كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الصورة الحلمية في أفلام أندريه تاركوفسكي (1 من 2)

كتابة: فلادا بيتري  -  ترجمة: أمين صالح

 

معروف عن أفلام أندريه تاركوفسكي Tarkovskyأنها مغمورة بما يسميه هو "المناخ الحلمي" – التأثير الشبيه بالحلم – الذي يقاوم حاجة الجمهور إلى التأكد من صحة منطق ومصداقية الأحداث المعروضة على الشاشة.

لقد نجح تاركوفسكي، بالذات في "المرآة" The Mirror(75- 1978) و Stalker(1980)، في التعبير عن أحلام اليقظة بشأن الماضي والمستقبل من خلال وسائل سينمائية خالصة: متمماً التعبير الشفهي بواسطة وسائل سمعية بصرية، هو ينجز التنسيق الحركي الذي تتم تجربته على مستوى المحرّك الحسي، غالباً بسبب حركة الكاميرا المتواصلة، اللحوحة، عبر الفضاء.

بدلاً من التحكم في اهتمام المتفرج عن طريق القطع من صورة إلى أخرى، يؤكد تاركوفسكي على الطبيعة المؤقتة أو الزائلة للواقع، والذي بواسطته هو يتخطى الدلالة المألوفة والاعتيادية للمواد الملموسة من أجل بلوغ شيء تهمله العين المجردة وتستخف به، أو يبدو غريباً وغير مألوف عند النظر إليه وملاحظته.

على الرغم من كل المعاني المتضمنة، الاجتماعية وتلك المتصلة بالسيرة الذاتية، فإن "المرآة" هو فيلم حلمي بامتياز، يعكس ما يتذكره مبدعه عن مرحلة شبابه، بينما فيلمه Stalker– الذي يُقرأ عادةً كفنتازيا تنتمي إلى الخيال العلمي – هو حدس هذياني عن عالم "يمثل واقع حياة الفنان الباطنية" (كما يقول تاركوفسكي في كتابه "النحت في الزمن").

في هذين الفيلمين، تنفيذ اللقطات، خصوصاً كثافتها الحركية، هو الذي يجعل الأشياء أو الأحداث، المعروضة على الشاشة، تبدو متخيلة وواقعية معاً. إن معالجة تاركوفسكي للقطات المصاحبة trackingوتفاعلها مع الحركة ضمن اللقطة، إضافة إلى المعالجة اللونية للصورة، تتعارض مباشرة مع التضارب الإيزنشتايني (نسبةً إلى إيزنشتاين) الذي ينتجه تجاور لقطات ساكنة. في كتابه "النحت في الزمن" يعلن تاركوفسكي على نحو صريح أن: "الصورة السينمائية تنشأ أثناء التصوير وتوجد ضمن الكادر، بينما المونتاج يوّحد معاً لقطات كانت ممتلئة بالزمن".

بالنسبة لتاركوفسكي، مفهوم الزمن هو المظهر الأكثر أهمية في وسط الفيلم لأنه "متأصل في السينما ومتضمن في صلبها.. إنه ينبض عبر أوردة الفيلم وشرايينه، ويجعله حياً من خلال ضغوطات إيقاعية متعددة" (النحت في الزمن).

هذا يؤكد محاولة المخرج لإثارة استجابات عاطفية، غالباً ما تكون عميقة جداً، عند المتفرج، بدلاً من إطلاق أفكار مقصود منها أن تدعم موقفاً خاصاً تجاه المجتمع والتاريخ. نجد مثالاً واضحاً لهذا في استخدامه الأشرطة الوثائقية من الأرشيف (مثل: عبور الجيش الأحمر لبحيرة سيفاش في فيلمه "المرآة") التي، من خلال الضغط الإيقاعي، تولّد شعوراً كابوسياً: مفرطاً في التعريض للنور وذا حركة سريعة. الشريط الحقيقي، الموثوق به، يُرى كـ "مسعى فوق بشري للحظة تراجيدية في التاريخ، بالتالي يصبح المركز، الجوهر الفعلي، قلب فيلمي وعصبه" (النحت في الزمن).

هكذا، الدلالة التاريخية للشريط الوثائقي، الذي تم العثور عليه، تتحول إلى رؤية ذاتية لوقائع حقيقية حدثت في الماضي، وتمت تجربتها كرؤية موجعة ونوستالجية معاً للتاريخ.

الميزة الأولى

الميزة الهامة في الصورة الحلمية عند تاركوفسكي هي أن لقطاته لم تكن قط محرفة عن مظهرها التصويري، لكن في الوقت ذاته، الصورة المعروضة تبدو غريبة، معالجة على نحو غير مباشر من أجل تشتيت المعنى "الدرامي" للحدث، في حين يجعل المتفرج متورطاً مع المعاني المتوارية أسفل المستوى السردي. في حثه للمتفرجين بأن يبحثوا عن شيء وراء الصورة كمماثل للواقع، متيحاً لهم أن يفكروا ملياً في الأحداث/ الأشياء المقدمة، فإنه يشاركهم في تأملهم الخاص في ما يرونه على الشاشة. التحليل الدقيق لمشاهد الذروة في كلا الفيلمين يُظهر أنهما يحتويان الكثير من المظاهر المميزة لعملية الحلم.. كغرابة الحالة، الحركة الجسمانية القوية، الرؤية الخارجية المعتمة (إلغاء تخوم الصورة)، استخدام المؤثر الذي يجعل الصورة تومض ثم تخبو (النبض الضوئي)، التغيير غير المتوقع للنسق اللوني، الانقطاع الزماني- المكاني، التحريف التصويري للأشياء، الحركة المتباطئة، البؤرة المتموجة (التضبيب).. كل هذا يسهم في قبول الأحداث الغريبة، غير العادية، التي تدور على الشاشة.

على سبيل المثال، لو أن الجص الموجود في السقف يبدأ في التحلل والسقوط، بحركة بطيئة، على الشخصية (كما في فيلم "المرآة")، أو أن المادة السائلة تبدأ في الانهمار على الشاشات الموضوعة عمودياً في الخلفية (كما في فيلم stalker) فإن المتفرج يكون مجبراً على البحث عن معنى محجوب أو خفي لمثل هذه الحالات الشاذة.

كما سبق توكيده، تاركوفسكي يجد التوازن بين الموثوقية الوجودية لصورة الفيلم وانحرافها الظاهراتي، الذي يساعد صوره الحلمية في تخطي "لغة" الفيلم كنظام من العلامات، واصلاً إلى مستوى التجريد السمعي البصري. بالتالي، التجربة الحركية السينمائية الفذّة تعوق التأويل التحليلي النفسي للحدث المصوّر: بينما هو مثير للاهتمام من غير ريب، مثل هذا التأويل لا يفتقر إلى البرهان التحليلي فحسب بل هو أقل كشفاً من التجربة الفعلية للمزاج الحلمي الذي تنتجه الوسائل السينمائية الخاصة وعلاقتها بالمظهر الموضوعاتي للمشهد.

هناك نوعان من الحركة في "المرآة" و stalker: المسار الجانبي للكاميرا بينما الشخص يهيمن على صدر الصورة القريبة، والحركة التجريدية جزئياً (المضببة) تحدث في الخلفية البعيدة، والكاميرا تنسل عمودياً على أشياء الطبيعة. إن أغلب اللقطات في الجزء الأول من stalker(بعد المقدمة) منفذة بحركة مصاحبة جانبية، مرافقة (عن قرب) الشخصيات الثلاث (المقتفي أو الدليل والكاتب والعالِم) في رحلتهم إلى مركز المنطقة The Zone. هنا الكاميرا تتخيّل شكل الأشياء التي ستوجد من خلال منظر طبيعي خارج البؤرة والذي يُرى خلف رؤوس الثلاثة في مقدمة الصورة (غالباً مع مؤخرة الرأس وهي تواجه الكاميرا) إلى حد أن الجزء غير الواضح من الصورة يصبح معبّراً أكثر من الجزء الواضح. بالنتيجة، الخلفية المضببة تهيمن على الشكل البشري في مقدمة الصورة، كما لو تحكم حصارها على الشخصيات التي تصبح كسولة أكثر فأكثر، محدّقة في الفضاء الخالي، مصابة بخيبة أمل مما صادفته في المكان الذي بحثوا عنه فترة طويلة.

ينبغي على المرء أن يعي الإختلاف بين حركة الكاميرا الجانبية عند تاركوفسكي، وحركة الكاميرا المصاحبة الموازية عند جودار كما وظفها في فيلمه "أراك عند ماو" See You at Mao(1969)، حيث الكاميرا تتحرك عبر صف لا نهائي من السيارات المتوقفة، بينما العمال يقومون بحركات آلية متكررة، أو كما في فيلم "كل شيء على ما يرام" Tout va bien(1972) حيث الكاميرا تتحرك أمام عدد لا يحصى من أمناء الصندوق في سوبرماركت، في موازاة مع اندفاع ضاج لعمال مضربين يدمرون المحل.

إن وظيفة حركة الكاميرا عند جودار هي من أجل تكثيف الفعل الجسماني الذي يحدث أمام الكاميرا، لغايات أيديولوجية، في حين أن كاميرا تاركوفسكي تخترق الحقائق البيئية، إنطلاقاً من  إيمان المخرج بأن الكاميرا قادرة على اكتشاف الدلالة الخفية للعالم المادي.

من جهة أخرى، لقطات تاركوفسكي المديدة أيضاً تختلف دلالياً عن لقطات الهنغاري ميكلوش يانشو Miklós Jancsó في فيلميه "ريح الشتاء" Winter Wind(1969) و "الترنيمة الحمراء" The Red Psalm(1972) حيث حركة الكاميرا تصف – ضمن شروط إيقاعية – أحداثاً طقسية مرسومة على نحو راقص أمام الكاميرا مع اهتمام سياسي صريح. أما حركة كاميرا تاركوفسكي فتعكس – ضمن شروط سينمائية – النبض الإيقاعي المخفي تحت المظهر الخارجي للواقع، محدثاً استجابة عاطفية قوية، إضافة إلى التأمل.

في "المرآة" كل اللقطات المصاحبة تقريباً تحيل إلى نفسها، خصوصاً عندما تكون الحركة ضمن الكادر متباطئة، كما في اللقطات المصاحبة للعشب، الشجيرات، وأوراق الشجر، لتنتهي على الطاولة مع قطعة من الخبز، وحامل الشموع ينقلب بلطف بفعل الريح (كإيماءة شعرية، اللقطة ذاتها تتكرر مرتين في مواضع حاسمة). بل أن الحركة الأكثر فتنة هي حركة الكاميرا الأمامية وهي تتابع الشاب أليكسي فيما هو يدخل (بالحركة البطيئة) البيت القديم ويمر من خلال الستائر الشفافة، الطافية، قبل أن يصل إلى المرآة العتيقة حيث يواجه الفتى انعكاسه الوهمي. طاقة حركة كهذه تؤثر في وجهة نظر المتفرج: لأن الكاميرا تنتحل وجهة نظر الفتى الذاتية فإن هذا يجلب المتفرج وحده إلى سطح المرآة. الجمهور يختبر التأثير التغريبي في ما يتصل بالصورة المنعكسة، والحدث كله يبدو غريباً.

في الوقت نفسه، تأثير هذا والحركات المماثلة هو حسي وعاطفي في آن، حيث إيقاع الحركة المصاحبة إما يكون متزامناً أو غير متزامن مع إيقاع النص المنطوق، والمصاحبة الموسيقية، والمظهر الموضوعاتي للحدث.

فيلم "المرآة" يُفتتح بلقطة عامة لحقل فسيح، يُرى من وجهة نظر امرأة جالسة على سياج خشبي، بينما في نهاية الفيلم، الكاميرا تتحرك ببطء عبر غابة مظلمة أشجارها على نحو متزايد تحول دون رؤية الحقل البعيد الذي رأيناه في بداية الفيلم.

فيلم stalker يعرض علاقة مختلفة بين إيقاع افتتاحية الفيلم وخاتمته: إنه يبدأ (بعد أسماء العاملين) بحركة كاميرا أمامية عبر المدخل الضيق لغرفة نوم البطل (ذات الجدران المعتمة المصممة على نحو مهيب)، بينما ينتهي بلقطة ثابتة لابنة البطل وهي تميل بحزن على الطاولة. في الحالة الأولى، ركود الافتتاحية يتوقع الحالة النفسية الكئيبة للفيلم كله، بينما حركة الخاتمة تعزّز الطبيعة النوستالجية للذكريات. في الحالة الثانية، الحركة الاستهلالية تنبئ بالرحلة الغامضة، بينما النهاية الساكنة (بؤرة الكاميرا مركزة على النافذة الموصدة) هي تقريباً تصوّر حرفي لطريق غير نافد.

الحركة البطيئة، المستخدمة عادة في السينما السردية لجعل الحدث الزائد يبدو جذاباً بصرياً (والموظفة في أغاني الفيديو الشعبية على نحو مبتذل ورخيص)، في أفلام تاركوفسكي هي تتخذ الوظيفة التي حددها فسيفولود بودوفكين Vsevolod Pudovkin قبل أكثر من نصف قرن بوصفها "لقطة قريبة للزمن". كلما تباطأت الحركة على شاشة تاركوفسكي، اكتسب الحدث تأثيراً عاطفياً قوياً، خصوصاً في الذكريات النوستالجية، الكوابيس، والتخيلات (كمثال، الطيور المحلقة في فيلم "المرآة").

عن الحركة

الحركة المتباطئة هي اللب العاطفي للصورة الحلمية عند تاركوفسكي، والتي في لحظات الذروة تنجز ما تسميه مايا ديرين Maya Deren"الإختراق/ الإستنطاق العمودي" للموضوع المصوّر، جاعلة المتفرج يعي مرور الزمن وضغوطاته الإيقاعية. لاختبار كل هذا، يتعيّن على المرء أن يبحث وراء المعنى السردي للقطة، بما أنه يوجد أسفل المظهر التمثيلي للصورة حيث يمكن العثور على طبقات عديدة من المغزى الخارق الذي يوصف. بناء على ذلك، "المرآة" و stalker يتخطيان المعنى الفرويدي لصور الحلم، ذلك لأنها لا تعمل كرموز كامنة أو مستترة بقدر ما هي تساهم في التجربة اللاواعية لعالم الحلم.

اللقطات المصاحبة tracking الطويلة هي ليست فقط المصدر الوحيد للمناخ الحلمي السينمائي عند تاركوفسكي، فالحالة النفسية المرادفة، الشبيهة بالحلم، تولّدها اللقطات (المحدّقة) الساكنة التي تصوّر الحدث، المتجرّد من البعد الدرامي، كما في اللقطة المديدة، ما قبل الأخيرة، في فيلم stalkerعندما يجلس الرجال الثلاثة مسمرين في إحدى غرف المنطقة zoneشاعرين بخيبة أمل مع إدراكهم بأن المكان الذي بحثوا عنه طويلاً ليس هو "المكان الذي تتحقق فيه رغبات البشر الصادرة من القلب".

فيما هم يفكرون بقنوط في مغامرتهم، تقع حولهم سلسلة من الأحداث غير المتوقعة، مع ذلك تظل وراء متناول العالم الخارجي: الزمن يتوقف، في حين أن "الضغوطات الإيقاعية" الداخلية تُظهر نفسها عبر تراجع حاذق جداً للكاميرا الموضوعة في زاوية منخفضة قليلاً والتي تجذب انتباه المتفرج إلى الفضاء خارج الكادر: ما إذا كانت المساحة فوق الرجال الجالسين مسقوفةً, إلى أي مدى يكون تغيّر تكوين اللقطة– المتزامن مع التغييرات اللونية المستمرة– مبنياً على الدافع الجدير ظاهرياً بالتصديق (اللقطة تفتتح كصورة لونية والتي تدريجياً تتغيّر إلى لون بنّي داكن لتنتهي كصورة بالأسود والأبيض)؟ عندما يبدأ المطر، على نحو غير متوقع، في الهطول في مقدمة الصورة (مصحوباً بصوت مضخّم للقطرات وهي ترتطم بالمياه) مشكّلاً دائرة تومض على سطح البركة، كما لو تعكس أشعة الشمس اللامرئية، فإن الصورة تأسر المتفرجين بصرياً وسمعياً: غير معنيين بشأن لا احتمالية الحدث، هم – إضافةً إلى شخصيات الفيلم – يشعرون بالشلل بفعل "الطاقة الغامضة" المنبعثة من المنطقة (zone).

المرء هنا لا يستطيع أن يستبعد فكرة اعتماد تاركوفسكي على حدث مدمر حقيقي حين وقعت كارثة في العام 1957 في منطقة قريبة من شيليابنسك على إثر انفجار كيماوي لم يعلن عنه رسمياً.

الصورة الحلمية الأكثر إفتاناً في stalker هي على الأرجح تلك التي نجدها في "غرفة الكثيب"، في تلك المنطقة المحظورة، المغطاة أرضيتها بأكوام من الرمال. كل ما يحدث في هذه الغرفة مرئي بوصفه "لقطة قريبة للزمن".. أي، الحركة بالتصوير البطئ. عند موضع معيّن، طائران أسودان يدخلان الشاشة من اليسار ويحلّقان في اتجاه الطرف الآخر من الغرفة. مباشرةً قبل وصولهما إلى الجدار (المضاء بشكل ساطع) يختفي الطائر الأول (عبْر حيلة بصرية) فيما الآخر يحط بشكل طبيعي على الكثيب الرملي، محدثاً سحابة من الغبار المتموّج ببطء. أغلب المتفرجين، المفتونين بصرياً، أبدوا حيرتهم إزاء حقيقة ما حدث على الشاشة – أو ما إذا كان قد حدث ذلك بالفعل – وشعروا برغبة تلقائية في مشاهدة اللقطة مرة أخرى. مثل هذه الإيماءة الإخراجية تكثّف الغموض الهذياني عبْر اندماج المظهر التصويري للحدث والتنفيذ السوريالي للقطة. إن تكوين الصورة، تقلّبها اللوني الذي يدوم فترة طويلة، إضافة إلى "غرابة" البيئة (الطائر الذي يختفي، الحركة البطيئة للغبار الذي يطفو فوق الأرض، التصميم الشاذ للغرفة) لا تعكس حالة الشخصيات فحسب، لكن أيضاً تستفز في المتفرج تجربة ناشئة عن هذيان.

عين على السينما في

08.07.2014

 
 

الصورة الحلمية في أفلام تاركوفسكي (2 من 2)

كتابة: فلادا بيتري  -  ترجمة: أمين صالح 

في فيلم "المرآة"، التأثير الشبيه بالحلم يتحقق بواسطة اللقطات المصاحبة tracking التي تتابع ليزا، صديقة ماشا، وهي تجري عبر الرواق الطويل (سعيدة لأنها تحررت من الخوف الذي استبد بها من جراء خطأ في تهجئة اسم ستالين أثناء تنضيد الأحرف الطباعية في الجريدة.. هذا الخطأ الذي اكتشفته ماشا). وبينما هي تتقافز فرحاً أثاء جريها، الحركة تتباطأ قليلاً خالقةً الوهم بأن جسدها يطفو في الهواء. التأثير السوريالي يحدث في المكان المناسب (بالحس الموضوعاتي/ السردي) متزامناً إيقاعياً مع إحساس المرأة بالإبتهاج، وبذلك يوازي حالة التذكّر السائدة في المشهد. في مرات أخرى، غالباً في المشاهد الداخلية، يرتب تاركوفسكي الأشياء والممثلين ضمن الكادر بطريقة فيها الميزانسين يتحدى القوانين الفيزيائية إضافةً إلى المصداقية المعتادة. في اللقطة التي تُظهر أم إجنات Ignat وهي ترتفع في الهواء، نلاحظ بأن أجزاء اللقطة، التي في ظرف آخر قد توفّر مفاتيح منظورة ومدرَكة للحيلة البصرية، تكون ممحية بواسطة الإضاءة  وتأطير الكادر وحركة الكاميرا. المتفرج، الأعزل من أي إدراك حسّي، يكون مغموراً في تكوين الصورة، قابلاً الصورة، على نحو غريزي، كتخييل لعالم الشاب الداخلي، المحب لأمه.

تاركوفسكي يوجّه عناية خاصة إلى شيئين يثيران دوماً اهتمام السينمائيين الكبار: المنظر الطبيعي، والوجه الإنساني. بالنسبة له، الكاميرا أداة استكشاف مؤهلة لأسر روح اللحظة، فوراً وعلى نحو نابض بالحياة، بدقةٍ فوتوغرافية، بحيث تصبح مشاعر الجمهور مماثلة لمشاعر شاهد، إن لم تكن مشاعر المبدع نفسه. لتحقيق ذلك، غالباً ما يلجأ تاركوفسكي إلى تعديل المظهر الطبيعي للمنظور أمام الكاميرا وفي مرحلة ما بعد الإنتاج أيضاً، لكن من دون إرباك الموثوقية الوجودية للصورة السينمائية. هكذا نرى، في لقطات الإفتتاحية لفيلم "المرآة"، حقلاً فسيحاً من الحنطة السوداء تلاطفها، على نحو إعجازي، هبة ريح. إنه المنظر الذي، حسبما يصرّح تاركوفسكي، "بقي في ذاكرتي كأحد التفاصيل الأساسية والمميّزة في طفولتي".

إن التدخل الجلي لصانع الفيلم (الهبوب المفاجئ للريح ثم انقطاعها المفاجئ) يكشف "بصرياً وفورياً" الذبذبة المرافقة لذاكرة المبدع العاطفية. في فيلم stalker، وفيما تتقدم المجموعة عبر منطقة ريفية مهجورة، تكوين اللقطات التي تصوّر المنظر الطبيعي يصبح مكتظاً على نحو متزايد بالتفاصيل في مقدمة الصورة، والتي تهجس بالقلق والحصَر النفسي الذي سوف يختبره الرجال الثلاثة في مركز المنطقة ((zone.. وهذا يستجيب إلى استنتاج تاركوفسكي بأن الفن يجب أن يتخطى، وليس مجرد أن يسجّل، العالم الخارجي. الكاميرا، بالنسبة له، أداة تستكشف وتتحرى أكثر مما ترصد وتلاحظ.

في إشارته إلى لوحة ليوناردو دافنشي التي تظهر في فيلمه "المرآة"، يؤكد تاركوفسكي أن سبب قوة اللوحة الشهيرة التي هي عبارة عن بورتريه لإمرأة "راجع تحديداً لأن أحداً لا يستطيع أن يجد فيها أي شيء قد يفضّله بوجه خاص، ولا يستطيع أن يفرد أية تفصيلة عن الوحدة الكليّة... لذلك هي هناك تفتح أمامنا إمكانية التفاعل مع اللامتناهي".

الوجه الإنساني

هو يتقيّد بالمبدأ نفسه بينما يعرض الوجه الإنساني على الشاشة: نابذاً التعبير الوجهي كوسيلة لتوصيل الأفكار، فإن تاركوفسكي يحاول "الوصول إلى المشاعر الأعمق والأوغل، ليذكّرنا ببعض الذكريات والتجارب الغامضة، الخاصة بنا، فيغمرنا، ويحرك أرواحنا مثل كشفٍ يستحيل تأويله بأية طريقة".

هذا الموقف يتصل بمفهوم الصورة كما حددها لوي ديلوك وجان إبشتاين في العشرينيات من القرن الماضي بوصفها المقوّم الفذ للوسط السينمائي. وكانا يريان بأن الكاميرا تمتلك القوة القادرة على استخلاص الكثافة النفسية –العاطفية من الوجه الإنساني.

العديد من اللقطات القريبة للممثلة مرجريتا تيريكوفا (في فيلم المرآة) تبدو جميلة على الشاشة على نحو يفوق الوصف، خصوصاً عندما تدير عينيها نحو العدسات: تحديقتها اللطيفة لكن الثاقبة يمكن مقارنتها بالتحديقة النافذة التي توجهها سيلفانا مانيانو نحو المتفرج في فيلم بازوليني "أوديب ملكاً" (1967) عندما ترضع ابنها المولود حديثاً في الحقل الخالي. مثل بازوليني، تاركوفسكي يوظف تحديقة الممثلين لتأسيس اتصال مباشر بين مشاعرهم الشخصية والحميمة، والإدراك الحسي الغريزي عند المتفرجين. الطريقة التي بها يصوّر هذان المخرجان الوجه الإنساني في لقطات قريبة تتجاوز الإستخدام المألوف والمعتاد للتحديقة في السينما السائدة كأداة لتوصيل رسائل منطقية وعقلانية. عوضاً عن ذلك، التحديقة عندهما تعني تكثيف تواصل المتفرجين مع العالم الداخلي للشخصية.

الدلالة الظاهراتية لرؤية تاركوفسكي الحلمية تتكئ على التفاعل بين التمثيلي والسوريالي: المتفرج يشعر بأن شيئاً ما "خاطئاً" بشأن الطريقة التي تبدو فيها الأمور على الشاشة، لكنه غير قادر على اكتشاف "برهان" كافٍ لتكذيب الأحداث المقدمة على أساس المنطق اليومي. نتيجةً لذلك، اللقطة تكون "مقصيّة" شعرياً في التقليد الأفضل للشعراء الشكلانيين والفنانين البنيويين الروس المشاهير، الذين أصروا على ضرورة أن يكون المتفرجون واعين دائماً في اختبار العمل الفني كتحويل أو كترجمة ذاتية للواقع. في هذا الموضع يكمن إختلاف الصورة الحلمية عند تاركوفسكي عن الصورة عند بيرجمان: في "الفراولة البرية" Wild Strawberries، على سبيل المثال، مشاركة بطل بيرجمان كرجل عجوز في أحداث شبابه لها دلالة حلمية موضوعاتية على نحو صريح بالتباين مع بطل تاركوفسكي في "المرآة"، الذي يصبح جزءاً من الحالة الحلمية التي تحركها الطريقة التي بها تُعرض الأشياء على الشاشة، وليس بما تعنيه.

في أحد المشاهد، الشاب إجنات يظهر في الحجرة مع امرأتين تختفيان، على نحو يتعذّر تفسيره، في اللقطة التالية. على الرغم من عنصر المفاجأة، هذا التنافر الظاهراتي ليس شبيهاً بالحلم كما هو الحال مع اللقطة القريبة اللاحقة للبقعة المبتلة التي جفت على الطاولة حيث كانت المرأتان جالستين قبل لحظات. البنية التصويرية للسطح اللامع، الرسم المتموّج للبقعة، الضوء المتغيّر واللون، كل هذا يجعل اللقطة القريبة تبدو محيّرة بطريقة مماثلة للومضة الخاطفة للهب مصباح الغاز القديم الذي يراقبه إجنات فيما يمرّ بحالات لونية متنوعة وهو في طريقه إلى الإنطفاء. إن تركيز الكاميرا الموجع على التغيّرات البطيئة لبنية الإضاءة له تأثير هذياني على المتفرج، الذي يبدأ في إدراك الظاهرة العادية بطريقة مختلفة تماماً: التركيز غير العادي على المظهر البصري للعملية الطبيعية (الصمت لا يُقطع إلا بطقطقة متكررة للهب يخمد) يلغز الحقيقة الشائعة، خالقاً جواً غريباً ومخيفاً.

الغموض المعرفي للقطات تاركوفسكي مقصود منه تحويل انتباه المتفرج من المعنى التمثيلي للحدث المسجّل إلى المعنى الواقع وراء نطاق الخبرة، حتى عندما لا يتعامل الفيلم صراحةً مع محتوى الحلم. في  Stalkerبعض من أكثر اللقطات سحراً وفتنةً، المشبّعة بحالة شبيهة بالحلم، تنتجها وسائل تصويرية محضة، والتي كلها "تعكس" الذهنية المحبطة للشخصية.. التحويل النفسي لرغبة الشخصية في الهروب من شيء جائر ومستبد إلى شيء يوفّر الحرية.

من بداية الفيلم، التنفيذ السمعي- البصري للقطات في الحانة (التي جدرانها تبدو أشبه بنقوش تجريبية نافرة وهائلة) يمنع النزعة التلقائية عند المتفرج لقراءة الصورة فقط بوصفها تمثيلاً للواقع. عوضاً عن ذلك، هذا التنفيذ يدعو المتفرج إلى غمر نفسه في الإيقاع الواهن للفعل ومحيطه، متماهياً مع العالم الهذياني الذي فيه تجد الشخصية الأمان الروحي.

سكون الكاميرا

المتعقب Stalker  ، الذي يقتفي ويسعى، يقرّ لفظياً بنيّته على الإنتقال، مع زوجته وابنته، إلى المنطقة Zone من أجل "العيش في أمن وسلام، حيث لا أحد يستطيع أن يؤذينا". لكن آماله تتلاشى ما إن يصل، هو ورفيقاه، إلى الغرفة المركزية التابعة للمنطقة: الكاميرا هنا تصبح ساكنة، كما لو واقعة في شرَك فضاء عدائي، بينما الشخصيات تتحرك بلا هدف (في الأغلب، في موازاة محور متعامد للكاميرا) خالقةً تكوينات مختلفة ضمن اللقطة. بعد أن تبقى مركزة على المجموعة لفترة من الوقت، تبدأ الكاميرا في التراجع، تاركةً إياهم معزولين في المسافة، وعبر اتساع الكادر تتكشف لنا برك صغيرة خلّفتها الأمطار. الوسائل السمعية البصرية، التي تعمل كمنبهات حسيّة قوية أكثر مما تعمل كرموز تصويرية، تنقل إحساساً قوياً بالعزلة والإنسلاب. لهذا السبب، بدلاً من قراءة فيلم Stalker من وجهة نظر أيديولوجية/ بيوغرافية (سيرة ذاتية)/ سيكولوجية (تحليل نفسي)، يبدو الأكثر تسويغاً وإثارةً هو استنطاق بنية الفيلم كصور حلمية مرسومة عبر وسائل سينمائية تثير استجابة حسية عند المتفرج.

المتفرج لا يختبر فقط رحلة الدليل إلى المنطقة Zone بانفاقها الواقعة تحت الأرض، وأنابيب المياه العملاقة، ومنشآتها المعدنية التالفة، بل أيضاً المقدمة والخاتمة اللتين تدوران في الشقة وفي الحانة.

في التقاط المظهر الذي لا يوصف شفهياً من العالم المادي، تاركوفسكي قبل كل شيء يستخدم الإضاءة لتحقيق "لا شفافية" – حسب تعبيره -  اللقطات (على سبيل المثال: اهتزاز الأشياء وحركتها غير المفسرة، الاختفاء المتعذر تفسيره للأشياء، التجسيد غير المتوقعللدخان، الضباب، المطر، النار، الريح، والريش العائم)، والذي يتمم الكثافة الفلسفية للحوار. لكن كل هذه الرموز الخاصة بعالم الحلم ممثّلة على الشاشة بوسائل سمعية- بصرية يستحيل معها توصيل "ما لا يوصف" شفهياً: المطر، النار، الضباب، الريح، الأرض – عند تاركوفسكي – مختبرة على الشاشة كظواهر سينمائية أكثر مما هي مرئية كقوى طبيعية.

التجريد السينمائي يكون ظاهراً أكثر قرب نهاية الفيلم، عندما تركّز الكاميرا بؤرتها على ابنة الدليل أو المتعقب stalker التي يكشف وجهها الجامد عن تركيز متوحّد: في البداية نحن لا نرى غير جانب من وجهها يحتل مقدمة الصورة (بينما هي محمولة على كتفيّ أبيها)، شعرها مغطى بلفاع ملوّن،  بينما المنظر الطبيعي في الخلفية يتغيّر من محيط مضبّب إلى تصميم لوني زاه. في المشهد الختامي، فيما زوجة الدليل تحاول أن تخفّف عنه لحظاته الأخيرة، نرى التعبير الوجهي للصغيرة يماثل التعبير الكئيب على وجه أبيها. إنها تحدّق في الكأسين (أحدهما ممتلئ إلى نصفه بسائل) وجرّة على الطاولة، وتبدو مسترخية جسمانياً، مع ذلك فإن تحديقتها تطلق شحنة خارقة للطبيعة. بينما الكاميرا تتراجع تدريجياً فوق السطح اللامع للطاولة، الأشياء الثلاثة الموضوعة على الطاولة تبدأ في التحرك، على نحو إعجازي، على سطح الطاولة، في اتجاه الكاميرا، حتى يسقط الكأس الفارغ على الأرض مع صوت ارتطام متضخم. على نحو متزامن، الصوت المتقطع المتواتر، لقطار يقترب (رابطاً، مجازياً هذه المرّة، نهاية الفيلم ببدايته) يمتزج مع نباح كلب وضوضاء طاولة تهتز. الكاميرا، مغيّرة اتجاه حركتها، تدنو ببطء من الصغيرة، التي تغمض عينيها فيما تريح رأسها على الطاولة، بوجه طاهر ومتحرّر من أي انفعال، بينما موسيقى بيتهوفن تطغى على قعقعة قطار يغادر. الكاميرا تواصل اقترابها من الصغيرة حتى تحصر وجهها في لقطة قريبة، بعينين مغمضتين، فيما الموسيقى تتصاعد تدريجياً لتبلغ ذروتها كتمجيد لعبثية الحياة الجدلية – المعادل السينمائي للبيان الذي يقدمه الدليل بعد إدراكه بأن المنطقة الغامضة هي مظهر جوهري، وضروري، من الوجود الإنساني.

تحدي السرد التقليدي

إن الكشف الروحي للواقع في السينما، والذي يقوم به تاركوفسكي، يتحدى المفهوم التقليدي الصارم للسينما السردية بوصفها متوالية خطية من الأحداث التمثيلية المصورة. في خلقه صور الحلم التي طاقتها الحركية تتخطى الرصد المجرد للواقع، فيما يوفّر تجربة فذّة لا تكون ممكنة إلا في السينما، يبرهن تاركوفسكي أن التجريب الحقيقي في الفن لا يعني مجرد استخدام حيل أو وسائل بصرية بل إنجاز بنية سينمائية مركّبة ومعقّدة، "الشكل الذي يصبح هو الأقرب في توصيل العالم الداخلي للمبدع ويجسّد توقه إلى المثل الأعلى".

كل صنّاع الفيلم المبدعين انشغلوا حد الإستغراق بمعضلة التعبير عن الأفكار والغايات بلغة بصرية وسمعية، متحدّين بذلك الاعتقاد بأن هذا الوسط لا يلائم إلا الحركة البدنية والأداء الدرامي.

لقد برهن تاركوفسكي، بطريقة خلاقة، على أن من الممكن تحقيق صور حلمية شعرية ضمن النوعية السردية، شريطة أن يتم تخطي القصة بتأثير حركي مؤهل لتوليد شيء أكثر رحابة روحياً، وأكثر كونية، وضمنه يتجسد عالم كامل من المشاعر والأفكار والرؤى.

من الجلي أن الشعور، الأكثر حدّة، بالروحانية التي يختبرها تاركوفسكي، في أحلامه وتخيلاته وهلوساته، لا يمكن توصيلها من خلال الكلمة المنطوقة وحدها، وإنما في الأغلب من خلال الصور السينمائية التي تمثّل انطباعات المبدع المتخلقة بواسطة منطق الحلم، والمتشكلة بطريقة ملائمة لعملية التفكير أوالحلم.                                                                        

عين على السينما في

19.07.2014

 
 

السبت 19-07-2014 19:29 | 

توم هانكس يبدأ تصوير فيلمه الجديد A Hologram for the Kin بالغردقة

كتب: محمد السيد سليمان

على شاطئ جزيرتي طوال وسيال شمال الغردقة بالبحر الأحمر بدأ الممثل العالمى توم هانكس، صباح السبت، تصوير المشاهد الخاصة من فيلمه الجديد A Hologram for the King، داخل أعماق البحار بمناطق الغوص والشعاب المرجانية، التى من المقرر أن يقوم بالتصوير فيها لمدة يومين.

الدكتور ياسر سعيد، مدير عام محميات البحر الأحمر، أوضح أن الشركة المنتجة للفيلم حصلت على الموافقات اللازمة للتصوير بالمحميات الطبيعية من وزارة البيئة، مع الالتزام بتعاليم وإرشادات حماة البيئة، وقامت وزارة السياحة بتسهيل دخول معدات وأجهزة التصوير بتقديم خطاب ضمان لمصلحة الجمارك للإفراج عن الأجهزة ومعدات التصوير والملابس والإكسسوارات.

ويقيم الممثل العالمى توم هانكس خلال المدة التى يقضيها بالغردقة داخل يخت «أمل حياتى»، المملوك لرجل أعمال لبنانى، ويرسو بمارينا الغردقة، ورافقت توم هانكس قوة أمنية من إدارة تأمين الأفواج السياحية، خلال تصويره وخلال إقامته داخل اللنش الذى يقيم به.

كان مطار الغردقة الدولى قد شهد وصول النجم العالمى توم هانكس، على متن طائرة خاصة، قادما من ألمانيا، وسط إجراءات أمنية مشددة، ليبدأ فى تصوير مشاهد بأعماق البحار من فيلمه الجديد، من إخراج الألمانى توم تيكوير.

السبت 19-07-2014 15:52 | 

توم هانكس يبدأ تصوير فيلمه الجديد بالغردقة

كتب: محمد السيد سليمان

بدأ الممثل العالمي، توم هانكس، وفريق التصوير المرافق له، السبت، تصوير مشاهد فيلمه الجديد A Hologram for the King، قرب جزيرة سيال التابعة لمحميات الجزر الشمالية بالبحر الأحمر شمال الغردقة، بمرافقة فريق من باحثي البيئة والمحميات الطبيعية بالمحافظة.

وأكد الدكتور ياسر سعيد، مدير محميات البحر الأحمر، أن «هانكس» وفريق العمل بالفيلم لديهم كل التصريحات القانونية.

وأشار إلى أن تصوير مشاهد الفيلم تستغرق يومين فقط، ثم يغادر بعدها فريق العمل.

وأضاف مدير المحميات أن تلك المناطق اختارها مخرج الفيلم توماس سيبستيان، الذي كان قد قام بزيارة سابقة للغردقة، والذى أصر على التصوير بالجزيرة لروعة ما تحتويه شواطئها من شعاب مرجانية يرجع عمرها لملايين السنين.

وأكد «سعيد» أن هذا العمل هو رسالة جيدة لدعم وتنشيط السياحة إلى مصر والتأكيد على أن مصر آمنة.

الأحد 20-07-2014 06:48 | 

الشركة المنتجة لفيلم توم هانكس:

التصوير مستمر بالغردقة رغم سوء الأحوال الجوية

كتب: محمد السيد سليمان

تسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج وسرعة الرياح بالبحر الأحمر في منع وصول اللنش البحري التابع لمحميات الطبيعية بالغردقة، والذي يقل عددا من مسؤولي المحميات، من الوصول إلى موقع تصوير فيلم الممثل الأمريكي توم هانكس بإحدى الجزر البحرية شمال الغردقة لمتابعة أعمال التصوير والالتزام بالشروط الخاصة بمنطقة المحمية، على أن يتم الإبحار الخميس بعد التحسن في الأحوال الجوية.

وأكدت الشركة منتجة الفيلم أن أعمال التصوير لم تتوقف بسبب سوء الأحوال الجوية وأن الأمور تسير بشكل طبيعي.

كان اللنش السياحي «أمل حياتي» غادر مارينا الغردقة وعلى متنه هانكس ومخرج الفيلم إلى موقع التصوير بإحدى الجزر البحرية شمال الغردقة.

المصري اليوم في

20.07.2014

 
 

بعد قرار وزير الثقافة.. كمال عبد العزيز:

«قطاع» القومى للسينما سيعيد الصناعة لرونقها

كتب : اية رفعت 

أكد كمال عبد العزيز رئيس المركز القومى للسينما أن هناك ظروفًا طارئة خاصة وراء تأجيل اجتماع مجلس إدارة المركز مع وزارة التخطيط والذى كان من المقرر عقده يوم الثلاثاء الماضى، وذلك لبحث ومناقشة الأسس التى سيتم توزيع الميزانية الخاصة بالوزارة والتى تمنحها للمركز بالإضافة إلى عرض المشكلات التى تواجه السينما المصرية والحلول المتصورة لها من خلال مجموعة من السينمائيين.

وقد أصدر د.جابر عصفور وزير الثقافة منذ أيام قرارا بتحويل المركز القومى للسينما إلى قطاع منفصل تابع بشكل مباشرة للوزارة، وعن هذا القرار قال عبد العزيز: «فكرة تحويل المركز لقطاع ستتيح له القدرة على إعادة سوق السينما المصرية لرونقه القديم وتعطى لنا فرصة التحكم فى الأشكال الروتينية التى قد تعرقل عملية إنتاج الأعمال السينمائية وترميم تراث السينما.. فهذا يجعلنا أكثر حرية بدلا من المرور على قطاعات أكبر منا وتعطل الأمور.. وقد بدأنا بالفعل فى إعادة الأفلام الأجنبية للتصوير بمصر وذلك سيعود على البلاد بإيرادات هائلة ناهيك عن تشجيع السياحة وإثبات أن مصر بأمان، وبالفعل جاء المخرج ريدلى سكوت الشهر الماضى، حيث يقدم فيها بعنوان «الخروج» وقام بتصوير بعض المشاهد فى مدينة الأقصر.. ويأتى خلال أيام الفنان العالمى توم هانكس للتصوير بمدينة الغردقة.. وكل هذه الإجراءات تمت من خلال مشروع «الشباك الواحد» والذى يهدف إلى تسهيل كل الإجراءات الخاصة بالمنتجين العرب والأجانب الراغبين فى التصوير.. حيث كانت هذه الإجراءات تتطلب شهورًا بينما نحن ننتهى منها خلال 72 ساعة فقط.

وأضاف عبد العزيز: إن هناك تعاونًا بين وزارتى الثقافة والتخطيط لدعم صناعة السينما من خلال القطاع الجديد وذلك لإعادة السينما المصرية لرونقها القديم بإنتاج أفلام ذات قيمة مثل «الزوجة الثانية» و«الثلاثية»، حيث سيقوم وزير التخطيط د.أشرف العربى بوضع ميزانية 50 مليون جنيه للإنتاج والتطوير بالإضافة إلى الدعم المادى من وزارة المالية وهو 20 مليون جنيه يتم توزيعها كدعم للأفلام الجيدة من وثائقية والرواية الطويلة والقصيرة، التى سيحددها مجلس إدارة القطاع والمكون من عدد من السينمائيين منهم المنتج د.محمدالعدل والمخرج محمد عبد العزيز وشريف مندور ومحمد حفظى وعلى الغزولى وغيرهم.

ومن جانب آخر قال عبد العزيز إن هناك تخطيطًا لإعادة منظومة التوزيع السينمائى وخلق منافذ بيع جديدة، حيث يتم الاقتراح أن يقوم التليفزيون بشراء الأفلام وإعادة توزيعها مرة أخرى على أن يتم خلق سوق جديدة ودور عرض بمختلف محافظات مصر.. مؤكدًا أن جانبًا كبيرًا من الأزمة السينمائية هو التوزيع خاصة أن سوق السينما كانت معتمدة منذ 40عامًا على الموزع الخليجي، وبعد ظهور الفضائيات واختفاء هذا الموزع لم يجد الفيلم دور العرض المناسبة.

روز اليوسف اليومية في

20.07.2014

 
 

الكوميديا تنافس علي كعكة أفلام عيد الفطر المبارك

كتب : محيي الكردوسي 

بدأت دور العرض السينمائي التجهيز لاستقبال أفلام سباق عيد الفطر من أجل الفوز بجزء من  كعكة العيد التي يضع عليها صناع السينما الراهن أملهم في تعويض جزء من خسائرهم،وبدأت الشركات المنتجة تقديم برومات أفلامها في مقدمتها " النيل الأزرق "لكريم عبد العزيز و"جوازة ميري"  لياسمين عبد العزيز " وصنع فى الصين " لأحمد حلمي و"الحرب العالمية  الثالثة " لفريق الثلاثي .

 ويشهد سباق  هذا العام العديد من المفاجئات في مقدمتها خوض نجمي سينما بطولة مطلقه للمرة الأولي وهما محمود عبد المغني بفيلم " النبطشي" ومحمد لطفي ب" عنتر وبيسة".

 ويعتمد سباق سينما عيد الفطر على" الكوميديا" بعد غياب نجوم  الأكشن في مقدمتهم أحمد عز ، محمد رمضان ، لدخولهم سباق الدرامي والتخلي عن هذا الموسم .

  ويأتي فى مقدمة الأفلام التى تأكد عرضها فيلم  جوازة ميري"  للفنانة ياسمين عبد العزيز الذى عاددته به بعد غياب عامين  من فيلمها  الاخير " الانسة مامي"

 وتخوض ياسمين عبد العزيز السباق بنفس فريق فى فيلمها الأخير في مقدمتهم  المؤلف خالد جلال المخرج وائل إحسان، الفنان حسن الرداد، من خلال فيلم "جوازة ميري" الذي كان يحمل اسم "مطلوب عريس" من قبل، ولكن تم الاستقرار على الاسم الجديد مؤخرا.

 العمل يدور في إطار كوميدي اجتماعي، ويبدو أن صناع العمل قد استقروا على تغيير اسمه، بعد أن قارن البعض بينه وبين مسلسل هند صبري "عايزة أتجوز"، الذي عرض قبل خمس سنوات.

  فيلم "جوازة مري" بطولة حسن الرداد ، ياسمين عبدالعزيز ، كريم محمود عبدالعزيز ، صلاح عبدالله، تأليف خالد جلال ، إخراج وائل إحسان..

الفنان أحمد حلمي يدخل السباق بعد غياب عامين  من خلال فيلم " صنع فى الصين  " ،حيث  تدورقصته  حول شاب بلا هدف أو طموح ، تقوم أخته الصغيرة بالدعاء عليه، فتصيبه بلعنة يحاول التخلص منها، ليمر برحلة تعلمه الكثير.

 ويلعب دب الباندا دورا محوريا في أحداث فيلم أحمد حلمي الجديد، وهو ما أثار الكثير من التكهنات حول تشابه أحداثه مع أحداث الفيلم الأمريكي الكوميدي Ted.

 فيلم "صنع في مصر" بطولة أحمد حلمي، ودلال عبد العزيز، ياسمين رئيس، إدوارد، تأليف مصطفى حلمي، ،اخراج عمرو سلامة

 "الفيل الازرق " هو حصان كريم عبد العزيز الذي يخوض به السباق ،حيث  يرصد الفيلم حياة طبيب نفسي يدعي يحيى  " "كريم عبدالعزيز"  يحيى طبيب من نوع  خا ص مر بعدة مشاكل في حياته المهنية والشخصية، فبعد غياب يحيى عن العمل لمدة 5 سنوات يعود من جديد للعمل بمستشفي العباسية. يقرر يحيى العودة للعمل بجعبة جديدة والبدء من جديد ،لكن حين يطلب منه كتابة تقرير عن مريض نفسي  ينصدم عندما يعلم أن هذا المريض هو صديقه القديم دكتور شريف الكردي " خالد الصاوي " ،و تتعقد الأحداث لتكشف لنا عن أسرار مثيرة تتعلق بأبطال العمل  لتزيح الستار عن الغموض. .

فيلم الفيل الأزرق هو صياغة سينمائية من إخراج مروان حامد للرواية التي تحمل نفس الاسم للكاتب أحمد مراد، والتي تحفل بأجواء مثيرة وغامضة دفعتها لتصدر قوائم مبيعات الكتب بعد إطلاقها في 2012، وقام مراد بكتابة السيناريو والحوار لتحويلها إلى نص سينمائي ينتظره جمهور الرواية.

ويشارك في بطولة "الفيل الأزرقط خالد الصاوي، نيللى كريم، النجمة الكبيرة لبلبلة ،شرين رضا . .

فيلم "الحرب العالمية الثالثة" يعود بالثلاثي هشام ماجد وأحمد فهمي وشيكو  لشباك السينما بعد غياب سنوات ،وظهر خلال  البرومو العديد من الشخصيات التاريخية، منها محمد علي ، أحمد عرابي، وغيرهما من الشخصيات.

 ويشارك في بطولة الفيلم الثلاثي أحمد فهمي ،شيكو، هشام ماجد ،سمير غانم ،دنيا سمير غانم، تأليف مصطفى صقر محمد عز الدين، إخراج أحمد الجندي

أحداث فيلم "الحرب العالمية الثالثة" تدور في إطار كوميدي، حول تحول مجموعة من التماثيل الشمعية المتواجدة في أحد المتاحف العالمية إلى شخصيات حقيقية، مما ينتج عنه العديد من المفارقات والمواقف الكوميدية، نظرا لتواجدهم في عصر مختلف وفي ظروف خاصة.

 الفنان محمد لطفي ..للمرة الأولي  يدخل السباق ببطولة منفردا من خلال فيلمه  ""عنتر وبيسة"

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي، من خلال فتاة تجسدها  المطربة أمينة "بيسة " تربطها علاقة صداقه بالثلاثي محمد لطفي، هشام إسماعيل، سليمان عيد، وهم مجموعة شباب يقومون بأعمال إجرامية تدور حولها الأحداث.

 الفيلم بطولة  محمد لطفي، أمينة، هشام إسماعيل، سليمان عيد، غسان مطر، تأليف سيد السبكي، إخراج محمد الطحاوي.

 الفنان محمود عبد المغني يدخل السباق للمرة الأولي ب"النبطشي" الذي يحكي قصة صعود البطل الذي يعمل في إعداد الأفراح،حيث تركز هذه الشخصية الممتعة في حفلات العرس الشعبية المصرية، حيث يتولي شخصية النبطشي تقديم المغنيين والفقرات الاستعراضية علي خشبة المسرح مستغلا خفة ظله، وحضوره الطاغي مع طريقة إلقاء وثقافة شعبية مميزتين، يصبح النبطشي هو حلقة الوصل الأساسية بين كل الحاضرين رغم اختلافاتهم ومعبرا  عن كل منهم، ويستمر دوره طوال الليلة لتحية الجميع ودفعهم للتنافس في التباهي، بهدف جلب المزيد من "النقطة".

 "النبطشي" بطولة محمود عبد الغني، مي كساب، هالة صدقي، هبة عبد الغني، رامز أمير، رانيا الملاح،  تأليف محمد سمير مبروك، إخراج إسماعيل فاروق، .

فيلم "النبطشي" هو التعاون الثاني بين المخرج إسماعيل فاروق وكاتب السيناريو محمد سمير مبروك بعد فيلم القشاش.

بوابة روز اليوسف في

20.07.2014

 
 

«عيد ميلاد سعيد سيد لورنس».. عن الصداقة في زمن الحرب

عبدالستار ناجي 

شاهدت فيلم عيد ميلاد سعيد سيد لورنس للمرة الاولى عند عرضه في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي عام 1983 وكان احد ابرز المنافسين على السعفة الذهبية، وظلت موسيقى الفيلم التي صاغها الياباني ريوشي ساكاتو تصدح في ارجاء مدينة كان جنوب فرنسا، لتنطلق بعدها إلى انحاء المعمورة، في التحفة السينمائية التي صاغها الياباني ناجيزا اوشيما، وتتمحور حول موضوع الصداقة والاعجاب في زمن الحرب. فعلى خلفية المعارك والحرب العالمية، ترصد علاقات انسانية بين اربعة رجال في احد السجون اليابانية ابان الحرب العالمية الثانية.
ويظل يشتغل الفيلم ومن قبله الرواية حول موضوع علاقات الصداقة وحميمة العلاقات في زمن العداءات والمواجهات والموت.

الفيلم يستند الى رواية بنفس الاسم كتبها عن تجربة ذاتية السيد لورنس فان دير بوست بعد ان عاش كأسير ابان الحرب في احد المعسكرات اليابانية، وقد عمل المخرج ناجيرا اوشيما عند كتابته للسيناريو بالتعاون مع بول ميرسبيرغ على مجموعة من كتابات لورنس فان دير بوست التي كتبها في اعمال مثل البذور والزرع 1963 والليل والقمر الجديد 1970 حيث قام اوشيما ببلورة مضامين هذا العمل، الذي يحلل الجوانب الانسانية التي تجمع بين السجين والسجان، والتي قد تصل في احيان كثيرة الى عشق الاخر كما في تجربة العلاقة التي نشأت بين الرائد جاك دايفيد باوي والكابتن الياباني يوني ساكاماتو.

اربع شخصيات هي المحور الاساس للفيلم حيث العلاقات الانسانية في زمن الحرب والدمار والنفوس الممزقة والعداء والتطرف، وفجأة تتحرك احاسيس الصداقة ولربما ما هو ابعد من ذلك حيث الاعجاب المطبق. الرائد جاك باوي وهو سجين متمرد والمحمل بالاسرار من ماضي بعيد، مع كابتن يوني ساكاموتو وهو من صاغ ايضا الموسيقى التصويرية للفيلم، وهو قائد المعسكر الشاب والقاسي، وفي المقابل علاقة صداقة حميمة تتطور بين اللفتنانت كولونيل جون لورانس بول كونتي وهو ضابط بريطاني عاش في اليابان ويتحدث اليابانية بطلاقة مع الرقيب هارا النجم الياباني القدير تيكاشي كيتانو.

يصل يوني الى المعسكر لتسليم القيادة بعد ان نجح في تجربة قيادة احدى الفرق في منشوريا ولهذا يأتي وهو مشبع بالقسوة بالاضافة الى الاتهام بالمشاركة في مواجهة انقلاب، وكم آخر من القضايا التي حملها على عاتقيه وهو يدخل ذلك السجن كمسؤول ليواجه كما من الشخصيات في مقدمتها الرائد جاك السجين المتمرد الذي يعيش ذنب بداخله منذ ايام الشباب حينما قام بخيانة شقيقه الاصغر. تنشأ في البداية علاقة تصادمية حادة حيث ينفذ يوني اقسى العقوبات ضد جاك ولكن تلك القسوة تتحول الى عاطفة ثم اعجاب ثم مزيج من الاحاسيس الانسانية من بينها الحب حيث يعرب بولي جيدا، انه امام انسان قوي، عنيد وهو يعشق هكذا شخصيات بينما يعلم جيدا جاك ان بولي يحمل له تلك الاحاسيس، ولكنه لا يريد ان ينهزم امامه لانه يريد ان يعبر عن المساجين ويتحدث باسمهم.

اعجاب.. يتجاوز كل شيء.

وفي المقابل علاقة انسانية تملؤها الحكمة والخبرة بين لورنس وهارا.

ولكن قبل الاعجاب نتوقف عند مشهديات التعذيب التي قام بها بولي ضد جاك، ولعل من بينها الدفن حيا، حيث يقوم بدفنه واقفا ولا يظهر منه الا رأسه، وسط ظروف مناخية قاسية.

ثم يطلب منه ان يقاتله بشكل مباشر، لكل ذلك من اجل ان يكسر تمرده واعتزازه بنفسه وحينما يكتشف بولي انه يذهب الى تفريغ حقده وان الرجل الذي امامه هو في الحقيقة شخص يمارس ذاته ويعلن موقفه تتغير الاحاسيس من العنف الارعن الى الاعجاب والحب. بعدها تقفز الاحداث الىِ عام 1946 وبالذات بعد اربع سنوات من تلك الاحداث حيث يقوم لورنس بزيارة الرقيب هارا الذي يتم سجنه في احد السجون من قبل الحلفاء، وقد تعلم الانكليزية ويؤكد له انه لا يخاف من الموت لانه عاش حياته وعاش اصعب اللحظات وهو سعيد بانه يحمل اجمل الذكريات من بينها علاقة الصداقة التي كانت حافزا بالنسبة له لتعلم الانكليزية.

ويؤكد له انه كعسكري كان يقوم بواجبه تجاه وطنه ولو كان هناك اي عسكري من اي جنسية اخرى، لقام بذات المهمة حتى لو انهم من جنود الحلفاء انه قام بجرائم حرب. فهو يقوم بتنفيذ الواجب الوطني.

ثم يعطي الرقيب هارا للورنس خصلة من شعر جاك كان قد اعطاها اياه بولي حينما قام ذات يوم بدفنه وهو حي، وقام بقص خصلة من شعره ليحتفظ بها كذكرى حب كبير، واحترام لخصم حتى لو كان الامر في زمن الحرب.

وقبل ان يخرج لورنس يصرخ عليه هارا - الياباني عيد ميلاد سعيد سيد لورنس باللغة الانكليزية كتعبير عن احترام الاخر، الحرب شيء، والعلاقات الانسانية شيء اخر.

الحرب دمار فلماذا يتم تدمير النفوس والذوات وتحويلها الى براكين للحقد والقسوة والدمار.

فيلم يذهب بعيدا في طروحاته ومضامينه وايضا حرفيته العالية، وهي حرفية عرف بها دانها الياباني ناجيزا اوشيما، الذي يعتبر احد اهم صناع السينما في اليابان بالاضافة الى اكير اكيرا وسادا وشوهي ايمامورا وايضا تاكيشي كيتانو.

في الفيلم عدد بارز من النجوم في مقدمتهم المطرب البريطاني دايفيد باوي بدور جاك وتوم كونتي بدور لورنس والموسيقار الياباني ريتشي ساكاموتو بدور يوني وايضا تاكيشي ساكيتانو، الذي جسد دور -اهارا- باقتدار وحرفية عالية شأنه شأن بقية العناصر عند عرض الفيلم، استقبل استقبالا كبيرا، ولقي عدداً متميزا من الكتابات النقدية اكدت على اهمية الفيلم وقيمته في ترسيخ قيم الصداقة واحترام الاخر.

فيلم يؤكد القيم التي ينطلق منها كل شخص، والثقافة التي ينتمي اليها، الاحداث تجري عام 1942 حينما يأتي جاك الى احد معسكرات السجون اليابانية يواجه ضابطا شرسا يوني يمتلك معتقدات راسخة حول الانضباط والشرف والخير وفي رأيه ان هؤلاء السجناء جبناء عندما اختاروا الاستسلام بدلا من الانتحار.

لكنه يواجه جاك القوي بعناده واصراره على تحدي الموت مما يحول تلك العلاقة من الخصومة والتحدي الى علاقة اعجاب وحب كبير لا يحده حدود.

سينما من نوع مختلف، تذهب الى الحرب ولكن بصيغة مختلفة بعيدا عن الرصاص، والقنابل والدمار، الى الحديث عن الدمار النفسي والعصبية والمواجهات بين الثقافات والاشخاص.

عبر العلاقة الثانية، بين لورنس واهارا نفهم شرح الطريقة اليابانية في التفكير، وهي تجعلنا نتجاوز الالتباس في المواقف.

فمن يتهم بأنه مجرم حرب فهو في الحقيقة يقوم بواجبه تجاه وطنه ويدافع عن القيم الكبرى التي يؤمن بها، حتى لو كانت ضد مفاهيم الاخرين.

مشاهد الفيلم صورت بالكامل في نيوزيلندا أوكلاند وسخر الياباني ناجيزا اوشيما كل ثروته من اجل انجاز الفيلم بالتعاون مع المنتج البريطاني جيرمي توماس الذي كان وراء العديد من التحف السينمائية ومنها الامبراطور الأخير 1986 مع المخرج برناردو برتولوتشي وكراش 1995 مع المخرج دايفد كروننبرغ.

مدة الفيلم 123 دقيقة في النسخة الاصلية التي عرضت في كان بعدها تم اصدار نسخة جديدة مدتها 117 دقيقة عرضت في الصالات العالمية.

ودعونا نذهب للحديث عن المخرج الياباني الهام ناجيزا الذي تشرفت بلقائه ثلاث مرات، الاولى في كان عام 1983 اثناء عرض فيلم عيد ميلاد سيد لورنس وعام 1986 في مهرجان تاور فيفا عند عرض فيلمه ماكس حبي ثم في باريس في ذات العام.

اوشيما من مواليد 31 مارس 1932 في طوكيو اليابان بدأ عمله في السينما في مرحلة مبكرة من الخمسينيات من القرن الماضي وله كم من الاعمال، التي شكلت منعطفات في تاريخ السينما اليابانية والعالمية، وفي مقدمتها فيلم امبراطورية الحواس 1978، وايضا عيد ميلاد السيد لورنس 1983.

ونعود الى بيت القصيد، الى تلك القيم الكبرى التي يذهب اليها، ويؤكد عليها فيلم عيد ميلاد سعيد سيد لورنس الذي يحلل الاختلاف في وجهات النظر والثقافات، حول جملة من القضايا، ومن بينها البطولة والتحدي والانضباط العالي المستوى، وايضا الصداقة والعلاقات الانسانية التي قد يتصور البعض غيابها في زمن الحرب، ولكنها تظل حاضرة ما بقيت الانسانية والاحاسيس والمشاعر.

فيلم عيد ميلاد سعيد سيد لورنس عن الصداقة في زمن الحرب.. والدمار.

النهار الكويتية في

20.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)