كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الوثائقي والتحديات السياسية

قراءة في "يهود مصر" و"القاهرة منور بأهلها"، وأفلام أخرى

د. أمـل الجمل

 

الشخصيات التي بالفيلم هي من "وحي خيال المؤلف والمخرج". عندما يقرأ المتلقي الجملة السابقة على شريط فيلم روائي ربما لن تُثير دهشته، وربما أيضاً لن يقوده التفكير بعيدا بشأن احتمالات ومسببات تصدير العمل بتلك الكلمات، وعلى الأرجح سيُبرر وجودها بالتماسّ القائم بين أبطال العمل وشخوص آخرين حقيقيين لايزال لهم سطوة ونفوذ على أرض الواقع، وأن صناع العمل كتبوا تلك الجملة حماية لأنفسهم من عواقب قانونية وجنائية

لكن الجملة السابقة ذاتها ستُصبح مثار دهشة واستنكار عندما نقرؤها قبيل بدء مقدمة أي فيلم وثائقي، فالوثائقي من التوثيق يعني التزويد أو الدعم بالوثائق، مثلما يستعين بالأشخاص الحقيقيون وشهود العيان والمؤرخون الموثوق بهم. صحيح أن مخرجه قد يستعين بممثلين لتجسيد شخصيات بعينها ووقائع محددة لكنه في النهاية يسرد وقائع تاريخية واجتماعية حدثت بالفعل، ورغم أنه قد يمزج بين الروائي والوثائقي أحياناً – فيما يسمى بالفيلم العابر للنوعية - لكنه أيضاً في النهاية يحكي عن أشخاص حقيقيين وملابسات تصرفاتهم وسلوكهم في محاولة للفهم واستجلاء الحقيقة. فالوثائقي يعتمد على توافر البيّنة الموثقة في البحث، وأحد شروط مصداقيته أن يستند إلى الوثائق التاريخية، ويرجع أصل كلمة الوثائقي إلى "وثق" أي الثقة، والوثيق هو الشيء المُحكم، وأخذ بالوثيقة في أمره أي أخذ بالثقة.

يهود مصر

المقدمة السابقة لها علاقة باستدعائي لظروف عرض الجزء الأول من فيلم "يهود مصر" للمخرج المصري أمير رمسيس عندما طُرح تجارياً في دور العرض السينمائية، بعد ما بدا أنه شبه معركة رقابية قصيرة، إذ سبق بدء شريط الفيلم بضع كلمات كُتبت على الشاشة الكبيرة مُوقعة من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بوزارة الثقافة المصرية تقول: "الشخصيات التي بالفيلم هي من وحي خيال المؤلف والمخرج". ثم أعقبها مباشرة لوحة أخرى تحمل توقيع صناع العمل وترد على الجملة السابقة بالتالي: "الرأي السابق يعبر عن وجهة نظر وزارة الثقافة وجهاز الرقابة ولا يعبر بأي حال من الأحوال عن رأي فريق الفيلم."  

رغم قصر المعركة الرقابية، نسبياً، بين صناع العمل وإحدى الجهات المنوط بها مراقبة الإبداع، لكن الكلمات السابقة للفريقين تكشف عن مأزق يتعلق ليس فقط بمقص الرقيب، ولكن أيضاً بالأجواء والظروف السياسية خلال الفترة التي عُرض فيها "يهود مصر"، فقراءة النص التحتي للعبارتين يشي بمساومة بين الطرفين، مثلما يستدعي قراءة مضمون الفيلم وتحليله دون أن نغفل علاقة المضمون والشخصيات التاريخية المرتبطة بالنصف الأول من القرن العشرين في علاقتها الجدلية بالواقع السياسي المحيط بتوقيت عرض الفيلم في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين

تكشف تلك القراءة أمراً يتعلق بالبنى السياسية وأثرها على رسالة الفيلم الوثائقي في مرحلة ما من صناعته وهى مرحلة العرض الجماهيري، وربما ما يعقبها من عرض تليفزيوني أيضاً خصوصاً إذا كان مملوكاً أو ممولاً من تلك البنى السياسية، فتوفير تمويل للإنتاج لم يعد العقبة الكبرى أمام الإبداع، ولكن التوزيع والعرض والوصول إلى الجمهور أصبح معضلة لا يُستهان بها، فالفيلم الذي لم يُشاهد لم يُنتج بعد

هنا، في تجربة "يهود مصر" لم تتمكن المؤسسة السياسية الحاكمة، والتي تخضع لها مؤسسة الرقابة وجهاتها الأمنية، من التأثير على الفيلم أثناء صناعته نظراً لعدة أسباب في مقدمتها أن إنتاجه جاء مستقلاً عنها وعن أي من مؤسساتها الثقافية الداعمة، أن الفيلم لم يكن بحاجة لتصاريح أمنية تتعلق بأماكن التصوير، فمعظم مشاهد الفيلم تعتمد على اللقاءات مع ضيوف في بيوتهم أو مكاتبهم، كما يستند إلى لقطات أرشيفية تاريخية لشوارع القاهرة والإسكندرية إلى جانب لقطات أخرى ربما تم تصويرها خفية ومن دون الحاجة للتصاريح الأمنية المعهودة، كما أن بعض الأفلام قد تحصل على إذن رقابي بالتصوير لكن ذلك ليس ضمانا بالموافقة على العرض إذ لابد من الحصول على ترخيص آخر.

إضافة إلى ما سبق فإن تصوير الفيلم بدأ قبل أن يتولى الإخوان حكم مصر إذ تعود فكرته إلى عام 2004 ثم بدأ أمير رمسيس البحث والتحضير له منذ 2008 ثم حصل على تصريح رقابي بالتصوير عام 2010 أي قبل مجيء الإخوان بنحو سنتين على الأقل، لكن السبب الأخير إذا كان ينطبق على نوعية أخرى من الأفلام فإنه في تقدير كاتبة هذه السطور لا ينطبق على "يهود مصر"، وهناك بعض الأفكار المثيلة حتى لو تم تصويرها في ظل تلك النوعية من البنى السياسية يظل صانعها على قناعته وتمسكه بطرح مبادئه وقناعاته، مؤكداً على قدرة بعض أشكال وأنواع الفيلم الوثائقي على البقاء بعيدا عن مؤثرات وأدوات نظم الحكم طالما ظل المخرج قادراً على التشبث بقناعاته ومبادئه مهما كان الثمن فادحاً

الرقابة الأمنية

عُرض شريط "يهود مصر" على الرقابة أثناء فترة تولي الإخوان المسلمين سدة الحكم في مصر 2012- 2013. وافقت الرقابة في بادئ الأمر على عرضه ضمن بانوراما الفيلم الأوروبي 2012، ثم منحته تصريحاً رقابياً أخر للتصدير والعرض في مهرجانات دولية منها "بالم سبرينجز"، لكن عندما قرر صُناعه عرضه العام بدور العرض السينمائي كان لزاماً عليهم العودة للرقابة والحصول على تصريح آخر، ومن هنا بدأت الأزمة. قراءة تصريحات الطرفين في الصحف(1) ومحاولة استبطان النص التحتي لرد كل منهما على الآخر تفيد بأن أصحاب العمل لم يمهلوا الرقابة الوقت الكافي لإصدار التصريح، وفاجأوها بأنهم يريدون التصريح خلال يومين بعد أن حجزوا صالات العرض وعملوا الدعاية المكثفة، في حين أن القانون يمنح الرقابة أن ترد بالموافقة من عدمه خلال شهر، خصوصاً أن العرض الجماهيري يتطلب تدخل جهات أمنية لمشاهدة العمل

تساؤلات عدة تطرح نفسها؛ لماذا تصرف صناع العمل هكذا؟ هل كان ذلك رغبة في توظيف الرفض المؤقت لصالح الفيلم والدعاية له تحت مسمى أن الفيلم "ممنوع" خصوصا مع إصدار بوسترات دعائية للفيلم تحمل ختم بالأحمر "ممنوع من العرض"؟ أم أن الأمر حدث مصادفة ولأسباب توزيعية؟ لا يمكن معرفة ما دار في الأفئدة والعقول، أو ما دار في الغرفة المغلقة على مسئوليها، ولن نجزم بأن الرقابة تشددت فالتصريحات المباشرة لمديرها لا تفيد بذلك، لكن ذلك لا يمنعنا من إعادة طرح التساؤل: لماذا الإصرار على تصدير الفيلم بجملة: "الشخصيات التي بالفيلم هي من وحي خيال المؤلف والمخرج"، وهو ما يتطلب بدوره قراءة مضمون الفيلم.

بقدر ما يحكي الشريط الوثائقي لأمير رمسيس عن اليهود المصريين فهو يحكي عن مصر الوطن، وهو ما كان يُصيب المتلقي – ليس فقط بالنوستالجيا لمصر البهية المتسامحة – ولكن أيضاً بغصة في الحلق وحزن عميق بلغ حد البكاء لدى البعض خصوصاً في توقيت عرضه الأول بسبب المقارنة بين مصر التي كانت، ومصر كيف وإلى أين صارت؟!. في جزء منه يشير الفيلم إلى الخلط الحادث في التعامل مع اليهود واعتبارهم جميعاً أعداء، وكأن اليهودية تهمة، وذلك على خلفية الصراع العربي الإسرائيلي.

ثم تدريجيا يغرس الشريط الوثائقي في جمهوره شحنة عاطفية وفكرية هي من دون شك متعاطفة مع يهود مصر، خصوصا مع تتابع اللقاءات المتعددة مع الشخصيات اليهودية، مع توالي الاعترافات والبوح بالمشاعر على اختلافها، وتصريحات المؤرخين بالفيلم التي توضح كثيراً من المواقف الملتبسة، وتلقي هالة من الضوء حول بعض الشخصيات اليهودية، فشيكوريل مثلاً كان مقربا جدا من طلعت حرب، ويعد أحد مؤسسي بنك مصر الذي تم تأسيسه لمحاولة مواجهة الرأسمالية الأجنبية ودعم الرأسمالية المصرية، إلى جانب تأكيدات باحث علم الاجتماع عصام فوزي والمؤرخ اليساري رفعت السعيد وكذلك محمد أبو الغار – في متن الفيلم - على أن العائلات اليهودية كانت تتحرك في جميع المجالات الاقتصادية وعلى أن تلك العائلات لم تكن تتعامل بمنطق الجاليات الأجنبية التي تنقل أرباحها للخارج أولا بأول، فقد كانت تبقي على أموالها بالداخل. كما لا يغفل الفيلم ذكر ملامح من دور اليهود في الثقافة المصرية والحركة الأدبية والسينمائية، فيُدرك المتلقي كنه مشاعر الحب والنوستالجيا التي يشعر بها هؤلاء اليهود إزاء مصر وتجاه كثير من تفاصيل الحياة بها، فهم في النهاية مصريون عاشوا على أرض مصر في ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي عندما كان رجال السياسة لم ينتبهوا بعد لكيفية استغلال البعد الطائفي والديني لغرس بذور الشقاق والتفرقة والعنصرية. مثلما ينجح الفيلم في جعل المشاهد يتفهم مشاعر الغضب التي مر بها البعض نتيجة الظروف السياسية التي عاشوها في فترة الخروج، فكأن الفيلم إنصافا لليهود المصريين المُفترى عليهم.

وصحيح أيضاً أن عصام العريان القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة كان قد أطلق دعوته الشهيرة في نهاية ديسمبر 2012 عبر وسائل الإعلام والتي طالب فيها اليهود من أصول مصرية والمتواجدين بالأراضي الفلسطينية المحتلة أن يعودوا الى مصر مجدداً، مبررا تلك الدعوة بأنها سوف تقوم بحل القضية الفلسطينية فعندما يترك اليهود هذه المنازل ويعودوا إلى مصر سيعود الفلسطينيون إلى بيوتهم، متناسياً أن اليهود عندما خرجوا من مصر لم يذهب منهم أحد إلى إسرائيل إلا القلة القليلة جداً، أما الأغلبية العظمى فاختارت الحياة في دول مختلفة في شتى أنحاء العالم.

إعادة فتح ملفات ملتبسة 

إذن، طالما جاءت دعوة العريان متسامحة مع اليهود وكأنه يتضامن مع فيلم "يهود مصر" فلماذا – وإذا استبعدنا صحة الرفض الرقابي أو محاولة المنع - أصرت بعض الجهات الأمنية الرقابية على أن يكتب فريق العمل أن "الشخصيات التي بالفيلم هي من وحي خيال المؤلف والمخرج"؟ ولماذا أيضاً خضعت لاقتراح المخرج - عندما رفض أن يستجيب لهم، وفق تصريحه في حوار مع كاتبة هذه السطور - بأن يكتبوا تلك الجُملة على لسانهم هم، وبالفعل كُتبت الكلمات واستخرجت من الرقابة، وبعدها وضع رمسيس لوحة تفيد بأن "الرأي السابق يُعبر عن وجهة نظر وزارة الثقافة وجهاز الرقابة ولا يعبر بأي حال من الأحوال عن رأي فريق الفيلم." 

الإجابة على التساؤل السابق تستدعي البحث والتنقيب في مضمون الفيلم والأمر لن يستغرق وقتاً طويلاً لاستجلاء بعض الأمور، فبمجرد تدفق الحديث عن كيف بدأ العداء مع اليهود ستتضح كثير من الأشياء، فحتى عام 1935 لم يكن لمصر أي مشكلة مع اليهود، وعندما تم الإعلان عن وعد بلفور قامت في الإسكندرية مظاهرات بالآلاف من اليهود والمصريين تحية لبلفور، وعندما أُنشئت الجامعة أرسلت مصر وفداً من كبار الدولة على رأسه لطفي السيد. لكن 1935 كانت السنة الفاصلة فالمستعمرات اليهودية بدأت في التسلح ومهاجمة الفلسطينيين، وقامت الثورة الفلسطينية وانتقلت المظاهرات إلى مصر، ومن هنا بدأ يظهر لأول مرة في مصر جو عدائي ضد الصهيونية وضد اليهود عموما

يتحدث أكثر من مصدر بالفيلم، ومنهم الدكتور محمد أبو الغار صاحب كتاب اليهود في مصر، والمؤرخ اليساري الدكتور رفعت السعيد، وعصام فوزي باحث علم الاجتماع، إلى جانب شهود عيان من اليهود أنفسهم يتحدثون عن عداء الإخوان المسلمين لليهود والذي بدأ في الاشتعال في 3 نوفمبر 1945 على خلفية الصراع الفلسطيني الصهيوني حيث خطب المرشد حسن البنا في الآلاف من أعضاء الجماعة في ميدان عابدين وطالب بأن تتوجه مجموعات منهم في مسيرة إلى حارة اليهود ليهاجموا المحلات والمعابد وامتد الشغب لليوم التالي،(2) وأنه مع عام 1947  أخذ يتنامى الشعور العدائي للمستوطنات، وعندما حدث تقسيم فلسطين الأول قامت ثورة كان يحمل لواءها مجموعتان؛ المجموعة الأكثر تطرفاً هي جماعة الإخوان المسلمين، والمجموعة الثانية هي حزب "مصر الفتاة" وكان حزبا شبه فاشي. في حين يذكر المخرج - على لسان الراوي بالفيلم – حادثة تفجيرات حارة اليهود في يونيو 1947، وحرق المحلات الكبرى المملوكة لليهود على أيدي جماعة الإخوان المسلمين

كذلك يذكر أكثر من مؤرخ ومصدر داخل الشريط الوثائقي بتأكيد على أن "مصر الفتاة" وجماعة الإخوان المسلمين لم يأخذا أي موقف عدائي أو نضالي من الحكم الملكي أو من الاحتلال الأجنبي، ولكن أخذا موقفاً من اليهود المصريين المقيمين في مصر، واستنكر المتحدثون بالفيلم تركيز نضال الجماعة ومصر الفتاة بالداخل ضد اليهود معتبرين أن اليهود المصريين خونة حيث ادعيا أنهم يتبرعون لإسرائيل ويجب محاكمتهم. وإذا كانت التصريحات السابقة عن تاريخ جماعة الإخوان خصوصا مع الملك والاحتلال الأجنبي موثق في أكثر من مرجع(2) مع ذلك يُؤخذ على صناع الفيلم أمرين؛ الأول: أنهم لم يستعينوا بشخصيات من الجماعة للرد على ما نُسب إليها وإلى أفرادها، واكتفوا باستضافة علي نويتو عضو الجماعة ليقول فقط رأيه السلبي في اليهود ومن دون أن يرد على أي من الاتهامات التي وُجهت للإخوان. والأمر الثاني؛ أنهم تركوا الجزء المتعلق بأن "الإخوان ركزوا نضالهم بالداخل" من دون نقاش وجدل، فحتى لو كانت كثير من المراجع التاريخية التي تُؤكد على دور الإخوان في حرب فلسطين هي مراجع لكتاب ينتمون إلى الجماعة كان من الضروري طرح الرأيين ومحاولة إلقاء الضوء على وجود منطقة ملتبسة وشائكة بين مؤكد ومعارض.

إضافة إلى ما سبق، وضمن الشريط الوثائقي "يهود مصر" تتوالي تصريحات وشهادات أخرى تاريخية ووثائق وأخبار رسمية موثقة وأرشيفية تُدين سياسة جماعة الإخوان المسلمين وقادتها ومنها مثلاً: خبر عن قرار مجلس الثورة بحل جماعة الإخوان، ومحاولة المرشد لقلب نظام الحكم وتكوين منظمات سرية في الجيش والبوليس والجامعات وبين العمال، إلى جانب أخبار عن اعتراف الهضيبي بالاتصال بالإنجليز، وقيام المرشد العام بمفاوضات مع الإنجليز من خلف ظهر الثورة، وتسخير المرشد العام الدعوة الدينية لمطامعه الشخصية وتدبيره انقلابا باسم الدين. إضافة إلى محاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر في حادث المنشية عام 1954، ومن ثم صدور قرار بحل الجماعة. ثم يختتم فيلم "يهود مصر" الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين بأقوال المناضل السياسي ألبير آرييه عن عدوان عام 1956 على مصر عندما كان نزيلاً بسجن الواحات، وكيف أن اليساريين كانوا قد أعلنوا عن رغبتهم في أن يتطوعوا في المقاومة بمنطقة القناة، على أن يقوم روبير جرونسبان بتدربيهم، لكن بعض السجناء من جماعة الإخوان المسلمين في نفس السجن رفضوا الفكرة –وفق تصريح آرييه - بل أعلن بعضهم عن فرحه في العدوان على مصر نكاية في عبد الناصر، وهى جزئية أخرى كانت تحتاج من صناع العمل أن يٌتيحوا الفرصة لأحد أفراد الجماعة الرد عليها لتحقيق المصداقية.  

تعتقد كاتبة هذه السطور أنه للأسباب السابقة - المتعلقة بالطرح الذي تناول صورة جماعة الإخوان المسلمين وبعض رموزها في متن الشريط الوثائقي والتي تدين سياستهم في النصف الأول من القرن العشرين – قرر جهاز الرقابة أو الجهة الأمنية الرقابية ضرورة تصدير الفيلم بجملة "الشخصيات التي بالفيلم هي من وحي خيال المؤلف والمخرج." يبقى أن نشير إلى أنه في ظل نظام آخر وظروف اجتماعية وتاريخية مغايرة أكثر تشددا وصرامة كان من المحتمل أن يُمنع الفيلم، أو يمتد مقص للحذف من مضمون الفيلم كل ما يتعارض مع سياسات النظام السياسي السلطوي والنسق السياسي

القاهرة منورة بأهلها 

لا شك أن الرقابة السياسية المتشددة والبالغة حد الاضطهاد والنفي كانت موجودة، بأشكال متفاوتة، عبر مختلف العصور سواء في الأدب أو الفن التشكيلي، وكذلك في مجال السينما بعد قليل من مولدها على الأخص عندما بدأ رجال السياسة يدركون خطورتها فتفننوا في تكبيلها بقواعد رقابية صارمة. كانت السينما الروائية تخضع للرقابة أكثر من نظيرتها التسجيلية ربما لأن الأولى كانت تحظى بمكانة جماهيرية عريضة، ولكن رغم الاضطهاد كان صناع الأفلام الروائية يمتلكون قدرة على الهروب من ذلك باللجوء للرمز والتورية وهو الأمر الذي ربما يصعب تحقيقه في مجال الوثائقي القائم على رصد الواقع بكل ملابساته الصارخة المؤلمة. مع ذلك أتاحت الثورة التكنولوجية لعدد من مبدعي الوثائقي أن يهربوا من سطوة السلطة في بعض البلدان خصوصا المسيطرة على التمويل والإنتاج وذلك من خلال الإنتاج المستقل أو من خلال الإنتاج المشترك مثلما يظهر ذلك في تجربة مصرية شهيرة قام بها المخرج الراحل يوسف شاهين "القاهرة منورة بأهلها" في مستهل تسعينيات القرن العشرين.

إنه عمل روائي قصير معجون بالوثائقية، فإلى جانب اللقطات الوثائقية الخطيرة التي يتضمنها الفيلم فإنه يُوثق للواقع الذي تعيشه مدينة القاهرة، فيطرح مشكلات البطالة، ارتفاع الأسعار، الزحام الشديد، أزمة الإسكان، عودة العمالة المصرية من دول الخليج، زحف المباني على الأراضي الزراعية، الفنون الهابطة التي تُحاصر المجتمع المصري، التيارات الدينية والسياسية المختلفة وتأثيرها على الشعب

نجح شاهين بمهارة شديدة أن يلتقط مشاهد داخل الحرم الجامعي كان من المفترض ألا تصل لكاميرات الإعلام، كيف نجح؟ ليس هذا مهما. لكن الأهم أنه فعل، أنه نجح في تسجيل وتوثيق ما يكشف القمع والقهر الذي تفرضه القوى السياسية المسيطرة والحاكمة، ثم غرس مشاهده شديدة الوثائقية ضمن عمله الروائي اللافت، ومن بينها اندلاع المظاهرات داخل جامعة القاهرة ضد التدخل الأمريكي في الكويت والعراق، وتفجر القنابل المسيلة للدموع بداخل الحرم الجامعي التي تكاد يعمي أعين المتلقي وتصيبه بالاختناق. بالطبع الاحتجاجات الطلابية لم تتوقف على مدار سنوات، وقد كان يتم تحجيمها ومنعها من الخروج من بين أسوار الجامعة بالقوة والعنف ويتم حجبها عن الرأي العام المصري والعالمي خصوصا قبل أن تنتشر ثورة الكاميرات المحمولة وكاميرات الهواتف الجوالة. لكن، وتماماً مثل محاولات بعض السينمائيات الإفلات من المنظومة الحاكمة للسوق الإنتاج، نجح يوسف شاهين في "القاهرة منورة بأهلها" عام 1991 في تصوير هذه الاحتجاجات الأمنية وتضمنيها بفيلمه في مشهد شديد البلاغة يكشف زيف الإعلام الرسمي وأساليبه في إخفائه الحقائق تماشياً مع البنى السياسية القائمة. وهو الفيلم الذي عرض في مهرجان كان السينمائي الدولي وأغضب كثير من المصريين حتى أن البعض طالب بسحب الجنسية المصرية من مخرجه.(4

التمويل الجماهيري 

إذا كانت الثورة التكنولوجية قد أتاحت لمبدعين آخرين الإفلات بأفلامهم في ظل بطش السلطة وتعنتها الديني والسياسي وقبضتها الأمنية، أتاحت لهم تهريب أفلامهم وإجراء مونتاج لها خارج البلاد كما حدث مع أفلام إيرانية خرجت إلى مهرجان فينيسيا في بعض دوراته وتم استكمال مونتاجها بين أروقة المهرجان في حين بقي مخرجوها حبيس الأراضي الإيرانية، فإن التمويل الجماهيري بدا هو الأخر حلاً منقذا لبعض صناع الأفلام ومنها أطرح نموذجين على سبيل المثال؛ الأول فيلم "أنا مع العروسة" إيطالي فلسطيني والذي اشترك في إخراجه الفلسطيني خالد سليمان الناصري مع المخرجين الإيطاليين أنطونيو أوجوجليارو وغابريللي ديل غراندى.

 من دون شك عمل إنساني يعكس تجربة جريئة في تصوير الوثائقي وإنتاجه أيضاً، إذ أن صُناعه مارسوا شكلاً من العصيان المدني عبروا من خلاله عن رفضهم للقوانين الأوروبية المتعسفة المتعلقة بالهجرة، عندما ساعدوا خمسة مهاجرين سوريين وفلسطينيين - فارين من حمامات الدم وآتون الحرب الدائرة بوطنهم - في أن يحققوا حلمهم في الوصول إلى السويد ليعيشوا حياة كريمة وإنسانية هناك. فهذه المغامرة – حتى لو كانت محسوبة بدقة شديدة - كان يُمكن أن تُعرّض أصحابها من صناع العمل للمساءلة القانونية وعقوبات تتراوح بين 5- 15 سنة من السجن بتهمة مساعدة مهاجرين غير شرعيين، بحسب قوانين الاتحاد الأوروبي، اعتمد الفيلم على التمويل الجماهيري – أو التمويل الجماعي - عبر الإعلان عن تنفيذ فكرته على الإنترنت، إذ فتح فريق العمل الباب لتلقي الدعم مادياً لإتمام المراحل النهائية منه، فبلغت التبرعات والمساهمات الجماعية على المستوى الجماهيري 100 ألف يورو إذ غطّت جزءاً غير قليل من نفقات الرحلة والتصوير والإنتاج الذي قدرت تكاليفه 200 ألف يورو.(5

نموذج آخر قيد التنفيذ للمخرج الفرنسي الكبير مارسيل أوفوليس – يهودي ألماني بالغ من العمر 87 عاماً - والذي أعلن في موقع مخصص على الإنترنت(6) اعتزامه إخراج فيلم تسجيلي طويل، يفضح من خلاله عنصرية السياسة الإسرائيلية، والصهيونية التي يرفضها، وقد بث المخرج مقدمة دعائية تبلغ 12 دقيقة وعشرين ثانية في حملة ترويجية لجمع تبرعات من الجماهير لإنتاج الفيلم الذي يستحيل أن تتباه أو تدعمه شركات الإنتاج الكبرى لتعارض مضمونه مع الفكر والسياسات الإسرائيلية والكيان الصهيوني. ومن الطريف أن المخرج في الافتتاحية الدعائية يطرق بيت المخرج الكبير جودار ويطالبه بتنفيذ وعده في المشاركة في إخراج وإنتاج الفيلم لكن جودار عندما يلمح الكاميرا يرفض مستنكراً وينسحب عائداً داخل بيته دون ذكر أسباب

البنات دول

على العكس من النماذج السابقة استدعي نموذج "البنات دول" للمخرجة المصرية تهاني راشد والفيلم من إنتاج عام 2006. الفيلم يأخذنا الي عالم فتيات تعشن في شوارع القاهرة، عالم مليء بالعنف والقسوة، بالمشاجرات والرقص والمشاحنات والضحك والتضامن الإنساني، إلي جانب الحرية الكاملة. سواء كن سيدات أو أمهات أو أطفال، لكن من عيوب الفيلم أنه مجرد رصد للفتيات، نظرة سياحية، وكأن المخرجة تتفرج عليهن من الخارج، لا تربط مشاكل ووضع البنات بالمجتمع وبالأمن والسياسة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وكأن واقع ومأزق هؤلاء الفتيات ناجم من فراغ، أو يرجع لمسئولية الأهل وحدهم؟ أين دور الأمن والمسئولين؟ ربما تقتصر القيمة الوحيدة التي يطرحها الفيلم دون التأكيد عليها بشكل أكثر بروزا حكاية نسب أطفال الشوارع واستخراج شهادة ميلاد لهم، فلماذا لا يصدر قانون ليكتب الطفل باسم الأم؟ لكن يبدو لكاتبة هذه السطور أن صانعة الفيلم حرصت ألا تغوص أكثر وألا تورط نفسها في مشاكل صدامية مع البنى السياسية والأمنية القائمة.  

نماذج للاستقلال المشروط 

فيلم "العيش في تازمامارت" هو نموذج يعبر عن مدى قدرة الفيلم الوثائقي على البقاء بعيدا عن مؤثرات وأدوات نظم الحكم تعبيراً عن أحلام وطموحات وتطلعات الشعوب، فمخرجه دافي زلبرفان مخرج فرنسي شاب عندما كان في الرابعة عشر من عمره قرأ مقالا عن سجن تازمامارت بالمغرب تحت حكم الملك الحسن الثاني وعن المعتقلين الذين قضوا به ثمانية عشر عاماً. وبدأ رحلة عمل فيلمه الوثائقي "العيش في تازمامارت" الذي استغرق سنوات ليخرج للنور، استهلها بزيارة المغرب والسجن في عام 1997 وتكررت مرتين آخرتين.. لكن ديفي لم يسلم من بطش السلطات المغربية.. يقول ديفي:(7) لم أصور السجن من الداخل أبداً، كما لم أصوره بشكل رسمي إطلاقاً في أي مرة من المرات الثلاث التي زرته فيها. عام 1999 لما رجعت للمغرب لمقابلة الناس الذين أفرج عنهم وقابلت بالفعل 15 منهم زرت السجن مرة ثانية وصورته أيضاً من الخارج، لكن هذه المرة تم ألقاء القبض علي أثناء التصوير، فتم حبسي لمدة يومين وسحبوا مني جواز السفر قبل أن يتم الإفراج عني. المرة الثالثة جئت ضمن وفد للسياحة الدينية وصورته أيضاً من الخارج. وخرج الفيلم للنور عام 2005

على صعيد آخر فإن فيلم "شلاط تونس" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية – والذي يعد عملاً سينمائياً ثورياً في شكله ومضمونه – دليل آخر على تباين قدرة الوثائقي على الاحتفاظ باستقلاليته وتعبيره الصادق عن رغبات الإنسان وتطلعاته الحقيقية، وأن تلك القدرة على الاستقلالية قد تكون أمراً شبه مستحيل في ظل بعض الأنظمة السياسية السلطوية وهو باعتراف مخرجته لم يكن من المحتمل أن يخرج بهذا الشكل لولا تبدل وتغير الأنساق السياسية وانهيار حكم بن علي. وعن فيلمها الذي يرتدي ثوب الوثائقي، أو يمكن اعتباره  فيلماً وثائقياً مزيفاً fake documentary، لأنه يزعم بطريقة فنية مُحكمة أنه وثائقي، تقول كوثر(8) في البداية كان لدي الرغبة في أن أقوم بوثائقي خالص على شاكلة أفلام تقصي الحقائق، لكن الأمر كان أشبه بالمستحيل تحت حكم بن على، فالواقع كان ملكاً للحزب الحاكم، يجمله كما يشاء لصنع بروباجندا بليدة "فتونس بلد الفرح الدائم" -على حد تعبير أحد شعارات الحزب  -لا يمكن أن يعكر صفوها شلاط أو متعصب وإن حدث ذلك فيجب اخفاءه وعدم الحديث عنه، لذلك توجهت نحو الصيغة الروائية، فكتبت سيناريو فيلم روائي بحت، لكن بعد الثورة تمكنت من ممارسة فعل الاستقصاء مستغلة رياح الحرية، فتحصلت على محاضر بحث الشرطة وأرشيف القضية، فالثورة أتاحت لي فرصة الحصول على أرشيف القضية و فهم ما وقع فعليا في تلك الفترة كما أن الثورة سمحت لي بتصوير الفيلم برخصة تصوير رسمية من وزارة الثقافة.

عندما بدأت العمل على الفيلم قبل الثورة مع حبيب عطية منتج الفيلم التونسي قررنا أن نصوره بطريقة سرية وألا نطلب دعماً مالياً من وزارة الثقافة التونسية والتي تُعد المصدر الوحيد لتمويل الأفلام التونسية على أن نتقدم بطلب للحصول على ترخيص لتصوير شيء أخر دون الإشارة إلى فيلم الشلاط، لكن بعد الثورة تمكننا من الحصول على الترخيص وعلى الدعم المالي حتي وإن كان دعماً لإنهاء المشروع. وعن طبيعة المشاكل والصعوبات التي كان من الممكن أن تواجهها لو تم التصوير قبل الثورة تقول بن هنية؛ كان من المتوقع أن تكون المشاكل أمنية، اذ أن وجود كاميرا في الشارع قبل الثورة كان أمراً يثير الريبة، ويستوجب من الشرطة أن تقوم بالتفتيش في نوايا المصورين

ما يؤكد تجربة بن هنية كلمات أمير رمسيس في أحد حواراته إذ يقول:(9) "حين شرعت في العمل على الجزء الأول من "يهود مصر" كنت أطمح في أن أنجز فيلما واحداً، لكن خوف بعض الشخصيات من الظهور أمام الكاميرا حال دون أن أضمّن الحديث عن الحاضر بحرية، فصنعت الجزء الأول الذي يحكي المرحلة من بدايات القرن العشرين وحتى عام 1956، و كان لخروجه دوراً في تشجيع الكثيرين على الحديث والظهور امام الكاميرا مما جعل من صناعة الجزء الثاني أمرا ممكناً بعد أن كان مستحيلاً.

نضيف إلى ما سبق كلمات المخرج التونسي حمزة عوني:(10) "عندما بدأت فيلم "جمل البروطة" في 2007 كنت أتصور أنني سأكمله خلال سنة، لكن من يعتبرون أنفسهم "منتجون" في تونس غارقون في رقابة ذاتية يفرضونها على أشباه المخرجين. رقابة أرفضها رفضا قطعيّا، لأنّها ليست رقابة على الذّوق السّليم، وعلى الأعمال الهابطة، ولكنها رقابة على الأفكار. بصفتهم جهاز رسمي تابع لأي نظام ويدعون الاستقلالية."  

ونجح عوني في الانتهاء من فيلمه 2013. استغرق الأمر وقتاً طويلاً وسنوات عدة لكنه نجح. رغم ذلك فإن تأمل النماذج السابقة جميعها يكشف التفاوت في قدرة الوثائقي على اجتياز التحديات السياسية والصمود في مواجهتها، فالأمر ليس مطلق ويعتمد على أشياء كثيرة في مقدمتها صدق المبدع مع نفسه وإخلاصه لموضوعه، ودرجة إيمانه وتمسكه بتلك الفكرة، فبالإيمان والحب والإخلاص يمكن النحت في العقبات السياسية ومحاولة تذليل بعضها أو التحايل على البعض الآخر إن أمكن.

الجزيرة الوثائقية في

19.01.2015

 
 

أعمالهم تملأ الفضاء وأحلامهم تصل للسماء..

ورش كتابة السيناريو: معامل اكتشاف نجوم الكتابة الجدد

تحقيق - محمد علوش

انتشرت في السنوات الأخيرة ورش كتابة السيناريو، والتي بدأت منذ السبعينيات ولكنها لم تكن معروفة بهذا الاسم، وكان السبب الرئيسي في انتشارها أخيرًا هو ظهور مسلسلات الـسيت كوم مثل "تامر وشوقية" و"راجل وست ستات" وغيرهما أهمية هذه الورش في الأعمال حاليا بدايتها نتحدث في هذا التحقيق مع عدد من أبرز كتاب السيناريو الشباب، والذين تملأ أعمالهم فضاء الوطن العربي، بل وينتظر أن تحتضن دور العرض السينمائية أعمالهم في الفترة المقبلة، ولم لا وللبعض منهم أفلام تم عرضها بالفعل..

بالحديث مع أحد أهم كتاب السيناريو في السنوات الماضية، وصاحب عدد من الورش التي أخرجت جيلاً قادرا على حمل شعلة الكتابة في السنين المقبلة، وهو الكاتب عمرو سمير عاطف قال: "هناك العديد من الأعمال التي استطعنا من خلالها تخريج دفعة من شباب الكتاب مثل (تامر وشوقية وراجل وست وستات وبيت العيلة والعيادة)، ثم أوضح أنه صاحب الفكرة في كل الأعمال السابقة ليطلب بعد ذلك من أعضاء الورشة كتابة عدد من الحلقات.

وأرجع عاطف دور الورشة في إضافة ثراء للسيناريو لتعدد الكتاب، ونظراً لأن الفردية في مسلسلات السيت كوم" قد ينتج عنها ملل لدي المشاهد أو تكرار في الأفكار الموجودة داخل المسلسل وبالتالي لن يحقق النجاح المرجو، ولكن مجموعة ورشة العمل الكل فيها يجتهد في إطار الأشخاص الموجودة لكتابة العمل مما يفرز أفكاراً مختلفة وجديدة تتباين من كاتب لآخر وتصب كلها في إطار المسلسل والذي يشرف عليه فرد واحد وهو رئيس الورشة، مؤكدا أن الورش في تزايد مستمر حتي بدأ العمل بها أخيرًا في السينما حيث أصبحت مفرخة لجيل جديد من الكتاب الشباب. كاشفا عن فيلم جديد يكتب من خلال ورشة أيضا، من إخراج أحمد نادر جلال، ولكنهم لم يستقروا بعد على اسم نهائي للفيلم.

ويرى عمرو سمير في الثنائي أسامة أنور عكاشة وبشير الديك مثالا يحتذى به في كتابة السيناريو على المستويين التليفزيوني والسينمائي.

ومن جانبه، أشار السيناريست وائل حمدي إلى أن بدايته في الكتابة الاحترافية كانت من خلال برنامج الأطفال "عالم سمسم" وسط عدد من الكتاب منهم عمرو سمير عاطف وتامر حبيب والشاعر إبراهيم عبد الفتاح، لتتوالي بعد ذلك الأعمال مثل "العيادة" و"تامر شوقية".

وأوضح حمدي أنه أشرف بعد ذلك على كتابة سيناريو "الباب في الباب" في أجزائه الثلاثة، وكان له فيلم منفرد وهو "ميكانو" من بطولة تيم حسن وخالد الصاوي.

وأكد وائل على أهمية الكتابة من خلال الورشة تحديدا في أعمال المواسم المتعددة، ولاسيما الأعمال الكوميدية، فالكوميديا تكون أقوى في حالة الكتابة الجماعية لأنه يتم تجريب "الإفيهات" بين مجموعة الكتابة وهناك أكثر من عقل يفكر، كما أن هناك بعض الأعمال الأخرى التي أفادت الورشة في إنجازها مثل مسلسل "موجة حارة" والذي اعتمد على ورشة في كتابته واستغرق ثلاثة أشهر بإشراف من مريم نعوم، وشاركت في كتابته هالة الزغندي، كما أن السيناريست محمد رجاء شاركه في كتابة "الباب في الباب" و"لسه بدري".

وتمنى وائل أن يصل لمستوى العملاقين أسامة أنور عكاشة وبشير الديك.

السيناريست محمد إسماعيل أمين بدأ مشواره في كتابة السيناريو عام 2003 مع عمرو سمير عاطف من خلال مسلسل كارتون يحمل عنوان "مبروك وسلطان وجميلة"، وسيت كوم "راديو ستار"، ليشارك بعد ذلك في مواسم "تامر وشوقية" والذي بدأ فيه عضوا في ورشة السيناريو ليصبح بعد ذلك المشرف على الورشة.

وأضاف أمين "شاركت مع عاطف في الإشراف على ورشة كتابة سيت كوم (جوز ماما) و(راجل وست ستات) وكان لي أيضا مسلسل (قبطان عزوز) فكرتي مع كاتب آخر.

وينتظر أمين الكشف قريبا عن عدد من البرامج التي يشارك في كتابتها، بالإضافة إلى فيلم مع عمرو سمير عاطف ويحمل اسما مبدئيا هو "العيل سيس" بمشاركة في الكتابة مع محمد حماد ومحمد قنديل، بخلاف مسلسل آخر يحمل عنوان "نسوان قادرة" ومازال في مرحلة التحضير ويشاركه اثنان من الكتاب أيضا.

وأوضح محمد إسماعيل أمين، أنه خريج كلية آداب إعلام، وبدايته في السيناريو جاءت لحبه في كتابة الكوميديا، حيث بدأ في كتابة "الكوميكس" في المجلات، مؤكدا أن الأعمال التي تكتب بطريقة الورشة مفيدة للعمل والكاتب معا، لوجود أكثر من وجهة نظر.

وشدد على أن الفكرة هي التي تحدد إن كان الأفضل للعمل أن تتم كتابته بطريقة الاعتماد على الورشة أو كاتب واحد، والأعمال التي تصل إلى 30 حلقة الآن لا يستطيع كاتبها أن ينتهي منها سريعا فيجب الاعتماد على ورشة، والدليل أنه في الماضي كانت هناك أعمال لا تتخطي 15 حلقة أما الآن فالدراما يتم تكبير مساحتها، ويطلب من المؤلف ثلاثة أعمال على الأقل في العام لتعدد القنوات التليفزيونية وهناك بعض الأعمال التي تصل إلى 120 حلقة وهو ما أعطى أهمية كبيرة لورش السيناريو، لكن كل ذلك لا يعني بأن كل كاتب لا يسعى لتكون له أعمال خاصة به.

وأكد أمين: أن الكتاب الذين يسعى كل كاتب سيناريو أن يصل لمستواهم هما أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد.

ومن الأجيال الجديدة تأتي الكاتبة الشابة هالة الزغندي، والتي أشارت إلى أن بدايتها كانت من خلال ورشة كتابة مسلسل "موجة حارة" تحت إشراف مريم نعوم، والتي علمت بأنها تريد كتابا جدداً فأرسلت إليها بعض كتاباتها واختارتها لتنضم إلى الورشة، لتشاركها بعد ذلك منفردة في مسلسل "سجن النسا"، مضيفة "قبل ذلك شاركت في كتابة عدد من الأعمال للأطفال منها (ساحة الفنون) على قناة الجزيرة للأطفال و(تيلا تولا) على قناة براعم.

أضافت هالة أنها خريجة كلية الفنون التطبيقية، ودرست السيناريو في أكاديمية رأفت الميهي.

وأوضحت أن تحملها لمسئولية عمل من المرة الأولى يحمل الكثير من الصعوبات، وسيجعل عقلها مشتتاً بين عناصر العمل، وأن اشتراكها من خلال ورشة يرفع عن كاهلها الكثير من المسئولية ومنها الاتصال بالإنتاج والمونتاج والممثلين والتي تحملتها عنها مريم في العملين.

وأشارت الزغندي إلى أن نوعية العمل هي التى تحدد احتياجها للورشة من عدمه، وأن من وجهة نظرها أن الاعمال الكوميدية تحتاج أكثر لورشة كتابة سيناريو للعمل على كتابة "إفيهات" جيدة ولاحتياجها لأفكار منوعة وخطوط متشعبة.

"أكتب منذ كنت صغيرًا" هكذا بادرني السيناريست تامر عبد الحميد، مشيرًا إلى أنه احترف الكتابة في المسرح الجامعي عام 2003، وكانت له بعض الكتابات البسيطة خارج الورش، قبل أن يشارك في كتابة "تامر وشوقية" و"جوز ماما" و"6 ميدان التحرير" وجميع أعمال السيت كوم التي أشرف عليها عمرو سمير عاطف في السنين الماضية.

أوضح تامر أن أول أعماله منفردًا والذي يعمل عليه منذ أكثر من عام، من المقرر البدء في تصويره قريبا، وأنه مازال في مرحلة المفاوضات مع شركة الإنتاج، منتظرًا الوقوف على كافة التفاصيل للإعلان عنه في التوقيت المناسب، فضلاً عن بعض الأعمال التي سيتم الكشف عنها قريبا من خلال بعض الورش التي يشارك بها.

وأكد تامر على أهمية الكتابة المنفردة والكتابة من خلال الورش، وأن لكل من النوعين ميزتها الخاصة، موضحًا أن الأعمال الكوميدية تحديدًا تحتاج لمجموعة من الكتاب يفكرون معًا للحصول على أفضل جملة كوميدية، بالإضافة إلى أن تعدد القنوات الفضائية أصبح يتطلب سرعة في إنجاز الأعمال الدرامية وهذه ميزة أخرى تضاف للورش وهي السرعة في كتابة السيناريو.

وأضاف: "من المؤكد أن لكل منا حلمه الخاص، وعمله الذي يسعى إلى أن يحمل اسمه منفردا، ولكننا نتبادل الخبرات عند الكتابة في مجموعة، والكتابة حرفتي ويجب علي التدريب عليها طوال الوقت". وكشف تامر عن أن له باعاً في السينما المستقلة، حيث من المقرر عرض فيلمه الروائي القصير "ربيع شتوي" ضمن فاعليات مهرجان "كليرمون فيران" الدولي للأفلام القصيرة والذي تستقبله فرنسا في مارس المقبل.

ويروى السيناريست الشاب ميشيل نبيل حكاية دخوله لعالم كتابة السيناريو قائلاً: "أتوجه بالشكر لصديقي السيناريست وائل حمدي الذي قدمني للكاتب عمرو سمير عاطف، ولم تكن لي سابقة أعمال على المستوي الاحترافي من قبل، لأشارك في كتابة حلقة واحدة من حلقات سيت كوم (تامر وشوقية)، وبعدها كتبت ما يزيد على 20 حلقة في سيت كوم (راجل وست ستات)، لتتوالي أعمالي من خلال ورش الكتابة ومنها (العيادة)". وأضاف: "قدمت بعد ذلك مجموعة من الأعمال منفردا منها (حرمت يا بابا) وفيلم (الديكتاتور) وسيت كوم (ربع مشكل)".

وأكد ميشيل على أهمية ورش الكتابة في مصر حاليا وأنها مفيدة في كتابة الأعمال التليفزيونية الطويلة، موضحا أن لكل كاتب طريقته الخاصة وهو ما يساعد على نقل الخبرات لبعضهم البعض، مشيرًا إلى أن أهم كاتب سيناريو من وجهة نظره هو الكاتب الكبير وحيد حامد.

ومن جانبه، أشار السيناريست الشاب أحمد وائل إلى أنه حصل على بعض المنح الدراسية التي تنظمها السفارات الأجنبية العاملة في مصر، فحصل على دبلومة الدراما من سفارة السويد، أنه خريج كلية التجارة.

وعن بداية عمله في كتابة السيناريو قال: "شاركت في ورشة عادل سلامة لكتابة حلقات (كوميك شو) بدءا من الجزء الثاني، وهذه الورشة هي البداية بالنسبة لي". وأضاف: "بعدها كونت ورشة مع السيناريست محمد جمعة وبالتالي حصلت على الخبرة الكافية التي من المؤكد أنها أفادتني في الوقت الحاضر وستفيدني في المستقبل".

وتابع: "صديقي السيناريست محمد أمين راضي رشحني للعمل في ورشة أحمد شوقي والتي من مميزاتها أنها تتعامل معك بصفتك كمؤلف صاحب الفكرة، ودورهم ينحصر في ضبط البناء الدرامي للعمل، عكس باقي الورش التي عملت بها، حيث تكون الفكرة موجودة ونعمل على كتابة حلقاتها، وكان نتاج الورشة مسلسل "كلام على ورق" للنجمة هيفاء وهبي والذي شاركت في كتابته مع زميلين آخرين هما سيد بشير ومصطفى جمال هاشم"، مستطردا "في نفس الفترة التي كنا نعمل فيها على مسلسل (كلام على ورق) بدأنا في التجهيز لمسلسل آخر هو (البيوت أسرار) والذي بدأ تصويره منذ أيام قليلة بطولة آيتن عامر وهنا شيحة ومن إخراج كريم العدل ويشارك معي في كتابته نهال سماحة ومحمد عبد العزيز".

وعن دور ورش الكتابة في مسيرته، أكد وائل أنها مفيدة بالشكل القائمة عليه الآن، موضحا أن هناك نوعين من الورش وهي أن يكون هناك كاتب رئيسي "هيد رايتر" على كل المستويات والكتاب الآخرون ينفذون رؤيته وتصبح في هذه الحالة الورشة تعليمية أكثر منها احترافية، وهناك ورش أخرى التي تتعامل معك كمؤلف وهذه الورش مريحة جدا للكتاب حيث لا يوجد من يتدخل في فكرتك، والنوع الأخير أكثر احترافية.

ويرى أحمد وائل في الثلاثي رأفت الميهي وأسامة أنور عكاشة ووحيد حامد مثله الأعلى، حيث يعتبرهم أصحاب الفضل في وضع الطريقة المثلى لكتابة السيناريو في مصر.

وأكدت السيناريست الشابة نهال سماحة انتهاءها هي وفريق عمل كتابة مسلسل "هبة رجل الغراب" من الجزءين الثاني والثالث، مشيرة إلى أنها دخلت عالم كتابة السيناريو من خلال ورشة السيناريست محمد حفظي، لتشارك بعد ذلك في كتابة سيناريو سيت كوم "الباب في الباب" مع وائل حمدي، وأيضا سيت كوم "لسه بدرى"، لتكون النقلة المهمة في حياتها المهنية من خلال مسلسل "هبة رجل الغراب"، وأخيرا مشاركتها في كتابة حلقات مسلسل "البيوت أسرار" بطولة آيتن عامر تحت إشراف أحمد شوقي.

وأشارت نهال إلى أنها خريجة نظم ومعلومات ولم تحاول دراسة السيناريو في أي أكاديمية قبل التحاقها بورشة محمد حفظي، مؤكدة على أهمية ورش الكتابة في مشاركة الأفكار بين زملائها وأن العمل الجماعي يساعد على خلق أفكار جديدة وتقبل الرأي والرأي الآخر.

وأوضحت أنها عملت على مسلسل "هبة رجل الغراب" هي والمجموعة بناء على فكرة الشركة الكولومبية صاحبة العمل، وتم تمصير العمل، أما مسلسل "البيوت أسرار" هم أصحاب فكرته الأساسية.

وترى نهال في الكاتبين الكبيرين أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد المثل الأعلى، كاشفة عن مشروع فيلم جاهز لديها عملت عليه منذ بدايتها في الكتابة، وفكرة أخرى تنتظر التوقيت المناسب للعمل عليها.

بدأ السيناريست الشاب عبد الله حسن في معهد الفنون المسرحية قسم دراما ونقد، وكانت أولى الورش التي شارك بها في السنة الثانية من المعهد، وعندما وصل للسنة الثالثة قدم فيلم "بدون رقابة" بمشاركة مجموعة من زملائه هم خالد أبو بكر وأمين جمال وأكرم يحيى، وبعدها قدموا "شغل عفاريت". وأضاف: "استمرت الورشة كما هي وقدمنا سيت كوم "أحلى أيام" والذي انضم إلينا في كتابته السيناريست الشاب محمد محرز، وهو من إخراج أسد فولادكار، ونفس الفريق هو من كتب "عفاريت محرز" وأضفنا معنا في الورشة محمد عبد المقصود وسحر فكري والتي أصبحت معيدة في معهد الفنون المسرحية قسم دراما ونقد، ووليد أبو المجد وطارق الكاشف والذي يعمل الآن مساعد مخرج، وأخيرا أحمد وائل الذي شارك في كتابة مسلسل "كلام على ورق".

وأشار عبد الله إلى أن الورشة من المقرر أن تستكمل الجزءين الثاني والثالث من "أحلى أيام"، وهناك العديد من المشاريع ولكن لا يمكن الكشف عنها الآن لحين الاتفاق عليها، موضحًا أنه تعلم حرفية الكتابة من المعهد والذي تدربنا فيه على نماذج عدة في كتابة السيناريو، وعرض علينا الكثير من ورش السيناريو فيما بعد، ولكننا تمسكنا بالورشة التي قمنا بتأسيسها.

وقال السيناريست الشاب أمين جمال إنه بدأ الكتابة عندما كان طالبا في معهد فنون مسرحية، ووقتها رشحه الدكتور علاء عبد العزيز للالتحاق في ورشة لكتابة أحد الأعمال، وكان وقتها يبلغ من العمر 18 عاما، ولم يكتب لهذا العمل الظهور، إلى أن قدم فيلم "بدون رقابة"، وعمل في ورش لكتابة بعض البرامج مثل "كومبارس ولكن" والذي قدمه شريف باهر، مشيرا إلى أن المنتج حسين القلا كان له الفضل في استكمال مشروع الفيلم الأول له "بدون رقابة" والذي كان مهددا بعدم الظهور، لولا إيمانه بهم وبموهبتهم.

وفي نفس السياق، أوضح السيناريست الشاب وليد أبو المجد أنه بدأ في الورشة التي كان يشرف عليها عبد الله حسن بجوار أمين جمال وطارق الكاشف، وشارك في كتابة "شغل عفاريت" وسيت كوم "عفاريت محرز".

وكشف وليد أنه بدأ العمل في بعض الأفلام من الباطن بدون وضع اسمه، من أجل المال فقط وأن هذا الأمر مرحلة تخطاها ولن يعود إليها مرة أخرى.

وأشار أبو المجد إلى أن هناك بعض الأعمال المسرحية للأطفال التي كتبها منفردا مثل "فيها حاجة حلوة" إخراج محمد نبيل، وعرض المونودراما "علاء الدين والرسالة السحرية" والذي حصد الجائزة الثالثة في مهرجان الساقية المسرحي، كما شارك في ورشة من إشراف محمد محمود عبد العزيز وإيهاب يحيى وكان مقرر إنتاج سيت كوم يحمل عنوان "90 دقيقة"، ولم يكتمل العمل لنشوب بعض الخلافات بين القائمين عليه.

وأشار السيناريست خالد أبو بكر إلى أن بدايته في كتابة السيناريو الاحترافي كان في فيلم "بدون رقابة" من إخراج هاني جرجس فوزي، لتبدأ بعد ذلك الانطلاقة والتي كان من ضمنها "عفاريت محرز".

وأضاف أبو بكر: "أعمل في الأساس مخرجاً مسرحياً، ولدي ورشة لتدريب الممثل، أدرب من خلالها أيضا على حرفية الكتابة، وعندما أجد فكرة جيدة أشارك في كتابتها بجوار زملائي".

ورفض خالد الكشف عن أعماله المقبلة قبل الموافقة النهائية عليها، موضحًا أن من ضمن هذه الأعمال برنامجاً كوميدياً سيتم تنفيذه من خلال ورشة أيضا، تدور فكرته حول نقد أحداث المجتمع ويحمل العديد من الفقرات.

بين الشائعة والحقيقة .. اغتيال ميكى ماوس

كتبت - نيفين الزهيرى

"ميكي ماوس" واحد من أهم وأشهر الشخصيات الكارتونية علي ظهر كوكب الأرض منذ عقود طويلة، فلا يوجد شخص في العالم لا يعلم من هو ميكي ماوس، ولم يفكر أي منهم متي ستنتهي حياة هذه الشخصية، فمن الصعب ان يتخيل أي شخص أن ديزني ستقرر ان تعلن عن إنهاء خدمات اهم شخصية لديها في عالم الكارتون وستقوم بقتله ولكن هذا ماحدث فمنذ أيام قليلة خرج علينا موقع مجلة Empire News ليؤكد عن إعلان شركة ديزني عن وفاة الشخصية الاشهر في العالم "ميكي ماوس" من خلال مؤتمر صحفي ضخم، صدم فيه المتحدث باسم شركة ديزني، الصحفيين، بخبر لم يتوقعه أحد حول العالم، لدرجة انه سادت لحظات من الصمت المؤتمر الصحفي الذي عقدته الشركة للإعلان عن فيلمها الجديد «أوقات وحياة ميكي ماوس الساحرة» The Magical Life and Times of Mickey Mouse، في أعياد الكريسماس، ديسمبر 2015

وشرح المتحدث الرسمي باسم الشركة، مايكل ماكديرموت، فكرة الفيلم قائلاً:

الفيلم يتناول الحياة الرائعة والساحرة لميكي ماوس، والسعادة التي جلبها للأطفال، منذ وجود الشخصية عام 1928 وحتى موته عام 2015وصمت الصحفيون غير مصدقين الخبر الذي فاجأهم به، حيث اكتفوا بهز رءوسهم في دهشة، ليتابع ماكديرموت لقد سمعتموني بشكل صحيح، شركة والت ديزني اتخذت القرار الأصعب بالنسبة لنجمها وبطلها الأول طوال الوقت، وأضاف أنه في هذا اليوم، وهذا العمر، نشعر أنه من المهم أن نعلم أطفالنا الأهمية العظمى للحياة وأنها غير مضمونة، ولفت إلى أن هذا لا يعني أن الأسطورة لن تستمر، فبالعكس.. ستزيد الاحتفال بالحياة الرائعة لميكي ماوس بريقًا.

بينما أكد أحد الحضور ويدعي مارون كالفيرت من اريزونا " لقد نشأنا وكبرنا وميكي ماوس من حولنا، فهو من صنع ابتسامتنا وأضحكنا صغارا وكبارا بمجرد مشاهدتنا له، فأنا لدي طفلان تحت عمر 12 سنة ولن اجعلهما يشاهدان هذا الفيلم الفظيع"، وهو ما أكده أيضا جلين ماكدانيالز من يوتاه ان هذا القرار اصابه بالصدمة بعد الاعلان عنه ، ولكن في الوقت نفسه لم تعلن شركة ديزني عما اذا كانت شخصية ميكي ستكون متواجدة من بين الشخصيات في الملاهي المختلفة لها حول العالم، كما رفض القائمون علي الشركة التعليق علي الاسباب والظروف التي لها علاقة بمقتل ميكي في الفيلم الذي سيعرض نهاية 2015 حيث علق ايجر " كل ما عليك الانتظار وشراء تذكرة لتعرف هذا بنفسك ".

ولكن وعلي الرغم من كل هذه التصريحات والمؤتمر الصحفي الا ان الامر لم يتعد كونه شائعة تداولتها العديد من المواقع الإخبارية مؤخرًا، ومن ثم استقبلها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى بحزن بالغ على جزء أصيل من طفولتهم، حتى تبين أن الخبر ما هو إلا شائعة أطلقها موقع ساخر على الإنترنت.

حيث أكد موقع آخر متخصص في الاخبار السينمائية وهو موقع inquisitr في عنوانه ان الشركة لا تحمل أي خطط مستقبلية لقتل هذه الشخصية العالمية والتي أصبحت بمثابة أيقونة في حياة الملايين، حيث أكد ان ماكديرموت لم يقل أي شئ مما كتبه هذا الموقع لانه لاوجود لشخص بهذا الاسم في شركة ديزني ولاحتي متحدث إعلامي لهم، حتي ماقيل في موقع Empire علي لسان رئيس مجلس إدارة الشركة دون ايجر بان ديزني قتلت ميكي ماوس من أجل ان تعلم الأطفال والكبار أنه لا يوجد شخص يعيش إلي الأبد، وأنه يجب التذكير بأن الحياة قصيرة، ويجب ان نعيش الأفضل فيها لانفسنا ومع من حولنا، وانه يجب استعمال الحياة لخلق اختلافات حقيقية، ولكن علي الرغم من منطقية الكلام إلا أن رئيس مجلس الادارة لشركة ديزني اسمه بوب ايجر وليس دون ..... الغريب في الأمر هو عدم ظهور أي شخص من شركة ديزني للتعليق علي الخبرين أو نفيهما.

الكواكب المصرية في

19.01.2015

 
 

في قاعة «زاوية» في القاهرة:

عرض «شحاتين ونبلاء» في وداع أسماء البكري

محمد عبد الرحيم - القاهرة ـ «القدس العربي»:

أقامت قاعة «زاوية» التابعة لشركة مصر العالمية، بعرض أول الأفلام الروائية للراحلة أسماء البكري 28 أكتوبر/تشرين الأول 1947 ــ 5 يناير/كانون الثاني 2015، بحضور بعض السينمائيين والنقاد، منهم يسري نصر الله وعاطف حتاته والمُنتجة ماريان خوري.

ورغم الأعمال الروائية القليلة لأسماء البكري، إلا أنها كانت دائماً مختلفة عن السائد والمتداول في السينما المصرية، خاصة أنها اعتمدت على روايات كاتب استثنائي مثل ألبير قصيري، وقد نقلت عن رواياته فيلمين هما «شحاتين ونبلاء1991 « عن روايته «شحاذون ومعتزون» و»العنف والسخرية»2003 عن رواية بالاسم نفسه، إضافه إلى عمل يستوحي حالة التناقض بين الأفكار الشعبية والفئة المثقفة، في عمل متواضع فكرياً، ذلك في فيلم «كونشيرتو في درب سعادة» 2000. عملت أسماء البكري في بداياتها مساعدة للمخرج يوسف شاهين في فيلمي «عودة الابن الضال» و»وداعاً بونابرت». كما قدمت العديد من الأعمال الوثائقية منها… «قطرة ماء» 1979، «دهشة» 1981، «بورتريه» 1983، و»النيل» 1997.

عالم البير قصيري

وقعت أسماء البكري أسيرة قصيري وشخوصه، حتى الفيلم الوحيد البعيد عن هذه الشخوص «كونشرتو درب سعادة» لم يخرج عن الخطوط العريضة لشخصيات وأماكن قصيري، بغض النظر عن مستوى الفيلم، الذي جاء متواضعاً مقارنة بـ «شحاتين ونبلاء» فالأفكار الفلسفية للرجل وموقفه من السُلطة عموماً في شكليها السياسي والاجتماعي، واعتبارها ــ السُلطة ــ آفة ضرورية، لا تستحق سوى مواجهتها بالسخرية، بعيداً عن الأقوال النضالية الفارغة لفئات المجتمع الموهومة. عالم صادم لكل مُدّعي الثقافة، يكشف عن نفسياتهم الخربة، ويجردهم في قسوة من حِسهم الوهمي بالتعالي على الفئة التي يدافعون عنها، ويتكسبون من مآسيها. لم يكن قصيري يريد سوى الكشف عن وسائل السعادة المبهجة لحياة قصيرة، لابد من عيشها والفوز بها بأبسط الطرق، وحاولت أسماء البكري قدر المُستطاع التعبير عن هذا العالم وهذه الأفكار عبر فيلميها المأخوذين عن البير قصيري.

شحاتين ونبلاء

«شحاذون ومعتزون»، أو «شحاذون ومتعجرفون» في ترجمة أدق لروح الرواية. الفيلم قام ببطولته كل من صلاح السعدني، محمود الجندي، أحمد آدم، عبد العزيز مخيون، لولا محمد، وعهدي صادق. سيناريو أسماء البكري وحسام زكريا. 

مدير التصوير رمسيس مرزوق، ديكور أنسي أبو سيف، موسيقى مصطفى ناجي، إنتاج مصر العالمية 1991. تدور الأحداث في منتصف الأربعينات والحرب العالمية تحط آخر لحظاتها، وقت مشحون بالتوتر في العالم أجمع، إلا أن حواري مصر كانت في عالم آخر، من خلال شخصيات غرائبية توازي أحداث الحرب الأكثر غرابة تبحث الشخصيات الأساسية للرواية/الفيلم وعلى رأسها «جوهر» أستاذ الفلسفة الذي ترك الجامعة والكتب التي تنضح بالأكاذيب، وقرر الابتعاد عن العالم المزيف والاحتفاظ بروحه بعيداً عن هذا الوباء، في سبيل الفوز بحريته وإنسانيته، إضافة إلى الشاعر «يكن» والموظف الحكومي «الكردي».

الشخصيات همها الأوحد هو البحث عن السعادة، رغم ما تعانيه من شقاء وبؤس ظاهر، وتتجلى هذه السعادة في كلمة واحدة.. الحرية. فالشخصيات ترفض كل القوانين والمسميات الفارغة، فهي تعرف كيف تعيش حياتها، وهي الحالة القصوى من حالات الرومانسية. فقراء ولصوص ومدمنون وعاهرات ومشردون، ولكنهم يحافظون على الكنز الوحيد لديهم، وهو الاحتفاظ بآدميتهم، دون الشكل الساذج للتضحية والظروف وما شابه، بعيدا عن انتهاكات المجتمع وسلطته، ومحاولته تشويه النقاء الروحي لهؤلاء. 

الشخصيات

يُعرف «جوهر/صلاح السعدني» في الحارة بالأستاذ، وهو العقل الحي للجميع، يعمل محاسبا في أحد بيوت الهوى، فقط لتأمين إيجار غرفة ضيقة خالية من الأثاث، اللهم إلا من جرائد قديمة يستخدمها كوسادة للنوم، فهذه هي فائدتها الوحيدة، إضافة إلى تدخين الحشيش، والحلم بتوفير أكبر قدر منه كسبيل لحياة مُحتملة، صديقه الأقرب «يكن/أحمد آدم» شاعر دميم، يحب إحدى العازفات من الفئة الراقية، ويتعذب ويكتب الشعر، لكنه قادر على العيش ومواجهة الحياة، بينما صديقهم الثالث «الكردي/محمود الجندي» الذي يعمل موظفاً لدى الحكومة، يعيش حالة من النضال الذي يدعو إلى السخرية، فهو يحب إحدى فتيات بيت الهوى، ويريد أن يدافع عن الفئات المقهورة في شخصها، بأن يخلصها من جحيم البيت، ويتزوجها. الكردي هو الأكثر صخب وطنطنة بالأفكار الفارغة عن النضال والمواجهة، من دون أن يفعل أي شيء، خاصة وهو الوحيد الذي يستسلم للسُلطة ويعمل لديها ــ العمل لدى الحكومة في عُرف قصيري وشخصياته ما هو إلا سُبّة وقِلة حيلة ــ وسط هذه الأجواء تُقتل إحدى فتيات البيت «أرنبة» فتصبح المسألة هي البحث عن القاتل، ليظهر الضابط «نور الدين/عبد العزيز مخيون» ويقع تحت رحمة جوهر وحوارييه، من دون أن يشعر بأنه يدنو من فخ وجوده، ويقترب من مصيره المحتوم، الذي طالما بحث عنه!

جوهر ونور الدين

يحاول نور الدين البحث عن القاتل، إلا أن القتل لم يكن بدافع السرقة أو أي شيء، لذا يقترب أكثر من عالم النبلاء، ويعلم أن جوهر هو العقل المفكر، يكشف جوهر عن الفساد الذي يحيط بنور الدين، وأنه لم يختر مهنته كضابط، بل يعيش في سجن كبير فرضته عليه سُلطة الأب والمجتمع، خاصة أن ميوله الجنسية تنحو نحواً آخر، مما جعله يعيش في سجن كبير.

وكانت سخرية جوهر ورفاقه من ضابط الشرطة ممثل السلطة التي يكرهونها، الضابط الذي يريد معرفة سر قتيلة بيت الهوى، الذي يعمل به جوهر، بتوجيه سؤال وحيد إليه، وهو ماذا يعمل؟! 

وفي استغراب يشير الرجل إلى الزي الرسمي الذي يرتديه، ويقول في تباهٍ جاهل: ضابط شرطة، فجاء رد أحدهم ليصدمه، بأن هذه ليست مهنة، فكيف تكون كل مهنته في الحياة أن يقبض على إنسان يُماثله في الإنسانية؟ هذه الحقيقة التي وضعوها أمام عينيه، أتت ثمارها في النهاية، فخلع الزي الرسمي، وجاء إلى المقهى لينضم إليهم، وقد عرف معنى السعادة. 

فالقتل من الممكن أن يكون مجانياً، إلا أن الحياة الحقيقية تستحق أن تُعاش، وتحققت بذلك نبوءة جوهر «القاتل» وتصالح نور الدين مع ذاته أخيراً، وقد تخلص من سجن الأكاذيب الذي كان يحيا فيه. وتوصل إلى راحة البال، الذي حدّثه جوهر عنها من قبل.

المعادل البصري

من الصعوبة التعبير عن أفكار قصيري وتصويرها، إلا أن أسماء البكري حاولت قدر الاستطاعة الاقتراب من هذا العالم، من دون أن تنجو أحياناً من فخ الديالوجات الكاشفة والعبارات الفلسفية، وربما مشهد لحظة الكشف التي أدت بجوهر إلى ترك الجامعة، الذي جاء في شكل فلاش باك، ليوضح الشخصية أكثر، كان مشهدا مُفتعلا إلى حدٍ كبير. إلا أن أجواء الأربعينات وغرائبية الشخصيات تم التعبير عنها في شكل جيد، وإن كانت تتحدث بحكمة ووعي أكبر من قدراتها. إلا أن اللافت هو اختيار الأماكن وملابس الشخصيات وإكسسواراتها، واختيار لون عام للفيلم يوحي بالقِدم وكذلك إضاءة ليلية في أكثر المشاهد، مع سيطرة لون حي يقترب من درجات الأحمر الداكن في ما يخص جوهر ورفاقه، تعبيراً عن الاكتفاء والاحتفاء بهذه العزلة الاختيارية، مقابل برودة حجرة تحقيق نور الدين على سبيل المثال رغم الإضاءة المنتشرة التي تماثل ضوء النهار الزائف. 

من ناحية أخرى لم يكن بيت الهوى مثلما تم اعتماده في السينما المصرية، بل كان أكثر إنسانية، خاصة أن صاحبة البيت «الست أمينة/لولا محمد» تحيا الطقوس الشعبية والدينية من دون أي تناقضات، فهي تذهب بالبنات يوم الجمعة لزيارة السيدة زينب وسيدنا الحسين، للزيارة والتبرّك. 

وذلك بعيداً عن الشكل الكلاسيكي لهن كضحايا، بل يمثلن مهنة كالعديد من المهن، التي يراها جوهر أنبل بكثير من مهن أخرى كمهنة الكردي أو نور الدين على سبيل المثال.

الملكة البريطانية و «آل البيت» وسعفة ذهبية افتراضية لمخرج سوري

راشد عيسى

أفرد مفتي مصر السابق علي جمعة حلقتين من برنامجه «والله أعلم» على قناة «سي بي سي» المصرية لإخبار مشاهديه أن الملكة البريطانية اليزابيت الثانية من «آل البيت»، مؤكداً أن جدها، واسمه هاشم، عاش في أوروبا في ظرف قاس أجبر فيه على التنصر، في ذلك الزمن، الذي كنا فيه «غلابة ومساكين وبنتضرب». 

لم يقل الشيخ في أي قرن عاش هاشم، وفي أي مدينة ترعرع، قال كلمته وترك لمشاهديه أن يتخبطوا بين منتقد أو مدافع. ومع أن البحث في هكذا سيرة سيكون في غاية المتعة والتشويق، لكن ماذا يريد الشيخ أن يقول لمشاهديه، لماذا يريد أن يشغل بالهم بهذا الأمر، وإلى أي حد يعتبر الشيخ أن استعادة الملكة أمر ملح؟

ينتظر المشاهدون في بلاد غارقة بعدد لا يحصى من المشاكل أن يقدم الشيخ حلولاً أو تقاشاً مفيداً حولها. فما الذي أخذ الشيخ إلى العائلة البريطانية الحاكمة.

ربما كان السؤال الأهم لماذا يبقى الأثير العربي فالتاً هكذا، يعطى من دون حساب؟!

قداسة المخرج

«إنه أحد أصحاب «سفر تكوين» العهد الجديد في الدراما السورية. السينمائي الذي بدأ رحلته بالجنون.

من ينس «أيام الغضب» (مسلسل) فاقد للذاكرة. مخطئ من لا يعترف أنه أحد عمالقة صناعة الصورة، يطيع له الزمن الطويل بمشهد.

إنه المخرج الكبير.. «لم تكن الكلمات السالفة في تقديم سبيلبيرغ، قيصر هوليوود، ولا سواه من عمالقة السينما العالمية، اصحاب السطوة والذكر الطيب، هي كلمات قيلت في برنامج «اكسترا تلاقي» على إحدى قنوات النظام السوري، لتقديم المخرج الفلسطيني السوري باسل الخطيب. 

لا ندري سر الكلمات التي تصل حد التقديس إن كانت بتوجيه رسمي باعتبار المخرج موالياً للنظام بلا حدود، أم أنها مجرد انبهار شخصي من مذيع موال مبهور بأداء مخرج قدم بعض أعماله الأخيرة بالتنسيق مع «حزب الله» حتى قببل أن يصل الحزب بكامل عتاده إلى دمشق.

أي أن المخرج صاحب نظرة مبكرة. 

سعفة افتراضية

كان بديهياً إذاً أن يقف مخرج «عائد إلى حيفا» بمقاييس الحزب الممانع إلى جانب النظام، وأن يقول في مقابلته تلك، في «اكسترا تلاقي» إن ما يجري في سوريا «في جزء كبير منه حرب إعلامية لتشويه سوريا والسوريين، حرب يشتغل فيها أناس عندهم خبرة عالية بالتصوير والإخراج، فمثلما تتوفر للمجموعات الإرهابية أسلحة متطورة، يتوفر لها أيضاً فريق إعلامي خطير يعرف كيف يشتغل ويصور اللقطة».

ولكن ليس بديهياً البتة أن يعزو الخطيب تربعه على عرش الإخراج إلى جهده وحسب، نافياً وجود جهة ترعاه.

وهل هناك مسلسل تلفزيوني ينتج في سوريا من دون جهة ترعاه؟ فما بالك حين يخرج المرء بالتنسيق مع حزب، ماذا نسمي عمله مع «شركة الشام» لاصحابها أبناء عبدالحليم خدام، حين كان الأخير في موقع نائب الرئيس السوري، وماذا نسمي عمله في مؤسسة السينما.

وفي «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» التي تديرها زوجته، وهل كانت مسلسلاته ستحظى بأوقات عرض ذهبية في التلفزيون السوري من دون أن تكون زوجته آنذاك على رأس إدارة التلفزيون!

مفاجأة المقابلة هي حصول الفنان الخطيب على «سعفة كان» الذهبية الافتراضية، فقد أكد أن ناقداً أوروبيا قال له لو أن فيلمك «مريم» شارك في مهرجان كان السينمائي لحصل على سعفته الذهبية. من الآن فصاعداً علينا أن نتصرف كما لو أنك فزت بها، أسوة بزملائك من المبدعين السوريين الذين يتصرفون كما لو أنهم حصلوا على «الأوسكار» و»نوبل» و»بوكر» وسواها.

سلوم لم يرحل

خبر مخيب للذين حاولوا ابتكار الأعذار للممثل والمخرج السوري سلوم حداد حين ظهر على قناة سورية بعيون دامعة، مستعيداً كيف رأى الحب والتضحية في عيون جندي سوري، فقد تناقلت الأخبار مواصلته تصوير الجزء الثاني من مسلسل «القياضة 2» في الفجيرة الإماراتية. إذاً فإن حكاية ترحيله من الإمارات لا أساس لها، ولا صحة لضغوط جرت عليه كي يبدل موقفه كي يتحول من ناقد للنظام إلى موال أعمى. لقد فعل الرجل ما فعل طواعية، هو ذا سلوم حداد.

فيلم "يلا عقبالكُن" اللبناني: الزواج واجبٌ وإلّا...

يوليوس هاشم

"يلا عقبالكن" فيلم لبناني جديد. مجرّد صدوره في صالات السينما، هو أمرٌ يبشّر بالخير، خصوصاً أنّه صدر بالتزامن مع فيلم لبناني آخر هو "فيتامين". فعادةً يحاول المعنيون تفادي عرض أكثر من فيلم لبناني في وقت واحد، كي لا ينشأ أيّ تضاربٍ بينها.

الأمر الثاني الذي يبشّر بالخير، قبل أن ندخل في صلب الموضوع، وقبل الحديث عن مضمون الفيلم، هو أنّ الصالة تمتلئ بكاملها من الصفّ الأخير حتّى الصف الأول (الذي غالباً ما يهرب الناس من حجزه). إذاً، السينما اللبنانية تثبّت أقدامها في الصالات وتكتسب أكثر فأكثر ثقة المشاهدين.
الفيلم يروي قصّة
أربع نساء بلغن السابعة والثلاثين من أعمارهنّ من دون أن يتزوّجن، و"العنوسة" تلاحقهنّ من خلال المجتمع، المتمثّل في الأهل والأقارب، وحتّى الأطفال! 

طبيبة وخبيرة تجميل ومصمّمة أزياء وصاحبة معرض فنّي، أربع صديقات يجمعهنّ قاسم مشترك "مصيري": إيجاد العريس! صحيح أنّ كلّ واحدة منهن لها فلسفتها تجاه الزواج، ولها منطقها الخاص النابع من خبرةٍ عاشتها مع الحب أو الزواج أو الطلاق، لكن كلّ واحدةٍ أيضاً تريد، حين تعود إلى نفسها، أن تجد شريك حياتها. 

نيبال عرقجي كتبت النصّ وشاركت في البطولة وأنتجت الفيلم، أمّا الإخراج فقام به إيلي خليفة الذي قدّم فيلمه الطويل "يا نوسك" في عام 2010. هي حاولت أن تتوسّع في الأمثلة التي تواجهها "المتأخّرات في الزواج" في المجتمع، وهو حاول تقديم تلك الأمثلة في قالب سريعٍ لإبعاد شبح الملل. نجحا في ذلك إلى حدٍّ بعيد، ولكن ليس بشكلٍ كامل، إذ نشعر في لحظة ما أنّ الفيلم بحاجة إلى المزيد من الغوص ومن التوسّع. فالفيلم يبدأ بوتيرةٍ، لكنّه ينتهي بوتيرةٍ أخرى.

المستوى العام للفيلم يحافظ على درجةٍ جيّدة بفضل أداء بطلاته: دارين حمزة، ندى بو فرحات، مروى خليل، ونيبال عرقجي، اللواتي تنقّلن باحتراف بين لحظات المرح والتسلية ولحظات الجدية والتأثّر. جوليا قصّار جذبتنا كثيراً بخفّة ظلّها، من خلال أداء لم يبتعد عن الواقعية، ولم يقترب من المبالغة.

الفكرة العامّة للفيلم قد تذكّر المُشاهد العربي بالمسلسل الناجح "عايزة أتجوّز" للممثلة هند صبري الذي عُرض في رمضان 2010، لكن من دون أن يشبهه إلّا في ردّة فعل المجتمع، ومشهدٍ مضحك صرخت خلاله مروى خليل أنّها تريد أن تتزوّج، وأن يزيد وزنها بسبب الحمل، وأن "يشطّ" صدرها بسبب الرضاعة...

أهمية هذا الفيلم هو أنّه خطوة إضافية كي "ينضج" جمهور السينما اللبناني أكثر فأكثر، فلا يعود يضحك عند كلّ كلمة نابية يسمعها، ولا يهزّ برأسه تعجّباً أمام كل قبلة متمتماً "مش قليلة هالممثلة، بتبوس"! 

هذا لا يعني أنّنا نشجّع على استعمال الكلمات النابية في الأفلام، لكنّنا في الوقت نفسه لا نرفضها إن أتت في السياق الصحيح والمناسب. نحن لسنا مع مَن يعتقد بأنّ الكلام "الفالت" هو دليل انفتاح، وأنّ مشاهد الجنس علامة مصالحة مع الجسد، لكنّنا في المقابل مع فكرة أن يعكس الفيلم واقعنا المُعاش، فيتلفّظ الغاضب بكلماتٍ نابية، ويطبع العاشق أو الزوج قبلةً على شفتَي حبيبته أو زوجته. 

"يلا عقبالكُن" هي في الأساس دعوة كي يفرح الآخر بالزواج، صارت دعوة أيضاً كي يزور المشاهدون صالات السينما اللبنانية.

القدس العربي اللندنية في

19.01.2015

 
 

يعالج على نفقة الدولة

رأفت الميهي صانع الفانتازيا والجرأة يرقد على فراش المرض

24 - القاهرة - ريهام عاطف

رأفت الميهي، الذي يرقد حالياً على فراش المرض بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي بالعاصمة المصرية القاهرة، حيث يعالج على نفقة الدولة، هو واحد من أقدر وأبرع المخرجين والكتاب الذي أنجبتهم السينما المصرية، فرؤيته سواء اتفقت معها أو اختلفت، استطاعت أن تصنع أفلاماً ظلت علامة في تاريخ السينما المصرية، فسينما "الفانتازيا" لم تعرف إلا بموهبة وإبداع رأفت الميهي الذي آمن بها وقدمها في قالب من الكوميديا، من خلال أفلام مازالت محفورة في ذاكرة الجمهور، والتي استطاع بها أن يجمع بين إشادة النقاد والإقبال الجماهيري.

وُلد رأفت الميهي عام 1940، وبدأت مسيرته مع السينما كسيناريست، حيث تخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، قبل أن ينال دبلوم معهد السينما عام 1964، وفي عام 1966 قدم فيلم "جفت الأمطار" المأخوذ من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب عبد الله الطوخي، والذي تناول فيه حلم الخروج من الشريط الزراعي الضيق، والأمل في استصلاح أراضٍ جديدة رغم المعاناة والمعوقات، وعلى الرغم أن الفيلم كان جديداً على السينما السائدة ذلك الوقت، إلا أنه نجح في أن يقدم رؤية جديدة لاقت إعجاب النقاد.

 وفي فترة السبعينات تعاون مع المخرج كمال الشيخ وقدما معاً أفلام "غروب وشروق"، "على من نطلق الرصاص"، "الهارب"، "شيء في صدري"، والذي استطاع الميهي أن يعتمد على نصوص أدبية صاغها بحنكة شديدة، وصل معها إلى قمة النضج، فكان فيلم "على من نطلق الرصاص" بالنسبة له نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، حيث قرر بعدها أن يبدأ إخراج أعماله بنفسه لينقطع مدة ست سنوات عن الكتابة.

عالم الفانتازيا

ومع بداية الثمانينات، قدم فيلمه الشهير "عيون لا تنام" كأول عمل إخراجي له، والذي استطاع به أن يبهر الجمهور والنقاد، ليؤكد من خلال هذا الفيلم أنه مخرج من الطراز الثقيل بعد عدة سنوات قضاها في دراسة الإخراج، وبعد نجاح هذا الفيلم المأخوذ عن مسرحية "رغبة تحت شجرة الدردار"، انطلق الميهي إلى عالم سينمائي جديد، صنعه بخياله الجامح وهو عالم "الفانتازيا" وربما كانت هذه المدرسة جديدة على السينما المصرية وقتها، إلا أنه نجح في أن يخلق منها تحف فنية، فـ "الفانتازيا" هي الجنوح في الخيال التي اختارها الميهي ليعبر بها عن أفكاره وخياله ويتجاوز بها الحدود الرقابية .

اقتحم الميهى هذا العالم من خلال عدد من الأفلام مثل "الأفوكاتو"، "للحب قصة أخيرة"، قبل أن يتعاون مع الفنان محمود عبد العزيز ويقدموا معاً سلسلة من الأفلام مثل "سيداتي وآنساتي"، "السادة الرجال"، "سمك لبن تمر هندي"، والذي حارب بهم الواقع والقيود المجتمعية وحلق بخياله ليخلق عالم واقعي من وجهة نظره ورؤيته الخاصة.

جوائز عديدة

أما في فترة التسعينات فعاد الميهي بفيلمه "قليل من الحب.. كثير من العنف" والذي لم تغب عنه أيضًا روح الفانتازيا، ثم قدم بعدها أفلام "تفاحة"، "ميت فل"، "ست الستات"، "شرم برم" وأخيرًا فيلمه "علشان ربنا يحبك" الذي كان آخر ما قدمه الميهي للسينما المصرية، وعلى الرغم أنه تولى إنتاجه بنفسه إلا أنه لم يلق النجاح الجماهيري المرتقب، وربما كان عدم النجاح هذا سبباً في عزوفه عن السينما منذ أكثر من عشر سنوات.

أما عن المسلسلات، فلم تكن له إلا تجربة واحدة من خلال المسلسل التلفزيوني "وكالة عطية"، والذي تولى فيه الكتابة والإخراج والإنتاج بنفسه.

كما حصل على جوائز عديدة، حيث حصل فيلم "للحب قصة أخيرة" على جائزة خاصة في مهرجان كارلو فيفاري، وحصل فيلم "قليل من الحب كثير من العنف" الجائزة الأولى في المهرجان القومي الخامس للأفلام الروائية سنة 1995، والجائزة الأولى في المهرجان القومي الخامس للأفلام الروائية سنة 1995.

أكد أن أحداثه مبنية على الواقع

مخرج "خطة بديلة" لـ 24: الفيلم بريء من الإساءة للقضاء

24- القاهرة - محمد خاطر

أحدث البرومو الثاني لفيلم "خطة بديلة" حالة من الجدل، بعدما أشار عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن العمل يتهم القضاء المصري بعدم النزاهة، في محاولة للربط بين أحداث العمل وسلسلة البراءات التي حصل عليها أعضاء الحزب الوطني المنحل.

وقال مخرج الفيلم أحمد عبدالباسط لـ24: "أحداث الفيلم مبنية في الواقع على الصراع الأبدي منذ نشأة البشرية بين ظالم والمظلوم"، لافتاً "أنه رغم ذلك فأحداث العمل لا تمت من قريب أو بعيد للمحاكمات الأخيرة التي أجريت للرئيس السابق محمد حسني مبارك، وأعضاء حزبه أحمد عز وحبيب العادلي، لأن ببساطة قصة العمل كتبت عام 2013، أي قبل عام كامل من هذه المحاكمات".

على الجانب الآخر، وبعدما أثير أخيراً حول الأزمة التي نشبت بين مخرج الفيلم وبطله الفنان خالد النبوي، نفى عبدالباسط ما أثير عبر وسائل الإعلام، مؤكداً أن "النبوي فنان محترف ويعرف جيداً حقوقه وجباته، وعلى العكس تماماً طوال مدة التصوير كان التعامل بينهم في أرقى صوره".

وتابع المخرج الفيلم "العمل حصل على موافقة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أخيراً دون إبداء أي ملاحظات"، مضيفاً أنه تم طبع نسخ الفيلم في لندن وأصبحت جاهزة للعرض خلال 28 من يناير الحالي، في أكثر من 70 دار عرض بالقاهرة وباقي محافظات جمهورية مصر العربية.

وتدور أحداث الفيلم حول صديقين مقربين يمتهنان نفس المهنة ولكن لكل واحد منهم مبادئه الخاصة التي يسير بها، مما يتسبب في صراع بينهما، خاصة بعد تعرض زوجة أحدهما للاغتصاب، ويفاجأ بدفاع الآخر عن المتهمين في تلك القضية.

الفيلم من تأليف محمد علام، ويشارك في بطولته إلى جانب خالد النبوي، تيم حسن، أمينة خليل، فيريال يوسف، عزت أبو عوف، وتميم عبده.

موقع "24" الإماراتي في

19.01.2015

 
 

انهيار الدائرة المكسورة:

الاختبار الذي لا يصمد أمامه الكثيرون

ياسمين عادل – التقرير

سنتناول اليوم فيلمًا عن: الحب والحزن، الموسيقى والأحلام، الإيمان والشك، الموت والحياة.

تلك الحياة التي في لحظة سعادة، أو رُبما سذاجة، نُصدقها ونتصوَّر أنها ستظل كريمة معنا للنهاية، وأن ما يحدث للآخرين فقط سيظل يحدث للآخرين فقط. فجأة، نجد أنفسنا نُحارب لكي نحيا، غاية أملنا حياة كالحياة أو موت كما الموت، بينما أن تبقى الحياة مُعلَّقة بين الحافتين؛ هو أقصى درجات التعاسة، ما قد يُؤدي بنا -تمامًا كالآخرين- إلى انهيار دوائرنا وبعثرتها.

“انهيار الدائرة المكسورة”: فيلم بلجيكي من إنتاج 2012، ترشح لجائزة “أوسكار” أحسن فيلم بلغة أجنبية عام 2014، إلا أنه لم يحالفه الحظ للفوز.

يبدأ الفيلم بفرقة موسيقية تُغني أغنية بعنوان “هل ستكون الدائرة غير مكسورة؟!”، من الأغاني الريفية  المعروفة “Country Songs”، وهي أغنية قديمة جدًا يأخذها البعض على محمل ديني باعتبارها أغنية عن الحياة بعد الموت.

ينتقل الفيلم فجأة لـ 2006 وأجواء المستشفيات: حيث نرى “ديدير”، والذي يقوم بدوره “جوهان هيلدنبيرف”، و”إليز” التي تقوم بدورها “فيرل بيتنس”، وهما زوجان ذهبا للمستشفى لعمل بعض الفحوصات على ابنتهما “مايبيل”، وتقوم بدورها “نيل كاتريس”، ليكتشفا إصابتها بالسرطان وحاجتها لنقل الخلايا الجذعية؛ وتبدأ رحلة العلاج الكيماوي.

يفقد “ديدير” أعصابه حين يعلم، فهو ليس مؤمنًا؛ ما يجعله ساخطًا. تحاول “إليز” تهدأته؛ فهي مسيحية تؤمن بقدرة الله ورحمته وتطلب منه أن يتماسك، على أمل بمرور تلك المحنة. تتراوح المشاهد بين الماضي والحاضر بشكل قد يلتبس على البعض، فلا يسعك إلا التركيز ومحاولة اللحاق بالأحداث لتستطيع تجميع الخيوط، لعلك تعرف أين وصلت الحياة بالأبطال الآن.

ولكن دعونا نسرد القصة بالترتيب الصحيح فنقول: إنها تحكي عن “ديدير”، عازف البانجو في فرقة موسيقية تجمعه بأصدقائه تقوم بتقديم الأغاني الريفية المميزة، و”إليز” والتي تعمل فى محل لرسم الوشم، إذ يحدث بينهما إعجاب من أول نظرة لتتوطد علاقتهما، فتنضم “إليز” للفرقة الموسيقية؛ فهي تتمتع بصوت خلاَّب، كما أن لها نفس الذوق الموسيقي ونفس الأحلام التي يحلم بها “ديدير”.

بعد فترة تكتشف “إليز” أنها حامل في الشهر الثالث، لينفعل “ديدير”؛ فهو لم يكن يرغب أن يكون مسؤولًا عن أحد، إلا أنه لا يلبث أن يهدأ ويُقرر تأسيس منزل يليق بالطفلة عند قدومها، ثم يتقدم للزواج من “إليز” بأحد الحفلات أمام الجمهور؛ ليتم زفافهما بشكل بسيط في نفس اليوم.

تولد “مايبيل”، فتصبح الحياة أجمل وأكثر سعادة إلى أن يكتشفوا مرضها ويحاولوا علاجه، يفشل العلاج فيُحاولون مُجددًا إلا أن الطفلة تموت، وهنا تزداد حياة الزوجين صعوبة ويوشك كل شيء على أن يتحطم.

يزداد سخط “ديدير” على القدر والحياة والعلم/العلماء، بل وعلى أمريكا التي كانت حلمه الأكبر، يغضب من الله حيث يراه قاسيًا وغير رحيمًا طالما يرضى لمن خلقهم بالموت أوالحياة البائسة، إلا أنه على الرغم من ذلك لا يُظهر انفعالاته إلا على فترات متباعدة حين تضطره الظروف؛ إذ كان يرى أن الحياة لابد لها من أن تستمر. أما “إليز” فكما لو أن الحياة اسودت بعينيها فتظل صامتة، شاحبة طوال الوقت لا رغبة لديها في فِعل أي شيء إلا البقاء في حجرة ابنتها والبكاء من وقت لآخر.

يرى “ديدير” أن هذا غير صائب؛ فعليهم المضي بحياتهما لا لأن الأمر هَيِّن ولكن لأن هذا هو الصواب. تُحاول “إليز” مجاراته، إلا أنها تبدو كما لو كانت تَدَّعي التفاعل، وفي لحظة ما ينفجر كل شيء حين يُحاول الزوج إخبار زوجته أن مثل تلك الأمور تحدث وأنه لم يكن بإمكانهما منع أي شيء، بل ورُبما أُصيبت ابنتهم بمرضها من أقل الأسباب كنتيجة طعام سيء أو قلة تهوية، فتشعر “إليز” أنه يتهمها أنها السبب؛ ليبدأ تراشق الاتهامات.

تحتد “إليز” قائلة لزوجها إنه السبب طالما على أحدهما أن يتحمل المسؤولية؛ فهو لم يكن يرغب أن يكون أبًا، وعند ولادة ابنتهما اختفى 10 أيام بدون إنذار، ما جعلها قلقة، فعجزت عن الرضاعة الطبيعية ما كان ليزيد مناعة ابنتها فلا تمرض، بالإضافة لأن لعائلته تاريخ مرضي مع السرطان فقد يكون الأمر جاء وراثيًا بسببه، ينزعج “ديدير” فيُحاول التبرؤ مُتهمًا “إليز” أنها اعتادت التدخين وشُرب الخمر في أول شهور الحمل.

تهتز علاقتهما بعد تلك المحادثة وتصبح سريعة الاشتعال، بعد أن كانت علاقة مثالية يسودها الحُب والتفاهم. وإثر مشادة أخرى تترك “إليز” المنزل وتعود لمحل الوشم، وحين يذهب إليها زوجها لإرجاعها تُخبره أنها قد غيرت اسمها لـ “ألاباما” وأنها فعلت ذلك بشكل رسمي كما يفعل الهنود حين يُحاولون تجاوز أمر ما والبدء من جديد.

ثم يأتي حفل غنائي ينهار فيه “ديدير” على المسرح وينفجر أمام الجميع، حتى إنه يحكي قصة ابنتهما التي ماتت، لتغادر “ألاباما/إليز” المسرح وتُقرر الانتحار. ينتهي الفيلم بالعجز عن إنقاذ “ألاباما/إليز”؛ حيث تتوفى دماغيًا، وينصح الأطباء زوجها بفصل الأجهزة عنها، فتأتي الفرقة الموسيقية لتعزف لها لحن الوداع ليُختتم الفيلم بالموسيقى كبدايته.

عوامل أدت إلى نجاح الفيلم:

الإخراج: وهو لـ “فيلكس فان جروينينجين”، ولعله أحد أهم أسباب نجاح الفيلم؛ إذ جاءت الصورة جميلة، ومُعبرة، وذات ألوان لها مدلول. حيث لجأ المُخرج مُعظم الوقت لاستخدام الإضاءة للتعبير عن العاطفة والإيحاء بحالة الشخصيات، فجاءت المشاهد العاطفية بين الزوجين يغلب عليها اللون الأحمر المُفعم بالقوة والحيوية والمشاعر، فظهر كأحد الأبطال طوال المشاهد الموجودة بالماضي سواءً في بدايات قصة الحب أو حتى قبل اكتشاف مرض الطفلة.

وقد مال المُخرج لاستخدام اللون الأحمر القاتم أو الصريح في درجات تجذب انتباه المشاهد فلا يُمكنه إغفالها.

وقد اختفى الأحمر تقريبًا من الصورة بعد موت الابنة، إلا أنه عاود الظهور قرب مشهد النهاية، حين بدأت “إليز” تتخيل ابنتها والحياة الأخرى.

استعان المخرج كذلك بالإضاءات ذات اللون البرتقالي أو الأصفر لتعكس الحميمية بين أبطال الصورة في أكثر من مشهد.

أما اللون الثاني، والذي جاء مُعبرًا عن الأحداث، هو اللون الأزرق؛ والذي بدأ في الظهور تدريجيًا مع مرض الابنة، ثم أصبح سائدًا بعد وفاتها، تعبيرًا عن برودة الحياة التي فقدت أحلى ما فيها، ومدى ألم الأبطال وشعورهم بالوِحدة.

بجانب الإضاءة، استخدم المخرج عنصرين آخرين من وقت لآخر:

1-المساحة: جاءت العديد من المشاهد القديمة في أماكن مفتوحة أو أماكن داخلية، لكنها رَحبة تعكس انفتاح الروح وإقبالها على الحياة لا تخشى المجهول.

في الوقت نفسه، استخدم المخرج الأسلوب المضاد في بعض المشاهد بعد تأزم الحياة، حين اعتبر الأماكن المغلقة والمساحات الضيقة أحد أدوات التعبير.

2-الوشم: تلك الأوشام التي كانت تملأ جسد “إليز”، فتمحو أحدها أو تضيف آخر، ما خَدَم القصة؛ إذ من خلاله لم يكن المخرج في حاجة للشرح والاستفاضة.

بجانب الإخراج الدقيق والتمثيل البارع، كان هناك ضلع ثالث كمل مثلث النجاح؛ هو:

الموسيقى التصويرية: جاءت الموسيقى مُلهمة، أما الأغنيات فكانت مناسبة جدًا، وتم استخدام بعضها كتمهيد لما سيحدث، بالإضافة لما تتمتع به الأغاني الريفية من حميمية، كل ذلك جعل الموسيقى التصويرية مؤثرة ومهمة سواءً في حالات الفرح أو الحزن.

 أما بخصوص التسلسل الزمني للأحداث والجمع بين الفلاش باك والحاضر بشكل غير منتظم، فقد تكون تلك هي النقطة الوحيدة التي أخذها البعض على الفيلم؛ لأن ذلك جعل الأحداث مُربِكة لهم بعض الشيء. رأيي الشخصي: أن تلك الطريقة كانت موفقة ومقصودة لتجعل المُشاهد مُترَقِّبًا لما يحدث، على أمل أن تنتهي القصة نهاية أقل مأساوية.

بشكل عام، الفيلم من الأفلام التي تستحق المشاهدة، حتى ولو كانت قصته عادية أو مُكررة؛ فالعناصر الأخرى التي تم تناولها بالمقال (والتي لا تقل أهمية عن الحكاية نفسها)، كلها قُدمت بشكل ممتاز، مانحة المُشاهد مُتعة لا يُدرك قيمتها إلا عشاق الفن السابع.

التقرير الإلكترونية في

19.01.2015

 
 

“Lucia De B” عندما يجهض المجتمع العدالة

محمود سمير – التقرير

كندا، 1959. (ستيفن تروسكوت)، فتى في الرابعة عشرة قبض عليه بتهمة اغتصاب وقتل زميلته في المدرسة (لين هاربر) فتاة في الثانية عشرة من عمرها. كل الأدلة التي قدمتها الشرطة  ضد (تروسكوت) كانت ظرفية وغير مباشرة.

رأت هيئة المحلفين أنه مدان، وأعطت توصية له بالرحمة. حكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقًا.

قدم (تروسكوت) طعنًا على الحكم ليلقى الرفض و يُؤكَّد الحكم. قدم بعد ذلك طعنًا أمام المحكمة الدستورية ليتم رفض ذلك الطعن أيضًا. بعد رفض الطعون تم تخفيف الحكم للمؤبد.

قضى (تروسكوت) تسع سنوات في السجن، حصل  بعدها على إطلاق سراح مشروط استمر لخمس سنوات. هاجر إلى مدينة فانكوفر الكندية بعدها وتبنى هوية جديدة وبدأ حياته من جديد.

فيلم المتهمة مقتبس عن قضية الممرضة (لوسيا دي بيرك). أثارت قضيتها الجدل بسبب الإجراءات القضائية التي اتخذت فيها. المثير للسخرية، أن أحداث القضية كانت في لاهاي مقر محكمة العدل الدولية في هولندا.

(لوسيا دي بيرك) عملت ممرضة لكبار السن والأطفال الرضع ذوي الحالات الحرجة.

 كل مريض هو بمثابة إبن لها، وهي بمثابة أم بالنسبة  له. كانت تبقى بعد مناوبتها دائمًا لتتأكد أن مرضاها في حالة مستقرة ولا يحتاجون شيئًا منها.

كانت (لوسيا) تتابع حالة الرضيع (تيمو) والذي كان يبلغ شهرين. ولد (تيمو) بعيوب خلقية تطلبت أن تُجرى له عملية جراحية في القلب. استقرت حالته بعد العملية لفترة  ظلت (لوسيا) تتابعه فيها.

كان (تيمو) يعاني من ضيق في التنفس، ولاحظت (لوسيا) أن هذه الحالة تسوء مع مرور الوقت، رغم ذلك أكدت الطبيبة المشرفة لها أن حالته مستقرة و ا خوف عليه.

ساء ضيق التنفس بشدة وأدى ذلك لحدوث نوبة قلبية لـ(تيمو)، توفي على إثرها.

“لا أعرف لِمَ يحدث هذا مع مرضاي، كأني أجذب الموت لهم؟!” لوسيا دي بيرك.

أعطى مدير المستشفى (لوسيا) إجازة لتتعافى من حالة الأسى التي تمر بها.

ننتقل إلى (جوديث هانسن). (هانسن) شابة حاصلة على الماجستير، عينت مؤخرًا في مكتب المدعي العام. كلفت بالذهاب إلى مستشفى ويست لاند مع المدعي العام للتحقيق في البلاغ بوفاة الطفل الرضيع (تيمو).

وصلت (هانسن) لتجد المحققين يستجوبون الممرضات بخصوص ملابسات الوفاة، لاحظت أن أغلب الممرضات يهاجمن الممرضة (لوسيا). قالوا إنها مخلصة، لكنها متعجرفة، حنونة لكن باردة معهم. ذكروا أنها كانت تعمل كفتاة ليل.

الانطباع ليس مبشرًا

اتهمت المستشفى (لوسيا) بالتسبب في وفاة الرضيع (تيمو)، وذكر مدير المستشفى عدد الحالات السابقة التي توفيت على يد (لوسيا)، وهي سبع حالات بالإضافة  لثلاث حالات تطلبت إعادة إنعاش. ليس طبيعيًا أبدًا أن تتعرض ممرضة لهذا الكم من الوفيات.

عقد المدير مؤتمرًا صحفيًا للتحدث عن ملابسات الوفاة، قام فيه بفصل (لوسيا) من العمل واتهامها بالتسبب المباشر في وفاة الرضيع (تيمو).

 بدأت الشرطة التحقيق في ملابسات الجريمة، واستصدرت أمرًا بتفتيش مسكن (لوسيا) بينما قام الطب الشرعي بفحص جثة الرضيع.

وجدوا في مسكنها مذكرة لها وكُتب عن الجريمة والسفاحين. في مذكراتها كتبت أنها تشعر أحيانًا برغبة عارمة في فعل أشياء معينة. لم يكن واضحًا ماذا تقصد (لوسيا) في مذكرتها بالأشياء، لكن بالنسبة لـ(هانسن) والشرطة، لم يعد مستبعدًا أن تكون لوسيا متهمة فعلًا.

رغبة عارمة، كلمة متداولة من قبل مرضى السيكوباتية

أكد الطب الشرعي وجود آثار لدواء (الديكسجرين)، وهو دواء مخصص لعلاج مرضى القلب، وقد يكون قاتلًا إذا أعطي بجرعات كبيرة للرضع.

لقبت وسائل الإعلام (لوسيا) بملاك الموت، قبل أن يتم اتهامها بشيء من قبل الشرطة، وقبل العثور على أي دليل مادي ضدها.

(هانسن)، كانت متيقنة من أن (لوسيا) ليست مسؤولة فقط عن موت الرضيع (تيفو)، وإنما عن موت سبعة مرضى رضع وكهول توفوا تحت رعايتها أيضًا.

رغم عدم وجود دليل مادي على قتل (لوسيا) للمرضى السبعة؛ إلا أن (هانسن) استندت إلى تحليلاتها لشخصية (لوسيا)، وتاريخها في البغاء، علاقتها السيئة بأمها، وتخلّيها عن ابنتها وهي صغيرة، للحكم عليها بأنها سيكوباتية منحرفة.

استخدمت (هانسن) نظام تنميط الجاني المعمول به في الولايات المتحدة والمبني على دراسة نفسية المجرم؛ من أجل التوقع بأفعاله لتوجيه الاتهام له.

تم القبض على (لوسيا) ووجه لها تهم القتل لسبعة مرضى والشروع في قتل ثلاثة، ليتم الحكم عليها بالمؤبد.

هنا أعود لقصة (ستيفن تروسكوت) مرة أخرى، ففي عام 2001، قام تروسكوت بتقديم طعن جديد لإعادة التحقيق في القضية. في 2002، عينت الحكومة قاضيًا ليراجع القضية ليتأكد من وجود دلائل جديدة قد تؤثر على الحكم الذي صدر في 1959.

في 2006، تم استخراج جثة الفتاة وتحليل الحمض النووي، لكن للأسف لم يستطيعوا استخدامه في شيء يفيد القضية.

في 2007، عقدت جلسة للنظر في الطعن على القضية وتم إثبات عدم الأخذ بشهادة إحدى الفتيات التي كانت تدعم رواية (تروسكوت). تحليل جثة الضحية واستخدام الطرق العلمية الحديثة لتحديد ميعاد وفاتها، أثبت أن رواية الشرطة لم تكن حقيقية بالمرة.

تم تبرئة (تروسكوت) من التهم واعتذرت له الحكومة الكندية عن عملية إجهاض العدالة التي حدثت له.

موضوع إجهاض العدالة أو المتهم البريء نوقش مرارًا وتكرارًا في أفلام كثيرة، آخرها كان ثلاثية الأفلام الوثائقية الأمريكية “الجنة الضائعة (Paradise Lost)”، التي تحكي قصة مشابهة لقصة (تروسكوت).

الجديد في فيلم المتهمة، هو تناوله لوجهتي نظر الشرطة والمتهمة. كمشاهد لا تملك سوى الشعور بالحيرة بينهما، لا تعرف إذا كانت (لوسيا) مجرمة أم بريئة. هذه هي الدراما الحقيقية!

الفيلم أيضًا يظهر قوة النفوذ الإعلامي في التأثير على سير القضية، وكيف أن توجيه الرأي العام نحو أحكام مسبقة على (لوسيا) كان سببًا مباشرًا في إجهاض العدالة وتضليل أجهزة الأمن والقضاء أيضًا.

الفيلم من إخراج المخرجة الهولندية (بولا فاندر أوست) (Paula Van Der Oest) وهي صاحبة فيلم زوس و زوى (Zus & Zo) الفيلم الكوميدي الهولندي الذي رشح للأوسكار كأحسن فيلم أجنبي عام 2002.

(أوست) أخرجت أفلامًا تنوعت بين التشويق، الدراما والكوميديا. أيضًا، أخرجت أفلامًا ناطقة بالهولندية والإنجليزية.

اختيار (أوست) لـ(أريان شولتر) (Arianne Schluter) لتؤدي دور البطولة كان موفقًا للغاية. لم أتمالك دموعي بفضل أدائها الصادق.

أوست قالت إن (شولتر) بقيت في إحدى المستشفيات تذاكر شخصية الممرضات، وأنها تدربت على لهجة سكان منطقة لاهاي. كل هذا على السطح. إنجاز شولتر الحقيقي كان في استخدامها للغة الجسد لإيصال مشاعر المهانة والانكسار االإحساس بالظلم.

الممثلة (سالي هارمسن) (Sallie Harmsen )، والتي أدت دور (جوديث هانسن) كان بنفس القوة. (هانسن) شخصية شابة وطموحة متعطشة لتحقيق مُثل العدالة العليا، واعتمدت على هذه الرغبة وهذه المبادئ في مقاضاتها لـ(لوسيا). (هارمسن)، جسدت هذا الطموح والتوق للتحقيق العدالة بامتياز.

الممثل (فدا فان هويت) (Fedja van Huêt)، الذي أدى دور محامي (لوسيا) سرق الأضواء بحضوره القوي واللافت، رغم أنه ظهر في آخر نصف ساعة من الفيلم. مشاهده في جلسات المحكمة كانت مميزة وممتعة.

تصوير الفيلم لـ(جويدو فان جيناب) (Guido Van Gennap)، اعتمد على الألوان الباردة عمومًا، بالأخص الأزرق والفيروزي والأخضر.

الديكور كان ذا طراز حديث بارد. حداثة الديكور والبرود مع اختيار الألوان ساعد في خلق حالة من الوحدة والعزلة لي كمشاهد جعلتني متوحدًا مع لوسيا وقصتها.

الفيلم دخل القائمة القصيرة لأحسن فيلم أجنبي في جوائز الأوسكار هذا العام.

لا أستبعد أن يصل للقائمة النهائية مع الفيلم البولندي إيدا(Ida)، والروسي الحوت (Leviathan)، والموريتاني (تمبكتو).

تقييم الفيلم 8/10

احذر مما تتمناه فقد يتحقق!

نورا ناجي – التقرير

هذا العنوان هو تيمة أفلام شهيرة للغاية ومنتشرة جدًا، Be Careful What You Wish for، هي من أكثر الأفلام شعبية دائمًا، فكرتها قلما تفشل؛ لأنها تداعب خيال الجميع في تحقيق أمنياته المستحيلة بطريقة خيالية مسلية، وفي الغالب يندم البطل في منتصف الأحداث على هذه الأمنية ويتمنى الرجوع فيها ليكتشف كم كانت حياته رائعة ومرضية.

من العناصر الضرورية في هذه الأفلام، وجود بطل ساخط على حياته بشكل أو بآخر، على عمله، على والديه، على سنه أو على شكله، يقوم بتمني أمنية في موقف غير تقليدي، مثل ليلة عيد ميلاده، لدى عرافة غريبة الأطوار، أمام ماكينة سحرية في مدينة الملاهي، غريب يقابله صدفة ليمنحه ما يريده، أو بالطريقة التقليدية الأقدم وهو عثوره على جني الأمنيات.

هذه الأمنية قد تجعل البطل يتقدم في العمر فجأة، أو يصغر فجأة، قد تجعله ينتقل إلى جسم شخص آخر مثل والدته أو صديق مختلف عنه في كل شيء، أو تجعله يعود بالزمن أو يرى المستقبل.

نحن نشاهد هذه الأفلام لننتهي بالشعور أن حياتنا التي اعتدنا عليها أفضل من الاحتمالات الأخرى التي كان يمكن أن تحدث، وتمنحنا طاقة إيجابية عالية من شأنها أن تجعلنا نعيش حياتنا لفترة ونحن راضيين عنها. وهذا ما يجعل هذه الأفلام محببة للجميع، مع الكثير من المشاعر الإنسانية بطريقة مرحة وغير مبتذلة.

من أشهر الأفلام التي تتحدث عن هذه التيمة بالذات، فيلم عائلي غالبا ما شاهدناه جميعًا في طفولتنا حتى لو كنا قد نسينا ذلك، وهو فيلم Trading Mom من إنتاج عام 1995.

تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة أطفال غاضبين من أمهم المشغولة دائمًا، لا يستطيعون قضاء الوقت معها، لا تقوم بنصحهم أو الاهتمام بمشاكلهم الصغيرة، إلى أن يقابلوا سيدة غريبة تمنحهم تعويذة يمكنها أن تخفي أمهم للأبد. يقوم الأطفال الثلاثة بالفعل بإلقاء التعويذة لتختفي أمهم في الصباح التالي ويختفي معها كل ذكرى لها من عقولهم.

يذهب الثلاثة بعد ذلك إلى سوق الأمهات التي نصحتهم به السيدة الغريبة، ليكتشفوا أن أمامهم ثلاث فرص فقط لاختيار أُم جديدة حسب مواصفاتهم.

ينتقل بنا الفيلم بعد ذلك للحياة مع الأم الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، واللواتي بالتأكيد لا يصلحن أبدًا للعيش مع الصغار الذين ينتهي بهم الحال وحيدين في المنزل الواسع بلا أُم، ليكتشفوا فداحة أمنيتهم ويتمنوا الرجوع عنها حتى تظهر أمهم الحقيقية من جديد.

الفيلم الثاني من أفلام الطفولة الأكثر شهرة وهو فيلم Big إنتاج عام 1988 من بطولة توم هانكس، ويحكي عن الصبي جوش الذي يتمنى أن يصبح كبيرًا أمام ماكينة سحرية في مدينة الملاهي، ليسيتقظ في اليوم التالي شخصًا ناضجًا يعتقد أهله أنه قد خطف ابنهم، يهرب جوش ويلجأ للعمل في مصنع ألعاب ليتمكن من مواصلة العيش بمساعدة صديقه الوحيد الذي يصدقه. سرعان ما يفتقد جوش أهله ومدرسته وحياته ويتمنى الرجوع عن أمنيته والعودة طفلًا صغيرًا مرة أخرى رغم مغريات الحياة الجديدة.

فيلم Going on 30 إنتاج عام 2004 من بطولة جنيفر جارنر، يتناول نفس القصة لكن بالنسبة للفتاة جينا، تتمنى في عيد ميلادها أن تصبح ناضجة، جميلة وأنيقة مثل البنات اللواتي يكبرنها في المدرسة ويتخذنها مصدر للسخرية والضحك، تستقيظ جينا في اليوم التالي لتكتشف أنها تبلغ من العمر 30 عامًا تعمل في مجال الموضة كما تمنت ولديها كل ما يجعل حياتها كاملة، لكنها تشعر بالحزن رغم ذلك؛ لأنها تفتقد حب طفولتها الذي لا يعجب بها بهذا الشكل، تعود جينا إلى عمرها الحقيقي من جديد لتكتشف أن حياتها يجب أن تبنى على خياراتها هي وليس خيارات الأشخاص الآخرين.

من أفلام الأنيمشن الأكثر شعبية فيلم Coraline، وهو عن قصة أطفال أمريكية شهيرة من تأليف نيل جايمان، إنتاج 2009، ويحكي عن الطفلة كورالين التي تنتقل لمنزل جديد بعيد مع والديها المشغولين دائمًا، تشعر كورالين بالضجر لتكتشف بابًا سريًا صغيرًا يقودها لوالدين آخرين بأزرار مخاطة مكان أعينهن، يغمرانها بالحب والحلوى وكل ما ترغب فيه، تكتشف بعد ذلك أن هناك ساحرة شريرة تقوم بخطف الأطفال وإغرائهم بوالدين مزيفين وتستبدل أعينهم بالأزرار، تهرب كورالين منها في مغامرة مثيرة يساعدها فيها قط متكلم مع جارها الصبي الصغير غريب الأطوار، لتعرف كورالين في النهاية أن والديها هم الأفضل، وأن عليها الحذر دومًا مما تتمناه.

فيلم 17 Again تم إنتاجه بالعديد من الأشكال التلفزيونية والسينمائية، لعل آخرها كان فيلمًا سينمائيًا من إنتاج عام 2009، من بطولة زاك إفرون وماثيو بيري، وهو عن قصة رجل في أواخر الثلاثينيات يشعر أن حياته دمرت بعد زواجه من حبيبته بعد المدرسة الثانوية مباشرة بسبب حملها، يتمنى العودة إلى المدرسة من جديد ليصحح هذا الأمر، فتتحقق أمنيته ليكتشف أنه يحب زوجته حقًا ولن يضحي بمستقبله معها في مقابل أي مجد آخر.

فيلم آخر يدور حول فكرة تبديل الأجساد بين شخصيتين مختلفتين تمامًا، هو It’s a Boy Girl Thing من إنتاج عام 2006، حول فتاة وصبي في سن المراهقة يكرهان بعضهما البعض، الأولى خجولة مهذبة تريد الالتحاق بجامعة يال، والثاني مستهتر يريد احتراف لعبة كرة القدم الأمريكية، يدب بينهما خلاف أمام تمثال قديم يعود لحضارة الإزتك في المتحف، ويتمنى كل منهما أمامه تدمير حياة الآخر، لتصيبهم لعنة يتم فيها تبديل جسديهما ليكتشفا أنهما لا يكرهان بعضهما البعض لهذا الحد.

فيلم The Family Man  لنيكولاس كيدج إنتاج عام 2000، يحمل نفس التيمة لكن بالعكس، فالبطل “جاك جامبل” يشعر بالسعادة في حياته وحيدًا بعد تخليه عن حب حياته من أجل عمله، لكن القدر يصمم على جعله يرى ما فاته لو كان اختار الحب على العمل، عائلة مثالية وحب غامر من زوجته مع طفلين رائعين، يقع في غرام عائلته الجديدة ليتمنى لو يستمر الحال هكذا، لكنه يعود لحياته الطبيعية في النهاية ليكتشف أنها تعيسة جدًا على عكس ما كان يعتقد.

أما فيلم Click لآدم ساندلر فهو إنتاج عام 2006، يحمل نفس المعنى تقريبًا لكن بشكل آخر، فمايكل نيومان رجل العائلة يعمل مهندسًا معماريًا ناجحًا، لكن هذا النجاح يعوقه دومًا عائلته ومشاكلها والتزاماته نحوها، يتمنى مايكل العثور على حل ما، فيصادف بائعًا غريبًا يعطيه جهاز تحكم”ريموت كنترول” يمكنه من تسريع مشاهد من حياته، أو تجاوزها أو إبطائها وتوقيفها، يستخدم مايكل زر التسريع لينهي كل لحظاته مع عائلته بسرعة في مقابل لحظات العمل، ليكتشف أن عمره مضى دون أن يعيش فعلًا، بعد أن فاتته جميع اللحظات الهامة في الحياة.

التقرير الإلكترونية في

20.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)