كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

نعوم شومسكي الذي لا يعرفه أحد: التوثيق بالتحريك

أمير العمري

 

أعتقد ان مقولة مارشال ماكلوهان صاحب نظرية الاتصال الحديثة "الوسيط هو المحتوى" The medium is the message تكمن وراء الدافع الذي جعل المخرج الفرنسي ميشيل غوندري Michel Gondry يخرج فيلما يحمل ذلك العنوان الغريب "هل الرجل الذي هو طويل سعيد؟" Is the Man Who Is Tall Happy فالفيلم ينحت أسلوب سينمائيا جديدا ومبتكرا في التعبير عن الكلمات، عن اللغة، عن الأفكار والمفاهيم التي يمكن أن تصل إلى أقصى حدود التجريد. ومن هنا يمكن اعتبار هذا الفيلم الفرنسي المثير فيلما تجريبيا بامتياز. إنه يستخدم الرسوم أو يعرف بـ "لتحريك" في عمل يفترض أنه "وثائقي".

تعتمد افلام وثائقية كثيرة من تلك التي تُنتج في العالم العربي، على تصوير مقابلة أو أكثر مع شخصيات مختلفة، سواء من المشاهير، خاصة في أفلام "البورتريه"، أو شخصيات أخرى ترتبط بأحداث محددة في الأفلام التي تسعى إلى "التحقيق" في هذه الأحداث، وهي في الحقيقة، أقرب الى  الريبورتاج التليفزيوني منها الى الفيلم الوثائقي

يجد صناع هذا النوع من الأفلام أن أسهل وسيلة لتحقيق الفيلم هي وضع الكاميرا أمام شخصية معينة وتصويرها وهي تتحدث، والانتقال من شخصية إلى أخرى، ومن كلام الشخصية المتحدثة الى بعض أعمالها (مقاطع من أفلام مثلا، مقتطفات من عبارات وردت في كتب، صور لوحات..إلخ). وهذه هي الأفلام التي أصبحت شائعة بدرجة جعلت من اخراج الفيلم الوثائقي عملا لا يتطلب خيالا ولا تفكيرا طويلا في شكل ما مختلف ومبتكر، في حين أن الشكل هو دائما المضمون ذاته، بمعزل عن الأداة المستخدمة أي الكاميرا في هذه الحالة. إن طريقة وضع الكاميرا وزاوية النظر إلى/ وتصوير هدف ما، هي التي تحدد مثلا، المحتوى الذي يراد لنا التفاعل معه، فإذا فشل المخرج في تحقيق هذا "التفاعل" بين الفيلم والمشاهد، يكون الفيلم نفسه قد فشل بسبب الافتقاد إلى رؤية ما يمكنها اثارة اهتمام المشاهد. فهو قد فشل في اختيار أنسب السبل إلى التعبير عما يرغب بحيث يكون مؤثرا.

إن النجاح في التعبير عن رؤية المخرج في الفيلم الوثائقي باختياره شكلا يتناسب مع موضوعه يصبح غير منفصل عن المضمون، هو ما يميز الفيلم الذي نحن بصدده هنا، والذي اقتضى من مخرجه العمل لمدة ثلاث سنوات.

مع شومسكي

من النظرة الأولية يبدو الموضوع بسيطا للغاية: مجموعة من الحوارات الصوتية المسجلة مع الفيلسوف والمفكر الأمريكي المعروف نعوم شومسكي، ليس بغرض تقديم تعريف به وبحياته المتصلة منذ عام 1928، بل للتعرف على مفاهيمه وأفكاره والدخول معه في جدل حولها، ومحاولة فهم ما قد يبدو من أكثر المفاهيم تجريدية. والطريف هنا أن المخرج ميشيل غوندري، وهو الذي يدير بنفسه الحوار مع شومسكي، لا يبدو مسيطرا تماما على "اللغة" الإنجليزية التي يستخدمها في إدارة الحوار مع الفيسلوف الكبير، بل يبدو متلعثما، يتحدث بلكنة خشنة ولعة مهشمة قد تكون في حاجة إلى ترجمة على نفس شريط الفيلم، وربما لذلك، يلجأ إلى كتابة الكثير من تعليقاته الصوتية على الشاشة بخطه الذي يبدو أيضا صغيرا تصعب متابعته، ولكنه جزء عضوي من "صورة" الفيلم الذي يعتمد بعد ذلك على ترجمة ما يقوله شومسكي إلى رسوم متحركة (التعبير بالتحريك) في عمل وثائقي غير مألوف.

يتحدث شومسكي عن طفولته وعن علاقته مع أسرته، وعن تعرضه لبعض المشاكل أثناء شبابه تتعلق بأصوله اليهودية من جانب أقرانه في إشاراتهم "المعادية للسامية"، وكيف كان والده متعلقا بالصهيونية كـ "قضية ثقافية"- كما يقول شومسكي، وليس بالضرورة كعقيدة سياسية، وكان من أنصار تأسيس دولة إسرائيل، في حين أن شومسكي أصبح فيما بعد من أشد الناقدين لسياساتها. غير أن الموضوع الأساسي في الفيلم هو مفاهيم شومسكي- عالم اللغويات الفذ- الذي يرى مثلا أن الطفل يتعلم التعبير باللغة بطريقة معينة مفروضة من خارجه، في حين أنه يمكنه استخدام اللغة بطريقته للتعبير ربما بشكل أفضل كثيرا. ويقول إن الطفل يكون لنفسه مخزونا لغويا كبيرا قبل أن يبدأ بالفعل في الحديث. ودلالة على فكرة العلاقة بين اللغة وطريقة التفكير يضرب شومسكي مثالا بالعبارة التي ترد في عنوان الفيلم في صيغة سؤال "هل الرجل الذي هو طويل سعيد"، وهل كان يجب القول "الرجل الطويل هل هو سعيد" أم هل الرجل الطويل سعيد"، مدللا على أن الصيغة الأولى ليست خطأ بل ما يجعلها خطأ هو الفرضية الاجبارية القادمة من خارج الطفل.  

يتحدث شومسكي عن كيف أن الاتصال بين البشر أو التعبير يتجاوز حاجز اللغة، وأن هناك آلية عقلية داخل العقل البشري يمكنها الاحاطة بالعديد من اللغات. ولعل من الملفت للنظر ابتعاد الفيلم عن مناقشة المواقف السياسية النقدية المعروفة لنعوم شومسكي التي تتعلق بنقد السياسة الخارجية للولايات المتحدة، كونها أصبحت الأكثر طغيانا على صورته كعالم لغويات وفيلسوف.

يتطرق الحوار المدهش بين الرجلين: أحدهما متخصص في اللغة، والآخر متلعثم فيها، يشكو مرارا من عدم قدرته على التعبير بوضوح بسبب قلة معرفته باللغة، إلى العلاقة بين العقل البشري والعلم والاختراعات العلمية. ويعبر غوندري عن شعوره بالاحباط عندما يسيء شومسكي فهم السؤال الذي يوجهه إليه بسبب عدم قدرته على صياغته بشكل صحيح، وما يترتب على ذلك من إجابة لا يتوقعها، كما يعلق على ذلك من خلال رسومات تعبر عن فكرة التواصل دونما حاجة إلى اللغة

متعة المشاهدة

ولعل مما يجعل الفيلم عملا إبداعيا أنك لا تشعر في أي لحظة بالملل من الحوار بل بمتعة مشاهدة تعبير المخرج بالرسوم والحركة والعثور على معادل للأفكار من خلال تلك الأشكال الكرتونية الملونة البسيطة المبتكرة التي تبدو أقرب إلى رسومات الأطفال. وهو يستخدم في التصوير كاميرا عتيقة من مقاس 16 مم تصدر صوتا خشنا نسمعه على شريط الصوت، ونرى رسما لهذه الكاميرا والأشعة تنطلق من عدستها وتتجه صوب صورة حية لشومسكي داخل إطار محدد، مع مزج طول الوقت، مع صور فوتوغرافية ثابتة لمواقع وأماكن وشوارع حقيقية أي من الواقع، وحركة لا تهدأ داخل الكادرات المليئة بالتفاصيل.

يلجأ المخرج مثلا- وهو نفسه الذي قام برسم معظم رسومات الفيلم – الى استخدام الكثير من اللقطات التجريدية للتعبير عما يرويه شومسكي كما في مشهد الحديث عن علاقته بوالده، الذي كان يقضي معه ساعات يقدم له الكتب التي يقرأها، ويعلمه اللغة العبرية. هنا نحن نشاهد رسما لوالد شومسكي بلحيته الكثة، وهو يقف على رأس الطفل نعوم الذي نراه جالسا أمام منضدة صغيرة، والرجل يضع أمامه كتابا ضخما، بينما يدير ذراع آلة ما في حركة دائرية فتتعاقب الصفحات وهو في الوقت نفسه يتطلع عبر عدسة كاميرا إلى داخل عقل نعوم الطفل.. ونرى عيني نعوم وعيني والده تدوران في حركة مستمرة مع دوران ذراع الآلة التي هي أشبه بالكاميرا وتتعاقب الصفحات، مصحوبة بصوت حفيف يبدو مثل صوت لآلة من الآلات البدائية في بدايات العصر الصناعي.

عبر نحو ساعة ونصف الساعة تتعاقب عشرات الصور، وننتقل من فكرة إلى أخرى، في سلاسة وسحر، ويتداخل العام مع الخاص، والذاتي مع الموضوعي، وصانع الفيلم في حديثه مع المفكر، بل وننتقل أيضا من طفولة المفكر الى شبابه الى حياته العاطفية في محاولة للتسلل إلى داخل شومسكي "الإنسان"، وليس فقط عالم اللغويات، في تجربة مثيرة ذهنيا وبصريا، ومن خلال ما يمكن اعتباره من تلك التجارب النادرة في الفيلم الوثائقي المعاصر.

إنه نموذد لسعي الفنان للعثور على أشكال جديدة للفيلم الوثائقي. وهو سعي لن يتوقف طالما استمرت الحياة.

الجزيرة الوثائقية في

24.07.2014

 
 

"صدى" فيلم وثائقي : يحصد التتويج الدولي

زبيدة الخواتري 

يقع الفيلم الوثائقي "صدى " في 21 دقيقة وهو انتاج مشترك مغربي ايطالي قام باخراجه عبد المجيد الفرجي وهو اعلامي مغربي مهاجر  وشاركته في العمل أيضا المخرجة الإيطالية، دجيزيلا فاسطا ، بمدينة "طورينو"شمال ايطاليا، وقد تمكن هذا العمل الذي عرض مؤخرا من حصد جوائز أهمها الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في المسابقة الوطنية الإيطالية لمهرجان "لافوري إن كورتو "  ضمن فئة الأعمال القصيرة و الخاصة أيضا بالوثائقيات للمخرجين الشباب أقل من 35 سنة وذلك حول موضوع الديمقراطية التشاركية وحقوق الإنسان.

وبموازة مع ذلك قدمت لجنة دعم الأفلام بجهة بييمونتي الايطالية دعما للفيلم الوثائقي صدى عبارة عن منحة عينية لإنتاج فيلم، تهم كل دورة الإنتاج من استغلال أدوات تقنية، الاستوديوهات وفضاءات العمل الفني .

و يحكي فيلم صدى عن صدى الثورات العربية في الغرب من خلال قصة ثلاثة شبان عرب وحدهم العيش والاستقرار في المهجر والانتماء العربي الى جانب الانتماء لدول عاشت على ايقاع التغيير والثورة.

وقد بدأ الاعداد لانجازه منذ اشتعال أول فتيلة للربيع العربي سنة 2011 كما أن صور البوعزيزي الشاب التونسي الذي انتفض وتوفي بعد أن أضرم النار في جسده تمردا على القهر والظلم وإيذانا بهبوب رياح التغيير ، كانت كل هذه المشاهد حاضرة من خلال شباب نادى بالقولة الشهيرة "اذا الشعب أراد يوما الحياة فلابد أن يستجيب القدر"  وهي الافتتاحية التي اختارها المخرج لبداية فيلم "صدى"، وقد كان أيضا كان للشق التفاعلي حضور داخل هذا العمل من خلال الحديث عن طريقة تصور المهاجرين العرب لما حصل والطرق التي يمكن التعاطي فيها مع مثل هذه المواقف التي اعتبرت جديدة بل أسست لتاريخ جديد أعاد الى الأذهان ليس فقط مسألة الثورة ولكن أيضا عمق المعاناة والجرح الذي أفضى لهذه الثورة.

وأبطال هذا الفيلم الوثائقي هم أشخاص حقيقيون ومنهم أساسا مخرج العمل وهو الاعلامي عبد المجيد الفرجي الذي ينتمي للمغرب ، و عبد الهادي كريسان وهومخرج سينمائي، من تونس، ثم إبراهيم اللبان  ويعمل كمترجم وهو مصري الأصل .

ويحكي صدى من خلال هؤلاء الأشخاص السياق التاريخي للهجرة من خلال رصد للظروف العامة التي تعيشها البلدان المصدرة لظاهرة الهجرة وعلى رأسها بلدان العالم العربي فمن خلال قصصهم الواقعية تنكشف خبايا السفر واتخاذ قرار الانتقال من مكان لآخر رغبة في تحسين ظروف العيش وبحثا عن مستقبل أفضل قد يتحقق أو فجأة يكتشف المهاجر أنه عاش مجرد وهم.

ويقف الفيلم الوثائقي وكما يوضح عنوانه "صدى" عن صدى وآثار مجموعة من المواقف أهمها تفكير المغترب وعلاقته بوطنه الأم فعلى الرغم من بعد المسافة وعيشه في استقرار وأمان الى أن كل أحاسيسه ومشاعره بل فكره يبقى متعلقا ببلده الأم يتذكر صعوبة العيش في هذا الوطن من مشاكل الفقر والبطالة والظلم وغير ذلك من الصور السلبية التي ساهمت بشكل أو بآخر في اتخاذ قرار الهجرة ، وفجأة وبعد تخبط في الآلام وفي صمت ينكسر هذا الحاجز ويتم الصراخ بأعلى صوت تمردا على كل ما سبق ودعوة لقطع الصلة مع كل أشكال الاضطهاد والظلم والفساد ورغبة في التوحيد والبناء من جديد للتغلب على كل المشاكل والانطلاق في مرحلة جديدة برهانات جديدة كانت ضرورية ومتوقعة لأن الانفجار كان نتيجة ضغط طويل وتراكم عبر سنوات وآن آوانه ليعبر عن ذاته وعن أحلام وآمال أجيال كاملة.

وبموازنة مع ذلك حمل هذا الفيلم الوثائقي جديدا في الطرح ممثلا في رصد صدى الثورات العربية في الفكر الغربي من خلال استطلاع آراء شباب غربيين ينتمون لاسبانيا وفرنسا وايطاليا ، كما جرى تعاون تقني مع شباب ينتمون لجنسيات أجنبية مختلفة مما أعطى لهذا العمل طابعا من التنوع والانفتاح على ثقافات مختلفة بل أضحى العمل مقاربة جديدة لظاهرة الهجرة وصدى ما يعيشه المهاجر داخل بلدان الاقامة وأيضا الظروف العامة التي يعيشها بلده الأم .

الجزيرة الوثائقية في

24.07.2014

 
 

"الذاكرة السوداء" لهشام بن عمّار

د. وسيم القربي- تونس

وفي ظلّ ضبابية المشهد السمعي البصري والسينمائي في تونس وقتامته في الكثير من الأحيان، يمكن أن نتحدّث عن آفاق تجربة ناضجة والتي من الممكن أن تكون مثمرة على المستوى الإبداعي، هي تجربة المخرج التونسي هشام بن عمار الذي انتهى مؤخرا من إنتاج فيلمه "الذاكرة السوداء" وشارك به في المهرجان المغاربي للسينما بالجزائر قبل أن يعرضه في باريس ثم كولونيا...

هشام بن عمّار: الاستثناء الوثائقي في تونس

عيناه محمّلتان ببريق عجيب وتحيلان على ذاكرة هجينة تتراوح بين بالإحباطات والأحزان والفرح. ذكرياته يغلب عليها السواد، نضال وتحدّيات ضدّ سلطة الثقافة ذات يوم، هو إنسان مرهف إحساس إلى درجة معقّدة، ولعلّ ما نلخص به كلّ هذا هو ما أنجزه من أفلام من رائعة "رايس الأبحار" وصولا إلى فيلم "الذاكرة السوداء". هشام بن عمّار مولود سنة 1958 بمدينة تونس حيث درس الفنون الجميلة ثم زاول لاحقا التدريس بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار قبل أن يتفرّغ نهائيا للإخراج الوثائقي، ولو أنّ البداية الفعلية والفاعلة كانت متأخرة نسبيا حيث أخرج فيلم "كافيشنطة" سنة 2000 ثم فيلم "رايس الأبحار" سنة 2002، "شفت النجوم في القايلة" سنة 2007 ومجموعة متعددة من الوثائقيات الأخرى، و"الذاكرة السوداء" سنة 2014.

من النادر عندنا أن يهتمّ المخرج بجنس إبداعي واحد، غير أنّ ولع هشام بن عمار كان وثائقيا بامتياز ففضّل أن يكون ذلك بمثابة خطّ سينمائي. لم تكن طريق بن عمار مفروشة بالورود داخل وسط سينمائي بيروقراطي من ناحية وفي ظلّ غياب الاهتمام بكلّ ما هو وثائقي سينمائي في ظلّ سيطرة الوثائقيات التلفزيونية الفولكلورية على المشهد السمعي البصري في تونس. استطاع المخرج هشام بن عمار أن يتحصّل على بطاقة احتراف تمكنّه من مجابهة النفقات الإنتاجية التي يتطلّبها التوثيق حيث عادة ما يكون البحث عن المال الشغل الشاغل والمعرقل الأساسي، وفي مختلف أفلامه نقل لنا العديد من ملامح الحياة الاجتماعية في تونس وأبرز التزامه الفكري والجمالي الخاص وتمكّنه من الضوابط السينمائية والرؤى التجديدية.

أسّس بن عمار مهرجان "وثائقيات تونس" قبل أن ينسحب من إدارته ويؤسس لمولود وثائقي جنيني: مهرجان دوز للفيلم الوثائقي، كما أنّ ما يمكن الإشارة إليه هو أنّ هشام بن عمار انخرط بعد الثورة في إنتاجات تهتمّ بكل ما هو تحسيسي إشهاري سياسي وهو ما قد يؤثر ربّما على مسار كان إبداعيا بحتا... وإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات، فإنّ التجاء بن عمار إلى تمويلات أوروبية في ظلّ سوء الإدارة السينمائية التونسية جعل منه يسقط في بعض الأعمال التجارية التي قد تؤثر على صلابة تجربته واحتياجها لمزيد من الإثراء الفكري، كما أنّ هذا المخرج يجب أن يخرج من انزواءه ليُفيد الشباب السينمائي الطموح ويفتح ورشته للجيل الجديد حتى يستفيد من تجربة سلسة وبسيطة لكنها فاعلة.

فيلم "الذاكرة السوداء":  شهادات ضدّ النسيان

يعود بنا الفيلم الوثائقي طيلة 52 دقيقة إلى سواد التاريخ في تونس، إلى ظلمات الاستبداد والصمت الإجباري الذي كان يعيشه التونسيون في ظلّ حكم الفرد. "الذاكرة السوداء" هي جزء أول من مجموعة أعمال وثائقية عن التعذيب، ينوي هشام بن عمار إنجازها لاحقا ليروي لنا زمن الديكتاتوريات، وقد اختار خلال هذا الفيلم أن يقتفي ذاكرة أربعة ضحايا خلال فترة حكم الزعيم الراحل "الحبيب بورقيبة" وهم "عز الدين الحزقي" و"الهاشمي الطرودي" و"فتحي بن فرج" و"سيمون لولوش" وهم من التيار اليساري "آفاق" الذي تمّ تأسيسه في باريس. يتقصّى هذا الفيلم حقائق تاريخية عن القمع في السجون البورقيبية والقمع البوليسي الذي تعرّض له سجناء الرأي في الفترة بين 1963 و 1980. يقول هشام بن عمار في هذا الموضوع: "هذا الفيلم ليس تصفية حسابات عالقة، بل هو وثيقة عن حقيقة تاريخية رأيت أنه من الضروري أن يشاهدها الجميع، وهي حسب وجهة نظري يمكن أن تساعدنا أن نفكر في صيغ العدالة الانتقالية اليوم وسط مجتمعنا المدني".

الذاكرة السوداء هي ذاكرة القمع، وهو إحالة على الماضي الأليم الذي عاشه السجناء السياسيون المعارضون لسياسة الزعيم حيث تستعرض الشخصيات المستجوبة ذكريات زمن الدموع حيث ترتسم على الشاشة أحاسيس الشخصيات التي تشعرنا بقساوة ما عاشه هؤلاء إلى حين التأثر البالغ أحيانا إلى حدّ البكاء أمام الكاميرا ولو أنّ ما عاشوه من تعذيب يعود إلى ما يقارب الأربعين سنة. لكنّ بشاعة الذكرى والاضطراب النفسي الذي تسبب لهم سجّانوهم في أعتى سجون تونس شراسة (حبس برج الرومي) جعل من ذلك شرخا أسودا في الذاكرة. تستعرض الشخصيات الطرائق المتعددة لـ "فنون" التعذيب آنذاك ومن ذلك ربط اليدين والرجلين وتعليق الجسد بشكل أفقي على قضيب حديدي وهو ما يسمونه بوضعية "الدجاجة"، بالإضافة إلى الجلد والضرب بصفة عشوائية والصعق الكهربائي والاعتداء على المناطق الحساسة في الجسد، ويروي المتدخلون الطرق ودهاء السجّانين الذين يحاولون بطريقة أو بأخرى نزع الاعتراف بأي أسلوب ممكن.

"الذاكرة السوداء" هو فيلم أسود... يسيطر السواد على كلّ اللقطات تقريبا وخاصة عندما يضع بن عمار شخصياته على كرسي اعتراف وخلفية سوداء دون أن يعتمد المخرج على تطعيم الحوار بمشاهد تقرّب لنا طُرق التعذيب، بل إنّ رهان المخرج عن طريق ذلك الفراغ الأسود الذي يمكّن المشاهد من التخيّل الفردي لمشاهد التعذيب ليقحمه بصفة تفاعلية مع المروي... يبني الحكي الشفوي مع المتقبّل نوعا من التلصّص ومحاولة الكشف وخاصة عندما يتوقف الشاهد عن الكلام وتنهمر دموعه دون أن يستطيع إكمال بعض الكلمات المُحرجة.

مراوحا بين المستجوبين هنا وهناك، يبني المخرج سردية الفيلم عبر ما تصرّح به الشخصيات لتصبح الشخصية البناء الأساسي للمشي الروائي والسردي، فتسرد العقدة وتبيح برسائل الفيلم المُضمرة... كما أنّ تعدد شخصية المستجوبين جعل من اختلاف تعبيراتهم غامضة أحيانا، حزينة أحيانا أخرى، وطريفة في الكثير من المواقف بما يجعل السخرية تكون حاضرة في عديد المشاهد لتخرجنا من ذلك الجوّ الأسود... قبل أن تعود بنا.

يحيل فيلم "الذاكرة السوداء" على الأمل الذي أصبح مشروعا بعد ولادة حرية التعبير في تونس، فبنقل وقائع عن فترة عصيبة في تاريخ الحريات التونسية تبرز وثائق تدلّ أنّ القمع لا يمكن أن يحجب أبدا مؤشرات الأمل وهو ما تبرزه الشخصيات في آخر الفيلم. كل هذا يحيل إلى مستقبل تونس اليوم بكلّ ما تحمله السنوات القادمة من تحدّيات سياسية واجتماعية واقتصادية دقيقة. لقد نجحت "الذاكرة السوداء" بطرق جمالية وتقنية ناضجة أن تنقل لنا عالما بشعا ولو أنّ غياب التطعيم التمثيلي قد يسقط الفيلم في خلط ما بين الوثائقي والروبورتاج، كما أنّ قتامة الفيلم قد تكون متجنّية في الكثير من الأحيان على شخص الراحل بورقيبة الذي يبقى الأب الروحي للتونسيين.

حتى نتجاوز السواد...

من باب المستحيلات قبل الثورة أن يتمّ إنتاج أفلام في تونس مثل وثائقي "الذاكرة السوداء"... غير أنّنا اليوم في تونس لم يعد من الممكن أن نتحدّث عن جرأة لأنّ كلّ أشكال التعبير أصبح جائزة اليوم، وبالتالي فإنّ الجرأة الحقيقية للمخرج اليوم في تونس هي تلك المعالجة الفكرية التي ترتقي بالطبخة السينمائية لتلحق بركب السينما الغربية.

لم يكن أشدّ المتفائلين في الحقل الثقافي يحلم بما وصلته حرية التعبير في تونس، حيث كانت السينما زمن الديكتاتور بن علي بمثابة ثقافة مقموعة تسيّرها مجموعة من الضوابط الخفية والقوانين التي تفرضها شرطة الثقافة. لقد كان الإبداع إلى حدود يناير 2011 يعتمد أساس على الترميز باعتبار أنّ المباشرتية في السينما كانت ممنوعة بتاتا إلى درجة أنّ مقصّات الرقابة كانت تشتغل بكلّ حزم، وقد يصل الحزم إلى حدّ إجهاض كل ما هو إبداعي رمزي أيضا. لقد كان الفيلم الوثائقي في تونس قبل الثورة جنسا إبداعيا خطيرا، عادة ما تلتف حوله الأنظار قصد تأمين تدجينه كي لا تكشف صوره الحقيقة التي كان يسعى النظام لتكفينها. كلّ هذا جعل السياسة والتوثيق لا يلتقيان إلا في حالة التزييف.

 اليوم، مع بروز الحراك الثقافي وامتداد الزخم الوثائقي في تونس الثورة، أصبح التوثيق غاية سهلة الإدراك ولئن اختلفت الوسيلة بين مبدع وآخر. وفي ظلّ المتاهات الإنتاجية والمشاركات الخارجية لصور وثقت حدثا نادرا وُلد جنينيا وتابع طريقه المجهول وسط عدسات تلفزيونية وسينمائية ترصده، ساعية في الآن ذاته لاقتناص متفرّد. وسط هذه الفوضى الإبداعية الخلاقة، أصبح من الأساسي اليوم أن نبحث في ظلّ التجريب المتعدد الزوايا عن تجارب فاعلة تجعلنا نأمل أن تكون هناك تجارب تونسية وعربية قائمة الذات لتتجاوز التجريب، وأن يكون هناك مبدعون لهم مشروع جمالي وخطاب فكري يمكنهم من إثبات الذات والثبات في خريطة السينمائيين الفاعلين في العالم.

الجزيرة الوثائقية في

23.07.2014

 
 

احذر عصابة الساري الهندي الزّهري...

نيو دلهي- ندى الأزهري 

في الهند عصابة من نوع خاص!

أكثر من عشرين ألف امرأة، يرتدين ساري زهري اللون ويحملن عصيا خشبية غليظة  ويطاردن من يقهر النساء.

" عصابة الساري الزهري"، فيلم وثائقي يتابع سامبات بال زعيمة هذه " العصابة" في نضالها اليومي لنجدة النساء اللواتي يتعرضن للظلم في منطقة Bundelkhand في وسط الهند والمتوزعة على مقاطعتين: أوتار برادش في الشمال الشرقي ومادهيا برادش في الوسط. منطقة " مشهورة" ، للأسف كما يقال هنا، بوجود عصابات مسلحة متمردة، لكن ها هي اليوم تشهد على أراضيها تشكّل عصابة من نوع متميز!

إنهن ذوات الساري الزهري اللواتي يستخدمن العصا للتلويح والكلمة كسلاح للمطالبة بحقوقهن. يكتبن عرائض فعّالة ويوبخن شرطة مرتشية ويقطعن أراض مغبرة معزولة للدفاع عن حقوق المرأة الهندية، القروية منها على وجه الخصوص. مخرجة الوثائقي نيشتا جاين Nishtha Jain  صانعة افلام مستقلة تقيم في مومباي، وقد فاز فيلمها الثالث هذا في مهرجان السينما القومي في الهند الذي ينظّم سنويا منذ ستين عاما، بجائزة أفضل فيلم اجتماعي غير روائي أنتج عام 2013.

فيلم أرادته مخرجته واقعيا تسجيليا لحركات ونشاطات رئيسة المنظمة النسائية "سامبات بال" خلال خمسة شهور. فسرد بعضا من تاريخها ومبادئها، دون أن يعني هذا انغماسه في الدروس وفي الشرح الطويل الذي لا يليق بالفن السينمائي. فقط ما يكفي ليعطي فكرة واضحة عن نجاحات و خيبات ناشطات شابات وعجائز شجاعات، عبر سرد غير متسلسل متنقل بين حاضر وماض، لاسيما حين تستعين " بال" بذكرياتها عن احداث دفعتها للانخراط في هذا النضال الشاق، في بحثها عن العدالة الاجتماعية ضد الظلم والعنف الذي يلحق بالنساء.

زوجة محروقة وأم منسحبة

يبدأ الشريط بداية "روائية" بوصول الزعيمة إلى مكان الجريمة. تلاحق العدسة " بال" وهي تحطّ في قرية نائية كانت وصلتها أخبار منها عن حرق شابة متزوجة لنفسها. أمر ليس نادر الحدوث في الهند لدى الطبقات المعدمة، لأسباب ليست اقتصادية في معظمها! هنا اشتمّت بطلتنا رائحة جريمة! بيد أن الجميع بدا متفقا على الصمت، حتى والديّ الفتاة. في حالة كهذه  وعلى الرغم من كل الدلائل التي تشير إلى انعدام فرضية الحرق واحتمال حصول جريمة  قتل، لا تستطيع رئيسة المنظمة النسائية فعل شيء فعلى أهل الفتاة طلب  فتح تحقيق. وحتى الشرطة التي تأتي "للنظر" في الأمر تبدو على اقتناع برواية الزوج، المريحة بالطبع لكل الأطراف: الشابة التي لم تتجاوز العشرين كانت في المطبخ واحترقت. حدث طبيعي لايستلزم فتح تحقيق!

الظلم أمر لا تحتمله عضوات المنظمة التي وصل عددهن أو أعدادهن( فربما هناك بعض الرجال فيها!) نتيجة جهود جبارة لرئيستها إلى مائة وخمسين ألف. مهما جرى سيتابعن كفاحهن لاظهار الحقيقة والحق في مجتمع ذكوري، محاولات الاقناع واللجوء إلى المنطق لا تفلح لا مع أسرة الضحية ولا مع الشرطة المحلية، يذهبن إلى المركز الرئيسي ولكن هنا مجرد وعود حتى مع وجود الكاميرا...تنصرف المجموعة لملاحقة قضايا أخرى ولاجتماعات ونقاشات مع أهل القرى، إلى أن تصلها رسالة من والدة الضحية للمساعدة في كشف الجاني. هنا وهنا فقط تنجح " بال" في إثبات ما ارتكبه الزوج. لم تكن جريمته الأولى فقد سبق وقتل زوجته الأولى الشابة أيضا، وكان ربما سيستمر على هذا المنوال لولا المنظمة ومحاولاتها لاقناع الأم باللجوء إلى العدالة.

فمن المتعارف عليه في الهند أن الزوج ينال دوطة من زوجته، وهذا ربما سبب كاف للبعض للتخلص من هذا " الشيء" للحصول على آخر جديد ومال إضافي.

الفيلم يلتقط حساسية ليس فقط المجتمع الريفي بل حتى المديني الصغير، تجاه قضايا النساء ويبين مدى تصميم هؤلاء الحارسات اليقظات لتحقيق مبادئهن ونصرة المستضعفات، ويبدي بمهارة كيفية التحول عن المبادئ حين يمسّ تطبيقها الذات. فها هي المخرجة تناقش عضوة سابقة في " العصابة"، أم تخلت عن عضويتها لخوفها من اضطرارها يوما للوقوف ضد أحد ابنائها إن حدث وقتل شقيقته بدافع الحفاظ على الشرف!

عمق في المغزى وأسلوب في السرد مشوق، يدفع المشاهد للتضامن مع هذه " البطلة" ذات الشخصية القوية والتي تترك أثرا لدى مستمعيها من الفقراء والطبقات المنبوذة، هذه المرأة الشجاعة التي  تجوب القرى في سعيها للعدالة، وفي اصرارها على النجاح لنيلها. إنها لا تتعب... وها هي قد أضافت إلى جهودها هدفا آخر وهو الدفاع عن كل المقهورين من نساء و...رجال.
فيلم جدير بالمشاهدة.

الجزيرة الوثائقية في

23.07.2014

 
 

جيمس غارنر رحل وفي جعبته تاريخ حافل على الشاشتين

مؤيد للحزب الديمقراطي.. رفض لعب دور سياسي جمهوري في مسلسل «فضاء»

لندن: محمد رُضا 

في نهاية فيلم الوسترن «ساند الشرطة المحلية» Support Your Local Sheriff الذي أخرجه بيرت كندي سنة 1969 وقام ببطولته جيمس غارنر، الذي توفي عن 86 سنة في التاسع عشر من هذا الشهر، لقطة لقطار يمشي على سكّة الحديد في البرية. عند باب أحد المقطورات يجلس جيك (جاك إيلام) ينظر إلى الكاميرا المحمولة في طائرة تتابع القطار ويقول: «الآن، فإن الطريقة التي تنتهي بها الحكاية هي أن عميلا يتزوّج من برودي ويصبح حاكم الولاية. لن يهاجر إلى أستراليا، لكنه سيواصل قراءة كتب كثيرة عنها. أنا أصبحت شريف البلدة ثم أكملت بالتحوّل إلى شخصية محبوبة في أفلام الغرب».
العميل الذي يتحدّث عنه هو جيمس غارنر نفسه. ذلك الممثل الذي لعب هنا دور رجل مجهول من قِبل أهل البلدة التي وصل إليها مكررا، لكل من يسأله، إنه في طريقه إلى أستراليا. وبرودي (جوان هاكيت) هي الفتاة المسترجلة التي وقعت في حبّه. أما جاك فهو الرجل الذي لا يجيد استخدام المسدس لكنه يصدّق أن عليه أن يلعب دور المبارز، والفيلم واحد من تلك الأعمال الكوميدية غير القليلة التي قام جيمس غارنر، بتمثيلها ولو أنه عُرف أكثر بأدوار القوّة والبطولة الدرامية على شاشتي السينما والتلفزيون.

وُلد غارنر في السابع من أبريل (نيسان) سنة 1928 في ولاية أوكلاهوما. ترك المدرسة في سن السادسة عشر وانضم إلى المارينز حيث حارب في كوريا وأصيب مرّتين. عندما عاد إلى الولايات المتحدة بنيشانين أقنعه صديق له بتجربة حظّه في التمثيل ووجد نفسه سنة 1954 يقف في عداد مسرحية مقتبسة عن «محاكمة تمرد كاين» The Caine Mutiny Court Martial التي كانت في البداية رواية وضعها هرمان ووك ثم قام بتأليفها مسرحية من فصلين وتحولت إلى فيلم في العام ذاته أخرجه إدوارد ديمتريك وقام بدور البطولة همفري بوغارت وجوزيه فيرير وفان جونسون وفرد ماكموري.

من هذه المسرحية وجد غارنر نفسه أمام تجربة تلفزيونية قصيرة سبقت ظهوره في فيلمين سينمائيين إذ اختاره المخرج ديفيد بتلر لدور في فيلمه الكوميدي «الفتاة التي تركها وراءه» (بطولة تاب هنتر ونتالي وود) وأسند إليه مرفين ليروي دورا ثانويا أيضا في فيلمه الدرامي «صوب المجهول» (بطولة وليام هولدن وفيفيان لي) في العام ذاته.

كلا الفيلمين كانا من إنتاج شركة وورنر التي انتخبته لبطولة الحلقات التلفزيونية «مافيريك»: مقامر ومقاتل من زمن الغرب الأميركي يدخل في كل حلقة مغامرة جديدة في سلسلة استمرت من العام 1957 وانتهت سنة 1962 ثم بدأت بحلقات جديدة سنة 1978 وتم تقديم سلسلة أخرى منها في العام التالي.

طبيعة إنسانية

شغل غارنر في السينما لم يتوقّف لكنه بقي محدود المساحة في معظم ما لعبه من أفلام حتى مطلع الستينات. في عام 1963 كان أحد الوجوه البارزة في فيلم المعسكرات الحربية «الهروب الكبير» لجون ستريجز من بطولة ستيف ماكوين أساسا، لكنه في العام التالي تولى بطولة «أمركة إميلي» The Americanization of Emily أمام جولي أندروز. من هنا هي أدوار بطولة على طول الخط ومن بينها في تلك الفترة «36 ساعة» لجورج سيتون مع إيفا ماري سانت ورود تايلور (1965).

في العام 1966 وضعه المخرج رالف نلسون في بطولة فيلم وسترن عنوانه «مبارزة عند ديابلو» مع سيدني بواتييه و(السويدية) بيبي أندرسون. كان فيلما عنيفا وعدميا على جودته، وهو لم يترك تأثيرا لا على غارنر كممثل درامي ولا عليه ككوميدي فمثّل النوعين وصولا إلى «ساند شريفك المحلي» الذي أتبعه سنة 1971 بفيلم على المنوال ذاته هو «ساند مقاتلك المحلي» الذي نال أيضا نجاحا كبيرا.

غارنر لعب في ذلك الحين بطولة مسلسل وسترن تلفزيوني اسمه نيكولز حول رجل أمن يرفض حل القضايا بقوّة السلاح، لكن المسلسل لم يعش طويلا فتبعه سنة 1974 بمسلسل آخر حقق نجاحا واسعا ولا يزال من بين أكثر مسلسلات التلفزيون المعاد عرضها وهو «ملفات روكفورد»، حيث لعب شخصية التحري الفقير الذي يعيش في سيارة - بيت (هوم موبيل) مركونة عند أحد شواطئ لوس أنجليس. مرّة أخرى ليس رجل عنف على الإطلاق ولو أنه قد يعمد إليه إذا ما اضطر إليه. ما كان سببا أساسيا وراء نجاح الفيلم حقيقة أن غارنر منحه تلك الطبيعة الإنسانية لشخص لا يحاول ابتزاز موكليه بل لديه من المبادئ والقناعات ما يشكل «تيمة» الحلقات ومنوال علاقة الرجل بالمجتمع ككل.

حين سألته على أعتاب فيلم مثّله لجانب كلينت إيستوود بعنوان «كاوبوي الفضاء» Space Cowboys سنة 2000 عما خطط لتلك الشخصية بنفسه أو أنها كُتبت على هذا النحو أساسا قال: «كُتبت كشخصية تحر خاص يواجه المشكلات المعهودة في مثل هذه الحلقات باستثناء أنه ليس البطل التقليدي، بل هو إنسان عادي. لكنني اقترحت تطويع هذه الشخصية على نحو أكثر تواضعا حتى في نوعية المغامرات التي تحتويها. إلى جانب السيارة القديمة وبضع مغامرات إلا أن روكفورد ليس مطلقا البطل الذي في البال حين تتحدّث عن جون واين مثلا أو كلينت..».

خلال المسلسل تعرّض روكفورد إلى الكثير من مشاهد الضرب. على الرغم من أنه كان بالطبع تمثيلا في تمثيل، فإنه عانى من رضوض، وبما أنه كان يصر على القيام بحركات المطاردة أو القفز بنفسه فإن ركبته تعرضت للكسر ذات مرّة:

«بقيت أعالجها لخمس سنوات لما بعد انتهاء المسلسل». في عام 2004 عندما قابلته للمرّة الأخيرة خلال حملة ترويج فيلم عاطفي بعنوان «دفتر الملاحظات» بدا أنه ينأى تحت آلام ما. لم يكن يستطيع أن يقف طويلا بل وجب عليه الجلوس كلما كان ذلك متاحا.
ديمقراطي
جيمس غارنر كان ممثلا رصينا حتى حين يلعب الكوميديا، وهذه الرصانة ساعدته في الوقوف أمام جاك ليمون، وهو كان بدوره ممثلا كوميديا محترفا، وذلك حين التقيا في «يا مواطني الأميركي» My Fellow American سنة 1996 لكن غارنر كان شاسع الموهبة وأحد أفضل أفلامه الكوميدية «فكتور فكتوريا» لبلايك إداوزدز (1982) الذي كان مختلفا عن باقي أعماله. بعد ثلاثة أعوام ظهر في دور رومانسي في فيلم بعنوان «قصة حب ميرفي» لمارتن ريت (1985) الذي جرى تصويره في بلدة صغيرة أسمها فلورنس في ولاية أريزونا. فيه لم يدّع إنه شاب دون الثلاثين بل لعب دوره كابن خمسين سنة يقع في الحب من جديد.

ففي الثمانينات استمع جيمس غارنر إلى رغبة سياسيين ديمقراطيين في ترشيحه لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا، ولو أن ذلك لم يتحقق. وسبب الترشيح عاد إلى شهرة غارنر كمؤيد للحزب الديمقراطي إلى درجة أنه رفض ذات مرّة لعب دور سياسي جمهوري في مسلسل تلفزيوني بعنوان «فضاء» (1985) ما استدعى تغيير الدور إلى سياسي ديمقراطي.

إلى ذلك، عُرف عنه دفاعه عن القضايا الاجتماعية وكان في المسيرة الحاشدة التي انطلقت خلال خطاب مارتن لوثر كينغ الشهير في واشنطن سنة 1963 المعروف بخطاب «لدي حلم».

لجانب ما ذكرته من أفلام وسترن، قام غارنر بتمثيل عدد آخر منها وبنتائج فعّالة. إنه الشريف القاسي المندفع بأجندته الخاصّة في فيلم «ساعة المسدس» والمنتقم الشرس في «رجل يدعى سلدج» كما وجدنا في دور المغامر الذي يدافع عن معاونه الأفرو - أميركي لويس غوزيت في «لعبة البشرة».

توقف عن التمثيل سنة 2006 باستثناء الأداء الصوتي في عدد من أفلام الأنيميشن لكنه كان حقق في سنواته الماضية من المكانة ما يجعله أحد ألمع الوجوه السينمائية من جيل الستينات وما بعد.

الشرق الأوسط في

23.07.2014

 
 

العبودية والاتجار في البشر تحت عدسة »صولد«

دبي ـ البيان 

تمكن فيلم »صولد« الذي افتتح فعاليات مهرجان الفيلم الهندي في لندن، والذي اختتم فعالياته قبل أيام، من تحقيق صدى واسع بين النقاد، كونه يلعب على وتر قضيتي العبودية والاتجار في البشر، حيث تدور أحداث الفيلم حول قصة فتاة نيبالية تدعى »لاكشمي«، تضطر عائلتها إلى بيعها لتعمل خادمة في المنازل بعد حصولهم على وعود بأن ابنتهم ستعيش حياة أفضل، إلا أن جماعات الاتجار في البشر تقوم ببيعها مرة أخرى لتعمل في الدعارة بمنطقة كالكوتيا بالهند، لتواجه هناك واقعاً مختلفاً، تجبر فيه على معاشرة الرجال كل ليلة، ويتم تهديدها بالضرب وبالمخدرات لإجبارها على ذلك.

قصة الفيلم مقتبسه عن قصة الكاتبة والصحافية الأميركية باتريسيا ماك كورميك، فيما يلعب بطولة الفيلم كل من جوليان أندرسن ونيار سايكا، وهو من إنتاج شيرنغ لاما الذي أشار في حوار له مع »سي إن إن« إلى أن بلاده نيبال تعاني من هذه الأزمة، وقال: »لا يمكنك أن ترى أطفالاً فوق عمر العاشرة في هذه القرى، إنه مشهد مروع«.

ويعد »صولد« أول فيلم روائي طويل للمخرج الأميركي جيفري براون، والذي أكد أن قضية الاتجار في البشر هي التي دفعته للقيام بهذا الفيلم، وقال في حوار مع »يورو نيوز«: »حين بدأت تصوير الفيلم، لم أكن أعلم أن العبودية منتشرة وأن هناك ما بين 20 - 30 مليون شخص مستعبد. كنت أعلم أنها قضية، لكنني لم أكن أملك المعلومات. وما دفعني لذلك هو محاولة القيام بشيء ما لمساعدة هؤلاء الأولاد«.

الممثلة جوليان أندرسن، بطلة مسلسل »إكس فايلز«، والتي تلعب في هذا الفيلم دور المصورة التي تحاول إنقاذ لاكشمي »الممثلة نيار سايكا« وغيرها من الفتيات، تخبر كيف وافقت على المشاركة في الفيلم، بالقول: »المخرج والمنتج جيفري، جاءني منذ فترة طويلة مع النص ولم تكن شخصيتي فيه واضحة ومحددة، وسألني إن كنت مهتمة بهذه القضية وإن كنت أريد أن أكون جزءاً منها. وعندما قرأت السيناريو وجدت النص قوياً جداً، فعظمت عندي المسألة ووافقت على المشاركة رغم عدم وضوح الشخصية«. وأضافت: »لطالما كنت أظن أن الاتجار في البشر يحصل في مواقع بعيدة عنا، ولكن في الواقع، اكتشفت أن المشكلة قريبة منا أكثر مما كنا نظن«.

تجربة صعبة

شبه إجماع ساد بين النقاد على أن »صولد« يمثل تجربة من الصعب نسيانها، واتفقوا على أنه فيلم يدفع بمشاهده للانتقال من عالم الخيال إلى الواقع، معتبرين أنه إحدى قصص الأطفال الأليمة الذين وقعوا ضحية الاتجار فيهم.

البيان الإماراتية في

23.07.2014

 
 

«مولود في الرابع من يوليو» السينما ضد الحرب!

عبدالستار ناجي 

فيلم مولود في الرابع من يوليو يمثل بياناً شديد اللهجة ضد الحرب، وموقفاً صريحاً للسينما الأميركية من الحرب وويلاتها وما تلحقه من دمار واعاقة للشباب، فيلم مثير للجدل من توقيع المخرج اوليفرستون، وهو يعتمد على نص روائي بنفس الاسم للروائي الاميركي رون كوفيك، ويومها اعتبرت تلك الرواية من الروايات الاكثر مبيعا وقراءة، للشفافية العالية في التعامل مع موضوع الحلم الاميركي ورغبة شباب اميركا بخدمة بلادهم، وزيف ذلك الحلم وما تلحقه الحروب من دمار في سينما تجعل المشاهد وهو يخرج من الصالة يصرح: لا للحرب.

يجسد دور رون كوفيك في الفيلم النجم الاميركي توم كروز عبر شخصية تمر بمراحل عدة، بين الشباب والحلم، الى الحرب، ثم الاعاقة ثم الثورة ضد الحرب وويلاتها عن هذا التقمص والانتقال بالشخصية عبر محطات عدة، نال كروز اول ترشيح له للاوسكار كأفضل ممثل.

وكما اشرنا في هذه السلسلة وضمن حديثنا عن فيلم بلاتون الفيلق فان هذا العمل يأتي جزءا من ثلاثية ضد الحرب قدمها اوليفرستون وضمن ايضا فيلم السماء والارض 1993.

فيلم مولود في الرابع من يوليو انتج عام 1989 وترشح لثماني جوائز اسوكار وفاز باوسكار افضل مخرج وافضل مونتاج وحقق مبيعات وعوائد بلغت (161 مليون دولار كما نال حفنة من الجوائز في الغولدن غلوب ونقابة المخرجين الاميركان.

استهلاله الفيلم تأتي من خلال سرد روائي، وعودة لشباب وطفولة رن كوفيك توم كروز خلال اجازة الصيف في منطقة ماسايبكوا نيويورك.

يلعب مع اقرانه من الاطفال لعبة الحرب في الغابة حيث تتزامن تلك الاحداث مع الاحتفال بيوم الرابع من يوليو يوم الاستقلال- اليوم الوطني للولايات المتحدة وايضا مع خطاب الرئيس الاميركي جون كيندي الذي يدعو الشباب وبكثير من الحماسة الى الانخراط والتطوع في الجيش لرفع راية اميركا وقرن حب اميركا بالخدمة العسكرية.

بعد ذلك الخطاب يقرر رون مع اصدقائه الذهاب الى التجنيد.

وقبل مغادرة مدينته يلتقي مع صديقته دونا لقاء الوداع وهو يحمل الكثير من الشعارات لخدمة بلاده والتعبير عن حبه الكبير للوطن.

بعدها ينتقل الفيلم من عالم الحياة التقليدية اليومية الى جحيم واتون المعركة، حيث فيتنام في اكتوبر 1976 وفي واحدة من المعارك المجنونة حيث ينفذ الجيش الاميركي عملية ابادة لاحدى القرى وقتل المدنيين عندها يصاب رون بحالة من التشويش ويطلق النار بطريق الخطأ على احد زملائه من المخبرين الجدد في فصيلته ورغم محاولة انقاذه الا ان ذلك المجند ويلسون يموت متأثرا باصابته ما يترك شعورا طاغيا بالذنب لدى رون، شعور يفقده التركيز وهو يشاهد تلك الممارسات العدوانية من قتل عشوائي للابرياء اولا ثم ارتكابه وقتل زميله وكم اخر من الممارسات القاسية التي تكاد تفقده عقله وصوابه شأنه شأن بقية زملائه.

وبعد فترة من الاستراحة يطلب اليه ان يلتحق مع الفيلق الذي يلتحق به الى احدى المناطق، وذلك في يناير 1968 اي بعد ثلاثة اشهر من ذلك الحادث ليجد نفسه امام معركة اكثر غنفا هناك يقوم بانقاذ احد زملائه وفجأة يتعرض الى اصابة خطيرة نقل على اثرها الى المستشفى ليكتشف انه قد اصيب بحالة من الشلل لنصفه السفلي بالكامل.

يمضي عدة اشهر في مستشفى برونكس للمحاربين القدماء حيث تصف لنا المشاهد الحالة المزرية التي يعيشها المستشفى من انتشار للفئران والقوارض وعدم مبالاة الهيئة الطبية والتمريضية وانتشار المخدرات وحالات الادمان بين المرضى والهيئة الإدارية نتيجة الألم والدمار الذي تعيشه الشخصيات.

ورغم محاولاته العودة الى الحياة، ومحاولة التماسك وتجاوز الاعاقة، الا انه يسقط ويصاب بكسر مضاعف في عظمة الفخذ.. التي لا تبرأ.. ما يدفع الأطباء الى بتر أطرافه المريضة.

بعد تلك الرحلة المأساوية، يعود رون في عام 1969 الى أرض الوطن على كرسي متحرك.

حيث يبدأ رون بملاحظة التغيير في تعامل افراد اسرته واصدقائه نتيجة للاعاقة التي لحقت به، والتي قدمها من أجل الوطن.

وهذا ما يزيده مأساة، فبعد الاعاقة.. وفقد أعضاءه.. ها هو اليوم منبوذ من أسرته ومجتمعه لأنه معاق.. ويعيش على كرسي متحرك.

كل تلك المتغيرات، تحوله الى شخص ينبذ الحرب.. ويبدأ في قيادة الحملات ضد الحرب.. ونوعية الشباب من خلال المسيرات المناهضة للحرب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بل ان يقوم بحرق العلم الأميركي.

يوماً بعد آخر، يكتشف زيف الشعارات التي درسها وتربى عليها، مثل الشرف والوطنية والشجاعة.. وكل ذلك ما هو الا اوهام.

وتبدأ مهمته النضالية للتنديد بالحرب.. والقيادات التي تشحن الشباب الى مصر يتحرك في محورين لا ثالث لهما، اما الموت.. أو الاعاقة الجسدية والنفسية، جراء العنف والمشاهد الرعناء والقتل المجنون غير المبرر للأبرياء.. وغيرهم.

ويتوقف الفيلم أمام عدد من المشهديات التي تشير الى تعرض المتظاهرين ضد الحرب الى العنف من قبل رجال الشرطة، وهو عنف لا يقل عن ذلك العنف الذي عاشه في فيتنام.. ليتفجر بداخله الاحساس بالتحدي والاصرار لكشف المستور.. وفضح اسرار الحرب وويلاتها.

وفي مشهد من أروع المشاهد وأكثرها قسوة، ذلك الذي يجمع بين رون ووالدته المتدينة، حينما يتطور الحوار يصرخ بانه قتل الابرياء، وهو امر مخالف للاخلاق المسيحيية او الدينية لاي دين سماوي.

عندها يقرر رون الهجرة الى المكسيك، حيث بلدة صغيرة اسمها قرية الشمس والتي تحولت الى ملاذ لقدامى المحاربين في فيتينام والمصابين بالشلل.. ومن هناك تبدأ مسيرته للمشاركة في التظاهرات.. والمؤتمرات.. وبالذات المؤتمر الوطني الجمهوري لعام 1972، في مواجهة تغيير المعادلات.. يمضي في نضاله ضد الحرب. ثم يتكرر المشهد ورون يلقي خطابه ايضاً في الوطني الديموقراطي 1967.. وينشر مذكراته لاحقاً تحت عنوان مولود في الرابع من يوليو.

يعتمد الفيلم على عدد بارز من النجوم الشباب يومها وفي مقدمتهم توم كروز رون كوفيك ووليم دافو شارلي وتوم برينجر سارجنيت هايس كما يظهر رون كوفيك الاصلي نفسه الفيلم بدور احد المقاتلين القدماء.

عانى اوليفرستون كثيراً، فبعد ان اشترى حقوق الرواية من رون كوفيك لتحويلها الى فيلم في العثور على منتج وموزع للفيلم، وبعد الحاح ومحاولات وافقت ستديوهات يونيفرسال بكتشرز.

وقام ستون بتصوير الفيلم في الفلبين والولايات المتحدة الاميركية. وكان ستون قد صور الفيلم ايضاً في الفلبين، بينما المشاهد غير القتالية صورها بني دالاس وتكساس.

والفيلم شهد التجربة الاولى لمدير التصوير روبرت ريتشارد دسون الذي عمل على تقديم رؤية بصرية مشوة من اجل تحليل ويلات الحروب والظروف التي تمر بها الشخصيات وقد شكل ذلك النهج بمثابة الاضافة الى الرؤية البصيرية للفيلم.

كما حرص ستون على الاستعانة بعدد من نجوم فيلمه بلاتون الفيلق في فيلم مولود في الرابع من يوليو، وبالذات وليم دافو وتوم تيرينجر. كما حظي الفيلم بكم من الكتابات النقدية الايجابية من عدد بارز من كتاب النقد السينمائي في اميركا.

في الفيلم موسيقى تصويرية عالية الجودة مقدمها الموسيقار جون ويليامز الذي كتب موسيقات عدد مهم من الاعمال السينمائية ومن بينها هاري بوتر- وحرب النجوم- وسوبر مان- والحديقة الجوارسية- وانديانا جونز وعدد اخر من التحف السينمائية الخالدة ويشير هنا الى ان جون ويليامز ترشح للاوسكار 14 مرة وفاز بالجائزة 5 مرات كما فاز بجائزتي ايمي وثلاث جوائز- الغولدن غلوب- و18 جائزة غرامي وتطول القائمة لاننا امام مبدع من الطراز الاول اختار مجموعة من الموسيقات الوطنية كتعبير عن الرفض وكشف الزيف في الشعارات.

فيلم مولود في الرابع من يوليو هو في الحقيقة خطاب وبيان شديد اللهجة ضد الحرب وويلاتها وضد تداعيات الحرب والكذب في زج الشباب الى مطحنة الحرب التي تنتهي بقعقعة العـظام والامراض النفسية والادمان، فيلم يصرح ولا يتملق ولا يكذب لذا حينما يقال فيلم مولود في الرابع من يوليو فإننا نعني حقيقة الحرب المأساوية بتوقيع الرائع اوليفر ستون.

النهار الكويتية في

24.07.2014

 
 

من افلام الكوميديا السوداء

'الرجل الطائر' يفتتح مهرجان البندقية السينمائي 

روما - قال مدير مهرجان البندقية السينمائي البرتو باربيرا إن المخرج المكسيكي اليخاندرو إناريتو سيفتتح فعاليات مهرجان هذا العام بفيلم الرجل الطائر (بيردمان) وهو من افلام الكوميديا السوداء الذي يجيء على رأس قائمة تضم 55 فيلما تتطرق في غالبيتها الى الحرب والكساد.
ويحكى قصة ممثل معروف بتجسيده للشخصيات البطولية، يكافح من أجل المشاركة فى عمل على مسارح برودواى"، وفى أثناء كفاحه، ينتابه صراع مع نفسه ومع أسرته ومع مشواره الفنى.
ويلعب دور البطولة في الفيلم النجم الأمريكى مايكل كيتون 62 عاما، وهو أول من قدم دور "باتمان" على الشاشة، ويشاركه زاك جاليفياناكيس وإدوراد نورتن وأندريه رايزبورو وإيمى رايان وإيما ستون وناعومى واتس.

والى جانب فيلم (بيردمان) الذي يقوم ببطولته مايكل كيتون هناك 19 فيلما اخر تشارك في المسابقة الرئيسية منها فيلم (مانجلهورن) بطولة آل باتشينو وفيلم (جود كيل) الذي يقدم فيه ايثان هوك شخصية طيار تحرر من الوهم وفيلم (ذا كات) للمخرج فاتح أكين بطولة طاهر رحيم الذي قام ببطولة فيلم جاك أوديار (ايه بروفيت) عام 2009.

ويشارك في المهرجان أيضا المخرج الحائز على جائزة اوسكار باري ليفينسون بفيلم (ذا همبلينغ) لال باتشينو خارج المسابقة الرئيسية.

وقال باربيرا للصحفيين لدى الكشف عن الافلام المشاركة في المهرجان "هناك الكثير من الافلام التي تتطرق الى الحرب. للاسف نعيش وقتا يعلو فيه مجددا بشكل خطير شبح الحرب".

وأعلن منظمو المهرجان، أن الفيلم الوثائقي الذي يتناول مشوار اللاعب الأرجنتيني الشهير ليونيل ميسي للمخرج الإسباني أليكس دي لا إجليسيا سيتم عرضه خلال المهرجان.

ويعرض الفيلم، الذي يمزج بين أحداث حقيقية وخيالية معيداً بذلك تشكيل قصة حياة اللاعب الشهير، في ختام مسابقة "جورناتي ديلي أوتوري" أو أيام المؤلفين وهو برنامج مواز للمسابقة الرسمية للمهرجان.

يشار إلى أن مدينة فينيسيا تستضيف أقدم المهرجانات السينمائية على مستوى العالم والذى من المقرر أن يقام هذا العام فى الفترة بين 27 أغسطس/ اب وحتى السادس من سبتمبر/ ايلول.

الرأي الأردنية في

24.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)