كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

المخرج أحمد يحيى : سينما اليوم مرآة سيئة للواقع

كتب الخبرهند موسى

 

عشق المخرج أحمد يحيى الفن منذ طفولته، وحقق حلمه آنذاك بالمشاركة في بطولة فيلمين مع عبد الحليم حافظ. لكنه لم يشعر لاحقاً أن التمثيل غايته من العمل في الفن، ففكر في الإخراج، لا سيما بعد اكتشافه أن المخرج هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في موقع التصوير، وهو المسؤول عن الفيلم. حول أبرز الأعمال السينمائية التي قدمها، والنجوم الذين اكتشفهم وأعاد اكتشافهم، وأوجه الاختلاف بين سينما اليوم وسينما الزمن الجميل كانت لـ{الجريدة» معه هذه الدردشة.

·        كيف جاءت مشاركتك في فيلم «حكاية حب»؟

ذهبت يوماً إلى أحد المحلات في منطقة وسط البلد، وكنت رغم صغر سني مهتماً بالأمور السياسية، وأثناء قراءتي الصحف، وليس مجلات الأطفال، لفتُّ نظر المخرج حلمي حليم لكوني أجلس وحيداً، وأخبرني أنه يعمل على تقديم فيلم بعنوان «حكاية حب» لعبد الحليم حافظ، ورشحني لتجسيد شخصية شقيقه الأصغر. وبالطبع كان أمراً جميلاً جداً بالنسبة إلي، لا سيما أن حليم كان آنذاك في قمة مجده.

·        هل كنت تخطط من الأساس لدخول عالم الفن؟

إطلاقًا؛ لم تخطر في بالي هذه الفكرة. وعائلتي التي لا يعمل أحد منها في هذا المجال، رحبت بخوضي تجربة التمثيل الأولى، وبعدها جاءتني فرصة المشاركة في فيلم «البنات والصيف» مع حليم أيضاً، ولكن هذه المرة كنت شقيق حبيبته زيزي البدراوي.

لماذا توقفت عن التمثيل بعد هاتين التجربتين؟

شعرت بأنني لا أطمح في أن أكون ممثلاً، واستهوتني فكرة وجود المخرج المسيطر على الأمور كافة في موقع التصوير، لذا دخلت معهد السينما، وتخرجت فيه لتقديم أفلام مع كبار النجوم.

·        ولمن السيطرة اليوم؟

للنجم الذي أصبح يختار القصة التي تلائمه، كذلك فريق العمل معه، وربما قد يُخرج، ويمنح المخرج بعض الفرصة لوضع لمساته على المشاهد في الحدود التي يضعها له. بينما قديماً، كانت كلمة المخرج هي الأولى والأخيرة، وطاعتها واجبة. حتى إن النجم الكبير آنذاك عبد الحليم، كان يتحدث في حوارات جانبية مع المخرجين لإبداء رأيه في أمر ما، ولم يفرض وجهة نظره أبداً.

·        من بين أعمالك السينمائية الكثيرة، أي فيلم تتذكر وتعتز به؟

«العذاب امرأة» لأنه أول أفلامي، وقدمني للجمهور والوسط الفني من خلال موضوع جديد على السينما المصرية، إضافة إلى أنه حقق نجاحاً لدى النقاد والجمهور غير مسبوق وقتها. كذلك كان ثاني أفلامي «رحلة النسيان»، تأكيداً على نجاحي كمخرج؛ إذ قدمت فيه رومانسية ناعمة من خلال قصة حب رقيقة، حتى أطلق البعض عليّ آنذاك لقب «عز الدين ذو الفقار السينما الجديد». ولا أنسى أيضاً فيلم «يا عزيزي كلنا لصوص».

·        ما العمل الذي تخطت أصداؤه إعجاب الجمهور؟

«لا تبكي يا حبيب العُمر» الذي قدمت فيه تراجيديا لافتة نالت استحسان الرئيس الراحل أنور السادات، حتى إنه تحدث عنه في أحد خطاباته، وطلب لقائي وفريد شوقي بطل العمل، وأثنى على مجهودنا.

·        من أبرز النجوم الذين اكتشفتهم؟

اكتشفت حديثاً نحو ثمانية نجوم يتحمل كل واحد منهم بمفرده الآن مسؤولية فيلم، وهم أبطال مسلسل «البنات»: منة شلبي، داليا مصطفى، داليا البحيري، خالد أبو النجا، محمد رجب، دنيا عبد العزيز، شريف سلامة، محمود عبد المغني، وذلك من خلال عمل درامي يناقش مجموعة من قصص الحب والزواج في إطار اجتماعي.

·        من الممثلين الذين أعدت اكتشافهم؟

كثيرون، أذكر من بينهم عادل إمام الذي تعاونت معه للمرة الأولى في فيلم «حتى لا يطير الدخان»، وكان آنذاك ملك الكوميديا لدى الجمهور، الذي كان يتردد على أفلامه كي يضحك على أفعاله ولقطاته. اكتشفت فيه موهبة تمثيلية كبيرة، وأن في إمكانه إبكاء الجمهور وإضحاكه. ثم تعاونت معه مجدداً في فيلم «كراكون في الشارع»، وهو كوميديا واقعية، ناقشت فيه أزمة المساكن، وقدمت دعوة لغزو الصحراء.

·        من النجمات اللواتي غامرت بهن في أفلامك؟

نيللي؛ فهي تميزت في أدوار الفتاة «الدلوعة» و»الشقية»، لذا قررت المغامرة بموهبتها وقدمتها في فيلم «العذاب امرأة» بشكل وأداء لم يتوقعهما فيه أي شخص، فجسدت دور امرأة متسلطة شريرة تحطم حياة زوجها. حتى إن كثيرين يعتبرون هذا الفيلم الأفضل في تاريخ نيللي السينمائي، وهي أيضاً.

·        أنتجت ثلاثة أفلام هي «كراكون في الشارع» و»حتى لا يطير الدخان» و»ليلة بكى فيها القمر»، ماذا عن هذه التجربة؟

وجدت آنذاك أن مواضيع هذه الأفلام لن يتحمس منتج لتقديمها، أو يتحمل مسؤوليتها، كذلك رفضت أن يسيطر عليّ مخرج برغباته في طريقة إخراجي لها لتتناسب مع معايير السوق، لذا قررت تقديمها من إنتاجي الخاص.

·        لماذا توقفت بعد هذه التجارب؟

لأنني لست منتجاً في الأساس، وفكرة الإنتاج كمهنة بعيدة عن تفكيري، والإخراج هو غايتي من العمل في الفن.

·        ما الاختلاف بين الإنتاجين السينمائيين الحالي والسابق؟

لا أجد في سينما اليوم منتجين سوى الأخوين سبكي، لأنهما ينتقيا نوعية معينة من أفلام تحقق لهما المكسب المادي الذي يرغبون فيه، ما ينعكس على المضمون، على عكس الحال قديماً حينما كان الفنانون ينتجون الأفلام أمثال يوسف شاهين، وفريد شوقي، وماجدة صباحي، وفاتن حمامة، وسميرة أحمد.

·        ماذا عن الاختلاف بين مواضيع الأفلام في العهدين؟

في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كانت الأفلام تتبنى بشكل غير مباشر تقديم قيم إنسانية مهمة مثل التضحية، الوفاء، الصداقة، ومواضيع أخرى توضح أفضل ما لدى الإنسان، على عكس المواضيع المطروحة راهناً في السينما التي تبرز أسوأ ما في الإنسان، والتي سيطرت عليها البلطجة وقلة الأدب، ما أثر على المجتمع. حتى إن كانت هذه الأفعال واقعية، فإن عرضها على هذا النحو يكرس لسيادتها، ويجعل السينما مرآة سيئة للواقع.

·        بماذا يتميز صانعو السينما راهناً عن أمثالهم في الثمانينيات؟

لم تكن الإمكانات التكنولوجية متوافرة لدينا، لذا لم تساعدنا في تنفيذ أفلامنا على أفضل صورة، وفي أقل وقت ممكن. كنّا نستغرق وقتاً طويلاً في صناعة الفيلم بمعدات أقل تطوراً من الموجودة اليوم. ولاحظ أن شارات أفلام زمان تحمل نحو 20 اسماً فقط، فيما يظهر على شارات أفلام اليوم أكثر من 200 اسم.

·        لماذا ابتعدت عن السينما منذ قدمت فيلم «رحلة مشبوهة» عام 2001؟

لأن حال السينما خلال تلك الفترة اتجهت نحو مسار آخر لم يكن في مقدوري مواصلة العمل فيه، تحديداً حينما عرض فيلم «إسماعيلية رايح جاي»، وشعر المنتجون بأن هذا النوع من الأفلام يلقى قبولاً من المشاهدين. من هنا حدث تغيير في صناعة السينما، وراح أي فيلم كوميدي يحقق نجاحاً جماهيرياً، فانسحبت من المشهد إلى التلفزيون، حيث أخرجت مسلسل «البنات».

·        هل ما زلت على علاقة بفنانين معينين؟

نجلاء فتحي صديقة عُمري، ونتحدث رغم اعتزالها التمثيل، إضافة إلى نبيلة عبيد وعادل إمام، وغيرهما من فنانين يتحدثون معي لمناقشة أعمالنا وتبادل الآراء.

الجريدة الكويتية في

17.07.2014

 
 

«مراتي مدير عام»...

«الحكومة الإلكترونية» تبدّل مسار الفيلم 

كتب الخبرأحمد عويس 

المؤكد أنه لو توافرت النوافذ الإلكترونية الحديثة في عصر فطين عبدالوهاب لتبدّل مسار فيلم «مراتي مدير عام» تماماً. كيف؟ هنا صيغة معاصرة لهذا الفيلم.

عقب وصول عصمت (شادية) المديرة الجديدة لتولي مهام منصبها الجديد، يحاول أحد الموظفين ويُدعى «أبو المجد» الوصول إلى حسابها الشخصي على «فيسبوك» ليدرس شخصيتها ويفهم طبيعتها، ومن ثم يقرر هل يتقدم لها بطلب الحصول على عطلة كي يتزوج.

فجأة يصرخ وسط زملائه «وجدت الحساب»، ومكتوب فيه «مطلقة» الأمر الذي يلفت انتباه صلاح ذو الفقار (حسين). ثم يدخل أبو الخير (توفيق الدقن) على زملائه وكعادته يخبرهم بأنه تمكن من تجميع المعلومات كافة عن المديرة الجديدة وفي مقدمها أنها عزباء، الأمر الذي يصيب الجميع بالدهشة فيخفقون في الوقوف على حقيقة حالة المديرة الاجتماعية، وأسباب نقلها للعمل في إدارتهم.

بعد أيام من تولي «عصمت» مهام عملها، وبينما ينشغل حسين في مراجعة أوراق خارج مكتبه، يرن هاتفه بإشعار لتطبيق «واتس آب» تظهر فيه صورة المديرة مزيلة باسم «حبيبتي»، فتساور الجميع الشكوك، ويبدأون في التغامس والنميمة حول المدير و{حبيبته».

توافر النوافذ الإلكترونية الحديثة في عصر فطين عبدالوهاب كان ليبدل مسار فيلم «مراتي مدير عام» تماماً، فعبر «البوابة الإلكترونية الحكومية» على الإنترنت حيث يتم تناقل أخبار الترقيات وتولي المناصب، سيعرف الجميع المعلومات كافة التي تخص المديرة الجديدة، عبر ملفها الشخصي والذي يكشف أهم نقطة وهي أنها زوجة زميلهم حسين، الأمر الذي لن يضطر معه الزوج إلى مصارحة زملائه في النهاية بأن «المدير العام» هي زوجته.

حاز «مراتي مدير عام» جائزة المركز الكاثوليكي لأحسن فيلم في عام 1966، وهو من إخراج فطين عبد الوهاب وبطولة شادية وصلاح ذو الفقار. يتعرض  الفيلم لقضية حقوق المرأة في ظل التغيرات الاجتماعية التي تمر بها البلاد ورؤية المجتمع وإيمانه بضرورة عمل المرأة، وذلك من خلال زوج مهندس في إحدى شركات المقاولات، تُنقل زوجته لتولي الإدارة حيث يعمل، ما يترتب عليه مفارقات مضحكة كثيرة.

المؤكد أن كوميديا «مراتي مدير عام» لم تصنع للضحك، بل هدفت إلى تصحيح مفاهيم وانتقاد مجتمع تسيطر عليه معتقدات بالية. كتب القصة الكاتب الكبير عبد الحميد جودة السحار، أما الحوار السينمائي فكان لسعد الدين وهبة، وكان المنتج المنفذ الفنان صلاح ذو الفقار.

وشاركت شادية وصلاح ذو الفقار في الفيلم نخبة متميزة من النجوم. تبدأ الأحداث بالزوجين السعيدين عصمت (شادية) وحسين (صلاح ذو الفقار)، وبتشجيع الزوج زوجته على العمل وفرحه لنجاحها، إلى أن تصل إلى أعلى المناصب، فتتغير رؤيته بشكل كلي بمجرد أن تصبح مديرة للمصلحة حيث يعمل.

يعود الزوج المحب المتفتح إلى المفاهيم الخاطئة التي تسود مجتمعاتنا الشرقية، وأبرزها رفض أن تكون المرأة رئيسة الرجال في العمل، لا سيما زوجها، فما كان منه إلا أن تجنّب مصارحة زملائه بحقيقة كون المديرة هي زوجته.

وجسدت شادية باقتدار دور المديرة بشخصيتها القوية فرأست نماذج مختلفة من البشر واستطاعت التعامل معها لإنجاح المؤسسة، وذلك في إطار كوميدي وخفة دم. ورغم كونها مديرة لم تنس أنها زوجة فنجدها تسارع إلى إعداد الطعام لزوجها، وتحاول إرضاءه رغم أنه يمارس عليها سلطته داخل المنزل ليشبع رجولته التي يشعر أنه فقدها لأنها أصبحت مديرته.

تعليقات

تتصاعد الأحداث في إطارها الكوميدي ولا يجد الزوج مفراً من أن يعلن للجميع أن المديرة زوجته، ويجد أن زملاءه يتقربون منه ويطلبون الوساطة لديها لتنفيذ مطالبهم فيثور، ويصل الأمر به إلى أن يجرح زوجته أمامهم قائلاً: «انت وظيفتك الكنس والمسح والغسيل يعني شغالة»، وهو موقف يصلح تماماً لمشادة إلكترونية على «فيسبوك» أو «تويتر» عبر سلسلة تعليقات غاضبة على «الغروب المغلق» أو «التشات الجماعي»، تنتهي عادة في عالمنا بـ «الحذف» أو «البلوك»، لتترك الزوجة المصلحة حرصاً على رغبتها في الحفاظ على زواجها وزوجها. أما الأخير، فيرى مشهداً يؤثر فيه: صياد يصطاد وزوجته تساعده وتجدف بالمركب، فيشعر بالخطأ الذي ارتكبه نحو زوجته وينوي تصحيحه والاعتذار لها، ولكنه يفاجأ بنقلها من المصلحة، فيسرع بكتابة طلب نقل إلى المصلحة الجديدة التي ستعمل فيها زوجته.

يخاطب الفيلم المشاهدين بضرورة تغيير المعتقدات الخاطئة والتي تنظر إلى المرأة بدونية، ويؤكد على أن المرأة شريكة الرجل في الكفاح وأنها قد تكون مديرة ناجحة وزوجة في آن.

ينتهي تسلسل الأحداث بمشهد تقف فيه شادية وسط العمال في المؤسسة الجديدة، لتفاجأ بعامل يقدم لها باقة ورد ويطلب نقله إلى المؤسسة الجديدة، تنظر إلى وجهه فتجده زوجها. وبرؤية معاصرة لقضية الفيلم ومحاولة إسقاطها على واقعنا، نتخيل أن صاحبة الأزمة يستضيفها برنامج «كلام نواعم» على فضائية mbc  حيث تتحدث عن معاناتها في التوفيق بين دور الزوجة وبين مسؤولية العمل، لتفاجأ في نهاية البرنامج بمداخلة هاتفية من شخص يشكرها على مجهودها ويقدر دورها ويطلب منها العمل تحت إدارتها، ونكتشف أنه زوجها. لتكون نهاية مختلفة للفيلم ولكن بصبغة حداثية.

الجريدة الكويتية في

17.07.2014

 
 

عبد المنعم إبراهيم... الكوميديان صديق البطل 

(هـ. م) 

من مدينة بني سويف إلى القاهرة، تنقل عبد المنعم إبراهيم مع والديه في عمر الخمس سنوات، التحق بعدها بمدرسته الابتدائية حيث نشأت مواهبه الفنية من خلال تقديمه دور البطولة في إحدى المسرحيات، والتي تبين له فيها أن التمثيل عنصر التسلية له.

ورغم أصول والده الريفية فإنه لم يقف أمام عشق ابنه للفن، بل كان يصطحبه لحضور عروض فرقتي نجيب الريحاني، وعلي الكسار، ثم انضم إلى فرقة الهواة التي أسسها عبد المنعم مدبولي. تخرج في مدرسة الصناعات الميكانيكية، وعُيِّن في وزارة المالية، ثم التحق بالمعهد العالي للتمثيل.

قدم عروضاً مسرحية كثيرة مثل «الجامعة العربية» في حفلة خيرية في طنطا، تحت رعاية الأميرة شويكار، وأثناء إلقائه إحدى الجمل، خرجت منه بشكل كوميدي أثار ضحك الحضور، حتى إنه لم يتمكن من استكمال دوره من شدة التصفيق له، ومن وقتها تأكد أنه خُلق ليكون ممثلاً كوميدياً.

بدأ عمل منعم في السينما مع فيلم «ظهور الإسلام» الذي قدم فيه دوراً صغيراً، ورشحه المخرج حسن الإمام لدور صديق البطل في فيلم «وداع في الفجر» مع شادية وكمال الشناوي، والذي كان فاتحة خير عليه، فقدم نحو 10 أفلام في عام 1957، ثم 14 فيلماً في 1958. وكان لنجاح منعم في تجسيد هذه الشخصية الفضل في أن يلمحه باقي المخرجين، ويسندوا إليه الشخصية نفسها في أعمالهم السينمائية أيضاً، ولكنها تنوعت بين الصديق، الأكول في «الوسادة الخالية»، والأرستقراطي في «الزوجة 13»، والشعبي في «أحبك يا حسن»، والموظف البسيط في «الهاربة»، والصحافي المتفتح في «القاهرة 30». كذلك حرص على تقديم هذه الشخصية مع إضفاء بُعد إنساني عليها مثل دوره في فيلمي «حافية على جسر من ذهب»، و{جفت الدموع».

نافس عبد المنعم في تقديم شخصية صديق البطل كثيرين من بينهم إسماعيل ياسين، الذي حينما بدأ نجم منعم في الظهور، كان قد انتقل إلى أدوار البطولة، وعبد السلام النابلسي الذي كان في الستين من عمره، لذا كان المخرجون يفضلون إسناد هذا الدور إلى منعم لأنه كان في مرحلة الثلاثينيات، وهي الأقرب إلى عمر الصديق المتداول في مختلف الأفلام.

جسد عبد المنعم شخصية المرأة مرتين، الأولى في فيلم «سكر هانم»، وهي امرأة متصابية، والثانية في فيلم «أضواء المدينة» حيث جسد شخصية امرأة تركية متسلطة وعصبية.

ومن صديق البطل إلى المرأة، ثم رجل الدين ومدرس اللغة العربية، وهما الشخصيتان اللتان استفاد فيهما عبد المنعم من إتقانه الأداء اللغوي الصحيح، وقدمهما في أفلام من بينها «السفيرة عزيزة»، و{إسماعيل ياسين في الأسطول».

بدأت حالته الصحية بالتراجع بسبب إصابة قديمة في عينه اليسرى بعدما ألقى أحد أصدقائه في وجهه جيراً في سن الخامسة، تطلبت خضوعه لجراحة، وفي عام 1984 تعرض لأزمة قلبية شفي منها. ولكن في عام 1987، أثناء إجرائه تمارين مسرحية «خمس نجوم» شعر بتعب مفاجئ أدخله العناية المركزة. تُوفي بعده بيومين، وشيعت جنازته من المسرح القومي حسب وصيته.

 

الجريدة الكويتية في

17.07.2014

 
 

الناقد السينمائي نجم فوق العادة!

أمير العمري 

من النادر أن تتركز الأضواء حول ناقد سينمائي، من هؤلاء الذين وهبوا حياتهم لنقد وتحليل وعرض الأفلام، خصوصا عندما لا تكون ثقافة المجتمع قد بلغت بعد مستوى يسمح للناقد السينمائي بالتأثير في أذواق الجمهور، أي يلعب دورا فيما يجب أن يشاهده أو ما لا يشاهده، يشير للمشاهدين أيضا ويكشف لهم عن مناطق الجمال في العمل السينمائي أو جوانب النقص.
وربما كان الناقد السينمائي الأمريكي روجر إيبرت Roger Ebert الذي رحل عن عالمنا في العام الماضي (أبريل 2013) يعتبر استثناء خاصا في هذا المجال مع حفنة لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة في الولايات المتحدة بوجه خاص، كانت تضم على سبيل المثال بولين كيل وفنسنت كانبي وأندرو ساريس. وجميعهم الآن قد رحلوا عن حياتنا. أما روجر إيبرت فقد قضى 46 عاما يعمل ناقدا سينمائيا لصحيفة "شيكاغو صن تايمز"، كما ظل يقدم برنامجا سينمائيا شهيرا في التليفزيون لمدة 35 عاما تحت أسماء مختلفة ومن إنتاج محطات مختلفة أيضا، ومع شركاء مختلفين، لكن أشهرهم وأبرزهم جميعا جين سيسكل Gene Seskil – ناقد صحيفة شيكاغو تريبيون، الذي استمر 24 عاما يقدم مع إيبرت ذلك البرنامج الأسبوعي الذي كان يستعرض الأفلام الجديدة من خلال مناقشة تدور بين الرجلين قد تصل إلى أقصى درجات الحدة والاتهامات المبتادلة والغضب ولكن في سياق كوميدي. وقد توفي سيسكل فجأة عام 1999 واتضح أنه كان يعاني من سرطان الدماغ.

كان إيبرت أول ناقد سينمائي يحصل على جائزة بوليتزر الرفيعة عن النقد السينمائي، كما كان الوحيد الذي حفر قالب لقدميه في طريق النجوم في هوليوود.

يستند الفيلم الوثائقي الطويل "الحياة نفسها" Life Itself (118 دقيقة) في كثير من جوانبه، إلى السيرة الذاتية التي تحمل العنوان نفسه لروجر إيبرت. والفيلم من إخراج ستيف جيمس Steve James وقد صوره خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من حياة إيبرت. وكان الناقد الشهير قد أصيب عام 2002 بمرض سرطان الغدة الدرقية والغدد اللعابية واضطر لاجراء عملية جراحية لاستئصال الفك والغدد وأصبح بالتالي يرقد عاجزا عن الكلام وعن تناول الطعام والشراب. إلا أنه ظل حتى نهاية حياته، محتفظا بسلامة عقله وتفكيره وكان قادرا على الكتابة باستخدام جهاز الكومبيوتر المحمول الذي كان يستخدمه أيضا في التعبير عما يراه، فكانت وسيلة الاتصال بينه والمحيطين به، تتم عن طريق الكتابة.

يروي الفيلم جانبا من حياة إيبرت منذ أن كان طفلا إلى مرحلة الدراسة الجامعية حيث عرف العمل الصحفي من خلال مطبوعات الجامعة، إلى أن أصبح ناقدا سينمائيا في 1967 وكان أول فيلم كتب نقدا له هو فيلم "بوني وكلايد" لآرثر بن، ثم تحول بعد ذلك إلى ظاهرة ترتبط على نحو ما، بعالم صناعة السينما نفسها في الولايات المتحدة، أو نجما غير عادي

يستخدم المخرج أسلوبا يجمع بين المقابلات المباشرة مع عدد من أصدقاء إيبرت وأقاربه وزملائه من نقاد السينما والصحفيين، أو المخرجين مثل مارتن سكورسيزي وايرول موريس ورامين بحراني (الذي أهداه إيبرت هدية- عبارة عن لعبة اللغز- كان قد حصل عليها كهدية من الممثلة لاورا ديرن، كانت قد حصلت عليها بدورها من الممثل والمخرج الشهير مؤسس مدرسة "ستديو الممثل" في نيويورك- لي ستراسبورج، وكانت في الأصل هدية قدمها هيتشكوك الى مارلين مونرو. وقد نصح إيبرت رامين بحراني (وهو مخرج أمريكي من اصل ايراني) بأن يهديها بدوره الى شخص آخر لكي تستمر الدورة!

ومن المقابلات المهمة التي تكشف الكثير حول شخصية وعمل ايبرت في الفيلم تلك التي أجراها المخرج ويستخدم أجزاء مقطعة منها عبر مسار فيلمه، مع مارلين إيجليتزن أرملة الناقد جين سيسكيل، الت يتتحدث عن العلاقة الحميمية بين الرجلين، وكيف تأثر غيبرت كثيرا بوافة صديقه ومنافسه، وكان يعتزم زيارته بعد ان علم بمرضه غلا أنه توفي قبل يومين من قيام إيبرت بزيارته. وهناك أيضا المقابلة مع تشاز Chaz زوجة إيبرت التي تزوجها عام 2002 وكان قد بلغ الستين من عمره، وهي من السود الأمريكيين، ولديها إبن وابنة من زواج سابق، وتروي ملابسات علاقتها بإيبرت وتطورها حتى طلب الزواج منها وموقف أسرته وأسرتها وخشيتها من نظرة مجتمع السود الامريكيين إليها لارتباطها برجل أبيض، وقد ظلت معه حتى آخر لحظة في حياته، تقوم على رعايته أثناء مرضه. وكان إيبرت- كما نرى في الكثير من المشاهد، عاجزا تماما ليس فقط عن الكلام، بل وعن الحركة بشكل طبيعي، وكان فمه مفتوحا طول الوقت، وكانوا يقومون بالتخلص من المخاط الذي يتجمع داخل بقايا حلقه نتيجة فقدان حركة اللسان والفك، عن طريق أنبوب شافط. وعلى الرغم من معاناة إيبرت التي لاشك فيها، إلا أنه كان يبدو سعيدا كثيرا بتصويره وهو على هذه الحالة، ولم يكن يكف عن اطلاق النكات، والاشارة بيده دلالة على رضائه عن عمل صديقه المخرج.

ويستخدم المخرج أيضا ممثلا يؤدي بالصوت دور إيبرت، سواء كقاريء من مذكراته  أو مدونته الخاصة التي واصل الكتابة لها حتى النهاية ولاتزال تصدر حتى اليوم ويكتب لها أصدقاء إيبرت، أو كمعادل صوتي لإيبرت نفسه، يحل محله في الحديث مترجما ما يريد قوله، في حين نرى إيبرت أمامنا يهز رأسه أو يبتسم أو يشيح بوجهه وغير ذلك.

ومن أهم أجزء الفيلم تلك التي تضم لقطات متنوعة من الأرشيف المصور للبرامج العديدة التي ظهر فيها إيبرت، وخاصة البرنامج الاسبوعي الذي كان يقدمه ومشاجراته الطريفة مع زميله، أو تقديمه للأفلام ومناقشته لها، أو وهو يقف أمام الكاميرا يتحدث وينقل ويعلق من مهرجان كان السينمائي الذي كان يعتبره حدثا سنويا كبير على غرار نهائيات دورة كأس العالم لكرة القدم

ومن الأجزاء المثيرة للجدل في الفيلم تلك التي تتعلق بدور إيبرت في صناعة السينما واقترابه من عالم النجوم وعلاقته بهم. فالرأي السائد يعتبره "شخصية عامة في مهنة خاصة"- كما يصفه الناقد السينمائي ديفيد إدلستين، ويقصد أنه كان ميالا إلى الظهور كثيرا رغم أن مهنة النقد هي أساسا مهنة أناس يعملون في الظل، أي وراء الأفلام. وخلاصة تلك النظرة أن الناقد يجب أن يترك بينه وبين عالم صناعة الأفلام نفسها مسافة ما، يصادق السينمائيين حقا، ولكن دون أن يسمح لنفسه بأن يصبح جزءا من عالمهم أو من الصناعة السينمائية نفسها، حتى يحافظ على مصداقيته. ولكن روجر إيبرت عبر ذلك الحاجز المفترض، بل وكتب السيناريو أيضا لواحد من أكثر الأفلام رداءة في تاريخ السينما الأمريكية وهو فيلم "ما وراء وادي العرائس" Beyond the Valley of the Dolls (1970) الذي نشاهد منه بعض المقاطع في فيلمنا هذا. وقيل إن إيبرت كان مفتونا بالممثلات اللاتي شاركن في هذا الفيلم الذي يمتليء بالمناظر العارية، وأنه كان راغبا أيضا في ارضاء صديقه مخرج الفيلم روس ماير!

وفي الفيلم بعض الشهادات حول ميول إيبرت الغريبة وجوانب ضعفه، خاصة فيما يتعلق بالنساء، فهناك من الشخصيات التي عرفته من يقول إنه كان يهوى المرأة القبيحة، أو كان يخالط المحترفات، كما يعترف إيبرت بأنه كان مدمنا للخمر لسنوات طويلة حتى أقلع عن الشراب نهائيا عام 1979، كما ظل ممتنعا عن الزواج بدعوى أنه لا يستطيع أن يتزوج قبل وفاة والدته لأنها لن ترضى قط عن اي امرأة يقع اختياره عليها!

ولعل من جوانب الضعف في الفيلم ميل مخرجه إلى تقديم "تحية" لصديقه الراحل،  ولهذا السبب، يتغاضى عن التوازن المطلوب في فيلم يبحث بالضرورة في دور الناقد السينمائي وتأثيره، فالكثيرون يرون أن روجر إيبرت لم يرق- كناقد- إلى مستوى كثير من النقاد غيره، وأنه كان يميل أكثر إلى تلخيص قصص الأفلام مع كتابة بعض الانطباعات عليها، وليس تحليل الفيلم بشكل متعمق، أو الكتابة في الجوانب النظرية للسينما، كما أن شهرته الأساسية وتأثيره، لم تأت من الكتابة بل من التليفزيون الذي وهب له قسطا كبيرا من وقته، وكان دون شك، مغرما بالنجومية وحب الظهور، ولذلك كان حريصا على التقاط الكثير من الصور له مع النجوم، معتقدا- كما يعتقد البعض حتى من بين النقاد في العالم العربي- أن الناقد يجب ألا يقل في نجوميته عن نجوم السينما، وهو منطق خاطيء، فدور الناقد ثقافي تنويري، في حين أن دور النجم استعراضي أو أنه جزء من صناعة التسلية- كما يطقلون عليها في الولايات المتحدة، أو صناعة الصورة في أفضل الأحوال. وهو لا يستطيع الجمع بالضرورة بين العمل للسينما ونقد الأعمال السينمائية. لكن تتجاور في عالمنا الكثير من المتناقضات!

الجزيرة الوثائقية في

17.07.2014

 
 

 (37.2)صبــــاحــــاً..

فيلم عن الحب وجنونه.. عن العشاق حينما تقودهم أقدارهم

فراس الشاروط  

الكثير من المخرجين تخونهم مواهبهم ، فما أن يرتقوا سلم المجد حتى تبدأ لحظة الانهيار ، لأسباب تكون –ربما- خارجة عن سلطة العقل والروح نحو سلطة المؤسسات الإنتاجية الربحية، فتضيع الموهبة أمام نفوذ المال ، أو ان الموهبة ضعيفة لم تجد من يحتويها فتتوه بين دهاليز رؤوس الأموال الكبيرة ، هذا بالضبط ماحدث مع المخرج ( جان جاك بينيكس) وانا أعيد بعد سنوات مشاهدة فيلمه ( 37,2  ) صباحاً ، فبعد هذا الفيلم ذهبت شهرة ومجد بينيكس المخرج مع أفلام لا تتناسب وحجم الموهبة التي كان يحملها مثلما ذهبت جهودي عبثاً وانا ابحث ، بعد طقس المشاهدة ، من خلال مواقع النت عن هذا المخرج الذي كاد ان يكون يوما ما ظاهرة.

الصدفة وحدها هي من كانت ( الاكتشاف) الأهم للمخرج جان بينيكس ، فقد عرضت صالات باريس عام ( 1981) وبشيء من عدم الاهتمام فيلما اسمه ( ديفا) لمخرج شاب لم يسمع به أحد ، فقط بعض عشاق السينما من غامر بمشاهدة هذا الفيلم ، وما أن خرجوا منه حتى صرخوا بأعلى أصواتهم انهم أمام فيلم مغاير ، مختلف ومن طراز آخر ، وهكذا بدأ البعض يبشر الآخر بولادة فيلم مهم ومخرج جديد ، الفضول ساق نقاد السينما لمشاهدة الفيلم ليكتشفوا هم أيضاً مخرجاً جديدا يحمل حساً متميزاً ومختلفاً كان من الممكن ان يضيع عليهم بسبب لا مبالاتهم بالأفلام الصغيرة ، هكذا بين ليلة وضحاها اصبح بينيكس نجماً ، تبحث عنه الصحافة والتلفاز .

الشهرة المفاجئة جعلت بينيكس في فيلمه الثاني ، على عكس فيلمه الأول ، يجنح نحو الميزانية الكبيرة ويعتمد على حضور نجوم السينما الفرنسية كأبطال عنده ( جيرارد دي بارديو و ناتا شاكينيسكي) ، فكان ( القمر في المجاري) المعد عن رواية دافيد جوديس ، لم يبق بينيكس من الرواية سوى القشور واستقبل الفيلم في مهرجان ( كان ) بالزعيق والصفير ، هكذا بين ليلة أخرى وضحاها تدحرجت عبقرية (ديفا) من القمة نحو ( المجاري ) ، هنا انقسم النقاد بين من قال ان الفيلم الأول كان ضربة حظ وشطبوا على اسم بينيكس وبين من وقف متأملاً فاسحاً المجال للمخرج بفرصة أخرى ، فكان فيلمه الثالث الجميل ( 37,2 ) صباحاً عن رواية فيليب جين .

فيلم عن الحب وجنونه ، عن العشاق حينما تقودهم أقدارهم لاستهلاك كل طاقة الحب بحثاً عن حياة أخرى سعيدة مثالية في مجتمع مجنون ، متغير ، فتكون النهاية اما الموت أو الجنون ، بينيكس كان ذكياً هنا واثقاً من نفسه فلم يستعرض عضلات ( القمر في المجاري) التقنية ، بل ترك نفسه على سجيتها لتتحكم بالفيلم ، غادر الاستوديو وديكوراتها نحو الطبيعة والديكورات الحقيقية ، أهتم بتفاصيل السيناريو فأعطى الشخصيات حقها في قيادة الحدث ، مثلما أعطى للشخصيات الثانوية عمقها وحضورها ، وأدخل الكوميديا كعنصر إنساني يغذي مشاعر المحبين، الألوان كانت عنصرا مهما بالسرد وليست زركشة حتمية ، فكان جمال الأسلوب في خدمة الحدث / الحكاية .

"زورج" بطل الفيلم يمارس مهنة متواضعة ويعيش حياة هامشية قرب البحر قبل أن يلتقي بـ( بيتي) التي تقلب حياته ، قبل لقائه بها كان مجرد شخصية مسكونة بالشك ، اللامبالاة، مستسلمة ، تائهة ، ما ان تعرف بها حتى أكتسب عنفواناً وإرادة ، "بيتي" تخرج "زورج" من صمته ، سباته ، عدم مبالاته ، الى آفاق أرحب وأوسع ، تعلمه ان يعيش الحياة كاملة بما فيها وليس على جرعات سعادة صغيرة هنا مرة ومرة هناك .

عن طريق الصدفة تكتشف بيتي يوماً مخطوطات لروايات كتبها زورج لنفسه ولم يفكر يوما بنشرها ، تتحمس للفكرة وتشجعه على المضي بالكتابة ونشر أعماله ، الحب يشتعل بين الطرفين ، عنفوان بيتي وفرحها بالحياة وتمردها الشبابي يقودها الى الجنون ، يزورها زورج في المستشفى ، يتألم لوضعها ، يبكي ولا يجد مفرا ، بعد أن تقتلع بيتي عينها في لحظة جنون ، سوى أن يخنقها ليخلصها ويخلص نفسه من العذاب ، وليلتحق بسرب العشاق الملعونين ، وليعود مرة أخرى وحيداً ، لكن بالتأكيد ليس تائهاً فقد عرف طعم الحياة بالحب ، حكاية بسيطة وعميقة كانت بين يدي بينيكس كقطعة شوكولاته لذيذة ينتهي سحرها مع لذة القطعة الاخيرة ، فيلم عن الحياة عندما تكون عشقا ، جنونا ، وموتا .

اكتشاف بينيكس الكبير في هذا الفيلم هو الممثلة ( بياتريس دال) نجمة امتلكت منذ فيلمها الأول هذا سحرا وحضورا وجمال النجوم ، لتصبح فيما بعد نجمة السينما الفرنسية ، ومثلما صعد نجم بياتريس دال ، خفت نجم المخرج بينيكس بعد هذا الفيلم ، فلم نجد له سوى أفلام غير مهمة على مدار عمره الفني الطويل من بينها فيلم مع النجم ميشيل بيكولي ، ليبقى التساؤل قائماً كيف ضاعت موهبة مخرج (ديفا) و ( 37,2 ) صباحاً ؟ هل نضبت الموهبة أم ننتظر فرصة أخرى مع خريف العمر كي يتحفنا بفيلم أخير خالد ؟؟

المدى العراقية في

17.07.2014

 
 

كتاب زونا لـ(جف داير).. عن متعة مشاهدة الأفلام

ترجمة: عباس المفرجي  

وسط العديد من كلمات التقدير التي تلقاها الناقد السينمائي جَي هوبرمان ، بعد فصله من صحيفة " فِلج فويس " قبل شهرين ، جاءت من تلميذ سابق اسمه مات سنغر . جمع سنغر ، الذي هو الآن كاتب ومضيف تلفزيوني ، قائمة بالأشياء الأكثـر أهمية التي تعلمها من الحلقة الدراسية لهوبرمان في جامعة نيويورك . تتضمن القائمة جزءا من نصائح لفظية ــ (( راقبْ الكلمات الزائدة . لو كانت ثمة كلمة قصيرة ، استخدمها )) ؛ (( نفِّسْ عن غضبك . في النقد ، أفضل لك أن تكون غاضبا من أن تكون مكتئبا )) ــ لكن الرسالة الأساسية والأكثـر أهمية هي هذه : (( إيجاز الحبكة يدمّر اوتوماتيكيا نقد الفلم.))

إن كان هذا صحيحا أم خاطئا ، تعتبر الموجزات أوطأ أشكال الكتابة النقدية . في ثلثي الطريق داخل " زونا " ، كتابه الفريد المميّز حول فلم " ستالكر " ( 1979 ) لاندريه تاركوفسكي ، يعلن جف داير : (( أكثر الأشياء التي أكره هي عندما يبدأ أحدهم بتلخيص فلم ما ، في محاولته لإقناعي بمشاهدته . )) إنه توكيد مفاجئ ــ برغم انه يبدو أقل من ذلك لو كنتَ على معرفة بكتب داير الأخرى ، سواء أكانت عن الجاز ، عن الحرب العالمية الأولى ، أو كانت عن دي أتش لورنس ، والتي كلف فيها نفسه مجهودا زائدا في دمج الشكل والمضمون بطريقة لافتة للنظر ــ لأن " زونا " هو ملخص واحد طويل لفلم بشكل محاكاة ، تعاد كتابته لقطة بعد لقطة .

بزمن متواصل يتجاوز المائة وستين دقيقة ، " ستالكر " نفسه هو فلم طويل . الى جانب " سولاريس " ( 1972 ) ، هو أكثر أعمال المخرج الروسي شهرة ، مجتازا رحلة شاقة يقود فيها رجل في منتصف العمر ، معروف بستالكر [ المتعقب ] ، كاتبا وبروفيسورا عبْر أرض قاحلة الى منطقة عسكرية تدعى ’’ الزون ‘‘ ، تقع في وسطها ’’ الغرفة ‘‘ ، التي يقال إنها تحقق أعمق الأماني لمن يخطو داخلها .

قصة الفلم ، المبنية بتصرّف على رواية صدرت عام 1971 للأخوين اركادي وبوريس ستروغاتسكي ، أشبه بالخيال العلمي التي يتنبأ موقعها الشبيه بسفر الرؤية ومصادفاتها المنتظمة ( إطلاق رصاص ، انفاق تحت الأرض ، قنوات مشبعة بالمياه ) ، ناهيك عن موضوعة البحث ، بألعاب الكومبيوتر في وقتنا الحاضر . الى حد كبير جدا ، بحيث ان شركة اوكرانية أصدرت لعبة بعنوان " ستالكر " ، كانت مستلهمة جزئيا من الفلم . مع طاقمه من الرجال حليقي الرؤوس الذين يشبهون نزلاء الغولاغ ، وبطوبغرافيته المدمَّرة وطرحه لأسئلة جوهرية حول سعادة البشر ، غالبا ما تُرجِم فلم تاركوفسكي بكونه استعارة عن الحياة في ظل الشيوعية . داير ، الذي ثابر بجهد على قراءة الجزء الكبير من التعليق النقدي الملهم من " ستالكر " ، لا يلوّح فقط الى تلك القراءة الخاصة ، بل يلفت الانتباه ايضا الى كيفية النظر اليه باعتباره عملا تكهن مسبقا بمناطق المنع التي أقيمت في اعقاب كارثة تشيرنوبل في 1986 . 

لكن داير ، رغم اغتياظه من الضيق في أفق التفكير لمثقفي بلدنا هذا ، ومع أن العديد من مقالاته وكتبه نشرت في الخارج ، فإنه ظل دائما كاتبا انكليزيا . يعبّر هذا عن نفسه في أسلوب " زونا " ، فهو بقدر ما يصوّر المتعقب ورفيقاه روّادا ميافيزيقيين ، فإنه يظهرهم أيضا كبلهاء يتعثرون في طريقهم وكأنهم خارجون مباشرة من صفحات جيروم كي جيروم في " ثلاثة رجال في قارب " .

على حد سواء ، كما كانت هناك إشارات واضحة الى ميرلو- بونتي ، جيجيك ، هايدغر ، هناك أيضا إشارة نقدية شاردة لجيريمي كلاركسون [ صاحب برنامج تلفزيوني بريطاني عن السيارات ] ( (( الزون هو مكان القيمة التي لا تقبل التسوية والتي لا تشوبها شائبة . إنه واحد من الأقاليم القليلة ، أو الوحيد ، الذي لم تباع حقوقه لـ " التوب غير " )) ) . وثمة هوامش عَرَضية فكهة ، واحدة منها يقتبس رأي ميك جاغر عن جان- لوك غودار ، الذي أنجز معه لتوه العمل في " تعاطف مع الشر " .

قد يجد بعض القرّاء هذه العبارات القصيرة المكررة والكلام الذي يقال على انفراد ، غريبة أكثر منها منوّرة . وقد يتساءل البعض الآخر إن كانت عبقرية داير دائمة التطور في الكتابة الهزلية لا تترك له الآن الوقت أو الرغبة لمتابعة الغنائية الجارحة التي تبدت في أعماله السابقة ، مثل " لون الذاكرة " ( 1989 ) و " عبْر باريس " ( 1998 ) . ما هو حقيقي بلا شك ان السينمائيين النشطين المفطومين على نظرية ديفيد بوردويل في الفلم سيرون في " زونا " كتابا غير مطبوخ بما يكفي . هل سيبالي داير ؟ إن لم نتجاهل وصفه للنقد الاكاديمي بالعقيم على نحو ثابت ، فأنا أشك بذلك .

بالنسبة لي ، إنه بالأحرى أمر مدهش أنه كتب عن تاركوفسكي بطريقة عامّية بقدر ما هي علمية . إذ ينقذه داير من براثن جماعة أفلام الفن ، ويخلصه من الصنمية ، ويعقد صلاتا بين المشهد الطبيعي المدمَّر في " ستالكر " ومحطة القطار المهجورة التي غزتها النبتات الشائكة في لكهامبتون ، قرب مسقط رأسه في سنوات الستينات .

في الوقت الذي يظهر فيه ديفيد كاميرون ليعلن ان فلم " خطبة الملك " ذروة صنع الأفلام ، ويكون أي فن بعيد الطموح محل هزء كفن ظلامي أو محكوم بالنخبة من حرّاس ثقافة وسط انكلترا ، فمن المهم بوجه خاص التوكيد على أن مشاهدي الأفلام المهتمين يمكن أن يتمتعوا بأعمال أكثر تحديا من " فلم الوسطيين " .

من المبهج قراءة داير مدافعا عن متعة مشاهدة الأفلام ، لا بالشكل المنزلي والتافه على أقراص الدي في دي ، لكن في قاعة السينما . " ستالكر " نفسه ، الذي هو تجربة غامرة بقدر ما هو عرض بصري غير اعتيادي ، يفقد قوته الجاذبة حين يُشاهَد في المنزل . يتحدث داير هنا عن (( إمكانية السينما كمكان لرحلة حج شبه دائمة )) .

بعيدا عن الشكلية البارعة الأداء للكتاب ، وبالرغم من الشك بأنه يمكن النظر الى الكتاب كمشهد رفيع الثقافة عن تجدد الحياة ، فإنها قدرة داير في لحظات مثل هذه هي التي تجعل من قرّاءه حجاجا وتقودهم في رحلة للبحث عن حقائق حول الحب وحول طبيعة السعادة ، التي تجعل من " زونا " إنجازا مبهجا .

المدى العراقية في

17.07.2014

 
 

مخرجة إماراتية تنال الجائزة الذهبية ضمن جوائز الأفلام المستقلة العالمية

أبوظبي/ خاص بالمدى  

نالت المخرجة الإماراتية علوية ثاني الجائزة الذهبية عن فئة الأفلام الروائية القصيرة ضمن جوائز الأفلام المستقلة العالمية وذلك عن فيلمها القصير "الإيمان بالحب".

وقد عرض الفيلم للمرة الأولى ضمن دورة عام 2013 لمهرجان دبي السينمائي الدولي، وينتمي الفيلم إلى نمط الكوميديا الرومانسية ويروي قصة حب متعثرة يمر بها اثنان من سكان دبي يستعيدان إيمانهما بقوة الحب بعد أن يمرا بمجموعة من الأحداث.

وقالت علوية، التي تشغل منصب مدير مشروع في شركة «إيمج نيشن»، بمناسبة فوزها بهذه الجائزة: "إن تنفيذ فيلم من هذا النمط واختيار طاقم عمل ينتمي لجنسيات متعددة أمر غير معتاد في السينما الإماراتية، ولهذا فإن الفوز بهذه الجائزة أمر في غاية الأهمية بالنسبة لي. وأتمنى أن تدفع هذه الجائزة المزيد من المنتجين الإماراتيين للمتابعة في هذا الدرب وتنفيذ المزيد من الأفلام المشابهة، فهي تسلط الضوء على الثقافة المتعددة النابضة بالحياة التي تتميز بها دولة الإمارات".

وتركز جوائز الأفلام المستقلة العالمية على الأفلام المستقلة وصانعيها والمساهمين فيها من مؤلفين وممثلين من كل أنحاء العالم. وتكرم الجوائز صانعي الأفلام المستقلين والذين تعدهم الأساس الذي تعتمد عليه صناعة الأفلام، ولهذا تتيح لهم الفرصة لنشر أعمالهم من خلال الجوائز التي تقدمها والتي تشمل 41 فئة.

وأضاف مايكل غارين، الرئيس التنفيذي لإيمج نيشن: "نحن فخورون جداً بعلوية وبهذا التكريم الذي يقدر جهودها وتفانيها. غامرت علوية بتنفيذ فيلم الإيمان بالحب وابتعدت عن نمط الدراما التراجيدية التي عادة ما يفضلها صانعو الأفلام الإماراتيين، لتكون النتيجة هذا الفيلم القصير العصري الرائع والذي نتمنى أن يلهم صانعي الأفلام ويشجعهم على تنفيذ أفكار مختلفة لأفلامهم في المستقبل".

نبذة عن إيمج نيشن:

منذ إطلاقها في عام 2008 كشركة تابعة لأبوظبي للإعلام، أصبحت إيمج نيشن في وقت قياسي إحدى الشركات الرائدة في تقديم المحتوى في أبوظبي والإمارات العربية المتحدة. تعمل الشركة على إنتاج محتوى مصور عبر مجموعة واسعة من المنصات، مع التركيز بشكل خاص على الجمهور في منطقة الإمارات والخليج.

المدى العراقية في

17.07.2014

 
 

"ظلام عند النهار".. تسجيل للتفاصيل بتوظيف فني ناجح

ترجمة/ عادل العامل 

 

يسجل فيلم " ظلام عند النهار Darkness by Day" بالتفصيل الدقيق وقائع ما يحدث لابنتَي عم في عزبة منعزلة بينما تحصل أمور شريرة في طريقهما ــ أو ربما انسلّت هناك في الخفاء. وكان الفلم ، و هو من إخراج المخرج الأرجنتيني مارتن ديسالفو، قد عُرض كجزء من احتفال في سوق مهرجان كان الأخير، مبادرةً من سوق فينتانا سور الذي يعرض أفلاماً فنطازية من أميركا اللاتينية
و تبلغ بطلة الفيلم فرجينيا من العمر نحو 30 عاماً ( و تقوم بدورها مورا ريكَيلد، شريكة المخرج )، و هي تعيش في منزل العائلة، في ما يبدوأشبه بزاوية مفقودة في منطقة باتاغونيا جنوبي الأرجنتين، حيث تفسح غابة معتمة للمنحدرات الصخرية الشاهقة و الأمواج المباغتة هناك في الأسفل. و بينما يجري حديث في الإذاعة عن انتشار غامض لداء الكلب ، يُطلب من والد فرجينيا ( بابلو كراميلو ) أن يتقصى أحوال جوليا، ابنة أخيه ( لوسيانو سوردي )، التي تبدو عليها أعراض غريبة و هي تعيش، كأي واحد آخر، بعيداً عن العائلة

و يترك ذلك فرجينيا وحيدة في منزل العائلة الواسع حتى وصول ابنة عمها أنابيل ( رومينا بولا )، التي يأتي بها هناك خادم، و التي لا تتمتع بصحة جيدة، مثل جوليا المختفية. فتبدو على فرجينيا السعادة لكونها لم تعد وحيدة لكن عليها قضاء بعض الوقت مع ابنة عمها، و لو أن الأمر ينتهي بهذه لأن لا تكون زميلةً لها حقاً، و هي تنام كثيراً في النهار و تختفي في الغابات المحيطة ليلاً.

و الفكرة المركزية للفيلم، الذي كتبه المخرج بالاشتراك مع جوزيفينا تروتا، ليست عسيرة تماماً على التصور لكن ما يجعله فيلماً غير عادي هو أن اهتمامه الكبير ليس فقط للتفصيل اليومي بل ولسيره، الذي يجري تكييفه بعناية عبر وقت مروره الكامل.

و مع أنه قد يحدث أن ينقطع خط تلفوني أو تنفتح نافذة فجأةً في الليل، فإن الشعور المتصل هو شعور واحد هادئ كالجليد تقريباً قبل العاصفة، مع عدم وجود شيء يؤكد بشكل مباشر الشكوك المتنامية لدى المشاهدين حتى بعد مرور 50 دقيقة في الأقل من الـ 78 دقيقة التي تشكل وقت الفيلم، و هو ما يعني أن الإحساس الأولي بالعزلة و الانعزال ينطوي على ما هو أكثر من الوقت الوافر ليتحول إلى إحساس بالرهبة و الخوف قبل أن تبرز المخالب، إن جاز التعبير. و على كل حال، فحتى هنا، ، يعمل ديسالفو ( المخرج ) على أساس الافتراض بأن القليل مثل الكثير، محركاً بيادقه ببطء إلى الوضع الذي سيسمح بميتة ملك قاسية لا تشكّل نصراً و إنما هي أمر محتوم، ما يجعلها أكثر إثارةً للخوف و القلق.

إن جو الفيلم المتغير تدريجياً بالتالي جزء رئيس من فتنته و يساعد عليه لا عملان رزينان من الممثلتين الرئيستين فقط بل و كذلك المواقع المعزولة الفنتازية الباعثة على القشعريرة التي يصورها المصور السينمائي القدير نيكولاس تروفاتو بمهارة و خيال واسع. و هكذا كانت مشاهد فترة الليل تُصوَّر كما يبدو بتقنية محاكاة المشهد الليلي بينما يجري التصوير في ضوء النهار، للسماح بتحديد واضح للتفاصيل حتى في أكثر الأماكن عتمةً، و هو ما لن يقدّره المشاهدون تماماً على الأرجح إلا على الشاشة الكبيرة

 عن: EIN Newsn

المدى العراقية في

17.07.2014

 
 

«جسر فوق نهر كواي».. التحفة الخالدة

عبدالستار ناجي 

فيلم جسر فوق نهر كواي من تلك النوعية من كلاسيكيات السينما العالمية، التي كلما شاهدتها، اكتشفت الكثير من المعطيات والجوانب، التي اشتغل عليها النص الاصلي اولا ثم المبدع دايفيد لين، في الفيلم التحفة، الذهاب الى موضوع الحرب، ولكن وفق منهجية التحليل، والمحافظة على وحدة الصف في الجيش، حتى لو كان ذلك الجيش تحت الاسر، فيلم ثري بالقيم الكبرى، والمعاني التي ترسخ العسكرية والانضباط في زمن الحروب.

الفيلم من توقيع احد أهم عبقريات السينما، الا وهو البريطاني دايفيد لين، والذي قدم للسينما كما آخر من التحف الخالدة، وقد تم انتاج الفيلم عام 1957 عن الحضور البريطاني ابان الحرب العالمية الثانية، استنادا الى رؤية بنفس الاسم للروائي الفرنسي، بير بول كتبها عام 1952، عن قصة وحكاية افتراضية، سكة حديد في بورما، ابان سيطرة الجيش الياباني على بورما، وسقوط مجموعة عسكرية بريطانية في الاسر، حيث بدأ تمرد الجنود البريطانيين، عندها يبادر قائد المجموعة العسكرية، بالموافقة على قيام الجيش البريطاني، ببناء السكة الحديدية لصالح الجيش الياباني، ولكن كل ذلك من اجل هدف محوري واساسي مهم، الا وهو اعادة السيطرة على عناصر الجيش البريطاني في انضباطية عالية المستوى.

وقبل ان نذهب الى الفيلم، نشير الى ان فيلم جسر فوق نهر كواي فاز سبع جوائز اوسكار بينها افضل فيلم وافضل مخرج دايفيد لين.

تبدأ احداث الفيلم مع وصول السجناء البريطانيين الى احد المعسكرات اليابانية، الذي تم تخصيصه للسجناء العسكريين، في غرب بورما، يقود المعسكر العقيد ساتيو سيو هاياكادا تأتي الاوامر لبناء جسر للسكة الحديدية فوق نهر كواي، حيث ستمر القطارات المحملة بالامدادات العسكرية الخاصة بالجيش الياباني، الذي يواجه الجيش البريطاني ابان الحرب العالمية الثانية، الاوامر الصادرة على الجميع تنفيذها، بالذات الجنود البريطانيين الاسرى ومن كافة الرتب.

وهنا يدور حوار بين العقيد ساتيو، والكولونيل البريطاني نيكلسون اليك غينيس بان اتفاقية جنيف للاسرى تعفي الضباط من العمل اليدوي.

وفي الاجتماع او الاصطفاف اليومي الصباحي، تصدر الاوامر الصريحة، وحينما يرفض نيكلسون، يوجه اليه العقيبد ساتيو صفعة، ويأمر بان يظل سجينا تحت حرارة الشمس.

وتمضي الايام، الجنود يعملون بايقاع متباطئ، ونيكلسون يتلقى العقاب، تارة تحت الشمس، واخرى في صندوق حديدي، وبدا ان الامور بدأت تسير الى ان السكة والجسر لن ينجزا حسب الوقت المحدد، لهذا يستغل العقيد ساتيو ذكرى انتصار اليابان في الحرب الروسية - اليابانية، كذريعة لحفظ ماء وجهه ليعلن العفو العام والافراج عن نيكلسون وضباطه كي يكسبهم لصالحه ولصفه من اجل انجاز المهمة.

وخلال التقاء نيكلسون مع ضباطه وجنوده يكتشف مساحة الخلل بداخلهم وغياب الانضباطية وحالة الفوضى وتعالي اصوات الاحتجاجات والمشاحنات وكان عليه ان يعيد الانضباط والحزم الى جنوده وضباطه.

عندها يأمر الكولونيل نيكلسون مساعديه ومنهم الكاتبن ريغز (بيتر ديليامز) والرائد هيوز (جون بوكسر) لتصميم بناء الجسر والعمل على بناء جسر جديد ذي مواصفات عالية الجودة.

في الوقت ذاته تجري احداث حيث يفر ثلاثة من السجناء من بينهم قائد البحرية الاميركي شيرز (وليم هولدن) مما يعقد الامور قليلاولكن نيكلسون يمضي في مهمته، التي لا يعرف اسرارها وتفاصيلها احد، حيث يتحقق الجنود في لحظة ما بانه خائن لانه يتعاون مع اليابانيين ويأمر الجنود البريطانيين وبكثير من الحزم من اجل بناء وانجاز الجسر والسكة الحديدية.

رحلة تجسد براعة البريطانيين في الالتزام والعمل وعلى مدى اجيال.

وفي خط متوازٍ تأتي تحركات الجنود الاميركان الفارين من اجل العودة لمساعدة الجنود البريطانيين الاسرى.

ويقترب موعد وصول القطار المحمل بالقادة العسكريين اليابانيين وايضا الجنود والاسلحة والذخائر بينما يكاد يفرغ الجيش البريطاني من الجسر والسكة الحديدية.

وفي تلك الفترة يتم وضع المتفجرات من قبل الجيش البريطاني نفسه الذي قام ببناء الجسر من اجل تدميره فور وصول القطار، وتأخذ الاحداث في هذه اللحظات مساحة من الترقب، خصوصا حينما ينخفض منسوب المياه وتنكشف الاسلاك التي وضعت من اجل مهمة التفجير.

وفي تلك اللحظة تأتي المواجهة حينما يكتشف الياباني سايتو الخطة التي قام بها نيكلسون.

وينتهي الامر باغتيال سايتو وايضا بتفجير الجسر عندها، يكون نيكلسون حقق مجموعة من الانجازات المهمة والتي يأتي في مقدمتها تحقيق الانضباط للجيش الاسير، والذي كاد ان يفلت منه الزمام، ويدمر بعضه البعض، ومن خلال اوامره الصارمة قام ببناء الجسر وشغل الجنود البريطانيين واعاد اليهم الانضباط والالتزام، وفي الحين ذاته خدع الجيش الياباني ودمر الجسر والذخائر وقتل ضباطهم وانهار القطار الى النهر بكل ما فيه من اسلحة وجنود وضباط ومعدات.

في فيلم جسر فوق نهر كواي عدد من اهم نجوم السينما العالمية ومنهم اليك غينس بدور نيكلسون وايضا الاميركي وليم هولدن بدور شيرز والنجم الياباني سيسو هاياكادوا بدور العقيد سايتو.

ونؤكد بان الفيلم يستند على قصة متخيلة وغير حقيقية ولكنها تمثل درسا في العسكرية يدرس في كبريات المعاهد العسكرية.

تعاون في كتابة السيناريو كل من كارل فورمان ومايكل ويلسون مشيرين بانهما كانا على القائمة السوداء في هوليوود القائمة المكارثية الشهيرة وقد ظل هذا الثنائي حريصا على الفعل الروائي في النص، اللهم في تحويل شخصية شيرز من بريطاني الى اميركي لخلق نوع من الفعل المشترك الاميركي - البريطاني. عدد من المخرجين ترشحوا لاخراج الفيلم ومنهم جون فورد ووليام ديلر وهوارد هوكسل وفريد زيتمان وارسون ويلز، وقد تم الاتفاق على الانتاج المتشرك بين اميركا وبريطانيا، وقد صورت جميع المشاهد في سيرلانكا، واسندت مهمة اخراج الفيلم الى البريطاني ديفيد لين.

في الفيلم بالاضافة الى مضامينه وحلوله وشخصياته وبهاء صوره ومغامراته وقيمه هناك ايضا الموسيقى التصويرية الرائعة بدأت مسيرة العقيد بوغي عندما يدخلون المخيم، وقد صاغ تلك الموسيقى فريدريك ج ريكتيس وتعامل معها الموسيقار مالكولم ارنولد بحلول لحنية متجددة تعتمد الاصل.

كما اسلفنا فان الفيلم حصد سبع جوائز اوسكار، من بينها افضل فيلم وافضل مخرج دايفيد لين وافضل ممثل اليك غينس وافضل سيناريو مقتبس مايكل ويكسون وكارل فورمان وبير بولي، وافضل موسيقى لمكالم ارنلود افضل مونتاج بيترتايلور وافضل تصوير لجاك هيلديارد.

في الفيلم اشتغال على شخصية الرتب العسكرية واهمية الانضباط والعلاقة بين الافراد والعناصر العسكرية وطبيعة العلاقات بالذات خلال ايام الاسر.

في الفيلم مباراة عالية المستوى في فن التمثيل، يتألق فيها النجم البريطاني اليك غينس الذي يذهب بعيدا في تجسيد شخصية الكولونيل نيكلسون وتحليل للمراحل التي مرت بها الشخصية اعتبارا من الاسر، ثم المواجهة مع الضابط الياباني ثم السجن والتعذيب، وصولا الى الافراج، ثم العودة لقيادة الجيش الاسير واصدار الاوامر الصارمة من اجل بناء الجسر وسكة الحديد من اجل هدف اساسي ابعد هو اشتغال الجنود واعادة الانضباط التام لجميع العناصر والدرجات العسكرية ورتبها.

شخصيا شاهدت الفيلم مرات عدة حتى قبل مرحلة اعادة اطلاق الفيلم عام 1985 من خلال ستوديوهات كولومبيا بالنسخة المعالجة تقنيا، وفي كل مرة اشاهد بها الفيلم اكتشف اهمية التقاليد العسكرية وان سينما الحرب ليست مجرد مواجهات وقتل وكر وفر، بل هي علوم عسكرية تعتمد الفكر والتحليل والعمق. فيلم جسر فوق نهر كواي تحفة سينمائية تصلح لكل زمان ومكان لانها تقدم الفرجة السينمائية العالية الجودة وتذهب الى موضوع الحرب لترسيخ القيم الكبرى.

النهار الكويتية في

18.07.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)