كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

'أوتوماتا' شيء ما عن ثقافات العالم الافتراضي عام 2044

العرب/ طاهر علوان

 

فيلم 'أوتوماتا' ينسخ صورة واقعية لوجود بدائل روبوتية قادرة على تنفيذ الخطط التي وضعها الإنسان بعد أن وجد نفسه في مواجهة ثقافة بديلة.

الإبادة تقع كما يروي فيلم “أوتوماتا”، من إخراج الإسباني غابي إيبانيز، منذ بداياته لا بسبب غزو فضائي، ولا حرب نووية بعدما تصل البشرية إلى منتهاها في الاحتقان والصراعات، بل إن السبب هو العواصف الشمسية المتتالية التي ضربت الأرض، وأفنت أكثر من 99 بالمئة من البشر، بحيث لم يبق سوى ما يقرب من 20 مليون شخص من الناجين.

الناجون في فيلم "أوتوماتا" وبكل تأكيد هم من الأميركان بلكنتهم ولهجتهم وطريقة عيشهم، تجدهم يتكررون في صورة نمطية للفرد الأميركي، فهل أن ثقافة هذا العالم الافتراضي، هي ثقافة “أميركية” في المطلق إبان تلك الإبادة الشاملة التي تقع فصولها قبيل عام 2044؟

في واقع الأمر إننا لن نعدم إجابة مؤكدة إيجابية أنها نعم، ثقافة أميركية، ولكنها سرعان ما ستترجم إلى معطيين اثنين: الأول ثقافة العصر الرقمي الذي سيسود، فالشاشات الهلامية تحيط بالفرد من كل جهة سواء في منزله أو في الخارج.

شاشات تقدّم أجساما وأشكالا ثلاثية الأبعاد، قصصا وأفلاما، وصولا إلى عروض التعرّي، ثم قدرة الأم الحامل على مشاهدة جنينها، وقد اكتمل في أحشائها، وهو يتحرك من خلال شاشة منزلية كبيرة، ما عدا ذلك فأدوات ليزرية وقراءات بيومترية لكل شيء.

أما المعطى الثاني فهي لغة وثقافة الروبوت: فقد لجأ هؤلاء الناجون من إبادة الحياة على سطح الكوكب إلى أيدي عاملة بديلة، تؤدي جميع الوظائف، شركات توفر خدمات فورية من خلال أشخاص مبرمجين في شكل إنسان آلي، يقوم بجميع الوظائف من تنظيف وبناء وحراسة وحتى رعاية الكلب داخل المنزل، وقد تمّ نسخ جيل من الروبوت قادر على التمرّد على الأوامر، فضلا عن الإحساس بالإحباط والقدرة على الانتحار بأن يحرق نفسه معلنا تمرّده على مبرمجيه.

هذه هي رحلة الشخصية الرئيسية في هذا الفيلم “جاك” الممثل الإسباني (أنطونيو بانديراس)، أما بيئته المكانية فخراب تام وشامل، البيئة التي يتحرك من خلالها هو أو غيره، محددة بحدود غير مرئية، يتمّ عند تجاوزها إطلاق صفارات الإنذار، حيث تنتشر أكوام القمامة ومخلفات العواصف الشمسية الملوثة بالإشعاع، وتبدو بقايا الأرض وكأنها قد ضربتها قنبلة نووية تركتها أثرا بعد عين.

بموازاة ذلك سيتم خرق أحد البروتوكولين اللذين يعمل بموجبهما الملايين من الكائنات الآلية، وهو البروتوكول الذي ينص على حضر تغيير الكائن الآلي نفسه، وفجأة تتمكن تلك الكائنات من التعبير عن فكرة الألم والقدرة على إصلاح الأعطاب التي تصيبها بنفسها، فيما كانت إلى عهد قريب مجرّد كائنات آلية تعمل بإمرة الإنسان.

عالم يسير بحسب "أكواد" وأرقام سرية، ولا تعاطف بين الجميع سوى ما تمليه عليه طبيعة العمل

لعله شكل آخر من أشكال ثقافة التحدّي بين الإنسان والإنسان الآلي، وإلى أين سيمضي هذا السباق بين الطرفين، خاصة إذا عزز الإنسان الآلي ببرمجيات تمكنه من أن يقوم بوظائف قد لا يتمكن الإنسان العادي من اختراقها، كدخول المناطق الخطرة أو الملوثة بالإشعاعات، وهنا سنجد أن الإنسان الآلي سيقيم عالمه الخاص في تلك البقاع الملوثة، رافضا أن يعيد جاك إلى المدينة.

ولعل هذا الخيال العلمي في جانب منه ينسخ صورة واقعية لوجود بدائل روبوتية، قادرة على تنفيذ العديد من الخطط التي وضعها الإنسان، وفي كل الأحوال، هي ثقافة كائن معزول وثقافة معزولة، فالإنسان المعزول يجد نفسه في مواجهة ثقافة بديلة ومنطق بديل، أي ثقافة وفكرة الصراع.

ولكن هذه المرة مع الكائنات الافتراضية التي تنتشر بكثافة في المكان وترسخ وجودها فيه، الإنسان المعزول عن محيطه، المحاط بالرموز والأرقام و”الأكواد” السرية هو الذي يتشكل يوما بعد يوم، فالعالم يسير أمامه بحسب تلك “الأكواد” والأرقام السرية، ولا تعاطف بينه وبين الآخرين سوى ما تمليه عليه طبيعة العمل.

وسط هذه العزلة التي تمتدّ إلى أرض قفر، يحاول من خلالها جاك سبر أغوار هذا الواقع الجديد، سيحاول العودة إلى الفطرة الإنسانية السوية، وأثناء المخاض العسير الذي تدخل فيه الزوجة لولادة طفل، يقابلها على الشاشات عمليات استنساخ عشرات الكائنات الآلية التي ستنطلق في عالمها الخاص، وتحيط بالإنسان المعزول أصلا.

الإنسان الذي أصبح أقلية وسط إطباق تلك الكائنات على كل شيء، والتعبير عن ثقافات منقرضة وثقافة حاضرة مجدبة جففتها الحروب، حتى إذا فرغ الإنسان منها حوّلها إلى الإنسان الآلي، ليكمل أشواطا جديدة من الصراعات بينه وبين بني جلدته.

العرب اللندنية في

12.01.2015

 
 

كاو لاك.. الفردوس المفقود

قيس قاسم

عشر سنوات، بالتمام، مضت على كارثة تسونامي في تايلاند وعن مآسيها أُنجزت الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، وأغلبيتها ركزت على ملاحقة قصص الضحايا وتصوير حجم الخسائر التي لحقت بالمكان ومسخته، فيما ظلت حكايات شخصية ليست قليلة مركونة بانتظار اللحظة التي يقرر أصحابها سردها وبالأشكال التي يرونها مناسبة لتوصيلها إلى العالم، وعند مشاهدة فيلم "كاو لاك" سيتأكد لنا أن المخرج والمصور السويدي ينس ليند هو واحد من هؤلاء الذين تريثوا طويلاً قبل أن يحكوا قصتهم مع تسونامي.

يشتغل ينس ليند على تحولات المكان بوصفها المحرك الديناميكي لكل القصص التي يقدمها في وثائقيه وعلى أساسها يلاحق أيضاً مصير حيوات رصدها فيما مضى وعاد ثانية ليسأل عنها، وبالضرورة ما دامه قد قرر وضع نفسه بين تلك الشخصيات التي صورها أثناء زيارته الأولى لمدينة "كاو لاك" فإنه سيضفي على منجزه طابعاً شخصياً به سيعطي الفيلم دفقاً عاطفياً وحميمية. يسرد السويدي كما وردت في تسجيلات كاميرته الشخصية التي لم تفارقه حتى في عطلته السنوية التي جاء لتمضيتها مع عائلته في منطقة ساحلية صغيرة لم تكن معروفة حينها كوجهة سياحية، عن المخاطر المحتملة من زوال منطقة "كاو لاك" كفردوس أرضي إذا ما تدخلت شركات السياحة العالمية على الخط وبدأت بغزو المنطقة التي أسستها عائلة فيرويذر، كمنتجع سياحي بمواصفات طبيعية وبحس امتلاك غير طمّاع. أثناء وجوده هناك في ديسمبر من عام 2004 دفعه حسه المهني لإنجاز ريبورتاج تلفزيوني عن النزل السياحي الذي أقام مع عائلته فيه ويدعى "مايز كوايت زون".

سيتضح من مقابلة أصحابه؛ رجل الأعمال الأمريكي دوغلاس فيرويذر وزوجته ماي التي سمي المكان باسمها على غرار "تاج محل" الهندي أن وراء المشروع قصة حب رومانسية حقيقية انتهت بزواجهما والإقامة في نفس المكان في تجربة مختلفة كثيراً عن تجارب زواج الغربيين الكثيرة وبخاصة كبار السن منهم بشابات تايلانديات. وجد ينس فيهما وفي مشروعهما قصة تصلح لنقلها تلفزيونياً ولهذا اشتغل طيلة وجوده على الموضوع مركزاً على المخاوف من تشويه فكرته التي جعلت من المكان جنة هادئة، العيش فيها يذكر بالحياة البدائية وقد التفت وأشار في تسجيلاته إلى الطريقة التي بُني بها المنتجع وتصميمه الذي وضعته الزوجة ماي، المزارعة في حقول الأرز، بنفسها وكيف أنها رفضت قلع شجرة معمرة صادف وجودها في نفس المكان الذي خططت له أن يكون مطعماً، وبدلاً من قلعها أصرت ماي على بقائها في وسطه. فكرة الحفاظ على الشجرة صارت الفكرة المركزية في ريبورتاجه الذي عنونه "الفردوس المفقود". هل كان العنوان يُنبئ بمصير المكان كله؟

قبل ثلاثة أيام من عصف تسونامي انتهت عطلة ينس فرحل مع عائلته إلى أستراليا ليكمل ويسلم ريبورتاجه إلى الشركة التلفزيونية التي كلفته به. بعد الكارثة تزاحمت في رأسه أسئلة مدعاة للحيرة والقلق، مثل: ماذا لو بقينا في ذات المكان وحدثت الكارثة، ما الذي كان سيحصل لي لو فقدت أطفالي، وأي مصير سينتظر عائلتي لو طوتني الأمواج ولم أظهر على السطح ثانية. وهواجس أخرى عن الغير؛ ما هو مصير الناس الذين التقيتهم وأجريت مقابلات معهم وكيف هو شكل الساحل الآن؟ أسئلة ستعيده إلى "كاو لاك" عام 2005 ليصوِّر بنفسه مخلفات الكارثة من زاوية تجمع بين انطباعاته الشخصية وبين تجربة من عرفهم في زيارته الأولى. على التتابع الزمني، واختلافات طبيعة المشهد المكاني، سيشتغل ينس ويستجمع مادته الفلمية متخذاً لنفسه أسلوباً مذهلاً في التعبير عن التفاصيل الصغيرة للمكان وتشوهاته ولمآلات الناس الذين تعرّف عليهم.

وفي ذكاء لافت سيتجنب تبريز الجراح على السطح، والاكتفاء بدلاً عن ذلك برسم المشهد الجديد بكل إشكالياته وتبعاته ما استوجب البحث المضني عن الأشخاص وتفاصيل التحولات المكانية والتي لا يعرف مسح أسطحها وكشف المخفي خلفها إلا السينمائيين الوثائقيين المتمتعين بموهبة وحصانة فكرية. سيعود إلى "كاو بلاك" عام 2009 بصحبة الأمريكي دوغلاس الذي زاره في بيته في الولايات المتحدة وسمع منه قصة نجاته العجيبة وكيف رمته الأمواج العاتية على ساحل يبعد عدة كيلومترات من فندقهم، أما زوجته ماي فقد ماتت ولهذا قرر العودة إلى بيته الأمريكي القديم وحيداً معزولاً لاتفارقه ذكريات المكان الذي أحبه وأحب زوجته فيه
لم يخرب تسونامي المناطق الساحلية التي وصل إليها فحسب بل غير من تركيبتها الجيوغرافية حين قلص المساحة الرملية للساحل عدة مترات ما يعني تقليص مساحة الحركة والاستثمار السياحي على طول الخط الساحلي الذي يزيد عن 20 كلم. كما أن الأمواج صارت تصل إلى أبعد مما كانت تصل إليه من قبل فأصبح البناء صعباً لأن المياه كانت وبين فترة وأخرى تغمر ما يُبنى وتهدمه. حركة السياحة قلّت منطقياً، بسبب الخوف فزادت هجرة العمال من المنطقة بحثاً عن مصادر رزق في مناطق أخرى من البلاد. كل هذه التغييرات سجلها الوثائقي السويدي ومضى أبعد من ذلك من خلال دوغلاس الذي وثق بدوره، عبر متابعته لمعرفة مصير أراضيه وأمواله التي تركها خلفه، ظهوراً قوياً للبنوك التي استغلت بجشع الكارثة لمصلحتها وقام عملاؤها بتشجيع الناس على بيع أراضيهم بأسعار زهيدة وبطرق ملتوية ودعاية منظمة تعتمد على التخويف من مجيء تسونامي جديد وإشاعة فكرة الكساد الدائم، كما يسجل انتشاراً للفساد في مؤسسات الدولة وازدياداً في مستوى الرشاوى بين أفراد الشرطة وتعاونها مع المافيات المحلية.

لقد حدث خراب روحي أشد وطأة من الخراب المادي وسيتجلى بطريقة غير مباشرة  في العلاقة الجديدة بين الأمريكي دوغلاس وامرأة تايلندية تصغره بعقود، معيداً بزواجه منها نفس التجارب السابقة المبنية على استغلال مادي صرف لحاجات الطرفين دون اعتبار للعاطفة والتواصل الإنساني، على عكس تجربته الأولى التي كانت تطفح بالودّ والسعادة الحقيقية. على مستوى ثانٍ تبرز روح تضامنية بين غربيين زاروا الساحل من قبل وأرادوا للناس العاملين فيه الخير والاستمرار فساعدوهم مادياً لكن النتائج لم تكن مشجعة بسبب ظهور موجة بناء ضخمة في المنطقة المنكوبة حولتها من جنة هادئة وجعلتها منتجعاً للأثرياء لا يخرجون من فنادقها الضخمة ولا يعرفون ما الذي يخفيه الفردوس المحيط بها من جمال طبيعي نادر.

 يذهب بعد تسجيله الحقائق الجديدة، برفقة موسيقى تعبيرية رائعة كتبها مجموعة من المؤلفين السويديين خصيصاً للفيلم، إلى جوانيات النماذج البشرية التي عرفها ويسجل في أواخر عام 2013 توجساً لديها من التغيير الجديد ومن احتمال ترك المكان ونسيانه إلى الأبد. فتجربة دوغلاس مع زوجته الثانية انتهت بالفشل كما كان متوقعاً، والنساء العاملات في المنطقة القديمة صرن يفكرن بتأمين رزقهن في الفنادق الجديدة مع كل ما يرافقه من شعور بالندم والخيبة، وعلى المستوى الشخصي اعتبر المخرج ينس ليند نفسه خاسراً أيضاً لأن الفردوس الذي أحبه وتوقع له أن يختفي قد اختفى بالفعل وما بقي من المكان لم يعد ينتمي إلى المكان ذاته، القديم الشديد الصلة بالناس والطبيعة. لقد ضاع فردوس "كاو لاك" ومعه أشياء جميلة لن تعود ثانية وهذا ما تحقق منه الوثائقي وقدّمه في نهاية عام 2014 كخاتمة لتجربة شخصية محزنة مع مكان شهد سعادات حقيقية وغمرته في لحظة خاطفة نكبات مريرة.

المغرب يسمح بـ " خروج اليهود"

المصطفى الصوفي - الرباط

شكّل فيلم "خروج.. ملوك وآلهة" لمخرجه الأمريكي ريدلي سكوت، والذي يتحدّث عن الخروج التاريخي لنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام مع قومه وأتباعه من بني إسرائيل من مصر، الحدث السينمائي العالمي الأبرز في الساحة السينمائية والثقافية المغربية في نهاية السنة الماضية، ومطلع السنة الجارية، وذلك بسبب التأشير في البداية على عرض هذا الفيلم الأمريكي الجديدة في القاعات السينمائية، من قبل لجنة المشاهدة الخاصة بالمركز السينمائي المغربي، المؤسسة الوطنية الوصية على القطاع السينمائي، وبعدها تم اتخاذ قرار بسحب الفيلم ومنعه من العرض، بدعوى، أنه يحتوي على مشاهد تحيل إلى تجسيد الذات الإلهية، فضلا عن الحديث من قبل المتتبعين عن رواية أخرى لشق البحر، غير الرواية المتعارف عليها، وهي أن نبي الله موسى، عبر بقومه البحر هروبا من طغيان فرعون، وذلك بعد أن شق البحر بعصاه السحرية.

تفشِّي ظاهرة القرصنة وإغلاق القاعات

بعد خروج الفيلم إلى القاعات السينمائية العالمية، تم منح رخصة إلى الفيلم الأمريكي لعرضه في كبريات القاعات السينمائية المغربية، وبخاصة في مراكش والدار البيضاء، والرباط  وفاس، وغيرها من المدن المغربية التي ما تزال، تحتفظ بقاعاتها السينمائية، رغم قلة المداخيل، وفي ظل إغلاق معظم القاعات السينمائية، واختفائها، وتحويل الكثير منها إلى عمارات، ومشاريع استثمارية واقتصادية تدر على أصحابها أرباحا طائلة، وذلك بسبب عزوف رواد السينما عن ارتياد تلك الفضاءات، وتفشِّي ظاهرة القرصنة، وانتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة، والتي ساهمت هي الأخرى في تدنِّي عملية عرض الأفلام السينمائية.

فبعد ترخيص لجنة المشاهدة في بداية الأمر للفيلم الأمريكي بالعرض في القاعات السينمائية المغربية، خلال تلك الفترة، تراجعت جهات الاختصاص عن قرارها، وبدأت في توقيف عرض هذا الشريط، عبر رسائل شفوية، في البداية، وهي التعليمات، التي لم تجد صدى قويا لها لدى أصحاب بعض القاعات، ولم يرضخ لها البعض، وبخاصة الساهرين على القاعة السينمائية بمراكش والدار البيضاء، ثم جاء المنع كتابيا ليستجيب له أصحاب القاعات، وتبدأ الأزمة، التي خلّفت ردود فعل قوية متباينة من قبل النقاد والمهتمين والسينمائيين ومنظمات حقوقية وجمعيات ثقافية وفنية، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام التي أفردت صفحاتها لهذا الموضوع، وأعطت لهذا الحدث حيزا كبيرا للتحليل والنقاش، تداخلت فيها الكثير من الآراء والأفكار المتباينة.

وقد ذهب بعض المحليين بعيدا إلى اعتبار قرار المنع، تجري خلفه جهات سياسية ودينية، على اعتبار أن الوزارة التي تشرف على القطاع السينمائي هي وزارة الاتصال، التي يقودها وزير من حزب العدالة والتنمية، ذو التوجه الإسلامي، وهي المسألة التي قد تكون لها تداعيات كبيرة، وستضرّ بالقطاع السينمائي مستقبلا، وذلك بالنظر إلى عدد من شركات الإنتاج العالمية والمخرجين الأمريكيين، الذين يتخذون من المغرب، وبخاصة من مدينة ورزازات، التي تعتبر عاصمة السينما في المملكة، وهي العملية التي تدرّ على البلاد الملايين من الدولارات، بالإضافة إلى انتعاش الحركة السياحية والاقتصادية، وتوفير فرص العمل للعديد من المواطنين والشركات والمهنيين المغاربة.

حرية الإبداع دون المس بالهوية والعقيدة

ويعتبر هذا الحدث السينمائي الأول من نوعه، في عهد المدير الجديد للمركز السينمائي المغربي (سي.سي.إم)، صارم الفاسي الفهري، الذي تم تعيينه مؤخرا، خلفا للمدير الأسبق نور الدين الصايل، وهو السينمائي الذي كان يتميز بكاريزمية سينمائية قل نظيرها، وقرارات استثنائية، أنعشت الممارسة السينمائية المغربية، وذلك من خلال إقرار صندوق لدعم الأفلام، وإحداث لجنة لدعم المهرجانات السينمائية في مختلف مدن وجهات المملكة، وقرارات جريئة لا تمس الإبداع السينمائي في شيء، فضلا عن دفاعه الكبير عن كل ما يمسّ السينما المغربية، هذه العملية ركب على إيجابياتها العديد من المهتمين، والذين وجدوا في رحيل نور الدين الصايل، وتغييره بالمدير الجديد، خسارة للسينما المغربية، على اعتبار أن الصايل، ما يزال في جعبته الكثير، وما يزال قادرا على الدفاع عن اختيارات المركز السينمائي، وعلى حرية الإبداع دون المسّ بكرامة وهوية وعقيدة المواطن والمتفرج. في حين رأوا في منع الفيلم الأمريكي الجديد، وسحبه من القاعات السينمائية بعد قرار إجازة عرض، بداية غير سعيدة وغير موفقة لمدير جديد، وعملية متناقضة، ولا تبرز روح المهنية والاحترافية والمسؤولية التي يجب أن تتوفر لمؤسسة سينمائية كبيرة تعرف جديا ما لها وعليها، وكيف تتصرف في مثل هذه المناسبات.

المنع يرفع أسهم "ريدلي سكوت" في السوق السوداء

وسيرا على المثل الشعبي الذي يقول كل ممنوع مرغوب، أصبح الجمهور المغربي بعد قرار هذا المنع، متلهفا لمعرفة خبايا هذا الفيلم الجديد، وهو ما رفع اسم ريدلي سكوت، ووفر له دعاية مجانية ومضاعفة، لمتابعة فيلمه الجديد، واكتشاف سحر مشاهده، إن كانت بالفعل تستحق المنع، أم أن في العملية خبايا أخرى، تتستّر عليها الجهات المسؤولة، تحت ضغط جهات دينية، ما دفع الجمهور إلى شراء نسخ مقرصنة، بأثمنة مهمة، وهو الأمر الذي أنعش العديد ممن يمتهنون هذه الحرفة في ظل غياب جهات مسؤولة تحارب هذا القطاع النشيط والخفي والذي، أصاب الإنتاج السينمائي والموسيقي خاصة بالكساد، حيث ما أن يصدر أي جديد في هذا المجال إلا وتجده في سرعة البرق لدى هؤلاء المقرصنين، الذين يتصيدون كل فرصة سانحة من أجل تحقيق أرباح خيالية على حساب المبدعين مغاربة وأجانب الذين صرفوا أموالا طائلة من أجل إنتاج أعمالهم،  وإيصالها إلى الجمهور بطرق مشروعة، حيث بعد هذا المنع أصبح الفيلم متداولا بشكل كبير في السوق السوداء لدرب غلف، أشهر سوق بمدينة الدار البيضاء، ولعل هذه القرصنة الشبح الذي يخيف السينمائيين بالدرجة الأولى، يعد من بين الأسباب الحقيقية لإغلاق العديد من القاعات السينمائية المغربية، التي أصبحت لا تتجاوز الـ 65 قاعة بعد أن كانت تحسب بالآلاف.

تباين في الآراء بين مؤيد ومعارض

وفي هذا السياق، ومن أجل احتواء الأزمة، والمساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإعادة الشريط إلى القاعات السينمائية المغربية، والبحث في شرعية قرار المنع من عدمه، استدلّ متتبعون ومهتمون، بمراجع ومصادر قانونية، والبحث في مبررات المنع ودوافعها وصلاحيتها، معتبرين أن قرار لجنة المشاهدة نهائي وغير قابل للطعن فيه من جديد، وبالتالي ضرورة الحفاظ على عرض الفيلم، دون توقيفه لإعادة النظر فيه من جديد.

وقد تفاعل الكثير من المتتبعين مع هذا المنع، وحبذّوا الفكرة، إن كان بالفعل يعرض مشاهد لا تتماشى مع العقيدة الإسلامية، ودون أن تخدش هوية المسلمين، في حين اعتبر آخرون المنع مجرد قرار غير موضوعي، ولعل أبزر رد  على هذا المنع، جاء من المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام، والتي يترأسها المخرج المغربي عبد الرحمان التازي، والذي اعتبر المنع عملية سابقة خطيرة، قد يؤثر على مستقبل الصناعة السينمائية المغربية.
وقال المكتب في بيان له إن" منع إبداع فني بسبب اعتقادات دينية هو عمل مثير للسخرية، ولا معنى له وغير عقلاني وغير ديمقراطي"، والذي لا يمكن أن يكون له إلا تأثير معاكس للمقصود منه، وربما أدى إلى تفاقم الانقسامات والتوترات الواسعة الانتشار بين مختلف الديانات والتيارات الدينية. ومثل هذا العمل لا يمكنه بأي شكل أن يثني الناس عن مشاهدة الفيلم بكل الوسائل التكنولوجية المتاحة اليوم.

ورأى المكتب أن هذه الممارسة ضارّة بتطور صناعة السينما الوطنية، موضحا أن مخرج الفيلم ريدلي سكوت صور معظم أفلامه الأخيرة في المغرب، وهي كلها من الإنتاجات الكبرى ذات الميزانيات الكبيرة. وكل الميزانيات المستثمرة في المغرب قد حركت العديد من القطاعات الاقتصادية، ووفرّت العمل لكثير من الناس، من استوديوهات السينما والفنادق والمطاعم والنقل والتقنيين والممثلين، ومن الواضح أن مثل هذا القرار قد يعيق الاستثمار السينمائي في المغرب، ويحوِّل الإنتاجات الأجنبية إلى وجهات أخرى، مما سيمثل ضررا كبيرا على السينما الوطنية.

الدعوة لتجنب مثل هذه القرارات

كما لفت المكتب التنفيذي للغرفة المغربية إلى أن هذا القرار مُضرّ، ويقوِض روح الانفتاح، وحرية التعبير والتسامح المشهود بهم والذين يميزونه عن مجموع العالم العربي والإسلامي والبلدان النامية بشكل عام. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم هو اختيار شخصي، ومنع شخص من التصرف بحرية في هذا الخيار هو انتهاك للحرية الفردية التي يكفلها الدستور.
وأكد بيان المكتب التنفيذي الذي وقعه عبد الرحمن التازي أنه في القوانين الجاري بها العمل، تعتبر لجنة النظر في صلاحية عرض الأعمال السينيماتوغرافية ذات سيادة وقراراتها نهائية وغير قابلة للنقض، مؤكدا أن منح هذه اللجنة التأشيرة للفيلم المذكور ليتم عرضه للجمهور، وتم التراجع على هذا القرار تحت ضغط سلطوي وصفته بـ"التعسفي". كما اعتبر المكتب القرار غير المسبوق، يفتح الباب على مصراعيه لممارسات مسيئة وتعسفية وغير ديمقراطية ومناقضة، داعيا السلطات المختصة لتجنب مثل هذه القرارات التي تضرّ بمصداقية المغرب المتسامح المشجع لصناعة سينمائية في تطوُّر مستمر.

حذف مقطعين صوتين يحيلان إلى تجسيد الذات الإلهية

إجازة عرض الفيلم بدور السينما المغربية

وأمام هذه التفاعلات، والأحداث المتسارعة، وردود الفعل القوية والغاضبة بين مؤيد ومعارض لهذا المنع السينمائي، حيث يرى بعضها، أن الفيلم مجرد وجهة نظر إبداعية تخييلية، وليست واقعية، على اعتبار أن السينما عمل إبداعي خيالي تتوافر فيه عناصر التخييل بكثافة، عاد الفيلم من جديد إلى القاعات السينمائية المغربية، وتم السماح له بالعرض من قبل لجنة المشاهدة، وذلك بعد حذف مقطعين صوتين منه يحيلان إلى تجسيد الذات الإلهية، كشرط أساسي وضعه المركز السينمائي المغربي أمام مسؤولي الشريط الأمريكي، لينتهي شريط مسلسل أزمة خيمت على المجال الفني والسينمائي المغربي، على أمل ألا تتكرر مثل هذه العملية في المستقبل، وجعل قرارات اللجنة المختصة لمنح تأشيرات الأفلام نهائية ومسؤولة وصارمة، ولا رجعة فيها.

وأشار المركز السينمائي المغربي بالمناسبة، إلى أنه بعد قرار لجنة النظر في صلاحية الأشرطة السينمائية بمنع الفيلم بوجود مشاهد تسيء إلى المشاعر الدينية للمشاهد المغربي، أجرى مدير المركز صارم  الفاسي الفهري، اتصالات مع شركة (فوكس) التي أنتجت الفيلم، فضلا عن مخرج الفيلم ريدلي سكوت، وهي  محادثات اتسمت بالمهنية والودية، بشكل راق واستثنائي، انتهت بقبول الطرفان تحفظات لجنة المشاهدة، وتم تعديل المشاهد، والصوتين اللذين يجسدان الذات الإلهية، حيث أكد المسؤولون عن الفيلم الأمريكي عدم وجود أية نية مسبقة للمسّ بمشاعر وقيم المغاربة أو المسلمين بشكل عام، ليتم إعادة الفيلم بعد تعديله على لجنة المشاهدة، التي قررت منح الشريط تأشيرة استغلال تجاري جديد، لتجيزه بدورها من أجل عرضه، ويصبح للجمهور المغربي إمكانية مشاهدته في القاعات السينمائية بكل حرية.

كما كشف المركز السينمائي المغربي الذي أعرب عن ارتياحه لهذا الحل الذي وصفه بـ"الايجابي"، عن أنه لا يوجد بلد في العالم يملك مسؤولوها السينمائيين الحق في قول كل شيء، وإظهار كل شيء باسم حرية الإبداع، ولكن هذا لا يعني المسّ بالحريات الأخرى، وبخاصة مشاعر الجمهور وخاصة الدينية والعقائدية.

وقف محاكمة النوايا تجاه لجنة المشاهدة

ودعا المركز بالمناسبة، وقف محاكمة النوايا تجاه لجنة المشاهدة، في صلاحية الأعمال السينمائية التي تقوم بعملها كما يسمح لها بذلك القانون، دون فعل رقابة كما اعتقد البعض، معربا عن تشكراته وامتنانه للشركة المنتجة ولمخرج الفيلم تفهمهما العميق وتعاونهما لحل هذه الأزمة، ما يبرز التقدير الكبير واحترام مشاعر المغاربة والمسلمين، وتفنيد مخاوف الكثيرين، من احتمال وجود تداعيات سلبية جراء هذا المنع على القطاع السينمائي والشركاء الأوفياء في هذا المجال.

 وقد لقي هذا الحل التوافقي بين الطرفين، ترحيبا واسعا من قبل السينمائيين المغاربة والمتتبعين، والذين رأوا في عودة الفيلم الأمريكي، انتصارا لحرية الإبداع الجاد والمسؤول والحالم، ولسحر السينما، التي تظل رغم الإشكاليات والصعوبات، فسحة إبداعية للمتعة البصرية والفرجة والحياة، هذه الأخيرة تستحق أن تعاش سينمائيا، ومن يحبها ويعشقها فعلا، عليه أن يذهب إلى السينما.

ويعرض حاليا شريط (ايكزوديس) الذي يلعب بطولته الممثل البريطاني بيل كريستيان، بمختلف القاعات السينمائية المصنفة، ومنها سينما النهضة بالعاصمة الرباط، ويحكي الشريط الذي كتبه ثلاث مبدعين كبار، وهم ستيف زيلين، وآدم كوبر، وبيل كولاج، في قالب فني ومشوق وجميل، قصة ملحمية للنبي موسى عليه السلام، أثناء خروجه ببني اسرائيل من مصر، هروبا من بطش فرعون، الذي جسده الممثل جوين اجيرطون، وقد صور هذا الشريط الضخم، في كل من معابد أسوان بمصر وبريطانيا وإسبانيا.

الجزيرة الوثائقية في

12.01.2015

 
 

إحسان عبدالقدوس.. إسهامات سينمائية بارزة

«سينماتوغراف» ـ محمود درويش

قال عنه الشاعر الكبير صلاح جاهين «الكاتب المصري صحى شعبنا النعسان، وعلمه كلمة الحرية والانسان وكلمة الثورة اهداها لكل انسان. عاشت بلادنا، وعاش الكاتب المصري، وعشت للشعب كاتب مصري يا احسان».

إنه إحسان عبد القدوس الأديب والروائي الكبير الذي اختلفت حوله الآراء والذي تصادف اليوم 12 يناير الذكرى الخامسة والعشرين لوفاته حيث توفي عام 1990 عن عمر ناهز 71 عاما.

وقد كان من الطبيعي أن تختلف حوله الآراء وهو بهذه الغزارة من الإنتاج الأدبي. ليس هذا فقط، بل كان إنتاجه يصل إلى المتلقي بسرعة إما عبر الإذاعة أو السينما أو المسرح، وأخيرا عبر التليفزيون. وبالتالي تميز إحسان عبد القدوس بملامسة الشارع لأعماله واطلاع الملايين عليها حتى ولو كانوا «أميين» لا يستطيعون قراءتها.

وعلى عكس ما قيل عنه أنه كاتب المرأة والجنس، تقول السيدة نيرمين القويسني، مديرة مكتبه، وابنة شقيقة زوجته إنه كان شديد الإيمان وكتب قصة بعنوان «القرآن»، ويقول «أنا مؤمن بانه لا يمكن ان يصل القلم الى اسلوب له رنينه وله جاذبيته الا اذا كان الكاتب قد قرأ القرأن وتأثر بنغمات اسلوبه، والعقيدة ليس لها حدود جغرافية والإعتداء على العقيدة في أي مكان هو إعتداء عليها في كل مكان».

كما كان كاتباً سياسياً بإمتياز ويكفيه «قضية الاسلحة الفاسدة»، التي كشفها على صفحات مجلة «روز اليوسف».

اتهمه الأدباء والنقاد بأنه صاحب مدرسة أدب الفراش، وأنه كاتب الجنس للجنس، وأن قصصه تدعو للرذيلة، لكن من يقرأ روايات إحسان عبدالقدوس بوعي وبصيرة يدرك أن قصصه تدعو للفضيلة، وأن أبلغ رد على هذه الاتهامات هو ما يقوله «إحسان» نفسه عن نفسه: «إن نشر هذه العيوب سيجعلهم يسخطون، وهذا السخط سيؤدي بهم إلى الاقتناع بضرورة التعاون على وضع تقاليد جديدة لمجتمعنا تتسع للتطور الكبير، الذي نجتازه ونحمي أبناءنا وبناتنا من الأخطاء التى يتعرضون لها نتيجة هذا التطور، وهذا هو الهدف من قصصي».

ويعتبر إحسان من أوائل الروائيين العرب الذين تناولوا في قصصهم الحب البعيد عن العذرية وتحولت أغلب قصصه إلى أفلام سينمائية. ويمثل أدب إحسان عبد القدوس نقلة نوعية متميزه في الرواية العربية، إذ نجح في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية وترجمت معظم رواياته إلى لغات أجنبية متعددة.

أكثر من 600 قصة

كتب إحسان عبدالقدوس أكثر من ستمائة قصة وقدمت السينما عدداً كبيراً من قصصه، ويتحدث إحسان عن نفسه ككاتب عن الجنس فيقول: «لست الكاتب المصري الوحيد الذي كتب عن الجنس فهناك المازني في قصة «ثلاثة رجال وامرأة» وتوفيق الحكيم في قصة «الرباط المقدس” و….و…. وكلاهما كتب عن الجنس أوضح مما كتبت ولكن ثورة الناس عليهما جعلتهما يتراجعان، ولكنني لم أضعف مثلهما عندما هوجمت فقد تحملت سخط الناس علي لإيماني بمسؤوليتي ككاتب!! ونجيب محفوظ أيضاً يعالج الجنس بصراحة عني ولكن معظم مواضيع قصصه تدور في مجتمع غير قارئ أي المجتمع الشعبي القديم أو الحديث الذي لا يقرأ أو لا يكتب أو هي مواضيع تاريخية، لذلك فالقارئ يحس كأنه يتفرج على ناس من عالم آخر غير عالمه ولا يحس أن القصة تمسه أو تعالج الواقع الذي يعيش فيه، لذلك لا ينتقد ولا يثور.. أما أنا فقد كنت واضحاً وصريحاً وجريئاً فكتبت عن الجنس حين أحسست أن عندي ما أكتبه عنه سواء عند الطبقة المتوسطة أو الطبقات الشعبية – دون أن أسعى لمجاملة طبقة على حساب طبقة أخرى».

دور بارز في السينما

كان لإحسان عبد القدوس دور بارز في صناعة السينما ليس فقط عن طريق الأفلام التي أعدت عن قصصة ورواياته ولكن بالتي شارك في كتابة السيناريو والحوار للكثير منها، فقد كان علي النقيض من الأديب نجيب محفوظ الذي لم يكن يؤمن بأن صاحب العمل الأدبي الأصلي لا علاقة له بالفيلم أو المسرحية التي تعد من عمله الادبي. فقد شارك في صياغه وكتابة حوار العديد من الأفلام مثل فيلم «لا تطفئ الشمس» للمخرج صلاح ابو سيف الذي كتب نص الحوار فيه، كما كتب الحوار أيضاً لفيلم «إمبراطورية ميم» الذي كانت قصته مكتوبه علي أربع أوراق فقط والذى أخرجه حسين كمال، كما شارك كذلك الكاتبين سعدالدين وهبة ويوسف فرنسيس في كتابة سيناريو فيلم «أبى فوق الشجرة».

وقد وصلت عدد روايته التي تحولت إلى أفلام ومسلسلات قرابة الـ 60 فيلما ومسلسلا تلفزيونيا منها ما عرض ومنها ما لم يعرض ليتربع بذلك على عرش أكثر كاتب وروائي له أفلام ومسلسلات في تاريخ السينما والتلفزيون المصرية ولا ينافسه في ذلك الا الاديب نجيب محفوظ. وقد أخرج لإحسان عبد القدوس عدد محدود من المخرجين وصل الي 16 مخرجاً، وقد كان نصيب الأسد منها للمخرجين حسين كمال وصلاح أبو سيف وحسام الدين مصطفى وأحمد يحيى وهذا يدل علي أنه لم يكن يتعامل مع أي مخرج يعرض عليه إخراج أعماله، بل يتعامل فقط مع من يثق في قدراتهم في استيعاب أعماله بصوره جدية وجيدة. وقد قام المخرج حسين كمال بإخراج 9 أفلام من روايات إحسان عبد القدوس أولها «أبي فوق الشجره» 1969، الذي اعتبر في وقته نقلة جديدة في السينما الاستعراضية، ومن ثم اتبعه بفيلم «أنف وثلاث عيون» 1972، من بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، وتلاها بتقديم فيلم «إمبراطورية ميم» 1972، الذي كان نقلة نوعية جديده في السينما المصريه، وقد شهد عودة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة الى السينما بعد غياب، وليخرج بعدها فيلم «دمي ودموعي وإبتسامتي» 1973، من بطولة نجلاء فتحي ونور الشريف، وكذلك فيلم «بعيدا عن الارض» 1976 بطولة نجوى ابراهيم محمود ياسين مديحه كامل محمود قابيل، ومن ثم قدم فيلمين لنبيلة عبيد هما «العذراء والشعر الأبيض»1983 مع محمود عبدالعزيز، والذي كان إنطلاقه كبيرة لها في عالم النجومية و«أرجوك اعطني هذا الدواء» 1984 مع محمود عبد العزيز أيضا، وآخر ما قدم المخرح حسين كمال من أعمال إحسان عبد القدوس كان فيلم «أيام في الحلال» 1985 من نبيلة عبيد وبطولة محمود ياسين ومصطفى فهمي.

وبالرغم من عدد الافلام التي انتجت من رواياته الا ان هنالك جزءا منها نجح نجاحاً باهراً في السينما المصريه مثل أفلام «لا أنام» وهو من بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف ومريم فخر الدين وعماد حمدي ويحيى شاهين وإخراج صلاح ابو سيف، و«فى بيتنا رجل» من بطولة زبيدة ثروت وعمر الشريف ورشدي أباظة وحسن يوسف، وغيرها من الافلام التي أثرت السينما المصريه. وكذلك كان هناك بعض الأفلام التي كتبها ولم تنجح كما كان متوقعا لها بل وصفها بعض النقاد بأنها فشلت فشل زريعاً، مثل «أيام الماء والملح» من بطولة عبدالله محمود وأحمد سلامه ولوسي، و«قبل الوصول لسن الانتحار» من بطولة شكري سرحان وكمال ياسين وفايزة كمال، و«مايوه لبنت الأسطى محمود» من بطولة محمد رضا وحنان شوقي ودينا عبدالله وكلها من إنتاج التليفزيون المصري. وهناك أيضا أفلام سينمائية فشلت منها «القط أصله أسد» من بطولة محمود ياسن ومديحة كامل، من إخراج شريف يحيى، و«أنا .. لا عاقلة ولا مجنونة» من بطولة صلاح ذوالفقار ونادية ذوالفقار وعماد حمدي ومن إخراج حسام الدين مصطفى.

ويقول إحسان عبد القدوس: «كانت فاتن حمامه في مقدمة الممثلات اللاتي استطعن أن يجدن تمثيل شخصيات قصص. فقد استطاعت أن تصور خيالي عندما مثلت دور «نادية» في فيلم «لا أنام»، وعندما جسدت دور «فايزة» في فيلم «الطريق المسدود»، وأذكر اني ذهبت يوما انا ويوسف السباعي إلى الاستديو أثناء تصوير مشاهد من فيلم «لا أنام» ووقفت انا وهو  مشدودين ونحن ننظر إلى فاتن حمامة فقد كانت تشبه البطلة الحقيقة للقصة التي كتبتها، كذلك من افضل من جسدن شخصياتي نبيلة عبيد ونادية لطفي ولبنى عبد العزيز وسعاد حسني».

التفرغ للكتابة

بدأ إحسان عبدالقدوس كتابة نصوص أفلام وقصص قصيرة وروايات في عام 1949، وهو ما جعله يقرر ترك مهنة المحاماة والتفرغ للصحافة والأدب حيث أصبح بعد أقل من بضعة سنوات صحفيا متميزا وروائيا وكاتبا سياسيا، وبعد أن عمل في روزاليوسف، تهيأت له كل الفرص والظروف للعمل في جريده الأخبار لمدة ‏8‏ سنوات ثم عمل بجريده الأهرام حيث عين رئيساً لتحريرها‏ في عام 1975.

وشارك احسان عبدالقدوس باسهامات بارزة في الرواية وكذلك فى المجلس الأعلى للصحافة ومؤسسة السينما، وقد كتب 49 رواية تم تحويلها إلى نصوص للأفلام و5 روايات تم تحويلها إلى نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية و10 روايات تم تحويلها إلى مسلسلات تليفزيونية إضافة إلى 65 من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية، ويمثل أدب إحسان عبدالقدوس نقله نوعيه متميزة في الرواية العربية إلي جانب أبناء جيله الكبار من أمثال نجيب محفوظ، ويوسف السباعي، ومحمد عبدالحليم عبدالله‏،‏ لكنه تميز عنهم جميعاً بأمرين احدهما انه تربي في حضن الصحافة‏،‏ وتغذي منذ نعومه أظفاره علي قاعدة البيانات الضخمة التي تتيحها الصحافة لاختراق طبقات المجتمع المختلفة‏،‏ إضافة إلى صالون روزاليوسف والعلاقات المباشرة بكبار الأدباء والفنانين والسياسيين ونجوم المجتمع هي المنبع الذي أتاح له أن يصور الجوانب الخفية في الحياة المصرية. أما الميزة الثانية لأدب عبدالقدوس فهي انه كان عميق الإيمان بقضية الحرية‏،‏ بمختلف مستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

تعرية المجتمع

كان عبد القدوس فى أعماله الأدبية يعرى المجتمع ليكشف أخطاءه، حيث كتب أكثر من ستمائة قصة وقدمت السينما عدداً كبيراً من قصصه، فلقد اتجه فى مجموعاته القصصية الثلاث التى أصدرها قبيل ثورة 23 يوليو 1952 باسم «صانع الحب» عام 1948 و«بائع الحب» عام 1949 و«النظارة السوداء» إلى تصوير دقيق لفساد المجتمع المصرى وما يعانيه خلال تلك الفترة من انغماس فى الشهوات والرذيلة والبعد عن الفضيلة والأخلاق السامية.

ويظهر ذلك فى روايته الخالدة «شىء فى صدرى» التى صدرت عام 1958 فنجده يرسم لنا صورة دقيقة وصادقة للصراع القائم بين المجتمعين الرأسمالى والشعبى والمعركة الدائرة بين الجشع الفردى والاحساس بالمجتمع، فهى قصة عذاب الاحتكاريين والاستغلاليين ومثلهم بحسين باشا شاكر (شكري سرحان في الفيلم بعد ذلك) ذلك الذى جمع ثروته من احتكار الآخرين واستغلالهم، وحقق انتصاراته على كل من حوله من الناس بذكائه وأمواله واشترى سكوتهم ومظاهر احترامهم ولكنه لم يستطيع أن يخدع هؤلاء الذين يعيشون داخل نفسه، وهو يحس بعذابهم ويحس باعتدائه على حقوقهم ولذلك فلن يستطيع شراء سكوتهم واحترامهم، لأن قطعة من المجتمع تعيش فى صدره وتعذبه.

وبعد عدة تكريمات لأدبه الواقعى حصل إحسان على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ووسام الجمهورية من الرئيس محمد حسنى مبارك وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب فى 1989 والجائزة الأولى عن روايته «دمى ودموعى وابتساماتى» عام 1973 وجائزة أحسن قصة فيلم عن رواية «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، وفى الثانى عشر من يناير عام 1990 رحل عن عالمنا كاتب وأديب رفض أن يعيش فى جلباب أحد، ليعلنها صريحة للعالم بأنه لا يكذب ولا يتجمل.

شخصيات حقيقية

قالت السيدة نيرمين القويسني، مديرة مكتبه، وابنة شقيقة زوجته إن روايته بطلة «لا أنام» إمرأة حقيقية تدعى نفرتيتي مرزوق، تعرف عليها عن طريق الإذاعية البارعة آمال فهمي لتحكي له أوجاعها وبالفعل تعرضت لحادث حريق وأدمنت الخمور، وظلت على إتصال بالكاتب الكبير حتى وفاته، وإستمرت علاقتها بأسرته وبي أنا أيضا.

ومن صندوق ذكرياتها تشير السيدة نيرمين القويسني إلى شخصية حقيقية أخرى من أبطال أعمال عبدالقدوس الخالدة، وهي بطل «أنا لا أكذب ولكني أتجمل» قائلة «كنت أقيم بمنزل والدتي بحي مصر الجديدة وأمر على مدافن عائلتنا بصلاح سالم والتقيت بشاب طموح والده يعمل تربي ويدرس الرياضة البحتة بكلية العلوم جامعة القاهرة يحب زميلته بالكلية وكان والدها يشغل منصب وكيل وزارة، ونظراً للفارق الإجتماعي الكبير بينهما أخفى عليها الحقيقة، ولكنه ذهب ذات يوم لإصطحاب والدته من عملها ليلا حيث تعمل خادمة وفوجئ بأن حبيبته هي مخدومة أمه، وتحولت لفيلم أدى فيه النجم الأسمر أحمد ذكي دوراً من أروع ما قدم للسينما، وهذا الشخص يدعى وحيد ويعمل الآن بالمملكة العربية السعودية. و«لن أعيش في جلباب أبي» قصة المطرب المصري سمير الإسكندراني المشهور بأغانيه الوطنية، وكان والده من كبار تجار الخردة وتمرد على مهنة أبيه وشق لنفسه طريقاً مختلفاً بالحياة.

كما تعد قصة «وعاشت بين أصابعه» تأريخا لقصة حب المطربة الكبيرة نجاة والشاعر كامل الشناوي. وعن عاداته في الكتابة قالت القويسني: «كان مستمعا جيدا يحسن الإنصات وأنا «رغاية» أحكي له طوال الوقت عما أراه وبعدها يغلق عليه مكتبه بروز اليوسف ويصيغ بقلمه الرشيق أجمل القصص».

والمجموعة القصصية «يا ابنتي لا تحيريني معك» كانت بها قصة عن الكوافير الخاص بابنة الكاتبة نعم الباز، وهو كوافير شهير جدا في مصر، احب بنت مسؤل كبير وحملت منه وقام اهلها باجهاضها ولكنها عادت له بعد عام وتزوجته وانجبت منه ولدين وطلقها بعد ذلك. وقصة «ونسيت اني امرأة» الذي تحول لفيلم هي قصة الوزيرة الدكتورة عائشة راتب وزير التأمينات الاجتماعية السابقة، وقصة «آه يا ليل يازمن» عن جرحى ثورة 1952 وهي قصة مها عبد الحق وكانت ابنة احد البشوات، هربت بعد الثورة الى لبنان وعملت بالملاهي الليلية.

سينماتوغراف في

12.01.2015

 
 

أحمد عبدالعزيز: لن أعود للصعيد إلا بمستوى «ذئاب الجبل»

حوار- مريم الشريف

أحمد عبدالعزيز يواصل تصوير مسلسله «أريد رجلا» للمخرجة بتول عرفة، فى أول تجاربه خلال المسلسلات ذات الحلقات الطويلة التى تصل إلى ستين حلقة، كما يجهز الفترة الحالية لمسلسله «رنين الصمت» للمخرج على عبدالخالق وقطاع الإنتاج عقب غياب عامين عن إنتاج الأعمال الدرامية، وعن هذه الأعمال الدرامية وكيفية رؤيته لردود فعل الجمهور حول فيلمه الأخير «حديد» وأعماله السينمائية المقبلة يحدثنا خلال الحوار التالى:

ما حقيقة مشاركتك فى مسلسل «أريد رجلا»؟

- وقعت عقد المسلسل الفترة الماضية، وأشارك فى بطولته مع عدد كبير من الفنانين منهم رجاء الجداوى، هالة فاخر، ميرنا المهندس، لقاء سويدان، ومن تأليف شهيرة سلام وإخراج بتول عرفة.

وما طبيعة دورك فى المسلسل؟

- أجسد شخصية مختلفة عنى تتمثل فى شخصية كاتب روايات، ولديه فتاة على وشك الزواج، إلا أنه يخشى من زواجها خوفا عليها من أن تكرر تجربة زواجه الفاشلة التى مر بها سابقًا، وذلك فى إطار اجتماعى.

ومتى من المقرر عرض «أريد رجلا»؟

- مازلنا نقوم بتصوير العمل، ومن المحتمل عرض الجزء الأول منه خلال شهر مايو المقبل، على أن يتم عرض الجزء الثانى منه خلال شهر رمضان المقبل، حيث إنه مسلسل ستون حلقة وذلك على قناة مشفرة.

ألا تقلق من عرض المسلسل على قناة مشفرة وانخفاض نسبة مشاهدته؟

- إطلاقا لم اشعر بأى إنزعاج، خاصة أنها قناة جيدة، كما أننى أعلم من بداية توقيعى عقد المسلسل بأنه سيتم عرضه على قناة مشفرة، بالإضافة إلى أن العمل سيتم عرضه على قناة فضائية مفتوحة فيما بعد.

وكيف شاهدت تجربة المسلسلات الطويلة؟

- استمتعت بها كثيرا، ولم أشعر بأنها متعبة أو مرهقة إطلاقا، وإنما تستغرق وقتًا أطول من المسلسلات التقليدية التى تصل إلى ثلاثين حلقة.

وماذا عن ما تردد حول تقديمك عمل ينتمى لدراما الصعيد الفترة المقبلة؟

- هذا ليس حقيقيًا، ولا يوجد لدى أى أعمال درامية تتناول قضايا الصعيد حاليا.

وكيف شعورك تجاه دراما الصعيد عقب «ذئاب الجبل»؟

- اشتقت كثيرًا لدراما الصعيد خاصة عقب النجاح الكبير الذى حققه  مسلسل «ذئاب الجبل» الذى قدمته منذ سنوات طويلة، لذلك انتظر موضوعًا مناسبًا لكى أعود به إلى هذه النوعية من المسلسلات، خاصة أننى مازلت لم أجد القصة الجيدة التى يمكننى تقديمها فى هذا الإطار.

وهل لديك أعمال درامية أخرى؟

- بالتأكيد أجهز الفترة الحالية  مسلسل «رنين الصمت» والذى يشاركنى فى بطولته عدد كبير من الفنانين منهم خالد النبوى، محمود قابيل، مجدى صبحى، ومن إخراج على عبدالخالق.

وما طبيعة دورك فى هذا العمل؟

- أجسد شخصية ضابط مخابرات، وذلك فى إطار قصة المسلسل التى تدور حول الجاسوسية والمخابرات المصرية.

ومتى من المقرر بدء تصوير «رنين الصمت»؟

- مازال لم يتم تحديد موعد لبدء تصويره، ومن المحتمل يكون الفترة المقبلة، خاصة أن العمل من المقرر عرضه خلال شهر رمضان المقبل.

وكيف شاهدت ردود فعل الجمهور حول فيلمك الأخير «حديد»؟

- العمل تعرض لظلم شديد، نتيجة الهجوم عليه منذ اللحظات الأولى لنزوله دور العرض السينمائية، وذلك نظرًا لوجود منافسة شديدة من الأفلام الأخرى فى ذلك الوقت.

ألا ترى أن السبب الرئيسى فى مهاجمته لكونه من إنتاج السبكى؟

- من المحتمل خاصة أن له منافسين، لكنه فيلم استمتعت به كثيرا ولم أندم على مشاركتى فيه، خاصة لأن الدور الذى قدمته خلال العمل كان جديدًا بالنسبة لى، والذى يتمثل فى شخصية رجل أعمال مسجون يتقابل مع الشخصية التى يقدمها عمرو سعد فى السجن وذلك فى الإطار الاجتماعى الأكشن الذى تدور حوله قصة الفيلم، بالإضافة إلى مشاركتى به مع عدد كبير من الفنانين منهم عمرو سعد ودرة، زكى فطين عبدالوهاب والمؤلف مصطفى سالم.

هل يمكنك تكرار التجربة مع السبكى عقب تصريحك بأن «حديد» ليس العمل الذى يرضى عودتك الفنية؟

- بالتأكيد ليس لدى أى مانع من تقديم عمل آخر مع السبكى، خاصة ان فيلم «حديد» لم يكن سيئًا ولكن ظلم وقت  العرض، واعتقد أنه سينال حظه لدى العرض التليفزيونى له الفترة المقبلة.

وهل لديك أعمال سينمائية الفترة المقبلة؟

- فيلمان سينمائيان لم أوقع عقدًا لأى منهما حتى الآن، حيث إننى أقوم بدراستهما.

روز اليوسف اليومية في

12.01.2015

 
 

الولد الشقي حسن يوسف: نجيب محفوظ حلم حياتي

حوار : رضـــــــــــــــــا الشـــــــــــــــــــنــاوى

النجم القدير حسن يوسف، اسم فرض نفسه في عالم النجومية منذ أن كان طالباً بمعهد الفنون المسرحية، قدم أدوارا مميزة علي خشبة المسرح القومي لفتت انتباه الفنان الكبير الراحل حسين رياض، الأمر الذي دعاه لتبني موهبته وتقديمه للمخرج صلاح أبوسيف الذي أعطاه الفرصة للإبداع في فيلم أنا حرة، لينطلق بعدها صانعاً لمجده الفني الكبير.. ولأنه وسط نجوم السينما الذين اتجهوا للدراما التليفزيونية يعتبر حالة خاصة في الإبداع جاءت عودته الجريئة في مسلسل إمام الدعاة والإمام عبدالحليم محمود وابن ماجة وزهرة وأزواجها الخمسة محطات جديدة لتألقه ونجاحاته، وخلال اللقاء معه تحدث عن الكثير من الأمور والخبايا مستعرضاً تجاربه وعالمه السري الذي لا يعرفه الجمهور، ومشواره الفني الذي تجاوز الخمسين عاماً..

احترامي لفني صنع نجوميتي وأعشق الأدوار التاريخية والدينية

·        لماذا تُفضل البطولة الجماعية في أعمالك الأخيرة؟

- أنا كممثل أرحب بالعمل الجماعي طالما كان علي مستوي جيد وطوال مسيرتي الفنية قدمت بطولات جماعية علي شاشة السينما منها علي سبيل المثال لا الحصر التلميذة، وأنا حرة، والزواج علي الطريقة الحديثة، وغيرها الكثير، وعلي الشاشة الصغيرة قدمت مسلسلات ليالي الحلمية، وإمام الدعاة، والعارف بالله محمود، وزهرة وأزواجها الخمسة، والممثل الذكي يرحب بالدور الجيد سواء كان بطولة جماعية أو فردية وإن كانت البطولات الجماعية تزعج المنتجين لأنها مكلفة مادياً.

·        هل هناك مستشارون لاختيار أعمالك الفنية؟

- منهجي دائما أن أستشير نفسي وأجعل إحساسي وعقلي هما مستشاري ومقياس لاختيار أعمالي والحكم عليها، وفوق هؤلاء أستشير زوجتي الحاجة شمس وأبنائي ناريمان وعمرو، واختار أعمالي عندما أقع في حالة غرام مع الدور من أول نظرة وبعدها أعطيه ختم الموافقة بالقبول والبدء في تنفيذه.

·        مشوارك مع الفن تخطي الخمسين عاما، ماذا تقول عنه؟

- أؤمن بالمثل القائل مفيش حلاوة من غير نار، فقد تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية وحصلت أيضا علي بكالوريوس تجارة واكتشفني الفنان القدير الراحل حسين رياض وكان سببا في تقديمي لعدة أعمال سطع بها نجمي في دنيا الفن.

وكان أول فيلم قدمني فيه أنا حرة مع المخرج صلاح أبوسيف ـ وتوالت بعده الأعمال ومنها الزواج علي الطريقة الحديثة ونساء وذئاب.. وفي بيتنا رجل ومذكرات تلميذة والخطايا والشيطان الصغير وزقاق المدق وأم العروسة وليس عندي هدف سوي تقديم عمل فني ناجح.. وما فعلته خلال هذه الفترة أني صنعت تيارا ناجحا التف حوله الناس جعلني أري أن أعمالي تحمل متعة فكرية ووجدانية وفنا محترما للمجتمع بكل فئاته.

·        هل هناك محاولات جديدة لتقديم مسلسل عن نجيب محفوظ بعد رفض أسرة الأديب الراحل؟

- لكوني عاشقا لشخصية وتاريخ وأدب الراحل نجيب محفوظ ـ تقدمت بالفعل لأسرته للموافقة علي قيامي بتجسيد شخصيته في مسلسل تليفزيوني يتناول قصة حياته والظروف والمواقف الصعبة التي تعرض لها خلال كتابة رواياته الأدبية ورحلة كفاحه وصعوده حتي حصوله علي جائزة نوبل العالمية في الأدب.. وقد راودتني الفكرة منذ فترة طويلة ولكني فوجئت برفض الأسرة.. ورغم أني لن أجسد الشخصية إلا لو تم الحصول علي الموافقة.. إلا أني مازال عندي أمل في أن تتغير الظروف لتقديم هذا العمل الذي يعتبر أهم أمنياتي لإيماني بأنه لو تم تقديم هذه الشخصية في عمل درامي سوف تحدث شيئا مؤثرا يقتدي به الناس لما لها من المواقف تحسب لها تاريخيا واجتماعيا وفنيا أيضا.

·        وهل أسقطت السينما من حساباتك؟

- اعتزلت السينما بداية التسعينات وعودتي جاءت للدراما التليفزيونية مع مسلسل أمام الدعاة ـ ثم مسلسل الإمام عبدالحليم محمود الذي تعرضت فيه لخسارة مادية فادحة خاصة أني كنت منتج العمل ومسألة كرامة وزهرة وأزواجها الخمسة وجرح عمري ورغم أن السينما المصرية في وضع صعب وتحتاج لتكاتف جميع العاملين فيها لكي تتجاوز أزمتها وأتمني أن تنتهي هذه الأزمة وتعود السينما المصرية لسابق مجدها ـ وأؤكد أنه بالرغم من أني وجدت ضالتي فيما كنت أريد توصيله للمجتمع عن طريق التليفزيون ـ إلا أني انتظر السيناريو الجيد الذي يعيدني لشاشة السينما بسرعة.

·        هل تتدخل لتواجد نجلك في الأعمال الفنية؟

- أنا أوجه نجلي عمرو في التدقيق في اختيار الأعمال التي تعرض عليه، وللعلم هو يعشق الاعتماد علي نفسه، وأري أنه حقق نجاحات في الأعمال التي قدمها ومنها مسلسلات المحطة والعارف بالله وأفلام قلبي دليلي وشارع 18 وقاطع شحن وبنتين من مصر وتلك الأيام ثم العودة لتقديم مسلسلات فرق توقيت ومسألة كرامة وجداول مع سهير رمزي وأخيرا المرافعة - وأتمني له التوفيق والاستمرار في تقديم أعمال هادفة وجيدة.

·        نود التعرف علي عالمك السري الذي لايعرفه أحد؟

- أعشق مشاهدة الأفلام خصوصا التاريخية والدينية للاطلاع علي كل جديد في تكتيك الإخراج الحديث وأعشق المشي والذهاب للنادي مع أسرتي، هذا بخلاف قراءاتي المستمرة للقرآن الكريم وتفسيره أنا وزوجتي الحاجة شمس يومياً والجلوس مع أبنائي للتشاور في كل أمور الدنيا.

·        ما تأثير لقب الولد الشقي والنجم العميد عليك؟

- الولد الشقي هو اللقب الذي أشتهرت به في الوسط الفني فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات نظرا لتأكيد النقاد أني أفضل من جسد هذا الدور في السينما مع أحمد رمزي  ولقب النجم العميد أطلقه عليّ أيضا النقاد والجماهير في مهرجان أبو ظبي نوفمبر الماضي وذلك لكوني أكبر النجوم التي شاركت في المهرجان ـ وإحقاقا للحق أي لقب منحه لي الجماهير والنقاد يحملني مسئولية الالتزام والتدقيق في اختيار أدواري وتقديم ما يضيف لي شيئا جديدا.

·        ما الجديد في أعمالك الفنية؟

- سأقوم ببطولة مسلسلين الأول بعنوان اضطراب عاطفي مع الفنانة إلهام شاهين والعمل يناقش مشكلة الاضطراب العاطفي الذي قد يصاب به بعض الأشخاص ويتحول إلي مرض نفسي، والعمل مقرر أن تخرجه إيناس الدغيدي والمسلسل الآخر بعنوان دنيا جديدة تأليف مصطفي إبراهيم وإخراج عصام شعبان ويناقش بشاعة الجماعات الإرهابية وبعدها التام عن الإسلام الصحيح ـ وهناك مسلسل آخر بعنوان كتف قانوني يناقش كل هموم الحياة في إطار كوميدي والمسلسل تأليف فتحي الجندي وإخراج إبراهم نشأت ـ وأنتظر تصوير مسلسل بعنوان (حتي تثبت إدانته) وهو يرصد مجموعة من القضايا الاجتماعية والسياسية في فترة ما بعد ثورة يناير وسيلعب البطولة معي الفنان حسين فهمي  وباق في النهاية استكمال تصوير مسلسل جرح عمري مع الفنانة سهير رمزي خاصة أنه سبق أن تعرض لأزمة توقف بسبب منتج العمل الذي لم يوف بتعاقداته المادية مع نجوم العمل ويسعي لعرض الصلح معهم ولكن مازالت المشاكل مستمرة والمسلسل تأليف شريف عبدالعظيم وسيناريو وحوار مصطفي إبراهيم والإخراج لتيسير عبود.

آخر ساعة المصرية في

12.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)