كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

طارق الشناوي يكتب:

القفلة الحراقة!!

الخميس 31 يوليو 2014 - 1:05 م

 

يثمنون دائمًا فى الشعر والدراما ضربة البداية، يطلقون عليها «براعة الاستهلال»، صح جدًّا، ويقولون أيضًا «العبرة بالخواتيم» صح جدًّا جدًّا، وأوجزها سيد الكلمات المتنبى «ولم أرَ فى عيوب الناس عيبًا سوى نقص القادرين على التمام»، القفلة فى الضمير الوجدانى هى الحراقة، وفى مجال الطرب يصل المطرب إلى العفقة فى نهاية «الكوبليه»، فنحلّق معه للسماء، تذكَّروا مثلًا أم كلثوم فى أطلالها «لا تقل شئنا فإن الحظ شاء» أعلم أن إبراهيم ناجى كتبها فى ذروة تعبيرية فإن «الله شاء»، أم كلثوم لم تستطع الحفاظ عليها بسبب الخوف من المتزمتين دينيًّا، فهبطت بها درجة إلى «الحظ شاء»، هذه قصة أخرى. فى الموسيقى تعبيران، «ديمنوندو» الهبوط التدريجى، على المقابل «كريشندو» الصعود التدريجى، فى الدراما نلجأ دائمًا فى النهاية إلى «كريشندو»، إلقاء القبض على المجرم، قتل السفاح، أو زواج ليلى مراد بأنور وجدى، الذروة ننتظر الحلقة الأخيرة رقم «30» التى لا تراعى أبدًا أن رمضان بنسبة 50% ينتهى يوم «29».

دائمًا فى ممارسة الفن مهما كنت تلقائيًّا وعفويًّا هناك عقل واعٍ يسيطر على الموقف ليربط البدايات بالنهايات بالمساحة الزمنية التى تتحرَّك فيها، الكاتب الذى يطرق أى باب درامى عليه فى النهاية أن يفتحه أو يغلقه أو يواربه، الباب الموارب هو المعادل الموضوعى لتعبير النهاية المفتوحة.

أكتفى هذه المرة بمسلسلى «سجن النسا» ، و«الوصايا السبع»، وقع اختيار كاملة أبو ذكرى على قالب الميلودراما الذى يغلف حالة «سجن النسا» رغم قسوة نقده الاجتماعى فكان ينبغى أن نصل فى نهاية المطاف إلى ذروة الانتقام الميلودرامى، أن تقتل نيللى كريم صابر الذى سرق منها حياتها، وأن نُمسك أيضًا كمشاهدين معها المطواة لنطعنه بها، وحتى تصل إلى هذا التوحُّد كان لدى كاملة والكاتبة مريم نعوم، هدف لتأكيد حالة التعاطف مع البطلة التى تعايشنا معها، فهى تقول للمأمور وهى تودّع السجن «ماتنساش أنا جيت هنا ظلم»، قبلها زرعت معلومة أنها تسعى للانتقام عندما حاولت قتل صديقتها السجانة سلوى عثمان، لأنها أم عشيقة ابنها ريهام حجاج التى شهدت عليها زورًا، قتلت صابر بينما ملامحها ووجدانها تبدو أمامنا وكأنها تطل علينا من عالم آخر، أنهت غالية مهمتها وهى تمشى مرفوعة الرأس بخطوات ثابتة إلى السجن ولا تنتظر سوى الموت، قفلة صاخبة جدًّا ولكنها تليق تمامًا بحالة المسلسل الصاخبة.

ويبقى «السبع وصايا»، ما الذى تنتظره؟ نتعامل مع عالم ما وراء الطبيعة، نسيج درامى وفكرى حطم الواقع وأصبح المنطق هو اللا منطق، لكنه أراد فى النهاية أن يمنح مساحة للعقل بتلك اللعبة التى دبَّرتها سوسن بدر مع ابنها الذى أدّى دوره ضابط الشرطة رمزى لينر، مهّد لذلك بأن الوصية فى الحلقة رقم 30 كانت هى «نيران صديقة» لتلقى ظلالها فى بُعدها المباشر، فالصديقة التى ترسل النيران هى سوسن بدر، أما بُعدها الآخر فهو عنوان مسلسل العام الماضى، قدّمه الكاتب والمخرج، والذى كانت إحدى بطلاته كندة علوش، التى سوف تؤدّى دورًا فى سيناريو الفيلم، ليصبح كل ما شاهدناه مصنوعًا كما كتبته سوسن، ونصل إلى بكاء هيستيرى من رانيا يوسف الغائبة عن الوعى وهى تحاور أباها أحمد فؤاد سليم، حاول الكاتب محمد أمين راضى والمخرج خالد مرعى أن يقدما المنطق الدرامى والفكرى فى حالة بطبعها لها منطقها الخاص، ولنا أسوة فى كاتبنا الكبير نجيب محفوظ فى رواياته التى تطرق هذا الباب، حيث يحافظ على مساحة الميتافيزيقا، مثل «أولاد حارتنا» و«الطريق» و«قلب الليل» و«دنيا الله» وغيرها، أو ما ينسجه داوود عبد السيد فى أفلامه مثل «البحث عن سيد مرزوق» أو «أرض الخوف»، إلا أن مرعى وراضى اختارا سياسة الباب «الموارب» التى خصمت الكثير من ألق «الوصايا»!!

 

طارق الشناوي يكتب:

الثلاثة الكبار.. إنذار مبكر

الثلاثاء 29 يوليو 2014 - 9:49 ص

النجوم مثل الصقور ترنو دائما إلى الأعالى، فهل اعتلى الثلاثة الكبار قمة الجبل الجماهيرية والنقدية، أم تراجعوا للصفوف الخلفية أو فى أحسن الأحوال استقروا فى الركن البعيد الهادى، حيث لا إعجاب مطلق ولا استهجان مطلق، هل الصقور صارت حمائم؟

الثلاثة الكبار هم عادل إمام ومحمود عبد العزيز ويحيى الفخرانى، لا أنكر أن كلا منهم له جمهوره الذى ينتظره، ويضمنون دائما منتجا لا يزال يعتبرهم أوراقا رابحة فى البيع بالطبع مع اختلاف الدرجة، الترتيب هذه المرة تبعا للأجر عادل ويحيى ومحمود، التليفزيون بطبعه عشرى يراعى العيش والملح، فلا يضحى بنجومه سريعا لمجرد إخفاق، أو لو خابت حتى بدرجة ملحوظة التوقعات، على عكس السينما السريعة التغيير، ولا تسمح للنجم بأكثر من فرصة بعدها يرى مباشرة الوش التانى، التليفزيون أهدأ فى التعامل حتى مع الهزائم التى يُمنى بها النجوم، يمنح فرصتين وثلاثا، شركات الإنتاج فى كل الأحوال لا تشترى سمكا فى ميه، ولكنها تدرسها جيدا الموقف قبل التعاقد، يجب أن تطمئن أن المعادلة بالورقة والقلم مضبوطة تماما.

الثلاثة الكبار صاروا يصطحبون معهم فى كل مرة العائلة، هم يعملون فى إطار الأبناء، يفرضون قانونهم الأسرى على الجميع.

النتيجة التى حققتها المسلسلات الثلاثة «صاحب السعادة» و«دهشة» و«جبل الحلال» على أرض الواقع ليست مطمئنة للنجوم الثلاثة الكبار، الدنيا صارت غير الدنيا، فهم بكل هذا الرصيد لم يصبحوا هم المتسيدين للشاشة الصغيرة، ما حدث فعليا أن مسلسلات مثل «سجن النسا» و«السبع وصايا» و«ابن حلال و«عد تنازلى»، وغيرها كان نصيبها أكبر فى النجاح الجماهيرى، حتى ولو كانت هناك ملاحظات نقدية سلبية على «ابن حلال»، مثلا فلقد استطاع محمد رمضان أن يحقق قفزة جماهيرية عند رجل الشارع، «حبيشة» كان له النجاح الطاغى، أليس هذا وحده درسا كان يكفى لإيقاظهم من حالة الاطمئنان المفرط، الذى يتدثرون تحت لحافه، هكذا وجدوا فنانا يطل تليفزيونيا لأول مرة كبطل ليستقر فى البيت المصرى، لا يعود الأمر مطلقا إلى عمل فنى جيد الصنع، ولكنها بالدرجة الأولى إلى طلة نجم.

إنه الدرس الأول، أما الثانى فإن عليهم أن يعقدوا مقارنة مع أبنائهم الذين مارسوا الفن تحت مظلة آبائهم، مثل محمد إمام وكريم محمود عبد العزيز، برغم أن رمضان فى نفس المرحلة العمرية، ولكنه نجم شباك بحق وحقيقى فى السينما، وعندما انتقل إلى التليفزيون تأكدت أيضا نجوميته، فهل تمكن هؤلاء الأبناء من تحقيق شىء، رغم الفرص المتعددة التى حصلوا عليها، لديهما قدر من الموهبة لا أنكر، ولكن ألم يلاحظ عادل ومحمود أن أيا من ولديهما لم يصبح فنانا جماهيريا مثل أبيه، حب الناس لا يورث، القدرة على الجذب الجماهيرى هى منحة خاصة، ويعرف عادل ومحمود أنها تولد أو لا تولد مع الفنان، هى ومضة تلمحها فى البداية، وإذا لم تتحقق حتى الآن لأى منهما بصبح تحقيقها صعبا فى القادم من الأيام.

الثلاثة الكبار عليهم أن يتأملوا الموقف «سجن النسا» و«السبع وصايا» يجمعهما فى البناء الفكرى والفنى والدرامى والإخراجى روح الطزاجة ونبض العصرية، القضية هى المحور والنجم جزء هام وضرورى، ولكنه ليس هو البؤرة، كان بهجت «صاحب السعادة» والباسل «دهشة» وأبو هيبة «جبل الحلال» هم نقطة البدء والانتهاء، الدنيا تغيرت وذائقة الناس غيرت الصفحة، هل وصل إليهم الإنذار المبكر، قبل أن يجدوا أنفسهم «بلح»!!

 

طارق الشناوي يكتب:

روبي والسبرتو!!

الإثنين 28 يوليو 2014 - 1:16 م

كان ظهورها لأول مرة ليلة اكتمال البدر 14 رمضان، فكانت هى قمر أضاء البيت المصرى والعربى عندما أطل علينا من «سجن النسا»، أتحدث عن روبى.

المسلسل يمزج بين ميلودراما حسن الإمام وواقعية صلاح أبو سيف، فكان له كل هذا الحضور الشعبى الذى يقف على تخوم التجارية، بتلك الأحداث الصاخبة التى تُرضى بانقلابها الدرامى من النقيض للنقيض ذائقة قطاع وافر من المشاهدين إلا أنها فى نفس اللحظة تملك أن تنفذ إلى مشاعرنا.

لم تكن مفاجأة بالنسبة إلىّ أن أرى الموهوبة اللهلوبة روبى فى حالة تألق، فهى معجونة بالقدرة على التشكيل النفسى والأدائى، أرض بكر لمن يريد أن يكتشف، إلا أن أكبر خطر يواجه روبى أنها متخصصة أيضا فى تدمير الموهبة، ولك أن تعلم أن مشوارها 14 عاما حصاده القليل من النجاح والكثير من الإخفاق.

ما استوقف المخرجة كاملة أبو ذكرى فى اختيارها دور «رضا» هو الوجه الأسمر المنتمى إلى الصعيد والمنحوت بمصرية قُح، تجد البؤس قرينا بالإباء، ينضح النقاء على مشاعرها التى لم تخالطها ملوثات البيئة ولا يخلو الأمر من ومضات الذكاء والقدرة على التعلم والتقاط مفردات جديدة.

عندما أمسكت بالسبرتو وسكبته على الفتاة التى تعمل عندها كان فعلا إجراميا لا سماح فيه و لا مبرر له، لكن انظر إلى العلاقة بينهما، إنها قررت إذلالها وتهددها بالخروج من الجنة للعودة إلى نار الصعيد، ذاقت لأول مرة طعم الدنيا رغم أن والدها يستنزفها ماليا فهى تعمل لحساب هذا الأب الذى اعتبرها فقط حصالة يفتحها كل شهر، الفعل الإجرامى يستحق الشنق وارتدت الجلباب الأحمر انتظارا لحكم الإعدام، كان الحوار الذى كتبته مريم ناعوم بطلا، تعذبت فى الدنيا وتنتظر النار فى الآخرة، تطلب الرحمة وهى تشعر أن ذنبها سيودى بها لا محالة إلى النار، أداء تحلق به إلى أعلى درجات الإبداع مع مخرجة قادرة على أن تُشعل فنانيها فأبكتنا وهى تصعد إلى حبل المشنقة مع عشماوى، الذى رأيته لأول مرة رقيقا كنسمة، رحمة الله التى وسعت السماء والأرض فهل تضيق عن أحد عباده حتى ولو كان قاتلا.

التعاطف مع روبى فى رمضان رغم أنها سكبت السبرتو على فتاة بريئة، كان فى الحقيقة تعاطفا مع «رضا»، إلا أن رصيدها من الغضب كان ملازما لها طوال مشوارها، فلقد أثارت عاصفة من الاستهجان والاحتجاج بمجرد غنائها «ليه بيدارى كده» وكان اسمها الحركى فى الشارع مطربة العجلة مع مخرجها شريف صبرى الذى قدم نفسه للرأى العام ليس فقط باعتباره مخرجا لأغانيها، ولكنه صانع لموهبتها، هكذا اعتقدت هى أو اعتقد هو، أو هى وهو، كان يقيم سورا حولها وانطلقت بمعاييره وأفكاره، وقدمها بطلة فى فيلم «سبع ورقات كوتشينة» قبل عشر سنوات، وأتذكر أن الخوف المسبق من اسم روبى دفع الرقيب الراحل د.مدكور ثابت إلى تشكيل لجنة للموافقة على الفيلم رغم أنه لم يكن به أى مشاهد جريئة سوى اسم روبى، وحقق الفيلم فشلا ذريعا فلم يكن ينتمى بأى صلة قُربى أو نسب إلى فن السينما.

شاهدت قبلها بسنوات فيلم «سكوت ح نصور» 2001 ليوسف شاهين، وكتبت مقالا فى مجلة «روزاليوسف» عنوانه «سكوت ح نهرج»، حيث كان أسوأ أفلام يوسف شاهين باعترافه، استوقفنى وسط كل هذا التهريج الوجه الجديد روبى.

فى العام الماضى كانت ملفتة فى مسلسل «بدون ذكر أسماء» تأليف وحيد حامد وإخراج تامر محسن، وأظن أن وحيد وراء ترشيحها للدور مثلما سبق أن قدمها فى فيلمه «الوعد» إخراج محمد يس.

إنها واحدة ممن يتصدرون قائمة المحذورات مصريا وعربيا، حيث سبق أن وضعها نقيب الفنانين السوريين قبل 7 سنوات فى قائمة الممنوعات من الغناء فى سوريا مع هيفاء وإليسا وذلك للحفاظ على أمن المجتمع.

بقدر ما أرى أن روبى مشروع فنى قابل للتوهج فى كل لحظة، بقدر ما أرى أن تلك الموهبة وهذا الحضور الطاغى قابل أيضا للاحتراق مثل «السبرتو»!!

 

طارق الشناوي يكتب:

الأفضل والأسوأ وأشياء أخرى!

الأحد 27 يوليو 2014 - 9:52 ص

كانت الرحلة صعبة وشاقة، كل هذا العدد الضخم الذى تبثه الفضائيات وبلا رحمة، وفى النهاية يتبقى أن نتوقف أمام الأفضل والأسوأ وأشياء أخرى.

أفضل مسلسل: «سجن النسا» و«السبع وصايا».

أفضل تتر: «السبع وصايا».

أفضل تصوير: تميزت فى الحقيقة لمحات الإضاءة الدرامية، ومن الواضح أن الاهتمام بتفاصيل الصورة استحوذ على الاهتمام، ويستحق كل من سمير يهزان «دهشة»، ونانسى عبد الفتاح «سجن النسا»، وطارق التلمسانى «جبل الحلال» تقاسم الجائزة.

أفضل ديكور: شيرين فرغل «سجن النسا»، وفوزى العوامرى «جبل الحلال».

أفضل موسيقى: هشام نزيه «السبع وصايا».

أفضل سيناريو: محمد أمين راضى «السبع وصايا».

أفضل مخرج: كاملة أبو ذكرى «سجن النسا».

أفضل مخرج عمل أول: حسين المنباوى «عد تنازلى».

أفضل ممثل دور أول: يحيى الفخرانى «دهشة»، وأحمد داوود «سجن النسا».

أفضل ممثلة دور أول: نيللى كريم «سجن النسا».

أفضل ممثل دور ثان: وليد فواز «السبع وصايا»، ومحمود الجندى «ابن حلال».

أفضل ممثلة دور ثان: نسرين أمين «السبع وصايا» و«سجن النسا»، وريهام عبد الغفور «تفاحة آدم»، وحنان سليمان «تفاحة آدم» و«ابن حلال»، وسلوى عثمان «سجن النسا».

جائزة تمثيل خاصة: هنا شيحة «السبع وصايا»، ووفاء عامر «ابن حلال»، و«جبل الحلال».

أسوأ مسلسل: «دكتور أمراض نساء»، و«سرايا عابدين»، و«فيفا أطاطا».

أسوأ ممثل: مصطفى شعبان «دكتور أمراض نسا»، محمد سعد «فيفا أطاطا».

أسوأ ممثلة: يسرا «سرايا عابدين».

النجم الذى انتحر فنيا: جمال سليمان «صديق العمر».

النجم الذى يبيع بضاعة مضروبة: عادل إمام «صاحب السعادة».

النجمة التى تزيد من جرعة الأداء «جاءت تكحلها فأعمتها»: سلوى خطاب «سجن النسا».

النجم شرحه: خالد زكى «صاحب السعادة».

المخرج شرحه: محمد سامى، بهذا الكادر المائل فى «كلام على ورق».

ابن الفنان الذى لم يخذلنا: شادى الفخرانى «دهشة».

ابن الفنان الذى ينبغى أن ينطلق بعيدا عن الأب: شادى الفخرانى.

ابن الفنان الذى خسر الرهان: يتقاسمها محمد إمام ورامى إمام «صاحب السعادة».

النجم الذى احتل القمة الجماهيرية: محمد رمضان.

النجم الحاضر الغائب: عمرو سعد.

النجمة التى مثلت لأول مرة: هيفاء وهبى «كلام على ورق».

النجم الذى فقد ظله: فاروق الفيشاوى «المرافعة».

النجم الذى فقد خفة ظله: سمير غانم «دلع البنات».

النجم الصاعد بقوة للمقدمة: عمرو يوسف «عد تنازلى».

النجم الذى أفتقده: الرائع أسامة أنور عكاشة.

النجمة التى أطلت من خرم إبرة: كريمة مختار «دلع البنات».

النجمة التى حلقت إبداعيا: روبى «سجن النسا».

النجم الذى ظلمته باروكته وبحة صوته: ممدوح عبد العليم «السيدة الأولى».

النجمة التى بددت موهبتها: غادة عبد الرازق «السيدة الأولى».

أثقل ظل مقدم برامج: محمد فؤاد «فؤش فى المعسكر».

أعلى إفيه: فؤاد «كرش» البحر.

 

طارق الشناوي يكتب:

المؤامرة على المؤامرة!

السبت 26 يوليو 2014 - 9:54 ص

«كنت زمان لا أصدق نظرية المؤامرة، الآن لا أصدق إلا نظرية المؤامرة»، هذا هو ما صار يتكرر فى عديد من الفضائيات يردده عادة عواجيز الفرح الرمضانى، الذين لم يجدوا لأنفسهم مساحة على الخريطة، فنشط بداخلهم فيروس المؤامرة الذى أرى فى جانب منه يعبر عن العجز عن الفعل الإيجابى، فيتحول إلى طاقة سلبية تدمر الجميع، وكأنه يستعيد قول الشاعر أبى فراس الحمدانى «إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر».

سر الشباب الفنى الدائم هو المرونة أن نستقبل أكثر مما نرسل، الإنسان بيولوجيا تقل حواس الاستقبال لديه كلما تقدم فى العمر، ويصبح مرسلا أكثر منه مستقبلا، عدد من الكبار أخطؤوا، لأنهم لم يدركوا هذا الإيقاع القادم الذى يعبر بالضرورة عن منطق فنى مغاير لما ألفوه فى الماضى، شفرة كاملة فى التواصل تتغير، ولا يزال عدد من الكبار الواقفين على الخط يقولون عن المبدعين من الشباب أنهم مجموعة من الروشين يريدون فرض قانونهم الزائف.

البعض استملح أن ينفس سيجارة، ويبدأ فى وضع معادلة من بنات أفكاره نرى فيها «سين» بجوار «صاد»، وعلى الفور فإن الناتج لهذا التفاعل هو تدمير مصر ثقافيا وإعلاميا وسياسيا لتكتمل شروط المؤامرة خبط لزق.

هل هناك من الفنانين العرب من يريد تشويه مصر؟ هل الكاتبة الكويتية هبة مشارى اختارت تحديدا أن تكتب عن عصر الخديو إسماعيل لتزييف تاريخنا وأن محطة «إم بى سى» السعودية رصدت كل هذه الملايين لهذا الغرض، طب ماذا تقول عن المخرج عمرو عرفة ويسرا التى تتحمل المسؤولية الأدبية أو قسطا كبيرا منها عن هذا المسخ المسمى «سرايا عابدين»، يسرا تنتشر عبر الفضائيات وهى تدافع عن نفسها وعن المسلسل، صحيح إنه دفاع خائب لا يودى ولا يجيب، فى النهاية «سرايا عابدين» مسلسل متواضع بل وردىء، لكنه ليس ضمن خطة متكاملة الأركان للنيل من مصر.

المؤكد أيضا أن جمال سليمان كانت لديه رغبة أن يكسب التحدى بدور ناصر، لكن لم يدرك أنه ينتحر فنيا بقبوله المشاركة فى «صديق العمر»، لو تجاوزنا عن اللهجة الكارثية سنكتشف أن المكياج الذى وضعه عشوب لجمال جعله يقترب من وزير الخارجية الأسبق فى عهد السادات إسماعيل فهمى، أنا أدعو الزملاء إلى وضع الصورتين معا لنكتشف أنه إذا كان سليمان قد أخفق مرة فى اللهجة فإن عشوب أخفق عشرة فى مكياج ناصر، كان عشوب قبل أعوام قليلة قد أعلن الحرب على ماكيير إيرانى تمت الاستعانة به فى مكياج مسلسل «ناصر»، اعتبرها عشوب وقتها مؤامرة لقلب نظام الحكم أيام مبارك، فهل نعتبره هذه المرة يشارك فى مؤامرة لتدمير تاريخ مصر؟

هل فى مضمون المسلسلات خطة لتحقيق هذا الهدف؟ السجن والعاهرة والقوادة شغل جزءا كبيرا من الصورة الدرامية، إنه مزاج نفسى يجب دراسته اجتماعيا، هناك تخوف لا يمكن إنكاره من قيود قادمة على الحريات، حيث أصبحنا نرى مجالس عديدة من بينها الوزراء تدخل طرفا فى ذلك للتمهيد للقوانين المقيدة للحريات، السجن الذى انتشر فى الدراما هو المعادل الموضوعى لهذا الهاجس وعندما يصبح نسائيا فإنه يعبر عن خوف مضاعف.

مصر تعيش مأساة ليست فى إبداعها، لكن فى عقول صارت تحكم على الفن بمعيار أخلاقى، رغم أن الفن لا يمكن أن يوضع على طرف نقيض من الأخلاق، لكنه أيضا لا يقيم بالقواعد والمرجعيات الأخلاقية، صرنا نسأل عن هذا اللفظ وتلك الكلمة واتسعت نظرية المؤامرة ليختلط فيها المصرى بالعربى، بات الكاتبان محمد أمين راضى ومريم نعوم فى مسلسلى «السبع وصايا» و«سجن النسا» هما رأس الحربة لتلك الخطة الشريرة. المؤامرة الحقيقية هى أن نستسلم لنظرية المؤامرة!

 

طارق الشناوي يكتب:

الرابحان!!

الجمعة 25 يوليو 2014 - 10:15 ص

لشباك التذاكر رقم من الممكن أن تتأكد بسهولة من صحته، ويتحدد بعده موقع النجوم على الخريطة السينمائية، كثافة المشاهدة فى التليفزيون، برغم أنها تتعرض لكثير من المغالطات، فإنها فى نهاية الأمر من الممكن أيضا رصدها، فهى المعادل الموضوعى لشباك السينما، حيث يتم إحالتها إلى إعلانات وبيع فى سوق الفضائيات، تفرض اسم النجم على المسلسل. من البدهى أن رمضان حفل بعديد من النجوم القادرين على الجذب الجماهيرى من الكبار عادل إمام ويحيى الفخرانى ومحمود عبد العزير وليلى علوى ويسرا وغادة عبد الرازق، والجيل التالى الذى تتأكد مكانته على الخريطة، خالد الصاوى ومصطفى شعبان ويوسف الشريف وعمرو يوسف ومحمد سعد وأحمد مكى ومى عز الدين، وتبقى نيللى كريم حالة مختلفة على خريطة رمضان فى «سجن النسا»، ويبقى أيضا محمد رمضان فى «ابن حلال».

لو سألتنى من هم أكثر الرابحين؟ أقل لك محمد رمضان ونيللى كريم، مع اختلاف نوع الربح. رمضان انتقل من خانة نجم جماهيرى سينمائى اعتبره البعض مجرد ظاهرة فرضت نفسها فى ظرف أمنى واقتصادى وسياسى ونفسى ملتهب، وإفرازا لحالة العشوائية التى نعيشها، إلا أنه أثبت هذه المرة أنه أيضا نجم جماهيرى على الشاشة الصغيرة.

كان بعض دور العرض السينمائى قد تردد قبل عامين فى عرض فيلمه «عبده موتة» خوفا من السماح لجمهور يعتبرونه «بيئة» من العبث بالسينما، إلا أن هذه النظرة تغيرت فى فيلمه الثانى «قلب الأسد» بعد أن وجدوا المؤشر الرقمى يذهب إليه بقوة ويرجح كفته، مسلسله وما حققه من كثافة مشاهدة أكد أن لديه جمهورا من الطبقة المتوسطة التى تشكل أغلبية مشاهدى البيوت، وفى دوره «حبيشة» احتفظ بمفردات الشاب الفقير، الذى يتورط فى جرائم لم يرتكبها، ويلقى القبض عليه، وتبدأ رحلة المطاردات، تيمة مباشرة تُشبه تماما ملامح رمضان، أقصد الصورة الذهنية التى صدرها للناس، لو تغير اسم النجم المؤكد لن يحقق المسلسل أى قدر من الجذب، ليتأكد أن آخر عنقود نجوم الشباك فى السينما صار نجما على شاشة التليفزيون.

ويبقى فى المعادلة اسم نيللى كريم، هى فى الحقيقة توجد فى إطار شديد الخصوصية، عمل درامى يفرض حضورها، لو أخذت أقل النجمات عمرا مى عز الدين، فى العام الماضى لعبت بطولة «الشك» كان معها كل من حسين فهمى ورغدة ولكنه مسلسلها، وهو ما تكرر هذا العام، معها كثيرون، ولكنه أيضا مسلسلها يكتب لها، بينما نيللى كريم لن تجدها مثلا بين النجمات اللاتى يسبقهن حرف «فى». الكل، أقصد الكبار، ليلى فى «شمس»، غادة فى «السيدة الأولى»، مى فى «دلع البنات»، وغيرهن، التى تعنى أن العمل مصنوع من أجل هذا النجم أو النجمة. نيللى لا يُفصل لها مسلسل، ولا يكتب على مقاسها دور، بل هى التى تتشكل إبداعيا لتذوب فى الشخصية.

نيللى انتقلت مع نفس المخرجة كاملة أبو ذكرى من «ذات» إلى «سجن النساء» يشاركها من النجمات كل من درة وروبى بمساحات درامية مؤثرة، الخطوط الميلودرامية زادت هذه المرة فى تناول الكاتبة مريم ناعوم، هناك صخب فى الأحداث يبدو أن هذا هو اختيار المخرجة لتزداد الدائرة الشعبية للمسلسل، بينما نيللى فى مشاهدها لا تزال تقف باقتدار على شاطئ الهمس فى التعبير.

محمد رمضان ليس هو الأول فى فن الأداء، لأن الشخصيات الحادة فى ملامحها الخارجية لا تمنح الممثل شهية للتنوع، ولكنه كسب عن جدارة مقعد النجم الجماهيرى، نيللى نجمة الإبداع ورمضان نجم الأرقام.

 

طارق الشناوي يكتب:

قُصير قُزعة أم طويل وأهبل!!

الأربعاء 23 يوليو 2014 - 10:04 ص

«أنا مش قصير قزعة.. أنا طويل واهبل»، هل تتذكرون هذا الحوار فى فيلم «مطاردة غرامية» بين الطبيب النفسى الذى أدى دوره عبد المنعم مدبولى وأحد مرضاه الذى كان يشكو من قصر قامته، على الفور قال له ولا يهمك كرر ورائى تلك الكلمات وشعر بعدها أنه طويل وأهبل بحق وحقيقى، ولكن هل صدقه الناس؟!

فى الأيام الأخيرة من رمضان ستجد الكثير من قصار القامة الفنية يعتقدون أن أعناقهم قد طالت السماء بعد تلك البرامج التى تنتشر فى الفضائيات وتلك الحوارات المعلبة بين النجوم ومقدمى «التوك شو».

تحكم العلاقة بين النجوم والقنوات الفضائية دائما لعبة «القط والفأر»، فى الأحوال العادية يغالى النجوم فى شروطهم المادية والأدبية مقابل الاستضافة، إلا أنه لو تعلق الأمر بالدعاية للمسلسل الجديد أو للدفاع عن مسلسل لاقى هزيمة جماهيرية فهم موجودون وتحت الطلب ومن العين دى قبل العين دى. الشفرة واضحة بين الطرفين تراعينى قيراط أراعيك قيراطين، وتشوفنى بعين أشوفك باتنين، وتبدأ مرحلة الطبطبة بين كل الأطراف وتتحول كل الآراء السلبية التى لاحقت العمل سواء على صفحات الجرائد أو فى مواقع التواصل الاجتماعى إلى مجرد كلمات مغرضة لأناس فى نفوسهم مرض، لم تجد فى الورد عيبًا فقالت له يا أحمر الخدين. المذيعة سعيدة بوجود النجمة الرئيسية على الميمنة ونجوم المسلسل حاضرين على الميسرة يشيدون بها، وفى النهاية الرسالة المطلوب تداولها هى أن أعداء النجاح هم الذين أطلقوا تلك الشائعات، وكلما كان الفشل مدويا كان حضور النجم مكثفًا، وهكذا أتصور أن من ستحظى بالمركز الأول فى الحضور الفضائى هى يسرا فهى أكثر الخاسرات فى رمضان 2014، ولكن هل يكفى أن تضحك لتطلع الصورة حلوة؟

زوج إحدى النجمات -أتحدث عن غادة عبد الرازق- يكتب مقالًا يعتبرها سيدة التمثيل الأولى لمجرد أنها لعبت بطولة مسلسل «السيدة الأولى»، وعلى الرغم من أن غادة فنانة موهوبة لا شك، ولها اسم فى التسويق لا ينكره أحد، لكنها أخفقت فى اختيار الفكرة التى تُقدمها إلى الجمهور. «السيدة الأولى» وقفت فى منطقة متوسطة، بين الواقع والخيال، بينما الجمهور فى تلك القضايا السياسية يريد المباشرة، انتهى زمن فيلم «ظاظا رئيس جمهورية» الذى كان يدور فى اللا زمان واللا مكان، وعيش أنت مع نفسك، وضع فى مكان النقط الفارغة الزمان والمكان والأشخاص، فى بلد وضع رئيسين فى القفص فلا يمكن أن يتناول فى هذه اللحظة رئيسا وهميا وسيدة أولى ليست هى السيدة الأولى التى نعرفها، وبالمناسبة غادة فى كل أحاديثها تؤكد أنها ليست سوزان وكأنها تريد أن تقول للناس أنا سوزان.

الأحداث فى مصر، والعلم مصرى، والتوقيت هو هذه السنوات، قانون العمل الفنى يقف على شاطئ التشابه، عليك أن تضع أداة التشبيه كأن السيدة الأولى هى سوزان، بينما الحياة من حولنا أسقطت كأن.

هل يعترف الفنان بالهزيمة؟ حدثت فى سابقة نادرة واستثنائية أن يحيى الفخرانى فى أثناء عرض مسلسل «المرسى والبحار» خرج إلى الجمهور مع محمود سعد قبل 8 سنوات فى برنامجه الشهير «البيت بيتك» وتبرأ علنا وعلى رؤوس الأشهاد من المسلسل فى نصفه الثانى، حيث كان التأليف يجرى على الهواء للحاق بالعرض.

لا أتصور أن هناك مَن يمتلك شجاعة الفخرانى بين نجوم ونجمات الشاشة الرمضانية، إلا أن السؤال هل من الممكن بعد إلحاح الفضائيات أن نجد «الآنسة حنفى» وقد أصبحت «زوزو النوزو كونوزو»؟!!

 

طارق الشناوي يكتب:

رهافة نيللى وغلظة مى!!

الثلاثاء 22 يوليو 2014 - 10:01 ص

وزير الثقافة د.جابر عصفور فى قراراته الأخيرة صار هو عنوان «البين بين»، ستجد دائما الأبيض والأسود، الشىء وعكسه، رهافة نيللى كريم وغلظة مى عز الدين.

الوزير عقد اجتماعا أول من أمس مع لجنة السينما التابعة للمجلس الأعلى للثقافة، والتى أشرُف بعضويتها، وتعددت الكلمات حول قرارات الوزير الأخيرة. كان الوزير قد أسند رئاسة المركز القومى للسينما إلى د.وليد سيف بدلا من مدير التصوير كمال عبد العزيز، الذى كان لا يزال أمامه نحو خمسة أشهر حتى وصوله إلى التقاعد، قلت للوزير إننى هنأت الرئيس الجديد للمركز وهو ناقد مرموق وشريف ودارس ويستحق كل تأييد، إلا أن أسباب استبعاد عبد العزيز لا تزال غامضة، أكد الوزير أن لديه شكاوى عديدة يتلقاها يوميا من العاملين بالمركز، ولهذا أنهى خدمته. قلت له: هل حققت فى الشكاوى؟ أجابنى: سوف أشكل لجنة، ولو ثبتت براءته سوف أعيده إلى رئاسة المركز. قلت له المفروض هو العكس، أن تحقق أولا فى الشكاوى وإذا ثبت أن هناك مخالفات لا يتم فقط استبعاده، بل وإدانته علنا وعلى رؤوس الأشهاد. وأضفت أن من الممكن أن تأتى غدا شكاوى إلى رئيس الوزراء ضد وزير الثقافة، فهل يستبعد رئيس الوزراء الوزير ثم يحقق بعدها فى الشكاوى؟

تستطيع من خلال هذا الموقف أن تكتشف كيف يفكر الوزير، فهو يسارع مثل أى ديكتاتور بإصدار قرار ولكنه يعلن استعداده مثل أى ديمقراطى للتراجع عن قراره، وهكذا يقف فى «البين بين». والحقيقة أنه فقط أصدر القرار والباقى نوع من تحلية البضاعة لتمرير القرار.

انتقلنا فى الحوار إلى بيان المجلس الأعلى للثقافة الذى انتقد المسلسلات التليفزيونية فى زاويتين، الأولى الأخطاء التاريخية والثانية أخلاقية. سبق أن أشرت للبيان ووصفته بالحلمنتيشى، حيث تداخلت فيه المشارب. أفهم أن يتضمن البيان نقدا لاذعا للأخطاء التاريخية التى حفلت بها المسلسلات، ولكن أن يُصدر مجلس أعلى للثقافة بيانا يتضمن مرجعية أخلاقية فى تقييم الأعمال الفنية، فإنها ولا شك تدعونا للخوف على مستقبل الثقافة فى بلادنا. المفروض أن المجلس الموقر مرجعيته فى التقييم معيار الجمال والقبح، ولو فتحنا هذا الباب لصادرنا بحكم أخلاقى العديد من أعمال نجيب محفوظ ونزار قبانى وإحسان عبد القدوس وغيرهم.

الوزير كعادته يتبنى سياسة نصف المقاومة، قال إن لجنة السينما من الممكن أن تُصدر هذا البيان الذى تعترض فيه على بيان المجلس الأعلى، وإنه شخصيا رفض تلك الفقرة التى تشير إلى المعيار الأخلاقى فى التقييم، ولكن ماذا يفعل أمام الأغلبية؟ قلت له الموقف هذه المرة لا يحتاج إلى إجراء تصويت بين أقلية وأغلبية لأنه يستند إلى مرجعية ليس لها علاقة بمجلس أعلى للثقافة، من الممكن أن أتفهم ذلك لو أن الجهة التى تُصدر القرار هى المجلس القومى للمرأة أو الطفولة والأمومة، ولكن مع المجلس الأعلى للثقافة يصبح الأمر منذرا بمخاطر وخيمة على مستقبل الثقافة فى بلادى.

وطالبت ببيان آخر من المجلس الأعلى لتصحيح الصورة، ولكن الوزير أكد استحالة ذلك، وكعادته يفضل البين بين، قلبه معنا وبيانه علينا، موقفه أيضا مع مشيخة الأزهر بين بين. لو تابعت كتابات د. جابر عصفور فهو يهاجم بضراوة أفكار الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف ويدافع بضراوة عن أفكار الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، الغريب فى الأمر أن كل الأفكار التى يعلنها أو ينشرها وكيل الأزهر يؤكد فى السطر الأول منها أنه راجع فيها الإمام الأكبر كلمة كلمة، فهو يرضى المثقفين الرافضين لهيمنة الأزهر على الثقافة بمهاجمة وكيل الأزهر، وفى نفس الوقت يقدم رسالة لشيخ الأزهر بأنه حريص على العمل تحت مظلته. إنه وزير «البين بين»، كأننا نرى مزجا بين رهافة أداء نيللى كريم فى «سجن النسا» وغلاظة مى عز الدين فى «دلع البنات»!!

 

طارق الشناوي يكتب:

تم البدر بدرى!!

الإثنين 21 يوليو 2014 - 10:06 ص

خلال الأيام القادمة سوف تحتل أسماعنا رائعة شريفة فاضل «تم البدر بدرى»، تعودنا أن نختصر كل شىء بأغنية واحدة تعبر عن مشاعرنا، ومهما حاولنا -إلا فى ما ندر- تظل واحدة هى العنوان، ويخفت بجوارها كل الأغنيات الأخرى.

مثلا عيد الأم لدينا فى الأرشيف أكثر من عشرين أغنية، ولكن «ست الحبايب» هى النشيد القومى للأم، وكل ما قُدم بعدها أو قبلها كأن لم يكن، رغم أننا سنويا لا نكف عن محاولة صناعة أغنية، ولكن هيهات أن نستبدل بها أخرى، الربيع فقط وعلى سبيل الاستثناء الذى يؤكد القاعدة، صار له وجهان، جاد وضاحك، لفريد الأطرش الشجن والدموع «الربيع»، ولسعاد حسنى الابتسامة والضحك «الدنيا ربيع».

استقبلنا رمضان برائعة عبد المطلب «رمضان جانا وفرحنا به»، التى وصفها طِلب وعن حق بأنها أهم من بيان المفتى لإعلان قدوم الشهر الكريم. تحتل أغنية عبد المطلب المساحة الرئيسية طوال النصف الأول من رمضان، ولا نكف عن تداولها وأتحداك لو شعرت بلحظة ملل. الكلمات التى صاغها حسين طنطاوى مباشِرَة وليس بها خيال شعرى، لكن ما منحها كل هذا الانتشار لتستقر فى قلوبنا هى الحالة الشعبية التى نسج بها الموسيقار العبقرى محمود الشريف اللحن، ومن خلالها يتوهج صوت طِلب، بلغ نجاح الأغنية أن التليفزيون صورها مرتين فى بداية «الأبيض والأسود»، وكانت الصورة بليدة، نساء يمسكن بالفوانيس يقفن خلف عبد المطلب، وأعاد المخرج يسرى غرابة تقديمها مجددا، وهو التسجيل الذى نراه حاليا، حيث خرجت الكاميرا بعيدا عن الاستوديو لتنقل بهجة الشارع، عشرات من الأغانى ظهرت فى رمضان، نجاة وفايزة وفوزى وعبد العزيز محمود، وصولا إلى الثلاثى المرح وغيرهم، حتى عبد المطلب له أغنية أخرى عن رمضان، ولكن ظلت «رمضان جانا» هى العنوان، الأغنية الأسبق «وحوى يا وحوى»، وكلماتها كما تقول أغلب المراجع فرعونية، وهى تعنى الغناء للقمر، صاغها حسين حلمى المناسترلى، ولحنها أحمد الشريف، صمدت وحتى الآن تجدها فى الفانوس الصينى، ولكنها تقف فى الصف الثانى.

ومع اكتمال القمر يتغير مؤشر المشاعر فى النصف الثانى، حيث تبدأ الوحشة لرمضان، وهكذا يأتينا صوت شريفة فاضل «تم البدر بدرى.. والأيام بتجرى» يبدأ العد التنازلى، يتناقص البدر ليولد مرة أخرى كمحاق فى السماء مع بداية شوال ومقدم العيد، تلك الأغنية الرائعة التى كتبها عبد الفتاح مصطفى، وهو أكثر شعراء الأغنية تفوقا فى الأغانى الدينية، فلقد كتب كل أغانى عبد الحليم حافظ الدينية. الأغنية منحها الموسيقار الرائع عبد العظيم محمد مسحة من الشجن لتصبح دلالة على الأيام الأخيرة، بينما «رمضان جانا» تنزوى فى الركن البعيد الهادى من الذاكرة حتى العام القادم.

«تم البدر بدرى» سرقها فى العام الماضى مصطفى كامل، عندما غنى «تسلم الأيادى تسلم يا جيش بلادى» مستعينا بنفس اللحن، ولكنه طبقا للقانون لم يتعد فى التطابق الستة «موازير» الموسيقية، ومن هنا ربما لا يطوله العقاب، إلا أنه ولا شك لا يمكن سوى أن تقول «امسك حرامى».

حاول أن تستعيد حالة الشجن والروحانية التى تكسو الكلمات «والله لسه بدرى والله يا شهر الصيام»، ثم تابع «أيامك قليلة والشوق مش قليل والغيبة طويلة ع الصبر الجميل»، ثم «بتحلف يتيمك ما تلمح دموعه وتسره بقدومك وتنور شموعه وتسيب يوم فى وداعك فوق الأرض عيد». الغريب أن هذا اللحن الرائع كان أول من اعترض عليه الشاعر عبد الفتاح مصطفى، وتوقع له الفشل الذريع!!

 

طارق الشناوي يكتب:

بوكسر هانى وشماعة الإخوان!!

الأحد 20 يوليو 2014 - 10:01 ص

توقَّف إعلان «قطونيل» الذى كان يقدمه هانى رمزى مستعينا بأغنية فؤاد المهندس التى لحّنها محمد عبد الوهاب «أنا واد خطير»، وتعددت أسباب المنع، البعض يؤكد أنها جمعية المؤلفين والملحنين، رغم أن عشرات من الإعلانات تستعين بأغانٍ مماثلة، ولم يحدث أن توقفت، بل إن عبد الوهاب له إعلان ثانٍ بموسيقى أغنية «الدنيا ريشة فى هوا» التى لحّنها لسعد عبد الوهاب، وثالث عن نشيد «وطنى حبيبى الوطن الأكبر» ولم يحدث شىء.

كانت مواقع التواصل الاجتماعى قد امتلأت فور عرض الإعلان بعبارات الاستهجان، ولا أتصوره بسبب البوكسر، ولكن لتردّى حالة الإعلان وسخافته.

هانى رمزى فى برنامج سمر يسرى «ليلة» على قناة «النهار» كان له تفسير سياسى، حيث ألمح إلى أن أصابع الإخوان ليست بعيدة عن ذلك، كانوا غاضبين وبالتأكيد لا يعنيهم من قريب أو بعيد حقوق ورثة عبد الوهاب، فهم يحرّمون الغناء أساسا، ولكنهم كانوا مستائين من هانى، باعتباره كان صاحب الصوت الأعلى فى الهجوم عليهم من خلال برنامجه التليفزيونى «الليلة مع هانى» على قناة «إم بى سى» قبل ثورة 30 يونيو، وقرروا أن يردوها له، فهاجموا الإعلان. إنه التفسير السياسى الذى صرنا نلجأ إليه فى العديد من شؤون حياتنا، فهل كانوا حقًّا غاضبين من هانى تحديدا أم من سخافة الإعلان؟ ما الذى يقوله هانى عن الرافضين لحكم مرسى والإخوان وأيضا البوكسر، هل يعتبرهم فى هذه الحالة خلايا إخوانية نائمة؟

هذا العام كانت الإعلانات هى أسوأ ما عرضته الشاشة الصغيرة، خفتت اللمحات الفنية، وصارت السماجة هى سيدة الموقف، كان الإعلان فى الماضى فسحة لالتقاط الأنفاس خصوصا لو امتاز بخفة الظل، والكثير من نجوم الإخراج فى توقيت ما قدموا إعلانات، فهى تحقق مقابلا ماديا مجزيا، وأغلبهم لم يكن يشير إلى ذلك، بينما النجم مضطر فهو يسوّق الإعلان والسلعة باسمه.

الإعلان عمل فنى مشروع، وهكذا شاهدنا فى الماضى مثلا لأم كلثوم إعلانا عن صابون «نابلسى فاروق»، قبل أن يغيره صاحبه بعد ثورة 23 يوليو، ويعلن هجومه على العهد البائد وأطلق عليه اسم «نابلسى شاهين».

ومن أغلى النجوم أجرًا فى دُنيا الإعلان عادل إمام ومحمد منير وعمرو دياب وأحمد حلمى وأحمد السقا ويسرا ومنى زكى وكريم عبد العزيز، النجم بالطبع كلما ازداد اسمه وكان بعيدا عن تلك الدائرة ارتفع ثمنه. لديك مثلا رجاء الجداوى وهالة فاخر وعبلة كامل، صرن من محترفى الإعلانات، ولهذا يتضاءل فى العادة سعرهن، الإعلان لا يحقق فقط عائدا ماديا ضخما للنجم، بل إنه من الممكن أن يلعب دورا إيجابيا فى صعود أسهم بعضهم، ماجد الكدوانى من أكثر النجوم الذين لعب الإعلان دورا إيجابيا فى مشوارهم، ومن الممكن اعتبار من الجيل القديم حسن عابدين، وإعلانه عن مشروب المياه الغازية «شويبس» كان لصالحه تماما، وأسهم فى تحقيق القسط الوافر من نجوميته.

إعلانات هذا العام تعددت عن مرضى السرطان ومأساة الجوع، وعلى النقيض المنتجعات الفاخرة المستفزة، هذه الإعلانات أطلق عليها الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة «البقرة المقدسة»، لأنها سر الأجور المليونية التى يحصل عليها النجوم، فهى تشكل جزءًا لا يستهان به من العملية الإنتاجية برمّتها، الإعلان من الممكن أن يُصبح نافذة للنجوم الذين ليس لديهم دور فى خريطة الدراما، هانى رمزى وُجد فى هذه النافذة ولكنه اختار الأسوأ، ولا أتصور أن السر وراء وقفه ورثة عبد الوهاب، وليست جمعية المؤلفين والملحنين، ولا انتقام الإخوان، ولكنها السخافة، وكما قال المتنبى مع تغيير طفيف «لكل داء دواء يستطب به إلا السخافة أعيت من يداويها»، مشّيها هذه المرة السخافة!

 

طارق الشناوي يكتب:

هل تستحق؟

السبت 19 يوليو 2014 - 9:39 ص

المسلسل لم يحقِّق النجاح المأمول، ارمِ وراء ضهرك وكأن شيئًا لم يكن، المهم أن تبدو أمام الرأى العام متماسكًا ولا تعترف أبدًا بالهزيمة، أنت عنوان النجاح، رشَّة جريئة من الأحاديث التليفزيونية والأغلفة الصحفية كفيلة بتغيير كل شىء فى لحظات، ولا تنسَ أن «الميديا» كالعادة زادت من مساحات التغطية الرمضانية، وهى تريد أن تملأها ولن تجد مَن هو أفضل منك.

بعض الصحفيين والنقاد المارقين يكتبون ضد المسلسل، عاداتهم ولن يشتروها، ولكن الأغلبية تحت السيطرة، المهم أن تجعل مَن يشاركونك العمل يتولّون تلك المهمة وتأتى التعليمات إليهم، عليكم الإشادة دائمًا بالبطل الأول الذى منحك الدور، إنه ينتظر أن تقول تلك الجملة، كان أملى أن أعمل مع فلان أو فلانة ولو فى لقطة، مجرد أن أمُر أمام الكاميرا، كان حلمًا لا أجرؤ حتى على الحلم أو البوح به لأقرب الناس إلىّ، ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه، إنه وسام أضعه على صدرى، ولا تنسَ أن تذكر كم الإرشادات التى قالها لك النجم حتى تجيد أداء دورك وتهدى إليه فى النهاية نجاحك، ولسان حالك يقول «ماتنساناش السنة الجاية يا أستاذ».

الناس فى الشارع تعوَّدوا أن يجاملوك دائمًا بعبارات إيه الجمال ده كله، أنا مابشفش غير مسلسلك، هناك بالفعل مَن قال ذلك، ولكن هذه المرة المعدَّل أقل، ولا يهمك ولا تشغل بالك، تاهت ولقيناها، إنت جيت فى جمل، الدواء معروف والحل أسهل بكثير، شكة الدبوس، توجد فى مصر عشرات بل قل مئات من الجمعيات والنوادى أغلبها نسائية، وهؤلاء من الممكن أن يعدلوا الصورة فى لحظات، ندوة تحضرها، هم ينتظرون فقط قدوم النجم أو النجمة وعشرات من الفضائيات تقف فى الانتظار لتملأ المساحة المتاحة بمادة مجانية، وبمجرد عرض هذه اللقاءات وتلك الإشادات من السيدات الفضليات، وبعدها الدنيا حتزهزه، تكريم من النادى وأسئلة تحمل إشادة حتى لو تضمَّنت على استحياء استفسارًا ويتخللها دائمًا هذا الأكليشيه: كيف تقمَّصت هذا الدور؟ وهل عايشت الشخصية من قبل؟ وما أصعب مشهد؟ وهل توقَّعت كل هذا النجاح؟ وهناك سؤال دائم عن جراحات التجميل وإليك الإجابة النموذجية: أنا لم أقم بأى عملية تجميل، ولكن لو وجدت شيئًا فى وجهى يحتاج فلن أتقاعس عن إجرائها، تقول النجمة ذلك حتى تنفى لجوءها المتكرر إلى جراحات التجميل، رغم أنها من كثرة الحقن أصبحت تُشكِّل مخزونًا استراتيجيًّا فى العالم كله كمصدر لا ينضب للبوتوكس، صار وجهها من كثرة الحقن جامدًا غير قادر على التعبير، لا تدرى هل هى تبكى أم تضحك، تصمت أم تتكلَّم، ورغم ذلك فإنهم منحوها جائزة النجمة الأولى.

يمر رمضان على النجوم وهم فى حالة صراع، أخبار مضروبة على النت، تؤكِّد أن مسلسل النجم حقَّق أعلى درجة كثافة مشاهدة على «اليوتيوب»، بعض الصحفيين الكسالى يتناقلون هذه الأخبار باعتبارها حقيقة، الصحافة والإعلام جزء من الورطة، وهكذا تتدخَّل وتتشابك المصالح.

دائمًا الإعلام يلعب دورًا فى إحداث هذه الغلوشة السنوية، ولكن المهم أن تخرج من المعركة مكللًا بالانتصار، هذا هو ما يتبقّى فى ذاكرة المشاهدين حتى بداية شهر شوال، وبعدها يتم غلق الصفحة لتفتح صفحة أفلام العيد، الإيرادات فى العادة مضروبة أيضًا، رقم على النت يتناقله الجميع باعتباره حقيقة.

ما الذى يتبقى مع الزمن؟ صورة الممثل وهو يحتضن التمثال أو الشهادة تعيش لمدة ساعات، هل الأمر يستحق كل هذا الكذب؟!

 

طارق الشناوي يكتب:

الورثة ليسوا دائمًا على حق!

الجمعة 18 يوليو 2014 - 9:56 ص

هذه المرة كان الغضب العارم فى مكانه الصحيح، ولكن لا يعنى ذلك أن الورثة دائما على حق، ورثة عبد الناصر غاضبون والناس غاضبة أكثر منهم بسبب مهزلة «صديق العمر» والتى لا يمكن اختصارها فى لكنة جمال سليمان، فهو لم يتقن ليس فقط اللهجة، ولكنه لم يتقن أداء جمال عبد الناصر بكل أبعاده.

الملك أحمد فؤاد باعتباره من أحفاد الخديو غاضب مما يجرى فى «سرايا عابدين» وتلك الأحداث الهلامية ولغة الحوار الحلمنتيشية والإبهار الشكلى الذى أحال الضوء إلى ضوضاء، الناس تتساءل عن حقيقة تلك السرايا وتهافت الأحداث وحالة اللا توازن التى تعيشها يسرا وهى حائرة بين أداء دور خوشيار هانم فى «السرايا» أو تقمص روح مارى منيب بجملتها الشهيرة «إنتى جاية تشتغلى إيه».

تابعْنا فى السنوات الأخيرة الكثير من الغضب المعلَن، وعلى كل المستويات. أغلب مسلسلات السير الذاتية انتهت إلى غضب الورثة والذهاب إلى محكمة الأمور المستعجلة لوقف العرض، الورثة فى العادة إما أنهم يبحثون عن مقابل مادى لتقديم حياة موروثهم أو يريدون الضوء، وفى العادة يصبحون قضية تتناولها الفضائيات وفجأة ينتقلون إلى قائمة المشاهير فى لحظات، دائما ما تستشعر أنهم يصدّرون للناس أنهم المرجعية الوحيدة وكثيرًا ما تستند إليهم الصحافة والإعلام باعتبارهم الفيصل عندما يحتد الخلاف، وهو ما رأيناه مثلا فى الشائعة التى أطلقها مفيد فوزى عن زواج سرى بين عبد الحليم وسعاد حسنى، ورثة سعاد يؤكدون، وورثة عبد الحليم ينفون وكل منهم يتحدث باعتباره العالِم ببواطن الأمور، رغم أن البدهى مثلا عندما يقع عبد الحليم فى الحب أو يتزوج عرفيا أن يروى لأصدقائه المقربين وليس لشقيقته عليَّة مثلا.

الورثة فى العادة يريدون صورة ناصعة البياض، لو كان الأمر بأيديهم لخلقوا أجنحة لموروثيهم، هل لا حظتم مثلا أنه بقدر ما اقترب مسلسل «صديق العمر» من المشير عامر إنسانيا فهو يخون زوجته بعلاقة مع برلنتى قبل زواجه منها أو وهو يصرخ وينفعل وينفلت، بينما عبد الناصر فى حياته مع زوجته السيدة تحية يبدو بلا مشاعر، فلا تشعر أبدًا أن الدراما تعامله كإنسان من الممكن أن ينفعل أو يغضب أو يثور أو يحب أو يكره!

هناك هالة وضعها الناس حول الزعيم كان المطلوب من الدراما أن تكسر هذه الهيبة التى تُخرج الشخصية عن إنسانيتها، ولكن الخوف من الغضب أو ربما الاستسلام لحالة القدسية التى توارثناها فى كل الأعمال الفنية التى تناولت ناصر جعلت الكل يكتفى بعبد الناصر الزعيم.

فى العالم، ببساطة شديدة من الممكن أن تجد الشخصية العامة، سواء رجل السياسة أو الفنان وهو يخطئ كإنسان. مسلسل «أسمهان» إخراج شوقى الماجرى حاول قبل 7 سنوات أن يقفز فوق هذا السور وشاهدنا أسمهان الإنسانة التى أدت دورها سولاف فواخرجى متعددة العلاقات مع الرجال أو كما قال عنها صديقها الكاتب الكبير محمد التابعى لم تكن تستطيع أن ترى الكأس وهى فارغة ولا تستطيع أن تراها وهى ملآنة، شكل المسلسل وقتها نقلة نوعية وكان المقابل هو تعرّض صناعه إلى تهديد بالاغتيال.

يختلف الورثة فى ردود أفعالهم، فمثلا ورثة أنور السادات السيدة جيهان وأبنائها لم يقيموا دعوى مهما كان هناك قدر من التشويه، بينما ابنة السادات من زوجته الأولى السيدة رُقيّة كثيرًا ما ترددت على المحاكم مطالبة بوقف العرض وتعويض مادى ضخم.

هذه المرة فى «صديق العمر» و«السرايا» الورثة كان عندهم حق فى غضبهم، بينما لا يزال ورثة عبد الحكيم عامر يعلنون سعادتهم بالمسلسل، فهم يتطلعون إلى الحلقة الأخيرة، حيث يأملون أن يروا على الشاشة اغتيال المشير وهو ما أراه مستحيلا، فلا يمكن أن يسمح الأمن القومى بأن يؤكد قتل المشير، وبالتالى أن تمتد أصابع الاتهام إلى صديق العمر ناصر، ولهذا أترقب غضبا قادما من ورثة عامر لينضموا إلى ورثة ناصر وأحفاد الخديو!!

 

طارق الشناوي يكتب:

تاج أم سُلطانية؟!

الأربعاء 16 يوليو 2014 - 10:01 ص

ما الهدف الحقيقى لتقديم مسلسل «صاحب السعادة»؟ نحِّ جانبًا أنه مشروع اقتصادى لعادل إمام، يحصل بمقتضاه على أعلى أجر 35 مليون جنيه، ويفرض من خلاله ابنَيْه رامى مخرجًا ومحمد بطلاً، العصمة بيد عادل فهو لا يزال النجم الأول فى عالم الدراما، باعتباره صاحب القضمة الأكبر من تورتة الإعلانات السنوية، فهو الذى يملك منح الفرصة أو منعها.

كل هذا حقيقى، إلا أن الهدف العميق والمضمر من «صاحب السعادة» ليس كل ما ذكرت سابقا، هذه المرة فإن الخطة السرية هى فرض نجم جديد فى مملكة الكوميديا، ليتسلم يوم 30 رمضان التاج من والده، وسط حفاوة وترحيب من الجميع، وهذا ما يفسر لك أن هناك عددًا من فنانى الكوميديا الجدد تناثروا فى المسلسل هنا وهناك، مثل أحمد عيد وإدوارد وخالد سرحان، حتى يبدو التعميد واضحا للعيان، فهم جيله ويرتضون به ملكا عليهم، وهو ربما ما تنبه إليه أحمد رزق، وفى سابقة نادرة الحدوث يعتذر عن الدور بعد الترشيح وإعلان اسمه فى كل الصحف، ولكنه فضل أن يشارك أحمد عز فى دور مساعد فى مسلسل «إكسلانس»، بدلا من أن يؤدى دور وصيف الملك محمد إمام فى «صاحب السعادة».

سبق أن كتبت مقالا فى هذه المساحة عنوانه «التوريث الفنى الحلال»، كنت أتحدث فيه عن عدد من الموهوبين من أبناء الفنانين، الذين هم فى الحقيقة لم يستفيدوا شيئًا من نجومية الآباء، مثل دنيا وإيمى سمير غانم، أو أحمد فلوكس وهيثم زكى، الذى بدأ مشواره بعد رحيل والده عندما أكمل دوره، فى فيلم «حليم»، وهناك أسماء أخرى ينطبق عليها بالطبع تعبير التوريث الحلال، ولكن النسبة الغالبة، التى تحتل الجانب الأكبر من الصورة، هى أن فوضى التوريث أدت إلى صخب الخريطة الفنية فى مصر.

ويبقى فى المعادلة مؤشر هام وهو النجومية، من الممكن بنسبة ما إن ترث موهبة الآباء، ومحمد عادل إمام كنموذج لا أنكر عنه تمتعه بقدر من الموهبة، ولكن النجومية والكاريزما والقدرة على الجذب الجماهيرى تُشكل معادلة أخرى، إنها منحة قدرية لا تلعب فيها الموهبة سوى دور ثانوى، لدينا نموذج مثل أحمد السقا، موهبة محدودة فى فن الأداء، والدليل أن كل الممثلين الذين يشاركونه البطولة فى الأفلام، التى يأتى فيها اسمه متصدرًا الأفيش والتترات يتفوقون عليه فى التمثيل، بمن فيهم حتى محدودو الموهبة فى الأداء مثل خالد النبوى، ولكنه بالقياس إليه يبدو ممثلا عتويلا. النجومية والكاريزما والقدرة على الجذب الجماهيرى معادلة أخرى، إنها منحة قدرية، تولد مع الفنان وتحيل اسمه إلى سر وسحر، وتُصبح طلته على الشاشة لها وميضها وثمنها، بالطبع مهما تمتع الفنان بكل ذلك فإن للنجومية فى كل الأحوال عمرًا افتراضيًّا، وقد تتبدد وتسدل الستائر فى لحظات إذا لم يُحط النجم موهبته بالذكاء.

لدينا مثلا محمد رمضان هذا العام، يقدم مسلسلا تجاريا «ابن حلال» لا يحمل طموحا فنيا خاصا، ولكنه يؤكد نجوميته التى صنعها فى الشاشة الكبيرة، فتأكدت على الصغيرة، فهو جاذب لدائرة جماهيرية واسعة، وليس فقط جمهور العشوائيات، كما حاولوا أن يضعوه فى هذا الإطار سينمائيا.

ليس صدفة أن محمد عادل إمام فى ظل معادلة إنتاجية جانبية يشارك فى بطولة مسلسل «دلع البنات» أمام مى عز الدين، بالطبع هى التى تتحمل المشروع كرهان اقتصادى، ولكن وجود محمد فى هذا المسلسل مقصود لإثبات أنه يقف بطلا موازيا بعيدًا عن والده.

الخطة كما ترى متكاملة الأركان، لكى تصل الرسالة إلى الجمهور، إنه البطل القادم الذى تسلم من والده وأمام الملايين فى هذا الشهر الكريم التاج ملكا متوجا على قبيلة فنانى الكوميديا الجدد، إلا أنك لو دققت النظر ستكتشف أنه يضع على رأسه السلطانية!!

 

طارق الشناوي يكتب:

مصر بين الصوفة والتصوف!!

الثلاثاء 15 يوليو 2014 - 9:58 ص

من بين التأويلات المطروحة والمتداوَلة حول تعريف الصوفية أنها مشتقة من الصوفة، لأن الصوفى مع الله كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله تعالى، وبعيدًا عن هذا التفسير الذى يحتمل الصواب بقدر ما يحتمل الخطأ، فإن ما يمكن استخلاصه من هذا التماثل اللفظى هو أن ما يبدو متناقضا فى زاويةٍ ما من الممكن أن تراه بزاوية أخرى متوافقا، بل ولازمًا.

«السبع وصايا» مسلسل جمع بين الصوفة والتصوف، وجمع أيضا بين كل التناقضات التى تنتقل من العنف الدموى إلى السلام والتسامح، يقف على حافة الإيمان وشاطئ الشعوذة وتتبدل مشاعره فى لحظة من الحب المجنون إلى الكراهية العمياء، يتوجه إلى الله ويسكنه الشيطان، المسلسل بقدر ما امتلك قدرة على الاستحواذ على مشاعر الناس، احتل أيضا مساحة من الاستهجان الأخلاقى، اللمسة الروحانية دائما مغموسة بدنس المعصية، لا تنسَ ما يوحى به رقم سبعة، ليس فقط إسلاميا ولكن سحر الرقم فى كل الأديان والمجتمعات، الكثير من الأعمال الدرامية صارت بمثابة لوحة التنشين لمن يريد أن يزايد هنا أو هناك، أمامك المسلسلات المعروضة أعلِن عن غضبك، ستجد الأغلبية يؤيدونك رغم أنهم حريصون وبشغف ونَهَم على متابعة الشريط المعروض، بل فى العادة لا تفوتهم الإعادة ثم الاستزادة على «يوتيوب».

من الممكن أن تلمح أن هناك ما هو مسكوت عنه سياسيا، فى موقف السلطة الرسمى، الدولة تريد أن تثبت للمتشككين أنها تتمسك بصحيح الدين لتصل الرسالة بأن إبعاد الإخوان عن الحكم بإرادة شعبية لا يعنى إبعاد الدين عن الحكم، هناك رسالة واضحة وصلت إلى المؤسسة الدينية بأن الدولة تمنح الضوء الأخضر للأزهر الشريف ليدلى برأيه حتى فى الفن، وهذا يفسر لك سر كثير من الأحاديث والمقالات المنتشرة حاليا فى «الميديا» لرجال الأزهر تتناول الفن والأدب برؤية دينية مباشرة.

شىء من هذا من الممكن أن تجده بين ثنايا عديد من القرارات التى تتناثر هنا وهناك، وهى تتدثر بالرداء الأخلاقى، حتى تكسب قطاعًا وافرًا من الرأى العام، يكفى أن تقول: هل هذا يجوز فى شهر رمضان؟ رغم أن مفاهيم الحلال والحرام لا علاقة لها برمضان أو شوال، إنهم يذكروننى بالفتاة التى ترتدى الحجاب فى رمضان ثم تخلعه بعد ذلك! لو كانت مقتنعة فعليها أن ترتديه كل شهور العام، لا يوجد دراما محجبة فى رمضان وأخرى سافرة فى شوال، كأنها تحاكى صابرين عندما تضع الباروكة على الحجاب لإرضاء كل الأطراف.

هناك محاولة لكى يصبح رمضان وما يحمله من روحانيات هو نقطة الانطلاق الأساسية لتقييد المجتمع، وهو فى الحقيقة ليس وليد هذه الأيام، استهجان ما تبثه الشاشة الرمضانية أحد معالم الحياة فى مصر، كثيرًا ما طالبوا منذ السبعينيات بوقف فوازير نيللى وبعدها شريهان، لأنها لا تجوز فى الشهر الفضيل، وقبل ذلك فى الستينيات طالبوا بوقف المسلسلات الإذاعية الرمضانية الكوميدية التى كان يلعب بطولتها فؤاد المهندس وشويكار بحجة أن هذا تهريج وإسفاف يلهى الناس عن أداء صلاة التراويح. فى العادة كان المثقفون يواجهون ولا يتورطون.

يقولون ما الذى يجرى فى مصر؟ كيف ينظر إلينا العرب؟ كل بيت فيه قواد أو قوادة وعاهرة ومخدرات، هل من الممكن اختصار مصر فى مسلسل؟ بالتأكيد لا، دائما السؤال: هى دى مصر؟ لأ يا سيدى ليست هذه كل مصر لكنها بالتأكيد جزء من مصر، لو تأملتْ قليلا ونظرتْ إلى مسلسل «السبع وصايا» بين الصوفة التى تستخدمها المرأة التى لا تنجب بسبب عجز زوجها فتحصل عليها من منىّ رجل آخر لا تعاشره ويصبح هو الأب بيولوجيًّا، والحالة الصوفية الساكنة فى القلوب ستجد هذا التناقض، مجتمع يحتل المركز الأول فى معدلات التحرش والمركز الأول أيضا فى الإيمان والتوحيد بالله من قبل نزول الأديان!!

 

طارق الشناوي يكتب:

بيان الدولة الحلمنتيشى!!

الإثنين 14 يوليو 2014 - 10:27 ص

تملك السلطة عديدًا من الوسائل لإثبات أنها دولة ديمقراطية وكما يقول الكتالوج، بينما هى فى الواقع تمارس القمع كما يقول الكتالوج. من السهل جدًّا أن تخنق الثقافة وتمارس عليها الرقابة بأيدى المثقفين أنفسهم، وأن تفرض القيود تبعًا لقناعتهم وإرادتهم، وهذا هو ما أرى حاليًّا بوادره فى الكثير من البيانات التى صدرت وخصوصًا المجلس الأعلى للثقافة، كما أن هناك عديدًا من اللجان التى يتم تشكيلها وبعناية ويتم اختيار القسط الوافر من أعضائها من أصحاب نظرية «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى».

سوف أنعش ذاكرتكم بواحدة من الحكايات القديمة. قبل أكثر من عشرين عامًا كان جناح نافذ فى الدولة غاضبًا من فيلم «ناجى العلى»، ومؤسسة «أخبار اليوم» عقدت العزم على إقصائه ومحوه من الحياة ووضعت كل من شارك فى تنفيذه داخل القائمة السوداء، فلا تنشر أى مطبوعة تابعة للدار أخبارهم. ويجب ملاحظة أنه فى عام 1992 لم نكن قد دخلنا بعد فى زمن الفضائيات ولا الانتشار الصحفى والإلكترونى عبر المواقع الذى نراه حاليا، وعندما تصدر مؤسسة كبرى هذا القرار فهذا يعنى شروعًا فى الاختناق. ووقفتُ على الجانب الآخر ومن خلال نقابة الصحفيين عندما كُنت مسؤولاً عن نشاط نادى السينما، عرضت الفيلم ودافعت عن حقه وأقمت ندوة شارك فيها المخرج الراحل عاطف الطيب وبطل الفيلم نور الشريف والكاتب بشير الديك والمصور محسن أحمد.

كانت الدولة فى تلك الأثناء تقيم مهرجانها القومى للسينما وكل الشروط منطبقة على الفيلم للاشتراك، فماذا تفعل؟ بسيطة، شكِّلت لجنة من نقاد وسينمائيين لا تشوبهم شائبة، كلهم من الكبار وأصحاب القامات العالية، ولكن كان يجمعهم شىء واحد وهو أنهم لأسباب -جزء كبير منها شخصى- يرفضون نور أو الطيب أو بطبعهم يقرؤون ما الذى تريده الدولة ويزايدون عليها. أقرّت اللجنة وقتها بالإجماع أن الفيلم لا يرقى إلى المشاركة فى المهرجان. نعم، كانت الأسباب المعلنة فنية وليست سياسية. بالمناسبة، لم يكن «ناجى العلى» هو أفضل ما قدم الطيب ولكنه بالتأكيد يرقى فنيا إلى المشاركة فى المهرجان ويستحق أكثر من جائزة.

تستطيع الدولة دائما أن تنتصر لنفسها مستغلة المثقفين وتتخذ قرارات قمعية من خلال استقطاب هؤلاء الذين يفرحون بعضوية اللجان من أجل فرض وجهة نظرها، وليست كلها مصادرة. التكريم أيضا الذى تمنحه الدولة تتدخل فى توجيهه. أتذكر أنهم مرة أرادوا أن يمنحوا عادل إمام جائزة أفضل ممثل تحية له على مواقفه فى أفلامه ضد الإرهاب والتطرف الدينى. بسيطة، شكّلوا لجنة كل أعضائها لو قال عادل إمام «ريّان يا فِجْل» سوف يهتفون «عظمة على عظمة يا زعيم».

من المذنب فى تلك المعادلة؟ إنه المثقف الذى تعوّد أن ينتظر ما الذى تمنحه له الدولة فينفّذ ما تريده. مؤخرا أصدر المجلس الأعلى للثقافة بيانا جاء فى فقرته الأخيرة: «ومع إيمان المجلس الأعلى للثقافة بحرية التعبير وعدم جدوى الرقابة المسبقة فإن المجلس يرصد بقلق التجاوزات التى يقع فيها بعض صُناع الدراما لعدم الالتزام بالوقائع التاريخية الموثقة وتقديم صورة مشوهة لأخلاقيات المجتمع، ويدعو مؤسسات الدولة للقيام بمسؤوليتها فى مراعاة الإفادة من خبراء التاريخ ووضع ميثاق الشرف المهنى الذى تجب مراعاته للحفاظ على قيم المواطنة وإبراز الجوانب الإيجابية فى الحياة المصرية».

وهكذا يمزج المجلس الأعلى الذى يرأسه وزير الثقافة بين الأخطاء التاريخية فى المسلسلات والتى لا يختلف عليها أحد، بينما هو يرمى فى الحقيقة إلى تشديد الرقابة. وجابر عصفور يعلم أن مفتاح بقائه داخل الدولة مرهون بالولاء والخضوع المطلق، وتذكروا فقط أنه عندما أعلن أنه سيعرض فيلم «نوح» رغم اعتراض الأزهر طلب منه محلب الاعتذار فذهب إلى الإمام الأكبر مبديًا ندمه، ولم يكرر بعدها تصريحه بعرض «نوح». وعندما طلب منه التدخل ضد المسلسلات المعروضة فى رمضان قرر أن يدس السم فى العسل ووضع هذا البيان الحلمنتيشى!!

 

طارق الشناوي يكتب:

الرضا والنور على وجه جورج!

الأحد 13 يوليو 2014 - 9:58 ص

جورج سيدهم هو أيقونة رمضان، كان وجهه يشع رضا ونورًا ليحوى كل الكون، يطل علينا من عالمنا، بينما كان فؤاد المهندس هو أيقونة رمضان الماضى أطل علينا من العالم الآخر، كل هذا الضياء يا جورج يفيض به وجهك على كل المصريين.

المشترك بين فؤاد وجورج هو صفة الفنان الدافئ، لدينا عشرات من فنانى الكوميديا انتزعوا الضحكات عبر التاريخ، لكننا فقط لا نملك سوى دافئين، ليست مفاجأة كما يحلو للبعض أن يفسرها، أبدًا ليست المفاجأة أن جورج على قيد الحياة، لو كان ذلك صحيحا لانتهى الموقف سريعا كخبر، ولم يترك هذا الإحساس العميق، إنه شعاع خاص لجورج وزمن استعدناه فى ملامحه، جورج حاضر فى الحياة، محتفظ بكل قواه العقلية والإدراكية، فقد جزءًا كبيرًا من القدرة على الحركة، لكن لا يزال متابعا جيدًا لكل ما تبثه الفضائيات. أحرص بين الحين والآخر على أن أستمع إلى صوته فى الأعياد، مستعينا بزوجته. كثيرون يتوجهون بالشكر والعرفان إلى زوجته الصيدلانية، د.ليندا، حيث تزوجا، بينما كان جورج مضربًا عن الزواج، شاهدها فى الصيدلية، فأصبحت دواءه الدائم، وبعد سنوات قليلة أقعده المرض. الزوجة المحبة منحت الكثير لجورج، ولا يدركون كما قالت لى هى أكثر من مرة أن جورج يمنحها ما هو أكثر.

كنت قريبًا من جورج فى بداية زواجه، ووجّه لى الدعوة لحضور فرحه فى الكنيسة، وبعدها فى أحد الفنادق الكبرى، أتذكر جيدًا أن شفيق جلال غنى لصديقه «شيخ البلد خلف ولد»، ثم استبدلها فى الإعادة «قسيس البلد خلف ولد».

وكنا نضحك على تلك الطرفة، لم يترك لنا جورج سيدهم رصيدًا كبيرًا بالعدد، لكن ما أبدعه نحنّ إليه كثيرًا، هل هو حنين مطلق إلى الماضى «نستالجيا»، ليس كل ماض بالضرورة جميلا، ولا هو أيضا كان جميلا فى زمنه، ولا كان يقابل بترحاب وقبول، جورج وسمير والضيف الثلاثى الذى أحبه جيل الستينيات ظهروا بعد جيل من نجوم كوميديا الخمسينيات، الذين كانوا أولاد الميكروفون نجوم «ساعة لقلبك»، هذا البرنامج الذى شهد انطلاق عبد المنعم مدبولى وفؤاد المهندس وأمين الهنيدى ومحمد عوض، و«أبو لمعة» محمد أحمد المصرى، و«الخواجة بيجو» فؤاد راتب، و«شكل» محمد يوسف، و«الدكتور شديد» محمد فرحات، وأسماء عديدة أخرى، بعدها بسنوات قليلة ومع مطلع الستينيات ظهر هذا الثلاثى باعتباره معادلا موضوعيا لزمن التليفزيون. الثلاثية تعنى أن تُضحى بنجوميتك كفرد لصالح المجموع، كان الجمهور ينقسم فى حبه بين الثلاثة، جورج بملامح الطفولة التى لم تغادره حتى الآن، ينشرح قلبك بمجرد رؤيته، الضيف أحمد أقلهم جسدًا، وكنا نراه العقل المفكر للثلاثى، فهو يجيد منح الآخرين الفرصة لتحقيق الضحكة، سمير غانم الطويل الأصلع، قبل أن يرتدى الباروكة القادر على سرقة الضحك، ومن خلال فوازير الأبيض والأسود، كانت هى الملعب الأساسى عندما وقع اختيار المخرج محمد سالم عليهم ومعهم الشاعر خفيف الظل حسين السيد، الذى كان يكتب على الهواء، كان جورج لديه حالة من الشجن النبيل يمنحها للشخصية، أتذكر دوره فى إحدى الفوازير أحدب نوتردام فكان ينشد «يا بختك يا حجر يا ريتنى كنت قاسى وقلبى من حجر يا بختك يا حجر»، المساحة الإبداعية التى تحرك فيها جورج على ضآلتها تألق فيها مثل فيلمى «الشقة من حق الزوجة» لعمر عبد العزيز و«الجراج» لعلاء كريم، حضور دافئ على الشاشة، ولا يزال نابضا بالحياة.

لا أحد يصادر على الزمن القادم، ولا نعلم بالضبط ما الذى تخبئه الأيام حتى لو كان الطب قد قال كلمته، سكن قلوبنا فى رمضان وميض الرضا والنور على وجه جورج سيدهم أشعر أن هذه الومضة ستبرق مجددًا!

 

طارق الشناوي يكتب:

الضحك «على النوتة»!

السبت 12 يوليو 2014 - 9:50 ص

نحن نضحك لا أنكر، لكن لا يعنى ذلك أن هذا هو الطريق الصحيح لتحقيق قهقهة تُشرح القلب، كان من الممكن أن تُصبح الحصيلة أكبر، إنه ضحك بأثر رجعى، هل تتذكرون طعم رغيف العيش المقمر، رغيف نجا بأعجوبة من وليمة الأمس تضعه على النار ليعود ساخنا مرة أخرى قابلا للتعامل على مائدة اليوم، تشعر أنه يشبه طعم رغيف العيش بنار الفرن التى التهمته بالأمس، لكنه ليس هو بالضبط، كما أنه يفتقد الرائحة الخاصة التى شهدت التفاعل الأول بين سخونة سطح الفرن مع الدقيق المشبع بقليل من الخميرة، ومن أجل تلك الرائحة المفقودة أكتب عن مسلسلات وشخصيات يتم تقميرها يوميا لإضحاك الناس، لا أستطيع أن أنكر أنهم ينجحون أحيانا فى تحقيق ذلك، كما أن هناك درجة من الترقب فى البيت، «النجم راضى والجمهور راضى، فلماذا العكننة إذن؟» انتظر فقط قليلا لنكمل باقى المقال.

أشهر مسلسلين يثيران الضحك هما «الكبير قوى» لأحمد مكى و«فيفا أطاطا» لمحمد سعد، وعلى المقابل هناك وجود لكل من الشقيقتين غانم، دنيا مع مكى للعام الرابع على التوالى وإيمى فى الجزء الأول.

فى الفن أول دلالة على أن ما تُقدمه هو النغمة الصحيحة أن تلمح روح الدهشة، لا أتحدث عن دهشة المتلقى، أتحدث عن المبدع نفسه أول من يشعر بالدهشة هو صانع العمل الفنى، وإذا افتقد هو تلك الحالة لن يستطيع أن يُقدم جديدا للجمهور، المسلسلان فاقدا الدهشة.

الفنان الكوميدى فى العادة يخشى المغامرة، هذه حقيقة تاريخية، قال لى المخرج الراحل كمال عطية، ومن أشهر أفلامه «قنديل أم هاشم» إنه فى أول فيلم روائى أخرجه «حبايبى كتير» فى بداية نجومية إسماعيل ياسين، حيث كان هو أكثر ورقة رابحة فى الشباك، قال له مش عايز بقك يا سُمعة يتفتح أمام الكاميرا، قال له سمعة بقّى ده هو اللى بيجيب الجمهور، رد عطية لا أريد هذا الجمهور أن يدخل السينما، ولم يحقق الفيلم أى إيرادات فسخر منه إسماعيل ياسين قائلا «مش قلتك لك بقى بيجيب التذاكر»، ورغم ذلك فإن إخفاق المخرج لا يعنى بالضرورة أن إسماعيل ياسين على حق، هناك دائما أشياء أخرى، التاريخ أثبت بالفعل أن ملامح وجه سمعة التى تخاصم الجمال لم تكن هى سر تفرده على القمة ليصبح هو المضحك الأول ولا يزال، من المؤكد أن هناك من يملك شلاضيم أكثر ضخامة، لكنه لا يضحك أحدا.

بق سُمعة هو المعادل التاريخى لشخصيات مثل اللمبى وأطاطا والكبير وحزلقوم، الفنان ربما لا يدرك حتى نقاط قوته، وأرى مثلا أن «اللمبى» بهذا النجاح الاستثنائى قيد محمد سعد، وهذا لم ينف أنه اخترع فى فيلم «عوكل» شخصية أطاطا فى منتصف نجوميته، لكنه ارتكن إلى ذلك، وأراد أن يأخذ من الأرشيف المضمون من الضحك، ولم يعد لديه سوى أن يضع اللمبى وأطاطا فى إطار زمنى وجغرافى مختلف من أجل العثور على ضحكة هكذا، مثلا نراه فى «قريش» مع أبو لهب، بينما مكى وحزلقوم يذهبان إلى إفريقيا، ويقدم الصورة التقليدية للإفريقى المتوحش آكل لحوم البشر.

سوف تلمح شيئا آخر يجمعهما، وهو أن كلا منهما يقدم شخصيتين ليحتل الشاشة، لا يثق إلا فقط فى قدرته منفردا على الإضحاك، ولهذا تنتقل الأحداث من اللمبى إلى أطاطا، ومن الكبير إلى حزلقوم.

عندما لا تجد نقودا فى جيبك وتنتظر الفرج مع أول الشهر تأخذ البضاعة من البقال «على النوتة»، وهذا هو ما يفعلونه بالضبط، لكنهم يقترضون من رصيدهم القادم، وسنوات عمرهم الفنى الافتراضى، والدليل راجع مؤشر إيرادات كل من سعد ومكى فى السينما خلال السنوات الأخيرة لتكتشف أنهما بدآ فى التسديد من رصيدهما متأخرات النوتة وبالفوايد!

 

طارق الشناوي يكتب:

حرام تنسونى بالمرة!!

الجمعة 11 يوليو 2014 - 10:12 ص

لو تأملت الشاشة دراميًّا ستجد أنها صارت مفتوحة لجيل جديد من الكُتاب والمخرجين، بينما الكبار إلا فى ما ندر صاروا خارج الكادر، لو سألتهم، أقصد الكبار، ستأتى الإجابة أن شركات الإنتاج تستعين بالجدد، لأنهم الأقل أجرًا ويسمعون كلام النجوم، وليست لديهم أى شروط مسبقة، ولن يذكروا أبدًا السبب الأول والحقيقى، وهو أن هذا الجيل يقدم شاشة أكثر عصرية، أغلب الكبار من الكتاب والمخرجين صاروا غير مدركين أن الدنيا حولهم تغيرت تماما، لا يزالون يعتقدون أنها لحظة غيم وحتعدى، و«سوق الحلاوة جَبَر واتقمّعوا الوحشين»!!

القاعدة هى أن من يتوقف ولا يلاحق الزمن يصبح خارج نطاق الخدمة، وهذا هو حال 90% من الكبار، وأذكّركم بمطرب قديم ربما نسيه هذا الجيل، حيث لم يتبقَّ منه سوى بعض لقطات من أفلام المخرج حسن الإمام، إنه الشيخ حامد مرسى الذى كان يغنى بالأسلوب القديم محافظا على طربوشه ومعه التخت الكلاسيكى فيثير ضحك الجمهور، كان حامد تلميذ سيد درويش، والأثير إلى قلبه، ولحَّن له أشهر أغانيه «زورونى كل سنة مرة حرام تنسونى بالمرة» وكان معبودًا للنساء ويحظى بلقب «بلبل مصر» وذلك فى مطلع العشرينيات، وفجأة تألق محمد عبد الوهاب وانتزع منه اللقب وأضاف إليه عشرات من الألقاب الأخرى بعدها مثل مطرب الملوك والأمراء وموسيقار الجيل، ثم الجيلين ثم الأجيال، ناهيك باللواء والدكتور، بينما حامد صار بلبل مصر العجوز، عبد الوهاب استمر حتى بلوغه التسعين، لأن عينه على المتغيرات الجديدة، إنها العصرية أن تكون ابن الزمن وتتخلى عن الإحساس بأنك فقط صاحب النغمة الصحيحة، وكل ما عداك هو الباطل، تعتقد أنك صاحب الزمن والميقات الوحيد، لو سألت أغلب الكتاب والمخرجين الذين صاروا خارج الخط سيقولون إنهم العملة الجيدة التى طردتها مؤقتا العملة الرديئة وإن غدًا لناظره قريب؟

على أرض الواقع نجد أن الشاشة الآن تسمح بمساحات دائمة لكاملة أبو ذكرى وخالد مرعى ومحمد سامى وإسلام خيرى وإبراهيم فخر وحسين المنياوى، وتُرحب بكتاب مثل مريم ناعوم ومحمد أمين راضى ومحمد الحناوى، الشاشة تغيّرت فى الإيقاع والأداء وتكوين الكادر، بينما الجيل القديم لا يزال متوقفا عند الرؤية الإخراجية التقليدية، التى تعتمد أكثر على المشهد لا اللقطة، كان برنارد شو يقول «لا نتوقف عن الحب لأننا كبرنا، ولكن الصحيح أننا نكبر عندما نتوقف عن الحب»، فلقد توقفوا عن الإبداع ليس لأنهم كبار، ولكن لأنهم توقفوا عن ملاحقة الجديد، الزمن يطرح فى كل شىء أسلوبا يتوافق معه، السرد الدرامى تغير والمفردات فى اللغة تغيرت وظلال الكلمات دائما تشهد جديدا، بل إن بعض الكلمات ارتدى مع الزمن معانى عكسية، ليس المطلوب أن تتخلى تماما عن قناعاتك الفكرية وأن ترقص دون قيد ولا شرط على الإيقاع الجديد، ولكن أن تدرك أن المتلقى صار يحتاج إلى شفرة أخرى للتواصل، ولديكم مثل واحد من المخرجين انتقل من الإعلانات والفيديو كليب إلى سوق الدراما محمد سامى، حمل معه مفردات عصرية وصار يحتل سنويا مساحة مميزة على الخريطة الرمضانية، أسرف فى استخدام الكادر المائل فى تصوير آخر مسلسلاته «كلام على ورق» لأنه أراد أن يمنح خصوصية على مستوى الرؤية فى كل مشاهده، لم أستسغ تلك الرؤية ووجدت فيها تعسفا، ولكن المؤكد أنه يحاول أن يخرج عن الإطار التقليدى، ولأول مرة نجح فى أن يعثر على مساحة مفقودة لهيفاء وهبى وأقنعتنى كممثلة، خالد مرعى وأمين راضى ينسجان «السبع وصايا» الذى ينمو نفسيا وفكريا ويكتمل مع المتلقى من حلقة إلى أخرى، بينما الكبار لا يزالون يضعون أيديهم على خدودهم مرددين «زورونى كل سنة مرة حرام تنسونى بالمرة»!!

 

طارق الشناوي يكتب:

محلب ليس هو الحل!!

7/9/2014 06:16:41

سؤال يلاحقنى أينما وليت وجهى، هل هذه هى مصر التى نشاهدها فى المسلسلات؟ وهل هذا يليق بشهر رمضان؟ بالتأكيد صُدم قطاع وافر من المشاهدين من كثرة مشاهد تعاطى المخدرات والرقص والكلمات المتجاوزة، وهو ما يدفع البعض لا شعوريا إلى مطالبة الدولة بالتدخل، والكل ينتظر المهندس إبرهيم محلب وهو يلقى البيان الأول للمصادرة وسط تصفيق وتهليل وزغاريد من الجماهير وهى تردد «ينصر دينك يا باش مهندس».

أدرك أن ما يدفع الغاضبون ضد ما تبثه الفضائيات هو مشاعر نبيلة، ولكن على الجانب الآخر فإن هناك مَن يسعى لكى يمنح الدولة ضوءًا أخضر للتدخل السافر، سلطة المنع هذه المرة سوف تُشهر سلاحا يرتدى زيًّا أخلاقيا ودينيا وشرعيا، إلا أن الوجه الآخر للصورة أنه يرسخ لعودة السلطة الأبوية مرة أخرى بعد أن صارت من مخلفات العهود والأحقاب السابقة.

نعيش زمن «الريموت كنترول» الذى يعنى مزيدًا من حرية الفرد فى الاختيار، بديلا عن قوة وسطوة الدولة فى الانتقاء، ويبقى فى المعادلة ما يجب وضعه فى الاعتبار هو التصنيف العمرى لمن هم فوق 18، إنه التحدى الذى شاهدناه العام الماضى فى مسلسل «موجة حارة» وحقق خطوة هامة فى مجال الدراما، فهو يعنى تعاقدًا بين صُناع العمل الفنى والجمهور وكلٌّ يتحمل مسؤوليته، بالطبع كان المخرج محمد ياسين مدركًا أن حريته فى تقديم مشاهد التعاطى والتعذيب والجنس بخاصة، وأن العمل فى جزء كبير منه يجرى فى بيت دعارة، هذه الحرية تفرض عليه أن يكتب تحذيرًا لمشاهديه.

البعض يعتقد أن المجتمع وما نشاهده من انحراف سببه الدراما، وكأننا لو قدمنا دراما معقمة فاضلة ترى البشر فيها ملائكة يحلقون بأجنحة على الأرض سوف ينصلح حال البلد، كثيرًا ما نكرر تلك المقولة إن مسرحية «مدرسة المشاغبين» التى عرضت قبل أربعين عاما هى التى أدت إلى انحراف منظومة التعليم فى مصر، رغم أن سيدنى بواتييه لعب بطولة فيلم «إلى أستاذى مع حبى» قبلها بعشر سنوات، ولم يشهد التعليم فى أمريكا تدهورًا. سياسة الدولة هى المسؤولة عن تردى التعليم، وليس عادل وسعيد ويونس.

الرأى العام محتقن وينتظر قرارًا من السلطة، والمؤكد ستسعد به الأغلبية مثلما حدث قبل بضعة أشهر مع «حلاوة روح»، وما أراه الآن أن أكثر من منظمة ومجالس قومية تستعد لإصدار بيانات شجب، كما أن المؤسسة الدينية، سواء الأزهر أو الكنيسة على أتم استعداد للمشاركة ببيانات مباركة، لنعود مرة أخرى إلى المربع رقم واحد، العالم مفتوح فضائيا، بينما الدولة فى مساحة ضيقة جدا تسيطر عليها تعتقد أنها تسيطر على الحياة.

كان المجلس القومى للمرأة الذى ترأسه السفيرة د.ميرفت التلاوى قد شكل لجنة للرصد لا للرقابة، وشرفت بعضويتها مع نخبة من النقاد والكتاب والمخرجين اجتمعت اللجنة مرتين قبل رمضان وقبل يومين عقدنا لقاء ثالثا، وبالطبع تباين وجهات النظر يظل ظاهرة صحية، وقسطا لا بأس به من المشاركين يدركون خطورة تحفيز الدولة على المصادرة، هناك اتفاق على ضرورة عودة إنتاج الدولة، وهى بالتأكيد دعوة هامة وضرورية مع الأخذ فى الاعتبار أنها ليست تميمة النجاح الوحيدة المضمونة، إنتاج الدولة من الممكن أن يلتزم مثلا بتقديم قضايا وأفكار يريدها النظام، ولكن هناك تخوفا من حالة المباشرة التى تنتاب صُناع تلك الأعمال وأن يسيطر أصحاب المصالح على مقدرات «ماسبيرو» فهم تعودوا اختراق الدولة، وهم يعرفون مفاتيحها ويصلون فى لحظات إلى صانع القرار، إهدار المال العام أحد مظاهر إنتاج الدولة والمصالح الصغيرة كثيرًا ما تصبح لها الكلمة العليا.

النجوم والكتاب والمخرجون غير المطلوبين فى القطاع الخاص، لأنهم لم يتطوروا صاروا يشكلون القوة الضاربة فقدموا أعمالا عانت من التسويق ومُنيت الدولة بخسارة أدبية ومادية فادحة وفاضحة. هناك تجاوزات كلنا نراها على الشاشة إلا أن الحل ليس هو محلب!!

 

طارق الشناوي يكتب:

فشلوا ليس لكونهم عربًا!!

الثلاثاء 8 يوليو 2014 - 10:40 ص

لى ملاحظات سلبية على عدد من المشاركات العربية فى الدراما المصرية أشرت إلى بعضها، وسوف أكتب عن عديد منها لاحقا، ليس لكونهم عربًا ولكن لأنهم لم يجيدوا التعبير، على الجانب الآخر لدينا عشرات من المشاركات العربية فى أدوار وشخصيات مصرية حظيت بكل الإعجاب.

إياد نصار عندما لعب قبل أربع سنوات دور حسن البنا فى مسلسل «الجماعة» ولم يسأل أحد عن جواز سفره الأردنى، بل وجدنا موهبة تتألق وتتوهج حلقة بعد حلقة، وهو ما تكرر مثلا مع الأردنية صبا مبارك قبلها فى فيلم «بنتين من مصر»، وهند صبرى لا يمكن لأحد إلا أن يراها واحدة من أفضل النجمات على الشاشة المصرية فى الخمسة عشر عاما الأخيرة. ومن ينسى نجاح سلام وهى تغنى «يا أغلى اسم فى الوجود» أو لطيفة «الورد البلدى» ونانسى «أنا مصرى وأبويا مصرى» ووديع الصافى «عظيمة يا مصر»، والقائمة طويلة ضاربة فى التاريخ وحتى هذه اللحظة، إلا أن هذا العام شهد تراجعا.

الكاتبة الكويتية هبة مشارى فى «سرايا عابدين» لم توفق فى التوثيق العلمى، بل واستهانت بأهمية التدقيق التاريخى، والسورى جمال سليمان فى «صديق العمر»، وأيضا شهد هذا العام تراجعا للتونسيتين «دُرة» فى «صديق العمر» وهند صبرى فى «إمبراطورية مين».

أجد أحيانا فى كتابات عدد من الزملاء تلك النظرة العنصرية تجاه الفنان العربى الذى يقدم إبداعا به روح مصرية. وهو ما يتعارض فى الحقيقة ليس مع دور مصر التاريخى، انسَ الآن التاريخ ولكن قانون العملية الفنية فى عصر الفضائيات الذى لم يعد يراهن إلا على الأفضل فنيا وإنتاجيا ونحّى جانبا جنسية الفنان.

علينا أن نتحرر من تلك الرؤية الضيقة، وعلى الفنان العربى أن يتخلص أيضا من إحساسه العميق تجاه ما يستمع إليه أو يقرؤه، فليس كل من لديه ملاحظات سلبية على فنان عربى فى مسلسل أو أغنية أو رواية، يفتش أولا فى جواز السفر.

لا أنكر أن عددًا من الفنانين المصريين يؤجج تلك النيران من أجل أن يجد لنفسه مكانا، يعتقد أن طرد الفنان العربى من الساحة يفتح أمامه مباشرة بعدها أبواب الرزق، سبق أن تورطت نقابة الممثلين قبل 8 سنوات وأصدرت بيانا لتقنين وجود الفنان العربى، كنا نعلم أن المقصود هو إبعاد عدد من النجوم العرب والسوريين تحديدًا عن الخريطة، بعد أن أصبحوا يشكلون قوة لا يستهان بها فى معادلة الدراما، فاخترق أصحاب المنافع وقتها نقابة الممثلين، وأصدروا القرار ووجدت عددًا من المخرجين والنجوم يباركون النقيب الأسبق أشرف زكى على سعة أفقه وبعد نظره لتصديه للغزو العربى. بين الحين والآخر كثيرًا ما شاهدنا محدودى الموهبة وهم يتصدرون المشهد للترحيب والمبايعة بالقرار الجائر، الذى وصفته وقتها بأنه سيسقط فى لحظة توقيعه، وهو بالضبط ما حدث. أتذكر جيدًا فى أعقاب ثورة 25 يناير فى تلك الأشهر القليلة التى تولى فيها اللواء طارق المهدى مبنى الإذاعة والتليفزيون، تهافتوا عليه بحجة أن «جحا أولى بلحم طوره»، من أجل أن يعيد النظر مرة أخرى فى الأعمال الفنية التى سبق أن تم ترشيح فنانين عرب لبطولتها وإخراجها، والرجل العسكرى استجاب من أجل إرضاء جحا وكان قرارا خائبا.

لم يعجبنى أداء هند صبرى فى «إمبراطورية مين»، ليس لأنها تنتقد، وهى تونسية، أوضاعا مصرية، ولكن لأن هناك من أقنعها بأن عليها أن تؤدى الدور باستخفاف، كأنها تقول للناس هيا بنا نضحك، ولم تعجبنى درة فى أداء دور برلنتى عبد الحميد فى «صديق العمر» لأنها لم تنسَ وهى تُمثل برلنتى أنها دُرة.

الإبداع يقفز فوق حواجز التاريخ والجغرافيا، فلا الفنان العربى يفشل فى أداء دور مصرى، لأنه عربى، وليست مصرية الفنان دلالة على إجادة الفنان المصرى تقديم دور مصرى، وهكذا شاهدنا تراجع جمال وهند ودرة، بينما نجحت لأول مرة هيفاء وهبى فى تمثيل دورها «كلام على ورق»!!

 

طارق الشناوي يكتب:

يسرا.. إنتى جاية تشتغلى إيه!!

الإثنين 7 يوليو 2014 - 10:07 ص

عندما وافقت على الاشتراك فى بطولة مسلسل «سرايا عابدين»، هل حسبتها يسرا صح؟ نظريا نعم صح جدا، كان ينبغى أن تنسى مولد كل سنة الذى تقيمه فى رمضان، وتقدم فى كل مرة شخصية تمتلك الشاشة 30 حلقة، وسط ترحيب صحفى مبالغ فيه، بينما لو حاولت التدقيق فإنك لن تجد فارقا فى طبيعة الأداء ولا تركيبة الشخصية الدرامية التى قدمتها فى العام السابق أو الأسبق، إنها الطيبة والمضحية والجدعة، حالة التشبع باتت واضحة جدا فى مسلسلات مثل «أحلام عادية» و«شربات لوز» و«خاص جدا» و«نكدب لو قلنا ما بنحبش»، وغيرها وغيرها، ربع قرن من الزمان تُقدم للناس فى البيوت نفس الطبخة، فكان ينبغى كسر الملل وتغيير الحلل!!

جمهور الشاشة الصغيرة عِشرى جدا، هذه حقيقة، وكثيرًا ما يُبقى على النجم من أجل العيش والملح، ولكن إلى حين، ويسرا ربما أدركت أن الحين قد حان.

راجعوا فقط ما حدث لنادية الجندى ونبيلة عبيد وفيفى عبده، كُنَّ أوراقا رمضانية دائمة، ثم استغنى عنهن الجمهور، يسرا فى توقيت ما حرصت على تغيير دمائها بالمخرج خالد مرعى، وقبله بالكاتب تامر حبيب، فقدما لها مسلسلا -أو اثنين- يشبه بالضبط ما تعودت عليه، ومارسا التفصيل على مقاسها، وخسرا بقدر ما خسرت، والدليل أن خالد مرعى عندما تحرر من هذا القيد قدم العام الماضى «نيران صديقة»، وهذا العام «السبع وصايا»، مسلسلين لهما سحر خاص ونبض عصرى.

هذا العام قررت يسرا الانتقال إلى المرحلة الثانية، وأن تقدم قضية وحدثا، وليست الشخصية، ووقع اختيارها على «السرايا» التى يتوفر فيها أيضا الإحساس بعبق التاريخ، حيث نعود إلى نهايات القرن التاسع عشر، وتؤدى شخصية خوشيار هانم، دور رئيسى ضمن أكثر من عشر شخصيات رئيسية، وكان عليها أن تتقبل أول شرط فى البطولة الجماعية، وهو أن تتخلص من أكبر عيب تعودت عليه الدراما التليفزيونية، وهو أسوأ استخدام لحرف الجر «فى»، كانت القاعدة طوال ربع قرن هى يسرا فى، وبعد ذلك تكتب «ظهور خاص» للنجمة الفلانية، أو «بالاشتراك مع» النجم العلانى، النجومية التليفزيونية مرهونة بتوفر حرف «فى»، كل نجم أو نجمة يقيس نجوميته يهذا الحرف، حتى ممدوح عبد العليم العائد بعد غياب فى «السيدة الأولى»، عندما شارك غادة عبد الرازق البطولة، تصورت أنه سيحظى بوضع اسمه مثل غادة قبل «فى»، ولكنها استحوذت عليها بمفردها، وجاء اسمه بعد «فى»، سأتناول فى مقال قادم «فى»، وما فعلته فى تدمير الدراما.

نعود الآن إلى يسرا بعد أن أجبرت على أن تُضحى بحرف «فى» من أجل دخول السرايا، هناك أبطال.. غادة عادل ونيللى كريم وكارمن لبس ونور، وغيرهن، كلهن بمساحات فى الدراما، ماذا تفعل يسرا إذن، سوف تقول لديها «أمان ربى أمان»، على كام «يوك»، «أدب يوك»، وإذا أردت قليلا من التغيير فأمامك «سيس»، «أدب سيس».

من تعودت على أن تملأ كل المساحة كيف تقبل بأن تصبح جزءًا من الصورة، من المستحيل بالطبع زيادة الدور، ولكن ممكن زيادة التحابيش، وما أدراكم ما التحابيش، إنه التنميط الذى يحيل الشخصية إلى «كاراكتر»، يخرجها عن إطار المصداقية التى من المفترض أن تتحلى بها. كثيرًا ما تذكرت الراحلة مارى منيب وهى تقطر خفة دم فى مسرحية «إلا خمسة»، بطولة عادل خيرى، ربما سيطرت مارى منيب على يسرا لا شعوريا، وتردد بداخلها جملتها الشهيرة «إنتى جاية تشتغلى إيه»، فأرادت يسرا أن تؤكد للجميع أنها جاية تشتغل ممثلة فى خوشيار باشا.

مع مارى منيب بالطبع كنت وما زلت أضحك، ولكن مع يسرا يصبح الأمر «أمان ربى أمان»، «أداء يوك»، كوميديا سيس!!

 

طارق الشناوي يكتب:

ناصر وعامر وفستان ابنة المشير!!

الأحد 6 يوليو 2014 - 10:02 ص

تفصيلة دقيقة توحى بموافقة عبد الناصر على ارتداء ابنته فستانا فوق الركبة، بينما ابنة المشير تخشى، لأن والدها صعيدى، تحول هذا الحدث الهامشى إلى سجال فضائى وأنكره جملة وتفصيلا عبد الحكيم عبد الناصر، بينما سامى شرف، سكرتير الرئيس عبد الناصر تدخل طرفا، مكذبا الواقعة على صفحات «الأهرام» وأكد أن ناصر صعيدى أكثر من عامر وجوانى أكثر من عامر، رغم أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، فلا الرئيس ولا المشير كانت تفرق معهما فى بداية الستينيات، لأننا كنا نعيش فى مجتمع لا يستوقفه أبدًا موقع الفستان من الركبة سواء كان صعيديًّا ولاَّ بحيريًّا ولاَّ الهوى رماه.

هل انحاز مسلسل «صديق العمر» إلى عامر على حساب ناصر؟ وهل هناك دوافع خفية للنَّيل من جمال الذى صار أيقونة ثورتى 25 و30؟ بالتأكيد ليست مؤامرة بقدر ما هو تماثل مع الرواية الشعبية التى ترى أن المشير تحمل بمفرده تبعات الانفصال عن سوريا وتورط الجيش المصرى فى حرب اليمن وهزيمة 67. صناع المسلسل كانوا حائرين بين الوثيقة والحكاية الشعبية التى بطبعها تحمل الكثير من المبالغات. حتى الآن يبدو أن أسرة عبد الناصر هم الأشد غضبًا بينما بدأ الإعلام يحتفى بأسرة عامر وهم يعلنون سعادتهم، خصوصًا ابنه عمرو من زوجته برلنتى عبد الحميد التى أصدرت كتابين عن المشير تنفى فيهما انتحاره، والمسلسل حرص على أن يقدمها فى دور الفنانة الملتزمة، حتى إنها رفضت سهرة دعاها إليها دونجوان السينما المصرية رشدى أباظة، بينما ظروف لقائها مع المشير جاءت من خلال علاقتها مع صلاح نصر، وما أدراك ما صلاح نصر.

الناس تترقب لقطة الذروة للإجابة عن هذا السؤال: هل انتحر المشير كما تقول الرواية الرسمية بعد أن وضع لنفسه سم سيانيد البوتاسيوم فى عصير الجوافة، أم أن هناك من دس له السم فى إطار مؤامرة محبوكة؟ لا يمكن لأحد فى هذه الحالة أن يبرئ يد ناصر من دم عامر، السيناريو كما كتبه الراحل ممدوح الليثى عندما كان خالد يوسف مرشحًا لإخراجه كفيلم تضمن النهايتين معًا، لكنى لا أتصور أن الأمن القومى يسمح بروايتين ستظل الرسمية المعتمدة التى تؤكد الانتحار هى فقط المسموح بتداولها، ولهذا فإن قطار الغضب سوف يلحق به أيضا فى نهاية الحلقات ورثة عامر.

مؤشر المشاهدة كان قد توقف عند تلعثم جمال سليمان فى أداء دور عبد الناصر. يحاول صُناع المسلسل الترويج بأن سليمان كان بطلا عندما وافق أن يلعب الدور، رغم تخوف عديدين من قبله، هل هذه بطولة أم تهور؟ عندما تصبح كل المعطيات النظرية مؤدية إلى الفشل، فما الجدوى من أن يُلقى نجم محبوب بنفسه إلى التهلكة؟

وبالمناسبة، ليس أحمد زكى هو الحاجز الذى يقف حائلا أمام كل من يريد أداء دور عبد الناصر، رغم نجاح أحمد الجماهيرى، فهو ليس من أفضل أدواره وإن كان هو أفضل من أدى دور عبد الناصر حتى الآن رغم خضوعه هو والمخرج محمد فاضل فى «ناصر 56» للتماثل الشكلى، بينما كان مقنعًا أكثر فى دور السادات مع المخرج محمد خان «أيام السادات»، ورغم ذلك فإن النجاح التجارى للفيلمين لا يعنى أنهما ذروة أحمد زكى، الذرى تجدها فى «زوجة رجل مهم» و«البواب» و«البرىء» و«كابوريا» و«النمر» وغيرها، عبد الناصر لا يزال ينتظر من يؤدى دور عبد الناصر.

الكارثة الكبرى كانت فى انحياز المسلسل للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذى يشعرك وكأنه يحكم مصر، وهى الخطيئة الكبرى التى تسىء ليس فقط لناصر ولكن لمصر. وتلك قصة أخرى.

 

طارق الشناوي يكتب:

كُله بيشتغل على كُله!

السبت 5 يوليو 2014 - 10:03 ص

هل كنا ننتظر أن يكشف باسم سمرة تزوير برامج المقالب، ويؤكِّد فى أكثر من برنامج أنها لعبة أم أنها كانت معروفة لنا جميعًا، لكننا لا شعوريًّا نتواطأ ونصدِّق حتى نستمتع أكثر بهذا الفيض من الشتائم، التى تنهال على رامز جلال ومحمد فؤاد، وبالطبع ستلاحظ أن فؤاد شتائمه أقل، فهو لا يرضى أن يصل الأمر إلى الأب والأم، لكن لا بأس من لكمة أو ضربة، فؤاد صدره عريض قوى البنية ويتحمَّل، ويظل فى تلك المعادلة العنصر المسكوت عنه، وهو المشاهد الذى يمنح عقله إجازة مؤقّتة، فقرر أن يشتغلهم قبل أن يشتغلوه، فهو يعلم أنها لعبة، لكنه يريد أن يصدّق نفسه، وهو يرى النجم فى حالة تلبُّس بالهلع والسباب.

هل يتصور أحدكم مثلًا أن أحمد السقا عندما تابع فى برنامج رامز المذيعة، وهى تغرق فى البحر الملىء بأسماك القرش أنه بالفعل ينقذ مذيعة أم يواصل أداء دوره فى رسم صورة ذهنية للجمهور، تؤكِّد أن المغوار الشجاع الشهم الذى يظهر فى الأفلام، وينقذ منى زكى ومنة شلبى ونور وهند صبرى، هو نفسه أحمد السقا الحقيقى، والدليل أمامك أهه، فهو يلقى بنفسه فى بحر الظلمات غير عابئ بالمخاطر التى تنتظره، هل شتائم فيفى عبده لرامز مجانية أم أنها تعلم أن الشتيمة بالأب لها ثمن، والشتيمة بالأم لها ثمن أكبر، وزغرتى يا اللى مش غرمانة. عندما يذهب محمد رياض ورانيا محمود ياسين إلى التسجيل ربما لم يخبرهما رامز بكل شىء، لكن الفنان له حسبة أخرى تتمثّل فى مصيدة ثنائية الجذب المال والأضواء، عندما تتضاءل مساحة وجود الفنان على الخريطة يبحث عن الضوء، ولهذا لم يجد فريق البرنامج صعوبة فى إقناع رانيا ورياض بالتسجيل، أى إنسان ولا أقول فنانًا لديه خبرة ضئيلة من الممكن أن يدرك منذ البدايات ما يوحى بأن الأمر ليس جادًّا، ومن السهل اكتشاف ذلك، لكنهما قبلا الاستمرار من أجل بقعة الضوء، وقسط من المال، حلمى بكر مثلًا سجَّل هو أيضًا حلقة، ومن المؤكد أن نقطة ضعفه كانت الفلوس وعلقة تفوت.

هانى رمزى شاهدته فى الحلقة الأولى من برنامج «فؤش»، وهو حائر بين تمثيل الخوف من الإسرائيليين، وفى نفس الوقت ضرورة تأكيد روحه الوطنية، وهكذا يندمج الضيف أو يتصوَّر أنه نجح فى تصدير الإحساس بالاندماج إلى الجمهور، النجم الذى لا يعترف بأنه اكتشف ذلك، ولا أقول بالضرورة يعلم مسبقًا، فقط الذى يشرب المقلب هل يرضى من أجل حفنة دولارات أن يعتبره الجمهور ساذجًا، هل تتذكَّرون مقالب إبراهيم نصر وشخصيته الشهيرة زكية زكريا فى «الكاميرا الخفية» مع جمهور عادى كانت الجماهير لديها مصداقية فى تمثيل الدهشة، أكثر من أغلب النجوم.

ضيوف «فؤش» يكادون يقسمون لك أنهم كاذبون، ذهب البرنامج بعيدًا فى تناوله العلاقة مع إسرائيل، وكل مَن شاهد فيلمى نادية الجندى «24 ساعة فى إسرائيل» و«مهمة فى تل أبيب» لن ينسى النداء الشهير «خالتى بتسلِّم عليك» وترابيزة التحقيقات الرمادية والميكرفون وصوت الكلب، هل تُصدق بعد ذلك أن مى سليم غرَّروا بها؟

كانت آثار هى الأكثر ذكاءً ودهاءً، إذا حسبتها بالضوء، فلقد استحوذت قبل رمضان على كل الضوء دون عرض الحلقة، وإذا حسبتها بالمال فلقد حقَّقت تعويضًا قدره مليون جنيه. بينما أجرها بعد الفصال وصل إلى 50 ألف جنيه، على الجانب الآخر كسب البرنامج دعاية لا تُقدَّر بثمن، لأنه من خلال غضب آثار صدَّر للناس بأن المقلب مقلب بجد. كله بيشتغل على كله!

 

طارق الشناوي يكتب:

مسلسلات تنتظر خرزانة محلب!!

الجمعة 4 يوليو 2014 - 1:57 م

أتصورها قادمة لا محالة، أتحدث عن خرزانة المهندس إبراهيم محلب، التى ستنهال باللسْوَعة على عديد من المسلسلات والبرامج والتهديد بوقف بثها نهائيا «إلا إذا»، وهذا يعنى المطالبة بتدخل فورى وعاجل من قبل المسؤولين عن الفضائيات لحذف مشاهد وكلمات فى الأعمال الفنية. المجتمع مهيأ تماما لمثل هذا القرار، والإعلام لعب دوره فى التمهيد لكى تُصبح الضربة الموجعة بناء على طلب الجماهير، لقد توعَّد وهدد رئيسُ الوزراء كل الأعمال الفنية من قبل، مؤكدا أنه سوف يتدخل لو شعر أن بها ما يخدش الذوق العام، وهو الذى يحدد بالطبع هذا المعيار الزئبقى «الذوق العام».

الدولة يحكمها اعتقاد راسخ بأن فرض الانضباط على ربوع الوطن يأتى أولا من الإمساك بقبضة من حديد على ما يبثه الإعلام، القيادة السياسية تؤمن بذلك، بعد أن تابع الجميع دور الفضائيات فى ثورتى 25 و30، ولهذا كثيرا ما صرح رئيس الوزراء بأن التحرش الإجرامى الذى حدث مؤخرا فى ميدان التحرير أحد توابع زلزال هيفاء وهبى و«حلاوة روح»، ليصبح الوجه الآخر للصورة أننا لو صادرنا هيفاء فسوف يختفى التحرش. الرأى العام أقصد الأغلبية، ترى هذا والناس تنتظر تلك اللحظة لتوجيه ضربات أشد إيلاما، وأن تُمسك بخرزانة محلب وفين يوجعك. فى الأربعينيات من القرن الماضى عرفتْ مصر شيخا شهيرا هو محمود أبو العيون، وكان بالفعل يُمسك بخرزانة ويدور بها على الشواطئ بمدينة الإسكندرية فى رمضان وغير رمضان، ويلهب ظهر أى فتاة تنزل البحر بالمايوه، وبالتأكيد كان يلقَى ترحيبا من قطاع وافر من الناس، إلا أن هذا لم يمنع بيرم التونسى أن ينتقده فى واحدة من زجلياته واتهمه بأنه بصّاص، أو كما يقولون بصباص.. رئيس الوزراء فى حواره مع الكاتب والإعلامى وائل الإبراشى، قال إنه لم يُصدر قرارا بمنع عرض مسلسل «أهل إسكندرية»، وإن كان لم ينفِ سعادته بالمصادرة، لأنه لا يجوز أن ينتقد جهاز الشرطة، بينما تسعى الدولة لتحقيق أكبر قدر من التصالح بين الناس والداخلية، علينا أن نُدرك أن الخرزانة تتدثر أولا بالحفاظ على الأخلاق الحميدة، ولكنها بعد ذلك تُشهر تحت هذا الغطاء سلاح المصادرة. رأينا فى مسلسلات عديدة مثل «تفاحة آدم» و«الصياد» و«جمهورية مين» مشاهد رشاوَى فى جهاز الشرطة، صحيح أنها تُقدم الإخوان ضالعين فى معادلة الفساد، وأحيانا مثل «تفاحة آدم» تنتقد أيضا الثوار فى أول هجوم درامى، بعد أن لعبت «الميديا» هذا الدور فى تهيئة الرأى العام لإدانة كل من شارك فى ثورة يناير، باعتباره أجندة أو -فى الحد الأدنى- مغررا به. أتصور أن العقاب الذى وُجِّه إلى «أهل أسكندرية» ليس فقط بسبب انتقاده شرطيا منحرفا، لكنّ هناك عقابا علنيا موجها إلى المؤلف بلال فضل، والبطلين عمرو واكد وبسمة. الدولة تبعث بالفعل برسالة واضحة إلى الفنانين بأن من يخرج عن الخط سيصبح معرّضا للتضرر فى أكل عيشه وحياته الشخصية والمهنية، رسالة واضحة أيضا للقائمين على الإنتاج بأن لا يقتربوا مجددا من كاتب أو نجم تطوله شبهة، والرسالة أتصورها وصلت للفضائيات وشركات الإنتاج، وهو الهدف الأبعد لخرزانة محلب.

لو أخضعت قسطا وافرا من المسلسلات المعروضة للمعيار النقدى، لاكتشفت بما لا يدع مجالا للشك أن بالفعل هناك درجة ملحوظة من الإسهاب و«التلكيك» فى تقديم مشاهد وجمل حوار مليئة بالتجاوز، ولكنه يظل هذا هو دور المجتمع فى إعلان الرفض ومقاطعة العمل الفنى الذى يحمل تجاوزا، وليس رئيس الوزراء، لأن من يشرع ويمهد الآن لتدخل السلطة السياسية فى الأعمال الفنية، سيكتشف أن خرزانة محلب ستطوله بعد قليل، فاللسوعة للجميع!!

 

طارق الشناوي يكتب:

ناصر «الشامى»!!

الأربعاء 2 يوليو 2014 - 9:58 ص

قبل أن تقرأ يجب أن أوضح لك أنى لا أعترض مبدئيا ونهائيا على حق الفنان جمال سليمان السورى الجنسية فى أن يقدم دور جمال عبد الناصر، فهذا حق مطلق له، بدليل أن ابن بلده تيم حسن كان أفضل من أدى دور الملك فاروق بالمقارنة بكل النجوم المصريين.

المشكلة أن جمال سليمان احتفظ أيضا بلكنته السورية فى عمل فنى يحمل روح الوثيقة ومع شخصية مصرية قح لا تقبل أبدًا أى هامش من الخطأ فى نبرة أو لهجة أو نظرة، كتبت قبل أن أرى العمل أنه من الممكن أن يصبح ناصر هو دور العمر لجمال لو..، ولو كما نعلم جميعًا متشعلقة فى الجو!!

جمال لديه نقطة ضعف فى ضبط اللهجة، والأمر ليس له علاقة بأنه سورى، ولكن بقدرته على تحويل «السويتش»، لو جلست مع رغدة ستتكلم معك اللهجة المصرية ولو كان دريد لحام يتبادل معها الحوار ستنتقل لا شعوريا إلى السورية، وعندما تسجل مع المذيعين اللبنانيين طونى خليفة أو نيشان ستجد اللكنة اللبنانية تسيطر على الموقف، لديك مثلا هند صبرى برعت فى أداء دور بنت البلد المصرية، أفضل من عديد من النجمات المصريات، وهى تتحدث بطلاقة مع التونسى تونسى ومع المصرى مصرى.

إنها ملكات خاصة يمتلكها البعض ويفتقدها آخرون، نعم حكاية اللهجة كانت هى المأزق الذى واجه جمال كلما ابتعد عن دور الصعيدى الذى شكّل التعاقد الأول بينه وبين الجماهير المصرية قبل تسع سنوات منذ مسلسل «حدائق الشيطان» ودوره الذى لا ينسى «مندور أبو الدهب»، إلا أنه واصل الحضور فى الدراما المصرية وتسامح معه الجمهور بقدر ما فى مسلسلاته غير الصعيدية وآخرها العام الماضى «نقطة ضعف».

المسلسل يدخل فى مناطق عديدة وسوف يغرق نفسه فى تفاصيل، حيث يروى التاريخ على الكنبة التى يتبادل الجلوس عليها رجال الثورة، ولن تجد فارقا فى المكياج بين عبد الناصر والمشير فى مطلع ثورة 52 وفى أثناء الوحدة 58 وبعد الهزيمة 67، المسلسل غير مُشبع تاريخيا وغير ممتع إخراجيا، ولكن كل هذا يهون أمام صدمة الناس فى أثناء متابعة لكنة جمال عبد الناصر الذى صار على يد المخرج عثمان أبو لبن شاميًّا أبًا عن جد، «وعن جد» كما يقول الشوام!!

هناك فارق فى التلقى بين ناصر وعامر، عبد الناصر يسكن فى الذاكرة الجماعية من خلال الصور والخطب المتعددة التى احتفظت بها «الميديا»، بينما المشير عامر لم يتبق له فى ذاكرة الناس سوى صورته الفوتوغرافية بشعره الكثيف الأسود المجعد، كما أن الناس رسمت له صورة ذهنية لرجل دمه خفيف وشهم صاحب مزاج خاص وعاشق للنساء تردد فى حياته اسما وردة وبرلنتى وأكدت وردة أكثر من مرة لى ولغيرى أنها مجرد شائعة. باسم سمرة لديه مساحة أكبر فى تحقيق المصداقية لأن الناس لن تحاسبه سوى على ملامح خارجية وسيجارة وقدر من الانفعال العاطفى والدفء الإنسانى الذى كان يتمتع به المشير عامر، المخرج هو المسؤول بالطبع عن تلك الاختيارات بقدر ما نجح فى تسكين باسم فى دور عامر حقق كارثة مع جمال فى دور ناصر، هناك غربة وبرودة مع الشخصية ولا أتصور أن الأيام القادمة قادرة على إذابة هذا الجليد.

لا أحد من الممكن أن يقتنص نجاح أحد، والفنان العربى عندما يغنى أو يمثل باللهجة المصرية يضيف إلى رصيدنا إحساسا بمذاق خاص، ولكن جمال سليمان أراد أن يتحدى قانون الطبيعة فأحال «صديق العمر» إلى صفعة العمر!!

 

طارق الشناوي يكتب:

فؤش بلاها فأششة!!

الثلاثاء 1 يوليو 2014 - 10:10 ص

أشفقت كثيرًا على فؤش من حالة الفأششة التى قيدته وحاصرته وفأششته.

محمد فؤاد يعيش دائمًا من خلال هذا الاعتقاد الراسخ بأنه يملك لمسة سحرية، عنده السر وصاحب فيض من الكرامات، ومن يمنحه بعضًا من نفحاته ينطلق بجناحيه إلى أعلى عليين إلى السماء السابعة.

فى عام 1997 وقف مع محمد هنيدى فى «إسماعيلية رايح جاى» فقدم للساحة نجما كوميديا أحدث طفرة على خريطة السينما المصرية، الكل وقتها أشار إلى هنيدى باعتباره هو الذى أصدر البيان الأول للثورة، ومِن بعده انطلق الآخرون الذين أطلقنا عليهم «المضحكون الجدد»، وأشار إليهم بوضوح شباك التذاكر، حيث حقق «إسماعيلية» 15 مليون جنيه (ضعف ما كان يحققه عادل إمام نجم الإيرادات الأول فى تلك السنوات) كان فؤاد يقول إنها إيراداته، ويتعجب هل تنسب إيرادات أفلام عبد الحليم حافظ إلى عبد السلام النابلسى، وبعدها قدم أيضا للساحة ثانى نابلسى أقصد أحمد حلمى فى 2001 فى «رحلة حب»، وانطلق ولا يزال يقف على قمة إيرادات جيله من فنانى الكوميديا، ثم تعثر فؤاد فى 2002 مع أحمد آدم فى «هو فيه إيه»، وكل منهما اعتبر أن الآخر هو سر النحس، إلا أنه عاد مجددًا فى 2005 وقدم فى «غاوى حب» وقدم ثالث نابلسى رامز جلال فانطلق بطلا فى الأفلام ومقدم ناجح لبرامج المقالب.

بالتأكيد لم يصل محمد فؤاد إلى المكانة التى يستحقها، فلقد بدأ المشوار قبل نحو ثلاثة عقود من الزمان وكانت أسهمه فى صعود ووقف على القمة مشاركا عمرو دياب، بل تفوق فؤاد على عمرو سينمائيا، ثم شاهدنا حالة من التراجع على كل المستويات، اختيارات فؤاد العشوائية لعبت دورًا فى تراجعه وهبوط أسهمه، حاول قبل أربع سنوات أن يجرب حظه فى الدراما التليفزيونية بمسلسل «أغلى من حياتى» فتضاعفت هزيمته، ثم تورط فى السياسة فى أثناء ثورة 25 يناير، عندما أعلن أنه سوف ينتحر لو تنحى مبارك، ولم ينقذه من الوفاء بوعده سوى أن مبارك تخلى ولم يتنحَ.

ثم اختفى وأصبح ظهوره مقصورًا بين الحين والآخر على برنامج، وفى العادة تستمع إلى تصريح له بأنه يتّبع ريجيما قاسيا، بينما الكل على الشاشة يلاحظ جسده وهو يتضخم!

الحضور فى الميديا للفنان ليس فقط من أجل الحصول على الأموال فقط، ولكنه وجود يمنحه قدرة على التنفس، إلا أن هناك أعمالا فنية تُفقد الفنان رصيده وتشوه صورته الذهنية وتمنع عنه الأكسجين.

دائمًا أراه فى حالة تخبط، الموهبة منحة من عند الله، ولكن قسطًا وافرًا من أغلب اختيارات فؤاد هى سر المحنة.

أتصور أن قبوله -مهما كان الإغراء الماضى- أن يقدم برنامج مقالب على غرار رامز جلال هو الخطأ الأكبر، أفهم أن يشارك فى حلقة فى مثل هذه البرامج زيارة سريعة، ولكن أن يظل 30 حلقة وهو يعتقد أنه الشاب الروش خفيف الظل، نُصبح لا محالة بصدد كارثة متكاملة الأركان، من السهل أن تكتشف أن كله يلعب على كله أعنى أن ضيوف فؤاد يدركون أنها لعبة، وفؤاد يدرك أنهم يدركون أنها لعبة والجمهور يدرك أنهم يدركون أنه يدرك أنها لعبة، ورغم ذلك يستمرون فى اللعب.

فؤش.. سايق عليك النبى فى هذه الأيام المفترجة ارحمنا من الفأششة!!

الدستور الأصلي المصرية في

01.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)