كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الحائزة على الأوسكار

بعد أكثر من مائة عمل.. فاي دوناواي تحتفل بعيد ميلادها الرابع والسبعين

24. محمد هاشم عبد السلام

 

ولدت الممثلة الأمريكية الشهيرة "دوروثي فاي دوناواي"، المعروفة بفاي دوناواي، في الرابع عشر من يناير عام 1941، بباسكوم، فلوريدا، ودوناواي التي تبلغ الرابعة والسبعين هذا اليوم، في رصيدها الفني أكثر من مئة عمل في السينما والمسرح والتلفزيون.

خلال حياتها المهنية، عملت دوناواي مع العديد من المخرجين المتميزين، منهم على سبيل المثال، إيليا كازان، آرثر بن، رومان بولانسكي، سيدني لوميت، سيدني بولاك، بيربيت شرودر، أمير كستوريتشا، كما شاركت العديد من النجوم أدوار البطولة مثل، جاك نيكلسون، وارن بيتي، ستيف ماكوين، داستين هوفمان، ويليام هولدين، بيت ديفيز، جوني ديب، ناتاشا ريتشاردسون، مارلون براندو، أنجلينا جولي.

وفاي هي ابنة لضابط الجيش "جون ماكدويل دوناواي" و"جريس أبريل" ربة المنزل، وهي من جذور ألمانية إنجليزية أيرلندية، أمضت حياتها في السفر عبر الولايات المتحدة وأوروبا وهي صغيرة، هرباً من الجدال الدائم بين والديها، والذي أدى في النهاية إلى انفصالهما وهي مراهقة، وقد تأثرت فاي بهذا كثيراً، لكن بدلا من تدمير حياتها، حددت لنفسها هدفاً، وهو أن تكون الأفضل مهما يكن.

أخذت دروساً في الرقص، والرقص بالنقر والبيانو والغناء، ثم درست في جامعتي بوسطن وفلوريدا، وتخرجت في جامعة فلوريدا بدرجة بكالوريوس في المسرح، وفي عام 1962، وهي في الحادية والعشرين، أخذت دروسًا في التمثيل في المسرح القومي والأكاديمية الأمريكية.

رصدها "لويد ريتشاردز" أثناء تمثيلها بمسرحية "البوتقة"، ورشحها للمخرج المؤثر "إيليا كازان"، الذي كان يبحث عن موهبة شابة للعمل معه، وأعلن كازان: "ثمة شيء بخصوص فاي يذكرني بجين مورو، إنها لا تزال حيوية ومندفعة بعض الشيء وتبدو دائماً منطلقة درامياً".

وقد تخلت فاي عن منحة دراسية كبيرة من الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية، لتقديرها بإنها لا يمكنها ترك فرصة العمل مع كازان، وخلال ستة أيام بعد تخرجها من الجامعة، ظهرت دوناواي بالفعل في برودواي في "رجل لكل العصور" للمخرج "روبرت بولت"، وواصلت نجاحها وأشاد النقاد بأدائها في مسرحية "بعد السقوط" للكاتب الشهير آثر ميلر.

انطلاقتها

لكن دوناواي أرادت أيضًا أن تدخل إلى عالم صناعة السينما، وقد تحقق لها هذا، وكان أول أدوارها على الشاشة عام 1967 في فيلم كوميدي بعنوان "يحدث"، لكنه مع ذلك مر الفيلم مرور الكرام، كما شاركت في الحام نفسه بفيلم درامي بعنوان "أفول شمس هاري" من إخراج أوتو بريمنجر وبطولة مايكل كين وجين فوندا، على المستوى الفني، لم يكن الفيلم سيئاً وكذلك أداء دوناواي، التي حظيت بالإشادة، وحتى الترشح لجولدن جلوب أفضل ممثلة ناشئة.

لكن على مستوى التعامل مع المخرج أوتو بريمنجر، الذي وقعت معه عقوداً لخمسة أفلام قادمة، فقد كان صادمًا ووصل لحد إلقاء السباب، ونفى هو عنها صفة الممثلة وهي أدانته كمخرج، ووصل الأمر للمحاكم حتى تتخلص منه، وتقول في مذكراتها: "إن الأمر تمت تسويته في النهاية بعيداً عن المحاكم، لكنها ندمت على ما دفعته من أموال مقابل التخلص من ذلك العقد المقيد لها ولمستقبلها، لكن الأمر كان مريعاً ولم يكن من ذلك بد".

بعد ذلك، كانت دوناواي على وشك ترك المهنة، لكن تزكية كازان لها عند المخرج "آرثر بن" للقيام بدور "بوني" لصة البنوك في فيلمه "بوني وكلايد" أمام النجم "وارن بيتي" في دور "كلايد" أسهمت إلى حد كبير في إثنائها عن هذا القرار، خاصة بعدما اقتنع آرثر بن بالفعل بأنها الأصلح لأداء الدور، وبدوره أقنع بطل الفيلم ومنتجه وارن بيتي، وكانت دوناواي مميزة في هذا الدور بالفعل، وقد اشتهرت بقبعتها "البونيه" اللافتة التي ظهرت بها في مشاهد كثيرة بالفيلم، وصارت موضة آنذاك.

وقد أثار الفيلم، الذي يجسد القصة الحقيقة للصي البنوك الشهيرين بوني وكلايد أثناء فترة الكساد الكبير، والذي تم تصويره في الكثير من الأماكن الحقيقة، الكثير من الجدال النقدي مع أو ضد الفيلم، في حين حظي الفيلم بنجاح جماهيري لافت، لاسيما بين صفوف الشباب، وحقق مبيعات هائلة في شباك التذاكر بأمريكا وأوروبا، وتم ترشيحه لعشر جوائز "أوسكار"، ومنها أفضل ممثلة، والعديد من جوائز "البافتا"، وفازت بجائزة أفضل وجه جديد صاعد، وبين ليلة وضحاها طبقت شهرة دوناواي الآفاق، وحتى قيل إنها مارلين مونرو الجديدة.

أواخر الستينات وأوائل السبعينات

بعد بوني وكلايد تراوحت أفلام دوناواي بين المتوسط والجديد والرائع، وأثنى النقاد على الكثير من أدوارها وانتقدها البعض الآخر، بالرغم من أن دوناواي حاولت قدر استطاعتها تنويع الأدوار التي تقوم بها، فعملت أدواراً تراجيدية ورومانسية وكوميدية وحركة وإثارة ورعب، وهناك الكثير من الأدوار بل والمشاهد أيضاً التي لا تنسى لها في العديد من الأفلام التي قدمتها على امتداد مسيرتها المهنية.

وقد حققت دوناواي، خلال تلك الفترة، ناجحاً آخر لافتاً في فيلم حمل عنوان "علاقة توماس كراون" للمخرج نورمان جويسون وبطولة ستيف ماكوين.

في أواخر الستينات، وبعد عملهما المشترك معاً، كانت دوناواي على علاقة شهيرة بالممثل الإيطالي الكبير مارشيلو ماستروياني، وقد امتدت تلك العلاقة لسنوات طويلة، وكانت دوناواي تخطط للزواج منه وتكوين أسرة وإنجاب أطفال، لكن ماستروياني رفض تطليق زوجته، بعد ذلك، قررت دوناواي الاهتمام بعملها فقط.

وبالفعل استطاعت دوناواي تجاوز الأمر، لا سيما وقد جاءتها الفرصة للعمل مع صديقها ومعلمها كازان في فيلم حمل عنوان "الترتيب" (1970)، كما تلقت عرضاً رائعاً للقيام بالبطولة في فيلم "الفخ القاتل" مع المخرج الفرنسي المتميز "رينيه كليمو"، ومنه انطلقت بعد سنوات قليلة للعمل مع مخرج لا يلق تميزاً وهو البولندي رومان بولانسكي في "الحي الصيني" (1974) أمام النجم جاك نيكلسون، وتلقت عنه عدة ترشيحات أوسكار لأفضل ممثلة ثانوية والجولدن جلوب والبافتا، واختتمت تلك السنة بزواجها من أحد أشهر مغنيين الروك "بيتر وولف".

في عام 1976، حصلت دوناواي على عدة جوائز وترشيحات عن دورها المتميز في فيلم "الشبكة"، والذي ترشحت عنه لسادس مرة للجولدن جلوب وفازت بجائزة أفضل ممثلة، وفي العام التالي ترشحت لأحسن ممثلة في الأوسكار لثالث مرة، وأفلحت في انتزاعها من بين أنياب الممثلة السويدية الرائعة "ليف أولمان".

ولم تكن دوناواي تتوقع التتويج بها، على حد قولها، وعن فوزها قالت: "لن أنسى أبداً ذلك الشعور عندما سمعت اسمي، كانت جائزة الأوسكار حلم العمر، لقد نجحت في مسيرتي كممثلة، لديّ ما يدعو لتصديق هذا".

بعد الأوسكار

احتجبت دوناواي عن السينما لعامين متتالين أو أكثر، ورفضت العديد من الأدوار التي عرضت عليها سواء لضعفها أو لرغبتها في الاهتمام بحياتها الأسرية، وحتى نهاية عقد السبعينات لم تقدم سوى دورين صغيرين نسبياً أحدهما في الفيلم الحزين البديع "البطل" للمخرج الإيطالي الشهير فرانكو زيفريللي، واختتمت دوناواي عقد السبعينات أسوأ ختام بالنسبة لها، وذلك بعد إعلانها وزوجها الانفصال ثم الطلاق.

واصلت دوناواي خلال فترة الثمانينات أدوارها المتذبذبة المستوى أداء واختياراً في السينما والتليفزيون والمسرح، وفازت بجائزتي أسوأ ممثلة لمرتين متباعدتين وترشحت لعدة جوائز لم تفز بها، كما شهد هذا العقد زواجها من المصور والمخرج "تيري أونيل" وإنجابها ابناً منه وانتقالها للعيش معه في إنجلترا، ومع انتصاف عقد الثمانينات فازت عن دورها في المسلسل التليفزيوني "جزيرة إيليز" بجائزة الجولدن جلوب لأحسن ممثلة.

كما شهد هذا العقد إقدام دوناواي على العمل في الأفلام المستقلة وقدمت فيها الكثير والكثير من الأعمال في مسيرتها وأقدمت كذلك على خوض تجربة الإنتاج السينمائي، إلى جانب بالطبع قبولها العمل في عدد قليل من الأفلام التجارية وشبه التجارية، وقبل انتهاء ذلك العقد، انفصلت دوناواي وحصلت على الطلاق من زوجها وعادت مرة أخرى للعيش في الولايات المتحدة.

التسعينات

خلال عقد التسعينات قدمت دوناواي العديد من الأفلام المستقلة والتجارية والتليفزيونية والمسلسلات والمسرحيات أيضاً بمعدل وصل لثلاثة أعمال في العام تقريبًا، وقد تراوحت أدوارها ما بين البطولة أو الثانوية أو الشرفية في بعض الأحيان. وأهم مساهمة لها خلال تلك الحقبة كانت في المسلسل الشهير "كولومبو" والذي ترشحت عنه لجائزتي الجولدن جلوب وإيمي، وفازت بالأخيرة كأفضل ممثلة تليفزيونية شرفية لعام 1993 – 1994.

وحققت دوناواي في تلك الفترة أهم أحلامها بتقديم مسرحيات ناجحة نقدياً وجماهيرياص، وكذلك العمل مع النجمين "مارلون براندو" و"جوني ديب" في فيلم "دون جوان دي ماركو" إخراج جيريمي ليفين، وعن دورها في فيلم "جيا" للمخرج مايكل كريستوفر وبطولة أنجلينا جولي، ترشحت دوناواي وفازت بثالث جائزة جولدن جلوب في حياتها عام 1998، وحظيت بالنجمة رقم 7012 التي حملت اسمها في شارع المشاهير بهوليوود.

القرن الجديد

ومنذ مطلع القرن وحتى الآن، ودوناواي تشارع بالعديد من الأعمال الشرفية أو الصغيرة في المسلسلات والأفلام التليفزيونية وكذلك الأفلام القصيرة والمستقلة، وإن بمعدلات أقل كثيراً عمّا سبق، وآخر عمل اشتركت فيه دوناواي كان الفيلم التليفزيوني "عيد شكر للعائلة" وكان في عام 2010.

جدير بالذكر أن دوناواي، التي توصف بالرقي الشديد والرقة البالغة، وفي نفس الوقت بأنها على قدر كبير من المزاجية الصعبة، كرّمها مهرجان "كان" في دورته الرابعة والستين، وذلك بوضع صورتها، التي كان قد التقطها لها المخرج "جيري شاتزبيرج" عام 1970، على أفيش دورة المهرجان لذلك العام، كما كرّمها وزيرة الثقافة الفرنسي وقتذاك "فريدريك ميتران" بمنحها وسام الفنون والآداب، الأمر الذي اعتبرته دوناواي حدثاً لا يقل أهمية بالنسبة لها عن الفوز بجائزة الأوسكار.

موقع "24" الإماراتي في

14.01.2015

 
 

مشهد جديد من جدلية العلاقة بين السينما والسياسة

“المقابلة” بروفة سينمائية ل”الحرب الإلكترونية”

إعداد: عبير حسين

أخيراً، هدأت العاصفة التي أثارها فيلم The interview أو "المقابلة" بعد عرضه في دور السينما الأمريكية، وتسربه لعشرات المواقع على الإنترنت ليشاهده الملايين حول العالم بحثاً عن سبب للضجة الكبرى التي أثارها . الضجة زادت بعد قرصنة موقع "سوني بيكتشرز" الشركة المنتجة للفيلم، وتوعد القراصنة جماهير الفيلم بالمصير المروع، ما دعي إلى تأجيل عرضه الأول لولا تدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحثه الشركة على عدم الاستجابة للتهديدات، وتوجيهه اتهاماً مباشراً لكوريا الشمالية بالوقوف وراء هجمات "حماة السلام" وهي مجموعة القراصنة التي أعلنت مسؤوليتها عن اختراق موقع الشركة . وتابع العالم بعد ذلك فيلماً جديداً على أرض الواقع بين أمريكا وكوريا الشمالية تنذر فصوله بالتصعيد بعد قرار البيت الأبيض تعزيز العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية .

"سيمتلىء العالم رعباً، تذكروا 11 سبتمبر/أيلول ،2001 وما سوف يحدث الأيام المقبلة سببه جشع "سوني"، العالم كله سوف يستنكر "سوني" كانت هذه رسالة القراصنة التي تركوها على موقع الشركة بعد قرصنته نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأدت إلى حبس العالم أنفاسه مخافة تطور الأحداث التي بلغت ذروة خطورتها بإعلان إحدى الشركات المسؤولة عن إدارة المحطات النووية في كوريا الجنوبية عن تعرض موقعها على شبكة الإنترنت لمحاولة اختراق فاشلة .

ويدخل الفيلم أسبوع عرضه الثالث من دون تأثير يذكر خاصة بعدما حصل على تقدير متوسط من النقاد والجماهير . و"المقابلة" قصة خيالية عن مخطط لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لاغتيال كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية، وهو من إخراج سيث روغن وإيفان غولدبيرغ، ولعب بطولته سيث روغن وجيمس فرانكو .

والمثير أن الفيلم يقدم شخصية أون على أنه شخص لطيف ومرح ومتفهم، وهو عكس الصورة السائدة عنه عالمياً، إلا أن ذلك لم يمنع كوريا الشمالية من تهديد أمريكا باتخاذ إجراءات قاسية ضدها إذا عرض الفيلم . ويعتقد كثيرون خطأ أن الأزمة بدأت مع قرصنة موقع "سوني" وهي في الحقيقة لم يكن سوى الفصل الأخير وكانت البداية منذ منتصف العام الماضي مع عرض أول إعلان ترويجي للفيلم الذي سارعت بعده وزارة الخارجية في بيونغ يانغ بتقديم رسالة إلى البيت الأبيض تشجب الفيلم وتصفه بالإرهاب وبأنه يمثل عملاً حربياً، وجرى تصعيد تلك التهمة لتصبح شكوى قدمت إلى الأمم المتحدة نهاية يونيو/حزيران الماضي

الذي يدعو إلى التساؤل إثارة فيلم متوسط المستوى فنياً كل هذه الضجة، والأهم أنه ليس الأول من نوعه، ففي السنوات الثلاث الماضية أنتجت "هوليوود" عدة أفلام كانت كوريا الشمالية محورها وكان أهمها "سقوط أوليمبوس" 2013 الذي صور كوريين يسيطرون على البيت الأبيض في عمل إرهابي، ومن قبله كانوا سيطروا على الولايات المتحدة في فيلم "الفجر الأحمر" ،2012 كان هذا تساؤل مجلة "تايم" الأمريكية في أول تعليق لها على الفيلم بعد عرضه . أما الناقد جون نيومير فكتب بمجلة "هوليوود ريبورتر" الفيلم مزيج غير موفق بين فيلمي "great dictator 1940"، و"stripes 1981" وأضاف "هذا الفيلم الثالث للثنائي روغن وفرانكو معاً لكنهما لم يوفقا في تقديم كوميديا جيدة هذه المرة، حتى السيناريو عازته الحبكة، فكيف للمشاهد أن يقتنع بأن رئيس كوريا الشمالية من المعجبين ببرنامج skylark tonight ويكون هذا سبباً للسماح لمقدمه بإجراء مقابلة معه؟، وكيف توقعت CIA أن ينجح فرد في طاقم برنامج تلفزيوني في التجسس على رئيس دولة، بل وقتله بالسم؟" . 

ونقل موقع NAVER مئات التعليقات لمشاهدين لم يستحسنوا الفيلم واتفق الجميع على أنه تنقصه الحبكة، ولا توجد دراما، والكوميديا غير جيدة، حتى الممثلين الذين يتحدثون الكورية لا يجيدونها . وانتقد آخرون عدم واقعية الأحداث، وتساءل فريق ثالث ألم يكن بإمكانهم صناعة فيلم بشكل أفضل من ذلك؟ 

إذاً لا يمثل "المقابلة" أهمية سينمائية في حد ذاته، لكنه يخفي أسراراً كبيرة متشابكة ومعقدة لما يدور في كواليس السياسة الدولية، وحتى اليوم مازال كثيرون ينتظرون تفسير سر التصعيد الذي تسبب فيه الفيلم وشكل "بروفة" سينمائية لما ستكون عليه الحرب الإلكترونية بين الدول . ويدفعنا تدفق الأحداث في الشهر الأخير إلى طرح أسئلة مهمة مثل: هل الفيلم فخ معد سلفاً لاستدراج النظام في كوريا الشمالية؟ ومنذ متى يتم تقديم شكاوى سينمائية للأمم المتحدة؟ ومن هم أعضاء جماعة قراصنة "حماة السلام"؟ ولماذا سارعت أمريكا باتهام كوريا الشمالية بالرغم من أن تحقيقات FBI لم تؤكد بشكل حاسم مسؤوليتها عنها، واكتفى تقريرها المبدئي بالإشارة إلى أن الفيروس الذي هاجم موقع "سونى بيكتشرز" هو نوع مطور من فيروس كوري آخر سبق رصده؟ ولماذا رفضت بيونغ يانغ اتهام واشنطن لها ووصفته بأنه شائعات جامحة، ودعت في نفس الوقت بوساطة صينية إلى إجراء محادثات مع أمريكا حول القرصنة المعلوماتية؟ والأهم: لماذا سارع البيت الأبيض بمطالبة كوريا الشمالية بدفع تعويضات مالية عن خسائر "سوني" من القرصنة بالرغم من أنها ليست بفداحة الهجمات التي تعرضت لها، في أحداث سبتمبر/أيلول ،2011 وعززت حزمة من العقوبات ضد كبار المسؤولين بها؟ 

سترسم الإجابة على هذه الأسئلة صورة واضحة للدور الذي لعبه فيلم "المقابلة"، خاصة أن تصوير كوريا الشمالية كدولة مارقة ورد سابقاً في أفلام "هوليوود"، وأنتجت شركة "تتش ستون" التابعة لديزني فيلم "الإنقاذ" 1988 الذي تحدث عن مجموعة عسكرية تنفذ مهمة داخل بيونغ يانغ لتحرير آبائهم الأسرى، ولم يثر الفيلم أي احتجاج كوري . كما لم تتسبب المحاكاة الساخرة لها في فيلم "أمريكا شرطي العالم" لتيرى باركر ومات ستون الذي صور والد كيم يونغ أون كمغرور يعتزم السيطرة على العالم في أكثر من زوبعة من السخط الدبلوماسي . الناقد الفني سيمون فاولر قدم إجابة على هذه التساؤلات قائلاً: "بما أن فيلم المقابلة يحاول إظهار كيم جونغ أون شخصاً عادياً فإن هذا أمر يستحق المحاربة بأقوى الوسائل" . وأضاف "رد فعل بيونغ يانغ على الفيلم ربما يكون تعبيراً عن خوفها من اهتزاز صورة الدولة المثالية التي تحاول إقناع مواطنيها بها عبر تسرب التأثير الخارجي إلى الكوريين عبر الهواتف النقالة، والإنترنت، وأسطوانات "دي .في .دي" . لم يكن "المقابلة" الفيلم الأول الذي يثير زوابع سياسية، ولن يكون الأخير لأن الجميع يعرف أن "هوليوود" إحدى أدوات السياسة الناعمة للولايات المتحدة، والفيلم ليس بعيداً عن هذه العلاقة، ولكن الجديد هذه المرة هو انتقال الحرب من الكواليس والعمليات الخفية إلى شاشات الكمبيوتر، فالفيلم إعلان صريح عن شكل الحروب الإلكترونية المنتظرة التي تكبد أطرافها خسائر اقتصادية باهظة، التي ربما تتسبب في إشعال حروب فعلية لحسم ما لم تقدر عليه الافتراضية .

تاريخ النشر: 14/01/2015

“هوليوود” أداة سياسية

في كتاب "دور CIA في هوليوود" قالت المؤلفة باتريشا جنكيز: إن تدخل الوكالة في صناعة السينما أمر ثابت منذ عقود خاصة أيام الحرب الباردة، حيث كان الهدف صياغة سياسة خارجية أمريكية تستطيع كسب العقول والقلوب وتعزيز صورة الحياة الأمريكية في العالم، إضافة إلى الترويج لأخلاقية السياسة الأمريكية، وتقديم المبررات لجميع عملياتها السرية" . 

ظهر التعاون واضحاً بين المؤسستين العسكرية والسينمائية 1996 عندما أعلنت CIA عن إنشاء مكتب لها للتنسيق بين الوكالة وعالم الترفيه، وتقديم خبرة المستشارين من عملاء الوكالة لصناع السينما . وكان نتيجة هذا التعاون إنتاج عدة مسلسلات من أهمها "أليس"، و"24 ساعة" التي أعطت انطباعاً بأن عملاء الوكالة كائنات خارقة، وتوجتها بفيلمي "زيرو دارك 30" من إخراج كاثرين بيغللو ويتناول جهود الوكالة لاعتقال أو قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، و"خزانة الألم" الذي نالت عنه بيغللو جائزة أوسكار أفضل إخراج، ويدور حول معاناة الجنود الأمريكيين في العراق .

ويدور "آرغو" من تمثيل وإخراج بن افليك الذي حصل عنه على جائزة أوسكار أفضل فيلم ،2012 حول أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران عقب اندلاع الثورة الإيرانية وقال عدد كبير من المحللين عن الفيلم إنه دعاية لا يمكن إنكارها لتجنيد عملاء جدد للوكالة

وفي كتابه "الحياة والموت السري في CIA " قال مؤلفه تيد جب: إن الوكالة تهتم بتقديم ما يحسن صورتها باستغلال الفن السابع، وإنها تهتم بتقديم صورة مثالية عن الحياة الأمريكية من جانب، ونشر المخاوف حول نهاية العالم، أو تصوير شعب ما، أو شخص ما بوصفه العدو الأول لأمريكا من جانب آخر

وربما يمكننا فهم حقيقة أزمة فيلم "المقابلة" في إطار التسليم بأن "هوليوود" أداة طيعة في أيدي الساسة يمررون عبرها رسائلهم وأفكارهم، بدليل ما قدمته عبر سنوات طويلة من أفلام روجت للتفوق الأمريكي على سائر الأمم عبر أبطالها الخارقين، وشخصياتهم الخيالية الباحثة عن إقرار العدل تارة مثل "سوبر مان"، و"الرجل الوطواط" و"الرجل الحديدي"، أو إنقاذ الأرض من تهديدات الكائنات الفضائية الغازية للأرض تارة أخرى ولعل فيلمي "يوم الاستقلال"، و"كاوبوى آند اليانز" أشهرها، ومثل هذه النوعية من الأفلام حظيت بنجاح كبير عند عرضها، وكان هدفها الأول الترويج لفكرة الخطر الكبير الذي تتعرض له الأرض التي تنتظر "الحكمة الأمريكية" لتلقى لها بطوق النجاة .

الخليج الإماراتية في

14.01.2015

 
 

استند إلى رواية كاريل فيري المُكرّمة 7 مرات

شبح التمييز العنصري يهيمن على «زولو»

دبي ـ البيان

ينتمي فيلم «زولو» الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، إلى المدرسة «الواقعية» في السينما لشدة اقتراب مخرجه الفرنسي جيروم سال من واقع «جنوب افريقيا» الأليم، ليبدو الفيلم مسكوناً في قضية الفصل العنصري الذي لا تزال جنوب افريقيا تعيش آثاره حتى الآن، رغم مرور سنوات طويلة على إلغاء نظام الابارتهايد الذي حكم البلاد لعقود طويلة، كما نجد فيه اقتراب المخرج سال من روح رواية «زولو» للكاتب كاريل فيري والتي كرمت عالمياً سبع مرات.

جراح غائرة

يعود «زولو» الذي يلعب بطولته الممثل باتريك ليستر وفوريست ويتكر، إلى شبح التمييز العنصري وزمن «الآبارتهايد» الذي لا يزال يَلُوح بقبحه في جنوب افريقيا، ليثبت لنا أن الجراح الغائرة التي خلفتها تلك السياسة اللاإنسانية للمستعمر الأبيض تركت كدمات نفسية.

وأوجاعاً اجتماعية لا يزال الأبناء الأصليون لهذا البلد يتجرعون تبعاته. فأحداث الفيلم تدور في حقبة الفصل العنصري حول اثنين من رجال الشرطة يحققان في جريمة قتل وحشية راح ضحيتها فتاة مراهقة، لتقودنا هذه الجريمة نحو العوالم السفلية في جنوب افريقيا، وتكشف عن حجم الجريمة المنتشرة هناك، مستنداً بذلك إلى مشروع برنامج للأسلحة البيولوجية والكيميائية من نظام الفصل العنصري، والذي يستهدف السود بالدرجة الأولى، وهو ما نلمسه من بداية الفيلم الذي يعود عبر «الفلاش باك» إلى مشاهد تصور الفظائع التي وقعت بدوافع سياسية في بلدة كوازلو في جنوب إفريقيا عام 1978 من خلال عيني طفل شاهد والده وهو يحرق على قيد الحياة، ليطرح بذلك كل الصور النمطية عن بلد ظل يرزح لسنوات تحت هيمنة العنصرية، والتي أدت لاستفحال الجريمة.

لاذع وفظ

ورغم ما يستحضره المخرج سال بهذا الفيلم من مشاهد قاسية، إلا أنه وكما يبدو قد حاول تجاوز الحبكة البوليسية نحو تقديم دراسة اجتماعية ـ سياسية، عبر فيلم لاذع وفظ، مرتكزاً في ذلك على ديكور بسيط وواقعي، محافظاً فيه على فكرة «التسامح» ورفعها عالياً لتتفوق على «الانتقام»، مبتعداً بذلك عن موضة «أفلام الانتقام» الأميركية، ويظهر لنا بذلك في عبارة جاءت على لسان بطله فوريست ويتكر «إن على المرء أحياناً أن يمد يد السلام إلى أعدائه»، مستحضراً في الوقت نفسه المعاناة التي عاشها أيام طفولته.

حرفية التمثيل

اجتهد الممثل فوريست ويتكر في تقديم أداء صادق، ولتحقيق ذلك قام قبل بدء التصوير بزيارة جنوب افريقيا واتصل خلالها مع المجتمعات المحلية والتقى أيضاً مع أفراد العصابات، ليكون أكثر واقعية في أدائه.

ويبرر ويتكر ذلك بقوله في أحد الحوارات معه أن «الفيلم حاول أن يظهر ما هو موجود في الواقع، ولا يهدف إلى تبرير الجريمة، وهناك أشياء إيجابية أيضا ولكن من الواضح أنه لا يزال هناك الكثير من التوتر والضغوطات التي يجب امتصاصها».

البيان الإماراتية في

14.01.2015

 
 

الأوديسّا العراقية

شريف عوض

"لن يمكنك تشكيل مستقبلك لو كنت لا تعرف ماضيك"

بهذه العبارة المصحوبة بموسيقى على أوتار آلة العود العربية وفنون الخط العربي المتحركة على الشاشة، يُنهي المخرج الوثائقي السويسري والعراقي المولد "سمير جمال الدين" فيلمه التسجيلي المرهف "الأوديسا العراقية" الذي يستمر عرضه 162 دقيقة، يتتبع خلالها قصة أفراد أسرته وأقاربه بما في ذلك والديه الذين شُتتوا في جميع أنحاء العالم بعد هجرتهم من وطنهم العراق منذ فترة الستينيات.

عائلة "سمير" تقع ضمن أربعة إلى خمسة ملايين عراقي مهاجر يعيشون خارج دولة العراق اليوم أما سمير فقد ولد في بغداد واصطحبه أبواه ليعيش في سويسرا وهو طفل منذ عام 1961، في حين انتشر أعضاء عائلته الكبيرة في جميع أنحاء العالم من أبو ظبي، أوكلاند سيدني، لوس أنجلوس، بافالو، لندن، باريس وزيورخ إلى موسكو حتى لم يتبقَ منهم سوى حفنة قليلة في العراق. يعود بنا سمير مرة أخرى إلى الماضي ليروي، من خلال المزج بين الصور الفوتوغرافية القديمة واللقطات الأرشيفية وتقنيات الجرافيكس الحديثة بما فيها التقنية الثلاثية الأبعاد،  كيف حلم العراقيون في بناء مجتمع حديث وعادل بعد الاستقلال في الخمسينيات لكن أتت الرياح بما لا تشتهيه السفن خلال الستين سنة التي تلت.

في ثلاثة فصول يتكون منها الفيلم، يبدأ "سمير" في الفصل الأول سرد سيرة جده ودوره في النضال ضد الاستعمار البريطاني. وفي الفصل الثاني، نتتبع موجات متتالية من الهجرة حينما سعى أفراد العائلة إلى البحث عن ملاذات آمنة في جميع أنحاء العالم هرباً من سلسلة من الانقلابات والانقلابات المضادة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي و هما الفترتان اللتين أسفرتا عن ثلاثة عقود ديكتاتورية سيطر فيها صدام حسين على أنحاء البلاد. لم يفُت سمير أيضاً استيعاد لحظات سقوط صدام قبل الغزو الأمريكي عام 2003، عندما أطيح بتمثاله العملاق في ساحة الفردوس. أما الفصل الأخير من الفيلم فيركز المخرج ببراعة على شهادات الأهل والأقارب ممزوجة مع  وثائق نادرة من أرشيفه الخاص وما توصل إليه من لقطات نادرة سينمائية ووثائقية وأرشيفية من جميع أنحاء العالم.

عمل سمير على هذه الملحمة كمخرج وباحث على مدار أكثر من عقدين من الزمن أثناء عمله على أفلام أخرى إذ تذكر سيرته الذاتية أنه أنجز أكثر من 40 فيلماً منها "محطة القطارات وملائكتها" (2010)، "بياض الثلج" (2005)، "أنس بغداد" (2002)، "بحثاً عن وفاة" (1999)، "الجزار" (1996)، " بابل 2" (1993) وهو يعمل حالياً على فيلمه الروائي "مقهى أبو نواس". واجه المخرج صعوبات في التمويل لأن المنتجين والداعمين نظروا للفيلم نظرة سطحية على أنه يروي سيرة ذاتية لعائلته لكن المخرج الذي طاف أرجاء المعمورة لتصوير فيلمه بكاميرات مختلفة منها كاميرا يابانية حديثة تعطي صورة ثلاثية الأبعاد، استطاع صناع مقدمات ترويجية مما صوّره فأقنع بعض الممولين في النهاية برؤيته السردية والبصرية التي شكلت لغة خاصة في الفيلم.

عند مشاهدة الفيلم، نلاحظ أن المخرج ترك المتحدثين يتكلمون بحرية أمام الكاميرا وهم في حالة حركة وهي طريقة تشبه التحقيق الأنثروبولوجي. كما كان أضفى اختياره أن يروي الفيلم كله بصوته حنينا وشجناً خاصاً يحرك مشاعر المشاهد وخاصة في المقابلات التي جمعته بعمه جمال الطاهر وأخته غير الشقيقة سهير.

الجزيرة الوثائقية في

14.01.2015

 
 

"بتوقيت القاهرة" في الصالات المصرية... أخيراً

أحمد جمال الدين/ القاهرة

رغم حصول فيلم "بتوقيت القاهرة" (كتابة وإخراج أمير رمسيس، بطولة نور الشريف، ميرفت أمين، وسمير صبري) على موافقة هيئة الرقابة على المصنفات الفنية من دون مشاكل، إلا أن الفيلم كان مهدداً بعدم العرض في الصالات اعتباراً من اليوم الأربعاء بسبب الرسم النسبي الذي تفرضه النقابات الفنية على الأعمال الفنية. تفاصيل الخلاف بين المنتج سامح العجمي ونقابة الممثلين تعود إلى رفض نقابة الممثلين إعطاء موافقة عرض الفيلم في الصالات من دون سداد رسوم إضافية غير مقررة في القانون قبل أن يدخل في معركة استمرت حتى قبل ساعات فقط من الفيلم حيث انتهت الإجراءات اللازمة لعرضه.

ووفقا للقانون، يتم تحصيل 2% من تكاليف إنتاج الفيلم كرسوم نسبية للنقابات، لكن هذه المرة طلبت نقابة الممثلين رسوماً إضافية مبالغاً فيها وغير مبررة وهو ما رفضه المنتج بسبب الكلفة المرتفعة للفيلم، خصوصاً أن الرسوم تم خصمها من أجور فريق العمل الذي تقاضى أجوراً أقل من المعتاد في الأعمال السينمائية نظراً لظروف الإنتاج الصعبة ووجود عدد كبير من الفنانين من الصف الأول في الفيلم منهم ككنده علوش، ودره، ايتن عامر، وشريف رمزي.

لم يكشف المنتج أو نقابة الممثلين عن تفاصيل الأزمة بشكل كامل. لكن علمت «الأخبار» أنّ الأزمة ارتبطت بمطالبة النقابة بمبالغ إضافية قبل الموافقة على الفيلم، وأن المنتج سامح العجمي حاول توسيط عدد من الأشخاص لكنه لم يصل إلى نتيجة نهائية حتى اضطر لسداد مبلغ إضافي بعد خفض المبلغ المطلوب بوساطة من نقيب السينمائيين مسعد فودة.

مؤلف ومخرج الفيلم أمير رمسيس قال إنّ نقابة الممثلين اتخذت موقفاً مناهضاً له على المستوى الشخصي بسبب مساندته ودعمه للفنانة دينا الشربيني ومطالبة النقابة بضرورة منحها تصريحاً بالعمل، موضحاً أن مجلس النقابة استغل الأمر من أجل تعطيل فيلمه الجديد.

وأضاف أن تحوّل النقابة لتصفية الحسابات أمر ليس له علاقة بالفن، مؤكداً أنّ موقفه لن يتغير من دعمه لزميلته في مواجهة قوانين لم تعد صالحة في الوقت الحالي، رافضاً فكرة الاعتذار للنقابة لاستعادة الأموال الإضافية التي تم فرضها على المنتج.

نقيب الممثلين أشرف عبد الغفور قال لـ"الأخبار" إنه قام بالتوقيع على إجازة عرض الفيلم مساء الاثنين في مقرّ النقابة، مشيراً إلى أن أي مفاوضات جرت بين النقابة والمنتج لم يكن لها علاقة بمواقف المخرج أمير رمسيس من النقابة.

وأكد أنّه من حق أي نقابة السعي لتحسين مواردها مع الالتزام بالقوانين، لافتا إلى أنّ المفاوضات التي جرت في ما يتعلق بالرسم النسبي قانونية وتمت تسويتها قبل عرض الفيلم من دون مشكلات.

الفيلم يشهد عودة الفنان نور الشريف إلى السينما بعد غياب أكثر من 6 سنوات. ويجسد شخصية رجل يعاني من الزهايمر وتدور أحداثه في يوم واحد على طريق الإسكندرية القاهرة الصحراوي. ومن المقرر أن يشارك في المسابقة الرسمية لـ «مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية» في نهاية الشهر الجاري.

الأخبار اللبنانية في

14.01.2015

 
 

في رصيدها نحو 75فيلم صُوّروا خلال 12سنة منها 8 أفلام في عامٍ واحد

الذكرى 18 لـ"مديحة كامل": نجمة الإثارة تمسكت بالحجاب

أحمد عدلي

تلقي "إيلاف" الضوء على المسيرة الفنية الحافلة للفنانة مديحة كامل في ذكرى وفاتها الثامنة عشر، وتشير إلى أبرز أعمالها وتوضح علاقتها بابنتها وسبب اعتزالها المفاجئ للفن وارتداء الحجاب.

القاهرةقبل 18 عاماً من اليوم، استيقظ الوسط الفني المصري على فاجعة رحيل الفنانة القديرة مديحة كامل عن عمرٍ يناهز 49 عاماً بعد عدة سنوات من اعتزالها الحياة الفنية وارتدائها الحجاب، لتنهي مشوار واحدة من أكثر نجمات الفن موهبةً في التمثيل، والإكثر إثارةً للجدل أيضا خاصة وأنها اشتهرت بالإدوار الجريئة الصادمة أحيانا قبل ارتدائها الحجاب بشكلٍ مفاجئ في بداية التسعينات.

ولدت "كامل" في 3 أغسطس(آب) 1948 بمدينة الإسكندرية وساهم انتقالها مع عائلتها إلي القاهرة ودراستها بمدارسها في إتاحة الفرصة لها للتعرف عن عالم السينما عن قرب خاصةً وأنها عملت خلال دراستها الثانوية كعارضة أزياء بسبب جمالها اللافت، وهو الباب الذي طرقت عبره عشرات الفنانات بوابة التمثيل في تلك الفترة. والتقط المخرج أحمد ضياء الدين موهبتها الفنية وعرض عليها المشاركة في أحد أعماله الجديدة لكن أسرتها رفضت رغم موافقتها وإصرارها. وقبل أن تنهي دراستها الثانوية كانت قد تزوجت رجل الأعمال محمود الريس الذي وافقت عليه بعدما سمح لها بالعمل في المجال الفني، حيث بدأت خطواتها السينمائية من خلال دور جيد مع الفنان رشدي اباظة في أحد أعماله وهو العمل الذي كان سبباً في انفصالها عن زوجها لاحقاً بسبب غيرته الشديدة عليها وما تردد عن قصة الحب التي تجمع بينها وبين الفنان رشدي أباظة، وكانت "كامل" في تلك الفترة تقوم بدراسة الآداب في جامعة القاهرة.

"الصعود إلى الهاوية" نقطة التحوّل:

بدأت مسيرتها في التمثيل بالتركيز في التليفزيون في العام 1964 حين تقدمت للعمل كممثلة في التليفزيون بالاختبارات التي كان يُعلَن عنها بين الحين والاخر، وهي الفترة التي قدمت فيها مسلسل "الحائرة"، وفيلم "دلال المصرية" وغيرها من الأدوار الثانوية ومنها الدور الذي قدمته في فيلم "30 يوم في السجن" مع فريد شوقي وعرفت الناس من خلاله بشخصيتها. أنجبت ابنتها الوحيدة ميرهان التي كانت السبب الرئيسي في تحملها ظروف الحياة الصعبة مع زوجها قبل أن تقرر الإنفصال عنه وتصطحب ابنتها معها بسبب اعتراضه على عملها الفني وطلبه منها أن تكتفي بالدراسة وعائلتها والابتعاد عن التمثيل بسبب غيرته عليها من الشائعات التي بدأت تلاحقها مع تزايد نجوميتها.

تزوجت مرتين بعد والد ابنتها الأولى من المخرج شريف حموده ولم تستمر سوى عدة أشهر والثالثة من المحامي جلال الديب الذي ارتبط بابنتها ميرهان رغم انفصاله بعد عدة سنوات عن والدتها. وفي منتصف السبيعنات كانت نقطة التحوّل الكبرى في حياتها حيث وافقت على قبول دور البطولة في فيلم "الصعود إلي الهاوية" بعد اعتذار كافة النجمات في تلك الفترة عن الفيلم نظراً لجرأته، لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرتها الفنية تميزت فيها بتقديم أدوار الإثارة والجرأة بالإضافة لأدوار عبّرت فيها عن تميز موهبتها الفنية فقدمت نحو 75فيلم سينمائي في غضون 12 عاماً فقط.

أرشيف الصحافة:

ويقول الملف الصحافي الخاص بسيرتها الفنية والموجود بمكتبة المركز الكاثوليكي التي نشرت عنها في أواخر السبيعنات أنها اتهمت بتهريب المخدرات خلال عودتها من العاصمة اللبنانية بيروت لكن تم الافراج عنها سريعاً وتسوية القضية. وبين الأوراق هناك معلوماتٍ تؤكد أن "كامل" لم تكن تحب الصحافة في تلك الفترة فكانت تصريحاتها قليلة ومحدودة على عكس فنانات جيلها رغم محدودية المطبوعات الفنية في زمانها، فضلاً عن حرصها إبعاد ابنتها عن الأضواء وعدم ظهورهما معاً في وسائل الإعلام. واللافت في تصريحاتها القليلة عنها أنها وصلت لمرحلة شاركت فيها بثماني أفلام سينمائية في عامٍ واحد، وهو ما جعلها تقول أنها لم تستطع النوم إلا إلا لساعات قليلة، بينما كانت تفضل السينما على العمل المسرحي والمسلسلات الدرامية. وهي تُعتبَر أكثر الفنانات المصرية التي قدمت بطولات سينمائية نسائية مطلقة على الشاشة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "شوادر، الصعود إلى الهاوية"، "بوابة إبليس"، "ملف في الأداب"، "فتاة شاذة"وغيرها من الأعمال التي خلدت اسمها في تاريخ السينما المصرية.

ابنتها سبب ارتدائها الحجاب:

والجدير بالذكر هو أنها على الرغم من حياة الحرية التي كانت تعيشها قبل ارتدائها الحجاب الا انها تمسكت به ورفضت خلعه بعد ارتدائه مما سبب مشاكل بينها وبين منتج آخر أعمالها السينمائية "بوابة إبليس" فبعدما صورت جزءاً كبيراً من مشاهدها في الفيلم أوقف المنتج الفيلم واستعان ببطله الفنان محمود حميدة لتصوير فيلم آخر وكان يتبقى لها عدداً محدوداً من المشاهد، إلا أنها خلال فترة التوقف كانت قد اتخذت قرار ارتداء الحجاب ورفضت استكمال مشاهد اليومين المتبقين في تصوير الفيلم مما دفع فريق العمل للاستعانة بدوبليرة من أجل استكماله وخروجه للنور حيث حقق نجاحاً كبيراً لدى عرضه بالصالات السينمائية. ويقال أن إبنة "كامل" التي عاشت مع خالتها بالإسكندرية لفترة وارتدت الحجاب قبل أن تصل لعمر العشرين كانت السبب الرئيسي في دفع والدتها لارتداء الحجاب وإبعادها عن حياة الخمر والسهر لساعاتٍ متأخرة من الليل عبر الكتب والدروس الدينية التي منحتها لوالدتها.

هذا وتوفيت "كامل" صباح يوم 13 يناير(كانون الثاني) بينما كانت نائمة وصادف ذلك يوم 4 رمضان المبارك، علماً أنها كانت بحالةٍ صحية جيدة مع عائلتها وأدت صلاة الفجر مع ابنتها وزوجها قبل أن يفاجأوا بوفاتها في الصباح.

إيلاف في

14.01.2015

 
 

المغربية فاطمة بوجو:

لايزال البعض ينظر إلى الممثلة نظرته إلى بائعة الهوى

حاورها من باريس: حميد عقبي

فنانة ونجمة سينمائية ومسرحية وتلفزيونية، متنوعة في نشاطها الفني وتولي اهتماما خاصا بالنشاط الجمعي، تركض في اتجاهات عديدة تصرخ في المحافل مطالبة بحقوق الفنان المغربي وبقانون يحمي حقوقه وكرامته، تشعر بالغبن للممارسات غير اللائقة تجاه الفنان المغربي، الذي أصبح سلعة رخيصة تتقاذفها شركات الإنتاج وجهات رسمية لا تهتم بالنوعية والجودة، تتقاعس في إيجاد وسائل تشجع تطوير الإبداع.

مع فاطمة بوجو نستكشف قضايا خطيرة، بقوة وشجاعة تتحدث لنا لتكشف المستور والمسكوت عنه.. إليكم ضيفتنا الكريمة:

نود فهم وضع العاملين في السينما والتلفزيون المغربية.. هل توجد قوانين في المغرب تحفظ حقوق الفنان، أم أن هناك قصورا في هذا المجال؟

□ ما نعرفه هو أن قانون الفنان المغربي سبق تقديمه إلى الحكومة، ثم صادق عليه مجلس البرلمان، ولكن لم يتم تفعيله إلى الآن.. الأمل الوحيد هو تدخل الملك محمد السادس، الذي وجهت له رسالة في الموضوع كما قيل لي. نفتقد في اغلب المسؤولين روح خدمة الصالح العام أولا قبل خدمة مصالح أحزابهم.. والقيام بالمبادرة لإصلاح شؤون المواطنين.. فهل سينتظر هؤلاء تدخلا من الملك لتفعيل قانون الفنان؟ حقا إنه أمر غريب.

هل توجد جمعيات نشيطة فنيا ولها دور ملموس وفعال؟

□ في السنتين الأخيرتين كثفت من حضوري في المهرجانات، لأنني اكتشفت من خلالها وجود شباب متميز يطمح إلى دعم الفن السينمائي وإيصاله إلى ساكنة المناطق خارج دائرة الرباط… شباب منهم من يتلقى دعما محليا ومركزيا ومنهم من لم يحصل عليه.. حقيقة لمست النجاح الفعال الذي تحققه هذه الجمعيات من خلال خلق تواصل سنوي بين عشاق السينما وممارسيها محليا، وبين الفرجة السينمائية والفنانين.. إلى جانب تفوقهم في تنظيم ماستر كلاس مع مخرجين كبار، وورشات تكوينية ومسابقات يستفيد منها شباب يرغب في ممارسة عشقه للسينما. وأنا افتخر بهذا الشباب الذي رفض أن يلعب دور الضحية في غياب سياسة ثقافية فنية واضحة المعالم في البلاد، واختار أن يكون فاعلا في الشأن الثقافي والفني كمواطن صالح .

بذخ مبالغ في مهرجان مراكش ـ هل هذه المهرجانات لها ثمار جيدة على السينما المغربية، وهل تشعرون بأن هذه المهرجانات تهتم بالفنان المغربي. قيل إن استضافة عادل إمام تساوي استضافة 30 فنانا مغربيا، أي ليس هناك انحياز للغريب؟

□ استغرب أن يركز الإعلام المغربي في مهرجان مراكش الدولي على التعليق على مصاريف المهرجان وعن لباس الممثلين، بدل التركيز على البرنامج المهم والغني للأفلام العالمية التي ينجح في تقديمها إلى جمهور متعطش للاستفادة من تجارب عالمية متنوعة في مجال السينما لا تسمح ظروفه بالسفر لرؤيتها، ويتناسى الدعاية العالمية التي يحظى بها المغرب خلال المهرجان، حيث يستفاد منها سياحيا واقتصاديأ وفنيا، من خلال توافد بعض ضيوف المهرجان الذين يعودون إلى التصوير بالمغرب، أو لقضاء عطلة وحتى الإقامة..

فأهداف المهرجان هي جلب النجوم العالميين وتعريفهم بمخزون المناظر الطبيعية البكر بالمغرب، ما يوفر إمكانية الشغل للعاملين في القطاع.. ثم أن هناك ملاحظة نغفل عنها هي، أن الممثل الأجنبي يقابل بعناية خاصة، لأنه يرسل شروطه أولا قبل الموافقة على الحضور.. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل الفنان المغربي يتقدم بالشروط نفسها قبل قبول الدعوة.

الممثل المغربي قد يشارك بدور ثانوي في فيلم يعكس صورة سيئة عن المغرب كبلد متخلف وبدوي وغير حضاري، مع مخرجين مغاربة أو أجانب.. فهل المسؤولية تقع على الممثل وكيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟

□ في غياب موقف حاسم من المركز السينمائي، فإن توسيع مساحة اشتغال الممثلين المغاربة في الاعمال الاجنبية صعب ومرتبك; حضور الممثلين المغاربة في هذه الاعمال سيبقى حضورا باهتا ولن يرقى إلى التعريف بهم عالميا، المسؤولية أولا تقع على المركز السينمائي المغربي، وعلى لجنة قراءة السيناريو قبل منح الدعم للمغربي، وقبل منح رخصة التصوير للأجنبي.. ولجنة مشاهدة الأفلام بعد التصوير. أما الممثل فبحكم ظروفه المادية الصعبة وقلة فرص الشغل فانه يمكننا القول إن الممثل لم يصل إلى مستوى الممثل صاحب المواقف الثابتة الذي له الشجاعة للانسحاب من العمل إذا ما كان يسيء للبلد ولساكنته.. وفي الأفلام الأجنبية قد لا يكون لديه علم بوجود هذه المشاهد لأن مشاركته بدور صغير لا يسمح له بمعرفة تفاصيل الفيلم كاملة.

الواقع السينمائي مازال متعثرا قليلا.. ما التحديات الكبرى التي تواجه السينما المغربية وكيف يمكن تجاوزها؟ هل الأزمة في السيناريو أم في الاخراج أم الإنتاج؟

□ انا لا أراها متعثرة، هو واقع طبيعي لأن السينما في مرحلة إثبات وجودها أمام المتفرج المغربي، هي مرحلة التجريب والبحث عن الذات والهوية المغربية في السينما، مرحلة يغلب فيها طابع الارتجال والنقل عن التجارب السينمائية العالمية .. بهدف إرساء دعائم سينمائية مغربية ثابتة تؤسس للإبداع السينمائي مستقبلا.. إنها المرحلة التي تفرز جيلا جديدا من الشباب إلى جانب الموجودين من الرواد.. وبعدهم ستأتي مرحلة التأسيس الحقيقية.. أنا أصفق للجميع بكل حرارة لأنهم نجحوا في إعادة تصالح الجمهور مع قاعات السينما.. ما تفتقر إليه السينما هو كتاب سيناريو حقيقيون.. وهم موجودون، فقط على المسؤولين الرفع من قيمة الحافز المادي لجلب الكتاب والأدباء المغاربة الحقيقيين، فرسان الكلمة والإبداع، ليمنحوا المخرجين سيناريوهات قوية بعمق مواضيعها وشخصياتها… وبصورها البلاغية الجميلة التي ستقدم للمخرج وعلى طبق من ذهب مفتاح الانطلاق في عالم الإبداع والجمال، من خلال الصورة التي ستخاطب خيالنا ووجداننا، بدل التركيز على عقولنا من خلال حوارات عقيمة وقصة فارغة.. والإبداع ليس رهينا دائما بالمادة، بل بالتكوين المعرفي والعلمي للمخرج وبانفتاحه على محيطه.. لأن المخرج الذي يفتقر إلى تصوره وفلسفته الخاصة للحياة والوجود والدين والقيم سيبقى همه دائما، إنجاز قصة مصورة ترضي فئة قليلة من الجمهور ولن يصل ابدا إلى العالمية.

تحبين العمل في التلفزيون الذي هو الطريق إلى قلوب البسطاء.. نود التعرف على هذه التجربة؟

□ لا يمكننا الحديث عن حرية الاختيار في العمل بالتلفزة، أم بالسينما في غياب البنية التحتية والقوانين المنظمة للمجال الفني، ونظرا لتخلي القطاع الخاص عن خوض مجال الإنتاج الدرامي.. فإن فرص الشغل نادرة مما يضعنا أمام وضع القبول بما يقدم إليك.. صحيح أن التلفزة تمنحك الشهرة التي توسع جمهورك في المسرح والسينما وأيضا تمنحك دعما معنويا من جمهور يحتضنك ويعاملك بكرم لا مثيل له.. فإن العمل في التلفزيون هو مغامرة مجهولة المصير، كرة ذهبية يتقاذفها المنتج بالشركات الخاصة وبعض المسؤولين في التلفزيون ، إنها بقرة حلوب وما الممثل الا اليد التي تستنزف كل طاقتها لتخرج هذا الحليب في ظروف مهنية بائسة تنعدم فيها أدنى الشروط الإنسانية.. وفي النهاية لا يسمح لها بإرواء عطشها من هذا الحليب.. إنه عمل أمارس فيه عشقي للتمثيل.

نقبل سيناريو ضعيفا.. ونجتهد في العمل على شخصيات فارغة من الداخل.. ونشارك في أعمال لا ترقى إلى طموحنا.. أعمال تغيب فيها شخصية المغربي الاصيل ذي الروح البطولية المنفتح على كل الثقافات.. ونشتاق فيها لشخصيات عظيمة من صفحات تاريخنا.. إنها تجربة عندما أردت أن أختار فيها نوعية أدواري وجدت نفسي خارج الساحة الفنية لسنوات.. إنها تجربة أن تقبل ما يقدم اليك أو تختفي عن الأنظار.

المسلسلات المدبلجة التركية بالمغربية عليها إقبال كبير.. بينما نجد اللهجة متوسطة في المسلسلات المغربية والمتفرج العربي يغرق في تعقيدات اللهجة؟

□ تجربة المسلسلات المدبلجة نتيجة عدم ثقة المسؤولين في الإنتاج المغربي، وفي افتقادهم إلى حس الغيرة على الهوية المغربية.. وأيضا في اختيار الطريق السهل لكسب مداخيل الاشهار التي توفرها نسبة المشاهدة العالية لها…. وهي أعمال نجح صانعوها في إبهار المتفرج من خلال عنصر التشويق.. اما عن اللهجة المغربية فإنها أبدا لن تكون عائقا امام تسويق الدراما المغربية، لأنه كما تعود جمهورنا على لهجة الخليجيين والسوريين و.. فان المتفرج العربي ايضا يمكنه ذلك مع الدراما المغربية..

يمتلك المغرب كوادر فنية وبيئة جميلة ..مع ذلك الأعمال التلفزيونية تنشط في رمضان فقط، فهل يظل الحال إلى الابد.. ألا توجد رؤية لتطوير الدراما المغربية؟

□ انه سؤال بدون جواب..عندما تتوفر الإرادة القوية لخلق إنتاج درامي متواصل طيلة السنة، فإنه لا شيء سيقف في وجه ذلك، خاصة أن جمهورنا متعطش لرؤيتها ويشجعها دائما.. 
لن أقول إن المسؤولية تقع فقط على ذوي القرار، بل على المواطن التشبث بجذوره وثقافته مع الانفتاح على ثقافة الآخر واحترامها. على الجميع امتلاك الروح الوطنية، يجب السعي لتغيير واقع الدراما الغائب طيلة السنة والحاضر في رمضان فقط.

فاطمة باجو متنوعة الإنتاج فهل حققت ما تمنيته كممثلة؟ ما الذي دفعك إلى هذا المجال وهل انتِ راضية لما وصلت إليه؟

□ توجهت إلى التمثيل بعد تجربة المسرح المدرسي بالقنيطرة حبا في العمل الجماعي التي بهرتني وقتها، وفي الوقت نفسه التمثيل كان لمساعدتي في رحلة البحث عن ذاتية ومعرفة شخصيتي ومن اكون، للخروج من حالة هذيان شخصي مع الرغبة في خلق فرجة ممتعة وراقية لي وللمتفرج، نعم نجحت في الوصول إلى بر الأمان في رحلة البحث عن ذاتي ونجحت في التصالح مع نفسي، وفشلت في تحقيق طموحي في لعب شخصيات بطولية تبصم مساري الفني وتؤثر في المشاهد… لأن فرجتنا الدرامية تدغدغ المتفرج وتمنحه متعة آنية مؤقتة تزول مع اطفاء جهاز التلفزة.. ولم ارو حتى الآن عطشي من التمثيل وما زلت في خطواتي الأولى حتى وإن قالت سيرتي الذاتية غير ذلك.

هل تنصحين الشابات بمهنة التمثيل.. وهل نظرة المجتمع للممثلة تغيرت؟

□ أنا أومن بأن الحياة تجربة مستقلة خاصة بكل فرد وليس من حقي تسميم أفكار الآخر.. أقول مرحبا بهن وبالجميع وليكن حكمهن الخاص من خلال تجربتهن الذاتية.. أما عن نظرة المجتمع للممثلة بصراحة اقول لم تتغير ولم نتخلص بعد من النظرة السلبية للممثلة، حتى إن كانت ساحتنا الفنية زاخرة بممثلات ناجحات في الميدان الفني، وايضا في حياتهن مع أزواجهن، فما زال العديد من افراد مجتمعنا ينظر إلى الممثلة نظرته للعاهرة، أذكر انه في التسعينيات كان أول رجل تقرب مني كان لظنه انني متحررة جدا في علاقتي بالرجال.. والشيء نفسه مع الرجل الثاني، والآن ايضا مع أنني متزوجة أتعرض لهذه المواقف.

السيناريست الراحل عبد الحي أديب…

بين الكلاسيكية والحداثة

رانيا يوسف

عبد الحي أديب.. الحاضر البديهة والنكتة، بهذه الكلمات بدأ الكاتب إبراهيم الدسوقي أول فصول كتابه «عبد الحي أديب بين الكلاسيكية والحداثة»، الذي صدر حديثاً عن سلسلة آفاق السينما الهيئة العامة لقصور الثقافة، في محاولة لتحليل خطوات مشواره في فن كتابة السيناريو، الذي امتد على مدار 50 عاما، السيناريست الراحل عبد الحي أديب (22 ديسمبر/كانون الأول 1928 – 10 يونيو/حزيران 2007) ، يعد أحد أهم كتاب السيناريو في تاريخ السينما المصرية منذ بداياته عام 1958، رسم لنفسه خطاً إبداعياً يميزه عن باقي ابناء جيله.

يشير المؤلف من خلال رؤيته الشخصية وقراءته لسينما عبد الحي أديب بالإضافة إلى مجموعة من الحوارات التي أجراها في السابق مع السيناريست الراحل، إلى الدور الذي لعبته البيئة التي ولد فيها أديب على تكوينه الذي ارتبط بفن السينما، وأسهمت عدة عوامل اجتماعية على نمو هذه الذائقة معه على مدار سنوات شبابه، حيث كان يداوم على مشاهدة الأفلام السينمائية من شرفة منزل شقيقته، التي تطل على إحدى قاعات السينما الصيفية، والتي أتاحت له توفير مشاهدة يومية لكل الافلام الحديثة التي كانت تعرض فيها، خاصة أعمال شارلي شابلن، ويؤكد المؤلف على دعم عائلة أديب له، خاصة والده الذي شجعه على متابعة العروض السينمائية، كما ساعده التحاقه بفريق التمثيل في المدرسة على التعرف على مفردات صناعة الفيلم السينمائي، ويؤكد أديب في حوار له مع مؤلف الكتاب، أن المخرج الراحل أحمد بدرخان شكل وعيه الفني، وكان أول من فتح هذا العالم الساحر أمامه، خاصة بعدما التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وبدأ بدراسة نصوص المسرح العالمي، حيث أسهم الفنان زكي طليمات صاحب التأسيس العلمي لخلق النموذج الفني والمهني في طلاب هذه المعهد ذلك الوقت، ويضيف أديب: «تعلمت الفن الحقيقي من رواد لا نزال مدينين لهم بكتاباتهم وأعمالهم الفنية».

ويحيل المؤلف شخصية عبد الحي أديب في كتاباته السينمائية إلى قدرته على اختيار المكان الرئيسي للأحداث، ليدفع فيه أحداثه وشخصياته إلى الصراع معاً ليصل بهم إلى وحدة الزمان، في فيلم «باب الحديد» اعتمد أديب على ثراء ذاكرته للمكان الذي كان يطل منزل عائلته عليه، وهي محطة سكة حديد بمدينة المحلة، مستخدماً خياله الدرامي في توصيف شخصيات واقعية تنتمي إلى هذه البيئة، بما فيها من مشاكل وفقر ورغبات وأحلام، ويشير الكاتب إلى أن هذا العمل لم يكن فيلماً من داخل إطار السينما المصرية في تلك الفترة، حيث خرج أديب من إطار الكوميديا الهزلية والموضوعات التي تتعرض للطبقات الارستقراطية أو الافلام الغنائية العاطفية، إلى كشف الحياة البائسة لفصيل كان مهمشا فنياً لسنوات طويلة، لكن الفيلم استقبل بهجوم شديد من جانب الجمهور الذي لم يكن معتادا على مثل هذه الموضوعات الميلودرامية.
بعد الفشل الجماهيري الذي استُقبل به فيلم «باب الحديد» الذي لم يصمد في دور العرض سوي يومين فقط، ابتعد عبد الحي أديب عن صخب المدينة إلى قصة أكثر خيالا عبر شخصية نسائية تبحث عن الغواية في مكان أقرب إلى الصحراء، فيلمه الثاني «امرأة في الطريق»، الذي يقول عنه مخرجه عز الدين ذو الفقار في أحد حواراته، إنه عبر في هذا العمل عن الغريزة التي يحملها كل إنسان في شخصيته، خلق هذا الفيلم أول رابط بين سيناريوهات أديب والجمهور الذي وجد فيه ضالته، فهو ينتهج مبدأ الأفلام السائدة الذي اعتاد الجمهور على مشاهدتها، وكتب الفيلم شهادة ميلاد جماهيرية للسيناريست الشاب.

يوضح المؤلف أن السيناريست عبد الحي أديب فرض اسمه على سيناريو الفيلم السينمائي عام 1958، من خلال لقائه مع المخرج الكبير نيازي مصطفى بعد النجاح الذي حققه فيلمه الثاني «امرأة في الطريق»، حيث تبناه نيازي فنياً وقام بإشراكه في كتابة 4 أعمال سينمائية، فتحت موضوعاتها المختلفة عن النوعية التي كان يتطرق إليها أديب افاقاً أخرى لخياله الإبداعي، لكنه اختزل هذا التأثر وأعاد صياغته بما يوازي موهبته. 

دخل أديب مع نيازي مصطفى في نمط أفلام الحركة الذي تحمس لها الفنان فريد شوقي وانتجتها الفنانة هدى سلطان، مثل فيلم «سواق نص الليل» و»ابو حديد» و»سلطان» وغيرها، حيث اضفى عليها أديب روح الحياة الشعبية وتناول موضوعات واقعية وتجسيد شخصيات تلامس الشخصيات الحقيقية التي تدور في بيئتها الأحداث، وتوالت الأعمال بين أديب ونيازي حتى بلغت 36 فيلماً حتي عام 1985، تنوعت بين الأكشن والكوميديا والاستعراض والتراجيديا.

يقتطع مؤلف الكتاب إبراهيم الدسوقي أكثر من ثلاثة فصول يحلل فيها بعض الأعمال السينمائية التي جمعت بين أديب ونيازي مصطفى، والتي تعتبر أهم وأبرز كتاباته السينمائية، عوضاً على مشاركته لمخرجين آخرين، مثل المخرج كمال عطية الذي قدم معه فيلم «سوق السلاح»، وعودته للعمل مرة اخرى مع المخرج يوسف شاهين في فيلم «نداء العشاق»، ومع المخرج محمود ذو الفقار في فيلم «العملاق»، لكن تظل علاقته مع نيازي مصطفى والثنائي الفني الذي كونوا علامة في تاريخ السينما المصرية على مدى 27 عاماً.

اتجه عبد الحي أديب في مرحلة متقدمة من حياته المهنية إلى كتابة النصوص التي تحمل قدراً من الإسقاط السياسي والتي تعكس حالة التدهور التي أعقبت ثورة عام 1952، في عام 1963 قدم اديب مع المخرج توفيق صالح معالجة فنية لنص فيلم «صراع الأبطال» الذي يرصد انتشار مرض الكوليرا في القري المصرية نهاية الاربعينات، ويواصل أديب في فيلمه «العرافة» الذي أخرجه عاطف سالم عام 1981 قصة طالبة وناشطة سياسية تقوم السلطة باعتقالها بسبب أفكارها السياسية، معبراً بهذا النص عن معاناة جيل كامل تعرض للاعتقال أثناء فترة حكم السادات، خاصة طلبة الجامعة المعارضين لسياسات النظام.

يختتم المؤلف كتابه عن الكاتب الراحل عبد الحي أديب بسرد لأهم الأفلام التي شكلت مسارا مهما لمشوار اسم أديب في تاريخ صناعة السينما، التي تنوعت موضوعاتها بين الكوميديا والواقعية والحركة والميلودراما، كما استغل أديب ثراء التاريخ العربي من الحكايات والقصص الشعبية الأسطورية وأعاد صياغتها بما يتناسب مع سوق صناعة السينما في مصر.

في عام 1985 قدم مع المخرج أشرف فهمي فيلم «سعد اليتيم» موضوعه مأخوذ من الموروث الشعبي، ويتناول عصر الفتوات في فترة الأربعينات، لم يغفل أديب أيضا الاقتباس من النصوص الأجنبية، يوضح المؤلف أن الكاتب اقتبس عدة موضوعات من روايات أجنبية قام بمعالجتها وإعادة تمصيرها وإضافة أجواء مصرية حقيقية على أحداثها، كان آخرها فيلم «استاكوزا» الذي أخرجته ايناس الدغيدي عام 1996 عن نص وليم شكسبير «ترويض النمرة».

يشير الكاتب في ختام الكتاب إلى أن أعمال عبد الحي أديب في مجال كتابة السيناريو تجاوزت 93 فيلماً على مدار نصف قرن، متجاوزاً مجموعة من الأفلام أنتجت في تركيا لعدم وجود الأفلام نفسها أو إمكانية الرجوع إليها وتوثيقها.

فيلمان محفوران في ذاكرة جيل الخمسينيات (1 من 2)…

«الوسادة الخالية» لـ إحسان عبدالقدوس

عبدالله المدني*

شاهد جيلنا في سنوات مراهقته العسيرة أفلاما سينمائية كثيرة، عربية وهندية وأمريكية المنشأ. لكنه لم يتوقف كما توقف عند فيلمين مصريين أجزم أنّ أحداثهما لا تزال حاضرة وعالقة بأذهان الكثيرين، رغم تقادم الأيام والسنين وتنوع الاهتمامات وازدحام المخيلة بالصور والمشاهد والتجارب المختلفة.

الفيلم الأول الذي أسر جيلنا فانشغل به طويلا هو فيلم «الوسادة الخالية» المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب إحسان عبدالقدوس ابن إحدى أشهر صحافيات مصر في عهدها الذهبي، فاطمة اليوسف» الشهيرة بـ «روز اليوسف» من زواجها بالممثل محمد عبدالقدوس الذي شارك في عدد من أفلام الأربعينات والخمسينات مثل، «رصاصة في القلب»، و»أنا حرة»، و»رسالة من امرأة مجهولة) مؤديا أدوار الأب الحنون أو العجوز المتصابي أو صديق العائلة الظريف. 

الميزة الأولى لهذا الفيلم، الذي أنتج عام 1957 وعرض للمرة الأولى في مصر في سينما ريكس في العام ذاته، وكانت البحرين أول أماكن عرضه في الخليج، في العام التالي، قبل أن يعرضه تلفزيون أرامكو من الظهران في عام 1959، هي أنه يجسد على الشاشة قصة الحب الأول ولوعاته في حياة الإنسان، ومدى ما يكابده من آلام ومتاعب وصراعات نفسية للوصول إلى محبوبته والاقتران بها، في مجتمع لا يعترف بالحب أو على الأقل لا يسمح به علنا. هذا الحب الذي يصفه البعض بحب المراهقة، قائلا إنه سرعان ما يذبل وتنطوي صفحته بمجرد أن يكبر صاحبه ويشق طريقه نحو الحياة العملية ويكوّن أسرته الصغيرة، بل الحب الذي وصفه كاتب الرواية نفسه بـ«الوهم الكبير»، حينما قال في مقدمتها: «هناك وهم كبير في حياة كل واحد منا، اسمه الحب الأول»، وكأنما أراد أن يقول إن الحب الحقيقي هو ذلك الذي يأتي بعد نضوج الإنسان فكريا واستقراره نفسيا. لكني أعتقد جازما أن الحب الأول ليس وهما، فقد ينسى الشخص حبيبته الأولى وربما تنساه هي أيضا، إذا ما تفرقت بينهما السبل والظروف، لكنه يظل حقيقة، ويبقى مدفونا في دواخل المرء مهما تقادمت به الأيام والسنون… يجتره كلما خلد إلى نفسه، وتعاوده ذكرياته وإرهاصاته حتى بعد أن يقترن بأخرى وينجب منها البنين والبنات، بل أن طرفي الحب الأول إذا ما صادف أن تقابلا فجأة في مكان ما بعد طول افتراق فإن كل ذكريات حبهما البريء ستعود دفعة واحدة، من دون أن يعني ذلك عودة الحب نفسه مرة أخرى. وهذا أكبر دليل على أنّ أثره كامن ويمكن أن ينفجر في صورة دقة قلب أو ارتباك أو رعشة أو دمعة. أما سبب نفينا لصفة الوهم عن الحب الأول فهو أنه حب زمن المراهقة الذي يمثل لكل إنسان مرحلة شبابه وطهره وبراءته وعفويته وأحلامه الوردية. فكم كان صادقا الشاعر الكبير أبوتمام حينما أنشد:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحـُب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى

وحنينه أبدا لأول منــزل

أما الميزة الأخرى لفيلم «الوسادة الخالية» فهي أنه لم يبالغ ولم يتكلف، فجاء مطابقا لواقع حال السواد الأعظم من المحبين والعشاق في تلك الحقبة الخمسينية. وبكلام آخر لم يلجأ منتج الفيلم «الشركة العربية للسينما»، ومخرجه صلاح أبوسيف إلى اختيار فتاة ذات جمال صارخ، وشعر ذهبي مموج، أو ذات الدلال الزائد والثراء الفاحش، لتلعب دور البطولة وإنما عمد إلى اختيار فتاة عادية – وإنْ كانت بقوام رشيق وعينين خضراوين وجفون ناعسة وصوت مغر هامس – مثل لبنى عبدالعزيز. 

وبالمثل فهما لم يختارا لأداء دور البطولة أمام الأخيرة شابا رياضي البنية، يتقطر وسامة، وينتسب إلى أسرة ذات حسب ونسب، وإنما وقع اختيارهما على عبدالحليم حافظ، الطالب الجامعي الفقير الذي لا يرتدي طوال الفيلم سوى كنزة واحدة من النوع البسيط فوق بنطال بدا عليه أنه من خياطة دكانين الخياطة الشعبية في منطقة «العتبة»، ولا يجد قيمة فطيرة أو تذكرة دخول إلى «جنينة الحيوانات» إلا بالتحايل مع صديقيه في الفيلم أحمد رمزي وعبدالمنعم إبراهيم. وأخيرا فربما كان من الأسباب التي جذبتنا للفيلم احتواؤه على أربع أغنيات من أجمل ما غنى العندليب الأسمر من ألحان الثلاثي الخالد بليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل. وهذه الأغنيات هي: تخونوه، في يوم من الأيام، مشغول وحياتك، وأول مرة تحب يا قلبي.

*كاتب وأكاديمي من البحرين

القدس العربي اللندنية في

14.01.2015

 
 

عودة كوكب القرود

جنة عادل – التقرير

في العام 2011، قررت شركة 20thcentury Fox إعادة إحياء سلسلة أفلام الخيال العلمي الشهيرة (كوكب القرود) التي خرجت للنور للمرة الأولى في نهاية الستينيات على يد المخرج (فرانلكين شوفنر) عن رواية الفرنسي (بيير بول) التي تحمل نفس الاسم، لماذا؟ ولم لا؟ نحن نتحدث عن قصة ناجحة تحولت لواحدة من أنجح وأشهر سلاسل الأفلام في السينما العالمية، فما الذي  يمنع إعادة تقديمها بتقنيات أفضل وحبكة أكثر ارتباطًا بواقعنا الحالي؟ لا شيء بالطبع.

وعليه، قامت الشركة بإنتاج فيلم Rise of the planet of the apes (بداية كوكب القرود) للمخرج (روبرت وايت)، الذي جاء مشابهًا إلى حد كبير للفيلم الرابع من السلسلة الأصلية، الصادر عام 1973 باسم Battle for the Planet of the Apes أو  (معركة من أجل كوكب القرود)، ثم أنتجت عام 2014 الجزء الثاني من السلسلة الجديدة باسم Dawn of the planet of the apse (فجر كوكب القرود) للمخرج (مات ريفز)، ولاقى الاثنان نجاحًا واسعًا على مستوى الإيرادات والنقّاد معًا، لاسيما بعد أن ترشح الأول لأوسكار أفضل مؤثرات بصرية، إضافة للعديد من الجوائز الأخرى التي ترشح لها وفاز بها.

تعالج السلسلة الجديدة سيناريو نهاية العالم وسيطرة القرود على الكوكب، بطريقة قريبة جدًا لتلك المطروحة في السلسلة الأصلية، تبدأ الأحداث بمحاولات للبحث عن علاج لمرض الزهايمر، يجريها طبيب شاب يدعى (ويل رودمان) الذي يؤدي دوره النجم (جايمس فرانكو)، يعاني والده نفسه من المرض، وتتوصل تجاربه لفيروس مخلّق يعالج المرض بشكل ملحوظ، وإن كان مؤقتًا، مما يستدعي محاولات تخليق صورة أقوى للفيروس يستمر تأثيرها طويلًا، ولكن تلك النسخة تتحول إلى وباء قاتل يتسبب في نهاية العالم.

تسألني عن دور القرود في هذا كله؟ حسنًا، على من سيتم اختبار الدواء الجديد إذًا؟ تجرى تجارب الفيروس على القرود فتتطور وظائفها العقلية بشكل مدهش، لا سيما (سيزار) الذي يجري عليه (رودمان) تجاربه، ولكن القرود تنفرد بميزة هامة جدًا، هي مناعتها للنسخة الأقوى من الفيروس؛ وعليه، تجني ثماره المتوقعة دون أن تلاقي مصير البشر، ومن هنا يبدأ كوكب القرود.

في الجزء الثاني، تبدأ الأحداث بصورة ما بعد أبوكاليبتية للعالم، مجموعة صغيرة من البشر المحظوظين جينيًا تمكنت من النجاة من الفيروس، ومجموعة من القردة بزعامة (سيزار) تحاول أن تبدأ حياتها بعيدًا عن البشر، مجموعة لديها من القدرات العقلية ما يؤهلها لإنشاء حضارة جديدة، وتهديد سيادة البشر المطلقة على هذا الكوكب، تلك السيادة التي ظلت طويلًا حقيقة غير قابلة للنقاش، جعلتنا نضع كل ما ليس بشريًا في مرتبة متدنية تبيح استخدامه لمنفعتنا الخاصة.

في الجزء الثاني تنقلب الموازين، ونرى بالكثير من التفصيل ما يصفه (روبرت وايت) مخرج الجزء الأول بـ(العالم الذي لا نكون فيه الأولون)، بل نرى حضارتين تخطوان خطواتهما الأولى ونرى في إحداهما انعكاسًا للأخرى، عالمين يحاولا البدء من جديد، قلة البشر الناجية من الفيروس القاتل والتي شهدت نهاية العالم وهلاك الأهل والأحباء، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية إصلاح كل شيء، وقلة القرود التي نجت من معامل البشر وسجونهم ولم تفز سوى بمناعتها من العقار وقدراتها العقلية المتطورة، ولكل منهما إرثه من الخوف والفشل والدمار، ينظر بعض البشر للقرود على أنهم سبب انتشار الوباء، كما لا تنسى بعض القردة تاريخًا من القسوة في سجون البشر ومعاملهم، والنهاية معروفة سلفًا، الحقد يولد العنف، والعنف يولد الفوضى والخراب، وهكذا تنتهي الحضارات إلا قليلًا.

السلسلة التي يتوقع صدور الجزء الثالث منها عام 2016 مذهلة حقًا، من ناحية، تمكن كل من (ريك جافا) و(أماندا سيلفر) من كتابة سيناريو واقعي للغاية، يجعل الفيلم أقرب لفكرة “ماذا لو”، أقرب جدًا لعالمنا الذي نعرفه الآن من فكرة الخيال العلمي التي قدمتها السلسلة الأولى، فجاء الجزء الأول مشحونًا بعدة قضايا ضخمة، وتنقلنا فيه بسلاسة تامة بين مأساة مرضى الزهايمر، ومأساة الحيوانات في الملاجئ والمعامل، وفكرة مجتمع السجن عمومًا، وفكرة الثورات عمومًا، ليخرج (وايت) هذا كله بشكل ملحمي مدهش سريع الإيقاع، ودون أن ينطق (سيزار) الشخصية المحورية في الفيلم شيئًا سوى كلمة واحدة وجملة واحدة، فكانت الكلمة الأولى “لا” الملحمية المدهشة التي أذهلنا فيها أداء العبقري (آندي سيركيز)، ثم الجملة الأولى “سيزار وجد بيته” التي قالها بعد انطلاقه مع جماعة القرود للبرية.

ومن ناحية أخرى، أتى استخدام تقنية التقاط الحركة أو motion capture مدهشًا بكل المقاييس، فقال (سيركيز) كل ما يمكن أن يقال بجسده وملامحه وعينيه.

أما في الجزء الثاني، ومع تغير مواقع التصوير بين غابات مفتوحة ومدن خاوية على عروشها، والكثير من المعارك والمناورات بين الفريقين، ومع مساحة أكبر لاستخدام الـmotion capture كيفما يشاء، يركز (رييفز) على إبهارك بصريًا، وإخراجك من دائرة الكفر بالبشرية والتعاطف المطلق مع القرود التي يتركك عليها (وايت) مع نهاية الجزء الأول، لدائرة أوسع من الانحياز للسلم أيًا كان حاملو لوائه.

قال (وايت) إنه يرى في فيلمه قصة (سبارتاكوس) من جديد، أما أنا، فأرى فيه انعكاسًا للثورات التي اندلعت وانتشرت حول العالم خلال السنوات الخمس الماضية، ربما كانت إسقاطات واقعنا تنعكس على ما نراه فتجعلنا نشعر وكأن كل شيء يتحدث عنّا، ففي النهاية، الظلم والقهر والقسوة معطيات معادلة محسومة سلفًا نتاجها إما مجرم أو ثائر ولا سواهما، وعلى أي حال، مازال هناك الكثير لننتظره من تلك السلسلة المبشرة، التي تمكن صانعوها بحرفية شديدة من استغلال التقنيات السينمائية التي لم تكن متاحة سابقًا، في إعادة إنتاج قصة مميزة بالفعل.

التقرير الإلكترونية في

14.01.2015

 
 

فرونتيرا.. تعب كلها الحياة على الحدود الأمريكية المكسيكية!

بلال فضل – التقرير

وتعبٌ هي الحياة في أي مكان في العالم، لكنها على الحدود بالذات تزداد تعقيدًا والتباسًا، خصوصًا عندما تكون تلك الحدود خطًا فاصلًا يعبره آلاف الفقراء كل يوم، نحو ما يتصورون أنه الفردوس الموعود الذي ستتحقق فيه أحلامهم في حياة كريمة، أو لنقل حياة أقل لؤمًا وبؤسًا من التي يعيشونها في وطنهم الأم، وها نحن نرى من خلال القصة التي يحكيها هذا الفيلم الجميل، أن رغبة الإنسان في التدمير، يمكن أن تحيل الأحلام إلى كوابيس يعيشها المقيمون على جانبي الحدود، والعابرون لها، دون تفرقة.

يبدأ فيلم “Frontera” بأجواء من الترقب، نرى فيها مجموعة من المواطنين المكسيكيين، يسيرون تحت جنح الظلام، ويكاد بعضهم أن يتعرض للدهس، من شاحنة تسير مسرعة دون أن تضيء أنوارها مما يوحي أنها تقوم بممارسة التهريب، يوحي لنا الفيلم أن هؤلاء أيضًا، ربما كانوا يحاولون عبور الحدود إلى أمريكا، وبعد قليل يتضح أن هذه المجموعة السائرة في الظلام ليست سوى أسرة، ذاهبة إلى قرية قريبة من الحدود للاحتفال بعيد ميلاد أم عائل الأسرة. نكتشف أن أحد المحتفلين -الذي يلعب دوره النجم مايكل بينا- قد دفع تحويشة عمره وعمر أسرته أيضًا، لكي يعبر الحدود الأمريكية المكسيكية، مع رفيق له في اليوم التالي، بعد أن يودع زوجته الجميلة (إيفا لانجوريا)، التي اشتهرت بدورها المرح والمثير في مسلسل “ربات منزل يائسات”، لكنها في هذا الفيلم تقوم بتغيير جلدها تمامًا، وتطرح نفسها في دور مختلف ومرير.

على الجانب الآخر من الحدود وفي ولاية أريزونا الأمريكية، نرى سيدة خمسينية جميلة -تلعب دورها الممثلة إيمي ماديجان- تحتفظ برشاقتها رغم كبر سنها، حيث نراها وهي تستعد لركوب حصانها، ونرى زوجها رجل الشرطة السابق الذي تقاعد وتفرغ لتربية الماشية في مزرعتهما -يلعب دوره باقتدار الممثل الكبير إد هاريس- وهو يأتي لتوديعها قبل أن تذهب إلى جولتها اليومية، وخلال حديثهما يتلفظ بتعليق عنصري يصف فيه المهاجرين المكسيكيين الذين يترددون كثيرًا على الجوار بأنهم ملاعين، فتعنفه زوجته على ذلك بشكل لطيف، لنفهم أنها بشخصيتها المتسامحة، لا تشاطره أفكاره عن ضرورة معاملة القادمين عبر الحدود بغلظة أو حتى بحذر، ثم تنصرف بعد حديثهما إلى جولتها، وينصرف هو إلى عمله في المزرعة. بالتزامن مع ذلك، نتعرف على ثلاثة مراهقين من أبناء المدينة الحدودية، الذين يمتلكون هوسًا بالعنف والأسلحة النارية، يغذيه أن أحدهم ابن رئيس قسم بوليس المدينة الحدودية، ونرى الثلاثة وهم يذهبون إلى الحدود الأمريكية ـ المكسيكية، لممارسة هوايتهم في إطلاق النار، لكن هذه المرة ليس على العلب المعدنية الفارغة كما تعودوا، فقد قرروا بناء على نصيحة أحدهم، أن يجربوا هذه المرة إطلاق النار على المهاجرين المتسللين عبر الحدود، ليحققوا هدفًا مزدوجًا هو تحسين مهاراتهم في إطلاق النار، وحماية بلادهم من المهاجرين المتسللين إليها لمزاحمتهم في خيراتها.

بعد عبورهما الحدود، يلتقي المهاجران غير الشرعيين بالسيدة الجميلة، التي نكتشف أنها تتكلم الإسبانية، تتطوع لتدلهما على المكان الذي يمكن أن يجدا فيه عملًا، وتعاملهما بلطف شديد لدرجة أنها تعطيهما بطانية وبعض الماء، وخلال حديثها معهما، نرى المراهقين وهم يقومون بالتصويب على المهاجرين، فيخطئان وتصيبها الطلقة التي أطلقاها، فتسقط من حصانها على الأرض، ليكتشف المهاجران أنهما سيتهمان بقتلها، فيسارعان بالهرب، في نفس الوقت الذي يهرب فيه المراهقون من مسرح الجريمة، ويسارع الزوج إلى الاطمئنان على زوجته بعد أن سمع صوت إطلاق النار القادم من المكان الذي تعودت السير فيه بحصانها، فيصل إليها ليجدها قتيلة، ليبدأ رحلة اكتشاف وبحث عن قتلتها تستمر طيلة الفيلم، هي في حقيقة الأمر رحلة لتجسيد وتأمل الواقع الظالم المظلم الموجود على جانبي الحدود.

بدأ عرض الفيلم قبل أشهر مواكبًا للمعركة السياسية التي نشبت بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبين الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون المحافظون والمتحفظون على السياسة الجديدة التي أعلنها أوباما، لتقنين وجود ملايين المهاجرين في الولايات المتحدة والذين أنجبوا أطفالًا خلال وجودهم فيها، ومع ذلك فلم يحقق الفيلم النجاح المنتظر عند نزوله إلى دور العرض؛ ربما لأن الجمهور الذي يمكن أن يتحمس لانحياز هذا الفيلم للمهاجرين وإدانته تعرضهم للظلم والعنصرية، منشغل أصلًا بتأمين لقمة العيش، أكثر من انشغاله بدعم سينما تنحاز إليه، وربما لأن الفيلم عُرِض وسط موجة من الأفلام كبيرة الميزانية التي تجذب جمهور السينما إليها أكثر، لكنه برغم ذلك حقق نجاحًا ملحوظًا عندما تم عرضه في شبكة (نت فليكس) التي تقوم بعرض الأفلام على الإنترنت، والتي أصبحت من أهم منافذ الفرجة على الأعمال السينمائية والتلفزيونية الجديدة، وأظن أن الإقبال سيزداد عليه أكثر عند عرضه في المزيد من القنوات التلفزيونية التي يمكن أن تستهويه قصة إنسانية مركبة كالتي يعرضها الفيلم.

فيلم (فرونتيرا)، هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه وكاتبه مايكل بيري، بعد فيلمين قصيرين نالا نجاحًا نقديًا، وبعد عدة تجارب في التمثيل المسرحي والسينمائي، وبرغم تواضع خبرته السينمائية، إلا أنه نجح في تقديم صورة سينمائية ملفتة للحدود على الجانبين الأمريكي والمكسيكي، وبرغم تعثره أحيانًا مع شريكه في كتابة السيناريو لويس مولينيه الثالث، وتقصيرهما في تقديم خلفيات أكثر تعمقًا في شخصيات الفيلم الشريرة إن صح التعبير، لمساعدتنا أكثر على تفسير أفعالهم، بدلًا من الاعتماد على فكرة عبثية الحياة التي تدفع الجميع إلى ما يقومون به من تصرفات؛ إلا أنه يحسب لهما أن الفيلم لم يقع في فخ تصوير المهاجرين بوصفهم ملائكة يتعرضون دائمًا للظلم من قبل المواطنين، فقد صوّر كيف يقوم بعض الذين سبق لهم عبور الحدود، بالتحول إلى وحوش يفترسون أبناء وطنهم القادمين لتحقيق أحلامهم، وهو ما حدث للزوجة -إيفا لانجوريا- حين سمعت بالقبض على زوجها، فقررت أن تعبر الحدود لنجدته، فتعرضت برغم حملها للاختطاف والاغتصاب مما تسبب في إجهاضها، في سلسلة مشاهد مقبضة أدتها إيفا لانجوريا ببراعة شديدة.

حماس مايكل بيري لتحقيق الفيلم بدأ مبكرًا، منذ نشأته في أريزونا، هو وشريكه في الكتابة، والذي خاض تجربة عبور الحدود بنفسه، وكان صاحب فكرة كتابة فيلم عن حياة الكثير من الشخصيات التي رآها الاثنان خلال وجودهما في أريزونا، سواء كانت شخصيات المهاجرين أو شخصيات المقيمين في المنطقة الذين تتنوع مواقفهم تجاه عبور الحدود بين العدائية تجاه المهاجرين والقبول بوجودهم، وبعد انتهاء الاثنين من كتابة السيناريو عرضه مايكل بيري، على إيد هاريس وزوجته إيمي موديجان، متمنيًا عليهما أن يلعبا دور الزوجين، فأحب الاثنان السيناريو، كما أحبا فكرة العمل معًا، وربما كانت فكرة أنهما زوجان متحابان، عاملًا إضافيًا في إخراج مشهد عثور الزوج على زوجته مقتولة، بكل ذلك الصدق الآسر، وإن كان إيد هاريس في حوار له يقلل من أثر ذلك على أدائه، مؤكدًا أنه كان سيجتهد في تحقيق نفس النتيجة، مع ممثلة لم يرها من قبل.

أعجبتني كثيرًا النهاية التي قدمها المخرج للفيلم، فقد جاءت متسقة مع الفكرة الجوهرية التي يعبر عنها الفيلم، وهي أنه تحت دعوى حماية حدود الوطن، وباسم الحفاظ على القانون، تتم ارتكاب أشياء لا علاقة بها بالقانون ولا بالوطنية، وأعجبني قدرة مايكل بيري على تحويل مسار شخصية بطل الفيلم، من شخص يتحفظ على وجود المهاجرين، إلى شخص يعتبرهم أعداءه والمسؤولين عن قتل زوجته، ثم إلى شخص ينحاز ضد أبناء وطنه لإنصاف المهاجرين إذا لزم الأمر، دون أن تكون هناك خطب أو مواعظ، ومع أن الفيلم كان يحتاج إلى بعض من التعمق في تقديم كافة شخصياته، إلا أن النتيجة التي قدمها تظل متميزة بالنسبة لشخص يمارس الكتابة والإخراج لأول مرة، وقد أسعدني أن أقرأ أنه حصل على فرصة إخراج فيلم موسيقي، بسبب نجاحه في هذا الفيلم، وقد شاركت في بطولة مشروعه الجديد أيضًا، بطلة فيلمه إيمي موديجان، وينتظر أن يتم عرضه هذا العام، ولعله يستطيع في هذا الفيلم أن يضع الكثير من خبراته كممثل في العديد من مسرحيات برودواي الموسيقية الناجحة، ويثبت قدرته على تقديم أفلام مبهجة، مثلما برع إلى حد كبير في تقديم هذه القصة الحزينة التي تروي جانبًبا من تعب الحياة وبواختها.

Grace of Monaco .. من لا يحب غرايس؟

علياء طلعت – التقرير

القصص الخيالية دومًا تنتهي بزواج الأمير من فتاته التي تتحول إلى أميرة ويعيشا في سعادة، ولكن في الحياة الواقعية هل يتحقق ذلك؟

(غرايس كيلي) الممثلة العظيمة الحائزة على جائزة الأوسكار والجولدن جلوب ومعشوقة الجماهير الأمريكية عاشت هذه القصة الخيالية بزواجها من أمير (موناكو) الأمير (رينيه) الثالث وأنجبت منه الصبيان والبنات أيضًا، ولكن هل أكملا قصتهما مثل الحكايات التاريخية؟ هذا ما يقدمه لنا هذه الفيلم.

يتساءل المشاهد قبل بدء هذا الفيلم هل سيتناول غرايس كيلي الفنانة العظيمة، أم غرايس كيلي أميرة موناكو؟

ليبدأ بسرد قصة حياتها بعد زواجها بعدة سنوات، وتركيزه الأعظم على غرايس الإنسانة التي واجهت التحديات وانتصرت عليها سواء في عملها في التمثيل أو كزوجة أو كأميرة لإمارة موناكو في فترة حساسة في تاريخها.

الماضي عندما يؤثر على الحاضر والمستقبل

ماضي غرايس الذي أعنيه هنا ليس قصة نجاحها الساحق في عالم السينما؛ بل نشأتها وعلاقتها بأبويها، والفيلم رغم أنه لم يعرض الكثير من المشاهد عن هذه النقطة إلا أنه في مشهدين أو ثلاثة أعطانا المعلومات الكافية لنعلم أن غرايس كانت تعاني من التهميش والإهمال في عائلتها منذ الصغر، لا يشعر أبواها بأي من إنجازاتها وهو ما استغلته كدافع للنجاح حتى تثبت لهما ولنفسها قدرتهاعلى النجاح في أي تجربة تخوضها.

عدم قدرتها على تقبل الفشل كان دافعًا لها فيما بعد لتتخطى العديد من العقبات في زواجها، وتختار ما بين أن تكمل حياتها مع زوجها وأسرتها أم تعود إلى السينما مرة أخرى.

اختيار ما بين الشغف والاستقرار

يبدأ الفيلم بآخر مشاهد غرايس في عالم السينما، ثم ينتقل إلى زيارة (هيتشكوك) لها في قصرها في (موناكو) بعد سنوات من زواجها عارضًا عليها دور البطولة في فيلمه القادم.

يظهر تردد (غرايس) بوضوح مابين رفضها المبدئي لتعارض عملها في التمثيل مع مكانتها كأميرة، وبين رغبتها في العودة إلى المهنة التي شغفت بها في الماضي ولاتزال تفتقدها رغم حياتها الجديدة خصوصًا مع التباعد الذي حدث بينها وبين الأمير رينيه.

في ذات الوقت كانت الإمارة تعاني من مشاكل سياسية بسبب رغبة فرنسا في إجبارها على  فرض الضرائب على سكانها وحصول الأخيرة عليها لتمويل حربها في الجزائر وهو ما رفضه الأمير بوضوح؛ ما سبب سخط (شارل ديجول) الرئيس الفرنسي وتهديده بحصار (موناكو) وإشعال الحرب التي يعلم الكل نتيجتها مسبقًا؛ لأن الإمارة لا تمتلك جيشًا منظمًا.

ورغم ذلك ناقشت الأمير في رغبتها في العودة إلى السينما، ليوافق بشرط أن تحسن إدارة الدعاية الخاصة بالفيلم بما لا يتعارض مع مصالح الإمارة، وعاشت بعد هذا القرار فترة من السعادة الصافية واستعادت حيويتها حتى قضت على آمالها خيانة داخلية ،سربت الخبر قبل الموعد المحدد ليشتعل الرأي العام ضدها ويستخدم أعداء الأمير هذا الأمر في تهديد الإمارة؛ ليأمرها أن تنكر اشتراكها في الفيلم وتنسى هذا الموضوع بعد مشادة عنيفة بينهما أدت لقطيعة طويلة.

في هذه اللحظة وقعت الأميرة بين خيارين أحلاهما مر، أن تعود إلى عملها في السينما وشغفها بالتمثيل، ولكن في المقابل سوف تتخلى عن أولادها ورثة العرش القادمين، أو تودع السينما إلى الأبد وتكمل حياتها الزوجية والعائلية.

لاتخاذ هذا القرار راجعت غرايس كل حياتها السابقة، لتستكشف الأسباب الحقيقية التي تدفعها إلى العودة إلى عالم السينما، هل فقط الشغف وحب الفن؟ أم هناك أسباب أخرى؟

الإجابة على هذا السؤال في هاجس الأميرة عن الفشل، تشعر أنها في غير مكانها في موناكو لا تستطيع التأقلم مع الحياة، يرفضها العاملون في القصر والشعب، وتسوء العلاقة بينها وبين زوجها من يوم لآخر؛ لذلك، عودتها للسينما ليست للفن ولكن هربًا من الفشل، وهو الشيء الذي ترفضه شخصية عنيدة وقوية بهذا القدر، لتأخذ القرار الصعب وتبقى في (موناكو) لتحارب من أجل أسرتها ومن أجل وطنها الجديد وحبها لزوجها.

عثرة في الطريق أم سبب للنجاح

إذا قيمنا الوضع من وجهة نظر (غرايس)؛ لشعرنا أن الأمير (رينيه) مستبد يقف في طريق سعادتها من أجل مصالحه السياسية، ولكن لو أخذنا جانبه لوجدنا أنه في مأزق كبير.

فالوضع السياسي لدولته على المحك، ويتعرض للعديد من الضغوط الخارجية لتغيير سياسة بلاده، وكل خصومه يستخدمون زوجته ضده حتى تحولت إلى عثرة في طريقه.

وعلى الجانب الآخر في محاولة (غرايس) لتغيير هذا الوضع، بدأت تعلم بروتوكلات القصر بمساعدة القس تاك وأحد الكونتات مع خطة محكمة لزيادة شعبيتها على المستوى الدولي والمحلي واستخدامها لذكائها في كشف خطة من أخت زوجها للتعاون مع الحكومة الفرنسية مقابل أن تحكم هي البلاد بدلًا من أخيها.

يظهر لنا هنا وجه آخر للبطلة، فبدلًا من أن تتبرأ من تاريخها، تستخدم قدراتها على كسب القلوب ومهارتها وتاريخها في إعلان اعتزالها وتمسكها بعائلتها وإقامة حفل عملاق للصليب الأحمر دعت فيه الرؤساء الأوروبيين وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي لتقلب الأمور رأسًا على عقب، وتري العالم عاقبة تدمير دولة مسالمة مثل (موناكو) إرضاء لحسابات سياسية، وتنتهي خطتها بالنجاح لتنقذ في هذه اللحظة وطنها الجديد وزواجها في آن واحد.

أداء رائع وتصوير أروع

النجمة (نيكول كيدمان) أبدعت في أداء دور غرايس كيلي، خصوصًا مع المكياج وتسريحات الشعر التي جعتلها قريبة في الشبه منها للغاية، وكذلك تركيز التصوير على عينيها وشفتيها في الكثير من اللقطات ليظهر لنا المخرج الانفعالات والمشاعر التي تمر بها عن قرب.

ومن أجمل المشاهد، الخطاب الذي ألقته في حفل الصليب الأحمر وقد تم التركيز على المنطقة مابين عينيها وذقنها، وهي مناطق الشبه مابين (نيكول) و(غرايس) حتى يظن المشاهد للحظات أن غرايس كيلي فعلًا من تتكلم.

الفيلم في مجمله تجربة عميقة مليئة بالمشاعر الإنسانية، وأداء تمثيلي متميز وقصة إنسانية مشوقة.

التقرير الإلكترونية في

15.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)