كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

'عيون الحرامية' معاناة من التشتّت والضياع دون إقناع

العرب/ محمد هاشم عبدالسلام

 

فيلم المخرجة نجوى نجار يحاول أن يرصد المجتمع الفلسطيني المعاصر وما يحدث له يوميا على أيدي الاحتلال الإسرائيلي عبر التركيز عليه من الداخل.

لا يكتسب الفيلم، أي فيلم، قوته الفنية والسينمائية الحقيقية من مجرد تبنيه الصادق والدقيق لقضية قومية، أو فكرة نبيلة يطرحها، أو حادثة حقيقية يقدمها، مهما بلغ نبلها وأهميتها وواقعيتها، فثمة عناصر أخرى مغايرة من أجل الحكم على الفيلم السينمائي، ليس أقلها السيناريو ومفرداته، التمثيل وعناصره، التصوير وجمالياته، والتي تشكل كلها أساسيات بناء أي فيلم، وتعطيه في النهاية قوامه الأخير وإيقاعه المتفرد.

الفيلم الفلسطيني “عيون الحرامية” للمخرجة نجوى نجار، جاء مليئا بالكثير من “الكلاشيهات” في صوره ولقطاته وكادراته، ولم يفلت من أسر الصور النمطية المتكررة التي قدمت من قبل عن معاناة العيش تحت وطأة الاحتلال.

ربما استمدّ الفيلم اسمه من داخل سياق الحكاية ذاتها التي يتناول في جزء كبير منها عيون المياه، التي يسرقها أحد كبار اللصوص كي يبيعها للعدو المغتصب.

وربما المقصود بها ما هو خارج سياق الفيلم من قصة واقعية حدثت فعلا، حيث “عملية عيون الحرامية” ذلك الحادث الحقيقي الذي اعتمد عليه الفيلم في جزء من بنيته، وقام فيه الشاب “ثائر حمّاد” باستهداف حاجز عسكري إسرائيلي في منطقة “واد عيون الحرامية” بشمال مدينة رام الله في عام 2002، أثناء ذروة الانتفاضة الفلسطينية، في عملية وصفتها إسرائيل بأخطر العمليات التي تم تنفيذها خلال تلك الانتفاضة.

وقد راجت أقاويل ضمن قطاع الأمن الإسرائيلي، طرحها الفيلم أيضا، تقول إن القناص فلسطيني مُسن من الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية. في حين رجحت مصادر أخرى أن يكون القناص أحد المقاتلين الشيشان الذين نجحوا في التسلل إلى داخل الأراضي الفلسطينية لتنفيذ عمليته.

وبعد تحريات أمنية استمرّت لأكثر من عامين، تمكنت الشرطة الإسرائيلية من إلقاء القبض على مُنفذ العملية، الذي اتضح أنه شاب في الثانية والعشرين من عمره.

يحاول الفيلم أن يرصد المجتمع الفلسطيني المعاصر، وما يحدث له يوميا على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، وذلك عبر التركيز عليه من الداخل. إذ يُقدم لنا لمحة مختلفة بعض الشيء عن حياة الفلسطينيين اليومية، وتطلعاتهم، وآمالهم، وخياراتهم للبقاء والمقاومة.

المخرجة اجتهدت في أن تخلق شخصيات حقيقية من لحم ودم، عبر التعمق في الكثير من جوانبها الإنسانية، ومشاركتنا لمعاناتها النفسية وأدق تفاصيل حياتها اليومية

يبدأ الفيلم بالبطل “طارق خضر” (خالد أبوالنجا)، الذي يعيش في إحدى البلدات بنابلس، وهو مستلق على الفراش بين الحياة والموت وبالكاد نتبين صوته. وسرعان ما ندرك أنه كان فاقدا للوعي إثر إصابته بطلق ناري في صدره، وأن الرهبان والراهبات يضمّدون جراحه منذ أيام، وأنه في سبيله للشفاء، لكن الطرقات العنيفة على الباب تجبر طارق على اللجوء إلى أحد الأنفاق السرية، كي يستطيع الهرب من الدير أو الكنيسة المختبئ بها.

البحث عن الابنة

في الطريق، وعلى أحد الحواجز، يلقي الإسرائيليون القبض عليه بعدما يخبرهم بعدم وجود أوراق هوية معه. نعرف بعد ذلك أنه قد احتجز، وحُبس لعشر سنوات.

وبالفعل يطرأ على مظهره بعض التغيير الذي نراه، كما ندرك ذلك من خلال تلمسه لطريقه واستكشافه للأماكن، ومظاهر الحياة التي اختلفت عمّا كانت عليه من قبل، بينما هو في طريق عودته إلى المنزل.

وهناك يكتشف أن زوجته “هدى” قد توفيت، وابنته “نور” لا يعرف مكانها، ويعلم لاحقا أنها وضعت بإحدى دور الأيتام عقب وفاة أمها، وأن الدار قد أغلقت. الأمر الذي أدّى إلى تشتت من بها من البنات والبنين.

ومع فقدان الابنة في خضم الحياة المضطربة على أرض فلسطين، تبدأ قصة الفيلم ورحلة طارق.

يشرع طارق في البحث عن ابنته، وهو بحث غير منظم ولا مخطط له، نظرا لأن السجلات لم تفده بأي شيء يُمكّنه في النهاية من الوصل إلى مبتغاه.

ربما استمدّ الفيلم اسمه من داخل سياق الحكاية ذاتها التي يتناول في جزء كبير منها عيون المياه، التي يسرقها أحد كبار اللصوص كي يبيعها للعدو المغتصب

لذلك نستشعر دائما أنه يبحث، لكن من دون حماس أو اهتمام زائد، أو حتى يقين بالعثور على ابنته في النهاية، وخلال رحلته الهائمة تلك يبحث لنفسه عن عمل.

وبسبب إصلاحه لأحد أعطال المياه، ببلدة قصدها باحثا عن إحدى الملاجئ بها، يتمكن من أن يجد عملا في إصلاح مواسير المياه والإشراف على تجهيزاتها، وذلك لدى أحد رجال الأعمال “عادل” (سهيل حداد) وأصحاب المزارع، وهنا نعرف أنه كان يدرس بكلية الهندسة قبيل سجنه.

ولكونه غريبا عن البلدة ولا مسكن له، يوفر له صاحب العمل غرفة للسكن بإحدى مكاتب تفصيل فساتين العرائس، حيث يلتقي بامرأة جميلة تعمل هناك تدعى “ليلى” (سعاد ماسي).

لا نعرف إن كانت أرملة، أو أن زوجها ضمن المتغيبين قسرا في سجون الاحتلال، أم ماذا؟ وتلك المرأة لها ابن وابنة “ملك” مشاكسة حادة الطباع، وربما تكون متبناة، وهي التي ترفض أن تتزوج أمها من المدعو “عادل”.

تدريجيا يفلح طارق في ترويض الطفلة ونسج علاقة حميمية بينه وبينها، فهو يرى فيها ما هو غامض يتماس معه ومع ابنته التي في نفس سنها، ويخمن أنها هي، أو يتمنى أن تكون. ويحرص الفيلم على عدم تأكيد حدسه أو نفيه، كذلك تفتقد الفتاة لوجود الأب القائد الحنون في حياتها، وربما فكرت في كونه والدها.

في تلك الأثناء يكتشف طارق أن الذي يعمل عنده، والذي هو على وشك الزواج من والدة الفتاة، يبيع مياه المواطنين سرا، من خلال المواسير المارة بأرضه، إلى المستوطنين الإسرائيليين. الأمر الذي يضطرّ معه طارق لمواجهته بفعلته يوم عرسه، ويكشفه أمام جميع الأهل والأصدقاء. ثم يذهب بعد ذلك ليوقف تدفق المياه الذاهبة باتجاه المستوطنات.

وحتى نهاية الفيلم، تظل العلاقة راقية بين الأب الافتراضي المكلوم من جانب، والابنة المتعلقة بأبيها الغائب من جانب آخر. كما يبدو لنا طارق المتأرجح بين حياتين، ماضية ومستقبلية، وبين مواقف سياسية دفع ثمنا لها كزوج وأب، وعدم رضا عن الأوضاع والرغبة في تغييرها.

خالد أبوالنجا لم يكن مقنعا بالمرة في دور طارق، رغم اجتهاده الشديد، وسعاد ماسي، لم تفلح في أول وقوف لها أمام الكاميرا

اختار طارق، في النهاية، التضحية بحياة جديدة وحب غير مكتمل في سبيل أن يظل بطلا مقاوما في عيني ابنته أو الطفلة ملك، ولا يحيد عن ذلك السبيل، سبيل المقاومة والكفاح المُسلح، المعروفة نهايته.

هنات بالجملة

اجتهدت المخرجة في أن تخلق لنا شخصيات حقيقية من لحم ودم، عبر التعمق في الكثير من جوانبها الإنسانية، ومشاركتنا لمعاناتها النفسية وأدق تفاصيل حياتها اليومية، لكن هذا الاجتهاد أضاعه السيناريو غير المحكم والعيوب التي حفل بها، واهتزاز الكاميرا لفترات طويلة بالفيلم دون أيّ سبب منطقي، وكذلك العديد من المشاهد فجة الأداء، أو التي لا لزوم لها والتي كانت بحاجة للاختصار، في فيلم تجاوز طوله الساعة ونصف الساعة.

هذا إلى جانب ضعف المستوى الفني البصري بالفيلم، وبدائية تنفيذ الكثير من المشاهد خاصة التفجيرات، وسوء اختيار الممثلين في أدوارهم، فخالد أبوالنجا لم يكن مقنعا بالمرة في دور طارق، رغم اجتهاده الشديد.

أما البطلة، المغنية الجزائرية سعاد ماسي فلم تفلح، خلال أول وقوف لها أمام الكاميرا، في إقناعنا بتمتعها بأيّة قدرات تمثيلية تذكر.

والفيلم على خلاف العمل الأول لنجوى نجار “المر والرمان” (2008)، يفتقر إلى الكثير والكثير على عدة مستويات.

العرب اللندنية في

06.01.2015

 
 

'فيفا زاباتا' أحيا النزعة الثورية بلغة سينمائية رفيعة

العرب/ معتز نادر

بعد مرور 62 عاما على إنتاج الفيلم يظهر 'فيفا زاباتا' كمادة فنية متماشية مع حقيقة النزعة الثورية، ويعزز الهالة الرمزية لتلك الشخصية المفعمة بالمشاعر والتناقضات.

عدّ النقاد فيلم “فيفا زاباتا” (1952)، قيمة فنية كبيرة بوصفه أحد كلاسيكيات السينما الأميركية وأحد أبرز الأفلام الثورية، فهو من إخراج أحد أبرز فناني فترة أربعينات وخمسينات هوليوود، المخرج الأميركي من أصل يوناني إيليا كازان (1909 /2003)، ومن بطولة أحد عمالقة الشاشة آنذاك الممثل مارلون براندو وأيضا أنتوني كوين.

شهرة الفيلم تنبع من ارتباطه الوثيق بمخرج الفيلم وبطليه، أكثر من كونه يعتبر أحد أشهر وأول الأفلام الثورية، الذي يعرض للجمهور الأميركي على الرغم من أن أحداث القصة تدور في المكسيك.

المحتوى الثوري للفيلم واضح ومباشر عبر شخصية إيمليانو زاباتا (مارلون براندو)، الثائر المكسيكي الشعبي ضدّ القوة الإسبانية المتحكمة، برفقة شقيقه فرناندو زاباتا (أنتوني كوين).

مع أن الفيلم رُشح لعدة جوائز أوسكار من بينها أفضل تمثيل رئيسي، وأفضل إخراج، وجائزة أفضل ممثل مساعد نالها أنتوني كوين، إلاّ أن تقييم معهد الفيلم الأميركي لأفضل 100 فيلم أميركي خلال مئة سنة، لم يتضمن في لائحته فيلم “فيفا زاباتا” بحجة أنه لا يمثّل المجتمع الأميركي.

وإذا أمعنا النظر أكثر سنجد أن هذا الفيلم الثوري جاء بعد حملة اللجنة المكارثية (نسبة لرئيسها ماكارثي)، والتي تسببت بحالة هيجان في الوسط الفني، إثر حملة الاعتقال والتشويه التي طالت عددا من كتّاب ومخرجي السينما المتهمين آنذاك بالانتساب إلى الحزب الشيوعي الأميركي.

شخصية البطل تعبّر نفسيا وإنسانيا عن بعد ثوري خاص يختلف عما قدم من أفلام ثورية ذات السمة الحماسية الجهورية

وكان من بين المتهمين مخرج فيلمنا إيليا كازان الذي كان في صفوف الحزب بين عامي 1934 /1936، والتي رافقت مشواره لاحقا تهمة الوشاية بعدد من الكتاب، على خلفية الحملة المذكورة، الأمر الذي جعل تصرف كازان السابق يبدو كوصمة عار ترجمته لحظة منحه جائزة أوسكار فخرية عام 1999، على مجمل أعماله.

عندها امتنع عدد من الحاضرين عن التصفيق له، وعلى ذلك اعتبر عدد غير قليل من المتتبعين للسينما، بأن فيلم “فيفا زاباتا” بمثابة تبرير عمّا اقترفه كازان أثناء تحقيقات اللجنة المكارثية.

الحديث عن فحوى الفيلم يقود إلى حالة خاصة في ما يخص صورة التعبير السينمائي، وشكل الطرح الفني، ومن هنا يمكن القول بأن شخصية إيمليانو زاباتا، تعبّر نفسيا وإنسانيا عن بُعد ثوري خاص يختلف عمّا شاهدناه لأبطال الأفلام الثورية، ذات السمة الجهورية كفيلم “قلب شجاع″ بطولة ميل غيبسون.

وذلك من خلال اللغة الجسدية المترنحة الخاصة ببطل الفيلم، مضافا إليها سلوك الشخصية المتفرد الميّال للانطواء والحزن، هو ليس كبقية الثوريين التقليديين ذوي النبرة الحماسية المرتفعة المترافقة غالب الأحيان مع صراخ انفعالي، يحفز عاطفة الجماهير.

هو مختلف عن أخيه الثائر الانفعالي القاسي الفج (أنتوني كوين)، مع إيمليانو زاباتا هناك إحساس عام يتكون لدى متابع الفيلم، بأن البطل لا يختلف شكليا عن المقاتلين الذين يترأسهم، فهو يتصرف مثلهم تماما، هو ليس ثريّا وغير مثقف، بل بسيط. ففي مشهد من المشاهد الرائعة في الفيلم يفضي إلى زوجته بإحساسه بالخيبة لعدم قدرته على الكتابة، والاختلاف الجوهري العميق مع البقية يكمن في الإحساس بالعزلة والشعور بالانفلات من محيطه.

الحديث عن فحوى الفيلم يقود إلى حالة خاصة في ما يخص صورة التعبير السينمائي، وشكل الطرح الفني

في مشهد آخر، وبينما يتجاذب رفاقه أطراف الحديث حول المستقبل القادم، نراه واجما يقشّر تفاحة كانت بيده.

ومن باب آخر، فلحصان زاباتا الأبيض في الفيلم روايته الخاصة، إنه يعكس التماهي الذي لا ينفصم بين مفهومي الحرية والثورة، عند مشاهدة الموت يلحق بالأشخاص الذين امتطوه، ليبقى حرا في النهاية يصهل عاليا عند حافة التلة، فهذا الحصان امتطاه أكثر من شخص من بينهم “إيمليانو”، والصبي الذي أهداه زاباتا الحصان الأبيض في مشهد يظهر الرجولة الذكورية المميزة لهذا الأخير، من خلال تخليه عن حصانه المميز لصبي صغير، بعد أن رفض الصغير هدية رمزية صغيرة قدّمها له زاباتا.

بعد مرور 62 عاما على إنتاج الفيلم يظهر “فيفا زاباتا”، كمادة فنية متماشية مع حقيقة النزعة الثورية، فمقتل زاباتا في نهاية الفيلم وطريقة سحله عبر كمين نصبه له أعداؤه، يعزز الهالة الرمزية لتلك الشخصية المفعمة بالمشاعر والتناقضات.

أداء براندو في الفيلم وصفه كازان المخرج، بأنه كان عظيما رُشح من خلاله لجائزة الأوسكار، كما نال ثناء عالميا عندما فاز بجائزة مهرجان كان لأحسن تمثيل، وبجائزة أحسن ممثل أجنبي من معهد الفيلم البريطاني.

22 تتويجا لـ'هم الكلاب' المغربي

العرب/ الرباط

المخرج المغربي هشام العسري يطرح في فيلمه مقاربة سينمائية للواقع السياسي والاجتماعي في بلاده.

أصبح فيلم “هم الكلاب” للمخرج هشام العسري الشريط المغربي الأكثر تتويجا سنة 2014، بحصوله على 22 جائزة، منذ بدء مشاركته في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية.

وأفاد مخرج الفيلم هشام العسري، أن الشريط الذي يعدّ الثاني في مسيرته الفنية بعد فيلم “النهاية”، فاز أخيرا بجائزة النقد من المهرجان الدولي للفيلم بولاية كيرلا الهندية، بعد فوزه بجائزة “التانيت” الفضي لأيام قرطاج السينمائية.

كما سبق للشريط الفوز بعدّة جوائز، منها جائزة أفضل ممثل وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان دبي السينمائي، وجائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان السينما الأفريقية بقرطبة، وجائزة لجنة تحكيم مهرجان الجزائر للسينما المغاربية.

يتعقب فيلم “هم الكلاب” ثلاثة أعضاء من طاقم تلفزيوني أثناء مسعاهم إلى إعداد تقرير عن الحركات الاجتماعية في المغرب.

وتثير التصرفات الغريبة لمجهول اهتمام أعضاء الطاقم، الذين يقررون التركيز على شخصية مجهول في تقريرهم.

ويعيش طاقم التلفزيون مطاردة سيارات، ويجري تحقيق في ماض منسي، في محاولة لمعرفة المزيد عن ماضي هذا الرجل، الذي أطلق سراحه مؤخرا من السجن بعد 30 عاما قضاها عقب سطوة قامت بها الشرطة، ليجد نفسه ضائعا في غمرة الربيع العربي.

تروى هذه الأحداث من زاوية نظر مشوقة، تلك المعهودة في التقارير التلفزيونية، وبدا الفيلم يتأرجح بين الروائي والوثائقي.

وتمّ التصوير بواسطة كاميرا محمولة خلال أسابيع عدّة في الدار البيضاء، وبحسب المخرج فإن فيلم “هم الكلاب” فيلم “مستفز وغير تقليدي”.

يشار إلى أن هشام العسري أنجز أخيرا، فيلما جديدا بعنوان “البحر من ورائكم”.

العرب اللندنية في

06.01.2015

 
 

طعم الكلام

"سينو/ عمارة"

محمود عبد الشكور

كانت مناسبة رائعة أن أشارك فى حلقة نقاش دسمة فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة (قسم العمارة) بعنوان "تمثيل العمران اللارسمى (العشوائيات) فى الأفلام المصرية"، أسعدنى كذلك أن يشارك فى الحلقة اثنين من المخرجين الذين أحب أفلامهما : يسرى نصر الله وأحمد عبد اللة السيد، كان أمرا مدهشا بالنسبة لى أن أستمع الى أسئلة الطلبة والطالبات بعد عرض مقاطع من عدة أفلام منتقاة، كلها أسئلة فى صميم العلاقة بين السينما والعمارة، وكلها تكشف عن رغبة حقيقية فى إثراء التخصص الدقيق بمساحات أوسع من الثقافة الفنية، العشوائيات فى السينما صارت موضوعا لرؤية يمكن وصفها بأنها "سينو/ عمارة"، على سبيل المثال : طالبات تدرسن توظيف المساحات الواسعة فى فيلمى "حين ميسرة" و" كلمنى شكرا"، اربتاطا بفكرة المتاهة فى المناطق العشوائية، وطلبة يدرسون العشوائيات ذات الطابع الريفى فى فيلم "المعدية"، وجهد كبير فى حصر وتفريغ بيانات عن الأفلام التى تناولت العشوائيات، ثم تسكين كل منطقة فوق خريطتها من منشية ناصر الى جزيرة الذهب.

الفكرة نفسها تنم عن وعى واهتمام بقضايا الفن والمجتمع معا، لم نستطع الحديث عن كل الأفلام التى تم حصرها، اكتفينا بأربعة أفلام فقط هى : "بعد الموقعة" ليسرى نصر الله، و"فرش وغطا" لأحمد عبد الله، و"قلب الأسد" لكريم السبكى، و" صرخة نملة" لسامح عبد العزيز، تحدثت عن مفاتيح كل فيلم من الناحية الدرامية: جدل العيش والحرية والسور والهرم فى الفيلم الأول، ومغزى الصمت والبحث عن مكان فى الفيلم الثانى، ومأزق البطل الشعبى فى الفيلم الثالث، وفشل شعار "عيش نملة .. تاكل سكر" فى الفيلم الرابع، لكنى توقفت أكثر حول ما أومن به بأن الحجر لابد أن يتبع البشر، وليس العكس، لابد أن تفهم البشر لكى تصنع لهم مسكنا، تذكرت الراحل الكبير المهندس حسن فتحى الذى كان حزينا لفشل مشروعه فى القرنة بالأقصر، قلت إنه ربما لو نجح هذا المشروع فى تعليم الناس طرقا سهلة ورخيصة فى بناء منازلهم، لما حدثت مشكلة العشوائيات، تلك الدائرة الجهنمية المعروفة: المنطقة العشوائية تخلق إنسانا عشوائيا يكرس بناء المزيد من المناطق العشوائية بدون توقف، رأيى الذى كتبته من قبل هو أن المدينة تسمح بالعشوائيات، لأنها ببساطة تستفيد من عمالتها الرخيصة، كل المهن البسيطة تأتى من ساكنى الأطراف، لا تصبح العشوائيات خطرا إلا إذا هدد سكانها المدينة، هنا تتذكر المدينة العشوائيات لتحمى نفسها، لا لكى توفر لهم معيشة كريمة باعتبارهم مواطنين، لم يعرف أهل القاهرة والجيزة سكان منشية ناصر، ومناطق جمع القمامة، إلا بعد ظهور إنفلونزا الخنازير، شعر سكان المدينة بالخطر، فذبحوا الخنازير فى مجزرة مروعة، وربما فكروا فى ذبح سكان منشية ناصر أنفسهم، السينما لا تخترع واقعا موجودا بالفعل، ولكنها تقدمه برؤية ذاتية، بعض الأفلام تقوم بتنميط الشخصيات القادمة من العشوائيات، تستسهل فيبدو الجميع بلطجية يحملون المطاوى، ويتعاطون المخدرات، ولكن أفلاما أخرى تقدم نظرة أعمق، تربط عشوائية المكان، بعشوائية الخطط والسياسات، العشوائية فكرة فى المقام الأول، لها تجليات مادية واضحة، ولكنها نتيجة خلل سياسى واجتماعى، تشوش فى مفهوم المواطنة والمساواة، وتشوش فى الرؤية يحوّل المواطنين الى رعايا من الدرجة الثالثة.

أفلام كثيرة دقت ناقوس الخطر: "حين ميسرة" الذى يستعرض ثلاثة أجيال طحنتها العشوائية، جيل الأم (هالة فاخر) وجيل الابن (عمرو سعد ) وجيل الأحفاد الذين يتعاركون فوق سطح القطار، من حياة فى علب الصفيح، الى ميلاد وتنشئة فى الشارع بالمعنى الحرفى، "إبراهيم الأبيض" فيلم آخر هام يجعل المنطقة العشوائية تصنع سلطتها الخاصة، لا أثر للدولة التى تظهر فقط إذا حدث ما يهدد المدينة، الدماء التى سالت على الشاشة أزعجت متفرجى المدينة، لم يتخيلوا أن شيئا مثل ذلك يمكن أن يحدث، ولو حتى فى فيلم روائى، المشكلة الأخطر فى أن إنسان العشوائيات، يجد نفسه وحيدا طول الوقت، لذلك يخترع قوانينه وأخلاقياته الذاتية، يعود الى عصر الغابة ، ومنطق البقاء للأقوى، حتى الأطفال ينفصلون مبكرا عن الأسرة، يعملون أو ينتمون الى جماعة الرفاق، يخرج من العشوائيات أكثر من عبده موتة والألمانى وإبراهيم الأبيض، تخرج طريقة حياةبأكملها لايعرف صعوبتها إلا من عاشها.

من قلب العشوائيات يظهر بشر نراهم فى المدينة، ولكننا لا نعرفهم، من قلب الهامش الذى لاتصله الشرطة خرج جابر الطبال الذى صنع دولته فى إمبابة، امتزج التعصب الدينى مع البلطجة فسال "دم الغزال"، فتحت حلقة النقاش التى نظمتها د رغد مفيد ود نهير الجندى نافذة واسعة لكى يكتشف الطلاب الآخر، ولكى يفهموا مصر الأخرى، جدل إيحابى يستوعب علوم السينما والعمارة والإجتماع والسياسة والجغرافيا والتاريخ، عدة شهور استغرقتها الأبحاث والدراسات الجادة، ولكنى أثق أن جيلا أكثر وعيا قد ولد من هذه التجربة الثرية، كلما كثرت هذه الدراسات غير التقليدية، تأكدت أن الجامعة ما زالت بخير، وكلما أصبحت الجامعة بخير، سيكون الوطن بخير، أتمنى أن يتواصل هذا الجهد الأكاديمى، وأن تكتشف الكليات الأخرى السينما، مثلما فعل طلاب قسم العمارة بهندسة القاهرة.

التحرير المصرية في

06.01.2015

 
 

نطرة أخرى على "فيلا 69": الجمال مع تعاقب الزمن

جايلان صلاح

بعد استبعاد ما دار مؤخرا من جدل حول الممثل خالد أبو النجا وهو جدل بعيد عن تمثيله، يمكن القول إن خالد ليس من نجوم الصف الأول، ولا يمكن اعتباره ممثلا عبقرياً يستطيع تلوين نفسه طبقاً لمتطلبات الأدوار المختلفة والمركبة أحياناً التي يؤديها. إلا أن خالد هو أيضاً من أكثر الفنانين المجددين في الوسط الفني حالياً، وهو يحاول أن يكون طرفاً في صناعة السينما المغايرة حتى ولو من وراء الكواليس.

في جميع الأعمال التي قدمها خالد تقريباً، كانت طريقة أدائه واحدة، ونبرة صوته واحدة، وهذه ربما تعتبر من أكبر مشكلات أبو النجا، فالممثل ليس وجهاً وتعبيراً ولغة جسدية فقط، الممثل من المفترض أن يكون طاقة إبداعية متجسدة، قماشة جاهزة للتشكل والتغير طبقاً لما تقتضيه ظروف أي عمل يشترك فيه أو يتحمل عبء حمله على كتفيه. والصوت أداة هامة من أدوات الممثل، بل لا أبالغ إذا قلت إنها أهم أداة بعد لغة الجسد، وليس الشكل الخارجي في الشخصية والتي يرجع الفضل في النجاح في اتقانها لا للممثل فقط بل أيضاً للمخرج وللماكيير.

دراما المكان والجسد

كانت هذه المقدمة ضرورية بعد مشاهدة دراما المكان عالية المستوى في فيلم "فيلا 69" الذي أبدعت أيتن أمين في إخراجه كحالة سينمائية ناعمة وهادئة، مريحة للعين، رغم ما تمثله من احساس بالاختناق داخل المكان أو ما يعرف بـ "كلوستروفوبيا".

دراما المكان ربما من أصعب ما يمكن تقديمه على الشاشة العربية، وذلك لأن توحد المشاهد مع المكان جزء أساسي من ضرورة نجاح العمل، وقد لا نبالغ إذا قلنا إن لامبالاة المشاهد بالمكان الذي تدور حوله الأحداث أو تنبثق منه، قد تؤدي إلى انهيار العمل بأكمله.

نجحت أيتن أمين، يداً بيد مع حسام شاهين مدير التصوير، في توصيل حالة بديعة من الاحساس بالانعزال والانعتاق في آن. فحسين، الشخصية الرئيسية في الفيلم، التي يؤديها أبو النجا، حبيس فيلته العتيقة باختياره. نزيل اختياري في سجن الجسد والحوائط. وكما هي قديمة متداعية، تغطي خيوط العنكبوت جدرانها وأركانها، يبدو جسده بالياً يتآكل، مثل حذاء قديم يبلى ويتقشر.

وعلى الرغم من تداعي جسد حسين وفيلته، إلا أن روحه سليطة اللسان العدائية الحنون المتجمدة هي هي، لم تتأثر بالكبر ولا بمرور الزمن. لوهلة ما، يبدو الزمن متوقفاً في فيلا حسين، حتى "تطب" عليه أخته نادرة، التي هي على العكس منه، مفعمة بالحياة روحاً وجسداً رغم كبرها سناً عنه. "نادرة" مازالت امرأة مفعمة بالحيوية والرغبة في الشباب، وباستخدام تفاصيل أنثوية بديعة مثل كريمات شد التجاعيد ومجفف الشعر "السشوار" والماكياج الهادئ، نجد أمامنا شخصية في مثل قوة حسين، وربما أقوى، لكنها قوة المرأة الناعمة الذكية، التي لا تضع نفسها في موقع الهجوم، بل تتسلل بنعومة ثم تلقي بهدفها في المرمى مفاجئة لطرف النزاع الآخر، متحملة ثورته بهدوء.

عن الأداء

على عكس أبو النجا، أبدعت لبلبة في أداء شخصية نادرة. لبلبة بالطبع لها تاريخ فني أطول وأعرق، وقد غيرت جلدها بين أكثر من عمل فني، رغم اهتمامها بالفيلم الكوميدي بوجه خاص، إلا أنها حاولت التمرد على نمط الفتاة الاستعراضية خفيفة الظل في أكثر من موضع، نذكر منا "ليلة ساخنة" و"ضد الحكومة" و"الآخر" و"إسكندرية.. نيويورك" وغيرها من الأفلام. برعت لبلبة في أداء شخصية "نادرة"، التي كان من الممكن أن تمر مرور الكرام لولا إضافة لبلبة لها من روحها وفهمها لتفاصيل الشخصية الدقيقة.

الممثلون الثانويون تنوعت أدوارهم ما بين الأداء العالي والعادي، الذي يمر مرور الكرام، البديع في اختيارات أيتن أمين، هو ملائمة كل الشخصيات للمكان، حتى تبدو الشخصيات وكأنها انصهرت داخل الفيلا وأصبحت جزءاً من أجزائها. فالمكان وحسين لا بد وأن يصبحا سوياً أهم ما في الكادر، حتى مع غياب حسين، لا بد وأن يكون موجوداً بروحه التي احتلت المكان فأصبح هو والمكان شيئا واحداً. نجحت أيتن ايضا في الإمساك بخيوط الشخصيات مثل محرك دمى ماهر، وبدا من الواضح في مشاهد نادرة مع حسين أو في المنزل، أن نادرة هي الوحيدة القادرة على تحدي سيطرة المكان /حسين على الموجودات، فمثلت قوة مساوية في القدر، وإن لم تحاول ربط نفسها كما فعل حسين.

شخصية حسين سليطة اللسان، هي شخصية ربما تبذل قصارى جهدها لتنفير الناس منها، شخصية ربما ليس بطبعها العدائية والبذاءة وتحدي اللياقة الاجتماعية، لكنها تفعل هذا لطرد البشر من دائرتها، فتبذل ما بوسعها لقطع أي قُطر يتم بناؤه بينها وبين الآخرين، لكن روح حسين الحقيقية التي احتلت المكان بقدر ما احتلها، هي روح نقية عذبة، تجذب البشر كما يجذبونها، تحنو على القطط، وتستقبل حفيد أختها وفرقته للتدريب في المنزل، في محبسها الاختياري، الذي ورغم امتلائه بالبشر فجأة إلا أنه يظل يغلف حسين بهالة من الانعزالية والذاتية.

أروى جودة، ممثلة جميلة وأداؤها التمثيلي هادئ، بعيد عن الافتعال والضجيج، إلا أنها هنا لم تؤثر في بنيان القصة ولم يكن لدورها أهمية تذكر، على عكس المخرجة هبة يسري التي أضافت لدور هناء أبعادا أخرى رغم قلة تجاربها التمثيلية، مما أعطى له أهمية تفوق مساحته بكثير.

في الختام، "فيلا 69" فيلم جيد بصرياً وسردياً، عيوبه أقل كثيرا من مميزاته، ويبقى السؤال؛ أيهما أكثر موتاً: جسد حسين أم جسد أولئك الذين من حوله ويحسبون على الأصحاء؟

عين على السينما في

06.01.2015

 
 

العدمية في السينما بين خمسة مخرجين

بيلاتار وأنطونيوني وجارموش وفون تراير وهانيكة

محمد الغريب

تأتي العدمية كفكرة مفزعة في التاريخ البشري، هي تعني الفراغ واللاجدوي، والذهاب الي الحيادية المطلقة من كل شئ، وعدم الفعل واليقين الكامل بقسوة الحياة، وفناء الأمل والسعادة واحتمالية التغير الي الأحسن.

سنجد هذه العدمية الصرف في بعض الأعمال الأدبية والفلسفية والفنية، نذكر منها الفيلسوف اميل سيوران، وصمويل بيكيت وسارة كين في الأدب، وفي السينما، نجد العدمية حاضرة وبقوة عند بعض المخرجين العالميين خاصة اصحاب الرؤية التأملية المميزة.

أنطونيوني: العدمية كتقنية سردية

في كل افلامه، يقترب انطوينوني من اقصي العدمية ثم يبتعد، لا يريد القول ان افلامه كلها تعبر عن العدم، فهو لا ينظر للعدمية، ولا يتدخل في صياغة خطاب سينمائي شمولي العدمية والسوداوية، فهو ينتقل بين مراحل العدمية ليستقر في منطقة وسطي تؤكد ميل انطوينوني، الي العدمية الوسطية في شكل تقنية بصرية للسرد الحكائي. وذلك بخلاف المخرج بيلاتار رائد العدمية البصرية في تاريخ السينما، او جارموش المتنصل عن الحياة بفقدان طعم الاشياء.

التشوش الذهني، الدوائر، الفراغ، ثلاثية دائمة في عدمية أنطوينوني، ينتج عنها ملل واشمئزاز، وحضور صامت متأمل للبطل،  حيث يصير كل شئ نسبيا، وليس هناك ركائز، فتتحول الشخصيات إلى كينونات ذائبة في ذاتها، تريد البحث ثم البحث، عن ماذا؟ فهي لا تعرف، مجرد ارهاصات الحياة تنعكس علي شخصيات أنطونيوني. هذه الهشاشة الشخصانية السينمائية، تصل بنا الي عدمية وسطي في منطق الحياة، فالقوة والقسوة العدمية ليست موجودة في مشهدية أنطونيوني، مما يؤكد نية الشخصيات في المحاولة، فالبحث هنا يعني وجود بصيص أمل قد يتحرك في الأحلام والأوهام.

المنطق في الفيلمية هنا، هو محاولات البحث عن الحقيقة، لنكتشف ثلاثية أخري ( المحاولة- البحث- نسبية الحقيقة) في بصرية هائلة من الجماليات والصور، هذا الارهاق البصري واللاهث وراء اللاشئ، يجعل المشاهد، متوحدا مع المشهدية، خاصة قدرة انطوينوني عن الصياغة الحلمية في السرد السينمائي، فيصبح المشاهد باحثا مع الشخصيات، عما يبحثون عنه، حيث تجد الحكاية وتسير معها دون الوصول إلي شئ محدد.

العدمية تصير شيئاً عادياً، فليس هناك تعقيد في السرد العدمي، وليس هناك شعور بالمفاجأة لدي الشخصيات، من اشياء يرونها وتقلبات تحدث، فمضمون الحكاية هو عدمي بالأساس، ولكنه ليس قاسيا، لهذا جمع انطونيوني بين الفكر الفلسفي السينمائي وجماليات الصورة، وهو ما فعله أيضا المخرج المجري بيلاتار، الذي جمع بين السرد العدمي القاسي، وجماليات الصورة، ولكن انطونيوني في مستوي عدمي أقل من بيلاتار، الذي جعل الصورة السينمائية تشبع المشاهد روح العدم.

وبالنظر الي فيلم "المغامرة"، نري تحول قصة الحب العادية الي نظرية معقدة في الحب تتمظهر عبر لوحات بصرية هائلة، حيث يندمج الفكر والصورة معا دون تقصير في مشهدية أنطوينوني، ففي البداية يعتقد المشاهد انه أمام قصة حب عادية ثنائية العاشق والمعشوق، بأبعادها المختلفة، ولكنه لا يعلم أنه في حلمية أنطونيوني الشكلانية، التي تتضمن تعبيرا عن الحب في شكل الخواء والفراغ المفزع.

يؤكد الفيلم أن الحب موجود وجوداً ظاهريا دائما، فالذات لا يمكنها أن تستوعب الأخر بشكل كامل وعميق، فالذات تحتاج الي الآخر كتمظهر خارجي فقط، ومن هنا يظهر النضج في الشخصيات بالمشهدية، الذي يصبح عنصراً عدميا ضخما ومعبرا عن الخواء البشري، فيريد أنطوينوني القول أن النضج، خاصة في الحب، يمثل النهاية، يمثل الملل والتردد. هنا تظهر رسالة أنطوينوني لنا عبر الفيلمية بأن نعيش حياتنا دون نضج واضح وتركيز أكثر، نعيشها بحرية ولكنها رسالة غير قصدية هي رسالة مضمرة ومنتظرة.

البطل يحب مرتين ويتساءل ويبكي في آخر الفيلم عن معني الحب، وهو يحب صديقتين، وهم أيضا يهربون ويتواجدون في الحب في آن واحد. الوجود والاختفاء معاً هو التفكير مع التيار وضد التيار، وهذا يمثل النضج الكامل والشامل مما يصنع اضطرابا هائلا في النفس ويملؤها بالخواء والملل.

بيلاتار: رائد السرد العدمي في تاريخ السينما

برزت فيلمية المخرج المجري بيلاتار، كمثال للبؤس والعدمية، حيث يحمل علي كتفيه كاميرا ترصد كل ما هو كئيب وعدمي، ذورة النهايات الكلية للوجود ستجدها في هذه المشهدية، وايضا ذروة الصراع الإنساني، حيث الصمت والموسيقي المزعجة والنظرات الحادة للشخصيات يؤكد بعدم وجود مساحة للرحمة والشفقة، الكل يبحث عن الأخر عن مزيد من الصراع.

سينما بيلاتار، هي سينما ذروة الصراع لشخصيات عدمية لا تهمس بالتفائل أو الأمل، وهو ما ينعكس في التقنية التي يستخدما بيلاتار من الأبيض والأسود، والسرد البطئ، واللقطات الطويلة المملة التي ترهق المشاهد بشكل مفزع، وتجعله في حالة هذيان وتشويش لمدة الفيلم، وما بعدها، من فترات زمينة.

هذا عالم بيلاتار، عالم التطهر والنقاء، يدخله المتفرج بمنتهي الهدوء، ليجد صورة الانسان والوجود القذرة متجسدة أمامه، انها انطولوجية وكونية البؤس والقذارة والقبح، يلعب بها بيلاتار ليفزع الانسان، ويعري النفس البشرية بجذرية وافراط لم تشهدها السينما من قبل،لذا يجد المشاهد ثلاثية دائمة في أفلامه (العدمية- الصراع- التطهر)، يسردها بدون قصة أو حبكة درامية تعطي نوعا من المغزي، مجرد سرد كابوسي مفزع يعبر عن أفكاره لقذارة العالم الدائمة، ورغم كل هذه البشاعة والملل في الفيلمية، الا هناك كثير من الجماليات البصرية عبر اللوحات الكبيرة التي يصورها بفنية مدهشة، فهناك حاجة إلى تفكيك هذه اللوحات ووضعها في متحف البؤس تحت مسمي بيلاتار.

وللاقتراب أكثر من عالم بيلاتار العدمي المفزع، نحاول تفكيك بسيط وموجز لفيلمه، "حصان تورينو"، المنتج عام 2011، حيث يصبح الزمن في الفيلم، هو زمن اللامعقول وحافة الجنون، مسرات زمنية تعلن عن تفاصيل البؤس، هذه التقنية العامة للفيلمية، يصاحبها جنون نيتشة وجنون فان غوخ.

لوحة "أكلو البطاطا" لجوخ التي تعبر عن البؤس والفقر، وهي حالة انطباعية صرف، تظهر عبر بصريات بيلاتار، من لوحة واحدة يتشكل كل مشاهد الفيلم، جنون جوخ المعروف، يصرف فيه بيلاتار بمشاهده البطيئة البائسة، حيث وجبة البطاطا اليومية بين الأب والبنت، أشاهدها تعني ذهابي للمتحف لمشاهدة لوحة جوخ كل يوم.. هذا الجنون البصري والنفسي لا يعني ان القدرة علي استيعاب هذه المشاهد فوق طاقة البشر، ان حالات الهستريا والهلاوس مطلوبة مع هذه المشاهد.

إن عدمية نيتشة وجنونه في نظرته للعالم تعبر عن نفسها من خلال بؤس الأب والنظرة الالحادية التي تغلف المشاهد، حيث لا يكترث الأب بأي شئ، سواء دمار المدينة، أو بحالة إبنته البائسة، المرة الوحيدة التي يهتم، عند جفاف المياه، فهو سيبحث عن اقل شئ يجعله مستمرا. بيلاتار يجمع بين جنونه، وجنون فان جوخ، وجنون نيتشة، وجنون الموسيقي.

جارموش سينما العدمية والضياع

تتميز سينما المخرج الامريكي المستقل، جيم جارموش، بصفة الضياع، حيث تبحث كل شخصية في الفيلمية عن هدف ضبابي، قد تعترف به أو لا تعترف، المهم أنها في حال لهاث عن شئ ما، وتبدو أيضا الشخصيات غريبة عن البيئة المحيطة بها، فهناك تركيز من جارموش علي الشخصية لجعلها مغتربة عن كل شئ، ذاتها بالأساس، ثم عن المكان وعن الآخر، حيث الحوار والتواصل يكون غير مجدٍ ومبهم، ويمر دون الوصول لشئ محدد.

عدمية جارموش هي نتيجة وليست صفة دائما بشكل عام، بمعني أن الضياع واللاجدوي  يصبغان الأحداث والشخصيات لتجد ان النتيجة لا شئ ، فالغرابيئة تطال كل شئ طول الفيلم، لذا نجد عدمية في حدها الأدني وليس الأقصي كما هو موجود لدي بيلاتار، قد يصل بنا القول إننا بصدد لمسة عدمية يصل لها المشاهد في نهاية الفيلمية الجارموشية.

وجارموش أيضا يخلط الأوراق في أفلامه، فتجد المشاهد والشخصيات والافكار متداخلة مع بعضها البعض دون أي رابط واقعي ومنطقي، فهناك عبثية مشهدية، تجعل الشخصيات تنطلق في حرية كاملة للتصرف، دون اي رابط او قيود، فليس هناك مساحات للقوانين والاعراف، فكل شخصية لديها الحرية في الحركة والقرار.

ولم يكتف جارموش بهذا النوع من العدمية، انما اقترب من نوع من الفلسفة يتسم بالعدمية ايضا، حيث يتلاعب في أفلامه بأفكار ما بعد الحداثة، حيث تجد الفوضي واللامعني، وتفكيك الأشياء، لتجد ايضا اسماء علمية، معلومات تاريخية، واختراعات، وسيرة ذاتية لعلماء، وفنون وصنوف الادب، وحكم، والوان كل ذلك يتركب معاً في مشاهد، جارموش يصنع لوحات بصرية مفككة، وكنها تؤثر في المشاهد، دون ان يعي ما يراه، ولكنه ينضج سويا مع المشاهد الي اخر الفيلم، حيث المعني الجارموشي يصله في عمقه.

ورغم كل ذلك المشهدية العدمية ما بعد حداثية، الا، أن جارموش يتمسك بالحكاية السينمائية الخفيفة، ولكنها ليست الحكاية التقليدية الدرامية، انها السرديات السينمائية بطعم جارموش، بالإضافة الي فلسفة الطريق والبحث، في صور جمالية رائعة، هذا التمازج الجارموشي يرعبنا أحيانا ويثير في انفسنا الدهشة والحيرة، واحيانا أخري يحسسنا بمتعة المشاهدة وعمق اللقطة والتأثير الثري علي النفس.

لارس فون ترير، عدمية النهايات واكتئاب المشهدية

المشاهد الضدي لما بعد حداثية لارس فون ترير، فليس هناك اعتراف امام هذه الفيلمية السوداوية، حيث الحزن والسواد يعبران عن الحقيقة، أو بالاحري الاقتراب من الحقيقة، محاولات للقرب من أعماق الذات، ومحاولة ازالة الغبار قليلاً عما هو خفي للغاية، حيث العالم تعبر عنه محتوياته الاعتيادية واشياؤه العميقة بمشهدية عارية أمام الذات المختبئة عن الحقيقة التي لا يود أحد أن يراها، لنري رؤية سينمائية صادمة.

هذا الانقلاب المشهدي للمخرج لارس ترلير قاس، ما بعد حداثي وتفكيكي بكلمات تحطم الأصنام وحدود المعاني، نصبح عرايا بدون اي اغطية عابرين إلي انفسنا بدون قيود، فننقلب علي الحقيقة التي اتضحت أمامنا، ننقلب علي أنفسنا كالمعتاد، فنخفي المشهدية الترايرية داخل لاوعينا بشكل أعمق مما سبق، وندخل في ثنائية النفسية المعتادة: التهمة والاتهام.

في كل لحظة ونحن نشاهد، نرمي بالحقيقة بعيداً عن حدودنا المكانية والروحية، كأنها تهمة تبحث عن متهم جاهز، متمسكين بالخير الدائم العابر لكل شئ، نصبح اخيارا مثاليين نادرين أمام هذا الكشف الترايري للمعني والحقيقة، ونجهز علي شخصيات المادة الفيلمية بالتهم والشرور وفقدان المعني، تصبح الحقيقة المشهدية ماثلة أمام العدالة ومحملة بالغرابة والصدمة الغير مبررة.

اللقطة الترايرية تقذف بموت الأشياء إلي حضن وذهن المشاهد، تقول له إعرف بعدك العميق الخفي، إنه امامك  ليس عن طريق كتاب فلسفي، أو أدب، ونقاش مطول، انما عبر مسلك الابداع البصري وجماليات الحوار وتدفق المعاني، انها داخلك تحدثك بكل عمق. لذا استطاع تراير أن يمزج بين الفكري والنظري وبين السينمائي وجماليات الصور، هذه العبقرية الاخراجية نادرة في السينما.

فأنت تري تأثير نهاية الأمومة أمام عين سيدة تمارس نشوتها مع أبوية جامدة، يسقط الطفل من الشرفة وأعين الأم تشهد اللحظة الاخيرة لحياة طفلها، فتفقد حبها لزوجها، وتبدأ المعاناة، بنهاية الحياة، في فيلمه "ضد المسيح"، يتتبع لارس هذه اللحظة الفارقة للسيدة.

ونتطرق هنا الي تحليل أحد افلامه، والمعبرة عن ما بعد حداثية الكاميرا وعدمية الفكرة، عبر فيلم "ضد المسيح"، فرمزيات الصمت إحدى متع المشاهدة لدي ترير، ففي المشهد الافتتاحي تتحول اللذة الحسية للوالدين الي نهايات عبر غواية بصرية للطفولة لحبات الثلج، ليقفز الطفل وينتهي، ولتصاب الأم بالأسي النفسي الشاذ، وتظهر العدمية عندما تتحول اللذة الحسية الي علاج للذات الأنثوية المهشمة، وتلك المضاجعة العنيفة والغاضبة، ولكن دون جدوي، فالأشياء لدي تراير ليس لها معني أو هدف محدد، مجرد سراب داخل متاهات متعددة.

لدي الأنثي السوادوية في الفيلم يتحول الأسي والحزن الي ثقل جسدي وانهيار وجبال متألمة مليئة بالخيالات والهلاوس، ويظل الطفل المفقود رمزاً للحضور العدمي. لنجد أن غواية التحليل النفسي وكثبان فرويد الرملية يتم إعدامها في مشهدية تراير، ثم يتدهور الأمر تدريجيا في نطاق العدم، حيث تفقد اللذة الجسدية تأثيرها وقوتها وينتهي خطابها الجزئي، حيث يتسرب من خطاب الجنس، خطاب آخر هو تمازج الشهوة بالعنف، المزيد من الألم في رحم اللذة.

نقطة الصدام الحقيقية عند شعور الأنثي بالكراهية تجاه زوجها، فتقوم بضربه في ذكوريته لأنه لا يحبها، وسيتركها حتما في أي وقت، فهي تريد نهايته وتعذيبه حتي الموت، ونهاية نفسها، تريد نهاية كل شئ، ويتضخم رويدا رويدا الصراع بينهما، حتي يصبح عدميا بائسا قاسياً بلا معني أو تحديد لشئ.

مايكل هانيكة: عبثية القصة السردية وعدمية المضمون

ينتقل المخرج النمساوي مايكل هانيكه في أفلامه بين العدمية القاسية العنيفة، وعدمية ما بعد الحداثة، ففي افلام "معلمة البيانو" و"العاب مضحكة وحب"، العدمية كفكرة وليست كتقنية، حيث كل شئ بائس وعدمي، فنجد في "العاب مضحكة" الملابس البيضاء رمز الملاك، تُقتل اسرة كاملة بدون سبب، مجرد ضحكات هزلية، وهناك يمزج هانيكة ما بين العبثية السردية، بمعني توظيف المناحي العبثية في السرد والتفاصيل والحكاية السينمائية، وبين العدمية كفكرة، حيث الخير يبدو قاتم ومصدر الشر في العالم بشكل مفزع.

وبالنظر الي فيلم "حب" Amour، نجد هانيكه يريد نظرية معينة في الحب، عبر السن الكبير والشيخوخة، عدمية الشخصيات، تغزو المشهدية، حيث اللقطات الفيلمية الواسعة البطيئة لا نري فيها سوي هذه الشخصيات. ففي الفيلم الحب رزين، بدون أي عاطفة مفرطة، أو بؤس ومعاناة واضحة، كل شئ محدد وهادئ وبارد دون انفعالية، وفي لحظة واحدة تنهار الزوجة ليصل الحب الي أعلي درجاته دون ابتذال، رومانسية ناضجة وصادقة، لا تجد أمام المرض سوي العدم، لانهاء كل شئ.

ينتقل هانيكة الي التشظي والفوضوية في السرد والحكاية في ثلاثة أفلام ( القارات السبعة-  71 شظية- شفرة مجهولة)، حيث عدمية ما بعد الحداثة، وهنا يقترب من الفيلمية الجارموشية في فيلمي "الكلب الشبح" و"ليلة علي الأرض"، لنجد الحكايات المنفصلة عن بعضها، والصراع الانساني العدمي البائس، وعدم القدرة علي التواصل، وعدم وجود فرصة للأمل والسعادة، فلحظات السعادة والفرح في الفيلمية لدي هانيكة معدومة بشكل مطبق.

ففي فيلم "شيفرة مجهولة"، ليست هناك فرصة، حتي لو محدودة، للتواصل في المجتمع الاوروبي الحديث، فهانيكه يريد القول إنه مجتمع عدمي للغاية، فالفئات تسمع بعضها البعض دون ان تهتم، الكل يريد الانعزال، واذا حدثت محاولة للتواصل يكون الفشل هو النتيجة. التقنية السردية في وجود حكايات منفصلة عن بعضها تسقط علي طبيعة المجتمع بأنه متشظي، ومفككك.

ويشهد هذا الفيلم ايضا مونتاجاً قاسية مختزلاً، فالزمن الحقيقي للفيلم بعيد عن المشاهد، هناك اجهاد حقيقي وقسوة في متابعة هذا الفيلم، ليقول هانيكة لنا، كل شئ لدي قاسي في الفيلم.

وفي فيلم "القارة السابعة" تعبر المشهدية عن انتحار البورجوازية كمعني سردي، حيث تجد الشخصيات نفسها أمام عالم خاوٍ من المعني، فتقرر عدم الاستمرار والكبت، ومعاندة الواقع، واستخدم هانيكه هنا العدمية لتفكيك الحياة والعالم، والتأكيد علي الانتحار كحل للخلاص والراحة، وكانت العدمية هادئة وتدريجية في التطور الدرامي، لتتحول الي عدمية عنيفة وقاسية عند قرار العائلة الغير المعلن والمتفق عيه ضمنيا في الانتحار، حيث تم تحطيم كل شئ يدل علي الحياة في شقتهم.

وأخيراً، لا يمكن القول إن سينما هانيكة، لديها رافد العدمية فقط كفكرة سينمائية، انما سنجد أنه يرمز في افلامه الي ضرورة تفكيك كل السلطات المؤذية للانسان، مثل سلطة الإعلام وزيفه وتأثيره علي العقل البشري، وسلطة الدين والأسرة، التي تجعل الانسان مكبوتاً ميالا الي العنف القاسي، وتفكيك قسوة العالم الرأسمالي والحياة المملة، التي وفرت فكرة التشيؤ لكل لحظة يعيشها الانسان، اقصد من ذلك، ان العدمية أحد روافد هانيكة كتقنية سردية وكفكرة وسجال فلسفي في كل افلامه، وذلك ايضا ينطبق على المخرجين الأربعة، فنجد أن لارس فون تراير يناقش العديد من الموضوعات الأنثوية بدرجاتها المختلفة في أفلامه، بجانب موضوعات نهاية العالم والقيم، وغلبة فعل الشر علي الخير، وهكذا مع بيلاتار وانطونيوني وجارموش.

عين على السينما في

06.01.2015

 
 

"عندما تحشر أمريكا أنفها ..

وتنتصر على الشاشة فقط !"

مجدي الطيب

لا أدري لماذا تذكرت،وأنا أشاهد فيلم «المقابلة»،ما فعله،يوماً،أحمد رجب ومصطفى حسين بالرئيس الليبي معمر القذافي،الذي لم يكتفيا باتهامه بالجنون،وأنه غادر لتوه «السرايا الصفراء»، وإنما صوراه وهو يجلس نصف عارياً، وهو يتغوط أو يتبرز !

هذا النهج الغليظ،الذي أثار الكثير من الاستياء،كونه تجاوز إطار الخلاف الموضوعي في الرأي،والتناقض الأيديولوجي المشروع،إلى التجريح الشخصي،الذي لا يمكن النظر إليه بوصفه نوعاً من النقد السياسي أو التوظيف الساخر لفن الكاريكاتور،تكرر بحذافيره في الفيلم الأمريكي «المقابلة» (112 دقيقة) للمخرجين إيفان جولدبرج وسيث روجن،اللذان كتبا القصة مع دان ستيرلنج،الذي تولى بمفرده مسئولية كتابة السيناريو؛فالفيلم ابتعد عن السخرية المحببة واقترب، بدرجة مقززة،من الفُحش في النقد،والفُجر في الخصومة،والمبالغة في تشويه «العدو»! 
أمر ليس بجديد على السينما الأمريكية،التي فعلت الشيء نفسه إبان الحرب الباردة بينها والاتحاد السوفييتي،عندما اتخذت من «الدب الروسي» العدو الأوحد لها قبل أن تستبدله،بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي،بالعدو العربي (صدامي أو قذافي) ولاحقاً من أطلقت عليه «المجاهد الإسلامي»،وهاهي تكشف النقاب عن حرب مُعلنة جديدة مع العدو الرابض في «بيونج يانج» عاصمة جمهورية كوريا الشعبية (كوريا الشمالية)،وحاكمها الذي استعصى عليها إخضاعه،وتجنيده لخدمة مصالحها،فما كان منها سوى أن اتهمته،عبر آلتها الإعلامية المتوحشة،بأنه «طاغية» و«ديكتاتور»،ثم طورت هجومها،وضمت إلى أسلحتها السينما التي تمثل عنصراً حيوياً ضمن أبواق الدعاية الفجة للسياسة الأمريكية في العالم،واتهمته بأنه «أحمق» و«كاذب» يستحق الاغتيال ! 

يبدأ الفيلم بطفلة تُغني في الاحتفال بإطلاق صاروخ كوري شمالي قادر على ضرب الشاطئ الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، وفي حيلة خبيثة لتأجيج الكراهية يدجج السيناريو كلمات الأغنية بشتى أشكال التحريض مثل : «نأمل أن تحترق أمريكا في الجحيم» وأن «يُجبروا على الجوع والتسول ويجتاحهم المرض» و«يغرقوا في دمائهم وبرازهم» و«تُغتصب نسائهم»،بينما تتهم أجهزة الأعلام الأمريكية طفل «بيونج يانج» بأنه «هتلر العصر»،وتتسبب الأخبار العاجلة في القطع على المذيع «ديفيد سكاي لارك» ـ جيمس فرانكو ـ الذي يحتفي،ومنتجه «آرون رابو بورت» ـ سيث روجن ـ بمرور عشر سنوات على برنامجهما الترفيهي التافه، الذي يتباهى باستضافة المثليين الجنسيين ومرتدي الشعر المستعار،ويُدرك «آرون» أن برنامجاً يحظى بنسبة مشاهدة عالية ينبغي أن يقدم لجمهوره شيئاً إيجابياً بدلاً من «النفايات التي نلقيها في وجوههم»،ورغم عدم قناعة «ديف» إلا أنه ينتهز فرصة إبداء الرئيس الكوري الشمالي كيم يونج أون إعجابه بالبرنامج،ويحث منتجه على تحديد موعد معه لإجراء حوار،بعد ما تبين أنه «يهاجم أمريكا في العلن ومستهلك نهم للترفيه الأمريكي في الخفاء»،وتحدث المفاجأة ويوافق «أشهر رجل على الكوكب» بشرط أن يستضيف الحوار في معقله،وأن يتولى بنفسه إمداد البرنامج بالأسئلة كلها؛أي أننا «سنتركه يحاور نفسه من خلال فمك» ـ حسب التعبير البليغ للمنتج آرون ـ وبينما يرى «ديف» و«آرون» أنهما بصدد «أهم محاورة في القرن العشرين» تتهمهما دوائر إعلامية بأنهما يُسهمان في «تمجيد فاحش لديكتاتور قاس عذَب وأرعب وجوع شعبه» لكن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تستثمر الفرصة،كعادتها،وتُجند «ديف» و«آرون» للقيام باغتيال الرئيس الكوري الشمالي بالسم،وتُحذرهما بأنه في حال الكشف عن العملية فإنها ستلجأ إلى إنكار تورطها في أي شيء !

عند هذه النقطة ترهل إيقاع الفيلم بشكل كبير،وتحولت السخرية إلى غلظة وسخافة،واستمر الاستخفاف في المشاهد التي أعقبت وصول البطلين إلى كوريا الشمالية،وتعامل الضابطين المكلفين بتأمين الرئيس مع السم بوصفه قطعة لبان،وقيام أمريكا ـ صاحبة اليد الطولي ـ بإرسال حمولة أخرى من السم (!) لكن «كيم» ينجح،كما يحدث في الأفلام الساذجة،في استقطاب «ديف»،ودفعه إلى التعاطف معه،ومع مأساته كطفل نشأ وترعرع في بيت أب «ديكتاتور» وجد «طاغية»،ويقنعه بكذب الشائعات التي تقول إنه «نصف إله» وإنه «ليس لديه فتحة شرج»،بل هو إنسان من لحم ودم يسمع أغاني المطربة الأمريكية كيتي بيري،ويعاقر الخمر، ويضاجع النساء،ويذهب إلى ضيفه في حجرته ليهديه تمثالاً نصفي،أو يرافقه إلى المطعم ثم يصطحبه في نزهة ودية بالدبابة التي أهداها «ستالين» لجده،ويهمس له بأنه «حقيبة بلاستيكية تتقاذفها الريح» .. وهذا ما تريد أمريكا إقناع نفسه،وإقناعنا،به ! 

أفرط الفيلم كثيراً في استخدام الإيحاءات الجنسية والعنصرية الفجة،كالقول إن الرئيس الكوري يؤمن أن «اليهود شؤم»،وتكرار السخرية من «فتحة الشرج»،وتشويه الفتى الذي لم يتجاوز الواحدة والثلاثين من عمره،ومع هذا يحكم بلداً يضم 24 مليون إنسان،والأحمق الذي ينفق 800 مليون دولار على التسليح النووي،ويتجاهل 16 مليون مواطن يعانون الجوع والفقر،بل أن الفيلم اتهمه صراحة بأنه «نصاب استولى على 200 مليون دولار في شكل مساعدة غذائية من الأمم المتحدة»،ومع هذا تقول وكالات الأنباء الأمريكية،بصفاقة،إنها «ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها كوريا الشمالية “إهانات فظة” ضد أوباما ومسؤولين أمريكيين وكوريين جنوبيين»،وتتجاهل العبارة ذات المغزى التي جاءت على لسان البطل الأمريكي في الفيلم : «أمريكا تحشر أنفها دوماً بالأمور وتفسدها» ثم ينقلب السيناريو على المقولة،ويقدم نهاية لا تخلو من «التلفيق» و«الفبركة» بغية إرضاء دوائر صنع القرار الأمريكي،بأن جعل «المقابلة» تنتهي بأن يبكي «القائد الأبدي» على الهواء،وتسقط عنه صفة الإلوهية،ويبادر بإطلاق النار على المذيع الأمريكي،الذي أحرجه،وفضحه،أمام شعبه،بعد ما اكتشف زيفه وكذبه،وقوله،في لحظة تجلي،إنه يتمنى لو فجر العالم،لكن «ديف» كان يرتدي سترة واقية ضد الرصاص،وينجح في الهرب،مع كلبه،وصديقه «آرون»،الذي يترك البلد أمانة في يد المُنشقة «سووك» التي أحبته،وفي مطاردة أخرى عبثية بين دبابة «ديف» ومروحية «كيم» ينجح الأول في إسقاط الطائرة،ويخلص البلاد من «الطاغية»! 

فيلم نال اهتماماً أكثر مما يستحق،رغم أنه لا يختلف كثيراً عن نوعية الأفلام التي كانت تقدمها السينما الأمريكية،واختارت لبطولتها سيلفر ستالون وأرنولد شوارزنجر وفان دام،واستهدفت التغرير بالمشاهدين السُذج،وغسلت أدمغتهم،وكرست صورة «البطل الأمريكي الذي لا يُقهر» !

جريدة القاهرة في

06.01.2015

 
 

سلسلة أفلام Hunger Games شرعت له الأبواب المؤصدة في عالم السينما

ليام هيمسورث: والدي ملهمي الأكبر

نيويورك: عايدة تكلا - ترجمة: عمر حرزالله

خطواته المتواصلة نحو النجومية، وسعيه الدائم لتحقيق الأفضل في ما يعمل عليه، ساعد الممثل الأسترالي ليام هيمسورث على إدراك المعنى الحقيقي للشهرة. لاسيما أنه لا ينظر إلى المستقبل البعيد، ليس لعدم الرغبة في الاستثمار الطموح، ولكن للإيمان بأن التركيز على ما هو ملكه وإنجازه بأفضل شكل ممكن، لا بد سيرصف له الطريق نحو ما هو أفضل.

في مقابلته الخاصة مع مجلة «أرى»، يشاركنا ليام الكثير عن دوره في فيلم Hunger Games وحياته الخاصة وعلاقته بعائلته، وخاصة شقيقه كريس

·        ما الذي تفتقده أكثر شيء في هذا الفيلم، وكيف كان الحفل الختامي؟

لقد انتهينا من تصوير الفيلم في برلين، وأفتقد كثيراً الوقت المسلي الذي أمضيته مع باقي الممثلين وطاقم التصوير، وقد أصبح جيم وجوش من أفضل أصدقائي عبر السنوات القليلة الماضية، وأفتقد بشكل خاص الوقت الذي قضيناه معا أثناء تصوير الفيلم وكذلك موقع التصوير الذي كنا نلتقي فيه، أعني أننا ما نزال نرى بعضنا بعضاً، لكننا شاركنا بتجربة فريدة وخاصة عبر السنوات القليلة الماضية، وشعرنا بالأسى حينما انتهت، وكان ذلك بمثابة نهاية فصل. وكان الحفل الختامي ممتعاً وأتذكر أشياء قليلة عنه، وأعتقد أننا أمضينا وقتا جيداً.

·        إلى أي مدى ساهمت هذه التجربة بتغييرك، وما هي أهم الأشياء التي جلبتها لك؟

أعتقد أنها شرّعت لي الكثير من الأبواب، وأصبح من السهل جداً مقابلة الكثير من الناس في قطاع السينما من الذين أود العمل معهم، سواء مخرجين سينمائيين أو ممثلين وغيرهم، وقطعاً فتح ذلك أمامي كثيراً من الأبواب، وبالنسبة لجنيفر لورنس وجوش هاتشيرسون، فقد شاركت معهما بعض النقاط المحورية في السنوات الأخيرة، وأعتقد أن المرء تتشكل شخصيته في بداية العقد الثاني من عمره، أي في مطلع العشرينات، عندما يكون في عنفوان الشباب. وقد تعلمت أشياء كثيرة من الممثلة جين لكونها فتاة مخلصة وصادقة، ولا تعبر إلا عن شخصيتها الحقيقية مهما كانت الظروف المحيطة بها.

·        ما الذي أعددته لهذا النجاح الذي حققته؟

لا أدري ، أحاول فحسب تناول الأمور أولاً بأول والتركيز فيما هو أمامي حالياً، ولا أتطلع بعيداً إلى المستقبل، ولكن لا أدري ما الذي يتعين حقاً إعداده لهذا النوع من الأشياء، لقد تدربت على التمثيل، ولا يشمل ذلك هذا الجزء منه، ويتعلم المرء بمرور الوقت ويقوم بجولة فنية كهذه التي قمت بها في فيلمي الأول، وهي أشبه بقذف المرء في هوة عميقة وعليه أن يشق طريقه عبرها.

وكما قلت، أنا معجب بصدق جين كإنسانة، وكممثلة. ومن أعظم الأشياء التي تعلمتها منها هو تمكنها من فرض حضورها الدائم على الجميع، سواء أثناء تمثيلها أو خارج إطار التمثيل، فهي نزيهة وصادقة مع الآخرين ولا تفكر بالأشياء البعيدة أو التي لا توجد حولها، وشخصيتها حاضرة على الدوام، وهي تتكيف مع الظروف بسرعة لأنها دائماً على حق وتفعل الشيء الصواب. وأعتقد أن هذا هو الذي جعلها ممثلة رائعة، فهي حاضرة على الدوام وتفرض نفسها على الحضور، وهذه هي الموهبة العظيمة التي تتحلى بها.

·        لديك ستة من الأقرباء والقريبات من أبناء وبنات الأخ، إذن ما نمط العمومة الذي تتمتع به، وكيف تغيرت العائلة مع هذه الإضافات من الأولاد والبنات؟

ربما أكون أعظم عم موجود على الإطلاق، لقد أمضيت وقتاً كبيراً مع بنات أكبر أشقائي الثلاث، وأنا أحبهن كثيراً، وأمضيت وقتاً طويلاً، بشكل خاص مع ابنة كريس الكبرى، ولكنه رزق أيضا بتوأم قبل ستة أو ثمانية أشهر، وأمضيت معهما الكثير من الوقت ورأيتهما في لندن قبل بضعة أشهر، لكن أخي يسافر كثيراً ويبدو أننا دائماً على جانبين متقابلين في هذا الكوكب ولا نلتقي إلا نادراً، وكان أمراً صعباً عندما رزق شقيقي بطفله الأول، وكنا متقاربين جداً من بعضنا بعضاً، وكان أمراً غير مألوف عندما شعرت أن أحد أشقائي بدأ يرزق بأطفال، ولكنهم أعظم أطفال في العالم.

·        ماذا تفعل عندما تكون برفقتهم؟

أشتري لهم الهدايا وأعطيهم الشوكولاتة، وأشاكسهم كثيراً.

·        ماذا تفعل أنت وأشقاؤك لكي تبقوا متحابين، وهل كان هناك تنافس بين الأشقاء عندما كنتم صغارا؟ وهل كنتم متحزبين ضد بعضكم بعضاً، أم أن هناك قصة طريفة حدثت عندما كنتم تمارسون الشقاوة على بعضكم بعضاً؟ 

بالنسبة للجزء المتعلق بالتحابب، فإننا لم نكن متحابين كثيراً ونحن صغار، كما هي حال الأشقاء في سن الطفولة عندما يكونون متقاربين في السن، ولكن لا بد للمحبة أن تنمو. وفي الواقع مثلت فيلماً سينمائياً في الآونة الأخيرة مع وودي هاريلسون، وهو من أفلام الويسترن، وكان لدي لحية كثة وشعر طويل حسب ما تطلبه دور راعي البقر الذي مثلته في الفيلم الذي يتحدث عن المنافسة بين الأشقاء. وعلى هذا النمط، هناك في الواقع الملايين من القصص التي تتحدث عن نشأة الأشقاء وارتكابهم الحماقات ضد بعضهم بعضاً أثناء ذلك.

لقد كان شقيقي الأكبر يمتلك بندقية مخصصة لإطلاق المقذوفات الخفيفة وكنا نقيم في إحدى الغابات، وذات يوم خرجت للتنزه مع أحد الأصدقاء وكان شقيقي يمسك ببندقية مقذوفاته وطلب مني أن أركض بأقصى سرعة حتى لا يصيبني، فبدأت أولول وأنتحب وطلبت منه عدم إطلاق النار علي، فأبلغني أن بندقيته ستؤذيني إذا بقيت قريباً منه، وستؤذيني بقدر أكبر كلما اقتربت منه، وهكذا بدأت أجري بأقصى سرعة، فأطلق المقذوفة على مؤخرتي. وهناك عدد لا يحصى من القصص المتعلقة بإقدامنا على أعمال سخيفة من هذا النوع.

·        إذن أنت تتحدث عن نفسك عندما كنت في العشرينات من عمرك، وأود أن أعرف إلى أي مدى تغيرت الآن؟

أود أن أفكر بأنني نشأت وترعرعت بطريقة إيجابية. وأعتقد أنني فعلت الكثير من الأشياء التي أحاول أن أذكر بها نفسي في كل وضع واجهته، وأن أبقى إيجابياً ولا أترك الأوضاع السلبية تهيمن علي، وأحاول تعلم أشياء جديدة في كل يوم من الأشياء التي أفعلها وأركز على الوضع الحالي الذي أكون فيه ولا أتطلع بعيداً إلى المستقبل، وأشعر بالرضا والسرور فيما أفعله الآن، ثم أواصل عملي بالشعور ذاته.

·        من هو الشخص الذي أثر في حياتك أكثر شيء؟

قطعاً أبي وإخوتي أثروا بي كثيراً، كان أبي إنساناً رائعاً وكان يكرس نفسه دائماً لي ولإخوتي ونستلهم منه كل شيء، ولولا ذلك لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، وذلك بسبب القيم التي ربانا والدانا عليها.

·        أدرك أنك تعرضت لبعض الإصابات في موقع التصوير، وأن جينيفر تحدثت قبل وهلة قصيرة عن نقلك بسيارة الإسعاف وبدوت في غاية الظرف لأنك كنت ذلك الرجل الرائع في سيارة الإسعاف، وربما لم تشعر بأنك في حالة من الظرف في ذلك الوضع، ماذا كان شعورك وقتئذ؟ هل كنت خائفاً؟

لا بصدق، لقد كنت في الواقع منزعجاً وأشعر بخيبة الأمل نظراً لأننا كنا سننهي التصوير في غضون أسبوع والإصابة قد تعطله، وكنت أنا وجين نمثل مشهد مطاردة، ووقفت خلف كاميرا التصوير أثناء ذلك، وفي لحظة معينة زلت قدمي وسقطت على الأرض وأصيب كاحلي بكسر، وشعرت بالألم ، ولكني عندما سقطت على الأرض هرع إلي كل طاقم التصوير، وخيم عليهم سكون مطبق، وتوقعوا الأسوأ، وكنت بحالة سيئة جداً وشعرت أنني ربما سأعطل تصوير باقي الفيلم، وأننا لن ننهيه بعد أسبوع، وذلك يعود إلى أن التصوير استغرق نحو عام كامل وكان الجميع يتوق للانتهاء من الفيلم، وشعرت بالأسى على المخرج، كما شعرت بأنني خذلت الجميع، وخيمت علي خيبة الأمل في الواقع، ونقلت بسيارة الإسعاف خارج موقع التصوير، وصادف ذلك يوم جمعة وتوقعت ألا أتمكن من السير طوال الفترة المتبقية من التصوير، فشعرت بالعصبية الشديدة والقهر إزاء ذلك

ولكن بعد أن صورت رجلي بالأشعة، ظهر أن هناك كسراً شعرياً في كاحلي، فاسترحت في عطلة نهاية الأسبوع، وعدنا للعمل يوم الاثنين. وبدلنا بعض المشاهد ليتم تصويري وأنا جالس أو واقف، وأجلنا مشاهد الركض والمطاردة إلى نهاية التصوير، أي بعد نحو أسبوع.

·        هل كانت تلك هي الحادثة الأولى التي تنقل بها في سيارة الإسعاف؟

صحيح ، كانت هذه هي الحادثة الأولى.

·        الآن شقيقك الآخر لوك يبلي بلاء حسناً، وأحرز بعض النجاح في الخارج، ولم تعودا تريان بعضكما بعضاً كثيراً، ولكن كيف تشاركتم في هذه الرحلة التي جمعت ثلاثتكم معاً؟ ولوك هو مصدر إلهامكما كما أعتقد.

صحيح لقد تمكن من تحقيق النجاح قبلي. وقد صور لتوه فيلماً تجريبياً رائداً يدعى «ويستوود»، سمعت أنا وعائلتي أنه كان جيداً في الواقع، ونحن وبقية إخوتي نتبادل الرسائل الالكترونية بصورة جماعية، ونتشارك بالأحداث التي تقع لنا، أو نتبادل بعض الصور السخيفة أو ما شابه. لذلك فإننا نتواصل بصورة جيدة في معظم الوقت، ولكن صحيح إنه شيء غريب حقاً أننا نعيش نمط حياة مختلف في الوقت الحالي، ونفعل أشياء مختلفة، ولكن الأمر يكون رائعاً عندما نجتمع معاً، فنحن عائلة وثيقة الصلة ببعضها.

مجلة أرى الإماراتية في

06.01.2015

 
 

تامر حسني أول من بدأها وقصي خولي الأكثر وسامةً بها وكلمة السر في «الخوالد»

النجوم الأكثر وسامة بالإطلالة الداعشية!

القاهرة: محمد خاطر - دار الإعلام العربية

في الوقت الذي أصبحت فيه جماعة داعش الإرهابية تمثل خطراً كبيراً على أمن واستقرار المجتمعات العربية وكل أطيافها وفئاتها، وبعد أن تصدرت صور أعضاء هذه الجماعة معظم المجلات والصحف والقنوات التليفزيونية في الفترة الأخيرة..

إلا أنه بالتركيز في ملامحهم وطلتهم العامة التي تميزها اللحية الطويلة وشعر الرأس الكثيف العشوائي غير المهندم، وبالتركيز أكثر في هذه الطلة ستجد أنها تشبه بشكل كبير إطلالات لجأ إليها العديد من نجوم وطننا العربي في بعض أعمالهم الفنية، والبعض الآخر ارتضى بها كطلة مميزة له في حياتهم الشخصية، قبل ظهور هذه الجماعة أو حتى بعد ظهورها، «أرى» والتفاصيل:
تامر حسني

يُعتبر تامر حسني من أوائل الفنانين الذين بدأوا الظهور بهذه الطلة، حيث حاول أن يختلف عن السائد والتقليدي وقت ظهوره، ليظهر في وسط تلك الهوجة التي ظهر بها بشكل مختلف وسريع، حيث كان في ذلك الوقت تسيطر على الوسط موضة «مطرب لكل مواطن»، بالتزامن مع انتشار ظاهرة الفيديو كليب بشكل مبالغ فيه، وكان متعارف عليه دائماً أن أي مطرب يجب أن يتمتع بدرجات الوسامة المتعارف عليها في ذلك الحين والمتمثلة في الذقن الناعمة دائمة والشعر المهندم

لكن تامر فضل أن يظهر بطلة عشوائية للغاية من خلال ذقنه الطويلة وشعره غير المصفف، مما ساعده على لفت الأنظار بشكل كبير حينها بشكل جعلت الكثير من الشباب يتشبهون بطلته التي ظل يحافظ عليها حتى وقتنا هذا، ولم يجرؤ على تغييرها، وإن كان بين الوقت والآخر يُقرر فجأة الاستغناء عن شعره لوقت ما ولكن دون المساس بذقنه التي أصبحت أهم ما يميزه، لكن بعد ظهور داعش أظن أنه حان الوقت ليغيّر تامر من طلته.

عمرو يوسف

إذا كان تامر بدأ بهذه الطلة، فصديقه في فيلم «نور عيني» عمرو يوسف الذي اشترك معه في بطولة العمل، اختلف عنه من حيث البداية فقط، حيث بدأ حياته في العمل الإعلامي، إلا أنه حصل على دور جيد مع الفنان نور الشريف في رائعته الدرامية «الدالي» بأجزائها الثلاثة، وظهر حينها بطلته المعتادة القائمة على وسامته التي يحبذها الجميع؛ معتمداً على طوله الفارغ وعينيه الملونتين

ولكن بعد ذلك بدأ «عمرو» يعتمد على الطلة الداعشية في أعماله وفي حياته الشخصية، والتي أكسبته قدراً كبيراً من الوسامة، ولم تتعبه كثيراً في التحضير لشخصية المهندس الإرهابي في مسلسله «عد تنازلي» الذي خاض به الماراثون الدرامي رمضان المنصرم، ورغم أن البعض حينها أرجع أن سبب لحيته الطويلة في ذلك الوقت هي متطلبات الدور الذي يقدمه، ولكن جاء ظهوره الإعلامي الأخير في برنامجه «Back To School» لتظهر تعلق «عمرو» بهذه الطلة وارتضائه بها حتى الآن.

أمير كرارة

اشتهر أمير كرارة في بداية حياته بتقديم البرامج المختلفة وخاصة برنامج اكتشاف المواهب «Star Maker» وحينها كان يعتبر أحد وسماء جيله، وكان لا يدع فرصة إلا ويتباهى بوسامته وطريقة تصفيفه لشعره، لدرجة أنه في إحدى الحلقات تباهى بأنه من ساعد أحد المشتركين الذكور في البرنامج في مسألة تصفيف شعره، بعدما انتقدت مظهره لجنة تحكيم البرنامج التي كانت مكونة من الملحن حلمي بكر والراحل حسن أبو السعود والشاعر الغنائي بهاء الدين محمد ودكتورة معهد الموسيقى العربية جيهان الناصر.

بعد نجاح هذا البرنامج، اتجه «كرارة» إلى التمثيل وأُسند أليه العديد من الأدوار الصغيرة، لكن بعد أن بدأ يرشحه المنتجون لأدوار البطولة، لجأ إلى الطلة الداعشية التي ساعدته في الظهور بشكل حقيقي يشبه إلى حد كبير أدوار البلطجية والخارجين على القانون التي جسدها في مسلسلات «طرف تالت» و«تحت الأرض»، وحتى عندما عاد إلى عمله الإعلامي مرة أخرى من خلال برنامج «الخزنة» الذي عرض موسمه الأول على شاشة قنوات دبي الفضائية، حرص على عدم تغيير طلته الداعشية القائمة على اللحية الطويلة. والجدير بالذكر أيضا أن «كرارة» مازال يحافظ على هذا الطلة حتى الآن، ومن المقرر أن يظهر بها في مسلسله الدرامي الجديد الذي ينتظر عرضه «أنا عشقت».

إيساف

بدأ إيساف حياته الفنية من خلال البرنامج الذي كان يقدمه «كرارة»، وظهر حينها إيساف في موسمه الثاني، وكانت طلته الأولى أشبه بكثير للمهندس أو الدكتور، حيث كان حليق اللحية ويُهندم شعره بشكل متكامل ويرتدي نظارة طبية طوال الوقت، ورغم نجاحه في ذلك الوقت لدرجة أن الراحل وليد أبو السعود كان يبكي دائماً أثناء تأديته لأغنياته في البرنامج، اتجه بعدها إلى إصدار ألبومه الأول «معاه قلبي» عام 2007، وحينها اعتمد على الطلة الداعشية هو الآخر في بوستر الألبوم، ومن حينها ولم تفارق وجهه هذه الطلة، إلى أن خرج علينا في طلته ببوستر ألبومه القادم المقرر طرحه قريباً، بطلة داعشية مائة بالمائة، بعدما أطلق العنان للحيته التي تخطت شعر رأسه من حيث طولها.

خالد صالح

إذا كانت كل الأسماء الماضية لجأت للطلة الداعشية، تماشياً مع الموضة وتشبها بإطلالات نجوم الدراما التركية، فإن عدداً من النجوم سنذكرها الآن لجأوا لهذه الطلة مجبرين بحكم متطلبات الشخصية التي يجسدوها في أعمالهم الفنية، ويأتي على رأسهم الفنان الراحل خالد صالح، الذي لجأ لهذه الطلة أكثر من مرة أولها كان في مسلسل «الريان» الذي قدم فيه شخصية رجل الأعمال أحمد الريان الذي كان متعارف عليه انتمائه لجماعة الأخوان المسلمين، وتتميز طلته باللحية والشارب الكبيرين دائماً، وهو ما التزم بهما صالح أثناء تأديته الشخصية، رافضاً الاعتماد على اللحية المستعارة أو تدخلات الماكيير، وهو ما أكسبه مصداقية كبيرة لدى الجمهور الذي أحدث ضجة كبيرة وقت عرضه بالموسم الرمضاني عام 2011.

ولجأ «صالح» للطلة الداعشية مرة أخرى في آخر أعماله السينمائية «الجزيرة 2» الذي لم يمهله القدر ليراه بدور العرض، ولكن هذه المرة اختار الذقن المستعارة، وإن كان مخرج العمل شريف عرفة وماكيير الفيلم استطاعا أن يقنعا كل من شاهد الفيلم بأنها حقيقية.

خالد الصاوي

من النجوم الذين أجبروا على الطلة الداعشية في أعمالهم، كان رفيق درب «صالح» خالد الصاوي، الذي سبق وأن ظهر بالطلة الداعشية في أكثر من عمل فني قبل ذلك كان أولهم عام 2011 من خلال فيلم «الفاجومي» الذي جسد به شخصية الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم والذي كان يظهر دائما بشعره الكثيف ولحيته طويلة وهو ما حاول أن يظهر عليه «الصاوي» عند تجسيده له.

في نفس العام قدم مسلسل «خاتم سليمان» ورغم أنه كان يجسد به شخصية جراح وصاحب مستشفى عالمي، إلا أنه حينها لجأ للإطلالة الداعشية ذات اللحية الطويلة مرة ثانية، ليعبر من خلالها على مدى ارتباط هذا الدكتور الثري بطبقة المهمشين والفقراء في مصر، وبعد ذلك تخلى «الصاوي» عن هذه الطلة تماما سواء في أعماله أو حياته الشخصية، لكن مؤخراً فوجئ به جمهوره بذقن طويلة للغاية في جنازة وعزاء صديقه الراحل «صالح»، ومن بعدها حينما دخل إحدى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم للقضاء على فيروس سي الذي أصيب به منذ أكثر من خمس سنوات، حسبما أكد عبر حساباته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت المصدر الرئيسي والوحيد لأخباره في الفترة الأخيرة.

قصي خولي

من الفنانين أيضاً الذين لجأوا للطلة الداعشية مجبرين الفنان السوري قصي خولي، الذي اشتهر بوسامته منذ بدايته الفنية في فيلم «ذاكرة صعبة»، والتي كانت تتشابه بشكل كبير مع وسامة نجوم زمن الفن الجميل وبالأخص رشدي أباظة، ولكن مع الوقت بدأ الوسيم السوري في التخلي عن طلته المهذبة حليقة الذقن، ليطلق لحيته بشكل كامل تتشابه بشكل كبير مع إطلالة عناصر داعش الإرهابية، وبالأخص بعد إسناد له بطولة مسلسل «سرايا عابدين» الذي يجسد فيه شخصية الخديوي إسماعيل حاكم مصر، والذي اشتهر بلحيته الطويلة، وحرص «خولي» أن يظهر بأحداث المسلسل بلحية حقيقية أكسبته وسامة أكثر بحسب رأي معجباته اللواتي يُلاحقنَه في كل مكان، والجدير بالذكر أن الوسيم السوري مازال يُحافظ على لحيته طويلة لارتباطه بتصوير أحداث الجزء الثاني من المسلسل المقرر عرضه قريباً.

خالد النبوي

يعتبر الفنان المصري خالد النبوي أكثر الفنانين تمسكاً بالطلة الداعشية منذ ظهوره الأول في رائعة الراحل يوسف شاهين «المهاجر» وبمجرد مشاهدتك للفيلم ستجد أن النبوي في هذا العمل طبقها بالمثل، رغم أن الفيلم قدم عام 1994 أي قبل عقدين كاملين من ظهور جماعة داعش، ورغم أن في هذا الوقت كان لا يلجأ النبوي إلى هذه الطلة سوى في أعماله الفنية فقط، حيث ظهر في نفس العام من خلال برنامج «دنيا» الذي قدمه لتليفزيون أبو ظبي بِطلة مهذبة حليقة الذقن تماماً، وهو ما كان يحرص عليه في طلته الشخصية دائماً

لكن مع مرور الوقت بدأ يعتمد «النبوي» على الطلة الداعشية في أعماله وحياته الشخصية أيضاً، وهو ما حدث في أفلامه «دخان بلا نار» و«الديلر» ومسلسل «صدق وعده» وفي تلك الفترة حافظ أيضا على نفس الطلة حتى أثناء تكريماته بالمهرجانات العالمية، لكن الطريف في الأمر أن «النبوي» تخلى عن الإطلالة الداعشية مؤخراً مطلع هذا العام بالتزامن مع ظهور داعش إعلامياً، حيث يظهر في فيلمه الجديد «Plane B» المقرر عرضه بموسم إجازة نصف العام القادم، حليق الذقن مع الحفاظ على شعره العشوائي، وهي نفس الطلة التي اختارها ليظهر بها في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي في آخر دوراته التي انتهت مؤخراً

غوغائية

عن سر لجوء عدد من النجوم لهذه الطلة في الفترة الأخيرة، أكد الماكيير محمد عشوب لـ«أرى» أنه مع لجوء عدد من الفنانين إلى هذه الطلة ولكن في أعمالهم الفنية فقط، طالما يجسدون شخصية تتطلب أن يكون شكلها شبيهاً بإطلالة عناصر جماعة داعش الإرهابية، منتقداً في الوقت ذاته، أن يظهر الفنان بهذه الطلة أمام جمهوره في حياته الشخصية، لأنه حتى وإن ارتضى أن يظهر بهذا الشكل أمام الناس، فعليه مراعاة أن الكثير من جماهيره يحاولون تقليده بشكل كبير من الناحية الشكلية، وهو ما يتضح الآن على الكثير من الشباب، الذين تراهم الآن في جميع شوارع القاهرة بذقون غير مهذبة وشعر غوغائي وجينز ممزق، والغريب أنه يكون في ذلك الوقت يشعر بأنه الآن في أبهى صوره.

عن الأسماء التي ظهرت بهذه الطلة، قال «عشوب» إن إطلالة السوري قصي خولي كانت الأكثر وسامة من بين هذه الأسماء، لأنها تشبهت بشكل كبير بإطلالة الملوك والسلاطين، وحتى في المشاهد التي ظهر بها على سريره في حجرة نومه، حرص أيضا أن يظهر خلالها بذقن وشعر مصفيين بشكل جيد، وهذا ما أكسبه هذه الطلة الجذابة المبتعدة عن العشوائية، التي لا تصلح في كثير من الأحيان.

مجلة أرى الإماراتية في

06.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)