كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

روايات «إحسان» صنعت تاريخى السينمائى

كتب : مصطفي محرم

 

على ما أذكر فقد بدأت قراءة أعمال إحسان عبدالقدوس الروائية والقصصية وأنا تلميذ فى الثانوية العامة. كان أول ما قرأت له هو رواية «شىء فى صدرى» وأذكر أننى قرأتها فى جلسة واحدة، حيث بدأت قراءتها من الساعة العاشرة ليلا حتى الثانية صباحا فى قراءة متواصلة بعد أن استحوذت علىَّ الرواية بأسلوبها الجميل وأحداثها الشيقة.

وقد دفعتنى هذه الرواية إلى البحث عن كل ما كتبه إحسان عبدالقدوس وأصبحت قارئا مداوما له. وبعد أن تخرجت فى كلية الآداب وعملت مدرسا للغة الإنجليزية فى محافظة الإسماعيلية كنت أحرص كل أسبوع على شراء مجلة «روزاليوسف» ومجلة «صباح الخير»، حيث كان إحسان عبدالقدوس ينشر فيهما رواياته مسلسلة أو حكاياته التى كان ينشرها فى الصفحة الأولى من مجلة «صباح الخير». وكانت رواياته تذكرنى بأعمال الكتاب الواقعيين والطبيعيين فى فرنسا فى القرن التاسع عشر مثل بلزاك وفلوبير وزولا.

ولشدة إعجابى بما يكتبه إحسان عبدالقدوس كنت أحلم بمقابلته والحديث معه وكنت أحرص على الدقائق التى يقول من خلالها حديثه كل أسبوع فى الإذاعة. ولم أكن أعلم أن القدر سوف يكون معى كريما إلى درجة أن أحظى بكتابة السيناريو لعدد من رواياته وقصصه للسينما والتليفزيون، حيث لم يحظ بهذا العدد أى كاتب سيناريو من الذين كتبوا له، ومازلت سعيدا بهذا الإنجاز الذى حققته وصنع مجدا لى.

كانت أول قصة كتبت لها سيناريو هى قصة «ولايزال التحقيق مستمرا» وقام بإنتاج وإخراج هذا الفيلم المخرج أشرف فهمى ومن بطولة نبيلة عبيد ومحمود ياسين ومحمود عبدالعزيز، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا إذ استمر فى دور العرض 36 أسبوعا ولم تحظ نبيلة بمثل هذا النجاح من قبل. كانت أفلامها لاتستمر فى دور العرض أكثر من ثلاثة أسابيع، ولذلك حرصت بعد هذا الفيلم على أن تكون القصة دائما لإحسان عبدالقدوس والسيناريو لمصطفى محرم فى حين تنوع المخرجون الذين قامت بالعمل معهم.

توالت بعد ذلك بالنسبة لى ولنبيلة عبيد الأفلام المأخوذة عن أعمال إحسان عبدالقدوس مثل الراقصة والطبال وأرجوك اعطنى هذا الدواء، وأيام فى الحلال، ويا عزيزى كلنا لصوص، وغيرها وكلها حققت نجاحا كبيرا وحققت مجدا لى ولكل من اشتركوا بالعمل فى هذه الأفلام. فقد كانت بموضوعاتها تعتبر نوعية جديدة للأفلام المصرية.

وأسعدنى الحظ أيضا أن أقوم بكتابة مسلسلين أحدهما عن رواية إحسان عبدالقدوس القصيرة «لن أعيش فى جلباب أبى» فإذا بهذا المسلسل يحقق نجاحا منقطع النظير ويعيد البريق للنجم نور الشريف. فقد ظل هذا المسلسل الذى رفع عبلة كامل إلى مستوى النجمات يجرى عرضه على شاشات قنوات التليفزيون فى مصر وكل الدول العربية منذ أن جرى عرضه للمرة الأولى وذلك بشكل متواصل حتى الآن منذ ما يقرب من ثمانية عشر عاما. ولايمل أحد مشاهدته بل يقبلون على مشاهدته كل مرة فى لهفة واشتياق وكأنهم يشاهدونه لأول مرة. وأذكر أن بعض النقاد كتبوا بأنه يجب أن تؤرخ الدراما التليفزيونية قبل مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى» وبعد هذا المسلسل. وأصبح كل الممثلين الذين عملوا فى هذا المسلسل نجوما وأقبل عليهم المنتجون والمخرجون.

أما المسلسل الثانى فكان عن قصة إحسان عبدالقدوس «لمن أترك كل هذا» وكان من بطولة ممدوح عبدالعليم وسمية ومن إخراج شاب جديد فى ذلك الوقت وهو المخرج باسم محفوظ ابن الكاتب محفوظ عبدالرحمن، ورغم أننى أعتبر هذا المسلسل أفضل ما كتبت لنبل قضيته ولكنه لم يحظ بالنجاح الذى حققه مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى».

كان إحسان بعدالقدوس يحرص كثيرا على أن أقوم بكتابة الأفلام المأخوذة عن أعماله ويشعر بالاطمئنان مثلما كان يحدث لنجيب محفوظ. وكنت أنا بدورى أسعد كثيرا إذا ما كلفنى أحد المنتجين بكتابة سيناريو لواحد من هذين العملاقين.

وأذكر أن آخر مرة قابلت فيها إحسان عبدالقدوس وتحدثت معه كان ذلك بمناسبة العرض الخاص لفيلم «الراقصة والطبال» وكان أن اشتد به المرض ولكنه حرص على مشاهدة الفيلم وعندما ذهبت إليه لمصافحته بعد العرض أشاد بالسيناريو واعتذر لى برقته المعهودة لأنه لايستطيع أن ينهض لمعانقتى. وكلما تذكرت هذا الموقف أجد الدموع تترقرق فى عينى.

لبنى عبد العزير: إحسان قال لى: لازم تمثلى

كتب : مصطفى ماهر

فنانة زمن الأبيض والأسود التى عاشت مع إحسان عبد القدوس أيامًا طوالاً من الصداقة النادرة والمليئة بالحياة والأمل، «بنت الجيران» التى سكنت بجوار منزل إحسان، تحدثت معنا عن العلاقة الإنسانية والفنية التى بدأت قبل دخولها عالم السينما.. قبل أن يرشدها إحسان إلى دخول مجال التمثيل- كما قالت.

جسدت الفتاة المنطلقة فى «أنا حُرة» وشاركت العندليب فى «الوسادة الخلية»، وأبدعت مع الشاب الفقير فى «هى والرجال» واختتمت شراكتها الفنية مع إحسان فى إضراب الشحاتين الذى أخرجه المُخرج الراحل حسن الإمام.

«لبنى» تحدثت إلى «روزاليوسف» وقالت إن إحسان استوحى شخصية بطلة رواية «أنا حُرة» من شخصيتها، وذلك لأن إحسان كان على صلة وثيقة بها فى ذلك الوقت، وجسد والد إحسان الفنان محمد عبدالقدوس دور والدها بالفيلم.

ما سر العلاقة الإنسانية التى جمعت بينك وبين إحسان عبدالقدوس؟

- إحسان لم يكن مُجرد جار، بل كان والدى صديقًا له ولوالده، وكثيرًا ما كان يصادفنى فى الشارع وأنا ذاهبة للجامعة قبل دخولى التمثيل ويهتم بالسؤال عنى وعن تفاصيل يومى وماذا فعلت وماذا قرأت، كان يتصل بى دائمًا فى بداية اليوم ليقول «صباح الخير»، واستمر فى متابعة نشاطى فى الجامعة الأمريكية، سواء النشاط الأدبى أو المسرحى أو الإذاعى، وحضر الكثير من أعمالى التمثيلية التى قدمتها فى الجامعة.

وما المواضيع التى كانت تسيطر على أحاديثكما؟

- السياسة والأدب أكثر الموضوعات التى كنا نتحدث فيها، فكان لدى خلفية سياسية بعد أن حاورت شخصيات عديدة فى إذاعة الجامعة آنذاك، كان من أبرزهم الرئيس الراحل أنور السادات.

وهل كانت صداقتك بإحسان سببًا فى دخولك عالم السينما؟

- كان من أهم الذين ساعدونى فى دخول مجال التمثيل فى السينما، بعد أن أستطاع المنتج السينمائى رمسيس نجيب أن يقنع والدى بالعمل فى فيلم الوسادة الخالية الذى كتبه إحسان عبد القدوس.. ودائمًا ما كان يقول لى إحسان: «عايزك تمثلى»، بالإضافة لاهتمامه بحضور ومتابعة أعمالى الفنية على مسرح الجامعة الأمريكية.

وما أكثـر الكلمات التى قالها لكِ ولا تنسينها أبدًا؟

- «إنتى طاقة كبيرة».. قالها لى كثيرًا قبل دخولى التمثيل، وأحيانًا كنت لا أفهم مقصده، فيشرح لى قائلاً: «يا لبنى انتى عاملة زى القماشة العريضة اللى ينفع يتفصل منها حاجات كتير» وكان يقصد قدراتى على التمثيل.

وما هى أكثـر المواقف الإنسانية التى لا تنسينها له؟

- كان إحسان آخر من ودعنى فى أواخر الستينيات، حين قررت الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع زوجى، وظل ذلك المشهد عالقًا فى ذهنى لا أنساه إلى اليوم، وحزنت أثناء رجوعى لمصر لأنه كان قد توفى.

وكيف كنتِ ترين إحسان الأديب؟

- كان يمثل لى أديبًا من أهم المفكرين الليبراليين فى عصره، وكثيرًا ما عبرت له عن إعجابى بشجاعته فى الكتابة والتى تفرد بها طوال حياته، بالإضافة لمشاعره ورومانسيته العالية التى تميز بها أيضًا.

وهل قرأت لأحد الكُتاب الحاليين وقلت فى ذهنك «هذا يشبه إحسان»؟

- الحقيقة أننى لا أرى أحدًا يشبه إحسان فى شخصه أو فى أدبه وكتاباته المختلفة.. «مافيش حد زى إحسان دلوقتى».

لكن ألم تنتقدى إحسان فى أى عمل كتبه؟

- أتذكر أننى كنت أحب أن أجادله وأناقشة فى رواية «لا أنام».. وكنت أقول له إن فكرة الرواية قديمة، وكان يعتبر ذلك «مناقرة» منى له.

  وسط نقاشاتكما السياسية والأدبية.. أين كانت المواقف الطريفة؟

- فى ذلك الوقت كانت اللغة العربية لدى ضعيفة، وكان إحسان حريصًا على أن يُعدل لى بعض الحروف والكلمات حتى أنطقها بالطريقة الصحيحة وهنا كانت تعلو ضحكاتنا.. وكنت أحرص على زيارته فى منزل الزوجية لأكل طبق «أم على» الذى كانت تُجيد صنعه زوجته.

  وما هى الرواية التى كنت تتمنين تجسيد دور بطلتها؟

- «الطريق المسدود».. كان المنتج سعد الدين وهبة أبرم عقد الفيلم معى لكنى لم أتمكن من القيام ببطولة الفيلم لدواعى السفر.

وما أكثـر الأفلام قربًا لقلبك؟

- «هى والرجال» الذى كتب قصته إحسان، أحبها كثيرًا، حيث الفتاة التى تحب الشاب الفقير الذى يعيش فى غرفة فى السطح، وظلت ترعاه وتظهر له كل الحب والاهتمام حتى تخرج فى الجامعة وسافر للإسكندرية، ثم تلحق به إلا أنها تُصدم بالتغيير الذى حدث له وأثر على مشاعره تجاهها وينقلب حاله ويتبرأ منها بعد أن أصبح رجلًا مهمًا.

حسن يوسف: صداقتى بإحسان بدأت بعزومة مع لبنى فى منزله

كتب : سمر فتحي

«الولد الشقى» صاحب التاريخ الطويل حسن يوسف قال إن بدايته الحقيقية فى السينما كانت عبر قناة «إحسان» الأدبية من بوابة فيلم «أنا حرة» الذى شاركته فيه البطولة لبنى عبدالعزيز، وكان سببا فى بداية صداقة طويلة وممتدة وحتى رحيل الأديب الكبير.

حدثنا عن علاقتك بالأديب الراحل «إحسان عبدالقدوس»؟

- معرفتى بـ«إحسان عبدالقدوس» بدأت من خلال فيلم «أنا حرة»، خاصة أنه أول فيلم لى ويعتبر من الأدوار المهمة للفنانة «لبنى عبدالعزيز» ولى أيضا وجسدت فيه شخصية شاب يعانى من ديكتاتورية وتسلط والده وحرمانه من موهبته فى عزف الموسيقى، ثم التقيت به مرة أخرى من خلال فيلم «فى بيتنا رجل» والذى يعد بالنسبة لى أهم أعمالى السينمائية التى شاركت فيها من خلال مشوارى الفنى.

وكيف نشأت علاقة الصداقة بينكما؟

- بعد مشاركتى فى فيلمين لـ«إحسان عبدالقدوس» هما «أنا حرة» مع «لبنى عبدالعزيز» و«فى بيتنا رجل»، فى العادة كان يقوم «إحسان» بدعوة الفنانين الذين يجسدون روايته إلى بيته وعزومتهم، ولكنى طلبت منه أن أزوره فى المجلة والتى كانت مقرها فى هذا الوقت بشارع «محمد سعيد» فى بيت قديم مكون من ثلاثة أدوار، وفى هذا الوقت تقربت منه وتعرفت على والدته السيدة «فاطمة اليوسف».. والتى رأيت فيها المرأة القوية ذات السمعة الطيبة ومن قبل هذا تعاملت مع والد «إحسان» الأستاذ «محمد عبدالقدوس» ومن هذا التعامل عرفت أن هذه العائلة عائلة مثقفة وأدبية، هذا بالإضافة إلى السهرات التى كنا نقضيها أنا و«إحسان» فى منزل «عبدالحليم حافظ» والتى كنا نستمع فيها إلى القصص الشعرية والأدبية.

باستثناء رواية «أنا حرة» و«فى بيتنا رجل» ما هى الروايات التى كنت تتمنى أن تكون أحد أبطالها؟

- لم أبحث فى روايات «إحسان عبدالقدوس» خاصة أن أبطال رواياته هى المرأة، فهو كان يحمل فكراً حول المطالبة بحرية المرأة وإعطائها جميع الحقوق التى تجعلها مثل الرجل، كما قدم روايات «النضارة السوداء» «أنا حرة» وغيرهما من الأعمال التى نادت بتحرير المرأة.

عبدالناصر قالى: أنا سمعت إنك مطلع أمى غسالة

كتب : طارق الشناوي

هذا الحوار الذى أجريته مع الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس مضى عليه 31 عاماً.. كنت أحاور الكاتب الكبير عن الحرية وكان يبحث عنها ويحكى عن المهر الذى دفعه، لكى يخطب ودها ولا نزال  جميعاً نبحث عنها ونطلب ودها.

ألم تكتب للسينما أفلاما سياسية مباشرة ؟ 

- مرة واحدة.. بفيلم (الله معنا).. أردت أن أستقبل الثورة بأداة فنية أخرى غير  القصة. ولهذا كتبت (الله معنا) مباشرة للسينما واشترك (سامى داود) فى هذا السيناريو.. ولاقى الفيلم متاعب كبيرة لدرجة أنه لم يظهر إلا بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة

هل احتجت الرقابة على بعض مشاهد الفيلم ؟!

- رحبت الرقابة بالفيلم، ولكن الأزمة التى حدثت بين جمال عبدالناصر ومحمد نجيب كانت السبب.. كان لسه نجيب فى الحكم.. 

شاهد الفيلم بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة وقالوا: لازم تشيل محمد نجيب من السيناريو، ثم يقول آخرون يجب أن يبقى  محمد نجيب، طلعت تشنيعات كثيرة على هذا الفيلم ومرة قال لى جمال عبدالناصر

أنا سمعت إنك عامل فيلم مطلع فيه أمى غسالة .

يستطرد إحسان عبدالقدوس: أنا ابتعدت عن تحديد دور عبدالناصر فى الفيلم، وجعلت البطل الذى يرمز لعبدالناصر يده مبتورة بعد أن عاد من القتال  وقد قام بدوره عماد حمدى - عشان ميباقش جمال عبدالناصر..

وأذكر أننى سألت عبدالناصر وقلت له: شفت الفيلم؟ قال: لا.. قلت: شوف الفيلم وبعدين حاسبنى. وبالفعل شاهد عبدالناصر الفيلم فى القناطر وكنت معه، واكتشف أن لا أمه غسالة ولا حاجة. وبعد أن حذف دور محمد نجيب من الفيلم أمر بعرض الفيلم على الفور، بل أصر على أن يحضر بنفسه الافتتاح. وده كان الفيلم السياسى الوحيد الذى كتبته للسينما !

ولكنك دائما تضع بعدا سياسيا فى القصص التى تقدمها ؟

- طبعا، المغزى السياسى تجده فى العديد من قصصى، مثل شىء فى صدرى، فى بيتنا رجل، الرصاصة لا تزال فى جيبى، وغيرها إنما الفيلم السياسى مش ممكن يضمن نجاحه إلا إذا كانت هناك حرية كاملة فى كتابته وإعداده.. ثم حرية كاملة فى عرضه، ولكن الرقابة دائما عنيفة جدا عندما تتعرض لفيلم سياسى.. ويكون هدفها هو قتل هذا الفيلم، ولهذا تظهر هذه الأفلام بطريقة غير لائقة

السينما تعيش واقعا أليما 

أفلامك السياسية هل تعرضت لمقص الرقيب ؟

- كل أفلامى لم تنج من مقص الرقيب، الرقابة تتغير مفاهيمها مع تغير الحاكم، مثلا أيام السادات ظهرت أفلام صريحة جدا تقوم على نقد فترة ما قبل أنور السادات، ولو كانت هذه الأفلام نقدت  أنور السادات أو الحكم فى فترة السادات لم يكن يسمح لها بالظهور.

فى رسالة الماجستير التى قدمها (عصام نصر) عن الفيلم السياسى انتهى إلى أن السينما دائما تنافق السلطة الحاكمة بنقد فترة الحكم السابقة وليست الحالية ؟!

- ليس نفاقا ولكنه واقع أليم، لا تستطيع أن تعرض فيلما سياسيا قويا كاملا ينتقد الحكم القائم فعلا الرقابة لن تسمح به.. وحتى اليوم لا نستطيع أن نعرض فيلما سياسيا   إلا عن فترة سابقة، الأفلام اللى طلعت فى نقد حكم عبدالناصر، ممكن يطلع مليون فيلم عن نقد أيام السادات، ولغاية النهارده مطلعتش أفلام تنتقد السادات

هل يواجه الكاتب الروائى نفس المحاذير الرقابية التى يتعرض لها السينمائى ؟ 

- السينمائى يواجه صعوبة أكبر.. وخصوصا فى الفيلم السياسى، السينما تعانى أكثر من الصحافة أو الكتابة الروائية لأن السينما تصل إلى الطبقة الشعبية التى لا تجيد القراءة، والمعروف أن عدد الأميين فى مصر أكبر من عدد القراء لذا تتشدد الرقابة

لهذا يلجأ كاتب القصة والسينمائى أيضا إلى الماضى لينتقده فى الوقت الذى يريد أن يقول إن هذا هو ما يحدث الآن. مثل قصة (شىء فى صدرى) التى تنتقد أوضاع ما قبل الثورة بغرض انتقاد ما حدث بعدها ؟ 

- قطعا ده موجود، كان لازم أنسب القصة للماضى، شىء فى صدرى تعنى المجتمع السياسى الذى كان قائما قبل الثورة، لكن هذا المجتمع فضلت له أذيال بعد الثورة

الرقابة بين عبدالناصر والسادات 

هل كانت الرقابة أيام السادات أقل عنفا وتشددا بالمقارنة بفترة حكم عبدالناصر ؟!

- مفيش شك، أنها أقل عنفا من أيام عبدالناصر، لكنها ظلت قائمة بشكل آخر، وهذا يعود للظروف التى أحاطت عبدالناصر والظروف التى أحاطت بأنور السادات. السادات على سبيل المثال ألغى الرقابة على الصحف اعتمادا على أن رئيس التحرير هو الرقيب وحتى اليوم لا تزال الصحافة القومية مفروضا عليها نوع من الرقابة غير المباشرة

خد عقلى وأعطنى فنك 

قلت للكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس: هل هناك تعريف معين للفيلم السياسى ؟!

- لا يوجد تعريف معين، لكن الفيلم السياسى بوجه عام هو الذى  ينقلك كحالة سياسية لا تستطيع أن تعيشها إلا إذا كانت تعبر عن واقع، ولهذا تلجأ الأفلام التاريخية التى لا تعبر عن واقع نعيش فيه حاليا، إلى قوة المناظر والتمثيل والسيناريو والحوار، ولكن إذا قدمت فيلما عن مرحلة حالية، فيجب أن تكون صريحا، وأن يمس هذا العمل واقعك مسا صريحا.. ده الفيلم السياسى من وجهة نظرى.. مثل قصة (الرصاصة لا تزال فى جيبى) كنت أمجد فيها انتصار أكتوبر 73 وحتى أكون واقعيا وأجعل الناس تتعلق بهذا الفيلم.. بدأت بالهزيمة فى 67 حتى انتهيت إلى الانتصار فى 73 ورغم ذلك لم يمر هذا الفيلم بسهولة مع الرقابة، وأنا أعتبره فيلما ناجحا لأنه واقعى وبه نقد صريح للاتحاد الاشتراكى.. الفيلم السياسى يجب أن ينقل المتفرج للحدث نفسه، زى ما أنا بقول دائما (خذ عقلى وأعطنى فنك)!

هل يوجد عندنا أدب سياسى ؟!

-لا.. لا.. الواقع أن أدب القصة ليس به متخصصون، هناك كتاب سياسة متخصصون فى هذه الناحية، لكن القصة لا تزال فنا جديدا بالنسبة لمصر حيث لم يزد عمرها على 70 عاما

فقط القصة تصدر عن إحساس وطنى وهذا الإحساس الوطنى مثلما يكتب عن «الترموايات» يكتب عن مشكلة إسرائيل لا يوجد كاتب متخصص فى القصة السياسية لكن هناك متخصصون فى المقالات السياسية.

عبدالناصر.. الرقيب الوحيد المتفتح

بعد هزيمة 67 قيل إن هناك بعض الحرية سمحت بها السلطة لامتصاص ثورة الناس،فهل انعكست هذه الحرية على الأدب والفن والسينما؟

ـــ بعد 67 لم تكن هناك حرية ولكن كان هناك بعض النقد فى حدود ضيقة ويدهشك أن الرقيب الوحيد الذى كان منفتحا ويستطيع أن يقدر ما ينشر وما لا ينشر بعد 67 هو جمال عبدالناصر نفسه، أذكر أن أى قصة سياسية أكتبها تواجه بالمنع لكن إذا قرأها عبدالناصر أفرج عنها على الفور، أذكر قصة «علبة من الصدئ المصدى» كتبتها بعد الثورة وكنت أقول من خلالها إن ما حدث أيام الملك يحدث أيضا أيام الثورة، وبعد أن ظهرت القصة فى كتاب فوجئت بأن عبدالناصر يأمر بإنتاجها فى التليفزيون.

طلب منهم أن تظهر القصة كما هى فى التليفزيون وفوجئت بأنهم يطلبون القصة وعندما عرضت القصة فى التليفزيون أخبرنى أنور السادات أن عبدالناصر استأذن منهم أثناء أحد الاجتماعات وقال «أنا طالع أشوف القصة فى التليفزيون «عشان قلتلهم ما يغيروش منها حاجة».

لماذا كانت الرقابة متشددة خلال تلك الفترة؟

ـــ جمال عبدالناصر كان شخصية متفتحة جدا، لكن أى واحد تانى يقولك أشطب أحسن لدرجة أن أحد أعضاء مجلس الأمة قدم سؤالا للمجلس عن قصة «أنف وثلاث عيون» وهذا يحدث لأول مرة فى العالم العربى كان السادات وقتها رئيسا لمجلس الأمة وقال لى إن هناك سؤالا موجها عن «أنف وثلاث عيون» قلت له: حاجة مدسوسة عليه، قال لازم أدى للمجلس حرية توجيه الأسئلة وعايزك تاخذ الموضوع ببساطة، ثم اتصل بى د.عبدالقادر حاتم وزير الإعلام ذلك الوقت الذى كان عليه أن يرد على سؤال عضو مجلس الشعب باعتباره وزيرا للإعلام وقرأ على نص الإجابة التى أعدها للرد على العضو وقال فيها إن هذا ليس دفاعا عن القصة، لكنه يرفض أن يتدخل المجلس فى أشياء من هذا القبيل.

وإذا كان لا يمكن لأحد أن يفرض قيدا على إحسان عبدالقدوس فى الكتابة، فإن الذى لا يطيق هذه الحرية عليه أن يتقدم بشكوى أو بلاغ للنيابة، بالفعل انتهى الموقف وجاء لى مقدم السؤال إلى مكتبى واعتذر لأنه لم يقرأ القصة، وقال إنه كان ضحية لعبة سياسية.

الحكيم حاول ثم تراجع

ولكن هذا الاتهام بالإباحية دائما ما يتردد ضد أغلب إنتاجك الفنى؟

ـــ أنا أحارب سياسيا بمهاجمتى أدبيا لما يقولوا عنى كاتب جنس.. أنا أعتبر نفسى أقل الكتاب فى هذه الناحية.. ودليلى على ذلك أن كثيرا من الكتاب افتكروا أن سر نجاح قصصى سببه الجنس.. وقدموا قصصا مليئة بالجنس، لكنها لم تنجح بالطبع لأنه لا يمكن أن تنجح قصة إلا إذا كانت مجردة من تعمد الجنس وأنا لا أتعمد الجنس كموضوع، أنا فقط أعطى لنفسى صراحة فى المشاهد بلهجة مهذبة.

الرقابة حاليا كيف تراها؟

ـــ حاليا لا يوجد اتصال بين الكاتب ومركز الصحافة، العنصر الوحيد الذى يسيطر على كل الصحف هو رئيس التحرير نفسه، ورئيس التحرير ممكن يمنع نشر ما لا يريد نشره، وكلنا تعرضنا لذلك حتى توفيق الحكيم. ليس بسبب تدخل الرقابة ولكن بسبب رئيس التحرير وبالطبع هذا موجود فى كل صحف العالم فرئيس التحرير هو الذى يحدد ما ينشر وما لا ينشر ولكن ما هى العلاقة بين رئيس التحرير والحكومة.. هل يخضع لها أم لا؟

لا أخفى شيئا..

عندما تكتب هل تخفى بعض أشياء حتى لا تصادر الرقابة ما تريد أن تقوله؟

- أنا من عادتى - وهذا هو ما تقوم عليه شخصيتى  - حر جدا مع نفسى، أنا منعزل بنفسى وأكتب ما أعتقد أنه صحيح وأقتنع به ولايؤثر أحد على رأيى وأتذكر فى عام 54 كنت أقدم للإذاعة حديثا كل أسبوع.

 هذا الحديث بكلمة تصبحوا على خير تصبحوا على حب، وثار بعض المتزمتين وقالوا إزاى تقولوا تصبحوا على حب، معنى كده أنه بينصح بممارسة الجنس، اتصل بى جمال عبدالناصر وقال لى: ما تغير تصبحوا على محبة، عشان تبعد الاتهام عنك، قلت لا.. لا يمكن، أنا أريد أن أضع هذه الكلمة فى موضعها الصحيح، قاللى عبدالناصر طيب زى ما يعجبك، وبعد أن قال عبدالناصر ذلك قررت أن أتوقف عن التسجيل للإذاعة منذ ذلك التاريخ وبعد ثلاثين عاما لا أزال مصرا على ذلك!

وبابتسامة ودودة حانية لم تفارق ملامحه طوال الحديث يضيف إحسان عبدالقدوس: الحب هو تبادل الإحساس بالمسئولية بين الناس كلها، أنا مسئول عنك لأننى أعطى لك حديثا وأنت مسئول عنى لأنك سوف تنشر هذا الحديث فإذا كنت أنا أحبك وأنت تحبنى فمن المؤكد أن هذا الحديث سوف ينجح. الحب هو الله والوطن والناس.

كانت هذه رحلة طوال الأسابيع الماضية مع السينما والسياسة أثارتها رسالة الماجستير التى حصل عليها «عصام نصر» المدرس المساعد بكلية الإعلام، ربما لم تكن الإجابات كافية، ربما أخفى السينمائيون بعض آرائهم.. ربما حجبوا بعض الحقائق، ولكن يبقى أن هذه أول محاولة تضع السينمائيين والسياسة على خط ساخن.

مجلة روز اليوسف في

17.01.2015

 
 

أفلام أردنية قصيرة.. هواجس وآمال تعانق تفاصيل الحياة

عمان - ناجح حسن

تنسج مجموعة الأفلام الأردنية القصيرة، التي احتفل بعرضها مؤخرا في عمان، وهي الآتية بفعل جهود شباب وشابات جدد في صناعة الافلام، عوالم لقصص وحكايات باساليب مستلة من تفاصيل يومية عادية.

القليل من تلك الأعمال، جاء وهو يمتلك الخصوصية السينمائية في بناء فني محكم، سواء على صعيد السرد أو الكتابة أو المونتاج أو في رسم الشخصيات وهي ترنو الى التأمل في اسئلة الحياة على حدود الألم والأمل.

دارت موضوعات الأفلام، التي جاء عديدها بدعم من الهيئة الملكية الاردنية للافلام في اتكاء على اشتغالات مفاهيم وقواعد واحكام السينما المستقلة، حول هموم وأحلام الذات أو في محاكاة لرغبات انسانية دائمة التطلع الى الافلات من قسوة قيود وتقاليد سائدة في الحياة اليومية.
تميّز فيلم (بدّي القي كلمة بناسا) الذي شارك في الدورة الاخيرة من مهرجان الجزيرة للافلام الوثائقية، والذي حققته مخرجته سهى اسماعيل في 37 دقيقة، بنصه ذي السيناريو المحبوك الذي يطل على أحوال بيئة اجتماعية لشريحة انسانية في احدى ضواحي مدينة الزرقاء، محوره فتى في الثالثة عشرة من العمر، يقع في شغف علوم الفلك رغم محدودية امكانات اسرته ومدرسته، الاّ انه يمتلك فراسة البحث والتأمل في اسرار الكون، كاشفا عن مجرات ونجوم بعيدة يعرضها لاصدقائه وزملائه من طلبة مدرسته من على سطح بيته مستعينا بتلسكوب بسيط جاءه هدية من شقيقته المقيمة في اميركا.

الى جوار هذا،يقضي هذا الفتى الموهوب وقته في اللهو بمكعب الذكاء، حيث ينجح بمهارة وسرعة في ترتيب المكعب خلال مدة قصيرة، الامر الذي يلفت نظر استاذ اللغة الانجليزية في المدرسة ويجعله يقيم مسابقة لمجموعة من الطلاب خلال اوقات فراغهم، بيد ان الفتى يبقى لديه حلم أن يصبح متخصصا في علوم ب الفضاء في مسعى منه لتفسير ظواهر كونية وغموض تكونها، لكن بيئته لا تتسع لحلمه الكبير أن يتحقق، حيث المدرسة والمؤسسات التعليمية تفتقر الى الامكانات اللازمة، مثلما يفتقر ايضا الى تلسكوبات حديثة تساعده في تنمية هوايته والارتقاء بها الى منحى علمي متخصص، كما انه بحاجة الى من يشد ازره ويعاضده في هوايته من بين المحيطين به، على الرغم ان هناك من اقرانه من يسخر من طموحاته، ويرون ولعه بمثل تلك الاهتمامات مادة للاستهزاء والدعابة، فهناك من يطلق عليه تندرا مسمى (آينشتاين)، كلما حاول تذكيرهم بأهمية هذا النوع من المعرفة والعلوم.

ببساطة غير متكلفة، فضلا عن تحاشى أى تعليق، يقدم الفيلم الروائي القصير (فرصة مريم) لمخرجته هنادي عليان حكايته في 14 دقيقة، حول شخصية تقدم ذاتها، بعيدا عن ثرثرة الكلام، لكن بصورة أنيقة وأداء فطن.

يسرد الفيلم الذي جالت عروضه في اكثر من مهرجان عربي ودولي، موضوعه عن امرأة خجولة تدعى مريم، تهاب المجازفات واعتادت على العيش بمفردها، فهي لا تبذل جهداً للتعرف على الآخرين.

لكن يصدف في احد الأيام، ان تجد باقة من الزهور داخل منزلها من احد المعجبين الذي يصر على اخفاء هويته، لكن مثل هذا الحدث يؤدي الى تحول شامل في شخصية مريم، التي تأخذ في التفاعل شيئا فشيئا والنظر الى الحياة بثقة واطمئنان وبهجة.

على نحو آخر يجيء الفيلم المعنون (اوتيل الزعتري) لزيد بقاعين وميس سليمان ليسلط الضوء على جوانب من الحياة الصعبة لأربعة من اللاجئين السوريين الذين وجدوا انفسهم في مخيم الزعتري بعد ان غادروا مدينتهم درعا بفعل ما تشهده من احداث عصيبة.

بذل مخرجا العمل الى انجاز عمل سمعي بصري حول معاناة البعد عن الوطن، لاناس منسيين، الا ان هذا الجهد توارى وراء صوت الراوي، الذي بدا وكانه قراءة لنص شاعري رقيق على حساب الصورة، وبالتالي جرى فيه تغييب الكاميرا وهي تتوغل فى عوالم شخوصه والقدرة على على كشف ما تعيش فيه من هواجس العزلة والانكسار والرغبة في امال بسيطة، لا تكاد تغادرهم الا بحلم العودة الى حضن الوطن.

كما جرى المزج بين ابعاد تسجيلية في خيط درامي مفعم بتلك التقنيات السينمائية طيلة 16 دقيقة، احوال هذه الشخصيات الأربعة–طفلين ورجلين – تفاصيل عيشهم داخل المخيم، في منأى عن شعارات سياسية خطابية تدور حول الأزمة السورية، مثلما احتوى على حبكة ذات نظرة فاحصة لجوهر أولئك الأربعة يلمس فيها المتلقي تعابير وتأثيرات معاناة تجربة الحرب وهي ترسم ازمتهم في واقعهم الجديد.

وبدت تجربة الفيلم التسجيلي (هيدروبونيك سلطان) 12 دقيقة لمخرجيه فراس صويلح واحمد عقيل، كانها تستشرف حلولا لمعضلة التسويق، التي ما زال علماء وخبراء ومحللون يقفون عاجزين امامها، ففي العمل هناك نبش لمشكلة الاحتكار لدى التحول الاقتصادي في السوق.

صوّر الفيلم الذي انجز ضمن مشاركة مخرجيه في ورشة تدريب اقامتها الهيئة الملكية الاردنية لصناعة الافلام والافلام التسجيلية، عن رئيس قسم في احدى الشركات الكبرى، يتطلع الى التحرر من قيود الوظيفة والروتين اليومي التي تقف حجر عثرة امامه في الانطلاق والارتقاء والانخراط في عوالمه الخاصة، ويمضي في مشروعه الزراعي الخاص الذي يعمل على انتاج محاصيل زراعية بالتنقيط المائي يوفر الكثير من الجهد والمال والطاقة والثروة الطبيعية، قبل ان يصطدم بمعوقات وتحديات السوق، الذي يصادر عليه جهوده ويزيد في محنته وهو المواطن رب الاسرة الذي يتطلع الى تحسين تلك النمطية السائدة النساء في جني محصول زراعي مبتكر بأقل التكاليف.

ميزة تلك الأفلام التي غاب عنها فيلم المخرجة ديما دعيبس المسمى (انتفاضة) لاشكاليات تقنية، والذي تبلغ مدته 9 دقائق عن مواجهة بين محقق إسرائيلي يعمل في المطار، وامرأة فلسطينية لدى محاولتها العودة الى الوطن آتية من اميركا حسب ما ورد في البيان الصحفي للفيلم، انها تبتعد عن المباشرة والتسطيح الغالب على كثير من الاشتغالات الاولى للشباب، فهي تبرز جوانب جريئة الاساليب والرؤى والافكار كان من الممكن أن تاخذ موقعها الى جوار تلك الاعمال المكرسة التي عانقت اسئلة الواقع المبثوثة في احراش الحياة ومفردات عناءها، فيما لو توافر لها الحد الادنى من إرادة التجريب والامكانات المتاحة.

الرأي الأردنية في

17.01.2015

 
 

محمد السبكي يربح دائماً!

محمد عبد الرحمن

لم تكتف أسرة فيلم "ريجاتا" (إنتاج محمد السبكي، كتابة وإخراج محمد سامي) بقصّ شعر إلهام شاهين إحدى بطلات الفيلم، الذي تبين لاحقاً أنّه مجرد خدعة بصرية باستخدام "باروكة صلع". تواصلت حملة الدعاية المكثفة للفيلم بالأسلوب نفسه المتبع في معظم أفلام الأخوين أحمد ومحمد السبكي أي إثارة الضجة حول البرومو قبل التنصل منه والتأكيد على الالتزام بقرار الرقابة على المصنفات الفنية. البرومو أثار ردود فعل كثيرة في الأوساط المحافظة بسبب الألفاظ التي يعتبرها الغاضبون خادشة للحياء.

الفيلم الذي يؤدي بطولته محمود حميدة وعمرو سعد وفتحي عبد الوهاب وإلهام شاهين، يدور في الأجواء الشعبية حيث الفقر والجهل وانتشار الجريمة بكل أنواعها. الخلطة السبكية المعروفة كانت تنجح من قبل من دون ضجة تسبقها. لكن برامج الـ «توك شو» باتت تنتظر تلك الأفلام بلهفة لتدشين حملات ادعاء الحفاظ على الأخلاق بهدف زيادة نسبة المشاهدة، والمستفيد في النهاية هم أصحاب الفيلم عبر الترويج المجاني له بتصعيد القضية ثم التهرب من مقدماتها كما فعل صناع "ريجاتا" الذين نفوا علاقتهم بالبرومو المنتشر عبر الإنترنت. وأكّدوا أنّ بعض اللقطات سُرقت من المونتاج وأُقحمت في البرومو. وهو أمر لم يحدث من قبل في حملة دعائية تسبق عرض فيلم مصري جديد. كما أنه من المعروف أن لمحمد السبكي تحديداً القدرة على التصدي لمن يسطون على نسخ أفلامه إلكترونية، فكيف حدث السطو على لقطات من عملية المونتاج التي لا تهم الجمهور في شيء؟ وما يؤكد أن الضجة مفتعلة هو تصريح لعبد الستار فتحي رئيس الرقابة على المصنفات الفنية يؤكد أن الرقباء حددوا ثلاث لقطات «خادشة للحياء» وطلبوا من المنتج حذفها قبل التصريح بعرض الفيلم، وأنه وافق على ذلك. وأكد فتحي أن الرقابة ستتابع بدقة مدى استجابة السبكي لحذف اللقطات الثلاث من كل النسخ قبل التصريح بعرض الفيلم تجارياً. بالتالي، فإن أزمة الفيلم لم تكن مع الرقابة وفق كلام فتحي وإنما في عودة الجدل مرة أخرى حول أحقية صناع الفيلم في تخطي الخطوط الحمر للأوساط المحافظة. وكعادته فتح الإعلامي وائل الإبراشي باب الجدل الأول حول الفيلم واستقبل اتصالات من كل الأطراف مرتدياً عباءة النائب الجمهور ناقلاً اتهامات الناس لصناع الفيلم. اتهامات رفضها بطله عمرو سعد مشدداً على أن تاريخ الفنانين المشاركين في بطولة "ريجاتا" لا يسمح لهم بتقديم أفلام هابطة أو «خادشة للحياء» فيما اشتبك محمد السبكي لفظياً مع الإبراشي مقدم برنامج «العاشرة مساء» على «دريم 2» وانتهت المداخلة الهاتفية بينهما بغلق السبكي الهاتف في وجه الإبراشي لتزيد الضجة المفتعلة حول الفيلم الذي لم يصل إلى الجمهور بعد.

الأخبار اللبنانية في

17.01.2015

 
 

رحيل فتيحة بربار.. سنوات الحلم الجزائري

الجزائر ــ عبد الرزاق بوكبة

كان أمس الجمعة آخر يوم في حياة الممثلة الجزائرية فتيحة بربار التي بدأت عام 1945 في حي القصبة في الجزائر العاصمة، وهو العام الذي شهد مجازر أيار/ مايو التي حصدت 45 ألف شهيد؛ أي أن طفولة الفنانة كانت مُعدّة منذ البداية للنزوع نحو خطاب الحرية والاستقلال.

هذه النزعة جعلتها تتمرَّد على النظرة المحافظة لأسرتها في ما يتعلق بالفن، وتعلن عن موهبتها في الغناء والتمثيل عام 1959، عندما التقاها عرّاب الفنانين الشباب محي الدين باشتارزي، وقدّمها على الخشبة، بالموازاة مع التحاقها بفرقة رائدة الغناء الشعبي فضيلة الجزائرية.

جمعت الفنانة مطلع ستينيات القرن العشرين، بين الدراسة في المعهد البلدي للمسرح، وجمع الأدوية خفية لمجاهدي الثورة، والتمثيل إلى جانب وجوه كبيرة مثل كلثوم ونورية وعلي عبدون، وهو ما جعل المخرج مصطفى بديع يختارها لتمثل في فيلمه "أمهاتنا" عام 1965.

الكفاءة التي أظهرتها في المسرح والسينما جلبت لها عروضاً نوعية منها مسرحية "بني كلبون" لولد عبد الرحمان كاكي الذي كان واحداً من أعمدة المسرح الاحتفالي في الجزائر، وفيلم "المرأة المثالية" لفاروق مزران عام 1969.

"كان حضورها مميزاً في مسلسلات وأفلام رسخت في الذاكرة الشعبية"

مطلع السبعينيات، كانت بربار قد أصبحت نجمة، وتكرست هذه النجومية من خلال مسلسل "أحداث متنوعة" لمحمود عصمان عام 1973، ثم من خلال الثنائي الذي جمعها برائد الكوميديا الشعبية أحمد عياد المعروف برويشد (1921 ـ 1999)، ووفاء لهذه الشراكة بادرت بربار إلى تأسيس جمعية "أحباب رويشد" عام 2001.

لم ينس الجزائريون الوجوه التي رافقتهم من خلال الشاشة، سنوات العنف المسلح في تسعينيات القرن الماضي، حين كانت الحياة تتوقف عند الساعة الخامسة، ومن هذه الوجوه فتيحة بربار التي كان حضورها مميزاً في مسلسلات وأفلام رسخت في الذاكرة الشعبية، مثل "عايلة كالناس" لعمار تريباش و"الكاتبة والغزالة" لجمال فزاز.

مطلع القرن الوحد والعشرين، انتقلت الفنانة إلى خوض تجربة في الأفلام الطويلة، شارك معظمها في مهرجانات وازنة في الخارج، منها فيلم "العالم الآخر" لمرزاق علواش، حين التقت بوجوه جديدة، كانت تقول عنها إنها تمثل أمل المسرح والسينما في الجزائر.

هذه العلاقة الحميمة التي تجمعها مع الوجوه الجديدة من المسرحيين والسينمائيين، تجلت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي اشتعلت بصورها معها، وسرد الذكريات والمواقف التي جمعتها بها، أثناء فترة علاجها في باريس، ومباشرة بعد إعلان خبر رحيلها.

يقول لنا فتح النور بن إبراهيم المكلف بالإعلام في "المسرح الوطني الجزائري" إن الفقيدة، رغم أنها تركت الخشبة منذ مدة، إلا أن الجمهور ما زال يتذكر حضورها مثلاً في "جحا والناس" لمحمد بن قطاف، و"أغنية الغابة" لحميدة آيت الحاج.

فتح النور أشار إلى أن الجيل الجديد من الفنانين وجد في الفقيدة الحب الحقيقي للفن، والرغبة الصادقة في تشجيع أهله، إذ وضعت الفنانة "خبرتها وعلاقاتها في خدمة الوجوه الجديدة، ولم يحدث أن رأت فيها منافسة أو بديلاً لها".

روشميا: قصة بيت في أطراف حيفا

أحمد باشا

لا ينتهي المخرج سليم أبو جبل من تركيب الجملة السينمائية في شريطه التسجيلي "روشميا" (2014) حتى تداهمه جملة أخرى، تفرض إحداثياتها وشروطها ريثما تلقى مصير سابقتها، وهكذا دواليك. في هذا العمل، تبدو اللغة البصرية عند ابن الجولان السوري المحتل على مشارف الإصابة بالزهايمر، يفتنها كل ما هو ماضٍ في هذه اللحظة، ليس بوصف الماضي حدثاً منتهياً بقدر ما هو أداة ناجعة لقتل الزمن.

يمهّد أبو جبل لإعلان نهاية حكاية طويلة: يعيش أبو العبد وزوجته منذ عام 1956 في بيت من الصفيح، في وادي روشميا، على أطراف مدينة حيفا الفلسطينية. هناك، أسّس بطلا الفيلم حياة كاملة ومستقلة عن العالم الخارجي، وسبق لعدد من الصحافيين أن زاروهما وكتبوا عن وضعهما.

يغوص شريط "روشميا" في فضاء شخصياته راصداً الأيام الأخيرة لبطليه في هذا المكان، بعد قرار محكمة سلطات الاحتلال بإخلائه لصالح أنفاق ستشيّد فيه. هكذا، يقدّم الفيلم ارتباكهما قبل تركهما المنزل، الموجود في العراء من دون كهرباء أو ماء أو اتصالات، حيث عاشا أكثر من نصف قرن. تبدو الزوجة أكثر تقبلاً لقرار الهجرة، بخلاف أبو العبد الذي لا يجد أي معنى لحياته بعيداً عن بيته المُشيّد بألواح الصفيح وإطارات السيارات والخردة.

"تنزاح فكرة البطولة الفردية لصالح بطولة أخرى عنوانها المكان"

تدريجياً، ومع اقتراب الموعد المحدد لإخلاء الدار، تتصاعد حدة النقاشات بين العجوز وزوجته، وتنزاح فكرة البطولة الفردية لصالح بطولة أخرى عنوانها الأوسع المكان، أو بشكل أدق لصالح علاقة الشخصيات بالمكان. أبو العبد المقاتل في 1948، والمصاب بأعيرة نارية، والمعتقل لدى الاحتلال عام 1949، تختلط دموعه مع ازدياد تواتر صوت الجرافات والشاحنات التي تنذر بما سيحدث.

رغم مأساوية الحكاية التي اشتغل عليها المخرج، إلا أنه استطاع أن يرصد لحظات كوميدية تتصارع فيها عوامل القهر بطرافة الشخصيات، لا سيما في تصوير الشجارات بين الزوجين وقرارهما الانفصال.

تتعاقب وتتقابل مشاهد الفيلم، بشكل متواز، بين داخل البيت وخارجه، إلا أنها لا تسعى إلى إظهار اختلاف بين الفضائين من حيث إنارتهما وحركة الشخصيات في كل منهما. الاشتغال ينم عن رؤية إخراجية مستقاة من حياة البطلين اللذين صار الداخل خارجاً لهما، والعكس صحيح أيضاً.

يمكن اختزال مقولة الفيلم بلوحة ضخمة رسمها أبو جبل عبر حركة شاقولية للكاميرا من أسفل الكادر إلى أعلاه: الوادي وبيت الصفيح في الأسفل، وفوقهما طريق عليه شاحنات وجرافات لا تتوقف عن العمل، وأعلى الطريق تلة عليها بنايات حديثة. بمرارة، تنتصر رمزية اللوحة في المشهد الأخير عندما تحضر الشرطة الإسرائيلية وتبدأ الجرافة بإزالة بيت أبو العبد، بينما يقف هو وقفة الملك لير راثياً "مملكته"، تتداخل في مشهد وقفته الأخيرة شتائمه للاحتلال مع صوت الجرافة. وينتهي الفيلم بصورة الركام بعد أن أنجزت الجرافة مهمتها في دقائق معدودة.

العربي الجديد اللندنية في

17.01.2015

 
 

فطين عبد الوهاب رائد الفيلم الكوميدي في مصر في كتاب جديد

24 ـ محمد هاشم عبد السلام

ينقسم كتاب المؤلف والناقد السينمائي أشرف غريب، "فطين عبد الوهاب: رائد الفيلم الكوميدي في مصر"، الصادر عن ضمن سلسلة مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي، إلى خمسة فصول، على امتداد مائة وخمسين صفحة، جاءت عناوينها على النحو: "سنوات النشأة والتكوين"، "سنوات العمل والنجاح: فطين وسينما الخمسينات، فطين وسينما الستينات"، و"أفلام في حياته"، ثم "أسلوب المخرج"، وأخيرًا "قائمة أفلام فطين عبد الوهاب".

"إذا استثنينا المخرجين الأجانب "ليونار لاريتش" و"بونفيللي" و"كارل بويا"، فهل يصح أن نعتبر أياً من "محمد بيومي" أو "ستيفان روستي" – رغم أصوله الأجنبية – رائدا الفيلم الكوميدي في مصر؟ إجابة هذا السؤال تقودنا إلى سؤال آخر عن معنى كلمة ريادة، ومن هو الذي يستحق لقب رائد؟" انطلاقاً من هذين السؤالين المهمين اللذين طرحهما المؤلف في سياق المقدمة، يبرز دور هذا الكتاب المتميز الذي حاول أن يضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بصميم الكوميديا المصرية، ومَن مِنَ المخرجين كان الأقرب في الإمساك بروحها في أفلامه، أي بالفعل صاحب التميز وليس السبق الزمني، والتميز يأتي بطبيعة الحال من مفارقة السائد وحجم الإنجاز وتراكمه والأثر الذي يتركه صاحبه في مجاله وصولا إلى مرحلة التفرد.

ومن هنا يأتي اختيار مؤلف الكتاب للمخرج الراحل فطين عبد الوهاب، صاحب السبعة وخمسين فيلماً سينمائيًا، والتي يميل القاسم الأعظم منها للنوع الكوميدي الصرف، والمحفورة كادراتها ولقطاتها ومشاهدها، التي طالما أضحكتنا، في قلوبنا وعقولنا. وليس الرقم فحسب هو ما يعوّل عليه، بل تراكم الأعمال الناجحة التي لم تفقد قدرتها بعد على إضحاكنا حتى يومنا هذا، وتلمس بها أسلوباً مميزاً ونجوماً متألقين. وقد استوعب فطين عبد الوهاب الثقافة السينمائية بمفهومها الواسع وهضم الشخصية المصرية الميالة إلى الفكاهة، فأضحكها كما لم يضحكها غيره، وسخر منها كم لم يفعلها آخر، وعليه، فقد أحب المصريون أفلامه، وقدّر المتخصصون أعماله حتى لو لم يعطوها حقها الوافي من النقد والإبراز.

يتناول الفصل الأول من الكتاب، "سنوات النشأة والتكوين"، بدايات المخرج فطين عبد الوهاب منذ ولادته في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1913 في مدينة دمياط الساحلية بمصر، وحتى رحيله في الثاني عشر من مايو عام 1972 بمدينة بيروت بلبنان. وعلى النقيض من شقيقيه الأكبر "سراج منير" "وحسن"، اللذين أحبا السينما منذ نعومة أظفارهما، فاتجه سراج للتمثيل وحسن لدراسة الإخراج بألمانيا، لم يكن المخرج فطين عبد الوهاب مهتمًا بالمرة بفن السينما ولا بالعمل فيه لا أمام الكاميرا ولا خلفها.

وقد استغرق الأمر منه سنوات عدة وتجارب كثيرة فاشلة، من التحاق بكلية الزراعة ثم تركها والتوجه للفنون الجميلة كي يدرس الرسم والعمارة ثم الاكتفاء من التعليم وتركه بالمرة، والاتجاه للوظيفة الحكومية في مصلحة الجوازات لفترة من الوقت، ثم التخرج في الكلية الحربية، حتى تقرّبه أكثر من السينما وكتابته ونشره للنقد السينمائي، وذلك كله قبل أن يُحدد أن وجهته الأساسية والنهائية ستكون الإخراج للفن السابع. وكان هذا في عام 1944، عندما قرر ترك الحياة العسكرية والاستقالة من الجيش، بوازع من شقيقيه، والتعرف على والانخراط في زمرة أصدقاء شقيقيه من المخرجين.

ولا شك أن الظروف العالمية والمصرية، بعد انتهاء الحرب، في تلك الفترة، لعبت دوراً هاماً في غزارة الإنتاج السينمائي والاستثمار في صناعة السينما، ومن ثم ظهور مخرجنا فطين على الساحة الإخراجية، في وقت كانت السينما المصرية تنتج أكثر من خمسين فيلماً في العام، وتشهد كل عام ظهور خمسة أو ستة مخرجين جُدد على الساحة، منهم من اقتحم المجال السينمائي على سبيل المغامرة ولم يصنع سوى فيلماً واحداً فحسب، ومنهم من استهوته المغامرة وشق طريقه وصنع لنفسه اسمًا، ومنهم مخرجنا الذي أخرج على مدى مشواره المهني الممتد لأربعين عاماً تقريباً، 89 فيلماً روائياً طويلاً، بمتوسط يزيد عن فيلمين في العام تقريباً، وفي نوعية بعينها تخصص فيها المخرج وهي الكوميديا. وكان أول ظهور إخراجي لفطين مع فيلمه الأول "نادية" عام 1949.

ينتقل المؤلف قبل اختتام الفصل الأول ليرصد لنا تحت عنوان فرعي "مشكلة الفيلم الأول"، وهل هو فعلاً فيلم "نادية" الذي عرض بالفعل عام 1949 أو فيلم "جوز الأربعة" 1950 الذي ذكر المخرج عرضاً في إحدى المقابلات أنه أول أفلامه وسار الجميع على هدى تلك المعلومة ولم يتقفوا أثرها، وبذلك فإنه يزيل بعض اللبس الذي استمر طويلا حول هذا الأمر. ثم يتناول الناقد الفيلمين بالتحليل والنقد.

ينقسم الفصل الثاني، "سنوات العمل والنجاح"، إلى عنوانين فرعيين جاءا على النحو التالي: "فطين وسينما الخمسينيات" و"فطين وسينما الستينيات". بعدما رصد المؤلف خريطة الطيف السينمائي في مصر مع نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات لحظة ولوج فطين عبد الوهاب لعالم الإخراج السينمائي، وأطلعنا بدقة على المشهد السينمائي آنذاك، راح يشرح لنا كيف استفاد فطين من عدة تجارب سينمائية في مطلع الخمسينيات لم تكن على المستوى المطلوب، وكيف استوعب الدرس وشرع مع فيلمه الثامن "الآنسة حنفي" (1954)، في إلقاء أول قنابله السينمائية التي تصنفه بين المخرجين الكبار لينطلق بعدها قطاره الإبداعي دون أن يتوقف عن إتحاف جمهوره ليس بفيلم جيد أو آخر فحسب، بل بسلسلة حملت اسم الراحل العظيم إسماعيل ياسين، وهي "إسماعيل في الجيش، والبوليس، والأسطول" وغيرها، إضافة إلى الروائع الكوميدية الأخرى التي حملت اسم بطلها في تقليد جديد على السينما المصرية، مثل "مغامرة إسماعيل ياسين، وعفريتة إسماعيل ياسين، وإسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة" وغيرها. بإجمالي أفلام بلغت ثلاثة وعشرين فيلمًا قدمها فطين في الفترة ما بين أعوام 1949 و1959، كان نصيب إسماعيل ياسين منها اثني عشر فيلمًا. ثم يختتم المؤلف هذا الجزء برصد أهم الملامح المميزة لسينما فطين في تلك الفترة.

ثم ينتقل بنا مع الجزء الثاني من الفصل الثاني إلى الأفلام التي أنجزها فطين خلال فترة الستينيات، وكيف حدث تغيرًا ملموسًا في عالم الكوميديا في السينما المصرية وتفاعل الجمهور معها، ومن قبله الممثلين المؤدين لتلك الأدوار وحتى طال عناوين الأفلام نفسها مثل، "الزوجة 13، وعائلة زيزي، واعترافات زوج، ومراتي مدير عام، وعفريت مراتي" وغيرها من الافلام التي راحت تُشكّل ذوق الجمهور في مصر والعالم العربي.

ويركز على كيفية رسم فطين لخريطة ممثلي الكوميديا في الستينات، وكيف تحول للعمل مع أكثر من ممثل كوميدي غير إسماعيل ياسين، وكان على رأسهم فؤاد المهندس، برصيد خمسة أفلام، وأنه هو أعاد اكتشافه ودفعه للصدارة. كما أنه أول قدّم الثنائي فؤاد وشويكار لجمهور السينما، وبالطبع حسن فائق وعبد المنعم إبراهيم، بل وغامر حتى مع يوسف وهبي وفريد شوقي كممثلي كوميديا. وقد تخلى فطين خلال تلك المرحلة من عمله عن البعض مثل، عبد الفتاح القصري ومحمود شكوكو واستيقان روستي وزينات صدقي وعبد السلام النابلسي. بعد ذلك، يختتم المؤلف أشرف غريب الجزء الثاني والفصل الثاني بالتوقف عند أهم ملامح المرحلة الثانية في سينما فطين عبد الوهاب.

الفصل الثالث، "أفلام في حياته"، يتوقف فيه المؤلف ليتناول مجموعة من الأفلام المفصلية في مسيرة فطين السينمائية بالنقد والتحليل وذلك تحت عناوين فرعية لافتة وذات دلالات هامة شارحة مثل، "نادية... لا شيء غير الاسم"، و"جوز الأربعة... الفيلم الجيد في الزمن الخطأ"، و"بيت الأشباح... الطرق إلى النجاح"، و"الأستاذة فاطمة... روميو وجولييت بالمصري"، "الآنسة حنفي... نقطة التحول"، و"إشاعة حب... أخيرًا فعلها"، و"الزوجة 13... استسلام شهريار"، وغيرها الكثير من العناوين الفرعية التي تناقش أفلامًا هامة وكان آخرها "أضواء المدينة... مشهد النهاية". ومعه يختتم المؤلف هذا الفصل وأفلام فطين، التي كان آخرها هذا الفيلم، الذي رغب بعده في السفر إلى روما لدراسة إخراج الأوبرات والأوبريتات وذلك في كورس مكثف لمدة ستة أشهر كي يحدث نقلة أخرى في مساره المهني، لكن القدر لم يمهله.

يتعمّق الفصل الرابع، "أسلوب المخرج"، في تناوله النقدي لأفلام فطين على نحو سينمائي تقني، وذلك تحت العناوين التالي: ما قبل مقدمة الفيلم، ومقدمة الفيلم، واللقطة الأولى، والتعامل مع زمن الأحداث، وطبيعة الصراع، والتصوير والإضاءة، والألوان، وكوميديا الموقف والإفيه، والتنكر والشبيه صوتًا وصورة، والخدع السينمائية، والحلم والصوت الداخلي، والمعارك ومشاهد الحركة، والتقابلات والثنائيات، والخطب العصماء والمرافعات، وتنفيذ الأغاني والرقصات، واستخدام الموسيقا التصويرية، وأخيرًا مشهد النهاية، ثم يختتم الفصل بمجموعة من أهم الأقوال والحكم التي وردت في أفلام فطين عبد الوهاب.

وأخيرًا، يأتي الفصل الخامس، وهو عبارة عن قائمة بأفلام فطين عبد الوهاب، مُددقة ومُفصلة، اعتمد فيها المؤلف على مقدمات أفلام فطين، وكذلك ملفات المركز الكاثوليكي المصري للسينما.

موقع "24" الإماراتي في

17.01.2015

 
 

كيف تتفاعل نجمات التمثيل مع الشخصيات التي يجسدنها؟  

الأدوار في حياة الممثل مثل الخبز في حياة الأشخاص، فبدونها لا يستطيع العيش وبفضلها يحقق ذاته ويبيّن قدراته وإمكاناته... لذا يتفاعل معها ويندمج مع بعضها إلى حد يجد فيه المشاهدون التباساً بين الواقع والتمثيل، فيدفع أحياناً ثمن الدور الذي يؤديه، خصوصاً إذا كان شريراً، إذ قد يظن البعض ان الشر من طبيعة الممثل، ويصل به الأمر إلى حد كرهه

في المقابل، تؤدي الشخصية التي يجسدها الفنان دوراً إيجابياً بالنسبة إليه، وذلك من خلال مساهمتها في تغيير الكثير من طباعه في الواقع، وتهذيب مشاعره، فيبدو بعد انتهاء التصوير كأنه ولد من جديد

هنا مجموعة من الممثلات في العالم العربي يتحدثن عن تفاعلهن مع شخصيات جسدنها.

رسالة حقيقية وهادفة

فادي عبدالله

زهرة الخرجي

{أطلق مسلسل «مدينة الرياح» (عُرض عام 1988 على شاشة تلفزيون الكويت)  شهرتي، وشكل أول بطولة حقيقية لي في الدراما التلفزيونية»،  تقول الفنانة المتألقة زهرة الخرجي، إذ  جسدت فيه شخصية حيزبونة، شيطان على هيئة امرأة عجوز شمطاء تتحول إلى فتاة جميلة.

تنشر حيزبونة وشقيقها علقم (خالد العبيد) ووالدهما الحيزبون الأكبر (ماجد سلطان) الفتنة والفساد في المجتمع من خلال التأثير على الشاب الطيب عجاج (عبدالرحمن العقل)،  وما زالت تلك الشخصية تحقق صدى طيباً حتى اليوم.

تضيف أن أكثر أدوارها نجاحاً تلك التي أدّتها في مسلسلات: {القرار الأخير} (1997)، {درات الأيام} (1998)، {دروب الشك} (1999)، {جرح الزمن} (2001)، فضلا عن دور الشقيقة الكبرى في {يوم آخر} (2003)،  خصوصاً أنه مع الثلاثي الناجح: المؤلفة المبدعة وداد الكواري، الفنان الكبير عبدالعزيز جاسم، والمخرج المتميز أحمد المقلة، معتبرة إياه نقلة مهمة في مشوارها الفني، وهو أول مسلسل خليجي بطولته نسائية ويجمع هذا الكم من الممثلات.

أما دورها الرومنسي في {كريمو} فيشكل محوراً رئيساً ونقلة لأحداث المسلسل،
إذ أضافت من خلاله بصمة جديدة على رصيدها الفني، شاكرة الفنان داود حسين لاختيارها لتجسيده.

كذلك أبدت سعادتها بنيلها لقب أفضل ممثلة في الدراما الرمضانية عن دوريها في مسلسلي {ثريا} و{للحب كلمة}، من خلال تصويت الجمهور، وتكريمها الرسمي في {مهرجان أيام المسرح للشباب العاشر}.

عبير الجندي

«ليس من الضروري أن تعكس الشخصيات الدرامية التي جسدتها ملامح من شخصيتي في الواقع، يجب أن يفصل المتلقي بين الاثنين، سواءً في التلفزيون أو المسرح أو الإذاعة أو السينما»، تشير الفنانة د. عبير الجندي، لافتة إلى أنه من الأهمية بمكان الفصل بين الأدوار المتميزة  التي يؤديها الفنان في الدراما وشخصيته الحقيقية.

تضيف أن ثمة أدواراً محببة إلى قلبها، أدتها بمصداقية كي تصل إلى المشاهدين، وتحمل رسالة إيجابية، من بينها الشخصية التي جسدتها في مسلسلي «جرح الزمن» و{الحريم»، وتتمحور حول امرأة ضعيفة وحزينة، مكسورة الجناح ومكتئبة، لافتة  إلى الجهد المبذول في أدائهما، والصعوبة في تحويل الشخصية المكتوبة على الورق إلى شخصية نابضة بالحياة لها مشاعر وأحاسيس، لكن ردود الفعل والأصداء الطيبة بددت كل هذا التعب. المحامية في «نقطة تحوّل»، أحد أبرز أدوارها، إذ تجسد شخصية امرأة تدافع عن بيتها، حكيمة، تحمل فكراً، وشخصية الشيخة مريم في «إخوان مريم»، الأقرب إلى قلبها. تعتز بمشاركتها في «باب الفتوح» إخراج أحمد عبدالحليم، وتجسد فيه شخصيتين متناقضتين هما سارة اليهودية والمرأة المناضلة.

كذلك تفتخر بأدائها في مسلسل «الدار»، خصوصاً مشهد الحوار بينها وبين الأم (أمينة القفاص) التي تركها ابنها على باب دار المسنين وهرب، لافتة إلى أنه بعد عرض المسلسل عمدت إحدى النساء  المتزوجات إلى إخراج والدتها من دار المسنين، مؤكدة أن هذه رسالة الفن الحقيقية والهادفة.

حنان المهدي

«معظم مشاركاتي في مهرجانات «أبو الفنون» متميزة، وتحتل موقعاً مهماً في مشواري المسرحي»،  تؤكد حنان المهدي موضحة أنها تبحث دائماً عن أدوار جديدة، كي لا تدخل في دائرة التكرار، خصوصاً أنها تحبذ المشاركة في أعمال نوعية، بعيداً عن المسرح التجاري، ومشيرة  إلى أن نجاحها فيها، جعلها تشعر بالخوف، لذا تسعى إلى أدوار مختلفة، لكن ضمن إطار التميز، حتى لا تهدم ما بنته في أعمالها السابقة مثل «مونولوج غربة».

تعتز بدور «الليدي ماكبث» الذي أدته منذ ايام في مسرحية «من منهم هو؟» لفرقة المسرح الشعبي على هامش «المهرجان العربي للمسرح» في المغرب.

كذلك  تثمن مشاركتها مع مسرح الشارقة الوطني في «صهيل الطين»، إذ جسدت شخصية  ابنة تعيش في سجن والدها الطاعن في السن، وهو قبو لصناعة التماثيل، مكبلة بسلاسل طغيانه وجبروته واستبداده، محرومة من شمس الحرية.

تضيف أن سعادتها لا توصف عندما يتوج الأداء اللافت بجوائز، على غرار نيلها جائزة أفضل ممثلة واعدة في مهرجان الكويت المسرحي الثامن (2005) عن دورها في {الهشيم} لفرقة المسرح الكويتي، وأفضل ممثلة دور أول في الدورة الحادية عشرة من المهرجان نفسه عن دورها في {طقوس وحشية} للمسرح الكويتي، وأفضل ممثلة دور أول في مهرجان الخرافي المسرحي السابع 2010 عن دورها في {دماء بلا ثمن} لفرقة مسرح الشباب.

بين التطابق والتناقض

بيروت  -   ربيع عواد

رولا حمادة

{ثمة مدرستان في التمثيل، واحدة تنادي بالغاء الذات خدمة للشخصية وأخرى تنادي بأن ينطلق الممثل من أحاسيسه لتجسيد الشخصية مع تعديلها وتغييرها بما يتناسب مع الدور}، توضح رولا حمادة التي تميّزت بأدوار اختارتها بعناية ودقة، ولا تتوانى عن الاحتجاب بعد  الانتهاء من أي عمل لها، في حال لم تجد دوراً يستحق مسيرتها الدرامية المشرقة، مؤكدة: {لا أقبل إلا بالدور الذي يرضيني معنوياً وفنياً}.  آخر أدوار حمادة {دينا} و{ديانا} في مسلسل {جذور}، و{ياسمين} و{قمر} في مسلسل {وأشرقت الشمس}.  تعتبر أن {ياسمين} صورة عن المرأة القوية المناضلة، وهي تشبهها لناحية تحمّل المرأة مسؤولية كبيرة في حياتها من دون أن يدرك الآخرون ذلك،  تضيف: {شخصيتي في هذا العمل تشبهني كونها قوية حيناً ومنكسرة حيناً آخر، إنما بذكاء، كالعشبة التي تميل مع الريح ولا تنكسر}.  تتابع أنها تتحمس لتجسيد شخصية المرأة القوية المناضلة، لأن ثورة تتأجج في داخلها وتقول: {المرأة هي من يبني العائلة ومن خلالها يُبنى المجتمع، إنها الأم التي تزرع العنفوان والكرامة في قلوب أولادها لينشأوا على الشهامة وعزة النفس، ورفض اغتصاب الغير لأرضهم وبيتهم وكرامتهم}.  تشير إلى استحالة أن يؤدي الممثل أدواراً تشبه شخصيته الحقيقية، بل يكمن الشغف بالتمثيل في الخروج من الذات وإقناع المشاهد بشخصية هو أبعد ما يكون عنها،  {لكل شخصية خصوصية معينة، فضلا عن أنني أرفض التكرار في أدواري، وإذا تشابهت الشخصية الجديدة  مع إحدى شخصياتي السابقة، أضيف إليها أموراً وأعدّل فيها لئلا أكرر نفسي}.

ورد الخال

{لكل شخصية قدمتها خلال مسيرتي الدرامية وجهان: {أحدهما يعكس جزءاً منّي والثاني يناقض شخصيتي}  تؤكد ورد الخال التي جسدت أخيراً شخصيتين على الشاشة: {غادة قابلة قانونية في {عشق النساء}، ونورا صاحبة مكتب للزواج في {عروس وعريس}. في كلا الوجهين تميز أداؤها  بالإتقان والصدق في المشاعر، إلى درجة أنها تشرك المشاهد بحزن الشخصية التي تجسدها وآلامها وآمالها.

تضيف أنها أقرب إلى شخصية المرأة القويّة في ضعفها إجمالاً، والمنتفضة ضد واقعها غير مكسورة أو ضحيّة. تتابع: «غادة في «عشق النساء» لا تشبهني تماماً لأنها مثالية وتذهب إلى أبعد الحدود بصدقها وطيبتها، فيما أنا لست كذلك رغم  ميلي إلى المثالية في بعض المواقف،  مع ذلك لا أنفي تأثري بها، إذ أخذت منها بعض الصفات والمميزات  وصممت على أداء الدور لأن  تركيبة غادة النفسية صعبة، فتحديت نفسي بهذه الشخصية وبهذا المسلسل». 

تعتبر أن للخبرة دوراً  في الفصل بين الشخصية المجسدة وشخصية الممثل الحقيقية. {لطالما صرحت بأن  شخصية  المرأة المطلّقة التي تثور على تقاليد المجتمع البالية والتي جسدتها في مسلسل «أجيال»  تشبهني إلى حد بعيد كونها ترفض السكوت على ظلم الآخرين فكيف على نفسها}.

توضح:» أحببت هذه الشخصية لأنها تجسد صورة المرأة التي أحبّها، ولو مررت بالظروف نفسها لكنت تعاطيت معها بالسلوك نفسه. لست امرأة ضعيفة، بطبعي، بل أحبّ المواجهة والتحدّي وأرفض حرق حياتي لأسباب سخيفة».

كارلا بطرس

«لم أجسد شخصية تشبهني  تماماً لكني في كل واحدة أضع بعضاً من ذاتي ومن إحساسي، وأضمّنها صورة مصغّرة عن شخصيتي الحقيقية ولو بحزء بسيط منها»، تؤكد كارلا بطرس التي جسّدت، خلال مسيرتها الفنية، أنماطاً وشخصيات مختلفة، وأدواراً مركبة، آخرها رحاب في مسلسل «الإخوة»، وهي فذّة لا تكفّ عن الصراخ ، وسناء في فيلم {فيتامين}.

كونها عارضة أزياء سابقة لا تسعى بطرس في أعمالها إلى عرض مفاتنها بل إلى إقناع المشاهد بإحساسها، وتضيف: «سناء صاحبة فندق في قرية «بير المير»، وهي سيدة تعشق القرية وترفض مغادرتها رغم معاناة السكان، من الفقر والموت وهجرة الشباب، حتى حبيبها تركها ورحل، لكنها رفضت الذهاب معه، سناء هي المرأة المناضلة التي تحافظ على الناس والقرية والوطن، وفي هذه النقطة بالتحديد تشبهني كثيراً».

تتابع: «حتى الأدوار التي لا تشبهني أجتهد في أن يكون فيها نفس ولو بسيط من شخصيتي،  فرحاب في «الإخوة» لا تشبهني، لكن عملت على أن تكون قريبة من حقيقتي، من خلال خفة ظلها وعفويتها، وهما صفتان أضفتهما من عندي لجعلها قريبة إلى واقعنا ليس أكثر».

توضح أن على كل ممثل أن يجري بحثاً حول الشخصية التي يقدمها، ويلبسها ما يناسبها، على طريقته، لكن  ثمة نصاً ننطلق منه وهو الأساس في صناعة الشخصية، ثم أضيف إليه  خبرتي وإحساسي.

دور جديد ومواقف خاصة

القاهرة  –  بهاء عمر

 «وادي الملوك» الذي أدّت فيه دور البطولة مع سمية الخشاب ومجدي كامل، و{أم كلثوم» من أقرب المسلسلات  إلى قلب صابرين، نظراً إلى صعوبة التركيبة النفسية للشخصية التي جسدتها في الأول، وحجم التحدي الذي واجهته في تجسيد شخصية كوكب الشرق في الثاني، لذا تعتبرهما من أهم العلامات في مشوارها الفني.

توضح أن السيناريو والحوار الذي كتبه الشاعر عبد الرحمن الأبنودي لـ «وادي الملوك» أحد أهم عوامل نجاح الدور والعمل ككل، بسبب معرفة الأبنودي الوثيقة بالمجتمع في صعيد مصر، وحساسيته كشاعر مهتم بالتفاصيل الدقيقة بكل شخصية.

بدورها تعتبر غادة عبد الرازق أن دور المحامية في «مع سبق الإصرار»،  وزوجة الرئيس في «السيدة الأولى» من أقرب الأدوار إليها، نظراً إلى طبيعة الشخصية التي أدتها في المسلسلين وتضمنت تناقضات نفسية، وهو ما تعتبره تحدياً فنياً لإظهار الشخصية على الشاشة، وخروجاً من نطاق السيدة الجميلة التي يلتفت الرجال إليها.

تضيف أن الدور الجيد لا يحسب بعدد مشاهده، فضلا عن وجود دور يمثل نقلة في كل مرحلة، مشيرة إلى أنها أدّت في فيلم «عن العشق والهوى» أحد أبرز أدوارها في مسيرتها الفنية سينمائياً، ما جعلها تتميز في أعمال لاحقة، لكن من دون أن تنفي  صعوبة اختيار الممثل دوراً واحداً ليكون أبرز ما قدمه.

تشابه وجرأة

تعتبر بسمة دورها في مسلسل {الداعية}، الأقرب  إليها نفسياً، خصوصاً  أن طبيعة الشخصية التي جسّدتها تشبه، إلى حد كبير، شخصيتها الحقيقية كونها فنانة وثورية وصاحبة آراء سياسية ومشاركة فعالة.

تضيف أنها، على المستوى الشخصي، ترتبط نفسياً بـ {الداعية}، لأنها أدت دورها فيه، بينما كانت حاملاً بابنتها ناديا التي ولدتها بعد انتهاء التصوير بفترة قصيرة، فارتبط بذكرى أسعد أحداث حياتها.

دور رابعة العدوية الذي أدته في فيلم {رابعة}، أحد  أقرب الأدوار إلى نبيلة عبيد، كونه قدمها في شكل مختلف  عن الأدوار التي كانت تقدمها آنذاك، لافتة إلى أن فيلم {الراقصة والسياسي} أحد أهم أعمالها لجرأة طرحه السياسي، وهو ما لم يكن موجوداً  في تلك الفترة.

بالنسبة إلى هالة صدقي، دورها في  {هي فوضى}، الأقرب إلى نفسها، ليس لتعاونها مع المخرج العالمي يوسف شاهين في آخر أعماله فحسب، إنما لكون الفيلم  يعبر عن الواقع المصري بشكل حقيقي، بل وتنبأ بالثورة المصرية في نهايته، وصور أحداثاً وصلت إلى حد التطابق مع ما حدث على الأرض في ثورة يناير.

دورها في فيلم {ليلة ساخنة} أحد أجمل الأدوار التي تعتز بها لبلبة سينمائيا ليس بسبب كمّ الجوائز التي حصلت عليها من خلاله، بل لتعاونها مع المخرج عاطف الطيب الذي قدمها بصورة مختلفة أهلتها لخوض مرحلة فنية جديدة، واستمرارها سينمائياً. تضيف أن دورها في فيلم {ضد الحكومة} الأقرب إلى نفسها، إذ تقاسمت  بطولته مع أحمد زكي، مؤكدة أن أفلامها مع عادل إمام تشكل نقطة تحول بالنسبة إليها، نظراً إلى النجاح الكاسح الذي تحققه.  

الجريدة الكويتية في

17.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)