كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«برابرة» للصربي إيفان إكيتش.. مأزق العنصريّ

زياد الخزاعي (لندن)

 

للكائن العنصريّ ارتِيَاع اجتماعي، إذ إنه علّة أخلاقية تستهدف السحن والدم المختلف. بيد أن ما يفوق كل عناصر الفزع منه، كامن في سيرورته السياسية ونفوذها وقادتها وداعميها، والحزبية بأيديولوجيتها ومنظّريها وحماة عنفها. كلّها عناوين لقوّته وسلطانه وبأسه ووحشيته. يلوذ العنصريّ بالشراسة، كونها أداة ترهيب وسطوة واستحكام على الغرباء. يبتزّهم قبل أن يؤذيهم. يُهينهم قبل أن يقصيهم. يؤمن العنصريّ أن الأجنبي لا يملك مقوّمات «ضرورة إنسانية» كي يشاركه رفاهيته وأرضه ومستلزمات تحضّره، لذا، يجتهد في شيطنته وتصويره كامرء خادش لأمانه وإيمانه.

هذه صفات جامعة لبطل باكورة الصربي إيفان إكيتش «برابرة» (مسابقة «شرق الغرب» في «مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي الـ49»، 4 ـ 12 تموز 2014)، التي جعلت منه غولاً مفعماً بالقساوة والأذى. يدور الفتى لوكا (زيليكو ماركوفيتش) بين أقرانه حليقي الرؤوس مُجيّشاً نفسه للقيام بفعل حاسم. منذور للدفاع عن صربيا واستعادة ما سُرق من أرضها (البوسنة). في المشهد الافتتاحي، الذي يحمل تاريخ يوم عصيب هو 17 شباط 2008، يتابع البطل هجوم مواطنيه على السفارة الأميركية في بلغراد ثأراً للحرب، ومُستعجلاً رفيقه لترك مقايضة بائعة هوى شابة كي يشتركا في «الواجب الوطني». عندما يغلقان خلفهما باب الشقة البائسة، تتحوّل كاميرا إكيتش الى عين جائلة محمولة لن تترك البربريّ الحداثيّ على مدى 87 دقيقة، موثّقة بصبر سينمائي عوامل صناعته كعنصريّ دمويّ.

يخدع إكيتش مُشاهده بأن فيلمه عن مثيري الشغب في مباريات كرة القدم، حيث يكون التعريف الأول للبطل، وهو متوجّه مع زمرته إلى ملعب البلدة الصغيرة «مالادينوفتش»، ليقتصّوا من فتى صومالي تجرّأ على اللعب ضمن فريق محلي، قبل متابعة الخيط الأول المؤدّي إلى مافيا تتحكّم بشباب غاضبين ومتحمّسين لصربيتهم. إنهم عناوين أوروبا شرقية جديدة تحرقها نيران الانضمام إلى غرب يستعجل سلخهم عن تاريخ توتاليتاري بائد، وجلبهم إلى «تَمَدُّنٍ» سلاحُه سندويتشات «ماكدونالز» وقمصان «اديداس». هاتان سمتان متوافرتان بكثرة حول لوكا، إشارةً إلى أن خياراته محصورة بين عالمين ضيقين: عصابات نعرة وطنية، وحلم موؤود بقفزة كبيرة نحو رفاهية أوروبا الغربية. تضخّم الأولى في كيانه البغضاء والفظاظة، وتكرّس الثانية خيباته لأنها ـ بحسب أعراف مجموعته ـ دُول عدوّة. لا حلّ له سوى «تنظيف» لوعته العائلية. هنا، يضع إكيتش بصيرته على أصول بناء شخصيته القلقة. في الشقة الصغيرة، تكون الأم الشرسة الحاكم المطلق لرعيّة متنافرة وأنانية. تصرف يومها امام شاشة تلفزيون برنامج «الأخ الكبير» مع سجائرها وشتائمها، خافية سرّها العاكس لمرارتها وكذبها اللذين تكشفهما لاحقا أخصائية اجتماعية للبطل. زوجها ووالد ذرّيتها لم يمت بطلاً في معارك كوسوفو، بل يعيش هارباً ومتخفياً في العاصمة. يصرخ لوكا في وجه أمه جزعاً: «سأجده. سأبحث عنه وأجده، وأسأله لماذا تخلّى عنّي». تزيد هذه العقدة، بالإضافة الى خيبته في إغواء فتاة أحلامه التي تتسرّب مشاهد جنسية فاضحة لها على الـ«إنترنت»، من خشونته. تتحوّل رحلته في شوارع العاصمة وسط التظاهرات إلى تجوال جحيمي يقوده إلى سائق حافلة عمومية يفشل في محادثته. إنه الأب الهارب هرماً منكفئاً تائهاً، لن يتعرّف على فلذة كبده. أمام خيبة ذاتية ثقيلة الوطأة، يكون لوكا جاهزاً للانتقام. يصطدم أشهر لاعب كرة قدم بسيارته ويكسر ساقيه، قبل أن ينال عقابه على أيدي رجال مافيا الصفقات الرياضية. يصبح لوكا طريداً، فهذا الفتى البربري منذور إلى سفالة اجتماعية لن تدوم حياتها إلاّ وسط الفزع وديمومته وتصاعده. في المشهد الختامي، يُشارك أقرانه على مدرجات الملعب بترديد هتافات نارية «بالدم ندافع عن صربيا، والبوسنة قلب صربيا»، ليحقّق إكيتش بيانه السياسي الذي أعلنه في مفتتح شريطه الذكي عبر استعارته أبياتاً من قصيدة الشاعر الأغريقي قسطنطين كفافي: «والآن ما الذي سيحلّ بنا بلا برابرة؟ لقد كانوا، هؤلاء الناس، نوعاً من الحل».

السفير اللبنانية في

21.07.2014

 
 

قراءة في جوائز كارلوفي فاري

قيس قاسم: كارلوفي فاري 

يحيلنا، فوز الفيلم الجورجي "جزيرة الذُرة" للمخرج جورج أوفاشفيلي بالجائزة الكبرى للدورة 49 لمهرجان كارلوفي فاري السينمائي (كرة الكريستال و25 ألف دولار) وحصول المجري "سقوط حر" على جائزتي لجنة التحكيم الخاصة (15 ألف دولار) وأفضل مخرج (جيورجي بالفي)، للتفكير بمسار نظرية "الواقعية الأشتراكية"  في الفن والتي طبعت مرحلة أبداعية طويلة بدأت ملامحها بالتبلور مع ثورة أكتوبر الروسية ومضت في هيمنتها على النتاج السينمائي لدول المنظومة الشيوعية لعقود بعدها، غاب خلالها تقريباً، أي وجود لتيارات جديدة واضحة المعالم، على عكس ما كانت تشهده دول خارج فلكها، كإيطاليا على سبيل المثال التي أنجبت "الواقعية الجديدة" ومن الدنمرك نبعت فكرة "دوغما 95" وظل الغرب يشهد منذ الحرب الباردة بروز تيارات ومدارس متنوعة (فردية أو جماعية) راحت تجرب لغة تعبيرية غير مألوفة تعكس الروح التجديدية لمبدعيها وحاجتهم الى أبتكار أشكال وأساليب عمل تكسر المألوف والسائد وهذا ما كان صعباً بالعموم على سينمائي "المعسكر الأشتراكي" قبل سنوات التغيير التي شهدتها بلدانهم منذ ما يزيد عن عقدين ونصف، تقريباً، وبالتالي فوز الفيلمين المذكورين يُفضل النظر اليه من هذه الزاوية، أي بوصفهما نتاجاً يؤشر الى محاولات تجريب جديدة تعبر عن رغبة في التخلص من موروث ثقافي ـ ماضوي، ربط السينما وبقية فروع الأبداع بتوجه سياسي محددة فمال الى التقوقع مع ما فيه من ثراء.

سقوط حر

يذهب المخرج المجري جيورجي بالفي في فيلمه "سقوط حر" الى أقصى درجات التعبير الفانتازي ليجسد فكرته الساخرة عن الحياة المعاصرة، منطلقاً لرسم ملامحها الجغرافية من مناخ محلي مشبع بروح بودابستية، أحدى العمارات السكنية  فيها ستكون مسرحاً لسرد تجارب مختلفة لبشر من سكانها، بمجموعها سيتبلور المشهد السوريالي للمدينة وأهلها في زمن منفلت غير محدد، لأن السرد السينمائي المجزء تعمد طمسه. تفتح الكاميرا عند دخولها لشقة ما من شقق العمارة عالماً خاصاً، منفرداً يحتضن علاقة بشرية، أشكالية في جوهرها ووجودية تطرح أسئلة عصية عن الحسم ما دام مكونها الأساس: المرأة والرجل والأطفال. قاعدة التأسيس للحكاية العجائبية عجوزان في شقة يعيشان حياة مملة وفي مناكفة دائمة، صامتة تقريباً. المرأة العجوز تخرج منها صبيحة كل يوم للتسوق ولكنها تختار طريقاً يؤدي الى سطحها ومنه ترمي نفسها الى الشارع، وبعد لحظات ترمم نفسها وتنهض ببطىء لتكمل مشوارها بتثاقل كائن ضخم ومتعب سقط للتو من علوٍ على الأرض. سقوطها الحر يبدو كما لو أنه عملية  موت يومية، توجز تعبيراً عن عذاب العيش وتقارب المقولة الدارجة "الشيخوخة موت دائم". في كل صبيحة تموت العجوز موتاً ناقصاً، ينغص حياتها رجل ملول مريض متطلب، يعد عليها أنفاسها. حالتهما نتاج مرحلة "أرذل العمر" الموت لا يأتي لحسمها فيطيل من حياتهما بعذاب على مراحل، ليقول لهما: تذوقوا ما كان  يعيشه سيزيف بحثاً عن خلوده الموهوم!. كل يوم في طريق عودتها الى المنزل تصعد درجاً، لأن المصعد غالباً ما يكون عاطلاً، ومع أقترابها من كل شقة تكون عدسة المصور قد ولجت بابها ومهدت لرسم حياة آخرى في عمارة هي الحياة نفسها، منظور اليها بعين سينمائية فنتازية. يسخر جيورجي بالفي من فعل الخيانة الزوجية بطريقة حاذقة قريبة من طرق معالجة الكاتب الروسي تشيخوف لموضاعاته القصصية. ففي حفلة عائلية لأفراد من الطبقة الراقية تظهر امرأة جميلة عارية وسط المجموع المنشغل عنها بأهتمامته الخاصة.

عري كاشف لسلوك مشين أكثر سوءاً من عرض الجسد كما هو ودون غطاء كاذب. وفيما يُشغلنا في تفاصيل الحفلة يخطط "سقوط حر" لأنهاء فصلها الأخير بأظهار العشيق عارياً، هو الآخر مثلها، جالساً بين الحضور، فيبدوان وكأنهما مجرمان خططا للتستر على فعلتهم النكراء بالتعري!. في شقة ثانية يمس بالفي جانباً معاصراً يتعلق بمخاوف الناس من الأصابة بالأمراض بمكافحة الجراثيم الخفية أو الحشرات الناقلة لها الى درجة الهوس. فالزوجان الشابان يعيشان عالماً منغلقاً نظيفاً أبيضاً لدرجة تشعرنا بأنهما ينتميان الى عالم فضائي، كل شيء فيه مكيف لعدم الأختلاط حتى العلاقة الزوجية الحميمية مغلفة بعوازل بلاستيكية ولكن ما أن يرى الزوج صرصاراً على جدران غرفة نومهما حتى يصاب بذعر فيشهر سلاحه الناري ويبدأ التصويب نحوه وبعد برهة سيكتشف أن هناك أكثر من صرصار فيبدأ البحث عن مصدر  تكاثرها، وحين يكتشف أنها تأتي من داخل أحشاء زوجته يطلق أعيرة نارية عليها فيفجر رأسها الى شظايا. سخرية لاذعة من الخوف المرضي الذي يصل الى درجة القتل فيتساوي الحفاظ على الحياة واطالتها مع الموت والأسراع في أحضاره الى غرفة بيضاء مغطاة بدم بشري. غرائبية وجود ثور في أحدى الشقق لا تضاهيها إلا حكاية الأم التي تَحضر لعيادة طبيب أمراض نسائية ونهايتها المفزعة حين تسلم مولودها الصغير الى الممرضة ليشرع الطبيب بأجراء عملية أعادته الى رحمها ثانية، مجسداً بهذا الفعل السوريالي المصور بإبداع مدهش فكرة الولادة والحياة وما يرافق عيشها من آلام. خوف الأم على ابنها يقارب فكرة الحفاظ الغريزي على النسل البشري ولكن خوفها هذه المرة من الحياة نفسها ومن أحتمال تكرار ولدها نفس تجربة العجوز الهنغارية "الساقطة بحرية" من سطح عمارتها في رحلة عذاب يومية تشهدها  مدينة بودابست التي استحق ابنها البار جيورجي بالفي الفوز بجائزة أفضل مخرج في دورة شرق أوربية الهوى.
جزيرة الذُرة

جمل قصيرة سبق بها المخرج الجورجي جورج أوفاشفيلي مشاهد فيلمه "جزيرة الذُرة" ساعدت على تقريب أجواء قصته الغامضة لكنها لم تكشف اللثام كاملاً عن المخفي من تفاصيلها التي تبطن صراعاً سياسياً وقومياً خطيراً بين جمهوريتي أبخازيا وجورجيا، تاركاً لمشاهده فرصة مشاركته صناعة فيلمه بما توفر له من قدرة على التحليل وتفكيك رموز الحكاية المقتصدة والعميقة الدلالات على مستويات متعددة أكثرها مدعاة للتفكير: الجد وحفيدته والجزيرة نفسها. النص المكتوب بدوره يفرض ذاك النوع من المشاركة بسبب غياب الحوارات الطويلة أو التوضيحية فالفيلم يكاد أن يكون صامتاً، بسبب تجنب كاتب سيناريوه الخوض في عرض صراع قائم لم يحسم بعد على المستوى السياسي والعسكري وبالتالي أكتفى  بتسجيل موقفه منه عبر خلق نماذج قابلة للتجسيد سينمائياً بأكبر قدر من الاقتصاد في التعبير عن مكنوناتها شفاهاً (حواراً) مفضلاً عليها لغة بصرية عميقة التعبير لدرجة بدا الفيلم فيها قريباً من حكاية "الشيخ والبحر" لهمنغواي وأكثر جمالاً من الفيلم المقتبس عنها بكثير.

ما يلفت الأنتباه في "جزيرة الذُرة" عزلتها وضيق مساحتها، والغموض المحيط بها فهي لا تعلن لأي منطقة تنتمي ولهذا ظهرت كمساحة أرضية طوباوية تحتضن حلماً طوباوياً بالضرورة فلا يستقيم المنطق الحياتي السوي في الأجابة على الاسئلة العادية المتعلقة بحياة العجوز، الذي أختارها موطناً مؤقتاً وأرضاً يعتاش بما تجود به من زرع،  مثل: من أين أتى العجوز وحفيدته؟ ومن أين يجلب أدوات البناء البسيطة التي بنى بها العجوز بيت القصب، رغم معرفته التامة بأن مياه النهر ستجرفه في موسم فيضانه. حلم طوباوي ملتصق أشد الألتصاق بالأرض المتنازع عليها، عن بعد، فيما تعابير القتال من أجلها تتجلى بتلميحات من بينها سماع أطلاق عيارات نارية متبادلة بين أطراف لا نراها لكن هناك من يمثلهم بطريقة غير مباشرة كالدوريات العسكرية النهرية أو وجود الجنود للجوار منها وربما أحداث صغيرة تكشف عن جوانب منها لكن الأقتصاد في التعبير يضيق العبارة في الوقت الذي يوسع الرؤية السينمائية لمنجز يحسب للسينما الجورجية الصاعدة، ذات الأرث السينمائي الروسي، المعتمد كثيراً على جماليات الصورة والتي رأينا واحدة من أجملها تطبيقاً لحظة غرق الجزيرة بمياه النهر الجارفة والرياح العاتية، الى جانب وجود رؤية حداثوية عند بعض مخرجيها تفصلهم بمسافة عن الأرث الأيدولوجي المنغلق أمثال: ليفان كوغواشفيلي صاحب "مواعيد عشوائية" الذي عرض في الدورة الأخيرة لمهرجان أبو ظبي السينمائي وسبق له أن أخرج الفيلم المميز "أيام الشارع" عام 2010، الى جانب مخرجة الفيلم الرائع "ابتسم دوماً" روسودان شكونيا. يكشف المشهد الأخير ل"جزيرة الذُرة" عن عودة لرجل يشبه العجوز الأول ربما يكون حفيده لكنه وفي كل الأحوال يمثل أمتداداً لعناد أصحاب الجزيرة في زراعتها والاقامة فيها مع كل تحديات الطبيعة الشديدة المحيطة بها. نهاية تلائم بين منطقتين مختلفين وتؤسس لمنطق سينمائي عبثي وغير مفهوم في ظاهره مع أنه مثل الحكاية نفسها يضمر فهماً رائعاً للعلاقة الأزلية بين البشر والأرض من جهة وصراعهم مع الطبيعة من جهة أخرى، وبالتالي فنحن أمام نص آخاذ عرف كيف يغافل وعينا السياسي ليذهب الى نقاط هي بالنسبة لصانعه أهم منه بكثير لأنها تؤسس لفهم العلاقات الوجودية وألتباساتها التي تجلت في فيلم رائع نال كرة الكريستال ووضع السينما الجورجية في مسارها الصحيح كسينما متفوقة مثل التركية والايرانية وبعض الأمريكية اللاتينية التي نال منها في دورة هذا العام الممثل الأرجنتيني ناهويل بيريز جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "أنا لَكَ" من أخراج البلجيكي ديفيد لامبيرت. وفي "مسابقة شرق الغرب" التي تمنح جوائزها للأعمال الأولى والثانية لمخرجين من دول أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى ودول الاتحاد السوفياتي السابق، فاز بها فيلم المخرج الروسي إفان تفيدوفسكي "تصحيحات صَفيّة" كما منح إيفان إيكي تنويهاً خاصاً عن فيلمه "البرابرة". أما جـــائزة كــرة الكريســتال لأفضل فيلم وثائقي فذهبت كما توقعنا في تغطيتنا السابقة إلى تيودورا أنا ميهاي عن فيلمها "حتى شهر أغسطس".

الجزيرة الوثائقية في

21.07.2014

 
 

وودي ألن مستهبِلاً في حبّ إسرائيل

عبد الرحمن جاسم 

ضجة كبيرة أثارها تصريح السينمائي الأميركي المعروف لصحيفة «دايلي بيست» حول عدوان غزة. منذ احتلال فلسطين، عملت اللوبيات الصهيونية في الغرب على استقطاب الفنانين بهدف تلميع صورة الاحتلال فيما توضح «لائحة غولدا» الخطورة التي كان الكيان العبري ينظر فيها إلى المثقفين العرب القادرين على توعية الرأي العام إزاء قضيتهم

«هم لم يكونوا طيبين كفايةً مع اليهود في البداية، لذلك يحصل ما يحصل الآن». هكذا بكل بساطة أجاب السينمائي الأميركي المعروف وأحد «الفتية» السحرة في هوليوود وودي ألن على سؤال الصحافي مارلو ستيرن من صحيفة «دايلي بيست» حول الاعتداءات الإسرائيلية الحالية على غزة. «لقد عانى اليهود كثيراً في أوروبا، قتل منهم الملايين ولوحقوا عبر كل أوروبا ثم أعطيوا قطعة أرضٍ صغيرة جداً جداً من الصحراء. فلو أنّ العرب تفهموا ذلك وقالوا لهم مثلاً: نحن نعلم ما مررتهم به، خذوا هذه الأرض عيشوا بسلامٍ.

سنكون أصدقاءكم ونساعدكم. لكنهم لم يفعلوا! هم لم يكونوا طيبين كفاية وهذا ما أدى إلى ما يحصل الآن». هذا التصريح أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنّ موقف ألن معروف في ما يخص اسرائيل، هو الذي لطالما ردّد بأنّ «النقد الذي يوجهه لها هو من باب الحبّ» باحثاً دوماً عن أعذار لممارساتها الوحشية في فلسطين.

أثبت ألن مقولة أن تكون «أسطورةً» في شيء لا يعني أبداً أن تفهم في كل شيء، أو «واعياً/ مدركاً» للواقع في حالته هنا، خصوصاً أنّ الإعلام الأميركي ينقل الأحداث بشكلٍ مغلوط ومزيف إلى الحد الذي يتحول فيه الجلاد إلى ضحية والعكس بالعكس.

لكن هل تعليقات ألن هي بداية تأييد المثقفين وكبار المبدعين للدولة العبرية؟ ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة.

في حرب الأيام الستة (1967)، وقّع أكثر من 3700 مثقف على عريضة نشرت في جريدة «نيويورك تايمز» مطالبين الجيش الأميركي بالتدخل في الحرب لحماية الكيان الصهيوني من بينهم الكاتب الفرنسي والفيلسوف الوجودي جان بول سارتر (كان مؤيداً للثورة الجزائرية؛ ومؤيداً لإسرائيل ومعارضاً لحقوق الشعب الفلسطيني في الوجود معاً!)، ورائد حقوق الإنسان الأميركي مارتن لوثر كينغ، ورائد التكعيبية بابلو بيكاسو، والروائي والقاص الأميركي الشهير رالف ايليسون، وبالتأكيد الأميركية/ الألمانية حنا أرندت أحد أشهر المنظرين السياسيين في القرن العشرين (عادت وقاربت القضية الفلسطينية من منظارٍ آخر، وإن لم تنفِ نهائياً حق الصهانية بالتواجد على أرض فلسطين مسندةً الفكرة إلى «حقهم بالوجود بفعل العمل والجهد» أي أن هذه الأرض هي لهم بحق أنهم حاربوا وعملوا لأجلها!).

تجمع كل هؤلاء واتفقوا على أنَّ «إسرائيل» تستحق الوجود كما التأييد، متجاهلين تماماً حق أصحاب الأرض الأصليين بالتواجد عليها أو ماذا سيحلّ بهم أصلاً. في الوقت عينه، لم يكونوا مدركين البتة أسباب الحرب الأصلية وأن «وجود» الدولة العبرية هو سبب المشكلة.

قد يكون السؤال الأبرز هنا كيف حدث ذلك؟ الإجابة أبسط: هؤلاء المثقفين في النهاية هم «بشر» تقوم آراؤهم واستنباطاتهم على المعلومات التي يحصلون عليها من مصادر قد تكون «محرّفة» إلى حدّ بعيد. قدمت وسائل الإعلام الغربية «إسرائيل» إلى العالم على أنّها «واحة للديمقراطية» و«دولة متطورة» في قلب صحراءٍ من «التخلّف والكراهية»، فضلاً عن أنّ كثيرين من مفكري اليسار الأوروبيين كانوا يعتبرون «الصهيونية» حركة قريبةً من اليسار.

كان ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية مقرباً من أحزابٍ يسارية أوروبية، ما جعل تقرّب اليسار و«كيله» المديح للصهاينة أمراً طبيعياً، فكيف باليمين الحكومي؟ على الجانب الآخر، لم يمتلك العرب أي وسيلةٍ للدفاع عن أنفسهم في مواجهة «عتي» الآلة الإعلامية للوبي اليهودي المسيطر على الإعلام الغربي. الغرب، وخصوصاً اليسار، لم يبدأ بالتساؤل عن القضية الفلسطينية إلا في بدايات السبعينات.

المفكر إدوارد سعيد، كان أول من طرح أسئلة علانيةً في الإعلام الأميركي حول أحقية «الوجود» الفلسطيني وتعامل «الثقافة» الأميركية معه كما المثقفين.

وأشار إلى أن «كثيراً من المفكرين يتعاملون مع حق الفلسطينين كأصحاب أرضٍ أصليين بجهلٍ وبعنصرية بحت».

قائمة غولدا

أصدرت رئيسة وزراء الكيان الصهيوني في بداية حزيران عام 1972 قرارها بالموافقة على لائحة القتل الشهيرة «لائحة غولدا» وسلّمتها إلى رئيس الموساد آنذاك آرليش زامير الذي فوجئ بأن اللائحة تضم «مدنيين» أكثر من «عسكريين». اللائحة التي كانت تضم كتاباً ومثقفين فلسطينيين أبرزهم: غسان كنفاني وكمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار وبسام ابو شريف وأنيس الصايغ مدير «مركز الأبحاث الفلسطيني» آنذاك، فضلاً عن بعض القادة العسكريين الأكثر شهرةً مثل وديع حداد. لماذا اختارت مائير هذه الأسماء بالذات؟ كانت هذه الأسماء بوابة الثقافة الفلسطينية على الغرب، وهو أكثر ما كان يقلق المرأة «الوحش» بحسب ما كانت مشهورةً في الدولة العبرية. كان هؤلاء يفتحون عيون الغرب على «أحقية» القضية الفلسطينية كما «بالقتال» لأجل حق وجودهم، بالإضافة إلى تعرية «الوحشية» الصهيونية اليومية بدءاً من عام 1948. كان غسان كنفاني كاتباً ومثقفاً وفناناً يسارياً ذا شكلٍ غربي محبب فضلاً عن الكاريزما التي يتمتع بها، لذلك كان من الطبيعي التخلص منه وبسرعة. كمال ناصر وكمال عدوان كانا شاعرين، أبو يوسف النجّار كان قاصاً وروائياً، بسام أبو شريف كان صحافياً جيداً ومثقفاً. كانت معظم الأسماء الواردة في اللائحة تجيد أكثر من لغة ولديها علاقات قوية مع مفكرين ومثقفين غربيين. ذلك كان السبب الرئيس بالتأكيد لورود تلك الأسماء في لائحة غولدا!

الأخبار اللبنانية في

21.07.2014

 
 

ليكن معيارنا سلاح المقاومة والتحرير

مصطفى مصطفى 

كانت «وحدة أفلام فلسطين» رائدة في فضح الجرائم الصهيونية بالبوستر والفيديو في السبعينات. «الوحدة» التي لعبت دوراً إعلامياً بارزاً، أسسها مصطفى أبو علي وسلافة فواخري وهاني جوهرية عام 1968. كسرت الصمت المفروض من قبل قنوات غربية على صورة الفلسطيني منذ النكبة. وكان ظهور الفلسطيني على شاشاتها موسوماً بـ«عربي إرهابي».

«وحدة أفلام فلسطين» كان هدفها أسمى من استدرار تعاطف الإعلام الغربي. هدفت إلى توثيق وجود الفلسطينيين بالصوت والصورة، وإلى الحشد السياسي خلف القضية الفلسطينية، عربياً وعالمياً. منذ بدايتها، عملت على توثيق تدريبات الفدائيين في الأردن ولبنان، وتوثيق الحياة في مخيمات اللاجئين، وتوثيق الجرائم الصهيونية. للمرة الأولى، رأى الفلسطيني نفسه بواسطة كاميرته في المخيم أو في ساحة التدريب أو حتى جريحاً وشهيداً. كان عليه أن يستعيد صوره التي ظهرت خجولة في التلفزة الغربية التي فضّلت عليها صور الإسرائيلي. كانت «الوحدة» تعرض أفلامها التوثيقية في مخيمات اللاجئين، وكانت تنسخ 70 نسخة من كل فيلم تنتجه. هذه النسخ كانت توزّع لتعرض في العالم: الجامعات ومقار الأحزاب واتحادات العمال والمهرجانات. نترك للمؤرخين فحص تأثير هذه الأفلام في حشد وتجنيد فدائيين من جنسيات عدّة في صفوف «منظمة التحرير الفلسطينية» وحركات تحرر أخرى. ما نعرفه مثلاً أنّ «الجيش الأحمر» الياباني أنتج فيلماً عنوانه «الجيش الأحمر – الجبهة الشعبية: تصريح لحرب عالمية» عام 1971، وفي العام التالي روت مجموعة فدائية يابانية بدمائها أرض مطار اللد.

نشهد اليوم نوعاً من «الاستهلاك الإنساني» لصور الشهداء الأطفال

من الأفلام التي أنتجتها «وحدة أفلام فلسطين» هو «اعتداء صهيوني» (22 د ـ 1972) يوثّق المجازر التي قام بها الطيران الحربي الإسرائيلي في لبنان عام 1972. تنقلنا المشاهد الصامتة في الفيلم بين حطام البيوت، وتركّز الكاميرا عدستها على أشلاء الشهداء الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين. قبل هذا الفيلم، أنتجت «الوحدة» فيلمها «بالروح، بالدم» (34 د ـ 1971) الذي يوثّق لمجازر «أيلول الأسود» التي ارتكبها النظام الأُردني عام 1970. كذلك أنتجت فيلم «تل الزعتر» (72 د ـ 1977) الذي يوثّق المذبحة التي ارتكبها النظام السوري وقوات اليمين المسيحي اللبناني. نستذكر هذه المرحلة في صراعنا السياسي والإعلامي مع إسرائيل التي سبقت وسائل التواصل الاجتماعي والمحطات الفضائية، لكشف بعض التصدّعات الراهنة في خطاب التضامن مع القضية الفلسطينية. في كل حرب إسرائيلية على غزّة، تنشر صور أشلاء الأطفال الشهداء على وسائل التواصل وتتصدر المواقع الإلكترونية وأغلفة بعض الصحف لكسب التضامن (الغربي تحديداً). هذا ليس أمراً غريباً، ففي الأفلام التي أنتجتها «وحدة أفلام فلسطين» ظهرت بوضح أشلاء الشهداء الأطفال. الطفل الفلسطيني هو رمز البراءة: الذي قُتل ولم يقتل أحداً؛ هُجّر ولم يهجّر أحداً. كان هذا في السبعينيات، وكانت هذه الصور تُوضع في سياقها السياسي والتاريخي: هذه صور أطفال شهداء لاجئين احتلت أرضهم من قبل إسرائيل، وبيوتهم الأصلية هي في اللد والرملة وليس في المخيم. وكانت الصور موجهة لجمهور أوسع من الغرب، ضمّ أميركا اللاتينية ودول المعسكر الاشتراكي سابقاً. لكن ما نشهده اليوم هو نوع من «الاستهلاك الإنساني» لصور الشهداء الأطفال في غزة، خارج سياقها السياسي والتاريخي. رأينا هذا على الأغلفة الأخيرة لجريدتي «الحياة» و«الأيام» الناطقتين باسم «سلطة أوسلو» التي تترقب بلهفة انكسار المقاومة في غزة. كما رأيناه في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.

لا أحد يُذكّر (خصوصاً من النشطاء العرب) أنّ هؤلاء الأطفال الشهداء هم أبناء لاجئين وبيوتهم محتلة في فلسطين التاريخية. هذه الانعطافة في الوعي الراهن، سببها ربما سنوات من ضخ خطاب «حقوق الإنسان» من قبل مراكز الأبحاث ومؤسسات المجتمع، إضافة إلى أجندات سياسية، لاختزال قضية فلسطين في خانة إنسانية. يُخيّل للمرء وهو يتابع ما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الصحف أنه يجب أن نقتل أطفالاً لاستدرار تعاطف الإعلام الغربي معنا. لكن ماذا لو قُتلنا (وأخطأنا؟) ونحن رجال ونساء، ألّا نستحق التضامن والتغطية الإعلامية؟
على العالم (العربي قبل الغربي) أن يحفظ أسماء ووجوه شهداء فلسطين، أطفالاً ونساءً ورجالاً. ليكن معيارنا في المعركة سلاح المقاومة والتحرير، وليس ميكرفون وكاميرا الصحافي الغربي.

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترJerusaleMustafa@

الأخبار اللبنانية في

21.07.2014

 
 

جابر عصفور في عش الدبابير

 سيد محمود 

بعد شهر على توليه وزارة الثقافة، جاء تعيينه أسامة عمران والسيد ياسين مخيباً للآمال. قراران يؤكدان لغالبية المبدعين رغبة النظام القديم في استعادة قواعده

بعد نحو شهر على تعيينه، لم ينجح وزير الثقافة المصري جابر عصفور في كسب أصوات من عارضوا توليه المنصب في أول تشكيل وزاري في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. لم ينجح عصفور أيضاً في تحسين صورته التي اهتزت كثيراً بعد قبوله الوزارة في آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، إذ لم تنصف قراراته في الوزارة من تعاطفوا معه واعتبروا عودته إلى الوزارة فرصةً ذهبية لإصلاح خطأه الدرامي الأول حين قبل المنصب في أجواء ثورة «25 يناير». ورغم أنه كان قد بدأ وزارته الثانية بخطاب يعزز فكرة التنوير والعمل على مواجهة الإرهاب ودعم الشباب، إلا أن التعيينات التي أعقبت هذا القرار جاءت مخيبة لآمال الجميع.

ما كاد الوسط الثقافي يستفيق من صدمة تعيين الكاتب السيد ياسين (94 سنة) مقرراً للجنة التي ستتولى كتابة استراتيجية ثقافية للمستقبل، حتى أصدر عصفور قراراً جديداً مفاجئاً تمثل في تعيين الضابط السابق في «مجلس الدفاع الوطني» (جهاز المخابرات) أسامة عبدالله أحمد عمران، رئيساً لقطاع مكتبه. مشكلة القرارين تكمن في أنهما يؤكدان لغالبية المثقفين رغبة النظام القديم في استعادة قواعده. السيد ياسين يعدّ من أبرز المفكرين الذين اتخذوا موقفاً معادياً من «ثورة يناير».

حتى أنه اتهم شباب المدونين بـ«الجهل» قبل عام من الثورة في ندوة أقيمت في الكويت، ووصف تعليقات هؤلاء بأنها تعليقات سطحية، وأن ثورتهم هي الثورة الوهمية التي لم تغير شيئاً في الواقع السياسي. راح ياسين أيضاً يطلق انتقاداته على بعض المدوّنات لأنها «تنتمي إلى صناعة مستقلة ممولة من أميركا وبعض الجهات الخارجية الأخرى، أو تقوم ببيع إنتاجها من صور ولقطات قصيرة إلى القنوات الأجنبية». وقد ألّف ياسين كتاباً عن «ثورة يناير»، ظلّ نصاً معلقاً في الفراغ. لذلك نال قرار تعيينه نصيبه من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي. لم تخل التعليقات من إشارات تذكر بوقوفه الدائم ضد الشباب، وانعدام صلته بخطط إعادة هيكلة وزارة الثقافة والمجموعات الناشطة لكتابة سياسة ثقافية جديدة بسبب تقدّمه في السن. كذلك، نوه بعضهم بعمله مستشاراً لمركز بحثي يديره ويملكه الكاتب عبد الرحيم علي الذي يعتبره نشطاء «ثورة يناير» من أبرز المعادين لها وأكثر من تصدوا لتشويه نشطائها عبر برنامجه التلفزيوني «الصندوق الأسود» على فضائية «القاهرة والناس».

يواجه مشكلات مع بعض رجال الدين بسبب تهجّمه على «مؤسسة الأزهر»

وبالنسبة إلى مدير قطاع مكتب وزير الثقافة الجديد أسامة عمران، فقد أشار بيان وزارة الثقافة إلى أن خبراته الإدارية ارتبطت بمواقع وأجهزة أمنية خدم فيها. تخرّج من كلية الشرطة (1986) بتقدير جيد، وعمل ضابطاً في وزارة الداخلية قبل التحاقه بالمخابرات العامة عام 1992. وابتداءً من العام نفسه، عمل عضواً في «مجلس الدفاع الوطني»، وشارك في العمل الدبلوماسي في سلطنة عُمان. ورأى ناشطون أن تعيين عمران يعيد وزارة الثقافة إلى الصيغة الإدارية نفسها التي حصّنت الوزير السابق فاروق حسني. وقد اعتمد الأخير في إدارة قطاع مكتبه، على ضباط سابقين من المؤسستين العسكرية والأمنية لعبوا الدور الأكبر في تحصين قراراته، رغم الأزمات التي تورّط بها أمام الجماعة الثقافية. وتساءل الجميع عما قد يدفع الناقد الأدبي والأستاذ الجامعي جابر عصفور لإعادة السيناريو نفسه، خصوصاً حين يكون في أشدّ الحاجة إلى تحسين صورته المشوّهة بسبب موقفه من «ثورة يناير».

أثّر هذان القراران في عدد من الخطوات الإيجابية التي اتخذها عصفور، بدءاً من تغيير بعض قيادات الوزارة وتعيين أسماء ذات مصداقية مكانهم. هكذا عين الأستاذ والمؤرخ الجامعي، وأحد مؤيدي «ثورة يناير» محمد عفيفي أميناً لـ«المجلس الأعلى للثقافة»، و أستاذ الفلسفة الأكاديمي أنور مغيث مديراً لـ«المركز القومي للترجمة»، والصحافي حلمي النمنم رئيساً لـ«دار الكتب والوثائق القومية». وهي الدار التي انتدب رئيسها السابق عبد الناصر حسن لمدة شهرين رئيساً لـ«هيئة قصور الثقافة» لغاية اختيار رئيس من بين قيادات الهيئة (تملك 525 موقعاً ثقافياً في مختلف أقاليم مصر)، التي يراهن عصفور عليها في خطته الساعية إلى مواجهة الفكر الظلامي في الأقاليم وتحقيق مبدأ «العدالة الثقافية»، وتنشيط مجموعات وزارية تضم إلى جانب الثقافة وزارات التعليم والشباب والسياحة.

ومن المتوقع أن يواجه عصفور أزمة في سعيه إلى اختيار أحد معاونيه في هذا المنصب، خصوصاً بعدما هدد الشاعر مسعود شومان وزارة الثقافة برفع دعوى قضائية بعدما اختارته لجنة القيادات في الوزارة للمنصب. إذ فوجئ بتحفظات عصفور الذي تجاهل القرار استناداً إلى تقارير إدارية انتقدت تجاوزات شومان في آخر المناصب التي تولاها في الهيئة، فيما أكّد شومان عزمه على اللجوء إلى القضاء للحصول على المنصب رغم تحفظات الوزير.

وبعيداً من المشكلات الإدارية، يواجه عصفور مشكلات من نوع آخر مع بعض رجال الدين الذين انتقدوا تصريحات هاجم فيها «مؤسسة الأزهر» وورّطت الوزارة في أزمات ترجع إلى التسعينيات من جهة، ووضعت صديق عصفور شيخ الأزهر أحمد الطيب في مأزق الدفاع عن مؤسسته من جهة أخرى. وفي الوقت نفسه، من شأن تصريحات عصفور أن تضع وزارة الثقافة بمختلف مؤسساتها في دائرة «التربص» من قبل رجال المؤسسة الدينية العريقة، ما يؤكد أنّ أي مواجهة محتملة بين الأزهر والوزارة ستكون حامية.

الأخبار اللبنانية في

21.07.2014

 
 

زوم

مَنْ لم يبتكر في السينما راوح مكانه.. وسقط!!!

بقلم محمد حجازي 

السينما فن غير عادي، وغير ثابت، لا بل هو غير قابل للانحصار في قاعدة ما، وإنْ سُمِّيَ بالفن السابع، فإنّه قاسم مشترك لكل جماليات الحياة.

نقول هذا لأن الابتكار من سماته، ومَنْ خاض من دون جديد يجني على صورته، ومن تعامل معه على أساس ما هو قادر على استنباطه وجد الطريق إلى التقدير والمباركة.

فيلم واحد بوشر عرضه في الحادي عشر من تموز/يوليو الجاري، استغرق تصويره 12 عاماً. الرقم صحيح ولا خطأ مطبعياً أبداً. شريط (Boy Hood) نص وإخراج ريتشارد لينكلاتر أمضى في تصويره (12 عاماً) بالتمام والكمال، لا لأنّه كسول في العمل، ولا لأنّ هناك أسباباً مادية حالت دون إتمامه في وقته المعهود من ستة إلى ثمانية أسابيع، ما من مشكلة إطلاقاً، بل القضية أنّ «لينكلاتر» أراد هذا في صلب السيناريو الذي وضعه أصلاً عن شخصية رئيسية ومعها ثلاث أخرى رصدتهم الكاميرا، وهم يكبرون، يتحوّلون، يتغيّرون، وينضجون فكانت تتركهم لفترة ثم تعود إليهم كي تعرف أين أصبحوا، وماذا ربحوا أو نوع المشاكل التي اعترضتهم..

«إنّني أعتبرها تجربة حياة» كاملة نقلتها بكاميرا، وأردت أنْ أعرف ماذا يجري إذا ما اعتمدنا هذه الطريقة في العمل السينمائي.. وجدتُ أنّنا مع مغامرة رائعة».

هذا ما قاله المخرج الذي اعتز بفريقه: إيلار كولتران، إتيان هوك، باتريسيا آركيت، ورغم طول مدّة التصوير فإنّه لم يتكلّف سوى مليونين و400 ألف دولار، لكن وقت الشريط بلغ 166 دقيقة، رغم أنّ المشاهد لا يشعر بطولها أبداً، لأنّ السياق العام جاذب  جداً.

في فترة ما أراد محمد خان المخرج المخضرم وبعدها ضاق ذرعاً في تدبير إنتاج جديد لأنْ يصوّر فيلمه على طريقة الديجتال وفعلها، وجاءت النتيجة موفّقة، ودلَّ خان الجُدُد في المهنة على طريق تحل لهم مشاكلهم مع ضيق ذات اليد وعدم القدرة على تصوير أفلام خاصة لهم بعد التخرّج.
حتى محمود حميدة الممثل المتمكّن والمتصالح مع نفسه تطلّع إلى صوته على الشاشة فلم يعجبه أداؤه، عندها سارع إلى ترك القاهرة وسافر إلى لوس أنجلوس حيث أمضى ستة أشهر في هوليوود خضع خلالها لعدّة ورش تعليم تمثيل وعاد بعدها ليعلن بين زملائه عن أنّه سافر واستزاد من عاصمة السينما العالمية كي يتشجّع ويمثل بشكل صحيح أمام الكاميرا.

جامعة سيدة اللويزة (NDU) جرّبت إنتاجاً سينمائياً خاصاً. لم ترجع إلى أحد، تصرّفت من تلقائها ووظّفت كل المعدّات التي بحوزتها في سبيل إنجاز فيلم يشبه توجّه الجامعة، وإذا بالشكل جديد، فمَنْ يصدّق أنّ العمل جرى على نص للفنان المتعدّد الإبداعات جورج خباز، واختير 7 مخرجين من خرّيجي وطلبة الجامعة أنجزوا شريط (وينن) ويحكي عن كل الذين اختفوا في حرب لبنان التي لم تنته.

وهل منّا مَنْ ينسى واحداً من أجمل أفلام وودي آلن (وردة القاهرة القرمزية) الذي أقدم فيه ألن على إدخال بطلته (ميا فارو) المولعة بنجوم السينما ومنهم نجوم هذا الفيلم، إلى الشاشة الكبيرة على حائط الصالة، دخلت بين الممثلين، وباتت واحدة منهم، لا بل هم تحدّثوا إليها وهي في حال من الذهول، وهو الذهول نفسه الذي أصاب الجمهور، وجعله يصفّق لمخرج وكاتب وممثل ابتدع هذه الخدعة البصرية التي عشقها الجميع.

لكن ماذا عن الإيطالي جيوسيبي تورناتوري وفيلمه الأشهر «سينما باراديزو»، هذا الساحر السينمائي الرائع، الذي احتفظ لديه آلـ «قطشات»، التي تحتوي لقطات عاطفية حارّة تمنعها رقابة الصالات عادة وقد أخفاها بطل الفيلم كي يستخدمها معاً، أو كي يعرضها في ساحة القرية أمام الجميع.

بل وماذا عن فيلم يقوم بالتمثيل فيه ممثل واحد، روبرت ردفورد لوحده فوق قارب تتقاذفه الأمواج، وهو القبطان الوحيد، والشخص المفرد لوحده على متن القارب ساعة و40 دقيقة الكاميرا عليه، وهو يتصرّف بجلد، وصبر، وعدم اكتراث، بينه وبين نفسه هو قدري جداً، واعتبر أنّه يواجه حالة سلبية فحسب، وكل مَنْ شاهد الفيلم أثنى على الممثل الرائع، وعلى الفيلم الأروع.
وإذا ما وصلنا إلى فيلم «فجر كوكب القردة» لا نشك لحظة بأنّ ما نراه أمامنا قردة جرى تحريرها وتركها تداهم وتهاجم وتندفع بالمئات، لا بل كانت تتفاهم في ما بينها لأنها عانت سابقاً من عنف الرجال خصوصا من البشر.

هل نزيد، ونقول إنّ الممثلات والممثلين الأجانب يعجبهم أنْ يطلب منهم المخرج تغيير ملامحهم بالكامل أو التنكّر تحت أي زي، عكس معظم الممثلين عندنا الجمهور يعرفنا على هذه الصورة ولسنا مضطرون أو مضطرات لأي تبديل..

قراءة 
تكلّف 170 مليون دولار وجنى 73 منها في أميركا من العرض الافتتاحي فقط

«فجر كوكب القرود» يكشف عن وحشية واحدة عند البشر والقرود

شريط رائع في 130 دقيقة.. إيقاعها دقيق.. والشخصيات متفاعلة وجاذبة

منذ العام 68 ورواية بيار بول «كوكب القرود» (La Planète des singes) تحظى باهتمام السينما والجمهور من بعد.. وها نحن اليوم مع الجزء الرابع من السلسلة التي أنجزت عنها بعنوان «فجر كوكب القرود» (Dawn of The planet of the apes) للمخرج مات ريفز عن نص اقتبسه مارك بوماك، ريك جافا، وآماندا سيلفر، وقد تولّى الأخيران وضع مناخ ومواصفات الشخصيات كلها في هذا الجزء الذي جنى في يوم عرضه الأول في الصالات الأميركية 73 مليون دولار، فيما ميزانيته التي صُرِفَتْ عليه حيث صوّر في نيو أورليانز - لويزيانا بلغت 170 مليوناً.
ريفز عاونه 21 مساعداً، فتميّز مدير التصوير مايكل سيرزين، والمؤلّف الموسيقي مايكل جياكشينو، كما كان المونتاج موفقاً جداً (ويليام هوي، وستان سالفاس) والثقة كلها في خبيرة الكاستنغ ديبرا زان، التي جعلت الأدوار تعثر على ممثليها بكل بساطة، مع شريط ممتلئ بالرسائل والمعاني، والخلاصة أنّ البشر والقرود أسوأ من بعضهما البعض بآلاف المرّات.

عام 2011 كان آخر جزء يعلق مع نهوض كوكب القرود، وعندنا هنا أنّ الشامبانزي سيزار (آندي ساركيس) تطوّر ذكاؤه بشكل لافت من خلال تأثّره بالفيروس الذي أُصيبت به والدته خلال التجارب المخبرية التي أُجريت عليها... وبالتالي فإنّ ما اكتسبه سيزار ظهر في اختلاف تعامله مع البشر، وإجادته للغتهم، ومحاولته إفهام رفاقه من القرود بأنّه يعرف لغتهم وعاداتهم لأنّه عاش بينهم طويلاً، وبالتالي فهو مؤهّل لأن يفعل كل شيء بوعي.

يحصل هنا أنّ إبن سيزار ويدعى «العيون الزرق» (نيك فيرستون) وجد مجموعة من البشر، تبحث في الغابة التي يقطنها القرود في سان فرنسيسكو، على شيء ما، وعندما شاهد أحدهم القردة أطلق النار خوفاً وقتل أحدهما، ويتبيّن لاحقاً أنّ هؤلاء البشر هم من الناجين من المواجهة التي حصلت بين الطرفين سابقاً وهم الآن يبحثون عن مكان وجود مياه في الغابة لتوليد الكهرباء التي يحتاجونها، فيتم اعتقالهم جميعاً، ومن حسن الحظ أنّ حديثاً دار بين سيزار وسيد المجموعة مالكولم (جايسون كلارك) لأن التفاهم حصل سريعاً بينهما، وتوافرت ثقة بينهما، ما جعل سيزار يعطيهم الحرية للعودة إلى المكان الذي جاؤوا منه، وأرسل في إثرهم عدداً من القردة لمعرفة مَنْ يتبعون.

بعد وقت قصير أنطلق سيزر على رأس مئات من القردة ودخل إلى موطن البشر ومقرّهم، وتكلّم فيهم بعدما تقدّم إليه وهو فوق حصانه مالكولم، وحذّر سيزار البشر هناك وفي مقدمتهم زعيمهم درايفوس (فاري أولدمان) بأنّ المرّة المقبلة لن تكون كالأولى، وسيتم إشعال حرب طاحنة إذا ما تكرّر هذا الخرق.. وغادر المكان وسط عن الجميع.

درايفوس يميل إلى القتال، وإلى استعمال الأسلحة المتوافرة لقتل القردة كلها، وكلّف لجنة تشرف على جهوزية الأسلحة وفاعليتها لمعرفة قدرتها على إبادة هذه الحيوانات، لكن مالكولم كان يصر على إعطائه فرصة ثلاثة أيام للقيام بمحاولة مع سيزر، لأنّه يثق به، للحصول على الكهرباء بالتي هي أحسن... من هنا أخذ مالكولم ما أراد وتحرّك إلى الغابة ومعه إبنه الشاب ألكسندر (كوني سميث ماكفي) وصديقته إيلي (كيري راسل)، إضافة إلى الرجل الذي أطلق النار أوّل مرّة على القردة، ويدعى كارفر (كيرك آسيفيدو)، الذي يبدو على الدوام عصبياً وموتوراً ولا يُجيد التصرّف.

يصل الفريق إلى الغابة، ويغضب القردة، لكن مالكولم يشرح لـ سيزار، الذي جاؤوا من أجله، وأنّ الكهرباء ستعيد الجميع عندما يتم إنجاز متطلباتها، يوافق سيزار وسط امتعاض واحد من أبرز رجاله وأقواهم كوبا (توبي كيبل) الذي لا يسرّه أبداً ما يحصل، ويحضّر نفسه لفعل سيىء، ففي واحدة من الليالي يذهب كوبا مع صديق له من القردة ويطّلعان على عمليات تخزين الأسلحة عند البشر، وفيما هما خارجان أخذا معهما سلاحَيْ اثنين من الحرس، استعمل كوبا أحدهما في محاولة اغتيال سيزار، فأطلق عليه النار وأصابه في كتفه، فهوى إلى الساحة، وأعلن كوبا عن أنّ الأمر له والكل في خدمته.

يتبيّن لاحقاً أنّ سيزار لم يمت، ويحميه، ويقدّم له العلاج المناسب ثم ينقله إلى مكان آمن ويدعو نجله العيون الزرق لزيارته، وهو ما يعني أن يعود زعيم القردة إلى فعاليته بعدما قاد كوبا القردة جميعاً في جحافل لقتال البشر، وبدأت أعداد هائلة من الطرفين تسقط من دون وجود إمكانية ردع، أو تفاهم لوقف الأعمال العدائية.

يطل سيزار فيهتف من أجله معظم القردة، فيذهب أولاً إلى كوبا، ويتواجهان وحين يواجهه يقول له: ألم نقل إنّ القرد لا يقتل قرداً من جنسه؟»، عندها قال له سيزار: «أنتَ لست بقرد»، المواجهة طالت لكن النتيجة كانت بفوز سيزار، والتزام جميع رفاقه بما يطلبه منهم، ويتودّع مع صديقه مالكولم.

الشريط حل أولاً في الـ (Top 5) أميركا بـ 73 مليوناً وحل خلفه:

- ترانسفورمرز (16 مليوناً).

- فامي (12 مليوناً).

- 22 جامب ستريت (الجزء الثاني) (6 ملايين).

- هاو توشيرن يور دراغون (5 ملايين).

7 أفلام عربية في عمَّان...

اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان الفيلم العربي في الأردن بعد ستة أيام عرضت خلالها سبعة أفلام في سبع ليالٍ من المهرجان الذي رعته مديرة الثقافة الاردنية لانا مامكغ.

الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وضعت الرواد في صورة هذه التظاهر التي عرضت:

1 - وينن، لسبعة مخرجين لبنانيين من جامعة سيدة اللويزة (NDU)، ويتحدث عن جميع الذين فقدوا خلال حرب لبنان الطويلة. والمخرجون هم من طلبة وخريجي الجامعة التي تولت الإنتاج، وهي بصدد برمجته لعرضه جماهيرياً في وقت قريب، عن نص للفنان جورج خباز، وشهد الفيلم عرض أول له في مهرجان دبي الدورة العاشرة في كانون الأول/ ديسمبر المنصرم.

2 - مي في الصيف، للأردنية شيرين دعيبس، عن مي المسيحية التي تحب المسلم زياد لكن والدتها لا تريده.

3 - باستاردو، للتونسي نجيب بالقاض، والعنوان هو لقب لشاب يدعى محسن، يتعرّض في يومياته للعديد من حالات الإذلال والتهميش، وبعد حادثة طرده من عمله عرف كيف ينجز عملاً جديداً، محطة وزع من خلالها خطوطاً الكترونية جنت له ربحاً طيباً.

4 - مريم، للسوري باسل الخطيب، عن أثر أجواء الحروب على ثلاث نساء يحملن اسماً واحداً هو مريم.

5 - هم الكلاب، للمغربي هشام العيسوي، عن سجين أمضى ثلاثين عاماً في الاعتقال يحاول استرجاع حياته من جديد بعد اطلاقه.

6 - مصطفى بن بولعيد، للجزائري أحمد راشدي، يرصد حياة أحد أبطال معركة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.

7 - فرش وغطا، للمصري أحمد عبد الله، عن سجين يعمل للهروب من السجن في واحدة من ليالي الثورة في مصر

لقطات سينمائية

{ شريط (Birdman) للمخرج المتميّز أليجاندرو  غونزاليز إيناريتو سيكون عرض الإفتتاح للدورة 71 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، والذي سينطلق يوم 27 آب/ أغسطس المقبل.

إيناريتو المكسيكي ابن الحادية والخمسين سنة له: بابل، بيوتيفول، و21 غراماً، ويحضّر للعام المقبل شريط: (The revenant).. كتب ايناريتو السيناريو مع نيكولاس جياكوبون، الكسندر دينالاريس، وآرماندو بو، وصاغ الموسيقى انطونيو سانشيز، ولعب الأدوار الرئيسية: ايما ستون، ادوارد نورتون، نعومي واتس، آندريا ريزبوروغ، مايكل كيتون (في شخصية ريغان تومسون)، زاك غاليفياناكيس، وآمي رايان.

{ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ستقام دورته المقبلة بين 6 و18 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل برئاسة سمير فريد، وقد عيّن وزير  الثقافة جابر عصفور خالد عبد الجليل مديرا للمهرجان، وياسر شبل مديراً للشؤون المالية، بناء لطلب فريد كما ورد في مذكرة التعيين.

{ «صرخة الأبرياء» شريط قديم لـ فؤاد شرف الدين لم يرَ النور، جدده ويطلقه قريباً في عرض جماهيري وهو من بطولته مع جوزيف نانو (توفي عام 2010).

{ (Exodus: Gods and Kings) للمخرج ريدلي سكوت، يشارك فيه ممثلان عربيان: هيام عباس، وغسان مسعود في دورين. الشريط سيعرض في 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل: في فريق التمثيل: كريستيان بل، سيغورناي ويڤر، بن  كنغسلي.

{ يشارك فيلم: «فتاة المصنع» للمخرج محمد خان مع ياسمين رئيس في مهرجان ميد فيلم الذي يقام في بريطانيا.

{ وزير الثقافة جابر عصفور أعلن باسم رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب أن الدولة قررت علاج المخرج والسيناريست المتميّز رأفت الميهي على نفقة الدولة، بعدما كان عاد إلى منزله من المستشفى، حيث ضاقت أمامه سبل دفع مصاريف العلاج. لـ الميهي العديد من الأفلام المعروفة: سيداتي آنساتي، للحب قصة أخيرة، عيون لا تنام، الأڤوكاتو،  السادة الرجال، سمك لبن تمر هندي، قليل من الحب كثير من العنف، ميت فل، تفاحة (مخرجا)، غروب وشروق، على من نطلق الرصاص، أين عقلي، الحي الذي كان (كاتبا)، وله ست الستات، ووكالة عطية (مسلسلات).

{ هاري بوتر يعود وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، حيث يجمع رفاق الأمس لتبدأ قصة جديدة نسجتها جي كي رولينغ في قصة قصيرة لم تتعدَّ كلماتها الـ 1500

قضية 

مناسبة؟!

بين 6 و9 آب/ أغسطس المقبل ستقام إحتفاليات سنوية في ذكرى قنبلتي ناغازاكي وهيروشيما النوويتين باشراف معهد السلام في المدينتين، وقد إختير فيلمان جزائريان للمشاركة في هذه التظاهرة العالمية وهما من النوع الوثائقي أنجرهما المخرج والصحفي العربي بن شيخة.

إنها الذكرى 69 لإلقاء القنبلتين، والفيلمان: ريح الرمال: صحراء التجارب النووية، والجزائر ديغول والقنبلة، يعبّران عن واقع مزرٍ يعيشه سكان الصحراء الجزائرية منذ أكثر من نصف قرن، ويقول متحدث جزائري حول الموضوع:

«إن هناك أماكن مشعة بالمواد الخطيرة الناجمة عن التفجيرات الذرية، وإن سكان الصحراء مصابون بأمراض نتيجة تعرّضهم للاشعاع بينما تستمر فرنسا في تجاهلهم».

مخرج الفيلمين سيطرح مع اليابانيين هذه القضية طالباً المساعدة في هذا الإطار، حيث تؤكد المعلومات أن فرنسا قامت في الستينات بأولى تجاربها النووية في الجزائر وأن عددها وصل إلى 17 تفجيراً

اللواء اللبنانية في

21.07.2014

 
 

«زي النهاردة»..

وفاة الفنان أحمد محرز 21 يوليو 2008

كتب: ماهر حسن

ربما نسي كثير من جمهور السينما الفنان الموهوب والمتميز الراحل أحمد محرز لكنهم سرعان ما يتذكرونه حينما نذكر أربعة أفلام مهمة للمخرج الكبير الراحل يوسف شاهين شارك محرز فيها وهي «عودة الابن الضال، وإسكندرية ليه، وحدوتة مصرية، وسكوت ح نصور».

ولد «محرز» في 11 يونيو 1949 لعائلة مصرية عريقة كان والده عميدها، وهو الدكتور الطبيب إسماعيل محرز الذي يعتبر من كبار الأطباء في تاريخ مصر، وكان من أطباء الأسرة الملكية قبل ثورة يوليو وكانت أمه شريفة هانم من رائدات الحركة النسائية في مصر، وقد مثل أحمد محرز في خمسة أفلام سينمائية في 25 عاماً كان أولها «الأقدار الدامية» في 1976 وهو أول أفلام خيري بشارة الروائية الطويلة غير الأفلام الأربعة التي ذكرناها الأفلام الأربعة ليوسف شاهين.

ويعد دوره في «عودة الابن الضال» أهم أدواره، وكان هذا الفيلم هو المفضل عنده بين أفلام شاهين، أو على حد تعبيره «هذا الحالم العظيم الذي يرحل عن أسرته ليعود لهم بالشمس والقمر، ويخدعه السياسيون والفاسدون فيبني من دون أن يدري عمارات تسقط فوق سكانها في 1967، وعندما يخرج من السجن يكون كل شيء قد مات بموت الزعيم وحلم الثورة، فيعدو في لحظة الغروب وراء الشمس كظل قصير العمر يتلاشي سريعاً في الظلام وقد توفي محرز «زي النهاردة» في 21 يوليو 2008 عن 59 سنة.

المصري اليوم في

21.07.2014

 
 

السبكي متهم بسرقة «الحرب العالمية الثالثة» عن فيلم أجنبي

وكالات

طرح المنتج أحمد السبكي الفيديو الدعائي لفيلمه الجديد "الحرب العالمية الثالثة"، الذي يشارك في بطولته الثلاثي الكوميدي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد، أبطال فيلم "سمير وشهير وبهير" الذي حقق نجاحاً كبيراً إلى جانب المسلسل الرمضاني "الرجل العناب".

ويشارك في بطولة الفيلم الجديد كل من: علاء مرسي والمطربة الشعبية بوسى وإنعام سالوسة وأحمد فتحي، أما السيناريو والحوار فهو من كتابة مصطفى صقر ومحمد عز الدين، والإخراج لأحمد الجندي ومن المقرر عرضه في عيد الفطر المقبل. وعلى الرغم من الجهود في هذا العمل، إلا أن الاتهامات انطلقت تجاه الفيلم الجديد في اللحظة التي تم طرح الفيديو الترويجي له، حيث وجهت الاتهامات بناء على فكرة أن الفيلم "سرق من آخر أجنبي بعنوان ليلة في المتحف - night at the museum". وكان الفيلم الأجنبي طرح في صالات العرض عام 2006، وتدور أحداثه حول عودة الأبطال بالزمن إلى الماضي ومقابلتهما لعدد من الشخصيات التاريخية المهمة ومرورهما بأحداث يفترض أنها حقيقية لكنها تحدث بطريقة كوميدية. وكان لافتاً الهجوم الحاصل على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي ضد صناع الفيلم العربي وعلى رأسهم المنتج أحمد السبكي والأبطال الثلاثة متهمين إياهم بالسرقة من دون الإشارة حتى لاقتباسهم الفكرة من الفيلم الأجنبي. من جانبه، نفي المنتج أحمد السبكي لـ24 السرقة، مؤكداً أنه لا يوجد أي تشابه بين فكرة الفيلم العربي وأي فكرة أخرى وأنه لم يشاهد الفيلم الذي يتحدثون عنه، مضيفا أن الفيلم لم يعرض بعد حتى يتم مهاجمته واتهامه هو بالسرقة. يذكر أن الفيلم يشكل ثمرة تعاون بين الثلاثي وبين السبكي وبدأ التجهيز له منذ عدة سنوات وتم تأجيله أكثر من مرة بسبب ظروف انتاجية.

التحرير المصرية في

21.07.2014

 
 

«ميدياس» لأندريا بالاورو.. إيقاع الجفاف

علي البزّاز (طنجة) 

يروي فيلم «ميدياس» (إنتاج أميركي إيطالي مكسيكي مشترك، 2013) لأندريا بالاورو (مواليد العام 1982)، الفائز بجائزة الإخراج في الدورة الـ13 (29 تشرين الثاني ـ 7 كانون الأول 2013) لـ«المهرجان الدولي للفيلم بمراكش»، حكاية أسرة فلاحية مؤلّفة من الوالد إينيس الملتزم مسيحياً، والعامل في مزرعته، والمتسلّط والدؤوب، وكريستينا الخرساء الصمّاء، والدة 5 أطفال. تظهر العائلة في البداية سعيدة. لكنها تفقد سعادتها لاحقاً، شاهرة تمزّقاتها الأسرية بسبب الجفاف، وعدم هطول المطر. تخون كريستينا زوجها. تقع العائلة كلّها تحت تأثير الجفاف العاطفي، والبيئوي، والاجتماعي. هناك ملاحظة حول المنشأ البيولوجي للأطفال: 4 منهم ذوو بشرة بيضاء وملامح أوروبية، والإبن الأكبر ذو ملامح آسيوية وشعر أسود. يسود جفاف الطبيعة على شخصيات الفيلم، موجّهاً عوالمها نحو الخيانة الزوجية، والمشاجرة، والتسلّط الأبوي.

عندما يسقط المطر في نهاية الفيلم، تمشي كريستينا تحته بين الحقول متّجهة إلى أمام. المطر وكريستينا الصماء البكماء والخائنة (انتباه رائع في السيناريو، حيث كريستينا تحديداً تحت المطر وليس الأب أو أحد أبنائه مثلاً)، يقدّمان تأويلات كثيرة تزيد الفيلم مرونة في التقصّي والاختلاف. يتعلّق الأمر بمفاهيم الحتمية والحداثة، الإنسان ومصدر التغيير: هل التغيير نتيجة تبعية الإنسان للطبيعة والمجتمع ؟ أو هو سعيّ واستعداد وقدرة، تتصل بالمحيط وتخضع له، أي أن التغيير سيرورة وعلاقة؟ هنا، علاقة وجود، تداول ومعايشة، فعل وردّ فعل. لا توجد نتيجة حتمية مُقدرة. الحداثة عكس الحتمية والتقدير. يشتغل الفيلم على رموز كثيرة: تضمحل السعادة بسبب الجفاف، بينما المطر يُعرّي تناقضات العائلة، وهشاشة تماسكها. كريستينا (كاتالينا ساندينو مورينو) تخون زوجها إينيس (بريان ف. أوبيرن)، المتعصّب دينياً، مع عامل محطة البنزين. الزوج يبدأ الصلاة عند كل وجبة طعام، ويزور المقبرة. مشاهد عاطفية قاسية: يترك الأب كلب أحد أبنائه ضالاً، ويجبر ابنته المراهقة على مسح مكياج وجهها. بالإضافة إلى مشهد مُحيِّر يُشبه اللغز: عندما يريد ممارسة الجنس مع زوجته، وهي ترفض ذلك، يقول لها: أنا زوجك. يقود هذا المشهد إلى سرّ العلاقة بينهما، مُفسّراً سبب كون الإبن البكر ذي أصول آسيوية.
ليس معقولاً أن تقوم زوجة صماء وبكماء بتربية أسرة كبيرة الحجم، ثم تخون زوجها من دون أسباب مبرّرة. الجفاف أحد مرادفات الصمم والخرس، أي وجود غير طبيعي من ناحية البيئة والتأهيل البشري. رمزية الرتابة هي الأخرى عامل مهم في الفيلم، درامياً وفنياً. أولاً، هناك الإيقاع البطيء للأب، الذي أجاد الممثل تصويره في حركته اليومية، وملابسه، وتعابير جسده، وعلاقته بأبقار مزرعته. انقلب إيقاعه الرتيب عندما حلق لحيته طمعاً بتغيير حياته وأسرته. يزور مع أبنائه ـ من دون زوجته ـ أباه المريض. تتفق الرتابة مع إيقاع الريف المُملّ، حيث لا توجد مراكز ترفيه، ولا تغييرات جذرية مستمرة. تواطأت الكاميرا مع الإيقاع الرتيب في تصوير الواقع الحياتي للعائلة، مُركِّزة على أدق التفاصيل التي تصوّر رجلاً ريفياً: أصابع يديه الملوّثة بالروث والتراب، وحذاء المزارع المتين، تفاصيل وجهه الصارمة عندما يشتدّ الجفاف، ومنظر الرضيع يتقلّب في فراشه.

فيلم «ميدياس» خير تعبير عن السينما الواعية رموزها درامياً وتقنياً. سيناريو متقشّف بالحوار، (اشترك المخرج بكتابته مع أورلاندو تيرادو)، ومساحة واسعة للرموز التي تقول دلالاتها، وحركة الكاميرا، والإضاءة، والموسيقى. وعلى الرغم من الإيقاع الرتيب في الريف وندرة الحوار، لم يقع الفيلم في الجمود والملل. كل شيء فيه محسوب بدقّة درامية وفنية. المطر هو السبب والمنقذ معاً من دون سواه. ماذا ستكون نتيجة الفيلم وما ستوؤل إليه رموزه لو جاء التغيير من طرف شيء آخر غير المطر، نقيض الجفاف؟

السفير اللبنانية في

22.07.2014

 
 

«الفيلق».. وحشية الحرب تدمر النفوس!

عبدالستار ناجي 

فيلم «الفيلق» أو «الفصيل» هو واحد من الأعمال السينمائية التي ذهبت الى موضوع الحرب، من اجل تحليل اثار الحروب الوحشية وقسوتها على الذات الانسانية، وتدمير النفوس نتيجة هذيان العنف والقتل والتدمير والتشويه، في استخدام جميع الاسلحة المحرمة، حيث يزدحم الفيلم بكم من مشاهد العنف واستخدام أسلحة النابالم الحارقة، وانعكاس ذلك الدمار على العلاقات بين الجنود وما يتم لاحقا من تصفيات فيما بينهم بشكل مباشر او غير مباشر.

فيلم «الفيلق» من انتاج 1986 عن الحرب الأميركية - الفيتنامية، من اخراج وسيناريو المخرج اوليفر ستون والعمل يمثل بداية ثلاثية سينمائية عن ويلات ونبذ الحروب حيث قدم لاحقا «مولود في الرابع من يوليو» 1989 و«في السماء والأرض» 1993.

استند اوليفرستون في كتابته للعمل من ذكرياته الخاصة ابان مشاركته في الحرب الفيتنامية بالاضافة الى مزج جوانب من احداثيات فيلم «القبعات الخضراء» للنجم جون واين.

استعان ستون بعدد مرموق من شباب السينما في ذلك الوقت وهم نجوم المرحلة ومنهم توم بيرينجر ووليم دافو وتشارلي شين.

وتأكيدا لاهمية هذا العمل وقيمته الفنية والفكرية فاز الفيلم بأوسكار افضل فيلم عام 1986 بالاضافة لعدة جوائز من بينها أفضل مخرج، ويحتل الفيلم حاليا المرتبة 83 بين اهم مئة فيلم في تاريخ السينما الأميركية.

في فيلم «الفيلق» نذهب الى حكاية كريس تايلو الذي لم يوفق في دراسته الجامعية، ما دفعه للتطوع في الجيش والذهاب للمشاركة في الحرب الاميركية - الفيتنامية، حيث يتم الحاقه بفرقة المشاة 25 بالقرب من الحدود الكومبودية.

ومنذ اللحظة الاولى لوصوله يجد ذلك الشاب نفسه في اتون من المعارك حيث الجثث المحروقة والمتفحمة وارتال الجنود الذين يتم الزج بهم الفيلق والفصيل بعد آخر.

عبر تلك الرحلة تتشكل العلاقات والصداقات وايضا الذكريات من خلال مجموعة من المعارك التي تخوضها مجموعته او الفيلق الذي ينتمي اليه.

في كل مشهد هناك جثث متفحمة، واخرى مقتولة بواسطة التفخيخ.

حتى يصل تايلور الى احدى القرى ليجد شابا معاقا وامرأة عجوز يختبئان في حفرة، ويحاول مساعدتهم في الحين ذاته تتفجر العلاقات بين عناصر الفيلق عبر حدة ووتسر بارنز الذي يريد الامور بأسلوبه الخاص والحاد.

وهنا تحدث مجموعة من المواجهات حيث تصرفات الجنود تجاه القرويين التي تغضب بعضهم من البعض الآخر، بالذات السارجنت الياس «وليم دافو» والسارجنت بارنز «توم بيرنجر» وهذا الاخير يقوم بكثير من التصرفات العدوانية والتي تخلو من الرحمة، ما يقابلها الياس بكثير من الحدة والتوبيخ وهي امور تتطور الى خلاف وصراع بين الضابطين لاختلاف العقلية والسلوكيات ومنهجية التربية.

كمية من القرى يتم حرقها بكثير من العدوانية بعد ان يتم تهجير اهلها، هذه المشهديات دائما تروى من خلال وجهة نظر المجند تايلور الذي يجد نفسه مذهولا من حجم الحرب وجحيم العلاقات التي انعكست سلبا على جميع المجندين والضباط.

بالاضافة الى القتل العشوائي هنالك الاغتصاب في مشهديات تقدم للمرة الاولى عن ويلات الحروب في السينما الاميركية يقدمها اوليفرستون وهو يؤكد في جملة الاحاديث التي القاها لاحقا انها مأخوذة من ذاكرته الشخصية ومن احداث موثقة، واكيدة من بينها مشهد اغتصاب الفتاتين من قبل مجموعة من الجنود الذين تم ايقافهم لاحقا.

وهذا ما يجعل الخلاف يتصاعد بين السارجنت الياس والسارجنت بارنز المتورط في الجريمة والذي يعلم جيدا بان السارجنت الياس سيشهد ضده وهذا ما يدعوه الى محاولة وضع كمين للسارجنت الياس، بعد قيام بارنز بقصف الاعداء، ومحاولة جعل الياس منفردا في الخطوط الخلفية واغتيال العديد من الجنود وطلب النجدة ووصول المروحيات لانقاذ الجنود ولكن خبث بارنز ينجح في عزل الياس ليبقى وحيدا في الخطوط البعيدة ما يجعل الفيتناميين يطاردونه في اهم مشاهد الفيلم التي يقدمها الفيلم عبر مجموعة من المشهديات، سواء من خلال وجهة نظره او وجهة نظر الجنود الاميركان الذين كانوا في المروحيات، ما يدفع الجنود يلجأون لاطلاق النار على الجنود الفيتناميين من اجل انقاذ السارجنت الياس ولكن بعد فوات الاوان في مشهد هو الاهم، والذي يكشف خبث وتواطؤ وجريمة السارجنت بارنز الذي اداه وباقتدار عال النجم الاميركي توم بيرنجر والذي قام ايضا بطلب صناعة ماكياج خاص بوجهه يشير الى اثار جرح غائر في الوجه.

في الفيلم عدد بارز من النجوم، بينهم تشارلي سين بدور كريس تايلو وتوم بيرنجر بدور السارجنت بارنز وايضا وليم دافو بدور السارجنت الياس، وكم اخر من النجوم منهم كيفين ديلون وكيث دايفز وفرانسيشكو تويف والنجم الاسمر فورست ويتكر بدور «بيج هارولد».

كما اسلفنا فان الفيلم يستند الى ذاكرة اوليفر ستون نفسه، من خلال الخدمة العسكرية، ولهذا فهو حينما كتب العمل، ذهب الى التجربة من خلال موقف صريح ضد الحرب وضد التدخل في حياة الشعوب وضد الممارسات العدوانية واستخدام الاسلحة المحرمة.

كما اعتمد ستون على الجوانب التحليلية في تقديم الشخصيات العدوانية، التي تذهب الى الحرب وهي مسبقة بالعداء والحقد لقد مر كل شيء، بلا رحمة حتى الابرياء من القرويين والنساء والاطفال والمعاقين في سينما تقول الحقيقة ولا نزيف وفيلم «الفيلق» هو من تلك النوعية من الافلام التي لا تجامل ولا تتملق وتصرخ ولاتزال اصداء هذا العمل الكبير حاضرة من خلال قيمته الفنية وموقفه وايضا موسيقاه واغانيه التي قدمتها فرقة دورز التي تصدح ضد الحرب.
ونشير هنا الى ان السيناريو تأخر انتاجه، ولولا الافراج عن افلام مثل صائد الغزلان والقيامة الان، كما كان لفيلم الفيلق ان يصور ويتم انتاجه وان يحقق كل هذا النجاح المدوي ويشار ايضا الى انه لولا تدخل المنتج الايطالي الاصل دينو دولورينتز لما تم انتاج هذا الفيلم الصعب.

صورت مشاهد الفيلم في جزيرة لوزون في الفلبين وصادف ظروف صعبة في الانتاج، نتيجة المشاكل السياسية في الفلبين يومها ابان حكم ماركوس، وقد تأخر التصوير لاكثر من «54» يوما كلفت الشركة المنتجة «6.5» ملايين دولار.

بيت القصيد، انت امام رحلة من خلال مجند اميركي شاب يذهب الى الحرب، ليكتشف الحقيقة، او ليكشف الحقائق بمعنى ادق فنحن امام عين شاهد ترصد ويلات وكوارث الحرب، من الجانبين حيث الجنود الامريكان والجثث التي تتفحم.. والتي تعود من الجبهة بعد ان تحولت الى دمار بينما ما بقي من الجنود فانهم مدمرون بشريا، مشوهون من الداخل، مما سينعكس على تصرفاتهم وعدوانيتهم ضد الجنود والابرياء من الفيتناميين وضد بعضهم البعض، كما هو الامر في حكاية بارنز والياس التي تصل الى تصنيفه الاخر.

سينما اوليفرستون، هي سينما من نوع مختلف، ويكفي ان نشير الى ان هذا السينمائي قدم للسينما الاميركية من التحف السينمائية الخالدة، ومنها مولود في الرابع من يوليو 1989 و.جي. اف. كي. 1991 ومولود طبيعي قاتل 1994 ونيكسون 1995 وغيرها وهو في كل مرة يذهب الى السينما يستدعي الحقيقية، فسينما اوليفر ستون هي عين الحقيقة.

وهو في الفيلق يأسرنا في رحلة من الغفلة الى اليقظة، رحلة تجعلنا نشعر وكأن العالم يجلس على صدورنا ونحن نشاهد العنف الارعن والاسلحة المحرمة، وسقوط الابرياء نتيجة عدوانية الحرب وقراراتها وصناعها وقسوتها.

بينما نذهب الى الحرب لا تدعى البطولة والانجازات بل لنقول الحقيقة.

حيث يعترف ستون في فيلم «الفيلق» بان الامريكان قتلوا الابرياء والمعاقين وحرقوا القرى وشردوا الابرياء واغتصبوا النساء بل ذهبوا الى ما هو ابعد من ذلك بانهم قتلوا بعضهم البعض وصفوا بعضهم الاخر.

بل ان الفيلم يرتكز على مشهد المؤامرة التي حاكها احد الضباط لزميله ليبقى وحيداً امام الجنود الفيتناميين حيث لا مفر من الموت الا بالموت.

وسيظل مشهد اغتيال السارجنت الباسل الذي قدمه وليم داخو، اهم مشاهد الفيلم واهم المشاهد المقرونة بالالم، والتحدي خصوصا مع صرخة دافو الشهيرة.

ويبقى ان نقول.

فيلم «الفيلق» سينما من نوع مختلف، فيلم يذهب الى الحرب ليقول بل يصرخ الحقيقة.

النهار الكويتية في

22.07.2014

 
 

«طفولة إيفان».. الحرب تدمر البراءة!

عبدالستار ناجي 

شخصيا فيما شرعت بالتحضير لكتابة هذه السلسلة، والتي ستصدر لاحقا في كتاب سينمائي، وضعت فيلم «طفولة ايفان» للسينمائي الروسي القدير اندريه تاركوفسكي في المرتبة الاولى بين الافلام التي اخترتها، وحينما شرعت في كتابة الحلقات فضلت تأجيل الكتابة عن الفيلم لما يتطلبه الامر كثيراً من التحليل والذهاب الى ادق التفاصيل، خصوصا وهو يتعرض الى موضوع الحرب والطفولة، وقد اشرنا في حلقة سابقة الى فيلم «تعال وانظر للمخرج الروسي عليم كليموف، ولكننا هنا امام تجربة بعيدة المثال على صعيد المضامين والحرفيات السينمائية، التي رسخت تاركوفسكي كاحد اهم صناع السينما الروسية والعالمية.

يستند اندرية تاركوفسكي في كتابة هذا العمل، الى قصة قصيرة بعنوان ايفان كتبها الروائي الروسي فلاديمير بوغومولوف التي تروي حكاية الطفل الروسي اليتيم «ايفان» ابان الحرب العالمية ومن خلال تلك الحكايات البسيطة، عن ذلك الصبي ايفان الذي تمكن من الدخول الى خلف خطوط العدو الالماني لينقل المعلومات الى الجيش السوفييتي (وقتها) الروسي.

فيلم منذ اللحظة الاولى لا يمجد الحرب والبطولات كما فعلت جملة الافلام التي انتجتها السينما السوفييتية، قبل مرحلة الرئيس السوفييتي نيكيتا خروتشوف، حيث يقدم لنا تاركوفسكي فيها عن اثار الحرب بالذات على الطفولة والبراءة الانسانية البكر.

وهو بالمناسبة اول عمل روائي طويل لاندرية تاركوفسكي وقد فاز بجائزة الاسد الذهبي عام 1962، كما فاز بجائزة مهرجان سان فرانسيسكو، ومثل الاتحاد السوفييتي ضمن الترشيحات لاوسكار افضل فيلم اجنبي.

تجري الاحداث، على الجهة الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث المواجهة بين الجيشين السوفييتي والنازية الالمانية.

حيث نتابع حكاية الطفل ايفان ويقوم بالدور نيكولا بيرلايف وهو صبي روسي يتيم يبلغ من العمر 12 عاماً يستيقظ من المشهد الاول، ويعبر الجبهة التي مزقتها الحرب، من خلال عبوره لاحد المستنقعات، ويسبح عبر النهر، الى الجانب الاخر، حيث يتم القبض عليه من قبل الجنود الروس، ويتم احضاره الى الضابط جالتسيف ويقوم بالدور افجيني زاركيف والدس يقوم باستجوابه ويمنحه ورقة وقلماً لكتابة تقريره عن مشاهدته في الجانب الاخر.

وبعد ان يكتب تقريره المليء بالمعلومات والاخبار تتم معاملته معاملة جيدة ويمنح الاولوية وبعد التحقيقات ايضا والتقارير التي راح يكتبها تكشف بان ايفان من اسرة، والده كان يعمل ضمن حرس الحدود، وقد تم اغتيال جميع افراد اسرته والده والدته وشقيقته من قبل الجنود الالمان.

واكد انه تمكن من الهروب وانضم الى مجموعة من الثوار ليلتحق لاحقا بمجموعة جرايسنوف الذي يوليه اهتماما خاصاً، ويساعده على الدخول مجدداً الى الخطوط الامامية، والعمل على نقل المعلومات بنية الانتقام من الجنود الالمان، الذين كانوا وراء اغتيال جميع افراد اسرته.

وعبر تلك الرحلات نشاهد كما من الوجوه والدمار والعنف والمشهديات السينمائية التي يحتفظ بذلك الطفل ايفان في صور رائعة ومشهديات تعتمد حضور الصورة والاضواء والظلال في سينما اعلنت عن ميلاد مخرج من الطراز الاول.

مجموعة من الرحلات بين الغابات والشواطئ والانهار والمستنقعات والوجوة المختلفة الملامح وهو يرمق كل شيء وينقل كل شيء لتقديم المعلومة الحقيقية عبر أزمنة متعددة وحكايات متداخلة تجعلنا نتساءل في اي لحظة يجري هذا الحدث، وفي اي مرحلة تم تصوير ذلك لاننا امام شخصيات تظهر وتختفي واخرى يتم استدعاؤها من ذاكرة الطفل ايفان الذي يجد نفسه في مشاهد مواجهات قاسية مع الجنود الالمان تارة ومن الظروف التي تحيط به والرعب من الحرب والالغام والموت وهو يصبر على ذلك عبر حكايات يستدعيها تكون هي
ذاكرته الخصبة، حيث نرى طفولته.. وامه وشقيقته.. ووجوهاً أخرى.. تمر امامنا، وكأنها حية حاضرة.. فاذا بها جزء من ماض.. وذاكرة طفل يحاول خدمة بلاده.. والانتقام لأسرته.

لنصل إلى المشهد الأخير، والذي يشير الى سقوط برلين تحت سيطرة الجيش السوفييتي، بعد سقوط الرايخ الثالث. ونعرف بان الكابتن كولن قد تم اغتياله، وهو من ارتكب الكثير من المجازر.

ويعثر جالتسيف على الوثائق التي تشير بانه تم القبض على ايفان.. وتم شنقه من قبل الألمان.. وحينما يدخل جالتسيف غرفة الاعدام.. نشاهد الفلاش باك الأخير، حيث نشاهد الصبي ايفان وهو يركض عبر الشاطئ مع فتاة صغيرة.. في أوقات من طفولته السعيدة.. ويكون المشهد الأخير مع شجرة ميتة على الشاطئ.

لنكتشف بان أندريه تاركوفسكي، قد قام بكتابة سيناريو محبك، يجعلنا طيلة الفيلم نعتقد باننا امام صبنى يتذكر.. فاذا بهذه الذاكرة لصبي.. قام بدوره اتجاه وطنه.. وتم اعدامه من قبل جنود الاحتلال الألماني.. ومن هنا أهمية هذا الفيلم.

فيلم لا يدعي البطولة والانجازات، فنحن امام طفل قام بدوره.. وايضاً لقي حتفه.. في سينما كانت جديدة من نوعها، تختلف كليا عن نسق الأفلام السوفييتية التي كانت تمجد البطولة والحرب.. فاذا نحن امام فيلم ينبذ الحرب.. ويمجد الطفولة.. ويؤكد على أهمية التضحية من أجل الوطن، ولكن بلا شعارات.. وبلا صيغ مزيفة للبطولة.

الرؤية البصرية التي اعتمدها اندريه تاركوفسكي شكلت نهجا سينمائياً، يدرس اليوم في كبريات المعاهد الفنية، وأعلنت عن ميلاد مخرج عبقري.. ونهج سينمائي.. وقيم ابداعية.

استعان تاركوفسكي في الفيلم بعدد من الأسماء، من بينهم الطفل الموهوب نيكولاي بيرلايف (بدور ايفان) وفلانتين زيكون بدور الكابتن كولن. وفي الفيلم ايضاً زوجة تاركوفسكي الممثلة القديرة ايرما راوش بدور (ام ايفان). كما اسلفنا، الفيلم هو أول اعمال تاركوفسكي، وانجزه بعد عامين فقط من حصوله على الدبلوم، وقد قام تاركوفسكي بتغيير نمطية القصة، لتحويل ايفان لأكثر من بطل.. فبعد ان كانت القصة تنتهي بعودة ايفان بطلا من الجبهة، قام تاركوفسكي بتحقيق نمطية السيناريو والقصة الصغيرة، لتبقى التضحية مرحلة ابعد من البطولة بشكلها التقليدي.

كما أضافت الموسيقى التي صاغها الموسيقار الروسي الشاب ادوارد ابلوف، قيمة فنية ابداعية لتلك التحفة السينمائية الخالدة.

في الفترة الأولى لانجاز الفيلم لفترتين من النقد من قبل السينمائيين والنقاد التقليديين، وفور حصول الفيلم على جائزة الأسد الذهبي في فنيسيا تحول الأمر الى انجاز فني، وبات يحمل لقب «تحفة سينمائية خالدة»، واعاد كثير من الكتاب وجهات نظرهم بالفيلم وقيمته الابداعية.

كما يمثل فيلم «طفولة ايفان» أكثر أفلام تاركوفسكي نجاحا تجارياً ودخلاً، وشاهدة في الاتحاد السوفييتي أكثر من 16.7 مليون مشاهد في صالات العرض. ونشير هنا الى ان المخرج السويدي انغمار بيرغمان، وصف تاركوفسكي بالعبقري.. وان مشاهدة الفيلم شكلت بالنسبة له اكتشافاً جديداً في عالم السينما. كما كتب جان بول سارتر عن الفيلم مقالة قال فيها: «انه واحد من أهم الأفلام التي شاهدتها».

كما حظي الفيلم بكثير من الكتابات النقدية، وعرض في السنة الأكبر من المهرجانات والأندية السينمائية وكتب عنه الكثير من المقالات التحليلية والفت عنه جملة من الكتب السينمائية، وبات اليوم يدرس في المعاهد السينمائية العليا بوصفه تحفة سينمائية عالية الجودة، تذهب الى موضوع الحرب ولكن بمنظور ومفاهيم جديدة.

في «طفولة ايفان» الحرب تدمر البراءة والطفولة.. حيث الزج بالطفولة في متاهات الحروب المدمرة.

وفي «طفولة ايفان سينما لا تذهب الى الشكل التقليدي في الفعل الروائي، فنحن امام مرحلة طفل.. ولكن الى أين هل هي الى الانتقام.. أو البطولة.. أو التضحية.

رحلة مشبعة بالعفوية مقرونة بكم من الصور والحكايات والشخصيات، ولكننا نكتشف في نهاية الأمر اننا امام ذكريات لطفل قتلته الحرب.. وقتلته التضحية.. وقتلته البطولة.

سينما ذات بعد فلسفي عميق، ومن هنا تأتي جوانب أهمية هذا الفيلم، الذي كلما ذهبت اليه، في زاوية اكتشفت قيمته الفكرية.. والفنية.. وهي أهمية تتأكد حتى بعد مرور أكثر من خمسة عقود على انتاجه.

فيلم «طفولة ايفان»، من تلك النوعية من الأفلام التي لا تنتهي.. ولا تختفي من الذاكرة بعد ان تضيء الصالة انوارها.. ويخرج الجمهور الى الحياة.. عندها تتفجر الصور والقيم والمضامين.. ليظل الفيلم حاضرا كلما حضرت الحرب.. والطفولة.. والابداع.. وعبقري بقامة اندريه تاركوفسكي.

النهار الكويتية في

23.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)