كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

فى الذكرى الـ25 لرحيل «نصير المرأة».. أبطاله يتحدثون

أعد الملف ـ سهير عبدالحميد

 

استكمل أبطال أعمال «فارس الرومانسية» احتفاءهم به فى الذكرى الـ 25 من رحيله حيث تحدثت الفنانة نادية لطفى عن أعمالها التى قدمتها معه والتى استوحت منها اسمها الفنى.. كما كشفت الفنانة لبنى عبدالعزيز عن علاقتها بإحسان عبدالقدوس وتقديمه لقصة حياتها فى أولى أعمالها «أنا حرة».. أيضًا الفنانة ماجدة الصباحى التى قالت عنه أنها قدمت معه أكثر من ثلاث روايات فنية أثرت فى مشوارها الفنى بشكل كبير.. كما وصف الفنان حمدى أحمد عبدالقدوس بأنه جراح الرواية العربية ورفض اقتصار النظر إلى أعماله على أنها رومانسية فقط.

نادية:

اخترت اسمى الفنى من رواياته.. وقدم النموذج الإيجابى للنساء

ترى الفنانه نادية لطفى أن تميز أعمال إحسان عبدالقدوس تتلخص فى تقديمه للنموذج القوى للمرأة التى ترفض الخضوع والاستسلام  وتثور على العادات البالية وهذا جعله يحصد لقب نصير المرأه ومحررها مؤكدة إنها سعدت بتجسيد أربعة افلام غيرت من خلالها جلدها بدأتها بـ«لا تطفئ الشمس» ثم «النظارة السوداء» و«أبى فوق الشجرة»

تقول شقراء السينما  نادية لطفى: عندما دخلت عالم الفن وكنت ابحث عن اسم فنى بدل من بولا شفيق فاختارت اسم نادية لطفى بطلة رواية «لا أنام» لأنى أعجبت بالرواية جدًا.

وتابعت: كنت التقى  بإحسان عبدالقدوس أسبوعيًا سواء فى الصالون الخاص به الذى كان يجمع عمالقة مصر من فنانين وأدباء ومفكرين أو فى بيت عز الدين ذوالفقار نتحدث فى كل شىء ليس فى الفن فقط وهذا هو الفرق بين زمان وأهل زمان وبين الزمن السئ الذى نعيش فيه فكل شىء فيه أصبح مثل الأكل المسلوق لا طعم ولا رائحة وأعتقد أن الزمان لن يجود بمفكر وأديب مثل إحسان إلا بعد وقت طويل وأضافت بطلة النظارة السوداء قائلة: كنت و فنانات جيلى يتسابقن على روايات إحسان عبدالقدوس لنقدمها فى السينما حيث كان أقدر الكتاب على كشف قوة المرأة واستقلالها ورفضها للخضوع والاستسلام للرجعية وجعل من بطلاته نماذج إيجابية للبنت المصرية وقد قدمت من رواياته «النظارة السوداء» والتى اعتبرها من أجمل ما قدمت فى مشوارى واستقبل وقت عرضه استقبالاً حافلاً سواء من جانب النقاد أو الجمهور حيث تناول ببراعة مشاكل إحدى الفتيات التى لها أصول أجنبية وتعيش فى مصر وهى حالة استثنائية لا تمثل مشاكل المرأة وإنما التركيز كان على قضية ترويض المرأة الشرسة التى نشأت على حياة معينة وينجح حببيها فى تغيير مجرى حياتها أيضا فيلم «أبى فوق الشجرة» الذى استمر عرضه سنة كاملة فى السينما وحقق نجاحًا منقطع النظير وقدمت فيه دورًا جديدًا وهو شخصية الراقصة وهو دور لم اقدمه من قبل.

لبنى:

أقنعنى بدخول الفن وقدم قصة حياتى فى «أنا حرة»

لم يكن إحسان عبدالقدوس شخصًا عادى» فى حياة الفنانة لبنى عبدالعزيز لكنه يحتل مكانه خاصة  فى حياتها   فهى لم تكن مجرد بطلة لأفلامه ولكنه صديق لأسرتها ووالدها وأول من أقنعها باحتراف التمثيل وكون جزءًا كبيرًا فى تفكيرها بجانب تجسيده لقصة حياتها فى أول أفلامها.
لبنى عبدالعزيز تتحدث فى السطور القادمة عن علاقتها به وأحب افلامه لقلبها وكواليس اخر لقاء جمعهما قائلة: إحسان كان أول من أقنعنى بدخول التمثيل بعد ان شاهدنى على مسرح الجامعة الأمريكية وانا اجسد الرويات العالمية حيث كان صديقًا لوالدى الذى كان يعمل صحفيًا ايضا وكان يريدنى أن أبدأ برواية «أنا حرة» التى تجسد قصة حياتى وحياته أيضا وذلك من خلال نموذج أمينة البنت التى تبحث عن الحرية والتحرر من قيود العادات والتقاليد كذلك نموذج عباس الصحفى الذى يحارب الفساد وينضم للثوار هذا أيضا جزء من حياة إحسان ولا أنسى أنه زعل منى عندما قدمت فيلم الوسادة الخالية قبل «انا حرة» على الرغم ان العملين من تأليفه لكن «أنا حرة» أقرب لقلبه  لأنه يتحدث عن حياتى وحياته لكن عبدالحليم حافظ تدخل واقنعه انى اقدم الوسادة الخالية أولا خاصة إنى مازالت وجهًا جديدًا.

 وأضافت بطلة انا حرة : قدمت بعد ذلك روايتين من أعمال احسان هم «إضراب الشحاتين» و«هى والرجال» وستتعجبوا عندما تعلموا أن أقرب الأعمال التى قدمتها مع إحسان كان فيلم «هى والرجال» وليس «أنا حرة» لأن الفيلم الأول  واجهت به إرهاقًا نفسيًا شديدًا وأنا أجسد هذه الشخصية  وكنت متأثرة جدًا بها.

وأشارت لبنى إلى أن آخر مرة التقت بإحسان عبدالقدوس كان  قبل سفرها لأمريكا مع زوجها  فى أوائل السبعينيات وعزمها هو وزوجته على سهرة فى فندق هيلتون رمسيس واخر طلب  طلبوا منها إنها تعود لمصر ولا تأخذها الغربة خاصة أنها كانت متعاقدة على ثلاث أفلام مع سعد الدين وهبة.

حسن يوسف:

انطلقت من خلال روايته «فى بيتنا رجل»

اعتبر الفنان حسن يوسف أن بدايته الحقيقية كانت من خلال أفلام «أنا حرة» و«فى بيتنا رجل» الذى قام بكتابتهما إحسان عبدالقدوس وكانت فتحة خير عليه وأن الجمهور عرفه من خلالهما وانطلق بعدها ليقدم بطولات مطلقة وروى يوسف ذكرياته مع هذه الأيام ولقائه الأول بإحسان والطلب الذى طلبه منه عندما التقى به فى منزله فى شارع الجزيرة.

يقول حسن يوسف: أول ظهور لى على شاشة السينما كان من خلال فيلم «أنا حرة» وقتها تمنيت ان اتعرف على الأستاذ إحسان وبعد مشاركتى فى هذا الفيلم طلبت مقابلته وذهبت له فى مكتبه فى روزاليوسف فى المقر القديم خاصة أنى كنت فى بداية مشوارى واتمنى اكون قريبًا من مشاهير الأدب والثقافة  والصحافة لأستفيد من خبرتهم واستشيرهم فى كل شىء وبعد ذلك تبادلت معه اكثر من زيارة فى بيته ورشحنى بعدها لفيلم «فى بيتنا رجل» الذى انطلقت بعده وفى إحدى المرات طلبت منه أن يساعدنى التقى بوالدته السيدة فاطمة اليوسف لانى من عشاقها واتمنى أعرفها عن قرب خاصة أنها من عمالقة الصحافة والفن فى مصر وأسطورة عظيمة  وبالفعل قابلتنى وتبادلت معها الحديث والتقت صورة معها محتفظ بها فى البومى الشخصى.

وتابع يوسف قائلا: كنت أرى إحسان عبدالقدوس ومعه أعمدة الفن والأدب والصحافة فى صالون عبدالحليم حافظ الذى كان يعقد أسبوعيا واستفيد من مجالسهم وعندما كان يقابلنى مشكله كنت اتصل بالأستاذ إحسان وأطلب مساعدته.

ماجدة:

اشتريت «أين عمرى» منه بـ500 جنيه وانطلق معى فى السينما

اعتبرت  الفنانة ماجدة  إن بدايتها الحقيقية وعبورها لمرحلة جديدة فى حياتها الفنية كان من خلال فيلم «أين عمرى» الذى كتبه إحسان عبدالقدوس مؤكدة إنه   بداية انطلاقه فى عالم السينما  لأن شهرته فى هذا الوقت كروائى وصحفى أكثر منه مؤلف سينمائى وشارك الفيلم فى عدد من المهرجانات العالمية وبعدها انطلقا معا فى عالم السينما.

«زعيمة المراهقات» تحدثت عن علاقتها به قائلة: إحسان لم يكن مجرد أديب أو صحفى عادى ولكن موسوعة فى كل شىء وكنت احب الحديث معه فقد نشأت صداقتنا بعد أن قدمنا فيلم «أين عمرى» الذى اعتبره من العلامات فى مشوارى ومشوار احسان ايضا واتذكر اننى اشتريت الرواية منه وقتها ب500 جنيه وكان هذا المبلغ وقتها مبلغ ضخم وكتب السيناريو والحوار له على الزرقانى والفيلم حقق طفرة على الساحة السينمائية وكان يمثل لى حالة نضج شديدة لأنى قدمت ثلاث مراحل مختلفة فيه وتوالت بعد ذلك أعمالنا.

وتابعت بطلة أنت عمرى قائلة : قدمت لاحسان رويات مهمة بعد أنت عمرى منها «أنف وثلاثة عيون» وجسدت فيه شخصية أمينة البنت المتمردة على حياتها أيضا قدمت فيلم «ونسيت إنى امرأة» وكتب من خلالها احسان قصة حياتى لأنى تقريبا ظهرت بشخصيتى الحقيقة فى الفيلم  فانا اعشق عملى واقدسه وهذا أثر على حياتى الشخصية واستقرارى الأسرى واتذكر فى يوم من الأيام عندما سئل إحسان عبد القدوس فى أحد البرامج التليفزيونية عن حياتى الخاصة  فقال بالنص «ماجدة لو تزوجت  سيتحول زوجها لمدير أعمالها» وهذا حقيقى لانى اعشق عملى جدا ولا أستطيع أعيش بدونه.

حمدى:

دخلت صالونه وعمرى «20 عامًا» واعتبره «جراح الرواية»

وصف الفنان حمدى أحمد إحسان عبدالقدوس بجراح الرواية العربية مؤكدا ان النقاد لم يعطوا أفلامه حقها  ونظروا إلى الجانب الرومانسى فقط فى هذه الأفلام على الرغم أن أعماله شرحت الشخصية المصرية واعطى مثالاً برواية «لا أنام» التى قدمت نماذج مختلفة من البشر فيها وفتش فى تفاصيل كل شخصية.

حمدى أحمد يروى كواليس لقائه باحسان عبدالقدوس فى مكتبه فى روزاليوسف قائلا: كنت التقى باستاذ إحسان فى مكتبه بمقر المجلة القديم بالمنيرة  ومعه كوكبه من عمالقة الصحافة مثل كامل الشناوى وعبدالرحمن الشرقاوى وكان عمرى لا يتعدى 20 عامًا وكنت مستمعًا جيدًا لكل كلمه يقولها خاصة فى حديثه عن السياسة والهموم التى تواجه الوطن  واتذكر عندما كان يتحدث عن حريق القاهرة ويتناقش مع الحاضرين لمجلسه واكتشفت من خلال استماعى لهذه المناقشات  ان اسباب حريق القاهرة الإخوان وليس الملك كما أشيع وقتها  وأسرار كثيرة من هذه النوعية عرفتها من مجلسه.

وتابع حمدى قائلاً: اسعدنى الحظ بتقديم رواية مهمة من رواياته وهى «أنف وثلاثة عيون» فهذا العمل ملىء بالكثير والكثير من التفاصيل التى تحتاج لتحليلات نفسية كثيرة فمثلا المشهد التى تقوم فيه الأم بإجبار زوجة ابنها يوم الصباحية الى المدافن لزيارة قبر حماها يحتاج لطبيب نفسى يحللها فالبطل هنا الأم وليس الزوجة الشابة واعتقد ان الرواية قدمتها أكثر وضوحًا من الفيلم.

وأشار حمدى أحمد إلى أن أفلام وروايات  إحسان عبدالقدوس  تم حصرها فى الجانب الرومانسى فقط وصنفوها على أنها أفلام رومانسية على الرغم أن فيها أبعادًا كثيرة وتشريحًا للشخصية الإنسانية.

محمد رياض:

تمنيت أن يرى نجاح «لن أعيش فى جلباب أبى»

على الرغم أن محمد رياض لم  يلتق بإحسان عبدالقدوس فى حياته إلا إنه يعتبره فتحة الخير عليه لأنه قام ببطولة قصة مهمة من قصصه ويعتبرها نقلة مهمة فى حياته الفنية وهو مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى» التى حقق نجاحًا كبيرًا بعد عرضه.

رياض عبر عن سعادته وهو يتحدث فى ذكرى رائد وعملاق من رموز الصحافة والأدب والفن وقال: صحيح لم التق بالأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس بشكل شخصى لكن من حسن حظى أننى قدمت عملين من رواياته الأول وهو مسلسل «دمى ودموعى وابتساماتى» مع الفنانة شريهان وكان فى بداياتى أما العمل الثانى والأهم وهو «لن أعيش فى جلباب أبى» الذى كنت اتمنى ان يكون موجودًا وأخذ رأيه فيه  وهل نجحنا فى توصيل الرسالة التى أراد توصيلها من خلال رواياته والتى قيل وقتها أنه كتبها لأبنه محمد عبدالقدوس.

وتمنى محمد رياض أن يعيد تقديم رواية أنا حرة فى الدراما والتى تأثر بها بشكل شخصى فى حياته وأن هناك مقولة لا ينساها جأءت على لسان الابطال واثرت فيه وهى «الحرية مسئولية - كلما زادت حريتك كلما زادت مسئوليتك» وأشار إلى أننا فى الزمن الذى نعيشه نحتاج جدًا لهذا الفكر لأن هناك الكثيرين يسيئون استخدام حريتهم الشخصية.

نبيلة:

صنع شخصيتى.. وكنت أحضر عيد ميلاده بدون دعوة

حظيت نبيلة عبيد بنصيب الأسد من روايات إحسان عبدالقدوس الذى تعتبره أهم من ساندها عبر مشوارها الفنى  وساعدها فى تكوين شخصيتها وثقافتها وصنعت بأفلامه التى قدمتها من تأليفه تاريخًا سينمائيًا كبيرًا يحسدها عليه الكثيرون ليس فقط كبطله لرواياته على الشاشة ولكن لقربها منه ودخولها عالمه.

تقول نبيلة عبيد فى ذكراه الـ25: إحسان عبدالقدوس  كان أستاذى ومعلمى وقد عرفنى به المنتج رمسيس نجيب وهو من شكل شخصيتى وعلمنى اختار الروايات التى اقدمها  فكان يتصل بى ويقول لى يا نبيلة فى رواية حلوة عايزك تقريها أنا شايفك بطلتها وبعدها أذهب لبيته وأجلس فى مكتبه وأقرأ الرواية ولا أخرج قبل أن أنهيها وآخذ قرار بتقديمها سواء كانت هذه الرواية له أو لغيره  فهو من اختارنى بطلة لأفلام «سقطت فى بحر العسل» و«ومازال التحقيق مستمر» و«الراقصة والطبال» و«الراقصة والسياسى» و«أيام فى الحلال» و«انتحار صاحب الشقة» و«العذراء والشعر الأبيض» وغيرها وغيرها من الأفلام التى صنعت اسمى وكنت حريصة على شراء رواياته من مالى الخاص لأقدمها فى أفلام ولا انتظر أن المنتج يختار لى فكل الروايات التى قدمتها من تأليف الأستاذ احسان اشتريتها بمالى الخاص باستنثناء ثلاثة  أفلام هى «الراقصة والسياسى» و«الراقصة والطبال» و«أرجوك أعطني هذا الدواء»    وقد تعلمت من أعماله الكثير فى حياتى الخاصة لذلك أنا أفتقده جدًا وأفتقد نصائحه  الأستاذ والأب الروحى ومن حسن حظى إنى كنت  آخر بطلات رواياته التى اختارها بنفسه.

واشارت بطلة الراقصة والسياسى إلى انها برغم عدد الأفلام التى قدمتها من تأليفه إلا أنها لم تسأله عن بطلات هذه الأفلام شخصيات حقيقية أم لا.

وتابعت بطلة الراقصة والطبال  قائلة: كنت من الأشخاص القليلين الذين يحضرون عيد ميلاده فى نهاية ديسمبر ودائما كان يقول «القريبين من قلبى فقط هم الذين يحضرون عيد ميلادى بدون أن أوجه لهم الدعوة» كما تجمعنى صداقة عائلية  بزوجته مدام لولا ونرمين سكرتيرته  وأولاده.

مصطفى محرم:

أجاد رسم الشخصيات وأبطال قصصه «حقيقيون»

يرى السيناريست مصطفى محرم أن علاقته بإحسان عبدالقدوس لم تكن علاقة سيناريست يكتب السيناريو والحوار لقصصه ورواياته ولكن جمعته به  صداقة  تلميذ بأستاذ وأسعده الحظ بالقرب منه  سنوات طويلة وكتب السيناريو والحوار لـ12 رواية من رواياته منها 10 أفلام ومسلسلين من أنجح ما كتب فى حياته.

وقال محرم: كنت أعلم أنه هو الذى كان يرشحنى أكتب السيناريو لأفلامه  فهناك اثنان من الكتاب الكبار كانا يثقان فى ويئتمنوننى على رواياتهم أستاذ إحسان عبدالقدوس وأستاذ نجيب محفوظ واذكر انه فى إحدى المرات كنت أكتب فيلمًا لأحد الفنانات وكانت المرة الأولى التى أكتب فيها فيلمًا مأخوذ عن روايات أستاذ إحسان وذهبت لتوقع بينى وبينه وقالت له اننى «بوظت» الرواية  وغيرت فى تفاصيلها لكن عندما رأى الفيلم قالى جملة لن أنساها «أنت غيرت الرواية للأحسن».  

وتابع محرم قائلا: أهم ما يميز قصص إحسان عبدالقدوس هى إجادته لرسم تفاصيل الشخصية بشكل واقعى جدا فتشعر معها أنها شخصيات من لحم ودم وعمله كصحفى ساعده لتكوين حصيلة من الشخصيات ومعظمها حقيقية لكنه لا ينقل الواقع كما هو إنما يأخذ منه خطوطًا عامة ويضيف تفاصيله الخاصة ومن هنا يأتى حرفية وموهبة  الروائى  فمثلا قصة «الراقصة والطبال» قيل إنها تتشابه مع تفاصيل من حياة المطرب كتكوت الامير واحدى راقصات الدرجة الثالثة لكن هى اشبه اكثر بحكاية كل الراقصات أيضا «الراقصة والسياسى» قيل إن بها تفاصيل من علاقة تحية كاريوكا واحد السياسيين قبل اعتزالها الرقص  

وأضاف قائلا: من الأعمال أيضا التى بها تفاصيل حقيقية رواية «أبدا لم يكن لها» والتى كتبها كموقف من الرئيس السادات بعد اعتقال ابنه محمد سياسيا وكان المقصود هو وزوجته جيهان السادات واتذكر هذه الأيام وكنت فى زيارة له انا والمخرج أحمد يحيى لنأخذ منه قصة «حتى لا يطير الدخان» الذى اعتبره أفضل فيلم قدمه عادل إمام فى حياته ووجدنا حالته النفسية سيئه جدًا بسبب حزنه على سجن ابنه فقد كان عاشقًا لأولاده لأبعد الحدود ورقيق المشاعر.

وأنهى محرم حديثه قائلاً: آخر مرة شاهدت إحسان عبدالقدوس فيها كان أثناء العرض الخاص لفيلم «الراقصة والطبال» وكان وقتها صحته تعبانة جدًا ومن وقتها لم ألتق به.

آثار الحكيم:

«أنا لا أكذب ولكنى أتجمل» نقطة التحول فى حياتى

قالت آثار الحكيم على الرغم إنها لم تقدم سوى فيلم واحد لإحسان عبدالقدوس وهو «أنا لا أكذب ولكنى أتجمل» إلا أنها تعتبره نقطة تحول فى حياتها الفنية وأنه وضعها على بداية طريق النجومية الحقيقية لانه قصة واقعية جدا وتمرد فى كل شىء فيها خاصة النهاية غير المتوقعة وذكرت أنها التقت بإحسان عبدالقدوس مرة واحده فى حياتها وكانت أثناء العرض الخاص للفيلم  لكنها تأثرت ببطلات روياته   وقالت آثار: سعيدة إنى شاركت فى هذا العمل وأتحدث عنه  ونحن نحتفى بذكراه وكنت اتمنى أقدم اكثر من عمل.

وتابعت آثار قائلة: عندما وافقت على تقديم هذا الفيلم لم أكن أتخيل حجم النجاح الذى سيحققه لدرجة أن المناقشات حول الفيلم كانت تدور فى الأتوبيسات والمواصلات العامة، فقدم عبدالقدوس فى هذا الفيلم صورة واقعية لشاب طموح يحاول أن يجمل من وضعه كابن رجل فقير يعمل فى المقابر وكان الجدل فى هذا الفيلم حول نهايته غير المتوقعة، وهى أن البنت الثرية ترفض الزواج من الشاب الفقير فالجماهير اعتادت أن تكون نهاية الأفلام سعيدة وحاول عبدالقدوس أن ينقل الواقع.

فاتن حمامة:

اكتسبت منه روح التمرد.. و«لا أنام» بداية دخولى عالمه

سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة واحدة من اهم فنانات العصر الذهبى فى السينما المصرية  والتى رسمت على الشاشة ملامح لبطلات روايات احسان عبدالقدوس وجعلتها تتمرد على ادوار البنت الطيبة بالرغم من أن ملامحها تعتبر منبعًا للرقة.

فى الذكرى الـ25 لرحيل صانع الحب إحسان عبدالقدوس حرصت سيدة الشاشة على إهدائه كلمات بسيطة تعبر فيها عن افتقادها له مؤكدة أنه باق بأعماله  الخالدة  فى عالم الصحافة والأدب والفن.

تقول فاتن حمامة: عندما اذكر احسان أعود لأيام جميلة بعيدة عندما بدأت صداقتى به ولا اعلم بالضبط الوقت الذى التقيت به وبدأت تتوطد علاقتنا كأصدقاء لأنى دخلت الفن صغيرة جدًا وعمرى لم يتعد 6 سنوات وكان من خلال فيلم «يوم سعيد» مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فمنذ هذا التوقيت بدأت اتعرف على عالم جديد وأكون صداقات فى عالم الصحافة والآدب والفن وكان إحسان من أوائل الشخصيات التى بدأت تتوطد علاقتى بهم وكنت وقتها بدأت اكون فكرى  وكان يشجعنى وأستشيره فى الكثير من  تفاصيل أفلامى وقدمت أهم أعمالى السينمائية من خلال بطلات رواياته حيث أحببتهم جميعا وكانت بدايتى مع روايات إحسان من خلال  فيلم «الله معنا» الذى قدمته مع عماد حمدى ومحمود المليجى  الذى تناول قضية الاسلحة الفاسدة وحرب فلسطين والضباط الاحرار وقيام ثورة 23 يوليو ويعتبر هذا الفيلم علامة بارزة فى تاريخ السينما لأنه شهد بداية مرحلة ونوعية خاصة من الأعمال السينمائية، ثم جاء فيلم «لا أنام» هذا العمل كان من انتاج استديو مصر واعتبره من العلامات فى مشوارى وقدمنى فى نمط جديد من الأدوار لم أكن قدمتها من قبل وتوالت أعمالى أنا وإحسان  وقدمنا العديد والعديد من الأفلام الناجحة التى تحمل روح الثورة والتمرد على أشياء كثيرة خطأ كانت فى مجتمعنا مسكوت عنها  فهناك «الطريق المسدود» و«لا تطفىء الشمس» و«الخيط الرفيع» و«امبراطورية ميم».

وتابعت بطلة لا أنام حديثها عن علاقتها بصانع الحب قائلة: بجانب صداقتى الشخصية بإحسان لكن  جمعتنى به وبأسرته أيضا  صداقة كبيرة خاصة زوجته وكنا نتبادل الزيارات العائلية  فى المناسبات.

وأنهت  بطلة «الخيط الرفيع» حديثها عن إحسان عبدالقدوس قائلة: إحسان عبدالقدوس باق برواياته ومقالاته وأدبه، موضحة أن أدب إحسان ألهمها الكثير من الأفكار التى جعلتها تخرج من إطار معين كان سائدًا فى كثير من الأعمال السينمائية التى انتشرت فى هذا التوقيت واستكملت كنت اتفاعل مع شخصيات القصص التى يكتبها وأتعاطف وأغضب منها لأنى كنت أشعر أنها من الواقع الذى نعيشه وهذا ما جعل هذه الروايات تصل للناس وبالتالى تنجح الأفلام التى جسدت هذه الروايات التى صنعها فريق العمل بكل حب وحرفية.

15 يناير 2015

فى الذكرى الـ25 لرحيل «فارس الرومانسية»..

أبطاله يتحدثون

أعد الملف: سهير عبدالحميد

فى ذكرى رحيل «صانع الحب» حرص عدد كبير من أبطال أعماله على الحديث عن ذكرياتهم مع إحسان عبدالقدوس معتبرين أنفسهم من أصحاب الحظ الذهبى لتعاملهم مع هذا الكاتب الذى لن يتكرر. أجمع نجوم رواياته أنه كان كتلة من الإحساس الممزوج بالفكر والذى حرض الكثيرين منهم على النجاح فلم يمنحهم فرصة للنجاح فى نظر الجمهور فى أعمالهم الفنية بل امتدت أفكاره لتطوير حياتهم الشخصية والتأثير على واقعهم، أجمعوا أيضًا أن كلماته التى غيرت حياتهم لن يمحوها الزمن بل هى باقية مثل اسمه الذى لم ينمحى برحيله.

15 يناير 2015

محمود ياسين:

«الخيط الرفيع» بداية علاقتنا وعشقته من رواياته

روى لنا الفنان محمود ياسين كواليس أول لقاء جمعه بإحسان عبدالقدوس والذى اختصه بتقديم 13 رواية من كتاباته واعتبرها هى فتحة الخير وبداية لسلسلة من الأعمال المهمة فى مشواره على رأسها «أين عقلى» و«الرصاصة لا تزال فى جيبى» و«أنف وثلاثة عيون» و«العذاب فوق شفاه تبتس»  وقال ياسين: أول عمل قدمته من روايات هذا الكاتب العظيم كان فيلمًا قصيرًا بعنوان «أختى» وكان مع نجلاء فتحى لكن النقلة الأهم كان فيلم «الخيط الرفيع» والتى اختارتنى للبطولة هى سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وقتها لم أكن معروفًا وذهبت للقاء الأستاذ إحسان لأول مرة فى نادى نقابة الصحفيين وبمجرد أن جلست معه شعرت أننى أعرفه منذ زمن بعيد فوجدته إنسانًا متواضعًا وبسيطًا إلى أبعد الحدود وساعدنى على القرب منه هو حبى لرواياته قبل أن أعرفه ومن وقتها أصبحنا أصدقاء وكنت آخذ رأيه وأستشيره فى أشياء كثيرة على المستوى العام والفنى وظل دائم السؤال عنى حتى وفاته.

وذكر ياسين أن هناك رواية من أعماله ظل سنوات فى بداية مشواره يتمنى تقديمها وهى رواية «القط أصله أسد» وكان حزينًا جدًا بسبب ذلك لكن فى منتصف الثمانينيات تحقق هذا الحلم وخرج هذا العمل للنور وشاركته البطولة مديحة كامل وسعاد نصر.

روز اليوسف اليومية في

18.01.2015

 
 

عن أداء جاك جلينهال في "الزاحف ليلا" وفضيحة الصرصور الإعلامي!

رامي عبد الرازق

ضمن ترشيحات الأوسكار التي اعلنت مؤخرا صعد فيلم "زاحف الليل"أو"الصرصور "Nightcrawler لينافس على جائزة اوسكار أفضل سيناريو مكتوب مباشرة للشاشة للكاتب والمخرج داني جلوري في أولى تجاربه الإخراجية بعد أن كان قد حاز ترشيحا لجوائز البافتا البريطانية عن نفس الفرع، إلى جانب ثلاثة فروع أخرى هي أفضل ممثل لجاك جيلنهال، وأفضل مونتاج لجون جلوري، وأفضل ممثلة مساعدة لرينيه روسو بالإضافة إلى ترشيح جلينهال لجائزة أفضل ممثل ضمن جوائز "جولدن جلوب" حتى أن الكثير من التوقعات كانت تجزم بحصوله عليها.

لدينا اذن اتفاق على أن ابرز عنصرين في العمل هما السيناريو والتمثيل، ولكن لا يمكن بالطبع فصل كلاهما عن الاخراج حتى لو لم يترشح المخرج لأي جائزة، بل أن بعض الأراء النقدية ترى أن المخرج يجب أن يتقاسم جائزة التمثيل مع الممثل لأن الممثل في النهاية لا يرى نفسه، وما نراه على الشاشة من أداء وتفاصيل وملامح وتقمص، هي نتاج عمل المخرج على المادة الخام للممثل وكيفية تشكيلها، وبالتالي فأن أي ترشح لجائزة التمثيل هو في حد ذاته ترشح جزئي على جائزة في الإخراج.

ولكن مع كامل الاشادة التي يمكن ان يتلقاها داني جلوري كمخرج في فيلمه الأول، إلا أنه هذا لا يمنع أنه قدم درسا في كتابة السيناريو السينمائي بشكل يجعل مشاهدة هذا الفيلم واجبا مدرسيا لكل محبي السينما وهواتها.

عالم الفضائح

ولكن كيف يكمنك تجسيد عالم الفضائح؟ أولا عليك أن تصنع شخصية تجسد هذا العالم لكي تحملها بكل الأفكار والعناصر المعنوية والنفسية التي ترى أنها تمثل جينات هذا العالم ولا تجعلها جزءً من هذا العالم بل هي كائن قادم من عالم آخر، سري يوازي قذارة ودناءة العالم الثاني، ولكن في الوقت الذي تعتبر فيه ممارسة الاعلام بصورته الحديثة -على قذارتها - عملا مشروعا، تعتبر السرقة والقتل أعمالا منافية للقوانين والأخلاقيات، وبالتالي ما فعله الكاتب هو أن قام عبر الدقائق الخمس الأولى من الفيلم، باعطائنا لقطة تأسيسية عن العالم الذي سوف يقوم بهتك أسراره وتفاصيله من خلال لقطة لأعمدة البث وابراج الشبكات التليفزيونية والاذاعية التي تصدر صوتا مميزا وسط سكون الليل يوازي بالضبط الصوت الذي يصدره صرصور الليل في جولاته المسائية بحثا عن طعام وسط فضلات المدينة.

وفي المشهد التالي مباشرة يقدم لنا الشخصية الرئيسية "لويس بلوم" الذي سوف يصبح بكل دنائته النفسية وانعدام الضمير لديه بل وكونه يقف على تخوم الخلل الوجداني والنفسي، انعكاسا لعالم صراصير الليل أو الأعلام الباحث عن الفضلات.

إن الصرصور الذي يتصدر اسمه عنوان الفيلم هو صفة ذات دلالة تنقسم ما بين شخصية اللص الليلي الزاحف كصرصار لكي يسرق بعض الأسلاك النحاسية وربما يقتل من أجل الحصول عليها، فرد الأمن الذي يحاول منعه ويسلبه ساعته التي اعجبته، وبين عالم الإعلام القائم على هتك عرض كل ما هو انساني أو اخلاقي لمجرد ان تحظى نشرات الأخبار بالمتابعة والقنوات بنسب مشاهدة عالية تضمن لها دخلا اعلانيا كبيرا كل ساعة تقريبا.

ولكن كيف يمكن ككاتب أن يصف الحالة العقلية للشخصية الرئيسية المصابة بخلل نفسي واضح دون أن يتورط في استخدام مؤثرات بصرية أو هلاوس او أجواء هتشكوكية تعتمد على الموسيقى الغامضة والنظرات المجنونة؟

يخوض داني جلوري هذا التحدي بالتعاون مع خامات جاك جلينهال كممثل قدم اول ادواره كمراهق يعاني من اضطراب عقلي يجعله يرى العالم على حقيقته، وليس كما يريد أن يراه الناس في رائعة "دوني داركو" من خلال عرض الاختلال بداية عبر لغة جسدية واضحة الدلالات تبدأ من الانكماش إلى الأمام ووجود حدبة نفسية/ بدنية سببها الرغبة في الاختباء المستمر والخجل الواضح والشعور بالدونية - مثل اي صرصور- ثم الحديث المتصل دون توقف وعدم النظر إلى عين من يحادثه بشكل فيه نديه أو تحدي، بل تجنب النظر إلى وجه المتحدث من الأساس- مثل مشهد مساومة المنتجة الفنية للقناة للموافقة على رفع اجره ودخوله في علاقة جنسية معها مقابل ما يقدمه من مواد مصورة تضمن لقناتها نسب مشاهدة عالية وتضمن لها وظيفتها المميزة.

أما السمة الرئيسية في الأداء فهي حوار الشخصية القائم على استرجاع المعلومات بشكل آلي كأنها تقرأ من صفحة انترنت، وتلك اللغة الآلية، والعبارات التي تعبر عن افكار الشخصية بأسلوب اقرب إلى سرد السيرة الذاتية في مقابلات العمل حتى لو كان ذلك من خلال حديث ودي.

اننا نتعرف على لو بلوم في لقطاته الأولى وهو يتجول بسيارته بعد عملية سرقة، وحول عينيه تلك الهالات السوداء التي تشير إلى انه لا ينام وتستمر علاقة بلوم بالليل من خلال جلوسه أمام الانترنت حتى الفجر وقضاء حاجاته المنزلية حتى الساعات المبكرة من الصباح دون أن نراه نائما ودون ان يكون ثمة مقارنة بين نسب مشاهده ولقطاته النهارية ونسبها الليلية، فمعظم مشاهد الفيلم ليلية بما فيها بالطبع مشاهد بلوم، بل إن اللقطات النهارية القليلة له والمرتبطة بعلاقته بشخصية مصور أخر نراه وهو يرتدي نظارته الداكنة وكأنه لا يطيق نور النهار مثل اي صرصور ليلي يعتبر الظلام هو بيئته الطبيعية.

يدخل اللص الليلي عالم الأعلام لأنه يستشعر بشكل غريزي أن تلك المهنة تناسبه، يدخله دون أي نوايا شريرة فقط بغرض الحصول على وظيفة ثابتة في مدينة ترتفع فيها نسبة البطالة التي نسمع عنها في راديو سيارته خلال المشاهد الأولى.

ولكن تدريجيا يكتشف أن غرائزه الدونية ومعطايته النفسية المختلة هي في ذات الوقت ابرز مقوماته للصعود والتدرج إلى اعلى في هذا العالم وبالتالي يتمكن الكاتب من صنع انعكاس حقيقي لظلامية صناعة الإعلام بكل لا اخلاقيتها عبر هذه الشخصية التي تأتي من عالم مغاير ظاهريا ودون أي خلفيات تعليمية أو احترافية من أي نوع، بل تتعلم عبر المراقبة والاحتكاك المباشر بقلب الصناعة وليس بنظرياتها التي تبدو مثل حكم اخلاقية لا يلتفت إليها أحد، حين تأتي على لسان مساعد المنتجة الفنية الذي يعترض في كل مرة يحمل لها بلوم مادة اعلامية تحتوي على ضحايا وقتلى ودماء وعمليات سطو وأطلاق نار.

تجدر الاشارة هنا إلى توظيف المخرج لموسيقى جيمس نيوتن هاورد التي تمنحنا شعورا بالانجاز والتحقق والحماسة خلال مشاهد صعود بلوم تجعلنا نرتد فجأة إلى وخذ حاد في ضمائرنا حين نتبين أننا نتحمس لهذا الصرصور الذي يجر جثة في موضع حادث لكي يصنع تكوين بصري جيد يصلح لعرض أكبر قدر من الدماء في اخبار الساعة السادسة.

الم يكن من الممكن أن يضع موسيقى ميلودرامية أو مثيرة بدلا من تلك الموسيقى الحماسية؟ أجل بالطبع ولكن التناقض الذي تخلقه عملية الصعود القائمة على زحف ليلي باتجاه فضلات المدينة مع الموسيقى الحماسية هو الذي يتسبب في ارباك الوجدان وطرح الأسئلة على الضمير قبل العقل بداخل المتفرج.

كيف تخلق صراعا في سياق قائم على الصعود بلا عقبات تذكر؟

الدرس الأول في اي صراع درامي تقليدي هو ضرورة وجود خصم أو مجموعة خصوم تواجه البطل  طوال الوقت وتتعارض ارادتها وافكارها واهدافها مع ارادته وافكاره وأهدافه أو تقاومها وتعطلها.

ما فعله الكاتب هنا هو أن خلق صراعا مزدوجا مع وضد شخصيته الرئيسية في نفس الوقت، وهو ما جعل حجم الإثارة والحماسة في متابعة الفيلم أكبر مما يحتمله فيلم لا يمكن تصنفه على اعتبار أنه فيلم اكشن أو بوليسي.

المستوى الأول من الصراع تحقق من خلال خلق الخصوم في كل مرحلة، بل وجعل كل الاطراف التي يتعامل معها البطل هم خصوم بشكل أو بأخر بداية من فرد الأمن الذي يمنعه من السرقة، مرورا بالرجل الذي يرفض توظيفه لأنه لص، ثم المصور التليفزيوني الذي يرفض عند اول لقاء بينهما أن يجعله يعمل معه وينهره بشكل حقير، ثم المنتجة الفنية في بداية علاقتهما وكيف تساومه على المادة التي صورها، ثم مساعدها الذي يرفض في كل مرة من خلال موقف اخلاقي عرض المادة التي يقدمها بلوم.

وحتى مساعد بلوم الذي يستأجره لكي يعينه في عملية التوجه إلى مواقع الحوادث والتصوير بالكاميرا الثانية لضمان مادة مصورة من أكثر من زاوية ينجح السيناريو في النهاية في تحويله إلى خصم، ليس فقط من خلال عملية الجدل المستمر بينه وبين بلوم ولكن بخلق حالة مساومة بينهم عندما يقرر بلوم أن يختلق مطاردة بوليسية مع أحد القتلة الفارين عقب حادث قتل يكون هو شاهد عليه بكاميرته ويحجب المعلومات عن الشرطة من أجل خلق مزيد من الأخبار التي تمثل له جسر الصعود نحو المال والشهرة.

أن مساعده الشاب عندما يساومه على نصف المبلغ الذي سوف تمنحه القناة لبلوم مقابل هذه المادة يدخل نفسه في دائرة الخصوم وبالتالي يتعرض لنفس الانتقام الذي حققه بلوم من قبل ضد المصور الذي انتزع منه بحرفية تغطية حوادث هامة اي بتحويله من مراسل إلى خبر.

نتوقف هنا قليلا لنستعرض كيفية توصيل فكرة الفيلم عبر الصراع بين الشخصية الرئيسية وخصومها. اولا نشير إلى أن الخصم الدرامي لا يعني بالضرورة العدو بالمفهوم الأخلاقي فمثلا تعتبر الشرطة خصما دراميا في مواجهة الشخصية الرئيسية عندما تحاول الحصول منه على معلومات عن جريمة القتل أو صور للجناة، فهي هنا خصم درامي، ولكنها ليست عدوا اخلاقيا بل على العكس هي السلطة التي تحاول تنفيذ القانون وكشف القتلة بينما اخلاقيا يعتبر البطل هو من يتستر عليهم لكي يصنع خبرا ساخنا بغض النظر عن كم الضحايا أو الاحداث الدامية التي يمكن أن تقع في سبيل ذلك فهو بالمعنى الأخلاق عدو للمجتمع، وهو بالمناسبة المستوى الثاني من الصراع اي خصومة البطل مع المتفرجين.

نعود لعنصر انعكاس الفكرة عبر الصراع الدرامي مع الخصوم، الكاتب يريد أن يفضح العالم السري لصناعة الإعلام عبر عرض فكرة أن ميثاق الشرف الإعلامي الحقيقي هو أنه "حيث يوجد خبر فلا يوجد شرف" فنجد بلوم يقوم في بداية رحلة الصعود بتغيير مكان رجل مصاب في حادث سيارة بشكل همجي وكأنه مجرد قطعة ديكور من أجل أن يحظى بتكوين جيد في تصوير المادة، ودون اي اعتبارات انسانية ولا نقول أخلاقية، لأن هذه التغيير من شأنه أن يقتل الرجل المصاب أو يدمر احد اعضائه- فالقاعدة الطبية هي عدم تحريك المصاب لتجنب زيادة الكسور او النزيف الداخلي- ويختصر الكاتب هذه التفصيلة في جملة واحدة على لسان المنتجة الفنية حين تقول لبلوم وهي تشاهد المادة (المفبركة) للحادث (يوجد دم على قميصك) فالتنافس على نسب المشاهدة يدفع الاعلاميين إلى صناعة الجثة بدلا من تصويرها وتحويل الكاميرا إلى وسيلة للقتل بدلا من أن تصبح عين على الحقيقة.

الصراع هنا بين بلوم وخصمه المصور الآخر يجعله بلوم يقدم على تغيير موضع الرجل المصاب من أجل الحصول على مادة جيدة ثم عندما يسبقه هذا المصور الذي يتحول إلى خصم عتيد ويقتنص منه خبرا هاما ينتقم منه بلوم بأن يحوله إلى خبر وهو اقسى انتقام من الممكن أن يحدث لأي عامل بمجال الإعلام وهو ان يتحول من مراسل أو ناقل إلى خبر، حيث يفسد له سيارته ويذهب لتصويره وهو مصاب اصابات خطيرة ويتعمد النظر في عينيه لتحقيق شهوة الانتقام وعندما يقول مساعد بلوم له أن هذا لا يليق فهو واحد مننا يرد بلوم (هو الأن مجرد مادة للبيع).

ثم يتطور عرض فكرة ميثاق الشرف الأعلامي من وجهة نظر الكاتب عندما يستغل بلوم مذبحة دموية لكي يصنع منها عدة اخبار متتالية وقد صار في خصومه مع المجتمع ذاته، خصومة هو نفسه يعترف بها لمساعده عندما يقول له (أنا لا أحب الناس) بل ويصل به الأمر إلى أن يعرض مساعده للقتل على يد احدى الجناة الفارين عقب مطاردة مع البوليس كان هو من تسبب فيها لكي يتخلص من مساعده أولا ولكي يصنع خبرا مؤثرا من ناحية أخرى بتصوير المساعد وهو يحتضر من اثر الرصاص دون أن تطرف لبلوم عين.

ثم يصل الكاتب إلى الصعود بتلك الفكرة إلى ذروتها، لا من خلال اكتشاف ما فعله بلوم وسجنه بسببه، ولكن باكتشاف ما فعله وعدم القدرة على معاقبته عليه تماما مثل كل القنوات الأعلامية التي تبث سموما فكرية وفضلات معنوية وخبرية ولكن لا أحد يعقابها على ما تقدم بل ينتظر منها المزيد.

أن المشهد ما قبل الأخير في الفيلم عندما نرى بلوم وهو يلقن مجموعة جديدة من المساعدين مبادئ العمل معه وكيف أن (كل ما يقول ويفعل) هو بمثابة درس عملي لهم بعد أن صارت لديه شركة ومتدربين واكثر من سيارة لتغطية الخبر هو ذروة عملية الفضيحة التي يمارسها السيناريو ضد عالم الأعلام فالمزيد من الدماء والحوادث المفبركة والتركيز على الاأنساني هو ما جعل من صرصار الليل هذا نجما اعلاميا بل ومدرسة للمزيد من صراصير الليل الذين نراهم ينتشرون في سيارات التصوير يمينا ويسارا في شوارع المدينة وكأنهم سرطان يسري في شاريينها، ثم ينتهي الفيلم باللقطة الأخيرة التي هي نفسها اللقطة الأولى حيث أبراج البث العالية التي تصدر أزيزها الخارق مثل مئات من صراصير الليل التي تنتظر مزيدا من فضلات المدينة كي تقتات عليها.

عين على السينما في

19.01.2015

 
 

بين دواد عبد السيد وتليفزيون روتانا

أحمد شوقي

على مدار أربع ليال متتالية كان لي شرف إدارة مناقشات مستمرة مع الأستاذ داود عبد السيد بعد مشاهدة واحد من أفلامه، في برنامج عروض استعادية نظمته سينما زاوية، عُرض فيه على التوالي "الكيت كات"، "سارق الفرح"، "أرض الخوف"، ويعرض مساء اليوم الثلاثاء "مواطن ومخبر وحرامي".

تواجد الأستاذ اليومي كان ضمانا لنجاح العروض، فأكثر تعليق تكرر خلال المناقشات هو أن الشخص جاء اليوم ليرى داود عبد السيد ويتحدث إليه، فالزمن نادرا ما يسمح بالوجود في حضرة رجل بهذه القيمة. لكن وبعيدا عن طعم اللقاء، كانت الفعالية فرصة نادرة لمشاهدة أفلام وقعنا في حبها وشكلت وعينا، بنسخها الأصلية المصوّرة على خام السينما، والتي لم تتعرض لأي تدخل رقابي تلفزيوني.

هناك شقان في الأمر، الأول هو جودة الصورة والصوت، فهذه النسخ وبالرغم من تأكد الجميع أنها قد تم تخزينها في ظروف غير متماشية مع مواصفات الحفاظ عليها، ومن أن جودتها لا تتعد في أحسن التقديرات 70 بالمائة من جودتها الأصلية، تظل أفضل وأنقى على صعيد وضوح الصورة والصوت والألوان من كل النسخ الرقمية التي تذيعها الفضائيات، وهو أمر محزن سببه التقنيات البدائية التي تم تحويل هذه الأفلام بها إلى الوسيط الرقمي، ولم ـ وفي الأغلب لن ـ يتم إعادة تحويلها مجددا.

في العالم كله، عندما يتعلق الأمر بفيلم مثل "الكيت كات" له ملايين العشاق، ستتبارى شركات التوزيع في إطلاق نسخ منه بكل تقنية جديدة، الأفلام العظيمة تم طرحها بنسخ فيديو سي دي، ثم نسخ دي في دي، ومؤخرا بنسخ بلوراي عالية النقاء، وسيعاد طرحها بكل تقنية جديدة تقدم خبرة مشاهدة أفضل، أما في منطقتنا السعيدة فقد تم تحويل الفيلم مرة وحيدة، غالبا في نهاية التسعينات على شريط ديجيتال للفضائيات، يصبح لاحقا وبرغم جودته المنخفضة المصدر الوحيد لأي إعادة إنتاج للفيلم، بالرغم من أننا شاهدنا بأنفسنا في "زاوية" أن نسخ ال 35 ملليمتر من الفيلم ستقدم نسخا تحترم الأعمال فقط لو فكر أحد في إعادة تحويلها من مصدرها الأصلي.

هذا هو الشق الأول للفرصة التي قدمتها العروض، الشق الثاني هو الأهم والأكثر إيلاما: الحذف غير القانوني. خلال اليوم الأول للعروض رفض داود عبد السيد بشكل قاطع التسجيل مع كاميرا قناة روتانا التي حضر مراسلوها لتغطية العرض. الأستاذ اعتذر لهم وأكد أنه لا يقصد الإساءة لهم، ولكنهم ينتمون لجهة أساءت له ولأفلامه، وآخرها "رسائل البحر" الذي حُذف منه ما يقارب الثلث ساعة بدون إذن مخرجه.

داخل العرض نفسه يمكن للجميع أن يلمس نفس الكارثة. شخصيا أمتلك عدة نسخ مختلفة من "الكيت كات" يتراوح طولها بين 100 و125 دقيقة، حسب مزاج الجهة التي أصدرت النسخة ورقابتها الذاتية، بينما وجدا بالنسخة التي عُرضت في زاوية مالا يقل عن ست أو سبع دقائق لم أرها من قبل لأنها غير موجودة في كل النسخ التي أملكها.

شيء مذهل في قدر سخفه وتنطعه، ولإساءته لصناع الأفلام الذين يكفل لهم القانون على الورق أن تعرض أعمالهم كما أجازتها الرقابة، وأن الحذف منها مخالفة قانونية تعادل الإضافة لها، لكنه مجرد حبر على ورق في ظل عجز كامل من الدولة على المتابعة، وربما عدم رغبة كذلك. وحتى المنتجين والموزعين يتجنبون في الأغلب أي صدام من هذا النوع مع الفضائيات، التي يهمهم نيل رضا إدارتها كي تقوم بشراء الأعمال التالية، أكثر بكثير مما يهمهم الانتصار لحق المخرجين في عرض أعمالهم كاملة، وحق المجتمع والثقافة والتاريخ في الحفاظ على تراث السينما المصرية، لأن نسخة الفضائيات تتحول كما قلنا للمصدر الوحيد للفيلم، أي أن السيد الرقيب في تلفزيون روتانا هو من يقرر أي من اللقطات يجب أن تُحفظ في التراث المصري وأيها يجب التخلص من عاره!

مشاهدة أفلام عظيمة كأفلام داود عبد السيد بنسخها الأصلية متعة بالطبع، لكنّها متعة مختلطة بالمرارة، تارة لصعوبة مشاهدتها بنفس الجودة مجددا، وتارة لاكتشاف أننا ظللنا أعمارا نشاهد نسخا منقوصة منها أساء إليها من لا يحق لهم إطلاقا الاعتداء على تراث الثقافة المصرية.

موقع "دوت مصر" في

19.01.2015

 
 

أطماع على مِلْكيَّة ديناصور !

قيس قاسم

خيبات وصراعات ومهازل قضائية جلبها معه الديناصور رقم 13 عندما ظهر من أعماق الأرض وواجه على سطحها بشراً وسلطات ربما بالنسبة إليه هي أكثر ضراوة من وحوش زمانه. على خلفية هذه الصورة المستوحاة من وقائع قصة العثور على الديناصور "سو" في جنوب داكوتا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1990 والمصير المحزن لبعض مكتشفيه يعيد تود دوغلاس ميلر سرد مجرياتها وتفاصيلها من منظور استقرائي يعرض من خلاله طبيعة المجتمع الأمريكي وآليات عمل المؤسسات القضائية في قضية ذات طابع خاص تتعلق بالمكتشفات التاريخية التي لا ينجم عنها في العادة تصادمات حادة بين البشر، ومع ذلك تحولت إلى قضية سجالية لأنها جَرّت علماء أبرياء إلى مواقع ما كان لهم أن يكونوا فيها وأخذت أبعاداً اجتماعية واقتصادية شديدة الصلة بالتشكيل الهيكلي للدولة والذي يجُرّ بالضرورة أي "موضوع" حتى لو كان على صلة بأعماق الماضي إلى حلبة صراع المصالح.

بمشهديات جمالية مأخوذة بكاميرا 35 ملم أو بالأجيال الرقمية الجديدة منها، كما هي أغلب الأفلام الأمريكية الوثائقية، صوّر تود ميللر الطبيعة البدائية لمنطقة داكوتا ليخلق بها مناخاً رحباً يقارب فيه بُعد المسافة بين الضوء الواصل إليها من الكواكب البراقة والنجوم اللامعة وبين تاريخ الديناصورات التي عاشت ربما في نفس الفترة التي انطلق الضوء منها ليصلنا بوهج ساحر جعل من المنطقة واحدة من المحميات الجغرافية الأكثر جمالاً وبالنسبة لعلماء المتحجرات الأثرية كنزاً لبحثهم عن الماضي في جوف جبالها ووديانها التي شجّعت بعضهم لتأسيس معهداً للدراسات الأثرية ومتحفاً بلدياً صغيراً يعرضون فيه ما يعثرون عليه في المنطقة الـ"برية"، التي سكنها الهنود الأصليون وإليهم يعود موروثها الثقافي. إلى جانب الصورة الرائعة يستعين ميللر بتسجيلات الفيديو الشخصية للمجموعة التي عثرت على "التيرانصور" المتحجر ليبني فوقها أرضية تصلح لنسج القصة بصرياً وأيضاً بترتيبها زمنياً على ضوء ما وقع منذ عام 1990 والسنوات الكئيبة التي تلته والتي جعلت من شخوصها أبطالاً لميلودراما واقعية بدأت سعيدة وانتهت حزينة.

بدأت الحكاية حين عثرت العالمة سوزان هندريكسون على "التيرانصور" وسمي اختصاراً باسمها الأول "سو"، في أرض تابعة للأخوين موريس وشاركي وليم، جنوب منطقة داكوتا التابعة لبلدية "هيل" الصغيرة، ولم يتوقع فريق العمل أن يكون الديناصور بالحالة الجيدة التي كان عليها ما جعل منه واحداً من أهم الاكتشافات العلمية الخاصة بهذا النوع، ومع بقاء أكثر من 80% من هيكله العظمي سالماً حصل على تميُز غمر مكتشفيه بفرح عارم وبسعادة لا يعرفها إلا عالم المتحجرات حين يتوصل إلى نتيجة لم يصل إليها أحد من قبل.

عن العلاقة النفسية الغامضة التي تجمع الإنسان بالديناصور كُلِّف المخرج والمنتج لوي بسيهويوس، صاحب الوثائقي الرائع "الكهف" الذي صوّر فيه المذابح التي يرتكبها الصيادون اليابانيون للحيتان، بالحديث. أضفى كلامه على الموضوع تشويقاً وأعطاه بُعداً فلسفياً يفسر الاهتمام غير العادي عند الناس بأخبار الديناصورات والتي يحيل جزءاً منها إلى قِدم وجودها وضخامتها مثل الديناصور "سو" الذي يعود تاريخه إلى 75 مليون سنة قبل الميلاد. ويقدم الوثائقي وبتعليقه صورة للعمل المضني والشاق الذي قام به فريق معهد "بلاك هيل" من أجل إكمال استخراجه من كهف داخل الجبل ونقله إلى المتحف بعد أن دفعوا لصاحب الأرض مقابله خمسة آلاف دولاراً ورفض وقتها بسرور التوقيع على العقد بحجة ارتياحه للصفقة ولأن الديناصور سيذهب في النهاية إلى متحف البلدية.

هكذا تمت الأمور وجرى كل شيء طبيعياً مع آمال كبيرة عند سكان المدينة بأن اكتشاف الديناصور سيضعها على خارطة المدن المهمة في الولايات المتحدة الأمريكية وهكذا، أيضاً، فكّر وتحمس العالم ورئيس المعهد بير لارسون.

ثمة علاقة خاصة نشأت بين العالم بير والديناصور ستفضي فيما بعد إلى تغيير حياته وبالتحديد حين ستداهم وحدة مسلحة من الشرطة الفيدرالية "إف بي آي" المعهد وتصدر أمراً لموظيفها بنقل الهيكل العظمي للديناصور وكل ممتلكات المعهد إلى منطقة أخرى لأنهم حسب المذكرة التي رفعها المدعي العام قد خرقوا القانون الفيدرالي المتعلق بحقوق ملكية الأرض.

سيدخل الوثائقي ومنذ تلك اللحظة في دوامة الإجراءات القانوية والمماحكات الإعلامية والصراعات المالية على مدى ست سنوات يسجل فيها تطور القضية التي عرفت بـ "الديناصور 13" والتي امتدّت تداعياتها إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية وعلى خطها دخل علماء وسياسيون وجمهور كبير من الناس يطالبون  السلطات الرسمية بإعادة "سو" إلى موطنها الأصلي.

سيكشف محامي العلماء تعمُّد صاحب الأرض رفضه التوقيع على العقد لأنه أراد ومنذ أن وقعت عيناه على الديناصور الاستحواذ عليه، ولهذا رفع شكوى ضدهم حال تأكده من وصوله سالماً إلى المعهد، فادعّى فوراً ملكيته له وأنه لم يقبض مالاً منهم ولم يوافق على نقل المتحجرة إلى خارج المكان!. على الجانب القانوني يكشف "الديناصور 13" الجهل الكبير لدى عدد من العاملين في المؤسسات القانونية الأمريكية ومن بينهم المدعّي العام الذي تولّى القضية وأصدر أمر المصادرة دون مسوغات قانونية كافية وتتعارض مع ما هو متوفر من أدلة من بينها وجود "شيك" بالمبلع المدفوع لصاحب الأرض وتسجيلات فيديو يعلن فيها موافقته على نقل الهيكل العظمي إلى المتحف! وسيتطور الوضع ويتحول في مراحل معينة إلى صراع شخصي بين  بعض القضاة وبين الدفاع والمتهمين. صراع لا يليق بحيادية المؤسسة القضائية. وعلى المستوى الإعلامي سيتبيَّن حجم الشكلانية والخفة التي يتعامل بها الإعلام الأمريكي مع قضية تتعلق بنزاهة وسمعة علماء لم يرتكبوا جريمة بل كانت دوافعهم صادقة ومحض علمية في حين انصب اهتمامهم على السطح دون بحث في جوهر المشكلة وفضخ الأطراف المستفيدة من توريط علماء الآثار في جريمة يحاسب عليها القانون.

تجربة بير لارسون ستأخذ حيزاً أكبر، من وثائقي رائع حظيّ بقبول نقدي كبير بعد عرضه في الدورة الأخيرة لمهرجان ساندانس السينمائي وأيضاً بعد عروضه التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية والأوربية، لأنه كان الأكثر حباً لمنجز فريقه والأكثر تصعيداً لسقف مطالبه ومن بينها إرجاع الهيكل وإعادة كل ممتلكات المعهد. يلمح الوثائقي إلى نوع من التعاون بين المؤسسة السياسية والقضائية وأصحاب المال فيبدأ لتأكيد ذلك بالتحرّي عن مِلكية الأرض نفسها ليُظهر أنها تابعة في الأصل لقبائل هندية وبسبب علاقات المالك بالجهات الرسمية حصل على حق التصرُّف ببعضها دون أن تكون مشاعة له وهذا ما استغله طيلة سنوات وقدم نفسه كصاحب للأرض.
وحتى بعد كشف هذه الحقيقة ظلّت المحكمة تعامله كمالك لها وللديناصور الذي دُفن فيها  قبل ما يقارب من سبعين مليون سنة. تلاعب وفساد على حساب علماء ومدينة ما انفكت تخرج في مظاهرات سلمية وتتابع بقلق مصير أناس منها أرادوا لها الخير لكن بعضهم انتهى قابعاً في السجون. تجربة بير لارسون في السجن تفضح مسخرة قضائية بعد أن حُكم عليه لمدة عامين، لا بتهمة التنقيب عن الديناصور ونقله إلى المعهد  كما هو لب المشكلة وإنما لأنه وخلال سفراته التفاوضيه مع متاحف عالمية أرادت دعم مشروعه لم يقم بالإعلان لدائرة الجمارك في المطار عن حجم ما أخرجه معه من عملة أمريكية. سنتان قضاها في عمل مثمر فتح خلالها دورات خاصة للمساجين علمّهم فيها القليل من مباديء علم المتحجرات والآثار، وعبر ملاحقة تفاصيل سجنه يجسد تود ميللر المسخرة كاملة فيبدو القضاء ورجال الشرطة مثل دمى مسيرة بقوة مصالح رأس المال الذي سينتهي كل شيء عندها.

لقد جرى الاتفاق بين أحد المزادات المشهورة في نيويورك وبين صاحب الأرض وبموافقة الدولة على بيع الديناصور. ومرة أخرى يتسلل الوثائقي للجموع الحاضرة المزايدة ويدخل خلف الكواليس حيث تجري مقايضات بين الأثرياء ومسؤولي الولايات الكبيرة للحصول على الديناصور وجنيّ أرباح كبيرة من عرضه وهذا ما حصل بالفعل حين وقع المزاد على شركتي "والت ديزني" و"ماكدونالد" اللتان دفعتا أكثر من سبعة ملايين دولاراً أمريكياً إلى "المالك" ثم قامتا ببيعه إلى متحف شيكاغو الذي رحب بالصفقة واعتبرها رابحة منذ البداية.

المفارقة أن العلماء فرحوا بدورهم بهذه الصفقة لأن ديناصورهم المحبوب استقرّ أخيراً في متحف محترم ولن يبقى بعد الآن أسير المالك الجشع. أما المدينة الصغيرة فظلت حزينة مثل بير لارسون الذي عاد يبحث بعد خروجه من السجن عن ديناصورات جديدة تعوّضه عن خسارته للديناصور رقم 13 الذي جاء بالشؤم عليه.

الجزيرة الوثائقية في

19.01.2015

 
 

«ليلة الصمت»..فيلم تركي في «شومان»

عمان - الرأي

يقدم الفيلم التركي الحديث الانتاج (ليلة الصمت) للمخرج ريس سيليك في أول فيلم روائي طويل له بعد انجازه لمجموعة أفلام تسجيلية، تجربة مميزة ناجحة في مجال طرح موضوع شائع من زاوية جديدة وبأسلوب إخراجي مبدع مفعم بالشاعرية.

يعالج الفيلم الذي تعرضه مؤسسة شومان الساعة السادسة والنصف مساء يوم الثلاثاء، موضوع زواج رجل كبير في السن من فتاة قاصر، حيث تجري أحداث الفيلم في مكان محدود يشهد احتفالا تقليديا في إحدى القرى حيث يبدأ الفيلم بمشاهد الاحتفال التقليدي بالزواج حسب العادات الريفية، غير أن أجواء الفيلم سرعان ما تتغير فهذان الشخصان لديهما رهبة وخوف لأسبابهما الخاصة.

يسرد الفيلم قصة الرجل الذي أمضى سنوات طويلة في السجن لقتله والدته ورجلا آخر دفاعا عن شرف العائلة، وها هو يعود الآن من السجن إلى قريته ليجد أن عائلته قد رتبت له زواجا من فتاة لم يرها من قبل لإنهاء جرائم الثأر الدموي بين العائلتين، لا يبيّن المخرج وجه العروس بل يغطي رأسها ووجهها بوشاح أحمر جميل وهي ترتدي ثوب الزفاف الأبيض وتجلس خافضة الرأس، ويبدو منظرها لوحة جميلة تنتمي إلى فن عصر النهضة الكلاسيكي التشكيلي، يقوم الزوج بعد تردد طويل بكشف الغطاء عن وجه العروس الذي يتكشف عن فتاة جميلة لم تخف زينة وجهها براءة طفولتها، وهو وجه على النقيض تماما من وجه الزوج البشع، لكن الزوج وعلى الرغم من قسوة تعبير وجهه لا يبدو رجلا قاسيا، فهو يروي لها حكاية فلكلورية لكي يخفف من قلقها مثلما تعرض هي عليه مطرزات صنعتها بنفسها.

ما يميز الأحداث انها تتضمن تحولات في المواقف وردود الفعل، أنها مروية ومبنية وفق منطق مقنع ما يدل على ذكاء وبراعة الذي كتب السيناريو أيضا ووضوح الفكرة الرئيسية للفيلم لديه وبشكل خاص وضوح الرؤية الفنية.

ينتهي الفيلم بلقطة مصورة من داخل نافذة الغرفة لساحة القرية الخالية من الناس والمغطاة بالثلوج، وتكمن براعة المخرج ومدير التصوير معا في نجاحهما في تقديم مادة بصرية شديدة الجمال والتنوع داخل مكان محدود، لا يشعر فيه المشاهد بالملل، لهذا كان من الطبيعي أن يحصل الفيلم على ثمان جوائز من مهرجانات دولية في العام 2012، ذهبت معظمها لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل إنجاز إخراجي.

الرأي الأردنية في

19.01.2015

 
 

الصحافية منية بلعافية في دكتوراه بالسوربون:

كيف تتحكم الدولة في الصناعة السينمائية المغربية؟

تليكسبريس- متابعة

خلصت أطروحة الدكتوراه التي ناقشتها الصحافية والكاتبة المغربية منية بالعافية، نهاية الأسبوع بباريس، إلى أن الصناعة السينمائية في المغرب تشكل أداة سياسية في يد الدولة، تتحكم في مختلف دواليبها. وتشكل وصاية وزارة الاتصال في تقسيم للأدوار مع المركز السينمائي ولجنة الدعم، أهم وسائل ضبط مسار هذه الصناعة.

واعتبرت الأطروحة أن هذا الإطار المؤسساتي المتحكم في صيرورة الإنتاج السينمائي المغربي، يفتح الباب واسعا أمام تفشي الزبونية والمحسوبية والتوجيه السياسي والضبط من أجل عدم تجاوز "الخطوط الحمراء"، بشكل يناقض الحرية اللازمة في مجال الإبداع والفن. وأكدت أن هذا يتعارض مع مبدإ انتهاك الطابوهات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تطبع ما هو متعارف عليه في القطاع السينمائي، الذي من المفترض أن يخوض فيه الإبداع السينمائي، معتبرة أن هذا التحكم أدى بجل المنتجين والمخرجين إلى محاولة التلاؤم مع هذا النموذج، حتى يتمكنوا من الحصول عل الدعم والترخيص بالتصوير.

وكانت منية بالعافية ناقشت يوم الجمعة 16 يناير بجامعة السوربون بباريس، حول موضوع الصناعة السينمائية بالمغرب.

وحصلت بالعافية على درجة الدكتوراه الجامعية بدرجة مشرف جدا مع توصية بالنشر.

ودرست الباحثة الصناعة السينمائية في المغرب من منظور سوسيواقتصادي، حيث حللت وضعية مختلف مكونات هذه الصناعة، بدءا من مرحلة الإنتاج مرورا بالتوزيع ثم بالاستغلال.

ففي الجزء الأول قدمت الباحثة نظرة معمقة حول تاريخ السينما في المغرب مع التركيز على البعدين السوسيو اقتصادي وعلى تأثير الاستعمار ومرحلة ما بعد الاستعمار على هذا القطاع.

أما في الجزء الثاني من الأطروحة، فقد تطرقت لقضايا التوزيع السينمائي في المغرب وما يعانيه من أزمة عميقة نتيجة لعدم الاهتمام بهذه المرحلة واعتبارها مجرد وسيط يمكن الاستغناء عنه، بما يؤثر سلبا على مراحل تسويق المنتوج السينمائي وبالتالي يحد من إمكانيات الإنتاج المتواصل. وفي ارتباط بالتوزيع، ناقشت بالعافية مسألة الاستغلال سواء في القاعات السينمائية أو في وسائط أخرى كالقنوات التلفزيونية، بالإضافة لسياسة المهرجانات التي ينتجها المغرب والتي لم تنعكس بأي شكل من الأشكال على تطوير القطاع السينمائي المغربي والإبداع الثقافي والفني بل وتحولت إلى أداة لتلميع صورة الدولة وللترويج السياحي.

وفي جزء ثالث، تناولت منية بالعافية قضايا الإنتاج بدأ من التكوين مرورا بالبنيات التحتية المتوفرة، من استوديوهات وغيرها، ووضعية مهنيي القطاع وصولا إلى الإنتاج السينمائي المغربي. بالإضافة لتأثير تصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب على المنتوج الوطني ومدى استفادته منه سواء على صعيد الخبرات أو البنيات التحية وغيرها.

وقد احتضنت المدرسة العليا للسينما لوي لوميير بالمدينة السينمائية بباريس مناقشة الأطروحة. وتشكلت اللجنة من الدكتورة جوسي بيسانو أستاذة بالمدرسة العليا للسينما لوي لوميير وبالمعهد الوطني للبحث في الإعلام السمعي البصري والسينما، وهي مؤلفة عدد من الأبحاث حول تاريخ السينما. ومن الدكتور لورون كريتون، الذي يعد مرجعا دوليا في اقتصاديات السينما، وهو مدير ومؤسس المعهد الوطني للأبحاث في المجال السمعي البصري والسينما بباريس وأستاذ بجامعة السوربون، ومؤلف عدد من الأبحاث المختصة في سوسيولوجيا واقتصاد السينما. وقد اشرف كل من بيسانو وكريتون على إعداد الأطروحة.

أيضا تشكلت لجنة المناقشة من عبد الفتاح بنشنة، أستاذ بجامعة سان دوني 13، وريجان هاميس أستاذة محاضرة في جامعة إفري، وماكسيم شاينفيغل أستاذة محاضرة في جامعة مونبوليي، بالإضافة لمشيل كورتي مدير قسم التكوين في المدرسة العليا لوي ليميير بباريس.

ومن المعلوم أن منية بالعافية صحافية وكاتبة مغربية، اشتغلت في عدة منابر مغربية وعربية في الصحافة المكتوبة والسمعي بصري. اشتغلت مراسلة لقناة فرانس 24 بالمغرب لمدة سبع سنوات، قبل أن تلتحق بإذاعة مونتي كارلو الدولية بباريس. نشرت عددا من الإصدارات من بينها مؤلف " المرأة في الأمثال الشعبية" عن دار توبقال للنشر، وأزواج وأقنعة، (صان مسرحيان).

كما حصلت على عدد من الجوائز، منها جائزة أحسن تحقيق بنادي الصحافة بدبي سنة  2002، وجائزة نازك الملائكة للقصة القصيرة، المركز الثاني بالعراق (2013). كما شغلت منصب نائب كاتب عام النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وهي حاليا رئيسة مجلس النوع الاجتماعي بالفدرالية الدولية للصحفيين، ونائبة رئيسة الرابطة العالمية للنوع الاجتماعي والإعلام التابعة لليونسكو.

تليكسبريس المغربية في

19.01.2015

 
 

إتفرج يا سلام:

تأمل معي هذا المشهد من فيلم سي عمر للمخرج نيازي مصطفى

محمد الوزيري

تبدأ اللقطة الأولى وتحديداً أول ثانيتين منها بـmedium close shot لنجيب الريحاني «أي أن ما يظهر من الممثل المنطقة من الرأس إلى الصدر»، اللقطة معبرة تماماً عن حال جابر شهاب الدين المغلوب على أمره، بمعنى أنك لو لم تستمع إلى الحوار الموجود في اللقطة نفسها بينه وبين عبد المجيد ساطور/ عبد الفتاح القصري؛ ستعرف من القاهر ومن المقهور.

في هذه اللقطة جمال آخر متمثل في دخول يد القصري بسكينة الطعام، في هذا الأمر ذكاء -يربط المشهد السابق بالحال- وتشويق يجعلك تريد أن يُفتح الكادر أكثر كي ترى، وهذا ما حدث عن طريق حركة Tarck out تلاحق حركة ساطور -هدفها في رأيي تعريف جزئي للمشاهد بالمكان- تبعتها حركة Track In تُنهي اللقطة بتكوين جديد يجمع الاثنين على مائدة الطعام.

اللقطة الثانية عبارة عن ترجمة بصرية للحوار المكتوب أكثر مباشرة واستسهالاً من الأولى.. جابر يسأل ساطور عن البيت؛ فيترجم المخرج المشهد بلقطة طويلة توضح معالم البيت أكثر، الذي لا أعرف هل هو فعلاً له علاقة بأوكار اللصوص في مصر الأربعينيات أم بسينما أميركا في الأربعينيات؟! هذه اللقطة طرحت عليّ سؤالاً آخر.. هل سيكون هناك اختلاف في التأثير لو دُمجت اللقطتان الأولى والثانية مع بعضهما في Long Shot واحد والسلام؟! طريقة القطع بين اللقطة الأولى والثانية تسمى بـDissolve.

من اللقطة الثالثة وحتى الـ14 أي من الثانية 31 وحتى 2:38 تلاحق الصورة الحدث/ الفعل، ويلاحقهما الحوار أحياناً ويسبقهما أحياناً أخرى؛ فمثلاً في اللقطة الثالثة  تدور الكاميرا بوجهة نظر ذاتية أي الـPoint of view إلى جابر/ الريحاني، بالأحرى إلى عينيه وهي تلف من جديد في المكان؛ لتقدم لك معلومات جديدة عن المسروقات ومقتنيات عبد المجيد ساطور من أدوات يستخدمها في الضرب والخناق، وبالطبع عرفنا أنها  Point of view؛ بسبب رجوع الكاميرا إلى الريحاني وحده، بعدما دارت في جنبات المكان، الصورة تتابع الحدث/ دوران الشخصية بعينيها في المكان؛ فيُبنى على ذلك حوار عن هذه المقنيات وغيرها، يمتد في قطعات سريعة حتى اللقطة الـ14 أو الدقيقة 2:38.

يتركز أيضاً في هذا الحوار جوانب الشخصيتين أكثر وأكثر؛ فترى المكر أو الحيلة الذي يحاول أن يستخدمها المقهور جابر ليثني الحرامي عن مسألة العُقد، وإصرار الحرامي على هدفه وتصميمه عليه وسط استمتاعه بالأكل والشراب ومحاولات استمتاعه بصبحة جابر وتحسين جودتها ترهيباً بالسكين عندما يراه مكشراً، وترغيباً في تقديم الطعام له وحثه على الأكل.. هذا الجزء جميل فعلاً في المشهد.

من الثانية 2:39 التي بدأت منها اللقطة الـ15 بقطع رديء ولا لزوم له وحتى آخر المشهد؛ نشهد أهم وأخطر تجول لجابر في الفيلم، تحوله من مواطن طالع عينه للص يقوم بتطليع عين الآخرين بما فيهم اللصان الآخران عبد المجيد ساطور، وكوارع/ عبد العزيز أحمد، وذلك كله بسبب العلقة التي يرزعها ساطور لاثنين من معاونيه رفضا الانصياع لأوامره لسرقة إحدى الأخزاخانات، هذه العلقة تغيّر رأيه وتطفئ انفعال الشرف والمبادئ التي أطلقها في وجه القصري دون أي افتعال يلحظه المشاهد، هذا الجزء الذكي من المشهد عبارة عن لطشة على قفا نظام ومجتمع لا يوفر الحماية والحياة الكريمة لمواطنيه الغلابة الراضين بغلبهم على فكرة؛ فطبيعي أن يتحول هذا الضغط إلى انفجار، لكنه انفجار شياكة على مقاس الأربعينيات؛ فهل ما هو آتٍ أو مُحتمل من انفجارات في بلد كمصر وغيرها في القرن الـ21 سيكون بهذه الشياكة والخفة، التي تصنع أفلاماً تُضحك كثيراً رغم شجن نجيب الريحاني؟! سنرى!!

CUT

* ملحوظة:

مستوى الأداء التمثيلي للثلاثي نجيب الريحاني وعبد الفتاح القصري وعبد العزيز أحمد متميز للغاية طوال الفيلم، ونخص بالتحية والإشادة والتبجيل والذكر أداء القصري في هذا المشهد على وجه الخصوص.

- الفيلم: سي عمر

- إنتاج:1941

-الموسيقى: محمد حسن الشجاعي

- تمثيل: نجيب الريحاني ، عبد الفتاح القصري، ميمي شكيب، زوزو شكيب، عبد العزيز أحمد، شرفنطح، إستيفان روستي، سراج منير.

- سيناريو وحوار: بديع خيري، ونجيب الريحاني.

- مونتاج: نيازي مصطفى، وأحمد جلال مصطفى.

- مدير التصوير: مصطفى حسن.

- إخراج: نيازي مصطفى.

مما هو منشور أيضاً بخصوص هذا الفيلم، أن نيازي مصطفى اختلف مع بعض أعضاء فريق العمل، وترك الفيلم؛ فأخرج نجيب الريحاني ما تبقى منه من مشاهد وقد كان معظمها في النصف الثاني من الفيلم.

موقع "كسرة" المصري في

19.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)