالك خلاصه. هم السوريون يعلموننا نحن، الأحياء ذوو الضمائر الميتة أسرار الحياة وأسرار التشبث بالأمل. نشيح بأعيننا عنهم وعن جثثهم الصغيرة والمجمدة، تزيح الأم بأطراف أصابعها الشاشة البيضاء عن وجه رضيعها المجمد للكاميرا، فيما نرفع بأنظارنا مندهشين بفرقعات الألعاب النارية، لترسم لنا عبارات تهنئة بالعام الجديد. 

كم نحن حثالى وكم نحن مرضى وكم نحن عنصريون وجبناء! نحن العرب المتضامنون والمتحدون، ولأول مرة ترانا مجتمعين تحت راية واحدة، رغم اختلافاتنا، معبرين عن عقدة النقص تجاه «الرجل الأبيض» لنطلي سمارنا بـ»بياض» أكثر «بياضا» من «الرجل الأبيض» نفسه. تصدعت جدران حناجرنا بهتافات تصرخ دفاعا عن «حرية التعبير». عبارات وهتافات ما لبثت وأن انشطرت إلى مؤيد ومناهض من «أنا شارلي» إلى «أنا ضد شارلي» وإلى «أنا الرسول محمد» وإلى «أنا ضد الإرهاب الإسلامي». اتحدنا جميعنا، صحف ومجلات ورسامين وكتاب ومثقفين تحت راية «حرية التعبير»، تلك البعيدة وتلك القادمة من بعيد، حيث نرى الحضارة وحيث التقدم وحيث تحترم حقوق الحيوان قبل الانسان. 

ومنا من صرخ بحرية التعبير الفرنسية الطابع والشكل والمضمون. تعددت لغاتنا لتتجمع موحدة لصوت واحد «أنا شارلي» لنريهم كم نحن مختلفون، نحن لا نشبه من يعاديكم، نحن معتدلون وندافع عن حقكم أكثر من دفاعنا عن حقنا في الوجود، نحن «نحبكم» و»نكره أنفسنا». نحن من ندافع عن ما هو هناك بعيد عن خيم السوريين وبعيد عن الشهداء في غزة، وبعيد عن طفلة نيجيرية استخدم جسدها كعبوة ناسفة ليقتل بها أبرياء. 

نحن البعيدون كل البعد عن الحرية وعن المواطنة وعن المدنية وحتى عن احترام الإختلاف. لقد وقفنا مندهشين أمام وقفة الفرنسيين وتضامنهم كأسرة واحدة يدافعون عن حقهم في التعبير ويرون العالم بأسره بأن تاريخهم ودماءهم التي أزهقت عبر التاريخ الطويل لن تركع أمام أي تطرف أو أي عنصرية أو أي خطر سيهدد حقهم في التعبير ويهدد حريتهم.

أما نحن فلم نكترث ولم نعرف كيف نتضامن مع ما هو أقرب إلينا، فتزايد العنصرية تجاه السوريين لم يشهد له مثيل، وتزايد خنق الحريات لا يتوقف، فترانا نحاسب فتاة صغيرة عن خيارها لتصوير جسدها العاري واستخدامه وعرضه عبر الافلام «البورنغرافية». 

هنا تجدنا متحدين، نشجب ونستنكر ونشتم ونلعن، ليس لأن الفتاة والتي أسقطت بـ»الأخلاق» التي ندعي امتلاكها ارضا، وصرحت «أليس لدى الشرق الأوسط أمور أهم مني ليقلق عليها؟ كأن تجدوا رئيسا؟ أو أن يجري احتواء داعش؟»! لقد كشفت لنا الفتاة حقيقتنا وواقعنا، فرأينا من خلالها أنفسنا كممثلين في الأفلام «البورنوغرافية» الطويلة، والتي أجبرنا سياسيونا على لعب أدوارها طوال فترة تحكمهم بنا. ما فعلته الفتاة هو أن أسقطت الستار وكشفت عوراتنا، تماما كما فعل الفرنسيون بتضامنهم وأقلامهم المرفوعة في السماء في اكتشافنا لجهلنا ولحقوقنا ولتضامننا مع ما «لا نمتلكه». من حسن الحظ، كان منا من رأى نفسه «عربيا» قبل كل شيء، «عربيا» حتى في مآسيه وفي حزنه ورأى في التضامن مع مآسيه أهمية لا تقل عن تلك التي يتسارع للإنضمام إليها العالم بأسره. 

منا من رأى بأن لجثثنا الحق أيضا في الوجود ومن حق جثثنا أن يهتف العالم بأسره لتدفن بكرامة. 

لقد عبر العالم عن نفاقه وعن كذبه وتسارعت الشياطين المعادية للإنسان ولحقوقه، ومن بينهم إرهابيون تلطخت أيديهم بدماء أبرياء إلى التضامن في الصفوف الأولى دفاعا عن الحريات. 

تضامنوا وهم في بلادهم يحكمون بالجلد على صحافيين ويتهمونهم ظلما بالإساءة للدين. ومنهم من قتل صحافيين ومنهم من عذب ومنهم من قمع وزج في السجن وشرد آخرين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بحرية. 

رأيناهم في الصفوف الأولى يمثلون أدوارهم ببراعة ويتسابقون بنيل «أكبر عدد مشاهدة» لأفلامهم «البورنوغرافية»، تماما كفتاة العشرين عاما التي يلاحقونها بإسم الأخلاق! 

ورأينا من جهة أخرى من يتظاهر وبإسم الإسلام، وكالمجنون حارقا للعلم الفرنسي وآخر يحرق الإنجيل دفاعا عن هبة «الإسلام» المفاجئة في داخله، هبة لا تعبر إلا عن قلة إيمانه وعمق جهله، فقلبه لا يهب ويصحى للإسلام إلا عند رؤية الرسوم، ولا يتحرك دفاعا عن أطفال سوريا أو فلسطين أو حتى عن طفلة في نيجيريا أو مدرسة قتل أطفالها في باكستان. يتحرك قلبه ويصحو إسلامه، لمجرد رؤيته لرسمة استفزت مشاعره وكشفت عن رؤيته السطحية للإسلام كدين وعلم وحضارة. نهاية وبعيدا عن «عهر» ودجل حكامنا، واحتراما لكل من قتلوا في باريس أو في نيجيريا أو في أي مكان في العالم، سأنادي حاليا وفقط بشعار «أنا طفلة سورية تجمدت جثتها من البرد».

«مِس ليبانون».. الإرهاب يصل إلى أراضي أمريكا

لأعود لجو النفاق الاجتماعي العربي، سأخصص هذه السطور لخبر عرضته قناة «فرانس 24» العربية، والذي يتحدث عن صورة سيلفي جمعت بين ملكة جمال لبنان سالي جريج وملكة جمال اسرائيل دورون ماتالون. 

الصورة تظهر فيها الملكتان مبتسمتين ومشرقتين وجميلتين. ولكن الحرب لا بد وأن تطال الجمال أيضا، ولا بد أن تتعدى الحدود الجغرافية ليصل الإرهاب الاجتماعي إلى أرض أمريكا وتحديدا في ميامي، حيث تعقد مسابقة ملكة جمال الكون. 

الملكة اللبنانية على موقع «أنستغرام» قصت رأس الملكة الإسرائيلية من الصورة تفاديا للمشاكل مع مجتمعها، أما الملكة الاسرائيلية وعلى موقع «أنستغرام» أيضا نشرت الصورة كاملة وهي مبتسمة بجانب ملكة لبنان خلال التقاط السيلفي، لينقسم اللبنانيون من جديد، ويتركون ميا خليفة لشأنها قليلا، وليمسكوا بقضية ملكة جمال لبنان، حيث يطالب البعض بأن تتجرد من لقبها الملكي بسبب التقاطها للسلفي بجانب «العدوة» ملكة اسرائيل. 

ولم يكن من المسكينة، ولا يمكننا أن نتخيل الحالة النفسية المتوترة التي تمر بها خلال سباقها لنيل لقب ملكة جمال الكون «لقب مشرف لنا» بأن تكون ملكة جمال الكون عربية! وبدلا من تركها وشأنها وتحضيراتها والتهوين والتخفيف من توترها وعنائها، لتبقى على جمالها وحيويتها للمسابقة، نرانا نحطمها نفسيا ونتهمها بالخيانة ونحملها عاتق فشلنا وخيباتنا السياسية والاجتماعية. 

لم أسمع بحياتي، وربما أكون مخطئة، عن ملكة جمال تمثل سياسة دولة وتتحمل عاقبة حروبها. راحت المسكينة تبرر عبر «فيسبوك» و»أنستغرام» بأنها ومنذ وصولها إلى المسابقة، التزمت الحذر تماما لتجنب أي اتصال مع ملكة جمال اسرائيل وعبرت بأن ملكة جمال اسرائيل أقحمت نفسها في الصورة ونشرتها. 

الغريب بأن جريج بردها على «هبل» البعض وتخلفهم، أعطت لمنافستها حق الشعور بالـ»الحزن» لما جرى، وظهرت الإسرائيلية كـ»متفهمة» لما يحدث و»حزينة لان العداء لايخرج من الموضوع»! 

بعد القتل على أيدي الشرطة «وجوه سوداء» للتدرب على السلاح

ولأبقى في جو ميامي، ولكن هذه المرة بعيدا عن الجمال، سأتحدث عن خبر عرضته محطة «أن.بي.سي» الأمريكية، والذي يتناول هواية جديدة يستخدمها أفراد شرطة ميامي الأمريكية وهي التدرب على القنص من خلال إطلاق الرصاص على صور لوجوه سوداء أو ما يطلق عليهم «الأفارقة الأمريكيون». 

لقد كانت وراء اكتشاف الأمر، شرطية سوداء اكتشفت بالصدفة صورة لأخيها وآخرين سود مليئة بطلقات لأعيرة نارية. وتستغرب الشرطية محاولة إيقاف دموعها ومتساءلة «لم استخدموا أخي كهدف لتدربهم؟». 

وفي رده على تساؤلات الصحافيين أشار مدير شرطة شمال شاطئ ميامي، بأن المتدربين من الشرطة يستخدمون البيض والأمريكيون الإسبان أيضا، ورفض أن يتهم أعضاء فريقه بالعنصريين. ورغم بشاعة ما يحدث إلا أنه لم يتم ردع المتدربين أو تتم إدانتهم بل أوقف تدربهم لفترة اجراءات التحقيق. 

*إعلامية فلسطينية تقيم في باريس

صفية العمري: أعود للسينما بفيلم «الليلة الكبيرة»

يعجبها من جيل الشباب منى زكي وأحمد حلمي ودنيا سمير غانم

محمد عاطف: القاهرة – «القدس العربي»

النجمة صفية العمري إحدى الفنانات اللاتي قدمن أدوارا تحسب لهن، لأنها حرصت منذ بدايتها على دقة الاختيار وألا تخضع للعمل من أجل الإنتشار أو الاضطرار.

تختفي كثيرا وتظهر وعندما تعود للتمثيل وسط انشغالاتها خاصة في سفرياتها كسفيرة للنوايا الحسنة، فإنها تختار الدور اللافت للنظر والمؤثر في الناس.

بعد اختفاء واعتذارات وانسحابات سألنا النجمة صفية العمري بماذا تعودين للفن؟

تقول: أعود بفيلم «الليلة الكبيرة»، الذي يجمع حوالي 35 فنانا وفنانة، وأجسد فيه شخصية شعبية وهي جديدة علي ومختلفة عما قدمته من قبل، وأذاكر الدور كثيرا ولمدة شهر كامل أقرأ وأحلل الشخصية وأبحث عن تفاصيلها التي أرغب في الظهور بها، لأن الجمهور يعلم اختياراتي ولا بد أن يرى كل ما هو جديد ولا يتوقعه مني.

من النجوم المشاركين، سميحة أيوب ومحمود الجندي وأحمد بدير ونيللي كريم وزينة وياسر جلال وأحمد رزق وأيتن عامر وصبري فواز وعمرو عبد الجليل وسوسن بدر وعدد كبير من النجوم والنجمات، تأليف أحمد عبد الله وإخراج سامح عبد العزيز.

وعن سؤالنا لها: هل تخافين من أدوار الشر؟ 

تجيب: يقولون إنني قدمت أدوار الشر كثيرا، بينما قدمت أدوار المرأة القوية وفيها دراما ومجهود وهي تختلف عن ادوار الشر والنجوم الذين أدوا هذه النوعية طيبيون جدا في حياتهم وعندما قدمت أدوار الطيبة في السينما زمان لم تكن مثل أدوار الشر في ردود الأفعال لها.

لكنك ظهرت في هذا التوقيت بأدوار طيبة في أفلام ناجحة مثل «العذاب إمرأة»، كيف وجدت دورك؟

□ السر الذي لا يعرفه الجمهور أن فيلم «العذاب إمرأة « تعاقدت عليه مع المنتج رياض العقاد على دور الزوجة الذي قدمته الفنانة نيللي ونجحت فيه جدا.

وماذا حدث؟ 

□ جلس معي المخرج أحمد يحيى وأقنعني بأن أغير من نوعية الأدوار القوية التي قدمتها قبله ووافقت، رغم أنني شعرت بأن هناك أمرا ما وراء ذلك لكنني نفذت الفيلم.

من أكثر المخرجين تأثيرا في شخصيتك الفنية؟

□ كل مخرج له تشكيل في شخصيتي، مثل صلاح أبو سيف، ويوسف شاهين وبركات، وأغلب المخرجين الكبار.

هل دخولك مجال التلفزيون لزيادة الانتشار؟

□ لم أكن في ذلك الوقت أختار، ولكنني أجتهد لأصل إلى الدور الجيد، ودائما في البدايات يحتاج الفنان الى الإنتشار الفني ومع ذلك كنت أقبل الدور الذي يعجبني ولم أجري وراء المال بل العمل الجيد.

هل إكتشفت موهبتك في التمثيل منذ الصغر أم لاحقا؟ 

□ في بداياتي كنت أحلم أن أكون راقصة بالية أو عازفة موسيقى، ولذا دخلت الفن واكتشفني المنتج الراحل رمسيس نجيب، ومنذ ذلك الوقت لم أشارك بعمل لمجرد التواجد أو الاضطرار، واهتممت بالإختيار وشعرت أن فيلما جيدا أفضل من مائة سيئة.

هل تتابعين الأفلام الجديدة ونجومها؟

□ بالتأكيد، وتعجبني منى زكي وأحمد حلمي ودنيا سمير غانم، التي أراها شبيهة بالسندريلا سعاد حسني.

هل تعتقدين أن الإنجاب يعطل الفنانة؟ 

□ عندما أنجبت أحمد ووليد ركزت معهما حتى شعرت بالطمأنينة عليهما ثم عدت للتمثيل، وأي فنانة لا تنجب وتركز على الفن تندم على ذلك، لأن الفن لا يستمر ووقتها تعيش الفنانة في حالة من الوحدة الرهيبة التي أخاف منها ولا أحتملها، ولذا لي شقيقة معي دائما.

ابتعادك عن أولادك بسبب حياتهم في أمريكا هل أثر عليك وعلى علاقتك بهما؟ 

□ أغلب أيام العام أسافر إليهما، صحيح أشعر بالشوق إليهما، لكن وجودهما في مجال تعليمي جيد وحياة أفضل يجعلني أصبر على ابتعادهما عني.

هل ندمت على انسحابك من مسلسل «باب الخلق»؟

□ لم أندم لأنني صورت مشاهد كثيرة فيه، ثم فوجئت بأن المخرج يطالب بحذف أجزاء من الدور فاعترضت وانسحبت.

القدس العربي اللندنية في

21.01.2015

 
 

يلّا عقبالكن ..الخروج من أفلام الحرب إلى الحرية

ربيع فران

لا يمكن اختصار أو وضع كافة الأفلام السينمائية اللبنانية في كفة واحدة. الأمر مختلف، الواقع مختلف، الرؤية الفنية للأفلام مختلفة من كاتب لآخر وبين مخرج وآخر!..

أربع نساء يجتمعن ساعة و40 دقيقة في واحد من أكثر الأعمال السينمائية قرباً من الناس أو من يوميات اللبنانيين. "يلا عقبالكن" يفتح السجال مجدداً حول أي سينما نريد، وهل خرجنا من عقدة وواقع أفلام الحرب وأثرها على المجتمع اللبناني؟ لا، بل تداعياتها التي تحاول سحبنا من قمقم المتاجرة بأنفسنا كتّاباً كنّا أو مخرجين أو حتى متلقّين.

شهدت السينما اللبنانية بعد بلوغ اللبنانيين اتفاق الطائف في تسعينيات القرن الماضي، تقدماً إنتاجياً تفوّق على المحتوى أو المضمون. وكأنّ الشاشة تقول نريد الانتهاء من الحرب العبثية التي استمرت 15 عاماً في نماذج وحكايات لم تستطع إلغاء فكرة أو طرح تداعيات الحرب التي صُبغنا بها، بعد ما سُّمي فترة الاستقرار الأمني في لبنان.

جاءت محاولات فيليب عرقتنجي ونادين لبكي وبهيج حجيج وقلة قليلة من المؤمنين بخطّ السينما، لتروي تفاصيل ما خلّفته تلك الحرب في ساعات مصورة، اختلف النقاد بشأنها. فمنهم من قال إنّها تنقل واقع السينمائيين اللبنانيين وهم أبناء وبنات الحرب، الذين ما انفصلوا يوماً عن واقعهم، ومنهم من رضي بها لتكون عبرة لجعل اللبنانيين يخرجون من الأزمة والحروب التي خاضوها وما زالوا حتى اليوم يخوضونها.

لكن يُشهد في المقابل أنّ كل تلك الأفلام طرحت المشكلة وأعطت الحلّ المثالي الذي يقول إنّه علينا الانتماء للوطن، وليس للميليشيا. قمة التناقض كانت تجتمع بين كاتب علماني أولاً ومخرج يشبهه وبين متفرج يحاول أن يكون بطلاً علمانياً بعيدا عن الطائفية والمحاصصة، لكنّه ما يلبث أن يعود لقواعده الطائفية أو السياسية لحظة خروجه من باب السينما!

هذا الغلاف "الحربيّ" الذي أحاط الدراما اللبنانية طوال عشرين عاماً، تأتي اليوم نيبال عرقجي البيروتية لتحاول خلعه، في واحد من أعمالها التي يشهد لها بحرفية نقل واقع يومي نعيشه جميعاً.

خرجت عرقجي من عباءتها واسعاً في فيلم "يلا عقبالكن". فهي بحسب تصريحها لـ "العربي الجديد" درست هذا الفن في باريس، وعاشت هناك وكتبت سيناريو لعشرات الإعلانات التلفزيونية، ذلك يؤكد أنّ تجربتها السينمائية لم تأت من فراغ. فهي كتبت من قبل فيلماً لبنانياً، لكنها اليوم أحبت أن تخيط تجربتها في واحد من أكثر الأفلام اللبنانية جرأة في المضمون وتجسيد الواقع بكل صدق. وبالتالي، التوجه إلى ما يعانيه مجتمعنا بداية من كذب أو الهروب من العزوبية نحو الرغبات.

نجد في الفيلم قصة النسوة الأربع ينشدن مرفأ آمناً للزواج. تالين، أي ندى بو فرحات، تصالحت كثيراً مع فكرة الارتباط ولو الجزئي وتفضل مثلاً الشباب الوسيمين. بينما تذهب صديقتها زينة، أي مروى خليل الطبيبة إلى المثاليات في الحب والحياء من الزواج، ولا يسفر تعارفها بشبّان لنهاية سعيدة، حتى تصاب بالسرطان ثم تُشفى منه وتجد أثناء علاجها الشاب المثالي الذي انتظرته سنوات.

أمّا دارين حمزة التي تلعب دور أخصائية تجميل، تشهد علاقتها بوالدتها جوليا قصّار توتراً بسبب رفضها للزواج بعدما ارتبطت بشاب مصري "أيمن القيسوني" يأتي إلى بيروت خصوصاً لرؤيتها مدة يومين، لكنّها ما تلبث أن تكتشف أنّه متزوج في القاهرة وله أولاد. والرابعة، الكاتبة نفسها، نيبال عرقجي، التي تتعرف إلى رجل متزوج بديع أبو شقرا ويعدها بطلاق زوجته والبقاء إلى جانبها مدى الحياة، لكن تتغير الحسابات عند أول امتحان فيذهب كل شيء هباءً.

حكايات يومية، تؤكد نيبال: "لم أشأ أن أغلّفها بغطاء تجميلي، أردتها كما اكتشفتها بداية مع نفسي أو من خلال علاقتي بوالدتي التي لطالما حدثتني كما تحدث جوليا قصّار ابنتها المفترضة دارين حمزة في الفيلم، ووبّختني من أجل الزواج".

القضية المركزية في الفيلم الجديد، وحول ما إذا كان هجومها على المصريين بداية الفيلم ونعتهم بالكذب، تؤكد عرقجي، أنّ الأمر لا يختصر على المصريين، فاللبنانيون كاذبون أيضاً! وتتساءل، "لماذا تريدني أن أكذب على نفسي، ونحن نتناول كل هذه الأشياء ونقولها في يومياتنا؟ فهل كان عليّ استعمال المواربة في سياق أحداث الفيلم، ووضع المشاهد أمام كليشيه ملّ منه دون قدرة الخروج منه"؟ وتتابع: "لا، على العكس قلت كل ما أريده في الفيلم، وصوّرت ما يحدث في أكثر المنازل اللبنانية والعربية.

كلنا زينة التي تبحث عن الحب المثالي، أو تالين التي لم تعد تعير اهتماماً لعلاقة جدية قائمة على الاحترام فتذهب بنزواتها باتجاه خطير، على الرغم من اقتناعها أنّ ما تفعله تحت حكم الرغبة أو النزوات العابرة. تؤكد نيبال أنّ بعض "الشتائم" في الفيلم كانت لتدل على واقعنا العربي أو اللبناني تحديداً. وتساءلت: "ماذا لو "سبّت" ممثلة أو ممثل؟ فقد أصبح السباب من قاموس حياتنا اليومي. لماذا علينا أن نخبئ ذلك أو نختفي وراء أصابعنا"؟ دون شك، فإنّ كلام عرقجي يبقى وليد صراع نسبي بين المتلقين في فئة ترى أن السباب يخدش الحياء العام.

وفئة ثانية توافق عرقجي كلامها وترى أنّه الواقع ولا يجب تغييره ليصبح مجمّلاً، فيوقعنا في فخ المواربة. فلو رأت عين النقيب شتائم الفيلم ما يخرج عن الأدب لحذفته، لكن لا بأس بها. وتؤكد عرقجي أنّها ستهرب دائماً من قضيتين في طرحها السينمائي للمستقبل. وتشير إلى أنّ هناك طرحين،الحرب والدين. "لذا لاحظت ربما أنّ أبطال أفلامي، أسماؤهم لا تعبّر عن انتمائهم الديني أو السياسي المتعارف عليه في لبنان. نعم، أهرب من كل ذلك، في السيناريو والصور لأنني لا أريد ذلك".

باختصار، يمكننا أن ننظر من نافذة إلى ضوء خافت في السينما اللبنانية بعد "يلا عقبالكن"، إن من خلال القصة والإخراج لإيلي خليفة، التي تعالج قضية زواج الفتيات بطريقة سهلة وبسيطة قد يكون فيها كثير من التحرر الذي يرفضه البعض، لكن مساحة الصدق ستجعله مقبولاً حتى من الممانعين لهذا النوع من الأفلام.

"الهيئة الملكية": أفلام ضدّ من؟

نضال برقان

أيام سينمائية لمسميات عديدة ومتنوعة، أقامتها "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" خلال 2014، في ظلّ شبه غياب للفيلم الأردني عن برامجها، وإن حقق إنجازاً جديراً بالتقدير، على غرار "ذيب" لناجي أبو نوّار، الذي حاز جائزة أفضل مخرج عن فئة "آفاق جديدة" في الدورة الماضية من مهرجان "فينيسيا السينمائي الدولي"، لتمثّل الهيئة بذلك تجسيداً واقعياً للمثل الشائع: "زمّار الحي لا يطرب".

أكثر من ثلاثين تظاهرة سينمائية، قدّمت ما يزيد على 550 فيلماً، من مختلف البلدان العربية والأجنبية، منها ما نُسب إلى بلدان معينة مثل "أيام الفيلم الإيطالي"، أو الجنوب أفريقي أو الكندي أو الإيراني.. إلخ. ومنها ما خُصص لثيمة معينة مثل "مهرجان أفلام المرأة" و"أفلام اليورانيوم الدولي"، ومنها ما خُصّص لجغرافيات بعينها، كـ"مهرجان الفيلم الأوروبي" و"الفيلم العربي" و"أيام مهرجان الإسماعيلية"، إضافة إلى عشرات العروض لأفلام منفردة من هنا وهناك.

لكن تلك العروض، في مُعظمها، والتي يُنتظر أن تعمل على "تعزيز ثقافة الأفلام في الأردن"، تظلّ محدودة الأثر، فهي تخاطب جمهوراً محدداً من منصّة بعينها؛ "مسرح سينما الرينبو" في عمّان، الذي لا ترتاده، غالباً، سوى طبقة اجتماعية معيّنة.

"لا نستطيع إلا أن نتساءل: كلّ هذه الأفلام من أجل من؟"

وفي الوقت الذي حققت فيه الهيئة نجاحاً على صعيد إقامة بعض الدورات أو الورش للعاملين أو الراغبين في العمل في مجال صناعة الأفلام، فإن علامة سؤال كبيرة تظل أمام مهمات وأهداف كان يفترض أن الهيئة تعمل على إنجازها، غير أنها لم تفلح في تحقيق واحدة منها، مثل: "ترويج وتعزيز ثقافة الأفلام في الأردن"، و"المساهمة في تثقيف ورعاية وتنمية الفكر الناقد".

وفي ظل غياب مقومات صناعة وسوق سينمائية حقيقية في الأردن، فإن "الهيئة" تعتمد على التمويل، الأجنبي بمعظمه، وتفتح ذراعيها لمؤسسات مثل "فورد"، وبرنامج "الأوروميد السمعي والبصري" التي تفرض بدورها مصطلحاتها وأجندتها السياسية.

هنا، يمكن تتبع بعض مظاهر "التطبيع" في المصطلحات، على غرار ترسيخ مصطلح "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" بوصفه بديلاً لـ"الوطن العربي". ومن المهمات التي تسعى الهيئة إلى تحقيقها، مثلاً، "تشجيع الأردنيين، وجميع الأشخاص في الشرق الأوسط، على سرد قصصهم، وبالتالي المساهمة في التبادل الثقافي وتعزيز حرية التعبير".

وفي هذا السياق، يُفهم استهداف برنامج "الأوروميد السمعي البصري"، وهو أحد الشركاء الاستراتيجيين للهيئة، والموجه لـ"دول جنوب البحر الأبيض المتوسط"، أي: "الجزائر، ومصر، والأردن، وإسرائيل (!)، ولبنان، والمغرب، وسورية والأراضي الفلسطينية، وتونس".

برامج متشابكة، ومشاريع لا تنتظر نتائج سريعة على صعيد تمرير أجندات سياسية، وأفلام من هنا وهناك، محملة برسائل شتى، كل فيلم بحسب بلده واتجاهاته، لا نستطيع أمامها إلا أن نتساءل: كلّ هذه الأفلام من أجل من؟ أو: كلّ هذه الأفلام ضدّ من؟

فنانون مغاربة يتلقّون تهديدات بالقتل لمشاركتهم بفيلم "ابن الربّ"

الرباط - فاطمة سلام

رغم أنّ عرض الفيلم الأميركي "ابن الربّ"، الذي يصوّر حياةالسيد المسيح منذ مولده إلى صلبه، انطلق في الصالات السينمائية العالمية منذ فبراير/شباط من العام الماضي، إلا أنّ الجدل بشأن مشاركة فنانين مسلمين فيه ما زال يعيده إلى الواجهة، خصوصاً في المغرب. وهو البلد الذي شارك سبعة من ممثّليه في الفيلم المثير للجدل. وهم سعيد باي ورفيق بوبكر والمهدي الوزاني وسناء موزيان ولطيفة أحرار وعمر لطفي وفريد الركراكي.

وبعد نشر مواقع إلكترونية مغربية رابط فيديو يعرض مشاهد للممثلين المغاربة ضمن أحداث الفيلم، عادت للانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات تكفير للأسماء المغربية المشاركة.

أبعد من ذلك، قال الممثل المغربي سعيد باي، المشارك بالفيلم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّه تلقّى، وعدداً من زملائه، تهديدات بالقتل "الأمر الذي يدعو للأسف"، بحسب قوله "ويدقّ ناقوس الخطر بشأن حرية الإبداع والمبدعين".

وأضاف باي أنّ "الدولة المغربية ممثّلة في المركز السينمائي المغربي، منحت ترخيصاً رسمياً لتصوير الفيلم بالمغرب، وهو ترخيص يمنحه المركز بعد قراءة سيناريوهات الأفلام لتجنّب خلقها أيّ أزمات عقائدية أو غيرها، وبالتالي فلو كان هناك ما هو مسيء في الفيلم لاعترض عليه المركز أوّلاً".

ودافع باي عن اختياره المشاركة في فيلم "ابن الربّ" قائلاً إنّه لعب دور أحد أتباع السيّد المسيح، "ولم يتضمّن الدور أيّ إساءة للمسلمين ولا مساس فيه بالإسلام"، مشدّداً على أنّ "عيسى عليه السلام نبيّ يؤمن به المسلمون أيضاً. وأنا مغربي عربي مسلم أعتزّ بانتمائي الديني ومستعدّ للعمل مجاناً في أيّ عمل مغربي أو عربي عن الإسلام".

ودافع باي أيضاً عن اختيار المغرب لتصوير الفيلم المثير للجدل بالقول، إنّ "الميزانية الضخمة لهذا العمل وللأعمال السينمائية العالمية التي تختار مواقع مغربية، تساهم في تنمية اقتصاد البلاد وتخلق فرص عمل مهمة للآلاف من المغاربة".

وختم باي بالقول إنّه يعيش حياته بشكل عادي ولا يلقي بالاً لنعته من قبل مهاجميه بـ"الضالّ" أو تهديده بالقتل، لأنّ ذلك برأيه "يصدر عن أشخاص يستعملون حسابات وهمية ويختبئون خلف صور الآخرين ولا يملكون الشجاعة للتعبير عن آرائهم"، وهو ما يمنح، بحسب باي، مبرّراً للغير لـ"الركوب على هذه النقيصة".

وعلى الجهة الأخرى من تصريحات باي، هناك الممثل المغربي المشارك أيضاً بالفيلم رفيق بوبكر، الذي قال في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ مشاركته في "ابن الربّ" مسألة تتعلّق بالجانب المادي من ألفها إلى يائها: "لا عن قناعة فكرية أو عقائدية بالنظر إلى الظروف المزرية للسوق الفنية بالمغرب".

جدير بالذكر أن فيلم "ابن الرب" لاقى رفضاً واسعاً في بلدان أخرى كمصر، حيث أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بتحريم تجسيد شخصيات الأنبياء والرسل "احتراماً وتوقيراً لمكانتهم في النفوس"، بحسب بيان صادر عن الأزهر. على اعتبار أنّ "الأعمال الفنية التي تتناول الأنبياء والرسل "تتنافى مع مقاماتهم".

فيما شدّد سينمائيون على أنّ عرض أفلام دينية وظهور الأنبياء فيها والصحابة لا مانع شرعيّ له، سواء في القرآن الكريم أو في السنّة النبوية، بل "لا يعدو كونه اجتهاداً لفقهاء". 

العربي الجديد اللندنية في

21.01.2015

 
 

سوسن بدر: أعشق الشر.. وأشارك نبيلة عبيد «نجمة العرب»

كتبت - سهير عبدالحميد

قالت الفنانة سوسن بدر أنها سعيدة بمشاركتها فى لجنة تحكيم برنامج «نجمة العرب» التى تهدف لاختيار المواهب فى التمثيل من كل الدول العربية، مؤكدة أن هذا البرنامج مختلف عن باقى برامج اكتشاف المواهب  التى انتشرت مؤخرًا، حيث يتم اختيار المتسابقة الموهوبة فى التمثيل وليس الغناء حيث إن الشاشة فى حاجة باستمرار لتجديد الدم وأى موهبة لا تتمنى أكثر من فرصة محترمة لتعرض موهبتها خاصة أن صاحبة لقب «نجمة العرب» سيتم إنتاج فيلم لها أو مسلسل من بطولتها.

وأشارت بدر إلى أنها سعيدة بوجودها ضمن لجنة التحكيم مع الفنانة نبيلة عبيد التى سبق أن شاركتها فيلم «مفيش غير كده» منذ سنوات حيث تتميز كواليس تسجيل الحلقات بخفة الدم بجانب أن هناك مواهب كثيرة تحتاج لمن يساعدها ولم يستطيعوا الالتحاق بالمعاهد المتخصصة لدراسة التمثيل وقد حرصنا على أن نتجول فى كل الدول العربية ونقوم باختيار المتسابقات اللاتى سيتم تأهيلهن للتصفيات النهائية ونحاول أن نعطيهم خبرتنا التى اكتسبناها على مدار عمرنا الفنى ومن المقرر عرض حلقات البرنامج منتصف هذا الشهر، على جانب آخر أكدت سوسن بدر أنها بدأت منذ أيام تصوير دورها ضمن أحداث مسلسل «ساحرة الجنوب» مع حورية فرغلى والتجربة التليفزيونية الأولى للمخرج أكرم فريد حيث تجسد شخصية صعيدية الشر هو متعتها الوحيدة فى الدنيا وتتلذذ بتعذيب الآخرين.

وقال: «سبق أن قدمت الشخصية الصعيدية أكثر من مرة وكان آخرها فى مسلسل «الرحايا» مع الفنان نور الشريف وكانت هذه الشخصية شريرة أيضًا لكن فى «ساحرة الجنوب» الأمر مختلف لأن فى الرحايا الشر كان مبررًا فهى زوجة تكتشف أن زوجها متزوج من أخرى وأنجب منها فتقرر التخلص منه أما فى المسلسل الجديد فالشر لا حدود له وهذا العمل يتناول السحر والشعوذة الموجودين بكثافة فى صعيد مصر لذلك أنا متفائلة بهذا المسلسل.

وأضافت سوسن أنها تعشق الأدوار المركبة والتى تجدها بسهولة حيث يحاول الممثل بذل أقصى جهده لكى يخرج من جلده وهى سعيدة بتقديم هذه النوعية من الأدوار عبر مشوارها الفنى وكان آخر هذه الأعمال مسلسل «السبع وصايا» للمؤلف محمد أمين راضى ومعها مجموعة الشباب أيتن عامر وهيثم أحمد زكى ورانيا يوسف ومحمد شاهين، مشيرة إلى أنها تعشق مع الشباب الذين تعتبرهم المستقبل.

على جانب آخر قالت سوسن أنها تنتظر خلال الأيام المقبلة عرض مسلسل «الوسواس» على إحدى القنوات المشفرة الذى انتهت من تصويره منذ أيام وشاركت فى بطولته مع زينة وتيم حسن وإخراج حسنى صالح مؤكدة أن عرضه فى المواسم البعيدة عن رمضان سيجعله يحقق نسب متابعة كبيرة.

روز اليوسف اليومية في

21.01.2015

 
 

النبش في ذاكرة الحروب الإنسانية

فيلم «عراف المياه» قصيدة سينمائية لراسل كرو

أكثر من 37 مليون شخص قتلوا في معركة غاليبولي و8 ملايين فقدوا واعتبروا في عداد القتلى، بهذه المعلومة فضل الممثل راسل كرو ان يختتم فيلمه عراف المياه الذي يعد باكورة تجاربه الاخراجية، والتي اختار فيها ان تمخر سفينته عباب الدراما التاريخية، معتمداً فيها على سيناريو أعده أندرو نايت وأندرو أناستاسيوس، خرج فيه من بلده أستراليا نحو الشرق، وتحديداً نحو تركيا لينبش ما تختزنه ذاكرتها حول معركة غاليبولي، عارضاً اياها في قالب ملحمة انسانية، قادرة على هز القلب، ومهدياً اياها الى المفقودين والمجهولين المخلدين في قلوب وذاكره عائلاتهم.

فعلى نسق ميلودراما الحرب قدم كرو عراف المياه الذي منحه تأشيرة الدخول لعالم الاخراج الذي طالما لمح الى رغبته في الابحار به بعد سنوات طويلة أمضاها في أروقة التمثيل. كرو تمكن بفيلمه هذا من نيل استحسان النقاد الذين منحوه درجات تجاوزت الـ8.

الفيلم الذي يلعب بطولته كرو نفسه، وتشاركه البطولة الممثلة أولغا كوريلنكو والتركي يلماز أردوغان وجاي كورتني، يأخذنا في رحلة نحو الشرق، ليحط في زمن الحرب العالمية الأولى، عبر قصة مزارع أسترالي يدعى جوشوا كونور (راسل كرو) يحترف ايجاد مواقع المياه، يسافر الى تركيا في رحلة بحث عن أبنائه الثلاثة بعد فقدهم في معركة غاليبولي عام 1915 التي تضامنت فيها دول الحلفاء لاحتلال اسطنبول، الا ان المحاولة تفشل وتخلف ضحايا كثر.

وخلال رحلته يواجه كونور عقبات كثيرة تتمثل في البيروقراطية البريطانية والحواجز الدبلوماسية، ويتمكن من اجتيازها ليحط في اسطنبول، ويقيم في فندق تملكه عائشة (أولغا كوريلنكو)، وهي أرملة تركية فقدت زوجها في المعركة، ورغم امتعاضها في البداية من اقامة العدو في فندقها، الا أنها تتغير بعد ان تكتشف سبب قدومه الى تركيا، وتساعده في خطواته، متسلحاً بأمل يمنحه اياه الرائد حسن (يلماز أردوغان)، الضابط العسكري التركي الذي كان مشرفاً على المعركة، حيث يتعاطف معه بعد ان يعرف قصته، ليكتشف كونور في نهاية الفيلم ان ابنه الأكبر لايزال على قيد الحياة، وهي النهاية التي يقلب فيها كرو مسار الفيلم بالكامل، لاسيما وأنه يؤكد أكثر من مرة عبر الفلاش باك موت الأبناء.

الصحافة الغربية حملت بين قراءتها للفيلم آراء كثيرة، منحت في مجملها كرو شهادة الاخراج بتفوق، فمثلاً وصفت ميغان ليمان من هوليوود ريبورتر، كرو في الفيلم بأنه بئر من الرمزية، والتعاطف الثقافي في رواية القصص القديمة الجديدة، أما فرانك هاثيرلي من سكرين انترناشيونال، فقال ان الفيلم مغامرة صلبة تتضمن بعض الكوميديا والاهتمام بالحب، ويحمل لمسة من انديانا جونز وبعضاً من لورانس العرب، ووصف لوكا بكماستر من صحيفة الغارديان الفيلم بأنه عبارة عن ميلودراما الحرب المضيئة بالألوان الجميلة وأشعة الشمس، وقال ستيفن رومي من صحيفة أستراليان، بأن كرو قدم جانباً آخر من قصة غاليبولي.

رغم ان راسل كرو في فيلمه أبرز طبيعة تركيا الخلابة وغناها الثقافي، الا ان ذلك لم يحميه من الوقوع في فخ الانسياق وراء الفكر الاستشراقي حول عالم الشرق الساحر الذي تجلى في مشاهد كثيرة، منها سؤاله المتكرر لأبنائه عن الكلمة السرية التي تجعل البساط السحري يطير، وحمله الدائم لكتاب ألف ليلة وليلة، اضافة الى مشاهد الرقص الشعبي في الفندق، في حين نجح كرو في الابتعاد عن تقديم المرأة الشرقية في قالب الضحية، على خلاف ما اعتادت عليه الأفلام الغربية.

النهار الكويتية في

21.01.2015

 
 

علي مصطفى قدمه على نمط سينما الطريق

«من ألف إلى باء» يعزز إنسانية الصداقة

دبي ـ غسان خروب

قد لا يدرك الجمهور أن الرحلة التي يشاهدها لنحو ساعتين في الفيلم الإماراتي «من ألف إلى باء» للمخرج علي مصطفى، قد استغرق العمل عليها 4 سنوات، قضاها مصطفى بين كتابة السيناريو واختيار المواقع والتنقل بين بلدان عدة لإنجاز هذا الفيلم المنتمي إلى سينما الطريق، ليضيفه إلى قائمة إنجازات السينما الإماراتية التي بدأت تلج بقوة في أروقة الصالات التجارية مدعومة بمجموعة أفلام ناجحة ومن بينها هذا الفيلم الذي دخل مع بداية الأسبوع الجاري، صالات السينما المصرية، في وقت لا يزال قادراً على استقطاب رواد صالات السينما المحلية، ليشكل هذا الفيلم بنجاحه تجارياً دليلاً على نضوج السينما الإماراتية وانتقالها لمستوى آخر، لا سيما وأن مخرجه علي مصطفى تمكن من صياغة أحداثه بقالب كوميدي جميل يخلو من التعقيد، مجسداً معاني الوفاء بين الاصدقاء، عاكساً فيه أيضاً طبيعة الإمارات بما تحتضنه من جنسيات عديدة.

رحلة برية

أحداث الفيلم تدور حول 3 أصدقاء عرب نشأوا في أبوظبي، يقومون برحلة برية، وفاءً لصديقهم «هادي» الذي توفي خلال الحرب على لبنان في 2006، وبعد مرور 5 سنوات على رحيل «هادي»، يقوم أصدقاؤه السوري «عمر» (فادي الرفاعي)، مع المصري «رامي» (الممثل شادي الفونس) والسعودي «يوسف» (الممثل فهد البيتري)، بالترتيب لهذه الرحلة التي تنطلق من أبوظبي مروراً بالسعودية والأردن وسورياً وصولاً إلى لبنان، بحيث يصلون إليها في عيد ميلاد صديقهم الراحل، ليكتشف هؤلاء الشباب خلال الرحلة ذاتهم من جديد، ما يحفزهم على تغيير أسلوب حياتهم كلياً بعد كمية الأحداث التي يشهدونها خلال الرحلة، التي نشهد خلالها مواقف كوميدية وتراجيدية عدة.

تجربة مختلفة

تجربة مصطفى الجديدة جاءت مختلفة عن تجربته السابقة «سيتي أوف لايف» (2009)، فقد اختار لهذا الفيلم نمط سينما الطريق، ليتمكن من تجسيد أحداث السيناريو الذي كتبه بالتعاون مع السيناريست والمنتج المصري محمد حفظي، الأمر الذي ساعده في تقديم صياغة جميلة للمغامرة التي يقوم بها الشباب، فقد عززها بعديد القصص التي تنتصر في غالبيتها للإنسانية، بدءاً من الفكرة نفسها، والتي تجسد معنى الوفاء لصديق فارق الحياة، ومروراً بالنظرة الانسانية التي يلتقي عليها الأصدقاء اثناء وجودهم في سوريا، لتبدو أن أحداث الفيلم دارت خلال فترة الثورات العربية التي دبت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، التي نشهد فيها أكثر القضايا الانسانية التي يجسدها الشباب في تفاعلهم مع الأوضاع المحيطة بهم، والذي يبرز بشدة في المشهد الذي يجدون فيه مئات العائلات التي تنتحب، ليكتشفوا أنهم في حالة تعرف إلى جثث ذويهم، ليبدأ «رامي» بتوثيق الحالة بالصور بهدف نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن كاميرا رامي تقع بيد «ثوار درعا»، ليعيشوا حالة الاستجواب مرة ثانية بعد تجربتها مع الجيش النظامي في المرة الأولى، لنجد أن طلب الثوار من الشباب يتلخص في «ايصال ما رأوه إلى العالم»، ليضع الثوار وقائدهم (الممثل سامر المصري) أملهم بالشباب.

الإمارات حاضنة العالم

رغم الجرعة الكوميدية التي وضعها مصطفى في فيلمه، إلا أن المتابع للأحداث يشعر بأنه تمكن عبر الحكايات التي يتطرق إليها من خلق توازن واضح بين النواحي الاجتماعية والقضايا السياسية، وفي الوقت نفسه، تمكن من تصوير الإمارات كحاضنة لمختلف جنسيات العالم، لما توفره من أمان وحرية للمقيمين فيها، وهو ما نلمسه من خلال توليفة الممثلين الذين اختارهم مصطفى لأداء الفيلم الذي شارك فيه أيضاً الممثل المصري خالد أبوالنجا والسوري سامر المصري والفلسطيني علي سليمان (بطل فيلم الجنة الآن)، ومواطنته ليم لوباني (بطلة فيلم عمر)، ويسرا اللوزي والأميركية مادلين زيما.

البيان الإماراتية في

21.01.2015

 
 

واصف رئيساً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي

عمان - الرأي

تسلمت الناقدة والباحثة السينمائية الدكتورة ماجدة واصف رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي خلفا للمؤرخ السينمائي سمير فريد، وذلك بقرار من وزير الثقافة المصري.

عرفت الناقدة واصف في حقبة السبعينات من القرن الفائت بكتاباتها في النقد السينمائي بالصحافة المهاجرة وتحديدا في مجلة المستقبل التي كانت تصدر آنذاك بباريس، والتي قدمت من خلالها رؤى وأفكار جديدة حول السينما العربية الجديدة، مسلطة الضوء على جماليات وبنى سردية في عوالم الفن السابع في أكثر من بيئة ثقافية.

جالت واصف بالعديد من المهرجانات العربية والدولية كناقدة معروفة دوليا وهو ما قادها لأن تكون صاحبة خبرة في تنظيم المهرجانات وكان أن تولت أيضا مسؤوليات في أكثر من مؤسسة دولية تعنى بالثقافة والتنشيط السينمائي، من بينها إدارة مهرجان بينالي السينما العربية في باريس، الذي كان ينظم من قبل معهد العالم بباريس مرة كل عامين، حيث يحسب لها ولزملائها من نقاد عرب يقيمون في المهجر الباريسي، الريادة في فتح نافذة تسويقية وتعريفية للفيلم العربي في أوروبا والعالم، وهو ما عرّف بأنماط من الإنتاج السينمائي في أكثر من منطقة عربية وتقديمهم إلى السوق التوزيعية في السينما العالمية.

في الأعوام الأخيرة أسندت إلى واصف مسئولية إدارة مهرجان الأقصر السينمائي التي جعلت من هذه المدينة الساكنة مركز إشعاع فني يلتقي فيه عشاق السينما بأفلامهم وأحلامهم، وأعادت البهجة إلى صالات السينما في هذه البيئة التي كانت مهجورة ونجحت في تجاوز الكثير من المعوقات والتحديات المتعلقة بتحديث وسائل أجهزة العرض داخل دور العرض السينمائي لأن هذه الصالات لم تطور نفسها ولم تدخل السباق التكنولوجي بآلات العرض الرقمية والتي أصبح معمولا بها في كل دور العرض بالقاهرة والإسكندرية.

إلى جوار واصف سيكون الناقد والباحث يوسف شريف رزق الله مديرا فنيا للمهرجان، وهو صاحب الخبرة الطويلة بالمهرجانات العربية والدولية وصاحب الذاكرة السينمائية الفطنة التي تستعيد الكثير من قامات الإبداع السينمائي العالمي.

الرأي الأردنية في

21.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)